الجمعة، 4 يناير 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2781 du 04.01.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


حرّية و إنصاف: واقع الحريات في تونس محاكمات و اعتداءات الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: عائلات ممنوعة من حضور محاكمات أبنائها ..و تجدد مهزلة التسخير الحيني..! حركة النهضة:أحكام قاسية في محاكمة غير عادلة  يو بي أي :شركة إيطالية ترصد استثمارات بقيمة 406 ملايين دولار في تونس شينخوا:تقرير اخبارى: تونس تسعى للبحث عن أفضل البدائل لاحتواء الارتفاع  القياسي لأسعار البترول يو بي أي :تونس تنفي تنامي سرقة السيارات رباعية الدفع لبيعها لإرهابيين في الجزائر رويترز:تونس تنفي تهريب عدد كبير من سياراتها لتستغلها القاعدة الشروق: شبكات دولية للسرقة والتهريب: سيارات تونسية «تتبخّر»… صحيفة « الأخبار » :فنّانون تونسيّون ممنوعون على شاشتهم نوفوستي: البحارة الروس ينفذون مهماتهم في البحر المتوسط  فوزي الصدقاوي:حوار مع الصحفي عبد الله الزواري القيادي الإسلامي المنفي في وطنه: الجزء الثالث مصطفى بن جعفر: الإصلاح ضرورة قصوى جريدة مواطنون: الصحفيّة سكينة عبد الصمد « معركتنا واحدة.. وجودنا واحد… حقّنا أوحد… » مرسل الكسيبي :اذاعة الزيتونة مسلك ابداعي اخر في الاصلاح والبناء نقابي من جهة حمام الانف: طعن في عدم قانونية الجلسة العامة الانتخابية للنقابة الأساسية للتعليم الثانوي حمام الأنف عين من المرصد: و إذا لم تستح… فافعل ما شئت…  النفطي حولة: الاستبداد وآثاره الاجتماعية والنفسية سلمى بالحاج مبروك :هل أنا إرهابي؟   د.سناء الشعلان: السّخرية أداةً لفضح الواقع.. قراءة في قصص التونسي ساسي حمام توفيق المديني: الرؤية الصهيونية لحق العودة: مقايضة اللجوء الفلسطيني باللجوء اليهودي


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


 

أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير

حرّية و إنصاف

سارعوا إلى إنقاذ حياة السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي

33 نهج المختار عطية تونس 1001

الهاتف/الفاكس : 71.340.860

Email :liberté_équité@yahoo.fr

***

تونس في 04 جانفي 2008

واقع الحريات في تونس

محاكمات و اعتداءات

* قررت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس اليوم 04/01/2008 تأجيل النظر في قضية سجناء الرأي نوفل ساسي و من معه علما بأن عدد المتهمين في القضية المذكورة بلغ الثلاثين،    و قد حاصرت قوات البوليس السياسي قاعة الجلسة و منعت عائلات المساجين من حضور المحاكمة و أبعدوها بالقوة عن ساحة المحكمة ، و هددت من حاولت من العائلات الدخول للقاعة بالملاحقة القضائية.

* منعت يوم الخميس 03/01/2008 إدارة سجن برج الرومي والدة سجين الرأي عادل الحناشي من زيارته بسبب وجوده في السجن المضيق نتيجة لاتهامه بتكسير جهاز التلفزة و اعتدى مدير السجن عماد العجمي بالعنف اللفظي على والدة السجين المذكور و أجبرها على إمضاء التزام بدفع مبلغ مائتين و خمسين دينارا ثمن جهاز التلفزة .

* في نابل

تميم التريكي يواصل حملته التعسفية

ضد الحجاب و المحجبات

 وقع اقتياد عدد يفوق الثلاثين من النساء و الفتيات في أوقات متفرقة من هذا اليوم الجمعة 04/01/2008 إلى منطقة الشرطة بنابل لجبرهن على نزع الخمار و إمضاء التزام في ذلك ،    و قد قام بهذه العملية مجموعة من البوليس السياسي تحت إشراف المدعو تميم التريكي الذي  قام أيضا بالتحقيق مع عدد من الشبان الملتحين و وجه السؤال التالي لهم : هل تحضرون صلاة الصبح في المسجد ؟ و أي المساجد ترتادون ؟

و حرية و إنصاف :

1) تدين هذه الانتهاكات المتعلقة بالحريات الشخصية .

2) تطالب بالوقف الفوري لهذه الانتهاكات.

3) كما تطالب بتقديم المدعو تميم التريكي للعدالة لمقاضاته من أجل تجاوز السلطة و استغلال النفوذ.

* لم تتمكن والدة سجين الرأي الشاب زياد الفقراوي من زيارة ابنها المعتقل بسجن برج الرومي لللأسبوع الخامس على التوالي علما بأن السجين المذكور يخضع لعقوبة بالسجن المضيق ( السيلون ) ، منذ أن وقعت نقلته إلى سجن برج الرومي يوم 29/11/2007 ، و قد قام يوم أمس الخميس 03/01/2008 عونان بالزي المدني بزيارة عائلة السجين و سألا والدته عن مآل قضيته و عن اسم المحامي المكلف بالدفاع عنه.

* كما زار يوم أمس الخميس 03/01/2008 أربعة من أعوان البوليس السياسي  منزل سجين الرأي الشاب أيمن الدريدي و سألوا والدته عن السجن الذي يقيم به ابنها علما بأن السجين أيمن الدريدي دخل في إضراب مفتوح عن الطعام حتى الموت بسبب منعه من تبادل تهاني العيد مع زملائه المقيمين معه بنفس الغرفة و قد أكد لها مدير السجن المدعو سامي أن المنع كان نتيجة تعليمات مفروضة عليه.

و قد سبق لمنظمة حرية و إنصاف أن استنكرت المضايقات و الممارسات التعسفية المسلطة على سجين الرأي أيمن الدريدي و أدانت سياسة التشفي و الانتقام المتبعة من إدارة سجن باجة للضغط على السجين المذكور من أجل سحب شكايته المقدمة من طرفه ضد زميلهم مدير سجن برج الرومي و طالبت بوقف هذه الممارسات بإنصاف الشاب أيمن الدريدي ودعت إلى إطلاق سراحه.

عن المكتب التنفيذي للمنظمة

الأستاذ محمد النوري


  “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 04 جانفي 2008

متابعات إخبارية كشف الحساب..لقضاء .. »يكافح الإرهاب  » ..! :

 

عائلات ممنوعة من حضور محاكمات أبنائها ..و تجدد مهزلة التسخير الحيني..!

نظرت  الدائرة الجنائية الأولى  بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي الهادي العياري اليوم الجمعة  04/01/2008 في القضية عدد 14505 التي يحال فيها كل من : هشام السعدي و محمد توفيق بن عبد الله و توفيق الحرزلي و أحمد الهذلي و أسامة نوار و يحيى بن زاكور و سلمان رزيق و محمد اللافي و علي العرفاوي و لسعد حشانة و نوفل ساسي و أنيس الهذيلي و رفيق العوني و أحمد السعداوي و أمير شرف الدين و عبد الرحمان طنيش و مهدي خلايفية و معز الغزّاي بتهم الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و استعمال تراب الجمهورية لانتداب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخل تراب الجمهورية و المشاركة في الدعوة إلى الإنضمام لتنظيم له علاقة بجرائم إرهابية و استعمال اسم وكلمة و رمز قصد التعريف بتنظيم إرهابي و بنشاطه و أعضائه ، و قد كانت هيئة الدفاع مكونة من الأساتذة : أحمد نجيب الشابي و محمد نجيب الحسني و عبد الفتاح مورو و أنور أولاد علي و سمير بن عمر و عمر الحرشاني و سمير ديلو   ، و قد  قرر القاضي تأخير الجلسة ليوم 18 جانفي 2008 بطلب المحامين ، علما بأنه قد حاول تسخير محامين للدفاع حينيا ، إلا أنه تراجع بعد رفض المتهمين ، و قد تمت المحاكمة وسط إجراءات أمنية مشددة و لم يسمح بحضور الجلسة  إلا لفرد واحد من كل عائلة .

أحكام قاسية ..بعد محاكمة غير عادلة..!

أصدرت   الدائرة الجنائية الثانية  بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي عبد الرزاق بن منا في ساعة متأخرة من مساء أمس الخميس  03 جانفي 2008  أحكامها في القضية  عدد 13607 فقضت في حق : مبروك الخماسي بـ : 10 سنوات   سجنا ، و غازي صولة :  5  سنوات سجنا ،  و رشاد بن جعفر: 5  سنوات  سجنا ،  و رمزي الوشتاتي :   3 سنوات  سجنا ،  و هيكل التواتي :  3 سنوات    سجنا ،  و رياض المحواشي : عام   سجنا مع تأجيل التنفيذ  ،  و عبد المجيد البوسليمي : 7  سنوات    سجنا ،  و هشام المرساني : 3   سنوات  سجنا ،  و الهادي المرواني : 7 سنوات  سجنا ،  و إلياس الهذلي : 5 سنوات  سجنا ،  بتهم الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و استعمال تراب الجمهورية لانتداب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخل تراب الجمهورية و محاولة توفير أسلحة و متفجرات و ذخيرة و مواد و معدات و تجهيزات مماثلة لفائدة تنظيم إرهابي  . عن لجنة متابعة المحاكمات 

الكاتب العام للجمعية الأستاذ سمير ديلو


بسم الله الرحمن الرحيم
حركة النهضة

أحكام قاسية في محاكمة غير عادلة

 
أصدرت الدائرة الجنائية الرابعة برئاسة القاضي محرز الهمامي يوم 30 ديسمبر 2007 أحكاما قاسية في قضية ما سمي » مجموعة سليمان » تمثلت في الحكم بإعدام اثنين من المتهمين و المؤبد على ثمانية من المتهمين وأحكام تراوحت بين 30 سنة و5 سنوات على بقية المتهمين. وقد أجمع المحامون الذين ترافعوا في القضية على أن هذه المحاكمة لم تتوفر فيها أبسط شروط المحاكمة العادلة مما اضطرهم إلى الانسحاب من قاعة المحكمة احتجاجا على تحيز القاضي واعتدائه على حق المحامين مما يؤكد الطابع السياسي لهذه المحاكمة كما يرسخ تبعية الهيئة القضائية للسلطة التنفيذية وتحولها بالكامل إلى أداة لتصفية خصومها السياسيين. إن حركة النهضة تعبر عن : ـ أن السلطة وحدها تتحمل مسؤولية ما شاب هذه القضية من ملابسات وما فرضته السلطة من صمت رهيب على وسائل الإعلام إبان اندلاع تلك الأحداث الأليمة في نهاية ديسمبر من العام المنصرم 06 ولم يتبين للشعب ولا للمراقبين وجه الحق في هذا الأمر من وجوه التلفيق الكثيرة التي عودتنا عليها السلطة في مثل هذه الأحداث. ـ أن هذه المحاكمة تسجل مرة أخرى عدم استقلال القضاء وتسخيره لينفذ أوامر السلطة الغاشمة بدل إقامة العدل بكل أمانة ونزاهة ـ تدين بشدة ما تعرض له المتهمون من تعذيب شديد أثناء إيقافهم واستنطاقهم وقد روى المتهمون تفاصيل التعذيب المرعب الذي تعرضوا له والذي سجل بشاعته المحامون والمنظمات الحقوقية التي تابعت هذه المحاكمة . ـ تذكر الجميع أن أسلوب التعذيب الممنهج استعملته السلطة مع كل خصومها السياسيين وقد ذهب ضحيته العشرات من الموقوفين مع تمتع الجلادين بالحصانة التامة من العقاب مما شجعهم على التمادي في استعمال التعذيب وتدعو الضحايا إلى الاحتفاظ بحقهم في تقديم من يثبت تورطهم في جرائم التعذيب إلى المحاكمة العادلة لينالوا جزائهم. ـ تستنكر الخروق الخطيرة التي شابت سير هذه المحاكمة والتي سجلها المحامون مما يجعل هذه المحاكمة غير عادلة. ـ تنتظر أن تتدارك السلطة القضائية  عند الاستئناف الاخلالات الخطيرة التي طبعت هذه المحاكمة وتعيد النظر في الأحكام القاسية التي أصدرتها الدائرة الجنائية الرابعة ـ تدعو السلطة إلى الإقلاع عن المنهج الأمني في معالجة القضايا الفكرية والاختلاف السياسي وتطالب بفتح حوار وطني تناقش فيه القضايا الوطنية والمجتمعية بأسلوب ديمقراطي وحر تحفظ فيه مصلحة البلاد ويجنبها مخاطر الانزلاق نحو الغلو والتطرف وتدعوها إلى إعادة النظر في أسلوبها القمعي المعتمد مع شباب الصحوة وذلك بإطلاق سراحهم جميعا و سراح كل المسجونين السياسيين وفتح صفحة  تصالح وطني ـ كما ننبه بشدة إلى أن إصدار أحكام إعدام وأخرى ثقيلة جدا في هذه القضية قد تعطي إشارة الانطلاق لأعمال عنف انتقامية يكون الخاسر الوحيد فيها البلاد بشعبها ومؤسساتها لا قدر الله، كما تطالب الحركة بعدم إصدار أحكام الإعدام والأحكام الثقيلة في القضايا السياسية وقضايا الرأي. لندن 26‏ ذو الحجة‏، 1428 الموافق 4 جانفي 2008 رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي

شركة إيطالية ترصد استثمارات بقيمة 406 ملايين دولار في تونس

 
تونس / 4 يناير-كانون الثاني / يو بي أي: أعلنت شركة « إيني » الإيطالية للغاز والبترول عن رصد استثمارات جديدة لتوظيفها في قطاع الطاقة بتونس خلال السنوات الأربع القادمة. وقال باولو سكاروني الرئيس التنفيذي لشركة « إيني »عقب اجتماعه اليوم الجمعة مع رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي إن الاستثمارات الجديدة التي تعتزم شركته توظيفها في تونس تقدّر بنحو 406.50 مليون دولار. وأضاف أن محادثاته مع رئيس الوزراء التونسي تمحورت أيضا حول إمكانية تمديد العقد الخاص بأنبوب « ترانسميد » لنقل الغاز الطبيعي من الجزائر نحو إيطاليا عبر الأراضي التونسية الذي تنتهي صلاحيته عام 2019. وكانت تونس وإيطاليا وقعتا خلال العام الماضي على اتفاقيتين تهدفان إلى زيادة تدفق الغاز الطبيعي الجزائري إلى صقلية عبر الآراضي،حيث سيتم بموجب الإتفاقيتين الترفيع في طاقة أنبوب الغاز « ترانسميد » الذي يربط بين الجزائر وإيطاليا عبر تونس إلى 33.9 مليار متر مكعب سنويا. وينقل أنبوب « ترانسميد » حاليا نحو 27 مليار متر مكعب سنويا، ومن المقرر ان ينتهي العمل من المرحلة الاولى من المشروع في ابريل/نيسان عام 2008. كما تناولت المباحثات بين الغنوشي وسكاروني تطوير حقلين للنفط والغاز في خليج الحمامات شمال شرق تونس تديرهما شركة « إيني ». يشار إلى أن شركة « إيني » النفطية الإيطالية تعتبر من أهم الشركات الناشطة في قطاع الطاقة التونسي منذ عام 1961.


ايني الإيطالية تبحث انجاز مشاريع طاقة في تونس بقيمة 403 ملايين دولار

 
رويترز تونس : قال باولو سكاروني الرئيس التنفيذي لشركة ايني الايطالية للنفط انه بحث مع رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي يوم الجمعة انجاز مشاريع في مجال الطاقة بتونس باستثمارات تتجاوز 400 مليون دولار. وقال سكاروني في تصريح بثته وكالة الأنباء الحكومية التونسية « اللقاء كان مناسبة تطرق فيها الطرفان إلى برنامج استثمارات المؤسسة في تونس والتي من المتوقع ان يبلغ حجمها 500 مليون دينار/ 403 ملايين دولار خلال السنوات الأربع القادمة. » وقالت الشركة في بيان إن الاثنين بحثا مستقبل خط أنابيب ترامنسميد للغاز الطبيعي الذي يمتد من الجزائر عبر تونس إلى صقلية. وبحثا امكانية التمديد في هذا الاتفاق الذي من المنتظر ان ينتهي أجله عام 2019. كما تناولت المباحثات التي جرت بقصر الحكومة بالقصبة بتونس تطوير حقلين للنفط والغاز في خليج الحمامات. وحضر الاجتماع وزير الصناعة عفيف شلبي. (المصدر: موقع إيلاف بتاريخ 04 جانفي2007)


تقرير اخبارى: تونس تسعى للبحث عن أفضل البدائل لاحتواء الارتفاع  القياسي لأسعار البترول

 
www.xinhuanet.com 2008-01-04 15:39:39 تونس 3 يناير (شينخوا) تبحث تونس خلال هذه الفترة عن انجح السبل  لامتصاص الزيادة في اسعار النفط بعدما تجاوز سعر البرميل فى مطلع  الشهر الحالي عتبة المائة دولار أمريكى مسجلا بذلك اعلى مستوى له على الاطلاق علما بان سعر برميل النفط كان في نفس الفترة من السنة  الماضية في حدود 50 دولارا.  ويأتى تضاعف سعر برميل النفط مرتين خلال نفس السنة بزيادة قدرها  100 بالمائة امرا غير مسبوق فى ظروف تسعى فيه اقتصاديات العديد من  الدول جاهدة الى الا يتجاوز معدل التضخم بها 4 بالمائة باعتبارها  نسبة غالبا ما تصبح مدعاة للانشغال.  وذكرت مصادر اعلامية تونسية ان تونس تسعى مثل غيرها من البلدان  المستوردة للنفط الى تأمين حلول ملائمة لتجنب الانعكاسات السلبية  لهذه الزيادة وذلك عبر جملة من البدائل يتمثل اولها فى امكانية تحمل  ميزانية الدولة لتبعات هذا الارتفاع في اسعار النفط والذى سيكون  بالتأكيد على حساب الاعتمادات المرصودة للبرامج التنموية ولدعم نسق  النمو دون ان يرهق كاهل الموازنات.  ويتمثل الحل الثانى المطروح فى اللجوء الى نسبة تداين عمومي اكبر بما من شأنه ان يؤثر سلبا على التوازنات المالية العمومية ويفضي الى  عجز في الميزانية ويقلص بالتالي حظوظ تونس لدى الهيئات المالية  الدولية فى المستقبل علما وان التداين يتطلب توفر القدرة على الايفاء بالتعهدات والذى يتم على حساب تدخلات الدولة في مجالات حيوية  كالاستثمار والتشغيل والحوافز المختلفة.  اما الحل الآخر فيتمثل في اقرار تعديلات على الاسعار الداخلية  تماشيا ونسق الاسعار الدولية بما يحمله هذا الحل من انعكاس سلبي على  القدرة التنافسية للمؤسسة الوطنية وضغط على القدرة الشرائية للمواطن.  واشارت المصادر الى ان الحلول المقترحة ليس بامكانها لوحدها  معالجة الآثار الناجمة عن هذا الارتفاع بل ان حكمة التدبير والتبصر  يفرضان البحث عن حل وسط قد يستوجب على المؤسسة وعلى المواطن كل من  جهته جهدا اضافيا فى مجال الاقتصاد فى الطاقة وبالتالي الاخذ بعين  الاعتبار فى ميزانيتيهما كلفة اضافية لم يتحملاها من قبل الا بشكل  نسبي حيث لم يتجاوز هذا القسط نسبة 30 او35 بالمائة من الكلفة التى  يتحملها الاقتصاد الوطنى.  كما يتعين على ميزانية الدولة التكفل مثلما هو الحال بامتصاص  نسبة تتراوح بين 40 و50 بالمائة فى صورة اعتماد خطة الاقتصاد فى  الطاقة.  وقد عكفت تونس منذ شهر خلال الحوار البرلمانى حول ميزانية الدولة على ضبط توجهاتها التنموية ودعم البنى الاساسية وحفز الاستثمار  وتجسيم التطلعات الوطنية في اتجاه المحافظة على التوازنات المالية  طبقا للسياسات المعتمدة فى كل المخططات التنموية باعتبار ان هذا  التوجه يعد الضامن الوحيد لنجاعة منوالها التنموى ومعاضدة نسق  التنمية المستديمة وفق الاهداف المرسومة في اطار مناخ يتسم  بالاستقرار يخول للمؤسسات الوطنية رفع تحديات المنافسة الدولية  الشرسة والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن.  ولكسب هذه المعادلة الصعبة تعتمد تونس مقاربة شمولية يتلازم فيها البعدان الاقتصادى والاجتماعي والنظرة الثاقبة لمختلف المستجدات  باعتبارها مفاتيح نجاح الاقتصاد التونسي وضمان تسريع نسق تطوره  والارتقاء الى مستويات افضل وارفع من النمو. (المصدر: وكالة الأنباء الصينية  » شينخوا »  بتاريخ  4 جانفي 2007)
 

تونس تنفي تهريب عدد كبير من سياراتها لتستغلها القاعدة

 
Fri Jan 4, 2008 12:13pm GMT تونس (رويترز) – نفى مصدر قضائي في تونس يوم الجمعة أنباء عن سرقة وتهريب عدد كبير من سيارات ميتسوبيشي لاستغلالها في الصحراء الجزائرية من قبل شبكة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وقالت مصادر إعلامية في الآونة الأخيرة إن شركات التأمين التونسية أبلغت عن سرقة أكثر من 150 مركبة ميتسوبيشي تم تهريب أغلبها إلى الصحراء الجزائرية لاستغلالها من قبل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وقال المصدر القضائي انه « خلافا لما ورد من تسجيل سرقة عدد كبير من السيارات من طراز معين بغرض تهريبها واستغلالها من قبل شبكات ارهابية في الخارج فانه لم يسجل أي ارتفاع في مثل هذه القضايا. » وأضاف « لم تخرج القضايا المسجلة عن نطاق القضايا الفردية التي تباشرها عادة المصالح الأمنية والقضائية كما انه ليس هناك قرائن تثبت وجود علاقة بين سرقة أو تهريب سيارات وأنشطة إرهابية في الخارج. » وكثفت تونس من مراقبة حدودهما البرية مع جارتها الجزائر لمنع تسلل عناصر من المتشددين الإسلاميين إليها.

