الجمعة، 26 يناير 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2440 du 26.01.2007

 archives : www.tunisnews.net


الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في تونس: محاكمات غير عادلة لضحايا قانون مكافحة الإرهاب مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس تطالب بالسماح  بصدور  لاكسبرسيون و توزيع هيستوريا ثيماتيك بيان لجمعيات تونسية حول إدعاءات ما يسمى «بمجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس – أيفكس» النقــابيون الراديــكاليون: بلاغ إعلامي أ. ف. ب: الجماعة السلفية تغير اسمها بناء على اختيار بن لادن الجزيرة.نت: وزراء التجارة المغاربيون يعترفون بتدني المبادلات البينية كُــونـا: مطلق الصانع: « البنك التونسي الكويتي للتنمية يتحول الى بنك شامل » الحوار نت: ملف إعلامي حول  الشهيد سحنون الجـوهري عبدالله الزواري: الشهيد سحنون الجوهري: 26 جانفي 1995 و ضرورة التحقيق المستقل في كل وفاة وراء القضبان صـــابر التونسي:  سـحنـون الجـوهري: فارس كلمة و ضحية قمع أم محمد: لقاء مع الجوهري!  سليم بوخذير: أوّل مترشّح لإنتخابات المحامين في تونس ، يُعلن تقاعده و تفرّغه الكلّي في حالة إنتخابه عميدا عبدالحميد العدّاسي: عندما تصغر تونس في عين « الصانع » صلاح الداودي: ضحايا وقتلي أم أبطال و شهداء؟ حسين المحمدي تونس: اليوم السادس من الاضراب مجيد حوّاشي: عاللي جرى في تونس…. ساعة الحقيقة د. أبو خولة: تعقيبا عاللي جرى في تونس…- أو مجيد حواشي يدس السم في الدسم – عياشي بسايحية: بوعبدالله  بوعبدالله:هل هي دعوة إلى التوبة أم تعميق للطائفية والتكفير؟ نورالدين المباركي: الشيعة في تونس: « شجرة لها جذورها  » أم  » نبتة زرعت فأثمرت »؟ رضا المشرقي: الدين عند الغرب و الدين عندنا  برهان بسيّس: صليبهـم وهلالنـا


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


 
الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في تونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com Tel:00442083813270 – 00447944550651 P.O.BOX 415,Wealdestone, HA3 3AP,London

محاكمات غير عادلة  لضحايا قانون مكافحة الإرهاب

 

قضت المحكمة الإبتدائية بتونس، بسجن كل من رضوان الفزعي ( 9سنوات سجنا) وعلي بن سالم (7سنوات) وخالد العرفاوي ونضال البولعابي ووليد السعيدي ورمزي بن سعيد( 5 سنوات) واحمد الفزعي (4 سنوات) مع اخضاعهم جميعا للمراقبة الادارية لمدة 5 سنوات. وقد سبق للمتهمين ان اعتقلوا صحبة المئات من الشباب المتدين بموجب قانون مكافحة الإرهاب، وتعرضوا للتعذيب في وزارة الداخلية من أجل الإعتراف بالتهم المنسوبة اليهم، ومنها الإنتماء الى تنظيم إرهابي، ونية التدرب للقيام بأعمال تخريبية وامام هذا التمادي في التضييق على الشباب المتدين بالإعتقال التعسفي، والإختطاف من الشوارع، والتعذيب في وزارة الداخلية، بالإضافة الى الأحكام القاسية بالسجن والمراقبة الإدارية، فإن الحملة الدولية من أجل حقوق الانسان في تونس تؤكد ما يلي: – تحمل السلطة المسؤولية الكاملة عن نتائج انسياقها وراء الحل الأمني في التعاطي مع هؤلاء الشباب، واخضاعهم لمحاكمات تفتقر لأدنى شروط المحاكمات العادلة.   – ان المتهمين والمئات من الشباب المتدين المعتقل بموجب قانون مكافحة الإرهاب، ضحايا لقانون جائر، تستغله السلطة للإعتداء والتضييق عليهم ، واستجداء الدعم الدولي بدعوى الإنخراط في مواجهة الإرهاب. – ان المتهمين تعرضوا للتعذيب في وزارة الداخلية من أجل الإقرار بالتهم التي نسبت اليهم، وقد انكروا جميعا هذه التهم امام قاضي التحقيق وهيئة المحكمة، مما يقضي ببطلانها.  – ان القضية التي أحيل المتهمون بموجبها على القضاء، قضية سياسية،لإنحصارها في معتقدات المتهمين ( السلفية)، وغياب الركن المادي للجريمة. عن الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في تونس علي بن عرفة لندن  في 25 جانفي 2007 

آيفكس – أنباء من الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير25 يناير / كانون الثاني 2007 ** مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس تطالب بالسماح  بصدور  لاكسبرسيون و توزيع هيستوريا ثيماتيك ** ** مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس-آيفكس  TMG-IFEX**  

فخامة الرئيس زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية التونسية

فخامة الرئيس, بالأصالة عن أعضاء الشبكة الدولية لتبادل معلومات حرية التعبير(آيفكس)- مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس التي تضم 16 منظمة ملتزمة بالدفاع عن حرية الصحافة والتعبير تود مخاطبة فخامتكم  اليوم للتعبير عن بالغ قلقنا إزاء قرار السلطات التونسية بعدم السماح ل »دار الصباح » بإصدار مجلتها الأسبوعية  الجديدة  « لاكسبرسيون » و بمنع توزيع المجلة الفرنسية « هيستوريا ثيماتيك ». و طبقا للتقارير الواردة فإن العدد الأول من لاكسبرسيون, و التي تقوم بنشرها دار الصباح, كان مقررا  له أن يصدر في الخامس من يناير.2007. لكن بعد أن أخبرت الحكومة الدار بالسماح لها بإصدار المجلة,تراجعت عن ذلك بصورة اعتباطية قبل موعد صدور العدد الأول  وأمرتها بوقف عملية الإصدار.  و أيضا قامت الحكومة في بدايات شهر يناير بمنع عدد يناير-فبراير من مجلة هيستوريا ثيماتيك الفرنسية, و الذي كان يناقش بعض الأمور عن المسيحية و الإسلام و اليهودية.  الجدير بالذكر ان هذه هي أول مرة يتم منع عدد لمجلة هيستوريا ثيماتيك منذ تأسيسها في عام 1909. إن منع اصدار مجلة لاكسبرسيون و توزيع هيستوريا ثيماتيك يعدا حلقة جديدة من سلسلة التحرشات في إطار الحملة التي تخوضها الحكومة التونسية ضد الإعلام عامة, و التي تتضمن رقابة المطبوعات و حبس الصحفيين. و على هذا الأساس نذكر سيادتكم بأن منع  اصدارمجلة لاكسبرسيون و توزيع  مجلة هيستوريا ثيماتيك يعد انتهاكا صارخا لحرية الرأي و التعبير المكفولة بمقتضى العديد من الاتفاقيات الدولية و منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و الذي تنص مادته التاسعة عشر على: » لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير. ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية. » و أخيرا نطلب من فخامتكم بالسماح  بصدور  لاكسبرسيون و و توزيع هيستوريا ثيماتيك فورا و وقف حملة الترهيب الجارية ضد الصحافة. و نطلب من سيادتكم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان احترام الدولة التونسية للمعايير الدولية لحرية الرأي و التعبير في الفترة الحالية و المستقبلية. و ننتظر رد فخامتكم في اقرب وقت مناسب ثيموثي  بالدينج الجمعية العالمية للصحف كارل مورتن ايفيرسن رئيس مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس الموقعون بالأصالة عن أعضاء مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس: –         الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان, مصر –         المادة 19, المملكة المتحدة –         منظمة الصحفيون الكنديون لحرية التعبير, كندا –         المنظمة المصرية لحقوق الإنسان, مصر –         اندكس على الرقابة, المملكة المتحدة –         الاتحاد الدولي للصحفيين, بلجيكا –         الاتحاد الدولي للمؤسسات و الجمعيات المكتبية, هولندا  –         المعهد الدولي للصحافة, النمسا –         الجمعية الدولية للناشرين, سويسرا –         منظمة صحفيون في خطر , كونغو –         المعهد الإعلامي لجنوب أفريقيا, ناميبيا –         منظمة بن النرويجية (PEN), النرويج –         الهيئة العالمية لمجتمع البث الإذاعي, كندا –         الجمعية العالمية للصحف , فرنسا –         اللجنة العالمية لحرية الصحافة, الولايات المتحدة الأمريكية –         لجنة كتاب في السجن-بن الدولية (PEN), المملكة المتحدة لمزيد من المعلومات برجاء الاتصال ب: كارل مورتن ايفيرسن بن النرويجية تليفون: 4722479220+ محمول: 4792688023+ او فرجيين جوين الجمعية العالمية للصحف تليفون: 33147428528+ بريد الكتروني:  vjouan@wan.asso.fr الموقع: http://campaigns.ifex.org/tmg/  http://www.hrinfo.net/ifex/wsis                                                                                             تم إرسال هذا البيان بمعرفة مركز استلام وتوزيع تنبيهات وبيانات الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير 555 شارع ريتشموند غرب, رقم 1101 صندوق بريد 407 تورونتو, كندا هاتف رقم :+1 416 515 9622       فاكس رقم : +1 416 515 7879 بريد عام ifex@ifex.org بريد برناكج الشرق الأوسط و شمال افريقيا (مينا) mena@ifex.org زوروا موقعنا http://www.ifex.org  و للعربية زوروا http://hrinfo.net/ifex/ 

 

 

بيان لجمعيات تونسية حول إدعاءات ما يسمى

«بمجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس – أيفكس»

(TMG-IFEX)

 

 

 

نحن، جمعيات المجتمع المدني التونسية، الممضية على هذا البيان، طلعنا ببالغ الاستغراب التصريحات الصادرة عما يسمى «بمجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس- أيفكس» (TMG-IFEX) والتي تدّعي فيها أن حرية التعبير في تونس « لا تزال تحت الحصار » بعد مرور أكثر من سنة على القمة العالمية حول مجتمع المعلومات.

إننا نشجب بشدة مثل هذه الأحكام المتحيزة والخاطئة التي أضحت مع الأسف تصدر بشكل  متكرّر عن مجموعة أيفكس ،(TMG-IFEX). وإننا نندّد بما تضمنته هذه التصريحات من محاولة لإنكار النجاح الباهر والواضح للقمة العالمية حول مجتمع المعلومات في تونس وهو نجاح  أشادت به المجموعة الدولية.

ونحن نذكّر مجموعة أيفكس (TMG-IFEX) بأن القمة العالمية حول مجتمع المعلومات كانت على، مستوى المشاركات، أكبر قمة نظمتها الأمم المتحدة منذ إنشائها. فقد ساهم فيها أكثر من 21.000 مشارك من ضمنهم حوالي 6.000 ممثل عن المجتمع المدني الدولي، وأكثر من 4.000 ممثل عن القطاع الخاص، وأكثر من 5.600 ممثل عن دول المعمورة.  وقد حيا ممثل كندا لدى تناوله الكلمة في اختتام الأشغال باسم مجموعة البلدان الغربية نجاح القمة العالمية حول مجتمع المعلومات بقوله: «إني أودّ أن أتوجّه بالشكر لتونس ورئيسها وشعبها على تنظيم قمة يمكن القول بأنها حقّقت نجاحا يفوق نجاح جنيف».

كما نشجب بوصفنا جمعيات في المجتمع المدني التونسي الإدعاءات الغريبة جدا التي تضمنها هذا التصريح المؤرخ في 19 جانفي والتي زعمت فيه مجموعة أيفكس أنّ «اشتباكات دامية جدّت بين أعوان الأمن ومجموعات مسلحة ومتظاهرين مدنيين في أواخر ديسمبر 2006 وأوائل جانفي 2007». ويبدو أن الأمور اختلطت على مجموعة أيفكس أو إنها كانت تتحدث عن بلد آخر غير تونس. ذلك أن ليس هناك أي محل للإعراب للحديث عن «متظاهرين مدنيين» في عمليات التصدي للمجموعة الإرهابية المسلحة  في ديسمبر الماضي وجانفي. وممـا يبعث أيضا علـى الاستغراب فـي هذا الشأن موقف مجموعة أيفكس (TMG-IFEX) التي اختارت أن لا تستنكر بوضوح أعمال هذه المجموعة الإرهابية مع أنّها كانت تمثل في حد ذاتها تهديدا جديا للحريات. وخلافا لادعاءات مجموعة أيفكس (TMG-IFEX)، فإن هذه الأحداث قد وقع تغطيتها بصورة مستفيضة وحرّة من قبل الصحافة التونسية.

 

 

 

إننا نحتجّ على التحامل المتكرّر لمجموعة أيفكس (TMG-IFEX) على تونس ونستنكر بشدة توظيفها لحرية التعبير والقمة العالمية حول مجتمع المعلومات لأغراض لا تمت بأية صلة بالنضال النبيل من أجل الحريات.

 

 

 

وخلافا للتصريحات المتحيزة والمتحاملة وغير المحايدة لمجموعة أيفكس فقد لاحظنا خلال الأشهر الأخيرة حصول تقدم كبير على عديد الأصعدة في تونس  ومن ذلك :

 

 

– دعوة المجتمع المدني والأحزاب السياسية، غداة القمة العالمية حول مجتمع المعلومات، إلى لقاءات مع رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، بتكليف من رئيس الجمهورية، للاتصال بمختلف شرائح المجتمع وتلقي اقتراحاتها.

 

لقد تعزّزت بصورة هامّة آلية حماية الحريات وحقوق الإنسان منذ القمة العالمية حول مجتمع المعلومات بفضل القرار الرئاسي الذي يدعم ويوسع صلاحيات الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. فكل مواطن يعتبر نفسه ضحية لتجاوز ما بامكانه مباشرة توجيه عريضة إلى رئيس هذه المؤسسة. كما سجّلنا بارتياح الإمكانية المتاحة لرئيس هذه الهيئة بالقيام بمهام بحث وتقصّي الحقائق حول المسائل ذات الصلة بحقوق الإنسان وباحترامها.

 

– تعزيز حرية التعبير بدخول قانونين حيز التنفيذ: القانون القاضي بإلغاء الإيداع القانوني للنشريات الصحفية والذي كان مطلبا من مطالب المجتمع المدني، وكذلك القانون القاضي بالترفيع في مبالغ المنح المسندة للأحزاب السياسية ولصحفها.

 

– توسيع المجلس الأعلى للاتصال ليشمل عددا أكبر من ممثلي أحزاب المعارضة والمجتمع المدني، وذلك استجابة للتطلّعات التي عبّر عنها المجتمع المدني بهذا الشأن.

 

 

– تعزيز المشهد السياسي ببروز حزب سياسي تاسع، وهو حزب الخضر للتقدّم.

 

– ظهور صحيفة جديدة، وهي جريدة « مواطنون » الصادرة عن حزب معارض هو « التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات ».

 

ومن ناحية أخرى، نلاحظ تواصل المسار الرامي لمزيد من تطوير دور الإذاعة والتلفزة العموميتين.

نحن، كجمعيات في المجتمع المدني، نعبّر عن بالغ قلقنا إزاء إصرار مجموعة أيفكس (TMG-IFEX) على ترويج جملة من الأحكام المسبقة ضدّ تونس، والتغاضي عن الإنجازات الإيجابية التي تحقّقها تونس في مختلف المجالات وإلى الترويج لوجهة نظر واحدة هي وجهة نظر أشخاص ومجموعات تعتبرها هي مقبولة مع إلغاء وحجب على كل وجهات النظر الأخرى.

 

وإننا ندعو مجموعة أيفكس (TMG-IFEX) إلى تجنب الممارسات الإقصائية التي لا تليق بمنظمة تدّعي الدفاع عن حرية التعبير، وإلى التحلّي بالموضوعية والنزاهة. ذلك أن الأحكام المسبقة التي تروّج لها مجموعة «أيفكس» (TMG-IFEX) تنال بصورة خطيرة من مصداقية استنتاجاتها.

 

كما ندعو هذه المجموعة إلى الاهتمام بجملة التعهّدات التي التزمت بها مختلف أطراف القمة العالمية حول مجتمع المعلومات بهدف الحدّ من الفجوة الرقمية بين الشمال والجنوب وإلى إرساء إدارة ديمقراطية للإنترنت تجعل المعلومة والمعرفة في متناول كلّ مواطني وشعوب ومجموعات العالم. ونذكّر مجموعة أيفكس بهذه الأهداف التي تبنّتها القمة العالمية حول مجتمع المعلومات والتي لا ينبغي التغافل عنها أبدا. فبعد مرور أكثر من سنة على انعقاد هذه القمة، لم يتم سدّ الفجوة الرقمية ومازالت الإدارة العالمية للإنترنت غير ديمقراطية. ولازال الصندوق العالمي للتضامن الرقمي منقوص الموارد كما تظل الاستثمارات المقرّرة لتكنولوجيات المعلومات والاتصال من قبل الدول الغنية، متدنّية إلى أقصى حدّ. وإننا على استعداد للمساهمة في أي جهد نزيه من قبل أية شبكة أو جمعية تهتم حقّا بما بعد القمة العالمية حول مجتمع المعلومات.

                                                    تونس في 26 جانفي/يناير 2007

 

الإمضاء :

 

– الجمعية التونسية للانترنت والملتيميديا

– جمعية المرأة وتكنولوجيا المعلومات

– الجمعية التونسية لحقوق الطفل

– الجمعية التونسية للأطباء الشبان بدون حدود

– الجمعية التونسية للمساعدة على إدماج الشباب

– الجمعية التونسية للتوازن الأسري

 

 


 

النقــابيون الراديــكاليون

بلاغ إعلامي

 

تونس في 26/01/2007

يمر اليوم الثالث على التوالي و الرفيق حسين بن عون رهن الاعتقال دون أن يتمكن محامييه ولا عائلته من معرفة مكان وجوده وسبب اعتقاله .وقد تسربت أخبارعن اتجاه السلط البوليسية لمحاكمته مجددا أياما معدودات بعد إطلاق سراحه  بعد أن أكمل المدة المحكوم بها.علما و انه أنها مدة حكمه الابتدائي في القضية السابقة و لم يطلق سراحه بتعلة ان النيابة العمومية استأنفت الكم ليحال في ظروف غامضة على محكمة الاستئناف دون حضور محامييه لتضاعف عقوبته التي قضاها ليعود مجددا للمحاكمة بنفس التهم وبنفس الطريقة.

وللتذكير ان الرفيق بن عون قد تعرض للمحاكمات في مناسبات سابقة رفقة الرفيقين الشاذلي الكريمي و الاسعد الكيلاني كما شمله إجراء الطرد من الدراسة بموجب تقرير كيدي تقدم به رئيس مركز البوليس الجامعي بكلية الحقوق بصفاقس.و تأكد من خلال سلسلة المحاكمات و تكديس الملفات في حق النقابيين الراديكاليين ان السلطة مقدمة في سياسة التصعيد في محاولة لتلجيم الحركة الطلابية وإخماد جذوتها.

 وبناءا عليه فان النقابيين الراديكاليين يعلنون ما يلي

1)استعدادهم لتحمل مسؤوليتهم النضالية الكاملة في الدفاع عن أنفسهم وعن مناضليهم.

2)استعدادهم لتنظيم تحركات ميدانية داخل الجامعة و خارجها في مختلف الجهات لرد العدوان وإيقاف الهجمة التــي تستهدفهم.

3)استمرارهم في التمسك بالقيادة الموحدة حتى انجاز المؤتمر القادم و تفويت الفرصة على محاولات السلطة التمعش من الصراعات الداخلية التي تشق الحركة الطلابية.

4)تجديد التزامهم المبدئي بالدفاع عن قيم الحريات و الديمقراطية و التشهير بالمحاكمات الجائرة و انتهاك القوانين التي وضعها حزب الدستور بنفيه والمطالبة بإطلاق سراح المساجين السياسيين وسن عفو تشريعي عام و التحقيق في الجرائم و التجاوزات المقترفة في السابق و الحاضر من تلفيق التهم و فبركة القضايا و فتح تحقيق في جرائم المال العام و محاسبة كل المورطين فيه.

النقــابيون الراديــكاليون

دائرة الإعلام


 

محرر صفحة 18 أكتوبر

إنا لله وإنا إليه راجعون: وفاة والد الأخ محمد شكير

بلغنا بمزيد من الأسى و الأسف نبأ وفاة السيد سالم بن شَكير والد أخينا اللاجئ السياسي محمد شَكير فجر هذا اليوم الجمعة 26 جانفي 2007 بعد مرض خفيف ألمّ به. و نحن في موقع لجنة ألمانيا لمساندة حركة 18 أكتوبر نتقدم بمناسبة هذا المصاب الجلل بأحرّ التعازي إلى أخينا محمد شَكير وأهله وذويه بأحر التعازي راجين من الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد برحمته و مغفرته وأن يرزقهم جميعا جميل الصبر و السلوان. معلوم أن السيد محمد شَكير لاجئ سياسي مقيم في مدينة ميونخ بألمانيا منذ سنة 1992 وقد حرمه النظام التونسي فرصة القاء النظرة الأخيرة على جثمان والده و تشييعه إلى مثواه الأخير، كما حرم الفقيد طيلة ما يزيد عن 16 سنة فرصة رؤية فلذة كبده.

لتقديم التعازي: من خارج ألمانيا:  491783797712+ /  00498942721759 من داخل ألمانيا:   42721759-089   / 01783797712

 

 


 

الجماعة السلفية تغير اسمها بناء على اختيار بن لادن

GMT 16:45:00 2007 الجمعة 26 يناير

 أ. ف. ب.

 

 دبي: اعلنت الجماعة السلفية للدعوة والقتال المتحالفة مع شبكة القاعدة اليوم الجمعة على موقع اسلامي موثوق على الانترنت انها غيرت اسمها بناء على « استشارة واذن واختيار » اسامة بن لادن ليصبح « تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي ». وهذا الاعلان قد يعتبر اشارة الى ان زعيم شبكة القاعدة الذي لم يظهر منذ الاول من تموز/يوليو لا يزال على قيد الحياة بعدما سرت شائعات حول مرضه الشديد او حتى وفاته.

 وجاء في بيان للمجموعة انه « بعد أن أنعم الله على المجاهدين خاصة وعلى المسلمين عامة بانضمام الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر إلى تنظيم قاعدة الجهاد، ومبايعة أسد الإسلام في هذا الزمان الشيخ أسامة بن لادن حفظه الله من كل مكروه وسوء، كان لابد أن تختفي التسمية القديمة الجماعة السلفية للدعوة والقتال لتحل محلها تسمية جديدة ». واضاف البيان ان ذلك لكي تكون التسمية الجديدة « علامة على صحة الوحدة وقوة الإئتلاف وصدق الإرتباط بين المجاهدين في الجزائر وسائر إخوانهم في تنظيم القاعدة« .

 وتابعت المجموعة في بيانها الذي يحمل تاريخ الاربعاء « وقد كنّا حريصين على هذا الأمر منذ اليوم الأول لإعلان الإنضمام ولم يمنعنا من الإقدام عليه إلا إستشارة الشيخ أسامة حفظه الله وإذنه واختياره ». واضافت « وقد زالت اليوم هذه العقبة بحمد الله تعالى، وعليه فإن الجماعة تعلن لكل المسلمين في داخل الجزائر وخارجها أنها تخلت نهائيا عن التسمية القديمة الجماعة السلفية للدعوة والقتال وتعلمهم أنها ابتداء من هذا التاريخ فإن كل بياناتها وإصداراتها ستظهر موقعة بهذا الإسم الجديد: تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي« .

 وكانت « الجماعة السلفية للدعوة والقتال بالجزائر » اعلنت في ايلول/سبتمبر الماضي ولاءها لاسامة بن لادن وتعهدت، في بيان على شبكة الانترنت، بمواصلة الجهاد في الجزائر بعدما كان المسؤول الثاني في تنظيم القاعدة ايمن الظواهري اكد انضمامها الى القاعدة رسميا. ويلزم زعيم شبكة القاعدة الذي سرت شائعات حول وفاته خصوصا في ايلول/سبتمبر، الصمت الاعلامي منذ تموز/يوليو الماضي ما اثار تساؤلات حول مصيره حتى في صفوف مناصريه على مواقع انترنت اسلامية.

 وما عزز ذلك، ظهور الظواهري منذ ذلك الحين ثماني مرات على الاقل في تسجيلات نسبت اليه. ويرى خبراء ان الجماعة السلفية للدعوة والقتال، حليفة تنظيم القاعدة والمطاردة والمنقسمة في الجزائر، تحاول اعادة تنظيم صفوفها في المغرب العربي ودول الساحل دون ان تشكل خطرا محدقا على دول تلك المنطقة. واقر وزير الداخلية الجزائري يزيد زرهوني في الاونة الاخيرة بوجود علاقات بين الجماعة السلفية والمجموعة الاسلامية التي قبضت عليها مطلع الشهر الجاري في تونس خلال مواجهات مع الشرطة خلفت 14 قتيلا. وتعتبر اجهزة الاستخبارات الفرنسية الجماعة السلفية للدعوة والقتال « ابرز تهديد ارهابي » لفرنسا.

 

(المصدر: موقع ايلاف بتاريخ 26 جانفي 2007)

 


 

الكتب الموازية يتذمر عدد من الأولياء من الأسعار المشطة للكتب الموازية لاسيما منها المتعلقة بالبرامج الجديدة المعتمدة هذه السنة في مستوى السنة الثالثة ثانوي وفي بعض المواد المدرجة هذا العام الدراسي في مستويات تعليمية مختلفة… ولأن مثل هذه الكتب أضحت مطلوبة من التلاميذ والأولياء لمساندة الأبناء في دراستهم فإن الإقبال عليها ما انفك يتزايد وفي المقابل ظلت أسعارها ترتفع خاصة إذا ما أرفقت النسخ المعروضة بعبارة «مطابقة للبرامج الرسمية ». ويرى بعض الأولياء في تعميم تجربة الأقراص الليزرية المحتوية على تمارين في مواد مختلفة على غرارالتجربة المعتمدة هذه السنة في التعليم الأساسي ما قد يخفف العبء على العائلات.

