الجمعة، 20 يونيو 2008

Home – Accueil

 

TUNISNEWS
8 ème année, N°2950 du 20.06.2008
 archives : www.tunisnews.net   

عمر الهاروني والد عبدالكريم الهاروني : رسالة مفتوحة  :عاجل

حــرية و إنـصاف: اختطاف عضو المكتب التنفيذي لحرية و إنصاف المهندس عبدالكــريم الهاروني

حركة النهضة : اختطاف القيادي عبد الكريم الهاروني من طرف البوليس السياسي

حــرية و إنـصاف: إطلاق سراح الناشط الحقوقي عبد الكريم الهاروني الجزيرة. نت : النهضة تدين الاعتقالات والمداهمات في تونس 

قدس برس : لجنة حماية الصحافيين تقوم ببعثة تقصي في تونس

ايلاف : تونس: مثول عدد من الشباب أمام القضاء بتهم الإرهاب

ا ف ب : الاستخبارات الدنمركية تعرض أدلة على إحباط اعتداء كان يحضر له تونسيان

الجزيرة.نت : أحداث الرديف تحرك العمل النقابي في تونس

 يو بي أي:هزة أرضية خفيفة تضرب جنوب تونس

يو بي أي: تونس تشدد على احترامها حرية الصحافيين وتؤكد التزامها استقلالية العمل النقابي

يو بي أي: ارتفاع قيمة صادرات زيت الزيتون التونسي بنسبة 25%

أ ف ب : الدورة 44 لمهرجان قرطاج الدولي تنطلق في 11 تموز/يوليو

رويترز: نجوم من العالم يحتشدون في مهرجان قرطاج هذا العام الصباح: حفــــــــــــل استقبـــــــــــــــــال

محمد قلبي: كــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرم

الصباح: : السفير رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس:مسار برشلونة ليس متوازنا.. والاتحاد المتوسطي يوفر فرصا جديدة

الصباح:على الفضائية «تونس 7» بين المسلسل والمسلسل… مسلسل!

الوحدة: هكذا نحن في تلفزتنا الوطنية:أحنا هكة… أحلى ناس

الوحدة:اضطرابات الحوض المنجمي: رؤية هادئة لوضع مضطرب

النفطي حولة:من اجل حياة العز والخبز للفقراء

الصباح : ندوة الديموقراطيين الاشتراكيين حول أفق التحوّل الديموقراطي (3-3):

 بحري العرفاوي:الثقافي والسياسي.. ائتلاف أم اختلاف؟|

عادل القادري: في ‘منتدى التقدم’: ماذا بقي من القطاع العام في تونس؟

من أخوكم محمد بوكثير:

الديمقراطية و الحرية و حقوق الإنسان  » بين الأمس و اليوم »الجزء الأول: احميدة النيفر : محمد الشرفي: المثقف السياسي وريادة النخبة

محسن المزليني: الأمن الغذائي يحتاج حلولا جريئة

منير شفيق : حول اتفاقية التهدئة في قطاع غزة

بشير موسى نافع : تراجع الدور الأميركي في المنطقة لا يقلل من مخاطر الحرب

عمرو حمزاوي : الولايات المتحدة والشرق الأوسط: مداخل واقعية التغيير

العرب:بسبب «شاهد على العصر» بعثيو العراق يشنون هجوماً على الجزيرة ويطالبون بمحاكمة أحمد منصور

الجزيرة.نت : أهالي مفقودين سياسيين ينظمون وقفة احتجاجية بليبيا  

الحياة : الدول المغاربية تضم ليبيا إلى تجربة المناطق الحرة

الحياة  : أويحيى يؤكد قرب موعد تعديل الدستور الجزائري

الحياة: أُبعد عن قيادة الناحية الأولى وكان من المتحفّظين على سياسة المصالحة … الجزائر: رحيل اللواء الشريف فضيل أبرز «صقور» الجيش

القدس العربي : القضاء المغربي ينهي فصلا جديدا من المواجهة بين الصحافة والدولة: منع نشر شهادات حول انتهاكات حقوق الإنسان في عهد الحسن الثاني

الحياة : مؤتمر نظمته مؤسسة سمير قصير تزامناً مع انطلاق مركز «سكايز»… الحريات المقموعة كما عاشها مثقفون عرب جهينة خالدية : ممثل «لجنة حماية الصحفيين» كمال العبيدي لـ«السفير»: الصحافيون يتخطون الخطوط الحمر والسلطات تشدد قيودها القدس العربي : قالوا ان الجو السياسي وما يحدث بالعالم ليس مناسبا لظهورهما امام الكاميرا تمنع محجبتين من الظهور خلف اوباما اثناء حملة انتخابية في ديترويت

د. محمد نورالدين : مباراة أردوغان – الدولة العميقة: نحو شوطين إضافيين حاسمين!
 

(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 

أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللصحفي سليم بوخذير وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- الصادق العكاري

22- هشام بنور

23- منير غيث

24- بشير رمضان

25 – فتحي العلج  

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


عاجل رسالة مفتوحة إلى :

السّيّد رئيس الجمهوريّة التّونسيّة السّيّد وزير العدل و حقوق الإنسان السّيّد وزير الدّاخليّة و الجماعات المحلّيّة السّيّد رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان و الحرّيّات الأساسيّة تونس في الجمعة 20 جوان 2008  

 
إلى حدّ هذه اللّحظة لم يعد ابني عبد الكريم الهاروني  إلى البيت منذ أن قام و بدون أيّ  مبرّر قانوني أو انساني  بأخذه من البيت بالقوّة هذا الصّباح على السّاعة 9 و النّصف رئيس مركز الشرطة بمركز 5 ديسمبر بالكرم الغربي مصحوبا بعدد كبير من أعوان الشّرطة بالزّيّ المدني في 3 سيّارات و قد رفضوا تسليمه استدعاء رسميّا كان قد طالبهم بذلك و باتّباع الاجراءات القانونيّة و عندما ذهبت للسّؤال عن ابني في مركز الشرطة المعني قالوا لي » إنّه ليس موجودا عندنا » و لم يعلموني بالمكان الّذي اقتادوه إليه حتّى هذه السّاعة و هذه ممارسات غير قانونيّة و لا انسانيّة و تتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان و المواثيق الدّوليّة بل و حتّى مع القانون الدّاخلي للبلاد. و أنا أعتبر هذه العمليّة عمليّة اختطاف و أحمّل كلّ الجهات المعنيّة كامل المسؤوليّة على حياة ابني عبد الكريم و أطالب بعودته فورا إلى البيت و بدون شروط و بوضع حدّ لمثل هذه المضايقات و التّجاوزات و الهرسلة الأمنيّة على ابني و على بيتي. ***في سنّ ال 77 سنة يرفض رئيس المركز مقابلتي و يتركني أنتظر مدّة ساعتين بالرّغم من خطورة  الموضوع و أهمّيته على حياة ابني  و قد قالوا لي في مركز الشّرطة المذكور « إنّ ابنك غير موجود عندنا » و لا نعلم عن ابني أيّ شيء إلى حدّ الآن. أنتظر في هذه اللّحظات عودة ابني إلى البيت حرّا سالما شكرا و السّلام عمر الهاروني السّاعة 14 و 20 دقيقة الهاتف : 71.971.180


أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 20/06/2008 الموافق ل 16 جمادى الثانية 1429

عاجل اختطاف عضو المكتب التنفيذي لحرية و إنصاف المهندس عبدالكــريم الهاروني

 

 
وقع اختطاف المهندس عبدالكريم الهاروني صبيحة هذا اليوم الجمعة 20/06/2008 على الساعة التاسعة و النصف صباحا وحين السؤال عنه من طرف والده الذي سبلغ من العمر 77 سنة أجابه رئيس مركز 5 ديسمبر بالكرم الغربي الضاحية الشمالية للعاصمة تونس بأنه غير مجود عنده و حرية و إنصاف إذ تحيط الرّأي العام الوطني و الدّولي بهذه التّطوّرات الخطيرة الّتي كثرت فيها مضايقات البوليس السّياسيّ للنّشطاء الحقوقيّين  فإنّها تندّد بشدّة بهذه الممارسات غير المسبوقة و الّتي لا علاقة لها بالقانون أو الأمن  فضلا عن التّعامل المتحضّر، و تدعو كلّ الأصوات الحرّة من شخصيّات و منظّمات و أحزاب للعمل من أجل وضع حدّ لمثل هذه الاعتداءات الخطيرة دفاعا عن الحرّيّات و حقوق الإنسان. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري

بسم الله الرحمن الرحيم  اختطاف القيادي عبد الكريم الهاروني  من طرف البوليس السياسي

 

 
تم صبيحة اليوم اختطاف الأخ عبد الكريم الهاروني القيادي في حركة النهضة والسجين السياسي السابق وعضو المكتب التنفيذي  بجمعية « حرية وإنصاف » بتونس.   فقد قام ثمانية أعوان من البوليس السياسي التابعين  لمنطقة قرطاج يصحبهم رئيس مركز شرطة 5 ديسمبر  بالكرم الغربي، بمداهمة بيت والد الهاروني على السّاعة التاسعة و النّصف من صباح ليوم الجمعة 20 جوان 2008 واقتادوا عبد الكريم بالقوة بثياب النوم في 3 سيّارات بعد أن رفضوا تسليمه استدعاء رسميّا كان قد طالبهم به. وعندما ذهب والده السيد عمر الهاروني  للسّؤال عن ابنه في مركز الشرطة المعني، بقي ينتظر ساعتين  قبل أن يقولوا له « إنّه ليس موجودا عندنا » و لم يعلموه بالمكان الّذي اقتادوه إليه حتّى هذه السّاعة.   إن حركة النهضة   * تندد بشدة بهذه الممارسات غير القانونيّة و غير الإنسانية  والمنتهكة لمبادئ حقوق الإنسان و المواثيق الدّوليّة.   * تعتبر ما حصل للأخ عبد الكريم الهاروني عمليّة اختطاف وتحمّل السلطات المعنيّة كامل المسؤوليّة فيما قد  يحصل له   * تطالب بإطلاق سراحه وبعودته فورا إلى بيته و بدون شروط   * تطالب بوضع حدّ لمثل هذه المضايقات و التّجاوزات  الأمنيّة ضد المناضلين السياسيين والنشطاء الحقوقيين وأهاليهم. لندن في 20 جوان 2008     الشيخ راشد الغنوشي  رئيس حركة النهضة


 
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير  
حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 20/06/2008 الموافق ل 16 جمادى الثانية 1429

إطلاق سراح الناشط الحقوقي عبد الكريم الهاروني

 

 
تم عشية هذا اليوم الجمعة 20 جوان 2008 إطلاق سراح الناشط الحقوقي السيد عبد الكريم الهاروني بعد اعتقال دام تسع ساعات قضاها بمنطقة الأمن بقرطاج علما بأن مجموعة من البوليس السياسي مصحوبة برئيس مركز شرطة الكرم الغربي تعد حوالي 10 أعوان يمتطون 3 سيارات اقتادت السيد عبد الكريم الهاروني صبيحة هذا اليوم إلى منطقة الأمن بقرطاج دون الاستظهار باستدعاء كتابي مع التهديد باستعمال القوّة لجلبه إلى محلّ الشّرطة كما أنّ عائلته لم تستطع الاتصال به و قد نفى رئيس مركز شرطة الكرم الغربي علمه بمكان وجوده رغم إلحاح والده البالغ من العمر 77 سنة بعد ساعتين من الانتظار. و بقي في منطقة الشرطة بقرطاج يترقب حوالي سبع ساعات قدوم مسؤول من وزارة الداخلية صحبة رئيس منطقة الأمن الذي بحث معه موضوع اتصالاته بالجمعيات الحقوقية الدولية و بوسائل الإعلام و كان ذلك على خلفية التصريح الذي أدلى به إلى قناة الحوار اللندنية و قدموا له مشروع التزام للإمضاء عليه يطالبه بعدم التصريح لوسائل الإعلام و عدم الاتصال بالمنظمات الأجنبية و عدم تشويه سياسة الحكومة فيما يتعلق بحقوق الإنسان و هو ما نفاه بشدة ملاحظا أن ما يقوم به كان في إطار نشاطه الحقوقي ضمن منظمة حرية و إنصاف التي تعمل في إطار القانون و أن ما تقوم به هو لمصلحة البلاد. كما وقع تهديده بإحالته على القضاء. و حرية و إنصاف ـ تستنكر اعتقال عضو مكتبها التنفيذي المهندس عبد الكريم الهاروني و الطريقة التي تم بها كما تدين ترويع عائلته. ـ تعبر عن بالغ انشغالها لاستمرار المضايقات التي يتعرض لها النشطاء الحقوقيون و تطالب بوضع حد لها و تدعو جميع المنظمات الحقوقية  للوقوف ضد هذه التجاوزات التي تطال كل الحقوقيين بدون استثناء. ـ إن منظمة حرية و إنصاف هي منظمة حقوقية علنية و مستقلة  تعمل في إطار القانون و من حقها أن تقوم بدورها كاملا دون مضايقة أو وصاية أو ضغوطات. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


 
 

 

النهضة تدين الاعتقالات والمداهمات في تونس

    

 
دانت حركة النهضة التونسية المعارضة ما سمتها الاعتقالات والمداهمات التي تقوم بها أجهزة الأمن التونسية في صفوف المواطنين.   وكانت الحركة قد انتقدت في مهرجان عقدته في لندن مؤخرا الأوضاع في تونس وقالت إنها تزداد سوءا وأدت إلى أزمة خانقة في مختلف جوانب الحياة.   وقد دعا رئيس الحركة راشد الغنوشي أثناء المهرجان إلى إطلاق سراح المعتقلين ورفع المضايقات والسماح بعودة المهجرين.    وكان العديد من أحزاب المعارضة والمنظمات الحقوقية التونسية قد طالب بفتح تحقيق مستقل للكشف عن ملابسات قتل شاب بالرصاص الحي من قبل قوات الأمن أثناء مظاهرات احتجاجية على الأوضاع الاجتماعية بمدينة الرديف بالجنوب التونسي.   ودعت الأحزاب والمنظمات الحكومة إلى التخلي عما أسمته الأساليب الأمنية في التعامل مع المطالب الاجتماعية.   دعوة للتعقل وقالت حركة الديمقراطيين الاشتراكيين إنها « تتفهم تطلع أبناء الجهة إلى تحسين أوضاعهم الاجتماعية لكنها تدعو كل القوى بهذه الجهة إلى التعقل وتغليب المصلحة الوطنية والنأي عن كل أعمال الشغب ».   من جهته اعتبر الحزب الاجتماعي التحرري أن النقد والاحتجاج حقوق مدنية أساسية تحتاج ممارستها إلى الانضباط الكامل بأحكام القانون وأن « المطالب مهما كانت شرعيتها لا تتيح لأصحابها انتهاك القوانين وإشاعة الفوضى ».   ودعا الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض الحكومة إلى إيجاد حلول مناسبة للبطالة والسيطرة على الأسعار وتحسين القدرة الشرائية للفئات الشعبية للحد من تدهور الوضع الاجتماعي وتجنيب البلاد مثل هذه الاضطرابات.   وخرج مئات الشبان العاطلين عن العمل يوم الجمعة الماضي بمدينة الرديف (340 كلم جنوبي العاصمة) في احتجاجات شعبية على غلاء المعيشة وللمطالبة بمنحهم فرص عمل، قبل أن يتفرقوا بعد أن أطلقت قوات مكافحة الشغب النار لتقتل شابا وتصيب عددا آخر.   ويقول نقابيون ببلدة الرديف إن قوات الشرطة هي التي استفزتهم وبادرت بإلقاء القنابل المسيلة للدموع وإنها دهمت منازل السكان عشوائيا لترويع الأهالي، لكن الحكومة نفت ذلك.   وبدأت حركة الاحتجاج منذ أشهر باعتصامات ومظاهرات متفرقة بالجهة التي تعرف باسم الحوض المنجمي لغناها بالفوسفات وتضم مدن الرديف وأم العرائس والمظيلة والمتلوي.   المصدر: الجزيرة. نت بتاريخ 20 جوان 2008


لجنة حماية الصحافيين تقوم ببعثة تقصي في تونس

 

 
تونس- خدمة قدس برس   تحلّ بتونس غدا السبت 21 حزيران (يونيو) الجاري بعثة تقصى من لجنة حماية الصحافيين بنيويورك يتقدمها « جويل كامبانا ». وستجري هذه البعثة تحقيقا ميدانيا يمتد أكثر من أسبوع حول واقع الصحافة والصحافيين في تونس ستنشر نتائجه لاحقا. وستعقد هذه البعثة لقاءات مع صحافيين وناشطين في مجال الدفاع عن حرية التعبير والصحافة. وحسب معلومات حصلت « قدس برس » عليها فإنّ لجنة حماية الصحافيين  حصلت على موافقة من الحكومة التونسية لإجراء لقاءات مع مسؤولين حكوميين معنيّين بشأن الإعلام وحقوق الإنسان. وهذا هو أول نشاط لهذه المنظمة الأمريكية في تونس، غير أنّ جويل كامبانا سبق أنّ حلّ بتونس في إطار فريق مراقبة حالة حرية التعبير في تونس التابع للشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير « أيفيكس ».   (المصدر: وكالة قدس برس انترناشيونال بتاريخ 20 جوان  2008)


 

تونس: مثول عدد من الشباب أمام القضاء بتهم الإرهاب

 