تونس تنفي تنامي سرقة السيارات رباعية الدفع لبيعها لإرهابيين في الجزائر

 
تونس / 4 يناير-كانون الثاني / يو بي أي: نفت تونس أن تكون سلطاتها الأمنية تحقق حاليا في ظاهرة تنامي سرقة السيارات رباعية الدفع لتهريبها إلى الصحراء الجزائرية حيث ينشط تنظيم « القاعدة في بلاد المغرب العربي ». وقال مصدر قضائي تونسي في بيان تلقت يونايتد برس انترنايونال نسخة منه اليوم الجمعة،إنه « خلافا لما أوردته بعض المصادر الصحفية من تسجيل سرقة عدد كبير من السيارات من طراز معين بغرض تهريبها وإستغلالها من قبل شبكات إرهابية في الخارج،فإنه لم يسجل أي ارتفاع في عدد مثل هذه القضايا ». وأضاف المصدر في بيانه أن هذه القضايا المسجلة »لم تخرج عن نطاق القضايا الفردية التي تباشرها عادة الأجهزة الأمنية والقضائية،كما أنه ليس هناك قرائن تثبت وجود علاقة بين سرقة أو تهريب سيارات،وأنشطة إرهابية في الخارج ». وكانت صحيفة « الشروق » التونسية المستقلة ذكرت في عددها الصادر أمس أن السلطات الأمنية تحقق حاليا في ظاهرة تنامي السرقات التي تستهدف السيارات رباعية الدفع لتهريبها إلى الصحراء الجزائرية حيث ينشط تنظيم « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ». وأشارت إلى أن إحدى الفرق الأمنية التونسية المختصة »تمكنت من إيقاف بعض عناصر شبكات مغاربية مختصة في هذا الصنف من السرقة، حيث تبيّن لها أن عددا هاما من السيارات المسروقة تم تهريبه إلى الجزائر ». وبحسب الصحيفة التونسية،فإن السلطات الأمنية التونسية تخشى أن تكون السيارات المسروقة تم نقلها إلى « العصابات الإرهابية »وإلى شبكات تهريب المخدرات التي تستعمل مثل هذا النوع من السيارات للتنقل بسهولة في أعماق الصحراء الجزائرية الشاسعة الممتدة بين تونس وليبيا والمغرب وموريتانيا والنيجر ومالي. ونقلت عن شركات تأمين تونسية قولها إن ظاهرة سرقة السيارات رباعية الدفع تنامت خلال العام الماضي بشكل لافت، حيث سجل سرقة نحو 150 سيارة، يعتقد أنه تم تهريبها إلى الجزائر.

قضايا وحوادث

شبكات دولية للسرقة والتهريب: سيارات تونسية «تتبخّر»… لتظهر لدى عصابات السلاح والمخدّرات في صحراء الجزائر

 
* تونس ـ «الشروق»: تجري حاليا احدى الفرق الأمنية المختصة في تونس ابحاثا حول ظاهرة سرقة السيارات التي انتشرت خاصة خلال السنة الماضية 2007، وقد تمكنت من إيقاف بعض عناصر شبكات مغاربية مختصة في هذا الصنف من السرقة وتبيّن ان عددا هاما من السيارات تم تهريبه الى الجزائر. إحدى أبرز هذه القضايا تلك التي نظرت فيها محكمة تونس الابتدائية التي تورّط فيها أشخاص كوّنوا شبكة، تتزعمها فتاة جميلة، والجمال هنا كان عنصرا هاما في استدراج الضحايا اذ تفيد الوقائع ان تلك الفتاة كانت تراود بعض الاشخاص من أصحاب السيارات الفاخرة خاصة رباعية الدفع وبعد ان تتمكن من إقناع الراغب في مصاحبتها تتوجه به الى احد الأحياء المتاخمة للعاصمة وتختار المكان المناسب المتميّز بالعزلة ثم يـظهر بشكل مفاجئ أشخاص، يدّعون قرابتهم للفتاة ويتعمّدون الاعتداء على صاحب السيارة بالعنف الشديد قبل ان يسلبوه ماله وعربته. بعد فترة تهريب تلك السيارة الى الجزائر كشفت بعض الابحاث في قضايا مشابهة وجود شبكات لها صلة بأشخاص يقيمون في مناطق حدودية بين تونس والجزائر او بين تونس وليبيا ، لهم علاقات بدورهم بموظفين وأعوان أمن او أعوان بالديوانة، يسهّلون لهم عمليات تهريب تلك السيارات لقاء مقابل مالي بعنوان عمولة، وقد تكرّرت تلك العمليات الى ان تمّ الكشف عن البعض منها، وقد تبيّن ان عمليات التهريب لها صلة بعمليات سرقة مشابهة تقع بالجزائر.   * الخيط الرفيع بين تونس والجزائر أوردت بعض وسائل الاعلام الجزائرية مؤخرا ان احدى الفرق الامنية بعين البيضاء شرق العاصمة الجزائرية، وإحدى الفرق الأمنية الأخرى ايضا بعنابة وبالمة وتبسة وبسوق هراس.. المتاخمة للحدود الغربية لتونس، تمكنت من ضبط عدد من السيارات، سواء المهرّبة عبر الحدود ا و المسروقة لأشخاص او لمؤسسات وتبيّن ان تلك العربات تم تغيير لوحاتها وتزوير وثائقها وجرى بيعها في مناطق مثل عين صالح ودجانيت وتمانراست بيضون… وهي مناطق تقع جنوب الجزائر حيث تنشط عصابات المخدّرات وتهريب البضائع والبشر والسلاح وحيث تنشط أيضا عصابات الاتجار بالموت ومجموعات الارهاب… لذلك فإن السرقات تركّز أساسا على السيارات رباعية الدفع لقدرتها على السير في الصحراء الامر الذي عرّض سيارات بعض الوكالات السياحية للسرقة، وحتى سيارات بعض الاجهزة الأمنية فائقة القوّة تعرّضت أيضا للنقل الى جنوب الجزائر.   * من أوروبا عبر حلق الوادي في السياق ذاته اوردت جريدة «الخبر» الجزائرية اليومية، ان مصالح امن مدينة تبسّة شرق الجزائر تمكنت من تفكيك عصابة دولية متخصصة في سرقة السيارات ذات المنشأ الاجنبي عبر ميناء حلق الوادي بتونس، وهي سيارات مهرّبة من فرنسا وإيطاليا وقد لعب متهم تونسي دور الوسيط في جل عمليات التهريب وقد انطلقت الخيوط الاولى للقضية بعد ان ترك احد المتهمين وثائق سفره بمركز العبور الحدودي «رأس العيون» بعد ان علم انه محلّ تفتيش من قبل البوليس الدولي (الانتربول) لتورّطه في سرقة سيارات حجزت إحداها بتونس، وكان المتهم يستعدّ لدخول تونس على متن سيارة إيطالية قبل ان يلقى عليه القبض بمنزل في مدينة تبسّة التي لها حدود مع ولاية القصرين.وقد حجز المحققون عددا هاما من التوكيلات والوثائق المدلسة، وكانت التوكيلات محرّرة في دول اوروبية مثل البرتغال وإيطاليا وفرنسا ومرفوقة ببطاقات رمادية لسيارات تونسية مزوّرة. وحسب الصحيفة ذاتها التي اسندت خبرها الى خلية الاعلام بأمن تبسّة فإن كل السيارات المسروقة تتجه من فرنسا الى إيطاليا ثم عبر حلق الوادي بتونس لتباع لمتهم تونسي يتولى افتعال وثائقها تم تهريبها الى الجزائر عبر بعض الحدود الجبلية الوعرة، وقد اشترك في عمليات التهريب اشخاص من تونس والجزائر وشخص إيطالي ورد اسمه في العديد من هذا الصنف من القضايا وهو «سكوتي دومينيكو» (Scotti Domenico ) ومن البرتغال. وقد تبيّن ان تلك السيارات تبلغ مسارها النهائي بين أيدي عصابات المخدّرات والتهريب والارهاب، بالصحراء الجزائرية وبالطرق الجبلية الوعرة، طبعا دون اعتبار تفكيك بعض السيارات المسروقة من تونس وبيعها قطعا وهي أساسا السيارات الألمانية.   * التاكسيات في تونس أثناء تحقيقنا في قضية مقتل سائق التاكسي التونسي بجهة نعسان ، جنوب العاصمة، تبيّن ان بعض سيارات الاجرة «تاكسي» خاصة ألمانية الصنع تتعرض للسرقة وسألنا عن الموضوع السيد علي الفهري رئيس غرفة اصحاب سيارات التاكسي فقال: «لقد لاحظنا خاصة سرقة سيارات» «البولو Polo » الجديدة والتي قوّتها 5 خيول»  ولاحظ انه لم يتم العثور عليها الى حدّ الآن، وتوقع انها تتعرض الى تفكيك ثم تهريبها لتباع كقطع غيار في الجزائر. اضافة الى امكانية بيع البعض منها في تونس. وأضاف السيد علي الفهري «أعرف أكثر من ستة حالات تعرّض اصحابها لسرقة سيارات خاصة البولو Polo، وقد أثير الاشكال مع التأمينات اذ ان استرجاع المبالغ المالية بعنوان تعويضات تتم غالبا بعد سنة كاملة رغم ان صاحب السيارة مطالب بدفع أقساط الكمبيالات لخلاص سيارته التي اقتناها بقرض.   * شركات التأمين ورباعيات دفع في الصحراء أحد العاملين في شركة تأمين خاصة،قال ان طلبات التعويض عن سرقة السيارات ارتفعت سنة 2007، ولاحظ ان السيارات الفاخرة وخاصة رباعية الدفع هي الاكثر عرضة للسرقة. وأضاف بأن آجال ارجاع المبالغ المالية المستوجبة مرتبطة بشروط قانونية وواقعية ولم ينف وقوع بعض التأخير واعتبرها حالات استثنائية. وقد أفادت بعض المصادر ان اكثر من 150 سيارة «ميتسوبيتشي» ابلغت عنها شركات التأمين تعرضت للسرقة وهي سيارات قادرة على السير في الصحراء.. في احد الملفات القضائية امام احدى الدوائر الجنائية بتونس ورد بأن شبكة مغاربية متخصصة في سرقة السيارات من تونس قامت بتهريبها الى الجزائر والى ليبيا بعد تزوير وثائقها وافتعال بطاقاتها الرمادية. وحسب بعض المصادر الجزائرية فإن ابحاث احدى الفرق الامنية توصلت اثناء تحقيقاتها الى ان السيارات التي تسرق من تونس، يتسلمها اشخاص جزائريون مرتبطون بشبكات دولية، يتوجهون بها الى الصحراء الجزائرية حيث تباع مثلا سيارة «الميتسوبيشي» (Mitsubishi ) بستة آلاف دينار تونسي، رغم ان ثمنها الاصلي يفوق 40 ألف دينار..   * من السرقة الى الجريمة المنظمة اذن يبدو ان المشهد العام يبدأ بربط الصلة وتشكيل المجموعة ثم تنسيق المهام والانطلاق في التنفيذ، والبداية بسرقة السيارة ثم تهريبها بعد تدليس وثائقها الى ان تصل الى بؤر الجريمة المنظمة، وقد اصبحنا امام شبكات دولية متخصصة في هذا الصنف من النشاط الاجرامي، الذي خلق انشطة جانبية ولكنها مهمة لاتمام الجريمة، مثل المختصين في اختراق أنظمة الترميز لبعض السيارات وصناعة مفاتيح قادرة على فتح أعصى العربات ومختصون في انظمة التشفير بالاعلامية والتدليس ووسطاء التهريب وموظفون لتسهيل عملية خروج السيارات وصولا الى «أمراء» السلاح والمخدّرات والارهاب والجريمة المنظمة. * منجي الخضراوي المصدر جريدة التونسية 4 جانفي 2008 (المصدر: صحيفة  » الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 04  جانفي2007)


فنّانون تونسيّون ممنوعون على شاشتهم

 
سفيان الشورابي نهمُ الرقابة في العالم العربي بلا حدود، والجهاز الرسمي يمضي قدماً في نبش أي عبارة نقد، قد تتسرّب بين ثنايا مشروع إبداعي، وتمسّ بشكل أو بآخر النظام الحاكم. أخيراً، سرّب أحد المسؤولين في التلفزيون الرسمي التونسي بقناتيه الفضائيتين («تونس7» و«قناة 21»)، معلومة تفيد بأن منع مرور برامج أو أعمال مخالفة للخط الرسمي على شاشات التلفزيون، وصل حدّ حرمان وجوه معروفة من مجرّد الظهور على الشاشة. ونقلت وسائل الإعلام المحلية عن المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، وجود قائمة من الفنانين والمبدعين التونسيين الممنوعين من الظهور في التلفزيون أو المشاركة في برامجها، بينهم الفاضل الجعايبي وجليلة بكار وتوفيق الجبالي والشاعر محمد الصغير أولاد أحمد والروائي محمد علي اليوسفي. واستشهد المصدر بأنّ أحد المنتجين في قناة 21 الفضائية أراد تصوير حلقة من برنامجه مع الشاعر محمد الصغير أولاد أحمد، إلا أن إدارة التلفزيون اعترضت من دون تقديم أي سبب. كذلك اعترضت في البرنامج نفسه على استضافة الناقد والروائي محمد علي اليوسفي بحجة عدم شغور أي من استديوهات التصوير! وأكد المصدر نفسه أن هذه الأسماء ممنوعة من الظهور في التلفزيون الحكومي، نظراً الى آرائها ومواقفها وأفكارها النقدية والمتباينة مع الاتجاه الرسمي. علماً أنّ مسرحية «خمسون» للفاضل الجعايبي (نصّ جليلة بكّار) مُنعت أشهراً طويلة في تونس قبل أن تُفرج عنها الرقابة بضغط من الوسط الثقافي والإعلامي وأهل المسرح في تونس. أما المتضرّر الوحيد من كل ذلك، فهو المشاهد التونسي والعربي! (المصدر: صحيفة « الأخبار »  بتاريخ 04 جانفي2007)


البحارة الروس ينفذون مهماتهم في البحر المتوسط (بالتفصيل)

 
03/01/2008 20:35 موسكو، 3 يناير (كانون الثاني). نوفوستي. تستمر مجموعة السفن التابعة للأسطول الحربي البحري الروسي (أسطول الشمال الروسي تحديدا) الموجودة في البحر الأبيض المتوسط حاليا في تنفيذ مهماتها.   وتستعد إحدى سفن الإمداد والتموين من تشكيلة المجموعة المذكورة لزيارة ليبيا، بينما تتوجه السفينة المضادة للغواصات « الأميرال تشيبانينكو » من قوام المجموعة نفسها قريبا  لزيارة ميناء تارانتو- قاعدة القوات البحرية الإيطالية. وكانت مجموعة السفن التابعة لأسطول الشمال الروسي بقيادة الطراد الثقيل حامل الطائرات « الأميرال كوزنيتسوف » قد عبرت مضيق جبل طارق ودخلت البحر الأبيض المتوسط في 21 ديسمبر الماضي. وتضم المجموعة الطراد الثقيل حامل الطائرات « الأميرال كوزنيتسوف »، والسفينتين المضادتين للغواصات « الأميرال ليفتشينكو » و »الأميرال تشابانينكو »، وسفينتي الإمداد والتموين « سيرغي أوسيبوف » و »نيكولاي تشيكير ». وقد بدأت المجموعة رحلتها الطويلة إلى شمال شرق الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط في الخامس من ديسمبر الماضي، بعد التقرير الذي قدمه وزير الدفاع الروسي اناتولي سيرديوكوف إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول استئناف روسيا تواجدها في المحيط العالمي. ويكمن الهدف من الرحلة في ضمان التواجد العسكري البحري الروسي في المناطق الهامة من المحيط العالمي من حيث مصالح روسيا الأستراتيجية والاقتصادية. وزارت السفينة المضادة للغواصات « الأميرال ليفتشينكو » والناقلة « سيرغي أوسيبوف » القاعدة البحرية في ميناء بنزرت التونسي. كما أجرت الطائرات من طراز « سو-33″ و »سو-25 » التابعة للطراد « الأميرال كوزنيتسوف » سلسلة من التحليقات التدريبية فوق البحر الأبيض المتوسط في 28 ديسمبر الماضي. وستتواصل الرحلة حتى أوائل فبراير المقبل. وخلال هذه الفترة ستقوم القطع الحربية الروسية وسفن الإمداد والتموين المرافقة لها بزيارة موانئ دول أجنبية وستشارك في تدريبات مشتركة مع سفن الأساطيل البحرية الحربية  الأجنبية. وستقطع السفن الروسية خلال رحلتها هذه أكثر من 12 ألف ميل. يذكر أن أسطول الشمال الروسي لم يقم برحلات إلى البحر الأبيض المتوسط منذ عام 2000. وستلتحق بالمجموعة البحرية الآنفة الذكر (من أسطول الشمال الروسي) في البحر الأبيض المتوسط مجموعة أخرى تمثل أسطول البحر الأسود الروسي بما فيها الطراد الصاروخي « موسكو » وبعض سفن الإمداد والتموين. (المصدر: وكالة الأنباء الروسية  »  نوفوستي  »  بتاريخ 3 جانفي 2007)