قرار قررت السلطات الليبية مؤخرا العدول عن مطالبة التونسيين الراغبين في الدخول إلى أراضيها الاستظهار بمبلغ 500 دينار ليبي أو ما يعادله بالعملات الصعبة، حسب ما أورده موقع «أفريكان ماناجر» الذي أضاف أن القرار يأتي تنفيذا لمنشور صادر عن اللجنة الشعبية العامة اعترافا بحجم العلاقات التونسية الليبية وعمقها.
(المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) الصادرة يوم 26 جانفي 2007)


وزراء التجارة المغاربيون يعترفون بتدني المبادلات البينية

أجمع وزراء التجارة المغاربيون على أن المبادلات التجارية البينية بين دول اتحاد المغرب العربي لا تزال متواضعة، وذلك في ختام الاجتماعات الوزارية للدول الأعضاء في تونس. وقال وزير التجارة التونسي منذر الزنايدي الخميس خلال أعمال الدورة الثامنة للمجلس الوزاري المغاربي التجاري إن اتحاد المغرب العربي اتفق على وضع إستراتيجية للتنمية المشتركة بهدف إرساء منطقة للتبادل الحر ووحدة جمركية، وصولا إلى سوق مغاربية مشتركة، فمجموعة اقتصادية مشتركة. واعترف الزنايدي بأن المبادلات التجارية المغاربية متواضعة ودون الإمكانات التي تزخر بها المنطقة. في الوقت نفسه قال وزير التجارة الخارجية المغربي المصطفى مشهوري إن مختلف الأطراف أكدت أهمية الإسراع في استكمال منطقة التبادل الحر بين البلدان المغاربية وضرورة إرساء مجموعة اقتصادية موحدة قادرة على تحقيق الاندماج المغاربي والاستجابة لطموحات شعوب المنطقة في تحقيق النماء الاقتصادي والرفاه الاجتماعي. وأضاف أن حجم المبادلات التجارية بين دول الاتحاد المغاربي لا يرتقي إلى مستوى تطلعات الشعوب المغاربية، ولا يعكس الوجه الحقيقي للإمكانيات التي تزخر بها المنطقة، إذ لا يتجاوز 3% من إجمالي المبادلات التجارية مع الخارج. وكان الاتحاد قد وضع إستراتيجية لإنشاء منطقة للتجارة الحرة ووحدة جمركية وصولا إلى سوق مغاربية ثم مجموعة اقتصادية مشتركة. يذكر أن الاتحاد يضم كلا من تونس والجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 26 جانفي 2007 نقلا عن وكالات)


مطلق الصانع: « البنك التونسي الكويتي للتنمية يتحول الى بنك شامل »

تونس – 26 – 1 (كونا) — قال رئيس مجلس ادارة البنك التونسي الكويتي مطلق الصانع ان البنك دخل مرحلة جديدة كبنك شامل بتغيير اسمه وهويته حيث كان البنك يحمل سابقا اسم (البنك التونسي الكويتي للتنمية). واوضح الصانع في بيان للبنك تلقت وكالة الانباء الكويتية (كونا) نسخة منه هنا اليوم انه « لمن حسن الطالع ان تقترن اشراقة العام الجديد بانطلاق البنك التونسي الكويتي في مرحلة تاريخية حاسمة من مسيرته الموفقة بعد تحوله الى بنك شمولي يقدم مختلف الخدمات المصرفية ». واضاف الصانع في البيان ان البنك يتأهب لفتح عديد الفروع واطلاق منتوجات مالية متميزة للافراد وأصحاب المهن الحرة والمؤسسات سواء بالنسبة للقروض او الودائع والاستثمار. واكد حرص البنك التونسي الكويتي بهويته الجديدة على ان يكون مبتكرا وعصريا يعتمد على كفاءات مهنية متميزة الأداء تدربت على الاصغاء لمشاغل الحرفاء وبفضل امكانياته المالية. واشار في هذا السياق الى النتائج الباهرة التي حققها البنك في مسيرته السابقة والتي اسهمت بشكل كبير في دفع التعاون التونسي الكويتي من خلال قيامه بتمويل أكثر من 600 مشروع بقيمة جملية بلغت نحو 817 مليون دولار امريكي خلال الاعوام ال26 الماضية. واوضح ان البنك سيوفر العديد من الخدمات بهدف تأمين قيمة مضافة وحقيقية لحرفائه من أفراد وأصحاب المهن الحرة وكذلك المؤسسات اضافة الى المساهمة في تطوير الخدمات البنكية والعمل على تحقيق الازدهار الاقتصادي والرقي الاجتماعي لتونس. وقال الصانع ان البنك سيعمل على توفير خدمات الاستشارة المالية ويجسمها في شكل قروض أو تمويل أو مساهمات. وتضم مجموعة البنك التونسي الكويتي بهويته الشمولية الجديدة عشر مؤسسات تصنف ضمن قطبين الأول مالي والثاني عقاري وسياحي. ويتكون القطب المالي من شركات مختصة في الاستشارة والوساطة المالية والإيجار إلى جانب شركات عالم المساهمات وعالم الاستثمار وعالم السندات وشركة استخلاص الديون مما يرفع عددها الى ستة. أما القطب العقاري والسياحي فيتكون من اربع مؤسسات وهي شركات سوسة بوجعفر وتونس سنتر والشركة العامة للسياحة وشركة النهوض بالأقطاب العقارية والصناعية. وتجدر الاشارة في هذا السياق الى ان البنك التونسي الكويتي للتنمية الذي اسس بموجب اتفاقية تونسية كويتية في العام 1980 وتحول الان الى بنك شمولي هو شركة خفية الاسم برأس مال يبلغ 100 مليون دينار تونسي (اي ما يعادل حوالي 9ر76 مليون دولار). وبلغ مجموع الموازنة للبنك للعام 2005 طبقا للاحصائيات الرسمية الاخيرة المتوفرة ما حوالي 918ر241 مليون دولار فيما بلغت الاموال الذاتية للبنك خلال العام نفسه حوالي 700ر103 مليون دولار امريكي. وحقق البنك الذي يشغل 150 موظفا نتائج مالية خلال العام 2005 قدرها حوالي اربعة ملايين دولار امريكي. والاطراف المساهمة في البنك التونسي الكويتي هي من الجانب التونسي الجمهورية التونسية والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والديوان الوطني للسياحة التونسية فيما يمثل الجانب الكويتي دولة الكويت والهيئة العامة للاستثمار والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الكويتية والمجموعة الاستثمارية العقارية الكويتية وبنك الكويت الصناعي. ويضم مجلس الادارة الجديد للبنك برئاسة مطلق الصانع كلا من محمد عياد نائب رئيس والاعضاء عبدالله السميط وبلقاسم النفطي وموسى أبوطالب ومحمد بن عثمان وحمد الحصري وابراهيم الحاجي وعبد العزيز كبزار ومحمد المولهي.
(المصدر: وكالة الأنباء الكويتية « كُــونـا » بتاريخ 26 جانفي 2007) الرابط: http://www.kuna.net.kw/home/Story.aspx?Language=ar&DSNO=946158


مشجع تونسي يحلق شعره بعد ١٠ سنوات فرحا بفوز الأفريقي علي الترجي

تونس – د. ب. أ ٢٥/١/٢٠٠٧ قرر أحد مشجعي النادي الأفريقي التونسي الذهاب إلي الحلاق ليخلصه من شعره الذي لم يحلقه منذ ١٠ سنوات بعد أن حقق فريقه حلمه بالفوز علي غريمه التقليدي الترجي التونسي في مباراة الدربي التي جمعت الفريقين السبت الماضي. وقالت جريدة «الشروق» التونسية إن سيف الإسلام الحاجي وهو من سكان محافظة قابس «٣٥٠ كلم جنوب العاصمة تونس» أقسم منذ نحو ١٠ سنوات ألا يحلق شعره إلا بعد فوز الأفريقي علي الترجي. ولم تشر الصحيفة إلي طول شعر المشجع ولا الطريقة التي كان يعتني بها بشعره طوال هذه السنوات. وفاز الأفريقي السبت الماضي علي الترجي ١/صفر في مباراة قمة بالدوري التونسي الممتاز أدارها الحكم المصري عصام عبدالفتاح. ولم يذق الفريق طعم الفوز علي الترجي منذ عام ١٩٩٧ عندما فاز عليه بهدفين مقابل هدف واحد في مباراة ضمن الدوري التونسي أيضا.

(المصدر: صحيفة « المصري اليوم » (يومية – القاهرة) بتاريخ 25 جانفي 2007 نقلا عن وكالة الأنباء الألمانية د ب أ) الرابط: http://www.almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=45729&r=t

 


 

www.alhiwar.net  الحوار نت info@alhiwar.net

مـــلـــف إعـــلامـــي

عناصر الملف :

1 ـ . بطاقة تعريف بالشهيد.

2 ـ الشهادة على درب الإسلام والحرية منحة رحمانية وكرامة ربانية

3 ـ  دروس وعبر من الذكرى.

4 ـ حوار مع الأستاذ لسعد الجوهري شقيق الشهيد

العنصر الأول :

من هو الشهيد سحنون الجوهري ؟

ـ هو سحنون بن حمادي الجوهري من مواليد 21 أكتوبر ـ تشرين الأول 1953 بتونس.

ـ تزوج سيدة طبيبة ورزقا ثلاثة أبناء.

ـ تخرج من كلية الشريعة بالجامعة التونسية مجازا في العلوم الشرعية وإشتغل أستاذ تربية إسلامية بعدد من المعاهد الثانوية بتونس.

ـ حفظ القرآن الكريم كاملا عن ظهر قلب.

ـ من مؤسسي وقيادات الحركة الإسلامية في تونس ـ حركة النهضة حاليا ـ حيث تحمل مسؤوليات قيادية متقدمة في مؤسساتها ومكاتبها من مثل مجلس الشورى وغير ذلك .

ـ زاول مهنة الصحافة المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية في عدد من الجرائد والمجلات التونسية من بينها : جريدة الرأي ـ مجلة المعرفة ـ مجلة المجتمع ـ جريدة الفجر.

ـ من مؤسسي فرع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بالسيجومي ـ تونس ـ وعضو قيادي في منتصف عقد ثمانينات القرن الميلادي المنصرم بالهيئة المديرة للرابطة على المستوى الوطني.

ـ ممثل أشهر منظمة حقوقية دولية ـ منظمة العفو الدولية ـ بتونس في بداية الثمانينات ( القسم الفرنسي ).

ـ تعرض للسجن والملاحقة والتعذيب مرات كثيرة بسبب مناشطه الحقوقية والسياسية ومن ذلك الحكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات ضمن حملة بورقيبة ضد الحركة الإسلامية عام 1981 ثم حكم عليه بالسجن ثانية بعشر سنوات أمام محكمة أمن الدولة في صائفة 1987 ضمن ثاني أكبر حملة إستئصالية ضد الحركة الإسلامية في آخر أيام العجوز بورقيبة كما شملته ثالث أعنف حملة وهي التي عرفت بحملة تجفيف منابع التدين في أرض الزيتونة فحكم عليه بالسجن أمام المحكمة العسكرية المنتصبة في صائفة 1992 .

ـ أشرف على إدارة دار الراية للنشر والتوزيع بتونس فكان له فضل المساهمة في نشر الثقافة الإسلامية في بلاد أنهكها التغريب القسري المفروض .

ـ زاول الخطابة في المساجد وخارجها وساهم في تربية أجيال متلاحقة على قيم الخلق الكريم .

ـ كان أبوه حمادي سحنون رحمه الله سبحانه حافظا لكتاب الله سبحانه ومجاهدا معروفا في ثورتي التحرير التونسية والجزائرية ضد المحتل الفرنسي .

ـ إشتهر قلمه في جريدة الفجر ـ لسان حركة النهضة ـ قبل وأدها ضمن حملة تجفيف منابع التدين في تونس بركن خاص إسمه :  » السواك الحار  » . لقي قبولا عجيبا من لدن القراء.

ـ مارس عليه السجانون بعيد إعتقاله عام 1991 ألوانا من العذاب إنتقاما وتشفيا سيما أنه لاذ بالفرار مرتين من جحيم السجن ( 1981 ـ 1987 ) فأصيب بقرحة شديدة وإلتهاب معوي حاد حتى تطور الأمر عام 1994 إلى حالات إغماء وفقدان وعي وكان ذلك في سجن المهدية فأبى الملازم أول الهادي الزيتوني عرضه على الطبيب لا داخل السجن ولا خارجه رغم أن المرض تقدم به حتى ظهر إنتفاخ في جانبه الأيسر . تقدم بحالته الصحية إلى متفقد السجون علي بن عيسى فقوبل بالرفض تماما كما رفضه من قبل زميله محمد علي الرفرافي . لم يقتصر الأمر على الإمعان في أسف حالات التشفي والتنكيل والإهمال تنفيذا لسياسة الموت البطيء بل أخذ الشهيد صحبة عدد من السجناء لمزيد من التحقيق معه بعد صدور الأحكام بعامين كاملين وذلك تحت إمرة الرائد التومي الصغير المزغني وطبيب السجن حليم بوشوشة الذي أمضى على أن حالته الصحية تسمح بالتحقيق معه ولا تدعو إلى المعالجة الطبية وفي تلك الأثناء بينما كان الشهيد يرزح تحت حالات الإغماء بسبب الألم الشديد وجمر التحقيق البوليسي معه شرع ينزف دما ورفضت كلاب السلطة المحيطين به جميعا إسعافه وصرحوا بأنهم لا يسعفون كلبا يموت.

ـ فاضت روحه الزكية عليه رحمة الله سبحانه وبركاته في مساء يوم الإربعاء 25 يناير كانون الثاني 1995 الموافق ل24 شوال 1415 هجرية.

العنصر الثاني:

الشهادة على درب الإسلام والحرية

منحة رحمانية وكرامة ربانيــــــــة

ـ قال سبحانه في محكم تنزيله :  » ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون « . البقرة ـ 154 ـ كما قال سبحانه في موضع آخر : » ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين « . آل عمران ـ 169 ـ 171 ـ

ـ كما قال سبحانه في موضع آخر :  » أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا « .

ـ وقال النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام : » سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى حاكم جائر فأمره ونهاه فقتله « .

ـ كما قال عليه الصلاة والسلام :  » أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ».

ـ وقال عليه الصلاة والسلام : » .. رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد « .

ماهو مستقبل بلاد يوشك أن يفوق عدد شهداء معركة الحريات فيها زمن الإستقلال عدد شهداء معركة التحرير الوطني زمن الإحتلال ؟

إليك بعضا من أسماء شهداء معركة الحريات في تونس :

1 ـ الهادي المحضاوي ـ 1981

2 ـ زهرة التيس ـ 1981 ـ

3 ـ عثمان بن محمود ـ 1986

4 ـ الطيب الخماسي ـ 1990

5 ـ محرز بودقة ـ 1987

6 ـ بولبابه دخيل ـ 1987

7 ـ الرائد المنصوري ـ 1987

8 ـ إبراهيم الخياري ـ 1991 9 ـ صلاح الدين باباي ـ 1991 10 ـ مبروك الزمزمي ـ 1991 11 ـ طارق الزيتوني ـ 1991 12 ـ إبراهيم عبد الجواد 1991 13 ــ عبد العزيز المحواشي 1991

14 ــ عبد الرزاق سعيد 1991 15 ــ عدنان سعيد 1991 16 ــ مبروك رتيمة 1991 17 ــ عبد الرؤوف لعريبي 1991 18 ــ عامر الدقاشي 1991 19 ــ فتحي الخياري 1991 20 ــ محمد فتحي الزريبي 1991 21 ــ فيصل بركات 1991

22 ــ رشيد الشماخي 1991

23 ــ إسماعيل خميرة 1994 24 ــ عز الدين بن عائشة 1994 25 ــ سحنون الجوهري 1995

26 ــ الشيخ مبروك الزرن 1997

القائمة مازال طويلة تناهز خمسين شهيدا أغلبهم قضى في السجون نتيجة سياسة الموت البطيء التي تفرضها السلطة على فرسان الحرية في البلاد . ويمكن مراجعة القائمة الكاملة لشهداء معركة الحريات في تونس في مختلف ملفات ومواقع المنظمات الحقوقية التونسية من مثل رابطة حقوق الإنسان ولجنة الحريات وغيرها كثير.

رثاءات بين يدي الشهيد سحنون عليه رحمة الله سبحانه :

1 ـ أصدرت منظمة  » ليبرتي  » بيانا تندد فيه بقتل المناضل الإسلامي والمكافح الحقوقي التونسي الشهير سحنون الجوهري بتاريخ 28 يناير كانون الثاني 1995 بلندن ومما جاء فيه:

 » .. وتكاد تجمع أوساط العاملين في مجال حقوق الإنسان بأن سياسات القمع التي ينتهجها النظام الحاكم في تونس تكاد تكون غير مسبوقة .. ».

2 ـ كتب الشيخ راشد الغنوشي بعنوان  » أمانة سحنون  » على صفحات النشرية  » تونس الشهيدة » بتاريخ 27 يناير كانون الثاني 1995 ـ العدد التاسع ـ :  » .. أمانة حمل الراية التي لم يتنازل عنها ـ أي الشهيد سحنون ـ وهو تحت سياط الجلادين يصارع التعذيب والجوع والمرض وقد منع عنه الدواء والغذاء ..  » .

3 ـ كتب أحد أصدقائه فيه بعد إستشهاده يقرظ شعرا :

عذرا أيا سحنون أني لم أذد ـــ عنك العدا والحر عنك يذود

سحنون معذرة فإني واجد ـــ والصوت مني خانه التغريد

وإغرورقت عيناي ترسل دمعة ـــ والعين من فرط الهموم تجود

وتعثرت بين الجوانح آهة ـــ فإذا التأوه جاحد وعنيد

فإصفح إذا غزت الفجيعة مدمعي ـــ فغدوت محزونا وأنت سعيد

سحنون على خطى قوافل من شهداء الأمة تذب الأذى بالروح لا من فوق الأرائك الوثيرة:

1 ـ أنشد الشهيد الرفاعي ـ أشهر شهداء وشعراء الحركة الإسلامية المعاصرة ـ يقول :

هذا حديث النفس حين تشف عن ـــ بشريتي وتمور بعد ثوان

وتقول لي إن الحياة لغايــــــــــة ــــ أسمى من التصفيق للطغيان

أنفاسك الحرى وإن هي أغمدت ــــ ستظل تعمر أفقهم بدخان

وقروح جسمك وهي تحت سياطهم ـــ قسمات صبح يتقيه الجاني

2 ـ كما أنشد الشاعر التونسي الشهير البحري العرفاوي يقول :

حشاد نبعك لم يجف

كل الغصون المورقة

كل السواعد

والمعاول

والمناجل تعترف

بئس الغرير ما إقترف

بئس الصلف

بئس الجبان المرتجف

لكنك

حشاد نبعك لم يجف

كل الشعوب تعترف

3 ـ أما الشاعر عبد الرحمان العشماوي فقد جاد ببعض ما يلي بمناسبة إغتيال أحمد يسن :

هم أكسبوك من السباق رهانا ـــ فربحت أنت وأدركوا الخسرانا

هم أوصلوك إلى مناك بغدرهم ــــ فأذقتهم فوق الهوان هوانـــــــــا

إني لأرجو أن تكون بنارهم ــــ لما رموك بها بلغت جنانـــــــــا

دمك الزكي هو الينابيع التي ــــ تستقي الجذور وتنعش الأغصانا

رويت بستان الإباء بدفقــــه ــــ ما أجمل الأنهار والبستانـــــــــا

العنصر الثالث:

دروس وعبر من الذكرى

الدرس الأول : إنما تتحرر الأوطان بالتضحية في سبيلها لا بالأماني

لما إعتقل الصحابي خبيب إبن عدي عليه الرضوان في مجموعة من سرية إستطلاعية أنفذها النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام ووقع في أسر قريش بزعامة أبي سفيان ـ عليه الرضوان ـ

أحكموا قيده وتطويق أغلاله ولما صلبوه فوق الخشب ليقتلوه شر قتلة تشفيا وتنكيلا برسالة الإسلام وقائدها عليه الصلاة والسلام وبصرخات التحرير التي جاءت بها تلك الرسالة أراد أبو سفيان عليه الرضوان إختبار أسيره أو قتله معنويا قبل الإجهاز عليه ماديا فقال له : هل تريد أن يكون محمد ( عليه الصلاة والسلام ) مكانك الآن يصلب ويعدم وأنت في بيتك آمنا مطمئنا .هناك حصلت المعجزة التي لم يكن أبدا يتوقعها أبوسفيان ـ عليه الرضوان ـ ولا يتوقعها اليوم أبدا طاغية مستبد . هناك ثارت ثائرة الأسير الصليب حتى بدا كأنه أسد هصور دوهم عرينه على حين غرة . هناك تدخلت القوة الروحية ـ التي ينكرها اليوم كثير منا من مسلمين وغير مسلمين ـ لتتغلب على متاعب الجسد ومطاعن البدن وتهافت أركانه وتساقط أجزائه . هناك صرخ الشهيد بين يدي شهادته وأقدام جلاديه بكلمة لو وعاها كل مجاهد في سبيل تحرير الإنسان والأوطان من براثن الإحتلال وسياط الإستبداد والظلم لتزود بألف ألف طاقة نفسية معنوية روحية تخر دونها كل طاقات الجلادين والمحتلين والمغتصبين والظلمة مدحورة. هناك قال الشهيد الذي يستمد منه اليوم كل شهيد أنسا وقوة :  » والذي نفسي بيده لا أريد لمحمد عليه الصلاة والسلام أن يشاك شوكة صغيرة في أخمص قدمه وهو آمن هادئ مطمئن في بيته وأنا أصلب الآن فوق الخشب بين أيديكم « . هناك لم يكن يسع أبا سفيان ـ عليه الرضوان ـ سوى أن يسجل قولته لنفسه وللتاريخ الغائر البعيد من بعده. لم يكن ليسعه غير ذلك لذلك قال كلمة حق كانت بمثابة عجز لبيت قصيد جميل نظم الشهيد خبيب صدره. قال : » والله ما رأيت أحب من أصحاب محمد لمحمد « .

إذا إجتمع الحب مع التضحية آن يومها للمجاهدين في سبيل أي قضية من القضايا إنتظار النصر الموعود أما إذا تخلف الحب أو تخلفت التضحية فهي دعابات أطفال يبنون قصورا رملية لتكر عليها الريح بعد هنيهة أو صرخات خطباء إمتلأت بطونهم يهزون بها الأرائك الوثيرة التي يفترشونها هزا والمناضد الجميلة المنتصبة أمامهم عليها ما لذ وطاب من المآكل والمشارب.

كذلك علمنا التاريخ تعليما في صحائف مكتوبة ومنظورة لا تكذب. فلم التزوير إذن ؟

الدرس الثاني : تحرير الأوطان من الإستبداد السياسي والظلم الإجتماعي مهمة الرجال الكبار:

هذا الحديث تفرضه حالة الأمة اليوم : إحتلال عسكري خارجي يفرض إشتراطاته وإستحقاقاته في دنيا الإقتصاد والسياسة والقوة والثقافة والإجتماع بكل صفاقة وصلف يبث الروع الهالع في قلوب الحكام والمحكومين سواء بسواء حتى إذا إنهارت الدفاعات النفسية الداخلية إنهار بعدها كل شيء وأصبح أمن الأوطان من شرور الغزو الثقافي ونكايات الغزو العسكري خرافة ساذجة. وبعد ذلك ضمن حالة الأمة : إستبداد سياسي وحيف إقتصادي وظلم إجتماعي وتغريب ثقافي تفرضه طبقات الحكم المتغلبة فرضا تقايض به إمتداد الدولة التي تزعم توفير لقمة العيش للأنسان الجائع العاري الخائف وماهي بفاعلة. لأول مرة تعيش الأمة هذا الإزدواج في إندياحه مشرقا ومغربا تكاد لا تستثني من ذلك بلدا واحدا عربيا أو إسلاميا. جربت الأمة الإنحطاط الفكري دون الإحتلال الخارجي لا ثقافيا ولا عسكريا ثم جربت الإحتلال الفكري دون العسكري ثم طعمت مذاقهما معا مجتمعين ولكن كانت في كل تلك الأحوال تمتلك قاعدة إرتكاز سياسي بما توفر لها من دعائم الوحدة مهما تهافتت أركانها وتهاوت أجزاؤها. نحن اليوم في حال إستثنائية بكل المقاييس : حالة لا يصح فيها سوى أن يصيح فيها كل واحد منا على نفسه وعلى أخيه في الدين والوطن : أنا النذير العريان. حالة ليس فيها سوى عنصر واحد مبشر وهو : إرادة المقاومة عسكريا وثقافيا وسياسيا لكلا العدوين : عدو الأمة الخارجي وعدوها الداخلي.

لا مجال لفصل مشروع المقاومة الداخلية عن المقاومة الخارجية بحال من الأحوال لانهما مشتبكان مختلطان صنوان يوكل كل واحد منهما من لدن الآخر توكيلا لخوص الحرب بإسمه أو بالنيابة عنه. هما مشروعان متكاملان نظرا وعملا فإن كانت الأخرى فكن على يقين بأن لبسا دخيلا إستطاع العدو تلبيسه فينا ليخضد شوكة من شوكاتنا. المجاهد وفق شروط الجهاد الإسلامي السليم الصحيح دون عدوان ولا هتك للأعراض والحرمات بغير وجه حق .. على جبهة التحرير الداخلي من نير الإستبداد السياسي والظلم الإجتماعي لبنة بعد لبنة جهادا مدنيا سلميا حضاريا هادئا مملوءا بالصبر والحكمة هو صنو المجاهد بسلاحه في فلسطين والعراق وفي كل بلاد عربية أو إسلامية غزاها الإحتلال. وهذا بدوره يخدم قضية صنوه. المهم أن يكون شعار أمتنا في عقودها القادمة : المقاومة بكل أشكالها مع تنوع صورها وليس سوى المقاومة. كل عمل دون المقاومة أو بعيدا عنها لا يستحضرها ولا يرنو إليها هو إستنبات للشجر في الهواء.

مرجع كل ذلك هو أمر واحد وهو : الطبقات الحاكمة المتغلبة فينا أضحت بيادق ودمى في أيدي أعداء الأمة من الصهاينة وحلفائهم من الأمريكان وآخرين من دونهم لا نعلمهم. لم يعد هذا تحليلا أو ضربا في الرمل بل أجمع عليه عقلاء البشر منا ومن غيرنا. في ظل التجزئة والتبعية شبه الكاملة لتلك الطبقات المتغلبة بقهر السيف لن تستفيد الأمة شيئا يذكر قبل المضي خطوات كبيرة عملاقة على درب أكبر مطلبين ملحين مقدمين : مطلب التوحد على كل الأصعدة والمجالات بتدرج وتريث وحكمة ومراكمة ومطلب التحرير للعقل أولا ثم للإرادة وبهما تتحرر الأوطان من نير الإستبعاد الداخلي والخارجي معا.

ألم يقل عليه الصلاة والسلام :  » أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ». ؟ وما فعل حمزة عليه الرضوان حتى إستحق أغلى شهادة وأرقى نيشان ؟ ألم يذب عن المدينة أي عن الدولة الإسلامية والمجتمع الإسلامي من فوق جبل أحد الذي لا يبعد عنها سوى بمد بصر أو أقرب ضد عدو قادم من بعد يناهز نصف ألف ميل كامل؟ وبذلك إكتملت فلسفة الجهاد في الإسلام : الأولوية للكلمة الحرة في مواجهة كل ظلم دون نظر إلى دين الظالم أو المظلوم فإذا عز إنفاذ تلك فالأولوية للدفاع المسلح عن الأرض والعرض أن يهون تحت أقدام الجبابرة والطغاة. لقد لخص القرآن الكريم فلسفة الجهاد في كلمة واحدة في سورة الحج فقال :  » وجاهدوا في الله حق جهاده ».

الجهاد ـ وليس القتال سوى جزء من مائة جزء منه ـ يجب أن يتحلى بالإخلاص  » في الله  » وذلك نبذا للثارات العمياء والثورات الهوجاء كما يجب أن يكون حقا أي في مكانه وزمانه وبقدره وحجمه ومن أهله وفي محله من كل الزوايا أي لا عدوان فيه على أحد حتى على الظالم نفسه فهو مكرم البشرية مصون الإنسانية حتى وهو يعاقب بالقتل. أما حمل السلاح ومهاجمة الأبرياء تحت أي دعوى مهما تكن فهو همجية الأعراب وبربرية الوندال خلصنا منه الإسلام بحضارته وتكريمه للأنسان حيا وميتا مسلما وكافرا ذكرا وأنثى حاكما ومحكوما وفقيرا وغنيا.