 
إسماعيل دبارة من تونس:
نظرت الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة برئاسة القاضي ‘عبد الرزاق’ في القضية عدد 15536 التي يحال فيه ستة شبان قيد التوقيف، و شاب أخرى بحالة فرار و يدعى سالم العويني.  و وجه الادعاء في هذه القضية إلى الشبان و بحضور 4 من محامي الدفاع تهما تتعلق بـ’ الانضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و الدعوة للانضمام إلى تنظيم إرهابي و توفير أسلحة و متفجرات و ذخيرة و مواد و معدات و تجهيزات و معلومات لفائدة تنظيم إرهابي. و قد قرر القاضي بعد الاستماع إلى التهم النظر في مطالب الإفراج التي تقدم بها الدفاع و تحديد موعد جديد للجلسة القادمة.   و بالنسبة للقضية عدد 15733 التي يحال فيه 4 شبان بتهم الانضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و الدعوة للانضمام لتنظيم إرهابي و استعمال اسم و كلمة و رمز قصد التعريف بتنظيم إرهابي ، و توفير معلومات لفائدته، فقد قرر القاضي تأخير النظر في القضية إلى جلسة مقبلة حددت ليوم 10 يوليو المقبل و ذلك استجابة لطلب محامي الدفاع عبد الفتاح مورو.   وفي القضية عدد 15345 و بعد الاستماع للمرافعات قرر القاضي حجز القضية للمفاوضة و التصريح بالحكم. و يحال في القضية الأخيرة 8 شباب في حالة إيقاف و 6 آخرون في حالة سراح ، وتتمثل التهم الموجهة إليهم في الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية و استعمال اسم و كلمة ورمز قصد التعريف بتنظيم إرهابي والدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية و الانضمام إلى تنظيم اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و استعمال تراب الجمهورية لانتداب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخله و خارجه و إعداد محل لاجتماع و إيواء أعضاء وفاق و أشخاص لهم علاقة بالجرائم الإرهابية و المشاركة في الانضمام خارج تراب الجمهورية إلى تنظيم إرهابي و تلقي تدريبات عسكرية خارج تراب الجمهورية.   وفي الدائرة الجناحية السادسة بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة برئاسة القاضي فوزي الجبالي نظرت المحكمة في قضية أخرى يحال فيها 4 شبان هم علي بن جودة و ياسين الطريقي و آدم الخوني و محمد الهادي هويسة و وجهت لهم تهم عقد اجتماعات محجّرة على معنى أحكام الفصلين 7 و 24 من قانون 24 يناير 1969.    وحضر للدفاع عنهم محامون معروفون من بينهم إيمان الطريقي و سليم بوقديدة و سامي الطريقي و محمد عبو و أنور أولاد علي و سمير ديلو و قرر القاضي إثر الجلسة النظر في مطالب الإفراج بناء على طلب الدفاع و قام بتحديد موعد الجلسة المقبلة .    المصدر: موقع ايلاف بتاريخ  20 جوان 2008 


الاستخبارات الدنمركية تعرض أدلة على إحباط اعتداء كان يحضر له تونسيان

 

 
كوبنهاغن 20-6-2008 (ا ف ب) – عرضت أجهزة الاستخبارات الدنمركية الجمعة أدلة أمام المحكمة العليا تثبت ضلوع تونسيين اثنين بالتحضير لاعتداء على رسام نفذ واحدا من الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد، والتي نشرتها صحيفة دنمركية العام  2005. لكن هذه الأدلة لم تؤكد معلومات نشرتها الخميس صحيفة « نايهدسفيسن » المجانية، ومفادها أن الرسام كان سيخنق، ولم تتضمن تفاصيل عن تنفيذ الاعتداء. وقال النائب العام باسم الاستخبارات أمام القضاة إن رجال الاستخبارات عثروا  لدى مداهمة منزل المتهم الأصغر سنا في تشرين الأول/أكتوبر 2007 على رزنامة تعود  للعام 2005 مع ملاحظة كتبت بالعربية « علي معرفة ما يفعله. مراقبة الجيران  والأصدقاء »، في إشارة إلى رسام الكاريكاتور كيرت وسترغارد. وكتب اسم الرسام إلى  جانب اسم كارستن جوست، رئيس التحرير السابق لصحيفة يولاندس بوستن التي نشرت  الرسوم. ولا يزال الرجلان (26 و36 عاما) موقوفين منذ اعتقالهما في 12 شباط/فبراير من  دون محاكمة، وذلك بناء على توصية من الاستخبارات التي اعتبرت أنهما يشكلان تهديدا لأمن الدولة، في انتظار ترحيلهما إلى بلدهما الأم. لكن محاميي الموقوفين اعتبرا أن توقيف موكليهما وترحيلهما من دون محاكمة يناقضان المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وقال هنريك ستاغهورن محامي احد المشتبه بهما ردا على سؤال لوكالة فرانس برس إن  « أدلة الاستخبارات، والأصح معلوماتها في رأيي لم تقدم أي جديد، بما انه لم يوجه  أي اتهام إلى التونسيين ». وأضاف أن « هذه القضية استثنائية في تاريخ الدنمرك، فقد أوقف أشخاص من دون  إحالتهم على محكمة، ومن دون أن يتمتعوا بحق الدفاع عن النفس ». وتتيح قوانين مكافحة الإرهاب التي تبنتها الدنمرك العام 2002 الترحيل الإداري  من دون المرور بالهيئات القضائية. وكانت الاستخبارات الدنمركية رفضت تقديم أدلة إلى المحكمة لحماية مصادرها  وطرق عملها. لكنها قبلت أخيرا كشف النقاب عن جانب من هذه القضية أمام المحكمة  العليا. وينتظر أن يصدر الحكم في القضية في الثاني من تموز/يوليو.   (المصدر: وكالة فرنس برس (أ ف ب) بتاريخ 20 جوان  2008)  


تونس تشدد على احترامها حرية الصحافيين وتؤكد التزامها استقلالية العمل النقابي

 

 
تونس / 20 يونيو-حزيران / يو بي أي: نفت تونس التضييق على عمل نقابة الصحافيين،وجددت التزامها باحترام استقلالية العمل النقابي، وباحترام إرادة الصحافيين التونسيين في انتخاب الهياكل التي تمثلهم. وقال مصدر مسؤول بوزارة الاتصال التونسية في بيان توضيحي وزع اليوم الجمعة تعقيبا على تصريحات سابقة لنقيب الصحافيين التونسيين ناجي البغوري،إن الإدارة التونسية تلتزم بالحيادية التامة،وبمبدأ الحوار مع كافة الأطراف بما في ذلك النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين. وأضاف المصدر أن « الإدارة في سائر المؤسسات الإعلامية العامة بما في ذلك مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التونسية ،لا تتدخل في حق الصحافيين في ممارسة عملهم النقابي وفق ما تنص عليه قوانين البلاد ». وكان ناجي البغوري نقيب الصحافيين التونسيين قد اشتكى في وقت سابق من التضييق على النقابة  الوطنية للصحافيين التونسيين عبر تأسيس نقابات موازية داخل بعض المؤسسات الإعلامية الخاصة والحكومية. واعتبر أن مثل هذا التضييقات تهدف إلى محاصرة عمل النقابة ، وذلك في إشارة إلى إقدام بعض الصحافيين التونسيين العاملين في مؤسستي الإذاعة والتلفزيون التونسيتين على تأسيس نقابة لهم. واتهم البغوري مسؤولي الإذاعة والتلفزيون في بلاده بالضغط على الصحافيين للانضمام إلى النقابة الجديدة التي وصفها بالموازية، وذلك على الرغم من أن « القانون واضح ويمنع تدخل الإدارة في مثل هذا الشأن ». يشار إلى أن النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين تأسست قبل ستة أشهر عبر انتخابات وصفها الإتحاد الدولي للصحافيين بأنها شفافة وديمقراطية وخطوة ايجابية للدفاع عن حرية التعبير في تونس.   (المصدر: وكالة يونايتد برس انترناشيونال (يو بي أي) بتاريخ 20 جوان  2008)  


أحداث الرديف تحرك العمل النقابي في تونس

    

 
خميس بن بريك – تونس دفعت الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة الرديف في محافظة قفصة بجنوب تونس الأوساط النقابية في البلاد إلى الخروج النسبي عن صمتها لتطالب بتسوية وضع العمال الذي وصفته بالمتردي في بعض القطاعات العمومية. ورغم أن عدة أطراف عمالية عبرت عن غضبها من قيادة الاتحاد التونسي للشغل، متهمة إياه بالوقوف موقف المتفرج من تأزم الوضع في منطقة الحوض المنجمي بقفصة التي تقع فيها مدينة الرديف وبموالاته للحكومة، فإن هناك من يقول إن هذه المنظمة النقابية في تونس لا تنقصها بعض الجرأة. وتشكل الأسعار العالمية المتزايدة للطاقة والمواد الغذائية بالإضافة إلى تراجع الأوضاع الاجتماعية للطبقة العاملة، اختبارا صعبا للاتحاد التونسي للشغل الذي يجد نفسه في واقع الأمر بين مطرقة مطالب العمال الكادحين وسندان الحكومة التي طالما رفضت الانصياع للضغط العمالي. تسوية أوضاع ويقول عامل متعاقد في الخطوط الجوية التونسية طلب أن يقدم باسم ‘ك. م’ إن النقابة في الشركة استثمرت ما كان يجري في الرديف منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، ونجحت في توظيفه في سياق مفاوضاتها مع السلطة بشأن تسوية أوضاع بعض العمال. وأكد المتحدث في تصريح للجزيرة نت أنه في ظل تدهور الوضع الاجتماعي بصفة عامة في الجنوب، انتهزت الهياكل النقابية الفرصة ونجحت في تحقيق إنجاز كبير تجاه العمال في الخطوط الجوية التونسية، وهو إنجاز يتضمن مكاسب على مستوى التوظيف الرسمي للعمال ويقضي على عمليات السمسرة باليد العاملة. وكانت الضغوط النقابية أفضت في الأيام الأخيرة إلى حصول تقارب في وجهات النظر بين المنظمة العمالية وإدارة الخطوط التونسية حول بعض الملفات العالقة، تمخضت بالخصوص عن اتفاق على التوظيف الرسمي لمئات العمال بحلول عام 2009 بعد أن توقفت الخطوط التونسية عن ذلك منذ العام 2005. ويقول ‘ك. م’ وهو يعمل مع الخطوط التونسية منذ أكثر من 14 عاما دون توظيف رسمي ‘يبدو أن العمل النقابي تكلل بالنجاح في وضع السلطة أمام الأمر الواقع، إما التسوية وإما مواجهة الإضرابات التي كانت ربما ستعم بعض مناطق البلاد نظرا لتردي الأوضاع’. وكانت جلسة عمل جمعت الإدارة العامة للخطوط التونسية بالطرف النقابي يوم 27 مايو/ أيار الماضي حاسمة لكل النقاط التي كانت موضع خلاف، وألغي على إثرها إضراب كان مقررا يوم 29 مايو/ أيار الماضي. إضراب في البورصة ويرى بعض المحللين أن ما حصل في الجنوب بمدينة الرديف (قفصة) أو بمدينة فريانة (القصرين) هو بمثابة انتفاضة شعبية احتجاجا على عدة مشاكل اجتماعية واقتصادية، وجدت صداها لدى بعض الأوساط النقابية داخل المؤسسات العمومية.  وقد وصل الصدى إلى بورصة الأوراق المالية التونسية التي تدخل نقابة العاملين بها في إضراب يوم الخميس 19 يونيو/ حزيران الجاري احتجاجا على عدم إشراكهم في الحياة المهنية والاجتماعية. وجاء في بيان للاتحاد المحلي للشغل بتونس أن الأوضاع أصبحت متردية داخل بورصة الأوراق المالية وأن الإدارة ترفض تلبية المطالب النقابية، مطالبا السلطة المعنية بالتدخل السريع لمعالجة الموقف.  ويقول الكاتب العام لفرع النقابة ببورصة تونس حاتم الزريبي في تصريح للجزيرة نت إن النقابة تقوم بدور نشيط للوصول إلى حلّ مع الإدارة في ظل العديد من المتغيرات الاجتماعية. وانعقدت يوم 17 يونيو/ حزيران الجاري جلسة تفاوضية بمقر ولاية تونس لكنها باءت بالفشل. ويبقى إضراب يوم الخميس الوسيلة الأنسب للضغط على الإدارة، حسب الزريبي. ويعمل قرابة 48 موظفا في بورصة تونس منهم 30 منخرطا في العمل النقابي، يشتكون من تعنت الإدارة في المضي قدما في سياسة المماطلة والتسويف تجاه مطالبهم التي تتمثل خصوصا في إشراكهم في الحياة المهنية. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 18 جوان 2008)


 

هزة أرضية خفيفة تضرب جنوب تونس

 
تونس / 20 يونيو-حزيران / يو بي أي: ضربت هزة أرضية خفيفة بعد ظهر اليوم الجمعة منطقة « زاركين » من محافظة قابس الواقعة على بعد 406 كيلومترات جنوب تونس العاصمة،وبلغت قوتها 3.7 درجات على مقياس ريختر. وذكر المعهد الوطني التونسي للرصد الجوي أن محطاته سجلت الهزة في حدود الساعة 15 و25 دقيقة بالتوقيت المحلي عند الدرجة 33.74 خط عرض والدرجة 10.25خط طول ،وذلك بمنطقة « زاركين ». ولم يبلغ المعهد عن وقوع إصابات أو أضرار،وإكتفى بالإشارة إلى أن سكان منطقة « زاركين » شعروا بها.
 
 
(المصدر: وكالة يونايتد برس انترناشيونال (يو بي أي) بتاريخ 20 جوان  2008)


 
 

ارتفاع قيمة صادرات زيت الزيتون التونسي بنسبة 25%

 

 
تونس / 20 يونيو-حزيران / يو بي أي: ارتفعت صادرات زيت الزيتون التونسي خلال الأشهر الأربعة الماضية بنسبة25% من حيث القيمة وبنسبة 7% من حيث الحجم،بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. وبحسب بيانات إحصائية نشرها اليوم الجمعة المرصد التونسي للفلاحة، فإن زيت الزيتون في تونس تتجاوز نسبته 59% من حيث إجمالي قيمة الصادرات الغذائية التونسية لتصل إلى نحو 481.1 مليون دينار(404.28 مليون دولار). وتتوقع السلطات التونسية أن تبلغ الكميات المصدرة من زيت الزيتون حوالي 150 ألف طن في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل،بعائدات تقدر بنحو 650 مليون دينار(546.21 مليون دولار). وتعتبر تونس التي يوجد فيها حاليا نحو 50 مليون شجرة زيتون، رابع أهم منتج لزيت الزيتون على الصعيد العالمي، حيث بلغ إنتاجها 8 % من إجمالي الإنتاج العالمي، وذلك بعد اٍسبانيا 36%، واٍيطاليا 25%، واليونان 18%. ويساهم قطاع الزيتون الذي تغطي أشجاره مساحة 1.67 مليون هكتار من الأراضي التونسية بنسبة 10 % من إجمالي الإنتاج الزراعي التونسي وبنحو 50 % من صادرات المنتجات الغذائية و 5 % من الحجم الإجمالي لصادرات البلاد. يشار إلى أن دول الاٍتّحاد الأوروبي تستهلك غالبية الصّادرات التونسية من زيت الزيتون، حيث يستأثر لوحده بنحو 71 %من إجمالي الإنتاج العالمي من هذه المادة الغذائية.   (المصدر: وكالة يونايتد برس انترناشيونال (يو بي أي) بتاريخ 20 جوان  2008)


حفل استقبال  
 
ينظم اليوم مجمع الخطوط التونسية حفل استقبال احتفاء بترسيم 500 عون وذلك تحت إشراف السيد عبد الرحيم الزواري وزير النقل بمقر الخطوط التونسية. لجان استشارية تقرر في صلب  وزارة التربية والتكوين إحداث لجنة استشارية جهوية للمؤسسات التربوية الخاصة في صلب كل إدارة جهوية للتربية والتكوين. وتتولى هذه اللجنة إبداء الرأي في منح التراخيص للمؤسسات التربوية الخاصة والنظر في كل تغيير مقترح إدخاله على المؤسسات التربوية الخاصة والنظر في المخالفات المسجلة في سير عمل هذه المؤسسات وتقديم اقتراحات بالعقوبة المستوجبة. (المصدر: جريدة ‘الصباح’ (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 جوان 2008)


 
 

الدورة 44 لمهرجان قرطاج الدولي تنطلق في 11 تموز/يوليو

 

 
تونس 20-6-2008 (ا ف ب) – يشارك عدد من المطربين التونسيين والعرب والاجانب في  طليعتهم اللبنانية ماجدة الرومي والعراقي كاظم الساهر واللبنانية نجوى كرم  والمصرى هاني شاكر في مهرجان قرطاج الدولي الصيفي  الذي يبدا في الحادى عشر من  تموز/يوليو المقبل ويستمر حتى 17 اب/اغسطس. ويتضمن برنامج قرطاج الرابع والاربعون الذي يقام في فضاء المسرح الروماني في  قرطاج في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس نشاطات موسيقية واعمالا راقصة وعروضا  مسرحية وسينمائية من تونس ولبنان ومصر والجزائر وسوريا والعراق وفرنسا وايطاليا  وكوبا وبينين. ويستاثر المطربون التونسيون كما في كل دورات المهرجان  بالحصة الاكبر  في  البرمجة، حسبما ما اوضح سمير بلحاج يحيى الذي يخلف المسرحي التونسي محمد رجاء  فرحات على راس المهرجان في مؤتمر صحافي الجمعة. يفتتح المهرجان بعرض اوبيريت « لمة وزهو » الغنائية للمسرحي التونسي بشير  الدريسي يستعرض فيها مواقف من الحياة اليومية التونسية باسلوب يراوح بين الجد  والهزل. ويقدم المهرجان عروضا غنائية اخرى من تونس لكل من سعاد محاسن وصابر الرباعي  وامينة فاخت ولطيفة المقيمة في مصر اضافة الى سهرة « الاغاني الخالدة » بقيادة  المايسترو عبد الرحمن العياجدي. عربيا يحافظ المهرجان على تقليد استقطاب اسماء لامعة ومن المشاركين اللبنانتان  ماجدة الرومي ونجوى كرم  والسوري نور المهنا والمصريون هاني شاكر وانغام وايمان  البحر درويش والعراقي كاظم الساهر  وكذلك فرقة انانا للمسرح الراقص من سوريا. كما يحيي الفنانان اللبنانيان مروان خوري ووائل جسار سهرة مشتركة وكذلك  الجزائرية الشابة خيرة والشاب ريان والشاب سليم. من جهتها ستكون العروض الاجنبية والافريقية متنوعة تتضمن رقصا وغناء. وستكون السهرات  الغنائية مع كل من الفرنسي جيرار لونرمان والايطالية دلسينيرا  والسينغالي يوسو اندور. وتعرض  في المهرجان المسرحية التونسية المثيرة للجدل « خمسون » للثناني جليلة  بكار وفاضل الجعايبي التي تركز على موضوع الارهاب والتعاطي مع الخطاب السلفي. ويختتم المهرجان بحفلة للتونسي محمد القرفي بعنوان « يا ليل يا قمر » محورها  الغزل. لكن المهرجان لا ينتهي بنهاية العروض الموسيقية والغنائية فالسينما استاثرت  دائما بمكانة مميزة. ومع اخر عرض تنطلق السهرات السينمائية على شاشة عملاقة في  الهواء الطلق حتى اخر الشهر . وفي البرنامج 11 فيلما طويلا من بينها فيلم  « الجزيرة » للمخرج المصري شريف عرفة. يشار الى ان اسم المهرجان اقترن بالمسرح الروماني في قرطاج عاصمة الفنيقيين.  وعلى هذا المسرح غنت ام كلثوم وعبد الحليم حافظ و فيروز ونجاة الصغيرة وغيرهم.   (المصدر: وكالة فرنس برس (أ ف ب) بتاريخ 20 جوان  2008)

