الخميس، 12 أبريل 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2515 du 12.04.2007
 archives : www.tunisnews.net


الرابطـة التونسيـة للدفـاع عن حقـوق الإنسان:بيـان الحوار.نت: المناضل لطفي السنوسي يدخل في إضراب عن الطعام حركة النهضة تتضامن مع ضحايا العنف في الجزائر طلبة تونس :أخبار الجامعة مجلة « كلمة » :أضواء على الأنباء يو بي آي:المدرسون بتونس يضربون احتجاجا علي ظروفهم المهنية موقع الحزب الديمقراطي التقدمي:إضراب ناجح في قطاع التعليم ومناداة باستقالة الوزير البديـل عاجل، قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي :تكتيك جديد هل ينجح؟ موقع ميدل إيست أونلاين :المدرسون التونسيون يضربون دفاعا عن مطالبهم جريدة « الصباح »:إضـراب فـي التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي مجلة « كلمة » :علام يمكن أن يكتب القلم ؟ مجلة « كلمة » :قانون 10 ديسمبر 2003 المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة  » الإرهاب  » ووضع التونسي تحت » نظام الشبهة  » القانوني مجلة « كلمة » :النظام التونسي ومساجين قوانتنامو الفاضل البلدي لكلمة: »أقول إنّ مستقبل تونس ليس بمأمن من الهزّات » الحياة :ألف شاب تونسي متهمون بالمشاركة وبالتخطيط لدور في «المقاومة العراقية» الحياة :«فاتورة» شراء «وكالة القاعدة» في المغرب العربي آكي:الباحث الفرنسي فرانسوا بورغا لـ آكي:تفجيرات الجزائر نتيجة خلل في الأنظمة السياسية الشرق الأوس »:خبراء يرصدون تقارباً بين المجموعات المسلحة في المغرب العربي:هاني السباعي: ثقل «القاعدة» في الجزائر.. والتفجيرات رسالة «عهد» لابن لادن سليم الزواوي :العلمانية المنقوصة و البند الأول من الدستور التونسي د. محمد الهاشمي الحامدي :الصلح والوفاق في سيرة خير البشر مرسل الكسيبي: تونس :هل يعيد الإسلاميون الوسطيون إنتاج أخطاء الماضي؟ عدنان منصر: في ذكرى أحداث أفريل 1938 – هل وجد التونسيون ما وعدهم زعماؤهم حقا؟ الصباح: حوار مفتوح:هل تكون تونس أوّل دولة عربية تلغي حكم الإعدام؟ الصباح:على خلفية الدعوة لإلغاء عقوبة الإعدام…:مناقشات متسرعة.. والملف شديد التعقيد الصباح:معرض تونس الدولي للكتاب على الأبواب…فمـاذا يحمـل مـن جديـد؟! الصباح:رسالة واشنطن: كوندوليزا رايس في ندوة صحفية:«نحن لا نفرض الديموقراطية على أي بلد بل نريد مساعدة الشعوب على التحرّر» الراية:تونس في المرتبة 45 عالمياً من بين الدول الأكثر توظيفا للأداءات الشرق الأوسط: »باب الحيرة » للأردني يحيى القيسي من وحي إقامته في تونس:رواية مشرعة على الشك والسؤال  ميدل إيست أونلاين:ملتقى محمد البشروش في تونس يناقش المرأة والحداث


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

الرابطـــــــة التونسيــة للدفـاع عن حقــوق الإنســان تونس في 12 أفريل 2007 بيــــــــان
 
تسلم الأستاذ المختار الطربفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان يوم أمس الأربعاء 11 أفريل 2007 جواز سفر جديد بعد أن كان أضاع  جوازه يوم غرة مارس 2007 . وبهذه المناسبة تعبر الهيئة المديرة للرابطة التونسية عن ارتياحها لهذا القرار وشكرها لمن اتخذه. كما تعبر عن تقديرها لكل الذين ساندوا الأستاذ المختار الطربفي والرابطة في المطالبة بهذا الجواز كوسيلة لضمان حق أساسي هو حرية التنقل، و على تضامنهم المتواصل مع الرابطة، وتدعو جميع الصديقات والأصدقاء وكل المنظمات الوطنية والدولية وجميع المهتمين بحقوق الإنسان لمواصلة هذا  التضامن الفاعل مع الرابطة في دفاعها عن استقلاليتها وحرية قيامها بأنشطها على المستويين الوطني والجهوي.   عن الهيئـــة  المديــرة نائب الرئيـــس أنور القوصري

المناضل لطفي السنوسي يدخل في إضراب عن الطعام

بلغنا من مصادر حقوقيّة بتونس العاصمة أنّ المناضل لطفي السنوسي دخل في إضراب عن الطعام منذ يوم الجمعة 06.04.2007 في سجن المرناقية حيث يقبع هو و عدد من إخوانه من قيادات حركة النهضة .و باتصالنا بأخته السيّدة فوزيّة السنوسي أكّدت لنا الخبر مضيفة أنّ إدارة سجن المرناقية تمعن في التنكيل بسجناء الرأي من أبناء حركة النهضة و عائلاتهم فيوم الزيارة عذاب مستمرّ يجبروننا على البقاء في العراء تحت المطر و الشمس و عند الزيارة التي لا تتجاوز 5 دقائق مصحوبة بمراقبة لصيقة بأحد السجانين و عندما نحضر القفّة يعمدون إلى إتلاف أجزاء كبيرة منها و إذا أبدينا احتجاجا يرمون بها علينا و أكثر من مرّة أعود و ملابسي ملطّخة بالزيتون أو بقايا الطعام .

إنّ أخي لطفي يقبع في سيلونات مثل بقيّة إخوانه (ح 5 ) وهو مكان ضيّق جدّا يعسر فيه إقامة الصلاة مما يضطرّ بعضهم للصلاة على فراشه .

إنّ سوء المعاملة يزداد يوما بعد يوم و يشمل الجميع و إنّنا كعائلات مساجين الرأي نناشد الجمعيات الحقوقيّة و كلّ تونسي حرّ مساعدتنا لرفع هذا الظلم و هذه المعاملة الللإنسانيّة .

(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 12 أفريل 2007)


بسم الله  الرحمن الرحيم حركة النهضة تتضامن مع ضحايا العنف في الجزائر

  أوقع العنف الأهوج الذي انفجر بقلب عاصمة الجزائر الامس عشرات من الضحايا بين قتيل وجريح بغير ذنب سوى مرورهم قريبا من المواقع المستهدفة بالعدوان. وإزاء هذا العنف المتصاعدة وتيرته في المنطقة مستفيدا من حالات الانسداد السياسي والاقصاء لقوى معارضة تعسفا ومن التهميش الاجتماعي لقطاعات واسعة من الشباب والقذف بها في أتون البطالة بينما يتم الاستيلاء على الثروات الطائلة من قبل النخب المتنفذة، فضلا عما يولده تنازل أنظمة الحكم عن واجباتها في حمل قضايا الامة الكبرى في فلسطين والعراق من غضب شعبي،  إزاء تنامي ظواهر وكوارث العنف بسبب تلك السياسات فإن حركة النهضة: ·                     تترحم على الضحايا سائلة لهم من الله الرحمة ولذويهم الصبر والسلوان ·               تؤكد أن مثل هذه الاعمال الهوجاء هي محض عدوان على ابرياء وأخذ أحد بجريرة آخر، مما لا يمكن أن يجد له سندا من دين ولا من أخلاق . قال تعالى « ولا تزر وازرة وزر أخرى » ·         تؤكد للشباب الاسلامي خاصة ولكل الناقمين بحق  أنه مهما كان حجم المظالم السياسية والاجتماعية  التي تزخر بها المنطقة فإن أساليب العنف لا تحمل لأوطاننا ولا لديننا أي بشرى بالفرج والعلاج وإنما هي إمعان في الطريق المسدود وتخويل مزيد من الفرص لقوى القمع والنهب وللتدخل الخارجي. ·         مقابل ذلك فإن رهان الحكومات على مجرد الحلول الامنية في التعاطي مع المشكلات السياسية والاجتماعية  أثبتت التجارب المتكررة (بعد أزيد من عقد ونصف من جريمة تعطيل المسار السياسي والاقصاء والتهميش والقمع)لم ولن يحقق للجزائر وللمنطقة السلم المرجو والمصالحة المبتغاة بقدر ما هدد بتحويلها والمنطقة كلها ساحة صراع دولي. فهل من مراجعة تضع حدا للرهان على العسكر والشرطة وتعترف بحق الشعوب في الاختيار وتنهي عهد الاقصاء والغش والتسلط. قال تعالى « إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله » ‏الخميس‏، 12‏ أفريل 2007  الموافق ‏25‏ ربيع الأول‏، 1428 حركة النهضة بتونس الشيخ راشد الغنوشي


عريضة      
 
                            على إثر الأحداث التي تخلّلت زيارة السيد وزير التعليم العالي و البحث العلمي إلى كليّة العلوم الإنسانية و الاجتماعية بتونس (فرع برج زوارة) نحن الممضين أسفله:

1-نعبّر عن بالغ استيائنا من الطريقة التي خاطب بها الوزير السيد عميد الكلية و نرى فيها سابقة خطيرة تخل بالتقاليد و الأعراف الجامعية و تسيء للجامعة و لكل الجامعيات و الجامعيين. 2-نستنكر طلب الوزير من عميد الكلية إزالة المعلّقات النقابية, و نرى في ذلك تعدّيا صارخا على ممارسة الحقّ النقابي الذي يضمنه دستور البلاد و قوانينها,و كلّ المعاهدات و المواثيق الدولية التي صادقن عليها بلادنا. 3-نعبّر عن مساندتنا لعميد الكليّة و تضامننا معه و تقديرنا للجهود التي يبذلها لضمان حسن سير العمل بالكلية, رغم صعوبة الظروف. 4-ننبّه إلى مغبّة التّشنّج و عدم التّسامح و توخّي أسلوب التهديد و الإملاء في العلاقة مع الأطراف الجامعية بدل لغة الحوار و الاحترام المتبادل ترسيخا للقيم التي انبنت عليها الجامعة العمومية و تكريسا للممارسة الدّيمقراطية داخلها. الاسم                                                        الصفة                                                       الامضاء,   Pour signer cette motion ,envoyez vos signatures à tasanima@yahoo.fr

 


 

 السنة الأولى:  العدد رقم 23  الخميس 12 أفريل 2007 طلبة تونس WWW.TUNISIE-TALABA.NET أخبار الجامعة

 
 
تعبئة شاملة في صفوف المعلمين و الأساتذة و نجاح الإضراب ……

استجابة لقرارات الهيأتين الإداريتين للتعليم الثانوي و الإبتدائي دخل اليوم الإربعاء 11 أفريل 2007 أكثر من 67 ألف أستاذ و61 ألف معلم في إضراب عن العمل بسبب تلكؤ الوزارة في التفاوض و عدم استجابتها لجملة من المطالب المادية و المهنية وقد سبق يوم الإضراب هذا حملة إعلامية كبيرة قامت بها وسائل الإعلام الرسمية من صحف و إذاعات و القناة التلفزية الرسمية دون أن يقع تمكين الأساتذة و المعلمين من بسط وجهة نظرهم و إنارة الرأي العام حول الواقع المر الذي تعيشه المؤسسات التربوية نتيجة لسوء ظروف العمل و تسيب الإدارات في ضبط العمل و توفير مستلزماته و استشراء التطاول على المدرسين من قبل التلامذة و حتى المديرين و الإدارات الجهوية للتعليم و الانتقاص من كرامتهم حيث لم يعد المربي محل احترام و تقدير و قد توجه الأساتذة و المعلمون بكثافة إلى مؤسساتهم التعليمية و نظموا اجتماعات إخبارية تم خلالها من خلال الممثلين النقابيين توضيح جملة المطالب المطروحة  و كان أول إجراء قامت به إدارات المعاهد هو طرد التلامذة حتى لا يتجمعوا في أشكال احتجاجية كما لوحظ تواجد البوليس بشكل خفي في بعض الأحيان و بشكل علني في أحيان أخرى أمام المؤسسات التربوية كما قامت طائرة هليكوبتر بمراقبة الوضع العام من الجو في العاصمة و تشير المعطيات الأولى المتوفرة من مصادر نقابية إلى أن نسبة المشاركة في الإضراب كانت مرتفعة جدا في مختلف جهات البلاد وقد تدارس الأساتذة المشاكل التي يتعرض لها قطاع التعليم و بخاصة الظروف السيئة للعمل و امتهان كرامة الأساتذة من قبل عديد الأطراف و حالة التسيب التي تعيشها أغلب المؤسسات التربوية  و قد لوح عدد كبير من الأساتذة بالقيام بإضراب إداري إذا لم تستجب الوزارة لمطالب رجال التعليم كما تعالت الأصوات المنادية بإقالة وزيرالتربية الصادق القربي بسبب  » عدائه للنشاط النقابي وتنصله من تطبيق الإتفاقات المبرمة سابقا مع النقابات العامة للتعليم الثانوي و الابتدائي  » هذا و قد تجمع المعلمون و الأساتذة في اجتماعات جماهيرية بساحة محمد علي بتونس و بمقرات الاتحادات الجهوية و بمناسبة هذا التحرك النضالي و قع توزيع  بيان تحت عنوان  » كل الحقيقة للأساتذة  »  في شكل ورقة توضيحية لجملة المطالب التي كانت المنطلق لهذا التحرك و تتمثل في : – مدارس المهن – مناقشة البرامج – القانون الأساسي – منحة العودة المدرسية – النقل – مجالس المؤسسة – إدماج المعاونين و مكافأة مراقبة الامتحانات الوطنية
 وزير التعليم العالي يتهجم على عميد كلية 9 أفريل بتونس …….

قام وزير التعليم العالي و البحث العلمي الأزهر بوعوني خلال أحد الأيام الاخيرة من عطلة الربيع بزيارة إلى  مقر الملحق التابع لكلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية بتونس لمعاينة الأضرار الحاصلة  Annexe بالمباني الجديدة حيث تكاثرت الشقوق و أصبحت بالتالي مهددة بالسقوط مثلما هو الشأن بالنسبة للمدارج و القاعات الجديدة في كلية العلوم الاقتصادية و التصرف في المركب الجامعي بتونس مع العلم بأن هذا الملحق الموجود في برج زوارة بالقرب من باب سعدون أضيف إلى الكلية للتمكن من استيعاب العدد الضخم من الطلبة الذي تجاوز خلال السنة الجامعية الحالية 2006-2007 العشرة آلاف طالب و كان عميد الكلية الدكتور حميد بن عزيزة متواجدا على عين المكان أثناء زيارة التفقد و صادف أن لاحظ الوزير وجود ملصقات و معلقات عديدة في مختلف أرجاء الكلية تدعو إلى إنجاح الإضراب الذي دعت إليه الجامعة العامة للتعليم العالي ليوم الخميس 5 أفريل الجاري و كانت تحتوي على العديد من الشعارات ذات المضمون النقابي و المعبرة عن مشاغل و مطالب الأساتذة الجامعيين فما كان من الوزير إلا أن أمر العميد بإزالة المعلقات و لكن هذا الأخير رفض ذلك رفضا قاطعا معتبرا أن ذلك يدخل في إطار حرية العمل النقابي و لا يجوز له  كمسؤول إداري أن يتعدى على هذا الحق الذي يضمنه دستور البلاد و القوانين الجاري بها العمل  وحصلت إثر ذلك مشادة كلامية بين الطرفين عمد الوزير على إثرها إلى الاستنجاد بعمال النظافة لتقطيع المعلقات   و يبين هذا الحدث مدى الاستهتار بحرمة المؤسسات الجامعية و نمط من التعامل مهين للجامعة و لنخبها   السنة الجامعية أشرفت على النهاية و الامتحانات على الأبواب ……
لم يبق في عمر السنة الدراسية سوى أسابيع قليلة حيث قررت جميع المؤسسات الجامعية إيقاف الدروس    يوم السبت 28 أفريل بالنسبة للبعض و يوم السبت 5 ماي بالنسبة للبعض الآخر    Arrêt des Cours على أن يتم تمكين الطلبة من أسبوع راحة للقيام بالمراجعة النهائية و الاستعداد للدورة الرئيسية التي تنطلق في حدود منتصف شهر ماي وتبعا لذلك ينتظر أن يتقلص النشاط الطلابي إلى الحدود الدنيا خلال الفترة القادمة لينكب الجميع على التحضير لماراطون الامتحانات و الذي يمتد قرابة الشهرين ما بين الدورة الرئيسية ودورة التدارك …… نرجو لجميع الإخوة الطلبة النجاح و التوفيق على درب التحصيل العلمي جويلية 2007 : ربع مليون عاطل عن العمل من أصحاب الشهادات العليا ….. بالتحاق أكثر من 60 ألف متخرج جديد في نهاية السنة الجامعية الحالية 2006-2007 سيرتفع عدد حاملي الشهادات العليا المعطلين عن العمل إلى أكثر من ربع مليون في أواخر شهر جويلية 2007 القادم وهو ما سيزيد في تفاقم ظاهرة البطالة و ما ينتج عنها من توترات و أزمات إجتماعية خانقة وتفيد الإحصائيات الرسمية بالنسبة للثلاثة أشهر الأولى من السنة الحالية 2007 أن مكاتب التشغيل و العمل المستقل قامت ب 5085 عملية تشغيل لفائدة حاملي الشهادات العليا مقابل 4304 عملية تشغيل خلال نفس الفترة من السنة الماضية 2006 وهو ما يساوي زيادة ب 18 في المائة يذكر أن الأرقام الرسمية السابقة تشير إلى القيام ب :                                                                 1762 عملية تشغيل في جانفي 2007 مقابل 1382 عملية تشغيل في جانفي 2006        1852 عملية تشغيل في فيفري 2007 مقابل 1472 عملية تشغيل في فيفري 2006     1471 عملية تشغيل في مارس 2007 مقابل 1450 عملية تشغيل في مارس 2006        و تبرز هذه الأرقام بشكل واضح الفارق الشاسع بين عدد الخريجين المعطلين عن العمل و العدد القليل من المحظوظين الذين أمكن أو يمكن لهم الحصول على شغل تواصل سلسلة الإعتقالات في صفوف الطلبة ……
تم يوم الإثنين 26 مارس 2007 إعتقال الطالب جلال الدين العيدودي أصيل مدينة حفوز من ولاية القيروان وهو يدرس في السنة الأولى بالمعهد التحضيري للدراسات الهندسية بالمنستير و تشير مصادر حقوقية إلى أن عدد المعتقلين قد تجاوز إلى حد الآن الألفين أغلبهم من الطلبة و التلامذة هذا فضلا عن الذين ما زالوا مطاردين وفاة ثلاثة طلبة اختناقا بالغاز ……
في الاسبوع الأول من شهر مارس 2007 قضى ثلاثة طلبة اختناقا بالغاز على إثر قضائهم سهرة بمنزل خاص شارك فيها طالبان يدرسان بالعاصمة و فتاتان إحداهما موظفة و الثانية طالبة  و قد تفطن صديق أحد الطلبة إلى عدم قيام زميله بالرد عند الإتصال به عبر الهاتف الجوال فانتابته الشكوك حول مصير صديقه و أسرع إلى المنزل الذي يقيم به و عند طرقه للباب عدة مرات و بقوة لم يجبه أحد فقام بخلع الباب الخارجي و ما إن ولج إلى الداخل حتى أزكمته رائحة الغاز المنبعثة من غرفة الإستحمام فقام بسرعة بفتح جميع الشبابيك لتهوئة المنزل ليكتشف هول المصيبة الماثلة أمامه حيث عثر على الطلبة الثلاثة و الموظفة جثثا هامدة

أضواء على الأنباء

إضاءة أمّ زياد

 
القمع « الميكانيكي » بينما كان فتحي الجربي يرغي ويزبد أمام أعضاء البرلمان الأوروبي فيصدم بعفويته المعروفة أصحاب النفوس الزكيّة والمعارضة المهذّبة. كان البوليس السياسي يحشو محرك سيارته رملا… وكانت النتيجة أضرارا فادحة لحقت بمحرك هذه السيارة المناضلة التي وضعها فتحي دوما على ذمّة كل نشاط بقطع النظر عن الأطراف المنظّمة. هذا القمع الميكانيكي يذكّرنا بسيّارات كثير من المناضلين التي منها ما سرق ومنها ما حُطّم تماما فكان مآله « هنشير اليهودية » ذاك المصبّ الذي زاره بن علي أوّل ما أخذ السلطة وجعل في تفقّد أحوال الرعيّة. لست أدري علاقة هذه الممارسة البوليسيّة بالزيارة المذكورة.. ولكنّها خطرات القلم العجيبة… وهات من يفهم خطرات الأقلام. تعزيز في القمة العربية التي انتظمت مؤخرا بالرياض أعادت تونس على لسان وزيرها الأوّل على لسان رئيسها الثاني الذي لم يحضر القمة لسبب ما، طرح مسألة حقوق الإنسان ووجوب تعزيزها في الوطن العربي العزيز. لا تعليق لي على الطرح ولا على الطارح ولا على المطروح ولا على المطروح عليه بل كل ما أريد قوله هو أنّه طالما أنّنا صرنا معلّمين لسائر العرب في مادة حقوق الإنسان فإنّه لا يصعب على نظامنا العزيز أن يمرّ إلى تعزيز حقوق سيّارات المعارضين في السلامة فلا يصيبها العطب إلاّ جرّاء حُفر المعبّد أو قيادة « الغفّاصة » أو البنزين المغشوش. مفاتيح التاريخ سُجّل في المدة الأخيرة اتفاق مكوّنات 18 أكتوبر حول جملة من القضايا الوطنية منها المساواة بين المرأة والرجل. ونظرا إلى كون مسألة المساواة هذه تعدّ من أهمّ المسائل الخلافية بين الإسلاميّين والعلمانيّين فقد حظي الاتفاق حولها باهتمام كبير من لدن المحلّلين والمعلّقين والمنتقدين والمشكّكين والمرحّبين الفرحين. بعض المرحّبين الفرحين استخفّه الطرب وهزّه الحماس فصرّح بأنّ الاتفاق المذكور يُعدّ حدثا « تاريخيّا ». هذا الاتفاق- إذا لم تخنّ الذاكرة- كان قد تم منذ جوان 2003 تاريخ ما عرف باجتماع « آكس » بالجنوب الفرنسي. وقد وقّعت عليه أكثر الأطراف الموجودة في هيأة 18 أكتوبر عدا بعض من شوّشوا على اجتماع « آكس » ومن حضروه ثم فرّوا من التوقيع. يبدو أنّ بعض الناس يملكون مفاتيح التاريخ فلا يدخلون فيه إلاّ ما يرضيهم أو بالأحرى ما يكون تحت نفوذهم… وبعد ذلك نلوم على بن علي إذ يدّعي امتلاك التاريخ والجغرافيا والماضي والحاضر والمستقبل. عالم ستار أكاديمي العراقية « شذى » فازت بلقب برنامج ستار أكاديمي اللبناني وحصلت على 7 ملايين صوت من العراق وحده عدا الأصوات التي أتتها من سائر البلدان العربية المتعاطفة مع العراق في محنته. وفور الإعلان عن النتيجة خرج العراقيون ليحتفلوا بفوز ابنتهم. لقد حظي هذا البرنامج التلفزيوني بتغطية إعلامية كبيرة، فقناة « CNN » الأمريكية غطّت الحدث لتقيم الدليل على أنّ العراق سعيد تحت قنابلها على خلاف ما تروّجه بعض القنوات العربية. وبعض القنوات الفرنسية تابعت الحدث واعتبرت « شذى » نموذجا للفتاة العراقية المتحررة من قيود مجتمعها (مع العلم بأنّ شذى لا تعرف العراق وتعيش في المغرب مع أبيها العراقي وأمّها المغربية). أمّا بعض القنوات العربية فقد قدمت برامج حوارية حول ظاهرة « شذى » وحول حكم الغناء والموسيقى في الإسلام أحلال هما أم حرام، فقد قال شيخ منفتح إنّ الغناء حلال وإنّ « شذى » مثابة على إصلاح ذات البين بين الطوائف العراقية المتقاتلة !! وقال شيخ زمّيت إنّ الغناء حرام وإنّ مآل شذى جهنّم النار لا محالة !! ولم يقل معلّق واحد إنّ « شذى » الطالبة في ستار أكاديمي قد تكون نالت من الأصوات ما لا يقدر على نيله كثير من الرؤساء العرب دون لجوء إلى التزييف. وأنّها أتاحت فرصة التمتع بالاختيار الحر لمنطقة واسعة من الدنيا لا تعرف إلاّ الفوضى والإكراه. المهرجان مهرجان الأغنية التونسية لهذه السنة جاء كالحا باهتا كالعادة وأكثر من العادة. كلمات الأغاني مخجلة في فقرها المدقع وافتقادها للمخيال والصورة، الألحان متذبذبة لاشرقية ولا غربية والمغنّون يذكّر أكثرهم بمغنّي ابن الرومي. أمّا هيئة الركح والأضواء والتقنيات الصوتية وعزف الفرقة المصاحبة فأنا أعجب من جرأة منظّمي المهرجان والتلفزة على عرض مثل هذا البؤس على النظارة في شتى أنحاء العالم. اللبنانيّون ينجزون حفلات فنّية أسبوعية تبهر المشاهد بجودتها من جميع النواحي ونحن عاجزون عن تقديم شيء محترم مرة في السنة. مع ذلك وكمواطنة تونسية أطالب بالإبقاء على هذا المهرجان والسبب لا علاقة له بالغناء والموسيقى بل بالصحافة وحرية التعبير. فقد رأيت من تعاليق صحفيّينا على هذا المهرجان ما بهرني بوجاهة الآراء وطرافتها وبحرّية مطلقة في النقد والتوجيه. ومن ثمّ فإنّ الإبقاء على هذا المهرجان يعني الإبقاء على مجال يكون بمثابة المحميّة التي تحفظ النوع الصحفي من الانقراض. بورقيبة الأب بلا بورقيبة الابن ذكرى موت بورقيبة تحلّ في نسختها الخامسة. ومن جديد تُطوّق مدينة المنستير وتصير منطقة يحظر فيها الجولان مثل جميع مناطق البلاد لمّا يحلّ بها بن علي. نفس الصور تتكرر « الجماهير » التي اختيرت على « الفرّازة » لتستقبل بن علي، باقة الزهور والفاتحة… والغائب في الصورة هو الحبيب بورقيبة الابن وسلالته. يبدو أنّ المياه لم تعد إلى مجاريها بين الرئيس الحيّ وابن الرئيس الميّت منذ الخصومة التي نشبت بين الرجلين منذ 5 أعوام والتي كان سببها إصرار بن علي على تغيير مسار جنازة بورقيبة أو بالأحرى اختصار هذا المسار… وذلك ما كان. على كلّ حال التلفزة التونسية قامت بالواجب لرأب هذا الصدع فأظهرت على الشاشة صورة قديمة تجمع بين صانع التغيير وابن المجاهد الأكبر. نشر الجزيرة من المغرب العربي في تونس لها صور وعلامات إشهارية تمثل مباني بربرية وألبسة وحلي بربرية على أشخاص يحملون الميسم البربري وهي جميلة كلّها وقد توحي بلطف بفرق ما بين العرب العاربة والعرب المستعربة. لها توقيت وهو في تونس وهو في تونس الحادية عشر قبل منتصف الليل وقد صار الآن منتصف الليل بالتوقيت الصيفي. وهذا يعني نّ هذه النشرة تبثّ في الوقت الذي يكون فيه الناطقون بلغة الضاد إمّا نياما أو يستعدّون للنوم أو لم يفيقوا بعد من النوم. ولها هيئة تحرير ومذيعون لا يستسيغون الخوض في الشأن التونسي. وإذا فرضت عليهم بعض الأحداث ذلك خاضوا في شأننا على عجل وبلا تعمّق وفي أكثر الأوقات بلا تمكّن من الموضوع المطروح ولا علم بخلفياته ورهاناته. أمّا اختيار المتدخّلين في الشأن التونسي فهو اختيار لا يخلو من الغرابة ولا نعلم مقاييسه أهي إخوانية أو موضوعيّة تعطي القوس باريها. أغلبيّة المتدخلين في الشأن التونسي هم من أبواق السلطة المشهود لها وطنيّا وربّما حتى عربيّا بالكذب والدفاع عن منافعها الشخصية. ولهؤلاء حصّة من وقت النشرة أكبر من حصّة الرأي الآخر وأحيانا ينفرد بالكلام بدون حضور الرأي الآخر. وقد أضرّ هذا السلوك الإعلامي بكثير من ضحايا قمع النظام التونسي وقدّم صورة محرّفة عن محنتهم وبرّأ جلاديهم. أتساءل بعد هذا : لماذا تمنع الحكومة التونسية فتح مكتب الجزيرة في تونس وعلام تعطّل رئيسه عن العمل ؟ لا يظنّنّ أحد في تونس أو خارجها أنّي أشنّع على أناس بأعينهم ولا أنّي أريد لفت الانتباه حتى أطلع على الجزيرة فأنا لا أقصد التشنيع البتة. وليس لي رغبة في أي ظهور إعلامي. ومنذ الانتخابات التي أجريت بتونس عام 2004 وبعد أن وقعت استضافتي لأتحدّث عن هذه الانتخابات على قناة الجزيرة… في الساعة الخامسة صباحا. قبلت الحديث في هذا التوقيت الميت بالنسبة إلى تونس غباء منّي وجرّاء شعوري بالقهر أمام صمت وسائل الإعلام المخجل عمّا تتعرّض إليه تونس من اغتصاب في هذه الانتخابات المشؤومة. ما زلت أعتقد أنّ قناة الجزيرة كانت الترياق الذي داوانا من سموم CNN في الحرب الأمريكية الأولى على العراق وأنّ ظهورها كان بمثابة الخط الفاصل بين جاهليّة الإعلام العرب وعهد رسالة إعلامية جديدة ولكنّها ليست قطعا رسالة للحرية والديمقراطية. فالغالب على هذه القناة هو دكتاتورية الرجال على النساء ودكتاتورية المشارقة على المغاربة ودكتاتورية الإسلاميين والقوميين على الديمقراطيين. ويجب أن لا ننسى دكتاتورية الأنظمة التي لا تستحي من غلق سفاراتها بسبب مداخلة معارض على قناة الجزيرة فيستجاب لرغباتها ويُخض (المصدر: مجلة « كلمة » (اليكترونية شهرية – تونس)، العدد 52 لشهر أفريل 2007) الرابط: http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=511