الدرس الثالث : بلاد قدمت قوافل من الشهداء على درب المشروعين مستقبلها آمن :

قدمت تونس زمن الإحتلال الفرنسي قوافل من الشهداء الأبرار سيما أن جامع الزيتونة المعمور في ذلك العهد يحفظ شيئا من رسالته العلمية والجهادية ورغم أن مسلسل الخيانات البورقيبية هي التي وأدت ذلك العمل الكبير أن يؤول إلى تحرير البلاد من السيطرة الأجنبية بالكامل سيما حماية المصالح الثقافية والإقتصادية والسياسية لفرنسا وحلفائها في تونس فإن الشعب إنحاز في أغلبه إلى بن يوسف رحمه الله سبحانه ولكن تقوى بورقيبه بفرنسا ـ أمه الحنون ـ فأجهز على كل المعارضات السياسية التي خالفته الرأي من يوسفيين وزيتونيين ونقابيين وشيوعيين وإسلاميين وليبراليين فقتل منهم الذي قتل في غار الملح وبرج الرومي و9 أفريل وسجون أخرى كثيرة وبث حالة من الرعب والهلع في الناس حتى أوى كل واحد إلى مضجعه لا يبرحه لما رأى من عذابات تشيب لهولها الولدان. ورغم كل ذلك فإن الرجل ـ وقد أفضى إلى ما قدم بين يدي ربه وهو حسيبه عليه وحده سبحانه ـ كان دكتاتورا غربيا مثقفا فلم يلغ السياسة من قامومسه بالكامل حتى شهدت الحياة السياسية في أخر عهده نفسات صبح عليلة ونسمات فجر جميلة. فلما آل الأمر إلى خلفه ماتت السياسة بالضربة القاضية على مدى عقدين كاملين موتة قاسية خنقت أنفاس كل حر معارض يستوي في ذلك المثقف مع السياسي والنقابي كما يستوي في ذلك الشيوعي مع الإسلامي مع الليبرالي. لقد تقلد قميص فرعون بحق كما لم يتقلده حتى عبد الناصر والقذافي وحافظ النعجة وصدام حسين ـ عليه الرحمة ـ وغيرهم من أشد العتاة ضد شعوبهم . تقلد قميص فرعون وشيد له قارونا يخزن أموال البلاد لصالحه ويجمعها في ثروته يأكل منها المقربون ويجوع دونها حتى الموت المغضوب عليهم. بنى له ملأ من الحرس والعسس جهرة وسرا حتى حقق ما عجزت عنه الدول والحكومات الأوربية المتقدمة التي تحرص على توفير طبيب لكل عشرة مواطنين. حقق هو المعجزة حين وفر لكل خمسة مواطنين عون أمن علني وآخر سري. هرع الشباب ذكرانا وإناثا إلى المتوسط يبحثون عن بر الأمان والمنجى حيث يتحدثون دون رقيب ويأكلون دون جوع فإذا بهم فرائس لقروش المتوسط تلتهم منهم كل يوم شابا واحدا على الأقل. أقفرت البلاد من الخير وحاصرت الرذيلة الفضيلة حتى ضج الناس ضجا فمات من السجناء خمسون حرمانا من الدواء والغذاء وطلقت نساءهم رغما عنهم.

إن بلادا قدمت في ثورتها التحريرية الكبرى ضد الإحتلال قوافل من الشهداء ثم بمثلهم في ثورتها التحريرية العظمى ضد الإستبداد والحيف والظلم داخليا قمين بها أن تستشرف عهدا جديدا إسمه عهد الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان وتباشيرها كنجوم الصبح المنفلق بعد عسعسة ليل داج بهيم : صحوة إسلامية ممتدة لم تشهد البلاد مثلها في تاريخها المعاصر وصحوة وطنية سياسية وحقوقية ممتدة تستقطب كل يوم إليها من فرسان الحرية من كل الألوان السياسية والفكرية وحركية فرضت نفسها على الطغاة في تونس فرضا بعد سنوات الجمر الطويلة وبعد ذلك وقبله : هزائم متكررة ثقيلة تمنى بها الصهيونية في العالم والإحتلال الأمريكي في فلسطين والعراق وأفغانستان وكذلك شعوب عربية مجاورة وبعيدة تواقة إلى الإسلام والتحرر من كل براثن الإستعباد داخليا وخارجيا تمخر عباب الأرض العربية والإسلامية في آسيا وإفريقيا.

ذلك هو ما تعلمناه من قصة أصحاب الأخدود : على قدر أهل العزائم في التضحية بالنفس في سبيل الله سبحانه تحريرا للأرض السليبة والعرض المنهوك تكون عطايا الرحمان سبحانه منحا وجزاءات في هذه الدنيا وما عند الله خير وأبقى . هل مات أصحاب الأخدود ؟ ذكر من خلدت الدنيا بكتابها ؟ ذكر القتلة السفاحين أم ذكر النسوة اللائي ألقين بأنفسهن في أخدود غائر ملئ نارا وجحيما ؟

كذلك أرى مستقبل بلدي تونس : عصرها الظلم عصرا حتى الموت والآن تسشترف نصرا.

الدرس الرابع : لماذا تونس وحدها تؤدي تلك الضريبة الثقيلة ؟

لم لا يكون ذلك هو حال المغرب الأقصى أو ليبيا أو السودان أو مصر ؟ أهو قدر تونس الحتمي أن تكون فيها الضريبة دون الحرية قاسية لاظية ؟

لا بد من القول إبتداء أن من صنع المأساة هو الحكم وحده. أجل الحكم وحده. لا تقاس أخطاء المعارضات بأخطاء الحكم أبدا . لا يلام رجل حمل عصا ليذب بها عن نفسه في مواجهة من حمل سيفا بتارا . لا يلام ذلك حتى لو حمل العصا فما بالك إذا لم يكن قد حمل عصى أبدا في حياته بل صبر منافحا . جريرته الوحيدة هي : اللواذ بالثبات على ما يراه صوابا . نعم الجريرة ونعم الجريمة هي ورب الكعبة .

جريمة عصابة الفساد في تونس جريمة مركبة : جريمة ضد هوية البلاد وذلك من خلال تطبيق الخطة الماسونية خطة تجفيف منابع التدين بعصا البوليس وبأجهزة وزارات التربية والشؤون الدينية علي يد الشرفي وعلي الشابي ومن تلاه وأخرين من دونهم نعلم منهم بعضا ونجهل بعضا وجريمة وأد الحريات وهي كذلك جريمة تونسية خالصة غير مسبوقة لانها جريمة مركبة هي الأخرى : جريمة وأد الحريات الشخصية ( منع والد من تسمية إبنته كذا مثلا وغير ذلك ) وجريمة وأد الحريات الدينية ( جريمة منشور 108 القاضي بحرمان المرأة من تغطية شعر رأسها في حين يسمح لغيرها بالظهور عارية أو شبه عارية ) وجريمة وأد الحريات السياسية العامة ومنها الحريات الإقتصادية والإجتماعية . وجريمة التطبيع مع العدو الصهيوني وهو أمر معروف مشهور.

طبيعة الأشياء تقول بأن الأصل هو أن تقوم في البلاد ألف ألف معارضة من كل لون وطعم وريح لمعارضة فسيفساء مثل تلك من الجرائم التي تمس كل مواطن في كل جوانب حياته.

أنظر إلى جيراننا من حولنا شرقا وغربا : إذا إقترف الحاكم هناك جريمة سياسية مثلا فإنه يسمح بالحريات الدينية ( ليبيا مثلا ) وإذا ولغ في ضرب الحركة الإسلامية فإنه لم يلغ في تجفيف منابع التدين والعروبة ضربا ومسخا لهوية بلده ( الجزائر مثلا ). أما الحاكم في تونس فهو وحده فوق الأرض الذي ضرب كل الحريات بكل أصنافها بالضربة القاضية لا يلوي على شيء مستعينا على كل ذلك برياح دولية مواتية ( الحرب ضد البلقان والمأساة الصامتة في البوسنة وتحولات دولية أخرى كثيرة في أقصى شرق الأرض ـ روسيا ـ وفي أدناه ـ حروب الخليج المتوالية ).

أمران كبيران لا بد من تسجيلهما هنا :

أولهما : هو أن ضريبة تونس في عدد ضحايا القمع من الشهداء على درب معركة التحرير الثانية أو معركة الإستقلال الثاني كما يسميها الدكتور المرزوقي رغم أنها ضريبة قاسية ولكنها مفهومة بل مقبولة بسبب أن الضحايا كلهم دون أدنى إستثناء هم ضحايا القصف الحكومي المنظم ضد الشعب وفعالياته وطلائعه إذ ماتوا كلهم إما في السجون وهم الأغلبية أم في شوارع المقاومة وعدد هؤلاء لا يكاد يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة وذلك بخلاف ما وقع في الجزائر حيث ذهب ضحية ما سمي بالوئام الوطني مئات من الآلاف على صورة مجتمع متقاتل متهارش متهارج يضرب فيه بعضهم رقاب بعض بإسم الدين. فإذا كانت الضحايا قليلة أو كثيرة بسبب تغلب السطلة وجورها فإن المحمدة العظمى كما هو حاصل في تونس هي : المجتمع موحد في جملته ضد سياسات السلطة حتى في تنوعه الفكري والسياسي مستنكر لأعمال العنف والجريمة والإرهاب سواء بإسم الدين أو بإسم الوطن. عدد الضحايا في هذه الحالة يهون إذن ويبوء بإثمه وكبره السلطة وحدها وليس غير السلطة سوى من عزروها ضد شعبها من قوى متصهينة ومتغربة عربيا أو إسلاميا أو دوليا.

ثانيهما : ضريبة الحرية في تونس مفهوم أن تكون ثقيلة نسبيا سيما أن السلطة وحدها تبوء بوزرها الأعمى وذلك ضمن تصور يختلج دوما في روعي مؤداه أن تونس التي رعت أول مؤسسة تعبدية إسلامية علمية دعوية في الأرض بعد المساجد الثلاث التي لا تشد الرحال إلا إليها أي الزيتونة المعمورة لجديرة من لدن كل أبناء شعبها سيما من علمائها ودعاتها ورجالها الوطنيين المخلصين بأن تظل المعركة على درب الحريات الدينية والشخصية والعامة دائرة حول إستعادة دور ذلك المعلم الأكبر الأول لإشعاعه الحضاري الريادي وذلك لسبب واحد هو أن تونس هي هبة الزيتونة كما أن مصر هي هبة النيل ومن فقد مشروعية هبته فقد مشروعية وجوده فضلا عن مشروعية تواصل تجدده .

لذلك يجدر بكل الشركاء التونسيين في الدين والوطن والحرية أن يتواضعوا على هوية البلاد عربية إسلامية ديمقراطية رغم التنوع الفكري والسياسي . ما يجب أن يفكر أولئك بأن إدارة معركة الحريات في البلاد ضمن سقف إعادة الإعتبار للزيتونة إنتصارا لحركة النهضة أو للمشروع الإسلامي . أبدا . ذلك إنتصار للهوية العربية الإسلامية للبلاد ولقضايا الأمة وعلى رأسها قضية المقاومة وللوطنية التونسية القحة.

كما يجدر بالإسلاميين في المقابل توسيع مفهوم الهوية العربية الإسلامية لتسع الإجتهادات التاريخية والمعاصرة في الدين والسياسة والإجتماع والثقافة على أساس قطبي معادلة الوحدة الوطنية والتنوع . كذلك كان تاريخ أمتنا وتراثها حافلا بالتنوع ولكنه متوحد بالمقاومة ضد الغزو أما خنق التنوع داخليا فلا يفضي سوى إلى التمهيد لدخول الغزو من الخارج.

كلمة الختام في هذا الملف :

أحمد ولي النعمة سبحانه على ما أولانا به من نعم العقل والدين والوطنية فإستعملنا في خدمة رسالة القرآن الكريم الذي يقول مؤكدا على أن المعركة إبتداء يجب أن تكون سلمية فكرية :  » وجاهدهم به جهادا كبيرا « . أي جاهدهم جهادا فكريا سلميا بالقرآن الكريم الذي جاء بتصورات وكلمات عن الحياة والموت والإنسان والدنيا وسائر ما يحتاج إليه الإنسان في كدحه وسعيه.

أحمده سبحانه رانيا إلى أن أرضى الرضى في النفس شكر النعمة فمن إستعمل لشكر النعمة فقد حاز الدنيا والآخرة بحذافيرهما أما حين يستوي المنعم عليه مع السليب فإن البهيمة أجدر بالعبادة ولو كرها من الإنسان المكرم.

أتوجه بجزيل الرحمات وكثير البركات على شهداء الأمة بأسرها في تاريخها الطويل وتراثها العريق من أول شهيد في الإسلام سمية عليها الرضوان حتى يرث الأرض ومن عليها وارثها الحي الديان الذي لا يموت ومن هؤلاء شهداء تونس الحبيبة زمن الإحتلال العسكري ومنهم الشهيد فرحات حشاد عليه الرحمة وزمن معركة الحريات والهوية ومنهم الشهيد الذي نحتفل بذكرى شهادته اليوم : سحنون حمادي الجوهري .

اللهم إحفظ تونسنا العزيزة من شر كل ذي شر ومكر كل ذي مكر وكيد كل ذي كيد وألف بين قلوب أهل الخير فيها وإجمع كلمتهم على الإسلام والوحدة والحرية والوطنية . آمين

والسلام

العنصر الرابع:

حوار مع الأستاذ لسعد شيقق الشهيد ( نوافيكم به  قريبا  جدا ان شاء الله تعالى)

الهادي بريك ــ الحوار.نـت ـ ألمانيا

ملف من جمع وإعداد :الهادي بريك الحوارنت    www.alhiwar.net     

 


 

   بسم الله الرحمان الرحيم

الشهيد سحنون الجوهري

26 جانفي 1995

و ضرورة التحقيق المستقل في كل وفاة وراء القضبان

    عرف سجن الغربة قبل أن يعرف غربة السجن، إذ شاءت الأقدار أن يعرف طريق الهجرة صيف 1981 إثر أول حملة اعتقالات موسعة يشنها النظام الحاكم ضد قيادات حركة الإتجاه الإسلامي التي لم يمض على الإعلان عن نفسها غير بضع أسابيع واستقر به المقام على أرض الدولة الإستعمارية التي سبق لها ان احتلت بلده بعد أن حكم عليه غيابيا بأربع سنوات سجنا… و هناك ابتلي بما يبتلى به كل شاب مهاجر في ريعان العمر…فاختار البطالة    و لواحقها على أن يستجيب إلى داعي الشهوة المنفلت من عقاله… و هناك كذلك تعرف على رفيقة دربه و أم ابنائه فبنى بها سنة 1982 تحصينا للنفس   و امتلاكا لنصف الدين عساه بذلك يتقي ربه في النصف الآخر…
    و عندما فتح باب العودة إلى البلد سنة 1984 كان ضمن من آثر العودة على البقاء هناك حيث يأمن على نفسه مظالم الاستبداد السياسي و الحيف الاجتماعي مقدما مقارعة الظلمة و أعوانهم غير آبه بما يحيق بمن رفع راية أفضل الجهاد في وجه الطغاة و سلاطين الجور… و هناك على أرض المستعمرين السابقين لم يثنه العمل من أجل رغيف الخبز عن الانخراط في العمل الجمعياتي الإنساني فانخرط في « منظمة العفو الدولية » فرع فرنسا سنة 1982… أما في تونس فقد التحق بالرابطة التونسية لحقوق الإنسان- فرع  السيجومي إلى حدود 1985 ثم التحق بالهيئة المديرة في السنة المذكورة… و هنا كانت صراحته بل جرأته في تسمية الأشياء بأسمائها  دون تعريض أو موارية سببا في امتعاض بعضهم منه ، و لآ ادري هنا إن كانت أصوله القبائلية ( الجزائرية) وراء طبعه…
    و لا أدري أيهمﱞ البعض هنا أن أذكر أن شهيدنا تخرج أول الأمر من مدرسة ترشيح المعلمين بالمرسى سنة 1971 و كان توقه إلى التعلم حافزا له لاجتياز امتحان البكالوريا الجزائرية و تحصل عليها في جوان 1974 و لم ترفع  وقتها شعارات مثل فتح الآفاق و الجامعة المفتوحة و التعليم الافتراضي… للاستهلاك الإعلامي   
     و المزايدة، فانتسب إلى الكلية الزيتونية للشريعة و أصول الدين سنة 1975 و واصل الاشتغال في نفس الوقت بالتعليم في مدرسة خزندار الابتدائية بضاحية باردو القريبة من تونس العاصمة بعدما باشر التدريس قبل ذلك بمدرسة ابتدائية تتبع مدينة المرناقية غرب العاصمة  و نال إجازة الكلية الزيتونية سنة 1979…فانتقل مدرسا إلى المعهد الثانوي بباجة…     و كانت هجرته الاضطرارية مناسبة لمزيد من  التحصيل العلمي فالتحق بجامعة السربون     و نال منها شهادة الدراسات المعمقة سنة 1984…
    و تتواصل المحن… لكن الملاحقات الأمنية التي شهدتها البلاد سنة 1987لم تفلح في الإيقاع به في شباكها على كثرتها… و استمر في نضاله اليومي متنقلا من موقع حركي/ تنظيمي  إلى آخر و الحملة على الإسلامين في البلاد على أشدها صيف سنة 1987… و  حدث ما حدث صبيحة 7 نوفمبر من نفس السنة…        و اقتضت الضرورة اتخاذ بعض الخطوات ذات الطابع الإصلاحي و الديمقراطي لا اقتناعا بها أو إيمانا بنبلها     و بجدارة التونسيين بحياة سياسية متطورة يتخلصون فيها نهائيا من الوصاية  بكل أشكالها، وصاية  » المجاهد الأكبر » أو وصاية  » حامي الحمى و الدين » أو وصاية « الزعيم الملهم » و غيرها من الشعارات الممجوجة…       و كانت  عمليات تسريح المساجين و الموقوفين من الإسلاميين تنفيسا للاحتقان السياسي الذي عرفته البلاد ربيع و صيف سنة 1987 و محاولة لإضفاء صورة جديدة  عساها تنسي الجماهير تلك الصورة التي انطبعت في مخيلتها أو في وعيها و في لا وعيها عن القيادة الجديدة التي تفتقر إلى كل الشرعيات المتفق( تماما أو في حدود) علي وجاهتها مثل الشرعية الانتخايبة او الشرعية النضالية أو الشرعية الدينية أو الشرعية العلمية…
    و كان  » الترخيص » بإصدار جريدة « القجر » من جملة الخطوات التمويهية و المغالطة، و كان عملنا معا  فرصة لنا لمزيد من التقارب و التعارف… فكنا نتناول غداء يومي الخميس و الجمعة معا طيلة بضعة أشهر، فيوم الخميس ( يوم ختم الجريدة و تقديمها إلى المطبعة)كنا نتناول الغداء الذي تحضره عائلة أحد أعضاء هيئة التحرير أو الإداريين بمقر الجريدة حرصا على الوقت و على مواكبة ما يمكن أن يستجد في الساعات الأخيرة  و سيف الرقابة مشرع على كل عدد من أعداد « الفجر ».. أما يوم الجمعة فعادة دأبت عليها عائلة « آل الجوهري » وهي اجتماع شمل « الإخوة الجوهري » لتناول الغداء معا و كنت أنزل ضيفا عليهم سعيا مني لتناول أكلتي المفضلة معهم…     و في  » الفجر » احتكر شهيدنا – أو يكاد- ركنا قارا من الصفحة الأخيرة بعنوان ‘ بالسواك الحار »…      و لعل في اختياره لهذا الركن و لهجته و لغته بعد آخر من طبيعة شهيدنا أو ما سبق أن قلت  » صراحته » أو جرأته في تسمية الأشياء باسمائها…
    و « تطير السكرة » و تغلق  » الفجر »….. و بدأت ملامح الخطة التي أعدتها السلطة لضرب  » حركة النهضة »      و استئصالها تتبلور شيئا فشيئا و بدأت مراحلها تتسارع…و اتسعت حملة الاعتقالات… و تشاء الأقدار أن بلتحق بي شهيدنا في  دهليز وزارة الداخلية بعد ثلاثين يوما من إيقافي…( قبض على شهيدنا يون 23 مارس 1991)…
    و تتواصل رحلتنا معا بعد مرحلة الداخلية و التعذيب المتواصل نلتقي من جديد في الزنزانة 6 مع كل من أخينا الصادق شورو عبدالكريم المطوي و ….و من سجن العاصمة ننقل معا إلى سجن الناظور لنقضي هناك تسعة أشهر… و نفترق….
    و بعد سنوات من العزلة المغلظة يسألني أحد إخواني إن كان لي علم بحال سحنون فأجيبه بأنا افترقنا منذ 1992 فيرد بأن إشاعة  تزعم أنه استشهد بسجن العاصمة…استشهد أم لم يستشهد في حاجة إلى إثبات أو نفي      و من أين لي بذلك و المرء منقطع تماما عن العالم الخارجي بل عن عالم السجن الداخلي و لم تترك الإدارة سبيلا لتغليظ العزلة إلا سلكته … و بقي الشك سيد الموقف إلى أن نقلت إلى سجن العاصمة قادما إليه من سجن بنزرت المدينة ذات يوم من جويلية 1997…و اقتضت الإجراءات أن أدخل دهليز السجن المدني  بالعاصمة في الجزء المخصص لحفظ أمتعة المساجين المحجوزة، و على رف من رفوف الغرفة الداخلية للدهليز استرعى انتباعي وجود حقيبة رياضية ذات لون أخضر كتب عليها بخط غليظ  » سحنون الجوهري »… فتسارعت دقات القلب  محدثا نفسي أن أمرا قد حدث… و تأكد الأمر بعد ذلك…
     و الموت في السجن- خصوصا في تلك السنوات البائسة- لا بد أن يكون للإدارة دور ما فيه…إما تحت التعذيب المباشر  و لعل شهييدنا المولدي بن عمر و عزالدين بن عائشة ابرز أمثلة ذلك، و إمابفعل تعسفها         و تجاوز حدودها و لعل رضا الخميري و عبدالوهاب بوصاع من أبرز الأمثلة في هذا الإطار، أو بفعل الإهمال الصحي  و حدث عن البحر  و لاحرج و الأمثلة عديدة و لعل من أوائلها شهيدنا  » سحنون »…
     و يمكنني أن أقول إن كل وفاة في السجن هي وفاة مشبوهة إلى إن يثبت الطبيب الشرعي الذي ترتضيه عائلة المتوفى عكس ذلك…لذلك  يكون من صلب مشاغل المنظمات و الجمعيات الحقوقية و الإنسانية الكشف عن ظروف كل وفاة  داخل السجون بقطع النظر عن السجل الجنائي للمتوفى …
    استهل  » سحنون » صارخا يوم 21 أكتوبر 1953 و في شهر الانتفاضات (الإضراب العام و أحداث قفصة         و انتفاضة الخبز و أحداث سليمان ) و في يوم الخميس السادس و العشرين منه انتفض « سحنون »     و استيقظ بعد نوم دام احدى و أربعين سنة و ثلاثة أشهر و خمسة أيام…
    إن وفاءنا لمن سبقنامن المناضلين يفرض علينا أن نجدﱠ في إعادة الاعتبار لهم و لعل من ابرز ذلك الكشف عن ظروف وفاتهم مستبعدين التقارير الطبية ذات الصبغة الإدارية لانتفاء الثقة – مع كل أسف- في         » طبيب الإدارة » و نحن الذين رأينا « طبيب الإدارة » يساهم في التعذيب سواء مباشرة أو بتوجيه الجلادين          و تحديد مدى قدرة المناضل على تحمل التعذيب… و هذا يفرض علينا أن نحمل – بكل حب و مودة- منظماتنا الحقوقية ذات المصداقية مثل الرابطة و المجلس و الجمعية مهمة التحقيق المستقل في كل وفاة داخل السجون      و ما لا يدرك كله لا نتغافل عن جله  و من هذا « الجل » جمع شهادات كل من كان قريبا ممن توفي عسانا بذلك نؤدي بعض حقهم علينا …
    ســــــــــــــلام عليك « سحنون » في عليين، و ها هم أبناؤك/ ابناؤنا، عطاءالله و أمان الله و سلسبيل ينظرون إلينا نظرة عتاب و يصرخون: « ماذا فعلتم بعد أبينا؟؟ »  فماذا تراك تجيب ؟؟؟ و الســـــــــــــــــــــــــــــلام 26جانفي 2007
عبدالله الـــــــــــــــزواري abzouari@yahoo.fr  

 

 


 

سـحــنــون الـجــوهــري

فارس كلمة و ضحية قمع

 

تمر بنا هذه الأيام ذكرى استشهاد لأخ سحنون الجوهري رحمه الله الذي قضى نحبه مرابطا في السجن صابرا، في الليلة الفاصلة بين 25 و26جانفي 1995 عن عمر 41 سنة.

لقد مثل استشاده رحمه الله فجيعة كبرى لاخوانه ورفاق دربه ولكل المناضلين من أجل تونس حرة وكريمة خالية من القمع والإستبداد ومن سيطرة الحزب الواحد والبوليس.

 

لم أقابل أحدا عرف المرحوم سحنون إلا وذكره بخير وأثنى على مناقبه ومواهبه المتعددة فقد كان من قدماء القيادات الكشفية في العاصمة، وهو حافظ لكتاب الله وداعية في سبيله ومرب للأجيال على السماحة والإعتدال وهو أستاذ مدرس ومناضل حقوقي  وصحافي بالغتين العربية والفرنسية، كتب في عديد الصحف والمجلات وتميز أسلوبه بالطرافة وسرعة البديهة في ردوده ومواجهاته. ولعل كثيرا من قراء جريدة الفجر الذين كانوا يبدأون تصفح الجريدة من صفحتها الأخيرة للإطلاع على ركن « بالسواك الحار » لم يكونوا يعرفون أن كاتبه الذي كان يوقع باسم « صاحب الكلام » هو سحنون الجوهري. ولعل ما لقيه الركن الجديد « للسواك الحار » بصفحة الحوار نت و « القديد المالح » بمجلة كلمة يعود فضله بعد الله تعالى إلى روح الأخ سحنون أولا وأخيرا.

 

كنت أعرف المرحوم سحنون بصفته رمزا إسلاميا ووطنيا ولم يكن لي معه علاقة شخصية، قابلته مرات معدودة عرضا لم يتخللها غير سلام صغير على كبير ورد كبير على صغير.

 

حضرت ندوة بكلية الآداب 9 أفريل (بجوار السجن الذي قضى فيه نحبه) في ربيع سنة 90 دعا إليها الإتحاد العام التونسي للطلبة بمشاركة اللجنة الوطنية للدفاع عن الطلبة المجندين

وبمشاركة الأخ سحنون ممثلا عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان (فيما أذكر) وقد بقي من مداخلته ـ وكانت المداخلة الرئيسيةـ عالقا في ذاكرتي موقفان من مواقف الدعابة والسواك الحار!

الموقف الأول: كان تعليقا على اسم أحد المواقع التي جُنّد بها الطلبة بالجنوب التونسي، واسمه الفردوس وعَلّق على ذلك بأن الأمر من باب تسمية الأسماء بمضاداتها!

 

والموقف الثاني: كان تعليقا منه على تجنيد الطلبة دون الطالبات ووصف ذلك بأن الدولة تتشدق بالمساواة بين الجنسين ولكنها لم تعدل حيث عاقبت الطلبة الذكور ولم تعاقب الطالبات والحال أن التحركات الطلابية كانت مشتركة وعلى قدر سواء بين الجنسين!

 

وقد رأيت مناسبا أن أنقل  بعض فقرات من مقالات الأخ سحنون رحمه الله بجريدة الفجر أواخر سنة تسعين وكذلك بعض تعليقات من ركن صاحب الكلام « بالسواك الحار ».