نجوم من العالم يحتشدون في مهرجان قرطاج هذا العام
 
تونس (رويترز) – قال منظمو مهرجان قرطاج احد أعرق المهرجانات الفنية في العالم العربي يوم الجمعة ان عددا من نجوم الفن العربي والغربي سيشاركون في الدورة 44 من المهرجان الذي سيفتتح يوم 11 يوليو تموز المقبل. وتسعى وزارة الثقافة التونسية وهي الجهة المنظمة للمهرجان لاستعادة بريق افتقده المهرجان في الأعوام الاخيرة بعد ان استمر اشعاعه أكثر من ثلاثة عقود من الزمن. وقال سمير بلحاج يحي مدير الدورة الحالية في مؤتمر صحفي ‘فضاء قرطاج مخصص للاستماع والانصات وانعاش الاذان لا للاستماع بالعين’ في اشارة الى ان المهرجان يرفض عروضا هزيلة تتعمد الاثارة. واستبعدت ادارة المهرجان هذا العام فنانات يصنفن على انهن ‘ مغنيات الاغراء والاثارة’ في بادرة اعتبرت خطوة فعلية لاسترجاع هيبة المهرجان. وأوضح مدير المهرجان ان برنامج الدورة الحالية يتضمن 44 حفلا موسيقيا ومسرحيا على مسرح قرطاج اضافة الى عروض اخرى موازية ستقام بقصر العبدلية. ويفتتح العرض الاحتفالي (لمة وزهو) من تونس المهرجان يوم 11 يوليو تموز المقبل وهو عرض يضم اكثر من 300 مشارك يستعرض مواقف من الحياة اليومية في تونس في السوق والمقهى والحافلة والشواطيء. وقال يحي ان ممثلين ومشخصين وعازفين ومجموعات رقص ستقدم مشاهد حية في مزج بين الجد والهزل على امتداد ساعة ونصف من الزمن. وستكون الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي من ابرز نجوم المهرجان في حفل من المقر اقامته في الثاني من اغسطس اب. كما تستضيف الدورة الحالية عددا اخر من النجوم من بينهم وائل جسار ومروان الخوري ونجوى كرم ولطيفة ونور مهنا وصابر الرباعي وكاظم الساهر وانغام وأمينة فاخت اضافة للنجم السنغالي يوسو ندور والفنان الجمايكي الشهير شاجي. ويكرم المهرجان الفنانة الراحلة صليحة وهي اشهر مغنية تونسية بمناسبة الذكرى الخمسين لوفاتها من خلال حفل بعنوان ‘ام الحسن غنات’ تشارك فيه اصوات نسائية مثل نبيهة كروالي ورحاب الصغير ودرة الفوراتي. ويأمل نقاد في ان يحافظ قرطاج على مكانه كأحد القلاع القليلة للفن الحقيقي في العالم العربي خصوصا بعد الغاء مهرجان جرش هذا العام. وتستمر الدورة الحالية حتى 17 اغسطس اب وتختتم بحفل غنائي بعنوان ‘يا ليل ياقمر’ وهي جولة في الاشعار والازجال والموشحات القديمة والمستحدثة لشعراء تونسيين وعرب محورها الغزل. وتقدر ميزانية المهرجان بنحو 1.5 مليون دولار. وفسر مدير المهرجان غياب فيروز عن اعرق مهرجان عربي برفض المغنية اللبنانية اعتلاء مسرح قرطاج قائلة ان صوتها لم يعد يتلائم مع رطوبة المسرح. ودافع يحي عن اتفاقية شراكة ابرمها المهرجان مع قناة روتانا للموسيقى المملوكة لرجل الاعمال سعودي الوليد بن طلال وقال ان المهرجان املى كل شروطه على روتانا لان اسم المهرجان ‘عريق وكبير جدا’. وانتقد صحفيون تونسيون في الاعوام الاخيرة ما وصفوه بانه احتكار روتانا لمسرح قرطاج والتحكم فيه بشكل مستفز وكأنها الجهة المنظمة. من طارق عمارة (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 20 جوان 2008)


كــــــــــــرم  
 
التونسي «كريم» بإعطاء رأيه في كل المواضيع… ولو فسحت له المجال لجاد عليك بآرائه مدة أسابيع! انه لا يبخل بالكلام مهما طال.. ومهما كان المشكل ومهما كان المجال. ومن حسن كرمه أنه لا يأخذ رأي غيره في المقابل.. هو يعطي ولا يأخذ مهما ألححت واستعملت من وسائل. محمد قلبي (المصدر: جريدة ‘الصباح’ (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 جوان 2008)


السفير رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس: مسار برشلونة ليس متوازنا.. والاتحاد المتوسطي يوفر فرصا جديدة

 

 
تونس – الصباح: اعتبر السفير رئيس بعثة مفوضية  الاتحاد الاوربي بتونس السيد أدريانوس كوتسنريغتر Andrianus Koetsenruigter  أن مسار برشلونة على ايجابياته ‘ ليس متوازنا بالقدر الكافي لأنه يضع 27 دولة أوربية موحدة مقابل جنوب تبدو بلدانه مقسمة ومتنافرة .وهذا الخلل في التوازن يؤثرسلبا على حجم استثماركل طرف في المسار’. لكن السفير الأوروبي اعتبر أن مسار برشلونة حقق مكاسب سياسية واقتصادية عديدة في مرحلتي الشراكة ومخطط العملAction Plan   وسياسة الجوار..’ وهو الآلية الوحيدة ـ الى جانب الامم المتحدة التي ينتمي اليها في نفس الوقت السوريون واللبنانيون والاسرائيليون والمغاربة والتونسيون والجزائريون ‘. ثلاثة الارباع لدعم ميزانيات الحكومات واورد السفير ادريانوس أن 70 بالمائة من الموارد المالية التي ترصدها المفوضية الاوربية ببروكسيل في سياق سياسة الجوار تاتي في شكل ‘ مساعدات مالية للموازنات العمومية اي ميزانيات الحكومات’ بينما لا تتعدى الدعم المباشرلمشاريع ملموسة ال30 بالمائة أي ان غالبية سكان بلدان الجوار لا يلمسون مباشرة حجم المساعدات الاوربية . ‘ والهدف من الاتحاد من أجل المتوسط تقريب ضفتي البحر حول مشاريع اقتصادية وتنموية وبيئية وسياسية ملوسة ‘ حسب ما جاء في مداخلة المسؤول الاوربي في جلسة بعد ظهر أول أمس التي نظمها مركز جامعة الدول العربية بتونس برئاسة الاستاذ الصادق شعبان رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والاستاذ الشاذلي النفاتي الامين العام المساعد للجامعة العربية رئيس مركز تونس..  انفتاح على الشباب والطلبة وحسب السفيرالاوربي فان من بين المشاريع المعروضة على مؤتمر وزراء خارجية الدول الاربعين المعنية بمسار الاتحاد المتوسطي في 7 جويلية القادم الانفتاح على الشباب عبر اليات عديدة من بينها تاسيس ديوان (او منظمة ) للشباب والطلبة في المنطقة الاورو متوسطية.. ومن بين المشاريع التي قد يقع البت فيها قريبا احداث شهادة ماجستير اورو متوسطية موحدة ..فضلا عن عدد من المشاريع البيئية والتنموية والمائية واخرى تهم النقل البحري والبري والبنية الاساسية..وتوظيف الطاقة الشمسية.. التمويل لكن ماذا عن تمويل المشاريع والبرامج التي ستقرها قمة باريس الاورومتوسطية في 13 جويلية القادم؟ حسب المسؤول الاوربي يمكن توظيف فرص التمويل العديدة التي يوفرها برامج ‘سياسة الجوار’.. في هذا السياق ‘ تتمنى المفوضية الاوربية ان تنفق 700 مليون يورو خلال الفترة 2007ـ 2013.. بهدف مساندة قروض مالية دولية موجهة الى بلدان الجوار. والدول الاعضاء في الاتحاد الاوربي مدعوةالى ترفيع مساهماتها المالية لتفوق قيمة القروض 4 أضعاف مشاريع الاستثمارفي البلدان الاعضاء في مجموعة الدول  الشركاء مع مجموعة الجوار. كما يوفر البنك الاوربي للاستثمار والية ‘تسهيلات اورو متوسطية للاستثمار والشراكة   FEMIP ‘  وفي عام 2007 وحدها استفادت الدول الاورومتوسطية بمبلغ 1438 مليون يورو. ولاحظ السفيرالاوربي أنه لئن أقرقادة الاتحاد الاوربي تخصيص 120 مليون يورو للزراعة فيمكنه رصد ما لايقل عن 70 مليون يورو لفائدة الاتحاد المتوسطي.. تخوفات ..اعتراضات من جهة أخرى أرزت العديد من المداخلات وحصة النقاش العام انتقادات وتخوفات من مسار الاتحاد المتوسطي ومن توظيفه سياسيا داخليا في فرنسا وبعض الدول الاوربية ..ومن قبل اسرائيل ..أكثرمما سيقدم من اضافات ملموسة لفائدة التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية لبلدان الجنوب .. ولاحظ السفيرالسابق عبد الرزاق عطية أن صياغة وثيقة برلشونة سبقتها مفاوضات اورو متوسطية ماراطونية دامت 4 أشهركاملة.. بينما تجري صياغة بيان باريس بنوع من ‘التسرع ‘ السياسي .. وذكر السفير عبد الرزاق عطية أن مؤتمر وزراء خارجية 2003 في ‘نابولي’ Naples  أقر اعتماد نظام المجموعات الجهوية sous regions  داخل الفضاء الاوربي المتوسطي بصيغة برشلونة.. وهو ما يعني أن الاتحاد المتوسطي ينبغي ان يسير في نفس الاتجاه.. عبربرامج خاصة بمنطقة الحوض الغربي للبحر الابيض المتوسط.. واخرى لمشرقه.. تفضيل جديدلاسرائيل وقد شملت مداخلة السفيرالاوربي وعدد من المتدخلين العرب والاجانب في ندوة مركز تونس لجامعة الدول العربية الاعتراضات الواضحة داخل الشارع والنخب في العالم العربي على خطوة منح اسرائيل ‘ موقع الدولة المفضلة ‘ من قبل الاتحاد الاوربي.. عبر اقرار مجموعة من الامتيازات السياسية والاقتصادية لها.. من بينها عضوية ‘ غير رسمية ‘ لمؤسسات الاتحاد الاوربي.. عبر تمكينها من حضور جل الاجتماعات والمؤتمرات الرسمية التي تعقدها المفوضية الاوربية.. وربط بعض المتدخلين بين هذه الامتيازات الممنوحة لسلطات الاحتلال الاسرائيلي والصبغة الاستعمارية لعدد من صانعي القرار في الامبراطوريات الاستعمارية الاوربية والامريكية.. واقر السفير الاوربي بوجود ‘ عقدة ‘ في اوربا بسبب الملف الاسرائيلي.. بسبب ما تعرض له اليهود من اضطهاد على ايدي زعامات اوربية في النصف الاول من القرن الماضي.. فعالجوا المشكل بتسويقه عبر ايجاد ‘ وطن ‘ لاسرائيليين في المنطقة العربية.. وأكد عدد من المتدخلين بينهم السيد الشاذلي النفاتي الامين العام المساعد للجامعة العربية اكدوا على ضرورة تلازم مسار التطبيع بين الدول العربية واسرائيل باحترام القيادة الاسرائيلية لمقررات الامم المتحدة الخاصة بالصراع العربي الاسرئيلي ..وبينها احترام حدود ما قبل حرب جوان 1967 (النكسة الكبرى) .. اي الانسحاب من القدس المحتلة وكامل الضفة الغربية وقطاع غزة. وسجل النفاتي ان مرجعية الدول العربية تبقى خلال تعاملها مع الاتحاد الاوربي ومشروع الاتحاد المتوسطي المبادرة العربية للسلام التي صادقت عليها قمة بيروت عام 2002.. التي تعتمد مرجعية حدود 1967 واعتراف اسرائيل بدولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.. واجمالا اثارت الندوة قضايا عديدة للتفكيرحول مشروع الاتحاد المتوسطي وقمة باريس.. التي شكك البعض في ان يكون مستوى المشاركين العرب فيها رفيعا.. اذا حضرها رئيس الوزراء الاسرائيلي أولمرت. كمال بن يونس (المصدر: جريدة ‘الصباح’ (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 جوان 2008)


 
 

على الفضائية «تونس 7» بين المسلسل والمسلسل… مسلسل!

 

 
تونس ـ الصباح: بعد أن انتهت من بث جميع حلقات المسلسل التونسي القديم «ويبقى الحب» شرعت الفضائية «تونس 7» بداية من يوم الاربعاء الماضي  في اعادة بث حلقات مسلسل تونسي قديم اخر هو «شمس  وظلال».. علما ان البرمجة اليومية القارة على الفضائية «تونس 7» تتضمن هذه الايام ايضا بث حلقات مسلسلين عربيين دراميين اخرين هما: * «نافذة على العالم» وهو مسلسل مصري * «ندى الايام» وهو مسلسل سوري. طبعا، هذه البرمجة التي تنطلق يوميا بداية من الساعة السادسة صباحا وتختتم في حدود الخامسة من فجر اليوم الموالي تشتمل ايضا على عديد المواد البرامجية التلفزيونية الاخرى بين اخبارية ورياضية وخدماتية ووثائقية وترفيهية وغيرها.. وهي في عمومها تبدو شبيهة بأية برمجة يومية على أي من القنوات التلفزيونية الجامعة. غير أن ما يلفت الانتباه فيما تقترحه الفضائية «تونس 7» من مادة برامجية على مشاهديها هو «هوسها» الظاهر ـ او لنقل هوس القائمين على وضعها ـ بكل ما هو رياضي ودرامي بشكل خاص! فالمادة الدرامية ومثلها المادة الرياضية تبدو «مهيمنة» وطاغية على مسـاحة البث.. نقول هذا ـ لا اعتبارا ـ لعدد المسلسلات الدرامية المبرمجة والتي هي في حدود ثلاثة مسلسلات يوميا (واحد تونسي وثان مصري وثالث سوري) بل اعتبارا ايضا لطبيعة توزيعها الزمني على مستوى مساحة البث اليومي.. (صباحا ـ مساء وبعد الصباح وقبل المساء ويوم الاحد!).   مسلسلات.. مسلسلات واذا كان لا بد للملاجظ ان يتساءل عن سر هذا «الهوس» المبالغ فيه بكل ما هو مادة درامية وبرامج رياضية  على الفضائية «تونس 7» فذلك على الاقل من أجل محاولة فهم «مبررات» مثل هذه الاختيارات التي تبدو وكأنها غير متفهمة ـ منجهة ـ لطبيعة انتظارات المشاهد في شمولها وتنوعها وايضا غير مدركة وغير مستجيبة ـ من جهة اخرى ـ لمقتضيات ظاهرة المنافسة على استقطاب المشاهد حيثما كان في زمن الفضائيات والبارابول ـ حتى لا نقول الانترنات وغيرها من الوسائط ـ ! فاذا كان القائمون على وضع الشبكة البرامجية الاسبوعية على الفضائية «تونس 7» يتوهمون ـ مثلا بان ادراج ما لا يقل عن اربعة حصص رياضية  تلفزيونية اسبوعيا سيساعد على جعل «احباء الرياضة» يولون وجوههم قِبل (بكسر القاف وفتح الكاف) الفضائية «تونس 7» ولا يرضون عنها وعن برامجها الرياضية بديلا فهم بالتأكيد واهمون.. على الاقل من ناحية وان هناك قنوات تلفزيونية عربية وأجنبية مختصة بالكامل في الرياضة تبدو أكثر اغراء «نسبيا!» مادة واسلوبا من الفضائية «تونس 7». كذلك اذا ما كان جماعة «البرمجة» على الفضائية «تونس 7» يعتقدون ان لعب «ورقة» المسلسلات الدرامية سيجعل المشاهد التونسي داخل البلاد وخارجها يقبل على مشاهدة الفضائية «تونس 7» اكراما لقيمة  المسلسلات الدرامية التونسية والعربية التي تبثها فهم واهمون ايضا وأيضا ـ لا فقط ـ لان هناك قنوات تلفزيونية مختصة بالكامل في الدراما التلفزيونية بل وكذلك لان ما تقترحه الفضائية «تونس 7» على مشاهديها من عناوين في مجال المسلسلات الدرامية يعتبر «فريب» و«أنتيكة» قياسا بالمسلسلات والاعمال الدرامية التي تبثها القنوات المختصة في الدراما..   التنويع.. والتونسة وما من شك في انه بقدرما يبقى مطلوبا من فضائية جامعة وعمومية مثل الفضائية «تونس 7» ان تكون شمولية في برمجتها وفي ما تقترحه من مادة برامجية تلفزيونية على مشاهديها فانه يبقى مطلوبا منها ـ ايضا وبالحاح إن تكون موفقة في الاخذ  على مستوى البرمجة بمعادلة التنويع والهوية بمعنى ان تاتي برمجتها اليومية سواء في الصباح او في المساء او في الشهر مواكبة ومتنوعة وثرية.. ثرية بما هو تثقيفي وترفيهي واخباري ومنوعاتي دون الوقوع في «مطب» الهوس بأي مادة برامجية بعينها لان ذلك قد ينزع عن القناة صفتها «الجامعة» ويجعلها تبدو وكأنها نسخة مشوهة من بعض القنوات المختصة.. الدرامية  او الرياضية او غيرها.. أيضا، لقد برهنت التجربة الرمضانية على الفضائية «تونس 7» في السنوات القليلة الاخيرة نجاح خيار الاخذ بمبدإ «التونسة» ومحاولة تعميق جانب «الهوية» فيما تقترحه القنوات التلفزية التونسية على مشاهديها من انتاج برامجي تلفزيوني.. وما نجاح سلسلة «شوفلي حل» ـ مثلا ـ الا دليل على نجاح هذا الخيار.. لذلك يبقى مطلوبا من الفضائية «تونس 7» ان تشتغل بحرفية وبقدر اكبر من الانفتاح والتحرر في معناه السياسي والثقافي والاجتماعي على مادتها البرامجية في مختلف مجالات الانتاج سواء كان اخباريا او حواريا او دراميا او منوعاتيا او غيره.. لان ذلك هو الطريق الى تسجيل الحضور المشرف في المشهد الاعلامي السمعي البصري.. خاصة وان بريق الفضائية «تونس 7» بدا وكأنه يخفت او يتراجع في المدة الاخيرة قياسا بمحاولات التطوير والانفتاح التي سجلت في السابق!   محسن الزغلامي   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 20 جوان  2008)


