Home – Accueil – الرئيسية
TUNISNEWS
7 ème année, N° 2496 du 23.03.2007
بيان حول الإعتصام الإحتجاجي على الحصار الذي تتعرض له التشكيلات السياسية والمنظمات المهنية والإنسانية المستقلة
الرابطــة التونسيــة للدفــاع عن حقــوق الإنســان: بيـــــان
قنا:تونس: القبض على جمل يهرب المخدرات بمفرده
الصباح: بعد التلويح بالاضراب في التعليم: لماذا لا تستأنف النقابات والحكومة التفاوض؟
الصباح: مـاذا فـي ردّي الـوزارة على لائحتـي نقابـة التعليـم الأساسي ونقابة التعليم الثانوي؟
سامي براهم: العقل الوضعي قارئا للإسلام
أبو أنيس : بورقيبة و إفريقيا و تقاطع الطرق
محمد المنصف قاره: بورقيبة أعدم إخواننا وأجهر بكفره فلا يجوز شرعا الترحم عليه
محمد الصالح فليس: بـرج الـرومي:20 مــارس والـبحـر
محمد علي الحلواني: هاجس إعادة التأسيس بين الأدلجة والتسييس
حكايات محمد معالي (3): حكاية المستأسد بالله ضبع الغـاب
الصباح: تونس الخضراء مهدّدة بالتصحّر: الصحراء قد تزحف على 96% من الأراضي
الصباح: مشروع مدينة الألفية الثالثة:هكذا ستصبـح بحيـرة تونـس خـلال سنوات… الصباح: « كلمة رجال » لمعز كمّون في قاعات السينما يوم 4 أفريل: هل يجيب المنتج والمخرج عن هذه التساؤلات؟
رويترز: قاض مصري يتوقع تزوير الاستفتاء وانخفاض الإقبال
رويترز: حركة كفاية المصرية تقول ان الاستفتاء معد سلفا
رويترز:الإخوان المسلمون يقاطعون الاستفتاء على التعديلات الدستورية
رويترز:أمريكية تعيد تفسير القرآن بوجهة نظر مؤيدة للمساواة بين الجنسين
جمعية الانصار سرايفو: بيان
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
صدور العدد الحادي عشر من صحيفة « مواطنون » التي يصدرها
التكتّل الدّيمقراطي من أجل العمل و الحريات
بإمكانكم تصفح الجريدة على الموقع التاالي
بيان
إن لقاء الأحزاب والجمعيات المنعقد اليوم 23 مارس 2007 بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي في إطار اعتصام احتجاجي على الحصار الذي تتعرض له التشكيلات السياسية والمنظمات المهنية والإنسانية المستقلة، يؤكد بمناسبة مرور واحد وخمسين عاما على خروج المستعمر من بلادنا أن المجتمع التونسي مازال محروما من الحريات العامة والفردية التي هي سبيله الوحيدة لضمان حياة ديمقراطية.
وتصاعد هذا الحرمان من الحقوق في الفترة الأخيرة بتشديد الحصار الأمني والإعلامي على التنظيمات المستقلة، سياسية كانت أم مهنية أم حقوقية، سواء بمنع أي نشاطات داخل مقرات رابطة حقوق الإنسان بما في ذلك عقد مؤتمرها الوطني، أو بوضع مزيد من القيود على نشاط الأحزاب المستقلة، شمل حتى التشكيلات المتحصلة على التأشيرة القانونية.
وطالت هذه التضييقات والإنتهاكات حتى الأشخاص بواسطة الإعتداءات الجسدية والمنع من التنقل ومحاصرة المقرات، فضلا عن المنع من السفر والحرمان من الجوازات.
وفي ظل حالة الحصار الشامل للعمل العام و مصادرة حق الاجتماع و تدني حالة الحريات إلى أدنى مستوياتها يصبح من المتعذر الحديث عن أي إمكانية للعمل السياسي أو الجمعياتي أو المدني المستقل بما يكذب بالحقائق الدامغة ادعاءات السلطة في هذا المجال.
وإزاء هذا التدهور الجديد في المناخ السياسي تُحمَل الأطراف المشاركة في اليوم الإحتجاجي السلطة الحاكمة كامل المسؤولية عن هذا المُنزلق الخطر، وتؤكد مجددا للرأي العام أن رفع حالة الحصار الشامل عن المجتمع و إطلاق الحريات والتخلي عن التعددية المُزيفة لبناء نظام تعددي حقيقي هو الطريق الوحيدة لإنقاذ بلادنا من الهُوَة التي تردت فيها ووضعها على سكة التنمية والمنعة والعزة. ومما يزيد من إصرارنا على حمل السلطة ببلادنا على هذا النهج تلك الخطوات الناجحة التي قطعتها بلدان عديدة في محيطنا المغاربي والإفريقي على درب تكريس التعددية وإفساح حرية العمل للتنظيمات السياسية والإجتماعية والحقوقية والثقافية على نحو جعلها تختزل العقود في وقت قياسي.
إن المشاركين في هذا اليوم الاحتجاجي يتعهدون بتصعيد نضالاتهم وتطوير أساليب عملهم بالتعاون مع كافة القوى الحية في البلاد للوصول إلى تلك الأهداف.
عن الاعتصام
مية الجريبي
تونس في 23 مارس 2007
الرابطــة التونسيــة للدفــاع عن حقــوق الإنســـان
تونس في 22 مارس 2007
بيــــــــان
تواصل السلطة الأمنية منذ مدة التضييق على الحق في الاجتماع وتمنع في بعض الحالات حتى الأحزاب والمنظمات القانونية من عقد اجتماعات في مقراتها، فيما يتصدى أعوان الأمن في حالات أخرى إلى مواطنين لمنعهم ،دون غيرهم، من المرور إلى مقرات تلك الأحزاب والجمعيات. ويتم ذلك بالقوة ودون أي سند قانوني . وقد تم منع « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » من عقد اجتماعاتها الداخلية، فبعد أن كانت هذه الهيئة تجتمع بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي أو بمقر التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات،تعمدت قوات الأمن، التي عادة ما تكون بالزي المدني، في المدة الأخيرة منع أعضاء الهيئة غير المنتمين للحزبين المذكورين من الالتحاق بهذين المقرين بمناسبة عقد اجتماعاتهم.
وضرب حصار أمني متواصل على هؤلاء الأعضاء وحول منازلهم وأجهضت السلطة يوم 05 مارس 2007 اجتماعا كان سينعقد بمنزل السيد جلول عزونة عضو الهيئة ورئيس رابطة الكتاب الأحرار.
وتوسع منع الاجتماعات بمحاصرة مكاتب بعض المحامين. فتم مساء يوم الثلاثاء 13 مارس 2007 محاصرة مكتب الأستاذ عبد الرؤوف العيادي لمنع اجتماع لجنة مساندة الأستاذ جلال الزغلامي المحامي الممنوع من ممارسة مهنته بعد استئناف النيابة العمومية قرار ترسيمه بجدول المحامين.
وفي نفس الوقت حوصر مكتب الأستاذ المختار الطريفي المحامي ورئيس الرابطة بأعوان أقفلوا باب العمارة ومنعوا الولوج إليها على السيد حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي الذي كان متوجها إلى المكتب المذكور لتقديم شكاية لرئيس الرابطة تتعلق بالمضايقات التي يتعرض لها من قبل عناصر من الأمن، ووقع الإعتداء عليه بالعنف لما رفض مغادرة المكان.
وكان مكتب الأستاذ العياشي الهمامي تعرض إلى حصار مماثل لعدة أيام ومنع، لبعض الوقت ،السيد لطفي حجي رئيس نقابة الصحافيين من الدخول إليه.
وقام أعوان امن بالزي المدني يوم الأحد 18 مارس بمنع السيد زياد الدولاتلي عضو هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات من الدخول إلى مقر التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات للاجتماع صحبة عدد من ممثلي المجتمع المدني والأحزاب السياسية بوفد من أعضاء المجموعة الاشتراكية بالبرلمان الأوروبي .
وقامت قوات الأمن يوم 19 مارس بمنع وفد من حزب العمال الشيوعي التونسي يضم السيدين حمة الهمامي وعبد المؤمن بالعانس من الدخول إلى مقر الحزب الديمقراطي التقدمي للقاء وفد من قيادة هذا الحزب.ورغم احتجاج السيدة مية الجريبي الأمينة العامة للحزب وأعضاء المكتب السياسي أصرت قوات الأمن على موقفها
وكانت قوات الأمن حاصرت يوم 08 مارس مقر المجلس الوطني للحريات بتونس لمنع عقد ندوه صحفية لفريق من منظمة « ريبريف » جاء إلى تونس في إطار الحملة الدولية لإغلاق معتقل « غوانتنامو » سيئ الذكر ومساعده عائلات المعتقلين التونسيين هناك على الدفاع عنهم.
وتذكر الهيئة المديرة للرابطة أن جميع مقرات فروع الرابطة محاصرة منذ شهر سبتمبر 2005 وتمنع قوات الأمن أيا كان من الدخول إليها. وهي إذ تذكر بايجابية تمكنها يوم 16 مارس من عقد ندوه صحفية بمقرها المركزي مع الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب لتقديم التقرير السنوي حول نشطاء حقوق الإنسان فإنها تتمنى أن تزول نهائيا كل مظاهر المنع والحصار على هذا المقر وبقية مقرات الفروع.
إن الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إذ تندد بهذه الإنتهاكات المتكررة لحق الإجتماع وبالإعتداء على النشطاء الحقوقيين والسياسيين فهي تذكر السلط المعنية بأن قانون 1969 المتعلق بالإجتماعات يضمن حرية الإجتماع بدون قيود سوى ضرورة إعلام السلط المعنية عندما يتعلق الأمر باجتماع عام.
وعليه فإن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تطالب السلط بتمكين المنظمات والجمعيات والأحزاب والهيئات من حقها في الاجتماع ورفع الحصار المضروب على مقرات الرابطة وبقية الجمعيات و الأحزاب ومكاتب المحامين.
عن الهيئــة المديــرة
الرئيـــس
المختــار الطريفـــي
(المصدر: قائمة مراسلة الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 23 مارس 2007)
تونس: القبض على جمل يهرب المخدرات بمفرده
تمكنت الاجهزة الامنية التونسية من ضبط كمية من المخدرات يبلغ وزنها 60 كيلوجراما لدى جمل كان يسير وحيدا في منطقة حوزة فى ولاية توزر في اقصى جنوب غربى البلاد . فقد افادت المصادر الاعلامية هنا اليوم أن هذا الجمل الذى كان يسير بمفرده قد تسمر في مكانه ثم برك بمجرد احساسه بوجود رجال للجمارك الامر الذى دفع هؤلاء إلى التشكك في امره والاقتراب منه لتفتيشه وليعثروا لديه على هذه الكمية من المخدرات . واضافت المصادر أن رجال الجمارك اخلوا سبيل الجمل املا في أن يواصل طريقه إلى الجهة المقصودة والكشف عنها الا انهم فوجئوا بان الجمل الذكى يعود ادراجه بعد أن قضى بعض الوقت إلى الاراضى الجزائرية التى كان قدم منها الامر الذى رسخ لديهم الاعتقاد بانه مدرب تدريبا جيدا على عمليات التهريب . وتعد هذه ثانى مرة يتم الكشف فيها عن عملية تهريب بين تونس والجزائر باستخدام حيوان اذ سبق منذ سنوات قليلة الكشف عن عملية مماثلة لتهريب السلع بين البلدين كانت تقوم بها بنجاح ولعدة اعوام بغلة اطلق عليها اسم اواكس . (المصدر: وكالة الأنباء القطرية قنا بتاريخ 16 مارس 2007)
إبعاد الصادق شعبان عن « الدراسات الإستراتيجية »
.. أعلن الوزير الأول أن سيادة الرئيس قرر تعيين السيد الصادق شعبان رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والسيد الطيب الحضري مديرا عاما للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية. (المصدر: موقع « أخبار تونس بتاريخ 22 مارس 2007) البنات في الجامعة سجلت أعلى نسبة للطالبات بجامعة القيروان وبلغت 66 فاصل 3 بالمائة.. في حين سجلت أدنى نسبة بجامعة الزيتونة وبلغت 46 فاصل 1 بالمائة وحسب احصائيات وزارة التعليم العالي فانه بداية من سنة 1999 فاقت نسبة الطالبات نسبة الطلاب وبلغت سنة 2006: 58 فاصل 1 بالمائة مقابل 41 فاصل 9 بالمائة للطلاب. تراجع مؤشر الخصوبة تراجع مؤشر الخصوبة في تونس من 7 فاصل 85 طفلا لكل امرأة في الستينات الى اقل من طفلين لكل امرأة حاليا. ويذكر ان مؤشر الخصوبة يختلف من ولاية الى أخرى فقد سجل ادنى مستوى بولايتي اريانة وبن عروس (5،1 طفل لكل امرأة) في حين عرفت ولايتا زغوان والقصرين اعلى مستوى (6،2 طفل لكل امرأة). وفرة الزقوقو خلافا للمواسم السابقة انتفت هذه الايام مشاهد التهافت والتزاحم على محلات بيع الزقوقو لتوفر العرض بكميات وافرة انعكست بشكل واضح على اسعار هذه المادة التي اعتبرها المستهلك في المتناول كما توفرت الفواكه باختلاف انواعها وشتان بين كلفة «صحفة عصيدة» 2007 ومثيلاتها من العصائد السابقة. جسر رادس ـ حلق الوادي بلغت الاشغال الخاصة بانجاز مكونات مشروع الجسر العملاق الذي سيربط بين رادس وحلق الوادي نسبة 50% وقد اخذت ملامح المشروع الضخم تتشكل وتبرز بشكل جلي للمارين عبر طريق تونس حلق الوادي او المسافرين عبر قطارات الضاحية الشمالية. ويتوقع ان يكون المشروع جاهزا خلال صائفة 2008 وفقا للموعد المحدد.. التزود بالماء الصالح للشراب تعتبر نسبة التزود بالماء الصالح للشراب بالمناطق الريفية من ولايات الشمال واساسا باجة وجندوبة والكاف الادنى بـ83% مقابل 90% بالوسط و97% بالجنوب لهذا السبب تتكثف الجهود لربط المناطق الريفية بالشمال بشبكات توزيع الماء الصالح للشراب الى جانب تحلية وتحسين نوعية المياه فيما يهم بقية المناطق. حول بيع قطع الغيار ينتظر ان يتم خلال الفترة القريبة القادمة اعتماد خطة جديدة تقوم على كراس شروط جديد داخل اسواق بيع قطع غيار السيارات . ويشار الى ان هذه الاجراءات المنتظرة تهدف الى تنظيم البيع داخل الاسواق وذلك باعتماد اسعار مرجعية تقوم على تحديد مصدر السلع الموردة وذلك لتفادي جملة من الاشكاليات التي برزت بين ما هو اصلى صادر عن ماركات عالمية معروفة وبين ماهو مقلد من قطع الغيار مزيد تاهيل سواق حافلات النقل العمومي بقدر ما عملت شركة نقل تونس وحتى بعض الشركات الخاصة في مجال النقل العمومي على تأهيل القطاع وتطويره على جملة من المستويات تحسينا للخدمات المسداة للمواطن ، فان البعض من سواق الحافلات مازالوا يعمدون الى تجاهل الركاب في بعض المحطات والمرور بهم دون توقف في المحطة وذلك على الرغم من امكانية توفر بقاع داخل الحافلات. بعض الواطنين لفتوا انتباهنا لهذه الظاهرة ودعوا الى تحسيس الشركات بهذه الممارسات التي كثيرا ما يتعرضون اليها في أوقات تكون حساسة. محلات التمريض الخاصة يباشر بعض المختصين في التمريض عملهم في اطار الانتصاب الخاص وذلك بفتح محلات في بعض الاحياء كثيرا ما يلجأ اليها المواطنون عند الطوارىء او يستأنسون بها حتى ضرورة اعتماد الحقن الخاصة ببعض الامراض المزمنة التي لا يمكن تأجيلها او الامراض الخفيفة مثل النزلة او غيرها من الحوادث البسيطة التي يتعرض لها الاطفال … لكن الملاحظ ان البعض من اصحاب هذه المحلات كثيرا ما يتغيبون او لا يفتحون محلاتهم . فهل هذا الغياب قانوني وهل ان صاحب محل التمريض الخاص ملزم بفتح محله طبقا لشروط قانونية تنص عليها رخص انتصابهم . ذلك ما يسأل عنه بعض المواطنين الذين كثيرا ما يحتاجون لخدمات هذه المحلات؟ (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 23 مارس 2007)
بعد التلويح بالاضراب في التعليم:
لماذا لا تستأنف النقابات والحكومة التفاوض؟
تونس/الصباح في خطوة غير مسبوقة في تاريخ نقابات التعليم، قررت نقابات المعلمين والتعليم الثانوي والتعليم العالي شن اضرابات عن العمل، في تواريخ مختلفة من شهر افريل القادم. وتأتي قرارات الاضراب المعلنة، بعد «تعطل المفاوضات مع وزارة الاشراف» بالنسبة للبعض، و«عدم التوصل الى تسوية بعض الملفات العالقة»، بالنسبة للبعض الآخر، وفق ما جاء في بيانات النقابات التي صدرت في الآونة الاخيرة. مطالب النقابات وان اختلفت في بعض التفاصيل، فانها تلتقي حول ثلاث نقاط على الاقل: * تسوية الملف المالي في علاقة بالمنح البيداغوجية او ما شابهها. * تشريك النقابات في صنع القرار التربوي، من وضع البرامج واعداد التصورات للمناهج التربوية، او التفكير في الحلول الممكنة لملفات التربية والتعليم العالي، الى جانب محاربة التردي الاخلاقي الذي ساد عددا هاما من المؤسسات التربوية في البلاد. * الحق النقابي، سواء تعلق الامر بالتحرك النقابي صلب المدارس والمعاهد والكليات، او توزيع بعض المنشورات ذات الصبغة النقابية بين المعلمين والاساتذة. مفاوضات ممكنة.. وتبدو هذه المطالب في دائرة الممكن التفاوضي، بين هذه النقابات ووزارتي الاشراف (وزارة التربية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي)، اذ لا يوجد اي مبرر ـ في تقديرنا ـ لغلق باب التفاوض، سواء بشأن مسائل حسمت، او ملفات مفتوحة، سواء كانت ذات صبغة نقابية/مطلبية، او مالية او بيداغوجية. ويرى مراقبون للشأن النقابي ان المفاوضات تبقى هي الحل الذي لا مناص منه، لتسوية الملفات او لايجاد حلول لمشكلات المدرسين والجامعيين، مهما كان السقف المطلبي للنقابات. مبادرة ضرورية.. وبصرف النظر عن جميع المعطيات فان مصلحة القطاع التربوي برمته، تستدعي جلوس الجميع الى طاولة التفاوض من أجل الحيلولة دون هذه الاضرابات من ناحية، وايجاد حلول للمشكلات المطروحة من ناحية أخرى فهل يبادر الطرفان، النقابي والحكومي الى استئناف المفاوضات مجددا، سيما وانه لم يبق على نهاية الموسم الدراسي الراهن سوى بضعة اشهر؟ صالح عطية (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 23 مارس 2007)
مـاذا فـي ردّي الـوزارة على لائحتـي نقابـة التعليـم الأساسي ونقابة التعليم الثانوي؟