 

*ـ  لست أدري لماذا لا أستطيع أن أتمالك على الابتسام الساخر كلما وقعت عيني على عبارة « مهنة المتاعب » في كتابات بعض محرري الصحف عندنا وتحضرني في الحال  مشاهد صحفيين يخوضون غمار الصعاب ويصبهم الأذى والأسر حتى الموت… … فلا أجد للأسف واحدا منهم من بلدنا، أبدا …أبدا … وإذا ما تركت هذا الأمر ـ أمر المتاعب المتوهمةـ جانبا وبحثت في حسن آداء المهمة فإنني أكاد أجزم أن عدد الذين دأبوا على الإصداع بالحق كلفهم ذلك ما كلفهم لا يتعدي أصابع اليد الواحدة أو اليدين على أبعد حد… … ولكن الساحة لم تكد تخلو من أساطين الكذب والمراوغة والتطبيل والتزمير … …

وأخيرا ليسمح لي كل السادة الصحفيين أن أسألهم عن إحساسهم وهم يضعون أمامهم على نفس المنضدة وفي نفس اللحظة العددين اللذين صدرا في كل جريدة في وقتين مختلفين من نفس اليوم، يوم 7/ 11/ 1987 (عند الفجر أولا ثم عند الزوال)؟ كيف يفسرون أن ينقلب بورقيبة في لحظة وبلسان نفس القلم من قائد ملهم إلى عجوز وجبت إزاحته؟ … …

وإنني لعلى يقين أن جل الأقلام التي كتبت عن بطل التغيير ومنقذ الوطن وابن تونس البار ـ ولم أقل كلها ـ جل هذه الأقلام ما كان لها إلا أن تحبر عكس ذلك لو قدر لعملية إزاحة بورقيبة « العجوز العاجز » أن تفشل…

فقليلا من التواضع سادتي، فلما يحن بعد وقت الحديث عن « مهنة متاعب » فالبون لا يزال شاسعا بين الواقع والشعار (من مقال « مهنة المتاعب » الفجر 29 سبتمبر 1990)  

 

*ـ  – … ذلك أن تبني مبادئ حقوق الإنسان  والدفاع عنها صار رسميا من مبادئ الدولة ومن الأسس التي بنت عليها السلطة الجديدة مشروعيتها مستعيضة بذلك  عن مشروعية السلطة التي سبقتها والتي مرتكزها « طرد الإستعمار » و « بناء الدولة »

… إن العفو التشريعي قد ظل في غالب الأحيان حبرا على ورق … مئات المواطنين المحاكمين لأسباب سياسية ظلوا ممنوعين من العودة إلى سالف مواقعهم في العمل ، بل انضاف لهم غيرهم … ومئات آخرون من التونسيين ظلوا محرومين من جوازات السفر بل من الحصول على بطاقة السوابق العدلية. … …

لقد مثلت الإنتخابات التشريعية السابقة لأوانها (2 أفريل 1989) نكسة في الحيات السياسية العامة في البلاد… … وانسدت الآفاق السياسية وتعطل الحوار بين السلطة والمعارضة… … وفي المقابل لم يبق للمنتظم السياسي إلا الحديث عن الأزمة وانسداد الآفاق … وتحرك الشارع بل ظهرت بعض أعراض النزوع إلى الحلول اليائسة والمرفوضة…

ولقد أكدت التجارب… أن الديمقراطية لم تضر بأحد ولم تنتج اهتزازا في أوضاع المجتمعات بل أفادت الجميع ووفرت مزيدا من دعامات الأمن والإستقرار للشعوب التي تعيش في كنفها لذلك يبقى الأمل قائما لدى أبناء تونس في أن يخطوا بالبلاد نحو التجاوز الديمقراطي خطوات عملاقة تضع حدا للتدهور وتعبئ كافة الطاقات لصالح الوطن.(من « مقال عيد بأي حال عدت ياعيد… » الفجر22ديسمبر1990) « في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان »

 

سيذكر التاريخ و ستعرف الأجيال المتعاقبة… لم يعد يخفى على ذي عينين ما تردى فيه الإعلام في بلادنا من تكريس الأحادية وهيمنة الحزب الحاكم على وسائل الإعلام الرسمية  وما طغى على المادة الإعلامية من بلادة وإسفاف … … إلى الحد الذي أصبح فيه الإحتفال بعيد الميلاد العشرين لمغنية « قضية كبرى » تستوجب نقلها تلفزيا مباشرة … ( ركن بالسواك الحار الفجر 29ديسمبر1990)       

 

*قالوا: التجمع الدستوري يقدم إعانات مدرسية للعائلات المحتاجة

* قلنا : من لحيتو افتلوا شكال وشاشية هذا على راس هذا (الفجر: 22 سبتمبر1990)

 

* قالوا: وزارة الشباب والطفولة تتنازل عن قرية الشباب ببني مطير لمنظمة الشباب الدستوري الديمقراطي (لابراس 14ديسمبر1990)

* قلنا: خبزهم مخبوز وزيتهم في الكوز (الفجر 22 ديسمبر) 

 

* قالوا: السلطات الإيطالية تسلم المسجد الجامع ببالرمو إلى الجاليات الإسلامية بهذه المدينة وتوكل الإشراف عليه إلى تونس

* قلنا: هل ستطبق عليه قانون المساجد؟ (الفجر 24 نوفمبر 1990)

 

* قالوا: إحدى المجلات رفعت أخيرا شعار « تحرير الإعلام »

* قلنا: ما يحس الجمرة كان إلّي يعفس عليها (الفجر 3 نوفمبر 1990)

 

* قالوا: شخص « تقدمي » يسير إلى الأمام، يزعم أن الموت من أجل غاية نبيلة هو عنده منتهى المرام.

* قلنا: لم يقدر على السجن وطلب العفو ورفع الملام فمن أين له أن يرحب اليوم بالموت الزؤام.

(الفجر 5ماي 1990)

 

*قالوا: سي الزواري (عبد الرحيم أمين عام التجمع في ذلك الوقت) يحضر ندوة الولاة.

* قلنا: هذا هو تصديق حياد الإدارات. (الفجر 12 ماي 1990)

 

* قالوا: الصين ترفض تشجيع الطائفية واستغلال الدين (الصحافة 22أفريل 1990)

* قلنا : اطلبوا « الفتوى » ولو بالصين وبالتحديد من ساحة تيان آن مين (الفجر 28 أفريل 1990)

 

*قالوا: بعض المعلقات الإنتخابية لحزب الدستور لونها بنفسجي

*قلنا: سلفني وجهك نحضر بيه العرس (الفجر 9جوان 1990)

 

* قالوا: حزب الدستور يستعد « لمجابهة » النهضة (في الإنتخابات البلدية)

* قلنا: خليناهالكم واسعة واعريضة (الفجر 19 ماي 1990)

 

* قالوا: مدير مدير تحرير نشرية مشبوهة يصف الإسلاميين بأنهم ليسوا بآدميين

* قلنا: ما هو موقف رابطة حقوق الإنسان وجمعية الصحفيين التونسيين؟ (الفجر 2 جوان 1990)

 

* قالوا: الأسعار لم تصل بعد منطقة الخطر

* قلنا: المصبِّطْ ما دْرى بالحافي

     والحافي مسكين بانو اعْضاه

     والّي ياكل في السميد الصافي

     يعرفْشي الجيعان آشْ عْشاه؟

     وإلي يلبس في الحرير الهافي

     يعرفشي العريان آشْ كْساه؟  (الفجر 13 أكتوبر) 1990)

 

* جاءت سعاد مـرة تقـول لي *** رد على  جريدة السخافة

* قلت لها اعذريني يا حبيبتي *** لا أنبش مزابل الصحافة    (الفجر 13 أكتوبر 1990)  (انتهى النقل)

 

رحمك الله أخي سحنون ورحم كل إخوانك الذين سقطوا على درب العزة والإباء رحم الله كل الأحرار، رحمك الله يا أستاذ سحنون و:

أَنْفاسُكَ الحَرَّى وَإِنْ هِيَ أُخمـِدَتْ  *** سَتَظَلُّ  تَعْمُرُ  أُفْقَهُمْ  بِدُخانِ

وقُروحُ جِسْمِكَ وَهُوَ تَحْتَ سِياطِهِمْ ***  قَسَماتُ  صُبْحٍ  يَتَّقِيهِ  الْجاني

دَمْعُ  السَّجينِ  هُناكَ في أَغْلالِـهِ   *** وَدَمُ  الشَّـهيدِ  هُنَا  سَيَلْتَقِيانِ

                                                    (الشهيد هاشم الرفاعي)

وختاما شكرا جزيلا لعمنا الهادي بريك الذي تكرم وأعارنا ما يملك من نسخ نادرة لجريدة الفجر رغم عزازتها عليه واعتقاده أنه لم يبقى غيرها على وجه الأرض! وبتصفحي لها عرفت معنى الوقوف على « الأطلال »!!

شكرا يا شيخ الهادي وأسأل الله أن يلحقك بأخيك سحنون شهيدا في سبيله غير مغير أو مبدل!

بعدكِ وبعد عمر طويل إنشاء الله يا أخت زهرة! (لابد من قفلة سواكية)

 

                                                   صـــابر التونسي

 

 


 

لقاء مع الجوهري!

أم محمد بسم الله
لقد اثارث الذكرى 12 لاستشهاد الاخ المجاهد سحنون في نفسي ذكريات عزيزة مازلت احتفظ بها …….
وتعود بي الذاكرة الى سنوات الثمانينات عندما كنت تلميذة في المرحلة الاولى من التعليم الثانوي وكانت سنواتي الاولى في الالتزام بالزي الاسلامي ….. لم اكن افهم الكثير من الامورالتي تجري حولي…… بل ان كل الذىكان يؤرقني هولماذا رفضت مديرة المعهد قبولي باللباس الذي اخترته لنفسي في حين ان كل الزميلات تم قبولهن بما اخترنه ………لقد كانت حيرتي كبيرة ولقد زادت عندما تم اعلامنا في المعهد ان اللباس الذي نرتديه انما هو لباس طائفي يعبر عن انتماء سياسي معين ……. كانت هذه الكلمات غريبة عني وعن القاموس الذي كنت استعمله للتعبير عن افكاري وما يخالج نفسي …..اردت الحديث مع مديرة المعهد فلم اجد منها الا الصد كنت اريد ان اقول لها ان ليس لي علاقة بما تقول وانني اخترت هذا اللباس لانه تعبير عن هويتي التي اصبحت احس انها مهددة في هذا المعهد حيث ان معظم طلابه لا يحسنون اللغة العربية ولا يعلمون عن الدين الا النزر القليل …….ضاقت بي السبل واشتدت بي الحيرة فاجتمعت امام المعهد ببعض الاخوات للتشاور بما يمكننا ان نفعل وكيف نستطيع تبليغ اصواتنا الى الجميع . وبعد نقاش ومشاورات قر قرارنا على رفع مظلمتنا الى احد المنظمات الانسانية للدفاع عن حقنا في الوجود ……. وهذا ما تم لقد اتجهنا منذ الصباح الباكر الى مقر الرابطة حيث وجدنا هناك الاخ الشهيد سحنون ينتظرنا في الباب ……..لم تكن اي من الاخوات تعرفه لحداثة سننا وقلة تجربتنا لكن ما لفت انتباهي هو تحمس الاخ الشهيد لقضيتنا وتعبيره عن الاستعداد لمساعدتنا بكل الوسائل ……..وما زاد اطمئناني اكثر عندما علمت ان اخ رجل تربوي استاذ لمادة التربية الاسلامية …….لقد تاكدت حينها ان ما وقع علينا من ادارة المعهد انما هو الظلم والاقصاء فها هو الاخ مدرس الدين يقف الى جانبنا ويساندنا في الوقت الذي تخلت عنا معاهدنا وحتى اهالينا الذين حاولوا جاهدين اثناءنا عن اختيارنا .
نعم لقد استمع الينا الاخ الجوهري ليس من وراء المكتب بل من امام باب الرابطة جاء قبلنا وشد ازرنا بل اني اذكر ان بعض الاخوات اجهشن بالبكاء وهن يروين ما حصل لهن في المعهد والبيت من اضطهاد واذلال……..واتذكر جيدا عندما سالته ببراءة : لماذا يعاملوننا هكذا ؟ فرد عليا الشهيد بابتسامة وبصوت مشفق :(لانكن على حق) واستدرك قائلا:( اصبرن فاجركن عظيم الا ان سلعة الله غالية الا ان سلعة الله الجنة) لقدا نزلت هذه الكلمات على قلبي السكينة العميقة وعرفت حينها ان طريقنا مزروعة بالاشواك وان الصبر والمقاومة هما الحل الامثل ………رحم الله سحنون لقد كان معلم الصبر والحكمة .
 

(المصدر: موقع :الحوار.نـت  بتاريخ 26 جانفي 2007)

www.alhiwar.net 


 

أوّل مترشّح لإنتخابات المحامين في تونس ، يُعلن تقاعده و تفرّغه الكلّي في حالة إنتخابه عميدا

 

    تونس – القلم الحرّ

 

   قال أوّل محام يُعلن ترشحه هذا العام لمنصب العميد في انتخابات المحامين في تونس المُقرّرة الصائفة القادمة ، إنّه « سيخصّص في صورة إنتخابه ، كلّ نشاطه لأداء مهمّة العميد » .

 

  و قال محمّد النوري ( 67 سنة) « أنا أستعدّ للتقاعد في قريب الأيام و في صورة إنتخابي عميدا سأتفرّغ كليّا للدفاع عن المحاماة و إصلاحها و سأستقيل من أي منصب لي في منظّمات أخرى » .

 

   و تشهد تونس إنتخابات الهيئة الوطنية للمحامين في جويلية – يونيو2007 ، لإنتخاب العميد الجديد و أيضا أعضاء الهيئة المديرة و هيئات فروع العمادة في الشمال و الجنوب  الساحل .

 

    و قال النوري في لقاء عام جمعه بالمحامين هذا الاسبوع ، « جرت العادة في ما مضى أن يكون العميد متقدّما نسبيّا في السنّ بشكلِ يجعله مُلمّا بمطالب القطاع و أرى أنه عليه أن يكون أيضا متفرّغا لهذه المهمّة بأن يكون قارب على إنهاء مسيرته كمحام » ، متابعا « لم أوافق على إقتراح عديد الزملاء لي بالترّشح في عديد الدورات السابقة رغم توفّر شرط السنّ و الإلمام بقضايا القطاع لأنّه لم يتوفّر لي سابقا شرط التفرّغ الذي أراه ضروريا لنجاح مهمة العميد ، أمّا هذه الدورة فخيّرت الترشح لقراري التقاعد من المهنة  » .

 

    وعُرف النوري الذي رفع لحملته الإنتخابية شعار »الوحدة و الإصلاح » ، بنشاطه الحقوقي على مدى العقدين الماضيين في عديد المواعيد التي شهدها مجال حقوق الإنسان في تونس ، من ذلك تقدّمه في عديد المحاكمات السياسية التي شهدتها البلاد صحبة زملائه للدفاع عن المساجين السياسيين سواء لحركة « النهضة » أو غيرهم من سجناء الرأي في البلاد . و في عام 2001 أسّس النوري صحبة عدد من الحقوقيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين التي يتراّسها ، فضلا عن عضويته للمجلس التونسي للدفاع عن الحريات  .

 

  و لم يُعرف النوري مع ذلك بأي إنتماء لأي تيار سياسي في البلاد ، و حتّى مُشاركته في إضراب شهِيرِعن الطعام لمدةّ شهر كامل على هامش القمة العالمية لمجتمع المعلومات في نوفمبر- تشرين الثاني 2005 صحبة عدد من قياديي الأحزاب و المنظمات التونسية للمطالبة بإطلاق الحريات في البلد ، لم يحمل فيه أي صفة سياسية ، تماما كما لم تحمل صفته القيادية في ما يُعرف ب »هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات » التي تأسست بعد ذلك أي إنتماء سياسي  . 

 

  و في هذا الخصوص قال النوري للمحامين « من الشروط الضرورية أن يكون العميد عميد جميع المحامين لا عميد تيار سياسي بعينه و أنا محام مستقل تسمح إستقلاليته بأن يكون ممثلا لجميع التيارات في القطاع التي تربطني بكلّهم نضالاتنا الحقوقية من أجل خير المهنة و خير قطاع الحقوق و الحريات في تونس » .

 

   و لم تعرف هيئة المحامين في تونس سابقا إنتخاب عميد متفرّغ لهذه المهمّة و دخل مرحلةالتقاعد.

 

    و بعد محمد النوري ، أعلنت محامية ثانية عُرفت أيضا بنشاطها الحقوقي هي راضية النصراوي  التي ترأس جمعية مناهظة التعذيب في تونس . فيما أعلن العميد السابق للمحامين البشير الصيد مؤسّس الحزب الوحدوي الناصري في تونس ، لكنّ العميد الحالي عبد الستار بن موسى أعلن إحجامه عن تجديد ترشحه.

 

  و تعرف علاقة الحكومة في تونس بهيئة المحامين تصدّعا تفاقم في السنوات الأخيرة ،بسبب عدم إستجابة السلطات التونسية لعديد المطالب التي رفعها هيكل المحامين من ذلك إحداث تغطية إجتماعية و صحّية للمحامين و إلغاء عديد القوانين التي تصفها هيئة المحامين ب »المُضيّقةعلى مجال تدخّل المحامي » ،فضلا عن المطالبة بإلغاء قرار حكومي صدر في 2006 بإحداث معهد للمحاماة يصفه المحامون بأنّه وقع بعثه « من أجل فرض تحكّم الحكومة في الإنتماءات السياسية للأجيال القادمة من المحامين » ، على حدّ وصفهم .

 

   و لنا عودة لموضوع إنتخابات  هيئة المحامين  في تقارير قادمة و لتصريحات باقي المترشحين. . .

 

المصدر : مُدوّنة سليم بوخذير « القلم الحرّ » بتاريخ الجمعة 26 جانفي 2007 الرابط : http://alkalamalhor.maktoobblog.com/?preDate=2007-01-26%2015:10:00&post=194589


 

عندما تصغر تونس في عين « الصانع »

 

كتبه عبدالحميد العدّاسي

ظلّ التونسيون  » محترمين  » للقطاع العسكري أو متوجّسين منه. فهم لا يسألون عمّا يُفعل فيه ولا يتطلّعون لمعرفة الفاعل فيه. فالعسكر عند بعضهم جهاز حماية ضدّ خطر داهم من الخارج (وهي أقرب التعريفات إلى الحقيقة التأسيسية)، وهو عند بعضهم  سند للبوليس عند عجز هذا الأخير عن ضرب حركة مجتمعية أو قطاعية (وهي أقرب التعريفات إلى الحقيقة المعيشة الواقعية)، وهو عند آخرين مركز تكوين لأبنائهم وتدريب لهم على حمل السّلاح وعلى تحمّل الأعباء والمسؤولية (وهو أمر لا ينكره إلاّ مكابر ولكنّه لا يتحقّق إلاّ بوجود الصالح من الإطارات من ضباط وضبّاط صفّ)، كما يبقى عند صنف رابع سببا لحرمانهم من أبنائهم طيلة فترة التجنيد (ويمكن أن يكون ذلك كذلك أوأسوأ منه في غياب الإطار ذي الخلق الكريم، ويمكن القول بأنّنا اليوم نشهد ذلك).

غير أنّ الجهاز (العسكر) لم يُعامِل التونسيين بذات التوجّس أو العزوف، بل سعى إلى معايشتهم ومساكنتهم ومحاورتهم، حتّى إذا لمس منهم القبول بعث إليهم مَن يساعدهم على العيش الكريم ويحفظهم من مآلات أيّ تصرّف لئيم، فكان هذا المُنكِر لذاته ( الذي أنكرته ذاتُه) الذي كان – لتواضعه – إذا حضر لم يُعرف ( أو لم يُعبأ له) و إذا غاب لم يُفتَقَد، فصنع لهم تغييرا أبقى على « ماركته » المسجّلة ملكيتَه. ثمّ لم يشأ أن يكون إلاّ كثير الحنوّ عليهم، فجعلهم تحت كلكله وفي دفئه كلّ هذه السنين التي قد تكون بِطُولها قد عزّزت الفكرة عن الجهاز (العسكر) لدى هذا أو ذاك ممّا قد يسيء إلى التعريفات السابقة أو قد يُحسن إليها…

 

وسعيا منّي إلى المساهمة في تنضيج حكم التونسيين على الجهاز (العسكر) من خلال معايشتهم لصانع التغيير (العسكري)، ألفت أنظار مَن قلّت معرفته بالميدان إلى حقيقةٍ مفادها أنّ « الكبار » في الجهاز لا يهتمّون كثيرا بصغائر الأمور، فذلك شأن الصغار من الضبّاط الأعوان والضبّاط القادة. ولعلّ المثال يزيد المشهد بيانا فأقول: إذا كنت صغيرا في الجهاز فسوف تهتمّ لا محالة بالأمور اليوميّة الصغيرة، من قبيل مثلا وجود العديد الكافي واللاّزم للقيام بالواجبات اليومية من حراسة وتدريب ودوريات ربّما وتسيير المهامّ الروتينية، إلى جانب المساهمة في أعمال التحصين أو البناء والتشييد الداعمة للإقتصاد، كما يحدث في منطقة رجيم معتوق والفوّار وغيرها من الأماكن التي يصعب على التونسي العادي العمل فيها. وأمّا الكبير فإنّه لا يهتمّ كثيرا أو لنقل أنّه لا يتوقّف كثيرا عند هذه الأمور، بل تراه يذهب إلى الأهمّ فيُسهم بجهد كبير في إبراز الصورة المشرقة النّاصعة للمؤسّسة، فهو مَن يطوّر مثلا المطعم النّادي (الجامع) حيث يُستقبل الضيوفُ الأعيان الحريصون على وجود ما يُرضيهم من الأشربة والأطعمة والألعاب وبعض الجميلات إن لزم الأمر. وهم مَن يضبط الأملاك ويقنّن جني ثمار البساتين والضيعات التابعة إلى المؤسّسة ويحرص هو بنفسه على ايصالها إلى أصحابها « الشرعيين ». وهو مَن يرفع من معنويات مرؤوسيه ببناء ما يليق بسمعة المؤسّسة من قصور صغيرة ذات الأشكال المستنبطة من أخواتها الكبيرة المرابطة في تخوم قرطاج وغيرها من بلاد تونس العامرة ليسكنها قرير العين…

 

فمن يدرك هذا الفهم في تناول الأمور لدى الكبار في المؤسّسة، يمكنه فهم حرص صاحب التغيير على إقامة المشاريع الكبيرة ذات البعد الأممي أو الإقليمي مقابل عدم اهتمامه كثيرا بما يحدث أو بما يُقام ويُهدم في تونس… فقد بقي فخامته منسجما مع نظرة الكبير وتصرّف الكبير التي علّمته البعد والشمولية: فكما كان في الثكنة أو في المؤسّسة التونسية يعمل خارجها لتلميع صورتها، فهو اليوم في تونس الثكنة يعمل خارجها لتلميع صورتها كذلك… ففي كلمة ألقاها يوم أمس الخميس 25 يناير 2007 خلال لقائه أعضاء البعثات الدبلوماسية المعتمدين بتونس بمناسبة السنة الإدارية الجديدة (والخبر من تونس نيوز الأمينة)، دعا سيادته اٍلى مفهوم جديد لعلاقات دولية أكثر « عدلا وتوازنا »، واٍلى ترسيخ حوار الثقافات والحضارات والأديان. مبيّنا أنّ معالجة هذه الأوضاع تستوجب أيضا « اٍستبعاد أسبابها ودواعيها وأهمها الإحباط والحرمان والتهميش « .  في إشارة منه إلى من يهمّه الأمر من « الصغار » في تونس إلى توخّي ذات الأسلوب، لأنّه يعلم أنّ الحالة التونسية قد عدمت هذا الحوار وأنّ الكثير من التونسيين قد همّش وحرم حتّى أحْبِط، فانطلق يائسا يرفع السلاح ويُزهق الأرواح…

فالصانع – وهو كبير – لا يستطيع مخالفة طبعه بالنّزول إلى الصغائر، ولكنّه لا يتردّد – من أجل تونس ورفعتها – في توخّي طريقة  » اضرب القطّوسة تفهم العروسة  » (والقطوسة عند التونسيين هي الهرّة)، أعني طريقة التورية، فهو عندما يتكلّم عن مشاكل اللبنانيين أو الفلسطينيين أو العراقيين، فإنّه لا يفعل ذلك فقط من أجل إصلاح شأنهم (وهذا طبعا ديدنه) وإنّما أيضا لكي ينتبه من يهمّه الأمر في البلاد – ممّن بطّأ بهم الفهم ربّما – إلى توحيد الصفّ وتغليب منطق الحوار والاحتكام إلى خياره كي يضعوا حدّا للنّزيف الخطير الذي يتعرّض له الشعب، فيُعيدوا للشعب أجواء الثقة والاستقرار الموفّرين للأرضية الملائمة لإعادة الإعمار والتأهيل وإشاعة الأخلاق الكريمة…

ولعلّ بعض ردّ الجميل إلى الجهاز (العسكر) من طرف التونسيين جميعا، تجعلهم يسارعون في تلبية دعوة « كبيره » (صاحب التغيير) دون أن يضطرّوه إلى الصَّغار في زاوية الصِّغار…

 


 

ضحايا وقتلي أم أبطال و شهداء؟

 

« يعيش جيدا أولئك الذين يشتغلون بالمكتبات و بالمقابر » (جون لوك غودار)

 

تخلّف كل الأحداث التارخية الكبرى و الصغرى- و الأحداث الصديقة على وزن النيران الصديقة وطنيا و دوليا- و بكل التفاصيل التي تحدثها تأسيسا أو تخريبا، ضحايا و قتلى و أبطالا و شهداء. غير أن هذه الأحداث لا تحدث خارج سياقات تاريخية محددة تجعل من هذه الأخيرة ما به تكون بالمعنى الدقيق و الصارم للكلمة  تجعلنا نفرق بين الحدث الحادث الذي يقلب وضعا أو يقيمه أو يغير فيه بمقدار ما كثيف أو ضحل و مجرد الوقائع غير الحدثية و غير الكينونية، لا الواقعة. وبناء على ذلك فليس من المتاح طوال الوقت إستيضاح و إستبصار العناصر الفارقة التي تجعلنا نحكم على الشيء أي ننظر فيه و نتبينه أو، بأي أقل قدر ممكن من الكلمات: نفصله و نفصِّله دون إدعاء حسمه، ننفذ إليه على أنه تساؤل حقيقي يواجه العقل و المخيلة و الإدراك و أزمة لا مفك من مجابهتها بسلاح العقل وحده و على النحو الذي لا يجعله منحطا أو مأجورا مهزوزا أو مسخَّرا مستشرى..

و من أجل ذلك لنا و علينا أن نفهم حتى لا نكون مجرد ضحايا فكرة و خطاب الأقوى أو صاحب الحكم أو المصلحة و حتى نتمكن من مكافحة نظام كامل من التعمية و التلقين و المغالطة و الترويع الذي قد يتجاوز أفق المعتقد و الشك و المنتظر و قد يدفع بالغوغائيين و محتقري البشر إلى مسرحة و فلمنة و برمحة أي شيء يريدون له أن يحل محل الحدث و لو كلفهم ذلك آلاف الأرواح و بعض المليارات. لأنه ليس ثمة شك بأن الهدف أرفع و أنبل وهو مواراة و مواربة و لف و دفن ما يسمى بالمواطنين و ما يسمي بالجماهير مرة و إلى الأبد أو لفترة زمنية طويلة الأمد و غير معلومة النهاية.

و إلى جانب ذلك لنا أكثر مّما علينا الاقتدار على التمييز النزيه عقليا بين حيل و خدع و سخرية و إبتسامات و أشباح التاريخ من ناحية أولى و بين فلسفة و « علم » التاريخ من ناحية ثانية. و أما إذا ما رمنا و قصدنا إلى ذلك توجب، لأمر يخص كرامة العقل العام و المشترك و الجماعي، فإنه يلزمنا لامحالة فك إرتباط جذري مع كل مسوغات و مفاعيل الممارسات الخطابية التكهنية و كذا التوقعية المترصدة أو ردود فعل العرافة التي خدعت بكون عاهرات أثينا المحيطات بها أصنام متشابهات تجاوزن سن الخمسين فلا مجال معهن لأي هوى عقلي و لأي إمكانية أن تكن عذارى أو تصلحن للحب العذري أو الزواج و الإنجاب.

فإذا ما إلتزمنا بذلك جوزنا لأنفسنا القول بأن حدود الأشياء هي المداخل و المخارج من الفهم و التحليل و إليهما قبل التأويل و الإستشراف في شكله الأمني الوقائي الإستباقي و قبل تجنيد العقول و قطف الرؤوس في ذهنية الدرويشة أو الدجالة أو المشعوذة التي ترعب أو تبهج حسب هواها و شهواتها المشبوهة و حسب طريقة القصص و إمكانيات الراوي عديم الاسم الخاص و المستقل و طبعا حسب هامش الحرية أو التوظيف و مقدار ما يدفع لها.