حوار مع الصحفي عبد الله الزواري القيادي الإسلامي المنفي في وطنه

الجزء الثالث

 
حاوره فوزي الصدقاوي Sadkaoui.fzw@gmail.com     7.على إثر خروجكم من السجن لاحقـتْـكم السلطة وعَطّلت نشاطكم وجرى ترحيلكم إلى السجن الأكبر، كيف دافعتم عن قضيتكم و ضمن أي مسوغات مارست السلطة قرار نفيكم ؟   أنا محكوم بأَحَدَ عشر سنة، لكن المدة التي قضيتها هي أحدَ عَـشَر سنة وثلاثة أشهر وخمسة عشر يوماً، أي قضيت ثلاثة أشهر وخمسة عشر يوم إضافية ، فالسلطة السياسية التي تسن القوانين في البلاد هي أول من ينتهكها، ففي عهد بورقيبة إن تم إيقاف أحد يوم 15 من الشهر مثلاً ، فسوف يتم خصم مدة الإيقاف من مدة الحكم .ولأن السلطة الحالية تتظاهر بإحترامها لحقوق الإنسان والمواثيق والعهود الدولية والإجراءات الجزائية وقع سن في بداية التسعينات من القرن الماضي،الإيقاف التحفظي بمدة عشرة أيام ، لكن السلطة التنفيذية ستجد نفسها أمام معضلة فالإيقاف التحفظي القانوني عشرة أيام وبعض الموقوفين قضوا بالإيقاف شهر أو شهرين .وحتى يقع إحترام قانون الإيقاف التحفظي ، يقومون بإخراج السجين في اليوم العاشر إلى ساحة منطقة الأمن أو مركز الشرطة ليلتقي بعائلته ويُسجلون إطلاق سراحه في يومه ذاك ، ثم يُعَادُ إلى السجن ويُسَجـَل إيقافه من جديد وبتاريخ جديد، فأنا مثلاً تم إيقافي في21 فيفري1991 لكن في محضر التحقيق يسجل إيقافي بتاريخ 6 جوان1991 ، وبذلك دفعت ثلاثة أشهر ونصف إضافية على مدة الحكم المقررة من قبل المحكمة . وبعد إحدى عشر سنة في عزلة سجنية مغلظة ، لايرى المرء من وجوه الأدميين غير وجه السجان ، يخرج إلى المجتمع بنية تدارك ما فات ويُصلح ما أفسدته السلطة السياسية في عائلته طوال تلك السنين ،خرجتُ بنية إستعادة علاقاتي العائلية والإجتماعية والجمعياتية وغيرها بقصد العيش حياة عادية ، لكن السلطة كان لها رأي أخر ، فالإبادة التي لم تتحقق من خلال قرارات المحاكم بإصدار أحكام الإعدام في مرحلة أولى ثم بالتدمير المنهجي في مرحلة ثانية في السجون التونسية من خلال التراتيب والسياسات التي تم تنفيذها على السجناء ، سيتم في مرحلة ثالثة ملاحقة السجين خارج السجن بعدد من الإجراءات المجحفة. ففي حقي مثلاً إتخذتْ السلطة السياسية والإدارية قراراً لايخدم مصالحي العائلية ولا المهنية ولا الإنسانية بقصد تدمير الشأن العائلي والشأن المهني فكان نفييّّ وإبعادي إلى الجنوب التونسي على مسافة خمسمائة كيلومتر من محل إقامة عائلتي لتتواصل بذلك محنة كل العائلة ومحنة بُعدي عن عائلتي ، فبقطع النظر عن الحكم المسلط ضدي ، فأنا حين أغادر السجن ، أغادره لأستعيد حياتي على النحو الذي أرتضيه لنفسي وفق المبادئ والمنهج الذي أرتضيه لنفسي وحين أخالف القانون ، فالسلطة لها أن تحاسبني  وتنفذ في حقي العقاب وفق القانون ، غير أن السلطة منذ خروجي من السجن رأت أن إتصالاتي بالصحفيين وبوكالات الأنباء وبالمحامين وبالجمعيات وبعائلات المساجين السياسيين خرقاً للحدود التي رسمتها السلطة لي ولأمثالي من السجناء السياسيين ، خاصة وأنه إلى حدود سنة2002 لاتزال السلطة تسيطر بإحكام على المجتمع مقارنة لما عليه الحال اليوم ، فرجل يزور عشر عائلات مساجين سياسيين في يومين ويتحدث إلى رويتر و(AFT) لا بد أن تنزعج السلطة من نشاطه ، خاصة وأن أخبار السجون لم تكن معروفة بصورة جيدة في ذلك الوقت . وقع إعلامي بقرار وزاري للمراقبة الإدارية من قبل رئيس (مركز أمن 05 ديسمبرالكرم الغربي) بتاريخ 02 أوت2002 ، وأعلمته فوراً أن هذا القرار يضر بمصالحي وأنه ليس لي بجرجيس ما يحملني على الإقامة بها، وأن محل سكناي بتونس العاصمة وأنه تم إيقافي في تونس منذ أحد عشر سنة ، لكن رئيس المركز كان يؤكد لي أنني مطالب بالإلتحاق بجرجيس وانصرف ،وهكذا بقيتُ في تونس إلى يوم 19 أوت 2002 تاريخ إختطافي على مقرُبَة من مكتب الأستاذ سمير بن عمر، من قبل مجموعة من أعوان الأمن الذين أخذوني إلى الاستعلامات بوزارة الداخلية ، وهناك طلب مني مسؤول أمني كبير أن أكف عن نشاطاتي وأهتم بعائلتي وأعلمني أن مدة المراقبة الإدارية ، علي أن أقضيها في جرجيس ، كما نص على ذلك قرار المحكمة ، فأعدتُ عليه رفضي لأن هذا القرار يضر بمصالحي ولأن مقر إقامتي الفعلي في تونس وأن العنوان الذي أعلمتُهم به عند خروجي من السجن هونفس العنوان الذي كنتُ أقيم به سنة 1991 عندما تم إعتقالي في صالانبو . ظللتُ في الإيقاف إلى الساعة الواحدة بعد منتصف النهار،إلى حين حزموا أمرهم،وأخذوني في سيارة بإتجاه مركز بوشوشة،حيث تم تغييرالسيارة والتزود بالوقود ثم شدوا رحالهم إلى جرجيس أين وصلنا الساعة9ليلاً وهناك سُلمتُ إلى مركز أمن جرجيس وحرروا محضر لمخالفتي المراقبة الإدارية، واُحِلتُ في الغد على وكيل الجمهورية وعرضتُ على محكمة الناحية بجرجيس يوم 23 أوت وإتخذ القاضي أقصى العقوبة في مثل هذه المخالفة وهي ثمانية أشهر، وفي الاستئناف اُقر الحكم الأول ، أما إدارة السجون فقد رأتْ أن أقضي مدة عقوبتي بالقيروان فقضيتُ هناك نحو  شهرين ، ولابد لي هنا من أن أذكر الجهود الجليلة التي قامت بها الأستاذة سهير بالحسن حين  شكلت ورفاقها لجنة مساندة التي قامت بحملة دعائية كبيرة فتبنت منظمة« مراسلون بلا حدود» قضيتي والفدرالية الدولية للصحافيين و(CPG) و منظمة هيومن رايتس واتش وعدة منظمات، جميعها قامت بدورها ،وقد تم الإتفاق على إجراء إعتصام أمام السجن المدني بالقيروان في 29 أكتوبر2002 ، وحين تسرب الخبر قامت إدارة السجون بنقلي قبل يومين إلى سجن قابس حيث قضيتُ ليلة واحدة هناك قبل نقلي في الغد إلى سجن المدنين ، ومع كل ذلك تم الإعتصام أمام السجن المدني بالقيروان، غير أني لم أكن بالسجن ، وقد شارك في الإعتصاب عدد من الحقوقيين منهم الأستاذة سهير بالحسن والأستاذة سعيدة العكرمي والقاضي مختار اليحياوي كما أظن ،و أحمد السميعي ،والمعذرة لمن لم أذكر أسماءهم ..وقد شارك إبني المعتصمين إعتصامهم . وفي 6 نوفمبر اُطلاق سراحي ، وتم اقتيادي إلى منطقة الأمن بمدنين ثم سيارة أخرى نُـقلتُ فيها إلى منطقة أمن جرجيس حيث علي أن أقضي إقامتي الجبرية مبعداً عن عائلتي . ومنذ ذلك الوقت لم يسمح لي بمغادرة جرجيس إلا في مرة وحيدة لقضاء بعض مصالحي الخاصة في الكاف وإنتقلتُ بعدها إلى تونس حيث قضيتُ بها ثلاثة أيام ومنذ ذلك الوقت لم يَعُـدْ يُسمَحُ لي بمغادرة جرجيس وكل طلباتي التي توجهتُ بها إلى السلط المحلية والجهوية والوطنية للسماح لي بالإلتحاق بعائلتي أو زيارتها رُفضتْ رفضاً تاماً. و أول محاولة لي للخروج والإلتحاق بالعاصمة كانتْ في 10 ديسمبر2002 حيث دعيتُ من قبل الحزب الإشتراكي التقدمي إلى ندوة كانت حول السجناء السياسيين وكان هناك عمل آخر مشابه في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فمُنعتُ من الانتقال إلى العاصمة لكن لم يتم تحديد تاريخ السماح لي بالإلتحاق بالعاصمة إلا بعد ثلاثة أيام من مواعيد الندوات .في تلك الفترة كتب الهادي يحمد عن أوضاع السجون التونسية في مجلة حقائق وتم على إثرها طرده من المجلة وبعدها سافر إلى الخارج.منذ ذلك الوقت وجميع المطالب التي تقدمتُ بها وهي نحو ثلاثة عشر مطلباً قُوبٍلَتْ جميعها بالرفض، كما قامت زوجتي و أبنائي ووالدتي العجوز برفع مطالب إلى رئيس الدولة لإنهاء هذه المأساة لكنها لم تجد آذان صاغية، وقد رفعتُ قضية لدى المحكمة الإدارية بطريق الأستاذة سعيدة العكرمي ويبدو أنها لاتزال في الأدراج ، رفعتُها طلباً لإعادة النظر في محل الإقامة ومكان قضاء العقوبة التكميلية لكن قوبل بالرفض ، بعضهم نصحني بالإتصال بالسيد زكريا بن مصطفى مسؤول الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات العامة ، فكتبتُ إليه رسالة في 3 جوان 2003 وتوجهتْ إليه عائلتي  فأعلمها أن هذا الباب موصد ولا يمكنه أن يطرقه . بعد خروجي من السجن في 6 جوان بادرتُ بالإتصال بالمحامين والحقوقيين وبعائلات المساجين كما تحدثتُ إلى بعض وكالات الأنباء، حين اتصلت بي فلم يرق ذلك للسلطات الأمنية فدعيتُ من قبل الإستعلامات في 10 جوان 2002  أي بعد خروجي بأربعة أيام وتوجهوا إليّ بالنصح أن أعتني بعائلتي وأتوقف عن تلك الأنشطة وأكف عن الشغب الذي أتسبب فيه، مهددين إياي بإرجاعي إلى السجن ،لم أهتم لما يقولون ، وأخبرتهم أنه ربما من الأنسب أن أعود إلى السجن لأني لا أزال أجد صعوبة في الإندماج مجدداً في المجتمع… تابعتُ نشاطي كالمعتاد ، حضرتُ حفل تدشين المقر الجديد للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والذكرى خمسة وعشرون لتأسيسها وجاءت وفود أجنبية أمريكية ومن الإتحاد الأوروبي وعدد من الشخصيات مثل الطيب البكوش و حسيب بن عمار، وضمن الضيوف المرحب بهم ،رحب بي الأستاذ مختار الطريفي وكان تفاعل الحضور تفاعل إيجابي جداً ، لم يلبث أن اتصلت بي الوكالات الأنباء بعد كلمة الأستاذ الطريفي . تابعتُ نشاطاتي كالمعتاد، إلا أن السلطات الأمنية التي لم يرق لها نشاطي، قدمت إليّ يوم الإثنين مع الساعة الثانية ظهراً ليقتادوني من صالانبوإلى مقر إقامتي ومنها إلى وزارة الداخلية حيث إلتقيتُ المسؤول عبد الرحمان القاسمي( بوكاسة)  وبعد تهديد وترغيب هناك أجبتُ كالعادة أنه يمكنهم أن يعيدوني إلى السجن لو شاؤوا ، إذ لم أنجح في الإندماج مجدداً في المجتمع ولازلتُ أحن لأيام السجن ، فكان بوكاسة هذا ، يتركني كل مرة في المكتب لوقت طويل ثم يَعود لـيَعرض عليّ جواز سفر والخروج من البلاد بدون رجعة ، فأجبته بالقول أنك يا سيد عبد الرحمان تعلم أكثر من غيرك أنه كان بإمكاني الخروج سنة 1991 قبل كثيرين ممن خرجوا لاحقاً . قال: أعلم ذلك، وقدكان بإمكانك أن تفعل. قلتُ: رضيتُ لنفسي سنين السجن حتى لاأغادر بلادي أما وقد قضيتُ عقوبتي فأنا متمسك بالعيش في بلادي.  غادر المكتب ثم عاد إلي ليقول : على كلٍ ،المطلوب منك الآن أن لا تخبر أحداً بما كان بيننا من حديث ، ولو فعلتَ فسينالك مني مالم أفعله في حق أحد من قبل والمقصود بما جاء بيننا هو: 1.إيقاف إتصالاتي بالمجتمع المدني ووسائل الإعلام. 2.منحي جواز سفر مقابل الخروج بدون عودة 3.التهديد بالمعاقبة والانتقام في حال تحدثتُ بما كان بيني وبينه. كان ذلك يوم الإثنين 10جوان2002 وفي يوم الثلاثاء كان ما جرى بيني وبين عبد الرحمان القاسمي عند الساعة الثامنة ليلاً محور حديثي عبر الهاتف مع قناة الزيتونة من تهديد وعروض ، ويبدو أن وزارة الداخلية قد اتخذت قرارها بإبعادي إلى الجنوب بعد أسبوع فقط من الحديث الذي أذاعته قناة الزيتونة يوم الأربعاء 12جوان. والواقع أن هذا القانون من أسوء القوانين الخاصة بالمرقبة الإدارية ، فالقانون يمنح وزير الداخلية الحق في أن يتخذ هو دون غيره قرار تحديد مقر إقامة المعني وأن يغيّرها متى يشاء ، وأن لا تغادر منطقة إقامتك دون موافقتك . وهكذا فإن إقامتي في جرجيس تحت المراقبة الإدارية وفرت في الحد الأدنى تسعة مواطن شغل : ثلاثة دوريات، في كل دورية ثلاث أعوان ، كل دورية تعود بالنظر إلى جهة أمنية مختلفة عن الأخرى :المصلحة المختصة وفرقة الإرشاد و مركز الأمن الوطني  هذا في الحالة العادية أما أيام إضرابي عن الطعام فقد كان يتجمع حول مقر سكناي ما يزيد عن أربعين عوناً والواقع أن هذا لا يدل مطلقاً على قوة النظام السياسي إنما يدل على ضعفه وعجزه .    8.هل تحدّثونا عن الملاحقة الأمنية التي تلازمكم بصورة لصيقة جراء المراقبة الإدارية ؟   من الآثار النفسية التي تخلفها المراقبة الإدارية ، أن الطفلة الصغيرة مريم عمرها الآن خمسة سنوات ، تحتفظ ذاكرتها منذ أن فتحت عينيها بمشهد سيارة الشرطة متوقفة عند عتبات منزل العائلة ، ربما لاتحفظ وجوه أقربائها قدر ما حفظت وجوه رجال الأمن تصوروا طفلة صغيرة تنشأ في مناخ من المراقبة البوليسية تبعث الخوف في نفوس جميع العائلة كبارهم قبل صغارهم ، بل إن النساء وجراء تلك المراقبة بحكم طباعهم المحافظة الغالبة عليهن تركن خدمة الأرض التي تقع بجوار محل سكنى عائلة أنسابي ، كما أن صهري الذي أقيم عند عائلته ، محروم من أن يستقبل أصدقاءه في بيته ، مخافة أن يتعرضوا للمساءلة في مخافر الشرطة كما حدث معهم مرة .فالآثار السلبية لهذه المراقبة طالت جميع أقربائي ومن كان في محيطي العائلي أو الاجتماعي . لكن يجب أن أروي بهذه المناسبة بعض الطرائف التي إنجرت على هذه المراقبة الإدارية ، فبسبب صرامة التعليمات في تشديد مراقبتهم عليّ مخافة أن أغيب عن أعينهم فأذهب ، في غفلة منهم ، إلى حيث لا يعلمون ، صارت لديهم هواجس تلاحقهم في الليل والنهار، فالعقاب يتهددهم ومسؤوليهم يتربصون بهم ويشددون عليهم التنبيهات والتوصيات ، حتى إستبطن الأعوان في نفوسهم الخوف من الإفلات من رقابتهم أو الإختفاء عن أنظارهم . وأذكر أنه كان بجوار المنزل سيارة بها ثلاثة أعوان، وكان المكلف من بينهم بقيادة السيارة من الفرقة المختصة، ولأنه يقود السيارة فقد كان يحظى بشيء من التبجيل من قبل زملاءه الذين كانوا يتركون له المجال فسيحاً في السيارة عند النوم. وفي إحدى الليالي وفيما كان هذا العون نائم في السيارة ، وكان يرى فيما يرى النائم ، أن عبد الله الزواري خرج من منزله مستقلاً دراجةً نارية وغادر ، فاُنتفض العون من نومه وحتى لا يضيّع الوقت في تشغيل السيارة وإيقاض أصدقائه فيفقد أثري و أغيب عن نظره ، خرج مسرعاً من السيارة ، وركب دراجة نارية لزميله كانت بالجوار ، وأخذ في ملاحقتي .. ولم أكن قد خرجتُ من منزلي في الحقيقة إلا في منامه ، ولأن الطريق فلاحية غير معبدة وعتمة الليل لم تسمح له بوضوح الرؤية ، فقدَ المسكين توازنه وسقط ، فانخلع كتفه ومنحه الطبيب عدداً من الأيام حتى تشفى كتفه . أذكر أيضاً أن يوم كأس تونس سنة 2005 بين الترجي الجرجيسي والترجي التونسي ، بعث إلي أعوان مراقبتي عن طريق صديق لي  يترجونني أن لا أغادر المنزل حتى يتمكنوا من مشاهدة المباراة على تلفزيون إحدى المقاهي فوافقتُ ولم أر في ذلك من مانع . اليوم فقط  في ما كنتُ أتسوق في إحدى المغازات الكبرى طلب مني أحد الأعوان مراقبتي أن أبقى أكثر وقت ممكن في المغازة حتى يتمكن من الذهب لقضاء بعض شؤونه الخاصة ويعود ، ففعلتُ وهي من الأشياء المعتادة إذ ليس لي رغبة في أن أورطهم مع مسؤوليهم .   في الأسبوع الماضي قضيتُ أربعة أيام في المنزل دون أن أغادره ، ولأن المنزل في منطقة ريفية وبعيدة عن مركز مدينة جرجيس فقد قضى معي أعوان المراقبة أربعة أيام أمام المنزل تحت حر الشمس ، منقطعين عن المدينة ، حتى إذا قدم أحد أصدقائي للزيارة قالوا له: ( بالله عليك قل لـسي عبد الله  يخرج « يحـوّص بينا ».. فقد سئمنا البقاء هنا منقطعين عن العالم .)   9. عزلكم  عن العاصمة وإبعادكم إلى الجنوب التونسي كان له معنى حين كانت بعض قيادات النهضة لا تزال في السجن لكن بعد خروج السادة حمادي الجبالي وعلي لعريض و زياد الدولاتلي والحبيب اللوز و محمد العكروت.. وإنخراط بعضها  في الحراك السياسي والمدني ، أصبح عزلكم وإبعا دكم بدون معنى فهل تتوقعون أن تغادروا جرجيس بنهاية الخمس سنوات مراقبة إدارية [13]   في الأصل ، ما كان النظام يخشى من عبد الله الزواري أن يحققه من خلال تحركاته في المجال السياسي والحقوقي والإعلامي قد تحقق على يد غير عبد الله الزواري ، وعليه فأنا أتساءل ماالذي إستفاده النظام من معاقبتي بهذا الإبعاد غير أن أساء لنفسه وسمعته ، سواء على المستوى المحلي أو الدولي ؟ أي صورة طيبة يمكن أن يقدمها نظام سياسي عن نفسه حين يجعل من تسعة أعوان يتداولون مراقبة رجل واحد في كل مكان في المقهى وفي الجامع وفي السوق وفي الشارع وحول محل الإقامة وأينما ذهبتُ؟ لكن مع ذلك أتمنى أن تنتهي هذه المأساة ويريح النظام أعوانه من هذه الملاحقة الأبدية.   10.كيف تقيّمون دورالمنظمات الحقوقية في تعاطيها معكم وماذا تقترحون لدعم قضيتكم والدفاع عنكم ؟   لكل جمعية أو منظمة أولوياتها ونحن نعلم أنه حين ألقي القبض على زهير اليحياوي تبنت قضيته جريدة فرنسية…وحين زارني(julien) ممثل( reportage sans frontière) قال لي: لقد أعيانا البحث عمن يتبناك من الصحف أو المنظمات، قال: والسبب في ذلك هو أنك إسلامي. ففي سنة 2002 زارتني سهام بن سدرين وقامت بأخذ لقطات بكاميرا فيديو حول الرقابة والحراسة المضروبة من حولي ، وقالت أنها ستقوم بعرضها عبر قناة الحوار للسيد طاهر بن حسين ، لكن وإلى اللآن لم يتم عرض تلك المشاهد على قناته إذ يبدو أنني لم أكن من ضمن أولوياته ليدافع طاهر بن حسين عني. وأتساءل ماذا قدمت رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان ؟ وماذا قدم المجلس الوطني للحريات؟ وماذا فعلت أيضاً جمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين؟ كم بيان نشرته متعلق بقضيتي، هل هناك من سُلِطتْ عـليه أحكام بالعقاب أكثر مما سُلط علي ؟ أوأحكام قضائية أكثر قسوة من تلك التي اُصدرت ضدي؟  فأنا لايمكنني أن أقترح على هذه الفعاليات برنامج عمل أو أشكال عمل فهي وحدها التي تـلزم نفسها بالدفاع عن قضية دون أخرى وفق أولوياتها و بهذه الوسيلة دون غيرها.. فكم بيان صدر عن الجمعيات الحقوقية في حق محمد عبو ؟ و كم من مساحات خصصت لمحمد عبو في الصحف..؟ هل المظالم المسلطة على محمد عبو أكثر وأشنع من تلك المسلطة على دنيال زروق أو لطفي السنوسي أو عبد الله الزواري ؟ أقول هذا وأنا أتمنى أن يطلق سراح محمد عبو في الغـد بل ويطلق سراح الجميع[14] ، لكن أجري المقارنة مع محمد عبو لما يمكن لتلك المقارنة أن تقدمه من مؤشرات تفاعل المنظمات الحقوقية مع قضيتي وغيرها من قضايا الإسلاميين . لأضرب لك مثلاً فرئيس فرع مدنين للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدنين زارني مرة حين جاءني وفد أجنبي(ifex swisse) كمال العبيدي و( sarra cart) و(alexe segregoriano)، ولم يعد بعدها ثانية إلا أخر يوم إضراب عن الطعام لما جاءت سهير بالحسن . أما نقابة الصحفيين فلم أتلقى من لطفي حجي خلال السنوات الخمس أي مكالمة هاتفية والمرات التي جرى إتصال بيني وبينه كنتُ أنا المبادر في الإتصال به عندما جرى إيقافه في بنزرت أو في غيرها وهو يعلم ذلك ،أما الأستاذ محمود الذوادي فقد هاتفني لمرتين وأعرب عن التقصير من جهة نقابة الصحافيين ، ووعدني بالزيارة ، لكن لم تتم الزيارة ..! وفي اعتقادي أن الداء الذي ينخر الجمعيات عادة هي تلك الحسابات التي تكون بعيدة عن مسألة حقوق الإنسان. خرجتُ من السجن يوم 6 جوان 2002 أي أن نهاية العقوبة التكميلية ستكون في جوان 2007. أما قرارالمراقبة  فقد أمضى عليه الوزير بتاريخ 15 جويلية 2002 وتم إعلامي به في 2 أوت 2002 لكن قبل هذا التاريخ كنتُ خاضعاً للمراقبة الإدارية ،فأنا لم أغادر السجن لأجد نفسي في الشارع بل تم تسليمي لفرقة الإرشاد ببشوشة وهناك طلب مني أحد المحققين القدامى عنوان إقامتي فأخبرته أني مقيم في تونس وطلب مني أن أتصل بمنطقة حنبعل التي يرجع إليها النظر بحكم إقامتي في دوائرها ، وعند إتصالي بمنطقة حنبعل بتاريخ 7 جوان2002  أعادوا علي السؤال عن محل إقامتي فقلت أني مقيم بصالانبو فطلبوا مني أن ألتحق بمركز الأمن الوطني بشارع 5 ديسمبر بالكرم الغربي فتم ذلك ، إذا من يوم خروجي من السجن كنتُ تحت المراقبة الإدارية وعندما أردتُ مغادرة تونس العاصمة بإتجاه الجنوب قصد الزيارة ، طلبوا مني الحصول على إذن بذلك قبل المغادرة ، ففعلتُ وعند وصولي إلى الجنوب أعلمتُ مركز الأمن بالوصول ولستُ أعلم ما الذي يحاك لي الآن والخمس سنوات مراقبة إدارية لم يبق منها غير بضعة أسابيع[15] ؟   11.هل من كلمة أخيرة توجهونها لمن شئتم ؟   أقول أولاً لإخواننا في الشتات ، أنهم على ثغرة من الثغورفلا يجب أن نُأتى من قبلهم، أما بالنسبة للمعارضة الجادة فهي في بداية طريق العمل و بقدر صعوباتها بقدر ما تكون هناك رابطة أنضج وأفضل.والواقع أن الخصم الألد لنا جميعاً ليست أطراف في المعارضة وإنما خصمنا الأول هو النظام المستبد والنظم القهرية ،ويجب أن نكون في خندق واحد ، فاليوم وغداً يجب أن نعمل معاً من أجل القضايا المشتركة مثل حرية التنظم وحرية التعبير والحق في الإعلام والصحافة والحق في التنقل… باعتبارها  قضايا مقدسة لدى جميع الأطراف ، أياً كان الطرف الذي سيصل غداً إلى السلطة عليه أن يحترم تلك المبادئ و المشتركات ، وأن لاتذهب بنا أحلامنا إلى أن »«النهضة» ستكون « التكتل» أو «الديمقراطي التقدمي» أو« العمال الشيوعي التونسي» ومن الخطأ أن نطلب الإتفاق في التفاصيل ، إذ كلما ذهبنا إلى التفاصيل والبحث عن الوفاق فيها فإننا في الواقع نذهب إلى الإختلاف ثم الفرقة نحن مدعوون للدخول في حوارات مع جميع الأطراف السياسية ، فنحن إعتقادنا راسخ أن النقاش والحجاج يطوّرنا إذا إستوفينا الشروط اللازمة للحجاج وتوفرت لدينا أدوات البحث ووسائله ، لكن إذا كنا نتجه نحو هذه المعارضة بالحجاج والنقاش فيجب أن لايغيب عن أذهاننا أن الساحة فيها أيضاً عدداً واسعاً من الشباب الذي لم يعش تجربتنا ولم يحتك بوجوه وشخصيات ووقائع عايشناها ،فهم تلقوا تدينهم من التلفاز والقنوات ولم يكن، بحكم غيابنا بسبب المحنة، إحتكاك بيننا وبينهم ،فنحن قد نتخذ قراراً مع تقدير المصلحة على النحو الذي نرى لكن هذا الجيل الذي يشكل اليوم الصحوة الجديدة لا يستطيع أن يفهم تقديراتنا للمصلحة على النحو الذي قررنا ، بسبب فارق التجربة والفهم .وأياً كانت الدواعي فإن هذه الفوارق ستكون سبباً في شق الصف ، لذلك يجب أن يكون هناك نقاش وجدالات مع هذا الجيل وإلا سنجد أنفسنا في عزلة عن أبنائنا وربما نُرمى بأوصافِ لن يتورعوا في  وصفنا بها .فداخل 18 أكتوبر حين يثار موضوع الهوية العربية الإسلامية سنجد أن الطرف المقابل سيتفاعل مع المسألة بصورة متشنجة ، كما لو  أن بعض أطراف المعارضة ترغب في دفعنا إلى الزاوية وحشرنا فيها .  ثم كلمة أخيرة أوجهها للتجمعيين الدستوريين هل هناك من مبرر للوطنيين داخل هذا الحزب أن يبقوا فيه بعد أن أسفر عن وجهه المعادي للحضارة العربية الإسلامية وهوية التونسيين ولقيم الإسلام وشعائره ، لاسيما بعد أن إجتمع الديوان السياسي وأقر موافقته للقرارات الخاصة بالحجاب وتأيده لمنشور108 وأنه لباس دخيل ولا علاقة له بثقافة البلاد :كما لو أن الذي يرتدونه من طقم وربطة العنق هو لباس آبائهم وأجدادهم ، وكأنما العولمة التي يعملون على تنفيذ متطلباتها مواكبة للعصرو لم تذهب بأصالتهم ولم يقدموا لها تنازلات مجانية …../   ****************************************************   [13] طرحنا على الأستاذ عبد الله الزواري هذا السؤال في لقائنا به  في أفريل 2007 [14] في أفريل 2007 تاريخ الجزء الثاني من الحوارمع الأستاذ عبد الله الزواري لم يكن  أستاذ محمد عبو قد اُطلق سراحه بعد ، أما الفرز الذي دأبت على القيام به عدد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية ، فقد أقره آسفاً الأستاذ محمد عبو في الحوار الذين أجرينه معه فور سراحه في24 جويلية2007 قائلا: [.. فعندما دخلت إلى السجن بتاريخ 01 مارس 2005 وجدتُ سجناء سياسيين ينتمون إلى حركة النهضة أو يشتبه في إنتمائهم إليها. وهم بالنسبة لي دخلوا السجن لممارستهم لحقهم في إبداء الرأي والمطالبة بتغييرات وهو حق كل تونسي ،لذلك فحال إيقافي تصورتُ أنه سيقع ربط قضيتهم بقضيتي لمصلحتهم وأأكد لكم أني أرسلت رسائل في هذا المعنى حتى للمساجين السياسيين المقيمين في سجن الكاف ، إذ كان لي إمكانية للإتصال بالسجناء خلافاً لما تعتقد الإدارة . فكان السجناء الإسلاميون يرفضون هذا الربط حرصاً على مصلحتي، وفعلاً أفهم أسبابهم لأنهم يعتقدون أن المجتمع المدني ليس متعاطفاً مع حركة النهضة ، وكان هذا يزعجني فعلاً لأنه من غير المعقول أن لا نتعاطف مع الضحية حتى إن كنت أختلف معهم في الرأي . إذا يجب أن يكون ثابتً واضحاً ولا نقاش فيه و لا متاجرة ولا إستثناء فيه أن كل تونسي عبر عن رأيه فسجن لأجل رأيه ظلماً بدون موجب قانوني يجب أن نعتبره ضحية كما يجب أن نقاوم سلمياً بكل الوسائل من أجل إطلاق سراحه. فحركة النهضة لم تتمتع بمثل ما تمتعتُ به إطلاقاً وهذا يؤسفني وأأكد لك أني اليوم وغداً إذا بقي البعض من السجناء السياسيين لم يغادروا السجن فسأناضل بالطرق السلمية والقانونية من أجل أن يطلق سراحهم جميعاً بل ومن أجل أن يعترف النظام بالأخطاء التي إرتكبها في حقهم. وبقطع النظر عن رأيي الشخصي في الموضوع، يمكنني أن أفسر الأمر بالقول أن شخصاً وقع إلقاء القبض عليه كان يتهم في وقت من الأوقات على أنه إسلامي لكن المعارضة الجدية لا تصدق ذلك فالمسألة تتعلق بالثقة بين المحامين ، كما أن جو المعارضة ليس دائما على ما يرام فقد تسقط في  تغليب النزاعات الجانبية وتنصرف عن النظام ومراقبة سياساته ، بالنسبة لي أنا على علاقة جيدة بالجميع والجميع متأكدون من أنني أقف مع كل المضطهدين سواءاً كانوا إسلاميين أوغيرهم وقد أثبتُ ذلك طيلة مباشرتي مهنة المحاماة فأنا لا أفرق أبداً بين حمة الهمامي وعبد الله الزواري فللجميع حقوق متساوية والحرية تضمن الوجود للجميع إسلاميين وغيرهم بما في ذلك المتدينين من غير الإسلاميين.. ] حوارمع السجين السياسي الأستاذ محمد عبو [15] [ بعد أن أنهى عبد الله الزواري مدة الخمسة سنوات مراقبة إدارية التي كانت المحكمة قد سلطتها ضده قررت السلطات الأمنية تمديد المراقبة بـ26 شهراً إضافية يقضيها في ضواحي جرجيس بعيداً عن عائلته المقيمة بالعاصمة( مسافة 500 كلمتر) وقد رفض رئيس المركز الذي قام بإبلاغه هذا القرار أن يمكنه من وثيقة تتضمن هذا الإعلان فقام الأستاذ عبد الله الزواري بتقديم شكوى في الموضوع سجلت تحت رقم 13106 بتاريخ 13 جوان 2007 رغما عن إ عتقاده أن هذه الشكوى لن تر النور مثل  قضية المحكمة الإدارية التي رفعها في شهر أوت 2002… ]