 

المدرسون بتونس يضربون احتجاجا علي ظروفهم المهنية

 
تونس ـ يو بي آي: أضرب أساتذة التعليم الثانوي ومدرسو المرحلة الابتدائية بتونس عن العمل امس الأربعاء للمطالبة بحقوقهم المادية والمهنية،وذلك بعد أسبوع واحد من اضراب مماثل نفذه أساتذة ومدرسو المؤسسات الجامعية التونسية . ووصف الشاذلي قاري الأمين العام لنقابة التعليم الثانوي التونسية الاضراب بـ الناجح ، وقال ان نسبة المشاركة فيه تجاوزت 86 بالمئة علي المستوي الوطني. غير أن مصدرا مسؤولا من وزارة التربية والتكوين اعتبر ان الاضراب كان محدودا وقال في بيان ان 19.08 بالمئة فقط من اجمالي عدد أساتذة ومدرسي التعليم الثانوي والابتدائي ،شاركوا فيه. وبحسب الشاذلي قاري، فان قرار الدخول في الاضراب اتخذته القيادة النقابية بعد أن رفضت وزارة التربية التونسية بعض المطالب التي تقدمت بها النقابة. وأشار الي أن قيادة نقابة التعليم الثانوي التونسية سبق لها أن اتفقت مع الوزارة علي أن يكون آخر شباط (فبراير) الماضي، موعدا للاتفاق النهائي بشأن المطالب غير أن الوزارة لم تلتزم بالاتفاق . وأضاف أن الردود التي تلقتها النقابة من الوزارة حول جملة المطالب عكست استهتارا واستفزازا لجميع أساتذة التعليم الثانوي ،مما دفع النقابة الي تنفيذ هذا الاضراب علي حد قوله. ويطالب أساتذة التعليم الثانوي الي جانب مسألة تحسين الرواتب، والمنحة البيداغوجية (منحة الاختصاص)، بتحسين ظروف عملهم،وبضمان الحق النقابي، وباشراك نقابتهم أثناء رسم البرامج والمناهج الدراسية، بالاضافة الي تسوية وضعية عديد المدرسين وفقا للنصوص القانونية. وتقدر مصادر نقابية عدد أساتذة التعليم الثانوي،ومدرسي المرحلة الابتدائية في تونس بنحو 120 ألف مدرس علي المستوي الوطني. ويأتي هذا الاضراب بعد أسبوع من اضراب مماثل نفذه أساتذة ومدرسو المؤسسات الجامعية التونسية في الخامس من الشهر الجاري وصفته مصادر نقابية بـ الناجح ، حيث تجاوزت نسبة المشاركة فيه 80 بالمئة، بينما اعتبرته وزارة التعليم العالي التونسية محدودا ،وأن نسبة المشاركة فيه استقرت في حدود 6.3 بالمئة. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 12 أفريل 2007)

إضراب ناجح في قطاع التعليم ومناداة باستقالة الوزير

 
نفذ رجال التعليم بمرحلتيه الأساسي والثانوي في تونس إضرابهم المقرر منذ مدة اليوم الأربعاء 11 أفريل 2007 بنجاح كبير. وقد تراوحت نسبة النجاح في التعليم الأساسي، كما قدّمها أحد أعضاء النقابة العامة للتعليم الأساسي أمام التجمع المنعقد بساحة محمد علي بتونس، بين 64% في ولاية أريانة و95% في ولاية قفصة وتصل معدل النسبة العامة إلى أكثر من 80%. أما في التعليم الثانوي فقد تراوحت بين 79% ببنزرت و92% بولاية صفاقس وتزيد النسبة العامة في هذا القطاع عن الـ 85%. ويعزى هذا النجاح زيادة عن تشبث المعلمين والأساتذة بمطالبهم إلى غضبهم من تصريحات وزير التربية الصادق القربي الذي بثت له التلفزة التونسية لمدة ثلاثة أيام متتالية لقاء تلفزيا حاول خلاله إقناع الرأي العام بلامشروعية المطالب والتلميح للنوايا السياسية التي لا تمت للمطالب بصلة على حد قوله. وقد كان لهذه التصريحات مفعولا عكسيا حيث زادت في غضب الأساتذة والمعلمين ودفعتهم أكثر للمشاركة في الإضراب. وقد عقدت نقابات التعليم من الصنفين تجمعات مشتركة صبيحة يوم الإضراب بدور الاتحادات الجهوية لتوضيح أسباب الإضراب وفحوى نتائج المفاوضات التي جرت في شأن المطالب المرفوعة. وكان التجمع الذي عقدته النقابتين العامتين للتعليم الأساسي والثانوي بتونس العاصمة أضخم هذه التجمعات حيث زاد عدد الحاضرين عن الأربع آلاف معلم وأستاذ جاؤوا للاستماع لنقاباتهم بخصوص المطالب وردود الوزارة وتصريحات الوزير والإجراءات المتخذة من قبل السلط لإفشال الإضراب. وقد بيّن كل من السيدين الشاذلي قاري وحمد حليم الكاتبين العامين للتعليم الثانوي والأساسي أمام المجتمعين بحضور أعضاء من المركزية النقابية يتقدمهم السيد منصف الزاهي عضو القيادة المكلف بالوظيفة العمومية، فحوى مطالبهم وتلاعب الوزارة أثناء التفاوض وتعاملها غير الجدي مع مقترحات النقابات. وقد استعرض كل منهما مطالب كل قطاع بكثير من التفاصيل وردود الوزارة عليها. وتخللت تدخلاتهما شعارات من الساحة دعا بعضها وزير التربية للاستقالة ومن هذه الشعارات نذكر « يا قربي يا كذاب هذا نهار على الحساب » و »الوزير يستقيل ». وتلقى المضربون قائمة طويلة من برقيات المساندة الصادرة عن النقابة العالمية لنقابات التربية وعن اتحاد المعلمين العرب وعن النقابات العامة والجامعات والنقابات الأساسية بتونس. كما تلا السيد عبد الرزاق الكيلاني برقية مساندة من عميد المحامين السيد عبد الستار بن موسى لقيت تجاوبا وترحيبا كبيرين من الحاضرين. السيد منصف الزاهي عضو القيادة عبّر من جانبه عن تأييد المكتب التنفيذي للاتحاد لإضراب رجال التعليم وركز تدخله على تصريحات الوزير الأحادية في التلفزة قائلا « يا سيدي الوزير التلفزة ليست لك وحدك التلفزة ملك للشعب ». وكان المكتب التنفيذي للاتحاد أصدر بيانا عبر فيه عن استيائه من سلوك مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية التي فتحت برامجها للوزير للتهجم على نقابات التعليم ورجاله دون أن تسمح لهؤلاء بتوضيح مواقفهم. كما ذكر السيد منصف الزاهي أن وزير التربية الذي يتشدق باستعداده للتفاوض وأن وزارته عقدت 33 جلسة تفاوض لم يحضر من هذه الجلسات سوى اثنتين فقط بل – وكما بين بلاغ المكتب التنفيذي – يرفض تقبل المكالمات الهاتفية الواردة عليه من الاتحاد العام التونسي للشغل. لقد كانت النبرة واضحة كما عبّر عنها مسؤولو القطاعين وكذلك منخرطيه وقواعده التي حضرت التجمع اليوم بساحة محمد علي بالعاصمة، إما تفاوض جدي واستجابة لمطالب القطاعين وإما تصعيد. وقد لخص هذه النبرة الشعار الذي رفعه الحاضرون « التصعيد، التصعيد والعزيمة من حديد » وكذلك « المعلم والأستاذ والوحدة من فولاذ ». تدشين مقر ومحاضرة في القصرين نظمت جامعة القصرين للحزب الديمقراطي التقدمي اجتماعا مفتوحا يوم الإثنين 9 أفريل 2007 بمقره الجديد بشارع الدولاب بمدينة القصرين حضره أكثر من مائة مواطن ومواطنة جاؤوا للاستماع إلى المحاضرة التي ألقاها الأخ أحمد نجيب الشابي بعنوان « مواطنون لا رعايا ». وقد وصل الوفد على الساعة العاشرة صباحا الذي كان يضمّ الأمين العام السابق الأخ أحمد نجيب الشابي مرفوقا بالدكتور أحمد بوعزّي عضو المكتب السياسي للحزب المسؤول على الشباب والمرأة وبالسيدة صفية المستيري عضوة اللجنة المركزية، وكان في استقبالهم السادة عباس بوعزّي وعمار حمدي والناجي غرسلّي والإطارات المحلية والجهوية للحزب وعدة عشرات من المناضلين خصوهم باستقبال حار. وقد تجوّل الوفد القيادي للحزب في المقر الجديد الذي كان مزدانا بالأعلام وبالصور وبالمعلقات التي استعملت في نشطات الحزب المتعددة وبأدبيات الحزب التي غطّت كل الجدران تقريبا. وقد تناولت المحاضرة نضال الشعب التونسي منذ قرن من أجل بناء دولة ذات مؤسسات ديمقراطية ذكّر فيها الأخ الشابي بشهداء 9 أفريل الذين بلغ عددهم يومها 122 شهيدا من بين الذين كانوا ينادون ببرلمان تونسي، وأضاف المحاضر أننا لم ننعم منذ ذلك التاريخ وإلى الآن ببرلمان منتخب ديمقراطيا في انتخابات شفافة ولم نحصل على استقلال السلطتين التشريعية والقضائية عن السلطة التنفيذية. ثم تحدّث عن نضال الشعب التونسي في القرن الواحد والعشرين وعن حركة 18 أكتوبر التي استطاعت أن تجمع المعارضة التونسية الواسعة وراء مطالب ثلاثة وهي حرية التعبير وحرية التنظّم والعفو التشريعي العام، وأضاف أننا في الحزب الديمقراطي التقدمي نزيد عن ذلك مطلبين هما أولا الإصلاح الدستوري الذي يفصل بين السلط ويبعث المجلس الدستوري الذي ينظر في شرعية القوانين وثانيا الانتخابات الديمقراطية والنزيهة لسنة 2009 التي تشرف عليها سلطة محايدة غير وزارة الداخلية. وتدخل الدكتور أحمد بوعزّي من بعده للحديث عن سياسة الحكومة التربوية التي تتصف بالارتجال والتذبذب وبعدم احترام القانون وأعطى مثالين: امتحان السنة الرابعة ابتدائي الذي صدر في موضوعه منشوران متناقضان كل التناقض في أقل من شهر، والإعداديات النموذجية التي ستبعث هذه السنة بصفة تخالف قانون 2002 من حيث بعث امتيازات غير قانونية لبعض التلاميذ والعدول عن التدريس باللغة العربية في المرحلة الإعدادية وتوفير فرص غير متكافئة للتلاميذ سيستفيد منها الذين يدفعون أموالا أكثر في الدروس الخصوصية. ثم تلى ذلك نقاش بنّاء شارك فيه عدد من الحاضرين سواء كانوا من الحزب أم من الحاضرين بما فيهم من كانوا ينتمون إلى أحزاب أخرى أو إلى النقابات، وقدّموا تساؤلات وطلبوا توضيحات أجاب عليها الأخ أحمد نجيب الشابي بكل وضوح وأريحية مذكّرا أن مقر الحزب هو خيمة لكل مناضل نزيه مهما كان انتماؤه. وانتهى الاجتماع في الثانية بعد الزوال مراسلة خاصة بالموقع (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 11 أفريل 2007)

تكتيك جديد هل ينجح؟

 
أصدرت الهيئة الإدارية الجهوية للشغل بسوسة المنعقدة مؤخرا تحت إشراف السيد علي رمضان عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل في لائحتها الداخلية مطلبا ينادي بضرورة التفكير في إيجاد الآليات اللازمة للتراجع في قرار المؤتمر الوطني الأخير المنعقد بالمنستير (ديسمبر 2006) والقاضي بحصر حق أعضاء القيادة في الترشح للمكتب التنفيذي مرتين (2) فقط بغية فتح الباب للتداول على المسؤوليات النقابية العليا وتجديد القيادة. ومعلوم أن السيد علي رمضان يُعَدّ أكثر مسؤولي الاتحاد معارضة لهذا القرار وقد بذل قصارى جهده خلال المؤتمر الماضي كي يستصدر هذا الأخير قرارا يناقض قرار جربة ولكنه فشل في ذلك إذ أقرّ المؤتمرون بأغلبية ساحقة قرار ما أصبح يسمى بـ »النيابتين » (deux mandats). الكثير من النقابيين رأوا في هذه الخطوة عنوانا لتغيير السيد علي رمضان تكتيكه في السعي إلى إعداد العدة للالتفاف على قرار جربة/المنستير. فبعد أن فشل في كل المحاولات السابقة (أنظر البديل العاجل بتاريخ 9 أفريل 2007 – هدوء الصراع داخل الاتحاد العام التونسي للشغل: مؤشر على رغبة في التجاوز أم هدنة مؤقتة؟) يتجه الآن نحو القيام بحملة « مناشدات » نقابية لمراجعة موقف المؤتمر. ويتساءل الكثير أيضا عما إذا كان من حق الهياكل القاعدية والهيئات الإدارية الجهوية المطالبة بتغيير قرار المؤتمر الذي يُعدّ أعلى سلطة في الاتحاد فضلا عن أنه لم يمض على انعقاده إلا أربعة أشهر. ولكن الواضح أن السيد علي رمضان وهو المكلف بالنظام الداخلي والمؤتمن على تطبيق القانون الداخلي لا يقيم اعتبارا للقانون كلما تعلق الأمر بهذه المسألة والدليل على ذلك أن الهيئة الإدارية بسوسة التي أشرف عليها هي الوحيدة التي ذهبت إلى اتخاذ هذا الموقف علما وأن كل الهيئات الإدارية الأخرى القطاعية منها والجهوية التي انعقدت مؤخرا تحت إشراف أعضاء آخرين من القيادة لم تطالب ولا واحدة منها بهذه المراجعة. (الهيئات الإدارية للتعليم بأصنافه الثلاث، منوبة، القيمون وأعوان التأطير، البريد والاتصالات، البلديات، المناجم، السكك الحديدية، …). واجهة جديدة يفتحها السيد على رمضان ومدخلا آخر يكتشفه لإنجاح مسعاه نحو الانقلاب على قرار المؤتمر ولعل ذلك ما يفسر حرصه على تعيين عناصر معينة للإشراف على الهيئات الإدارية المبرمجة. لكن السؤال الذي ستتكفل الأيام القادمة بالإجابة عليه هل ستكون هذه القرارات المستصدرة من الهيئات الإدارية كافية لوحدها بمراجعة قرار جربة؟ عمال زراعة التبغ: إصرار على المواصلة يواصل حوالي 80 عاملا من زراعة التبغ بجهة غارالدماء (غرب البلاد) اعتصامهم بمقر العمل احتجاجا على طرد الكاتب العام لنقابتهم الأساسية التي تم إحداثها مؤخرا، السيد محمد الصالح مصلي، وتمسكا بمطالبهم. وسبق أن كان أحيل السيد المصلي على مجلس التأديب وخير بين القبول بنقلة إلى جهة أخرى والطرد لفترة زمنية ولكنه أصر على البقاء بجهة غارالدماء وتحمل مسؤوليته ككاتب عام منتخب للنقابة. وقد حاولت السلط الجهوية بجندوبة والمحلية بغار الدماء فك الاعتصام لكنها اصطدمت بإصرار العمال على المواصلة. واستدعى معتمد غارالدماء يوم الثلاثاء 10 أفريل 2007 الكاتب العام المطرود ليزف له خبر انعقاد جلسة صلحية بتفقدية الشغل يوم الخميس 12 أفريل 2007 للنظر في الموضوع ولتذليل المصاعب مقابل أن يقع فك الاعتصام. وأمام إصرار الكاتب العام والعمال على المواصلة ناشده المعتمد تهدئة الجوال ريثما تلتئم الجلسة الصلحية المشار إليها. وللإشارة يلقى هذا التحرك مساندة المكتب التنفيذي للاتحاد والهياكل النقابية بالجهة وخارجها فيما لم تبد جامعة المالية اهتماما بالموضوع بل وأظهرت موقفا مناوئا للتحرك على حد تصريحات السيد محمد الصالح مصلي. (المصدر: البديـل عاجل، قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 11 أفريل 2007)

المدرسون التونسيون يضربون دفاعا عن مطالبهم

 
تونس – نفذ المدرسون التونسيون الاربعاء اضرابا واسعا « للمطالبة بتحسين أوضاعهم المهنية واحترام حقوقهم النقابية كما اكدت نقابة التعليم الثانوي في تونس. واوضح فرج شباح كاتب عام مساعد نقابة التعليم الثانوي « ان نسبة المدرسين الذين شاركوا في الاضراب كانت 80% في المدارس الاعدادية والثانوية و76% في المدارس الابتدائية ». واضاف « ان الاضراب نفذ بشكل واسع في كامل البلاد وتراوحت نسبة المشاركة فيه ما بين 73 % (زغوان، وسط) و91 بالمئة (صفاقس، جنوب) ». لكن السلطات نفت ان يكون الاضراب اثر على عمل المدارس. وقال مصدر رسمي ان نسبة المضربين لم تتعد 25.8%. ويأتي هذا الإضراب الذي دعت اليه نقابتا التعليم الثانوي والابتدائي اثر مفاوضات مع وزارة التربية « استغرقت اشهر دون تحقيق النتائج المطلوبة » بحسب ما اوضح المسؤول النقابي. وقال شباح ان اضراب المدرسين جرى بهدف « وضع تصور مهام هيكل بيداغوجي » وحول « مبلغ المنحة الخاصة بالعودة المدرسية ». وتتهم النقابة العامة للتعليم الثانوي، كبرى النقابات التونسية، وزارة التربية « بالمماطلة وعدم الالتزام في التعامل مع المطالب المشروعة للأساتذة » ودعتها الى « استئناف الحوار فورا وبكل جدية وموضوعية ». وسبق هذا التحرك الاحتجاجي اضراب نفذه الاساتذة الجامعيون التونسيون في 5 نيسان/ابريل الجاري للمطالبة بتحسين ظروفهم المهنية. وسجلت نسبة المشاركة فيه 80 بالمئة بحسب مصادر جامعية تونسية. وغالبا ما يلجأ المعلمون الى ممارسة انشطة اخرى لتحسين دخلهم حيث تتراوح رواتبهم بين 300 يورو و400 يورو لمعلمي الابتدائي وتصل الى نحو 550 يورو لمعلمي الثانوي. وتعتبر تونس التي تعد اكثر من 120 الف استاذ تعليم ثانوي وابتدائي، أكثر دول القارة الأفريقية تقدما في مجال التعليم، حيث تتجاوز نسبة الالتحاق بالمدارس الابتدائية 90% حسب أحدث الأرقام الرسمية. (المصدر: موقع ميدل إيست أونلاين (لندن) بتاريخ 10 أفريل 2007)
 

إضــراب فــــي التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي

 
تونس – الصباح: أعلنت مصادر مسؤولة بوزارة التربية والتكوين أن نسبة المضربين يوم الأربعاء 11 أفريل 2007 من مدرسي التعليم الابتدائي قد بلغت 25,63% (خمسة وعشرون فاصل ثلاث وستون بالمائة) بينما بلغت نسبة المضربين بالتعليم الإعدادي والثانوي 20,8% (عشرون فاصل ثمانية بالمائة). وتتوجه هذه المصادر إلى الأساتذة والمدرسين الذين قاموا بأداء واجبهم في المحافظة على السير العادي للمؤسسات التربوية بما يطمئن الأولياء على مستقبل أبنائهم، وتؤكد نفس المصادر حرص وزارة التربية والتكوين المبدئي على الإلتزام بالحوار خدمة لأبنائنا التلاميذ والمربين وحسن سير المؤسسة التربوية. في حين ذكرت مصادر من النقابة العامة للتعليم الثانوي لـ«الصّباح» أن نسبة المشاركة في اضراب يوم أمس بلغت حوالي 85 بالمائة في المعاهد الثانوية وتعتبر مصادر النقابة أن الاضراب كان ناجحا ويؤكد تمسك الأساتذة بمطالبهم. من جهته أشار محمد حليم كاتب عام نقابة التعليم الأساسي «أن نسبة المشاركة في الاضراب فاقت 75 بالمائة…» وأضاف كاتب عام نقابة التعليم الأساسي «أن المشاركة العالية في الاضراب تعود إلى عدم تجاوب الوزارة بشكل جدي مع المطلب النقابي المتعلق بمنحة العودة المدرسية… ورغم ذلك نحن متمسكون بمواصلة الحوار والمفاوضات للوصول إلى حلول معقولة…» (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 أفريل 2007)


علام يمكن أن يكتب القلم ؟

 
كلمة أم زياد إنّه القحط والجدب.. اللامبالاة والموت.. تونس اللابيضاء واللاسوداء بل الرمادية: في جانب النظام وتوابعه ركود وجمود. طبول الدعاية لم يعد أحد يعيرها أذنا صاغية منذ وقت طويل، وجراب النظام خلا من الشعارات التي تبيع الوهم ومن « المبادرات » التي سرعان ما يبتلعها العدم… كل العقاقير قد جرّبت لإعادة الروح إلى الكيان الذي نخره سوس الاستبداد والفساد.. ولكن دون جدوى. وحتى المواجهات المساحة وما تبعها من حملة اعتقالات هوجاء خرقاء لم تستقطب الاهتمام إلاّ قليلا ومؤقتا.. شيء واحد ما يزال يسترعي اهتمام الناس وهو وجود البوليس وقدرته على الأذى في أيّ وقت.. ولكنّ هذا صار معتادا ويتعايش معه الناس كما يتعايش الإنسان مع مرض مزمن.. ثم إنّ الخائف لا يخوِّف. أمّا في جانب المعارضة والمجتمع المدني فالمشهد لا يقلّ رمادية بل لعلّه يفوق المشهد الأوّل قتامة بالنظر إلى ما يعلّق على قوى التحريك والتغيير من آمال وانتظارات. الأحزاب تدور في طاحونة الشيء المعتاد وتتوهّم أنّها تسير إلى الأمام. بل إنّ بعضها يتراجع إلى الوراء مستجديا مصالحة وحوارا لن يأتيا ولو عضّت هذه الأحزاب شحمة أذنها. الجمعيات معلّقة بين الحياة والموت وتجهد للبقاء وإنقاذ « الشقف » كما في أوّل العهد الأسود، وبعض هذه الجمعيات يتعاطى نشاطات غريبة ويطرح قضايا لا محلّ لها من الإعراب في الوقت الراهن. أصوات التعصّب والإقصاء التي خلناها قد خفتت قليلا زاد ارتفاعها في تكذيب منكر لقوى الجمع والجبهوية. بل إنّ هذه الجبهوية نفسها يشتمّ منها أحيانا ريح إقصاء آخر على خلفيات شخصية وفئوية وعلى خلفية « إن لم تكن سبقتني إلى المقاومة فلتمت ». في الأجواء هواء لا ينبئ بخير بل يؤشّر إلى عملية فرز جديد بين « المعتدلين » و »المتطرفين » تماما كما في العالم اليوم وتحت رعاية الآنسة « كونداليزا ». المشهد التونسي مذهل ومحزن خاصّة لمّا تعود بنا الذاكرة إلى ما حدث من 5 سنوات خلت. في مثل هذه المدّة من عام 2002 توفي الحبيب بورقيبة وشنّ توفيق بن بريك إضرابا مشهودا عن الطعام: أب متسلّط يموت بعد الأوان وأخ متسلّط عليه يهدّده بموته قبل الأوان، والحدثان معا وعلى ما بينهما من اختلاف جوهري يتشاركان في هدم الديكور المتحضّر الذي بناه النظام وتخفّى خلفه فيكشفان وجه الاستبداد القبيح كما يكشفان وجه تونس أخرى ناهضة إلى حريتها وكرامتها ظلّت تعمل طيلة العشرية الأولى من عهد هذا لنظام لتستردّ صوتها المصادر. ثمّ تطوّرت الأمور وقوي المدّ النضالي إلى شهر سلاح الجوع في مواجهة الخضوع… ولكن ما جنيناه هو المسغبة (أي جوع وإعياء). وقد أكون بصدد المرور بفترة تشاؤم أسود برغم تباشير الربيع الذي بدأ يشرق على الكون بأنواره وأزهاره. ولكنّي لا أرى في تونس اليوم ما يبعث على الأمل ولولا بعض النضالات الفردية مثل إضراب الأستاذ رشيد الشملي عن الطعام للمطالبة بحقوقه الأكاديمية. ولولا بعض التحركات المعزولة التي يعزلها « الأصدقاء » قبل الأعداء.. لأمكننا أن نقول إنّ تونس مقبرة بلا قبور خاصّة لمّا نقارنها بأخواتها مثل مصر والمغرب وموريتانيا. إنّ المرء ليتساءل عن سرّ كلّ هذا الشؤم الذي يلاحق الحركة النضالية في تونس فيجد أجوبة كثيرة أخرى مقنعة لأنّه- ببساطة- لا يبحث عنها ولا يريد أن يبحث عنها: فأمّا الأجوبة المقنعة المنطوق بها والتي لا يتنازع اثنان في وجاهتها فهي الظرف العالمي الذي قوّى شوكة الأنظمة الفاسدة في منطقتنا وطبيعة النظام الذي ابتليت به بلادنا والقدرة العجيبة التي ينفرد بها من دون كلّ الأنظمة على القمع القدر المزري بالقامع والمقموع معا. وأمّا الأجوبة المسكوت عنها من باب التجمّل والنفاق فهي تتلخص فيما انطوى عليه بلدنا من عناصر الإفساد والقابلية لأبشع وجوه الاستبداد لا في السلطة وحدها.. بل كذلك في الطرف المقابل لها… إلاّ من رحم ربّك… ويبدو أنّه لم يرحم الكثيرين. (المصدر: مجلة « كلمة » (اليكترونية شهرية – تونس)، العدد 52 لشهر أفريل 2007) الرابط: http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=512

قانون 10 ديسمبر 2003 المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة  » الإرهاب  » ووضع التونسي تحت » نظام الشبهة  » القانوني

 
بقلم الاستاذ عبد الرؤوف العيادي ما تشهده البلاد من حملات القمع المتلاحقة منذ ما يقارب العقدين من الزمن تفشت خلالها ظاهرة التعذيب و تكررت سيناروهات المحاكمات الصورية و الباطلة يطرح على الحقوقيين و رجال القانون ممن يرفعون لواء الحقوق و الحريات التي تحقق بواسطتها المواطنة للتونسي معرفة حقيقة الوضع الذي يخضع لـــــه حاليا و وصف النظام القانوني الذي يتردى فيه . ما المقصود بالنظام القانوني ؟ هو مجموعة من المقتضيات القانونية التي تحددّ علاقة التونسي بالنظام السياسي القائم ، و تعرّف بالتالي بوضعه حياله من حيث الحقوق وهو مصطلح يقابله باللغة الفرنسية le statut juridique. و ما تتعيّن الإشارة إليه هو أن النظام القانوني الحقيقي الذي يخضع إليه المـــرء في الواقع و المــمارسة قد يكون مغايرا للنظام الشكلي المستمد من النصوص المكرسة و التي لا تعدو أن تكون إحدى مكونات الديكور الحداثي المضللّ و المقصود به تسويق الصورة التي يجب أن يكون عليها النظام السياسي في عيون الخارج بالأساس– فتحدث الفجوة بين النظام الشكلي المكرس في النصوص و النظام الحقيقي الذي يمارس فعلا و القائم على انتهاك الحقوق و الحريات . و يكـــون عندها دور رموز السلطة هو معالجة وجود تلك الفجوة عبر التضـــــــليل و المناورة و إنكار وجودها في محاولة التفصي من مسؤولية واقع الانفصام بل و التضارب بين النصوص و الممارسات . إلاّ أنة يحدث أن تتجرأ السلطة حتى على ما بقي في مستوى النصوص من الحقوق صلب الدستور عبر تشريع استثنائي جديد يلغي ما يعتبر مكسبا شكليا للتونسي ، وهو حال القانون عدد 75 لسنة 2003 المؤرخ في 10 / 12 / 2003 المتعلق بدعم الجهد الدولي لمكافحة  » الإرهاب  » – و عندها يصبح الأمر على غاية من الخطورة إذ تصبح السلطة في وضع يغنيها عن معالجة الفجوة بين النص و الممارسة التي تأتيها بين النظام الشكلي و النظام الواقعي اللذين أضحيا متطابقين إلى حدّ كبير و تنتهك عندئذ الحقوق الأساسية للتونسي تحت غطاء  » القانون  » و في ظلّه تحديدا . و قبل المرور إلى تعريف لخصائص هذا النظام القــــانوني الذي يخضع له التونسي بموجب قانون 10 ديسمبر 2003 السابق ذكره ، سوف نحاول و بسرعة تحديد ملامح النظام الذي خضع له سابقا في مرحلة الاستعمار ثمّ في ظلّ حقبة حكم بورقيبة . 1* نظام المستعمَر (le statut de colonisé)
خضع التونسي في ظلّ ما أطلق عليه نظام  » الحماية  » الفرنسي و الذي قـام عـلى  » معاهدة باردو  » المؤرخة في 12 ماي 1881 و  » اتفاقية المرسى  » المؤرخة في 08 جوان 1883 لنظام قانوني كرس دونيته مقارنة بما للمحتلّ الأجنبي من حقوق ، إذ اخضع لما يمكن تسميته بنظام المستــعمَر statut de colonisé le و كان يـــدعى زمنها  » بالساكن الأصــلي  » indigène و لتلخيص هذا الوضع الدونيّ نورد ما جاء بخاتمة رسالة دكتوراه الأستاذ خــــميس العرفاوي  » القــضاء و السياسية في تونس زمن الاستعمار 1881 – 1956  » من قول :  » تأكيدا للهوّة بين ما يطبق في فرنسا و في محميتها التونسية في مجال الحقوق فختم بهذه القولة لأحد الصحفيين الفرنسيين :  » ليست البلاد التونسية البلد الذي يزدهر فيه البرتقال فحسب ، بل إنها ايضا جنة للامتيازات فهي أرض خصبة تغذى إلى حدّ السمنة كلّ التجاوزات التي اقتلعت في فرنسا و ألقيت للريح فزرعت في هذه الأرض الطيبة و تحت لافتة الحماية تقام هنا زراعة مكثفة لأعمال الحيف  » ( 1 ) و كان الاستعمار يسوغ لعلاقة عدم المساواة التي أقامها بين المـــنتسبين إليــه و  » السكان الأصليين  » بكونه حاملا لرسالة تحضير ( une mission civilisatrice ). و على خلفية تلك العلاقة قامت حركة التحررّ الوطني التي حملت حلم الانعـــتاق و الحريّة و صون الحقوق إلاّ أن قيام الدولة التونسية إثر معاهدة الاستقلال سنة 1956 و أن نشأ عنه دستور 1959 الذي أقرّ للتونسي بالحقوق الأساسية إلاّ أنه لم يكن إلاّ نظاما شكليا اتضح في الممارسة أنه خضع لنظام ما يمكن تسميته بنظام  » المتخلف  » . 2* نظام المتخلف (le statut de sous- développé)