اتصلت «الصّباح» بردّ الوزارة على لائحة نقابة التعليم الأساسي وتضمن هذا الرد بالخصوص التمسك بالحوار والتفاوض والتزام الوزارة دوما بتعهداتها وبتطبيق ما يقع الاتفاق بشأنه. وتعرّض هذا الردّ باسهاب إلى محتوى المفاوضات الماراطونية بين الطرفين الوزاري والنقابي والتي توجت باتفاق غرة نوفمبر 2006 تضمن أبرز بنوده الحق النقابي وشروط الترشح لرتبة معلم تطبيق أوّل وانتداب النواب والمنح والقروض الجامعية وحركات نقل المدرسين ومنحة التكاليف البيداغوجية. واتصلت «الصّباح» كذلك بردّ الوزارة على لائحة نقابة التعليم الثانوي حيث تضمّن بالخصوص التأكيد على تمسك الوزارة بالحوار والتفاوض والتفاجؤ بدعوة النقابة إلى الدخول في إضراب كامل يوم 11 أفريل 2007 معتبرة أن هذا القرار «لا يخلو من غايات أخرى غير نقابية». وتعرّض هذا الردّ كذلك إلى ما تم التوصل إليه بين الطرفين من اتفاق شمل إسناد مكافأة للأساتذة المراقبين في الامتحانات الوطنية وادماج الأساتذة المتعاونين «صنف أ» وحركة النقل لمدرسي التعليم الثانوي وتمكين النقابة من إبداء رأيها في البرامج التعليمية وتحسين منحة التكاليف البيداغوجية وتضمّن هذا الاتفاق كذلك ما تم التوصل إليه حول مدارس المهن ومجلس المؤسسة. رد الوزارة على لائحــة نقابة التعليم الأساسي دأبت وزارة التربية والتكوين في علاقتها مع النقابة العامة للتعليم الاساسي وبقية نقابات القطاع على التمسك دوما بالحوار والتفاوض البنّاء، واللقاءات مع الطرف النقابي تكاد تكون يومية سواء كان ذلك على المستوى المركزي او الجهوي او المحلي، كما التزمت الوزارة دوما بتعهداتها وتطبيق ما يقع الاتفاق بشأنه. ونقابات القطاع تعرف جيدا كل هذا، ورغم ذلك فان تصريحاتها لا تعكس الواقع بل انتهجت لهجة التصعيد والمبالغة. وقد جاء في محضر اتفاق يوم غرة نوفمبر 2006 بالديباجة ما يلي: «في اطار الحوار المتواصل بين وزارة التربية والتكوين من جهة والمكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل والنقابة العامة للتعليم الاساسي من جهة اخرى وتتويجا لجلسات العمل بين وزارة التربية والتكوين والنقابة العامة للتعليم الاساسي اتفق الطرفان على…» ورغم تواتر الاجتماعات لتنفيذ ما جاء في هذا الاتفاق وما تحقق من مكاسب للمدرّسين، تفاجئنا النقابة بدعوة الى الدخول في اضراب كامل يوم 11 افريل 2007، ومما يدعو الى التساؤل عن وجود اغراض اخرى، ان نفس اليوم تم اختياره مع بقية نقابات القطاع ليكون ايضا يوم اضراب. فهل وراء هذا تنسيق قام به قسم الوظيفة العمومية والاطارات والفنيين بالاتحاد العام التونسي للشغل، يؤكده البيان المشترك بتاريخ 22 فيفري 2007 اي قبل اجتماعات الهيئات الادارية لمختلف النقابات التي دعت الى الاضراب؟ اما بخصوص ادعاء النقابة العامة للتعليم الاساسي من ان «الوضع النقابي والمهني القطاعي تميز بسياسة المماطلة والتنكّر للاتفاقيات وضرب مكاسب القطاع من طرف سلطة الاشراف» ودعوتها الى الاضراب فلا يسع الوزارة الا ان تقدم المعطيات والوقائع التالية: لقد انتهت المفاوضات الماراطونية بين الطرفين الوزاري والنقابي الى امضاء محضر اتفاق يوم غرة نوفمبر 2006 حول ستة (6) بنود تناولت المطالب التي تقدمت بها النقابة العامة وتم التوصل في شأنها الى اتفاق وحتى لا تخفى على الرأي العام الحقيقة واعتبارا لحقه في اعلام موضوعي وكامل نورد بنود هذا الاتفاق كما وردت في المحضر وكيف تعاملت الوزارة معها؟ 1 ـ الحق النقابي التزمت الوزارة بتطبيق ما سيتم الاتفاق في شأنه ضمن اللجنة المشتركة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل في كل ما يتعلق بهذا الموضوع. 2 ـ شروط الترشح لرتبة معلم تطبيق اول: أمضى سيادة رئيس الجمهورية يوم 10 جانفي 2007 أمرا يتعلق بشرط الاقدمية المستوجبة للترشح الى رتبة معلم تطبيق أول وذلك وفق ما نص عليه الاتفاق، وقد نشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 5 بتاريخ 16 جانفي 2007. 3 ـ انتداب النواب: لم يمر شهران على امضاء الاتفاق حتى بادرت الوزارة بانتداب 316 نائبا عملوا بصيغة النيابة المسترسلة في رتبة معلمين متربصين وكدفعة اولى ستليها دفعتان اثنتان للسنتين الدراسيتين المقبلتين، مع الاشارة وان الوزارة اعتمدت وثائق الصرف لتحديد قائمة النواب الذين تتوفر فيهم الشروط المحددة مع النقابة العامة للتعليم الاساسي في محضر اتفاق 1 نوفمبر 2006 وتؤكد الوزارة على ان انتداب من قاموا بنيابات مسترسلة هي بالاساس مبادرة منها وليست مطلبا نقابيا فكيف الادعاء بخلل في تطبيق هذا البند والحال انها صاحبة المبادرة في نطاق حرص رئيس الدولة على مزيد الاحاطة بالمربين وابنائهم. كما أن الوزارة قد بادرت الى انهاء العمل بصيغة النيابة المسترسلة وفقا للاتفاق وقد تطلب الايفاء بكل هذا من قبل الوزارة وانتداب اعداد اضافية من المعلمين لا تخفى كلفتها المالية على أحد. 4 ـ المنح والقروض الجامعية: كان لوزارة التربية والتكوين الدور الاساسي والفعال في اقرار مبدأ الترفيع في عدد القروض الجامعية لابناء المعلمين بـ500 قرض اضافي واسناد 300 منحة جامعية من الرصيد المتبقي المخصص لابناء المدرسين وذلك بصفة استثنائية. 5 ـ حركات نقل المدرّسين: جاء في محضر الاتفاق: يعمل الجانبان خلال السنة الدراسية الحالية على عقد جلسات للنظر في ما يمكن ادخاله من اصلاحات على حركات نقل المدرسين بما يخدم مصلحة المدرّس والتلميذ والتوازنات البيداغوجية وقد اصرت النقابة على ادراج هذا الطلب ضمن محضر الاتفاق والحّت على اهميته، وفي هذا الصدد عقدت ست جلسات بالوزارة لتدارس موضوع الحركات النظامية منها والاخرى وما يمكن ادخاله من اصلاحات الا اننا فوجئنا بتنكر النقابة لالتزاماتها واصرارها على الابقاء على الحركات كما هي، رافضة كل اصلاح وكل تغيير وكل تعديل. 6 ـ منحة التكاليف البيداغوجية: لئن انطلق التشاور بشأن هذا البند من الاتفاق مع النقابة العامة للتعليم الاساسي فان الوزارة ملتزمة بمبدإ تحسين منحة التكاليف البيداغوجية في حدود مقادير معقولة وملائمة لمصاريف المعلمين بمناسبة العودة المدرسية سيما انها قد بادرت بتوفير عدد من المعينات والوسائل البيداغوجية مجانا للمعلمين مؤخرا وهي وسائل ومعينات طالبت بها النقابة نفسها، واصرت على توفيرها الا ان نفس هذه النقابة فاجأتنا بتغير في موقفها اذ اضحت تطالب بما يعادل اجرة شهر كامل وهو ما يمثل بالنسبة الى المرحلة الابتدائية وحدها مبلغ 30 مليون دينار.. والنقابة العامة تدرك تمام الادراك انه يتعذر توفير هذا المبلغ. هذه هي بنود الاتفاق الستة، فهل هناك ما يبرر اللجوء الى اضراب ليوم كامل في كل المدارس الابتدائية؟ الا ان كانت هناك خفايا اخرى غير نقابية. وحتى النقابة العامة نفسها تبدو غير مقتنعة بتبريرها للاضراب اذ تضمّن لائحتها المهنية مطالب اخرى لا علاقة لها بالاتفاق من قبيل المدارس الريفية والانتداب وتحديد ساعات عمل معلمي التطبيق والغاء مجالس المؤسسة وهي مواضيع محسومة من الجانبين منذ امضاء اتفاق 1 نوفمبر 2006. ازاء منطق التصعيد والانحراف عن العمل النقابي النزيه لا يسع الوزارة الا ان تعرب عن رفضها لهذا المنطق في التعامل بين الاطراف الاجتماعية وان تؤكد التزامها الكامل بالتحاور والتشاور واستعدادها للتفاوض في كل ما يهم شؤون المعلمين رائدها في ذلك صلاح المنظومة التربوية ومصلحة المدرسة التونسية والحفاظ على مكاسبها من جهة وحق التلاميذ المقدّس في التربية والتعليم من جهة اخرى. ان الوزارة على ثقة تامة في التفاعل الايجابي للمربين مع ما ورد في هذه الوثيقة من معطيات تحملهم المسؤولية وتدفعهم لرفض الممارسات التي اختارها بعضهم للاضرار بمصلحة التلاميذ والمربين لاسباب لا علاقة لها اطلاقا بالمنظومة التربوية. ردّ الوزارة على لائحــة نقابة التعليم الثانوي رغم تتالي الاجتماعات وتعددها لتنفيذ ما جاء في اتفاق 17 أكتوبر 2006 مع النقابة العامة للتعليم الثانوي ورغم إقرارها بتمسك الوزارة بالحوار والتفاوض البناء حيث جاء في ديباجة الاتفاق ما يلي: «في إطار الحوار المتواصل والبناء بين وزارة التربية والتكوين من جهة والمكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل والنقابة العامة للتعليم الثانوي من ناحية أخرى وتتويجا لجلسات العمل حول مطالب مدرسي التعليم الثانوي تم الاتفاق على….»، تفاجئنا النقابة بالدعوة الى الدخول في إضراب كامل يوم 11 أفريل 2007 في تحرك يشمل مختلف قطاعات التربية وهو قرار لا يخلو من غايات أخرى غير نقابية. وتدعي النقابة العامة للتعليم الثانوي أن وزارة التربية والتكوين قد «تنصّلت من بعض بنود اتفاق 17 أكتوبر 2006»، ولا يسع الوزارة إلا أن تقدّم المعطيات التالية: تمحور محضر الاجتماع الذي ضم وزارة التربية والتكوين من ناحية والمكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل والنقابة العامة للتعليم الثانوي من ناحية ثانية حول سبعة (7) بنود تناولت المطالب التي تقدمت بها النقابة وتم التوصّل في شأنها إلى إتفاق، وهي: 1 – إسناد مكافأة للأساتذة المراقبين في الامتحانات الوطنية أمضى سيادة رئيس الجمهورية يوم 15 جانفي 2007 أمرا يتعلق بإحداث هذه المكافأة وذلك وفق ما نص عليه الاتفاق ونشر الأمر بالرائد الرسمي عدد 7 بتاريخ 23 جانفي 2007. وسيقع العمل باحكام هذا الأمر بداية من دورة الامتحانات الوطنية لسنة 2007. 2 – إدماج الأساتذة المعاونين «صنف أ» هنا أيضا صدر أمر رئاسي بنفس العدد من الرائد الرسمي المذكور أعلاه لادماج هذا الصنف من الأساتذة مع الاشارة أن هذا الاجراء سيشمل قرابة 5000 أستاذ. 3 – تكوين لجنة مشتركة لدراسة ملفات بعض المدرسين الذين يتعرضون لصعوبات مهنية قصد ايجاد الحلول الملائمة بما في ذلك التقاعد. وتقرر أن تجتمع هذه اللجنة مرتين كل سنة في شهر جانفي وشهر جويلية. في جلسة تمهيدية انعقدت يوم 27 ديسمبر 2006 تبيّن أنه لا توجد ملفات جاهزة للدرس فتقرر أن لا تجتمع اللجنة في شهر جانفي على أن تعدّ النقابة ملفات في الحالات التي تستدعي التدخل وعرضها في موعد لاحق. ولم تتقدّم النقابة إلى حد التاريخ بطلب في الغرض. وهذا لم يمنع الوزارة من الانكباب على الملفات التي وصلتها مباشرة وتسوية أوضاع أصحابهــــــــــــــا. 4 – النظام الأساسي انطلق التفاوض حول النظام الأساسي لمدرسي التعليم الثانوي منذ عدّة سنوات ولم يحرز تقدّما ملحوظا. فالوزارة ما انفكت تطالب النقابة بتقديم مقترحاتها في الموضوع دون جدوى. وإزاء هذا الصمت المتواصل ومن منطلق حرصها على التقدم في هذا الملف في ضوء متطلبات الإصلاح الجديد قامت الوزارة بصياغة مشروع للنظام الأساسي وقدّمته إلى النقابة بتاريخ 3 أكتوبر 2006 على أن تبدي هذه الأخيرة رأيها فيه في غضون شهر انطلاقا من تسلمها هذه الوثيقة وتقدم ما ترتئيه من مقترحات وتعديلات، وعند مراجعتها في الموضوع، أكدت النقابة أن المشروع تحت الدرس وتعهّدت بتقديم مقترحاتها قبل موفى شهر جانفي 2007، وإلى حدود هذا اليوم لم تتصل الوزارة بأيّ ردّ في الموضوع. فكيف تخوّل النقابة لنفسها إلقاء مسؤولية تعطل التفاوض في هذا الموضوع على الوزارة وهي تعلم أنها لم تف بالتزاماتها في الغرض؟ 5 – حركة النقل لمدرسي التعليم الثانوي جاء في نصّ الاتفاقية ما يلي: تتقدّم النقابة العامة للتعليم الثانوي باقتراحات لتطوير حركة النقل يتم النظر فيها لاحقا في جلسة عمل. لم تتقدم النقابة بأي اقتراح في الغرض بالرغم من مراجعتها في الكثير من الأحيان. 6 – تمكين النقابة من إبداء رأيها في البرامج التعليمية هذا إجراء معمول به قبل اتفاق 17 أكتوبر 2006 وأبدت النقابة رأيها في عديد المناسبات وحضرت أعمال اللجان المختصة بالرغم من أن البرامج التعليمية هي شأن الخبراء والمختصين. 7 – تحسين منحة التكاليف البيداغوجية ما تجدر ملاحظته هو أن مطلب تحسين المنحة صدر في البداية عن نقابة التعليم الأساسي معلّلة ذلك بتعويض المصاريف التي ينفقها المعلمون في بداية السنة الدراسية لاقتناء مستلزمات بيداغوجية وقد سبق أن عارضت بعض الأطراف بالمكتب الوطني لنقابة التعليم الأساسي هي الآن في مستوى المسؤولية المركزية للاتحاد العام التونسي للشغل سحبه على التعليم الثانوي لاختلاف الأوضاع بين القطاعين، وفي إطار الحفاظ على السلم الاجتماعية وحرص رئيس الدولة على تحسين ظروف أسرة التعليم وقع الاتفاق على أن يشمل إجراء تحسين منحة التكاليف البيداغوجية أساتذة التعليم الثانوي وعندها تحوّل المطلب الأول إلى المطالبة بما يعادل أجرة شهر وهو ما يمثل بالنسبة إلى التعليم الثانوي وحده مبلغ 38 مليون دينار سنويا… والنقابة تدرك أنه يتعذّر توفير هذا المبلغ. واعتبارا إلى أنّ النقابة لم تجد أي بند من السبعة التي تضمنها الاتفاق معطلا لجرّ الأساتذة إلى الإضراب عمدت إلى إثارة مسائل خارج هذا الاتفاق وقع حسمها في أغلبها في مفاوضات سابقة. – ففي خصوص مدارس المهن: تم الاتفاق في جلسة مع النقابة بتاريخ 8 أفريل 2006 على أن تسلم هذه الأخيرة تصوّرها لتطوير هذه المدارس كما دعيت لتعيين من يمثلها في اللجان التي كلفت بإعداد الاستشارة الوطنية حول التكوين المهني ولم تتصل الوزارة بأي مقترح في الغرض. وقد شارك في هذه الاستشارة الاتحاد العام التونسي للشغل بوفد هام يترأسه عضو بالمكتب التنفيذي وقد انتهت الاستشارة الوطنية إلى صيغة جديدة لمدارس المهن وإلى بعث باكالوريا مهنيّة وهي إجراءات باركها الطرف النقابي خلال الاستشارة فبأي تفاوض تطالب نقابة التعليم الثانوي؟ أما بخصوص وضعية أساتذة هذه المدارس فغريب أن تفتعل النقابة مثل هذه القضية والحال أن الوزارة حريصة كل الحرص على تفعيل دورهم في هذا الإصلاح الجديد مع المحافظة على مصلحة الأستاذ والتلميذ والمؤسسة. – أما بخصوص «مجلس المؤسسة» التي أقرّها القانون التوجيهي للتربية والتعليم الأساسي في فصوله 31-32-33 للارتقاء بالمدرسة التونسية وتحديث طرق تسييرها، فقد كانت للوزارة والنقابة جلسات عدة بين سبتمبر 2003 وجويلية 2004 للتشاور حول الأمر المنظم للحياة المدرسية قبل صدوره، وقد تقدّمت النقابة بعديد الاقتراحات تم الاستئناس بجلها في ضوء احترام القانون المنظم للمؤسسات العمومية ذات الصبغة الادارية. وأدرجت أخرى في فصول الأمر الذي صدر تحت عدد 2437 بتاريخ 19 أكتوبر 2004 وأصبح بذلك نافذ المفعول ككل القوانــــين. ولكن فوجئنا بالبيان الذي صدر عن النقابة لمقاطعة الانتخابات التي نظمت في نوفمبر 2006 لتكوين المجالس وكذلك بما قامت به بعض الأطراف من تهجم على الأساتذة الذين ترشحوا طوعا لتمثيل زملائهم وقد بلغ عددهم 14000 كما فوجئنا بما صدر عن الطرف النقابي للتصدي بشتى الوسائل لاجتماعات تركيز المجالس بلغت إلى حدّ منع مدير جهوي للتربية والتكوين من الدخول إلى قاعة الأساتذة. وما انفك الطرف النقابي يدعي بأن هذه المجالس تم تشكيلها بدون توفر «الشرط القانوني» غير واعية بتناقضها في الاحتجاج بقانون (الأمر عدد 2437) ما انفكت تعارضه وتمتنع عن تطبيقه. – وأما في ما يتعلق بالحق النقابي: فالوزارة ملتزمة بالقانون وبما أقر في الاتفاق المؤرخ في 25 أفريل 1998 وبمحضر الجلسة بين الوزارة والمركزية النقابية بتاريخ 2 أفريل 1999 وبما سيتم الاتفاق حوله في إطار اللجنة المشتركة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل المكلفة بدراسة كل ما يتعلق بممارسة الحق النقابي بقطاع الوظيفة العمومية، وكل هذا متفق عليه بين الوزارة والنقابة. إزاء كل هذه التصرفات التصعيدية المرفوضة تؤكد الوزارة التزامها بمبدا التشاور والحوار وعدم غلق باب التفاوض وذلك من منطلق حرصها على مصلحة المدرسة التونسية ومكاسبها وحق التلاميذ المقدّس في التربية والتعليم وكذلك مصلحة الأسرة التربوية التي لا يشككها سلوك البعض في تفانيها وشعورها بالمسؤولية. وهي واثقة من أن الأغلبية الساحقة من الأساتذة والمربين لهم من الروح الوطنية والوعي بالمسؤولية ما يمكنهم من التصدي للممارسات التي اختارها بعضهم للمسّ بمصلحة التلميذ والمدرسة والأساتذة لأسباب لا علاقة لها إطلاقا بالمنظومة التربوية. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 23 مارس 2007)
العقل الوضعي قارئا للإسلام
* سامي براهم