 

 الإصلاح ضرورة قصوى

مصطفى بن جعفر ليس من اليسير أن نلخّص في بضعة أسطر مسيرة سنة كاملة و أن نستخلص العبرة و لكن يمكن القول أن سنة2007 تميزت بتوتر العلاقة بين السلطة و مكونات المجتمع التي اختارت طريق الاستقلالية و رفضت القاعدة السائدة أي قاعدة الموالاة مقابل الامتيازات. و قد نتج عن ذلك تواصل الانغلاق من جانب السلطة وتنامي مظاهر الاحتجاج من طرف مكونات المجتمع مع بروز أسلوبين جديدين لم تعهدهما الساحة التونسية من قبل و هما اللجوء إلى العنف المسلح ، و مثل ذلك ما حدث في أواخر السنة الماضية و بداية السنة الحالية من اصطدامات عنيفة بين قوات الأمن ومن أطلق عليهم اسم « مجموعة سليمان »، هذا من جهة، و تنامي ظاهرة الإضراب عن الطعام من جهة أخرى, و لئن تباين الأسلوبان تباينا مطلقا فإن السبب الأصلي يرجع إلى انسداد أفق المشاركة في تقرير المصير عبر حياة سياسية و اجتماعية متطورة و مواطنة حقيقية, طبعا أمثلة الانغلاق عديدة و لا يخلو منها أسبوع و قد شهد آخر السنة نهاية إضراب عن الطعام دام 38 يوما شنّه ثلاث أساتذة احتجاجا ضدّ طردهم التعسفي من عملهم بسبب نشاطهم النقابي، كما شهد محاكمة « مجموعة سليمان » في ظروف اعتبرها المحامون مخلة بحقوق الدفاع انتهت إلى أحكام اعتبرت قاسية من ضمنها أحكام بالإعدام و بالسجن المؤبد.  أما على مستوى التكتل وهو الحزب الذي تحصّل على الترخيص القانوني في أكتوبر 2002 فنحن نعيش منذ خمس سنوات حالة من الحصار و الإقصاء تتناقض مع القانون  و تتباين مع الخطاب الرسمي الذي جعل من الديمقراطية و التعددية و حقوق الإنسان « خيارات إستراتيجية لا تراجع عنها »,صوت التكتل ممنوع في التلفزة و الإذاعة الوطنيتين، و مواطنون،الجريدة التي يصدرها منذ سنة، محاصرة وممنوعة من الدعم و الإشهار.و ليس هنالك من سبب لهذا التمييز سوى غياب الإرادة السياسية في قبول الاختلاف.*  و اليوم و نحن على أبواب سنة جديدة لا يسعنا إلا أن نؤكد على أن الإصلاح ضرورة قصوى بالنظر إلى التحديات الكبرى التي لا مناص من مواجهتها. و لعل أبرزها للعيان الوضع الاقتصادي و الاجتماعي الذي ينعكس إيجابا أو سلبا على مستوى عيش المواطن بشكل آلي و مباشر,فانطلاقا من غرة جانفي 2008 تدخل تونس في منطقة التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي أي في منافسة مباشرة مع أحد أعتى العمالقة في المجال الاقتصادي. لا شك أنّ الرهان سيكون صعبا خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار نقاط الضعف التي لم تقدر الحكومة على تداركها أو لم تسع لمعالجتها نظرا لما تتطلبه من شجاعة و كشف صريح عن مواطن الخلل، و هي الميالة غالبا إلى التأكيد على أنّ كل شيء على ما يرام. هنالك بالأساس مشكلتان لا بد من تناولهما بسرعة و جدّية و حزم: مشكلة البطالة التي لم تتمكن الحكومة من الحدّ منها بشكل واضح رغم تعدد الأساليب و الصناديق و المسكّنات، بل هي ازدادت حدّة وخطورة باحتوائها على نسبة متزايدة من حاملي الشهادات. المشكلة الثانية تتعلق بالمنظومة التربوية التي شهدت في السنوات الأخيرة انهيارا يصعب إخفاءه على المستوى المعرفي للتلاميذ و المتخرجين، و قد دفع هذا الحال أحد الأخصائيين إلى القول بانّ منظومتنا التربوية أصبحت مصنعا باهض التكلفة ينتج البطالين.يضاف إلى هاتين المشكلتين تقلص الاستثمار الوطني الخاص رغم الحوافز المتعددة و المتنوعة و هو ما يدل على تراجع الثقة لدى المستثمرين في غياب الشفافية و شروط المنافسة النزيهة في فضاء المعاملات. إن حجم التحدّيات يتطلب الانطلاق توّا في الإصلاحات. و الكلّ يعلم أن الحلول اللازمة ليست حلولا تقنية بقدر ما هي اختيارات  جوهرية تشمل السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي. فهل ستكون 2008 سنة الانفتاح فيفرج على المساجين السياسيين و يتحرر الإعلام و يستقل القضاء و تتجسم دولة القانون و المؤسسات حتى يعيش جيلنا و من يليه من الأجيال حياة ديمقراطية متطورة؟ هذا ما نصبو إليه من أجل عزة تونس و كرامة شعبنا.    ملاحظة من التحرير: .* الجزء الذي لم ينشر في جريدة الصباح


الصحفيّة سكينة عبد الصمد:

 « معركتنا واحدة.. وجودنا واحد… حقّنا أوحد… »

 

هي امرأة جمعت بين الكفاءة المهنيّة والنضال على أكثر من صعيد. محافل المجتمع المدني تذكر وجودها وتكبر دورها وتثمّن أداءها… امرأة قرنت الرصانة بالفاعليّة… سكينة عبد الصمد، كانت ولا تزال ذلك الصوت، أو هي تلك المرأة التي لا تخشى كائنًا من كان أمامها حينما تطالب بحقها…

هل يمكن فصل واقع المرأة العاملة في قطاع الصحافة عن الواقع العام للصحافة التونسيّة؟

ـ لا يجوز الفصل، فقط وجب أن نرى المسألة من زاوية وضع المرأة عامّة ضمن المجتمع، وما قد تعاني من مضايقات سواء في مواقع العمل أو الفضاءات الأخرى. المرأة الصحفيّة هي صحفيّة في مجالها، بما تحمل من قدرات ولها من طاقة، هي لا تقلّ جرأة أو كفاءة عن الرجال العاملين في هذا القطاع. فقط يبقى الأمر مرتبطًا بالعقليّة الذكوريّة السائدة.

لكنّ الناظر إلى مواقع القيادة ضمن المجال الصحفي، يلاحظ أنّ نسبة الصحفيات تقلّ عن نسبتهنّ من مجمل الصحفيين؟

ـ الأمر يعود كما قلت إلى العقليّة الذكوريّة السائدة، حيث يملك الرجل حظّا أكبر، حين يحاول البعض ـ دون تعميم طبعًا ـ تقديم أنفسهم في صورة الأفضل والأكثر كفاءة، ممّا يعيق المرأة ويقف حاجزًا أمام تقلّدها المناصب القياديّة. عدد النساء في رئاسة التحرير وغير ذلك من المسؤوليات لا يزال قليلا، وأيضًا لا تزال هذه المواقع دون الدرجات العليا والمتقدّمة من المسؤوليّة. أيضًا وجب القول بأنّ عديد من الرجال ـ داخل مجال الإعلام وخارجه ـ لا يستسيغ، وربّما يرفض تلقّي الأوامر أو هي التعليمات المهنيّة من امرأة. عانيت شخصيّا من هذه العقليّة وقد يصل الأمر بالبعض حدّ القول بأنّ على المرأة أن تعود إلى المطبخ!!!!

توسيعًا للمشهد الإعلامي عامّة، حين تتوافق قطاعات واسعة على اعتباره موبوءا ومأزومًا، أين ترين مكامن الدّاء في هذا الإعلام التونسي؟

ـ وجب الجزم بأنّ مكامن الدّاء هذه لا تعود إلى القدرات الصحفيّة. الأقلام الجيّدة موجودة والكفاءات المتميّزة قائمة، وقد أثبتت الكثير منها جدارة بل تفوّقا في قنوات ووسائل إعلام عربيّة وأجنبيّة. نعاني من نقص كبير في الحريات، مّما يقف في وجه الصحفي ويعيقه عن تقديم ما يريده وبالطريقة التي يريدها… إضافة إلى المحدّدات التي تضعها أجهزة الدولة، يضيف المسؤولون في وسائل الإعلام من لدنهم عديد الموانع الأخرى. دون أن نغفل الرقابة الذاتيّة التي تأصلت لدى الصحفي وصارت تعيقه هي الأخرى. كما وجب القول أنّ قطاعات واسعة جدّا من العاملين في قطاع الإعلام يعانون من هشاشة أوضاعهم المهنيّة، ممّا يجعل هامش الفعل لدى العديد منهم محدودًا، إن لم نقل منعدمًا.

وصلت بنا إلى الحالة الماديّة للصحفيين، ألا ترين أن عدد المهمّشين في تزايد، وأنّ الهشاشة ذاتها وصلت إلى درجات غير مسبوقة؟

ـ قطاعات واسعة، وأساسًا من الصحفيين الشبان، يعيش وضعيّة مأساويّة، بل هناك من يعمل مند ما يزيد عن السبع سنوات في صيغة المتعاون أو البيجيست، وقد صار حلم التعاقد يمثّل قمّة الأمل ومنتهى المطالب. هناك ـ وأعرف أصحاب الحالات معرفة شخصيّة ـ من يعيش مأساة بالمعنى الحقيقي للكلمة، حيث يعاني من الجوع حقيقة.

ألا ترين أنّ تزايد عدد المهمّشين يجعل الهاجس المادّي وتحسين الوضع المهني يطغى على مطلب الحريّة؟

ـ لا أرى بالفصل بين المطالب المهنيّة والمناداة بالرفع من سقف الحريّات. قد لا يستطيع الصحفي المحروم من حقوقه المهنيّة أن يكون جريئا، في حين أنّ الممارسة الصحفيّة ـ كنها وماهيّة ـ تتطلّب الجرأة. وأصرّ على أنّ الصحافة تحتاج إلى الجرأة، وبدونها لا يمكن النهوض بهذه المهنة. تسوية الأوضاع يمثّل عاملا على قدر كبير من الأهميّة ولا يمكن بأيّ حال إغفاله أو التغاضي عنه، لكنّ لا يكمن بأيّ حال أن يصير المحدّد الأساسي، حين نرى أن هناك من قارب على سنّ التقاعد، ومتمتّع بجميع حقوقه ـ العينية منها والماديّة ـ وهو ـ رغم هذه الوضعيّة المريحة ـ في حالة انبطاح. ونضيف كذلك من باب إعطاء الحقّ لأصحابه، أنّ أصوات المتعاونين والمهمّشين صارت تزداد عددًا وتزيد في ارتفاعها…

أنت ترشّحت لانتخابات المكتب القادم للنقابة الوطنيّة، وأنت امرأة صاحبة قلم متميّز وصاحبة جرأة، كيف ترين مطالب الصحفيين وكيف ترين طريقة تلبية هذه المطالب ضمن الأفق العام للبلاد؟

ـ أوّلا ترشحت لأنّني أرى أنّه من واجبي دخول معركة الدفاع عن المهنة وعن حقول الصحفيين دون استثناء، خصوصًا وأنّنا خسرنا العديد من المعارك، ممّا قاد العديد من الزملاء إلى مغادرة جمعيّة الصحفيين التونسيين. ترشحي يأتي من أجل خوض معركة كبرى تعني في المقام الأوّل إخراج النقابة من الأزمة التي تعيشها الجمعيّة، وأرى من واجبي العمل على تسوية أوضاع كلّ الزملاء، دون أن ننسى موضوع الحريّات، حين لا يمكن الفصل موضوعيّا أو إجرائيّا بين هذه المطالب، وأيضًا حين وجب النظر إلى الحقّ الصحفي في صورة واحدة وإن تعدّدت أوجهه. حماية الصحفي هي الغاية الكبرى والأساسيّة، حمايته من أي اعتداء كان، حمايته من الفقر والحاجة، وأيضًا حماية حقّه في أداء مهنته على أفضل حال وفي أفضل الظروف. عند تحقيق هذه الشروط، سيستطيع الصحفي التقدّم بكلّ جرأة.

يتمّ الترويج عند ومن معك، صورة التطرّف، صورة المغالاة، وأنّكم ستجعلون النقّابة «تصدم بالحائط»… في نقيض صورة الموالاة والانبطاح… ألا ترين بوجود طريق ثالث بين التطرّف والمغالاة والمصادمة من جهة، والموالاة والانبطاح؟

ـ شخصيّا، أرى بحقّ من شاء بأن يذهب في رأيه ما يشاء بخصوصي وبخصوص القائمة التي أنتمي إليها. أقول فقط، أنّنا لا نرى في الممارسة النقّابة وما تتطلّبه من نضال أدنى علاقة عضويّة أو بنيويّة بالممارسة السياسيّة. المسألة لدينا في غاية الوضوح ومنتهى التجلّي ولا يمكن الخلط بين المجالين النقابي والسياسي. المسألة تعني بصريح العبارة وبمنتهى البساطة الحقوق التي نسعى لتحصيلها أو الدفاع عنها… حقوقنا شرعيّة، نريدها عبر تطبيق القوانين والالتزام بها، وعلى رأسها تسوية الوضعيات العالقة والتي تأتي على رأس الأولويات… المعادلة عندنا بهذه البساطة وهذا الوضوح…

شرط العشر سنوات والبس الذي جاء ضمنه والغموض الذي تنزّل من خلاله، هل ترين أنّه جاء عن سذاجة غريبة أم عن نيّة مبيّتة للإقصاء والتهميش؟

ـ هذا الشرط جائر وجاء عن نيّة مبيّتة من أجل إقصاء بعض الزملاء وحرمانهم من حقّ الترشّح… الأغلبيّة وأكثريّة الصحفيين هم ممّن تقلّ الخبرة لديهم عن العشر سنوات، وأرى في عدد كبير منهم طاقة نضاليّة وقدرة على الدفاع عن الحقوق الصحفيّة. أضيف أنّ من هم في جيلي لا يملكون ضرورة القدرة على التعبير عن مشاغل هذه الفئة المحرومة من الترشّح أفضل من أصحابها… المكتب القادم، سيكون محرومًا من فئة عمريّة ـ بسبب هذا الشرط التعجيزي ـ أراها ذات قدرة وذات طاقة وذات دفع، كان من الأفضل أن يكون ممثّلا…

كيف ترين المؤتمر القادم؟

ـ سيكون مؤتمر الصراع بين من يريدون نقّابة حرّة ومستقلّة ومهنيّة، نقّابة كلّ الصحفيين، وذات اهتمام لصيق بالشواغل المهنيّة من جهة، وبين من يريدون نقّابة صوريّة. نريد ونحتاج وسنؤسّس نقّابة حقيقيّة، نقابة قادرة على خدمة الصحفيين، والقطع مع الممارسات الكرتونيّة. نقابة ترفض صناعة المجد الزائف وتلفض من يريدون بناء الزعامة على ظهور الصحفيين وبعرقهم… هذه الممارسات مرفوضة رفضًا باتّا لأنّها أضرّت بالقطاع وأهدرت حقوق الصحفيين وتاجرت بمطالبهم المشروعة… سنقف ضدّهم وسنكون أماهم سدّا…

كلمة أخيرة للقاعدة الانتخابيّة، ماذا تقولين لها، كإمرأة وكصحفيّة وكمترشّحة؟؟؟

ـ إن كان من كلمة تلخّص هاجس الصحفيين وحاجتهم، فهي التوحّد وليس لنا غير الوحدة مخرجًا ممّا نعانيه على المستويات جميعها. على الصحفيين والصحفيات التوحّد من أجل حقوقهم التي لا يمكن أن يميّز بينها… الخوف أضرّ بنا، التشتّت أضاع حقوقنا… هذا الكلام أسوقه لمن شارف على التقاعد وأقوله لمن لم يحصل حقوقه بعد… معركتنا واحدة.. وجودنا واحد… حقّنا أوحد…

حاورها نصر الدّين بن حديد

هذا الحوار صدر على صفحات « جريدة مواطنون» (   التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات (  عدد 43 بتاريخ 2 جانفي 2008