نحن إذا بمكابدة شقي سؤال يرتسمان لنا قلبه من طريق دموية. فأما الشق الأول فهو في مدي التقليص من درجة الخلط و الترجرج و التلطيخ العالق بتصورنا عن هؤلاء الذين قتلوا بشكل من الأشكال و أولئك الذين ماتوا بمعنى من المعاني و بضرب من الاختيار لأنهم بالأحرى قتلوا و لكن ماتوا أو قتلوا قبل أن يموتوا أو قتلوا وهم يموتون. و أما الثاني فهو عن صيرورة الترفيع من درجة الرغبية في نحت كيان مواطني مسؤول و كريم و منه كيان أوسع و أشد تماسك هو مشترك إلتقاء هذه الجماهير من كل نوع و جنس. أما وقد إرتسم طرفا السؤال هكذا فإن ما في القلب هو ما يلى: كيف يصدق من رأى حتفه قتلا و موتا و لو لمرة واحدة؟ كيف يصدق المرء ما لا يكاد حتى يتخيل و قد رآه بالفعل، بل أكثر من ذلك مسه ولامس الذي ما إذا لمس مات أو متَّ أو قتلتما معا؟ كيف هذا وقد رأى بعينيه ما لا يمكن أن يرى أبشع منه، نعم رآه و لم يتب عن هواه. أغوته فإستكبر على نفسه و قال تابعي يا عين طريقك نحو العماء بنظرات ثابتة و ثاقبة و إسبحي في الدماء و إن تعبت فإنزعي أي عين وواصلي فعيوننا دونك لا ترى و الطريق دونك ظلام في ضياع في ظلال؟ و بدلا عن كل هذا الإرهاق لنقل ما هي وسائلنا لتصديق الحقيقة الأدنى و الأقل من الحقائق التي إخترقتنا و أخترقنا؟

نحن، إذا ما تحسسنا حينا بعد حين، من نحن تعودنا كثيرا على الموت إلى لم نعد نموت. بتنا نقتل و حسب و بطرق فيها غير المعهود ولا طبيعة فيها. لم نعد نموت لأن الموت مقدس سواء كان إختيارا ينبع من اللاهوت أو من السياسة، من المجتمع أو من العلم من الرأس و القلب و الجسد لا من خارجنا. و لما كنا عهدنا أن بعضنا يموت و أصبح موته تافها و مبتذلا صار ضحية نفسه حتى إذا إختار لأنه لا يقتدر على الافلات من التوظيف و العدمية و الاجترار دونما غاية ولا نتيجة. يعنى سيزيف يموت و ينهض فهو سيزيف مضاد فمن ذا الذي يقنع بمثل هذا الأمر فإن زاد تساوى الضحية و القتيل و أحيانا الضحية القاتل كالقتيل أو القتيل سيان بشكل لا فرق نوعي فيه فلربما تغيير سروج لا أقل ولا أكثر و قل وقتها ما شئت أو كن ما تريد بعد ذلك إذا بقيت حيا يا بطل، يا شهيد، يا نصف- نصف… لا يهم لن أتمادى لأني مستعد لأن أضفي عليك أي شيء حتي تواصل فتسيرفتسأل فتموت إذا كنت مجرد مقتول و تحيا بطلا أو شهيدا إذا كنت مت بنفسك و لنفسك أو لغيرك أو بغير يديك لنفسك و لغيرك أو لا لأحد و لا لشيء.

يحدد كل من البطل و الشهيد بمرجعيتين اثنتين على ما نعلم وهما المرجعية التاريخية السياسية و المرجعية الدينية التي تخص كل الديانات. على أن الاثنتين تجمعان حولهما مجموعة من الألقاب و التسميات المتعلقة أساسا بالإستعمال الايديولوجي العام وهي سمته الأساسية بإعتبار أن الايديولوجيا تبدأ من التسمية. و أما هذه الألقاب أو الأوصاف أو النعوت فهي كذلك الفدائي و الانتحاري و الكاميكاز و المجاهد… و بالإمكان عندئذ الحديث عن الشهيد بالمعنيين العقدي و غير العقدي، المتدين و العلماني. بقي إذا أن نشير أن عبارة المقاومة هي الأكثر حميمية و قرابة و استعمالا في هذا المجال بالذات، علاوة على أن سمتها الرئيسية هي الدفاع عن الأرض و الوطن و الشعب و الدين و الأمة و الملة و الحزب و الرابطة و الدولة…  وأما الشكل الأساسي الذي سنعود عليه بإيجاز هو النظر إليها من زاوية السلبية. بينما يحدد مفهوم البطل الذي نعرفه هو الآخر بمرجعيتين و قد اكتسبتا طابعا أكثر عملية و أكثر واقعية لكن ذلك –لنقل ذلك منذ الآن- لا يجعله أكثر رفعة و صلابة من الشهيد، إلا أن له إرتباطا بسياقات أكثر فعلية من زاوية نظر أصول فلسفة البطولة و البطولية. مما يجعله أيضا يحدد بدوره إما في سياق تاريخي و سياسي محدد و إما في سياق أدبي بشكل عام بما في ذلك الأبعاد الرمزية و الأسطورية و الدينية. و تحيط بهذا اللقب تسميات مثل الثائر و الثوري و المكافح و المناضل… و عادة ما ترتبط هذه المسميات و الدوال بسياق يتم الحديث فيه عن الثورة و الحرب الثورية و مسمياتهما الأخرى و بسياقات قد تلتصق بالدين و قد لا تلتصق به و تحت نفس الدوافع أي الأمة و الشعب و الوطن و ما إلى ذلك من الكلمات الحُرُم.

إلا أن ثلاثة موضوعات، حسب تقديري، تحسم بعض الفروق الجوهرية. وهي على التوالي: العدو/الصديق، النصر/الهزيمة، الحقيقة/المصلحة.

لنتناول مثلا مسألة ما يجري اليوم بين فتح و حماس لنقول به أن هذه المعادلات الثلاثة لم تعد بدورها كافية للولوج إلى الحقيقة بذاتها و تمييزها عن المغالطة. ذلك أن كلا الميكانيزمين مهما كان شكل ودور و مقدار التناقض بينهما، نفذا إلى بعضهما البعض بل أصبحا يشرِّطان بعضهما مرة و يبيدان بعضهما أخرى.

و بالتالي تشارف هذه الموضوعة (حقيقة/مصلحة) على الاستنفاذ. و علي الاختصار، تتداخل أسباب ووسائل التصديق و التكذيب بشكل مفرط الالتباس بحيث يصبح من الضروري تبرير كل شيء إحقاقا و تحقيقا و استحقاقا أو تخطيئا و تكذيبا و تجريما… و بالنتيجة فإن الفصل بين العدو و الصديق أصبح يخضع لأشياء أخرى مخالفة تماما للمعهود. فنحن أنسنَّا العدو، طبَّعنا معه، ضاجعناه و تعرفنا على جسده بعدما ضاجعنا هو الآخر و فتك برغبتنا في كل شيء ما عدا جسده هو و لكن بأي مقابل؟ بلا مقابل، مجانا، لأننا لا انتصرنا ولا انهزمنا. بل أن الهزيمة قارة فهي الثابت الوحيد و أما النصر فهو مسألة وهم شقي و تعيس وهي في الأخير، لا مبالاة بالحقيقة، حقيقة الضحايا و القتلى. كما البطل لامبالاة و استخفاف بموت الشهيد و الاثنين تهاون و إعراض عن الضحايا و القتلى. الهزيمة ثابتة، في مكانها و زمانها بل إنها تصلح لكل زمان و مكان كالأسرى و المعتقلين لكنهم أسوأ حالا فهم أبطال دون بطولة وهم معلقون كالنصر و الهزيمة. إنهم لا يموتون و لا يقتلون ماديا و أما معنويا فهم أبطال وشهداء لأنهم يموتون أكثر، أو أقل من الضحايا و القتلى و لكن، لا ننسي، معنويا و ماديا بالمعاني البيولوجية و ما شابهها. و للأسف لا يستطيعون حتي أن يكونوا ضحايا و قتلي. و في نهاية التحليل، يأتي أحدهم فيقول المعركة فوق كل اعتبار و مع ذلك لا يتغير شيء. النصر آت و لا ريب فيه، نفسه، الهزيمة اعتراف، لا، نعترف بالهزيمة فنحن انهزمنا أو هزمنا و هزمنا أنفسنا بأنفسنا،لا، الهزيمة حق كالموت و القتل. و أما على الحقيقة، فحقيق بنا أن نستشهد بعيدا عن النصر و الهزيمة و العدو و الصديق و الحقيقة و المصلحة. أو من أجل الله و من أجل الشعب و من أجل مصلحة الناس و الأمة جمعاء أي ضد الهزيمة و العدو و لا أدري، ضد الحقيقة أم ضد المصلحة.

و في مطلق الأحوال، أكتفي إراديا بهذا القدر مما تيسر من الأسئلة التي أفلتت في صورة غير استفهامية، و أوجز الأمر هكذا: القتلى و الضحايا قتلى و ضحايا. و أما الشهداء و الأبطال فبصراحة، الأمر معقد أكثر مما نظن. العدو إنتصر/الهزيمة انتصرت/المصلحة انتصرت أو: العدو مصلحة/الهزيمة مصلحة/ و الحقيقة مصلحة. أو: العدو صديق/الهزيمة صداقة محضة/المصلحة صديق حميم.

لكن لحظة، كان و مازال يمكن أن نعتمد بدلا عن الخطة مائة و عن التدبير تدابير أخرى مثل الحرب/السلم، الاستسلام/الصراع، الاستعمار/الاستقلال، الموت/الحياة، القوة/ الضعف… و هكذا بلا نهاية. و لكن، صدقوني، رغم شدة استهلاكيتها، ليست هذه هي المشكلة.

فلنطرح على أنفسنا الأسئلة غير المعلبة و المجهزة و لنجب بغير الجاهز. أو، ما رأيكم لو نغير فقط علاقة العلم بالسلطة بما في ذلك سلطة صاحب العلم نفسه. و لنتكلم قليلا عما نفكر به وهو لازال بدمه و ترابه و حبل ولادته، جنبونا يرحم الله أمهاتكم أكثر قدر ممكن من الكذب و في كل شيء و سموا ذلك التحررية العلمية أو ما شئتم. المهم أن لا يكون ذلك بإسم كل أنواع الأكاديميات التي كرست نفسها طوال الوقت و عرضت نفسها عرض حيطانها لكل أنواع الاستغلال و الاستعباد و ما ينجر عن ذلك كله.

لن أتكلم عن صدام حسين، فأنا أظن أنني تحدثت عنه قبل قليل أي في وريد الكلام. فماذا سنقول إذا بين الفوهتين الأصغرين حماس و فتح داخل الفوهة الاسرائيلية الأكبر.

بين فتح وحماس

–   لا سلطة و لا شعب و لافصائل أخرى.

–   لا ديمقراطية ولا وطن و لا قوم في ظل الاحتلال الشامل.

بينت العشرية الأخيرة، بدرجة عالية من الوضوح أن كل البلدان العربية لازالت ترزح إما تحت الاستعمار المباشر و إما غير المباشر. فلا هي في وضع ثوري تحرري يمكن من بناء الأوطان و لاهي في وضع ما بعد استعماري يتسنى فيه بناء الجمهوريات و من ثمة يهيء أوضاعا ديمقراطية.

و في هذا الإطار نود أن نقدم ملاحظتين برقيتين تتعلقان بتشخيص الوضع السياسي العام و استحقاقاته المبدئية و البدئية.

1-  لا يمكن للأنظمة المعولمة طوعا أو غصبا أو الأنظمة الرأسمالية الفاسدة أن تحل أزماتها اعتمادا على فرضية الديمقراطية الليبرالية الغربية و إنما على أساس المقاومة المدنية السلمية بالعصيان  على اعتبار أنها لا تفعل على الاختصار سوى تدمير كل أشكال حياة الجماهير في مختلف مستوياتها. فلا حلول ديمقراطية في أنظمة دكتاتورية لأن الأولى رضيعة الثانية أي أن تغيير هذه الأنظمة لا يكون إلا بما يمكن أن نسميه قوة الجماهير في وضع ما بعد استعماري و ما بعد جمهوري و ما بعد ديمقراطي و بعبارات أوضح لا يمكن أن نتمادى في وهم اعتناق الديمقراطية بكل أشكالها التمثيلية أو المشاركة او الشعبية أوالطبيعية او الالكترونية او المباشرة إلخ… دونما مسوغات و مفاعيل تتشكل ضمن سياق جمهوري وتحرري. يبدو أنه من الممكن الاعتماد على خيارات اقتصادية و سياسية و اجتماعية عامة على قاعدة مقاومة مواطنية بناءة و سلمية أي استنادا إلى برامج يشارك المواطنون في صياغتها صلب مؤسسات أو هياكل أو مجالس تشريعية مواطنية لا يتم فيها التصويت إلا عبر وسائل متطورة تفترض أقصى حد ممكن من السرية و الحيادية و بأدنى قدر ممكن من التوجيه و اللوبينغ و الماركتينغ و البورنوغرافيا السياسية (يمكننا العودة لاحقا لهذا الأمر لتوضيحه شكلا في مستوى التصور على الأقل).

2-   و أما الأنظمة المحتلة و المستعمرة و التي لا يمكن لها أصلا أن تتشدق بكلمات مثل سلطة و شعب و دولة و سيادة فهي في وضع لا حل ثاني فيه. أي سلطة الجماهير المقاومة مدنيا و سياسيا –دبلوماسيا- و انتفاضيا و عسكريا إذا ما استطاعت إلى ذلك سبيلا (العراق – فلسطين – لبنان…). غير أنه لا يمكن لأمر كهذا أن يحصل و أن يكون بمنأى عن مجرد الفوضى اللاسياسية إلا بتصور جمهوري ما بعد ديمقراطي أي وحدة برنامج سياسي عام يهم كل جزئيات الشأن العام وهو ما يعني بعبارات أوضح إما الاشتراك في هيئة قيادة عامة وطنية و مؤقتة و إما اشتراكية مقاومة بالتوافق  عبر الاستفتاء على برامج لا غير.

و بناء على ذلك كله لا توجد امكانية تحالف إلا مع جماهير و هيئات و منظمات… متحررة من سلطة رأس المال و الدين و السلاح و الاعلام. و إما العزف على آلات الوطن و السيادة و الأرض و الشعب عزفا عالميا خطيرا قد نربح فيه كل شيء و قد نخسر فيه كل شيء و بالخصوص نسيان تاريخ التيولوجيا السياسية بما فيه من وهم و دم.

 

استخلاصات:

 

يبدو أنه من الوجاهة بمكان أن لا نفهم الدكتاتورية و الديمقراطية إلا مع الاستعمار، لو شئنا أن نتكلم مثل المتنبي

–   ليس علينا أن نضفي معانيا و قيما على أشياء لا قيمة لها خاصة إذا كانت لا تخدم الحضارة و العلم الحر في شيء./

–   الاستثناء الوحيد الذي ظل استثناء على العموم و على الدوام هو الاستثناء الفلسطيني. /

–   يمكن أن نأخذ مكان الضحية و لكن هذا لا يكفي لكي نجعل منها بطلا أو شهيدا./

–   ليس علينا أن نواصل دفن المستقبل في الماضي./

–   من العبث أن نؤبد وهم الشعب الواحد و الموحد لسببين إثنين. أولا، لا يمكن من وجهة نظر الدكتاتورية حكم الطوائف و المذاهب إلا بالدكتاتورية.و هذه حجة تافهة و تبرير كسول. و ثانيا أنه لم يوجد شعب واحد وحيد، موحد و أوحد بالأغلبية إلا في ظل الاستعمار و لكن تغير الأمر الآن لأن المستعمر المُأرهِب و الترُّوقراطي أصبح أكثر مهارة في العزف على التقسيم إلى أراض و مناطق و أقاليم و أوطان و طوائف و أعراق… يعاضده في ذلك هؤلاء أنفسهم و ما خلفته الدكتاتورية و الديمقراطية و الكراتوديموسية من لا وعي حرية و لا وعي سلطة و لاوعي شعب. و على ذلك، لا أمل في عرق صاف أو ملة هادية مطاعة أو أمة جامعة أو رابطة شارعة و شرعية. و عليه، و بعيدا عن ايديولوجيا الاقناع، نقنع مؤقتا بالنفس العقلي التالي:

·   الحق في المقاومة من وجهة نظر تحريرية

·   المقاومة حق و فعل و أمر واقع لكنها ليست ذات قدر واحد بمقدس واحد و بمطلق أوحد ثم أن هذا الأمر الواقع ليس واقعا واحدا.

·   /إن الاستقلالية و تقرير المصير الواحد يمكن أن يؤسس على وحدة الجماهير على اختلافها و تنوعها ضد الاحتلال و ليس ذلك بكلمات مثل مصالحة و تنازل ووفاق و ما إلى ذلك بغض النظر عن باقي مجريات الدمار .

·   /الصمود أمام دكتاتورية الحرب و ديمقراطية العمالة و الفساد و كراتوديموسية الشعوذة الدينية السياسية للقضاء على الدكتاتورية و الاستعمار بضربة واحدة. و لكن كيف الآن؟

·   /بفرض جيريسقراطيةjuriscratie أي سلطة حقوق و التخلص من قوة القانون المحلية و الدولية التي تطال في الأدنى صغريات كل هذه الأشياء المشار إليها أعلاه وهي التي تفسر النظام التروُّقراطي المعولم (أي سلطة الارهاب المعممة) و إحدى هذه الصغريات miss السودان غير البالغة أصلا و ذلك من عدم بلوغ هذا النظام العالمي و تلك « الدول »بما في ذلك النحن كاملة. و لكن كيف برحمة والدك، قال صديق؟

·   /جمهورية جماهير أو جيريسبوبليكا jurispublica   إنتقالية أي جمهورية الحقوق العامة كشأن جمهوري للجماهير دونما أي استضعاف و أي استنقاص. لربما، و لكن صعب جدا.

·        /بلى، و لكن ثمة مجرد فكرة، لا بل ثمة تقدم ما في تفكيرها و انجازها على تشتته و تباعده وبشكل عالمي.

·   /قلت أو تقولت. حتى أصارع انعدام العقل أو الحرمان من العقل وعدمية التفكير أصلا./

·   لا إسم للعقل الآن سوى الريبية و اللاأدرية العظيمتين من ناحية و الظلامية و التمامية integrisme و الأصولية و السلفية الاستخلافية و الجهادية التكفيرية و الحاكمية gouvernementalité و كلها خسيسة لأنها اختزال و تحكم في عقول الناس./

·   لا بإسم ماذا و لا بإسم أي عقل، بإسمي المشترك الخاص./

·   عملا على كل أنواع العصيان المدني و السياسي و العصيان الاجتماعي البيوسياسي و العصيان الاقتصادي الاستهلاكي الزووسياسيzoopolitique المتوحش.

 

صلاح الداودي

استاذ مبرز في الفلسفة

 تونس في 24 جانفي 2007

 


 

اليوم السادس من الاضراب

حسين المحمدي تونس تبيانا للكذب بعيون مفتوحة وللانهيار على كل المستويات والتي من أسبابه ان صارت بلادنا تربة كبيرة وواسعة للإرهاب.وتكيرا للعالم بمصائب من يحكمنا ومن يكذب ورجال من هنا وهناك يأتون لترويج كذب من يحكمنا. نضع من جديد امامهم هذا…ونقول لهم الاضراب في يومه السادس..خاصة وانه منذ أسبوع واحد عقد بنعلي ما يقال عنه مجلسا وزاريا لمناقشة الخطوط العريضة للمخططالحادي عشر بعقول وذهنيات كل المخططات السابقة؟

الميزانيات عنوان سياسات وخيارات واختيارات

الميزانيةمرآةعاكسةلذهنيةمن يحكم ومن يعارض.ومن يحمي.الميزانيةفي تونس يعدّهااليوم سنة2006  من اعدّميزانيةسنوات بدايةالثمانينات وتحديدا1987واكثرمخطط87/91.وهم ذاتهم من يتحدث عن المخطط الحادي عشر؟ الميزانيةتبني عليهاالهيئات المالية.وتبرزالنجاح من عدمه في تطبيق البرامج والخياراتالمعلنةمنذ1987اعتباراوانّ الإسلام يجب ماقبله؟وعلى وجه الخصوص برنامجي بنعلي 99/2004و2004/2009.والبرنامج القادم2009 – 2014 …والماكينة تحركت لتكذب وهناك من ياتي ليستر كذبها.بل تصريفه بمثابة الحكمة.

الميزانيةتدليل على طبيعةونوعيةالنظام ورجالاته المدلّلين والمختارين بالتنصيص والتخصيص والذّهن وعلى نوعيةالقوانين والساهرين على تنفيذها.

الهيئات الدوليةعلى غرارالبنك الدولي وصندوق النقدالدولي(الذي زارنااحدرجاله منذايام فقط) ومنتدى دافوس والجامعات التي تمنح شهادات الدكتوراه الفخريةوالرئيس الفرنسي عندحديثه عن المعجزة.فهورئيس دولةلا ينطق من فراغ وسفارته بتونس قدتكون مدته بذلك؟وغيرهامن الهيئات الأمميةوالإقليميةوالدوليةفي المجالات السياسيةوالأمنيةوالاقتصاديةوالتضامنية… تقريباكلهامنحت وتمنح صكوك الغفران والتميّزوالامتياز..وآخرمااستشهدبه في هذاالمجال الصحفي عبدالرؤوف المقدمي عبرركن بالمناسبةالصفحة13من الشروق التونسيةليوم6 ديسمبر 2005 حيث كتب بعنوان..تونس..تاريخ إنسان..نوّه فيه وذكّرنانحن الحفنة بماقاله منتدى دافوس حول حلول تونس في المرتبةالرابعةمن  ضمن 117 دولةبخصوص الدول الأكثرنجاحا؟في تخفيض نسبةالفقر؟..(الشروق التونسيةكتبت صحبةالصريح عن اغتيال بييرالجميل بكونه مؤامرةمن جهة ومن تنفيذ جعجع من جهة اخرى…بما معنها امريكا واسرائيل؟التاريخ25  25نوفمبر2006.واستشهدت بهذه العبقريةالصحف السوريةوالفضائية السورية…من هنا صحف التدمير تدمّر ومن هناك سلطةالعجزعبرمسئوليهاتمدّالجسور..لناحريةصحافة..نعم.لكن بمال الدولةوعين الرقيب وقلم الرقيب وحماية الرقيب من كل عقاب.محرّم على أي وسيلةإعلاميةعربيةأوغيرذلك أن تنشر مقالاواحداحول الكذب أوأن تعرّف بأيةشخصيةكانت.تونس بهافريق يكذب ويقتل.وكفى.) منتدى دافوس هذاكغيره من المنتديات والمراكزيعمل بأرقام ومؤشرات ومعطيات ووثائق تصله بمليون طريقة ووسيلة..وهي كلهامن إنتاج رجال النظام وتصريفهم وتوزيعهم..وفي أفضل الحالات من إنتاج معارض من هناومن هناك ولكن بتسريب من النظام. نقول اليوم لهؤلاء جميعااخطاتم في حق تونس.وغيرهامن الدول.ومعارضتناأتعس معارضة في العالم.فهي خلقت لتكون ضدبعضهاوضدالحريةوالشفافية.وضدشيء وليس من اجل شيء.

أرقام ميزانية2006 …وميزانية2007 تركنها لعمل لاحق.

-رئاسةالجمهورية162091مليون دينارا(وعلى الأقل مائةاخرى من التبرعات الشهريةومن العموم) -مجلس النواب والمستشارين 19932مليون دينارا -الخارجية91109مليون دينارا -التعاون الدولي124035مليون دينارا -الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب38150مليون دينارا؟ -الاتصالات 75925مليون دينارا؟ -وزارة العدل174005مليوندينارا -وزارة الشؤون الدينية38244مليون دينارا

وزارات التنمية الاقتصادية

-الفلاحة705216مليون دينارا -الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة636263 مليون دينارا. -التجهيز492649مليون دينار -النقل244242مليون دينارا -السياحة11565مليون دينارا -البيئة142207مليون دينارا -الصناعات التقليدية والتجارة312477مليون دينارا الجملة2644619مليون دينارا التنمية الاجتماعية -التربية والتعليم والتكوين22311574مليون دينارا -التعليم العالي714757مليون دينارا -الصحة713783مليون دينارا -الرياضة198567مليون دينارا -شؤون اجتماعية171781مليون دينارا -ثقافة115926مليوندينارا–بحث علمي102507مليوندينارا -تكوين وتشغيل58040مليون دينارا -المراة41214مليوندينار

تفصيلات صغيرةجدالهذه الميزانية رئاسةالجمهورية

     162091مليون دينارا.وتقريبامثلهم من التبرعات سنويالى الأقل.لنقل أن لها10مستشارين يتقاضى كل واحد  منهم10الاف ديناراشهريا؟(مرتب مع كل مايلزم..تكاليف مقر..هاتف.. ماء..كهرباء..سيارات وتكاليف إصلاحها وصيانتها وسائقين…) يكون في السنة10ضارب10ضارب12=مليون و200الف دينارا.وهناك 1500موظفا؟معدل الرتب الواحد700دينارا؟يكون المجموع12مليون و600الف دينارا.ولرئيس الدولةمليار؟و5مليون دينارللصيانة والتنقلات؟و30ل2626 و80ل2121دون مساهمةالخواص والتبرعات والوزارات والهيئات؟تكون المصاريف في حدود132مليون دينارا؟بقي30مليون دينار..هبات ومساعدات وسيارات لمعاقين وغيرهم.. وزارة الداخلية 817805.إذاكان منها70في المائةللتصرف فقط يكون المبلغ572463مليون دينارا.إذاكان للوزارة5الاف  ضابطا ساميايتقاضى كل واحد900دينارا؟يكون المجموع54مليارا.ولهابالمثل أطارامشتركامعدل الاجر600دينارايكون المجموع 36مليارا.وإذاكان للوزارةأعواناوموظفين عاديين لهم معدل اجر400دينارايكون  المجموع 72 مليارا والولاة والمعتمدين والمعتمدين الأول والكتاب العامين وديوان الوزيروكاتبي الدولة5مليارات؟(غادرواحدمنذمدة) نجد167ملياراومعهم 250ملياراللسيارات والنقل؟يبقى الكثير؟والوزارةخرجت منهاالسجون حوالي الثلث مماكان يكبلها.وعندماقدمت الأرقام وعددالإطارات والأعوان تعامل جنابي معهاوكأنّ السجون لا تزال ملحقةبها؟اترك ما تبقى لغيري..ونضيف على هذا ما يتقاضاه رجال الوزارة في السفارات…

وزارة التعاون الدولي

124ملياراللتصرف فقط.وهي عملهاتنسيقي بحت وخرجت من تحت وزارة الخارجية وصارت تفوقهاحجما؟والحال أن عملهاتؤديه كل الوزارات الأخرى ووكالة الاتصال الخارجي.وهي في أفضل الوجوه لاتكون أكثرمن مصلحة صلب وزارة الخارجية. وهكذاالحال عمومافي خصوص التنميةالصناعيةالتي رصدت لهاالميزانية2650مليون دينارا والحال أن رجال الصناعةمكبلين بمايفوق هذاالرقم ثلاث مرات على الأقل؟وتقريباالمستثمر في الصناعةهوعينه في  الفلاحة والسياحةوالتجارةوالمقاولات؟من أين تنموالميزانيات سنويا؟ العلاقات مع مجلس النواب لها38ملياراولهاالوزارةالوليد؟وإعلامناأتعس إعلام في الكون؟ وتشارك كل الوزارات والمؤسسات في مجهودهذه الوزارة… وزارة البيئة 142مليارا؟وعلى رأسهاشخصاأزاحه الرئيس قبيل حملته الانتخابيةلمارس1994 من شركة النهوض بالمساكن الاجتماعيةاثر تفقده بعض بناياتها؟يرجى الرجوع إلى قرار تنحيته قبيل مارس2004وما كتبت الصحف التونسية.. السياحةحدث ولاحرج وبالمثل الثقافةلوحدها115مليارا؟ونتحدث عن المجتمع المدني والمهرجانات؟أماكن التدخل معلومة وليذهب هذا للزيارة… وزارةتكنولوجياالاتصالات  76مليارا؟لماذا؟ولماذاأصلاوزارة؟والمراةوالتشغيل وأملاك الدولةوالبيئة و..عناوين لمصالح ضمن وزارات لاغير؟ليذهب أي كان إلى هذه الميزانيات ويحاول التعرف على المنجزات مكاناوأشخاصاونوعيةوذلك على الميدان…شخصيااعرف هذا..