أثار الجزء الثّاني من مشروع الدّكتور هشام جعيّط في السّيرة النّبويّة و الموسوم بـ » تاريخيّة الدّعوة المحمّديّة في مكّة » من جديد السّؤال عن المناهج التي نتوسّل بها لمقاربة مسائل الدّين خاصّة تلك المتعلّقة بما تعدّه الأديان خوارق و معجزات تشدّ التّاريخ إلى عوالم ماورائيّة متفلّتة عمّا تعتبره فلسفة العلم الوضعي شروطا موضوعيّة ضروريّة تحكم العالم الأرضي بكلّ ظواهره الطبيعيّة و الإنسانيّة . و بقيت » الموضوعيّة الوضعية » منذ نشأتها معول هدم للإيمان الدّيني لأنّ الحقيقة في المنظور الوضعي تتوقّف على قابليّة الظّواهر للتّعقّل ضمن شروط التّاريخ، فلا مجال للتّعويل على أسباب و مؤثّرات تحرّكها قوى ومعطيات من خارج العالم الأرضي أو من داخله إذا استعصت على الاختبار. في خضمّ هذا السياق المعرفي الذي كرّسته فلسفة الحداثة القائمة على مركزيّة العقل و الذّات المتعقّلة تتنزّل المباحث التي تقارب مسائل الدّين و الموزّعة على مجالات معرفيّة متعدّدة كعلم الأديان المقارن و المقاربات السوسيولوجية و البسيكولوجيّة و الأنطربولوجيّة و الماديّة التّاريخيّة… و كانت مدارس الإستشراق على اختلاف توجّهاتها و خلفيّاتها الثّقافيّة و الفلسفيّة والإيديولوجيّة امتدادا لهذا الأفق المعرفي الذي تحوّل من منهج نظري للفهم و التّحليل إلى حركة مناضلة تحمل رؤية للوجود و إيديولوجيا كونيّة . و انكبّت هذه المدارس على تمحيص المدوّنة الإسلاميّة كما لم يحصل منذ قرون حيث توقّف إنتاج المعرفة عند المسلمين على ثقافة التّقليد ممثّلة في الشّروح و التّلاخيص و المختصرات و المتون و الرّسائل المدرسيّة. لذلك مهما كانت تحفّظاتنا على نتائج الدّراسات الإستشراقيّة فالثّقافة العربيّة والإسلاميّة مدينة لها بتدشين مرحلة جديدة لإنتاج معرفة عن الإسلام و تاريخه و علومه أشبه بعصر تدوين معاصر. و يعتبر الكتاب الأخير للدّكتور جعيّط امتدادا للأفق النّظري الذي يتحرّك فيه الإستشراق المعاصر عموما رغم نقده الشّديد و الصّريح لترّهات الكثير من المستشرقين ، لكن تبقى المقاربة الوضعيّة قاسما مشتركا بين أعمال الدّكتور جعيّط و أعمال المستشرقين. و نحن في هذا المقال و إن كنّا لا نصدر عن موقف إيمانيّ أو فلسفي مسبق من المدرسة الوضعيّة فإنّنا نريد من خلال هذا الكتاب أن نسائل المنهج الوضعي و نختبر نتائجه المتعلّقة بمباحث ما أصبح يعرف بالإسلام الأوّل أو الإسلام التّأسيسي. * مصادرة غير علميّة إنّ أوّل مفارقة تصدر عنها مقاربة الدكتور جعيّط هي وضع البحث الذي يروم الموضوعيّة العلميّة في تمثّل الإسلام الأوّل و النصّ التّأسيسي بين خيارين اثنين لا ثالث لهما : إمّا الإقرار بألوهيّة القرآن و نبوّة محمّد فتنتفي بذلك مبرّرات البحث العلمي و يتوقّف الباحث لصالح مسلّمات العقيدة الدّينيّة ، أو الإقرار بعلمانيّة الظّاهرة القرآنيّة و النّبويّة و نشوئهما ضمن الشّروط التّاريخيّة الموضوعيّة، و طاما أنّ الثّقافة الجاهليّة لم ترتق إلى مستوى المعارف الدّقيقة التي رافقت نشأة الإسلام ــ نظرا لضعف الوسط الذّهني و الثّقافي الذي ظهر فيه حسب عبارة جعيّط ــ فإنّ التّأثيرات الخارجيّة في صياغة الخطاب القرآني و السّيرة النّبويّة هي ما يجب أن نبحث عنه لتكون معرفتنا علميّة. إنّ هذه المصادرة القائمة على خيار » مانوي إثنيني » نور/ ظلمة ، عقل / لاعقل ، علم / أسطورة … هي مصادرة حسب تقديرنا تناقض مبدأ الموضوعيّة العلميّة لأنّها تستبق مسار البحث العلمي و تفترض نتائجه مسبقا و قد تدفع إلى التّعسّف على المادّة التّاريخيّة و توجيهها و افتعالها أحيانا عبر الانتقاء أو التّضخيم أو توهّم التّناصّ بين النّصوص و تناسل الخطاب وهجرة المعرفة . نعم لا يحقّ لنا انطلاقا من المقاربة الموضوعيّة أنّ نصادر بشكل وثوقي مسبق على نفي أيّ تأثيرات صاحبت تأسيس الإسلام تحت تأثير المسلّمات الدّينيّة خاصّة وأنّ الاعتقاد الدّيني الإسلامي نفسه قائم على مبدأ تواصل الحقيقة التّوحيديّة بتصديق السّابق والهيمنة عليه و إكمال الدّين و إتمام مكارم الأخلاق و وضع اللّبنة الأخيرة كما ورد في الكثير من الآيات و الأحاديث ( و هو ما دعّم به جعيّط أطروحته في تأثير المسيحيّة السّوريّة على بناء الخطاب القرآني ) ، و لكن في المقابل لا يمكن لنا أن نصادر و بنفس المنطق الوثوقي الاستباقي على حتميّة وجود التّأثير الخارجي تناغما مع فلسفة العقل الوضعي الذي لا يؤمن بأيّ فعل خارج إكراهات الزّمان و المكان التي لم تثبتها الواقائع و لا يثق بطاقات خارقة للإنسان إلاّ في ضوء ما تثبته التّجربة والاختبار، بينما الفيصل في المبحث التّاريخي حسب تقديرنا ليس القناعات الفلسفيّة و الوجوديّة بل وحدَها الوثيقة التّاريخيّة هي التي يعود إليها تحديد مقدّمات البحث التّاريخي و مساره و آفاقه و نتائجه سواء كانت افتراضيّة أو تقريريّة . أمّا إذا غابت الوثيقة فلا يمسّ من مصداقيّة المؤرّخ في شيء أن يتوقّف عن الحكم و التّقرير و المصادرة و يعلن أنّ المعطيات الآنيّة تعوزه عن التّوصّل إلى تفسير موضوعيّ للظّاهرة ويترك إلى حين مجال التّأويل للفلسفات و الإيديولوجيّات والثّقافات. إنّ الصّدور عن مسلّمات العقل الوضعي في مبحث تاريخ الأديان الكتابيّة و لا سيما الإسلام يوهم أنّ الانطلاق من الإقرار بألوهيّة النصّ المؤسّس يستحيل معه إنتاج معرفة علميّة موضوعيّة عن الدّين، و هو حكم تفنّده الحركة العلميّة التي نشأت حول النصّ تستكشف بنيته اللغويّة و الحجاجيّة و المفهوميّة و تستفهم معانيه و دلالاته لتنتهي ــ بعيدا عن سياق الحجاج الدّيني العقائدي ــ إلى فرادته و انسجامه الدّاخلي ، كما لم يمنع ذلك الفيلسوف و عالم اللاهوت الفرنسي من التّأريخ للأديان انطلاقا من تمثّل نظام الخطاب و فائض المعنى ضمن علم الهرمينوطيقا . و في المقابل ساهمت الدّراسات التّاريخيّة الصّادرة عن بشريّة النصّ ضمن ما يسمّى بـ » الإلحاد المنهجي » في المزيد من الحيرة و التّناقض و الاضطراب العلمي. فلو سلّمنا مثلا بالتاريخيّة الخالصة للنصّ المؤسّس ــ و هو ما عجزت جميع المقاربات التّاريخيّة أن تقيم الدّليل الموضوعي عليه ــ بما تعنيه من أنّ جملة من الشّروط الموضوعيّة ــ التي لم تحدّدها بدقّة أيّة دراسة علميّة ــ توفّرت لتشكيل » الظّاهرة القرآنيّة » و ظاهرة النّبوّة فلماذا توفّرت تلك الشّروط في ذلك الزّمان و ذلك المكان بالذّات ؟ و لماذا اصطفت ذلك الشّخص بعينه؟ ألم تكن بيئات أخرى ــ مثل الحواضر الطّائفيّة المحيطة بالجزيرة العربيّة ــ وأشخاص آخرون في ذلك الزّمان أكثر قابليّة و جاهزيّة ــ بالمنطق الموضوعي ــ للقيام بأدوار رائدة في تشكيل ظاهرة النّبوّة و صياغة نصّ دينيّ متفرّد ؟ و هل هذه الشّروط موقوفة على مرحلة تاريخيّة ولّت وأشخاص لن يتكرّروا ؟ و من ثمّ ما هي المبرّرات الموضوعيّة لختم النبوّة و توقّف التّاريخ عن إنتاج الأنبياء منذ 14 قرنا ؟ ولماذا فشلت كلّ محاولات التنبّؤ القديمة ــ بعد ختم النبوّة ــ و الحديثة في استعادة مجال النبوّة باعتباره مسلكا من مسالك إنتاج المعرفة ؟ … إنّ جميع هذه الأسئلة غير ميتافيزيقيّة و طرحها على المبحث التّاريخي مشروع . و لكن أنّى للعقلانيّة الوضعية أن تتصدّى لهذه الأسئلة وهي مقيّدة بمركزيّة العقل المحكوم بقوانين المادّة في مقاربته للظّاهرة البشريّة ، و أنّى للمبحث التّاريخي الذي استعاض عن منهج تحليل الوثيقة بافتراضات قائمة على أطروحات فلسفيّة أو مستقاة من مناهج علوم أخرى لها منطقها الدّاخلي و مسلكها الاستدلالي و الحجاجي الخاصّ ، بينما لعلم التّاريخ كما نتصوّر خصوصيّته و تميّزه عن بقيّة العلوم. و مع ذلك فنحن نتساءل مع الدّكتور جعيّط إن كانت المقاربات التي تصدر عن هذا المنطق الموسوم بالعلميّة وفيّة للمبادئ التي تنطلق منها : فلماذا يعذّ التّوقّف في المبحث التاريخي عند غياب الوثيقة ــ و يستتبع ذلك في موضوعنا عدم الإقرار بالتّأثير المسيحي الذي لم تثبته الوثيقة ــ سقوطا في المسلّمات الإيمانيّة ، بينما لا يعتبر ذلك كذلك عندما يتوقّف عالم البيولوجيا و الجيولوجيا عند ظاهرة يعجز عن تفسيرها ؟ لماذا لا يستنكف الطّبيب مثلا من التصريح بعجزه عن تعليل أمراض عديدة لغياب المعطيات الموضوعيّة عن إدراكه ؟ وكذلك يفعل العلماء الذين يدرسون الظّواهر الطّبيعيّة و يتوقّفون عند الكثير من الكوارث وتقلّبات الكون و حركة الكائنات ، و لا يعدّون ذلك التّوقّف أو العجز منقصا من قيمة مجهوداتهم و لا مدعاة للتّورّط في تأكيد المسلّمات الدّينيّة التي تصبّ في إثبات نظريّة الخلق الإلهي و خضوع الطّبيعة للإرادة الإلهية المطلقة ؟ * إعادة إنتاج الاستشراق
إنّ أقصى ما توصّلت إليه المقاربة التّاريخيّة الموضوعيّة في تفسير ظاهرة النبوّة هو ما صاغه المستشرق الألماني تويودور نولدكه ( 1836 / 1930 م ) في مؤلّفه الضّخم » تاريخ القرآن » الذي أصدره سنة 1860 م و ترجم إلى العربيّة في طبعته الأولى سنة 2004 م و قد تبيّن بعد هذه التّرجمة أنّ الجميع عالة عليه في ذلك . و ملخّص هذه المقاربة أنّ » جوهر النّبيّ يقوم على تشبّع روحه من فكرة دينيّة ما تسيطر عليه أخيرا فيتراءى له أنّه مدفوع بقوّة إلهية ليبلّغ من حوله من النّاس تلك الفكرة على أنّها حقيقة آتية من الله … » ص 5 وقد كانت تعتريه في وحدته و غربته أثناء التخنّث في الجبال و الكهوف حالات من الغيبوبة والاضطراب النّفسي المرضي تنزاح به إلى عالم الأحلام و الرّؤى و لكن » أعوزته القدرة على التّجريد المنطقي إعوازا شبه تامّ . لهذا السّبب اعتبر ما حرّك نفسه أمرا موحى به منزلا من السّماء و لم يختبر اعتقاده إطلاقا بل اتّبع الغريزة… اعتبر هذه الغريزة صوت الله الذي أتاه و هذا ما ينتج الفهم الحرفي الظّاهر للوحي الذي يقوم عليه الإسلام … » ص 6 و اعتبر نولدكه » أنّ الإسلام في جوهره دين يقتفي آثار المسيحيّة أو بعبارة أخرى أن الإسلام هو الصّيغة التي دخلت بها المسيحيّة إلى بلاد العرب كلّها » ص 8 و اعتبر أنّ أفضل ما في الإسلام نشأ على منوال التّعاليم اليهوديّة و المسيحيّة فـ » إنّ محمّدا حمل طويلا في وحدته ما تسلّمه من الغرباء وجعله يتفاعل و تفكيرَه ثمّ أعاد صياغته بحسب فكره حتّى أجبره أخيرا الصّوت الدّاخلي الحازم على أن يبرز لبني قومه… » ص 4. و لا نجد في ما ورد في كتاب الدّكتور جعيّط خروجا عن هذا السّياق النّظري و المفهومي و المنهجي . والمفارقة التي نريد تسجيلها أنّ الانطباع الذي حصل لدينا إثر الاطّلاع على الجزء الثّاني من مشروع الدّكتور جعيّط عن السّيرة النّبويّة أنّ الجزء الأوّل كان أكثر انخراطا في المنهج التّفهّمي الذي حاول من خلاله أن يفهم ظاهرة النبوّة من داخل سياق النصّ التّأسيسي و نصوص السّيرة مع حسّ نقدي عميق و مجهود فكري ذاتي فذّ و دون الارتهان إلى المصادرات التي تنزع إلى الوضعنة. لكنّه في هذا الجزء الثّاني لم يستطع أن يستوعب إمكان قيام ظاهرة نبويّة تصدر عن نصّ ديني خارج سياق ثقافي مؤثّر ليس فقط في تشكيل العوالم الكوسميّة و الإسكاتولوجيّة بل كذلك في بنية الخطاب الحجاجيّة و حقوله الدّلاليّة ، وتلك مسألة كان على الدّكتور جعيّط أن يستنفر فيها معارف وعلوم لغويّة تساعد على اختبار وجاهة الكثير من الفرضيّات التي وجّهت البحث . فلا يمكن حسب تقديرنا التّسليم بالتّناصّ بين القرآن و غيره من النّصوص أو المصادرة على هجرة النّصوص و تناسلها دون بحث جدّي في بنية كلّ نصّ و منطقه الدّاخلي و أساليبه و عوالمه الدّلاليّة، و يتطلّب ذلك توظيف مناهج علوم النصّ و تحليل الخطاب و الحجاج … و لعلّ عدم الانفتاح على هذه المعارف هو الذي أدّى مثلا إلى اعتبار آية » و أمرهم شورى بينهم » الشورى 38 أضيفت إلى النصّ لأنّها » لا تنسجم مع نسق الآية التي وضعت فيها … لا نرى ما يكون أمرهم هذا أي حكم المسلمين لأنفسهم في زمن النّبي » جعيّط ص 23، وهو نفس المنطق الذي قاده إلى اعتبار الآيات التي تحيل على مفهوم الشّرك في المرحلة القرآنيّة الأولى ــ مرّة في سورة الطّور ومرّة في سورة القلم ــ » إمّا فلتة أو منضافة » جعيّط ص 200 و ذلك على اعتبار أنّ المفهوم الغالب في تلك الفترة عن الكفر هو كفر الجحود أو كفر النّعمة ثمّ تطوّر المفهوم في الفترة المدنيّة تحت تأثير المثاقفة و المناكفة مع أهل الكتاب ليصبح دالاّ على الشّرك . كما أدّى بالباحث إلى أن لا يستبعد » أنّ آيات قرآنيّة أعيد ذكر بعضها مرّتين خصوصا و أنّ في القرآن تكرارا بسبب صيغته الشّفويّة في الأوّل » جعيّط ص 23 . إنّ هذه الأحكام المتعجّلة كان يمكن اختبارها في ضوء ما أنتجه علم المناسبات مثلا من معارف متقدّمة في مجال البحث عن الانسجام الدّاخلي للنصّ و تناسق مكوّناته الخطابيّة والدّلاليّة و نظمه. و رغم إقرار الدّكتور جعيّط » أنّ التّأثير المباشر السّوري أيضا يدخل في مجال التّخمينات والافتراضات و ليس لنا أيّ شاهد على ذلك » جعيّط ص 174 فقد انخرط في رصد المتشابهات اللفظية و المضمونيّة بين القرآن و نصّ إنجيلي عربي مفترض اعتبر من الصّعب تاريخيّا نفي اطّلاع الرّسول عليه، وذلك بناء على المصادرة التي انطلق منها أنّ » من دون المسيحيّة الشّرقيّة- السّوريّة لم يكن ليظهر محمّد و إلاّ فلا نرى كمؤرّخين حلاّ للإشكال … بالنّسبة للمؤرّخ الموضوعي لا يمكن الانفلات من إقرار هذا التّأثير و هو ليس بالتّأثير السّطحي وإنّما العميق و المستبطن بقوّة و إلاّ عاد محمّد غير ممكن في بلده و في زمانه أو وجب على المؤرّخ الإذعان و الإقرار بألوهيّة القرآن مبدئيّا و نهائيّا و التوقّف عن كلّ بحث » جعيّط ص 164 و لم يتوقّف التّأثير المسيحي على القرآن بل تجاوزه إلى كتب السّيرة التي نسجت على منوال الأناجيل . و هو إقرار متسرّع حسب تقديرنا طالما لم يستثمر مباحث الخبر باعتباره أداة تواصل ثقافي قبل الإسلام و جنسا أدبيّا عربيّا أصيلا له مقوّماته و ليست السّيرة إلاّ ضربا من ضروب الخبر ينسحب عليها ما ينسحب على الأخبار من قضايا كالمشافهة و التّدوين والإسناد و مراتب التّحمّل و السّرد … * النصّ المعجز
إنّ كلّ ما أوردناه من تساؤلات و نقد للمنهج الوضعيّ قارئا للإسلام الأوّل لا تقلّل من الجهد العلمي الفذّ الذي قام به الدّكتور جعيّط في تنقية السّيرة النّبويّة من القصص الأسطوريّة التي علقت بها و محاولته ترتيب الأحداث وفق منهج تاريخي موضوعي يعتمد القرآن باعتباره الوثيقة التّاريخيّة المدوّنة الوحيدة المتزامنة مع الأحداث، كما وصف ــ في تقديمه لكتابه بكليّة 9 أفريل ــ » بالسّخيفة » البحوث التي تنكبّ على تحقيق مصحف مخطوط وجد باليمن يزعم أصحابها أنّ حجم اختلافه مع المصحف العثماني يصل حدّ تغيير نظرة المسلمين للمرأة والجهاد و المختلف الدّيني . غير أنّنا نقدّر أنّ المعرفة العلميّة تقوم على تراكم العلوم و تثاقفها في ما بينها ( و هو ما اعتمده جعيّط بانفتاحه على علم الأنطربلوجيا ) ، غير أنّنا نتصوّر أنّ المعارف اللسانيّة القديمة و المعاصرة و الفتوحات المعرفيّة التي أفضت إليها لا غنى عنها في مقاربة القضايا و الإشكاليّات التي تحوم حول النّصوص الدّينيّة المقدّسة في كلّ الثّقافات ( و هو ما كان غائبا في مبحث جعيّط ). كما نعتقد أنّ الظّواهر الموسومة بالخارقة كالوحي و النبوّة ليست خارقة بإطلاق طالما أنّ همّة المرء لو تعلّقت بما وراء العرش لناله على تعبير الحديث القدسي ، فهي خارقة للمعطيات الموضوعيّة المتوفّرة و لمعطيات العقل الوضعي الرّاهن المكبّل بحدود الزّمان و المكان ، و لكنّها حسب تقديرنا تخضع لمنطق سببي موضوعي خاصّ لم تدركه العقول بعد و ربّما تدركه كلّما تخفّفت من الأشكال و الصّور إلى المعاني و الدّلالات . إنّ هذا النصّ المعجز الذي تأسّس على استثمار دلالاته الاجتماعُ البشري في مناطق شاسعة من المعمورة نصّ إلهي محفوف بالبشريّة من كلّ جوانبه : فمادّته المعجميّة بشريّة نشأت داخل التّواضع البشري إذ نزل بلسان عربي مبين ، و قد استدعته حاجات بشريّة بعضها ظرفي محلّي و الآخر إنساني ، و أداة فهمه و تنزيله بشريّة و هي العقل البشري … إنّ كلّ هذه المعاني تؤكّد أنّ وجه الإعجاز في هذا النصّ و في الظّاهرة النبويّة لا يكمن في مبدأ الخرق والعلويّة بل في العلاقة الجدليّة التي ينشئها بين الغيب و الطّبيعة ، بين الإنسان و الله ، بين عالم الخلق الشّاسع و خرم الإبرة الذي نقيم فيه و نرتهن لمركزيّة أبعاده في إنتاجنا للمعرفة وتمثّلنا للوجود ، بينما تتفلّت الكثير من العوالم المتّسقة و المبهرة و القريبة منّا من ضوابط القوانين المخبريّة و ادّعائها » دون حياء علمي » أنّها المسلك الأوحد للحقيقة … لقد كان كتاب الدّكتور جعيّط فرصة ثمينة لطرح هذه الإشكاليّات المؤرقة في سياق معرفيّ عالمي يحاول ضبط معايير جديدة لإنتاج المعنى. * باحث من تونس
دكار في 23 مارس2007
السيد رئيس تحرير تونس نيوز
تحية طيبة و بعد
يسعدني أولا التوجه إليكم بخالص عبارات التقدير والامتنان لمساهمتكم في بناء ركائز أعلام مستقل وراقي يؤسس لمجتمع ديمقراطي تسوده روح المواطنة و القيم و المبادئ . وفي إطار السعي لفتح نافذة على القارة الإفريقية استسمحكم بالتفضل بنشر هذا النص إثراء للنقاش وتعميما للفائدة وإنارة للرأى العام الوطني والإفريقي في ضوء ما صرح به أخيرا في سبها الرئيس الأوغندي موسيفيني ونقله الصحفي صالح عطية في عدد الصباح الالكتروني بتاريخ 16/03/2007 حول دور الزعيم الحبيب بورقيبة في إطار الأجواء التي رافقت بعث منظمة الوحدة الإفريقية .