اذاعة الزيتونة مسلك ابداعي اخر في الاصلاح والبناء

 
مرسل الكسيبي*- قمت على مدار أيام برصد الأداء السمعي والابداعي الجميل لاذاعة الزيتونة للقران الكريم, ولقد راودتني فكرة الكتابة مجددا عن هذا المكسب الثقافي والاعلامي التونسي منذ أن لمست وجود أصوات متشنجة حاولت التخويف من أداء هذه الاذاعة بدعوى سقوط الدولة في أيدي مااصطلح البعض على تسميته ب »الاسلام التجمعي » , أي اسلام الحزب الحاكم بالبلاد التونسية… ابتداء أود الاشارة الى أن التأسيس لهذه الاذاعة يعد حجة عملية على أن الاصلاح الثقافي والاعلامي وحتى السياسي يمكن أن ينبع من داخل هياكل الدولة نفسها بعيدا عن اطلاقية مقولة « لايصلح ولايصلح » التي أوصدت الباب أمام قوى الخير من داخل هياكل السلطة لترمي بهم في سلة واحدة مع المسؤولين عن حالة العطالة الحقوقية والانغلاق السياسي  . لقد مثلت اذاعة الزيتونة اشارة واضحة من داخل هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي والمؤسسة الحاكمة على أن هياكل الدولة ليست كلا من نسيج واحد , ومن ثمة فان التعامل مع السلطة بخطاب يتمترس وراء اليات التكفير أو اليات التفسيق والجحود السياسي سوف لن يسهم في ايجاد حل يخرج البلد الى فضاء ديمقراطي يقطع مع حالة الخوف والشك والعطالة في موضوعات التنمية السياسية . اذاعة الزيتونة , تعتبر دون رمي ورود اضافة نوعية في المشهد السمعي والثقافي والاعلامي تونسيا , ومن ثمة فان طاقمها والمشرفين عليها يشكلون جزءا هاما من تيار الخير والبناء الذي نعول عليه في قيادة مرحلة جديدة من الاصلاحات في تاريخ تونس المعاصر . معرفتي لمديرها الدكتور كمال عمران كانت على أواخر الثمانينات حين كنت من المولعين بقراءة ماكتبه من دراسات وبحوث منهجية في الأدب والحضارة العربية , حين طالعت بشغف ماكتبه عن عظماء الأدب العربي القديم والحديث , ولقد سعدت بالحضور له في بعض مشاركاته على مدارج دور الشباب والثقافة بمدينة صفاقس في سنوات  88 و89 , لنستمتع انذاك بتحليلات وتقييمات وابداعات واحد من أبرز رجال الأدب والثقافة بالجمهورية التونسية . تابعت الرجل أيضا في الكثير من برامجه الاذاعية وشهدت اهتمام جيلي من الشباب بما قدمه من طروحات نقدية أدبية وحضارية حفلت بها المكتبة التونسية والمعاهد والجامعات . واليوم قرأت له حواره الجميل مع الزميلة المحترمة امال موسى وقد ازددت قناعة بأنه لاخوف على اذاعة الزيتونة من أبواق التطرف على الضفتين . مواقف مستنيرة اعتدت باسلام تونس وانفتاحها على طاقاتها وشبابها المبدع واعتمادها على رصيدها البشري الغني بالمعارف والمواهب , رؤية حضارية لدور الاسلام وجامع القيروان وجامع الزيتونة واستحضار لعظمة اضافات عقبة ابن نافع وحسان بن النعمان وعبد الله بن الحبحاب في تاريخ هذا البلد الجميل وهذه المنطقة الغنية بتراثها وعظمة مصلحيها . حديث متوازن ومتألق عن المذهب المالكي وعن علماء الزيتونة الذين حملوا منارات معارفهم نحو قرطبة وتلمسان وفاس والعراق وبلاد المشرق ,مرورا بذكر رسالة أبي زيد القيرواني ومدونة الامام سحنون دون الغفلة عن دور تجديدي ومستقبلي للزيتونة , وصولا الى الحديث عن العقلانية في مقاربة المسألة الاسلامية والتسليم بحق المرأة في العطاء على النسق التونسي ,وانتهاء بالحديث عن مجلة الأحوال الشخصية كمستقبل للعالم الاسلامي .   الدكتور كمال عمران بالقياس الى نصوصه المكتوبة وبرامجه الاذاعية وماشهدته له من محاضرات , بقي وفيا في حواره المذكور انفا لتوجهات الخير والبناء والاصلاح , وهو مايؤكد على أن اختياره لادارة اذاعة الزيتونة للقران الكريم كان خيارا ذكيا للسيد محمد صخر الماطري . السيد محمد صخر الماطري رجل الأعمال الشاب وصهر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي يمثل هو الاخر وجها سياسيا وتكنوقراطيا صاعدا , ولقد اختار من خلال تأسيسه وتملكه لهذه الاذاعة نهجا ثقافيا هادئا لتكريس قيم الوسطية والاعتدال . اذاعة الزيتونة تمثل اليوم  مكسبا وطنيا وثقافيا واعلاميا أصيلا في توقيت حرج تمر فيه المنطقة المغاربية وجزء من المنطقة العربية بتحديات ومخاطر التطرف على الضفتين . ضفة التطرف المنتسب للاسلام والذي يعتمد سبيل العنف واراقة الدم واشاعة الفوضى وضفة التطرف اللائكي الذي يرى في الاقتراب من الأصالة واسلام القيم والمثل سبيلا لنكوص الدولة عن قيم الحداثة ! سبيلان فاسدان وضفتان خطيرتان تغامر اذاعة الزيتونة بالخوض في غمار مابين مرفأيهما , وهو مايجعل مهمة الدكتور كمال عمران ومهمة الأستاذ محمد صخر الماطري وكل من يقوم على اسنادهما في هذا الجهد التثقيفي والتنويري مهمة تستحق منا كل الاسناد والدفاع والتشجيع , أملا في رؤية تونس تنعم بمزيد من التصالح مع قيم الخير والاصلاح والبناء كسبيل لتعزيز مناخات التنمية بأبعادها الثقافية والسياسية الشاملة .   *رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية :  reporteur2005@yahoo.de (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (ألمانيا) بتاريخ 03 جانفي2007)

 

 

حمام الأنف في 03/11/2007

 

طعن في عدم قانونية الجلسة العامة الانتخابية للنقابة الأساسية للتعليم الثانوي حمام الأنف

 

نقابي من جهة حمام الانف

 

انعقدت الجلسة الانتخابية للنقابة الأساسية للتعليم الثانوي بحمام الأنف بتاريخ 01/11/2007 و سجّلنا الخروقات القانونية التالية :

I ما سبق انعقاد الجلسة العامة :

1-            لم يقع مدّ الهيئة المتخلية بقائمة المنخرطين حتى يقع التثبت من المنخرطين و المترشحين و حتى يتّم التشاور لتحديد تاريخ الجلسة و مكان إنعاقدها و كيفية سيرها ضمانا لشفافية العملية الانتخابية و لتحقيق الديمقراطية. و في هذا المضمار تمّ خرق واضح لمقتضيات الفصل الواحد و الستين من القانون الأساسي للإتحاد العام التونسي للشغل الذي جاء فيه ما يلي :

 » على كل إتحاد جهوي التنسيق الوجوبي مع الجامعات و النقابات العامة و إعلام قسط النظام الداخلي كتابيا بتواريخ انعقاد مؤتمرات التشكيلات النقابية التابعة قبل صدور البلاغات نصف شهر على الأقلّ بعد التشاور مع التشكيلات المعنية و كل مؤتمر مخالف لهذا يعتبر لاغيا »

2-            عدم قبول ترشح السيد محمد دبّيش مع العلم أنّه عضو سابق في النقابة الأساسية و منخرط سابق منذ سنة 1978 بتعلّة أنّه غير منخرط وذلك مخالف للواقع وقد سبق له تحمّل مسؤولية نقابة أساسية بحمام الأنف منذ سنة 1992. كما أنّه لم يتم إعلام المعني بالأمر بعدم توفر شروط ترشحه في الآجال التي ضبطها الفصل الواحد  و الثلاثون من النظام الداخلي – النقطة الثامنة.

« يضبط المكتب التنفيذي الجهوي قائمة المترشحين للتشكيلة المعنية قبل ثلاثة أيام من انعقاد المؤتمر يدوّن ذلك في دفتر محاضر جلساته و يتمّ إعلام من رفض ترشحه« .

3-       لم يتم مدّ الهيئة المتخلية بقائمة المنخرطين للتثبت و الإعداد و تمّ في هذا المضمار خرق القانون خاصة منه الفصل الواحد و الثلاثون :

 » 2- لا يمكن مهما كانت الأسباب عقد مؤتمر أي تشكيلة نقابية أو إصدار أي بلاغ مؤتمرها قبل أن تسلّم قائمة المنخرطين النهائية ممضاة و مختومة من قبل مصلحة الإنخراطات »

الفصل السابع و الستون :

 » على قسم المالية بالاتحاد العام أن يمدّ التشكيلات النقابية بقائمات مختومة … و على كل تشكيلة نقابية أن يضبط وجوبا دفترا لمنخرطيها و متابعتها … »

 نستنتج من هذا أنه وقع  التلاعب بالإنخرطات

II–  خلال عملية التصويت و الفرز :

1-            لم يقع تسهيل حضور الملاحظين  بمعهد حمام الأنف و غيابهم في المؤسسات الأخرى و ذلك حسب الفصل الواحد و الثلاثون :  » 5- تساعد من يشرف على المؤتمر لجنة من بين المؤتمرين غير المترشحين لعضوية التشكيلية بصفة ملاحظ لعملية الانتخاب و الفرز و تمضى في محضر جلسة المؤتمر مع وجوب إستعمال صندوق للاقتراع ».

2-            لم يقع تمكين عدد هام من المنخرطين من عملية الاقتراع إذ تمّ تحديد وقت ضيق و الطعن في العديد من المنخرطين من المشاركة بتعلّة عدم الانخراط في ظلّ غياب قائمة رسمية واضحة مسبقا.

3-            نقل الصناديق :

تمّ نقل صناديق الاقتراع بين المؤسسات إلى مقر الاتحاد المحلي بحمام الأنف بدون توفير الضمانات اللازمة تتوفر فيها حدّ أدنى من الشفافية و النزاهة و منها على الأقل مصاحبة ملاحظ أو مترشح عن كل قائمة. و إنّ عملية تنقل الصناديق تتنافى مع ما ضبطه القانون لضمان شفافية الإنتخابات و ديمقراطيتها حسب مقتضيات الفصل الثلاثون من النظام الداخلي :

 » ينعقد مؤتمر النقابة الأساسية عاديا مرّة كل ثلاث سنوات و يدعى له جميع منخرطي النقابة لانتخاب مكتب جديد في جلسة عامة تحترم كل المراحل و التراتيب القانونية، بالتنسيق مع الهياكل و التشكيلات المعنية في كامل مراحل إعداد و إنجاز المؤتمر ».

4-            عملية الفرز :

تمّت عملية الفرز في مقرّ الاتحاد المحلي حمام الأنف و هو في حالة أشغال ( دهن، ترميم، عمّال، ضجيج …) في ظلّ غياب أغلب المترشحين و الملاحظين بحضور مجموعة أغلب عناصرها مجهولي الصفة. و كان من المفروض أن تتم عملية الفرز بكل شفافية في حدّها الأدنى بأن يحرّر محضر بعد فرز لكل مكتب اقتراع بحضور الأساتذة المنخرطين و تجمع المحاضر في جلسة في مقر الإتحاد عوضا عن صناديق مشبوهة  و متجولة إذا فعملية فرز الأصوات تمت بطريقة غير قانونية و غير ديمقراطية.

و أمام هذه الخروقات القانونية مسّت جوانب هامة و جوهرية من القانون الأساسي و النظام الداخلي، نعتبر أنّ مؤتمر النقابة الأساسية حمام الأنف غير قانوني و لا يستجيب إلى الشروط الدنيا لعملية الديمقراطية و لذلك نطالب بإعادته في ظروف قانونية سليمة خدمة لديمقراطية العمل النقابي و مصداقيته و ليكون المؤتمر تمثيلا صحيحا للأساتذة تتوفر فيه شروط التنافس النزيه.

 

ملاحظة : تم تقديم طعن في هذا الشأن للمشرف على إنعقاد المؤتمر بحضور الكاتب العام للنقابة العامة، إضافة إلى إرساله في مراسلة إلكترونية للإتحاد الجهوي.

*أنظر المراسلة الإلكترونية للإتحاد الجهوي

  

نقابي من جهة حمام الانف

 

المصدر نشرية : » الديمقراطية النقابية و السياسية  » عدد 113 ليوم 04 جانفي 2008

     Liens :  http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p/

                                                          http://groups.google.com/group/democratie_s_p/


 

تونس في 03 جانفي 2008

و إذا لم تستح… فافعل ما شئت…

 

بقلم : عين من المرصد

   لا شكّ في أن ما حدث خلال أيام 27 و 28 و 29 ديسمبر 2007 من مستجدات مرتبطة بملف المضربين عن الطعام داخل الإتحاد العام التونسي للشغل مثّل تطوّرا خطيرا في مسار العمل النقابي خاصة بعد مؤتمر المنستير. و في ذات الوقت يعتبر ما حدث نتيجة طبيعية لخيارات محددة اتبعتها القيادة البيروقراطية الانتهازية للإتحاد في تناولها للملفات النقابية و هي خيارات طالما نبّه النقابيون الديمقراطيون إلى خطورتها و عملوا على فضحها و مقاومتها ممّا جعلهم مستهدفين بحملات الإحالة على لجان النظام و التشويه فصنّفوا ضمن « أعداء العمل النقابي و المنظمة و ضمن السّاعين إلى إرباك الإتحاد و قيادته  » المناضلة !! » !! » كما يحلو للبعض تسمية أنفسهم.

   يوم الخميس الماضي شهدت بطحاء محمد علي تجمّعا ضخما للمناضلين النقابيين حضروا من جميع الجهات لدعم المضربين عن الطعام و بحضورهم المكثّف أكّد المتجمّعون حقيقتين هامّتين : الأولى وعيهم العميق بأنّ ملفّ المطرودين الثلاثة ليس سوى قضيّة تكثّفت فيها أهمّ الأخطار التي تهدّد مستقبل الحركة النقابية و الإتحاد كضرب حقّ الشغل القارّ و الطرد الجماعي للعمّال و استهداف الحريّات النقابية و الحقّ النقابي بما في ذلك حقّ الإضراب و الحقّ في تكوين النقابات، و هنا يجدر التذكير باستفراد السلطة بوضع النصوص القانونية المتعلّقة بتأويل الإتفاقيّة الدوليّة 135 الخاصّة بحماية المسؤول النقابي و قد قامت بذلك لوحدها دون أدنى مراعاة لموقف الإتحاد الذي لم يحرّك ساكنا. أما الحقيقة الثانية التي أكّده المتجمّعون فهي ما تختزله الحركة النقابية في تونس من طاقات نضالية ، رغم محاولات التخريب الخارجي و الداخلي التي تتعرّض لها، قادرة ، متى وجدت القيادة المناضلة، على تحقيق الكثير من المكاسب للشغالين و للطبقة العاملة و على فرض هيبة منظمة العمال على كل المتآمرين و العاملين على تدجينها و جرّها إلى فلك سلطة الأعراف. و رغم أنّ الإتحاد العام التونسي للشغل في أشدّ الحاجة لمثل هذه التجمعات قبل انطلاق المفاوضات الإجتماعية إلا أنّ قيادة البيروقراطية الإنتهازية عمدت و بجرأة غريبة إلى شجب و استنكار هذا التحرك حيث عقد المكتب التنفيذي اجتماعا طارئا ندّد فيه بالمتجمعين و تبرأ فيه من الشعارات التي رفعوها معتبرا ما قاموا به  » …محاولة لإرباك القيادة… و إدخالا للبلبلة في صفوف النقابيين… و توظيفا لنضالات الشغالين لغايات غير نقابية !! ».

   المضحك المبكي في ما حدث يوم الخميس 27 ديسمبر 2007 هو أنّه في الوقت الذي سارع فيه أعضاء المكتب التنفيذي مهرولين للإجتماع بمقرّ  » القيادة العامة !! » للتنديد بالمتجمعين كانت قوات القمع تحاصر النقابيين الغاضبين و تعنّفهم مانعة إياهم من محاولة الخروج في مسيرة للتنديد بسياسة السلطة و وزارة التربية . لقد وجد المناضلون أنفسهم وقتها بين سنديان البيروقراطية و مطرقة البوليس و رغم ذلك تمسكوا بحقهم في التعبير و التظاهر و رفعوا شعاراتهم غير آبهين بعصا البوليس و بنداءات  » المتعقّلين !! » من خدم البيروقراطية الداعين إلى إجلاء البطحاء و عدم النزول إلى الشارع و الدخول إلى إحدى قاعات الإتحاد مسقطين بتلك المقترحات و نهائيا آخر أقنعة النضال التي يلبسونها و كاشفين حقيقة ولائهم التام للبيروقراطية و لمشاريعها.

   لقد بيّنت أحداث يوم الخميس عزم البيروقراطية ، بتنسيق مع الموالين لها، على إنهاء تحرّك إضراب الجوع بالصّيغ التي أرادتها السلطة غير آبهة لما سينجرّ عن مثل ذلك التصرّف من تأثيرات سلبيّة جدا على العمل النقابي و على المنظمة و هذه حقيقة أكّدها إقدام المكتب التنفيذي في الأيام الأخيرة على مجموعة من الخطوات هدفها وضع حدّ للتحرّك المتعلّق بإضراب الجوع رغم اقتناعه التام بأنّه لن يحصل و لو على مكسب واحد من السلطة مقابل تنازله. و أهمّ تلك الخطوات كانت :

·     عدم الدعوة إلى أيّ تحرّك ميداني لمساندة إضراب الجوع و الإكتفاء بالمساندة الشفويّة الباهتة.

·     إصدار أول موقف مكتوب داعم للإضراب بعد ستة و ثلاثين يوما (!!) من انطلاقه ضمن بلاغ تضمّن دعوة لحلّ إضراب الجوع فورا، و هذا ما يؤكّد انحيازه إلى موقف السلطة الرافض لأيّ تفاوض قبل حلّ إضراب الجوع.

·     رفضه تمكين قطاع التعليم الثانوي من هيئة إدارية إلاّ بعد حلّ إضراب الجوع ضاربا عرض الحائط بقوانين المنظّمة و استقلالية القطاعات و حقّها في اتخاذ قراراتها و خاصة جوهر المسألة الديمقراطية في المنظمة لتؤكد مرة أخرى صحّة ما ذهب إليه النقابيون الديمقراطيون عندما نبّهوا إلى خطورة مصادرة الرأي و حقّ الإختلاف و حقّ التعبير داخل المنظمة.

·     حال انتهاء الهيئة الإدارية قام بإصدار بيان تبنّى فيه موقف السلطة حرفيا لوضعية المطرودين الثلاثة حيث جاء فيه في النقطة الثانية :  » …يدعو وزارة التربية…من أجل تجديد عقود الأساتذة (الذين لم يعودوا متعاونين بل متعاقدين !!)… » رغم معرفته جيدا لموقف القطاع من المسألة، كما تضمّن البيان في نقطته الرابعة تنصّلا واضحا ممّا جدّ في بطحاء محمد علي يوم التجمّع.

   لقد أسقطت الأحداث الأخيرة كلّ الأقنعة التي اختفى وراءها هذا المكتب « الشريعي / التنفيذي !! » للإتحاد و سقطت أوهام المراهنين على  » بعض الأصوات الديمقراطية !! » داخل المكتب التنفيذي إذ أنّ أحدا، من أعضاء المكتب التنفيذي، لم يحرك ساكنا لمعارضة القرارات المتّخذة و المعادية لمصالح العمال. لقد آن الأوان لكي يقف كل الغيورين على مصلحة المنظمة و الطبقة الشغيلة ضدّ هذا التيار البيروقراطي الإنتهازي و يعيدوا ترتيب الوضع داخل المنظمة لأنّ الواقع يثبت اليوم و أكثر من أيّ وقت مضى أنّ المعركة الملحّة الآن أصبحت داخل المنظمة حتى تستطيع مواجهة السلطة و أذنابها و مشاريعها.

 

عين من المرصد

 

المصدر نشرية : » الديمقراطية النقابية و السياسية  » عدد 113 ليوم 04 جانفي 2008

Liens :  http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p/

http://groups.google.com/group/democratie_s_p/

 