هكذا نحن في تلفزتنا الوطنية:أحنا هكة… أحلى ناس

 

 
محمد تلفزتنا الوطنية التي تقطتع إتاوتها من فواتيرنا رغما عنا ولا صحة، لا يكثر خيرك’ كما نقولها بلهجتنا المحلية الظاهر والله أعلم أنما تبث من كوكب آخر ولشعب آخر لا يمت إلينا بصلة… فنحن ‘ أحلى ناس’ على هذا الكوكب كما تصورنا إحدى المنوعات التي لا يمكن للمشاهد أن يتواصل معها إلا أن يكون متخلفا ذهنيا ، هذه المنوعة التي لم تغير مضمونها ( وإن تغير الشكل) ولم تغير لغتها التسويقية الخشبية في الحديث الممل عن الإنجازات وما تحقق للبلاد والتي تقدمنا وكأننا كائنات فولكلورية لاتتجاوز حدود وآفاق فكرنا وذوقنا وثقافتنا أطر الزكرة والمزود والرقص والبندير في زمن خلنا أننا قطعنا فيه مع لغة البندير وضاربيه .. هذا بطبيعة الحال مع حضور كل مظاهر ومصطلحات ومفردات الشكر والثناء والمديح الممجوج والشعور بالرضى وكأننا قد بلغنا الكمال وطوينا كل مشاغلنا ومشاكلنا ولم تعد لنا ولو’ حفرة’ في مسلك ريفي في قرية أو دشرة من مناطقنا الداخلية ولم بعد لنا ولو عاطل واحد أضناه التعب في الحصول على شغل لحفظ بعض كرامته… هكذا نحن إذا كما تقدمنا تلفزتنا.. أحلى ناس على شاكلة أحنا هكة فرحون مسرورين نرقص ونغني ولا نفرق بين طارق ذياب وطارق إبن زياد.. رجاء احترموا فينا البعض من فكرنا والبعض من ذوقنا والبعض من مواطنتنا لأنكم بهذه الشاكلة تقدموننا متخلفون ومتخلفون جدا. (المصدر: صحيفة ‘الوحدة’ (أسبوعية تونس)، العدد 597 بتاريخ 21 جوان 2008)


اضطرابات الحوض المنجمي: رؤية هادئة لوضع مضطرب

 
بقلم: سليم بعد مضي أسبوعين على الأحداث المؤسفة في الرديف بدأت الأوضاع تتجه فعلا نحو الاستقرار، و ما كان لهذا التطور الايجابي ليحدث لولا تدخل الدولة السريع و الحاسم هذه المرة، و قد تمثل هذا التدخل في إجراءات انفراجية عديدة قطعت الطريق على بعض المراهنين على تأزيم الأوضاع و الدفع بها نحو المجهول لحسابات لا تصب في صالح الأهالي في مناطق الشريط الغربي بقدرما يقع تحويلها إلى رصيد من تعودوا ركوب الأحداث و الاصطياد في مياهها العكرة. لقد كان لتدخل الدولة اثر ايجابي و ملموس فقد عاد الهدوء لمدينتي أم العرائس و المتلوي و الرديف مباشرة بعد أن لمس الأهالي في هذه المناطق جدية المساعي التي تبذلها السلطات من اجل إيجاد مخارج عملية و واقعية لجملة الإشكاليات العالقة، و قبل ذلك مبادرتها لتهدئة الخواطر و جبر الأضرار النفسية تمهيدا لاستعادة أجواء الثقة و عوامل الاستقرار، فعلاوة على الافراجات المتوالية في صفوف بعض الجانحين من شباب الجهة المضطربة. فقد سارعت السلطة إلى القيام بخطوات عديدة لاقت تجاوبا واضحا من الرأي العام و أهالي منطقة الحوض المنجمي. فالإجراء الأول و هو من عناوين الحرص على العدالة المقترنة بتطبيق القانون و يتمثل في التعجيل بتكليف القضاء للتحقيق في ملابسات الحادث الذي انجر عنه مقتل مواطن في زحمة المواجهات التي وقعت في الرديف. أما الإجراء الثاني و الذي يهدف إلى تلطيف الأجواء و منع العوامل المغذية لعودة الاشتباكات فيتجسد في استدعاء الجيش كقوة فصل و حماية للمنطقة من أي احتكاك بين الأهالي و رجال الشرطة بعد أن ساءت العلاقة بين الجانبين بسبب ما خلفته حوادث العنف المتبادل من احتقان و توتر. يبقى الإجراء الثالث و المتعلق بإعفاء المدير العام لشركة فسفاط قفصة من مهامه، من أكثر الإجراءات دلالة على جدية تعامل السلطة مع مطالب أهالي منطقة الحوض المنجمي و عزمها الحقيقي على تفعيل دورها في معالجة الأوضاع و محاسبة المسؤولين عن حالة التردي التي يتفق الجميع على ضرورة تسويتها. لسنا في حاجة إلى مزيد تأكيد تعاطفنا الكامل مع المطالب العادلة للحركة الاحتجاجية التي عبرت عنها الفئات الشعبية من مختلف الجهات المحرومة، كما لا يمكن أن نخفي استياءنا من حوادث العنف المتبادل بين الشرطة و بعض الشباب الغاضب في منطقة الرديف، غير أن دقة الموقف و حساسية الوضع المكهرب هنالك لا يكفي معه إطلاق الاتهامات و الإدانات ذات اليمين و ذات الشمال، فالقضية لا تقبل الاختزال في حدود ترداد الروايات المتضاربة حول الأحداث من أجل التموقع في مواجهة السلطة أو معها أو إلى جانب أهلنا في الشريط الغربي أو على مسافة منهم. في الحقيقة بوسعنا أن نفكر ضد الجميع و معهم و من اجلهم في نفس الوقت، بمعنى أوضح أن نكون ضد التجاوزات من حيثما كان مصدرها و نكون مع الوسائل الناجعة التي تضع حدا للاضطرابات المحتدمة منذ شهور كما تفتح أفقا لوضع الحلول الجدية لمجموع القضايا العالقة. في هذا السياق يمكن تنزيل تحركات السلطة و إجراءاتها الأخيرة فهي أمر مفيد لاحتواء الأزمة ومنع تمددها و السيطرة على تداعياتها، غير أن هذا التحرك المحمود لا ينبغي أن يقف عند هذا المستوى، فالإجراءات المذكورة قد تشعر الأهالي بقدر من الاطمئنان و الثقة. فالدولة التي اصطدموا بالأمس القريب بأجهزتها الأمنية هي ملاذهم اليوم لاستعادة الاستقرار و ضمان الحقوق و إقرار العدالة و توفير مقومات المعالجة الناجعة لمعضلات التنمية. لا شك أن المطلوب أكثر من إجراءات عاجلة فالمشاكل المتراكمة في هذه الجهات تتطلب تفكيرا جماعيا مفتوحا على مختلف المبادرات في الدولة و القطاع الخاص و المجتمع المدني و الأحزاب السياسية، كما أن المشاكل الحاصلة اليوم على كامل الشريط الغربي و إن كانت في جوهرها ذات صبغة اجتماعية مطلبية فان مواجهتها الناجحة لا تستبعد الشق السياسي و ما يمكن أن يقدمه من وسائل و أدوات ترفد بها المعالجة الاقتصادية و الاجتماعية. إذا كانت الدولة قد قامت بهذه الخطوات المهمة لاستيعاب حالة الاحتقان و الغضب و تحملت بذلك جزء من مسؤوليتها وواجبها لحفظ الأمن و تامين الاستقرار في انتظار أن يتلو ذلك إجراءات إضافية أكثر أهمية و أوسع استجابة لمطالب الغاضبين وسكان الجهة عموما. فإن للأحزاب الوطنية و المجتمع المدني أدوارا لا تقبل التأجيل، و تأتي في مقدمتها الكف عن المزايدات السياسوية ومحاولات صب الزيت على النار، إذكاء للفتنة و دفعا إلى الفوضى، بدلا من ذلك على هذه القوى المساهمة في بلورة حلول عملية قابلة للتحقق من خلال التأكيد على جدوى طريق الحوار و المفاوضة كأسلوب مدني وديمقراطي و عقلاني في المطالبة بالحقوق والتظلم من التجاوزات. (المصدر: صحيفة ‘الوحدة’، لسان حال حزب الوحدة الشعبية (أسبوعية – تونس)، العدد 597 بتاريخ 21 جوان 2008)

 
 

من اجل حياة العز والخبز للفقراء

 

 
لا تزال الأوضاع الاجتماعية  في مدينة الرديف متوترة جدا خاصة بعد سقوط الشهيد حفناوي بن رمضان  المغزاوي وعديد الجرحى يوم 6 جوان 2008 و التي دخلت على أثرها قوات الجيش لأول مرة منذ انتفاضة الخبز في 3 جانفي 1984 . ولا تزال قوات الأمن  ترهب السكان  وتطارد الشبان الذين  شاركوا في الاحتجاجات المدنية السلمية المشروعة من اجل حقهم في الشغل  والحياة الكريمة . وتواصلت الإيقافات العشوائية  ومداهمة البيوت  لإرهاب المواطنين  وإرغامهم على السكوت  عن أوضاعهم الاجتماعية المزرية  والتي تزداد سوءا يوما بعد يوم بعد الغلاء المفرط في الأسعار والظروف المعيشية الصعبة جدا .ففي يوم الثلاثاء الموافق ل 17 جوان  2008 تم إيقاف المناضل حفناوي بن عثمان  العضو باللجنة المشرفة على إدارة الحوار مع السلطة  وهو في طريقه إلى قفصه . الناشط حفناوي بن عثمان من أصحاب الشهادات الجامعية المعطلين عن العمل وكان قد اسقط عمدا في الكاباس في دورة 2005  وحوكم من اجل التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة مطالبا بحقه في الشغل  وقد صدر في شانه حكما بالسجن ب 15 يوما في رمضان 2005. وبعد التحركات الأخيرة في انتفاضة الحوض المنجمي  والتي أفضت إلى حل لبعض الملفات المطروحة  تحصل كغيره من أصحاب الشهادات العاطلين عن العمل  على شركة مناولة  وبدا في العمل . وها هو يتعرض مجددا للإيقاف التعسفي على خلفية نشاطه المدني والسلمي من اجل لقمة العيش بكل حرية وكرامة .   المناضل حفناوي بن عثمان يتعرض للمضايقات والإيقافات والمحاكمات كغيره من شباب تونس الذي أبى إلا أن يدافع عن الحق وعن الحرية والشغل بالطرق السلمية والمدنية . فهل نحكم على خيرة شبابنا بالسجن والمطاردة الأمنية اللصيقة  لأنه خير اللجوء للدفاع عن حقه في الحياة بكل شرف عن الموت في البحر غرقا أو الموت جوعا؟.                                                                                             إن شبابا يدافع عن الحقوق المدنية الدنيا بالطرق السلمية الحضارية يستحق منا كل التقدير والاحترام لا  الضرب والاهانة  والإعدام .                                                                                إن شبابا يرفع صوته عاليا  في وجه مغتصبي حقه في الشغل والكرامة والحرية يستحق منا كل  التبجيل  لا المطاردة والإيقاف والتنكيل .                                         .                                                                                         فتحية لشبابنا المناضل وألف تحية على جبينه الوضاء                         اللامع بالعرق النازف والمبلل بتراب تونس الخضراء                          الذي ضحى بالغالي والنفيس وبروحه الطاهرة  وبالدماء                           من اجل حياة العز والخبز للفقراء                                                                   النفطي حولة: 20 جوان 2008

 

ندوة الديموقراطيين الاشتراكيين حول أفق التحوّل الديموقراطي (3-3): إشكال الانتقال الديموقراطي بين أزمة الفكر السياسي.. والاملاءات الخارجية

البنية الثقافية والذهنية العربية عائق أمام نشوء ثقافة  ديموقراطية هناك فرق بين «التعددية السياسية» و«العددية الحزبية» وعدة أحزاب تنتمي إلى نفس المدرسة  
 
 تونس – الصباح: توقفنا في ورقة امس عند ثلاثة تساؤلات على درجة كبيرة من الأهمية، تحوم حول تحليل معوقات الانتقال الديمقراطي في المغرب العربي، بل في الوطن العربي برمته، 
 