لم تكن حقبة حكم بورقيبة تختلف عن الحقبة الاستعمارية في مـستوى  » حقوق المواطن  » إلاّ في مستوى النصوص كما أسلفنا، و كذلك في شكل الوصاية على التونسي الذي كان ينظر إليه  » الزعيم  » كقاصر لم يبلغ مرحلة التأهيل لممارسة حقوقه السياسية وهو ما عبر عنه بورقيبة في العديد من خطبه  » بعدم النضج  » و ما شهدته البلاد من مئات المحاكمات السياسية التي شملت الآلاف من التونسيين في تلك الحقبة كشف عن طبيعة النظام القمعية و التي لا تختلف في جوهرها عن نظام الاستعمار السابق . و قام حكم بورقيبة على رؤية تصورّ التونسي على أنه ينتمي إلى  » مجتمع متخلف » و لذلك طرحت النخبة الحاكمة على نفسها « تحريره من التخلف » و كأنها باتت في وضع انفصلت فيه عن المجتمع و لم تكن منبثقة منه ، لذلك كان عليها وضعه تحت نظام واقعي استثنائي إلى حين تخليصه من « التخلف  » عبر نشر التعليم و تمكينه من خدمات المعالجة بمقابل زهيد و توفير فرص الشـــغل و ما سوى ذلك من حقوق سياسية فهو كما عبرّ عنه بورقيبة في ردّه على أحمد المستيري الوزير السابق الذي شكلّ مجموعة معارضة داخل الحزب الدستوري تطالب بإصلاحات سياسية أن ما يدعو إليه  » دق حنك  » أي من قبيل الهراء. و قد عمد بورقيبة خلال حكمه إلى تفعيل القانون المتعلق بالجـمعيات المـؤرخ فـي 07 / 11 / 1959 و كذلك فصول المجلّة الجنائية المتعلقة بأمن الدولة الخارجي ( الفصل 60 و ما بعده ) و بأمن الدولة الداخلي ( الفصل 63 و ما بعده ) و كذلك أمر 09 فيفري 1956 المتعلق بالصحافة ثم مجلّة الصحافة التي صدرت بموجب قانون 28 أفريل 1975 لقمع حريّة التنظيم و حريّة التعبير . و شكلت تلك النصوص المنظومة التي حددت النظام القانوني الذي خضع له التونسي خلال فترة حكم بورقيبة و الذي وضع التونسي تحت نظام  » المتخلف  » و قد وردت فقرة تقويمية لتلك الحقبة صلب  » الميثاق الوطني  » جاء فيها :  » غير أن نظام الحزب الواحد و تهميش المؤسسات و شخصنة الحكم و الإنفراد بالسلطة كانت كلّها ممارسات مخالفة لدستور البلاد و سببا في عديد الأزمات  » فعبارة تهميش المؤسسات و ما تنطوي عليه من معاني خرق القانون و مخالفة الدستــــــور ( وهو ما يعني استصدار قوانين غير مطابقة لأحكامه التي تعتبر في أعلى السلم التراتبي للمنظومة الشرعية ) تلخص خصائص نظام  » المتخلف  » الذي كرسه بورقيبة للتونسي طيلة فترة حكمه . و لم يكن انقلاب 07 نوفمبر 1987 الذي قطع على نفسه عدّة عهود بتغيير النظام الذي خضع له التونسي طيلة حكم بورقيبة عبر إطلاق الحريات و صون الحقوق الأساسية و التقيّد بالقانون صلب البيان الذي سوغ بواسطة حركته الانقلابية ليغير في الواقع من وضع التونسي الذي سرعان ما خضع إلى نظام جديد يمكن تسميته بنظام الشبهة و هي شبهة مزدوجة داخلية و تتصلّ بعدم الولاء لــــــسلطة بن علي و خارجيه و تتعلق بالتطرف ثمّ بالإرهاب . 3* نظام ذي الشبهة (le statut de suspect)
تعتبر قرينة البراءة و حسن النيّة من الأسس التي تحرص التشريعات في البلدان الديمقراطية على التأكيد عليها صلب نصوصها الأساسية و التي ينبغي أن تحكم العلاقة بين السلطة و المواطن و بين المواطنين فيما بينهم ، إذ تعتبر ضمن الأسس التي يقوم عليها حق المواطن في الأمان ( droit de sûreté ) . و لئن كرست هذه القرينة بدستور البلاد وبالمجلّة الجزائية فإن النظام الفعلي ثم الشكلي الذي فرض على التونسي استبعد العمل بتلك القرينة وجعل مكانها نظام الشبهة أو نظام ذي الشبهة، بما نال من حق الأمان وجعل التونسي يعيش حالة دائمة من الخوف من السلطة التي قادها فقدانها للشرعية إلى اللجوء إلى تفعيل القضاء و البوليس السياسي وخرق النصوص التشريعية لفرض ذلك النظام. و في رصدنا لنظام الشبهة القانوني يمكن أن نستبين ذلك من النص القـــانوني ذاته و كذلك من تطبيقه بالرجوع إلى الملفات القضائية التي تكشف عن مرامي السلطة الحقيقية في استصدار القانون عدد 75 المؤرخ في 10 / 12 / 2003 . 3-1 شبهة عدم الموالاة تزاوجها شبهة الإرهاب : يكرس القانون عدد 75 لسنة 2003 المؤرخ في 10 ديسمبر 2003 المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب شبهة عدم موالاة السلطة ، إذ أن القانون المذكور لا ينفصل عمّا انتهجته ســــــلطة بن علي من خطّة قمعيّة شاملة شرع في تنفيذها في بداية التسعينات و التي كانت مراميها السياسية واضحة في فرض هيمنة حزب السلطة عــــــبر إقصــــــــــاء و تهميش بقيّة القوى الحقوقية مـنها و السياسية و خاصّة حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي و لم يكن التشريع سوى أحدى الأدوات التي التجأ إليها لتنفيذ خطّة متعددّة الجوانب وضعت تحت مسمّى  » تجفيف منابع التطرف  » ( راجع في ذلك ما جاء بكرّاس كتبه الصادق شعبان وزير العدل الســـــــــابق )  » بن علي و الطريق إلى التعدديّة  » ص 74 و ما بعدها. 3- 1.1 و قد اقتضت أحكام الفصل 6 من القانون المذكور ما يلي :  » تعامل جرائم التحريض على الكراهية أو التعصب العنصري أو الديني معاملة الجريمة المتصفة بالإرهابية مهما كانت الوسائل المستعملة .. » و الواضع من هذا الفصل أنه وضع لخدمة سياسة السلطة القائمة و أن عباراته متداولة بخطابها السياسي الذي تروج له يوميّا بما يضع كلّ من يخالفها في توجهاتها و خياراتها السياسية موضع شبهة جنائية خاصّة و أنه لا وجود لقضاء مستقلّ ببلادنا يوفرّ الحدّ الأدنى من الضمانات في تفعيل سلطته التقديرية الحرّة لماهيّة التطرف الذي يمكن أن يكون مجردّ وصف سياسي تنعدم المعايير الموضوعية في تكييفه . 3– 2.1 و ما يؤكد هذا المنحى هو التعريف الذي اعتمـــــــده قانون 10 / 12 / 2003 للجريمة الإرهابية صلب الفصل 4 إذ جاء به :  » توصف بإرهابية كلّ جريمة مهما كانت دوافعها ، لها علاقة بمشروع فردي أو جماعي من شأنه ترويع شخص أو مجموعة من الأشخاص أو بث الرعب بين السكان بقصد التأثير على سياسة الدولة و حملها على القيام بعمل أو على الامتناع عن القيام به أو الإخلال بالنظام العام أو الأمن و السلم الدوليين .. » فالتعريف الذي أخذ به المشرع التونسي لا يرى الإرهاب إلاّ عمل فرد أو مجموعة دون الدولة – إذ أنه من المعلوم أن شقا من شراح القانون يعتبر أن الإرهاب هو عمل فــرد و عمل دولة أيضا وهو ما يجعل الدولة في مقابل المجتمع الذي يكون أفراده موضوع تجريم بالإرهاب دونها وهي التي يمكن أن تكون في الواقع مصدر الإرهــــــــــاب و صانعه إذ أن تيارا من الفقهاء يعرف الإرهاب باعتماد معيار عدم التناسب بين الهدف المراد بلوغه و الوسائل المستخدمة نذكر بينهم David Eric الذي عرف الإرهاب كالآتي :  » عمل من أعمال العنف التي تتسم بجسامة غير عاديّة  » ( 2 ) و انسجاما مع هذه الرؤية و طلبا للهدف في تكريس شبهة الإرهاب تأتي أحكام الفـــــــصل 11 من قانون 10 / 12 / 2003 الذي جاء به :  » يعدّ مرتكبا للجرائم الإرهابية كلّ : • من يدعو إليها أو يتقارر بشأنها . • يعزم على الفعل إذ اقترن عزمه بأي عمل تحضيري لتنفيذه .. » فالواضح أن منهج التشديد في اعتبار قيام الجريمة بمجردّ التقارر ( concertation ) إنما هو يهدف إلى محاربة الأفكار و الخواطر وهو يلتقي في الحقيقة مع أهداف خطّة التصدي للتيّارات الفكرية و حتى للمعتقدات مثلما سنبين ذلك تفصيلا في الجزء الخاص بتطبيق القانون المذكور . و ما أدّى بالمشرع إلى جعل هذه الجريمة قائمة بمجردّ توفر الركن المعنوي مــــــــــن خلال  » التقارر  » أو  » الدعوة  » إليها دون ذكر وسائل الدعوة ، إنما هو اعتقاده بأن  » شبهة  » دعم المقاومة ضدّ الاحتلال الأجنبي إنما هي قناعة أغلب الشعب التونسي . كما أنه و من الناحية القانونية فإن الركن المعنوي للجريمة لا يتبدى إلاّ من خلال أعمال ماديّة ملموسة تبرز إلى الخارج ضرورة أن الركن المعنوي هو ما يضمره المرء من نوايا إجرامية فكيف يتوصل إلى القول بقيام هذا الركن في ظلّ انعدام أفعال ماديّة – أي في ظلّ غياب الركن الماديّ – إلاّ عبر خرق مبدأ افتراض البراءة . و في حالة مشابهة نظرت المحكمة الدستورية بالبحرين في طعن بعدم دستورية المادّة 157 من قانون العقوبات و الذي جاء به :  » يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت من ساهم في اتفاق كان الغرض منه ارتكاب جناية من الجنايات المنصوص عليها في المواد 147 إلى 155 . » فقضت في جلستها المنعقدة في 26 يونيو ( جوان ) 2006 برئاسة السيّد إبراهيم محمد حسن حميدات بعدم دستورية نصّ المادّة 157 المذكورة . و ممّا جاء بتعليل قرار المحكمة المذكور ما يلي :  » و كان النص المطعون فيه هو نص المادّة 157 من قانون العقوبات يقضي أن يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت من ساهم في اتفاق الغرض منه ارتكاب جناية من الجنايات المنصوص عليها في المواد من 147 إلى 155 من قانون العقوبات وهو ما ينطبق في شأن المدعين وفقا لقرار اتهام النيابة العامة لهم على النحو السالف البيان مما يكشف خروج النص المطعون فيه عن دائرة تجريم الأفعال و النواهي و معاقبة من يساهم في الاتفاق المشار إليه دون ارتكاب أيّ فعل ماديّ منهي عنه من المشرع أو الامتناع عن فعل مطلوب منه القيام به ممّا يقع في دائرة شرعية التجريم و العقاب ، الأمر الذي يجعل الركن المادي الذي لا يستوي بنيان الجريمة في غيابه مــــنتفيا و بالتالي لا تكون هناك جريمة ، ذلك أن الاتفاق الجنائي المقصود في النص يعني مجردّ تلاقي إرادتين على الأقلّ على ارتكاب إحدى الجنايات المذكورة في النص المطعون فيه حتى لو لم يرتكب المتفقان أي فعل ماديّ مما مفاده أن الاتفاق المعاقب عليه لا يخرج عن كونه مجردّ تعبير عن النوايا التي يضمرها الإنسان في أعماق ذاته و مكنون ضميره و لا يعكس سلوكا خارجيا أو فعلا ماديا يقع في دائرة التجريم و العقاب التي نصّ عليها الدستور ، فيكون المشرع في النص المطعون فيه قد خرج عن الضوابط الدستورية بسلطته التقديرية في مجال التـــــــــجريم و العقاب و لا يجوز القول بأن اتحاد الإرادات و تلاقيها يشكلّ الركن المادي بجريمة الاتفاق الجنائي ذلك أن الاتفاق ماهو إلاّ تعبير عن إرادتين متحدتين على الأقلّ الإرادة طبقا لما استقرّ عليه فقه القانون الجنائي نشاط نفسي يرمي إلى تحقيق غرض معــــين بوسيلة محددّة و من ثمّ لا تخرج عن كونها  » مكنونا نفسيا و أمرا معنويا بحتا .. » 3- 2 القانون يكرس انتهاك حق الدفاع :

و لم يفسح قانون 10 / 12 / 2003 المتعلق بدعم المجهود الدولي لمقـــــاومة  » الإرهاب  » أي مجال لذي الشبهة عبر الدفع بصفته كمعارض سياسي أو كمقاوم لاحتلال غير مشروع إذ جاء بالفصل 59 منه :  » لا يمكن اعتبار الجرائم الإرهابية بأي حال من الأحوال جرائم سياسية  » و الملاحظ أن النص المذكور قد استعمل عبارة الجرائم ( بالجمع ) أي أنها تشمل الجريمة الإرهابيــــــة و الجرائم التي تعامل معاملتها . و يندرج هذا التوجه التشريعي الخطير في إطار تجريم المباح من الأفعال و افتعال شبهة الجاني في جانب التونسي بما يخالف مبدأ شرعية العقوبات و الجرائم . كما أنه يتعارض مع الحق في الأمان و الذي يقتضي ألاّ يقع النيل من حق المتهم في تخير وسائل دفاعه عند المثول أمام القضاء . هذا إضافة إلى تعارضه مع مبدأ ثالث يعدّ من المبادئ الأساسية في تنظيم اختصاص القضاء وهو عدم خوض القضاء العاديّ في الجدل السياسي تطبيقا لمبدأ فصل السلط و الذي يجعل ولاية القضاء مقصورة على بسط سلطة القانون دون الانحياز إلى المواقف السياسية . و ما جاء بالكرّاس الدعائي  » بن علي و الطريق إلى التعددية  » الذي أعدّه وزير العدل السابق الصادق شعبان أحد مهندسي الحملة القمعية خلال التسعينات يؤكد ما يدور حول  » الإرهاب  » من جدل سياسي دفع بالسلطة خلال التسعينات إلى تحاشي اعتماده سندا للأحكام إذ جاء قوله بالصفحة 83 :  » و من خصوصيات المعالجة القضائية في تونس إضافة لكلّ هذا هو استبعاد عبارة الإرهاب كسند للأحكام التي تصدر باعتبار أن عبارة الإرهاب تسيست و تميعت و اصابتها التهرئة كما نقول في لغتنا المتداولة و فقدت التوافق الدولي حولها . و أصبحت المحاكم في تونس تستخدم وفقا للقانون الجديد عبارات أخرى هي التحريض على التعـــــــــــّصب و الدعوة إلى الكراهية العنــــــــــصرية و الدينية . و التعديل المشار إليه ( المقصود به إدراج الفصل 52 مكررّ بالمجلّة الجنائية) لم ينشئ جرائم مستقلّة بل أشار إلى وصف جديد لجرائم مألوفة كتأسيس أحزاب غير معترف بها أو عقد اجتماعات أو توزيع مناشير أو جمع أموال بدون رخصة تشددّ فيها العقوبة عندما يكون الهدف منها الدعوة إلى التعــــــــصب و التحريض على الكراهية على اساس عنصريّ أو دينيّ. » تلك كانت ملامح الخطة القمعية في التسعينات إلاّ أن ما حصل بعد أحداث سبتمبر 2001 جعل السلطة تراجع تلك الخطة عبر إدماج جرائم التحريض على التعصب و الدعوة إلى الكراهية و العنصرية صلب  » قانون الإرهاب  » الذي ألغى الفصل 52 مكررّ من المجلة الجزائية ( الفصل 103 مـــــــــــــــن قانون 10 / 12 / 2003 ) . و يكشف ما تقدّم من تعديل و تطويع أن ما أطلق عليه قانونا إنما هو في الواقع اقرب إلى الخطة القمعية تتغير حسب الظرف السياسي الداخلي و الإملاءات الخارجية بما يتضارب مع وصـــف الثبات أو الديمومة ( la permanence ) للقاعدة القانونية و الذي يعتبر أحد الأوصاف الثلاثة في تعريفها ( قاعـــــدة عامة مجرّدة و ثابتة ) . 3- 3 القانون يحول الشبهة أساسا لنظام سلوك التونسي :

و تأتي أحكام الفصل 22 من قانون 10 / 12 / 2003 لتقتضي ما يلي :  » يعاقب بالسجن من عام إلى خمسة أعوام و بخطية من ألف إلى خمسة آلاف دينار كلّ من يمتنع و لو كان خاضعا للسرّ المهني من إشعار السلط ذات النظر مما أمكن له الاطلاع عليه من أفعال و ما بلغ إليه من معلومات أو إرشادات حول ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية.. » فالنص المذكور يحمّل التونسي واجب الوشاية بما قد يبلغ إلى علمه من أعمال تصنف في خانة الإرهاب و لو أنها لا تتعدى الخواطر كما أسلفنا بيانه فيما تــــــقدّم ، و الأخطر من ذلك أن يفرض هذا السلوك على من هو خاضع للسرّ المهني مثل المحامي الذي يتحولّ إلى مخبر بما يكون قد أفضى إليه حريفه من معلومات ، وهو ما قصد منه تعميم السلوك البوليسي بما يكرس نظام الريبة و الاشتباه بين أفراد المــــجتمع و يفتح الباب ليكيد البعض للبعض الآخر . تلك كانت بعض أوجه الخلل و المخالفة الخطيرة للحقوق الأساسية المكفولة صلب الدستور و التي انطوى عليها نصّ قانون مكافحة  » الإرهاب  » إلاّ أن الطريقة التي تطبق بها أحكامه سواء من طرف البوليس السياسي أو القضاء كفيلة بالكشف عن حقيقة الأهداف التي سن من أجلها وهو ما سنأتي على بعضه فيما يأتي . 3- 4 إزدواجية نظام الإدانة و العقوبة :

ما يتعين ملاحظته في تطبيق قانون 10 / 12 / 2003 هو الدور الأساسي الذي يقوم به البوليس السياسي ( فرقة أمن الدولة ) ليس فقط في الكشف عن ذوي الشبهة و إنما خلال الطور الإجرائي الذي يتقلص فيه دور القضاء إلى الحدود الدنيا ليصبح مجردّ مصدق قضائي على أعمال خارجة عن الشرعــية و ذلك استجابة لحاجة السلطة التنفيذية في الظهور بمظهر المتقيد بالقانون و احترام فصل السلطات . و تناولنا فيما تقدّم استباحة حرمة التونسي و الخلل الخطير الذي انطوى عليه نصّ القانون عدد 75 المؤرخ في 10 ديسمبر 2003 فيما يتصل بقيام الجريمة الإرهابية بمجرّد التقارر من الوجه الشرعي باعتباره يتعارض مع المبادئ الأساسية المكرسة بدستور البلاد و منها على وجه الخصوص مبدأ المساواة و مـــــــبدأ شرعية العقوبات و الجرائم وهو ما يفضى إلى قيام الجريمة دون وجود ركن ماديّ أي دون أن يتعلق الأمر بأعمال ماديّة – إذ شرّع النص المذكور – لجريمة النوايا و الخواطر . و وجه الخطر في هذا الخلل هو أنه يفتح المجال واسعا لممارسة التعذيب من طرف البوليس السياسي، و الذي تصبح مهمته الكشف عن النوايا و الخواطر و التي لا يمكن التوصل إليها عادة إلاّ عبر التقــــــصي و البحث في أعمال ماديّة و ليس كما هو في صورة الحال عبر اعترافات مجردة يفضي بها ذو الشبهة بعد تسليط شتى أنواع التعذيب الماديّ و المعنوي عليه إذ تضمنت محاضر الأبحاث التي حررتها فرقة أمن الدولة في الملفات التي باشرنا الدفاع فيها – اعترافات عمّا حصل تداوله من أفكار أمام المسجد أو بأحد المقاهي أو بمسكن قصد اقناع بعضهم البعض الآخر بالفـــــكر  » السلفي و الجهادي  » و نصرة الشعوب الإسلامية الخاضعة للاحتلال ( العراق ، فلسطين ) و من  » تكفير النظام  » و  » البحث عن سبل للالتحاق بالجماعة السلفية للدعوة و القتال بالجزائر  » الخ .. كلّ ذلك بعد تثبيت أن ذا الشبهة يؤدي فريضة الصلاة منذ تاريخ معين – بما جعل المحاضر متشابهة في بنيتها – بــداية و خاتمـة – و كذلك في مضمونها بما أكساها نمطية واضحة تنكشف من خلال أعمال التــــركيب و التزوير التي يعمد إليها البوليس السياسي . إن اللجوء بصورة منهجية إلى التعذيب و بأشكاله الوحشية من طرف البوليس السيـــاسي ، و الذي تحولّ إلى منهج عمل و معاملة لا يمكن استيعابه إلاّ من خلال مراجعة للمفاهيم القانونية و الإجرائية و التحررّ من معانيها الإصطلاحية ، بإدراك ما هو حقيقة مضمونها وفق رؤية السلطة عبر ممارستها . فالتعذيب هو عقوبة – و إن كانت لا توجد ضمن سلم العقوبات الواردة بالمجلة الجزائية – تمارسها ســـــــلطة و تراها محققة لأهدافها ليس للوصول إلى ما تعتبره  » الحقيقة  » فقط ، و إنما لتحقيق تشفي صاحب السلـــطة ( إذ يروي لنا الضحايا أن البوليس السياسي يــــتصرف باسم رئيس الدولة ) و تحطيم معنويات الضحية . فما يتحصل من هذا العمل الإجرامي – هو أن ذا الشبهة تحصل إدانته و عقابه منذ اللحظة التي يتولى فيها الأمن السياسي بحثه –و تبقى إحالته بعد تلك المرحلة الرهيبة إلى التحقيق ثم على دائرة الاتهام و على الدائرة الجنائية من قبيل المزاوجة بين المنظومة السريّة و المنظومة العلنيّة – و التي تكتسي طابعا شكليا إلى أبعد الحدود إذ يبدي القضاء سلبيّة تحول دون ردّ الأمور إلى نصابها و إعادة الاعتبار للقانون. لقد كان للقضاء دور خطير في قيام نظام ذي الشبهة و حرمان التونسي من حقوقه الأساسية عبر سلوك انتهج إما السلبيّة حيال الانتهاكات الفادحة التي يرتكبها البوليس السياسي و التسليم له في صلاحيّة وصف الجرائم بما يترتب عليه من بحث عن قرائن الإدانة دون قرائن البراءة و حتى التواطؤ معه في  » تصحيح  » إجراءات التتبع و أعمال الحجز . و لا يمكن لعاقل أن يتصور تعايش منظومتين قائمة الواحدة منهما على رؤى مناقضه تماما للأخرى ، فالبوليس السياسي هو بوليس رأس النظام وهو يده الضاربة ، أما القضاء من الناحية النظرية هو سلطة مستقلّة وهو بالتالي قضاء الدولة و ليس قضاء النظام إلاّ أن ما يحصل هو إخضاع القضاء لرؤى النظـــــام و بالتالي للبوليس السياسي الذي يعتبر أهمّ مرتكز لسلطته . و هذا وزير العدل السابق الصادق شعبان يكرس هذه الرؤية عن القضاء و ثقة النظام فيه بقوله :  » و ساهم في المحاكمات القضاة العاديون دون حصر أو تخصيص ممّا يدلّ على الثقة في القضاة ، و شمولية الاقتناع لديهم بخطورة هذه الحركات و إجرامية نشاطها « ( 3 ). فبهذا القول يتأكدّ ولاء القضاة للنظام وهو يكرس عدم حيادية القاضي الذي لا يقضي بعلمه مثلما اقتضت ذلك أحكام الفصل 23 من القانون المنظم للمجلس الأعلى للقضاء المؤرخ في 14 / 7 / 1967 و الذي نصه :  » على القضاة أن يقضوا بكامل التجردّ و بدون اعتبار للأشخاص أو المـصالح و ليس لهم الحكم في قضية استنادا لعلمهم الشخصي .. » و في نفس السياق جاء قول وزير العدل :  » و المثير للانتباه أن الاستقلالية التي عرفتها جمعية القضاة التونسيين و الهيئة الوطنية للمحامين في عهد التغيير دفعتها إلى الغيرة الحقيقية على النظام و الدفاع عنه أمام الأجنبي في المحافل الدولية و تجاه المنظمات غير الحكومية كلما شعرت أن هناك خلفيات سياسية تريد الإضرار بمصالح تونس ( إقرأ النـظام ) أو تشويه للحقائق في مسائل تتعلق بالحــريات أو بضمانات المحاكمة العادلة  » ( 4 ) فالقضاة ممثلون في جمعيتهم يغيرون حقيقة على النظام و يخوضون في الخلفيات السياسية، فأين نحن من القضاء المحايد المستقلّ ؟ و ما يحصل في الواقع هو أن القضاء يصبح في وضع لا يستطيع معه القيام بوظيفته في بسط سلطة القانون ، و إنما هو أعجز عن القيام بذلك سواء من خلال السلبية التي يبديها حيال الجرائم التي ترتكبها فرقة أمن الدولة أو من خلال انتهاك حقوق الدفاع . 3 .1.4 قرن العقوبة الأصلية وجوبا بعقوبة تكميلية :
اقتضت أحكام الفصل 25 من القانون عدد 75 لسنة 2003 المـؤرخ في 10 / 12 / 2003 ما يلي :  » يتحتم الحكم بالمراقبة الإدارية على مرتكبي الجرائم الإرهابية مدّة لا تقلّ عن خمسة أعوام و لا تفوق عشرة أعوام  » فالنص المذكور أوجب على القاضي أن يقرن العقوبة الأصلية ( بالسجن ) بعقوبة المراقبة الإدارية وهي تصنف ضمن العقوبات التكميلية بالمجلّة الجزائية التونسية ( المادّة ) . و بما أن المشرع لم يعرف هذه العقوبة و طريقة تنفيذها فإن المجال يكون فسيحا للبوليس السياسي لفرض  » رؤيته  » و  » تصوره  » الخاص لطريقة العمل بهذه العقوبة ، و ذلك عبر إرغام السجين السابق على الحضور عدّة مرّات في اليوم بمركز الشرطة أو الحرس الوطني للتوقيع بدفتر خاص معدّ للغرض وهو ما يرمى من ورائه إلى منعه من العمل و العيش بصورة عاديّة إضافة إلى جعله يوميا عرضة للتجاوزات المباشرة للبوليس السياسي عبر تهــــــديده و إهانته و جعله ينتظر وقتا طويلا إلى حين إحضار دفتر المراقبة ليوقع عليه .كما أن للبوليس السياسي التقدير المطلق في اختيار مكان إقامة السجين السابق التي يمكن أن تكون في غير العنوان الذي يقطن فيه عادة مثلما حصل للسجين السياسي السابق عبد الله الزواري الذي فرضت عليه الإقامة بإحدى ضواحي مدينة جرجيس وهو الذي كان يقيم ساعة إيقافه بتونس العاصمة . و يمكن وصف هذه العقوبة – التي و إن كان لها أساس قانوني – بأنها تندرج ضمن منظومة العقوبات الفعلية و السرية التي تخرج عن دائرة رقابة القضاء و التي هي في الواقع امتداد لعقوبة التعذيب التي تشكل تمارس خارج دائرة القانون ، بينما تمارس انتهاكات المراقبة الإدارية  » في ظلّ القانون و تحت غطائه . ( 5 ) 3- 5 سلبية القضاء :
و يقف القضاء عادة موقفا سلبيا تجاه أعمال التعذيب التي تقترفها فرقة أمن الدولة في حق المتهمين إذ يــــــــــرفض قاضي التحقيق القيام بما يفرضه عليه قــــــــــــانون الإجـــراءات ( الفصل 14 من مجلة الإجراءات الجزائية ) من معاينة آثار التعذيب التي تكون بادية على أجزاء من جسم الضحية و إعلام وكيل الجمهورية بذلك . ( 6 ) و يلتزم قاضي التحقيق نفس الموقف في خصوص ما يثار من تزوير لمحاضر البحث من طرف فرقة أمن الدولة ، إذ يعمد الباحث المذكور إلى التنصيص على تاريخ بداية التحفظ بما يخالف الواقع و ذلك للإيهام بأن الموقوف لم يتجاوز أجل الاحتفاظ القانوني عند إحالته على قاضي التحقيق ، إذ بالرغم من الأدلّة الجديّة التي تقدّم في هذا الشان من برقيات أرسلت إلى وكيل الجمهورية في تواريخ سابقة تعلمه فيها عائلة الموقوف أو نائبه بحصول الإيقاف و تستفسر عنه مصيره و بلاغات المنظمات الحقوقية حول الإيقاف و تاريخه فإن القاضي المـــــذكور يرفض طلب المحامين النائبين في جلب دفاتر الاحتفاظ و فتح بحث في الموضوع . ( 7 ) كما يحصل أن يقع تسليم الموقوف من طرف دولة أجنبية ، إلاّ أن الملف يكون خاليا مما يدلّ على إجراءات التسليم ، بل تعمد فرقة أمن الدولة إلى الإدعاء بأنها تمكنت من القبض على المتهم وهــو داخل تراب البلاد بما يناقض بلاغات صحفية حتى تلك التي تصدر في الخارج . ( 8 ) و من المعلوم أن انعدام ما يفيد إجراءات التسليم يجعل إيقاف المظنون فيه من باب الاحتجاز التعسفي لمخالفته صريح ما قضت به الصكوك الدولية المصادق عليها من طرف الحكومة التونسية و منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهد الدولي الخاص بالحقوق المـــدنية و السياسية . و لا يجدي الطعن بالاستئناف أو بالتعقيب نفعا ، إذ الموقف يبقى هو ذاته لدى جميع درجات القضاء في عدم القيام بما من شانه أن يؤدي إلى إبطال ما تنجزه فرقة أمن الدولة من محاضر خاصة و أن العديد من القضايا لا تقوم فيها التهمة إلاّ على إقرار المتهم دون وجود أدلّة خارجية و لا وجود محجوز يمكن أن يجعلها قائمة في جانبه . و ما يلفت الانتباه هو أن محكمة التعقيب وهي محكمة قانون ارتأت أن يكون تعليلها نــــمطيا و أعدت لذلك مطبوعة قرار تتضمن فراغا لتضمين المعطيات الخاصة في خصوص الوقائع لا تستدعي من القاضي السامي سوى تعميرها . ( 9 ) و لعلّ ما يثير الحيرة حقا هو أن تعليل بعض الأحكام يستند إلى ما يردّ بالتقرير الإرشادي الذي تحرره فرقة أمن الدولة حـول الطبيعة الإرهابية للتيار الذي زعم انتساب المتهم إليه . ( 10 ) 3- 6 انتهاك القضاء لحقوق الدفاع :