 الاستبداد وآثاره الاجتماعية والنفسية

 إن الدكتا تورية في النظام السياسي العربي هي الوجه القبيح للاستبداد , حيث لاصوت يعلو فوق صوت السلطان فالحاكم  وفق هذه الطبيعة هو ظل الله في الأرض الذي لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من بين يديه . ومن نتائج الأنظمة الشمولية المترتبة عن ممارسة  ثقافة (الفر دانية والحكم المطلق) هي سيادة ثقافة المراقبة الذاتية للمواطن في حركاته وسكناته في أنفاسه ونبضاته .  بحيث يصبح المواطن العربي- إن صحت عليه صفة المواطنة-  يراقب نفسه في كل لحظة ربما يقع في زلة لسان في بعض المواضيع المحظورة .  فارتبط حضور الحاكم لدى المواطن بالقهر والتعسف والاضطهاد  والخوف الشيء الذي  افرز الإنسان اللاسياسي لأنه أدرك خطورة ممارسة حقه في المعارضة السياسية وإبداء رأيه والذي سيعرضه لا محالة للمضايقة ولمشاكل يرى انه في غنى عنها خاصة وهو يرزح تحت أعباء اجتماعية وظروف اقتصادية ومادية صعبة . وهو ما   يجعل من  الإنسان العربي  ضحية ثقافة الاستبداد والحكم المطلق خاصة ان السلوك الاجتماعي وتصرفات الفرد تطبعت بتلك الصفات كتعويض لما يعانيه من قمع وهذا ما يفسره علم النفس الاجتماعي . فنجد ذلك في العائلة وفي المؤسسة التي يعمل بها وفي الشارع حيث أصبح يميل إلى إطلاق الإحكام وعدم قبول الرأي المخالف . فإذا كان رب عائلة تراه يحاول أن يتفرد  بالرأي مستبدا بالسلطة مع أفراد عائلته وإذا كان موظفا يتمتع بقدر من المسؤولية فتراه يمارس سطوته على زملائه في المؤسسة وإذا كان أستاذا  برهن على مقدرته في التعالي على تلاميذه بفرض الأمر الواقع وهكذا أصبحنا نرى المواطن العربي في كثير من الأحيان سواء في الإدارة أو المؤسسة متأثرا إلى حد ما  بثقافة الاستبداد , يريد ا ن يعوض بذلك عن الكبت الذي تراكم  لديه تاريخيا يلاحقه و يفعل فعله فيه فيكون لديه وعي جمعي واجتماعي يجعل منه الضحية والجلاد في نفس الوقت( ضحية سياسة السلطان المستبد وغير العادل من جهة وجلاد لذاته يعوض عبرها كل إخفاقاته وفشله.)  فهو من جهة ضحية سياسة الكبت والقمع والحرمان الذي تمارسه عليه أجهزة الدولة الإقليمية بكل مؤسساتها غير المستقلة والتابعة كليا أو جزئيا لحكم تسوده  السلطة الأمنية على حساب المؤسسات الأهلية التي من واجبها الارتقاء بالمواطن إلى درجة  المواطنة . ومن جهة أخرى   إننا  مدعوون أكثر من أي وقت مضى   إلى  الشفقة   على الذات العربية الموجعة المكبلة بقيود العساكر والعسس من كل  حدب وصوب  والتي تبحث في وجدانها  عن بقية راحة أو طمأنينة مفقودة في واقع الاستبداد  والاستلاب الذي تعيشه سواء  من جراء تداعيات أوامر السلطان القهرية وحكمه المطلق والأنماط السلوكية التي يتركها في عمق الإنسان العربي أو من جراء المخلفات النفسية والاجتماعية للاستعمار المباشر وغير المباشر  . إن علم النفس الاجتماعي يقيم الدليل والحجة على ما تستبطنه الذات العربية  داخلها من رعب وخوف  طال أمده وامتد في النسيج الاجتماعي والثقافي حتى أصبحت سلطة الخوف هي الخوف من السلطة والسلطان وسلطة الرعب هي رعب السلطة . ومن هذا المنطلق  ينتج الواقع العربي مواطنا مأزوما يعيش السلبية تجاه محيطه الاجتماعي حيث نمت لديه ثقافة الفرجة  واللامبالاة.  فأنتج من خلال واقعه السلبي  إعلامه الخاص والذي بات يعرف « بالإشاعة » وترويج الخبر من هنا وهناك دون مراعاة لخطئه أو صوابه  فيهول المشهد الدرامي ويطبعه بطابعه الخاص  معوضا بذلك عن حرمانه من حقه في الإعلام الشفاف  والخبر الحقيقي .  هذا إذا كان المشهد مأسويا وأما إذا كانت الإشاعة تحمل إليه  حدثا سارا   وهي حالات نادرة  فيزيد من التشويق للخبر وسماعه  ويتفنن في تبليغه . وهكذا في تواصل تام مع المجتمع والبيئة التي يعيش فيها حتى يبعد عنه شبح الإعلام المؤسساتي الغارق في التكرار حيث أصبح يلوك نفسه ويجتر نفس الألفاظ والمعاني بل وحتى المشاهد والصور تكاد تكرر نفسها مع بعض التغييرات الضرورية على مستوى الشكل والإخراج  . فهذا يبدأ بالمديح وذالك يعظم من شان  الحاكم والسلطان والآخر يمجد كل عمل قام به الأمير طاعة لولاة الأمور بحيث أصبح الواجب القومي في مواجهة  بعض الأمور كالتعليم  والصحة والتشغيل وتوفير كل الفرص المتكافئة للمواطن العربي في هذه المجالات ينظر أليه وكأنه مزية من الدولة  أو هبة  من الرئيس أو السلطان أو الأمير .  والحال أن  المشهد الإعلامي العربي يتسم بالانغلاق والتحجر وهو بذلك يمثل التعبير الحقيقي لواقع الاستبداد ومنتجيه . فالمواطن العربي أين ما كان وفي أي قطر مسلوب من حقه المدني في الإعلام النزيه والصريح  ما عدا  ما تسمح به الأنظمة الحاكمة وفي حدود ما يوافق مصلحتها . ومن ابرز التبريرات التي تقدمها الأنظمة الحاكمة أن المواطن لم ينضج بعد ولم يرتق بوعيه إلى ممارسة حقوقه بشكل حضاري وسلمي وبالتالي يجب أن نضخ له الديمقراطية( قطرة قطرة) كما أن هذا المواطن  الذي لم يتحمل مسؤوليته في التطور الديمقراطي لأنه كان مهمشا أصلا ولم تتح له فرصة المشاركة الحرة في عملية البناء الديمقراطي .  و إذا كان هذا الكلام  عبارة عن صك غفران  وإعفاء وبراءة لهم مما آل إليه وضع الوطن والمواطن العربي فانه دليل على فشل النظام الرسمي العربي   في حفظ كرامة مواطنيه  هذا يحيلنا مباشرة إلى رأي المستعمرين في القرن التاسع عشر حيث يبررون احتلالهم لنا  بأنهم جاؤوا ليمكنوننا من الحضارة والتمدن  ويرتقوا بنا إلى مسار الدول المتقدمة في مجال العلم والمعرفة  خاصة وهم ينعتوننا كعرب  بأننا أناس برابرة همج ومتوحشون .  إن هذا الموقف ليس بعيدا نسبيا عن موقف الحكومات والأنظمة العربية التي نعتت  مواطنيها بكونهم    لم يرتقوا بعد إلى مرحلة الوعي الجماعي والاجتماعي الذي يؤهلهم للممارسة الديمقراطية .وبناءا عليه يجب الارتقاء بوعيهم بالتدرج حتى يستأنسوا بالرأي والرأي الآخر .. فهل في هذا الرأي خلاف أو اختلاف على ما قاله  ومارسه الاستعمار على شعوب العالم الثالث عامة في القرن الماضي  والشعب العربي بصفة خاصة؟ . وهذا يحيلنا إلى سؤال مشروع .. هل قبل حكامنا- الميامين- بالرأي والرأي الآخر ؟ هل قبل حكامنا السلاطين بنظرية التداول على السلطة ؟ هل قبلت أنظمتنا العربية- أمد الله في أنفاسها – لعبة الحوار الديمقراطي الجدي  والصادق مع النخب المستقلة المعارضة الحقيقية المرتبطة عضويا وجدليا بواقع الأمة والجماهير . ؟ الم يحن الوقت بعد لتتسلم الجماهير السلطة  بشكل سلمي وديمقراطي عبر ممثليها الحقيقيين الذين يحملون همومها ومعاناتها اليومية؟  في الحقيقة إن هذه الأنظمة   لم تزد الواقع العربي إلا استبداد وتخلفا  على جميع الأصعدة  . فهي تقبل بالحوار الشكلي ولكن مع معارضة من صنعها و على قياسها  لا  تمت للواقع السياسي  بأية صلة إلا من حيث اعتبارها رقما جديدا .  و في الوقت الذي يعيش فيه  الشعب واقع الفقر المدقع والأمية والإقصاء والتهميش  فان واقع  المرأة  أكثر بؤسا وتخلفا إذ تعاني شكلين من الاستبداد:استبداد السلطان المسلط على الشعب  واستبداد المجتمع الذي لم يتخل بعد عن نظرته الدونية لها,  ففي حين يعيش المواطن العربي هذا الواقع المؤلم  فان أولي الأمر لدينا لا يفكرون إلا في التمسك بالسلطة والتمديد في الحكم والتوريث. وبالرغم من الضريبة الباهظة التي يدفعها شعبنا العربي في كل قطر نتيجة للسياسات الاجتماعية والاقتصادية الظالمة فان  أنظمتنا العربية لم تستفق بعد ولم تستفد من دروس الديمقراطية في العالم  بل لازالت  تواصل سياسة القمع للحريات و الديمقراطية وعدم الاحتكام الحقيقي-لا الشكلي-  لرأي الشعب صاحب السلطة والسيادة في الاختيارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية . فلقد بلغ الاستبداد لدى أنظمتنا العربية الحاكمة حدا لايطاق  فباتوا يحكموننا على هواهم وفقا لقناعاتهم حيث يعتبروننا   قصرا في ممارسة الحكم الديمقراطي.  ويقول في هذا الخصوص عبدا لرحمان الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد « المستبد يتحكم في شؤون الناس بإرادته لا بإرادتهم ويحكم بهواه لا بشريعتهم ويعلم من نفسه انه الغاصب المعتدي فيضع كعب رجليه على أفواه الملايين من الناس يسدها عن النطق بالحق والتداعي لمطالبته».  وفي ظل سياسة الاستبداد  يولد الظلم الاجتماعي والفساد الأخلاقي والمالي كما يقول  عبد الرحمان الكواكبي في نفس المصدر (الاستبداد لو كان رجلا وأراد أن يحتسب وينتسب لقال :« أنا الشر وأبي الظلم وأمي الإساءة وأخي الغدر وأختي المسكنة وعمي الضر بضم الضاد وخالي الذل وابني الفقر وبنتي البطالة وعشيرتي الجهالة ووطني الخراب أما ديني وشرفي وحياتي فالمال المال المال»). ونتيجة لتكريس الاستبداد منهجا  ساد الظلم الاجتماعي كل الأقطار العربية تقريبا . فلقد  شهدت  جل الأقطار العربية أحداثا اجتماعية قوية أدت إلى سقوط العديد من الشهداء والضحايا الأبرياء ففي مصر السادات وفي عهد الانفتاح وقعت أحداث يناير 1977 أما في تونس فقامت  احداث26 جانفي 1978  المجيدة على خلفية الإضراب العام الذي قرره الاتحاد العام التونسي للشغل دفاعا عن مطالبه المادية للعمال وتمسكا باستقلالية القرار النقابي وديمقراطيته  ثم تلتها انتفاضة الخبز في 3 جانفي   1984  نتيجة لرفع الدعم .  بينما في الجزائر فتهز الجزائر العاصمة وبقية المدن أحداث أكتوبر1988  وفي المغرب نفس الشيء تقريبا حيث اندلعت انتفاضة ضخمة في أواخر الثمانينات من القرن الماضي  استشهد خلالها العديد من المناضلين. كل هذه الانتفاضات  كانت نتيجة لسياسة الأنظمة وإتباعها  توصيات البنك الدولي والبنوك والمؤسسات المالية الدولية الاحتكارية . فطبقت سياسات الانفتاح ففتحت السوق الداخلية على مصراعيها لرأس المال الأجنبي و  انتهجت سياسة الإصلاح الهيكلي للاقتصاد ففوتت في المؤسسات العمومية للخواص ودخلت في سياسة اقتصاد السوق تلبية لشروط  الاقتصاد العالمي .  فالطبيعة التي اتسمت بها سياسة الأنظمة هي التبعية الكلية لرأس المال الأجنبي في التخطيط والإشراف والتنفيذ وتحميلها مسؤولية ما ينجر عن ذلك من أزمات. وهكذا تحولنا    التبعية المطلقة في الاقتصاد إلى فئران مخابر في كل الميادين كالتعليم والصحة والثقافة  ولو بحثنا في  أصل الداء لوجدنا أن مواصلة سياسة الاستبداد وعدم تشريك الجماهير العربية في تحديد مصيرها هو السبب الرئيسي في ذلك . وفي هذا الإطار يقول عبد الرحمان الكواكبي في نفس المرجع عند تعرضه لغلبة الغرب للشرق واستيلاء الغرب على أكثر بلاد الشرق ( وكأني بسائلكم يقول : هل بعد اجتماع هذه القوات في الغرب واستيلائه على أكثر الشرق من سبيل للنجاة ؟ فأجيب قاطعا غير متردد: إن الأمر مقدور ولعله ميسور. ورأس الحكمة فيه كسر قيود الاستبداد).  وبالرغم من تلك الأحداث التي سقط فيها الكثير من الشهداء من اجل العدل الاجتماعي وضد الظلم والاستغلال الطبقي الذي وصل حدا خطيرا إذ سادت طبقة ثرية جدا ولا تزال على حساب الطبقات الكادحة والشعبية المسحوقة إلا أن الأنظمة الحاكمة لم تستفد من تلك الأزمات  بل واصلت سياسة العصا الغليظة وعدم تشريك الجماهير مباشرة في الملفات الكبرى التي تخص حياتها اليومية  . ومما يزيد الأمر تعقيدا أن الرأي السياسي المخالف المتجذر الذي يعطي الحلول الملائمة لقضية التنمية يعتبر رأيا مشاكسا يعكر صفو الحياة السياسية والاجتماعية للبلاد ويعرض أمنها للخطر ويهدد السلم الاجتماعي  .   فالسلطة السياسية  توحي لنا باستمرار بأن لا جديد تحت الشمس و كأن حركة الواقع ثابتة لا تتحرك ويغلب عليها السكون والجمود , وهذا في حد ذاته يعبر عن موقف رجعي لا تاريخي  . ذلك أن حركة الواقع لا يمكن أن تكون إلا حركة جدلية ولا يمكن أن نتفاعل معها إلا في إطار حركة التطور الدينامي والذي يسمح لنا بتحديد رؤيتنا التقدمية لحركة المجتمع باعتباره مجموعة بشرية لها روابطها وعلاقاتها الاجتماعية تهدف إلى تلبية حاجاتها في الحرية والتحرر  من كل المعوقات السالبة لإرادتهم نحو التقدم والتطور, فالتغيرالمستمرقانون يحكم  حركة المجتمع و  التفاعل الجدلي  أي التأثير والتأثر واقع لايمكن الإفلات منه ولا إلغاؤه . هذا ما تعلمناه من فلسفة التغيير الاجتماعي المعاصر.  فالتغيرالمستمرقانون يحكم  حركة المجتمع و  التفاعل الجدلي  أي التأثير والتأثر واقع لايمكن الإفلات منه ولا إلغاؤه . هذا ما تعلمناه من فلسفة التغيير الاجتماعي المعاصر. وبناء على ماتقدم فان هذه الأنظمة تبقى بعيدة عن واقع حركة المجتمع العربي وعن الجماهير العربية وقواها التقدمية ويبقى موقفها وفعلها رجعيان من حيث الرؤية ومتطلبات المرحلة الراهنة . مقال للنفطي حولة بتاريخ 5 جانفي2008 

هل أنا إرهابي؟

       

 
حللت بالدنيا ولي وجه مرتهن للإرهاب والتعب  فشرقت وغربت وظل وجهي للإرهاب مرتهن  وقالوا بصوتهم القهار وما وهنوا     ها أنت الإرهابي  ؟    روحك عربية  والضاد تنطقك   وتحلم بالمدن المقدسة المشرعة الأديان  فأنت إرهابي   هل اسمك محمد وعلي  ؟  وهل تأكل الخبز العربي ؟  فأنت  إرهابي تحلم بأرض بلا أسوار ولا جدار  ولا يمزقها الحصار ولست الإرهابي ؟  تحلم بأن تعود وتكفر بالتلمود   وأن يكون شعب الله المختار ليس من اليهود فأنت إرهابي  فأينما ذهبت وشطر وجهك وليت فأنت الإرهابي  أحلامك إرهابية  وورودك إرهابية  وأطفالك ولعبهم وابتسامتهم إرهابية  لأنك فقط العربي سلمى بالحاج مبروك من تونس


الرؤية الصهيونية لحق العودة:

مقايضة اللجوء الفلسطيني باللجوء اليهودي

 
توفيق المديني في الواقع ترفض «إسرائيل» الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين،مع أنها هي المتسبب الرئيس والأساس في عملية اقتلاع شعب من أرضه وتشريده. بيد أن الشعب الفلسطيني حتى وإن أقربقبول تسوية للقضية الفلسطينية، فإنه يرى وجوب أن تفضي هذه التسوية إلى تطبيق قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 194 الذي كان يجري تأكيده سنويا منذ العام 1948، والذي ينص صراحة وبالتحديد على «السماح لمن يرغب من اللاجئين بالعودة إلى ديارهم في أقرب وقت ممكن والعيش بسلام مع جيرانهم». ماذا يبقى لوتم التخلي عن حق العودة؟ في الواقع ستتحول القضية الفلسطينية، الذي يمثل هذا الحق جوهرها، إلى مجرد قضية إنسانية تعنى بها المنظمات غير الحكومية،لا كقضية وطنية لشعب شُرِّدَ من أرضه. يرتكز المنظور الصهيوني والرؤية الصهيونية لمسألة اللاجئين الفلسطينيين طوال أعوام الاحتلال للأرض الفلسطينية حتى الآن على تحميل مسؤولية حل هذه المسألة للأطراف العربية بدليل ما صرح به إسحق رابين قبل توقيع اتفاق القاهرة يوم 4-5-1994 عندما سأله الصحافيون: هل «إسرائيل»مستعدة للسماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين؟ أجاب بكل صفاقة ووقاحة «إن مسؤولية اللاجئين يتحملها أولئك الذين شنوا حرباًعام 1948 منذ وجود «إسرائيل»، هناك مشكلة لاجئي اليهود من البلاد العربية والإسلامية حيث استوعبتهم «إسرائيل»، وهم حوالي 600 ألف يهودي تركوا ممتلكاتهم وراءهم وأنه يمكن بحث قضية اللاجئين بعد التوصل إلى حلٍ للصراع العربي – «الإسرائيلي» يقوم على شطب حق العودة المنصوص عليه في قرار 194 الصادر في 11-12-1948». و لا يختلف موقف شمعون بيريس عن موقف رابين. ففي كتاب يحمل عنواناً مثيراً: «ستون عاماً من  الصراع في الشرق الاوسط»،صدر هذه السنة(2007) عن «دار الشروق» في القاهرة،وهوعبارة عن حوارات أجراها أندريه فيرساي مع وزير خارجية مصر في عهد السادات، وأمين عام الأمم المتحدة السابق بطرس غالي… ورئيس وزراء «اسرائيل» السابق ورئيس جمهوريتها الحالي شمعون بيريس. وقد حاول منظم الحوار توسيع أفق الجدل السياسي حول القضايا المطروحة كلها منذ حرب 1948 حتى السنة الماضية. ويقدم بيريس وجهة نظره في العديد من القضايا الساخنة مثل قضية القدس ومسألة الحدود ووضع اللاجئين. وبما أن آراءه لا تختلف عن آراء إيهود أولمرت في الشؤون المتعلقة بالمجتمع «الاسرائيلي»، فإن شهادته قد تكون المحور الذي يعتمده زعيم «كاديما» أثناء مقارعته الرئيس الفلسطيني. عن العودة إلى حدود 1967: بيريس: «لأسباب مختلفة بعضها خاص بالأمن، لن نستطيع العودة إلى ترسيم دقيق لحدود حزيران 1967. ومع ذلك فأنا مقتنع بأننا سنتوصل إلى اتفاق خاص بإعادة الضفة الغربية مع بعض التعديلات البسيطة للحدود، والتي يتم تعويضها بتبادل أراض. وذلك سيكون هدف المفاوضات المقبلة. ولكنني أعترف بأن حل جميع المستوطنات ليس أمراً سهلاً». عن مستقبل القدس: بيريس: «إن المناخ الحالي لا يسمح بحوار هادئ حول هذه القضية المشحونة بالمشاعر والمليئة بالرموز. أنا اعتقد أن القدس يجب أن تكون مدينة مفتوحة ومنزوعة السلاح، موحدة سياسياً وإنما منقسمة دينياً. وليتولى كل دين من الأديان مسؤولية الأماكن المقدسة الخاصة به. ولكن ليس من المفيد بحث هذه القضية لأن أياً من الأطراف ليس ناضجاً بما فيه الكفاية من أجل التوصل إلى حلول وسط». ويستنتج من هذا الجواب أن بيريس يتحدث عن قدس موحدةسياسياً كعاصمة نهائية ل«إسرائيل»، وعن قدس الأديان الثلاثة التي تسمح إدارتها السياسية بزيارة المعابد والأماكن المقدسة. عن حق العودة للفلسطينيين وتطبيق القرار 194 الذي صوتت عليه الأمم المتحدة في 1 كانون الاول 1948: بيريس: «قبل التعرض لجوهر هذه القضية أريد أن أذكر بأن الدول العربية طردت منذ عام 1948 عدداً كبيراً من اليهود، وهذا العدد يوازي تقريباً عدد الفلسطينيين الذين (غادروا(  فلسطين، علماً بأن اليهود المطرودين لم يحصلوا على حق العودة إلى بلدانهم العربية الأصلية، يدهشني أن العرب يرفضون بطريقة منهجية، الاعتراف بطردهم لليهود. الفرق بين سياستنا وسياسة العرب في مسألة اللاجئين،هو أن «إسرائيل» استقبلت كل اللاجئين اليهود في العالم العربي وقامت بدمجهم في المجتمع، في حين مارست الدول العربية سياسة قاسية للحفاظ على المنفيين في وضع اللاجئين كي يصنعوا منهم «قنبلة ذرية ديموغرافية».وفي تصورآخرسجله في كتابه «الشرق الاوسط الجديد» يقول شمعون بيريس عن حق العودة: «لن نسمح مطلقاً للاجئين الفلسطينيين بالعودة في أفواج كبيرة إلى «إسرائيل»، بغض النظرعما يثيره الآخرون في هذا الشأن. إن ذلك سيدمر الشخصية القومية ل«إسرائيل»، ويجعل الغالبية اليهودية أقلية. أما الخطوة الأولى للتوصل إلى حل مشترك فتكون بدراسة المشكلة بعمق وإقامة بنك معلومات للمساعدة على تحديد من هو اللاجئ». تتسم مواقف شمعون بيريس من القضايا الثلاث الرئيسة بتزوير الحقائق التاريخية ، لجهة خدمة مصالح الكيان الصهيوني.ويقول الكاتب اللبناني سليم نصار في معرض نقده لمواقف شمعون بيريس المضلله، ما يلي: «وبدلاً من استخدام كلمة «الطرد» في وصف حال الهرب الجماعي عام 1948 استخدم كلمة «مغادرة» كأن السكان خرجوا طواعية من منازلهم في القدس وحيفا ويافا.أما بالنسبة إلى موضوع مقايضة اللجوء الفلسطيني باللجوء اليهودي، فإن بيريس ارتكب خطأ تزوير التاريخ بطريقة ابتزازية مضللة. ذلك أن اليهود العرب تعرضوا للاغتيال والتدمير من قبل فرق خاصة أنشأها ديفيد بن غوريون. ففي مصر واجهت الجالية اليهودية حملة تصفيات عرفت بـ«قضية لافون» التي اكتشفتها الاستخبارات المصرية في عهد عبد الناصر. وكانت مهمتها تنحصر في افتعال أحداث من أجل حمل النظام على اعتقال اليهود بغرض حض رفاقهم على مغادرة مصر إلى أميركا، ومن ثم إلى «إسرائيل». وهذا ما حدث في العراق، بدليل أن مفتعلي الحرائق كتبوا يعترفون بأدوارهم السرية الرامية إلى تحريض الجالية اليهودية على الهرب في طائرات تشارتر. ومثل هذه الحملات الأمنية الهادفة إلى ترويع اليهود في العالم العربي، لم يكتب لها النجاح كثيراً في المغرب وتونس وليبيا واليمن. والمؤكد أن بيريس يسعى إلى تبني مبدأ المقايضة الذي «اخترعه» شارون، بحجة أن «العربي» لا يعتبر «لاجئاً» في أي بلد عربي آخر.وهذا صحيح من حيث المبدأ»(1) . وتتلخص الرؤية الصهيونية لحل قضية اللاجئين من خلال رفض عودة اللاجئين إلا بأعداد بسيطة،وخلال لم الشمل ،وعبر تعويض اللاجئين بمبالغ ضئيلة ويمول هذا المشروع من قبل الدول الغربية ودول النفط العربي. ولكن يظل جوهر الموقف الصهيوني من حق العودة يقوم على توطين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان العربية. وهنا من المفيد أن نستعرض أهم مشاريع التوطين التي طرحت منذ قيام الكيان الصهيوني و لغاية الآن .  1-مشروع قديم يتمثل بقبول الأردن توطين اللاجئين بحدود 300 ألف لاجئ شرط أن تلتزم «إسرائيل» بقرار التقسيم 181. مع العلم أن السكان الفلسطينيين الذين تم ترحيلهم كانوا 600 ألف لاجئ. وهناك أيضا بعض مشاريع تحت مسمى مشاريع الضمان الاجتماعي والمقصود بها إنهاء المخيمات الموجودة في الأردن ككيان سياسي واجتماعي واقتصادي. ووضعهم في مساكن جديدة في المناطق القريبة من العراق. 2-مشروع حسني الزعيم: إن حسني الزعيم حين قام بانقلابه في سوريا أعلن قبوله بتوطين «300» ألف لاجئ في منطقة الجزيرة في شمال سوريا لكسب ود الأميركيين والبريطانيين وقد لاقى هذا الطرح صدى في الدوائر الاستعمارية الأميركية والبريطانية لأنه ينم أولاً عن التخلص من كم ديمغرافي ومنظورحل اقتصادي سياسي للاجئين. وتم رفض هذا المشروع من قبل بن غوريون لأن حسني الزعيم طلب تعويض اللاجئين وتقديم مساعدة له، أما «إسرائيل» فتريد حلاًّتوطينياًفي البلاد العربية من دون تقديم أي ثمن يذكر. 3-مشروع توطين اللاجئين في سيناء: وقد تم القبول ببحث هذا المشروع تحت ضغوط دولية تعرضت لها مصرعام 1953 لتلافي وقوع حرب مع «إسرائيل» ليست مستعدة لها، ولتلافي العمليات الانتقامية التي كانت تقوم بها «إسرائيل» ضد قطاع غزة ولكن قوة تحرك الشارع من خلال المظاهرات الشعبية في القطاع أسقطت هذا المشروع. 4-الأونروا وتوطين اللاجئين: تأسست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا بموجب القراررقم (302) الصادرعن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 9/12/1949 من أجل تقديم الإغاثة المباشرة وإقامة برامج تشغيلية للاجئين الفلسطينيين.وفي البدايات حاولت الأونروا الخروج عن هذه المهام حيث بدأت بحرمان اللاجئين الذين هم خارج مناطق عملها من أي خدمات وبالتالي حقوقهم كلاجئين.وهذا يتساوى مع مخططات الكيان الصهيوني،وقامت الأونروا من خلال تقديم القروض بمحاولة دمج اللاجئين في أماكن وجودهم من خلال إيجاد أعمال تغنيهم عن الأونروا.وهذا يتضمن تجاوز حق العودة بالتشغيل الذي يؤدي إلى التوطين. وحين فشل ذلك عمدت إلى تحسين حياة اللاجئين من خلال إعطائهم قطع أرض وقروض بهدف توطينهم تحت بند الخطة السحرية سنة 1959 التي كان هدفها توطين (60%) من اللاجئين في الأردن وسوريا ولبنان. وحين فشلت استمرت في إعطاء القروض وظلت في هذا الاتجاه حتى أن الغرب ظل مستمراً في تقديم المساعدات للأونروا حتى إيجاد طرق كفيلة في برامج توطين منظمة. 5-مشروع توطين اللاجئين في الصومال وليبيا: عام 1950 اقترح على وزارة الخارجية «الإسرائيلية» تهجير الفلسطينيين إلى ليبيا والصومال.إذ قام المشرف العام على المنظمات العالمية في وزارة الخارجية «الإسرائيلية» «يجزفيل جوردن» بإرسال مذكرة إلى المديرالعام لوزارة الخارجية بشأن توطين اللاجئين العرب في ليبيا والصومال حيث أن ممثل إيطاليا في مجلس الأمن قال إن سياسة حكومته تقوم على تشجيع مهاجرين عرب أو مزارعين عرب إلى الصومال.ولقد عمل الكثير من الصهاينة حتى عام 1958 على إيصال خطة التوطين إلى مرحلة الإنجاز، حيث أن الصهيوني دانين قال إن اتفاقاً سرياً تم التوصل إليه مع وزراء في الحكومة الليبية يقضي بأن يتم توطين عامل فلسطيني مع عائلته في كل مكان فيه خمسة عمال ليبيين.وقال دانين إن هناك اتفاقاً مع السلطات الأردنية بأن يهاجرالفلسطينيون الراغبون عبرسوريا وكذلك كان هناك اتفاق مع السلطات اللبنانية للسماح للفلسطينيين بالمرورعبرلبنان والإبحارمن موانئه الى ليبيا. 6-مشروع بن غورين لتوطين اللاجئين: إن العقل الصهيوني دائما يحلم ألا يكون هناك فلسطينيون في مخيمات قريبة من الأرض الفلسطينية لأنه يعرف في قرارة نفسه أن وجود فلسطينيين في أي مخيم قريب لفلسطين معناه أن الفلسطينيين دائماً يتذكرون الأرض، وهم دائماً قادرون على إيجاد الطرق الكفيلة بعودتهم لأن الفلسطيني لا ينسى حقه، فهو ملتصق في أرضه ولذلك يعمل «الإسرائيليون» بشتى الطرق على أساس إبعاد الفلسطينيين إلى أماكن بعيدة وتذويبهم. وقد تم طرح مشروع بن غوريون من خلال التحضير للعدوان الثلاثي على مصر حيث أن الغرب و«الإسرائيليين» ظنوا أن الحرب على مصرستفتح آفاقاًجديدةً في المنطقة أو إجراء ترتيبات شاملة تتعلق بقضايا الشرق الأوسط حيث طرح على «جي موليه » رئيس وزارة فرنسا أن الأردن لا يملك مقومات الدولة المستقلة ولذلك يقتضي تقسيمه. فالمناطق الشرقية من نهر الأردن تُضَم إلى العراق على أن يتعهد العراق باستقبال اللاجئين الفلسطينيين وتوطينهم في وسط البلاد والقسم الغربي لنهر الأردن يلحق ب«إسرائيل». أما لبنان فيجب التخلص من الأقضية ذات الأغلبية السنية لكي يضمن استقرارًا مبنيًا على المناطق المسيحية، ومن خلال هذا التغيير تستطيع بريطانيا ممارسة نفوذها على العراق وشرق الأردن والجزء الجنوبي من الخليج العربي. أما المجال الفرنسي فينحصر بلبنان وربما سوريا مع علاقات وطيدة مع «إسرائيل»، وكذلك وضع ضمانات دولية لقناة السويس ويصبح مضيق تيران تحت الوصاية «الإسرائيلية». وهكذا نرى أن مشروع بن غوريون يريد توظيف النصر العسكري الذي يحققه العدوان الثلاثي لإعادة ترتيب المنطقة من جديد بذهنية استعمارية استيطانية.وكان يريد من هذا المشروع إبعاد اللاجئين الفلسطينيين من لبنان والأردن وسوريا إلى بلد عربي غير ملاصق لحدود فلسطين. 7-مشروع أيزنهاور: ويتلخص مشروع أيزنهاور بإعادة جزء من اللاجئين (100) ألف لاجئ وذلك يعتبر بمنزلة الحل (العادل) للمشكلة وإقامة السلام في المنطقة. وارتكزهذا المشروع على دراسة بحثية وضعها الباحثان ريتشاردكرافت وجاك هيمر من دائرة الشرق الأدنى في الخارجية الأميركيةوملخصه:  مجموع اللاجئين مليون ونصف المليون يشكلون (150) الف أسرة، تعيش في مخيمات في الأردن، ولبنان، وسوريا، وغزة والضفة. إعادة (100) ألف لاجئ في المرحلة الأولى عام 56-57 وعودة (100) الف عام 59-60. أماأصحاب الأملاك الذين لا يرغبون بالعودة يأخذون تعويضًا عن أملاكهم. وتوطين (160) ألفاً في سوريا و(125) ألفاً في الأردن.و يتم إنشاء صندوق بإشراف الامم المتحدة لتوطين اللاجئين في مستوطنات ويخصص لكل أسرة منزل مع قطعة أرض زراعية. 8-مشروع جونسون: إن هذا المشروع جاء لتمرير محاولات التوطين للاجئين في أماكن وجودهم.وكانت بداية هذا المشروع حين قدم جونسون عن لجنة التوفيق لقضية فلسطين، وكان يرافقه سرودرمو ضابط الارتباط بين وكالة الغوث (الأونروا) والأمم المتحدة في نيويورك حيث تم طرح هذا المشروع على وزير خارجية لبنان فيليب تقلا بحضور أمين عام الوزارة فؤاد عمون بتاريخ 9-9-1961. وأشار جونسون إلى توصية الجمعية العامة في 11-12-1948 أي قرارالشرعية الدولية (194) الذي ينص على حق العودة والتعويض فردَّ عليه فيليب تقلا: إذا كنا نريد النقاش يجب مناقشة القضية برمتها وليس موضوع اللاجئين فقط. وإن القرار ينص على العودة.لكن إجابة جونسون بلغة المنتقد المصحح إن جاز التعبير،أن القرارينص على العودة أو التعويض أوالاستيطان في البلاد التي يوجدون فيها استناداً إلى كلمةResettlement  الواردة في النص، فاعترضه فيليب لأن القرار يؤكد حق العودة إلى أرضهم وممتلكاتهم مع العلم أن «إسرائيل» تبني مستوطنات لاستيعاب اليهود المهاجرين إليها. ولقد طرح جونسون من خلال لقائه صائب سلام رئيس وزراء لبنان آنذاك ثلاثة مقترحات: منح الخيار لمن يريدون العودة سواء إلى منازلهم أو إلى أي قطاع في «إسرائيل». تعويض من لا يقبل الرجوع والعيش في ظل الحكم «الإسرائيلي». توطين من يرفض العودة في البلدان العربية.وأكد صائب سلام إن كلمة Resettlement  الواردة في القرار تعني حق العودة إلى الأرض،وإن أميركا بطرحها هذا المشروع المبكر في ظل الموازين الدولية القائمة في ذلك الوقت لا تستطيع الالتفاف على قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية بدءاً من القرار 194 وقرارات الحقوق الثابتة غير القابلة للتصرف الخاص بالشعب الفلسطيني لكن في ظروف القطب الواحد وموازين القوى المائلة لمصلحتها وهيمنتها فإنها تحاول الانفكاك من هذه القرارات. فحذار حذار يا شعبنا. 9-مشروع فانس عام 1969: وينص على إنشاء صندوق دولي برأسمال قدره ثلاثة مليارات دولار لتوطين (700) ألف في الأردن وخمسمائة الف في سوريا وتفريغ لبنان من اللاجئين الفلسطينيين كما تدفع تعويضات لأصحاب الأملاك وفق الجداول التي وضعتها لجنة التقديرات عام ،1950 وتسهم في هذا الصندوق الولايات المتحدة وأوروبا.وفي عام 73 أدخل كيسنجر وزير خارجية إدارة نيكسون حيث يتم توطين ثلثي اللاجئين في الأردن والثلث الباقي في سوريا مع دفع التعويضات لأصحاب الأملاك. وفي عام 1987 وضعت إدارة ريغان مشروعاً لحل قضية اللاجئين لإنشاء صندوق دولي لتوطين اللاجئين في الأردن وسوريا حيث تقام لهم مستوطنات حديثة تدفع تكاليفها من الصندوق الدولي بإشراف لجنة من الأمم المتحدة أما أصحاب الأملاك فتدفع لهم تعويضات عن أملاكهم تحدد قيمتها لجنة دولية من الخبراء. 10-مشروع بوش في 14 ابريل/ نيسان 2004 :ويؤكد على توطين اللاجئين وبقاء الكتل الاستيطانية، وتأييد بقاء أراض من عام 67 بيد «الإسرائيليين». 11-مشروع الوطن البديل: إن هذا المشروع هو مشروع بن غوريون لكنه تبلور في عقل شارون الاستيطاني  الاحتلالي الذي يؤكد أن الأردن هو فلسطين. إن مكامن العقلية الصهيونية التوراتية تؤكد البقاء العرقي وتعمل جاهدة بعقلية التطهير العرقي والتي تنادي بعملية ترانسفير قهرية تطهيرية ضد الشعب الفلسطيني  بهدف السيطرة على الضفة الغربية واستكمال تهويدها وكان هذا الإعلان من خلال محاضرة ألقاها شارون عام 1974 أمام أكاديميين أمريكيين وقال إن أمام «إسرائيل »خطرين أن تنشأ دولة فلسطينية معادية في الأردن أو أن تبقى بلا حل. من أهداف حرب 1982 على لبنان ومحاولة تصفية المقاومة الفلسطينية تنفيذ خطة «الوطن البديل»، إذ من الاطلاع على كتابات الصهيونية وخاصة «كتاب «إسرائيل» وتجربة لبنان» الصادر عن معهد الدراسات الاستراتيجية في تل أبيب يقول الباحثان ش.فيلدمان وه.ريشنتز أن الأهداف الصريحة لحرب لبنان والأهداف الضمنية هي إضعاف منظمة التحرير الفلسطينية وتأثيرها في الأرض المحتلة حيث يساعد ذلك على إقامة حكم ذاتي على المناطق. وإيجاد مسار لإسقاط الملك حسين وإلى تأسيس دولة فلسطين في الأردن. في المفاوضات المتعددة الأطراف المنبثقة عن مؤتمر مدريد للسلام، تم تشكيل لجنة اللاجئين ،إذكانت كندا تقود هذه المفاوضات، وهي التي حددت آلية الحوار، باجتماعات تنسيقية شاركت فيها أربعون دولة. وكانت آلية الحوار تسير على محورين: تطوير البنية الاجتماعية والاقتصادية لتجمعات اللاجئين بالتعاون مع الدول المضيفة،ودعم عمل سلمي عبر توفير مقومات التأهيل والتوطين حيثما يتفق عليه. إن المفاوضات المتعددة كانت فاقدة للمرجعية (القانونية والشرعية والدولية) وأيضاً أسست أرضية سياسية (منهاجية وعلمية) للانتقاص من حق العودة واحتوائه.وهناك مثل على ذلك، اعتراض «إسرائيل» على رئيس الوفد الفلسطيني إلياس صنبر في أول اجتماع للجنة لأنه من فلسطين الشتات ولكن تم إدراج القرار 194 ضمن المبادئ العامة لمحضر الاجتماع، لأن «إسرائيل» كانت متغيبة. ولكن في اللقاء الثاني تم إبعاد إلياس صنبر وإبداله بمحمد حلاج الذي أنكر عدم وجوده في المجلس الوطني الفلسطيني بناء على ضغط من «إسرائيل».وفي هذه الجلسة رفضت «إسرائيل»اعتماد القرار 194 كمرجعية للبحث وقدم المفاوض الفلسطيني تنازلاً حول هذا الموضوع حيث أن معظم المفاوضات المتعددة الأطراف وخاصة لجنة اللاجئين ركزت بالتحديد على الجانب الإنساني(2). وثيقة بيلين أنجزت هذه الوثيقة وهي تتضمن مبادئ أساسية للحل النهائي سنة ،1995 في نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول. حيث أن رابين كان ينوي الإعلان عنها قبل موعد الانتخابات«الإسرائيلية» لتكون أساسا لبرنامجه الانتخابي في يونيو/ حزيران 1996 ولكن تم اغتياله بعد إنجازها باثني عشر يوماً حيث بقي ملفها السري مغلقاً. ولكن يوسي بيلين أعلن عنها في 31-7 و29-11 -1996 على أنها ستكون مرجعاً مهماً للمفاوضين السياسيين حول مرحلة الحل الدائم.لقد ورد في البند الرابع من هذه الوثيقة حول اللاجئين: 1 -أن تحل هيئة دولية جديدة محل وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) لتعمل على إعادة تأهيل وتأمين استيعاب اللاجئين في دول وأماكن إقامتهم، والعمل على تطوير الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية وتذويبهم في الحياة اليومية للمجتمعات التي يعيشون في محيطها. وتتكفل حكومة حزب العمل التعامل ثنائيا مع الدول المعنية والأطراف الدولية الراعية، من دون صخب أو ضجيج إعلامي حتى لا يشكل ذلك إحراجا للسلطة، وممارسة الضغوط الكفيلة بانتزاع المواقف الدولية الداعمة لهذا الهدف بالتعاون مع الدول المضيفة لضمان إغلاق الملف نهائيا. ويكون للسلطة منح تصاريح الزيارة لهم وذويهم وعدم منح هؤلاء المواطنة في حدود أرض السلطة والعمل أيضا على منحهم زيارة مؤقتة كرعايا الدول الأجنبية،على أن يكون ل«إسرائيل» حق المساءلة في أي حالة يشتبه بها من دون تحفظات. كامب ديفيد وطابا إن مفاوضات كامب ديفيد الثانية كانت تدور تحت سقف لاءات باراك التي تتحدث عن نفسها: عدم عودة «إسرائيل» إلى حدود 1967 وتجميع المستوطنات في كتل كبيرة.  عدم السماح بعودة اللاجئين. عدم السماح بفرض سيادة على القدس الشرقية خلاف السيادة «الإسرائيلية». في محادثات كامب ديفيد لم يتم التوقيع على تسوية قضايا الوضع النهائي. ولكن تم لقاء آخر في طابا في مصر مطلع عام 2001 حيث تمت صياغة بيان يرفع عن كاهل «إسرائيل»المسؤولية القانونية والأخلاقية والسلوكية في عمليات الإبادة الجماعية والتدمير والتطهير العرقي من خلال الجرائم التي شنتها ضد الشعب الفلسطيني في إمعان سياسة القتل والتشريد «بالتعبير عن الأسف» بدل تحميلها كامل المسؤولية عن عملية التشريد والقتل والإبادة الجماعية حيث إن اتفاق طابا شرعن وقنن قضية اللاجئين بالأسف، على أن يتم تشكيل هيئة دولية لمتابعة هذه القضية لتعرض على اللاجئ خمسة خيارات منها: التوطين في مكان إقامته الحالي.الحصول على جنسية الدولة الموجود فيها. استيعابه في الدولة الفلسطينية العتيدة.الهجرة إلى خارج المنطقة،أ و العودة إلى داخل «إسرائيل» من خلال قضايا لم الشمل.  الهيئة الدولية معنية بجمع الأموال وإعطاء التعويضات مقابل الأملاك والأملاك غير المنقولة الشخصية التي اغتصبت من اللاجئين أما الأموال العامة والتعويضات مقابل الأملاك غير المنقولة الشخصية مثل العتاد، أمتعة سيارات سيكون ل«إسرائيل» دور في جمع الأموال. «إسرائيل» طالبت بوضع سقف عام للتعويضات ليتحول الى تسوية دائمة، أي أن يتحدد التعويض بشكل فردي من دون سقف لخلق مشكلة ما بين اللاجئين والجهاز الإداري الذي سيسعى الى خفض قيمة أملاكهم. هناك موضوعات مهمة من الناحية القانونية واللغوية والسياسية، حيث اعتبرت «حق اللاجئين» بالعودة مشكلة قابلة للمساومة والتفاوض حول حق العودة وإسقاط هذا الحق، ما يعني إسقاطا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بحق العودة، وحق تقرير المصير والحقوق الثابتة غير القابلة للتصرف(3) الخاتمة: الأميركيون والصهاينة يعرفون السلام أنه تسوية تنهي المطالبة العربية بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني في استرداد أرضه السليبة، و لاسيما حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم.و يعتبراللاجؤون الفلسطينيون اليوم أكبر وأقدم مجموعة سكانية لاجئة في العالم، إذ يشكلون ثلث عدد اللاجئين في العالم، وقد نشأت حول محنتهم مجموعة معقدة من القواعد والظروف، التي أهمها، أن لهم حقاً في العودة الى وطنهم، لا يمكن إنكاره،وهو متضمن في القانون الدولي، ولاسيما  في قرارالأمم المتحدة رقم 194. ومن بين عشرات الجماعات السكانية الكبيرة المشردة في العالم، التي تنتظر أن تمارس حقوق العودة، لا تملك جماعة ما يملكه ملايين اللاجئين الفلسطينيين من حقائق ووثائق، وأدلة، وأساس قانوني، تدعم حق إسكانهم في ديارهم وإعادة ممتلكاتهم إليهم. وتتوفر للعالم جميع سجلات الأراضي، وسندات الملكية، والوثائق التاريخية، والصور الفوتوغرافية _ بل حتى مفاتيح المنازل _ اللازمة لجعل استعادة الملكية المنصفة والعادلة حقيقة واقعة لكل الفلسطينيين المشردين. إن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين هوالأساس الجوهري للقضية الفلسطينية، بيد أن هذا الحق لا تريد الامبراطورية الأميركية التي تمتلك الثروة الهائلة والقوة العسكرية الجبارة ، وتنفق على «إسرائيل» بسخاء قل نظيره للحفاظ على الاحتلال الصهيوني في فلسطين ،أن تمارس أية ضغوطات على الكيان الصهيوني لكي يطبق القرارالدولي الخاص باللاجئين الفلسطينيين. لاشك أن مصير «إسرائيل» سيعتمد على الاضطرابات التي تنتظر النظام العالمي، والثورات في العالم العربي التي لا يمكن التكهن بمضمونها بدقة، ولكن قدومها قد عجّله التهوّر والغباء المطبق، اللذان يتسم بهما  نظام بوش _ تشيني، وشريكته الصغيرة _ «اسرائيل» .فما يهم الإدارة الأميركية في الوقت الحاضر هو إقامة محور على مستوى منطقة الشرق الأوسط تكون «إسرائيل» مركزه، يقف في وجه إيران وسورية و«حزب الله» وحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي». إضافة إلى هذا الإنكار التاريخي لحق العودة للاجئين الفلسطينيين، فإن رؤية «إسرائيل» للدولة الفلسطينية التي يكثر الحديث عنها في هذه المرحلة التاريخية، تختلف كلياً عن الرؤية الفلسطينية لها، ف«إسرائيل» ترى: * أن أي كيان فلسطيني يجب أن لا يسمح له بالسيطرة على الحدود مع أي دولة أخرى، وأن تكون المعابر الحدودية تحت سيطرة إسرائيلية. وأن يكون الكيان الفلسطيني محاطا بترتيبات دائمة يشرف عليها الجيش الإسرائيلي. * أن لا تكون أراضي الدولة الفلسطينية متصلة مع بعضها البعض، بل عبارة عن كانتونات مقطعة الأوصال وغير متواصلة جغرافياً. * أن صلاحيات أي دولة فلسطينية يجب أن تبقى صلاحيات وظيفية وليس سياسية. * أن تكون الدولة منزوعة السلاح وناقصة السيادة. * أن لا تسيطر على الأرض ولا على المياه والموارد الطبيعية. * أن لا توافق الدولة الفلسطينية على دخول قوات أجنبية وبخاصة عربية إليها. إن تأجيل البحث في تلك القضايا إلى المرحلة النهائية التي كان من المفترض أن تنتهي المرحلة الثالثة، التي يتم فيها الاتفاق على الوضع الدائم وإنهاء الصراع «الإسرائيلي» – الفلسطيني، وتنتهي هذه المرحلة في عام 2005 ويتم خلالها: 1- عقد مؤتمر دولي ثان في بداية عام 2004 بهدف إنشاء دولة فلسطينية بحدود نهائية مع بداية عام 2005، ويكون جدول أعمال المؤتمر قضايا القدس واللاجئين الفلسطينيين والمستوطنات. 2- استمرار الأجندة الإصلاحية التي وضعها فريق العمل، استعدادا لاتفاق الوضع النهائي. 3- استمرار التعاون الأمني الذي وضع في المرحلة الأولى. 4- تتم في نهاية المرحلة تسوية النزاع الفلسطيني – «الإسرائيلي»، وتقيم الدول العربية علاقات طبيعية مع إسرائيل، في إطار سلام عربي – «إسرائيلي» شامل. ويظهر أن خريطة الطريق سوف تكون أسوأ على الفلسطينيين من اتفاق أوسلو. فقد نص اتفاق أوسلوعلى خروج جيش الاحتلال «الإسرائيلي» من 90 في المئة من الأراضي الفلسطينية بحلول عام 1999، مقابل تأجيل قضايا القدس واللاجئين والحدود والمستوطنات، ولكن «إسرائيل» لم تكن قد انسحبت في عام 2000 سوى من 18 في المئة من الأراضي الفلسطينية، علماً أن مساحة جميع أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة حسب حدود الرابع من حزيران 1967 تبلغ 22 في المئة من فلسطين التاريخية، بينما مساحة الدولة الفلسطينية حسب خريطة الطريق لن تتجاوز 9 في المئة من فلسطين، وفي الوقت عينه تطالب بتأجيل بحث تلك القضايا إلى المرحلة النهائية، التي لم تبدأ بعد(4). هكذا، تضاف نتائج مؤتمر أنابوليس ، التي لم تحمل جديداً، إلى مبادرات السلام الأخرى الضائعة في الشرق الأوسط. كما أن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» أولمرت يحاول استغلال الخلاف المستحكم بين «فتح» و«حماس» كي يلعب ورقة الخصومة الفلسطينية الداخلية ليمرر مشروعه مدعوماً من إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش التي تحاول دفع العرب المعتدلين إلى الوقوف في معسكر واحد مع «إسرائيل»لمواجهة إيران . ما ينبغي على الفلسطينيين أن يدركوه جيداً أن الدولة العبرية لن تمنحهم حالياً وفي ظل الضعف والوهن الذي يعانون منه بفعل خلافاتهم الداخلية، ما لم تمنحه لهم في أوقات كثيرة سابقة كانوا فيها في وضع أفضل. فالمعروف عن اليهود شغفهم بالمماطلة والتسويف، ولن يجدوا أفضل من الحال الفلسطينية الراهنة للتملص من استحقاقات التسوية السياسية، أو على الأقل، العمل على تقديم الفتات في سبيل تصفية القضية الفلسطينية، والتخلص من «الصداع المزمن» الذي تعاني منه،ولاسيما إذا نجحت في إنهاء القضية الأكثر خطورة من قضايا الحل النهائي متمثلة في  حق العودة للاجئين الفلسطينيين (1) – سليم نصار، فشل محادثات عباس  أولمرت يمهد لإجهاض مؤتمر نيويورك ، صحيفة الحياة اللندنية تاريخ 1سبتمبر 2007. (2) – زياد الشولي- باحث في قضايا اللاجئين- مشاريع التوطين وحق العودةالمصدر: باحث للدراسات 10/8/2007 (3) – المصدر السابق عينه. (4) –أحمد سعيد نوفل ،خريطة الطريق أسوأ فلسطينياً من اتفاقات أوسلو، صحيفة الحياة 05/05/2007 ( المصدر: مجلة الوحدة الإسلامية  شهرية إسلامية ـ تصدر عن تجمع العـلمــاء المسلمين في لبنان، السنة السادسة – العدد الثالث والسبعون  (ذي الحجة – 1428هـ) كانون الثاني/يناير 2008 م)