 وهي التساؤ لات التي حاولت بعض المداخلات معالجتها.. اولى هذه الاستفهامات ما يتعلق بما اذا كان «العجز الديمقراطي» راجعا الى ازمة في الفكر السياسي العربي والمغاربي؟ ام ان مشروعات الانتقال الديمقراطي مرهونة بالاملاءات والاشتراطات الخارجية؟ ام ان مشكل التحول الديمقراطي يعود الى بنية الذهنيات المجتمعية وصلب النخب الحاكمة، التي تعطل عملية الانتقال نحو الديمقراطية؟   فكيف تم التعاطي مع هذه التساؤلات؟   ازمة الفكر السياسي العربي   اعتبر الدكتور محي الدين عميمور، وزير الثقافة الجزائري السابق «ان الفكر السياسي العربي يمر بأزمة»..   واوضح ان مرحلة الدولة العثمانية، كانت المرحلة الجنينية للفكر القومي العربي، ملاحظا ان الفكر المسيحي ساهم في انتقال الفكر القومي الى العلمانية، ومن ثم الى الحداثة..   واشار عميمور ان ازمة الفكر القومي العربي، حصلت اثر الشرخ الرهيب الذي حدث بين التيار الناصري والتيار الاسلامي في مرحلة الستينات ما ادى الى خصومة سرعان ما تطورت الى عداوة بين الجانبين بالاضافة الى ذلك، هناك مشكل التعليم الذي عانى من التونسة والمصرنة والسعودة واللبننة، وبالتالي لم يشجع على انبات فكرسياسي عربي جديد.   وانتقد وزير الثقافة الجزائري السابق، مسار الفكر السياسي العربي الذي قال انه لم يبلغ مرحلة النضج التي تؤهله للنهوض، على اعتبار انه فكر اقليمي ضيق، حسب وصفه قائلا «نحن نحتاج الى سقف جديد للفكر السياسي العربي لا يستثني الفكر الاسلامي».. وهي الملاحظة التي ستثير نقاشا مستفيضا بين الحضور في هذه الندوة.   عائق الاملاءات الخارجية..   من جهته، حاول الدكتور سليمان الشيخ (وزير ثقافة سابق في الجزائر)، معالجة موضوع الفكر السياسي العربي، من خلال تحليل مسالة الانتقال الديمقراطي في علاقة بالاملاءات الخارجية المختلفة.. صنف الشيخ الاملاءات الخارجية الى نوعين: احادية امريكية، تهدف الى مكافحة الارهاب وفرض اصلاحات على العالم العربي تحت تاثير المحافظين الجدد، ضمن اجندة انشاء الشرق الاوسط الكبير وتداعياتها التي ادت الى ازمة احتلال العراق ونتائجه الراهنة..   اما النوع الثاني من الاملاءات الخارجية، فيرتبط بالسياسة الاوروبية ذات الصبغة البراغماتية، التي تهدف بدورها الى دمقرطة الانظمة العربية وتساءل المسؤول الجزائري السابق، عما اذا كانت هناك امكانية لتحقيق انتقال ديمقراطي من خلال املاءات خارجية،، وحدد الدكتور الشيخ ثلاث مراحل للانتقال الديمقراطي وهي:   – الاقرار بميثاق وطني يؤلف بين جميع اطياف المشهد السياسي ومكونات المجتمع المدني   – حوار وطني بين السلطة الحاكمة والمعارضة   – التأكيد على استقلالية البرلمان وسلطته   واعتبر ان هذه المراحل تمثل شاهدا على عملية الانتقال الديمقراطي.   وتطرق المحاضر الى التقرير العربي للتنمية البشرية لسنة 2004، مشيرا الى كونه كشف الجانب التسلطي في الأنظمة السياسية لكنه كشف كذلك عن بروز التيار الديني، الذي تسبب موقفه المتشدد في نكوص الانظمة باتجاه الجمهوريات الوراثية.. ولاحظ ان التقرير اقترح توليفة بين التيارات الاسلامية «والليبيرالية والقومية.. لكن الوزير الجزائري السابق اعتبر في المقابل ان النقاش حول الاستحقاق الديمقراطي، لم يأت باضافة جديدة للمسالة الديمقراطية، الا ما تعلق بالدعوة الى اصلاح الجامعة العربية، وهو الاصلاح الذي شمل بعض الجوانب البسيطة لكنه لم ينفذ الى عمق الازمة العربية ومعوقات الانتقال الديمقراطي..   شروط اساسية..   وانتقد الشيخ، بعض الأنظمة العربية التي تمارس ما وصفه بـــ«الليبرالية الاستبدادية» التي تعاني العزلة عن شعوبها، ما نتج عنه ظواهر العنف المتفشية هنا وهناك، فيما اختارت الانظمة الخضوع للراعي الاجنبي.   ورغم ان المتدخل اشار الى الدور الاوروبي الايجابي باتجاه القاطرة نحو الديمقراطية، الا انه دعا الى تعزيز الجبهة الداخلية لصد الاملاءات الخارجية مهما كان نوعها او مضمونها   وطرح المثقف الجزائري، الشروط الضرورية لتسريع الانتقال الديمقراطي بينها، توسيع الطبقة الوسطى، وتوسيع رقعة التعليم، والارتقاء بالمراة عبر التعليم والتشغيل، الى جانب دعم نشاط الحركة الجمعوية وضمان استقلال القضاء واستقلالية تشكيل الاحزاب والمنظمات.   تشخيص صارم   وعلى الرغم من عديد الوصفات التي قدمت خلال الندوة لتحقيق انتقال ديمقراطي، فان الدكتور المنصف ونّاس، عالم الاجتماع المرموق واحد ابرز المتخصصين في قضايا الديمقراطية والتحولات السياسية والثقافية، كرس مداخلته لتقديم تشخيص صارم للوضع السياسي والمجتمعي والثقافي في العالم العربي، كان بمثابة تأكيد عكس ما ذهبت اليه الوصفات السابقة..   ومنذ البداية، اعتبر وناس ان المعيش اليومي في العالم العربي، ما يزال مرتبطا ببنية ثقافية وذهنية تحول دون انشاء ثقافة ديمقراطية، لانها بنية تنتمي الى ما قبل الفكر الحداثي…   وأشار الى ان بنيتنا الثقافية الحالية، تساعد على تبيئة الاستبداد واعادة انتاج السياقات غير الديمقراطية..   وشدد على ان المشكلة ليست في بنية النظم الحاكمة ومخيالها السياسي، وانما هي في بنية مجتمعية تساعد على تكرار علاقات اجتماعية وسياقات سياسية استبدادية وفاسدة… ملاحظا ان العلاقات المجتمعية غير الديمقراطية، من شانها انتاج حالة غير ديمقراطية..   بنيات فاسدة تعيق الديمقراطية..   بل ان الدكتور المنصف وناس، مضى في تشخيصه شوطا ابعد من ذلك، عندما لاحظ وجود تداخل معقد بين الثقافي والسياسي، بين سياق كبت الحريات وتاجيل الاستحقاق الديمقراطي، ومنع ايجاد تصور ثقافي مضاد»، ومعنى ذلك ان اي سلوك سياسي غير ديمقراطي وسلوك مجتمعي غير ديمقراطي «من شانهما خلق ثقافة سياسية فاسدة».. ومن هنا يؤكد المحاضر على ان «السياق المجتمعي، يساعد الحاكم على توطين نفسه واستمرار هيمنته»، مشددا على ان البنيات الذهنية والثقافية في الحكم والمجتمع «هي العائق الأساسي للتحول الديمقراطي»..   لذلك تحدث الرجل عن «الحاجة الى تفكيك بنية ثقافية فوقية وتحتية لكشف الاستبداد وتغييره».. مؤكدا ان الديمقراطية تحتاج الى تغيير العلاقات الاجتماعية والثقافية والمجتمعية والسياسية، ومن هنا سبب تخلفنا، على حد قوله..   لكن الدكتور المنصف وناس، عبر عن رهانه على الاختلاف داخل الاحزاب الحاكمة والنخب الحاكمة»، على اعتبار ان هذه الاختلافات «مهمة للخروج من التكلس داخل النظم».   واشار الى ان المعضلة الكبرى، تتمثل في وجودنا «في سياق دولي يرفض دمقرطة المنطقة»، على حد تعبيره، بل ان الثقافة السياسية التي تبشر بها النخب لا تساعد على التحول الديمقراطي» لانها اصوات غير ملتصقة بواقع الناس وتطلعاتهم».   واعتبر ان الحل ليس في تجريم النظم الحاكمة، ولكن في محاسبة النخب وجعلهم فاعلين..   مناقشات   هذه الورقات، اثارت العديد من الملاحظات النقدية والاستفهامات من اطراف مختلفة…   الأستاذ مصطفى الفيلالي   الكثير من الأنظمة اجتهدت بشكل مغامر فيما يتعلق بقضية الهوية، وكنتيجة لهذه الاوضاع نشأت الحركة الاسلامية كرد فعل على محاولات تزييف الهوية «والاجتهادات» الخاطئة بشانها   اما العنف الديني، فقدكان نتيجة الشرخ الحاصل بين ما هو عربي ومسلم..   على ان الاحزاب التاريخية (الحاكمة) تمتلك مقاومة فطرية لكل ارادة للتغيير   الدكتور الحبيب الجنحاني   اعتقد ان من ابرز معوقات التحول الديمقراطي، هذه الليبرالية الجديدة التي تجري تحالفات مع الانظمة الاستبدادية.. ما يجعل هذه الليبرالية – التي يفترض ان تكون احدى ادوات الانتقال الديمقراطي – عائقا امام اي لبنة للديمقراطية   لكن الديمقراطية لا يمكن ان تخرج عن دائرة الحداثة، انها احد قيم الحداثة واستحقاقاتها وشروطها، التي لا يمكن ان تتجسد بواسطة بنيات ذهنية تقليدية وماضوية متخلفة.. ان التحول الديمقراطي يقتضي اولويات، وفي اعتقادي تمثل الحريات العامة، ابرز هذه الأولويات..   الدكتور محمد مواعدة   ازمة التنمية وتجربة التعاضد في تونس خلال مرحلة الستينات، لم تكن ازمة اقتصادية فحسب، بل هي اعراض ازمة سياسية في العمق، عنوانها الابرز ازمة في الحكم وغياب المنهج الديمقراطي لمعالجتها، لذلك عندما اسسنا حركة الديمقراطيين الاشتراكيين نهاية السبعينات، كنا نرغب في المساهمة في المسار الديمقراطي بصورة عملية من خلال تاسيس حزب سياسي يرفع الشعار الديمقراطي على رأس اجندته.   على ان مفهوم التحول الديمقراطي، يحتاج الى تحديد في ضوء تعدد المفاهيم بهذا الشأن.. وهنا اوافق طرح الأخ عروس زبير عندما تحدث عن مسألة ترشيد عدد الاحزاب السياسية، فهناك فرق – حقيقة – بين «التعددية الحزبية» و«العددية الحزبية».. هناك احزاب في تونس – على سبيل المثال – تنتمي لنفس التيار الفكري والايديولوجي لذلك يحتاج الامر اليوم الى ترشيد عدد هذه الاحزاب…   الجامعي عروس زبير (الجزائر)   اتساءل عن السبب الذي جعل الدكتور الهاشمي العياري، لا يعتمد في مقاربته على التقارير العربية الاربعة للتنمية البشرية، سيما وانها تقارير صادرة عن نخب عربية مستقلة ومحايدة، اتبعت منهجية مخالفة لتقارير دولية واممية عديدة..   واعتقد انه ان الاوان لكي نميز بين التنمية الاقتصادية الناتجة عن مسار ديمقراطي وحراك سياسي واجتماعي وبين تنمية اقتصادية ناجمة عن انظمة قمعية، فهذه تنمية لا يمكن ان تستمر طويلا…   وأشير من ناحية اخرى، في سياق التعقيب على الدكتور عميمور، ان الفكر القومي «فكر اقصائي بحسن النية»، على حد وصفه، لانه لا يؤمن بالتعدد الفكري صلبه.. لكن السؤال المطروح يتعلق بما اذا كان من الممكن التعويل على المجتمع المدني للمشاركة في التحول الديمقراطي، سيما وان هذا المجتمع معطل (بفتح الطاد)، بل ان بعضه مساهم فعليا في العملية الاستبدادية   الدكتور ابو يعرب المرزوقي   القول بان جذور الديمقراطية تنطلق من الفكر الموسوي – المسيحي (على النحو الذي ذكره السيد الشاذلي العياري)، يمثل ارتدادا نحو الفكر الصهيوني، فيما ان اصل ومنشا الفكر الديمقراطي يمكن ان نعثر عليه في الحضارة العربية الاسلامية.   لكنني اعتقد كذلك ان الديمقراطية الحديثة، تمثل عكس الديمقراطية اليونانية وهذه من الهنات اللافتة في المسالة الديمقراطية..   تبقى الاشارة الى ضرورة التمييز بين تصورات للحكم وكيفية تطبيق الحكم..   الدكتور محمد حاتمي (المغرب)   هل يمكن ان نعبر عن الارادة الشعبية (بالشكل الذي المح اليه الدكتور الطيب البكوش) بطريقة سلمية، ام اننا مضطرون للقيام بثورات الخبز واستخدام اشكال التمرد الشعبي المعروفة، لتجسيد الارادة الشعبية هذه؟   نجيب الحداد (ح.د.ش)   ثمة سؤال اساسي بشأن التحول الديمقراطي، هل يتم عبر الازمات، ام ياتي من خلال الاتفاقيات الثنائية بين الأنظمة؟   لكنني اتساءل ايضا، عما اذا كانت مطالب النخب، التي ادت الى تطبيقات مختلفة للديمقراطية، مرحلة ضرورية لكي يكون التحول الديمقراطي من مطلب نخبوي الى حاجة مجتمعية واسعة؟   صلاح الدين الجورشي   اذا ما كانت هنالك ثنائية بين المطلب الشعبي والارادة السياسية، فكيف يمكن ان نفسر تعطل الديمقراطية في الوطن العربي؟ واين يكمن المشكل حينيئذ؟   لكنني اتساءل كذلك عما اذا كان من الممكن، احداث نقلة نوعية في مجال التنمية والديمقراطية من دون وجود قطاع خاص؟ وهل ان غياب القطاع الخاص عن المجال السياسي، يؤدي – عمليا – الى تعطيل البناء الديمقراطي؟ وماذا تقترحون لايجاد علاقة جدلية ولادة بين الديمقراطية والتنمية للخروج من هذا المازق؟   واذا كان الاسلام السياسي يشكل خطرا على التحول الديمقراطي، فلماذا لم تستطع قوى التحديث ان تغير معطيات الواقع الموضوعي؟ وكيف يمكن تفسير التصاعد المطرد للظاهرة الاسلامية؟   صالح عطية   المصدر: جريدة الصباح ( يومية –  تونس) بتاريخ 20 جوان 2008


الثقافي والسياسي.. ائتلاف أم اختلاف؟

 

 
      *بحري العرفاوي: لكأن الحديث عن علاقة «المثقف» بـ«السياسي» يحيل إلى وجود طرفين مستقل أحدهما عن الآخر وربما مقابل له أو حتى لكأن المثقف ليس سياسيا والسياسي ليس مثقفا. على أنه بالرجوع إلى المعنى اللغوي لمفهوم الثقافة نجد أنها تعني الفطنة والحذق. وبالرجوع إلى مفهوم السياسة نجد أنها تعني حسن التدبير والترويض والرفق والقدرة على تصريف الشؤون، وبهذا التعريف لا شك أن السياسة والثقافة متداخلتان تفضي إحداهما إلى الأخرى، فالمثقف بفطنته وحذقه مؤهل لحسن التدبير وتصريف الشؤون والرفق في معالجة القضايا والظواهر، كما أن السياسي لا يكون كذلك إلا بتوفره على درجة من الفطنة والحذق.   فصل منهجي: غير أن التخصص هو الذي يجعلنا نفصل منهجيا بين «السياسي» و«الثقافي» ولذلك سنشتغل على المفهومين الشائعين حول الثقافي والسياسي، حيث أصبحت السياسة تُختزل في كونها احتراف لعبة التوازنات الحزبية والحفاظ على السلطة وفي أحسن الحالات تحقيق الأمن والتنمية. وأصبحت الثقافة تعني تراكم المعارف وإنتاج تعبيرات متنوعة تدعى «إبداعا».   أصبحت السياسة «لعبة» بكل عناصرها المشهدية وما يشتق منها من الفوز والهزيمة والتقاسم والتداول والتحكيم والتزوير، وكل مصطلحات أطفال الأحياء في الساحات الضيقة وما قد تشهده أحيانا من مشادات لفظية وبدنية. وأصبحت الثقافة استعراضا فرجويا بكل إجراءات مخاتلة الوعي الشعبي والذائقة العامة وتصيد الأحداث والمناسبات ودراسة سوق الإستهلاك الثقافي.   وفي ظل هذه اللعبة المزدوجة لا ينظر «المثقف الاستعراضي» إلى السياسي «السلطة» إلا على كونها بقرة حلوبا يستدرها في كل مناسبة ويظن أنه يستغفلها ويشرب من ضرعها لبن العقوق، ولا تنظر السلطة إلى المثقف إلا على أنه جرو نباح أو جشع مختل يتسكع في الشوارع وعلى ظهره لافتات الدعاية والإشهار. إن اصطفاف المثقفين الاستعراضيين وراء السياسيين المحترفين ظاهرة تاريخية لم يخل منها زمان أو مكان وفي تاريخنا العربي الإسلامي أمثلة كثيرة.   الممكن والمستحيل إذا كانت السياسة هي فن التعامل مع الممكن ـ كما يقولون ـ فإن الإبداع هو فن الدفع نحو المستحيل ـ كما أرى ـ فالسياسة مراسٌ واحتراسٌ والإيديولوجيا حصن من الأسمنت المسلح وإن مد جسوراً، أما الثقافة فهي ربوع في رحابتها وخصوبتها وتنوعها وتجددها وانفتاحها على الرياح والشموس والأمطار وحتى على الأعاصير. ويظل السياسي ـ وإن كان مثقفا وهم كثيرون ـ مُحترسا يقظا كلاعب شطرنج لا يغفل عن حركة، يظل مشدودا بكل حواسه وأعصابه إلى خارطة متحركة وواقع معقد بتناقضاته الاجتماعية والفكرية والمذهبية وحتى القبلية والطائفية وما يتداخل معها من تأثيرات إقليمية ودولية وما يطرأ عليها من وقائع وانفلاتات فجائية، فلا يتخذ قرارا ولا يقول قولا إلا بمقدار، فكم غابات وحقولا أفناها عود ثقاب، يظل السياسي محكوما بخصائص شعبه فلا يقول ما يرى وإن كان ذا رؤية ولا يفعل ما يريد وإن كان ذا جرأة وإنما يظل يخاتل الواقع، ويتحرك باحتراس كحامل خلية نحل، فهو مع المفكرين يتحدث عن العقلانية وعن السببية والحداثة وحتى ما بعد الحداثة، ومع العامة يزور الأضرحة ويتحدث عن المشيئة الغيبية وعن الفن الشعبي، ذاك هو فن التعامل مع الممكن، حتى إن السياسيين ليتصافحون ويتفاوضون ويلتقطون صورا تذكارية وجيوشهم في الساحات تتقاتل وصحافتهم تخوض معارك إعلامية شرسة.   هذا الانشغال الدؤوب بتفاصيل الأحداث والوقائع وهذه المخاتلة للتناقضات وهذا الاحتراس من الانفلاتات كلها تدفع بالسياسي نحو احتراف «لعبة الممكن»، وربما غالبته التناقضات والأحداث والوقائع فيصبح كمن يدفع برميل طين على كثبان رمل، حتى إذا ما أجهده الدفع وأقعده.. كان سؤاله حول الثقافة.   إذا كانت السياسة مراسا واحتراسا فإن الثقافة تشوف وتلقف لملامح المستقبل ووعي بالواقع وكشف عن مواطن الضعف ودفع نحو المستحيل، إن المثقف لا يتعالى عن واقعه ولا ينحبس فيه وإنما ينغمس فيه يُفككه ويُحلله ويقطع مع تشوهاته ويُبشر بما يجب أن يكون، إنه لا يخاتل ولا يهادن ولا يحترس من ردود فعل العامة ولا يجامل الوعي الزائف والذائقة الفاسدة، يقول ما يرى لا تكسبا ولا تهجما ولا دعاية لمذهب أو حزب.   إن المثقف المبدع لا ينحاز إلا لقيم الحياة: قيم الحرية والجمال والمحبة، لا ينحاز إلا للإنسان بما هو، إنه كمن يبذر ويترك الحصاد لغيره، إنه لا يستعجل استنباتا ولا حصادا فإذا لم ير نبت أفكاره اليوم فسيراها القادمون إلى الحياة من بعده، على أن الأفكار في المجتمعات الحية لا يتأخر موسم ثمُرها وإن ابتليت بأيام قحط. وإذا كان قلق السياسي ـ عادة ـ قلقا زمنيا، فإن قلق المثقفين قلق معرفي يظل يسلمهم السؤال إلى سؤال وتحيله النتائج إلى أسباب ينفذون إلى عمق الظواهر الإجتماعية يبحثون عن دوافعها النفسية والاقتصادية والفكرية ويقترحون علاجها، وهنا مفصل العلاقة بين المثقف والسياسي.   إن المثقفين الأحرار أشبه بالنجوم تشع على الربوع فتكشف ما فيها من تجاويف وكهوف ومغاور وأشواك حتى إذا ما تقدم السياسي ـ وهو أشبه ما يكون بحارس الربوع ـ كان سيره على بصيرة وأمان.   إن المثقف الحرّ ليس خصما للسياسيين ولا متآمرا أو محرضا بقدر ما هو خصم للرداءة والتشوهات في مختلف مفاصل الحياة وهو بذلك يمهد ـ دون احتساب ـ لنجاح السياسيين فلا يصطدمون بالجهل والتوحش والتعصب والتآمر وكل مشتقات ومنابت التخلف.   إن المثقفين الاستعراضيين في علاقتهم بأي سلطة لا يفعلون أكثر من غشها واحتلابها وإن من يتحلق حولهم من العامة إنما يتخذون منهم مهرجين ومشعوذين ويعون جيدا أنهم متكسبون ولا يأخذون عنهم فكرة ولا قيمة ولا فضيلة من فضائل المجتمعات المدنية التي يبشر بها السياسيون، إن هؤلاء أخطرُ على المجتمعات وعلى السياسيين من الجهلة ومن المهمشين، إنهم يضربون عمق المفاهيم والمعاني ولن يكون نبتهم إلا نكدا. يُفترض أن تكون العلاقة بين المثقف والسياسي علاقة صدق وأمن.   ـ يقول السياسي: أنت تفكر وتعبر، ويقول المثقف: أنت تسير وتدبر.   المثقف والتحزب قد تفرض الأحداث اليومية على السياسي ممارسة خاطئة ولكنها ضرورية وقد تفرض عليه تراجعا أو تنازلا، وقد يقول ويفعل ما ليس حقيقة أو صوابا ولكن ما تقتضي الضرورة أن يقال أو يفعل، وهذا ما لا يمكن أن يقع فيه المثقف الحر. إن المثقف لا يمكن إلا أن يكون كذلك وإن كان يفهم جيدا في السياسة ويرصد بوعي عميق كل ما يحصل من أحداث ووقائع وانفلاتات يتعامل معها بمنهج نقدي وتشخيص جريء حتى وإن كان مؤلما، لا يقبل المثقف أن يكون أداة دعاية أو تحريض، إنه داعية لقيم الحياة وحاث على الفعل والحركة ومستشرف لغد أجمل حتى وإن كان الواقع جميلا وهو في هذا لا يتعارض مع الأحزاب السياسية الحية بقدر ما يلتقي بها ويدعمها ويضخ في شرايينها دماء الحياة والتجدد. إذا كان السياسي مشدودا إلى الواقع شدا، فإن المثقف طليق في عالم الإبداع والمعرفة والجمال والنقد، وبهذا تكون الثقافة أرحب من كل الأحزاب السياسية مجتمعة، وهنا يحق لنا قلب السؤال فنسأل: لماذا لا تستند الأحزاب السياسية إلى مشاريع ثقافية؟ بدل أن نسأل: لماذا لا ينتمي المثقفون إلى الأحزاب السياسية؟   إن حرص سياسيين عديدين على تحزب المثقفين إنما يُسيء إليهما معا: يحرم السياسي من الأفكار الحرة ومن مرآة صادقة يمكن أن يرى فيها بعض أخطائه كما يرى فيها مواطن إبداعه وصوابه، ويحرم المثقف من رحابة عالم تتفتق فيه ملكاته الإبداعية وتقتحم فيه قوته الإدراكية مجالات من المعارف شتى لا سلطان عليه إلا قلق السؤال والشوق إلى لذة المعنى وعراء الحقيقة وصورة للإنسان أكثر استقامة قامة.   وإذا نظرنا في تاريخ الفكر والفلسفة والشعر والمسرح والموسيقى وحتى الفنون الشعبية سنجد أن رموزها إنما كانوا ممن أفلتوا من قبضة الأحزاب السياسية أو المذاهب والفرق.   أخيراً ستظل التجارب السياسية كلها وفي أحسن الأحوال مادة للتاريخ، ولكن الإبداع سيظل نبعا للمعنى ومجرى من مجاري الحياة.   ·        كاتب وشاعر تونسي    المصدر: جريدة الشرق ( يومية – قطر) بتاريخ 20 جوان 2008