بورقيبة و إفريقيا و تقاطع الطرق
بقلم: أبو أنيس – دكار لقد خاضت إفريقيا صراعا مريرا لمقاومة الاستعمار في ضل أجواء ثقيلة من التعتيم العالمي و الإهمال و عدم الاكتراث لحاجة هذه القارة للحرية والاستقلال و التنمية . ووجدت كل الأبواب موصدة في مؤازرتها في كسر القيود التي كبلتها لقرون تحت براثن العبودية و الرق و النهب والاستيلاء على الثروات و القمع و البطش و الإبادة الشئ الذي حال دونها عبر العصور و الوصول لتحقيق فرصا لنهضة حقيقية تساعدها في الأخذ بأسباب الالتحاق ببقية الدول الصاعدة . حيث واصلت للأسف وضعية القارة و لو بعد خروج الاستعمار الاستيطاني المباشر في التدهور والانحدار نحو الأسفل نظرا لفقدانها الأسس و المرتكزات الدنية الضرورية كأي كيان يحاول التنفس للحفاظ على مقومات الحياة قبل الانطلاق في عملية البناء و التأهيل مما جعل الحديث يدور بكل تشوق عند البعض حول فترة الازدهار و الاكتفاء الذاتي الغذائي زمن الاستعمار( في إشارة إلى قدرات الاحتلال ) و الارتباط بعواصم الإمبراطوريات لتلبية الحاجة . و بصرف النظر عن الأسباب السياسية الداخلية و المعوقات الذاتية الكثيرة المنتشرة إلى اليوم ما يجب الإشارة إليه أن إفريقيا بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة اثر مؤتمر باندونغ سنة 1955 في اندونيسيا أخذت تحتل موقعا ضمن الملفات العالمية المدرجة على ضمير المجموعة الدولية و الأمم المتحدة لاسيما و آن صراع الحرب الباردة على أشده بين المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في ضوء التوجهات الإيديولوجية الصارمة ( الشيوعية / اليبيرالية ) و التكتلات السياسية و العسكرية ( فرصوفيا / الناتو ) التي لا تقبل الخروج عن طائلتها حد التهديد بالانقلابات على الدول الفتية إضافة لتوسع مجال الصراع إلى بقية القارات و الدول . و قد سجلت فترة الخمسينات حروب و نزاعات عكست شدة المنافسة بين المعسكرين لاسيما في كوريا و في الهند الصينية الفياتنام جنوب شرق آسيا و في اروبا الوسطى خاصة المجر دون نسيان التحالف الثلاثي ضد مصر على قناة السويس إضافة إلى الأوضاع الداخلية للقوى الاستعمارية المحافظة على نفوذها و مصالحها في عقر الإمبراطوريات و معاقل الاستيطان مثل الحالة الجزائرية . من جانب آخر كانت النخب الإفريقية التي درست بالغرب و تشبعت بالقيم الحضارية لتلك الدول تبحث على ضالتها للتخلص من قبضة المحتل المستعمر لتعيد لشعوبها اعتبارها و سيادتها بكل السبل . و تم تتويج مرحلة الكفاح إن كان بالمفاوضات السياسية و المقاومة أو بالحروب و الثورات فقد أفضت إلى الاستقلال و الحرية لكن في كنف أوضاع اقتصادية و اجتماعية مأسوية تعمد الاستعمار ترك سياسة الأرض المحروقة بعد خروجه بدون أدنى مقومات للعيش. و في تلك الأجواء سالفة الذكر لم يكن الخيار شاسع و كبير أمام الأفارقة للتفكير بعد استرجاع حقوقهم السياسية و بعد معاناة سنوات طويلة من النضال المرير للحصول على الاستقلال في عملية البناء و التشييد لإقامة الدولة الحديثة و تمكين الشعب من أدوات و أسباب العيش الكريم . فإما الاستفادة من القيم و المبادئ و العلاقات في مستوى القوى التحررية للبلدان الغربية حيث درست النخب لانجاز برامج تنموية بمساعدة هذه الأطراف و استعمال و توظيف كل الهياكل و المؤسسات الدولية التي تدور في فلكها من اجل المصلحة الوطنية و هذا المسعى له مدلوله في نطاق علاقات متميزة مع المعسكر الليبرالي او الالتجاء إلى علاقات وفق المنظور الإيديولوجي باتجاه المعسكر الشرقي الشيوعي في نطاق الأممية العالمية و ديكتاتورية البروليتاريا و الحزب الملهم و كذلك توظيف جميع أدواتها . في ذلك الزمن ماهي ابرز الأسماء التي كان لها شان في التأثير في مصير القارة الإفريقية؟ من ابرز هذه الأسماء يمكن ان نذكر الزعماء الحبيب بورقيبة ( تونس ) جمال عبد الناصر( مصر ) ليوبولد سيدار سنغور( السنغال ) هوفوات بوني ( ساحل العاج – كوت دي فوار) احمد سيكوتوري ( غينيا كوناكري ) كوامي كروماه ( غانا ) باتريس لوممبا ( الكنغو الديمقراطية ) جليوس نيريري ( تنزانيا ) الامبراطور هيلاسي ( اثيوبيا ) تفانا باليو ( نيجيريا ) …..مع بداية الستينات الرئيس احمد بن بلة ( الجزائر ) و كذلك الملك الحسن الثاني ( المغرب ) اثر وفاة والده . من بين المفارقات ان كوامي كروماه الذي درس في الولايات المتحدة و انقلترا عاد الى بلاده مثقل بأوضاع السود في تلك الدول حيث الفقر و التهميش و القمع فكرس معظم أوقاته لمقاومة الامبريالية و الرأسمالية و من اجل رد الاعتبار للقارة الإفريقية و اخذ على عاتقه مسؤولية وحدة القارة و خروجها من التخلف استئناسا بتجربة الولايات المتحدة و الاتحاد السوفياتي . و نفس الشئ تقريبا تعرض له خاصة باتريس لوممبا في مواقفه تجاه الدول الاستعمارية السابقة . بينما كانت لسنغور و هوفوات بوني ( أعضاء الجمعية الوطنية الفرنسية سابقا ) و الزعيم بورقيبة مواقف مغايرة تبحث على الاستفادة من الخيط الرابط مع القوى التحررية في البلدان الغربية الاستعمارية السابقة اذن كانت للبلدان الإفريقية مباشرة بعد الحصول على الاستقلال خيارات سياسية متباينة تعكس وجهات نظر و قناعات قيادتها حسب أولوياتها وتحاليلها و مصالحها و نظرتها للمستقبل و تحالفاتها . لذلك انقسمت القارة بين معسكرين على غرار الاتجاه السائد في العالم بين من وصفو المعتدلين القربين من الغرب و من وصفو التقدميين او الثوريين و القربين من الشرق . و كانت الصورة واضحة فمن جهة نجد بورقيبة و سنغور وهوفوات و هيلاسي ….دعاة الحوار مع الغرب و محاولة الاستفادة من تقدمه في معركة التنمية و من جهة أخرى نجد كروماه و لوممبا و سيكوتوري و عبد الناصر و بن بلة و نيريري …..دعاة المواقف المتشددة لتحميل الاستعمار مسؤوليته و دعوته لتقديم التعويضات و العمل على بناء دول اشتراكية مثل الاتحاد السوفياتي …و من هنا جاءت فكرة الوحدة و بناء الولايات المتحدة الإفريقية ….. بينما مسالة مناصرة الشعوب للتخلص من قبضة الاحتلال كانت تجمع الفريقين و لنا في دعم تونس للجزائر و عديد الدول الإفريقية تجاه إفريقيا الجنوبية خير دليل على ذلك . مع بداية التفكير في أحسن السبل لوحدة القارة لتكون المخاطب الذي يعكس رغبة و ارادة الشعوب و الضامن لترجمة مسيرتها نحو الأفاق الرحبة و القادر على إسماع صوتها اختلف الفريقين بين الاندماج السريع تحت تأثير نشوة الحماس بالاستقلال و مقاربة البناء المرحلي الهادئ الشئ الذي يعكس دائما فلسفة الزعيم و نظرة القائد . كانت مبررات البناء التدريجي ضعف الكيانات و غياب ادنى الضروريات لعمل مشترك عكس الدول التي سبقت في الاتحاد إضافة لغياب التجانس الفكري و السياسي للأنظمة و غياب عنصر الثقة بين نزاعات ثورية انقلابية و نظم رغم محدوديتها إلا أنها تستند الى حد ادنى من هياكل الدولة . زد على ذلك اختلف الطرفين في التعامل مع الحدود الموروثة بين الداعي للإبقاء عليها دعما للكيانات الفتية و بناء دعائم الدولة و بين النظرة الثورية لدحر الحدود باعتبارها تواصلا للاستعمار في ضوء قرارات مؤتمر برلين لسنة 1885 الذي قطع أوصال القارة و فرق بين أبناء القبيلة الواحدة و الشعب الواحد . و لما اشتد الحديث و النقاش حول كيفية ترجمة إرادة الشعوب الإفريقية في التوحد افترق و اختلف الزعماء بين شقين مجموعة منروفيا ( عاصمة ليبيريا المستعمرة المقاطعة الأمريكية التي أسسها السود العائدين من أمريكا ) و تعرف بالمعتدلين و تضم قيادات نيجيريا السنغال الكوت دي فوار تونس أثيوبيا ……..و هذه الجماعة متمسكة بالسيادة الوطنية و بخط البناء المرحلي التدريجي و لها علاقات متميزة بالدول الغربية . بينما الجماعة الثانية و هي مجموعة الدار البيضاء تضم الثوريين والاتجاهات التقدمية الراديكالية و في الحقيقة لا تجمع بينها تجانس حيث لكل حساباته و هناك من يبحث على التوسع وهناك من دوافعه الوحدة لتجاوز انعدام الموارد الطبيعية لقيام أسس للتنمية و هناك من تدفعه العناصر الإيديولوجية و المحركات الذاتية الزعامتية لبناء دولة شاسعة و قوية تجابه الأطماع الخارجية و بعضهم لتنفيذ توجه مع الاصديقاء يعطي الأولوية لكيان عظيم يترجم التضامن وتقسيم الثروة في ظل الأممية العالمية و نجد من بين أعضاءها المغرب الجزائر غانا الكنغو غينيا مصر تنزانيا مالي …… و بعد عديد المحاولات و الصراعات في مناخ متوتر شهد النزاعات و الحروب و الانقلابات ساهمت في التحسيس بخطورة الموقف توصل الطرفين و قد التحقت بهما دول مستقلة حديثا الى صيغة وفاقية لبعث منظمة الوحدة الإفريقية و ذلك يوم 25 ماي 1963 بأديس أبابا عاصمة إمبراطورية أثيوبيا بمشاركة 35 دولة . و قد اعتبر البعض هذه الولادة صيغة انتقالية في نطاق مسار وحدة إفريقيا على أسس من احترام سيادة الدول و التعلق بالمواثيق و المعاهدات و القيم الكونية واحترام الدساتير و حرية المواطن و تطبيق الديمقراطية . وفي ضوء هذه المعطيات يمكن ان نستنتج بعض النتائج خاصة مع نهاية القرن العشرين و النهايات المأسوية مثلا لكومي كروماه و باتريس لوممبا و ما شهده مثلا الصراع العربي الاسرائلي بين النظريتين للزعماء بورقيبة و عبد الناصر من حدة التنافس . و اعتقد ان المؤرخين قادرين حتما على الإجابة على بعض الاستفسارات التي مازالت عالقة بالأذهان و لكن ما يمكن التعقيب به على الرئيس الأوغندي موسيفيني حول دور الزعيم بورقيبة هو ان شكل العالم الحالي يعتبر خير جواب بخصوص التطورات الكبرى التي شهدتها البشرية و يبقي ان النخب الإفريقية تتحمل مسؤولية اخياراتها بين من يسبح في اتجاه التاريخ و من يسبح في الاتجاه المعاكس و الحصيلة أن القضايا الكبرى مازالت للأسف مطروحة و الأسئلة شرعية …..فأين نتائج الثورة وأين مقاومة الامبريالية و أين التضامن الإفريقي و أين القضاء على الصهيونية و كيف حال العلاقات بين دول الجوار … عديدة الأسئلة التي لم تجد لدى الراى العام الجواب الشافي و لاسيما السؤال المركزي أي المسارات كانت الأحسن لإفريقيا …….فبسقوط جدار برلين و انتهاء الحرب الباردة و انخراط الجميع في النظم الديمقراطية و اقتصاد السوق و دعم التكتلات لإرساء الفضاء الاقتصادي الحر في ضل عودة القومية الضيقة في شكل قيام كيانات و تطوير آليات الاندماج إلى اتحاد إفريقي و قيام تفاهم سياسي و توزيع جغرافي بين خمسة مناطق للتنسيق و إرساء ميكانبزم السلم و الأمن و برلمان موحد في انتظار المصرف و العملة و انسياب السلع ..هل تعتبر شكل متقدم ……كيف نقيم هذه النتائج …. فلننظر مثلا للاتحاد الاروبي فبعد البناء الاقتصادي و الاستقرار و القيم المشتركة جاء التوسع لتجسيم التضامن و العملة و فتح الحدود بدون الحديث المفرط عن العظمة الذي لا يرافقه عمل مترجم على الواقع. البلدان الإفريقية غنية بالثروات المعدنية و البترول ….بينما بلدان افريقية أخرى تعاني أزمة النفط و لا تجد و لو سعر تفاضلي ……الحقيقة ان مسار القارة نتيجته متباينة بين تحليل عقلاني يفيد ببعض التقدم على نهج المرحلية و لا ينكر قيمة الاعتدال و الحوار و العلاقات مع القوى التحررية و بين دعاة التعلق بالقوالب و النظريات التي عندما اصطدمت بالواقع فشلت دون صرف النظر لدور الخصوم وهو معطى يجب أن يكون حاضر في ذهن صاحب المشروع و لا يجب التهرب بخطابات تعكس الواقع العالمي السائد …… يمكن أن نجزم لقد نجح بورقيبة بالانخراط بتوجهه العقلاني بقي أن النتائج كانت يمكن أن تكون كما و كيفا أحسن بكثير ….بينما في تقديري خصومه و منتقديه القربين و البعدين فشلوا و الحصيلة رغم القدرات الكبيرة مخيبة للآمال أما في بعض الدول الإفريقية الأخرى التي حاولت الإسقاطات فها نحن نلاحظ الوضعية المزرية و سوء التصرف و الهدر للإمكانيات و كان باستطاعتها و لو على المستوى الجهوي القيام بعناصر نهضة محدودة مستقبلية لكنها فضلت زعزعة استقرار الجيران وتصدير ما تعتبره رسالة الثورة ………. فأين الشعارات الإفريقية من الترجمة الى المصالح على الواقع و لتعطي الشباب الأمل بالعمل و الحرية ….. دكار – 23 مارس 2007
بورقيبة أعدم إخواننا وأجهر بكفره فلا يجوز شرعا الترحم عليه
محمد المنصف قاره – سويسرا * أحزنني كثيرا أن يترحم الأستاذ علي العريض على روح بورقيبة، في لقاء على قناة الحوار التونسي * الحبيب بورقيبة أعدم إخواننا من المسلمين،ومات بعضهم في عهده في غيابات السجون وقتل بعضهم في تظاهرات سلمية قوبلت بالرصاص فلا نقبل أن تترحموا عليه، بل أقل ما نقول فيه عليه من الله ما يستحق . * كذلك قام محاور قناة الحوار التونسي بالتهجم على الإسلام كم من مرة فأخذتني الغيرة على دين الله، فلا يجب أن نقبل هذا الأسلوب من هؤلاء الذين ينطقون على لسان إبليس، فيستهزئون بدين الله، بل أضعف الإيمان أن نعرض عنهم * أما ذاك المحاور في قناة الحوار التونسية، فأقول له :هاهي دولة الإسلام التي سخرت منها، تهجمت عليها، على صحة أحاديث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، تهكمت على خمار المرأة الذي أمر به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قد أطلت بشائرها وبإذن ستحاسب كل من يتهجم على دين الله أما اليوم فليس لنا إلا لسانا سنجعله بإذن الله حازما وصادعا بالحق * وأوجه إليك تساؤلا كإجالة على سؤالك الذي طلبت فيه بالمساواة بين المرأة والرجل في التعدد عند الزواج واستغرابك بأن الإسلام يبيح تعدد الزوجات للرجل ويحرمه على النساء، فلماذا لا تطابق ذلك على نفسك وعلى من حولك من عشيرتك وأنت تعيش تحت هذا النظام الذي يحكم بغير ما أنزل الله والذي لن يمنعك أن تجرب ذلك، إلى أن تأتي دولة الإسلام وتقوم ذلك وغيره بإذن الله. 22 مارس 2007
بـرج الـرومي 20 مــارس والـبحـر