يلاحظ أن قاضي التحقيق و في أكثر الحالات التي أطلعنا عليها لا يلفت نظر ذي الشبهة بأن من حقه ألاّ يقع استنطاقه إلاّ بحضور محام يختار ( وهو تنبيه واجب حسبما تقتضيه أحكام الفصل 69 من مجلة الإجراءات الجزائية ). كما أن هناك حالات جرى فيها التحقيق في ساعات متأخرة من الليل وهو أمر إلى جانب عدم شرعيته فإنه يكشف عن نيّة في حرمان المظنون فيه من مساعدة المحامي . ( 11 ) المظهر الثاني من مظاهر خرق حقوق الدفاع هو عدم تمكين المحامي من الإطلاع عليه إذ يعمد بعض قضاة التحقيق إلى تصوير نسخة تتضمن الأوراق التي يتخيرها من الملف دون أن يمكن المحامي من الملف الأصلي . كذلك فإن ما يحصل من إيداع المظنون فيه في سجن خارج دائرة الاختصاص الترابي للقاضي المتعهد أو المحكمة المتعهدة بما يحول دون اتصال المحامي به و إعداد وسائل الدفاع خلال الزيارة يعدّ انتهاكا واضحا لحقوق الدفاع إضافة إلى كونه يكشف عن أن المشرف الحقيقي على الموقوف هي فرقة أمن الدولة و ليس القضاء بدليل تواجد أعوانها داخل السجن و إشرافهم على الــموقوفين و المحالين في القضايا التي يطلق عليها  » ذات صبغة خاصّة  » أي السياسية . ( 12 ) و بذلك يقتصر دور الجهاز القضائي ( الذي طبيعته كمؤسسة ) في تأمين الإخراج القضائي لإدانة حصلت بعد و عوقب من اجلها المظنون فيه احتجازا غير مأذون فيه من طرف القضـــــاء و تنكيلا و تعذيبا و مصادرة لماله المنقول كما تكشفه عديد الحالات في طور البحث لدى أمن الدولة التي تبقى مشرفة عليه حتى بعد إحالته على القضاء . إن نظام الشبهة المزدوج التي يخضع له التونسي و الذي سعت السلطة القائمة إلى ترسيخ اسسه القانونية عبر استصدار قانون 10 ديسمبر 2003 لا يقلّ خطورة عن معاهدة الحماية التي أخضعت التونسي لنظام الاستعمار و كما حاول المستعمر تغطية مراميه بتسمية ذلك النظام  » نظام الحماية  » فإن  » دعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب  » ( تسمية وضعت للقانون المذكور ) لا يعدو أن يكون حربا بوليسية و قضائية على المواطن من أجل تأمين ولائه للسلطة المحليّة و فرض الاستسلام عليه أمام الاحتلال الأمريكي و الصهيوني لأراضي الأمّة وهي كما أرادها صـانعوها حربا وقائية تعتمد على الضربات المباغتة دون انتظار اكتشاف الأدلّة العدوانية للطرف الآخر المقصود ! ( 13 ) ________________________________________ ( 1 ) نشر دار صامد للنشر و التوزيع الصفحة 521 ( 2 ) يراجع في ذلك بحث الدكتور محمد هاشم ماقورا أستاذ القانون الجنائي المقدّم في المؤتمر التاسع عشر لاتحاد المحامين العرب ( 3 ) الصادق شعبان  » بن علي و الطريق إلى التعدديّة  » دار سراس للنشر 1995 ص 80 ( 4 ) المرجع السابق الصفحة 110 ( 5 ) و لا جدال في أن المراقبة الإدارية كما يجري تنفيذها من طرف البوليس السياسي تعدّ من باب الحرمان من الحريّة ذي الطابع التعسفي وفقا لقرار الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي المنبثق عن لجنة الأمم المتحدّة لحقوق الإنسان عدد 50/1997 الذي اعتبر عدم الاحترام التامّ أو الجزئي للقواعد الدولية المتعلقة في الحق في محاكمة عادلة سببا من الأسباب المفضية إلى وصف الاحتجاز طونه تعسفيا . و كون المراقبة الإدارية عقوبة تكميلية فإنها تبقى تعسفية طالما أن العقوبة الأصلية هي كذلك من باب الاحتجاز التعسفي عملا بالقاعدة القائلة بأن الفرع يتبع الأصل . ( 6 ) حصل ذلك في القضية التحقيقية عدد 1/997 التي أحيل فيها زياد الغضبان و د كان ردّ فعل المحامين النائبين عدم الإمضاء على محضر الاستنطاق و كذلك كان موقف المتهم الذي كانت ركبتاه تحملان تقيحا لجروح تسببت فيها أعمال التعذيب . ( 7 ) يشير بعض قضاة التحقيق على المحامي التشكي لدى وكيل الجمهورية ، إلاّ أن ما يحصل هو أن التعليمات تصدر بعدم تضمينها بكتابة وكالة الجمهورية أو أن هي ضمنت تبقى بدرجه دون أن تعرف مآلا إيجابيا . ( 8 ) جاء بالمحضر المحررّ من طرف إدارة أمن الدولة بتاريخ 03 / 9 / 2006 و المضمن تحت عدد 181 مــا يلي :  » نذكر أن مصالح إدارة أمن الدولة تمكنت في التاريخ و الساعة أعلاه من إيقاف المدعو محمود بن سعيد التونكتي .. » و الحال أنه جرى تسليمه من طرف السلطات البلغارية يوم 30 / 8 / 2006 بعد أن جرى اختطافه بشارع كينياز صوفيا يوم 28 / 8 / 2006 حيث كان يقيم كلاجئ إنساني . كذلك لم يحتو الملف الذي أحيل فيه توفيق السالمي ( القضية عدد 26590 ) ايّ دليل على إجراءات التسليم التي تولتها السلطات بلوكسنبورغ يوم 04 / 4 / 2003 – و التي تناولتها الصحف المحلية كخبر – في حين نصت محاضر أمن الدولة على أنه أوقف بتونس و بتاريخ 08 / 5 / 2003 ( 9 ) نسوق مثالا على ذلك القرار التعقيبي عدد 4509 الصادر برئاسة القاضي فتحي بن يوسف بتـــــــــاريخ 14 / 7 / 2006 و الذي كان عبارة عن لائحة مكتوبة بخط اليد أضيف إليها ورقة نصفها الأعلى فارغ و النصف الأسفل كتب به بآلة الكمبيوتر التعليل ( النمطي ) التالي :  » حيث اتضح من هذه المطاعن أنها كانت ترمي إلى مناقشة محكمة الموضوع في مدى صحة ما اعتمدته من العناصر لتبرير قضائها وهو جدل موضوعي داخل في نطاق اجتهادها و ليس لهذه المحكمة أن تنقض الاجتهاد إذ دورها يقتصر على السهر على تطبيق القانون لا غير … » و ينتهي القرار برفض التعقيب أصلا . و بأسفل الصفحة المذكورة بيانات تضاف بخط اليد حول تاريخ القرار و اسم المستشارين و اسم المدعي العام . ( 10 ) يشار في هذا الصدد إلى الحكم عدد 06 / 11598 الصادر عن الدائرة الجنائية الثانية بمحكمة تونس الابتدائية برئاسة القاضي عبد الرزاق بن منا بتاريخ 28 /11 / 2006 الذي نقل حرفيا في تعليله لقضائه التقرير أسمته فرقة أمن الدولة  » تقريرا إرشاديا حول الجماعات الإسلامية المسلحة بالعراق  » الذي يبتدأ بعبارة  » إن مصطلح  » و الذي ينتهي بعبارة  » نفس المنهج  » دون زيادة أو نقصان ا وهو ما يؤيد قولنا في أن الإدانة حاصلة منذ إيقاف المتهم بإدارة أمن الدولة كما يشار إلى أن التقرير الإرشادي لا يعتبر ضمن قرائن الإدانة التي تناقش و بالتالي فإن تبني جميع ما أتي به يعدّ قصورا في تعليل الحكم . ( 11 ) يراجع في ذلك المحاضر المظروفة بملف القضية عدد 4/11302 و التي جرى استنطاق المتهمين على الساعة العاشرة ليلا و كذلك على الساعة الحادية عشرة ليلا من طرف عميد قضاة التحقيق . ( 12 ) مذكر في هذا الصدد بعدّة حالات منها إيداع أيمن الدريدي بسجن باجة وهو المحال أمام الدائرة الجنائية بتونس القضية عدد 4/11303 و غيث المكي الذي هو نزيل سجن بلاريجيا بجندوبة و إحالته تمت أمام الدائرة الجنائية بتونس القضية عدد 4/11302 و غيرهم كثير . ( 13 ) من مقال أسئلة الإرهاب و حقوق الإنسان حوار العقل و المشترك الإنساني للدكتور عبد الحسين شعبان  » المجلة العربية لحقوق الإنسان العدد 10 نشر المعهد العربي لحقوق الإنسان . (المصدر: مجلة « كلمة » (اليكترونية شهرية – تونس)، العدد 52 لشهر أفريل 2007) الرابط: http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=507

 

الفاضل البلدي لكلمة:

« أقول إنّ مستقبل تونس ليس بمأمن من الهزّات »

 
أجرى الحوار: سهام بن سدرين ولطفي حيدوري الفاضل البلدي هو أحد الوجوه القيادية السابقة في حركة النهضة ومن مؤسسي حركة الاتجاه الإسلامي سنة 1981. صدرت ضدّه أحكام قضائية قاسية خلال المحاكمات الكبرى للاتجاه الإسلامي سنتي 1981 و1987. قام بتجميد عضويته في حركة النهضة في مارس 1991 مع وجوه أخرى بارزة (عبد الفتاح مورو وبنعيسى الدمني ونورالدين البحيري وصدقي العبيدي) أثناء أوج الحملة على حركة النهضة. وقد اعتبر أنّه « رغم الظروف التي واجهت الحركة الإسلامية ما كان ينبغي لها أن تخرج بها عن خطّها الذي رسمته والذي لا يحتاج إلى تبديل حتى في لوائحها الداخلية إلاّ ضمن الأطر الموجودة » . انقطع منذ ذلك الوقت عن العمل السياسي ولا يعرف لمجموعته أدبيات أو نشاط خاصّ. وجد الفاضل البلدي نفسه معنيّا من جديد بالحملة التي تشنّها السلطة على التيار الإسلامي ولكن هذه المرة خلال الحملة على التيار السلفي حيث أوقف ابنه « سهل » بتهمة الانتماء إلى التيار السلفي الجهادي بعد تسليمه من قبل السلطات الجزائرية في 2005. وقد حكم عليه في مارس المنقضي بـ5 سنوات سجنا. غير أنّ الفاضل البلدي يضع عدة نقاط استفهام حول ظروف مغادرة ابنه وعديد الشبان التونسيين للبلاد قصد التوجه للقتال في العراق ضد الاحتلال الأمريكي ويقول: « لقد وجد ابني نفسه مدفوعا دفعا، الله أعلم من وجّهه هذا الوجهة، وأنا لم أعرف بعد ذلك. فحول الموضوع نقاط استفهام لم أجد الإجابة عنها ». ويعتبر البلدي أنّ السلوك الذي سلكته السلطة اليوم عبر الإيقافات الاحتياطية بالجملة « هي سياسة خاطئة فالمطلوب هو إيكال الموضوع للعقلاء من سياسيّين ورجال فكر ورجال دين وعلماء اجتماع وعلماء نفس لمحاولة فهم أسباب هذا الجنوح في التفكير ». كلمة: أستاذ فاضل البلدي أنت قيادي سابق في حركة الاتجاه الإسلامي وتعرضت لعديد الملاحقات القضائية وغيرها. نريد منك فكرة صغيرة عن هذا الجانب من حياتك. البلدي : لقد اخترت منذ السبعينات اتجاهي في النضال من أجل فكرة ومن أجل الحرية وقد واصلت ممارسة اختياري في الجامعة وفي الحياة العامّة بعد الخروج من الجامعة. وساهمت في تأسيس الحركة الإسلامية وحاولنا أن نكون ما استطعنا مفيدين من حيث المشاركة في الحياة العامة. تعرّضت منذ 1981 للملاحقة والمتابعة إذ حكم عليّ في 1981 في قضيّتين الأولى بـ11 سنة والثانية 8 سنوات ونصف. صادف أن ساعدني الحظ أن أسافر وأن أعيش 3 سنوات في فرنسا وبمجرد تسوية الملف في 1984 عدت للبلاد لمواصلة ولاقتناعي بأنّ النضال من أجل الفكرة التي أنا مقتنع بها يكون في بلادي لا خارج الوطن. والمناسبة الثانية هي 1987 قضيت حولي أكثر من سنة في السجن وأفرج علي بعد عفو رئاسي بعد حكم بالمؤبد. وبعد ذلك واصلنا وكان الأمل أن تنتهي الفترة الماضية باعتبار أنّ ذلك الحكم كان خاتمة لعهد قديم واستبشرنا وكنّا على أمل أن نشارك في الحياة العامة من موقع جديد وشهدت سنة 1988 نوعا من الأنشطة العادية لكن انتهت بمواجهة جديدة في 1990 و1991 أخذت منحى جديدا تمثل في حملة كبيرة على الحركة الإسلامية والتي على إثرها جمدت عضويتي باعتبار وأنّي أعتبر أنّه وقع نوع من الانحراف السياسي أو الفكري على الأشياء التي أومن بها وبالتالي استدعى الوضع أن أقوم بوقفة تأمل لكن بقيت على قناعاتي بضرورة المشاركة في الحياة العامة لإيماني بأنّ البلاد في حاجة لكل الحساسيات لبلورة حلول للمشكلات التي تتعرض لها البلاد والتي لا يجب أن تكون مقصورة على جهة دون أخرى سواء أكانت جهة حاكمة أو محكومة. كلمة: ذكرت أنّك جمدت عضويتك في حركة النهضة لأسباب تتعلق بقناعاتك الفكرية، هل تقصد استخدام العنف ؟ البلدي : لقد كنت أعتبر أنّ مشاركة الحركة الإسلامية السياسية تتم ضمن قناعات للتغيير السلمي للحياة العامّة. ولكن حدثت في فهمي انحرافات قد يكون للحركة الإسلامية دور فيها وليس عيبا للحركة الإسلامية في تقييمها أن تقول أخطأت في الأسلوب أو أخطأت في المنهاج. اعتبر أنّه رغم الظروف التي تمت ضد الحركة الإسلامية ما كان ينبغي لها أن تخرج بها عن خطّها الذي رسمته والذي حتى في لوائحها الداخلية لا يحتاج إلى تبديل إلاّ ضمن الأطر الموجودة. لكن ربّما بحكم الضغط الذي سلّط اضطرت عناصر أن تتصرف تصرفات أنا لا أومن بها وهو ما دعاني أنا ومن معي أن نقوم بوقفة تأمّل. كلمة: هذه الوقفة نجم عنها انفصال عن الحركة الأم التي أسّستموها. هل قررتم تأسيس حركة ثانية ؟ البلدي : فكرنا في طرح وجهات نظر جديدة لكن على مستوى تأسيس حركة لم يكن ذلك مطروحا ذلك الوقت فلا الظروف الداخلية للحركة تستدعي إحداث القطيعة والإقبال على عمل جديد. والحركة ما تزال مضروبة ومواجهة وملاحقة فيصبح من غير المسؤول التصرف في ذلك الوقت تصرفا يربك الناس نفسانيا واجتماعيا وسياسيا. ولا الظرف السياسي في ذلك الوقت يستدعي مثل هذا السلوك لأنّه كان من الممكن أن يفهم منه على أنّه استعانة للتغلب على طرف آخر هو الطرف المضطهد. ولكن هذا لا يمنع أنّي فكرت ولا أزال بصدد التفكير في تصوّر خلاصته كيف يمكن للجسم الإسلامي بصفة عامّة أن يأخذ موقعه ويكون عاملا إيجابيّا لتطوير الحياة العامّة. ولا أزال بصدد بلورة هذا التصوّر لإيماني بأنّ جسم الحركة الإسلامية لا بد أن تكون له مساهمة تقوم على المشاركة والحوار مع الآخر ويكون بالتالي عامل إثراء وإيجاد تجربة يمكن أن تكون نموذجا في منطقتنا. كلمة: قامت حركة النهضة بمراجعات وتقييمات لخطها السياسي تسير في اتجاه السلوك السياسي الذي اخترتموه، هل تعتقد أن حركة النهضة تستجيب اليوم في اختياراتها السياسية للاختيارات التي عبّرتم عنها ؟ البلدي : في تصوري أنّ الحركة الإسلامية سواء حركة النهضة أو أنا ومن يؤمن بنفس أفكاري أو غيره داخل المنظومة الإسلامية لم تتح لها الفرصة كي تعبّر بكل حرية وبكل تلقائية ومسؤولية عن قناعاتها ووجهات نظرها في مختلف النواحي لأنّها ما تزال تعيش الملاحقة والمتابعة. فما يصدر من هنا أو هناك لا يرقى إلى العمل الناشئ في وضع طبيعي إذ هو محكوم بالتضييق والملاحقة والمتابعة وجملة أشياء أخرى داخلية تجعل المواقف غير معبّرة كما ينبغي. أنا في فهمي أنّ المطلوب هو أن يفكّر الإنسان بصوت عال. وهذا غير متاح. أنا لو تتاح لي فرص التعبير في الجرائد اليومية لعبّرت عن وجهة نظري وجعلتها عرضة للنقد والتصويب… ورغم العمل الجليل الذي قام به الإنسان في 1991 والذي كان من شأنه أن يستهدف إيقاف النزيف وإيقاف التدهور وإيجاد فرصة حتى يبقى مجال للحديث بين الطرفين المتخاصمين، رغم ذلك بقيت محل متابعة وتضييق. كلمة : يبدو أنّ السلطة قد راهنت على الشق الذي تمثلونه عندما فكرت في حضور قادم للحركة الإسلامية هل حصل ما يؤكد هذا ؟ البلدي: أبد، عمليا لم يحصل، هذا قد تكون وجهات نظر. كل ما حصل هو حديث عن ترك المجال للنشاط في مجال الرزق فحسب. وأنا محروم منذ 1984 من جواز السفر وكانت آخر مناسبة طلبت فيها جواز السفر عام 2002. كلمة: ما هي أنواع الملاحقات التي تعرضت لها ؟ البلدي: عشت سنوات طويلة يُساءل فيها التجار الذين أتعامل معهم بالإضافة إلى المراقبة الدائمة على منزلي إلى درجة أنّي حكمت على نفسي بالعزلة حتى لا يتأذّى الآخر. كلمة: هناك من يطرح اليوم من داخل حركة النهضة مشروعا جديدا هو التفريق بين العمل السياسي الحزبي والعمل التثقيفي الديني أي أن توجد حركة إسلامية ثقافية ويوجد عمل سياسي تنظيمي، ماهي رؤيتك لهذا المشروع ؟ البلدي : الحركة الإسلامية لم تعد مكسبا خاصا لأصحابها هي مكسب للبلاد ولذلك فالحوار فيها أو داخلها أو من حولها ينبغي أن يتعلق بالبلاد ككلّ. فالحركة الإسلامية يمكن أن تكون عامل تطوير إيجابي جدّا للبلاد إذا توفرت لها فرص التعبير عن نفسها بشكل قانوني عادي بقطع النظر عن الشكل إذا توفرت لها طرق تعبير متنوّعة تجعلها تشارك المشاركة الإيجابية. من يفكّر اليوم أن الحركة الإسلامية عنوان واحد مخطئ ففيها عدة وجهات نظر وداخلها حوار، والمشكل هو أنّ هذا الحوار يتم بحكم الظروف بصوت خافت. وأنا أدعو إلى أن يكون ذلك الحوار بصوت عال. فالشأن الإسلامي لا يخصّ أبناء النهضة أو حزب التحرير أو السلفيين بل يخصّ جميع التونسيّين بقطع النظر عن درجات التزامهم بالدين. كلمة : ندقق السؤال أكثر، هل إنّ الحركة الإسلامية هي بالأساس حركة فكرية اجتماعية واسعة أم حركة سياسية حزبية، هل بينهما تناقض أو يقوم أحدهما بديلا عن الآخر ؟ فاضل البلدي : في فهمي لا بديل لهذا عن ذاك، هناك من يشتغل بالدعوة والبلاد تحتاج أناسا أكفاء ينهضون لمهمّة التوجيه الديني، والسياسي إذا أراد أن يشتغل باللافتة السياسية وهو مقتنع بأنّ ذلك هو الوسيلة للتعبير. المطلوب أن يحصل النضج الكافي الذي من المفروض حصوله لأنّه إذا جاز للحركة الإسلامية في عام 1991 أن تفكّر بتلك الطريقة لم يعد جائزا لها اليوم ولا مقبولا أن تفكر بنفس تلك الطريقة فقد حصلت الآن على تجربة طويلة إلى حدّ ما فيها مخاض كبير يؤهّلها لأن تكون ناضجة للتعامل مع الواقع السياسي والواقع الفكري والثقافي والاجتماعي بطرق أكثر معقولية. كلمة : هل نضجت لحركة النهضة اليوم الظروف ذاتيا وموضوعيا داخل البلاد للدخول في تحالفات سياسية وتأسيس مشروع سياسي، وهل توفرت المراجعات وظروف الفهم الكافية لذلك؟ فاضل البلدي : لا يمكن القول إنّه توفرت حقا الظروف سواء لحركة النهضة أو لغيرها فما تزال تعيش ظروف القمع والملاحقة وعدم القبول بها كجسم والاقتناع بأنّها يمكن أن تكون معطى إيجابيّا في الحياة العامة يفسح لها المجال. وهذا لا ينفي عنها مسؤوليتها هي لمحاولة الفعل إذا استحال توفر الظروف، فليس هناك ما يمنع من التعبير ومحاورة الناس والكتابة والمساهمة في إيجاد وعي بالراهن. كلمة : ما هو مدى مشروعية دخول النهضة اليوم داخل البلاد في التزامات فكرية وسياسية مع محيطها السياسي ؟ فاضل البلدي : نعم يتوفر الآن ما يسمح بالقيام بذلك وبالتعبير عن القناعات وممارسة بعض أنشطتها. نحن دائما متورطين- ربما بفعل الإرث التاريخي- في كوننا قلّما نتّهم أنفسنا ونتحدّث عن عجزنا، فلا نهتدي إلى الأساليب الموصلة. ومعارضتنا عموما دائما تتهم السلطة أو النظام العالمي فدائما تلقى المسؤولية على الآخر دون اتهام الوسائل الذاتية. كلمة: أنت قيادي من عائلة سياسية إسلامية أبناؤك عاشوا معك هذه الظروف واليوم أحد أبنائك موجود في السجن بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب. كيف حصل أنّ ابنك متهم بالتطرف السياسي رغم أنّ اختيارك هو اختيار الاعتدال والحضور السلمي في المجتمع ؟ البلدي: أنا بالأساس رجل تربية وبالتالي فقد حرصت في تربيتي لأبنائي أن أحاورهم وأبعدهم عن كل تطرف وأن لا يعتبروا مثالي أنا من ضغوط مسلطة كأحد المبررات للنقمة على الآخر. لكنّ الأبناء ليسوا آلات بل هم متفاعلون نفسانيا واجتماعيا ويعيشون مع محيطهم. وبالتالي فإنّ الابن عندما يرى أباه محل متابعة وملاحقة وربما عندما يطلب طلبات لا يقع تلبيتها ليس بسبب عجز والده ولكن بسبب الظروف الصعبة التي يعيشها. وبين الحين والآخر يشهد هجوما على البيت من قبل أعداد غفيرة من البوليس، أو حين يخرج من البيت صباحا فيرى سيارة رابضة تنتظر والده، بالضرورة سيعيش أوضاعا نفسية غير عادية. وأنا كنت أشعر أنّه أبنائي قد يفكّرون يوما ما في الانتقام وحرصت على أن أربيهم على أن لا يسيروا في ذلك الاتجاه. كلمة : كيف أفلت منك ؟ البلدي: بحكم عدم توفر أجواء عادية في البيت ولا في المدرسة ولا في الشارع فهم عرضة إلى أن ينحرف بعضهم في اتجاه المخدرات وفي اتجاه الانحلال الأخلاقي والانحراف بصفة عامة أو يتديّن ويتّجه إلى المسجد، وحتى إذا ذهب إلى المسجد في غياب جهات واعية تحسن تعليم الدين فهناك مخاوف أيضا. وأنا من خلال معايشتي لأوضاع الناس وتنقلي في كل الأحياء والأماكن أعاين حجم معاناة الأسرة التونسية فجميع الناس يخشون على مستقبل أبنائهم وعلى مستقبل تونس، خشية من الانحراف نحو جهتين ولذلك مهما بلغ الإنسان من جهد يبقى أبناؤه عرضة لأشياء تتسرب إليهم من الوسط الآخر. أنا عندما رأيت ابني قد أقبل على التديّن سُررت لذلك لأنّه ضمانة لأن لا ينحرف. وكنت مرتاحا لذلك ولم يدر في خلدي أنّه قد يتأثّر بوجهة نظر أخرى غير التي ربّيته عليها. فقد وفّرت له الحوار والكتاب… وخاصّة أنّه من الأوائل في امتحاناته ويدرس في مؤسّسة محترمة جدّا وهو على وشك التخرج وكنت أحيانا أنبّهه إلى أنّ النظام قد لا يصل معي إلى شيء فمن الممكن أن يأتيني من جهة أبنائي. وأدعوه إلى أن يكون يقظا حتى لا أؤت من جانبه. وأنا أوجّه صيحة فزع إلى المجتمع والمثقفين، أقول إنّ مستقبل تونس ليس بمأمن من الهزّات. فإن كنّا مسؤولين آباء ورجال تربية ومثقفين وسياسيين وحريصين على تأمين مستقبل أفضل لأبنائنا فليس ذلك بالرفاه المادي فقط بل بتوفير الفكرة والتربية التي يكون بها قادرا على دفع البلاد نحو الاتجاه الصحيح وتحقيق ما لم نستطعه نحن. كل الناس يعيشون مشكلات في بيوتهم، في حي الغزالة مثلا مقرّ سكناي جلّ المتساكنين هم من النخبة من صحافيين وأساتذة جامعيين وأطباء ومحامين، أبناؤهم يعيشون بلا دار ثقافة ولا نادي، لا يوجد سوى المقهى وأشياء أخرى… فأين سيجد الشباب من يوجهه ؟ لقد وجد ابني نفسه مدفوعا دفعا- الله أعلم من وجّهه هذا الوجهة – وأنا لم أعرف بعد ذلك فحول الموضوع نقاط استفهام لم أجد الإجابة عنها. كلمة: كم عمره عند إيقافه ؟ فاضل البلدي: 21 سنة بقيت له سنة على التخرج. كان مهتمّا بدراسته ويطلب منّي البحث له عن مواطن للتربّص للحصول على مؤهّل. كان يدرس في شعبة الإعلامية الهندسية ويشرف على أحد النوادي في المعهد الوطني للدراسات التطبيقية بالشرقية. وبشكل مفاجئ أباغت بأنّه انقطع عن الدراسة. هو يقول لي إنّه سافر للبحث عن إمكانية مواصلة دراسته خارج البلاد. كلمة: هل أعلمك بسفره ؟ فاضل البلدي : لم يكن لي أي علم بذلك. لم يعد إلى المنزل فانتظرت يومين أو ثلاثة ثم توجهت إلى مصالح الأمن أسأل عنه. وبعد فترة علمنا أنّه جيء به من الجزائر. حتى زرته في السجن. كلمة : هل سافر لوحده أم مع مجموعة ؟ و ماذا نسب إليه ؟ فاضل البلدي: سافر مع شخص آخر. بعد أن أنهى الامتحانات. بجواز سفر عادي. اتهم بأنّه يؤمن بالفكر السلفي-وهذا أنا شخصيا غير مقتنع به- وأنّه فكّر في الالتحاق بمجموعة سلفية ليتوجه للجهاد في العراق. كلمة: هل صرح لك بأنّ له قناعات سلفية ؟ فاضل البلدي: أبدا وما رأيت يوم ما يدلّل على هذه القناعات. كلمة: هل فكّر فعلا في الالتحاق بالعراق؟ فاضل البلدي: هذا ما يعود بنا إلى عمق القضية التي لم تعد تخصّني أنا بل أصبحت تتعلق بالآلاف. ونسمع بين الحين والآخر بأنّ هناك تونسيين ماتوا في العراق وآخرين في سوريا بحيث أصبحت ظاهرة. فالشباب العربي والإسلامي يعيش الآن ظروفا صعبة، خاصة وأنّ العالم أصبح قرية صغيرة بواسطة الهوائيات والانترنت التي وفّرت المعلومة بأسهل السبل وفي أسرع الأوقات. وهذا الشباب يعيش مشكلات نفسية حقيقية فهو يواكب يوميا ما يحدث في العراق وفي فلسطين وفي أفغانستان من قتلى وجرحى وتدمير يشعر بالاعتداء على أمّته… ربّما نحلل نحن ذلك فنرجع الأمر إلى إسرائيل أو الهجمة الأمريكية ونرى أنّ طريقة الموجهة لا تكون كما ذهبوا إليه، غير أنّ الشاب بحماسه وقوّته وغليانه لا أستغرب منه اختياره هذا. وأذكر خلال الحرب الأولى في 1991 عديد التونسيين رغبوا في التطوّع للعراق وكذلك في عام 2003… هناك حقيقة موجودة على الأرض فمثلما نجد شبابا همّه البحث عن شغل في أوروبا والهجرة غير الشرعية وربما يموت في البحر من أجل الظفر برحلة وإقامة في أوروبا، نجد شبانا آخرين يعيشون معاناة نفسية أخرى بسبب « تخلفه عن الجهاد ». هذا ما يجب أن نجد له تفسيرا لا تبريرا. ولذلك السلوك الذي سلكته السلطة اليوم عبر الإيقافات الاحتياطية وبالجملة، هو سياسة خاطئة فالمطلوب الآن هو إيكال الموضوع للعقلاء من سياسيّين ورجال فكر ورجال دين وعلماء اجتماع وعلماء نفس لمحاولة فهم أسباب هذا الجنوح في التفكير. الشاب الذي يتجه اليوم إلى الجامع ويجد إماما يحدّثه عن الحيض والنفاس… سوف يقول في أحسن الأحوال إنّ صلاة الجمعة فريضة نكتفي بحضورها على هذا الأساس. لا يجد الشاب اليوم في الإعلام التونسي ولا في المسجد ما يجيب على تساؤلاته ولا يجد دور ثقافة ولا دور شباب ولا مسرح أين سيذهب ؟ في السابق أنا كنت أقرأ الكتاب أمّا اليوم فأمام الشاب اتصال سهل جدا بالمعلومة. ثم وهذا هو الأخطر إن قمنا بعملية إحصاء للشباب الذي توجّه في ذلك المنهج سنجده في أغلبه من الكليات العلمية قليل التعاطي مع النص العربي وفهمه… الدولة تخطئ اليوم عندما تسجن هؤلاء الشبان، يجب عليها أن توكل الأمر إلى أهل الاختصاص. كلمة: هل تشعر بأنّ ابنك أصبح غريبا عنك ؟ فاضل البلدي: أبدا هو لم يتغيّر في سلوكه أو فكره أو في علاقتي به ما حدث هو أنّه صادف أن وجد نفسه في السجن ويشعر بمعاناتي أنا، ربّما كان عند سجني في 1987 صغيرا لا يدرك الأمور واليوم أصبح يرى معاناة والديه بسبب مشكلة لا يدرك كيف حدثت له. (المصدر: مجلة « كلمة » (اليكترونية شهرية – تونس)، العدد 52 لشهر أفريل 2007) الرابط: http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=514