في ‘منتدى التقدم’: ماذا بقي من القطاع العام في تونس؟

 

 
بقلم: عادل القادري استضاف منتدى التقدم بمقر جريدة الوحدة يوم 13 جوان الجاري الخبير الاقتصادي الأستاذ عبد الجليل البدوي في لقاء فكري حول واقع المنشآت والشركات العمومية في تونس، حضره عدد من ممثلي المجتمع المدني والأحزاب السياسية التونسية، وافتتحه السيد حسين الهمامي عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية الذي يولي القطاع العام موقعا أساسيا في خطابه السياسي وبرنامجه الاقتصادي والاجتماعي. و في بداية المداخلة الرئيسية أوضح الدكتور عبد الجليل البدوي أنه تم التفويت في 209 مؤسسة عمومية منذ 20 سنة إلى حدود نهاية سنة 2007، ولكن رغم تقلصه وتراجع حجمه بقي القطاع العام يلعب دورا أساسيا في الدورة الاقتصادية و التنمية الجهوية وبالخصوص في تدعيم المالية العمومية. وبالاستناد إلى الأمر عدد 910 لسنة 2005 والذي يتعلّق بتسيير المنشآت والمؤسسات العمومية التي لا تكتسي صبغة إدارية لدينا اليوم (منذ شهرين) 171 مؤسسة ومنشأة عمومية دون اعتبار المؤسسات الاستشفائية والمالية. وأكد المحاضر أن القطاع الخاص في تونس لم يلعب الدور المأمول منه فقد عجز عن النهوض بالاستثمار وتنويع النسيج الاقتصادي وتحسين المحتوى التقني للصادرات وذلك رغم الدعم والامتيازات والإعفاءات الجبائية العديدة التي حظي بها ولا يزال. في حين أن الخطة التنموية التي بدأت مع إرساء برنامج الإصلاح الهيكلي كانت تفترض أن الدولة تتراجع ليحل محلها القطاع الخاص في مجالات الاستثمار والإنتاج والتنمية والتشغيل… كما كان من المفروض أن التفويت لن يمس إلا القطاعات غير الاستراتيجية ولكنه توسع وشملت الخوصصة قطاعات استراتيجية، ولو أن مفهوم الاستراتيجي ليس مفهوما جامدا وإنما يتغير حسب الخطة التنموية بتغير الأولويات القطاعية. ثم ركزت المحاضرة على محورين: الأول خصوصيات القطاع العام و الثاني دوره وإمكانية تدعيمه. أولى خصوصيات القطاع العام في تونس والتي بقيت قائمة إلى اليوم هي تنوعه القطاعي والتنظيمي، حيث يشمل جميع الأنشطة: الفلاحية (كديوان تربية الماشية والتعاضديات المركزية للقمح وللبذور ووكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية…).والصناعية والمنجمية (كشركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي أو الديوان الوطني للمناجم وشركات الإسمنت ببنزرت والسكر بباجة و الصناعات الصيدلية وعجين الحلفاء و العجلات المطاطية و تكرير النفط وصناعة السيارات و صناعة الحديد والفولاذ و التبغ والوقيد و الصناعات التقليدية…) والخدمات (كالاتصالات والإذاعة والتلفزة و البريد والتكوين والتوثيق والدراسات و الانترنات والتكوين المهني والتشغيل و النقل الجوي والبري والحديدي…). وهذا التنوع يترك للدولة هامش للتدخل والتأثير في الدورة الاقتصادية وتعديلها. وبالإضافة إلى تنوعها القطاعي تتميز المنشآت والمؤسسات العمومية بتعدد أصنافها التنظيمية ( دواوين، شركات، تعاضديات، مراكز، صناديق، وكالات، أقطاب، مخابر…) مما أسهم في وجود مشكلة أن قرابة 100 منشأة عمومية (من بين 171 ) غير مصادق بأمر على تنظيمها الإداري والمالي وأساليب التسيير الخاص بها . و لا يوجد في القطاع العمومي إلا 55 مؤسسة مصادق بأمر على إسناد الخطط الوظيفية بها. كما أن تشعب واقع القطاع العام يجعل من الصعب ضبط حجمه الحقيقي باعتبار أن عديد المنشآت والمؤسسات العمومية لها مساهمات في الكثير من المؤسسات المصنفة ضمن القطاع الخاص. ومن أهم خصوصيات القطاع العام كثافته العمالية بالمقارنة مع القطاع الخاص (حيث تشغل مثلا الشركة التونسية للكهرباء والغاز 9485 عون قار و1000 عون في إطار المناولة، ويشغل الديوان الوطني للبريد 8677 قار و932 في إطار المناولة، وتشغل الشركة الوطنية للاتصالات 7805 قار، ويشغل الديوان الوطني للتطهير 5200 عون ، وتشغل شركة فسفاط قفصة 5219 عون قار و1873 في إطار المناولة، وتشغل الشركة الوطنية للسكك الحديدية 4825 عون قار و50 في إطار المناولة….)، ولكن ليست جميع المؤسسات العموميات بمثل هذا الحجم فبعضها له كثافة عمالية ضعيفة جدّا مثل المركز الوطني للدراسات الفلاحية المشغل لـ48 عون و ديوان المساكن العسكرية الذي يشغل 12 عون قار و52 متعاقدين و الشركة التونسية للتنمية الرياضية التي تشغل 30 عون … كما يتميز القطاع العام بنسبة تأطير عالية، حيث لعبت الدولة دورا هاما في انتداب أصحاب الشهائد العليا ومن المؤسف أن تشهد تلك النسبة تراجعا بتخلي الدولة عن الكثير من المؤسسات وانسحابها من عديد الأنشطة و لجوئها إلى الخوصصة بنسق مرتفع منذ أواخر التسعينات حيث تمت إعادة هيكلة المؤسسات في إطار تسيير شبه عائلي لا يراعي حاجيات المؤسسة من الخبرات والكفاءات العالية، ومع ذلك تبقى نسبة التأطير في القطاع العام مرتفعة بوجود عديد المؤسسات المتطورة علميا وتقنيا كالمعهد الوطني للإحصاء ومعهد المواصفات والملكية الصناعية و المركز الوطني للإعلامية ومركز تكنولوجيا البيئة و الصيدلية المركزية والوكالة الوطنية للطاقات المتجددة و شركة البحث عن النفط واستغلاله وشركة الخطوط التونسية المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا النووية…. و كذلك تتميز المنشآت والمؤسسات العمومية بنسبة تأطير نقابي مرتفعة تبلغ في قطاع المناجم مثلا 96 بالمائة، أما أدنى نسبة انخراط فوقع تسجيلها بقطاع المعاش والسياحة 34 بالمائة. ومن مجمل 171 مؤسسة ومنشأة عمومية هنالك 134 وقع هيكلتها نقابيا أي أن نسبة الهيكلة النقابية تبلغ 78 بالمائة بالقطاع العام. كما يسجل لفائدة هذا القطاع ضعف نسبة العمل غير القار وظاهرة المناولة التي لا تتجاوز 8 بالمائة بالمقارنة مع القطاع الخاص مع التذكير أن المناولة أصبحت تستحوذ في تونس على نسبة كبيرة من التشغيل حيث تصل إلى 50 بالمائة في بعض المجالات. وفي عينة من 87 منشأة ومؤسسة عمومية تشغل 72594 عاملا هناك ما يقارب 66738 عون قار مقابل 5856 عون يشتغلون في إطار المناولة ويتعاطون أنشطة متنوعة منها أعمال إدارية وأخرى فنية بجانب الحراسة والتنظيف وصيانة المناطق الخضراء والنقل والشحن والسياقة وصيانة المعدات… ولعل ارتفاع نسب التأطير والانخراط النقابي ونضاليته الأوسع واحترام القانون والاتفاقيات الاجتماعية المبرمة مما يفسر ارتفاع مستوى الأجور في القطاع العام بالمقارنة مع القطاع الخاص، ويصل الفارق في مستوى الأجر السنوي المتوسط بين القطاعين إلى أكثر من 3 مرات، بل إلى ما يقرب من 6 مرات بالنسبة إلى الأجر الأدنى، كما يتفوق متوسط الأجر السنوي في المنشآت والشركات العمومية على نظيره في الوظيفة العمومية بمرة ونصف تقريبا (1.3 ). وقد بلغ متوسط الأجر السنوي الخام سنة 2007 في المنشآت العمومية 17 ألف دينار، ويصل مثلا في شركة صفاقس قفصة إلى 21400 دينار، ويعود ذلك إلى جانب نسبة التأطير العالية( الكثير من المهندسين، والإطارات التقنية والإدارية …)أن أهم القطاعات المنتجة موجهة للتصدير مثل البترول والفسفاط، ومن المفارقات تزامن ارتفاع أسعار الصادرات من الفسفاط الذي وصل سعره هذا العام إلى 240 دولار للطن الواحد مقابل 76 دولار فقط سنة 2006 مع اندلاع الأزمة الاجتماعية في الحوض المنجمي بولاية قفصة. و رغم الفوارق القطاعية المذكورة على مستوى الأجور الخام سجل تراجع نسبة نمو الأجر الجاري والقدرة الشرائية ابتداء من 2004 وذلك في كل القطاعات بلا استثناء . ثم تطرق الأستاذ عبد الجليل البدوي في المحور الثاني من المحاضرة إلى أهمية دور القطاع العام ولا سيما مساهمته في تدعيم الموارد المالية العمومية وفي التنمية الجهوية، مشيرا إلى أنه رغم الخوصصة المتنامية فقد ازدادت مساهمة القطاع العام أو ما تبقى منه في ميزانية الدولة من الموارد الذاتية غير الجبائية وهي تتكون بالأساس من مداخيل النفط ومداخيل أنبوب الغاز الجزائري العابر للتراب التونسي و المداخيل المتأتية من الشركات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية و المداخيل المتأتية من مساهمات الدولة في شركات خاصة أو شبه عمومية والمرابيح الحاصلة من طرف البنك المركزي ومساهمات صناديق الضمان الاجتماعي والمداخيل المتأتية من خوصصة المؤسسات العمومية. وعلى سبيل المثال مكن القطاع العام عام 2002 ميزانية الدولة من 612 مليون دينار(منها 235 من الاتصالات و 142 من البنوك المجمع الكيميائي و 235 مليون من مرابيح البنك المركزي ) ، وقد أسهمت هذه الموارد في تدعيم الماليّة العمومية وتحسين وضع الميزان الاقتصادي وتقليص نسبة المديونية العمومية من الناتج المحلي الخام وبالمقارنة مع البلدان المصنعة فإن نسبة المديونية العمومية من الناتج المحلي التونسي أصبحت تمثل 51 بالمائة سنة 2007 مقابل 62 بالمائة سنة 2001. في حين تبلغ هذه النسبة 69 بالمائة في مجمل البلدان المنخرطة في اليورو و 159 بالمائة في اليابان سنة 2006. ومن خلال هذه المقارنة يمكن الاستناج أن وضع المديونية العمومية بتونس مريح نسبيا و يعطي المؤسسات العمومية والميزانية العمومية هامشا معتبرا من التصرف لدفع الدورة الاقتصادية عبر تدعيم الطلب الداخلي من باب الاستثمار والاستهلاك العمومي والخاص. و يبقى السؤال المحير حتى وإن بلغت عائدات التفويت في المؤسسات العمومية ( 209 مؤسسة) 5700 مليون دينار تونسي: لماذا تتوخى الدولة الخوصصة؟ واعتبر المحاضر أن الأمر لا يعود إلى إرادة سياسية داخلية بل إلى التزامات وضغوط دولية للانتقال إلى اقتصاد السوق منتقدا هذا التمشي الدغمائي المتحجر، وأعطى المثل الكوري الجنوبي كنموذج رائد في السياسة الصناعية حيث تعمد الدولة إلى ما يعرف بإعادة الانتشار بعد تركيزها على مجال معين لا تنسحب منه إلا عندما يصبح القطاع الخاص مؤهلا لتعويضها بما يحقق التكامل بين الأنشطة الاقتصادية، أما في تونس وخصوصا منذ اعتماد مجلة الاستثمار الموحدة سنة 1993 فقد أصبحت الامتيازات تعطى لكل القطاعات دون تمييز أو ضبط أولويات للتشجيع. وأصبحت سياستنا الصناعية تتلخص في عنصرين تأهيل المؤسسات والحث على الاستثمار الخاص، وكان لهذا انعكاس سلبي على جميع الأصعدة حيث لم يعد للدولة خطة لتوسيع الاستثمار العمومي (ذي الدور الحاث والاستشرافي والبيداغوجي) مع انعدام وضوح الرؤية للقطاع الخاص الذي ما زال ضعيفا وهو المتعود منذ أربعين عاما بالحماية والتشجيع ورعاية الدولة، وبعد تراجع الحماية وجد نفسه مرتبكا لأن معظمه غير مؤهل لمواجهة منطق المنافسة، والدليل على ذلك تراجع نسبة الاستثمار الخاص منذ سنة 2000 بعد ارتفاع طفيف في التسعينات. وقد عوض الاستثمار الأجنبي ذلك النقص، ولكن في قطاعات لا تحقق تنويع النسيج الاقتصادي وتحسين محتوى الصادرات من الناحية التقنية، فحوالي 65 بالمائة من صادراتنا ذات محتوى تقني ضعيف. والملاحظ أن الجدل قائم عالميا اليوم في أعلى المستويات الفكرية حول إعادة النظر في دور الدولة بعد تبين النكسات الاقتصادية والأزمات الاجتماعية التي تسبب فيها تراجع ذلك الدور. أما بالنسبة إلى التنمية الجهوية فقد أكد عبد الجليل البدوي أنه لا يمكن التعويل في المناطق الغربية على القطاع الخاص الذي يبحث دائما عن مناخ الأعمال الأكثر ملاءمة لتحقيق أرباحه و للضغط على التكاليف (كالنقل) والمحافظة في ظل المنافسة على موقعه في السوق. ولذلك فإن مسؤولية النهوض بتلك الجهات تقع في المقام الأول على القطاع العام مع ضرورة توفر الرؤية التنموية المحلية الجدية والتسيير المحكم والتوظيف الأمثل للموارد البشرية والمالية المراعية للخصوصيات والمساهمة في إنجاز مشاريع وأنشطة متنوعة مع إيلاء الأهمية التي تستحق للامركزية القرار. وفيما يتعلق بشركة فسفاط قفصة وأزمة الحوض المنجمي التي لم تشهد لها تونس المعاصرة مثيلا (في استمراريتها) لاحظ المحاضر أن 5 ملايين دينار ترصد للساعات الإضافية (رغم ارتفاع متوسط الأجر) في حين كان يمكن توظيفها لتشغيل مئات الشباب العاطل عن العمل حيث تصل نسبة البطالة في بعض المناطق المنجمية إلى 38 بالمائة. أما تدخلات صندوق النهوض بالحوض المنجمي ورغم أهميتها فإن 80 بالمائة منها تذهب لفائدة قفصة المدينة. وقد أثارت هذه المداخلة نقاشا مستفيضا ركز فيه بعض المتدخلين على معضلة التفويت غير المبرر في مؤسسات عمومية رابحة واستراتيجية وذات كفاءات تونسية عالية ( مثل اتصالات تونس) إلى جانب القطاع المصرفي الذي لم يبق منه للدولة إلا مؤسستين أو ثلاث وكذلك تسرب الخوصصة إلى الصحة والتربية والتعليم، و رأى بعض المشاركين في المنتدى أن التفويت في القطاع العام هو ليس فقط تفويتا في المكاسب الاجتماعية وحقوق العمال والنقابيين (مع الإشارة إلى أن المرأة هي المستهدفة الأولى في سوق الشغل) بل يعني كذلك التفويت بطريقة غير مباشرة في البلاد وسيادتها واستقلال قرارها، والمسؤولية في ذلك تعود إلى السلطة السياسية وأتباعها في المجتمع المدني. وتساءل البعض عن الدور التعديلي للدولة في ظل الإكراهات والاتفاقيات الدولية الملزمة والدور المهيمن للشركات المتعددة الجنسيات والعابرة للقارات وما يفعله المستثمرون الأجانب الذين يضربون عرض الحائط بكل الاتفاقات، في حين اتخذت بعض الآراء منحى ليبراليا تابعا إلى حد الحتمية المعولمة التي لا مفر منها ولا عودة عنها وارتأت أن النسق التنموي الرأسمالي أثبت قدرة على الاستمرارية والحيوية أكثر من غيره معتبرة أن القطاع العام يمكن أن يكون أداة استقواء الدولة على المجتمع مع ارتباطه بالبيروقراطية المتضخمة والمركزية المشطة والدولة الراعية والشمولية بما لا يتماشى ومقتضيات التحول الديمقراطي المنشود وتقوية المجتمع المدني. كما لم يخل الحوار من طروحات ايديولوجية مغايرة حول الأجراء والمؤجرين واستغلال الإنسان وامتلاك العمال لرأسمال مؤسساتهم وتعايش القطاعات (العام والخاص والتعاوني) والنماذج الاشتراكية في البلدان الاسكندينافية وأمريكا اللاتينية، في حين عبر بعض الحاضرين عن انشغالهم للوضع المأساوي الذي آلت إليه الأوضاع في الرديف وبقية مناطق الحوض المنجمي وعجز الأطراف السياسية المنكفئة في مقراتها عن التأثير العملي والتغيير الملموس للأوضاع مع ضرورة فتح حوار حقيقي من أجل تقديم الحلول والبدائل. وفي تعقيبه على بعض الملاحظات والأسئلة أكد الدكتور عبد الجليل البدوي أن الأرقام التي اعتمدها أرقام رسمية كما بين من خلال نماذج مقارنة أنه يمكن مواجهة العولمة وعدم الخضوع للإملاءات من خلال القدرة التفاوضية للدولة القائمة على الشرعية الديمقراطية و الانتخابات. وذكر أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتنازعان ولا يحترمان قواعد الاتفاقيات التجارية ولا سيما في مجال الدعم الزراعي سواء عند الإنتاج أو التصدير. أما نحن فقد طبقنا رفع الدعم رغم أنه لا أحد يجبرنا على ذلك مع اعتمادنا على مرجعية الأسعار العالمية وليس التكاليف الداخلية للإنتاج الفلاحي. كما تبنينا منذ السبعينات (عهد نويرة) مفهوما تجارويا للاكتفاء الذاتي الغذائي يقوم على التساوي المالي لقيمة الصادرات والوارادات بعيدا عن تغطية حاجياتنا الأساسية (من الحبوب والعلف) وانخرطنا طوعا في تقسيم دولي للإنتاج الفلاحي لا يوفر لنا الأمن الغذائي المطلوب. و بالنسبة للاختيار بين القطاع العام والقطاع الخاص لاحظ أن سياساتنا تميل إلى إقصاء أحد القطاعين في كل مرحلة بينما تقوم النماذج الناجحة على التكامل بينهما وفق علاقات تعاقدية وأهداف وآجال واضحة، أما الليبرالية فلا تعني قانون الغاب بما أن السوق نفسها مؤسسة تقوم على توازنات يبنيها الإنسان. ولئن أصبحت سلطة القرار عندنا غير ممركزة في الاقتصاد فإنها ما زالت ممركزة في السياسة. واعتبر أنه ليس لنا في تونس قطاع خاص بل ثروات خاصة بنيت بثروات عمومية في إطار علاقات ولاء سياسي مقابل دعم اقتصادي، فقد بلغ حجم الديون غير المسترجعة أكثر من 6 آلاف مليون دينار وبلغ حجم الامتيازات والدعم المالي للقطاع الخاص 5700 مليون دينار أغلبها من الإعفاءات الجبائية . كما اعتبر أن سياستنا الاقتصادية توزيعية ولا تقوم على تشجيع إنتاج الثروات وخلق تدريجي لتنافس سليم . ثم نزعم أن كل مشاكلنا تأتي من العولمة، وإذا كانت للعوامل الخارجية مفاعيل وتأثيرات (ولها ذلك) فإنها لن تمر إلا عبر قنوات و دواليب و وسائط داخلية. (المصدر: صحيفة ‘الوحدة’، لسان حال حزب الوحدة الشعبية (أسبوعية – تونس)، العدد 597 بتاريخ 21 جوان 2008)