محمد الصالح فليس هذا جزء من نصّ جوابي موجّه إلى مناضل صديق عاش في المهجر ومات مؤخّرا به، طلب منّي بعض أصدقائنا المشتركين إذاعته لما قد يقدّمه للقارئ… سجن برج الرومي يوم الاثنين 20 مارس 1978 عـزيـزي…… (1 ) في هذا اليوم الفاتح للعام الرابع في الاعتقال أفقت كعادتي باكرا تحسّبا لأي طـرد ممنوع قد تجود به سماء السوق السوداء، وهي سوق اعتقاليّة نافقة بضاعتها ومربحة تجارتها للبائع والشاري على حدّ سواء… وقد فُرض علينا أن نحذق طيلة اعتقالاتنا المتكرّرة صنوفا ذات بال من أشكالها تعاطيناها بامتياز مشهود به و في سرّية إجرامية باسلة… وليس بإمكان المعتقلين من قبيلنا أن يكفّوا عن استهلاك المادة الإعلامية والثقافيّة لمدّة سنوات طويلة إرضاء لإرادة تكسير معنويّاتنا عبر محطّات قطعنا عن العالم، وتجهيلنا والإمعان في التشفّي منا؛ وهو ما تسعى إليه النعرات الانتقاميّة المشخصنة. في عاداتي قبل اعتقالي الراهن أن أعطي إشارة انطلاق موسم السباحة مع انطلاق عطلة الربيع المدرسيّة؛ في بحر يقع هنا على مرمى حجر قبالة هذا البرج السامق ، في منبسط رماله ذهبيّة الإشعاع ومحيطه حدائق الكرنيش الغنّاء … وأراك في مياه البحر المنعشة، وحيدا أو تكادُ ترمق البرج وقد تربّع شامخا في أعلى مرتفعات غابة الناظور الجميلة، وهو موقعٌ بناهُ جيش المستعمر منذ الوهلة الأولى لهيمنته بغاية تأمين مراقبة دقيقة للحركة في صلب البحر الأبيض المتوسّط و ضمان المتابعة الراصدة لمداخل المدينة ومخارجها البحرية. وأنت غاطس في مياه البحر تنعم برقّة لمسات الموج على أطراف جسمك المسترخي تختلط مع نسمات الهواء الرطبة وخيوط الشمس الوديعة تخال نفسك جامعا لكلّ مضامين السعادة البشريّة، وتملأ راحتيك بالنشوة المعتّقة تغمض معها عينيك لـترى الأطياف وآيات الجمال التي لا تراها العين المجرّدة المفتوحة. وتخرج من حـمى الماء، فتناديك لتوّك أمواجه وتتوسّل إليك أن عد إلي حتى أنعم بمعانقتك بما يتوجّب من الحنان و اللطف والحرارة؛ وتعود غاطسا من جديد في مياه حيّة منعشة متلطّفة وساحرة، فتحسّ جسمك خفيفا منساقا مع حركة المـاء وخرير الأمواج فيحلو المقامُ ويطيب الاسترخاء؛ ولا يقطع حلمك إلا هذا الضيق المزري لهذه الزنزانة و ظلامها في عزّ النهار، وهذه النافذة القبيحة كدّرت معانيها عشرات قضبان الحديد المقوّى تلتفّ عليها بقبح وتشويه… واليوم وقد مـرّ على 20مارس 1956، اليوم المبشّر بالاستقلال، اثنان وعشرين عاما فقد فرضت السلطة على البلاد محنة وطنيّة جديدة عاشها الاتحاد العام التونسي للشغل وعاشها معه عموم النقابيّين والبلاد قاطبة؛ واتخذت المحنة صيغة مواجهة قمعيّة عنيفة وقاسية تخللتها اعتقالات كثيفة ستؤدّي إلى محاكمة موجّهة ومرتّبة تعود لتذكّر البلاد، وما بالعهد من قدم، أنّ حنين السلطة للمحكم الاستثنائيّة لم يخفت، وأنّ لعبة الزجّ بالقضاء ورجالاته في أتون المعارك الفئويّة على خلافة الرجل المريض لم ينضب معينه؛ وأنّ الشعب التونسي سيواصل تحمّل أعباء سلطة آلت على نفسها أن تجعل من الحكم غاية لذاتها. وجاءت هذه المواجهة مع الاتحاد لتعزّز صفوف معتقلي الرأي و لترفع من سقف المطالبات لإطلاق الحريّات واحترام ممارستها. وما أقبح اللحظة التي سيحال فيها النقابيّون ومن ضمنهم الحبيب عاشور اثر محاكمة مهزلة في زنزانة بجوارنا تشفّيا و شماتة من رجل تقدّمت به السن وهو مصاب بأكثر من مرض، وظروف الاعتقال هنا على غاية من الشظف والبدائيّة، وهي لا تستجيب لمتطلّبات مسنّين ومرضى من قبيل الحبيب عاشور… ولكن ماذا تريد وهي كذلك قوانين القمع القائم على مبدإ العصا الغليظة والإهانة والاعتداء والحرمان؟ هــل نسيت أبا فراس الحمداني … يا واسع الدار، كيف توسّعها و نـحـن في صخرة نزلزلهــا يا ناعم الثوب، كيف تبدّ لــه ثـيـابـنـا الصوف مــا نبــدّ لـها وبعد أن كانت مطالب الحركة الديمقراطيّة والوطنيّة تتركّز حول إطلاق سراح المعتقلين السياسييّن الذين تجاوزت إقامتهم بالسجن الخمس سنوات، و سنّ قانون العفو التشريعي العام باعتباره مجمّع مطالب الحركة، أضفنا اليوم إلى مطالبنا إيقاف التتبعات ضد النقابيين وإلغاء الأحكام الجائرة التي ستطالهم حتما؛ وإطلاق سراح الحبيب عاشور بالذات نظرا لأحواله الصحيّة وتقدّم سنّه وسخاء نضاله النقابي والوطني. ومن حسن حظّي أنّي، وبعد أن عاشرت البحر لسنوات حريّتي العديدة، وخبرت رحابة صدره وعمق تسامحه وطيب معشره، أضمّن اليوم بالتصوّر والخيال معاني الاتساع المكاني والفضائي الذي تعجز هذه الزنزانة على حمـــله… ومن حسن حظّي أنّي، وبعد أن صادقت البحر وصادقني ألجأ في حدود زنزانتي إلى امتداده اللامحدود لاستنشق منه و لو من بعيد روائح الحرّية ومعاني سعة النظر وآيات الصبر والصمود… فـالـذيـن… ً سلبوني الماء والزيت و ملح الأرغفة وشعاع الشمس والبحر وطعم المعرفة ً ينبغي أن يعلموا… ً أنّ كبريائي وأنا في قيدهم أعنف من كلّ جنون العجرفة في دمي مليون شمـس تتحدّى الظلم المختلفـة ويدي ثابـتة ثـابـتـة ويد الظالم مهما ثبتت مرتجفة من غناء الشيخ إمام. ———- (1) لم أثبت اسم المرسل إليه هذا الخطاب احتراما لإرادته. (المصدر: مجلة « الطريق الجديد » (شهرية – تونس)، العدد 58 لشهر مارس 2007) الرابط: http://fr.blog.360.yahoo.com/blog-bawT19A8eqfODSt0dUg5c6DCYQU-?cq=1
هاجس إعادة التأسيس بين الأدلجة والتسييس
محمد علي الحلواني فلنقلها بصراحة! إن هاجس إعادة تأسيس حركة التجديد هاجس أخذ يتأكّد، بل يتعاظم داخل حركتنا منذ أن صار أغلبنا يؤمن بضرورة مواصلة الدفع الهائل الذي أمدتنا به المبادرة الديمقراطية بمناسبة التلاحم التاريخي والطريف بين أقطاب سياسية متنوعة ومختلفة، قررت بإرادة واحدة أن تجرّ ب على أرض الواقع خط العمل السياسي « الميداني » الذي ما فتئت تنادي به حركة التجديد. وفي اعتقادي، إن الانتخابات التشريعية والرئاسية لم تكن لتمثل بالفعل منعرجا تاريخيا في تعامل قوى اليسار مع السياسة في بلادنا لو لم يجرّب ذلك الخط السياسي الناجع الذي. مكّننا جميعا، من توحيد قوانا المشتتة تجاه خصم سياسي عنيد. وبالتالي، فأنا أميل إلى إرجاع نجاحنا النسبي في لم شتات اليسار ومحاولة إيقاف تدهوره إلى اقتناع كل هذه الأطراف بضرورة مراجعة قواعد تعاملها السياسي، سواء مع الأحلاف أو مع الخصوم. فأما هذا الخط السياسي الذي نعتناه بـ »الميداني » فهو يتلخّص في إنجاز أهداف واضحة ومحدّدة، بالرغم من جزئيتها واقتصارها على أغراض سياسية، هي في الحقيقة، أقرب إلى الاستحقاقات الاستراتيجية قريبة المدى، منها إلى الأهداف الإستراتيجية والإيديولوجية بعيدة المدى، وإن كانت لهذه الأهداف الإيديولوجية الكبرى سطوة على عقول وأفئدة أغلب المناضلات والمناضلين داخل الحركة وخارجها. إن هذا التمشي بالذات هو الذي حدا بحركة التجديد فيما بعد إلى انتهاج سياسة المحافظة على مكاسب هذه التجربة، بل وعلى وإثرائها وذلك من خلال انخراطها في إنجاز ما سمّي بـ »المبادرة ـ الائتلاف الديمقراطي والتقدمي ». وفي نظري قد أثر هذا التمشي أيضا، على جمهور من المناضلين غير المنتظمين -المستقلين – بما حملهم إلى إعادة التفكير بجدية في موقفهم التقليدي الرافض للتحزب. كان هذا الرّفض قد اقترن دوما عندهم، إما بالرّفض المطلق للتحزب ذاته أو بمعاداة سياسات الأحزاب الموجودة بسبب رداءة أدائها على الساحة فيما يعتقدون. إلاّ أن تجربتهم داخل المبادرة قد تكون غيّرت نظرتهم للعمل الحزبي تغيّرا جذريّا، طالما أن التنظم السياسي أضحى، عند أغلبهم، وبفضل هذه التجربة، الآلية الضرورية التي تتقوّم بها نضالاتهم السياسية المشتتة والمتفككة وذات الطابع الفردي، خصوصا إذا كان التنظيم الذي سيؤمّهم تنظيما قد يكونوا ساهموا مباشرة في هيكلته على أسس صحيحة، سليمة وشفافة، تضمن للجميع، وبعيدا عن كل تناحر إيديولوجي مقيت، بلورة توجّهات وقرارات سياسية ملائمة وناجعة، تخدم بصفة واضحة ودقيقة الاستحقاقات الديمقراطية والتقدمية التي تنشدها كل الفئات الاجتماعية التي لها مصلحة مصيرية في إنجاز التمثيلية البرلمانية الحقيقية في ظلّ التعدّدية الصحيحة. لأجل ذلك قامت الدعوة هنا وهناك لإنجاز حزب من هذا القبيل. وكان الرأي سواء عند التجديديين أو « المستقلين » أن تتكاتف الجهود من أجل صهر الإرادتين في هذا الاتجاه ما دام قد تفرّد الطرفان بذلك التمشي « الميداني » على أرض الواقع، واستخلصا منه الدروس السياسية اللازمة، لعل بمثل ذلك يبعث الأمل من جديد وتـزرع في هذه الربوع بذور القطب الديمقراطي والتقدمي المنشود. وتمت بالفعل الإجراءات اللازمة المؤدية إلى إنجاز هذا الهدف العظيم، وتقرّر أن يكون المؤتمر الثاني لحركة التجديد فرصة تاريخية ووطنية لترجمة هذه الفكرة في الواقع السياسي المعيش. ولكن سرعان ما اصطدم الإنجاز بصعوبات ومعوّقات. أول هذه الصعوبات، تأويل للشراكة يقصي حركة التجديد، وبحجة الشراكة – لا أكثر و لا أقل – عن لعب دورها الطبيعي بصفتها طرفا سياسيا قائم الذات يبقى، طبقا للقانون وبموجبه، مسؤولا عن كل قرارات الحركة داخل هياكل الشراكة وخارجها. وتبعا لذلك يجب أن يكون تمثيل الحركة في هياكل الشراكة الوقتية تمثيلا هيكليا بأتمّ معنى الكلمة، أي بما يقتضيه ذلك من متابعة لصيقة لعمل اللجان المشركة ومن مواكبة كاملة الشروط. فلا مجال بعد ذلك لوجود شكل من أشكال « التكليف المطلق أو المفتوح » الذي تصوّر البعض إمكانية العمل به داخل هياكلنا في خصوص علاقتنا بـ »المستقلين » لأنه في اعتقادي موقف أقرب إلى صرف صكّ على بياض منه إلى عملية شراكة سياسية واعية بدورها السياسي المنوط بعهدتها من قبل مناضليها، سواء على المستوى الإجرائي الصرف أو القانوني البحت. ولذا، ليس ثمة شكّ من أن هذا التأويل للشراكة تأويل خاطىء وباطل إمّا بالاستناد إلى النصوص والقرارات القائمة أو بالرّجوع إلى الأعراف الجارية. أما الصعوبة الثانية فهي ناتجة أيضا عن اختيارات إقصائية، باعتبار أن بعض مكوّنات الشراكة ادّعت لنفسها مسؤولية تهميش أطراف مستقلة أخرى بحجج واهية تتناقض حتى مع مبدا التنوع والاختلاف الذي كبّروا وهلّلوا له. وبالنسبة إلى الصعوبة الثالثة، فإنها لا تعدو أن تكون عندي بمثابة العامل المعرقل الأخطر على هذا المسار كله. إني أقصد ولاشك، تلك المساعي الحثيثة التي أراها عند البعض ومنذ مدّة، متجهة نحو إعادة أدلجة حركة التجديد في صيغتها الحالية أو الآتية، ضاربين عرض الحائط، لا فقط بما أقرّه مؤتمر بعث الحركة في ربيع 1993 من مبادئ تتنافى قطعا مع تمشي الأدلجة، بل و أيضا بما قد انبنت عليه تجربة المبادرة مثل ما ذكرت سابقا. وبالفعل، فإن فكرة التأسيس لحزب جديد يخلف الحزب الشيوعي التونسي على السّاحة الوطنية لم تأت كما يرى البعض كنتيجة لتخلّي مناضلينا عن القيم التي تتضمّنها الاشتراكية بل جاءت في اعتقادي كنتيجة مباشرة لإعادة النظر الجذرية للأولويّات الإستراتيجية الممكنة سياسيا، من أجل مناهضة الاستغلال الفاحش الذي يسلطه النظام الرأسمالي الشرس واللاإنساني على المنتجين ولمقاومة نهب الإمبريالية لثروات الشعوب. وبصفة عامة ضد تقديم الربح الصّرف على القيمة البشرية إن مثل هذا التصور هو ما يجعلنا نؤمن برسوخ تموقعنا في اليسار السياسي. ولكن بالنظر إلى أن النماذج الاشتراكية الحية، أي تلك التي جربت في المعسكر الشرقي قد عاشت تقلبات وهزات نظرية وسياسية خطيرة أدّت إلى فشلها كلها، فإن إعادة ترتيب الأولويات الإستراتيجية بات بالنسبة إلينا أمرا مفروغا منه، لأنه من العبث أن يبقى هدفنا الإستراتيجي إنجاز الاشتراكية على أرض الواقع، بينما كانت تنهار كل هذه التجارب أمام أنظارنا. فحتى الصين، وما أدراك ما الصين، سقطت في الرأسمالية المجحفة، وإن بقي زعماؤها، ويا للغرابة، شيوعيين. وعليه، أقدمنا على تعديل أهدافنا القصوى، واستعضنا إستراتيجية إنجاز النظام الاشتراكي الذي هو حاليا خارج مستطاع قدرتنا، بإستراتيجية إنجاز النظام البرلماني التعددي الصحيح لعلنا نكون أقدر، من خلال النضال الديمقراطي والتقدمي، على السيطرة على ما يرجع إلينا من مواقع سياسية في هذا المجتمع، خاصة أن مثل هذا النضال لا يتناقض مع مبادئ الاشتراكية، إن حذفت منها بطبيعة الحال، ما كان يدنسها من انجذاب دغمائي إلى التسلط أو إلى الدكتاتورية. من ذلك جاء قرار الحركة بعدم الالتزام بالعقائديات على المستوى الإستراتيجي رغم إمكانية الاحتفاظ بها كأفق استلهام للتحرك. كما جاء أيضا قرار تكوين حزب سياسي من نوع جديد في الخارطة التقليدية لليسار التونسي (لذلك أسميناه « التجديد ») تتمثل مهمته في خوض الصراعات السياسية « الميدانية » التي يقتضيها الواقع المعيش مع تنزيل الإيديولوجيات المختلفة المكونة لهذا الحزب منزلة غير رئيسية بالنسبة إلى مهام الحزب السياسية الصرف. إلا أن مثل هذا القول لا ينبغي أن يفهم منه أننا لا نقرّ بوجود علاقة بين السياسي والإيديولوجي، فذلك خلف لا يمكن أن نسقط فيه في حقيقة الأمر. وعليه، فإن الفصل الذي أقمناه بين السياسي والإيديولوجي إنما كان القصد منه تقديم الاستحقاقات السياسية المشتركة لأطراف مختلفة ومتنوعة على غيرها من الأهداف الإستراتيجية بعيدة المدى. أما في خصوص طبيعة هذه الاستحقاقات المنعوتة لدينا بالسياسية دون غيرها، فهي تتمثل بصورة عامة في مجمل الأهداف الإستراتيجية التي تشكل قاسما مشتركا قابلا للإنجاز القريب والفعلي في مجال الواقع السياسي والاجتماعي المعيش؛ قاسما مشتركا، تتفق جميع الحساسيات السياسية المكوّنة للحزب على جعله برنامج عمل سياسي إجرائي يمكّن الحركة من النفوذ إلى واقع الصّراع السياسي الحقيقي. وفي الواقع، إني لا أرى مخرجا من المأزق السياسي الذي تردّى فيه اليسار التونسي بغير انتهاجه هذا النهج اليوم وغدا، أكثر من الأمس، إبّان انبعاث حركة التجديد. ولأجل ذلك فإني أعتقد أن فكرة عودة الأدلجة فكرة تنسف بحق كل ما أنجزناه. بل هي في اعتقادي فكرة لتأسيس من النمط القديم، لا تتماشى بتاتا مع روح « التجديد » وروح التأسيس الجديد. (المصدر: مجلة « الطريق الجديد » (شهرية – تونس)، العدد 58 لشهر مارس 2007) الرابط: http://fr.blog.360.yahoo.com/blog-bawT19A8eqfODSt0dUg5c6DCYQU-?cq=1
حكايات محمد معالي (3)
حكاية المستأسد بالله ضبع الغـاب
اجتـاحت الغـاب مجـاعة كبرى وحـلّ بـه وبـاء أتى على العـديـد مـن السّبـاع والوحـوش وذوات الضّرع، وطـال حتّى مـن طـار به الجنـاح… ومـات في هـذا الـوبـاء الأسـد، ملك الغـاب، وفَنيت فصيلته مـن الأسود والأشبـال… فعمّت الفوضى وأصابت أهـل الغـاب الحيـرة إزاء هـذا البـلاء. ودعا داع منهم إلى اجتماع لتـدبُّـر الأمر ومحاولة التّخفيف على مملكة الحيوانـات بعض مـا حـلّ بهـا، يحضره مـن كـلّ فصيلة حيوانية ممثّـل عنهـا ليكـون صـوته مسموعـا مهمـا صغـر شـأنه أو قـلّ بأسه. وفي اليـوم المـوعـود حضـر المدعـوّون جميعـا وتـداولـوا الكلمة وقـدّم كُـلٌّ مـا ارتـأى مـن حلـول للعَـود بالأوضـاع إلى سـالف عهـدهـا قبل حلـول النّكبة. وكــان مـن أخطـر المـواضيـع المطـروحـة قضيّـة الخلافـة، خـلافة الأسد في الحكم، الّذي أرَّق الجميع نظـرا للشُّـغـور الحـاصـل في سدّة الحكم والافتقار إلى مـن تؤهّله الـوراثـة والتّقـاليـد للارتقاء إليهـا. طـال الحـديث في هـذا المـوضـوع وعـزّ التّـوصّـل إلى الحـلّ طـوال سـاعـات مـن المـداولات والأخـذ والـرّدّ حتّى جـاء دور إبن آوى، فطـرح حـلاّ مـا ارتـآه أحـد مـن قبلـه ومـا خطـر ببـال مُتحـدّث، قـال: – يـا أعيـان مملكة الغـاب… إنّـه لا مَخـرج لكم ممّـا أنتم فيه إلاّ بـإقـامة خـلافتكم وتـدبّـر إصلاح أمـور مملكتكم وإنّ لي لـرأيًـا لـو اتّبعتموه وأخـذتم به كُتبت لكم فيه النّجـاة… أمّـا إن رأيتم غيـر ذلكم فإنّكم لا محـالة إلى الهلاك سـائـرون.