النظام التونسي ومساجين قوانتنامو

 
صــابر التونسي بعد أن أكدت الأخبار وجود مجموعة من الشباب التونسي في معتقل قوانتنامو ووردت الصور التي تؤكد أن ممارسات الجنود الأمريكان تثبت أن ثقافة رعاة البقر ثقافة أصيلة لديهم ومتغلغلة في نفوسهم كما بينت أنهم خير خلف لأسوء سلف، فهم يعاملون أسراهم كما كان أجدادهم العنصريين يعاملون العبيد « الآبقين » دون رحمة أو شفقة! وهم مستعدون لتطهير العالم من « الإرهابيين » الإسلاميين كما طهر آباءهم القارة الأمريكية من إرهاب « الهنود » الحمر! بعد التحركات الحقوقية عُرف عدد المعتقلين التونسيين وأسماءهم كما عرف أن ملفاتهم خاوية من أي إدانة رغم التحقيق المستمر معهم أسبوعيا طيلة سنوات اعتقالهم وقد نُقل إلينا أن بعضهم يؤخذ للتحقيق ليُجرى معه دردشة عامة من قبيل الحديث عن الطقس دون توجيه أي تهمة!! وقد رَجُح أن الإدارة الأمريكية عازمة على إطلاق سراحهم، ورغم أن الخبر مفرح ـ من وجهة نظر إنسانية على الأقل ـ إلا أنه قد كشف عن مأساة حقيقية وهي أن السلطة التونسية لم تكن ترغب في أن يكون لتونس نصيب من معتقلي قوانتنامو لأنها قد « ربت » أبناءها « أحسن » تربية مما يحصنهم من الوقوع في « الغلو أو الإرهاب أو التطرف » ولكن المشروع الذي سعت « تونس » لتصديره للعالم قد فشل وبدأت نتائجه العكسية تظهر وهو ما لا تريد السلطة أن تعترف به. ولذلك تجاهلت السلطة التونسية أمر المعتقلين التونسيين في قوانتنامو ولم تطالب باسترجاعهم كما فعلت غالبية حكومات العالم مع أبنائها، ولو أنهم استطاعوا إنكارهم لفعلوا دون تردد! وقد صمتت السلطة التونسية طويلا على هذا الملف مؤملة أن يطوى بإعدامهم أو انتحارهم أو موتهم أو أن يبقوا في المعتقل الأمريكي إلى الأبد!! ومع بروز القضية حقوقيا وإعلاميا ورجحان إطلاق سراحهم، أُعدت لهم أحكاما مسبقة تتراوح بين العشرين والأربعين سنة سجنا، وهذا على الحساب حتى نستلم « الكتاب »! مأساة هؤلاء أنه لا وجود لجهة عالمية تقبل بإيوائهم فشبهة الإرهاب عالقة بهم، ونحن نعيش في الزمن الأمريكي حيث اصطفت غالبية دول العالم إلى جانب « أمريكا » بوش الأصغر في الحرب المزعومة على الإرهاب بل ويزايدون عليه في ذلك! وأما وطنهم الذين هم جزء منه ولهم فيه نصيب ـ كائنا ما كان منهم ـ فلا سبيل إليه لأن سلطتنا « أمريكية » أكثر من الأمريكان أنفسهم بل ورائدة في حربها على « إرهاب » المخالفين!! وإذا كان القضاء الأمريكي لم يجد ما يدين به هؤلاء، فقضاؤنا ملتزم بالمصلحة العليا ويعمل وفق الطلب وحسب التعليمات « العَلَوِيَة »!! إذا سلّمنا وسلّمت معنا السلطة التونسية بأن هؤلاء الشباب لم يرتكبوا جرائم على أرض تونس وأن « جريمتهم » أنهم و جدوا بقصد أو بغير قصد في مكان مواجهة بين أمريكا وأعداءها، وأن أمريكا قد قبضت عليهم وعاقبتهم ونالت « حقها » منهم دون أن تستشير أيٍّ من حكوماتنا أو تضع له اعتبارا، فما الذي يحمل السلطة التونسية على مزيد التنكيل بهم وبأهاليهم لأجل عيون أمريكا!! مأساة الأهالي أشد ومعاناتهم أمر (واسأل به خبيرا) فلعلهم بعد أن تعودوا على فراق أبنائهم بانقطاع أخبارهم، احتسبوهم عند الله وبدأ الجرح يندمل، وإذا به ينفجر من جديد بعلمهم أن أبناءهم « أحياء » في قوانتنامو ولكن لا سبيل إليهم! ما الذي ستخسره « تونس » لو أنها سمحت بعودة هؤلاء إلى وطنهم وأهاليهم دون محاسبتهم على ما كان منهم وفتح المجال أمامهم للاندماج من جديد في حياة « طبيعية » وأن لا يحاسبوا إلا على ما يكون منهم مستقبلا ولـ « تونس » ما يكفي من البوليس للقيام على المهمة. أليس العفو عن المعتقلين بقوانتنامو أهمّ بكثير من الدعاية الإعلامية التي أثيرت من أجل أن « سيادته » قد أمر ببناء منزل لأسرة منكوبة (على ما في الأمر من أهمية)؟ أو أنه قد أمر ممثله الشخصي لينوب عنه في زيارة « معارض » تعرض لوعكة صحية؟! إنني لما علمت بوضعية هؤلاء الشباب وجدتني مضطرا للمقارنة بينهم وبين حالات مشابهة من مثل حالة الشاب التركي الذي يقيم بألمانيا مراد كونراز الذي اعتقل في باكستان ثم رحل إلى قوانتنامو حيث بقي هناك أربعة سنوات ثم أطلق سراحه أواخر 2006 بتدخل مباشر لدى بوش الأصغر من المستشارة الألمانية ميركل التي استجابت لرسالة من والدته!! ثم تبين بعد خروجه أنه اعتقل ظلما وأن الأمريكان عرضوا إطلاق سراحه على المخابرات الألمانية منذ بداية اعتقاله ولكنهم رفضوا بدعوى أنه يشكل خطرا على ألمانيا! وهو الآن يطاردهم ويطارد الوزير المسئول آن ذاك وكل وسائل الإعلام تتبنى مظلمته وتتنافس عليها! وهو يقتحم مراكز السيادة الألمانية بلحيته التي تغطي كامل صدره دون أن يمنع من دخول برلمان أو وزارة!! وهو فعلا محظوظ لأنه لو كان « عندنا » لأشعلوا النار في لحيته وهو ينظر ولو أنه خرج من جلده ما اعترف ببراءته أحد. ونفس الأمر حصل مع خالد المصري، وهو شاب لبناني حاصل على الجنسية الألمانية، أختطف خطأ ثم تبينت براءته وأطلق سراحه ولكن بعد أن تعرض للتعذيب والإهانة وهو الآن يطارد الأمريكان والمخابرات الألمانية ويطالب بالتعويض ويجد كل الدعم وليس هناك من ينكر عليه حقه!! ولو كان « عندنا » ما شفع له شعره الطويل الذي يربطه على شكل ذيل حصان! (كذلك تسمى نوعية مشطته) ولاعتبر « رجال أمننا » ذلك مجرد تمويه لدفع تهمة الإرهاب عنه!! هكذا تعاملت ألمانيا مع شاب تركي مقيم على أرضها وكذا تعاملت مع شاب عربي حاصل على جنسيتها، وكذا تعامل « تونس » أبناءها! ومن لا يخشى المحاسبة يفعل ما يشاء وكذا من لا يستحي، ولهذه الأسباب تكون قوانتنامو وجنود بوش الأصغر أرحم من « زيناموا » و « رجاله »!! أعاذنا الله وإياكم من « زينامو » وقوانتنامو! وتصبحون على وطن يسع كل أبنائه! (المصدر: مجلة « كلمة » (اليكترونية شهرية – تونس)، العدد 52 لشهر أفريل 2007) الرابط: http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=509


 

الشباب التونسي والبعد الديني من خلال نتائج « المرصد الوطني للشباب »

 
 
سامي نصر أصدر المرصد الوطني للشباب في مارس 2006 بعض النتائج الإحصائيّة لدراسته الميدانيّة التي قام بها في مطلع صائفة 2004 في ثلاث مناطق متباينة من حيث تركيبتها السكّانية ومستوى معيشتها، وهي المروج والمنزه وحي التضامن، وشملت عيّنة البحث 2000 شاب وشابة. وبلغت أسئلة الاستبيان 65 سؤالا متعلّقة كلّها بالممارسات الثقافيّة والتعبيرات المستحدثة لدى الشباب. ونظرا لأهميّة البعد الديني لدى الشباب التونسي خاصة في السنوات الأخيرة، فإنّنا سوف نحاول في هذه الورقة الاقتصار فقط على هذا البعد، وتقديم بعض الملاحظات التي رأينا في عرضها شيء من الأهميّة: ** الشباب التونسي والابتعاد عن الموسيقى الدينيّة سجّلت نتائج البحث انخفاض نسبة الاهتمام بالموسيقى ذات البعد الديني والتي لم تتجاوز الـ 2.60% من جملة نوعيّة الموسيقى والأغاني التي يهتمّ بها الشباب واحتلّت بذلك الرتبة قبل الأخيرة (بعد الموسيقى السياسيّة والملتزمة 1.26%). ويمكن إرجاع هذا الانخفاض إمّا لغياب البعد الديني لدى الشباب التونسي، أو لحالة الخوف التي يعيشها المواطن التونسي بصفة عامة، خاصة وأنّ القائم بالبحث بدأ استبيانه بهذا السؤال بحيث من غير الممكن أن يحصل ارتياح بين الباحث والمبحوث في بداية البحث مهما كانت مهارة الباحث ومهما بلغت تلقائيّة المبحوث، وإمّا لخطأ وارد في صياغة السؤال والذي لم يترك للمبحوث هامش حريّة اختيار أجوبته بل حدّدت له جملة من الاقتراحات من قبل الباحث. ** التناغم بين الارتقاء الاجتماعي والاهتمام بالبعد الديني على عكس تقوله بعض النظريات والتوجّهات الفكريّة التي ترى أن الاهتمام بالبعد الديني لا يكون إلاّ في المناطق الشعبيّة والفقيرة، وأنّ الظاهرة الدينيّة لا نكاد نجد لها أثر في المناطق الراقية، سجّل استطلاع الرأي لدى الشباب التونسي نتائج مناقضة تماما لهذا التوجّه، إذ احتلّت منطقة المنزه المرتبة الأولى في الاهتمام بالموسيقى الدينيّة بنسبة 2.04% ثم تلتها منطقة المروج (1.36%) وفي المرتبة الأخيرة نجد منطقة حي التضامن (من أكثر المناطق شعبيّة وفقرا في تونس) في المرتبة الأخيرة ولم تتجاوز نسبة الاهتمام بالموسيقى الدينيّة الـ1.5%. ** النضج يسير باتجاه الاهتمام بالبعد الديني نلاحظ من خلال نتائج المرصد الوطني للشباب أنّه كلّما ارتفع معدّل السنّ لدى الشباب كلّما زادت نسبة اهتمامه بالبعد الديني والذي تجسّد في الموسيقى الدينيّة، فبالنسبة لمعدّل السن بين 15 و19 سنة لم تتجاوز نسبة الاهتمام بالموسيقى الدينيّة الـ 1.46%، ثم تبدأ النسبة في الارتفاع مع معدل السن 20- 24 سنة لتصل إلى 2.05% ثم ترتفع أكثر مع معدّل السن 25 – 29 حيث بلغت نسبة الاهتمام بالموسيقى الدينيّة الـ3.62%، ثم مع أعلى نسبة في معدل السن (30-34 سنة) بلغت النسبة أقصى درجاتها لتصل 4.61%. وفي الاتجاه المعاكس نجد الموسيقى الشرقيّة الخفيفة (التي احتلّت المرتبة الأولى في الاهتمام الشبابي) حيث لاحظنا انخفاض نسبة الاهتمام بها كلّما ارتفع معدّل السنّ. مصادر الثقافة الموجّهة لدى الشباب التونسي عبّر الشباب التونسي من خلال نتائج استبيان المرصد الوطني أنّ المصدر الرئيسي الموجّه لممارساته الثقافيّة والتعبيريّة تتجسّد في الفضائيات وتحديدا القنوات العربيّة والتي بلغت نسبة 54.11%، مع تفوّق ملحوظ للإناث (59.84%)على الذكور. ** إقبال ملحوظ للشباب التونسي على الكتب الدينيّة احتلّت الكتب الدينيّة المرتبة الخامسة (10.14%) من جملة أصناف من الكتب المعروضة عليه في الاستبيان، بحيث تفوّقت على كل من الكتب الشعريّة والموسوعات والكتب الفنيّة والكتب التقنيّة والمسرحيات. كما احتلت المرتبة الرابعة من بين الكتب التي يشتريها الشباب التونسي من معرض الكتاب. ** عزوف الشباب التونسي عن الخطاب الديني الرسمي عبّرت نتائج استطلاع المرصد الوطني للشباب عن عزوف الشباب التونسي عن الخطاب الديني الرسمي، وذلك من خلال نتائج الأجوبة عن الموضوعات التي يطالعها في الصحف التونسيّة حيث لم تتجاوز نسبة الاهتمام بهذا الركن الـ 0.11% واحتلّت المرتبة الحادية عشرة. أمّا بالنسبة لأماكن الترويح عن النفس فقد احتلّ الجامع المرتبة الأخيرة بنسبة 0.13% (رغم أن الجوامع أصبحت اليوم مكتظّة بالفئات الشبابيّة)، من قائمة تتضمّن 16 مكانا للترويح. ولهذا التصريح أكثر من دلالة، وأكثر من تفسير. فالجامع كمصدر رسمي للثقافة الدينيّة غير مرغوب، بل تقتصر مهمّته على أداء الصلاة أو مناسبة للالتقاء ببعض الأصدقاء هناك، أمّا مصدر ثقافة هؤلاء الشباب فإنّ الفضائيات والانترنت تتكفّل بذلك. (المصدر: مجلة « كلمة » (اليكترونية شهرية – تونس)، العدد 52 لشهر أفريل 2007) الرابط: http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=513

«فاتورة» شراء «وكالة القاعدة» في المغرب العربي

 
لندن – كميل الطويل     لم يشكّل التفجيران اللذان شهدتهما العاصمة الجزائرية أمس مفاجأة كبيرة لمتتبعي نشاط «الجماعة السلفية للدعوة والقتال». فقد كانت أجهزة الأمن تتوقع، بلا شك، عملاً ما ضخماً تقوم به الجماعة منذ مطلع السنة عندما غيّرت إسمها إلى «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». ويقول راصدون لنشاط «الجماعة السلفية» إن محاولتها القيام بعمليات ضخمة، سواء في الجزائر أو خارجها، كان أمراً حتمياً، على أساس أنه جزء من «الثمن» الذي يترتب عليها «دفعه» لـ «القاعدة الأم» لقاء منحها «الوكالة الحصرية» لتمثيل «القاعدة» ليس فقط في الجزائر بل في سائر المغرب العربي. وقد بدأت «الجماعة السلفية»، على ما يبدو، في دفع «فاتورة» التحالف ثم الانضمام إلى «القاعدة» منذ أكثر من عامين، عندما تولت شبكات مناصريها تسفير «متطوعين» إلى العراق للقتال إلى جانب «القاعدة في بلاد الرافدين» بقيادة «أبو مصعب الزرقاوي» آنذاك (الذي كان بدوره أول من اشترى في العراق «وكالة» لـ «القاعدة» خارج مناطق نفوذ التنظيم الأم على الحدود الأفغانية – الباكستانية). ومع تطوّر العلاقة بين «الجماعة السلفية» و «القاعدة الأم» – وتحديداً مع الرجل الثاني فيها الدكتور أيمن الظواهري – بدأ الجزائريون يزيدون من وتيرة عملياتهم داخل البلاد، بعد فترة من الهدوء النسبي المرتبط إلى حد كبير بسياسات المصالحة التي اعتمدها الحكم إزاء المسلحين في الجبال والتي أدت إلى نزول أعداد منهم وتسليم أنفسهم للاستفادة من العفو. ومع ظهور مؤشرات، في نهاية الصيف الماضي، إلى أن «الجماعة السلفية» ستنضم إلى «القاعدة» وليس فقط ستتحالف معها، بدأ نشاط التنظيم الجزائري يرتفع في شكل لافت، وبدأت عملياته تأخذ طابعاً مميزاً لجهة نوعيتها – تصوير الهجمات في كاميرات وبثها في سرعة عبر شبكة الانترنت – وطبيعتها – استهداف الغربيين العاملين في قطاع النفط والغاز في الصحراء. ومع إعلان الدكتور الظواهري و «الجماعة السلفية» رسمياً أن الأخيرة صارت اعتباراً من مطلع هذه السنة الفرع المغاربي لـ «القاعدة»، بدأت الأجهزة الجزائرية والأوروبية تستعد لإمكان قيام «القاعدة الجزائرية» بعمل ضخم يؤكد موقعها كممثل وحيد للتنظيم في منطقة عملها (المغرب العربي) وربما أيضاً في خارجه. وفي هذا الإطار بدأت الأجهزة الأمنية تدرس سيناريوات مثل هذا العمل «الضخم»، وكان أحدها إمكان قيامها بعمل ما في فرنسا عشية الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل، على غرار «عملية مدريد» التي سبقت بأيام الانتخابات الاشتراعية الإسبانية في 2004. لكن الأجهزة الأمنية رجّحت أن تصعّد الجماعة الجزائرية نشاطها في البداية في داخل الجزائر نفسها (قبل فرنسا)، على أساس أن ذلك أسهل لها. وقد ثبت هذا الاتجاه إلى التصعيد في الجزائر فعلاً في شباط (فبراير) الماضي عندما استطاعت الجماعة تفجير عدد كبير من السيارات المفخخة في وقت متزامن أمام مقرات أمنية وفي أكثر من منطقة. لكن تلك التفجيرات لم توقع عدداً كبيراً من القتلى. ثم اكتشفت أجهزة الأمن محاولة مزعومة للجماعة لإطلاق صاروخ ضد طائرة تُقل عمالاً أجانب، وهو ما كان سيشكّل عملاً ضخماً بالفعل في حال حصوله. وفي نهاية الشهر الماضي ومطلع الشهر الجاري، بدا أن أجهزة الأمن لم تعد تستطيع منح الجماعة مزيداً من الوقت لتحضير ضربتها المقبلة، فقررت شن هجوم ضد معقلها في جبال ولاية بجاية (شرق العاصمة). وشنت قوات الأمن فعلاً هجوماً كبيراً ضد معاقل الجماعة، لكنها لم تستطع أن تحقق، كم يبدو، أهدافها الأساسية (إذ لم يُقتل أحد بارز من قيادة «القاعدة»). بل على العكس من ذلك، استطاعت الجماعة، كما تُظهر تفجيرات الأمس، اختراق أمن العاصمة الجزائرية والوصول إلى مقر رئاسة الحكومة نفسها، مستخدمة للمرة الأولى في هجومها هذا «انتحارياً»، في تكتيك يبدو مألوفاً في العراق وأفغانستان وحتى المغـــرب لكنه غريب عن الجزائر بلا شك. (المصدر: صحيفة الحياة (يومية – الرياض، لندن) الصادرة يوم 12 أفريل 2007)


الباحث الفرنسي فرانسوا بورغا لـ آكي:

تفجيرات الجزائر نتيجة خلل في الأنظمة السياسية

 باريس (12 ابريل/ نيسان) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء – قال الخبير الفرنسي فرانسوا بورغا المتخصص في الشؤون الإسلامية إن التفجيرات التي ضربت العاصمة الجزائرية أمس لم تكن « مفاجأة »، واستبعد أن تكون سياسة المصالحة التي يتبعها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليفة وعفوه عن 3000 من الإسلاميين المعتقلين شجعت على هذا النوع من الأعمال. واعتبر بورغا في مقابلة مع وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء أن ما قام به النظام الجزائري لدى عفوه عن الإسلاميين لم يكن « مصالحة »، بل « عفو ذاتي من قبل النظام نفسه »، موضحا أن النظام نفسه متهم بالتورط في أعمال العنف التي ضربت الجزائر خلال العقد الماضي، لكنه شدد على وجود مجموعات مسلحة في الجزائر والمغرب قررت محاربة الأنظمة السياسية وحلفائها، مستبعدا أي علاقة للنظام مع هذه المجموعات. ورأى بورغا أن ما يمكن أن يصالح الشعب الجزائري مع نفسه هو كتابة صفحة التاريخ المتعلقة بأعمال العنف، وتحديد مسؤولية كل طرف عن العنف الذي عانت منه الجزائر خلال سنوات التسعينيات من القرن الماضي. وقال « ما حصل هو عفو ومنع أي لجنة تحقيق قد تشير بإصبع الاتهام إلى النظام، فقانون العفو يعمق مشاعر الغبن لدى الجزائريين ». ووضع مدير الأبحاث في (معهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي) التابع لـ (المعهد الوطني الفرنسي للبحث العلمي)، تفجيرات العاصمة الجزائرية وتفجيرات الدار البيضاء أول أمس في نفس « إطار التحليل »، مركزا على ما اعتبره « خللا هيكليا »، يغذي التطرف ويدفع نحو المزيد من العنف، في البلاد العربية كافة وضد المصالح الغربية، موضحا أن فرنسا ليست بمنأى عن هجمات المتطرفين، لاسيما وأنها تدعم الأنظمة العربية « السلطوية »، حسب تعبيره. وأشار بورغا إلى مقاربتين لتحليل ظاهرة الإرهاب أولها هي من نوع « أمني »، تقوم على دراسة الحركات الإسلامية من حيث التمويل والارتباطات والتحركات، وأشار في هذا الصدد إلى البعد الرمزي في تفجيرات الأمس التي وقعت بتاريخ 11 ابريل/نيسان وهو تاريخ تفجير كنيس يهودي في جربة التونسية في العام 2002. ولكن بورغا فضل مقاربة الظاهرة من وجهة نظر « الظروف الهيكلية » الموجودة في الجزائر والمغرب وبقية دول المنطقة، والتي تقود برأيه إلى « تطرف » بعض اللاعبين السياسيين ضد الأنظمة السياسية العربية وضد المصالح الغربية. وضمن هذا الإطار رأى بورغا « نقاطا مشتركة » بين الجزائر والمغرب، واعتبر أن اللاعبين المتطرفين هم نتيجة فشل سياسي على ثلاثة مستويات، يتعلق أولها بما أسماه « النظام الدولي الذي تميزه السياسة الأميركية الآحادية، وخاصة في الشرق الأوسط وعسكرة الدبلوماسية الأميركية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي »، وأشار بهذا الصدد إلى التدخل الأميركي العسكري في العراق، وثاني خلل يتعلق بالصراع العربي ـ الفلسطيني و »عدم قدرة الأسرة الدولية على استعادة حقوق الفلسطينيين والتخفيف من مشاعر الغبن لدى العرب »، أما المستوى الثالث الذي يسهم بإنتاج التطرف السياسي فهو خلل الأنظمة العربية التي تستخدم التعذيب والقمع بدلا من التمثيل السياسي، حسب تعبيره. ووصف مؤلف كتاب (الإسلامية بالمغرب العربي: صوت الجنوب)، الأنظمة السياسية العربية بأنها « بينوشيه عربية »، وقال « خلال العقد الأخير جرى نوع من التنسيق بين هذه المستويات الثلاثة، وقد جرى هذا التنسيق بشكل رمزي في قمة شرم الشيخ عام 1996 في مصر، عندما حددت كل القوى الكبرى في الأرض عدوا واحدا اسمه الإرهاب الإسلامي »، وركز على أن هذا الخلل الهيكلي يغذي جيلا من « اللاعبين السياسيين يعتقد بأن الانتخابات لا يمكنها تغير موازين القوى ولهذا يلجأ هؤلاء إلى العنف كما جرى أمس في الجزائر وأول أمس في المغرب ». ويذكر أن بورغا هو مؤلف عدة كتب عن الإسلاميين، وعن العالم العربي وآخرها هو (لإسلامية في زمن القاعدة)، الذي يسعى فيه إلى التمييز بين « عودة شعبية عارمة لنزعة التدين الإسلامي »، و »مئات الأشكال التعبيرية لأبناء الإسلام في المجال السياسي والاجتماعي »، وينتقد بورغا في بحثه « الخيار الأمني » للغرب والحكومات الموالية له في مواجهة التشدد الإسلامي، معتبرا أنه خيار فاشل لا يختلف عن خيار المتطرفين الإسلاميين. ويتساءل هل صحيح أن العالم دخل بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول في مواجهة بين أنصار « الحرية » أو « التسامح » والمدافعين عنها من جهة، والتهديد « الإرهابي » لـ »التطرف » الإسلامي؟  ويرى أن تمرد القاعدة في جوهره سياسي أكثر منه ديني، وأن « التطرف الإسلامي » يجر وراءه قليلا من التشدد الديني والظلامية، بقدر ما يجر كثيرا من الدفاع، غير المشروع أحيانا، عن المصالح السياسية والاقتصادية المغلفة بتعبيرات الهوية والانتماء الديني. (المصدر: وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء (روما – إيطاليا) بتاريخ 12 أفريل 2007) الرابط: http://www.adnki.com/index_2Level_Arab.php?cat=Security&loid=8.0.403858616&par=0