 

الجزء الأول:  الديمقراطية و الحرية و حقوق الإنسان  » بين الأمس و اليوم »

 
إن الديمقراطية ممارسة يومية و تعبير عن الرأي بكل حرية و هذا ما هو موجود في الدول المتقدمة و المتحضرة لكن في دول العالم الثالث مازالت الديمقراطية تتأرجح بين القول و الممارسة وما على الشعوب إلا أن تفرض نمطا معينا على الحياة بتلونها حتى ترتقي إلى ما هو موجود . أنا محمد بوكثير : مررت بفترات صعبة و مريرة في المجال السياسي و الإجتماعي و حتى الشخصي لكن التاريخ لا يعود إلى الوراء ولا يمكن لأي شخص أن يمحو لا تاريخه ولا تاريخ غيره و في هذا المجال فإن صالح بوكثير جد والدي و شقيقه علي عاشا مناضلين و وطنيين من أجل بلادهما و وطنهما تونس العزيزة و قاوما الاستعمار كي تعيش تونس حرة مستقلة أبد الدهر. و صالح بوكثير جد الوالد حمل السلاح مبكرا للدفاع عن وطنه و دفع دمه فداء لهذه الأرض  الطيبة و ذلك بالتصدي لقوات الجيش المستعمر إبان الاحتلال سنة 1881. وقد كان يشتبك مع الجيش المحتل رفقة مجموعة من الثوار الوطنيين في مدينة صفاقس وكان من بين هذه المجموعة شقيقه علي وفي إحدى هذه الاشتباكات تمت ملاحقته و استشهد صالح بوكثير في معركة دارت بواد الرمل بمدينة صفاقس و جرح فيها شقيقه علي و ذلك سنة 1901. انتهى زمن الاحتلال منذ سنة 1956 لكن ذكرى صالح بوكثير لم تنته. ولكن مع الأسف  وقع تناسيه و عدم ذكر حتى إسمه. و تشاء الصدف و الأقدار و بعد مرور قرن كامل 100 سنة بالتحديد أي سنة 1981. شاركت أنا حفيده محمد بوكثير في أول انتخابات تعددية تقع في تونس و ذلك ضمن قائمة حركة الوحدة الشعبية و بقيت أناضل في صفوف  المعارضة إيمانا مني بالعمل التقدمي و الحضاري الذي تفرضه مرحلة التعددية و الديمقراطية و حقوق الانسان مع ما يستتبعه ذلك من إبداء الرأي الحر مما حدا بي إلى المشاركة الفعالة بكل حماسة في المراحل الانتخابية المتعاقبة.  و هذا جدول للمحطات الانتخابية المشار إليها : – انتخابات التشريعية سنة 1986 : قائمة الاتحاد الديمقراطي – انتخابات سنة 1994 : رئيس قائمة حزب الوحدة الشعبية – انتخابات سنة 1999 : رئيس قائمة الحزب الاجتماعي التحرري – انتخابات سنة 2001 : الجزئية صفاقس (1) رئيس قائمة الحزب الإجتماعي التحرري – و هذه المشاركة الفعالة اكسبتني خبرة و نضجا سياسيا مما جعلني أواكب التظاهرات سواء الوطنية منها أو الجهوية و المحلية. و إيمانا مني بالعمل البلدي و كيفية تطويره و السعي إلى الوقوف  إلى جانب المواطن مهما كان إتجاهه السياسي. –  عقدت العزم على المشاركة في الانتخابات ببلدية عقارب – انتخابات سنة 1995 : و كنت انذاك رئيس قائمة التحالف الديمقراطي في خدمة  بلدية عقارب ، حزب الوحدة الشعبية ، حركة التجديد ، الاتحاد الديمقراطي الوحدوي – كما شاركت أيضا سنة 2000  كرئيس قائمة حزب الإجتماعي التحرري ببلدية عقارب الديمقراطي في خدمة البلدية. – و ثالثا سنة 2005 : كرئيس قائمة حزب الاجتماعي التحرري ببلدية عقارب ، هذا إلى جانب تحملي عدة مسؤوليات في الاتحاد العام التونسي للشغل ضمن : فرع الجامعي للبريد بصفاقس و النقابة الأساسية للبريد من سنة 1978 و انخرطت بصفة مناضل سنة 1981- في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق  الانسان. وفي ذلك أكبر دليل على إيماني بضرورة تكريس مبادي المجتمع المدني و حقوق  الإنسان.   – مع أن نشاطي السياسي لم يقتصر على المشاركة في الانتخابات التشريعية أو البلدية بل تحملت عدة مسؤوليات منها كاتب عام لجامعة صفاقس لحزب الوحدة الشعبية و عضو بالمجلس المركزي للحزب و عضو بالمكتب السياسي مكلف بالشباب لغاية 1999. حيث وقع اقصائي من المؤتمر الوطني للحزب الوحدة الشعبية في جانفي 1999. –        أما انطلاقا من سنة 2000 فقد تحملت مسؤولية رئيس جامعة صفاقس للحزب الاجتماعي التحرري. و خلال انعقاد المجلس الوطني للحزب الاجتماعي التحرري أصبحت عضو المكتب السياسي وفي مؤتمر الوطني للحزب الاجتماعي التحرري في 5 أفريل 2005 و انتخبت عضوا بالمكتب السياسي مكلف بالجهات. –  إن النضالات و المسيرة السياسة التي مررت بها لم تمر بسلام عقدت حياتي المدنية         و الشخصية و لم تمر أشهر أو سنة إلا و تلفق إلي تهم و قضايا باطلة تجاوزت 26 قضية. يتبــــــــع …   كما تعرضت لمحاولة إغتيال من طرف أشخاص مجهولين على متن كميونة باشي 404 بتاريخ 21/01/1994 و المضايقات المتعددة. هذا علاوة عن القضايا المزورة التي حبكت ضدي وفي كل مرة تحكم المحكمة بعدم سماع الدعوى غير أن هذا الوضع أدخل البلبلة في عائلتي و تسبب لي في العديد من المشاكل. لكن كل هذا التصرف لا يصدر إلا من فئة غير مؤمنة بالديمقراطية و التعددية  و الحرية    و حقوق الإنسان بل مازالت تسيطر عليها عقلة الحزب الواحد و بالأحرى: « أنا أو لا أحد » و هذا التصرف غير المسؤول وغير الحضاري لم يثنني على المضى قدما في تكريس الديمقراطية و الدفاع عن مقومات المجتمع المدني باعتبارنا نعيش في دولة القانون            و المؤسسات دولة مستقلة منذ أكثر من 52 سنة. و لعل ذلك هو بالنسبة لي ضريبة الديمقراطية      و الحريات و حقوق الإنسان . أيها الأخوة: أيها المناضلون: من سياسيين و حقوقيين و نقابيين و مثقفين لم أرم المنديل بعد باعتبار أن النضال من أجل الحرية       و الكرامة، هو قدري و ذلك هو مبدئي و تلك هي قضيتي لن أتنازل عنها كلفني ذلك ما كلفني . أيها الأصدقاء: أيها المناضلون: هذه كلمة تمهيدية للتعريف الموجز من الجزء الأول و أدعوكم بعد ذلك إلى متابعة الملف المفصل لمسيرتي النضالية عاشت الديمقراطية و التعددية في تونس و السلام من أخوكم محمد بوكثير مستشار بلدي ببلدية عقارب


محمد الشرفي: المثقف السياسي وريادة النخبة

 
احميدة النيفر (*) ما يحملني على الكتابة في شخصية محمد الشرفي الذي غادرنا إلى واسع رحمة الله وجميل عفوه هو أنّه عَلَم من أعلام النخبة التونسية المعاصرة المثيرين للإعجاب والتساؤل في آن. القارئ العربي يعرف الراحل محمد الشرفي من زاوية النضال السياسي الحقوقي الذي شارك فيه شابّا في المعارضة اليسارية التونسية، ثم أستاذا متميّزا في القانون بالجامعة ومنافحا عن حقوق الإنسان والحريات العامة، ثم عنصرا فاعلا في صياغة الميثاق الوطني ووزيرا للتربية مراجعا لسياسة التعليم في تونس ما بعد الاستقلال. هذا إلى جانب مواقفه الفكرية التي أعلن عنها في كتاباته ومحاضراته وعبر نشاطه الجمعياتي. للكتابة عن هذه الحياة الحافلة بالحركة وجديّة الالتزام بقضايا العصر والوطن لا يمكن الاقتصار على مقطع محدد واحد من مقاطع سيرة الرجل. مثل هذه التجزئة التعسفية لا تتيح استخراج حكم موضوعي وتقديري، كما لا تساعد على تقويم حركة جيل من النخبة التونسية التي واكبت بناء الدولة القطرية الحديثة في هذا الفضاء المغاربي. لهذا فإنني أعتبر أن كل نظر اختزالي لحياة محمد الشرفي غير مجدٍ، لأنه إمّا ناتج عن معرفة ناقصة بسيرته، أو أنّه قصور في رؤية الواقع السياسي والثقافي وما استدعاه ذلك الواقع المتشابك من خيارات في المستويين المحلّي والعربي. ما ينبغي أن نبرزه أوّلا هو السياق التاريخي الاجتماعي. فما كان لرجل وُلد في فترة ما بين الحربين في المنطقة المغاربية ومن أسرة مدينية متديّنة أن يتجنّب الخوض والالتزام بقضايا الفكر والسياسة والثقافة الدينية والإصلاح المؤسساتي. في هذا كان محمد الشرفي ضمن كوكبة من مشاهير التونسيين المعاصرين الذين تجاوز أثرهم مجال عملهم وإطار تخصصهم العلمي وحدود البلد الذي نشؤوا فيه. هو في هذا لا يختلف جوهريا عن محمد الطالبي، وهشام جعيط، وعبدالوهاب بوحديبة، وعياض بن عاشور، وعبدالمجيد الشرفي، وأبويعرب المرزوقي. كان مع هؤلاء، رغم أنّ لكلّ منهم خصوصية رؤيته وتميّز مشربه، شاهدا على ما يمكن تسميته بـ «التماسك الثقافي» في تونس خاصة وفي البلاد العربية والإسلامية عامّة. إنّه التماسك الذي تلمسه واضحا في الوطن العربي من خلال ثقة النخب العربية في قدرتها على بناء مستقبل أفضل، ومواصلة العمل من أجل تحقيق مشروع للنهضة يبدو كسرابٍ بقيعة. عند التأمل في وضع النخب العربيّة بتنوّعها وتناقضها وأزماتها المتوالية، لا يمكن إلاّ أن تشدّك قدرتها على الاستمرار والعطاء، بما يدفع إلى السؤال المحيّر: مما تتولّد كل هذه الحيوية، وما هو مصدر بقائها؟ مَن عايش رجلا كـ «محمد الشرفي» يدرك أنّ هناك «مناعة ثقافية» قويّة كان يصدر عنها في مواجهة محبّطات جديّة عديدة محلّية ودولية، بعضها سياسي وبعضها اقتصادي اجتماعي وبعضها الآخر حضاري مؤسساتي. في هذا المستوى لا بد أن نتذّكر أن نخبا أخرى في بقاع أخرى من العالم لم تجد حلاّ لمواجهة الإحباط الحضاري والثقافي الذي انتهت إليه إلاّ بالانتحار الحقيقي، هذا ما حصل فعلا لبعض النخب اليابانية المشهورة. في الوطن العربي لم يحصل ما يشبه ذلك، وكأن النخب الفاعلة عندنا تتمثّل مقولة: «تجوع الحرّة..». فلا تكاد تقرّ بالهزيمة، ولا تعلن عن إلقاء السلاح رغم تصريحها المعلن أو الخفيّ بفشلها. لذلك فإنّ حياة محمد الشرفي منظور إليها من هذه الزاوية ليست إلاّ تأكيدا على مكانة النخب المثقفة في واقعنا المحلّي والعربي، وأن أي تفكير في مستقبلنا لا بد أن يدخل في اعتباره أن جلّ البلاد العربية هي «مجتمعات نخب»، وأن المؤسسات والمنظّمات والجمهور الواسع تظل جميعها رهينة تطوّر تلك النخب وحريتها وتدافعها. من ثم، يمكن أن يتنفّس صبح المستقبل العربي، أما ما يسرع إليه البعض من آليات الإدانة والتكفير والتخوين والتجريم فهو لا يعدو أن يكون مجرد تشفٍ ساذج متلهّفٍ على تصفية حسابات ضيقة لا تجدي بل تدمّر جهاز مناعتنا المجتمعي. لكن لمحمد الشرفي بُعدا ثانيا لا يقلّ أهميّة عن البعد السابق، هو بعد «المثقف السياسي» الذي عبّر عنه في كافة أطوار حياته. فعل ذلك خاصة عندما تولّى وزارة التعليم نهايةَ الثمانينيات في مرحلة حرجة من تاريخ تونس المعاصر. عند ذاك اندفعت أقلام لتصب جامّ غضبها عليه، من ذلك ما كتبه أحد خصومه في مقال شهير «لا أريدك وزيرا»، إضافة إلى بيان إدانة أشدّ لهجة وقّعه خصومه من إسلاميي حركة النهضة مطالبين الرئيس بإقالته. ليس هنا مجال للحديث المفصّل عن المشروع الإصلاحي التربوي الذي قاده محمد الشرفي، والذي قمتُ فيه بإدارة مراجعة مناهج الدراسات الإسلامية ومقرراتها مع ثلّة من الأساتذة والباحثين التونسيين. لكن ما أراه جديرا بالذكر في هذا الصدد أنّني لم أتلقَ مرّة واحدة من الوزير ما يمكن أن يتضمن تعليمات ذات خصوصية أيديولوجية معادية للإسلام عقيدة وسلوكا وحضارة. ما تَمّ إنجازه من كتب وبرامج في تلك الفترة يبقى شاهدا حيّا على ذلك بما فيه من حرص على صفاء المعتقد وسلامة الخلق وثراء الفكر وتنوّع التراث الفقهي والفلسفي للمسلمين. أكثر من ذلك، كان لدى الوزير محمد الشرفي تأكيد على إشراك أهمّ الأطراف السياسية والمجتمعية، فضلا عن عموم الأساتذة، في استشارات واسعة ولقاءات عديدة ضمن ما كان يعرف وقتها باللجان القطاعية لكل اختصاص لإبداء الرأي والاقتراح فيما كنّا نعمل على إنجازه. كانت قمّة هذا السعي الانفتاحي بدعوة أحزاب سياسية معارضة ومنظمة حقوق الإنسان وممثلي نقابات التعليم، بل إن هذا التمشّي بلغ حدّ قبول مشاركة أحد رموز حركة النهضة الإسلامية في هذا العمل الإصلاحي رغم مواقف الإدانة والمطالبة بإقالة الوزير. في هذا خاصة وفي غيره من المواقف كان محمد الشرفي أنموذجا للمثقف السياسي الذي يعز طلبه في بلادنا العربية، خلافا لما هو متعارف في المجتمعات الغربية. المثقف السياسي هو الذي يعتبر أن احتداد الصراع الأيديولوجي، وقيام نقاش حول الخيارات الكبرى المتصلة بقضايا الدولة والمجتمع، أساس حيوية المجتمع ومحرك للنخب الحاكمة والمعارضة ومُثرٍ لها. المثقف السياسي هو نقيض التكنوقراطي الذي لا يملك رؤية تركيبية ناظمة، لذلك لا يدرك معنى الحوار ولا يراهن عليه. إنه يرفض اعتماد مرجعية فكرية أو عقدية أو إيمانية، معتبرا أن تخصصه الكبير في مجال ما كالمال أو الاقتصاد أو الزراعة أو العلوم التطبيقية كفيل بضبط التوجّهات ونحت الآفاق. أمّا المثقف السياسي فهو لا يتستر على أيديولوجيته، ولا يخفي منهجيته، إنّما يعتبرهما عنصر تثاقف وتنافذ من أجل إثراء المشاركة في العطاء المجتمعي. بهذا فالمثقف السياسي وطني لا يؤجل الاختلافات الكبرى ولا يتجاهلها، بل يعتبرها عناصر ضرورية للبناء والتنمية. إنّه يردد قول الشاعر التونسي المعاصر: « أُحِبُّ البلاد كما لا يحب البلاد أحد» واعيا بأن ولعا حقيقيا بالوطن يعني اعتناق تعددية الرؤى فيه، وإعراضا عن كل استبداد أو إقصاء. لهذا ولغيره، كان الراحل الطيب الذكر رائدا لنخبة بلده بكامل طيفها، لأنه كان يرى في تعدد مكونات النخبة وضرورة حوارها مصدر مصداقيتها ومشروعيتها بما يتيح لمستقبل مجتمعها فاعلية وحضورا بين الشعوب والأمم. (*) كاتب تونسي (المصدر: صحيفة ‘العرب’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 20 جوان 2008)