وزارة الفلاحة….ماأدراك ماالفلاحةومارصدلهذاوذاك من منافع ومنح وامتيازات؟

على فكرة هذه الوزارة تطوّع وزيرها بشاحنة لرجال المصالح المختصة في بنعروس لملاحقتي يمكن الرجوع إلى تونس نيوز بتواريخ16و17و18و19جانفي2006.وميزانية الوزارة بلغت هذه المرة؟ 705216مليون دينارا.البحيرات الجبليةمعلومةمنذبدايةالعمل بها.وبالمثل السدودفهي ثابتةلا تتنقّل ولا تنقل.ولا  تضيع.الدولة تخلت عن أداء دورالفلاح.وعن جل الأراضي الدولية وضيعاتها. إذاأخذناالميزانيةووزعناهاعلى الولايات نجد نصيب كل ولاية30ملياراوتكررهذامنذسنوات.لنقل منذ18سنةفقط.نحن جنةعلى وجه الأرض.والحال أن ثمن الحليب يتجاوزثمن اللترفي سويسرا؟ واللحم بالمثل؟وزيت الزيتون؟وتقريباباقي الخضروالغلال؟مليارات تصرف عندتوزيع الميزانية وأسعار من نارعندالإنتاج؟السمك نارعلى نار؟البيض والدجاج؟بل جل المنتفعين بالقروض لا يرجعونها.بل من خطاب لآخر يسقط الرئيس بنعلي ديونا رهيبة عن الفلاحين؟ونعيد الكرة؟ أموال كبيرة ترصد وأرقام مفزعة والخدمات بعيدة عن أن ترضي المواطن خدمة وحاجة ومرتبا؟وعندما كنت معتمدا بالفحص.وهنا كان يوجدالكثير من المنتفعين بالاراضي الدوليةوبالقروض الرهيبة أي بمنح تتجاوز عشرات المليارات .منح فقط..والحواشي وحدهم ينجزون ويتمتعون بالمنح…ولا يرجعون القروض؟وحديث عن تنمية ونسب تتحقق وفقر يغيب ومواطن شغل جديدة؟ حاولت متابعةالموضوع عن قرب وطلبت الإطلاع على كراسات الشروط التي منحت على أساسها الأرض والقروض وما تم الاتفاق على إنجازه بشرياوتنمويا…هاجت الدنيا…وغادرت الفحص…(عائدإلى هذاوغيره)..نفس الأمرحصل عندما حاولت الاضطلاع على كراس الشروط التي على أساسهاتنجزالبناءات وتمنح الإعفاءات والامتيازات..وهي رهيبة لمن لا يعلم…المقاول عالميا وبالمواصفات الجيدة يربح 30في المائة من ثمن شقة؟…كراس الشروط لمن ينجزالطرقات…هذه محرّمة…نوعيةالإسفلت وسمكه والحواشي.. هناصرت مجرما…في بنعروس ذات الأمر عندما تحدثت عن التلوث وعن المناطق الصناعية والمساكن القصديرية ومساكن الأكواخ..وهذه سنراها بالوثائق…وكم من مرة دفعت المجموعة الوطنية من اجلها المال؟ومن هم المنتفعون؟ وهناك من المعارضة من يقول لماذا خرج اليوم؟وماذا يريد؟من اجل هذا نضرب عن الطعام. التنمية الاقتصادية مارصدلهابلغ 2650 مليون دينارا.كل تونسي ينتفع على 265دينارا.وهذاغيرمتوفرعندالنظرإلى الأعدادالهائلة من العاطلين عن العمل والأرقام الهائلة من العاملين والذين لا يتحصلون على هذا المبلغ؟بل عقودالمناولة صارت طاغية جدا.الأغرب أكثرزيادة في حجم الوزارات الاقتصادية من سنة لأخرى وهو ما يعني منحا كبيرة لرجال مال وأعمال ولكن كل هؤلاء مكبلين بالديون؟وحديث عن مؤسسات جديدة وتشغيل؟وادخار؟ وإعادة توظيف الادخار؟رجال يبتلعون المال المرصود ضمن الميزانيات مقابل ماذا؟ وشهادات من دافوس؟والبنك الدولي؟وغيرها من الهيئات المالية؟بل الرئيس الفرنسي وصف هذا بالمعجزة؟ العلاقات مع مجلس النواب؟الحرية والإعلام؟والخبر الصحيح رصد لها 38150مليون دينارالماذا؟لصحافة هي الاتعس والأشنع عربيا.الرقم يشير إلى حجم الهدايا والعطايا وليس الدعم للفكر والقلم الحر.وزارة بذات منذ اشهر وانطلقت بميزانية ضخمة جدا ولا يمكن أن تكون الوزارة عينها أكثر من مصلحة ضمن الوزارة الأولى؟وهذه الميزانية زهيدة لان كل الوزارات تشترك هنا في إسكات هذا وذاك.المسئولية تضامنية.

ربما الميزانيات الأكثر غرابة التربية والتعليم العالي والصحة.

التربية والتكوين2231مليارا؟ منذسنوات بفضل التنظيم العائلي اتجه البناء الهرمي للسكان في تونس صعودا.ارتفع عددالتلاميذبالجامعات وقل بالمدارس والمعاهد.وهذا غير صحيح وهو ما يطرح تساؤلات وتساؤلات…معدل التلاميذ بالقسم الواحد لا يقل عن 36؟وجداول الأوقات مكتظة إلى ابعد مجال..ودون علم كبير هنا…الاحداثات غير موجودة كما يتم الحديث عنها؟أو التنظيم العائلي أرقامه غير صحيحة؟أو انتدابات الأساتذة غير صحيحة؟ترفيع في الأجور نعم مقابل جداول مكتضة ؟وتلميذ تائه.وحديث عن مدرسة الغد مثلما هو حال جمهورية الغد.الصيانةوالتعهدوتطويرالمخابر.أمورها متواضعة جدا.وهذا كله العين المجردة تراه. عفوافي مفتتح السنةالدراسيةالحاليةاخذواالرئيس بنعلي إلى معهد من معاهد ولاية أريانة ورأينا الإعلامية و…. اسألوا أساتذة تونس عن ظروف تدريسهم؟عن الكراسي؟الطاولات؟الصبورة؟الطباشير؟أوراق الطباعة للامتحانات؟… لنافي تونس 24ولاية ولنقل أن نصيب كل ولاية من الصيانة في المعدل 5مليون ديناريكون لولايات تونس واريانة وبنعروس ونابل وبنزرت والقيروان وصفاقس والقصرين وسوسة تحديدا6مرات مايخصص لغيرهامن الولايات.45مليارا لكل ولاية من هؤلاء سنويا صيانة واحداثات فقط وهومايعني منذ18سنة آلاف المليارات ومدارس ومعاهد لمائة و60مليونا ساكنا؟ 9ولايات ضارب 45مليارا=405 من المليارات؟و15ولاية ضارب5مليارات=75ملياراليصبح هذاالرقم ضارب ثلاثة=225+78ضارب3=1449مليارا.هذايعني سنويا600معهداثانوياكلفةالواحد2مليارا؟وهذه الكلفة مرتفعة.ثم لنقارن بين المعاهد التي تم تشييدها منذ 1988وما سبقها؟ومع ما أنجز في الستينات؟معهد منزل تميم مثلا..فارق كبير=1200 ملياراو ألف مدرسةابتدائيةعلى الأقل كلفة الواحدة100الف دينارا(10قاعات بكل مدرسة مع تجهيزات حديثة). اي100مليارايبقى149ملياراتجهيزات إضافية سنويةخلال 18 سنة=600 ضارب18= 10800معهدا؟450 معهداعلى اقل تقديرفي كل ولاية؟ ودون حساب ماهوموجودمنذخلقت تونس؟ومدارس ابتدائية1000ضارب 18=18الفا؟ لنتصورهذامنذ18سنة؟ولنقل للوزارةكمعلمين 80الفا ويتقاضى الواحد600دينارا يكون المجموع 576 مليارا والمعلم في بحبوحة؟ولها من الموظفين 20الفا معدل رواتبهم 600دينارا؟=144ملياراولها للتكوين نصف هذاالعددوهو دون هذابكثير.72ملياراوالوزيروديوانه200الف ديناراوالمركزالبيداغوجي(هويبيع الكتب ولنقل دعما له)20مليارا؟. يكون المجموع مع هذه الانجازات الضخمةالسنوية؟2189مليارا ونحن نتجاوزأحسن دولة في العالم في مجالات التربية والتكوين؟والحال أن معاهدناومدارسنافي اغلب الحالات تتطلب الصيانةولهذاأحدثت لجان صيانة المؤسسات؟وأموال تجمع سنويا؟ومن التربية والأسرة؟لقدفصّلناالميزانيةإلى أرقام حقيقيةومن المفروض أن تكون مؤسساتناالتربويةوالتعليمية على نحومارأينا.أو أن هذه الأرقام غير صحيحة بالمرة.وهو تضخيم لا غير لأهداف سياساوية؟وهكذاباقي الوزارات وهنااقترح على التونسيين والتونسيات إحصاء المدارس والمعاهدالتي شيدت حديثاأوتمت صيانتها (ولا تسال عن 2626) عبرالمعتمديات والولايات معهدامعهداوبالمثل مدارس وجامعات ومعاهدعليا ومحاضن ومقارنتها مع ما ذهبت إليه. ونفس الأمر في خصوص السدود والبحيرات الجبلية والمسالك الفلاحية والطرقات. هذا قراءة في الأرقام وهذه ردود الوزارء حول هذا خلال ميزانية2006واترك المجال للهيئات الدولية التعمق والدراسة وللتونسيين والتونسيات والأجيال القادمة ما به يقفون عند نوعية فريق حاكم كلمانطق إلاوكذب.وعلى أشياء يمكن لمسها تحسسها والوقوف عند تكاليفها وعمرها ونوعية بنائها.ضخامة الميزانية هدفها إبراز حركية تنموية؟وتقدم؟ تضخيم الميزانية من جهة ورداءة الخدمات من جهة أخرى.يعني احد الأمرين عالميا.سوء تصريف أي بيرقراطية. أوفسادا كبيرا.وشخصياأميل إلى الرأي القائل بأرقام مبالغ فيها.مثل رجل الأعمال الذي يكلف خبير حساباته بإعداد ميزانيتين… واحدة صحيحة..وأخرى غالطة ومغلوطة تصلح لإسكات إدارات الجباية والضرائب.وهذا مثلما قلت  كل تونسي ومعلم وأستاذ ورجل تكوين يعلمه جيدا.بل كل ولي.ومثلما قلت نراه بالعين المجردة.وهذا موضوع أطروحة لمن يريد وكتابا جديدا لمن يريد أيضا.وفي كتابي القادم –بحول اللّه-نرى المهم والاهم هنا وفي غيرها من المجالات ومن رؤية جديدة.وان شاءالله كتابي الجديد لا يسقط في يد معارض أو رجل من رجال حقوق الإنسان ليجعله وليدا ميتا كسابقه.

رجال العجزيفتضحون…وبنعلي أخرجوه من الواقع..ماوقع لبورقيبةيقع له …لهذا الثلاثي التعيس..خلق بنمصطفى وقتل الداخلية وكل محاولة لكشف الإجرام…هناك ما لا يستطيع أي لئيم ستره…

.لقد جمعت خطب مجموعة من المسئولين.اذكر منهم اليوم السيد عبدالعزيز بن ضياء.منذ دخل وزارة التعليم العالي.وبالخصوص منذ دخوله القصر…وسيرى القارئ العجب…وسيكون هناك جدلا كبيرا على المستويات كلها…ما يقوله هذا الدكتور خطير إلى ابعد مجال على الإنسان الفرد..فرنساهنا..سنرى.جمعت خطبا وكلمات ل29 مسئولا. .السياسة ثوابت وتكتيك.والتكتيك هو المحدد لنوعي وذهنية وسلوك الرجال..هو خيط رفيع جدا…لنرى ذلك لدى أقوى شخصية اليوم في تونس؟وهل معها يشعر بنعلي بأنه في أمان؟قلت مزارالنااستراتيجية في المكان والزمان والعلاقات والأهداف والتحرك…واحدعناصرها..المعرفةالموضوعية والدقيقة بمن يكذب حتى تجّره إلى كذب أكثر.. ونجحنافي مهمتناإلى ابعد مجال.بل منبهر بضعف الخصم.ومن مؤشرات النجاح البسيطة..كذب اكبروردود من تحت تنوعت وتعددت.وتململ هنا وهناك واسع ويتّسع..نصحت بنعلي وزوجته ورفضا.بل زوجته تظن بنضياء قاهرا للرجال…مبروك سعد على سعدية..وأقول لها بخصوص هذا الرجل والودرني ومن تظن أن بامكانهم حمايتها وضمان 2009 بما يلي.. .بنعلي بهدف ضمان نجاح عملية7 نوفمبر1987 طلب من احدالمسئولين قبيلهاالعودةالى مكان  خلفه فيه بنضياء ..وبنضياء هذا معروف في أي مكان يدخله يتحدث عن الديمقراطية؟وهو يقصد كشف كل مسئول ديقراطي فعلا وكل من هو نظيف.قال الرجل لبنعلي…بنضياء منذ دخل وهو يغني بالديمقراطية؟(وهو جاء معه إلى حيث يذهب بأنتن عباد الله علاقاتيا وماليا وكذبا…والقائمة طويلة جدا..) إذاعدت بماذاسأغني ونحن ننتمي إلى نفس الحزب؟فجاء محجوب بنعلي؟من أتكلم عنهم أحياء.هذاهو بنضياء.وهذه أدواره.ولهذا قلت لليلى انتهى دور الرجل ومن استنجب داخل  وخارج تونس.انتهت لعبة الفريق الحاكم.الإجرام لن يغطيه أي هيكل أو تافه.وهناك ماهواكبر من إجرام  التعذيب جرام تدميرماهواكبرمنا….والى العطش المالي والأخلاقي

8ديسمبر..يومنا كان لموت النهب ويومهم جاء للنهب

.(نملك ما جمع وما صرف وأين..)

ولا ننسى أن يوم 8ديسمبرجاء

لتتحول معه المعاهد والمدارس والمؤسسات الى اماكن نهب وتعرية لمن هو عاريا أصلا.وهنا مع 2007 لنا عمل جديد على كل المجالات.كما اذكر التونسيين والتونسيات بان جنابي كان قرر يوم 8ديمبر1992 توجيه مجموعةمن250 مسئولامن بينهم اليوم على سبيل الذكر… محمد عويني رئيس لجنة التشريع بمايقال عنه مجلس نواب وعضواللجنة المركزيةوالوزير المستقبلي وكذلك الأستاذ صلاح الدين المستاوي عضواللجنةالمركزيةوعضو مجلس النواب يومها وغيره من معتمدين اليوم ورؤساء  بلديات ..بشير التايب رئيس بلدية مقرين..مختار عجيلي رئيس بلدية الخليدية…والكثير…. .يوم 8ديسمبر1992ذهبنا لنقول كفى للفساد بصوت واحد ويومها كان الشماري وغيره يفكرون في نيابة في  مارس 2004.وفعلا حصل ذلك.يومنا كان يوما وطنيا للمشاركة وقتل المليشيات والفساد.وكل انواع الاغتيالات.ويومهم هو هو يوم النهب الوطني وتوريط الكل في الفساد وجمع المال ولا ننسى أن اليوم جاء في 9ديسمبر1993اي سنة واحدة بعد يومنا نحن.اترك المقارنة لكل حر .المصادر .خطب السيد زين العابدين بن علي من 1987ولغاية خطاب 7نوفمبر2006. .مناقشات الميزانيةالعامةللدولةاعتمادافقط على صحيفةالحرية لسان حال السلطة الحاكمة في تونس. .كلمات وزراء التربيةعندإشرافهم على اجتماعات سياسية.ومايعلنونه عبرندواتهم الصحفية المنشورة للعموم عند مفتتح كل سنة دراسية. .كلمات وزراء ومسئولين خلال الاحتفال بيوم العلم كل سنة. .الرائد الرسمي للجمهورية التونسية. .أرقام تنشرهامجالس للتنميةمع انعقاددوراتهاالعاديةحول احداثات تربويةجديدةاوصيانة وتعهد.أو إعلان هذامع مفتتح كل سنة دراسية.وذلك عبر الصحف التونسية. .مجالس وزارية بإشراف السيد زين العابدين بنعلي أو مجالس وزراء قبل افتتاح السنة الدراسية وخلالها وبعدها..وبمناسبة الاحتفال ب7نوفمبر تخرج ملاحق صحفية خاصة. .المشاريع الفلاحية والصناعية والخدماتية المعلنة عبر الجهات والمنشورة بالصحف التونسية. .أرقام التشغيل المتولّدة عن هذه المشاريع ومن غيرها عبر الولايات والواردة مع انعقاد دورات هذا المجلس الجهوي وذاك.. …اعتمدنا فقط على ما هو منشور من الدولة ومسئوليها وبصفة علنية ورسمية وللعموم… حسين المحمدي تونس 25جانفي2007.


عاللي جرى في تونس…. ساعة الحقيقة

مجيد حوّاشي

 

لحظة انهياره كان يجثم على ركبتيه ويولول بأعلى صوته والدموع تنساب من مقلتيه :  » عفوك و غفرانك اللهم ما كنت أحسب أني في يوم ما سأقتل فتى في ريعان الشباب ». كان ذلك هو مشهد انهيار أحد أعوان الأمن اثر عودته من إحدى المواجهات التي جدت كما هو معلوم مؤخرا بين قوات الأمن و الجيش من ناحية و « العصابة الإجرامية المسلحة » على حد تعبير الأوساط الرسمية التونسية من الناحية الأخرى. المشهد جاء على لسان أحد الرواة في محطة حفلات في العاصمة تونس و العهدة على الراوي في برهة تحولت فيها ألسن كثيرة إلى وكالات أنباء لتداول الأخبار حول ما جرى في موطن الزيتونة على امتداد الأسبوعين الأخيرين من السنة الفارطة. ولان الناس في هذا الموطن ألفوا العيش في مناخ يخلو من سفك الدماء ولا يتمثلون الاقتتال إلا من خلال مشاهد الحروب الدائرة في محيطهم ولا سيما الحرب الأهلية العراقية فان الصدمة كانت شديدة عليهم وهذا ما قد يثبت صدقية ما ذهب إليه الراوي عن جسامة الشعور بالذنب لدى عون الأمن القاتل لفتى الثمانية عشر سنة و الذي كان عنف صدمته من عنف صدمة شعب بأسره جبل على المسالمة والتآخي و نبذ العنف.

لا أحد بامكانه التأكد من صحة هذه الرواية. ومع ذلك فهي واحدة من عشرات الروايات المتداولة في الشارع التونسي الذي راح يلهث وراء الإخبار في اللاخبار l’information dans la désinformation ما يزيد عن عشرين يوم منذ انطلاق الأحداث الدامية امتزجت خلالها الإشاعة بقلق الرأي العام التونسي وسط حالة الاستنفارالأمني و الرقابة المشددة على الطرقات و تواتر الأخبار التي أهملها قسم الإخبار…

وشاء ت أيضا سخرية التاريخ أن يكون تنفيذ حكم الإعدام في صدام حسين مصدر تلهية للناس عمّا يجري على مرمى حجر منهم فضلا عن كبش العيد بطبيعة الحال.

ولما قررت أخيرا السلطة الحاكمة أن تزيح جدار الصمت الرسمي وأن تقدم معطيات ثبت من خلالها بالخصوص أن العصابة إرهابية فعلا أبت إلا أن تفعل ذلك من خلال ندوة للحزب الحاكم بدلا من عقد ندوة صحفية كان الرأي العام المحلي و ربما الدولي متلهفا لها. وجاءت الندوة التعبوية « التي عقدها التجمع الدستوري الديموقراطي » مساء الجمعة 13 يناير (كانون الثاني) الفائت لتثبت مرة أخرى تعمد الخلط بين الحزب والدولة.

نحن إذا بصدد أزمة أمنية اندفعت من رحم الجهاز الأمني الذي طالما اعتبرته السلطة الحاكمة الحصن الحصين و صممام الأمان الأوحد و الأصلح للمعالجة الاستباقية لكل الأوضاع. كما أثبتت هذه ألازمة قدرة الإرهاب الاسلاموي المعولم على اختراق أجهزة الأمن والدولة وإحداث أوضاع من عدم الاستقرار لا أحد بوسعه تقدير خطورة عواقبها.

و على الرغم من أن التكتم الشديد للنظام التونسي على الأحداث لم يفاجىء أيا من الملاحظين المتعودين على مثل هذا التعتيم الإعلامي الرسمي فان دلالة الصمت هنا تحديدا قد تشير إلى رفض السلطة على الاعتراف بفشل أو حتى بحدود المعالجة الأمنية لملف الإرهاب وملف الإسلام السيا سي بصفة عامة.

والواقع أن فشل المعالجة الأمنية هذه إنما يندرج في مسار تعاقبي مثلت- وما بالعهد من قدم- المشادة الأخيرة حول مسألة الحجاب أحدث تجلياته. بل أن النظرة المتبصرة للواقع لا يمكنها أن تهمل العلاقة العضوية بين ما جد بالأمس في تونس حول مسألة الحجاب و الأحداث الدامية لموفى سنة 2006.

فلما احتدم الخلاف حول مسألة الحجاب وامتد الجدل إلى الإسلاميين وغيرهم حول هذه المسألة تعالت أصوات كثيرة من ضمنها حتى اليسارية ضيقة الأفق لتعتبر أن المسألة تتنزل في سياق « حرية اللباس »و الثقافة الدينية ولا علاقة لها بالشأن السياسي…

والواقع أن القول بفشل المعالجة الأمنية للإسلام السياسي لا يتأتى من توسع ظاهرة الخمار والتدين فقط  وإنما من أن هذا التوسع بات كما دلت على ذلك الوقائع الأخيرة يمثل المتن الاجتماعي والثقافي والسياسي للإرهاب.

وحيث لا نضيف جديدا في اعتبار واقع البؤس المادي والفكري والفراغ الروحي وشتى ألوان الكبت التربة الخصبة لنمو التطرف بالخصوص في الأوساط الشبابية فان دقة الموقف تحتم علينا التشديد على خطورة تلك « الثقافة الدينية » بالذات التي تسكن وجدان طلائع الإرهاب.

فمنذ متى كانت الثقافة الدينية مفصولة عن الثقافة السياسية عموما ؟ وكيف تكون كذلك بالنسبة للإسلام وهو سياسي أو لا يكون؟ ولننظر حينئذ إلى المحتويات التي تغرف منها الحركات الإسلامية وعموم المتدينين والتي تقتحم وجدانهم عن طريق الفضائيات وشبكة الانترنت وصحافة الإثارة؟ وماذا ننتظر من روافد تحمل في ظهرانيها كل يوم فلسفة الموت واديولوجية الانتحار والدعوات الجهادية الصليبية و شعوذة عمرو خالد وكل ما اتصل بها من طقوس وتخاريف؟

وفضلا عن القوة المادية و الإعلامية الضاربة للقنوات الفضائية الخليجية فان صحف الإثارة المحلية انخرطت في الدعاية السياسية لرموز التيوقراطية العربية والإسلامية وأصبحت تسبح باسم بن لآدن و أحمدي نجاد وحسن نصر الله لا لشيء إلا لتكديس مزيد من الإرباح من مبيعاتها.

وطبعا لا يمكن بأي حال من الأحوال إنكار وقع لحروب العدوانية والاعتداءات والإهانات اليومية التي يتعرض لها العرب و المسلمون لا سيما في فلسطين و العراق من طرف الولايات المتحدة وإسرائيل. ولكن إذا ما توفرت القوة المالية الضاربة المتأتية من البترودولار إلى جانب القدرة التنظيمية و العسكرية المكتسبة من الحروب التي خاضها الإرهابيون في مناطق متعددة من الدنيا فان انتداب الانتحاريين و تكوين الخلايا الإرهابية يصبح في متناول المتربصين بالشعوب المسالمة التواقة إلى الحداثة و النمو والديموقراطية و كل الاستحقاقات التي تتماشى مع روح العصر وتوظيف شتى تجليات الاحتقان للأغراض الإرهابية. ولا شك أيضا في أن التصحر الثقافي والسياسي الذي أحدثته الاختيارات الرسمية من خلال استهداف شتى المعارضات المدنية أعطى سبقا سياسيا وتنظيميا غدا بينا لفائدة الفرق الإرهابية. وهكذا فان المشهد الاسلاموي في مستهل القرن الجديد في تونس ولئن حافظ على بعض ثوابته فانه عرف تحولات مشهودة عن ما كان عليه في أواخر القرن الماضي زمن « الاتجاه الإسلامي » و حركة النهضة.

نحن الآن بصدد حركة اسلاموية جديدة سليلة تفاعل عوامل محلية وإقليمية و عالمية و لم تعد ترضى بان يقوم حزب « النهضة » مقام تعبيرتها السياسية بل توغلت أكثر في التطرف لترتبط بالجهادية السلفية و شبكة القاعدة.

وفي الوقت الذي أخفق فيه كثير من السياسيين المعارضين في تقدير خطورة الاسلاموية الجديدة وظلوا حبيسي الموقف الأحادي في معاداة السلطة وأحيانا في تملق المشاعر الدينية للشعب وللإسلاميين فان الفضل عاد إلى بعض الفنانين الذين تمكنوا بفضل عمق و صدق تجربتهم من تشخيص الواقع تشخيصا حصيفا و إطلاق صفارة الإنذار حول الخطر الإرهابي.

وما على هؤلاء السياسيين إلا أن يحجزوا أماكنهم لمشاهدة مسرحية رجا بن عمار « هوى وطني » و « خمسون » للفاضل الجعايبي و’آخر فيلم » للنوري بوزيد. وعسى أن يكون وقوفنا أمام الحقيقة العارية لبلادنا تونس مناسبة لنزع الأوهام. ولعل أول الأوهام هو ذاك الذي يروج إليه منذ مدة ويقوم على اقتراح  » الإسلام المعتدل  » بديلا عن النظام القائم حاليا طبقا للنموذج التركي. إن قيام دولة الإسلام المعتدل هذه لن يقدم لتونس أية ضمانة تحميها من التوغل في التطرف لتأكل أبناءها و يكون في ذلك اقصر السبل للانتقال إلى النموذج الإيراني أو الأفغاني كما فعل الملالي ببني صدر و طالبان بالموللى عمر.

لذلك فان قيام الجمهورية الديموقراطية التي تضع حدا للاستبداد وتفصل الدين عن الدولة كان ولا يزال يمثل أساس المبادرة التاريخية للتحول النوعي في بلادنا.وفي الوقت الذي تصون فيه هذه الدولة حرية المعتقد فإنها تجرم الإرهاب دون أن تلجا إلى الصمت ألتآمري في التصدي له كما أنها تقاوم دون هوادة الأسباب الهيكلية المغذية لهذه الآفة وكذلك كل المحتويات الثقافية الهابطة التكفيرية والاحترابية والعنصرية الداعية إلى الفتنة الداخلية والحرب الصليبية.

وعلى الرغم من استعصاء المسك بناصية الحقيقية الإعلامية فان تونس تعيش في الظرف الراهن ساعة حقيقة لن ينفع معها الهروب إلى الأمام.