قـالت الـوحـوش: – هـات مـا عندك وعجّـل فقـد عـزّ الـرأي الصّـائب هـذه الأيّـام.
قـال إبن آوى: – أرى أن تتّخـذوا مـن الضّبع ملكـا… ارتفعت أصوات الاحتجـاج مـن كـلّ حـدب ولكـنّ إبـن آوى لم يستسلم ومضى يشرح وجهة نظـره: – ألا تـرون أن أقـواكم الآن على مـواجهة الصّعـاب هـو الضّبع؟.. ألا تـرون أنّه أقواكم بنية وأسلمكم جسمـا حتّى أن السّمنة أصـابته في حين تبـدو عظامكم من تحت جلـودكم؟… سكت الجميع سكوت الـتّسليم بصحّة مـا يُقـال، وإن على مضض، فاسترسل إبن آوى: – لا أعتقـد إلاّ أنّكم مقتنعون بمـا أقـول، ولكن بينكم وبين الإقـرار بالحقيقة يقف عائـق الأفكار القـديمة الّتي لا يستوجب منكم تجـاوزها إلاّ النظر إلى واقـعكم… فللضّبع أيـاد بيضـاء عليكم، إذ انّه لا يعتـدي على أحـد منكم، مثـل الأسد، بـل انّـه يخلّصكم مـن مـوتـاكم الذين منهم طعـامه، ويكفي لذلك أن يُحَـدَّدَ مـوضع معلوم يَـؤُمُّـه مـن يستشعر منكم دنُـوََّ المـوت حتى يكـون وليمة لمليكه، وبهذا يحـلّ الأمـن بـالغـاب ويختفي الخـوف مـن بطش الملـوك ويصلح شـأنكم. قَـبـل الجميع بالحـلّ الّذي ارتـآه ابن آوى وتُـوِّج الضّبع ملكًـا وأتّخـذ له اسم « المستأسد بالله ضبـع الغـابة ». ومـرّت سنـون انحسر فيهـا الوبـاء وعـاد كـلّ شيء إلى سـالف مـا كـان عليه ألا شيء واحـد لم يعـد أحـد يُفكّـر فيه، هـو سياسة شؤون الغـاب، فقـد تحـوّل بيت الملك إلى مقبـرة تؤمّهـا الحيـوانـات الّتي تستشعـر حلول المـوت… وأنْسَـت وفـرة الغـذاء الضّبع سيـاسة دولتـه وتسيير دفّـة الحكم فيهـا.
(المصدر: مدونة الصحافي التونسي محمد معالي، مارس 2007) الرابط: http://fr.blog.360.yahoo.com/blog-bawT19A8eqfODSt0dUg5c6DCYQU-?cq=1&p=153
قاض مصري يتوقع تزوير الاستفتاء وانخفاض الإقبال
القاهرة (رويترز) – توقع قاض مصري بارز يوم الخميس ان يشوب التزوير الاستفتاء العام المقرر في الاسبوع القادم على التعديلات الدستورية وقال ان الاقبال سيكون محدودا. وكان القاضي محمود مكي قد اصبح رمزا لنضال النظام القضائي من اجل الاستقلال عن السلطة التنفيذية في مصر بعد ان احيل الى مجلس تأديبي لإطلاقه مزاعم علنية عن تجاوزات في انتخابات عام 2005. وتقول حكومة الرئيس حسني مبارك التي دعت الى الاستفتاء يوم الاثنين القادم ان التعديلات هي اصلاحات لكن معارضين يقولون انها تعزز من قبضة الحزب الحاكم على السلطة. وقال مكي رئيس لجنة متابعة الانتخابات في نادي القضاة ونائب رئيس محكمة النقض « انا متوقع تزوير. ومتوقع خصوصا ان المواطنين سيكون عددهم قليل جدا الذين سيذهبوا الى صناديق الاستفتاء ليدلوا بأصواتهم. يعني اتوقع عددا اقل كثيرا من الاستفتاء الماضي. نسبة الحضور بالاستفتاء القادم لن تتجاوز بأي حال من الاحوال خمسة في المئة. » وقالت الحكومة ان نسبة الاقبال في استفتاء مماثل في مايو ايار عام 2005 كانت حوالي 54 في المئة. وقال المراقبون والمعارضة انها كانت اقرب الى 10 في المئة. وتشمل التعديلات فقرة لمكافحة الارهاب تمنح سلطات كاسحة للشرطة في المراقبة والاحتجاز. كما انها ستمنح الرئيس سلطة حل البرلمان منفردا وتضعف الاشراف القضائي على الانتخابات. وقال مكي « انها تمنع السلطة القضائية من الرقابة على السلطة التنفيذية بالنسبة لحقوق المواطنين وحريتهم. » وتقول الحكومة ان كل الانتخابات نزيهة. وتعتزم جماعات المعارضة وبينها جماعة الاخوان المسلمين مقاطعة الاستفتاء. ومن المرجح ان يكون الاخوان المسلمون الاكثر تضررا من التعديلات التي ستمنع أي نشاط سياسي على اساس ديني وبالتالي يمكن ان تقضي على املهم في الحصول على اعتراف كحزب سياسي شرعي. وقال مكي « انا اطالب برقابة دولية ورقابة من منظمات حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني. » واضاف انه ومجموعة من القضاة شكلوا لجنة تطوعية لمراقبة اية شكاوى من تجاوزات. وذكرت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية ان مجلس القضاء الاعلى الذي يشرف على النظام القضائي فوض بنشر قضاة للاشراف على التصويت في الاستفتاء. لكن مكي قال ان عدة مئات فقط سيشاركون وان مشاركتهم في اللجان الانتخابية رمزية. وقال « لا يوجد اشراف قضائي حقيقي. » وبرأت لجنة تأديبية قضائية مكي في النهاية في العام الماضي من اي مخالفة لتحدثه بصراحة عن انتخابات عام 2005 بينما اوقف ترقية قاض اخر وتحذيره من الفصل اذا ارتكب اية مخالفة في المستقبل. من سينثيا جونستون (المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 22 مارس 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
تونس الخضراء مهدّدة بالتصحّر:
الصحراء قد تزحف على 96% من الأراضي
تونس – الصباح على هامش اليوم العالمي للمياه تنتظم هذه الايام بفندق «الرونسانس» بالضاحية الشمالية ندوة علمية دولية افتتحها كاتب الدولة لدى وزيرالفلاحة ويشارك فيها عدد كبيرمن الخبراء التونسيين وممثلي الاتحاد الاوروبي و عدد من الدول الأوروبية والعربية لبحث معضلة نقص المياه ومقترحات تخفيف حدة هذه المعضلة ..عبر البحث عن موارد جديدة وترشيد استهلاك الموارد الحالية.. وقد كشفت الورقات المقدمة أمس أن حوالي 1 فاصل 3 بالمائة فقط من كميات المياه المستهلكة في العالم تخصص للشرب والأكل أي أن أكثرمن 98 بالمائة من المياه تستهلك في أغراض اقتصادية (صناعية وتجارية وسياحية وعمرانية) واجتماعية متفرقة.. وأغلبها لا يقع تطهيره واستغلاله مجددا رغم تشكيات جل دول العالم ..ومنها دول جنوب البحرالابيض المتوسط المعنية بندوة تونس من الجفاف ..وندرة الموارد المائية ..وضعف معدلات استهلاك الفرد منها مستقبلا مقارنة بالمعدلات الحالية.. زحف التصحر
ندوة تونس كشفت تشكيات بالجملة من مخاطر الجفاف وزحف التصحر.. إلى درجة أن الاستاذ مراد بدير مدير المعهد العالي لتكنولوجيا المياه في الجامعة التونسية (برج السدرية) حذر في تصريح لـ«الصباح» من مخاطر نقص معدل كميات المياه التي يستهلكها الفرد في المنطقة.. «ومعدل استهلاك الفرد في تونس وشمال افريقيا مثلا يحوم ما بين 400 و 450 مترا مربعا سنويا.. وهو معدل يمكن يمكن أن ينخفض الى 300 متر مربع مقابل معدل سنوي يفوق الالف ومائتي متر مربع خاصة في دول الشمال.. وهو ما يستوجب القيام بجهود اضافية لترشيد الاستهلاك ..وتنويع الموارد بما في ذلك تطويرالتكنولوجيات التي تساعد على استغلال المياه المستعملة في المدن والعمران في اغراض اخرى منها الزراعة والسباحة والحمامات ..الخ وهنا تبرز أهمية الجهود والتجارب التي تقوم بها تونس دولة وجامعات.. لعقلنة استغلال المياه المستعملة والبحث عن استغلال افضل للموارد المائية السطحية والمائدة العميقة والموارد البديلة». 4 جوائز لعلماء المياه من ولي العهد السعودي الاحساس بخطورة معضلة المياه دفع الخبراء العرب المشاركين في هذه الندوة الدولية نحو تقديم مشاريع عديدة لتحسين استغلال الثروات المائية القليلة المتوفرة في العالم العربي ..وكان بين المشاركين وفد سعودي يرأسه الخبير السعودي في مجال التصحر الاستاذ عبد المالك الشيخ الكاتب العام لمؤسسة الامير سلطان عبد العزيز للتصحر والمياه والبيئة.. وقدأعلن في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر عن رصد مؤسسة ولي العهد السعودي 4 جوائز مالية قيمتها نحو مليون ريال سعودي للعلماء الذين يبتكرون تكنولوجيات جديدة لمعالجة معضلة المياه في العالم ..بعد أن اتضحت الاعباء المرتفعة جدا للتكنولوجيات الحالية ومنها تحلية مياه البحر .. وأورد الخبير السعودي أن مؤسسة الامير سلطان تقوم بتحركات وتجارب في مجالات عديدة لمكافحة التصحر وتطوير استغلال الموارد المائية.. «لأن معضلة نقص المياه تهدد العالم أجمع وليس الدول العربية وحدها ..ولذلك فتح باب الترشح لجائزة سمو الامير سلطان ولي العهد لكل علماء المياه في العالم أجمع». 96 بالمائة من الاراضي مهددة بالتصحر في نفس السياق لا حظ الخبير التونسي في تكنولوجيا المياه الاستاذ حمادي القلال أن نحو 96 بالمائة من اراضي بعض الدول العربية – منها تونس – مهددة بالتصحر بما في ذلك في بلدان شمال افريقيا الغنية بمياه الانهار والبحيرات الجبلية ..وحتى كمية الامطار التي تتساقط سنويا أفضل من بقية الدول العربية.. (النسبة الحالية للتصحر في تونس لا تزال في حدود الـ 50 بالمائة).. كما تطرح بالنسبة لبعض الدول مشكلة حسن توزيع واستغلال الموارد المائية الحالية ..فموريتانيا مثلا لها موارد هائلة في نهر السينغال لكن يصعب عليها استغلالها كما ينبغي.. مشاريع للتجاوز ولتدارك هذه النقائص ومحاولة محاصرة هذه المعضلة قدم عدد من الخبراء العرب والاوروبيين تقارير علمية عن دراسات أجروها للحد من ضغط مشكل العجز المائي ..منها دراسة أجراها فريق من العلماء التونسيين في منطقة الساحل التونسي (منطقة جمال المنستير مساكن).. ستمكن من استغلال المائدة العميقة للمياه التي يبلغ عمق بعضها أكثرمن الف متر.. كما أورد المهندس فتحي الاشعل الذي شارك في هذا البحث العلمي «الذي تدعمه وزارة الفلاحة والدولة».. وقد نجح هذا الفريق التونسي من اكتشاف 7 محطات عميقة (في حدود 1200 مترا أحيانا) غنية بالمياه المتراكمة منذ القدم.. والتي سيساهم استغلالها في ترفيع معدل استهلاك الفرد من المياه في تلك المنطقة وعلى الصعيد الوطني.. توصيات ..توصيات ومن خلال البرنامج العام لهذه الندوة العلمية وكم التوصيات الواردة في ورقات مختلف المتدخلين الاوروبيين والامريكيين والمغاربيين والعرب يتضح أن ما سوف يصدر عن هذا المؤتمر مهم جدا علميا ..ويهم سلاحا استراتيجيا رئيسيا هو الماء.. ولوحظ خلال المؤتمرتحمس المشاركين التونسيين من خبراء وجامعيين وممثلي وزارة الفلاحة ومعهد تكنولوجيا المياه ببرج السدرية.. لكن السؤال هوهل أن التوصيات العملية التي ستصدر عن المؤتمر غدا والرامية لانقاذ مئات الملايين من العطش.. ستجد صدى لدى الساسة ومسؤولي الصناديق المالية والتنموية العالمية؟ وهل ستؤخذ توصيات هؤلاء الخبراء بعين الاعتبار من قبل ساسة الدول المصنعة المولعين بالحديث منذ مدة عن المضاعفات السلبية للاحتباس الحراري والتقلبات المناخية الناجمة عن التلوث في دول الشمال بنسبة تفوق الـ 80 بالمائة؟؟ كمال بن يونس (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 23 مارس 2007)
مشروع مدينة الألفية الثالثة هكذا ستصبـــــح بحيـــــرة تونـــــس خــــلال سنوات
نسيج عمراني راق، فضاءات تجارية ضخمة، فضاءات كبرى للترفيه، مقاه ومطاعم وبنيــــــة أساسية متميزة
تونس-الصباح تشهد مدينة تونس في السنوات الاخيرة تغيرات كبرى على مستوى البنية والهندسة المعمارية والعمرانية، خاصة من الجانب الشمالي للمدينة وبالتحديد جهة البحيرة. ومنذ سنوات تم الشروع في تطهير واستصلاح منطقة البحيرة لتصبح الوجه الجديد والعصري للعاصمة،حيث اصبحت هذه المنطقة من ارقى الاحياء السكنية والتجارية والترفيهية في البلاد. ولم تقتصر الانجازات في هذه المنطقة على ما تحقق، بل ان التهيئة تواصلت لتكون البحيرة نقطة الوصل والربط بين الضواحي الشمالية والضواحي الجنوبية من جهة وبين العاصمة وهاته الضواحي من جهة اخرى، بعد ان كانت البحيرة تمثل سابقا العائق والحد الطبيعي للامتداد العمراني للعاصمة وضواحيها. وقد افرز استصلاح وتهيئة فضاء بحيرة تونس الشمالية، مخزونا عقاريا مهما لاقامة وتشييد مشروع مدينة الالفية الثالثة التي جمعت بين النسيج العمراني الراقي والفضاءات التجارية الضخمة وفضاءات الترفيه الكبرى والمقاهي والمطاعم الفخمة والبنية الاساسية الرائعة . واصبح التناسق والانسجام العمراني والمعماري والبنية الاساسية وترسيخ البعد البيئي من اهم ملامح منطقة البحيرة. وبعد ان تم الانتهاء من تطهير واستصلاح وتهيئة المنطقة الشمالية للبحيرة المتكونة من تقسيمي الخليج اللذين يمسحان 150 هكتارا والمنطقة الشمالية الغربية «ج» التي تمسح 59 هكتارا ودخول هاتين المنطقتين حيز الاستغلال والنشاط منذ سنوات، شرع منذ اشهر في تهيئة وتطوير المنطقة الشمالية الشرقية (من جانب قصر المعارض بالكرم ووصولا الى جهة خير الدين وحلق الوادي ) التي تمسح 800 هكتار. ومن المنتظر الشروع قريبا في تهيئة واستصلاح المنطقة الشمالية الغربية والجنوبية الغربية الواقعة من جهة طريق ال « z4» وشارع الحبيب بورقيبة والطريق السريعة نحو حلق الوادي اي من جهة وسط العاصمة والماسحة لـ300 هكتار. مشاريع رائدة ومن المنتظر وحسب ما هو مخطط له بعد استكمال تهيئة واستصلاح هذه المناطق ان تحتضن المنطقة الشمالية الشرقية للبحيرة مشروع مدينة تونس الرياضية التي ستحتل 252 هكتارا، وحي الميناء القديم الذي سيصبح عبارة عن ميناء ترفيهي من اعلى طراز وكذلك تقسيم جله مخصص للاعمال والخدمات (67 هكتارا) والذي من المنتظر ان يشرع في تطويره خلال سنة 2010 .وكذلك منطقة صناعية غير ملوثة بحلق الوادي (38 هكتارا) والمنتظر تطويرها بداية من سنة 2010 وملعب للصولجان من الطراز العالي (106 هكتارات) والذي سيشتمل على ملعب مخصص لتعاطي لعبــــــــــة الصولجان ذي 18 حفرة، ومدرسة لتعليم اللعبة مع ملعب ذي 9 حفر، ومناطــــــق للتنشيط تطل مبــــاشرة على البحيرة. اما المنطقة الشمالية الغربية والجنوبية الغربية فانها ستمثل الامتـداد الطبيعي للعاصمة، وستكون بمثابة همزة الوصل بين بحيرة تونس الجنوبية والمنطقة المركزية للعاصمة وبحيرة تونس الشمالية. ومن المنتظر ان تحتوي هذه المنطقة على مشروع رياضي متكامل هو عبارة عن «اكاديمية رياضية» تضم عديد الملاعب والقاعات الرياضية لمختلف الاختصاصات ابرزها ملعب للقولف يمسح حوالي 88 هكتارا. هذا الى جانب منطقة سكنية وتجارية وسياحية وترفيهية وصحية راقية. وسيكون للتنزه والبيئة وجود في هذا المشروع، فبالاضافة الى المنتزهات والمساحات الخضراء الكبرى والتي ستكون بنسبة 25 بالمائة من المساحات التي تمت تهيئتها واستصلاحها، سيكون للبحيرة كرنيش من الطراز الراقي سيمتد من العاصمة الى قنال خير الدين مرورا بحلق الوادي وستكون له عدة تقاطعات ترفيهية ورياضية هامة وستكون بحيرة تونس بمثابة الرهان الاستراتيجي في اطار سياسة التنظيم الفضائي للعاصمة الذي يسعى الى تخفيف الحمل الذي يثقل كاهل المدينة نتيجة التمركز المفرط لانشطة قطاع الخدمات وما شابهها وذلك بانشاء مركز يكون منظما بصفة محكمة يمكنه من ان يلعب دور البديل بالنسبة الى التجمع العمراني. وكذلك هيكلة الساحل الشمالي المهدد بالتعمير العشوائي الناتج عن تلاصق التقسيمات. وايضا تحسين المحيط الطبيعي وذلك بتحويل الغابات الموجودة الى منتزهات وبانشاء حدائق بالاحياء وفضاءات عمومية. سفيان رجب (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 23 مارس 2007)