خبراء يرصدون تقارباً بين المجموعات المسلحة في المغرب العربي

هاني السباعي: ثقل «القاعدة» في الجزائر.. والتفجيرات رسالة «عهد» لابن لادن

  لندن: «الشرق الأوسط» مع إعلان البيت الأبيض خطة لإنشاء قيادة عسكرية موحدة لأفريقيا قبل نهاية2008 ، ستكون مكافحة الإرهاب، من دون شك، إحدى أبرز مهماتها، ومع تقارير غير مؤكدة وغير دقيقة عن تهديد لفرنسا أثناء فترة الانتخابات، تكون الجماعات المسلحة في المغرب العربي، وما لها من علاقات جنوب الصحراء الأفريقية، قد طفت إلى صدارة الاهتمامات، لاسيما بعد خمس سنوات، كانت فيها، على الأقل جغرافيا، في منأى عن أشدّ العمليات العسكرية. ويبدو أن المجموعات المسلحة في المغرب العربي بدأت تتوحد بشكل تدريجي تحت شعارات «القاعدة»، وأصبحت بمثابة تهديد أكيد لدول المنطقة وكذلك لأوروبا وفرنسا على وجه الخصوص. ورغم ان العلاقات بين المنظمات المسلحة المغربية والجزائرية والليبية والتونسية تعود إلى عدة سنوات، فإن مبايعة «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» الجزائرية لتنظيم اسامة بن لادن في يناير (كانون الثاني) الماضي وتغيير اسمها إلى «تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي»، يعدان مؤشراً إضافياً على الاندماج الأصولي في المنطقة. وباتت «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» بمثابة «عراب» المجموعة المسلحة المغاربية بدءاً من «الجماعة المقاتلة الليبية» إلى «الجماعة الإسلامية المقاتلة التونسية» مرورا بالجماعة «الإسلامية المقاتلة المغربية»، مما يعني أن ثمة قوساً بدأ يتشكل. وقال الاسلامي المصري الدكتور هاني السباعي مدير مركز المقريزي للدراسات بلندن لـ«الشرق الاوسط» ان «تفجيرات الجزائر والمغرب رسالة عملية بانهم ماضون على العهد تحت راية بن لادن». واضاف السباعي ان تنظيم القاعدة في المغربي العربي اراد ان يقول بعملياته لابن لادن: «نحن ننفذ ما وعدناك به، واخوانكم أقوياء يستطيعون مواجهة الطواغيت». وأوضح أن فرع «القاعدة» في الجزائر هو الثقل في المغرب العربي لما له من خبرة وعتاد وسلاح، ومعرفة اكبر في التحصن بالجبال والغابات. واعتبر ان وجود «القاعدة» في المغرب وتونس وموريتانيا يعد بمثابة فروع للاصل في الجزائر. واشار الى ان التنظيم اراد بالعمليات الاخيرة ان يقول: «نحن نشن الحرب من باب تغيير المنكر بالقوة». ويعد تنظيم «تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي» بمثابة تهديد مباشر لفرنسا حسب قاضي مكافحة الارهاب الفرنسي بروغيير. وكان السفير الأميركي المتجول المكلف محاربة الإرهاب، هنري كروميتون، قد أوضح خلال مشاركته في مؤتمر إقليمي بالجزائر السنة الماضية أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال أصبحت منظمة إرهابية تقوم بالتجنيد وتنفيذ هجماتها داخل دول المنطقة وخارجها، وأنها تمكنت من تعزيز علاقاتها مع المجموعات الارهابية في المغرب ونيجيريا وموريتانيا، وكذلك في تونس ومناطق أخرى. وتتولى الجماعة السلفية للدعوة والقتال السابقة مهمة التكوين والتدريب داخل معسكراتها وأصبحت بمثابة معبر لإرسال المتطوعين نحو العراق أو أفغانستان. ومعروف ان الجماعة السلفية هي إحدى الجماعات التي تنتمي إلى تيار السلفية الجهادية العالمية، وأصبح اسمها منذ 24 يناير (كانون الثاني) الماضي «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، الأمر الذي ينطوي على تغيير استراتيجيتها في مقاتلة الخصم، المتمثل حسب قناعاتها، في الأنظمة العربية، كما بين الرجل الثاني في «القاعدة» ايمن الظواهري في كتابه «فرسان تحت راية النبي»، الذي نشرته «الشرق الاوسط» منذ اربعة اعوام. وقد انتشرت أفكار السلفية الجهادية بين المغتربين من الجالية المغاربية في أوروبا بشكل ملحوظ، ورحل الكثير من هؤلاء إلى أفغانستان، وقاموا بتأسيس معسكرات تدريب خاصة بهم، وساهموا أثناء الاحتلال الأميركي لأفغانستان بالقتال ضد قوات الحلفاء، وقتل واعتقل وشرد العديد منهم، كما شهدت الدار البيضاء أواخر عام 2003 عدة انفجارات نفذها انتحاريون من أتباع السلفية الجهادية المغربية، قامت السلطات المغربية على أثرها باعتقال المئات ممن ينتمون إلى التيار السلفي، على رأسهم محمد الفزازي، وأحمد رفيقي، والشريف الحسن بن علي الكتاني، وغيرهم ممن لا علاقة له مباشرة بهذه التفجيرات. وتكشف العمليات الانتحارية الاخيرة في المغرب والتفجيرات التي وقعت امس في الجزائر، انه لا يمكن الفصل بين ما يجري في العراق والكثير من دول العالم العربي من ناحية نشوء بؤر التطرف المقترنة بالارهاب. ولا يستبعد خبراء امن غربيون بناء على معلومات جمعوها خلال زياراتهم الى عدد من بلدان المغرب العربي ان يكون تنظيم القاعدة قد كسب ارضية خصبة في الاحياء الفقيرة في تلك الدول حيث يزداد مع الوقت المناصرون لها هناك. فالقاعدة تعمل حاليا على التمركز في هذه البلدان وبناء خلايا اساسية لها لتنطلق من هناك ايضا الى اوروبا، وقد سببت هذه المعلومات القلق لدى دوائر المخابرات السرية الاوروبية. (المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – لندن، الرياض) الصادرة يوم 12 أفريل 2007)


العلمانية المنقوصة و البند الأول من الدستور التونسي

 
بين الحين و الأخر تثار في أوساط النخبة التونسية أسئلة و استفهامات حول دلالة البند الأول من الدستور القائل بأن تونس دولة دينها الإسلام، وﺘذهب بعض التأويلات الحريصة على علمانية الدولة و طابعها المدني إلى أن ﻫذا البند بتنصيصه على دين الدولة إنما ينسف من الأساس الخيار العلماني و يستبقي ظلالا من التدين على كيان سياسي اختارت نخبه الواعية مند البداية و عشية الاستقلال الانخراط في توجه تحديثي يستقي مفرداته من التجربة الغربية بمرجعها الحداثي و أفقها الكوني، في الحقيقة هده التساؤلات لا تنطلق من فراغ، فالبند الأول من الدستور التونسي يطرح إشكالية حقيقية في علاقتها بالصورة العلمانية التي يسعى البعض إلى ترسيخها في نسيج الدولة و المجتمع، و لهذه الإشكالية مستويات يمكن التعرض إلى بعضها على الأقل من زاوية ماهو في سجلات النخبة: ●ثمة من يعتقد بأن البند المذكور مستند دستوري لتسويغ ما كرسته السلطة من تأميم للقطاع الديني الذي يمثل في إطار خصوصية ثقافية معينة قطاعا استراتيجيا ترفض الدولة خصوصصته سواء بدافع حمايته من الاستعمال السياسي أو في مواجهة أي شكل من أشكال الإساءة للمقدس الجماعي، أو لغاية تدعيم شرعيتها في سياق التحوط من المزايدين ممن يتصيدون ما يعتبرونه أخطاء في مجال إدارة الشأن الديني أو ما يرونه تقصيرا في الاهتمام المطلوب بواحد من المكونات الرئيسية للهوية الجمعية. أصحاب هذه الرؤية يعارضون ما يسمونه دولنة الدين أو احتكار المؤسسة الرسمية لتأويله ونشره وتوظيفه، مدافعين عن مقاربة مغايرة تسعى للارتفاع بالشأن الديني عن كل توظيف سياسي ومن ثم إعادته للمجتمع كرأسمال رمزي لا غنى للأفراد و الجماعات من استثماره في المجال الأخلاقي و ألعلائقي. ●من زاوية أخرى، هناك من يرى أن للبند الأول من الدستور التونسي دورا في عرقلة مساعي التحديث الجذري للمجتمع و علمنة بقية مجالاته مثل التعليم و المنظومة العقلانية المؤطرة بين الجنسين، بالاضافة إلى القضايا المرتبطة بحرية المعتقد و حتى بما يتعلق بحق الترشح للمناصب العامة كمنصب رئاسة الدولة الذي يبقى حكرا على معتنقي الديانة الإسلامية دون غيرها… يقدم هذا الطرح تصورا جذريا للعلمانية على نحو يحاكي المثال الفرنسي، و بفعل المقايسة مع الواقع التونسي يسجل أصحاب هده الرؤية ما يعتبرونه علمانية منقوصة في سيرورة التحديث الذي شهدته بلادنا، و يتغذى إصرارهم على الطرح العلماني الشامل من الخوف المتزايد من المد الأصولي في بعض الأوساط الشعبية ، وما يمكن أن يشكله من مخاطر تهدد جديا ما تحقق من مكاسب حداثية في بلادنا و قد تضع في المستقبل حدودا وسدودا دون تعميق التوجه التحديثي و العلماني الذي انخرطت فيه البلاد مند فجر الاستقلال. هذه بعض الإشكاليات التي تثيرها قراءات مختلفة للبند الأول من الدستور التونسي، و الواضح أن الجامع بينها الحرص على ترسيخ العلمانية بصور لم تتفق النخبة على تحديد ملامحها خصوصا بعد تعدد نماذجها و تجاربها في بلدان المنشأ نفسها، ومع ذلك ثمة شيء لا ينبغي أن يغيب عن طلاب العلمانية ودعاتها وهو أن في بلادنا واقع علماني يترسخ يوما بعد يوم، قد لا تكون صورته مكتملة على النحو المطابق للنماذج الجاهزة في بعض الأذهان. ولكن من قال أن المطابقة مطلوبة في هذا المجال أو أن التطبيق المختلف لمبادئ العلمنة و إجراءاتها ليس مناسبا لواقع الحال؟ سليم الزواوي  (جريدة الوحدة ) http://zouaouislim.blogspot.com

الصلح والوفاق في سيرة خير البشر

 
د. محمد الهاشمي الحامدي عرضت حكم ابن خلدون على أصدقائي الذين يخالفونني في الدعوة للصلح والوفاق وتطبيع العلاقة بين السلطات التونسية والإسلاميين فتجاهلوها. وبما أنني ألزمت نفسي بالصبر والمثابرة، فسأعتبر أنهم قبلوا نصائح عبد الرحمن بن خلدون التونسي سرا وصعب عليهم الإقرار بقبولها علنا. جال بخاطري أن أعرض قصة جديدة من قصص سيد البشر: الأسوة الحسنة لكل مؤمن يرجو الله واليوم الآخر، وتوقفت بعض المواقف المؤثرة أيام تحرير مكة، أو فتح مكة كما يسمى في السير، وكنت تطرقت إليها في كتابي عن السيرة النبوية « محمد صلى الله عليه وسلم للقرية العالمية »، فرأيت أنها تصلح للعرض في سياق السجال الجاري هذه الايام حول الصلح والوفاق. * * * في العاشر من رمضان من العام الثامن للهجرة تحرك جيش المسلمين بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم ومقصده مكة المكرمة. استخلف النبي على المدينة كلثوم بن حصين الغفاري، وخرج معه في معركة تحرير مكة عشرة آلاف مقاتل. أين هذا الرقم الضخم من العدد القليل الذي واجه المشركين يوم بدر في رمضان من العام الثاني للهجرة؟ إن ست سنوات من الدعوة والصبر والجهد من أجل العقيدة والحرية ومكارم الأخلاق غيرت موازين القوى تغييرا جذريا في الجزيرة العربية، وستتكرر هذه الظاهرة على المستوى الدولي في السنوات القليلة التي أعقبت وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. أمن وأمن ثم أمن. سلام وسلام ثم سلام. هذه هي رسالة النبي لأهل مكة، وتلك كانت رسالته للناس أجمعين. وظهرت في سلوك النبي صلى الله عليهخ وسلم مع أبي سفيان أيضا لمسة تكريم وتقدير لخصم عنيد، عندما قبل منه الإسلام وجعل بيته أمانا للخائفين. وكثير من القادة السياسيين والعسكريين في التاريخ يميلون إلى إذلال خصومهم إذا قدروا عليهم والتشفي فيهم، لكن النبي لم يكن قائدا مثل سائر القادة، ولا سياسيا مثل سائر الساسة. كان نبيا مرسلا وزعيما فذا نادرا وإنسانا متواضعا على خلق عظيم. * * * أمر النبي عمه العباس أن يقف بأبي سفيان في موضع يرى منه تدفق كتائب الجيش المسلم ليرى حجم القوة التي تنصر الحق والإيمان والحرية. وفي مضيق الوادي عند أنف الجبل بدت القبائل المكونة للجيش تمر واحدة بعد أخرى. يسأل أبو سفيان كلما مرت قبيبة: من هذه؟ فيقول له العباس: سليم. فيقول مالي ولسليم. وتمر مزينة، فيقول: مالي ومال مزينة. ويبقى هكذا شأنه حتى يمر النبي صلى الله عليه وسلم في كتيبته وقد غلبت عليها الخضرة من لون العتاد الذي يحمله المشاركون فيها، وهم المهاجرون والأنصار. ويسأل أبو سفيان عن الكتيبة فيأتيه الجواب من العباس، ويتأمل أشهر قادة قريش فيما يرى أمامه من قوة وحماس وإيمان، ثم ينطق بما في نفسه: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة. والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما. لكن العباس يعرف أن الأمر ليس ملكا ولا قوة مادية مجردة، فيرد قائلا: يا أبا سفيان إنها النبوة. وعندئذ يقول أبو سفيان وهو الحديث عهد بالإسلام: فنعم إذن. جيش الأمن والسلام ثم يسبق أبو سفيان جيش المسلمين ويصل قبله إلى مكة، ويستدعي أهلها على عجل ليهتف فيهم بأعلى صوته: يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. بهت الناس لكن الخبر لم يكن مفاجأة كاملة لهم. لقد عرفوا من قبل أنهم غدروا بحلفاء النبي ونقضوا عهد الصلح، وأن أبا سفيان لم ينجح في مسعاه لتجديد المعاهدة حين زار المدينة قبل أيام. لكن العناد ما زال يملأ رؤوس بعضهم، وخاصة هند بنت عتبة عدوة سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب وزوجة أبي سفيان. إن العناد ليخرجها عن طورها حتى أنها تتجرأ على معارضة زوجها أمام الملأ من قريش، بل إنها لتفعل أكثر من ذلك. لقد أخذت بشارب زوجها وشتمته وحرضت الحاضرين على قتله. لكن أبا سفيان لم يفقد صوابه من سوء صنيعها، وتوجه بالخطاب للحاضرين: ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. أما وقد استقرت الحقيقة في نفوس الناس فإنهم بدأوا يفكرون في أبواب الأمان الأخرى، فقالوا لأبي سفيان وقد أنساهم الخوف تذكر مقامه بينهم: قاتلك الله، وما تغني عنا دارك؟ فأجابهم: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن. واطمأن الناس فتفرقوا، بعضهم إلى بيوتهم وبعضهم الآخر إلى المسجد، ولم يشذ عن ذلك إلا قلة من السفهاء والصعاليك وأبناء بعض عتاة من حارب الإسلام من طغاة قريش، مثل عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، وكلهم تجمعوا في مكان يسمى الخندمة واستعدوا لقتال المسلمين. في تلك اللحظات كان جيش الأمن والسلام والحرية قد وصل إلى مكان يسمى ذي طوى على أبواب مكة المكرمة. ونظر عبد الله بن أبي بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرآه يضع رأسه تواضعا لله وقد رأى ما أكرمه الله به من الفتح حتى كاد شعر لحيته أن يمس واسطة راحلته. النصر والتواضع والشكر لحظة النصر عند النبي صلى الله عليه وسلم هي لحظة التواضع. لحظة التحرير الكبير هي لحظة الشكر لمن حفظه ونجاه من بطش قوى الشر والإستبداد لأكثر من عشرين عاما مضت بعد نزول الوحي عليه. لله الذي نصر إبراهيم وإسماعيل وموسى ويوسف وعيسى واسماعيل. لحظة القوة هي لحظة الإمتنان لمن بيده ملكوت السماوات والأرض والإعتراف بفضله. لحظة العزة هي لحظة ضبط النفس عن الغرور الذي طالما لعب برؤوس الزعماء السياسيين وقادة الجيوش. لحظة فتح مكة كانت موعدا جديدا لتأكيد نبوة الفاتح الكريم النبيل. وزع النبي جيشه كتائب مختلفة تدخل قلب مكة من أكثر من اتجاه، فأمر الزبير بن العوام أن يدخل على رأس كتيبة من كدي من ناحية عرفة، وسعد بن عبادة أن يدخل من كداء أعلى مكة حيث وقف إبراهيم عليه السلام ودعا لذريته بالحرم. أما خالد بن الوليد فأمر بالدخول على رأس كتيبة من الليط أسفل مكة، بينما أمر أبو عبيدة بالدخول من بطن الوادي ممهدا للنبي. ودخل النبي من أذاخر، ونزل بأعلى مكة، ونصبت خيمته هناك. دخلت كل هذه الكتائب مكة في سلام، إلا كتيبة خالد بن الوليد تصدى لها الأوباش والصعاليك الذين خرجوا مع عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو، فلم يصمدوا كثيرا وانهزموا وفروا، بعد أن قتلوا اثنين من المسلمين وأصيب منهم اثنا عشر رجلا. التأم شمل كتائب الإسلام واكتمل النصر وشاع الأمن بين سكان أقدس المدائن على وجه الأرض. واتجه النبي صلى الله عليه وسلم صوب الكعبة المشرفة، فطاف بها سبعا على راحلته، وكان بيده قوس فجعل يطعن به حوالي ثلاثمائة وستين صنما كانت منصوبة في رحاب المسجد، وهو يقول: « جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا »،  ويقول: « جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ». ثم طلب مفاتيح الكعبة من عثمان بن طلحة ودخلها، ومعه أسامة بن زيد بن حارثة وبلال بن رواح، والناس في ساحة الحرم ينظرون وينتظرون. داخل الكعبة وجد النبي صورا للملائكة ولإبراهيم أبي الأنبياء في وضعية من يستقسم بالأزلام، وهي السهام التي يستقسم بها الناس في ذلك العصر، وحمامة مصنوعة من عيدان، فأمر بكل تلك الصور فطمست. وصلى النبي داخل الكعبة، ووحد الله وكبره، ثم وقف ببابها، وأهل مكة أمامه صفوف ينتظرون أن يسمعوا منه أهم قراراته بعد التحرير الكبير. قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. ألا كل مأثرة (أي ما يتحدث به من المكارم) أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج. ألا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا ففيه الدية مغلظة، مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها. يا معشر قريش: إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء. الناس من آدم وآدم من تراب. ثم تلا الآية 13 من سورة الحجرات: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير ». الخطاب النبوي هنا يعالج بعض المسائل المستعجلة في مجتمع قريش، ويخاطب في نفس الوقت الناس جميعا إلى يوم القيامة، خاصة عندما نهى عن نخوة الجاهلية والإفتخار بالأنساب وتعظيمها، وذكر البشرية بأنها كلها لآدم وآدم من تراب، وبأن الله خلقها شعوبا وقبائل للتعارف والتعاون والتفاضل بالتقوى والعمل الصالح. العفو النبيل عند المقدرة الصفوف القرشية تسمع في إنصات وخشوع لمحمد الصادق الأمين الذي نشأ بينهم وترعرع في صفوفهم، وجاءه الوحي فبذل كل ما في وسعه لنشر الدعوة لولا أن قوى الطغيان حاربته وأخرجته واستهدفته حتى وهو في المدينة تريد تصفيته واستئصال دينه وأتباعه. فهل ينتقم النبي لنفسه يا ترى من قومه الذين كانوا ألد الأعداء وأشدهم عليه؟ السؤال يملأ صدورهم يكادون ينطقون به. واللحظات طويلة جدا في انتظار الجواب. والنبي يعرف ذلك في وجوههم وفي نفوسهم، لذلك يسألهم: يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟ ويأتي الجواب سريعا ينطق بتطلعات قريش. قالوا: خيرا. أخ كريم وابن أخ كريم. قال النبي: فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته « لا تثريب عليكم اليوم ». اذهبوا فأنتم الطلقاء. أنتم آمنون أحرار أيها الناس. جملة من 14 كلمة تقرر هذا المعنى وتخلو من أية إشارة لوم أو عتاب أو محاسبة. ولو كان لام لحق له أن يلوم. ولو كان عاتب لحق له أن يعاتب. ولو كان عاقب لحق له أن يعاقب. لكن المتحدث في يوم التحرير العظيم هذا هو خاتم الأنبياء والمرسلين، المثل الأعلى للناس أجمعين. فلا لوم ولا عتاب ولا عقاب، وإنما أمن وأمان وحرية وسلام. وتلك هي بكل وضوح وقوة وبساطة حقيقة رسالة الإسلام.
 
 


 

تونس :هل يعيد الإسلاميون الوسطيون إنتاج أخطاء الماضي؟

 
مرسل الكسيبي (*) أنطلق في تحليلي هذا من موضوعة هامة طرحتها يوما ما على الكاتبين الفلسطينيين ياسر الزعاترة ومنير شفيق حين كانا في جولة اسناد ومؤازرة للأستاذ الغنوشي رئيس حركة النهضة بعد أن خرجت الحركة مهزوزة الكيان الداخلي جراء مالقيه مناضلوها من أذى شديد داخل السجون والمنافي في ظل دخولها في مواجهة غير متكافئة مع السلطات التونسية بداية التسعينات من القرن الماضي ,حيث طرحت يومها في منتدى فكري وسياسي مفتوح على هذين الكاتبين اشكالية فشل أصحاب المشروع العربي والاسلامي في قطف ثمار نضالاتهم بعيد انتهاء مرحلة الاستعمار العسكري المباشر ونجاح أصحاب المشروع اللائكي في قيادة العديد من بلدان المنطقة برغم ضمور تضحياتهم مقارنة بما قدمه التيار الأول من اكراهات وعذابات ومشاق من أجل تحرير أوطاننا  من براثن حقبة الاستعمار . كنت متوقعا يومها برغم أن تاريخ الجدل الدائر بيننا يعود الى مالايقل عن عشر سنوات الى الوراء …كنت متوقعا بأن مالات الحكم والتسيير بعد نضال وطني شاق في صفوف المعارضة ستؤول في نهاية المطاف كما الت من قبل الى تصعيد اليساريين واللائكيين الى الواجهة الدولية وواجهة مزيد من الاعتراف الديبلوماسي العالمي ,في حين أن وضعية الاسلاميين الوسطيين ستؤول اما الى تهميش أو اضطهاد جديد أو الى تخف وراء واجهات علمانية تضطرهم حتما الى عدم مخاطبة العالم المتحضر والمجتمعات العربية والاسلامية بخطاب اسلامي وسطي واضح وكامل ومعتدل بل بأنصاف الخطاب وأثلاثه أو ربما أرباعه أو أقل من ذلك بكثير …! اليوم أعود الى هذا الموضوع الذي لم أتلق جوابا شافيا على اشكالاته من الكاتبين المذكورين ولا من ممارسات تيار النهضة التونسية ,حيث أنه بمتابعتي لمحور العلاقة بين الحركة الاسلامية التونسية وأقطاب التيار العلماني التونسي لاحظت انسياق تيار النهضة الى أجندات الطرف الاخر في المعسكر اللائكي دون قدرة على رسم التمايزات بين المشاريع ,ولاقدرة على التفطن الواضح لماتريده بعض الأطراف اليسارية المغالية في اللائكية من توريط للحركة الاسلامية الوسطية في لعبة التنازلات العقدية والفكرية التي تفرغ التيار من كوادره الفاعلة ومن عمقه الاجتماعي الذي هو سر فاعليته في الساحة الوطنية … أعود للتذكير مرة أخرى ورفعا لكل التباس بأنه لايؤرقنى وجود تيار علماني أو لائكي مخالف في الرأي والتوجه سواء كان ذلك في تونس أو دول الجوار ,حيث أن وجود مثل هذا التيار يعد أمرا طبيعيا وضروريا في زمن القرية الكونية التي تتداخل فيها الأفكار والايديولوجيات والتوجهات السياسية الكبرى على مستوى العالم ,غير أن مايؤرقني فعلا هو تهافت الاسلاميين التونسيين على التخفي وراء لافتات سياسية قد يحتمها الظرف لكنها ليست قدرا عليهم اذا ماأرادت الأطراف السياسية والايديولوجية الأخرى توظيفها ضمن أطر عقدية أو فكرية أو مصلحية لاتتوافق مع ثوابتهم الوطنية أو الاسلامية أو السياسية … سوف أكون جريئا بعض الشيء اذا ماقلت بأن بعض اللائكيين التونسيين ,وأؤكد في هذا الموضع على صيغة التبعيض وليس على صفة التعميم  : بعضهم يظن أن الاسلاميين على درجة من الغفلة أو الضعف التي تدفعهم الى التوقيع على شيكات بدون رصيد أو الانخراط  في عقد أي أحبولة أو أنشوطة سياسية يقصد من ورائها اضعاف أدوارهم في الحياة العامة ,أو ابعادهم عن أرضيتهم الفكرية والثقافية التي ينطلقون منها في معالجة اشكالات الشأن العام ,وهو مايعد في تقديري اما اساءة للقراءة والفهم أو تغافلا عن حقيقة الجسم الذي قبل بخديعته في أكثر من مناسبة ولكن لايعني أن الكثير من عناصره الفاعلة باتت تمتلك القدرة الفائقة على التحليل والفهم والرصد وهو ماسيجعلها قادرة في المستقبل القريب على حفظ التوازنات الفكرية الكبرى بما يعزز من مكانة الهوية العربية الاسلامية الحداثية في أي معادلة سياسية مرتقبة بالبلاد التونسية. ينبغي التنبيه الى أن الاعتراف بالطرف الاخر كشريك في الحياة العامة لايعني البتة التنازل الذي يقصد من ورائه القبول بأي خارطة سياسية أو فكرية يفصلها المتامرون على عقيدة البلاد وانتمائها الحضاري العربي والاسلامي ,اذ أن القبول الاسترتيجي بالحداثة والعصرنة الذي لازم قناعات التيار الاسلامي الوسطي منذ انخراطه الفاعل في الحياة الوطنية مع بداية الثمانينات من القرن الماضي ,لم يكن دروشة تعني التسليم بنضالات التيار لمن هب ودب ممن يقدم نفسه اليوم على أنه لا بالعلماني ولا بالاسلامي ومن ثمة محاولة توظيف نضالات الاخرين وتضحياتهم لفائدة مطامح شخصية تريد أن تجعل نفسها مقدمة على المصالح العليا للمجتمع والبلاد … يتصور البعض بأن الاسلاميين الوسطيين التونسيين هم مجرد محرك أو وقود لصناعة التغييرات ,لكن الثمرة ينبغى أن تقع في أيادي تتوهم القدرة الحصرية على التواصل الدولي والعالمي …!,وكأن الكيان الاسلامي الحداثي والمعتدل بات عاجزا عن التأسيس لاعتراف دولي أو هو بمثابة الكيان القاصر والمحجور عليه بحيث تعوزه القدرة على التواصل بأطروحاته المعتدلة مع المجموعة الدولية من أجل ترتيب علاقات طبيعية وشفافة مع العالم الخارجي … وبالعودة الى الوراء ,وبالارتكاز على محور أهمية العمق الداخلي في أي عملية سياسية وطنية فان علاقة الاسلاميين بالسلطات الحاكمة في بلدهم تونس ,ليس من المقدور عليها بأن تبقى صدامية الى أبد الابدين ,حيث أن تاريخ اليسار التونسي تراوح منذ بروزه قطريا وعربيا بقوة في مرحلة السبعينات ,بين الاحتكاك المباشر بنظام الحكم ,ومن ثمة تجربة النفي والسجن ,لينتقل بعدها الى طور تطبيع علاقته بالسلطة تمهيدا للفعل من داخلها والانخراط ضمن هياكلها وصولا الى تواجده الفاعل في الكثير من الوزارات السيادية-حقبة التسعينات-… اذا ليس بالقدر المحتوم أن يستمر الاسلاميون الوسطيون في مواجهات « دنكوشوطية » مع سلطات بلدهم أو الحزب الحاكم ,بل انه من عين العقل والحنكة فك هذا الاشتباك والتأسيس لعلاقات طبيعية مع الجهات الرسمية وذلك قصد تأمين حياة سياسية واجتماعية أكثر هدوء وانسيابية ومن أجل عدم اضطرار السلطة الى الوقوع في أفخاخ علاقات دولية غير متوازنة ومجحفة اضطرتها لها اختلالات الجبهة الداخلية في ظل مواجهة مفتوحة مع التيار الاسلامي الوطني . يؤسفني القول بأن بعض الأطراف الداخلية التي تشكل أقلية حزبية ونخبوية غير مسنودة من عمق جماهيري تحاول النفخ في صراع الاسلاميين مع السلطة من أجل ضمان دور مستقبلي مشبوه في الحياة العامة ,حيث يرى هؤلاء في تأجيج الصراع بين الاسلاميين الوسطيين والحزب الحاكم والمؤسسات الرسمية للدولة جسرا يمرون عليه لاحداث تغيير داخلي يقدمهم للعالم بمثابة الأبطال في احداث وقيادة التغيير ,على اعتبار أنهم لعبوا دورا متقدما وبارزا في اضعاف واسقاط الديكتاتورية(التي صنعها بعضهم)  , الا أن أحاديث هؤلاء في مجالسهم الخاصة وبين جمهورهم الحزبي فيما يضمرونه من مشاريع مستقبلية تجاه التيار الاسلامي الوسطي وتجاه ثوابت المجتمع الدينية واللغوية والحضارية هو في حقيقته أكثر خطورة مما يصرح به الحزب الحاكم بسياسييه الرسميين الذين لم يتجاسروا في الكثير من الأحيان على المساس بخطوط فكرية وسياسية وعقدية حمر وضعت للمنتظم السياسي التونسي منذ عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. حذاري ثم حذاري ثم حذاري ,من الوقوع في الفخ  لنعود مجددا لأخطاء ارتكبت في مراحل استلام مقاليد دولة الاستقلال ,حيث صار الحكم لأقلية لائكية غلب على مكوناتها الغلو والتطرف في نظرتها لقيم ومقدسات الأمة  ووضع المسلمون المعتدلون والوسطيون الذين كانوا عماد معارك التحرير في غياهب المنافي والسجون ! (*) رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية ـ ألمانيا) بتاريخ 9 أفريل 2007) الرابط: http://www.tunisalwasat.com/wesima_articles/index-20070409-5259.html