 

(المصدر: موقع ايلاف بتاريخ 21 جانفي 2007)


 

تعقيبا عاللي جرى في تونس…

– أو مجيد حواشي يدس السم في الدسم –

د. أبو خولة نشرت « إيلاف » بتاريخ 21 يناير الحالي مقالا بقلم السيد مجيد حواشي بعنوان « عاللي جرى في تونس … ساعة الحقيقة » ، بدا فيه الكاتب متعاطفا على استحياء مع منفذي العملية الإجرامية التي حاولت « الجماعة الإسلامية للدعوة و القتال » وهي « جناح القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي » من خلالها تفجير سفارات و مراكز تجارية بالتوازي مع منتجعات سياحية بتونس العاصمة، نهاية السنة الماضية. بدا الكاتب مقاله: « لحظة انهياره كان يجثم على ركبتيه ويولول بأعلى صوته والدموع تنساب من مقلتيه :  عفوك و غفرانك اللهم ما كنت أحسب أني في يوم ما سأقتل فتى في ريعان الشباب … كان ذلك هو مشهد انهيار أحد أعوان الأمن اثر عودته من إحدى المواجهات التي جدت كما هو معلوم مؤخرا بين قوات الأمن و الجيش من ناحية و « العصابة الإجرامية المسلحة » على حد تعبير الأوساط الرسمية التونسية من الناحية الأخرى. المشهد جاء على لسان أحد الرواة في محطة حافلات في العاصمة تونس و العهدة على الراوي ». لاحظوا عبارة « العصابة الإجرامية المسلحة على حد تعبير الأوساط الرسمية التونسية » . إذا لم يكن كوماندوس « القاعدة » الذي يستهدف تفجير منتجعات سياحية و قتل أبرياء و القضاء على مصدر أساسي لرزق التونسيين و التونسيات إرهابا فماذا سيكون؟ و الجواب لم يتأخر إذ سارع الكاتب بإعلامنا بان الأمر لا يعدوا أن يكون إلا « مجموعة من الشبان الغاضبين من منع ارتداء الحجاب في المعاهد و الجامعات » ، تماما – و حرفيا – كما جاء في بيان المجموعة الإجرامية المنشور على الإنترنت. و الأخطر أن الرواية الدرامية التي استهل بها الكاتب مقالته
« و العهدة على الراوي » يبدوا انه اختلقها هو – و من  ألفها إلى يائها – بدليل أن الصحافة الفرنسية ذات الحضور الكبير على الساحة التونسية لم تذكرها. و هذا ما أكده لنا الأصدقاء التونسيون المتواجدون على عين المكان، الذين هم على علم أكيد بأخبار « الرصيف التونسي ». و ربما اختطف الكاتب هذه الرواية المثيرة من المقال الموضوعي الذي نشرته مؤخرا الأسبوعية  » جون افريك  » ، الذي ورد فيه أن « ربيع » وهو نائب رئيس المجموعة الإرهابية ( 22 سنة ، الذي تحول في رواية السيد مجيد حواشي إلى  « فتى في ريعان الشباب ذي 18 ربيعا » ) ، كان يطلق النار على قوات الأمن من سطح المنزل عندما أصيب في جمجمته ، و سبق أن حكى لرفاقه مفتخرا بإطلاق النار « على الكفار »، و أن  » أبو مصعب الزرقاوي « شهيد الإسلام » الشهير قد نزل إليه من السماء مرتديا ثيابا بيضاء و اركبه معه على جواده الأبيض ليصعدا معا إلى السماء !!! أما قصة عون الأمن الذي قام بالواجب الذي تحتمه عليه المهنة، حتى في اكثر الديمقراطيات ليبرالية، بالتصدي لــ » نائب المجموعة الإرهابية » ، و الذي لم يسمع أحد بترقيته إلى رتبة ضابط،  فهي على ما يبدو رواية أخرى اختلقها الكاتب  » على عهدة الراوي » ، ليقفز من بعدها إلى الاستنتاج الخاطئ :  » الناس (التوانسة) … ألفوا العيش في مناخ يخلو من سفك الدماء ولا يتمثلون الاقتتال إلا من خلال مشاهد الحروب الدائرة في محيطهم ولا سيما الحرب الأهلية العراقية فان الصدمة كانت شديدة » ، أي أن المواطنين – حسب هذه الرواية المختلقة – قد استعظموا قتل رجل أمن لنائب رئيس اخطر عصابة إرهابية عرفتها البلاد في تاريخها الحديث. و الحقيقة لو عكس السيد مجيد حواشي في هذا الشان لاصاب ، إذ أجمعت مصادر الإعلام العالمية على الارتياح الشعبي التونسي الكبير بعد الإعلان عن القضاء على المجموعة، خصوصا و أن الأمر  يتعلق باستهداف سياح أجانب في ضيافة البلاد ، و جريمة قتلهم لو حصلت لأدت بالتأكيد إلى القضاء على مصدر رزق شريحة واسعة من الشعب. و لا يفوتنا التذكير بهذه المناسبة بما صرح به راشد الغنوشي ، شيخ « النهضة » الأصولية التونسية مدى الحياة للتلفزيون الفرنسي عام 1992 :  » السياحة هي سبب ازدهار الاقتصاد التونسي، وهو ازدهار هش  رهن إطلاق رصاصة واحدة، ليضيف « لكنني لن أطلق هذه الرصاصة » … و لسؤال وجهته أسبوعية « تونس هيبدو » إلى الناطق الرسمي للنهضة « علي العريض » عام 1991 « هل أنت مع إغلاق النزل (الفنادق) السياحية ؟ »  كان جوابه غلقها تدريجيا « مع التحول إلى الزراعة و الصناعة ». كما واصل الرجل الثاني في القاعدة، ايمن الظواهري، على نفس النهج، معلنا أن توحيد جناح المنظمة في المغرب العربي كان هدفه الأساسي و الطبيعي ضرب السياحة باعتبارها « مفسدة عظيمة ». و هذا ما أكدته  » الوطن العربي  » في عددها 1558 عندما أوردت :  » القاعدة قررت ضرب المنشات السياحية » ،مما يؤكد عداء كافة الحركات الإسلامية للسياحة باعتبارها نشاطا اقتصاديا انفتاحيا على الشعوب و الحضارات الأخرى. من قراءتي للمقال استشف أيضا محاولة من الكاتب لتجريم النظام التونسي بدعوى منعه لــ « الحجاب الشرعي » في المعاهد و الجامعات: « إن النظرة المتبصرة للواقع لا يمكنها أن تهمل العلاقة العضوية بين ما جد بالأمس في تونس حول مسألة الحجاب و الأحداث الدامية لموفى سنة 2006 » . و سؤالنا للكاتب هنا إذا كان منع الحجاب هو سبب وجود « الجماعات التكفيرية المسلحة » ، فكيف يفسر لنا وجودها في الجزائر و المغرب و السعودية، و الحال أن الحجاب بألف خير في هذه الربوع، بل قل أن نجد امرأة غير متحجبة في السعودية، على سبيل المثال ؟؟؟ كما أن القاعدة بقيادة  » الشهيد الزرقاوي صاحب الجواد الأبيض » تقتل العراقيين يوميا بالرغم من الانتشار الواسع للحجاب هناك !!! تقديري أيضا أن الحظ لم يسعف الكاتب في تبريره لــ « غزوة تونس » بدعوى « ملء الفراغ الروحي » ، أي عدم الاعتراف الرسمي بحركة النهضة « الطالبانية » على ذمة المفكر الإسلامي و أستاذ التاريخ بالجامعة التونسية محمد الطالبي. و سؤالي هنا للكاتب ماذا استفادت الجزائر من اعترافها بجبهة  » الإنقاذ  » في أواخر الثمانينات من القرن الماضي ؟ ألم يكن رد زعامات هذه الحركة إعلان يوم الانتخابات الحرة في 1991 « يوم عرس الديمقراطية و يوم مأتمها » كما صرح بذلك الرجل الثاني في الحركة -علي بن حاج- حليف راشد الغنوشي الذي لا يشق له غبار!!! و أما إدانة الدولة التونسية لعدم توريطها الدين في السياسة على اعتبار ذلك « علمانية » و « إلحادا » ، وهو ما أوحى إليه الكاتب عندما تساءل :  » فمنذ متى كانت الثقافة الدينية مفصولة عن الثقافة السياسية ؟ و كيف تكون كذلك بالنسبة للإسلام وهو سياسي أو لا يكون » ، فهي مجرد إعادة و تكرار للاسطوانة المشروخة التي ما فتئ يرددها راشد الغنوشي منذ العام 1972 و القائلة بان الدولة البورقيبية علمانية، وإنها على هذا الأساس تقف على طرفي نقيض مع إرادة الشعب التونسي الذي « لن يرضى بديلا عن الدولة الإسلامية » ، حسب الخيار الذي قرره راشد الغنوشي لباقي أفراد الشعب و بالنيابة عنه. في الخاتمة، حسبي أن اقف مع الصديق د. خالد شوكات ترحما و إجلالا على أرواح كل من سقط من رجال الأمن في تونس قياما بالواجب و استشهادا في سبيل إفشال « غزوة القاعدة » لبلدي الحبيب. و أما قتل الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم بالمناسبة، فلا أرى في ذلك شخصيا إلا عذاب الدنيا، و إن عذاب الآخرة لاشد و أقسى. ———————— كاتب المقال منسق اللجنة الدولية للدفاع عن العفيف الأخضر، و رئيس سابق لفرع تونس لمنظمة العفو الدولية. Abuk1010@hotmail.com  
 

بوعبدالله  بوعبدالله:هل هي دعوة إلى التوبة أم تعميق للطائفية والتكفير؟

طالعت بكل جدية و ترو ما جاء في مقال السيد « بوعبدالله بوعبدالله »تحت عنوان »تبت و أدعو إخواني للتوبة » على موقع « تونس نيوز » في عدده  2428 الصادر بتاريخ 14 جانفي 2007،فأردت أن أدلي ببعض الملاحظات ربما تكون تعميما للفائدة و إثراء للحوار خاصة و أن صاحب المقال أكد على ضرورة التعاطي مع الاختلافات السياسية بالمرونة الكافية : أولا:لقد أكد صاحب المقال بأنه و الكثيرين مثله كانوا مغيبين وراء قيادتهم عن حقيقة ما سمي ب »الثورة الإيرانية »وعن المبادئ الحقيقية « لآية الله الخميني » وأتباعه.وخلص إلى القول بأن السبب الرئيسي هو غياب علماء دين حقيقيين في صفوف ما كان يسمى »بحركة الاتجاه الإسلامي »قادرين على على استيعاب الدين بصورة عميقة وفهم المذاهب وتأطير الأتباع على أسس واضحة،كما اعتبر أن « حركة الاتجاه الإسلامي قد »استولت عليها السياسة حتى كانت هي مرجعيتها في بعض الأحيان ».   لابد لي أن أقول للسيد بوعبدالله بوعبدالله أن لب قضية القائمين على الحركات الاخوانية بصورة عامة وحركة »الاتجاه الإسلامي » -« النهضة « لاحقا- كجزء منها هي قضية سياسية بالأساس ولم يكن الدين سوى وسيلة للاستقطاب و التعبئة،و بالتالي فان هؤلاء « القادة الإسلاميين »كانوا على وعي و إدراك بما قالوا و بما فعلوا في خصوص طبيعة الأسس التي قام عليها فكر الخميني و عارفون أيضا بطبيعة الخلافات المذهبية و التي لا تعني شيئا أمام أهدافهم السياسية.ولطالما نبهنا إلى هذه الأشياء وكنا نقول لكم:يا أتباع الاتجاه الإسلامي،إنكم تقادون إلى طريق غير طريقكم وتدافعون على برامج غير برامجكم ومصالح ليست سوى مصالح أمرائكم و قادتكم،ولستم في النهاية سوى أدوات لتحقيق أهدافهم السياسية في الاستيلاء على السلطة ثم يلفظونكم كما لفظ الخميني القوى الوطنية و الشعبية في إيران وقتلهم و نكل بهم تحت غطاء الدين و الشريعة الإسلامية.و حينها كنتم تتهموننا بموالاة السلطة السياسية في تونس و تشوهوننا بل و تكنون لنا العداء الذي وصل إلى حد ممارسة العنف و التهديد بالقتل و الحرق…وكل ذلك  على أسس تكفيرية وأحقاد زرعها أولياء أمركم في قلوبكم. ولعل السيد بوعبدالله بوعبدااله بمقاله هذا يميط اللثام على حقيقة متأكدة ولو راجع بعض الأشرطة التي تتعلق ببعض الأحداث في ذلك الوقت لتأكد من صحة ما أقول:كانت قيادة »الاتجاه الإسلامي » تشحن قواعدها ضد القوى اليسارية و التقدمية وتفتي بتكفيرها وبضرورة معاداتها …والسبب الرئيسي هوان هذه القوى هي القادرة على فضح طبيعتهم التيوقراطية المعادية للديمقراطية ولطموحات الشعب نحو الديمقراطية والحرية،و بهذا الأسلوب استطاعوا  أن يقبوا أتباعها على جهلهم – ليس بالمعنى الأخلاقي للكلمة- بحقيقة أهدافهم وبرامجهم التي ليس لهم حدود في تحالفاتهم لأجل تنفيذها.إنها الديماغوجيا و ضبابية الخطاب التي استطاعت من خلالها الحركات الاخوانية أن تجند آلاف الشباب من أبناء الشعوب العربية لمكافحة كل ما هو عقلاني و مستنير،ولنستحضر مع بعضنا ما أدلى به السيد محمود عبد اللطيف – وهو أحد قادة الخوان المسلمين في مصر- أثناء محاكمته حيث سأله المدعي العام:ألم تضعوا أبحاثا عن كيفية الحكم في الإسلام؟فأجاب: »الواقع أن الإخوان لم يعدوا هذا الدستور،وأنا قلت للأستاذ(ويعني حسن البنا):أحنا عاوزينك تفضي شوية على أساس انك تكتب لنا إيه اللي يطبقه الإخوان…وأذكر أنه قال في مناسبة ما:إن الناس يجتمعون على مبادئ لا على تفاصيل لأننا إذا دخلنا في التفاصيل سنختلف و نتفرع و لا ننتهي إلى خير كثير…وان أحنا ماشيين على مبادئ إسلامية ولو تعرضنا للتفاصيل فيمكن يجي فقيه و يختلف معانا وجايز نستهلك مسائل فرعية »(محكمة الشعب_الجزء الأول_محاكمة محمود عبد اللطيف). وبالنتيجة،فان قادة الحركات الاخوانية دون استثناء مارسوا ولا يزالون سياسة التجهيل و التعويم و التعميم لا على شعوبهم وحسب وإنما كذلك على أنصارهم لتأمين استمرار تبعيتهم و تجندهم للحظة الصفر التي يحددها « القادة »لوحدهم بل و يعقدون تحالفاتهم حتى مع من يختلف معهم ب180درجة:أليست عندهم الغاية تبرر الوسيلة؟؟ونتساءل اليوم :لماذا تتحالف »حركة النهضة » مع أطراف تكفرها وتتهمها بالا لحاد؟أهذا أيضا لافتقار هذه الحركة لعلماء دين حقيقيين؟أم انه »تكتيك » للظهور بمظهر القابل بمبادئ الاختلاف و الديمقراطية؟ ثانيا:لقد توفرت لدى السيد بوعبدالله بوعبدالله الجرأة لتقديم ما يشبه النقد الذاتي آملا أن يفيد العديد ممن مازالوا يعتقدون بصدق ما يعلنه قادتهم وبراءته ،و لكنه اعتقد أنه عالج خطأ خطيرا و يبدو أنه لم ينتبه إلى أنه قد سقط في  خطئ أكثر خطورة،لقد خلص إلى الدعوة إلى مراجعة الموقف من إيران و مما كان يسمى »بالثورة الإيرانية » و ذلك لا على أسس سياسية و لا إيديولوجية و إنما على أسس طائفية على أن إيران شيعية،و الشيعة كفار ،وبالتالي عاد بنا صاحب المقال من حيث بدأ إلى منطق التكفير هو المنطق الذي دمر الأوطان و الشعوب وظل عائقا حقيقيا أمام تقدمها وتحررها.إننا لا نختلف في أن الدولة الإيرانية منذ الخميني و الى الآن بصدد لعب أدوار خطيرة تهدد المنطقة � شيعة وسنة، عربا و غير العرب مسلمين وغيرهم � اعتمادا على زرع الفتن الطائفية والعرقية بين أبناء الشعب الواحد ،و الإيرانيون هم في النهاية مثل حال السيد بوعبدالله بوعبدالله لما نزل إلى الشوارع رافعا صور « الخميني،الزعيم الأوحد و الوحيد للإخوان ».فالقضية أبعد من أن تكون قضية شيعة وسنة أوعربا و فرسا ،فهي قضية مصالح سياسية لأقلية قائمة ونافذة تستعمل الدين أو أي  مذهب منه لتجنيد الشعب للدفاع على هذه المصالح وفق مبدإ الولاء الأعمى لأولياء الأمر .ولو قمنا بمقارنة بسيطة بين السياسة الإيرانية و السياسة الأمريكية � وهي ليست شيعية- فسنلاحظ دون عناء « قيما » مشتركة بينهما،قيما تقوم على المغالطة والديماغوجيا واستغلال الدين والطائفية:فلا فرق بين سياسة و سياسة إلا بصدقها ومطابقتها للممارسة والفعل،فلا يمكن اعتبار كل الشيعة إجراميين وخونة كما لا يمكن اعتبار كل السنة شرفاء ووطنيين ،ولا يمكن اعتبار كل الإيرانيين و كل الفرس و الأمريكيين أعداء لأن الحكم بالمطلق يتناقض والمبادئ العلمية ويتعارض مع منطق العقل :ويمكن التأكيد على أن التطرف و التعصب مهما كانت منطلقاته(دين،طائفة،جنس،لغة ،لون…)هو ضرب من ضروب العنصرية والشوفينية إذا أصاب فردا أو  مجموعة إلا و أصابها « العمى »وتحولت إلى فيروس مدمر يهدد شعبه بل و الإنسانية جمعاء اعتبارا وأن الإنسان متضامنا مع أخيه الإنسان مهما كانت جنسيته أو دينه أو لونه… وأخيرا وليس آخرا،أدعو صاحب المقال إلى   العودة إلى التاريخ العربي الإسلامي وتناوله لا من زاوية أحادية، انتقائية وإنما في مختلف تشعباته وملابساته وتقاطعاته وتناقضاته وبعيدا عن الأحكام العاطفية والمسبقة،فسيلاحظ أن: – منذ وفاة الرسول دخل المسلمون في صراعات بلغت حد الاقتتال بسبب الخلافة ثم تواصلت وتركت مخلفاتها إلى يوم الناس هذا ،والكل يجتهد ويؤول النص القرآني حسب ما تتطلبه طائفته أو مذهبه . – بوفاة الرسول توقف الوحي الذي ترك فراغا بين النص كمرجع مكتوب و بين التطبيق كممارسة لهذا النص مما ترك المجال مفتوحا أمام الاجتهاد و التأويل ،ونحن نعرف أن ما أطلق عليه « بالاجتهاد » ليس إلا جهد بشري يمكن أن يصيب كما يمكن أن يخطئ ،وبالتالي لا يمكن أن نعطيه الصبغة القدسية التي لا تحتمل النقاش و الشك .وهنا قد يجيب السيد بوعبدالله بوعبدالله أن الاجتهاد هو مسؤولية « علماء » الدين و »الأئمة » ولكن هؤلاء أيضا ليسوا إلا بشرا غير معصومين لهم أهواؤهم و مصالحهم ورغباتهم …وبالنتيجة،إذا لم يكن هناك دستور وقوانين تتفق حولها المجموعة وتحمي حقوق الأفراد والجماعات :الحقوق المدنية والسياسية ،العامة والفردية بما في ذلك حرية المعتقد ، فان الحيف و الظلم يصبحان أكثر انتشارا وتنتشر الأحقاد والبغضاء بين أبناء الشعب الواحد وكل حسب ما يفتي به مرجعه الديني أو الطائفي. -الصراعات الطائفية لا تقدم إلى الشعوب إلا التخلف وأن التدين لا يمكن إلا أن يكون حرية شخصية و ممارسة يتقرب بها الإنسان من ربه ويعبر بها عن إيمانه به ،وماعدا ذلك من المشترك مع غيره من الناس فيجب أن يكون وفق عقود اجتماعية واقتصادية وسياسية…تسطرها المجموعة وفق متطلباتها الجماعية والفردية و العامة والخاصة دون تمييز بين المواطنين مهما كانت انتماءاتهم الدينية الطائفية والعرقية…   عياشي بسايحية