السّخرية أداةً لفضح الواقع.. قراءة في قصص التونسي ساسي حمام

 
د.سناء الشعلان – من يقرأ في مجموعتيّ القاص التونسي ساسي حمام لاهثون معي (1982) و قطع غيار (2000) لن يحتاج الكثير من الوقت ليعرف سبب إقلاله في الإنتاج، إذ إنّه عبر أربعين سنة لم ينشر مجموعات قصصية غيرهما، ولا غرو في ذلك، فهو قاص ينسج ما يكتب بهدوء وروية، من دون انتقاص أو إخلال، ولخصلة صمته الطويل التي عزاها الناقد محمد بن مفتاح في مقالة له إلى العمق والتسامي عن الصغائر والانغماس في القضايا الفكرية أثر في ما يكتب (1)، فما يكتبه وليد تفكير طويل وتأمل عميق، والطّريف في الأمر أنّ ساسي حمام ساخر لاذع السّخرية فيما يكتب في مجموعته القصصيّة الثانية قطع غيار ، وهي سخرية تمتدّ إلى بناه السّرديّة، فتكوّن البطل المنكود في لوحة واقعية حزينة تؤرّخ لمعاناة الإنسان المعاصر من دون تحديد لمكانه أو اسمه أو خصوصية معاناته، فالمعاناة هي بحدّ ذاتها هوية خاصة تحمل السّخرية بصمة لها، وهذا لا ينفي حقيقة أنّ ساسي يعمل بحق على انتقاء مواضيعه اللاهثة بحق والمتوغّلة في هموم الإنسان وقضاياه بوعي وتعاطف معها (2)، وهي في الوقت نفسه كما يقول حسن عثمان توفّر نكهة ومتعة إذا ما باشرها القارىء بوعي جمالي ومعرفي واكتشف اللامعقول فيها، وما تبطّنه في تلافيف لغتها (3). يلجأ ساسي حمام في قصة قطع غيار إلى السّخرية من بطل قصته الذي يستسلم لاستلابه وانهزامه، مقدّماً بتلك السّخرية شكلاً ذكياً من أجل انتقاد تساقطه، وجلد استلابه الذي لا يمكّنه من الوصول إلى تقبل الآخر والرضا به والاعتراف بوجوده، بل الاعتراف -على الأقل- بحقه في أن يحبّ، ويعيش بالقرب ممن يجبّ، ويسلك طريقاً عجائبية فانتازية في سبيل ذلك، ولعلّه بهذا الانزياح عن قوانين الطبيعة، والتواطؤ مع قوانين العالم العجائبي يكرّس بلا شك حقائق العالم المعيش بكلّ ما فيه من تناقضات وسلبيات، فهذا الخروج عن قوانين الطبيعة والنزوع إلى العجائبي (4) قد يكون شكلاً من أشكال تأكيد القاعدة التي خرج عنها، وخرقها؛ لأنّ الخروج يسترعي الانتباه إليها، ويبرزها بكلّ جلاء (5). ففي هذه القصة نجد بطل القصة الذي يتولّى السّرد يقع في عشق امرأة أوروبية، وفي رحلة نهرية على نهر الرّاين يتفجّر ضعفه أمامها، ورفضها له، لا لشيء إلاّ لأنّه إنسان عربي، فتقول له: إنّ شعرك الأسود وبشرتك السمراء يفصلانني عنك، نحن قطبان لا يلتقيان، نتكلم لسانين مختلفين، نفكر بعقلين مختلفين، نسمع بأذنين مختلفتين، نرى بعيون مختلفة (6). ولأنّ الكاتب يعرف من أعماقه أنّ محاولة التغيير مستحيلة، فهو يصممّ على أن يخوض التجربة حدّ الجنون، فبطل القصة يقّرر أن يُرضي حبيبته الأوروبية التي ترفضه بأيّ شكل، وهي التي تنعى عليه عروبته وحبّه لعالمه، وتنصحه بأن يتزوج من عربية مثله: أنتَ خُلقت لغيري، قدرك أن تحبّ فتاة في لون بشرتك، تخضّب رجليها ويديها بالحناء، هاك جسدي خذ منه ما تشاء، اعبث به كما تريد، ولكنّي لن أحبّك (7). ويقرّر بطل القصة أن يغيّر رأسه ويستبدل به آخرَ أوروبياً، أليس في بلاد قطع الغيار التي تغيّر كلّ شيء حتى أجساد البشر، ولا تعترف بالحبّ. إنّه يريد أن يغير رأسه ليصبح منهم، أيّ أوروبي: سأغير رأسي وأصبح واحداً منهم (8). ويغير البطل رأسه، ويصبح برأس أشقر وبعينين زرقاوتين، ويطير إلى حبيبته التي ترفضه تماماً من جديد، وتكاد تصرخ طالبة النجدة، فماذا تكون النهاية؟ الأوروبية رفضته رغم تغييره لرأسه، فخسر بذلك حبّها المأمول، وخسر رأسه، وخسر نفسه، وأصبح فقيد قومه الذين يبحثون عنه من دون توقّف، ويعلنون عن فقده في نشرات الأخبار. إذن لا فائدة من التقارب مع الآخر؛ لأنّه يرفض ذلك بكلّ الأشكال، فلماذا نخسر أنفسنا في سبيل ذلك؟! مابين السؤال والجواب الوحيد تكمن السّخرية من الأحمق الذي خسر نفسه في رحلة إرضاء حبيبته، فلو كان يملك القليل من الحكمة لعرف أنّ المحب بحق لا يطلب قائمة من التغيرات من حبيبه، بل يحبّه على علاّته، وعقاباً للعربي على جهله، وعلى لهاثه الحموم والسّخيف وراء إرضاء الآخر كان عليه أن يخسر رأسه، ويخسر معه سعادته وحبّه وكرامته، أليست هذه سخرية كافية لهدير من الدموع والأحزان والندم الذي يلوّح به الكاتب في آخر القصة لبطلها المأزوم. أمّا في قصة زمن الجراح من المجموعة نفسها، فنجد العالم وما فيه من سحق للضعفاء والمنكودين لصالح الأغنياء يُختزل كلّه في مأساة قتل ماسح الأحذية الطيب المسكين، الذي قُتل في ظروف مجهولة، وأصابع الاتهام تشير إلى الأغنياء الذين بدأ بمزاولة مهنته في حيهم الفاره، فكرهوا وجوده بفقره وبمهنته المتواضعة بينهم، وحاكوا مؤامرة للتخلّص منه. أليست هذه مهزلة جديرة بكلّ سخرية واستنكار، فمتى كانتْ النفوس ترخص إلى حدّ إزهاقها لأنّ أصحابها يملكون مهناً حقيرة في أعين السادة والأغنياء؟ ولكن هذا ما كان، ولا أحد يجرؤ على الإدلاء بشهادة خوفاً من السادة!! فيكون مصير ماسح الأحذية أن يُطلّ دمه، في وسط ضباب غريب يلفّ الأشياء، ويخفي الحقيقة، ويخيف النّاس، ويسكن السّجون التي امتلأت ظلماً بالمتهمين والنّزلاء على ذمة التحقيق الذي لم يسفر عن أيّ نتيجة حقيقية. وفي قصة ثلج… النار ، يسمح الخوف والضياع والتشظّي في عالم مهووس بالجنون والخوف، بأن يخرج بطل القصة هو الآخر عن قوانين عالمه، ويبدأ بحثاً عجيباً عن نفسه التي تنفصل عنه لتحاكي انفصام عالمه، وتغادره، فيبحث عنها دون فائدة: وأبحث عن نفسي بين هذه المكعبات المتربعة على حافة الشوارع، على صفحات الوجوه التي تعترضني، على أكداس المزابل، فلا أجدها (9). فالواقع المحموم بالضيق والمآسي يسمح بسخرية مخيفة للأنفس أن تفارق أصحابها، لتبتعد بعيداً، ويكون لزاماً على أصحابها أن يطاردوها من مكان إلى آخر كي يستردوها، ويعيدوها إلى أجسادهم المعذبة. ويعود النفس التهكمي الغرائبي إلى التعالي في قصة على أهداب الشمس ، فبطل القصة يعاني من مرض النّوم الذي يهاجمه في كلّ مكان، ويفسد عليه حياته، ويعجز عن أن يجد له علاجاً، وفي ليلة استيقاظ واحدة نعرف سبب هذا المرض الذي يغدو مفراً وحيداً للبطل من واقعه المدان بكلّ البشاعة والجرائم، والذي يتهالك على المتع الحرام، ويغرق في الوحل والنقائص (10) التي يعجز البطل عن تجرّعها لليلة واحدة، فيجد مفراً آخر من حياته، ألا وهو الموت وحيداً حزيناً مجهولاً على قارعة الطريق، لا أحد يعرف من يكون. وفي قصة الرحيل إلى مدائن الشّمس تختفي الشّمس لسبب مجهول تاركة الدّنيا في ظلام، والأحوال من سيئ إلى أسوأ، إذ يستغل الجشعون غيابها ليزيد ثراؤهم على حساب الفقراء والمنكودين الذين يزدادون بؤساً بغيابها، ولكن بطل القصة الثائر الصامت يبقى مؤمناً بأن الشّمس ستعود يوماً: بقيت وحيداً لأنّي كنت موقناً بأنّ الشمس ستظهر في سمائنا الزرقاء الصّافية كما ظهرت أوّل مرة حمراء قانية ملتهبة، فتملأ القرية حركة ونشاطاً وحرارة، وترجع إلينا حقولنا ومزارعنا (11). ويصدق حدس البطل، وتظهر من جديد، وحينما يسرقها الملك، ويسجنها في قصره ليكتمل جماله عملاً بنصيحة عجوز القرية التي كانت تهدف إلى إهلاكه تتجلّى السّخرية في أبشع صورها، فالشّمس ما كانت لتغيب لولا ظلم السّلطان وجوره، وفي اللحظة التي ظهرت فيها من جديد معلنة ولادة جديدة لحق، يستولي عليها السّلطان من جديد، ويسجنها في قصره كي تكون فقط لمتعته وسعادته ولاستكمال جماليات قصره؛ في حين يُحرم منها الشّعب الذي تمثّل الشمس له شكلاً من أشكال استمرارية حياته الطبيعية، ومن دونها فسوف يكون الموت هو مصيرهم، ولكن الشعب يثور أخيراً على سلطانه الجائر، ويفتك به، ويقتله، ويستعيد الشّمس، ويعلّقها في ساحة القرية، لتصبح هاجس البطل المتمرد على واقعه من أجل البقاء في القرب من الشمس. في حين يخفت صوت الاحتجاج في قصة العائد ليهمز من بعيد العلاقات الاجتماعية الواهية في حياة المدينة، التي يجهل الكثير من البعيدين عنها برودتها وقسوتها، فيتمنّونها لجهلهم، وهم لا يدرون ما يدور فيها من تساقط، وإهمال لإنسانية الإنسان، حتى إن هذه المدينة بوقعها السريع قد لا تلتفت ولا تنتبه لبطل القصة الذي تشبّ النّار فيه، وتحرقه حدّ التفحّم، فلا يجد من ينتصر له، ويهبّ لنجدته، حتى يغدو كتلة من الرّماد الأسود (12). والسّخرية هي قوة بنائية في النّسيج السّردي عند ساسي حمام في سبيل تجريد عيوب واقعه من أيّ وقار مزعوم تتحلّى به، وهو بذلك يعرّيها أمام المتلقي الذي لا يتردّد في أن يضحك ملء شدقيه ليصطدم بالمرارة الفاجعة التي تجعل لزاماً عليه أن يعترف سريعاً ببشاعة الواقع في بعض تفاصيله، وينحاز إلى إنسانيته، ويغرق في بكاء مرير يجعله يدرك أن الكاتب كان يبكي وهو يكتب، وما ضحكه وسخريته إلا نوبات من الحزن المؤجّل، وطريقة استعراضية تجميلية لأحزان مشوهة، فالكاتب يدسّ الفجيعة في ضحكنا كما يدسّها في سخريته، وهذا ما نراه في قصة السباق ، فالبطل مجهول الاسم، وصفته الأساسية والأهم هي أنّه عداء عتيد، وذلك ليس وفق رأيه أو إمكانياته، بل وفق ما قرره المسؤولون في قومه، اعتماداً على تاريخ مجيد من عدّائي عائلته الذين هم ثروة البطل الوحيدة: وقفزت إلى ذهني صور أجدادي وآبائي التي علّقتها على جدران البيت، وبالغت في حفظها والميداليات الذّهبية المتنوعة التي وضعتها في صناديق من البلور، وأحكمت إغلاقها خوفاً عليها من الغبار واللصوص (13). أمّا الكفاءة المطلوبة والقدرة المرجوة والتدريب المستمر، وجميعها عماد للتميز في رياضة عمادها اللياقة والتدريب الدؤوب، فهي أمور كانت مهملة عند البطل، على الرغم من أنّه طالبَ بها، لكن الجهات الحكومية رفضت طلبه بحجة ضعف الإمكانيات المادية(14)، وشجّعته على السفر لاغتنامه للتسلية والسياحة والمتعة، فماذا كانت النتيجة المضحكة المبكية؟ لقد خسر البطل في مسابقة الجري، وعاد يحمل الخزي بعد أن حاول أن يكسب بالاحتيال، فكشف، ولطّخ تاريخ الأجداد بالهزيمة!!! إذن الكاتب يقول لنا بسخريته البارعة: لا يكفي تاريخ الأجداد، وإن كان ماجداً، للتفوق في الحياة المعاصرة من دون عمل واجتهاد. وهذا النفس السّاخر يتكرّر من جديد في قصة الخوذة والكسوة ، فالعائد من المعركة يتلف وقته ووقت القرية باستعراض بطولاته المجيدة في المعركة، وكي يستحضر تلك البطولات بكلّ تجلياتها لا يخلع بذلته العسكريّة أبداً، وتكون المفاجأة عندما يضطر لذبح ديك لوالدته، فيسقط مغشياً على الأرض عند رؤيته للدم، ويفتضح أمر كذبه، فيغادر القرية من دون رجعة. ويعلو صوت السّخرية المزوج بالحرمان والمرض والانتظار في قصة النائب ، ففي هذا القصة يُختار نائبٌ للقرية بإرادة حكومية خفيّة، ولا أحد من القرية يعرفه: التجؤا إلى شيوخ القرية فعرفوا أنّ أباه كان يسكن هذه القرية، وأنّه قد باع أملاكه، ورحل منذ مدة طويلة، وهو مستقرّ الآن بالعاصمة (15). ويؤمّل النائب أهل القرية ببناء مستوصف طبي، ويطول الانتظار، ويختفي النائب زمناّ طويلاً، ثم يعود على حين غرّة، ويقوم بجولة في المكان، ويتنفّس الجميع الصعداء أملاً في تحقّق حلم المستوصف، وتتجلّى الحقيقة السّاخرة من أحلام المرضى والمنتظرين عندما يعرفون أنّ النائب في صدد اختيار مكان على الشاطىء لبناء قصرٍ له! والسّخرية عند ساسي حمام ترتبط بتاريخ الأحزان والنكبات، ففي قصة الزيارة يُبلغ أهالي القرية بزيارة مرتقبة للسلطان لتفقّد أحوالهم، ويأملون أن تحمل الزيارة الخير لهم، وتخفّف من وطأة فقرهم، لكن شيخ البلد يجبرهم على التبرّع الجائر المرهق لميزانياتهم لتجميل القرية كي لا تؤذي مشاهدُ الفقر السلطانَ، ويُجبروا كذلك على الاصطفاف لاستقباله وهم متعبون وجياع وحفاة (16)، وعندما لا يهلّلون لدراهم السّلطان القليلة التي تختزل مأساتهم في الزهيد الحقير يصبّ السلطان العذاب عليهم بدلاً من أن يكون اليد الحنون التي تمتدّ لتنتشلهم من بؤسهم، ويقود الكثير منهم إلى سجونه الرّهيبة، ويؤرخ بزيارته المشؤومة سطراً جديداً في سِفْر شقاء القرية، أليست النّهاية ساخرة إلى حدّ الفجيعة؟! إن السّخرية عند ساسي حمام هي نافذته المتعالية على الجراح، فعبرها يرى السّقوط والتهافت، فيوهم المتلقّي بأنّه يقصد السّرد البريء المحايد الذي ينتصر للضحك والتسلية؛ في حين أنّه يورط المتلقّي بمهارة سردية رفيعة في معضلته، ويجبره على التعاطي مع واقعه بكلّ ما فيه من مرارة وصراع وانكسارات، ويضعه أمام تحدياته مباشرة، ويحمّله وزر الصمت والتواطؤ والضعف. ساسي حمام يلعب بالسّخرية، ويقدّمها بديلاً حقيقياً للبكاء، ويجهلها محرّضاً حقيقياً ضد قوى الظلم، من دون أن يكلّف نفسه عبء الاصطدام المباشر بها. الهوامش 1- محمد بن مفتاح: ساسي حمام القصّاص الحكيم، مجلة الملاحظ، تونس، العدد 741، 11-9-2007. 2- أحمد لحباشة: مقدمة المجموعة القصصية لاهثون معي لساسي حمام، ط1، الدار العربية للكتاب، تونس، 1982. 3- حسن بن عثمان: من خاتمة المجموعة القصصية قطع غيار لساسي حمام، ط1، الدار العربية للكتاب، تونس، 2000، ص 102. 4- انظر مصطلح العجائبية: سناء شعلان: السّرد الغرائبي والعجائبي في الرواية والقصة القصيرة في الأردن، ط2، نادي الجسرة، قطر، 2006، ص 13-63. 5- عبد الفتاح كليطو: الأدب والغرابة-دراسات بنيوية في الادب العربي، ط2، دار الطليعة، بيروت، 1983، ص 36. 6- ساسي حمام: قطع غيار، ص 8. 7- نفسه، ص 7. 8- نفسه، ص 9. 9- نفسه، ص21. 10- نفسه، ص 25-27. 11- نفسه، ص 41. 12- نفسه، ص 48. 13- نفسه، ص 50. 14- نفسه، ص 50. 15- نفسه، ص 67. 16- نفسه، ص 77. * كاتبة أردنية (المصدر: صحيفة « الرأي » (يومية –الاردن) الصادرة يوم 04  جانفي2007)

 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.