في ذكرى أحداث أفريل 1938 هل وجد التونسيون ما وعدهم زعماؤهم حقا؟

عدنان منصر (*) تمر هذا الأسبوع الذكرى التاسعة والستون لأحداث 8 و 9 أفريل 1938 التي شهدتها بلادنا والتي شكلت مفصلا هاما في مسيرتها التحررية. فانطلاقا من يوم 7 أفريل شهدت مختلف مناطق القطر تنظيم مظاهرات جماهيرية أطرها الحزب الدستوري الجديد للمطالبة ببرلمان تونسي، وقد عرفت هذه التحركات أوجه جماهيريتها بتونس العاصمة في اليوم الموالي عندما خرجت مظاهرتان ضخمتان التقتا أمام مبنى السفارة الفرنسية بوسط العاصمة في تحد واضح لسياسة التضييق الاستعمارية على الوطنيين. وفي الحقيقة فإن هذه الأحداث شكلت تتويجا لمسار طويل من التعبئة السياسية للجماهير كنتاج لفشل المسار التفاوضي الذي شرعت فيه الحركة الوطنية تحت قيادة الحزب الدستوري الجديد منذ صعود الجبهة الشعبية إلى الحكم في فرنسا. وفي المقابل كانت أوساط التفوق الاستعماري تدفع في اتجاه حصول صدام بين السلطة والوطنيين من أجل وضع نهاية لمسار تحرري بدا أنه يتجه نحو تهديد المصالح التي يقوم عليها النسق الاستعماري. إن صراع هذين الاتجاهين هو ما أدى إلى اندلاع مصادمات اليوم التالي، يوم 9 أفريل 1938، عندما سرت إشاعة (كان يعوزها المنطق) بإعدام علي البلهوان الذي كان يعتبر، بفعل حماسه الوطني واتساع تأثيره على الشباب المدرسي وخطاباته الملتهبة، محرك تلك الأحداث. من هنا، وفي إطار تلك الظرفية الخاصة من التوتر السياسي والتعبئة الكاملة، لم يكن هناك بد من وقوع ما وقع: سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى بين قوات حفظ النظام والتونسيين. غير أنه تجدر الإشارة من ناحية أخرى إلى أن كل طرف حصل في نهاية الأمر على النتيجة التي كان يرومها: فمن ناحية القيادة الوطنية تم إثبات جماهيرية الحزب الدستوري الجديد وقدرته على التجييش والتعبئة واستعداد مناضليه الكثر إلى ولوج أشكال غير متوقعة من التحرك السياسي. أما الأوساط الاستعمارية فقد تحصلت على الذريعة التي ستحسن استغلالها للشروع في عملية قضاء منهجي على الحركة الوطنية التونسية عن طريق اعتقال القيادات الدستورية والمحاصرة الصارمة للعمل الوطني والشروع في عملية إعادة الاعتبار لهيبة النظام الاستعماري. غير أن تلك الأحداث عبرت من ناحية أخرى على دخول معطيات جديدة إلى الساحة السياسية الوطنية في هذه الفترة الحساسة من تطور المسار التحرري. وأول هذه المعطيات على الإطلاق أن العناصر الشابة شكلت، مثلما هو الشأن في كل التحركات الجماهيرية الكبرى، العمود الفقري للتحرك الوطني. وقد ألحت بعض المصادر على الدور الذي قام به تلاميذ المدرسة الصادقية وطلبة الجامع الأعظم في هذه التحركات، سواء في مظاهرة يوم 8 أفريل التي كان مخططا لها، أو في المصادمات التي جرت في اليوم الموالي بفعل التجمع غير المبرمج أمام المحكمة الفرنسية في شارع باب بنات ومسارعة قوات حفظ النظام إلى إطلاق النار على المتظاهرين مما فجر المصادمات. وقد شكل الحضور الهام للشباب المتعلم في تلك الأحداث ضمانة لاستمرار المسار التحرري في الفترة الموالية حتى في غياب القيادات التاريخية للحركة الوطنية. أما الفئات الشابة غير المتعلمة والتي قدمت إلى مسرح الأحداث لتشارك في تأجيجها فقد كانت هي الأخرى مدفوعة برغبة جامحة في الانتقام من وضع غير عادل حكم عليها بالهامشية والفقر وقد اعتقدت أن الفرصة قد حانت لتصفية حساب قديم مع نظام الهيمنة الاستعماري. قد تكون هذه المعطيات مشتركة في الواقع مع كل التحركات الجماهيرية ذات الطابع السياسي والاحتجاجي ليس في تاريخ تونس فحسب بل في تاريخ كل الحركات التحررية. غير أن هذه الأحداث، بفعل الشعارات التي رفعتها وخصوصية النضال الوطني الذي قاده الحزب الدستوري، تعبر عن بعد آخر مختلف عما نجده في معظم حركات التحرر. فقد كانت المطالبة ببرلمان تونسي أهم شعار رفعته الجماهير يوم 8 أفريل 1938، وكان ذلك تتويجا لحركة دستورية عريقة طالبت منذ ظهورها بإعادة العمل بدستور 1861 في تمسك واضح بفكرة أن الحماية لا يجب أن تتحول إلى نظام يقضي على سيادة الكيان التونسي. كان مغزى المطالبة ببرلمان تونسي عميقا: ففي البرلمان يفترض أن يجتمع نواب الأمة الذين انتخبهم الشعب للدفاع عن مصالحه ولوضع حد للاستبداد وللحفاظ على علوية الشعب تجاه أية مرجعيات أخرى. وعلى مستوى آخر فقد كان البرلمان ضمانة لتأسيس نظام يضع كل سلطة في حجمها المفترض. غير أن البرلمان يمكن أن يكون تأسيسيا تقع على عاتقه مهمة صياغة دستور ينظم الحياة السياسية في البلاد وينتج مشروعا جديدا للدولة، أو أن يكون برلمانا عاديا ينتخب وينشط في إطار دستور موجود. لم يرهق الوطنيون أنفسهم كثيرا في تحديث النموذج المراد إتباعه. كانوا يطالبون فحسب ببرلمان تونسي، وكانوا مصرين على وضع أنفسهم كتواصل للحركة الدستورية مثلما يشير إلى ذلك الاسم الذي اختاروه منذ 1920 لحركتهم. ذلك أن مجرد المطالبة ببرلمان تعني الاستناد إلى دستور أو إلى مشروع دستور، والمؤسستان ضمانة لسيادة الشعب في مواجهة الاستبداد سواء كان استعماريا أو غير ذلك. وفي المقابل فإن نظام الهيمنة الاستعمارية كان مقتنعا أن التنازل للوطنيين يعني بداية النهاية للمسار الاستعماري برمته، لأن الفرنسيين كانوا، بحكم تجربتهم التاريخية، يعرفون أكثر من غيرهم أن الإقرار بمبدأ السيادة الشعبية لا يمكن أن يؤدي سوى إلى وضع نهاية لنظام الاستبداد والمصالح والفئات التي يستند إليها. لكن التجربة التونسية ستبين وجود إمكانية أخرى: برلمان ودستور واستبداد في الوقت نفسه. فقد نجح الزعيم بورقيبة، تسانده في ذلك نخبة من الوطنيين المؤمنين به وبالوطن، في وضع الأسس لنظام رئاسوي ضخم من صلاحيات السلطة التنفيذية وجعل بقية السلطات في وضع غلب عليه الضعف وغياب الاستقلالية. وسبب ذلك أنه من وراء المؤسسات الجديدة، كالبرلمان والدستور، كانت النخبة التي أناطت بنفسها مهمة إنجاز الدولة الوطنية تعتبر أن الحزب الذي قاد عملية التحرر هو الممثل الحقيقي للسيادة الشعبية. من هنا فإن تنازل الشعب عن « سيادته » لا يتم لصالح المؤسسات الحديثة مثل البرلمان، بل في إطار تلك المؤسسات لصالح « حزب الأمة » الذي يصبح بإمكانه الحصول على أداة شرعية لاتخاذ القرار. كما أن انتشار الأمية وتردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي، يجعل من غير الصائب في نظر تلك النخبة الوثوق بقدرة الجماهير على الاختيار السليم في نظام ديمقراطي عادي. وهكذا أصبح تخلف الوضع الاجتماعي مبررا في يد النخبة الوطنية الحاكمة لعدم العودة للإرادة الشعبية واعتبار الشعب قاصرا إلى ما لا نهاية، وعوضا عن أن تكون سيطرة الدولة الوطنية مقدمة لتحديث عميق للممارسة السياسية في إطار المؤسسات الحديثة، تصاعدت الممارسة الاستبدادية للدولة مما يثير التساؤل عن الغاية من خلق المؤسسات الجديدة ومن تأسيس نظام على النمط الجمهوري. هل حقق التونسيون والدستوريون منهم بالخصوص ما أرادوه عندما رفعوا شعار « برلمان تونسي » في أفريل 1938 ؟ لقد عادت النخبة الوطنية التي وصلت السلطة بعد كفاح مرير ضد الحضور الاستعماري إلى مربع البداية، وبعد أن قاومت ذلك الحضور من منطلق بلوغ التونسيين الرشد وقدرتهم على تسيير شؤونهم بنفسهم، اعتمدت منطقا عكسيا فبدأتا بالتشكيك في نضج الشعب وفي قدرته على التعامل مع المؤسسات الحديثة وفي تحمل تبعات الممارسة الديمقراطية. وبعد أن كان البرلمان والدستور مطلبا شعبيا أمكن للوطنيين بواسطته تكتيل جانب كبير من الأمة خلفهم، أصبحا تعبيرا عن طموحات النخبة وإستراتيجيتها في السيطرة على المجتمع. يكاد يكون مسلما به أن تونس أضاعت من البداية فرصة بناء دولة حديثة تقوم على مؤسسات فاعلة ومستقلة عن الأحزاب والأهواء والمصالح. لذلك فإن آفاق أي تطور تبقى محكومة بالضيق ما لم يعد الجميع التفكير في المنطلقات: ما هي الحداثة التي نريد؟ وما هي الغاية من كل عمل بما في ذلك التحديث؟ وكيف تنظر النخبة إلى دورها في مجتمع يتوق إلى تحقيق إنسانيته؟ سيؤدي ذلك حتما إلى إعادة تقييم نصف قرن من تجربة الدولة في تونس. فما بدا تحديثا قد لا يتجاوز القشرة الخارجية، أما اللب فبقي فيما يبدو مستعصيا. وطيلة نصف قرن من الزمان، وهي فترة ليست بالقصيرة مثلما قد يتوهم البعض، كانت الدولة تدعي الحداثة وتمارس نقيضها، تزعم بناء مؤسسات الحداثة وتعرقل نموها، تمتدح نضج الرعية وتغتال عقلها. لقد أضحت الحداثة، بهذا المنطق، مجرد إيديولوجيا للحكم وخطابا لا يقنع ولا يغني من جوع. وفي المقابل فإن عملا بطيئا وعميقا ومؤثرا لم يسنح له أن يبدأ: ترسيخ فكرة المواطنة، والتربية على احترام الاختلاف في الرأي، وتعميق فكرة أن الإنسان غاية كل مجهود وأن الإنسانية هدف كل فرد. أن يصبح الإنسان مؤسسة والرأي الحر مؤسسة واحترام الآخر مؤسسة، هو المسار الذي يمكن أن يبني مؤسسات حقيقية، مؤسسات للمجتمع وليس للدولة، فتلك ضمانة لهذه وهي، فوق ذلك، أهم وأكثر دواما. (*) مؤرخ تونسي (المصدر: صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 400 الصادرة يوم 6 أفريل 2007)


اقتصادي / قطاع النسيج والملابس في تونس

 
تونس – واس- سجلت صادرات قطاع النسيج والملابس في تونس تطورا بنسبة 15 بالمائة منذ بداية العام الحالى2007 مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية وتحسنت صادرات صناعة الملابس الجاهزة بنسبة 7ر18 بالمائة في حين ارتفعت وارداتها بنسبة 6ر36 بالمائة . وتتاتى نسبة 91 بالمائة من واردات القطاع من الاتحاد الاوروبي الذى يعد اهم شركاء تونس في هذا المجال وتتوجه كذلك نسبة 97 بالمائة من الصادرات التونسية من النسيج الى منطقة الاتحاد الاوروبى. يشار الى ان قطاع النسيج فى تونس يحتل المرتبة الاولى على صعيد التصدير بنسبة 47 بالمائة ويعد اهم قطاع مشغل ضمن قطاعات الصناعات المعملية بنسبة 48 بالمائة . (المصدر: وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 12 أفريل 2007)

حوار مفتوح هل تكون تونس أوّل دولة عربية تلغي حكم الإعدام؟

 
تونس ـ الصباح : تشهد عدة فضاءات عامة في تونس منذ مدة جدلا حول الموقف من حكم الاعدام.. بين دعاة إلغائه والمتمسكين به «كعقوبة قصوى للردع والزجر».. وقد شمل الحوار مجلس النواب إذ أثير خلال الحوار بين وزير العدل والنواب في جلسة عامة مفتوحة.. فيما أثير الملف من قبل نشطاء المنظمات الحقوقية.. ومنها فرع تونس لمنظمة العفو الدولية.. وهو أقدم فرع من نوعه في العالم العربي.. كما نظم «منتدى الجاحظ» ندوة مطولة مناصرة لإلغاء الاعدام.. ويدعو أنصار إلغاء حكم الاعدام إلى أن «تكون تونس اول بلد عربي يقوم بهذه الخطوة على غرار132 دولة في العالم.. خاصة أن حكم الاعدام لم ينفذ في تونس منذ 1991». بينما اعتبر وزير العدل وحقوق الانسان السيد البشير التكاري أن «غالبية التونسيين ما زالوا مع الاعدام بالنسبة لبعض الجرائم.. وأن دعاة الغاء هذا الحكم أقلية».. وقد سبق أن نظمت منذ الثمانينات حملات في تونس للمطالبة بإلغاء حكم الاعدام.. ويقود هذه الحملات عادة نشطاء فرع تونس لمنظمة العفو الدولية، وقد كانت هذه المنظمة تعارض بشدة حكم الاعدام كما أورد السيد الحبيب مرسيط رئيس فرع تونس في تصريح لـ«الصباح» على هامش محاضرة قدمها في ندوة «منتدى الجاحظ».. لماذا المطالبة بالغاء الاعدام ؟ الحبيب مرسيط برر تحركه ورفاقه في منظمة العفو الدولية للمطالبة بالغاء حكم الاعدام في العالم أجمع بعدة اسباب.. منها ما أكدته كل التقارير والدراسات عن فشل عقوبة الاعدام في الحد من انتشارالجرائم الخطيرة مثل القتل والاغتصاب والاتجار في المخدرات.. بل العكس هو الذي يحصل لأن المتهم بجريمة خطيرة يمارس مزيدا من الجرائم.. ومنها القتل عمدا وممارسة العنف الشديد لمحاولة الفرار من البوليس الذي يطارده.. لأنه يعلم أن عقوبته في صورة تسليم نفسه ستكون الاعدام». كما اعتبر رئيس فرع تونس لمنظمة العفو الدولية أن «التجارب العالمية أثبتت أن كبار المجرمين الذين يقفون وراء عصابات تهريب المخدرات والعصابات الخطيرة المماثلة يفلتون غالبا من العقاب.. ويدفع الثمن صغار المجرمين والوسطاء.. وليس  الذين يقفون وراءهم.. فضلا عن كون حكم الاعدام نفذ في حالات كثيرة عالميا على متهمين بالقتل والجرائم الخطيرة، ثم تتبين لاحقا براءتهم.. أي ان الاعدام يكون بناء على وشايات وادعاءات وتقارير مزيفة واعترافات تحت الاكراه (أو لإنقاذ شخص آخر مثل احد الابوين أو المقربين).. ولا يمكن تدارك الامر.. بعد تبين الحقيقة وافتضاح زيف التهمة وهشاشة القرائن التي بني عليها الملف». «ليس له دور تربوي ووقائي» ونفى الحبيب مرسيط في تصريحه لـ«الصباح» أن يكون «لحكم الاعدام دور تربوي ووقائي.. لأن تجارب العالم أجمع ودراسات علماء النفس والاجتماع أثبتت أن من يرتكب جرائم بشعة جدا مثل القتل عمدا والاغتصاب والسرقات الخطيرة.. قد يكون مريضا نفسانيا.. أو شخصا في درجة قصوى من التشنج لحظة ارتكابه الجريمة.. أي أنه في تلك اللحظة لا يفكر في مستقبل حياته ولا يخاف أقصى العقوبات ومنها الاعدام.. فضلا عن كون بعض حكومات العالم تنفذ حكم الاعدام ضد معارضين سياسيين قد تراجع هي نفسها فيما بعد موقفها منهم ومن الاحزاب والمنظمات التي ينتمون إليها.. كما قد تتفطن أن بعض من أصدرت ضده حكما أقسى من بينهم يستحق قرارالعفو.. وتفرج عنه».. الخلفية الثقافية ويدعم حملة فرع منظمة العفو الدولية عدد من نشطاء المنظمات الحقوقية والانسانية منها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان التي أكد النائب الاول لرئيسها صلاح الدين الجورشي خلال ندوة «منتدى الجاحظ» على ضرورة التوقف عند ما وصفه بـ«القراءات العقلانية للنصوص الدينية والتراثية.. وعدم تبسيط مفهوم الاحكام الشرعية في دلالات ظاهر النصوص الدينية».. ودعا الجورشي وعدد من المتدخلين في ندوة الجاحظ علماء الدين «الى الغاء حكم الاعدام من خلال تطوير قراءتهم للمرجعيات الاسلامية».. كما طالبوا النشطاء الحقوقيين بأخذ الخلفيات الثقافية للمجتمعات العربية والاسلامية مأخذ الاعتبار.. حتى يتزايد أنصار إلغاء حكم الاعدام.. القصاص لا يعني الاعدام في نفس الاتجاه دعا الاستاذان سامي ابراهم ورضا الاجوهري وعدد من الجامعيين  الى ضرورة التمييز بين مصطلحي الاعدام والقصاص.. واعتبروا أن الاية القرآنية الكريمة التي تقول «ولكم في القصاص حياة».. قدمت مفهوم الحياة على مفهوم الموت.. وضمن مقاصد التشريع الاسلامي فلا بد من اعتبار أن الاهم في ما ورد في هذه الاية الكريمة وغيرها الحث على ان يكون القضاء في خدمة الحياة وانقاذ النفس البشرية وليس القتل والثار والانتقام.. وفي هذا السياق جاء مفهوم الدية (أي المنحة المالية التي يدفعها القاتل وأهله لأهل القتيل) والتشجيع على اقناع اهل الميت بقبول الدية وعدم المطالبة بالثار». قراءة تاريخية وقانونية في نفس السياق قدم المحامي والجامعي رضا الاجوهري في منتدى الجاحظ محاضرة مطولة دعم فيها مواقف دعاة الغاء حكم الاعدام من خلال قراءة لتطور التشريعات الدينية والقانونية في الدول العربية وخاصة في تونس التي أقر دستورها الاول عام  1857وقانونها الجنائي الاول عام 1861 (أي قبل عشرين عاما عن استعمار فرنسا لتونس) مبدأ التخلي عن تنفيذ جل الاحكام من قطع اليد والرجم.. وإن لم يلغ حكم الاعدام.. الاجتهاد المطلوب واعتبر الاستاذ الاجوهري بعد قراءة مقارنة للنصوص الدينية والفقهية والقانونية التي تعرضت للحدود ولحكم الاعدام.. أن العلماء المسلمين يمكن أن يجتهدوا دون عناء اليوم.. ويستخدموا قاعدة القياس.. لينمعوا اصدار حكم الاعدام.. من منطلقات عديدة منها مبدا الحفاظ على النفس البشرية وعدم تعريضها للقتل بعد أحكام قد تصدر ويتبين أن اصحابها أبرياء بعد فوات الاوان.. وكذلك بالقياس على حق اهل القتيل الغاء حكم الاعدام واستبداله بالدية (والسجن).. وذلك بان يسند الفقهاء إلى الدولة (أي الى الحاكم) حق إلغاء حكم الاعدام واستبداله بالدية والسجن.. تحت قبة مجلس النواب وكان هذا الملف أثير في الحوار المفتوح بين وزير العدل وحقوق الانسان السيد البشير التكاري والنواب.. وكان من بين الذين أثاروا الملف النائب هشام الحاجي.. نائب الامين العام لحزب الوحدة الشعبية.. الذي أعرب عن مساندته لمطالب المنظمات الحقوقية.. وتمنى أن تكون تونس أول بلد عربي يقوم بخطوة الغائه». لكن وزير العدل وحقوق الانسان أورد في ردوده « ان دعاة حكم الاعدام في تونس أقلية.. فغالبية التونسيين ما تزال مع حكم الاعدام بالنسبة لبعض الجرائم الخطيرة جدا.. مثل القتل عمدا الذي يقترن بجرائم بشعة أخرى مثل الاغتصاب أو تشويه جثة القتيل.. بل إن البعض يقول أحيانا: ينبغي معاقبة بعض المتهمين بما هو أبشع من الاعدام.. مثل تشويه جثتهم.. ونحن نرفض هذا لأن ذلك سيؤدي الى الرد على جريمة بجريمة.. لكن ليس مطروحا حاليا إلغاء حكم الاعدام بالنسبة لبعض القضايا.. رغم عدم تنفيذ حكم الاعدام في تونس منذ 1991.. بل أن رئيس الدولة الرئيس زين العابدين بن علي طلب منا في مناسبات عديدة البحث عن ظروف التخفيف التي قد تؤدي إلى إقتراح استبدال الحكم بالسجن المؤبد.. وكثيرا ما أصدر سيادته عفوا رئاسيا على محكومين بالاعدام في سياق صلاحياته الدستورية والقانونية.. فاستبدل الاعدام بالسجن المؤبد». تغيير عقلية الثأر وبصرف النظر عن حظوظ نجاح حملة المطالبة بالغاء حكم الاعدام ونسب فشلها.. يبدو أن من الاوليات ـ كما جاء في مداخلة السيد سامي ابراهم المناصر بدوره لإلغاء الاعدام ـ فهم انتشار عقلية الثأر والانتقام لدى الانسان العربي.. والعمل على تغيير تلك العقلية واقناع الجمهور العريض بأن هدف القضاء وأحكام القضاة ليس الثأر.. ولا تمديد العقليات القبلية الثأرية.. ولكن تأديب الجناة.. وحماية غالبية أبناء المجتمع. كمال بن يونس (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 أفريل 2007)