الشيعة في تونس

« شجرة لها جذورها  » أم  » نبتة زرعت فأثمرت »؟

نورالدين المباركي* ارتفعت مؤخرا أصوات في عدة دول عربية (الجزائر- المغرب – مصر- السودان – الأردن… الخ)، تنبه إلى انتشار ظاهرة التشيع و تحذر من توسعها. و ذكرت عدة صحف و مجلات عربية اهتمت بالموضوع أن تونس من بين البلدان التي يشهد فيها « المذهب الشيعي توسعا ،خاصة خلال السنوات الأخيرة ». و مع ذلك فإن هذه المسألة مازالت غير مطروحة رسميا و إعلاميا، إذ لم يصدر أي موقف يشيرإلى ذلك و ينبه إلى هذا الأمر باستثناء بعض الكتابات المحدودة على شبكة الأنترنيت. و هناك عدة تفسيرات لهذا الأمر : فثمة من يقول إن حرية المعتقد أمر يكفله دستور البلاد و إن الدولة لا تتدخل في معتقدات الناس و المذاهب التي يعتنقونها . و هناك من يرجع الأمر إلى » طبيعة التونسيين  » المتسامحة و قدرتهم على التعايش مع بعضهم البعض، بقطع النظر عن المعتقدات و المذاهب. فيما يرى البعض الآخر أن هذا « الصمت الرسمي » على انتشار التشيع في تونس مرده العلاقات بين الحكومة التونسية و الحكومة الإيرانية . و هي علاقات تو طدت خلال السنوات الأخيرة. عدد شيعة تونس و انتشارهم لا تتوفر أرقام رسمية حول عدد الشيعة في تونس ، غير أن الدكتور محمد التيجاني السماوي و هو أحد رموز التشيع يقدر عددهم ب »مئات الآلاف »، و يقول إنهم منتشرون في أغلب محافظات البلاد، و يمارسون شعائرهم و طقوسهم بحرية و دون أن يتعرضوا إلى أي نوع من المضايقات. و يقول أيضا إن عدد الشيعة (المذهب الجعفري) كان لا يتجاوز العشرات في أواخر الستينات و بداية السبعينات ، لكنهم بدؤوا في التوسع و الإنتشار بفضل الدعاة و توفر المراجع و الكتب الشيعية ، إلى أن بلغوا هذه المرحلة. و لا يخفي أنه قام في هذا الصدد بدور هام ، و يقول إن المرجع الشيعي المعروف محمد باقر الصدر لقبه ب »بذرة التشيع ، أي نبتة غرست في تونس فكانت مباركة و أتت أكلها كل حين.. »(1). ويرى شيعة تونس أن مذهب « آل البيت » ليس غريبا عن البلاد و أن جذوره تعود إلى » آلاف السنين ». و من خلال بعض وثائقهم و كتاباتهم ، يمكن تقسيم انتشار التشيع في تونس إلى أربعة مراحل كبرى ، هي: * المرحلة البربرية ، و البربر هم سكان تونس الأوائل، فبالنسبة لهم كان للبربر في تونس »ولاء عظيم لأهل البيت و لهم فيها ثورات ، و بالخصوص في زمن استشهاد الإمام الحسين ، وجرى عليهم القتل و السبي مثل ما جرى على على أهل المدينة من قبل السلطة الأموية انذاك.. »(2). * مرحلة الدولة الفاطمية (910 – 973 م ) و تأسيس المهدية (921م) التي انتشر خلالها التشيع في تونس. * مرحلة أواخر الستينات و بداية السبعينات ، وعرفت هذه المرحلة بدخول المذهب الجعفري ، ويعد الدكتور محمد التيجاني السماوي أحد أهم رموزها ، يقول في هذا الصدد: »..إن الشيعة انقرضت منذ عهد الفاطميين و لم يعد لها أثر ، و من ثم ظهرت من جديد ، ولكن ليس بالطريقة الفاطمية التي كانت إسماعيلية باطنية ، إنما بالطريقة الحقيقية لمذهب الإمامية الأثني عشرية الجعفرية.. »(3). * مرحلة الثمانينات ، أي مباشر ة بعد انتصار « الثورة الإسلامية في ايران »، و يسميها السيد عماد الدين الحمروني(رئيس جمعية أهل البيت الثقافية و هي جمعية شيعية) بمرحلة  » التشيع الحديث « ، يقول  » لقد ظهر التشيع الحديث مع ظهور داعي الله الإمام السيد الخميني و أول ظهور كان في بداية الثمانينات تحت اسم « المسلمين السائرين على خط الإمام ». و اللافت للإنتباه أن السيد عماد الحمروني عند حديثه عن « التشيع الحديث  » في تونس ، يوجه انتقادات « جارحة » لكل من الدكتور محمد التيجاني السماوي و مبارك بعداش( أحد رموز التشيع في تونس) و يقول » إن العاملين في سبيل المذهب الحق في بلادنا و منذ أكثر من عشرين عاما لم يروا أي جهد قام به كل من التيجاني السماوي و مبارك بعداش غير زرع الفتن و بث الفكر الطائفي و معاداة خط الولاية و لقد انتهجا سياسة خالف تعرف.. »(4). علاقتهم بالشأن الوطني
لا يعرف للشيعة في تونس أي نشاط علني يمكن من خلاله تتبع مواقفهم و ارائهم في الشأن الوطني ، وهو ما يجعل البحث في هذه المسألة تعترضه عدة عراقيل ، هذا بالإضافة الى التباين الواضح بين رموزهم في كيفية التعامل مع الشان الوطني و التدخل فيه. فالدكتور محمد التيجاني السماوي يقول  » لا يوجد في تونس أية صحيفة ناطقة باسم الشيعة ، كما لا يوجد أي مسجد أو حسينية ، ولكن نحن بحمد الله نتواصل مع و على مذهب الحق في تونس…نحن لا نطالب لا بمسجد و لا حسينية و لا صحيفة لأن الأمور تجري رويدا رويدا …. أنا لا أتدخل في شؤون الحكم و الحكام و لدي مهمة أسمى من ذلك بكثير ، ألا وهي تقديم النصيحة و كشف الحقيقة.. »(5). ويقول أيضا « …عل علمي أنه ليس هناك أي عائق يعترض التشيع في تونس على شرط أن تكون الدعوة بالحكمة و الموعظة الحسنة ..و أن نتجنب التعرض للنظام القائم و لا نتآمر عليه.. »(6). إذا كان هذا موقف الدكتور محمد التيجاني السماوي أي عدم التدخل في الشأن الوطني و اقتصار دور الشيعة على الدعوة ل »مذهب آل البيت » ، فإن موقف السيد عماد الدين الحمروني غير ذلك . فهو يرى أن شيعة تونس يهمهم الشأن الوطني و يتدخلون فيه، بل أنه يقول » إن التونسيين المنتمينن إلى مدرسة أهل البيت و منذ الثمانينات من القرن الماضي متواجدون على الساحة الوطنية و شاركوا مشاركة فاعلة لإسقاط النظام البورقيبي… وإننا الفريق الوحيد الذي لم يسارع في 1987 لتأييد « انقلاب » السابع من نوفمبر ، بل أصدر البيانات في الداخل و الخارج للمطالبة بالعفو التشريعي العام و احترام الدستور و اعادة الحكم للشعب… »(7). و في الظرف الراهن ينادي السيد عماد الدين الحمروني ب » بروز حركة وفاق وطني من جيل ما بعد الإستقلال و إحياء الفكر الوطني الحر و الدفاع عن الانجازات الوطنية و أهمها الدولة و الدستور و الدعوة الى توزيع عادل للثروة و تشجيع الثقافة الوطنية.. »(8). كما أنه يقدم تقييمه لأداء المعارضة التونسية ( الليبيرالية و اليسارية و الإسلامية )، يقول : » إن ارتباط المعارضة الليبيرالية و اليسارية بالخارج و ارتباطها فكريا و تنظيميا بالمؤسسات و الأحزاب و المنظمات الغربية خصوصا الفرنسية أضعف مصداقيتها و أبعدها عن ثقافة الشعب ، اضافة إلى ارتماء الإسلاميين في حضن الحركة الوهابية جعلهم مرتعا لظهور و تمكن الفكر السلفي الطائفي.. »(9). و إذا كان الدكتور محمد التيجاني السماوي ير ى أنه لا يوجد أي عائق يعترض التشيع في تونس و يفسر ذلك بأن « الدولة أعطت الحرية لكل انسان بأن يكون شيعيا أو سنيا أو حتى شيوعيا ، و أن يكون ما يكون …الحرية مسموحة بشكل مطلق و لا اعتراض من قبل الدولة.. »(10).فإن بعض المتشيعين يعتبرون أن طريقهم لم يخل من العراقيل و المضايقات بسبب اعتناقهم مذهب « آل البيت ». يقول محمد الرصافي : » لم يخل طريقي من بعض العراقيل والاشواك، فقد اعتقلت في 7 أوت 1985م وحقق معي بشأن تشيعي واطلق سراحي بعد 14 يوماً، ثم وقع طردي من العمل في 4 جانفي 1986م، ثم اعتقلت مرة أخرى في 21 أوت 1986 ولم يطلق سراحي إلاّ في 19 سبتمبر من نفس السنة، ثم وقع اعادتي إلى العمل بعد « انقلاب » السابع من نوفمبر تهدئة للاجواء في البلاد، ثم اعتقلت سنة 1991م ثلاثة أيام، تعرّضت خلالها للتعذيب ظلماً وعدواناً، ثم تعرّضت للطرد من عملي هذه المرة نهائياً سنة 1992 ثم اعتقلت سنة 1994 خمسة أيام واطلق سراحي… فقد انقطعت سبل العيش في بلدي، ولم يعد بامكاني أن استمر على تلك الوتيرة، مسلوب الحرية مضيقاً على لقمة عيشي، ولا علاج لذلك سوى اللجوء إلى احدى الدول التي تتوفر فيها بعض الحرية.. » (11). كيف تشيعوا؟
تكشف كتابات بعض الشيعة في تونس على شبكة الانترنيت ، الظروف التي انتقلوا فيها من المذهب السني(المالكي) إلى المذهب الشيعي الجعفري. فالدكتور محمد التيجاني السماوي يقول إن نقاشا تمّ بينه و بين أستاذ جامعي عراقي(شيعي) على متن باخرة كانت تقوم برحلة بين الإسكندرية و بيروت، وأن هذا النقاش كان مقدمة لطرح الأسئلة و البحث في مذهب آل البيت ، خاصة أنه اكتشف جهله لهذا المذهب. ويقول أن نقاشه فيما بعد مع عدد مع المراجع الشيعية(الخوئي و محمد باقر الصدر) و مطالعته للكتب و المراجع الشيعية التي أرسلت له من العراق جعلته يقتنع بهذا المذهب و يعتنقه. أما السيد مبارك بعداش فإن قصة اعتناقه المذهب الشيعي ، انطلقت بعد أن عجز عن الإجابة عن عدّة أسئلة تدور بذهنه »… وكنت خلال هذه الفترة أبحث عمّا يشبع روحي ويروي ظمأي ويوقظ فطرتي ويجعل وجداني ممتلىء بشهود الله تعالى… » إلى أن وجّهه أحد أصدقائه للإتصال بجماعة أهل البيت ، فربما يجد إجابات عن أسئلته. ويقول إنه في أول لقاء مع هؤلاء وقف على جهله بالسيرة النبوية، وهو الذي كان يعتقد أنه ملمّ بها…و أنه عجز عن الإجابة عن الأسئلة التي طرحت عليه و لم يجد لها إجابات في مراجع السنة . وكان ذلك منطلقا لمراجعة معارفه و قراءة السيرة النبوية بعين أخرى ، أي من مصادر الشيعة، فوجد الإجابات التي كان يبحث عنها و « عاد إليه توازنه ». و في خصوص السيد عمادالدين الحمروني ، فيبدو أنه ينتمي إلى عائلة شيعية في الجنوب التونسي، يقول » إن أجدادي في الجنوب التونسي هم من شيعة آل محمد، قبل أن تصبح ايران شيعية في القرن السادس عشر ميلادي.. »(12). فيما لا يخفي عدد آخر من المنتمين للمذهب الشيعي أن علاقاتهم بأقربائهم و أصدقائهم ، كانت وراء تحولهم من المذهب السني (المالكي) إلى المذهب الشيعي الجعفري.(13) و طبعا لا يمكن اهمال دور الدعاة في هذا الصدد، يقول الدكتور محمد التيجاني السماوي »…لقد تشيّع معي كثر من الأصدقاء الذين أصبحو دعاة… بدأنا بالعشرات و أصبحنا آلاف مؤلفة بل تفوق مئات الآلوف.. »(14). و اللافت للإنتباه أن أغلب هؤلاء بعد « استبصارهم » و اعتناقهم مذهب آل البيت أصبحوا ينظرون نظرة « دونية » للمذهب السني لا تخلو من  » السخرية  » و » عدم « الاحترام ». فالدكتور محمد التيجاني السماوي يروي في كتابه « ثم اهتديت »، رحلته الى النجف و كيف التقى في أحد المساجد « مجموعة من الصبية  » يرتدون العمائم عجز عن محاججتهم لغزارة علمهم و هو الذي قال له أحد شيوخ الأزهر « إن مكانك الأصلي هنا بيننا  » بعد أن وقف على علمه و إلمامه بأمور الدين. يقول الدكتور محمد التيجاني السماوي » أدخلني صديقي الى مسجد في جانب الحرم مفروش كلّه بالسجاد، وفي محرابه آيات قرآنية منقوشة بخط جميل، ولفت انتباهي مجموعة من الصبيان المعممين جالسين قرب المحراب يتدارسون وكل واحد بيده كتاب فأعجبت لهذا المنظر الجميل ولم يسبق لي أن رأيت شيوخاً بهذا السن… طلب إليهم صديقي أن أجلس معهم ريثما يذهب للقاء(السيد) ورحّبوا بي وأحاطوني بنصف دائرة… سألوني من أي البلاد أنا، قلت: من تونس، قالوا: هل يوجد عندكم حوزات علمية؟ أجبتهم: عندنا جامعات ومدارس، وانهالت عليّ الاسئلة من كل جانب، وكلها اسئلة مركّزة ومحرجة، …وسألني أحدهم: ما هو المذهب المتّبع في تونس؟ قلت: المذهب المالكي… قال: ألا تعرفون المذهب الجعفري؟ فقلت: خير إن شاء الله، ما هذا الاسم الجديد؟ …وابتسم قائلاً: عفواً إن المذهب الجعفري هو محض الاسلام… وعجبت لهذا الصبي الذكي يحفظ ما يقول مثل ما يحفظ أحدنا سورة من القرآن، وقد أدهشني أكثر عندما كان يسرد عليّ بعض المصادر التاريخية التي يحفظ عدد أجزائها وأبوابها، وقد استرسل معي في الحديث وكأنه استاذ يعلّم تلميذه، وشعرت بالضعف أمامه، وتمنيت لو أنّي خرجت مع صديقي ولم أبق مع الصبيان، فما سألني أحدهم عن شيء يخص الفقه او التاريخ إلاّ عجزت عن الجواب… وبقيت معهم أحاول تغيير الموضوع فكنت اسألهم عن أي شيء يلهيهم عن مسألتي… لأني عجزت وشعرت بالقصور، ولكن هيهات أن اعترف لهم وإن كنت في داخلي معترفاً، إذ أن ذلك المجد والعز والعلم الذي ركبني في مصر تبخر هنا وذاب، خصوصاً بعد لقاء هؤلاء الصبيان… وتصورت أن عقول هؤلاء الصبيان أكبر من عقول اولئك المشايخ الذين قابلتهم في الازهر وأكبر من عقول علمائنا الذين عرفتهم (في تونس) (عن كتابه ثم اهتديت: ص 49 ـ 51). أما السيد مبارك بعداش و هو أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية في تونس (سنية) و تشيع فيما بعد ، فيقول بعد أن بلغ خبر تشيعه إلى قيادات الجماعة  » قال لي راشد( يقصد راشد الغوشي): هنيئا! هل تشيعت؟ فقلت له: إنني أسألك عن ثلاثة أمور فإن أجبتني عنها تخليت عن التشيع. فقال: لاأريد أسئلتك لأنّنا لانستطيع أن نجاري الشيعة في النقاش والحوار، فهم حزب قد شيدوا معتقدهم وأحكموا بناءه منذ زمن قديم، ولهم تاريخ حافل من أيام الإمام عليّ (عليه السلام) !. فاستغربت من جوابه! وكان اعترافه هذا محفّزاً لتمسكي بالتشيع، وذلك لأنّني كنت أظن أنّ الشيعة أضعف منّا، وإذا برائد حركة الأخوان في تونس يقرّ بضعف العامة ـ قديماً وحديثاً ـ أمام الإمامية، فوجدت من غير اللائق لأيّ عاقل أن يتسلح بالعصا ويترك السيف!. »(15) العلاقات مع ايران
بعض الأصوات التي ارتفعت في عدد من البلدان العربية تحذر من التوسع الشيعي لم تخف أن وراء هذه الظاهرة يقف  » مخطط الإيراني للنفوذ والهيمنة » و أنها تعكس « تسلل و خطورة المشروع الإيراني في المنطقة ». لكن أيضا هناك من قلل من أهمية الدور الايراني معتبرا أن » هذه الانتقادات، مبالغ فيها و أن العالم الإسلامي يحتاج إلى التفاهم والتجانس، وأن آخر ما يحتاجه هو هذه الاتهامات المتبادلة ». و في تونس يرفض السيد عماد الدين الحمروني أن يكون شيعة تونس « صناعة خارجية « و يقول  » إننا و عقيدتنا صناعة تونسية مائة بالمائة، و لسنا قوم تبع و لا جئنا بدعم خارجي و لا نمثل مصالح أجنبية … » و لكنه يضيف « …إننا نعتز بالدولة الإسلامية في ايران فهي مفخرة كل مسلم.. »(16). غير أن هناك من يشير الى دور ايراني في دعم شيعة تونس و هو دعم معنوي بالأساس و يتمثل في توفير المراجع و الكتب الشيعية و تمكين الراغبين في مواصلة دراستهم في الحوزات العلمية…الخ و يقدمون في هذا الصدد عدة دلائل: – إن الدكتور التيجاني السماوي يعترف أن محمد باقر الصدر لقبه ببذرة التشيع التي غرست بتونس، كما أن عدة وثائق في مواقع الشيعة الجعفرية على شبكة الانترنيت تربط بين انتشار هذا المذهب في تونس و بين  » رحلة التيجاني السماوي الشهيرة إلى النجف ». – وجود عدد من التونسيين الذين يدرسون بالحوزات العلمية في ايران و منهم من رجع خلال المدة الأخيرة الى تونس.و يقول السيد عماد الحمروني في تدخل له على الموقع الالكتروني ل »شيعة الجزائر »: » نحن ننتظر رجوع الاخوة الذين يدرسون فى قم وسورية ومن هناك ستكون الانطلاقة الفعلية ان شاء الله » و يقول أيضا على الموقع ذاته: » اعلمك اني التقيت باخوتنا من طلاب العلم في قم المقدسة من تونس و الجزائر و المغرب و دعوتهم الى الاهتمام بشؤون التبليغ و التواصل مع اخوتهم من بني قومهم اننا و من خلال تكليفنا الشرعي اسسنا هذا العام جمعية اهل البيت الثقافية بتونس حتى تكون صوت الموءمنين الموالين في بلادنا وهي خطوة اولى لاحياء التشيع في بلاد المغرب الاسلامي.. »(17) – ثمة حادثة يرويها شيعي تونسي و هو السيد محمد العربي التونسي( تشيعّ في أواخر السبعينات) ، يقول متحدثا عن الظروف التي اعتنق فيها المذهب الشيعي، إنه التقى طالبا ايرانيا يدرس باحدى الكليات التونسية و أن هذا الطالب هو من عرفه على الدكتور محمد السماوي، يقول: » قال لي: إذا كنت تريد أن تعرف أكثر عن الشيعة فأنا أعرف شيخاً شيعياً تونسياً في بلدكم هذه. فسألته: ما اسمه. فقال لي: اسمه محمد التيجاني السماوي مؤلف كتاب (ثم اهتديت) وغيره.. عندها ذهلت ولم أصدق. وقلت له: في بلدنا تونس شيخ شيعي ولم أسمع به ماذا تقول يا أخ؟. فقال لي: نعم في تونس ومن مدينة قفصة. وموجود حالياً في مدينة قفصة، وكان وقتها يدرّس في الثانوية التقنية. » ويضيف أن هذا الشاب الايراني هو من اتصل بالدكتور محمد التيجاني السماوي الذي حضر الى العاصمة و رتب اللقاء بينهما . ويقول السيد محمد العربي التونسي أنه طلب من الدكتور السماوي أن يقيم معه بمنزله غير انه أجابه » لا أريد أن أثقل عليك فأريد أن أمكث بعض الأيام في الفندق، لأتمكن من الدعوة والاتصال لمن يريد الحوار والبحث عن طريق أهل البيت (عليهم السلام) وعن التشيع. فقلت له: هذا بيتي تحت تصرفك حتى ولو أردت أن تمكث شهراً أو شهرين. فالتفت وقال للأخ الإيراني محمد النبهاني: أنت احضر وأعطي موعداً للطلبة في الجامعة لمن يريد الحوار أو الاستفسار عن مذهب أهل البيت (عليهم السلام) فاتصل الأخ الإيراني هاتفياً إلى بعض الطلبة وقال لهم: إن الشيخ التيجاني موجود حالياً في العاصمة (تونس) ومن يريد الحوار معه أو اللقاء فهو جاهز، وأخذ معه موعد في جامع يسمى بـ‍)سبحان الله) يوم الجمعة بعد صلاة العصر »(18) – إن الحكومة التونسية أقدمت في الثمانينات على قطع علاقاتها الديبلوماسية مع ايران على خلفية »دعم ايران مجموعات الاسلاميين التي كانت تنشط آنذاك ضد النظام في تونس ». وقد اعيدت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رسميا في 1990 و لابد من الإشارة هنا أن هذه الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة التونسية كانت متزامنة مع حملتها ضد حركة الاتجاه الاسلامي(النهضة حاليا)و هي حركة سنية .و كانت هذه الحركة ساندت الثورة الاسلامية في ايران و قامت بالدعاية لهافي تونس. ملاحظات لابد منها – إن الحديث عن الشيعة في تونس لا يجب أن يدفع إلى الإعتقاد أنهم يشكلون « طائفة » بما يفتح الأبواب أمام الحديث عن « الطائفية » في تونس.هذه المسألة غير مطروحة بالمرة في تونس التي عرفت بوحدة أبنائها و نبذهم لكافة مظاهر التفرقة على أساس عرقي أو ديني أو مذهبي أو قبلي أو جهوي. – إلى جانب الشيعة توجد في تونس أقليات أخرى منها « الأباضية  » و الجالية اليهودية و المسيحية و كلها تمارس طقوسها و شعائرها بحرية دون أن يشكلوا أي تهديد للنسيج الاجتماعي ————— الهوامش (1):حديث للدكتور السماوي مع وكالة » إباء-الوكالة الشيعية للانباء » (2): من موقع « الشيعة في العالم ». (3):من حديث الدكتور السماوي لوكالة إباء. (4):مداخلة في منتدى »شيعة الجزائر » بتاريخ 8 ماي 2004 (5):من حديث الدكتور السماوي لوكالة الأنباء إباء. (6):مداخلة للدكتور السماوي في منتدى »يا حسين  » بتاريخ5 اكتوبر 2004 (7):مداخلة للسيد عمادالدين الحمروني في المنتدى الكتابي لموقع « الحوار.نت » بتاريخ 30 ديسمبر 2006. (8): المصدر نفسه بتاريخ 29 نوفمبر 2006-12-2006. (9):المصدر نفسه بتاريخ 30 ديسمبر 2006. (10): مداخلة الدكتور السماوي في منتدى  » يا حسين ». (11) » الموقع الالكتروني « المستبصرون ». (12): مداخلة السيد الحمروني في المنتدى الكتابي لموقع »الحوار.نت »بتاريخ 1 جانفي 2007. (13): الموقع الالكتروني »المستبصرون ». (14):حديث الدكتور السماوي لوكالة الأنباء إباء. (15):الموقع الالكتروني « المستبصرون ». (16): مداخلة السيد الحمروني في المنتدى الكتابي لموقع »الحوار.نت »بتاريخ 1 جانفي2007. (17): مداخلة في منتدى »شيعة الجزائر » بتاريخ 8 ماي 2004.
* صحافي تونسي mnourddine@voila.fr المصدر: دنبا الوطن بتاريخ 24 جانفي 2007 Wednesday, 24 January 2007


 

الدين عند الغرب و الدين عندنا

رضا المشرقي ـ ايطاليا
لو سألت أي عربي أو أعجمي كان عالما او جاهلا عن دور الدين في المجتمعات الغربية و الأمريكية لأجابك بكل ثقة و وضوح أن الأنظمة الغربية هي أنظمة علمانية و لكنها تحترم الأديان كلها و لأردف قائلا « أنها تأخذ منها موقف الحياد و لا تفضل دين على آخر » الى غير ذلك من الصفات التي تجعلك كأنك تسمع عن المدينة الفاضلة عند أفلاطون …
و قد اقتنع أبناء المجتمعات العربية و الاسلامية بذلك و طفق خاصة العلمانيون منهم بالترويج لهذه النظرية و التسويق لها، بل و اعتبروها مفتاح الديمقراطية و صمام أمان أمام الديكتاتوريات المستفحلة في الوطن العربي و الاسلامي و خاصة المجتمعات التي أصبحت مهددة بوصول الاسلاميين في يوم غفلة من حراس الديمقراطية الأمناء… و لذلك بدأ البعض بالترويج الى هذه « المعادلة الديموقراطية » فأصبحنا نسمع دعوات بضرورة تنقيح الدساتير العربية و خاصة منها التي نصت صراحة على مرجعية الدين الاسلامي في استنباط الأحكام أو التشريعات حتى يخيل اليك أن الخطر يهدد الأمة في مكاسبها بل ربما اكتشف الاسلام الآن و بذلك لا يمكن اللحاق بالأمم « المتقدمة » و « المتسامحة » مع مواطنيها الا بسلك طريق جلد الذات و الخروج من القشرة بعد تنقية الدساتير من خطر الدين الرجعي !!!
و قد طرح الرئيس المصري المبادرة في خطوة مستعجلة بغية اعطاء رسالة اطمئنان الى الغرب على الأقليات القبطية خاصة و أيضا كمبرر لتوريث نجله جمال، و الأكيد أن الأيام المقبلة ستعطي المزيد من الدول الأخرى و خاصة تلك الفاقدة للشرعية أو التي تملك مشروع توريث للسير في هذا الاتجاه. و قبل الحكم على هذا السياسة أو نقدها وجب علينا عرض علاقة الدين بالدولة في المجتمعات الغربية و التي تعتبر قبلة الداعين الى هذا التغيير، ليس من وجهة نطر دستورية جافة و لكن من وجهة واقعية و معيشية ، و ليس بسبب عدم ثقتنا في الدساتير الأوروبية و لكن لأن الواقع الاجتماعي الأوروبي أصدق أنباء و خاصة في قضية الحال من الكتب.
تكاد تجمع الدساتير بالدول الغربية على علمانية الدولة و على مساواتها في التعامل مع مواطنيها على اختلاف توجاتهم الدينية و الحزبية و الاجتماعية و… غير أنك بمجرد عيشك في اي بلد غربي و تجوالك في مختلف مدنه أو في أروقة مستشفياته أو معاهده أو جامعاته أو حتى مؤسساته المدنية ترى عكس ذلك تمام فالأسماء أغلبها أو أشهرها ترجع الى القديسين و القديسات من أعلام المسيحية، و أكبر المؤسسات الطبية أو التعليمية أو حتى الثقافية تشرف عليها المؤسسات الكنسية و حتى لا يكون كلامي دعوة دون بيان ففي مدينة كبرى مثل ميلانو الايطالية، ترى أشهر مستشفى القديس رافيالو و في عاصمتها روما تجد أكبر ساحة هي ساحة القديس بياترو بل تجد بعض المدن بكاملها على اسم أحد القديسين و لا شك أن في أغلب البلدان الغربية انتشارا لهذه الظاهرة، و قد يقول البعض أن هذه مسألة شكلية و بالرغم أنها ليست كذلك و لكن عندما لا يخلو مدخل مدرسة أو مستشفى أو حتى في بعض الأحيان مقر بلدية من الصليب فان المسألة لا تكون شكلية اطلاقا.
بل قد رفع بعض المسلمين قضية بمستشفى يطالبه فيها بازاحة الصليب، الذي استفز أمه حسب تعبيره عندما كانت تعالج في المستشفى، قائلا « ان وضع الصليب يتنافى مع علمانية البلاد » جاءه الحكم من القضاء المستقل عكس ذلك معتبرا أن الصليب في المؤسسات العامة دليل هوية و عامل وحدة للبلاد، و بالرغم من أن أغلب المسلمين ضد ذلك الاعتراض و لكن ذكرت الحادثة للاستشهاد ليس الا. و لا يخفى على أحد علاقة العطلة الأسبوعية و هي يوم الأحد بالجانب الديني للمسيحيين حتى أن كثيرا من الدول الاسلامية جعلت ذلك اليوم عطلة لها أيضا استمرارا لما كان عليه المستعمر المسيحي لها، بل و من الدول الأوروبية خاصة لا تحتفل بمولد المسيح عليه و على نبيينا السلام ؟ بل لو جردنا العطل الرسمية في كامل أوروبا لوجدنا أن أغلب العطل هي عطل دينية.
و حتى في التعليم نرى أن البعد الديني حاضرا دائما فالتعليم المسيحي و ان لم يكن اجباري الا أن الدولة العلمانية توفره و تشرف عليه بدون تردد، و لا تكاد تمر قضية اجتماعية و لا يكون لبابا الفاتيكان رأيا مسموعا و محترما بل صلاته تنقل عبر التلفاز في كثير من الدول الأوروبية و لم نسمع أحد من السياسيين العلمانيين أو اللائكيين أو الداعين الى فصل الدين عن الدولة يهمس ببنت شفة. و قد قامت احدى المؤسسات المدنية الايطالية بتقريرحول نسبة الديانات في التلفزيون الرسمي للبلاد فاكتشفت أن حصة الديانة المسيحية الكاثوليكية في التلفزيون تتراوح بين 96 و 99 ٪ في حين يوزع الباقي على الديانتين الاسلامية و اليهودية !!!
وفي عاصمة الأنوار أبدى الرئيس شيراك اعتراضه عن دخول تركيا للمجموعة الأوروبية لا لسبب الا لأنها دولة ذات أغلبية مسلمة بالرغم من أن أساس وجود الاتحاد الأوروبي هو اقتصادي و ليس ديني، و أردف كبير المترشحين الى قصرالاليزي ساركوزي قائلا ما معناه « ان نجوم السماء أقرب الى تركيا من الاتحاد الأوروبي ». و قد أبدت الرئيسة الدورية للاتحاد الأوروبي السيدة  » أنجلا ميركل » تمنياتها أن يشمل الدستور الأوروبي على الأقل التنويه بالجذور المسيحية لأوروبا كحد أدنى. و اني أعلم أني قد أطنبت في سرد الأمثلة ليس من باب الاعتراض و لكن من باب التوضيح فنحن كمسلمين أن يكون غيرنا صاحب دين أولى من أن يكون انكاري لا يؤمن بأي دين.
ونحن المسلمون لا ينظر أولي أمرنا الى الدين الا بما يخدم بقائهم في السلطة أو يريحهم من شر منافستهم عليها لذلك اختزلوه في البنود الأولى من الدساتير دون ملامسته الى أدنى شيء من حياتنا المعيشية، و بعد ذلك نقول أن الدولة في الغرب علمانية و لدى المسلمين دينية !!! ولا تكاد تخلو دولة مسلمة من وجود الديانة المسيحية و اليهودية فيها، بل ان أغلبهم تدفع مصاريف الكنائس و البيع فيهم من خزينة الدولة المسلمة في حين يتوجب على المسلمين في معظم الدول الغربية، ان لم نقل كلها، دفع مصاريف مساجدهم من قوت أبنائهم غير مبال بهم و بعد ذلك نسمع من يقول على المسلمين احترام الديانات الأخرى وإبداء التسامح تجاهها !!!
 


صليبهـــــم وهلالنــــــــا
بقلم: برهان بسيّس
مات القس بيار رجل الدين المسيحي الفرنسي الذي أحبته كل فرنسا كفارس من فرسان القلوب رأفة ورحمة وتضامنا مع كل صاحب قضية من الفقراء والمهاجرين والمظلومين والمطاردين بسيف قوانين الدولة وصرامتها في مواجهة طالبي الحق في الهجرة والسكن والعلاج والتعليم. الرجل الذي لا نذكره إلا في شكله العجائزي الوقور، مكافحا من أجل قضايا الفقراء على الميدان وفي الساحات العامة وعبر وسائل الإعلام يطرح على عقولنا كعرب ومسلمين أكثر من سؤال واستفهام.
لماذا نجحت منظومة «الإكليرج» المسيحي المعاصرة في انتاج نماذج خير صرف تفرّغت إلى قضايا العدل ونصرة المظلوم بشكل انساني وجمالي راق بعيدا عن كل أشكال التعصّب والكراهية والتمترس وراء ثقافة الموت والغاء الآخر؟
من الام تيريزا راهبة «كالكوتا»، رفيقة درب فقراء الهند ومدن آسيا الفقيرة إلى القس بيار مناضل الكلمة والميدان من أجل قضايا الفقراء نجح الصليب المسيحي في أن يصنع لنفسه جمالية راقية لهندسة التضحية والتسامي الإنساني معمّدة برائحة دم المسيح المنثور على قوائم الصليب وهو يسترجع معاني العذاب اليسوعي في صيغته التراجيدية المشدودة إلى قضايا كل معذّبي الأرض أما الهلال الإسلامي فلا يزال في مأثوراته المعاصرة مشدودا إلى نموذج رجل الدين التقليدي الذي عجز عن التواصل مع العمق الإنساني لرسالة الإسلام مكتفيا بالتجوال بين أروقة قضايا الشكل والتفاصيل وعقدة السعي المحموم نحو القبض على نموذج إسلامي طهوري لا تدخله حيرة أو شك، على يقين دائم من صوابه المطلق وفساد الآخرين المطلق حتى إذا أراد أن يخرج من دائرة قضايا الشكل والتفاصيل باسم الالتحام بقضايا الأمة والجماعة نزع عن نفسه رداء الداعية التقليدي ليلبس زيّ المجاهد الانتحاري!!!
لماذا عجزت اللوحة الإسلامية عن انتاج داعيتها الإنساني القادر على تقديم صورة الإسلام المشرقة بمعانيها المتسامية وجماليتها القادرة على مخاطبة العالم بلغة الروح الهادئة وشجونها المستعصية؟ لماذا لم تختص هذه اللوحة في انتاجها الراهن سوى في اخراج صور الدعاة بلحيهم الطويلة وجبينهم المقطب وخطابهم الجنائزي الراكن لمفردات الويل والثبور والحجب والعذاب والتحريم وبشارة الموت وامتحان عذاب القبور؟!! لماذا تم اختطاف الهلال الإسلامي على يد تحالف أخرق بين فقراء الذوق الجمالي ودعاة الموت وأباطرة المال ليقع أسر رسالة نبيّنا العظيم بين أركان سجن مظلم مشغول بفتن الماضي وأسئلة القرون الغابرة.؟!
في مؤتمر التقريب بين المذاهب المنعقد مؤخرا في الدوحة على أصداء حالة الإحتقان والإقتتال الطائفي المشتغلة بوتيرة شيطانية مرتفعة هذه المدة التقت جموع رجال الدين السنة والشيعة ومعهم كالعادة جموع المستثمرين التقليديين من مقاولي الأرض والسماء والدين والسياسة لنقاش امكانية وضع هدنة لحالة الحقد الدفين بين طائفتي ديننا الإسلامي الحنيف ولعل ما جلب الإنتباه فعلا علاوة على مضمون النقاش الذي يعكس طبعا موقعنا الرمزي كمسلمين من هموم الإنسانية المعاصرة، أن هذا النقاش قد توقف طويلا عند خلاف حاد بين الفريقين في آلية التعامل الإسلامي المستقبلي مع قبر «أبولؤلؤة الفارسي» قاتل سيدنا عمر بن الخطاب، وهو قبر موجود بإيران وقد تحول إلى واحد من المزارات التي يقبل عليها بعض الشيعة.
بين رفض وقبول واستهجان وتبرير وبعد نقاش مستفيض وجدال محتدم حول أبو لؤلؤة وقبره والموقف الشرعي منه انفض المؤتمر الإسلامي دون حسم واضح لقضايا الخلاف الإستراتيجي مقررا تأجيل أمر الحسم في قبر أبو لؤلؤة إلى المؤتمر القادم!! هل فهمتم لماذا سكن هلالنا منطقة النكوص والتخلف ويسكن صليبهم عالم النماء والتقدم؟! رحمة اللّه عليك أيها القس بيار!!!
(المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) الصادرة يوم 26 جانفي 2007)


 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.