« كلمة رجال » لمعز كمّون في قاعات السينما يوم 4 أفريل: هل يجيب المنتج والمخرج عن هذه التساؤلات؟
أولئك الذين لم يتمكنوا من مشاهدة فيلم «كلمة رجال» للمخرج معز كمون في مهرجان أيام قرطاج السينمائية عام 2004 يتساءلون اليوم: كيف سيكون هذا الفيلم؟ وهل سيتمكن من الخروج عن اللغة السينمائية التي دأبت عليها جل الافلام التونسية منذ أكثر من ربع قرن؟ وهل سيعطي صورة حقيقية عن الرواية التي انطلق منها وهي رواية «بروموسبور» للكاتب حسن بن عثمان التي أصدرها قبل 10 سنوات فجلب أنظار النقاد وأحباء الادب لا في تونس فحسب بل أيضا في بعض الاوساط الادبية في المغرب والمشرق؟ كما أنها احدى الروايات التي نالت جائزة كومار الذهبي للرواية التونسية. أسئلة مشروعة لا بد لها من أجوبة حتى تتوضح بعض «الامور» ذلك أن انتاج فيلم في تونس هو حدث ثقافي كبير في حد ذاته ويكاد يكون مؤسسة كاملة باعتباره يتطلب الكثير من النفقات.. والكثير من الوقت.. والجهد.. ومن أجله تلتف طاقات فنية وثقافية وإدارية. ولذا من حق احباء السينما أن يثيروا نقاشا كبيرا وساخنا مع خروج فيلم تونس؟ وبالنسبة لفيلم «كلمة رجال» فإن الاهتمام به سيكون أكبر على أكثر من مستوى وأول موضوع يمكن أن ينشغل به كل الذين يحبون السينما التونسية هو هذا التأخير الكبير في اطلاق سبيل الفيلم وجعله يعيش بين الناس ويتنفس معم فالفيلم إلى جانب كونه مؤسسة متحركة فهو كيان ثقافي لا يجب خنقه. فهل من المعقول أن يدخل فيلم «كلمة رجال» مهرجان أيام قرطاج السينمائية قبل ثلاث سنوات كاملة ثم يغيب عن الوجود ولا أحد يعرف السبب الاصلي. لقد قيل لنا بأن عملياته التقنية الاخيرة تطلب نفقات عالية جعلت منتجه يدخل في صعوبات جمّة وهو قول مردود إذا ما عرفنا أن المنتج هو السيد حسن دلدول الذي خبر القطاع السينمائي في تونس بعمق وعاش أطواره بدقة وعن قرب منذ نهاية الستينات وبالتالي فإنه لا يتورط في مغامرات غير محسوبة إلا إذا كانت هناك «عوالم» مجهولة قد اقتحمها الفيلم لا يعلمها إلا حسن دلدول نفسه. على كل إن 3 سنوات تفصل بين مشاركة الفيلم في مهرجان عالمي بتونس وخروجه إلى القاعات تعتبر مدة زمنية طويلة جدا بالنسبة لعمل ابداعي من المفروض أن نطرق حديده ساخنا ونتعامل معه بلهفة لا بشيء من البرود.. أو بشيء من اللامبالاة. على كل حال إن خروج هذا الفيلم إلى الناس سيوضح ما كان غامضا ومن المؤكد أن السيد حسن دلدول يعد العدة الآن لمجابهة هذه الاسئلة بالاجوبة المقنعة. فلقد تقرر أن ينطلق فيلم «كلمة رجال» من عقاله إلى القاعات التجارية يوم الاربعاء 4 أفريل القادم. فهل إن هذا الانتظار الطويل سيكون سببا من أسباب جلب الجمهور إليه لمشاهدته في القاعات؟ ربما. هذا الفيلم الذي أخرجه «معز كمون» يستعرض قصة ثلاثية الجوانب متوحدة في مسار واحد: ثلاثة اصدقاء انطلقوا معا ثم اختلفت دروبهم لكنهم أبدا لم تختلف أحلامهم وفي اتجاه آخر ثلاث نساء وثلاثة أقدار.. ونضالات في وجهة واحدة بقرية نائية في الجنوب التونسي. عباس.. ساسي وسعد ثلاثة اطفال ومع الثلاثة خديجة التي أحبها سعد ولكنها كانت تحب ساسي. وتمر ثلاثون سنة ويلتقي الاصدقاء من جديد وطبعا تفرّقت بهم السبل فتفرقت بهم أقدارهم سنجد عباس في المدينة يعمل ناشرا ولكنه مفلس لا يقدر على سد الرمق، أما ساسي فإنه عاد من المشرق العربي بشهادة دكتوراه مشكوك في أمرها يلتحق بالتدريس في الجامعة ولكنه يرفت منها للتحرش الجنسي بإحدى طالباته في حين أن سعد وهو إمام جامع صغير أصبح أحد كبار تجار الملابس القديمة بعد أن ربح في «البروموسبور» فهل تتلاقى أقدارهم من جديد؟ لما كانوا صغارا، والبراءة تتقد من عيونهم كانوا قد اقسموا أن يبقوا متكتلين مدى الحياة، وأرقام السر عندهم هي «كلمة رجال». فهل سيحترمون «كلمة رجال» وهم في سن الرجال؟ أم أن الظروف باعدت بينهم وبين «الرجولة»؟! ذلك هو الملخص؟
لكن الفيلم لا ينطلق كما تنطلق الرواية الاصلية لحسن بن عثمان؟ هذه الرواية التي نالت اعجاب معز كمون فصاغ منها السيناريو وأعطاها حق حياة أخرى أو نوعا آخر من الحياة لكن هل أن اعجابه الكبير بها حمله إلى احترام الطريقة السردية التي انتهجها حسن بن عثمان؟ أقول من الآن: هناك فرق كبير بين الرواية والفيلم لكن لصالح من؟ هذا هو السؤال الذي سأتركه للجمهور، ثم أعود إلى هذه المسألة في الإبان لابداء الرأي. ما أريد أن أعلنه قبل خروج الفيلم يوم الاربعاء 4 أفريل القادم بأني كنت قد شاهدت هذا الشريط ووقفت عند الفرق البيّن بين النص الادبي والفيلم. صحيح بأن جل الافلام المقتبسة من الروايات والقصص تكون بعيدة عن الاصول ونحن جميعا نقبل بالمسافة بين الابداع الأدبي في أصله.. والفيلم عند عرضه واحد فقط قد يعيش الاحباط والانزعاج هو الكاتب صاحب النص الاصلي! الكاتب نجيب محفوظ وجد في الخمسينات حلا جذريا وهو إما أن يشارك المخرج صياغة السيناريو وإما أن يتولى السيناريو بنفسه؟ فهل كان حسن بن عثمان راضيا عن الفيلم بعد أن شاهده على الشاشة عام 2004؟ سؤال آخر نطرحه لعله ينساب في الساحة الثقافية بحثا عن جواب إلى جانب أجوبة أخرى كثيرة طرحها هذا الفيلم على مستوى الانتاج.. وعلى مستوى أيام قرطاج السينمائية، وعلى المستوى الفكري بما أنه ينطلق من رواية لا تدعي سرد قصة فقط إنما هي حاملة لعدة رسائل فكرية تشغل بال التونسيين… والعرب بصفة عامة. الفيلم إذن يخرج إلى الناس قريبا وهو يضمّ عددا كبيرا من الممثلين من أمثال جمال ساسي وفتحي المسلماني ورمزي عزيز ولطفي الدزيري وجميلة الشيحي ونجوى زهير وسوسن معالج وكوثر بلحاج وشاكرة رمّاح وعبد العزيز المحرزي وسفيان الشعري. محمد بن رجب (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 23 مارس 2007)
حركة كفاية المصرية تقول ان الاستفتاء معد سلفا
القاهرة (رويترز) – قالت حركة كفاية المعارضة للحكومة المصرية يوم الاربعاء ان الاستفتاء المزمع اجراؤه على التعديلات الدستورية كان مرتبا سلفا وحثت المصريين على مقاطعته. كما دعا عدد متزايد من الجماعات بما في ذلك جماعة الاخوان المسلمين القوية الى مقاطعة الاستفتاء المزمع يوم الاثنين. وتتضمن التعديلات فقرة خاصة بمكافحة الارهاب تمهد على ما يبدو لمنح الشرطة سلطات كاسحة في مجال المراقبة والاعتقال. وتصف الحكومة التعديلات بأنها اصلاحات لكن معارضين يقولون انها محاولة لتشديد قبضة الحزب الحاكم على السلطة. وقال عبد الوهاب المسيري زعيم حركة كفاية لرويترز « سنطلب من المواطنين عدم المشاركة لان الحكومة ستمررها وهذه نتيجة معروفة سلفا. » وتساءل « سيزورون النتيجة .. فلماذا نعطيهم شرعية. » وتقول الحكومة ان جميع الاستفتاءات نزيهة. وكانت منظمة العفو الدولية قد وصفت التعديلات بأنها « أكبر تقليص لحقوق الانسان » منذ فرض قوانين الطوارئ عام 1981 بعد اغتيال الرئيس أنور السادات. وستكون جماعة الاخوان المسلمين على الارجح أكثر المتضررين من هذه التعديلات التي ستحظر أي نشاط سياسي على أساس ديني وبالتالي قد تقضي على آمال الجماعة القديمة في الاعتراف القانوني بها كحزب سياسي رسمي. كما تسمح التعديلات التي أقرها البرلمان يوم الاثنين لرئيس الدولة بحل مجلس الشعب دون الرجوع للناخبين كما تضعف الاشراف القضائي على الانتخابات التي تشهد شكاوى من تجاوزات واسعة النطاق. وقال المسيري (68 عاما) أستاذ الادب الانجليزي السابق بجامعة القاهرة والذي كان عضوا بالاخوان ان التعديلات ستضفي صفة الديمومة على الاجراءات التي اتخذت عقب مقتل السادات وهو الامر الذي يعرقل الى حد كبير التوجه نحو الاصلاحات الديمقراطية في مصر. وقال « هذه التعديلات أفسدت كل شيء.. لقد أضفت شرعية على قوانين الطوارئ وجعلتها جزءا من الدستور. » « هذا يعني الغاء الدستور في حقيقة الامر. » كانت حركة كفاية قد برزت عام 2005 عندما عارضت فترة ولاية خامسة مدتها ست سنوات للرئيس حسني مبارك وأي خطوة لتوريث ابنه جمال. لكن اعادة انتخاب مبارك وتراجع الاهتمام الامريكي بالاصلاح السياسي في مصر أضعف الحركة كما خفتت مظاهراتها. وكان من المتوقع على نطاق واسع في بداية الامر أن يجرى الاستفتاء في الرابع من أبريل نيسان المقبل لكن تم تقديم موعده الى 26 مارس اذار الجاري أي بعد أسبوع واحد فقط من اقرار التعديلات في البرلمان وانتقد المسيري الحكومة لمحاولتها تمرير التعديلات سريعا. وقال « التلاعب بالمواعيد.. جعل الامر برمته كما لو كان مهزلة وهو ما كنا نعلمه بالفعل. » وأضاف أن الحكومة قد تشن حملة اعتقالات في أعقاب ذلك وبخاصة اذا استمرت المظاهرات. وقال « نتوقع ذلك … اذا عادت المظاهرات فسيثير هذا غضبهم بالفعل. » من سينثيا جونستون (المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 21 مارس 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
الإخوان المسلمون يقاطعون الاستفتاء على التعديلات الدستورية
مصر (رويترز) – أعلن الإخوان المسلمون وهم أكبر جماعة معارضة في مصر يوم الأربعاء أنهم سيقاطعون الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي يقولون إنها تهدف لمنعهم من الترشيح للانتخابات العامة وتقويض الحريات. وسوف يجرى الاستفتاء على تعديل 34 مادة في الدستور يوم الاثنين. وقالت الجماعة إنها لا تريد إعطاء شرعية للاستفتاء الذي تقول إن نتيجته ستحددها الحكومة وتلك الاتهامات رددتها أيضا جماعات يسارية وعلمانية قالت إنها قررت مقاطعة الاستفتاء. وقالت الجماعة في بيان وقعه مرشدها العام محمد مهدي عاكف « تحقيقا للصالح العام ولعدم وجود أي ضمانات لنزاهة الاستفتاء وتوافقا مع ما أعلنته معظم القوى السياسية والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني… نعلن عن مقاطعتنا لهذا الاستفتاء. » وأضاف « ندعو كل القوى الحية في مصر إلى الاجتماع على كلمة سواء لمواجهة مرحلة ما بعد التعديلات من آثار وتداعيات. » وتوافق قرار الإخوان بمقاطعة الاستفتاء مع موقف حركة كفاية التي قالت أيضا اليوم إنها ستقاطع الاستفتاء وحثت المصريين على البقاء بعيدا عن لجان الاقتراع. وقال المنسق العام للحركة عبد الوهاب المسيري لرويترز « سنطلب من الشعب ألا يشارك لأنه معروف سلفا أن الحكومة ستمرر التعديلات. » وقال عصام العريان وهو عضو قيادي بارز في الجماعة لرويترز « الاستفتاءات كلها مزورة وهذه التعديلات لم يتم فيها أي احترام للقوى السياسية والقوى الوطنية وأحزاب المعارضة. » وأضاف « هي تعتبر إملاءات من حزب واحد. » وكان يشير إلى الحزب الوطني الديمقراطي الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك. وتقول الحكومة إن جميع الاستفتاءات نزيهة. ويصف المسؤولون التعديلات بأنها إصلاحات بينما تراها المعارضة محاولة لتشديد قبضة الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم على السلطة. وأقر مجلس الشعب التعديلات أمس الاثنين لكنها لن تسري إلا بموافقة أغلبية الناخبين في استفتاء عام. وتتضمن التعديلات إضافة نص إلى الدستور يمهد على ما يبدو لمنح أجهزة الأمن سلطات كاسحة في مجال احتجاز الأشخاص وتفتيش المساكن والتنصت على الاتصالات الهاتفية في إطار قانون سيصدر لاحقا لمكافحة الإرهاب ويحل محل حالة الطواريء السارية منذ اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981 برصاص إسلاميين متشددين. وسار أكثر من ألف من الطلاب الموالين لجماعة الإخوان بجامعة القاهرة في جنازة رمزية لمصر يوم الاربعاء. وحمل أربعة طلاب نعشا رمزيا ملفوفا بعلم البلاد كتبت عليه كلمة « مصر ». وسار أمام النعش طلاب يحملون لافتة سوداء كبيرة كتبت عليها عبارة « التعديلات الدستورية = وفاة مصر لذلك نرفض ». ووقف عشرات من قوات مكافحة الشغب خارج الحرم الجامعي. وتمضي الاستعدادات لإجراء الاستفتاء قدما. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية اليوم الأربعاء أن مجلس القضاء الأعلى الذي يشرف على القضاء وافق على ندب القضاة للإشراف على الاستفتاء. ويقول محللون إن قصر الفترة بين إقرار التعديلات الدستورية في مجلس الشعب وإجراء الاستفتاء يبين أن السلطات تريد منع المعارضة من حشد قواها ضد التعديلات. وقال ضياء رشوان وهو خبير في شؤون الجماعات الإسلامية « هذا انقلاب دستوري وواحد من خصائص الانقلاب الدستوري هو أنه يتم بسرعة. لا يوجد انقلاب تم ببطء. » ومن المحتمل أن تصيب التعديلات جماعة الإخوان وهي أقدم جماعات المعارضة بضرر شديد لنصها على حظر النشاط السياسي على أساس ديني كما يبدو أنها تقضي على أمل الجماعة القديم في أن تصبح حزبا سياسيا معترفا به. ويقول محللون إن مصر تريد أن توقف جماعة الإخوان التي شغل أعضاء فيها 88 مقعدا في مجلس الشعب في الانتخابات التي أجريت عام 2005 والتي خاضوها كمستقلين قبل أن تحقق مكاسب انتخابية أخرى يمكن أن تجعلها ترقى في النهاية لمستوى تهديد خطير لحكم مبارك. ويقول معارضون وحقوقيون إن التعديلات ستحد من الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات العامة وبالتالي ستقلل من فرص الإخوان الذين يرشحون أنفسهم كمستقلين في شغل أعداد كبيرة من مقاعد المجالس التشريعية في وقت تحدث فيه عادة مخالفات كبيرة في الإدلاء بالأصوات وفرز النتائج. وفي انتخابات عام 2005 قال قضاة إن انتهاكات واسعة حدثت في عمليات الاقتراع وفرز الأصوات لمصلحة مرشحي الحزب الوطني. ووجهت واشنطن وهي حليف لمصر انتقادات لينة للتعديلات التي هاجمتها منظمات حقوق الإنسان الدولية بشدة. وتريد الولايات المتحدة الحصول على مساعدة مصر في تقدم عملية السلام في الشرق الأوسط وإنهاء العنف في العراق. ويقول مصريون كثيرون إنهم لن يقترعوا لأنهم يعتقدون أن الحكومة ستزور النتائج بغض النظر عن رأيهم. ويقول محللون إن المصاعب الاقتصادية وعشرات السنين من الحكم الاستبدادي جعلت كثيرا من المصريين لا يبالون بالسياسة الوطنية. وقال النشط السياسي جمال عيد « الحكومة لديها خبرة واسعة في التزوير. والمعارضة الإيجابية بالتصويت بلا لن تغير في الأمر شيئا لذلك المقاطعة في هذا السياق هي الأفضل. » (شارك في التغطية محمد عبد اللاه) من علاء جاهين (المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 21 مارس 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