على خلفية الدعوة لإلغاء عقوبة الإعدام…: مناقشات متسرعة.. والملف شديد التعقيد

 
تونس ـ الصباح: تحركت منظمات المجتمع المدني وبعض الفعاليات السياسية مؤخرا بشكل مكثف من اجل الدعوة لالغاء عقوبة الاعدام.. وعقدت لهذا الغرض الكثير من الندوات السياسية والحقوقية، التي حرص منظموها على تكريس هذا المطلب ومحاولة تحويله الى قضية اجتماعية ـ سياسية ـ حقوقية خلال المرحلة المقبلة.. ليس هذا فحسب، بل ان وفدا حقوقيا ضم عددا من نشطاء المجتمع المدني، حضر في الاونة الاخيرة المؤتمر العالمي للمطالبة بالغاء عقوبة الاعدام الذي التأم في بداية شهر فيفري الماضي بباريس.. في نفس السياق ايضا، اعلن مسؤولون من حزب الوحدة الشعبية، عن نية الحزب تقديم مشروع قانون الى مجلس النواب ينص على الغاء عقوبة الاعدام في تونس.. وتأتي هذه التحركات، بعد اكثر من خمسة عشر عاما على توقيف العمل بحكم الاعدام في المحاكم والسجون التونسية، وبالتحديد منذ العام 1991، تاريخ اعدام «سفاح نابل» الذي اغتصب وقتل اكثر من عشرة اطفال وفتيات في قضية هي الاعنف في تاريخ الجرائم المدنية في تونس.. اذ لم يسجل طيلة الخمسة عشر عاما الماضية اي تنفيذ لحكم الاعدام الذي استبدل بالسجن المؤبد.. ويبدو ان بعض الفاعلين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني، حرصوا على استغلال هذا الهامش السياسي في التعامل مع عقوبة الاعدام، في محاولة لاعطائه صبغة قانونية وتشريعية، تنأى به عن كونه مجرد «قرار سياسي» الى مستوى «المادة القانونية».. ويمكن حوصلة المناقشات التي تمت الى حد الان في عدة نقاط أهمها: سياق المناقشات.. * ان عقوبة الاعدام، عقوبة سالبة لحق الحياة، وهي تنال من الذات البشرية ومن انسانية الانسان.. * ان هذه العقوبة تنتمي الى ثقافة دينية فقهية وصفت بـ«التقليدية»، تعتمد القصاص في بعض الجرائم ، وهي ثقافة يرى البعض ضرورة التخلص منها، باتجاه ثقافة حقوقية وسياسية «حداثية وتقدمية»، على حد وصفهم.. * ضرورة ان تكون تونس صاحبة المبادرة في مجال الغاء عقوبة الاعدام، سيما انها مثلت رمزا للتشريعات الاجتماعية الحديثة، عبر مجلة الاحوال الشخصية التي ما تزال أنموذجا في مجال التشريعات الاجتماعية وقوانين الاسرة على الصعيد العربي.. * لا يمكن تبرير الابقاء على عقوبة الاعدام عبر ذريعة الردع.. اذ يعتبر العديد من الحقوقيين وفقهاء القانون، ان الردع ليس دائما هو السبيل لتخفيف او تقليص عملية تكرار الجرائم، طالما ان ذلك لم يثبت من الناحية العملية، كما لم تؤكده عمليات سبر الاراء، على الرغم من ان هذه العمليات لم تجر الى الان، واذا حصلت في بعض الدوائر، فانه لم يقع الاعلان عن نتائجها الى حد الان.. * ان الغاء عقوبة الاعدام، لن يؤدي بالضرورة الى انهاء عمليات القتل، اذ ثمة دول افريقية عديدة ألغت الاعدام من قوانينها، لكنها استبدلتها بعمليات الاغتيال مما يجعل عقوبة الاعدام، التي تخضع للقانون والاحكام القضائية، «أرحم» في هذه الحالة من الاغتيال الذي قد يتحول الى سلاح اجتماعي وسياسي يمارس بشكل فوضوي قد يهدد امن المجتمع واستقراره الاجتماعي والسياسي.. ويرى اصحاب هذا الرأي، ضرورة «تنسيب» الدعوة الى الغاء عقوبة الاعدام، من خلال توخي «التدرج» في التطبيق، اي البدء، ببعض الجرائم قبل تعميمها.. وجهة نظر مغايرة.. في المقابل يرى بعض الحقوقيين والمثقفين وعدد من السياسيين، ان طرح موضوع الغاء عقوبة الاعدام في هذا التوقيت، امر غير مفهوم وغير مبرر، على اعتبار ان الاحكام القضائية التي تنص على الاعدام، ليست بالعشرات، فعددها محدود، وهي فضلا عن ذلك، غير مطبقة منذ اكثر من خمسة عشر عاما.. الى جانب ذلك، لا يوجد في تونس اليوم من دعا الى اعتماد «القصاص» كما ينص عليه القرآن الكريم، في بعض الجرائم، وبالتالي فليس ثمة مبرر للدعوة الى هذا المطلب.. ويرى آخرون من العارفين بالنصوص الدينية والشرعية ان «القصاص» في النص الديني، ليس هو الاصل او القاعدة، بقدر ما يخضع الى معايير تدخل في باب الاستثناء او الردع، وليس من قبيل الحرص على العقوبــة.. ويستند اصحاب هذا الرأي الى معطيين رئيسيين في هذا السياق هما: * أن الجانب الانساني في النص الديني، مهيمن بكيفية كبيرة على الجانب العقابي، بل ان الجانب العقابي ذاته، يأتي في سياق الحفاظ على استقرار المجتمع وتوفير امن مستديم لافراده… * ان مسائل القصاص الواردة في القرآن الكريم، تم تعطيلها في مناسبات عديدة من التاريخ الاسلامي منذ بدايات التطبيق الاولى، وبالتالي فالتعامل مع هذه الاحكام، لا ينبغي ان تغلب عليه صبغة الالغاء والاستبعاد بقدر ما يفترض ان تخضع الى عملية تنسيب، ضمن سياق اجتهادي يراعي الكثير من المعطيات القانونية والمجتمعية والسياسية والدينية وغيرها.. ملاحظات أساسية… واضح اذن، ان المسألة شديدة التعقيد فلكل طرف مقاربته ومسوغاته وحججه واجندته ايضا، سواء كانت حقوقية او سياسية او دينية او ثقافية ـ حضارية، ولا يبدو ان الامر سيتم حسمه بشكل سريع ومستعجل مثلما يتوقع البعض.. اذ الملاحظ في هذا السياق، وجود نوع من التسرع صلب بعض الحقوقيين والفاعلين السياسيين، وكأن الامر يرتبط بمجرد الحماسة، في الوقت الذي يبدو موضوع عقوبة الاعدام موضوعا جديا الى ابعد الحدود، لان ارتباطاته الاجتماعية كثيرة وحرية بنقاش اكثر عمقا.. اذ كيف يمكن تبرير جرائم قتل الاطفال او اغتصابهم والتنكيل بهم؟ هل يمكن لعقوبة الحبس ان «تشفي غليل» أم أو أب أو أسرة الضحية؟ والى أي مدى يمكن لعقوبة السجن المؤبد، ان تكون بدورها «رادعا» لعدم تكرار مثل هذه الجرائم؟ ثم أليس قتل البشر (أطفالا أو نساء او فتيات أو غيرهم..) أمرا سالبا لحق الحياة ايضا ومن شأنه المساس بالذات البشرية؟ والى اي حد يمكن تبرير الدعوة الى الغاء عقوبة الاعدام صلب المجتمع؟ وهل يمكن للثقافة والقيم الحقوقية ان تقنع اسرا وعائلات يتم اطفالها، او حرمت من ابنائها، لمجرد القول ان هذه ثقافة حداثية وحقوقية؟ هذه اسئلة وغيرها، تستوجب الطرح والمعالجة في اطار وطني واسع، يأخذ هذا الملف من زواياه الاجتماعية والسياسية والحقوقية والدينية والاخلاقية، بعيدا عن المعالجات الايديولوجية التي تبدو مهيمنة على الخطاب الداعي الى الغاء عقوبة الاعدام.. ولا يبدو ناجعا ـ في نظر المراقبين ـ التخفي الايديولوجي وراء ثقافة حقوقية يجري تقديمها على انها هي المسوغ للدعوة الى الغاء عقوبة الاعدام.. لقد حان الوقت لكي يتخلص البعض من التعامل الايديولوجي مع الملفات الحقوقية، سيما ان قضية مثل التي طرحنا شديدة التعقيد، وليست مجرد ملف يتم حسمه بجرة قلم أو خطاب يتدثر بغطاء حقوقي غير مقنع على الرغم من إلحاحية المسألة الحقوقية وضرورتها في الثقافة السياسية المعاصرة.. صالح عطية (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 أفريل 2007)

معرض تونس الدولي للكتاب على الأبواب…

فمـاذا يحمـل مـن جديـد؟!

 
بدأ العد التنازلي نحو انطلاق معرض تونس الدولي للكتاب الذي سينتظم في نهاية هذا الشهر ليعلن من جديد عن اهمية الكتاب في حياة الناس، هذا الكتاب الذي سيحتل لمدة اكثر من اسبوع أروقة معرض الكرم الدولي واجنحته الفسيحة من خلال مشاركة مئات الناشرين، جانب كبير منهم من التونسيين الذين اقروا العزم على النضال في ساحة الكتاب لايصاله الى القارئ بكل الطرق. ويتضمن معرض تونس الدولي للكتاب عشرات الالاف من العناوين ومئات الالاف من النسخ في اللغة العربية اساسا واللغة الفرنسية بدرجة ثانية ثم هناك بعض اللغات الاخرى كالانقليزية والايطالية. والسؤال الذي يرافق كل الدورات لمعرض تونس الدولي للكتاب هو: ما الجديد في هذا المعرض؟ انه سؤال مشروع ومهم جدا لان المطلعين على مسيرة الكتاب وعلى الابداعات الجديدة وعلى اهم البحوث التي تصنع الحدث فكريا وعلميا يريدون الجديد.. وينتظرون من المعرض ان يكون حدثا ثقافيا بالفعل. قد لا نستطيع ان نجيب بالدقة الكاملة عن الجديد في الدورة القادمة، ولكن ما هو اكيد ان الباحث عن المؤلفات في الابداع الادبي وفي الدراسات الفكرية والسياسية والحضارية خاصة منها التي تتعلق بأوضاع العالم حاليا وبحالة العرب والمسلمين في عصر العولمة.. والانهيارات المختلفة. وما هو اكيد ايضا ان المعرض يقدم كل جديد في مجال المعاجم والموسوعات اللغوية والعلمية والطبية وكل ما يتعلق بالبيئة وبمجالات الثقافة وفروعها. وبالنسبة للمثقفين والمطلعين لا غنى تماما عن هذا النوع من المعاجم والموسوعات ولابد من الاقبال عليها رغم انها اصبحت موجودة بكثرة على اقراص مغناطيسية ورقمية. فلقد أثبتت الايام ان هذه الاقراص لا يمكنها بحال ان تعوض المجلدات الورقية التي تحدث المتعة عند تصفحها افضل بكثير من الراحة التي يوفرها الكمبيوتر في كل اشكاله وتمظهراته التقنية المتطورة.. وما هو اكيد ايضا ان معرض تونس للكتاب استمع الى اراء التونسيين واهتم بما كتبه الصحفيون والنقاد وما ابرزته وسائل الاتصال الاذاعية والتلفزية في خصوص تزايد عدد الكتب التي لا هدف لها سوى الربح الوفير وليس فيها ما يمكن ان تدعونا الى احترامها. انها الكتب المختصة في الخرافة والتدجيل، والكتب الدينية التي لا تتضمن فكرا دينيا متطورا، انما هي مجرد نصوص فارغة الوطاب هي اقرب من الخرافة والسحر، كما انها لا تمت بأي صلة بالتراث الاسلامي الحقيقي. هذه الكتب اصبحت الشغل الشاغل لادارة المعرض وقد تمكنت في الدورة الماضية من ابعاد 80% من النسخ التي وصلت منها.. ومن المنتظر ان تتواصل عمليات تنقية المعرض من كل الكتب التي لا تفيد احدا. كما ان ادارة المعرض تمكنت في الدورة الماضية من ابعاد المؤسسات التي لا تعرض الكتب انما تعرض ألعاب الاطفال.. والمواد المدرسية والمكتبية حتى يبقى المعرض مختصا بالكتاب الورقي مع الترحيب بالكتب والمعلومات المبرمجة على الاقراص وكل الانواع الحديثة في التكنولوجيا الرقمية. الجوانب الثقافية والعلمية وما هو هام في معرض الكتاب تلك الانشطة الثقافية الموازية التي تحدث حركية نوعية وتجلب اليها الاف المهتمين والمختصين فضلا عن المبدعين. ففي الدورة القادمة هناك ثلاث  ندوات كبرى، الاولى منها تهتم بالمبدعين التونسيين في الخارج.. وقد جاءت هذه الندوة استجابة لرغبة الكثير من المثقفين. وقد علمنا ان ادارة المعرض ستنظم ايضا ندوة حول الكتبيين والمكتبات وهو موضوع جديد. فلقد تعودنا في المعارض على الحديث عن النشر والناشرين وازمة النشر وعلاقات المبدعين بدور النشر.. وبمشاكل النشر في هذا العصر وما يترتب عن ذلك من مؤثرات سلبية على وضع الكتاب في تونس. والجديد اذن هو الاهتمام بحلقة ننساها دائما هي مهنة الكتبيين المحترفين ولا الكتبيين الطارئين الذين دخلوا الميدان دون خبرة ودون دراية والسؤال الذي ننهي به هو: هل سيكون للكتاب الافريقي حضور في هذا المعرض؟ لقد حملنا دائما هذا السؤال مع الدورات الماضية، لان الكتاب الافريقي يكاد يكون مفقودا لولا بعض الاهتمام به من طرف الناشرين الفرنسيين. بعض المعلومات التي استقيناها من مصادر قريبة من المعرض تؤكد ان هناك مئات العناوين ستأتي مباشرة من الدول الافريقية مثل السينغال والنيجر ونيجيريا ومالي والكونغو، وغيرها.. ففي هذه البلدان حركة ابداعية يحسن بنا ان نطلع عليها. محمد بن رجب (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 أفريل 2007)

رسالة واشنطن: كوندوليزا رايس في ندوة صحفية

«نحن لا نفرض الديموقراطية على أي بلد بل نريد مساعدة الشعوب على التحرّر»

 
من مبعوثتنا الخاصة: سعيدة بوهلال في لقاء جمعها بصحافيين من 132 دولة حلوا بالولايات المتحدة الامريكية للمشاركة في برنامج التبادل الدولي إدوارد آر مراو من 7 إلى 29 أفريل الجاري قالت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية إن بلادها لا تفرض الديمقراطية على أي بلد ولا تريد أن يذهب الناس إلى هذا الفهم الخاطئ.. وأضافت في هذا اللقاء المنتظم بمقر وزارة الخارجية الامريكية بواشنطن «إننا متنوعون وخلفياتنا متعددة ومعتقداتنا الدينية أيضا ولم تكن هذه الفوارق مطية لكي نقتل بعضنا البعض.. ولكن هل تعتقدون أننا تسببنا في تعقيدات في السياسة الخارجية؟؟ في هذا الشأن أقول فكروا في مسيرة الولايات المتحدة الامريكية وما حققه لها التنوع.. ففي هذا البلد نجد الافريقي والمكسيكي والكوري والمصري وغيرهم ونجد المسلم والمسيحي واليهودي ومن لا يؤمن بأي دين فقوتنا في تنوعنا وتسامحنا ونحن ننفق الكثير من الاموال لايصال هذه الصورة ولجعل الناس يتعرفون على بلدنا». وعن سؤال يتعلق بقضية الشرق الاوسط بينت رايس في هذا اللقاء الذي سبقته إجراءات أمنية وتفتيش لامتعة الصحافيين إنها متفانية جدا لاقامة دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل وأنها ستحقق ذلك لان معظم الاسرائيليين والفلسطينيين يريدون أن يكون أطفالهم طلابا في الجامعات وليسوا انتحاريين. وقالت رايس لدى حديثها عن الاستراتيجية العسكرية لبلدها في إفريقيا إن أمريكا لديها وحدات عسكرية في أوروبا والشرق الاوسط وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية لكن ليس لها قيادة في إفريقيا.. ولماذا الاهتمام بافريقيا؟ عن هذا السؤال أجابت أن ذلك يندرج في إطار الحرب ضد الارهاب ومساعدة الدول للوقوف ضد التسلح ومكافحة الارهاب. وقالت «نحن نساعد القوات الافريقية والاتحاد الافريقي والسودان وأوغندا ونيجيريا فسياسة الرئيس بوش ناشطة جدا في افريقيا.. وقد أرسلنا سفيرا للاتحاد الافريقي لمأسسة جهودنا في المنطقة. لكن هذا لا يعني أننا نهدف إلى تكثيف الوحدات العسكرية في العالم بل قمنا بغلق بعض الوحدات لكننا نريد أن نقوم بحل مشاكل إفريقيا». إدارة الازمات الافريقية عن إستراتيجية بلادها في التعامل مع الازمات المتفرقة في إفريقيا على غرار النزاعات المسلحة والسيدا والفقر قالت إن بوش حدد أولويات في إفريقيا أولها التجارة الحرة والاصلاحات الاقتصادية ونشر التعليم خاصة في صفوف البنات. وأن أمريكا ضاعفت مساعداتها لافريقيا ثلاث مرات وكرست برنامج لمكافحة السيدا والملاريا. وبالنسبة لدارفور فعلى حكومة الخرطوم أن تضع قوة تحمي المواطنين وتسمح للاجئين بالعودة. وبالنسبة لليبيريا فقد تعهدت أمريكا بالكثير من التمويل وإعفائها من الديون وهي منخرطة أيضا في عملية إنهاء النزاعات في الكنغو. وعن المسألة الافغانية قالت إن الحكم الافغاني كان متوحشا وتمت الاطاحة به وأن الافغان الان ستكون لهم صداقة طويلة الامد مع الامريكيين. وكانت رايس قد تحدثت بإيجاز قبل إجابتها عن أسئلة الصحافيين عن حرية الاعلام ومميزات برنامج إدوارد أر ميراو الموجه للصحافيين من مختلف بلدان العالم وهو على اسم صحفي ناضل في سبيل حرية الكلمة. وبلغ عدد المشاركين في الدورة الحالية 200 صحفي.. وقالت إن الصحفيين يضحون بحياتهم من أجل نقل الاخبار ونجدهم في الصفوف الامامية وهم في دول ليست فيها صحافة حرّة يضحون كثيرا ويتعرضون إلى المخاطر من أجل أن تكون شعوبهم حرّة. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 أفريل 2007)

تونس في المرتبة 45 عالمياً من بين الدول الأكثر توظيفا للأداءات

 
 تونس – الراية – إشراف بن مراد: احتلّت تونس المرتبة 45 عالميا من بين الدول الأكثر توظيفا للآداءات علي كلفة امتلاك واستعمال الهاتف الجوال حيث بلغت نسبة الاداءات من التكلفة الجملية للهاتف الجوال 17,8% مقابل معدل عالمي ب17,4% وذلك حسب دراسة أكدتها جمعية الهاتف الخلوي GSM association التي تعتبر الهيكل الممثل لمشغلي الهاتف الجوال علي الصعيد العالمي. ويذكر أنّ تركيا احتلت المركز الأول لأكثر الدول توظيفا للاداءات علي تكلفة امتلاك واستعمال الهاتف الجوال من بين 71 دولة شملتها الدراسة التي بينت أنّ أكثر من 45% من تكلفة اقتناء واستعمال الهاتف الجوال تذهب إلي خزينة الدولة في شكل أداءات علي القيمة المضافة ومعاليم جمركية. في المقابل، تعتبر سويسرا أقل الدول توظيفا للاداءات علي تكلفة امتلاك واستعمال الهاتف الجوال اذ تستأثر الدولة بأقل من 1% من الكلفة الجملية للهاتف الجوال حيث لا توظف سويسرا معاليم جبائية علي استعمال خدمات الهاتف الجوال وتكتفي بفرض أداءات بمستوي 14% عند شراء جهاز الهاتف الجوال. ومقارنة بسنة 2005 تراجعت نسبة الآداءات الموظفة علي تكلفة امتلاك واستعمال الهاتف الجوال من 23% إلي 17,8% مقابل استقرار في المعدل العالمي.ويعود ذلك إلي انخفاض نسبة الاداءات الموظفة علي تكلفة شراء جهاز الهاتف الجوال من 26% إلي 18% سنة 2006 وتراجع نسبة الاداءات الموظفة علي تكلفة خدمات الهاتف الجوال من 22,5% سنة 2005 إلي 17,5% السنة الماضية حسب ذات الدراسة وذلك رغم توظيف معلوم جبائي ب300 مليم علي كل عملية شحن للهاتف الجوال المسبق الدفع خلال السنة الماضية حسب قانون المالية لسنة 2006. وتجدر الإشارة إلي أنّ معدل العبء الجبائي العالمي علي خدمات الهاتف الجوال بلغ السنة الماضية 17% حين جاءت تونس في المرتبة 54 عالميا في الدول الأكثر توظيفا للاداءات علي خدمات الهاتف الجوال وذلك مقابل عبء جبائي ب43% في تركيا وبصفر بالمائة في سويسرا. ومن جهة الاداءات الموظفة علي تجهيزات الهاتف الجوال فإن 18% منها تعود إلي خزينة الدولة مقابل معدل عالمي ب24% و92% بسوريا بينما لا توظف كل من الأردن والباكستان وجمهورية الدومينيكان اداءات علي جهاز الهاتف الجوال. (المصدر: صحيفة الراية (يومية – قطر) الصادرة يوم 12 أفريل 2007)

« باب الحيرة » للأردني يحيى القيسي من وحي إقامته في تونس

رواية مشرعة على الشك والسؤال

 
تونس: حياة الرايس قديمة هي علاقة الاديب بالمكان، وكثيرة هي النصوص الروائية التي تناولت المدن.. ذلك ان المدن كالذوات تماما لها ذاكرة وتاريخ، والروائي هو الذي يُحيي المدن ويخلدها في ذاكرتنا، ويستدعي الأمكنة الموقظة لهذه الذكريات النائمة في قرار الوجدان، مما يجعل نصه سياحة باطنية في دهاليز الذات. الروائي الاردني يحيى القيسي كان قد عاش مدة في تونس، او فلنقل تلقى دراسته الجامعية في تونس وتخرج فيها، ولما قفل راجعا الى الاردن، كانت تونس قد تسللت الى طيّات ثيابه وثنايا روحه وقبعت في قاع حقائبه!، تندثر الاثواب والحقائب، وتتجمع تفاصيل سنواته في تونس لتنسج حكاية عشقه لهذا البلد، ولو بعد حين. تدخل الرواية كما تدخل بابا من تلك الابواب العتيقة للأسوار المطوقة للاسرار.. اسرار المدينة التي تنتظر الرواة والحكائيين والساردين، لتفتح لهم قلبها وتهمس لهم ليتحدثوا عنها ولا حرج.. فهل المدينة غير قصة مدوّنة في كتاب؟، تدخل الرواية فيشرّع لك بابها على مصراعيه، فإذا انت تسير «في شارع الحبيب بورقيبة» بقلب العاصمة باتجاه المدينة العتيقة.. تحت رفرفة العصافير على الاشجار الكثيفة ورنين المترو وثرثرة الجالسين في المقاهي والحانات.. ثم تدخل في «ضيق السوق العربي» المظلّل بالسقوف، حيت تتمازج دقات النحّاسين ورائحة الدبّاغين وتزويقات الخزّافين.. صعودا باتجاه «مقام سيدي بن عروس» و«جامع الزيتونة». زنقة تفضي الى زنقة الى سوق جديد لـ «السرّاجين والدّباغين والغرابلية والشمّاعين والشواشية».. قبل ان تدلف الى نهج العطارين، حيث دار الكتب الوطنية. كل ذلك جاء على لسان الراوي وانا أتبعه من قريب، وأسير وراءه حيثما يسير، ألهث احيانا مأخوذة بسحر الدهشة الاولى، كأنني أراها لاول مرة، انا التي عشت فيها عمرا كاملا.. إن للمدن لونا استثنائيا وسحرا آسرا، لما نراها بعين الآخر.. تدور احداث الرواية أغلبها في أزقة وشوارع العاصمة وضواحيها من ساحة القصبة الى كلية الاداب الى المطعم الجامعي الى نهج زرقون الى نهج «عبد الله قش» الى سيدي بو سعيد، الى جبل بو قرنين، ومن الحلفاوين الى ضاحية الزهراء. تظن في الاول انها لعبة أمكنة، وانت تركض وراء الراوي من مطعم الى حانة الى بيت حتى تدخل دار الكتب الوطنية، وما تزخر به من المخطوطات الضاربة في القدم، وتفاجأ به يفتح مخطوطا من تلك المخطوطات المركونة في الحفظ منذ الف سنة او يزيد. «دوّخني ذلك المخطوط الغريب.. ولم أعد اعرف كيف ارجع الى ما كنت عليه من قبل، منذ ان عثرت عليه مغبرّا بين الرفوف، وانا اشعر بفيض من الحيرة تجتاح كياني، وصرت أحب ان ابقى متوحدا تماما وبعيدا عن كل البشر، كان شيئا ماحقا لم أقرأ مثله من قبل قط، يموج بشتى المعارف والحِكم والنصائح والفنون والاشارات والُلمع والمقامات والهرطقات والحيل والسحر والشعوذة والطلاسم، وكأنه حوى علوم الاوّلين والاخرين من الانس والجن..». ولم يكن ينقص صاحبنا، الذي تبدّلت احواله، منذ ان فتح تلك المخطوطات واضطربت اقواله وصار يهذي بما جاء في ذلك اللسان القديم من تضارب بين الشك واليقين.. لم يكن ينقصه غير التعرف الى سعيدة طالبة الفلسفة التي «دمّرت الفلسفة نصف طمأنينتها»، كما كانت تردّد على مسامعه دائما: «آه يا ربي كيف سأوفق بين كل هذه الفلسفات وأصحابها: كروتشة الايطالي ومثاليته ورسل الانجليزي ودعوته لنزع كل رومانتيكية من الفلسفة وهنري بركسون وتصوفه المسيحي وبراغماتية شيلر وذرائعية ديوي ووجودية ياسبرس وتاريخية نيتشه.. كل فلسفة يعتقد اصحابها انها وحدها تملك الحقيقة وما سواها باطل. هنيئا للمطمئنين في جهلهم، اما انا فقد كتب عليّ القلق يوم ولدتني امّي، ولا مفر منه على ما يبدو حتى اموت!». «باب للحيرة»: باب مشرّع على مصراعية يأخذك في الاول بين احضانه في وصلة نوستالجية تظنها اغنية شوق وحنين وصحو صباح باكر على ذاكرة أمكنة نائمة، حتى تكتشف انها متاهات لحيرة السؤال وقلق وشك ميتافيزيقي يعصف بمعتقداتك ويضع كل «تقليدياتك وبديهياتك ومعتقداتك»، على حد قول ابي حامد الغزالي موضع السؤال.. إنها «باب الحيرة»، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، باب مفتوح على الشك والقلق والحيرة.. ربما تلك هيّ ايضا تونس!. (المصدر: صحيفة الشرق الأوسط (يومية – الرياض، لندن) الصادرة يوم 12 أفريل 2007)

ملتقى محمد البشروش في تونس يناقش المرأة والحداثة

 
تونس ـ من صالح سويسي تنظم اللجنة الثقافية المحلية بدار شعبان الفهري من محافظة نابل في الوطن القبلي لتونس الدورة الخامسة عشرة للملتقى الوطني محمد البشروش للقصة والدراسات النقدية أيام 13 و14 و15 أبريل/نيسان المقبل بمشاركة عدد من المبدعين والنقاد من تونس من دول عربية أخرى. وتطرح دورة هذا العام سؤال « المرأة والحداثة في السرد العربي المعاصر ». ويتضمن برنامج الملتقى ثلاث جلسات أدبية وسهرة شعرية عربية بمشاركة شاعرات تونسيات وعربيات. يفتتح الملتقى بمعرض وثائقي عن مساهمات البشروش القصصية، ومعرض تشكيلي حول المرأة و الحداثة لمحمد بوشوشة. الجلسات الأدبية تتضمن الجلسات الأدبية في اليوم الأول مداخلات لكل من د. محمد آيت ميهوب بعنوان « المرأة والحداثة من الموضوع إلى الفاعل »، ود. كمال عمران حول « بدايات السرد والحداثة في نماذج من الإبداع النسائي »، وابتسام خليل التي ستتطرق لـ « مكانة الأمومة والأنوثة في رواية ‘طائر الحوم’ لحليم بركات. » وفي اليوم الثاني 14/4 يشارك د. بوشوشة بن جمعة بمداخلة حول « الحداثة والسردية في الرواية النسائية المغاربية »، فيما يقدم ناجي التباب مداخلة حول « المرأة عنوانا للرواية ». فضلا عن مداخلة هويدا صالح من مصر حول « صورة المرأة في السرديات العربية ‘سيدة السرار’ نموذجا ». وفي مساء ذات اليوم يكون الموعد مع ندوة عربية بعنوان « صورة المرأة في الأدب والمسرح والسينما ينسقها كمال مشماش، ويتداخل فيها كل من حياة الرايس وآمال مختار وسلمى بكار وزهيرة بن عمّار من تونس. بالإضافة إلى فاطمة ناعوت وهويدا صالح من مصر، وسعيدة بن بوزة من الجزائر. وفي سهرة هذا اليوم لقاء مع الشعر والموسيقى والأمسية الشعرية العربية بمشاركة الشاعرات: آمال موسى وفوزية العلوي وفاطمة ناعوت وحياة الرايس. وتقدم في اليوم الختامي مجموعة أخرى من المداخلات، حيث تقدم فاطمة ناعوت مداخلة عن « المرأة عند ظلال الحبر » ويقترح حاتم الفطناسي مقاربة لـ « صورة المرأة في كتابات فرج الحوار »، أما سعيدة بن بوزة فستتحدث عن « صورة المرأة في الكتابة النسويّة ». ويختتم الملتقى بقراءات قصصية للفائزين في مسابقة القصة القصيرة والنقد الأدبي وتوزيع الجوائز. وجاء في ورقة العمل المقترحة من إدارة الملتقى: يرغب محور الدورة الخامسة عشرة للملتقى الوطني محمد البشروش للقصة والدراسات النقدية إثارة موضوع ذي حيوية وخطورة. الحيوية متأتية من مواكبة تحولات العصر خاصة بعد مرور خمسين سنة على صدور مجلة الأحوال الشخصية بتونس، والخطورة لكون الموضوع لم يأخذ بالضرورة طريقه نحو الحل القريب رغم الوعي الحضاري والاجتماعي بدور المرأة في الحياة العامة. ولأن عملنا إبداعي فنّي نقدي نريد من البحوث المراد إثارتها أن تطرح جملا من الإشكاليات لمزيد التفكير والجدل، لعلنا نستطيع تصور جملة من الحلول الافتراضية في حال وجودها فعليّا: ـ فكيف تنزلت صورة المرأة في السرد العربي المعاصر؟ وهل مثّلت صورة للواقع الراهن أم هي انعكاس لإسقاطات من ذات الكاتب؟ ـ هل عكست شخصية المرأة تحولات الحداثة أم ظلّت نموذجا ثابتا في إشكال مختلفة متكررة في نسخ متعددة؟ ـ أي مفهوم للحداثة كشفت عنه المرأة في السرد العربي المعاصر؟ ـ هل إن واقع المرأة مواكب فعلا للنموذج الحداثي؟ ـ هل حداثة السرد الحديث مثلت المرأة؟ ـ هل مثّلت الحداثة جوهر المرأة، أم هي مجرد بهرج خارجي لعالم هو أصلا غير حركي؟ ـ هل المرأة جديرة حقا بالمد الحداثي؟ ـ هل الحداثة في علاقتها بالمرأة هي نقيض القدامة، أم هي بديل عنها، أم هي التنوع والتكامل؟ ـ هل ملامح المرأة حقيقة، أو هي مجرد نموذج لمشروع مرغوب فيه؟ ـ أي نماذج للحداثة أكثر رواجا وشيوعا في السردية العربية المعاصرة؟ وما ميزات ذلك؟ ـ هل أنصفت الكتابة النسوية المرأة بما حقق أهدافا لم تدركها كتابات الرجل؟ ـ هل هذه الكتابة النسائية أكثر إقناعا؟ وهل تدعو إلى المساواة أم تزيد تعميق الهوّة مع الفكر الرجالي؟ ـ ماذا أرادت الكتابات « الجريئة » عن المرأة أن تحقق من غايات؟ وكيف تجلت صورة المرأة بين المقدس والمدنس؟ ـ هل ظلت المرأة شاهدا على عقدة لدى الأدباء والأديبات توظف حسب رغبات معيّنة؟ ـ المرأة والحداثة في العمل الإبداعي القصصي، هل هي مواكبة للمشاريع الإصلاحية الجارية والسياسية؟ ـ هل استوعب المثقف العربي فعلا مميزات التحولات الحضارية؟ ـ تلك هي جملة من العلامات نرسمها لنهتدي بها علّنا نجمع عددا من القراءات بها تتكامل الفكرة ويستنيب الرأي. (المصدر: موقع ميدل إيست أونلاين (لندن) بتاريخ 10 أفريل 2007)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

24 mars 2005

Accueil TUNISNEWS 5 ème année, N° 1768 du 24.03.2005  archives : www.tunisnews.net الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: الحرية لفارس

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.