أمريكية تعيد تفسير القرآن بوجهة نظر مؤيدة للمساواة بين الجنسين
نيويورك (رويترز) – يطعن تفسير جديد للقرآن الكريم باللغة الانجليزية في استخدام كلمات يقول مؤيدو المساواة بين الرجل والمرأة انها استخدمت لتبرير الانتهاكات بحق المرأة المسلمة. وتنشر النسخة الجديدة التي ترجمتها أمريكية من أصل ايراني في ابريل نيسان وتأتي بعدما تجمع مسلمون مؤيدون للمساواة بين الرجل والمرأة من أنحاء العالم في نيويورك في نوفمبر تشرين الثاني الماضي وتعهدوا بتشكيل أول مجلس من النساء لتفسير القرآن وجعل الدين أكثر ودا تجاه المرأة. وفي الكتاب الجديد تتحدى الدكتورة لالاه بختيار المحاضرة السابقة في الاسلام بجامعة شيكاجو ترجمة كلمة « إضرب » العربية التي تترجم عادة بمعني « الضرب » والتي يقول مؤيدو المساواة بين الرجل والمرأة انها استخدمت لتبرير الانتهاكات بحق النساء. وكتبت في مقدمة الكتاب الجديد تتساءل عن سبب اختيار المعنى الظاهري للكلمة وهو « الضرب » بينما يمكن أيضا أن تعني « امض بعيدا ». وكانت بختيار تشير الى كلمة « واضربوهن » في الآية من القرآن التي تقول « واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ان الله كان عليا كبيرا. » وتقترح بختيار تفسيرا يقول « ينبغي للازواج الذين يصلون الى تلك المرحلة الخضوع لله وترك الأمر له.. امضوا بعيدا عنهن ودعوا الله ينفذ مشيئته بدلا من أن يصيب انسان انسانا آخر بألم باسم الله. » وقال بعض المسلمين ان الترجمة الجديدة انحرفت عن الأصل. وشكك عمر أبو ناموس وهو امام بمسجد المركز الثقافي الاسلامي في نيويورك في ترجمة بختيار. وقال « لا يوجد ما يمنع امرأة من ترجمة القرآن الكريم. لكن ينبغي للمترجم أن يجيد اللغة العربية حتى يمكن أن يجاريها وترجمتها الى لغات أخرى. لا أعلم ما اذا كانت الدكتورة لالاه تجيد العربية أم لا. » وأضاف « ربما تكون تعتمد على تراجم أخرى.. وليس على الأصل. » ودافعت بختيار عن ترجمتها وقالت لرويترز انها ترجمت عن النص العربي وانها « تقرأ وتعرف العربية القديمة. » وقال أبو ناموس أيضا ان الآية التي تطعن في ترجمتها تتحدث عندما ترغب امرأة في الطلاق وتسمح للرجل فقط « بضرب زوجته.. كما يقول النبي (محمد).. بسواك » أو غصين في مثل طول القلم الرصاص على يدها. وقالت استاذة اللغة العربية بالجامعة الامريكية في القاهرة سهام سري ان تفسيرها لكلمة « اضرب » هو « ادفع جانبا » وانه مختلف بعض الشيء عن تفسير بختيار. واتفقت مع ابو ناموس على أن كلمة سواك تعني غصينا وعلى أن القرآن لا يشجع على إلحاق الضرر بالنساء. غير أنها تقول أيضا ان الرجال يمكنهم تفسير الآية لتبرير سلوكهم الخاص. وتساءلت في تعليق عبر الهاتف من القاهرة قائلة « كيف يمكنك الإضرار بشخص ما بضربه بمثل هذا الشيء الصغير القصير والضعيف… لكن تفسير القرآن في بعض الأحيان يكون متماشيا مع الرجال.. وأحيانا يحاولون إذلال المرأة. » وتقول بختيار في الكتاب انها اكتشفت افتقارا الى التماسك الداخلي في التراجم الانجليزية السابقة وان وجهة نظر المرأة لم تمنح انتباها يُذكر. تربت بختيار على الصوفية التي تضم وجهات نظر سنية وشيعية. وبعدما بلغت عاشت تسع سنين بين الشيعة في ايران بينما عاشت بين الجالية السنية في شيكاجو على مدى الخمسة عشر عاما الماضية. وتقول في كتابها « مع أنني أفهم مواقف كل جماعة.. فانني لا أمثل جماعة بعينها لاني أجد أن العيش في أمريكا يجعل من الصعب للغاية أن تكون مسلما.. ناهيك عن أن تختار اتباع طائفة أو أخرى. » وتنشر الكتاب دار نشر قاضي ببليكيشنز المتخصصة في الاصدارات الاسلامية والتي تمتلك متجرا في شيكاجو وتبيع عبر شبكة الانترنت. من مانويلا بدوي (المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 23 مارس 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
تأسست جمعية الأنصار في البوسنة والهرسك من أجل الدفاع عن حقوق المتجنسين بالجنسية البوسنوية بعدما شكلت الحكومة البوسنوية لجنة خاصة لمراجعة الجنسيات التي تم منحها للأشخاص الذين لم يكونوا بوسنويين منذ الفترة 6/4/1992 م حتى 1/1/2006م . ولكن للأسف الشديد لم تحصل الجمعية على تصريح بالتسجيل في السجل العدلي . حيث تقدمنا بطلب لتسجيل هذه الجمعية بتاريخ 9 مارس 2006 إلى وزارة العدل البوسنوية في مدينة سراييفو العاصمة ، ولكن وزير العدل وهو صربي لا يرد أن يوقع قرار تسجيل الجمعية في سجلات الدولة علماً أن معاملة التسجيل موجودة في مكتبه منذ تاريخ 20/4/2006 ولكنه لا يرغب بالتوقيع دون أي سبب فقط لأن أعضاء الجمعية مسلمون أجانب متجنسون بالجنسية البوسنوية وبعضهم بوسنويون أصليون ومعظم أعضاء الجمعية هم من المقاتلين (المجاهدين) الذين أتوا إلى البوسنة عام 1992 للدفاع عن المسلمين، وبما أن الوزير صربي وكان ممن يدعمون التطهير العرقي ضد المسلمين في البوسنة والهرسك والذي قام به الصرب والكروات على حد سواء ، وبما أن المقاتلين الأجانب قاموا بمساعدة الشعب البوسنوي المسلم في الدفاع عن نفسه ورد العدوان والتطهير العرقي فإن هذا لم يرق لا للصرب ولا للكروات الذين لمسوا أثر هذه المساعدة من خلال الخوف والذعر الذي ظهر في صفوف جنودهم . لأنهم إعتادوا أن يقتلوا المسلمين دون مقاومة ولكنهم فوجئوا بجنود مختلفين لا يخافون من هجمات الصرب والكروات بل على العكس رفعوا معنويات المسلمين وتحولوا من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم وكبدوا الصرب والكروات الخسائر . وانتقاماً لخسائر الصرب والكروات والهزيمة التي لحقت بهم فإن جميع المسؤولين صرباً كانوا أم كرواتاً وفي أي منصبٍ كانوا فإنهم يطالبون دائماً بإخراج من تجنس من المقاتلين الأجانب (المسلمين ليس سواهم) ويعرقلون معاملاتهم في الهيئات الحكومية . وهذا ما قام به هذا الوزير الصربي (سلوبودان كوفاتش ) ولم يوقع قرار السماح بتسجيل جمعية الأنصار . وهذا ما عطل عمل الجمعية حيث لم نتمكن من الحصول على الموافقة لصنع ختم ولا أوراق بإسم الجمعية ولا فتح حساب بإسم الجمعية للحصول على المساعدات والتبرعات بصفة رسمية ومراسلة الجمعيات والمنظمات الحقوقية بصفة رسمية، وبإسم أعضاء جمعية الأنصار فنحن نقوم بكل المراسلات والمطالبات بصورة فردية حتى لا نقع تحت المسؤولية القانونية والتي يمكن أن يعتبروها سبباً قانونياً لسحب الجنسية البوسنوية منا بحجة العمل الغير قانوني . لذلك لايوجد لدينا ملفات رسمية لكل الحالات التي تم فيها سحب الجنسيات وترحيل الأفراد الغير قانوني والمخالف لجميع الأعراف والقوانين وحقوق الإنسان . ونحن بصدد توثيق جميع هذه الحالات في ملفات خاصة وتقديمها لمنظمات حقوق الإنسان والمحكمة الأوروبية في مدينة سترازبور الفرنسية ناهيك عن محكمة البوسنة والهرسك . إن جمعية الأنصار في البوسنة والهرسك لا تضم فقط من كانوا من المقاتلين بل وكثيراً ممن كانوا يعملون في الهيئات الإغاثية وقدموا المساعدات الانسانية خلال الحرب ومابعدها وكذلك الطلبة الذين كانوا يدرسون في البوسنة والهرسك وغيرهم ممن حصلوا على الجنسية البوسنوية بعد عام 1992 والذين يشملهم قانون الجنسية الجديد وعمل اللجنة الجديدة هذه . وننوه أنه قد تم تشكيل لجان لمراجعة الجنسيات مرتين سابقاً قبل صدور القانون الجديد ولم تجد هذه اللجان من المخالفات القانونية التي يمكن الاستناد عليها لسحب أي جنسية فما الذي ستجده هذه اللجنة الجديدة إذ أن صلاحياتها لا تتعدى أن تراجع أوراق الحصول على الجنسية البوسنوية من حيث هل كانت مطابقة للقانون المعمول به لحظة الحصول على هذه الجنسية فإن وجدت مخالفات أو تزوير أو ما شابه ذلك فلها الحق أن تسحب هذه الجنسية . ولكن إذا كانت الجنسية قد تم الحصول عليها حسب القانون واستوفت جميع الشروط القانونية فليس من حق هذه اللجنة أن تسحب مثل هذه الجنسية . وهذا ما أقرت به محكمة البوسنة والهرسك ( المحكمة العليا) بنظرها في الشكوى الإدارية التي تقدم بها المواطن فاضل الحمداني إلى هذه المحكمة في إحتجاجه على قرار اللجنة العنصرية بسحب جنسيته على أسس كاذبة. ولا يفوتنا أن نذكر هنا أن اللجنة تحرم الأشخاص حق الاعتراض على قراراتها ولكن تعطيهم الحق برفع شكوى إدارية لدى محكمة البوسنة والهرسك (المحكمة العليا) علماً أن هذه الشكوى لا توقف تنفيذ قرار اللجنة بسحب الجنسية وما له من تبعات، فقرار اللجنة قانونياً هو قرار نهائي ( هكذا بالنص )وغير مسموح الاعتراض عليه وهذا يعني أنه يمكن تنفيذه ولكنه ليس قطعي حيث يمكن رفع شكوى إدارية لدى المحكمة ضده . وهذا لا يمنع تنفيذه حيث أن الجهات التنفيذية بمجرد تلقيها نسخة عن القرار تبدأ بتنفيذه حيث تلغي تسجيل الأشخاص في سجلات الدولة المدنية وتلغي الرقم الوطني وتسحب الأوراق الشخصية الثبوتية مثل جواز السفر والبطاقة الشخصية ، وتطالب الأفراد بتسوية وضعهم من ناحية الإقامة كأجانب ولكن إدارة الهجرة والجوازات ترفض منح الأشخاص الإقامة بسبب أن المحكمة لم تبت نهائياً في القضية ويعتبروهم ما زالوا بوسنويين ، أما إدارة السجلات المدنية والأحوال الشخصية فتعتبرهم أصبحوا أجانب وتلغي تسجيلهم من سجلات الأحوال الشخصية والمدنية وهذا ما يوقع الأشخاص في مشكلات كبيرة وفراغ قانوني فهم ليسوا بالأجانب ولا بالبوسنيين حتى يمكن لأجهزة الأمن ترحيلهم بسبب وضعهم غير القانوني وهذا ما حدث عدة مرات من قبل أجهزة الأمن فهي تستند إلى قرار وزارة الداخلية بأن الجنسية مسحوبة من الأشخاص ولا تنتظر رد المحكمة والذي غالباً ما يكون إيجابياً أي يثبت الجنسية البوسنوية للأفراد ولكن وصول قرار المحكمة يكون متأخراً حيث أن أجهزة الأمن قامت بترحيل الأشخاص، حيث تم تسليمهم إلى القوات الأمريكية في البوسنة والهرسك وهي بدورها قامت بترحيلهم إلى كوبا ووضعتهمفيسجن غوانتنامو السيء السمعة . إذاً عمل هذه اللجنة يخالف في مجمله القانون الذي نص على تشكيلها وتجاوزت صلاحياتها ، وتواطأت معها الأجهزة التنفيذية مثل وزارة الأمن وإدارة السجل المدني والأحوال الشخصية . فهم يعتبرون أنفسهم فوق القانون ولا أحد يستطيع محاسبتهم أو مقاضاتهم لأن هذه رغبة أمريكية وأوروبية مشتركة ، ولكن هذا لا يعطيهم الحق لأن ينتهكوا حقوق الأفراد ويخالفوا المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية والتي تطبق تطبيقاً مباشراً ولها أولوية فوق أي قانون في البوسنة والهرسك. وأيضاً من تجاوزات اللجنة لصلاحياتها استنادها إلى معاهدة دايتون للسلام في عملها وسحب جنسيات الأفراد على أساس تلك المعاهدة البغيضة حيث أنها تنص في أحد بنودها وجوب مغادرة جميع المقاتلين الأجانب الذين كانوا لدى جميع أطراف الصراع صرب وكروات ومسلمون . وهذا ما تم تنفيذه من قبل المسلمين وبقي عدد قليل ممن حصلوا على الجنسية البوسنوية وتزوجوا وأصبح لهم أسر ولم يكونوا أجانب في لحظة توقيع معاهدة دايتون . وقد أقرت محكمة البوسنة والهرسك (المحكمة العليا) عدم صلاحيات اللجنة بالاستناد إلى معاهدة دايتون في عملها ولم تأخذ بما تستند إليه اللجنة بأن قائد قوات الناتو هو المرجعية العليا لتفسير معاهدة دايتون . إذاً المحكمة تقر بتجاوز الجنة صلاحياتها والأجهزة التنفيذية تقوم بتنفيذ قرار اللجنة بسحب الجنسية البوسنوية من الأفراد وتنتهك حقوقهم وتعمل على ترحيلهم دون وجه حق ، تشرد أسرهم حيث لا يستطيع هؤلاء الأفراد أن يأخذوا معهم أفراد أسرهم لأنهم ليس لديهم مكان يذهبوا إليه مع أسرهم . فهم سيتعرضون للسجن والتعذيب في معظم الأحوال وحتى إن لم يسجنوا فليس لديهم مأوى فمعظمهم خرج من بلده إلتماساً للقمة العيش وعندما خرج من بيته كان فرداً من أسرة تقطن منزلاً معيناً والآن حين يعود إلى بلده ومعه أسرة مكونة من 4 أفراد على الأقل وهو ليس لديه إمكانية تأمين مسكن لهم كما أن أسرته ليس لها هذه الإمكانية أيضاً . إذاً ليس بالإمكان أن تعيش الأسرة مجتمعة وهذا يخالف قواعد حقوق الانسان لأن كل شخص أياً كان وأينما كان له الحق أن يكون له أسرة وأن يتمتع بجميع الحقوق المدنية . ونخص بالذكر هنا تصريحات رئيس اللجنة ونائبه في الصحافة لأكثر من مرة أن المقصود من مراجعة هذه الجنسيات هم الأفراد من أصول إفريقية وآسيوية وهذا مايجعل اللجنة القائمة على مراجعة أوراق الجنسيات عنصرية بامتياز . حيث يوجد الكثير من الروس والبلغار والرومان والأوكرانيون وغيرهم من جنسيات متعددة قاتلوا مع الصرب والكروات وحصلوا على الجنسية على أساس وجودهم في صفوف هذه القوات ولم تسحب جنسية أحد منهم ولم يذكر أحد أنه يجب مراجعة جنسياتهم وسحبها مثل الأخرين . حتى أن طبيباً كان في صفوف قوات الكروات وأصله إفريقي من غانا عين سفيراً للبوسنة والهرسك في اليابان بعد انتهاء الحرب . إذاً هناك تمييز عنصري فاضح يستهدف الطرف البوسنوي المسلم عامة والمقاتلين السابقين خاصة علماً أنهم لم يقوموا بأي عمل يخالف قوانين البوسنة والهرسك حتى أنهم يعيشون ظروفاً معيشيةً صعبة . فمعظمهم ليس له عمل ثابت يتقوت منه ويعيل أسرته. فمنهم من يبيع في الأسواق ما تيسر وبالكاد يكفي نفسه وأسرته ومنهم من يعمل مع أهل زوجته بالزراعة وتربية المواشي ومنهم من ليس له عمل فهو عبء على نفسه وغيره ورغم هذا فإن الأمريكان والأوروبيون لا يرغبون بوجودهم في البوسنة والهرسك . فقط لأنهم من أصول افريقية وآسيوية. إذاً لنجمل ما تقدم في النقاط التالية : – عدم ترخيص جمعية الأنصار لأن أعضائها والقائمين عليها من أصول إفريقية وآسيوية مخالفة لجنة مراجعة الجنسيات للقانون بسبب عنصريتها واعتبارها فوق القانون. – تعدي اللجنة لصلاحياتها التي نص عليها قانون الجنسيات. عدم إنصياع اللجنة لقراراتالمحكمة العليا. – حرمان الأفراد من حق الاعتراض على قرارات اللجنة . تنفيذ إدارة الشؤون المدنية والأحوال الشخصية ووزارة الأمن لقرارات اللجنة قبل أن تفصل المحكمة في قرار سحب الجنسية. – مخالفة عمل اللجنة لمعاهدات حقوق الانسان والتي التزمت ووقعت عليها دولة البوسنة والهرسك. اللجنة تقوم بتبليغ الجهات الرسمية بقرارها سحب جنسية فرد ما ولكنها لا تقوم بتبليغهم قرار المحكمة إذا كان إيجابياً لصالح الفرد وهذا ما يسبب مشاكل ومتاعب للأفراد حيث يقوم الأفراد بتبليغ الجهات الرسمية بقرار المحكمة القاضي بإلغاء قرار اللجنة لكن المسؤولين في تلك الجهات يرفضون التعامل مع القرار وإنما يردون على الأفراد أنهم يتعاملون فقط مع ما يصلهم رسمياً من الجهات الرسمية التي تصدر هذه القرارات. 2 ربيع الاول 1428 21 مارس 2007 رئيس الجمعية: ايمن عواد
Home – Accueil – الرئيسية