 
 

الأمن الغذائي يحتاج حلولا جريئة

 
محسن المزليني mezlini@yahoo.fr   يتواصل نسق ارتفاع أسعار الحبوب في الأسواق العالمية ليبلغ  نسبا قياسية إذ مر سعر الطن الواحد من القمح الصلب من 181دولارا في مارس 2006 الى  854 دولارا  في فيفري 2008. أمّا القمح اللين فقد بلغ سعره  510 دولارا للطن الواحد في  فيفري 2008 مقابل  165 دولارا بتاريخ 6 جوان 2006. في هذه الأثناء توقعت مصادر مسؤولة في وزارة الفلاحة والموارد المائية  أن يكون إنتاج هذه السنة من الحبوب متواضعا جدا. وإذا كانت الأزمة مرتبطة بعوامل عدّة في مقدّمتها قلّة الأمطار إضافة إلى تقلبات السوق العالمية، إلاّ أنّ ذلك لا يمكنه أن يخفي الأسباب العميقة والمتعلّقة بالسياسات الزراعية في مادّة تمثّل العمود الفقري لمائدة العائلة التونسية طالما أنّ الاستهلاك يبلغ سنويا 173 كلغ للفرد. وهى عوامل تضيف ضغوطا على ميزانية الدعم المخصصة لهذه المادة وتنعكس سلبا على المزارعين. وفي هذا السياق أعلنت السلطة عن إجراءات تشجيعية للفلاح علّه يعود إلى الاهتمام بقطاع بدأت أزمته مبكرا ولم تمثل الظروف المناخية غير الملائمة أو التهاب أسعار المواد الفلاحيّة في السوق العالمية إلاّ عناصر مكثّفة لهذه الأزمة. شكاوى  وإذا كانت الدعاية الرسمية أطنبت في تصوير هذه الإجراءات على أنّها خشبة الخلاص و « افتح ياسمسم » لمشاكل الفلاحة، فإنّ أهل الذكر في هذا الميدان لا يرون فيها أكثر من مسكّن أو عملية تجميلية لقطاع تراكمت مشاكله حتى صعُب الفتق على الراتق. صابر ن (فلاح) أجاب معلقا عن السؤال المتعلّق بحال المزارع قائلا  » رغم أنّنا كفلاحين نستبشر بكل زيادة في سعر الإنتاج بتنا نشتاق إليها سنوات قبل أن تتحقق، إلاّ أنّ القطاع يحتاج إلى إجراءات أعمق بكثير. فالفلاح لن ينعم كثيرا بزيادة 15 دينارا في ثمن قنطار القمح مثلما يظنّ البسطاء من الناس، أو مثلما يصوّره المتفائلون، لأنّها زيادة لن تُغطّي شيئا من ارتفاع مواز في أسعار المواد الفلاحية والأدوية وغيرها، فكيف تتوقعون أن تكون حال الفلاح وأسعار المواد الفلاحية تزيد بأرقام فلكيّة؟ ». و أضاف « خذ مثلا مادّة nitrate de potassuim، فقد كان سعر الطن منه لا يزيد عن 670 دينارا خلال جوان 2007 ثم صار في جويلية من نفس السنة 834 دينارا ليبلغ خلال هذا الشهر (جوان 2008) 2100 دينارا، أي بزيادة تجاوزت 300 بالمائة فما هو المنتوج الفلاحي الذي تطوّر سعره بهذه النّسبة حتى يتمكّن الفلاح من تغطية تكاليف تتزايد يوميا باطراد؟ » أمّا زميله المنجي ط فيضيف أنّ هذه الإجراءات لا تهمّه كثيرا لأنّه لن يبيع محصوله إلى ديوان الحبوب معللا ذلك بالقول « ديوننا تراكمت وصكّ ديوان الحبوب يمرّ بالضرورة بالبنك الفلاحي، الذي لن يتوانى عن اقتطاع أغلب المبلغ لخلاص دينه حتى لو اتخذت السلطة أكثر من مرّة إجراء إعادة جدولة الديون… إنّها إجراءات غالبا ما لم تجد طريقها إلى هذا البنك » مديونية وكانت نشريّة  african manager نقلت عن مصادر رسمية أن حجم ديون الفلاحين غير المستخلصة لدى البنك الوطني الفلاحي بلغت إلى غاية نهاية جوان 2007  قرابة 640 مليون دينار تعلقت  بقرابة 100 ألف فلاح من مختلف الجهات بما يعني 64 الف دينار لكل فلاح.  أمّا ديون التعاضديات الفلاحية فتجاوزت 245 مليون دينار منها 91 مليون دينار ديونا بنكية . و حازت التعاضدية المركزية للزراعات الكبرى نصيب من هذه الديون بقيمة 39 مليون دينار تلتها التعاضدية المركزية للبذور والمشاتل الممتازة بقيمة 5.2 مليون دينار والتعاضدية المركزية للقمح بدين قدره 3.3 مليون دينار . ويعتبر الخبراء الإقتصاديون أنّ  المديونية العالية لهذا القطاع تمثل عائقا كبيرا أمام تحقيق الأهداف الموضوعة للقطاع سواء تعلق الأمر للمزارعين أو للهياكل. وهو ما من شانه إضعاف قدرة هذا المجال الحيوي على المنافسة. وهو ما خلصت إليه دراسة أعدّها البنك الدولي حول آداء الفلاحة التونسية إذ برغم تسجيلها للتطوّر الحاصل في هذا القطاع (ارتفعت محاصيل الهكتار الواحد بنسبة 2,8 في المائة سنوياً في الفترة ما بين 1989 و 2003 كما استوعب قطاع الفلاحة ربع مناصب الشغل الجديدة خلال سنوات التسعينيات من القرن المنصرم) ومع ذلك، فإن هناك العديد من الأمثلة التي تثبت أن « آداء الفلاحة  التونسية يتجه عكسياً مع التنافسية » سياسة عشوائية واعتبر الباحث الاقتصادي حسين الديماسي أنّه وبالنظر إلى التحديات الطبيعية الكثيرة فإنّ القطاع الفلاحي في تونس لا يمكن أن يستمر دون دعم من الدولة ولاحظ أنّه منذ الاستقلال مرّ سلوك الدولة تجاه القطاع بثلاث توجهات رئيسية.  حاولت الدولة طيلة الستينات تحمل المسؤولية الكاملة ، وبشكل مباشر، عن القطاع الزراعي. وضمن هذا الإطار تم إنشاء تعاونيات الإنتاج الزراعي. وكان الهدف من إصلاح الهياكل الزراعية إنشاء المزارع المثالية عبر تحديث أساليب الزراعة وتنويع الإنتاج  لضمان دخل مستقر ومناسب لغالبية المزارعين. غير أنّ هذا الإصلاح، ولأسباب مختلفة ، فشل فشلا ذريعا ، على الرغم من أهدافه النبيلة. أمّا خلال السبعينات، فقد واصلت الدولة سيطرتها على هذا القطاع وإن بطرق غير مباشرة. فبالإضافة إلى الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية الزراعية، استمرّت السلطة في دعم أغلب الأنشطة الزراعية، كما شجعت المزارعين والمستثمرين الخواص بمنحهم امتيازات عديدة منها القروض الميسرة إلى جانب الإعفاءات الضريبية و الترفيع في أسعار المواد الزراعية عند الإنتاج. وكانت لهذه السياسة أثرا إيجابيا على الزراعة وعلى العالم الريفي بشكل عام. ويُعتبر انخفاض نسبة النزوح والهجرة من المؤشرات الدالة على نجاح هذه السياسة مقارنة بالبلدان المماثلة.  أمّا انطلاقا من الثمانينات، ومع تبني برنامج الإصلاح الهيكلى فقد خضعت سياسة الدولة بشأن الزراعة إلى تغيرات جذرية، رغم مواصلة بذل جهود معتبرة في إحداث البنية التحتية الزراعية وأيضا بالتركيز على البرامج الاجتماعية وخاصّة « برنامج للتنمية الريفية المندمجة ». ومع ذلك،يعتبر الباحث، أن الدولة بدأت منذ تلك الفترة تخفّض تدريجيا من حجم التعويض في المواد الزراعية. لذلك يُجبر المزارعون اليوم، مع استثناءات نادرة، على شراء أغلب هذه المواد بأسعارها في السوق العالمية ». أمّا على المستوى الاجتماعي فيشير الباحث لطفي ت أنّه طبقا لدراسة أعدتها وزارة الفلاحة والموارد المائية صدرت سنة 2006 بعنوان « هيكل المستغلات الفلاحية »، فإنّ 54 بالمائة من الضيعات تقل مساحتها عن 5 هكتارات 79 بالمائة منها متوارثة كما أنّ43 بالمائة من العائلات تسكن الضيعات الصغيرة وهو ما يعني أنّ أغلب المتملكين هم من صغار الفلاحين،  يشير إلى نمط من الاقتصاد الاجتماعي الذي يتأثّر كثيرا بتغيّرات الأسعار سواء ما تعلّق منها بأسعار المواد الأولية أو أسعار بيع المحاصيل. أمّا الضيعات الكبيرة (أكثر من 50 هكتارا) وهي التي عادة ما تمثّل المجال الأهم للاستثمار الفلاحي فهي لا تمثل إلاّ 8 بالمائة. وأضاف أنّ هذه الصعوبات سببت عزوفا عن زراعة الأرض ترجمته هجرة داخلية ملحوظة في السنوات الأخيرة من ولايات الكاف وجندوبة وسليانة وهي مركز ثقل الزراعات الكبرى. وإذا كان إصلاح الأخطاء الإستراتيجية في مجال الزراعة، كما هو الحال في التعليم صعبة التصحيح بسرعة، مثلما اعتبر الديماسي، فإنّ الأمر يحتاج إلى إجراءات عاجلة للتقليل من الضرر وذلك بالحفاظ على مستوى مقبول من دعم المنتجات الغذائية الأساسية وتخفيف كاهل الفلاح الصغير من عبء الديون ليس فقط بإعادة الجدولة، وذلك أضعف الإيمان، وإنّما بالسير على نهج السلطة في مالاوي التي قدّمت البذور للمزارعين مجانا وهو ما أثمر اكتفاء في سنوات قليلة.  صدر بـ « الموقف » عدد 456


 

حول اتفاقية التهدئة في قطاع غزة

 منير شفيق أعلن في 18/6/2008 النص الحرفي لاتفاقية التهدئة التي أبرمت بوساطة مصرية وقد تعهدت فيها حكومة الكيان الصهيوني من جهة وكل من حركة حماس وبالاتفاق مع كل فصائل المقاومة من جهة أخرى على وقف متبادل لكافة الأعمال العسكرية من قطاع غزة ومن الجيش الصهيوني بما لا يشمل الضفة الغربية, وذلك بدءا من يوم الخميس الساعة السادسة صباحا بالتوقيت المحلي. وعينت مدة التهدئة بستة أشهر. وسيتم تنفيذها بالتوافق مع مصر وفي ظل رعايتها. ويبدأ فتح المعابر بشكل جزئي في الساعات التالية بعد دخول التهدئة حيز التنفيذ. ثم ستعمل مصر لاحقا على تنفيذ التهدئة إلى الضفة الغربية (البند الخامس) ثم تستضيف مصر في الأسبوع التالي لقاء يضم السلطة الفلسطينية وحركة حماس والجانب الأوروبي من أجل مناقشة آليات فتح معبر رفح (البند السادس والأخير).  » تذكر المواقف والممارسات الإسرائيلية والمقارنة بالنص الراهن للتهدئة لا يتركان مجالا للشك في أن التراجع كان من نصيب الحكومة الصهيونية وإذا كان هنالك من تراجع ممكن أن يسجل على الطرف الفلسطيني فينحصر في عدم إدراج الضفة الغربية في التهدئة  » من يدقق في النص مع مقارنته بالمواقف الإسرائيلية التي تشددت في رفض الاتفاق على وقف متبادل لكافة الأعمال العسكرية يجد تراجعا إسرائيليا، فالتهدئة يجب أن تكون من طرف واحد, ولا تقبل بأن تتعامل مع المقاومة بندية, أو تعترف لها بحق وقف إطلاق النار أو العمليات العسكرية لأن هذا يعني الاعتراف بحقها في إطلاق النار والقيام بعمليات عسكرية تعتبرها « إرهابا » وتعتبر المنظمات التي تمارسها « منظمات إرهابية ». وهذا مدعاة لتأمل أبعاد التراجع الإسرائيلي الحاصل الآن. فقد حاولت إدراج إطلاق الأسير شاليط مقابل التهدئة مع عدم الالتزام بفك الحصار أو فتح المعابر, أو أن تكون ثمة كلمة لحماس في موضوع معبر رفح الذي أخضعته الاتفاقية لمفاوضات تشرف عليها مصر بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس والجانب الأوروبي. لهذا لا بد من التدقيق في نص الاتفاقية ومقارنتها بالمواقف الإسرائيلية السابقة والتاريخية, مع وضعها في إطار الممارسات الصهيونية مؤخرا والممتدة من حصار قطاع غزة حصارا خانقا، إلى محاولتين لاقتحام القطاع، إلى مواصلة الاغتيالات، وأخيرا وليس آخرا التهديد باحتلال القطاع وتصفية حركتي حماس والجهاد والفصائل التي تمارس المقاومة حتى اللحظة السابقة لتوقيع الاتفاقية. وذلك لأن تذكر المواقف والممارسات الإسرائيلية والمقارنة بالنص الراهن للتهدئة لا يتركان مجالا للشك في أن التراجع كان من نصيب الحكومة الصهيونية وإذا كان هنالك من تراجع ممكن أن يسجل على الطرف الفلسطيني فينحصر في عدم إدراج الضفة الغربية في التهدئة. علما أن الاتفاقية تضمنت نصا تعهدت فيه مصر لاحقا بتنفيذ التهدئة في الضفة الغربية. وهو تعهد وافق عليه الطرف الإسرائيلي الصهيوني كذلك. وبالمناسبة إن الإصرار الفلسطيني السابق على أن تشمل التهدئة الضفة الغربية أيضا ربما صدر عن دوافع مبدئية مرتكزة على وحدة الضفة والقطاع, إلى جانب إعطاء فرصة للضفة لتستريح بعض الشيء من الاعتقالات والاغتيالات والاقتحامات. وإن كان هذا الجانب الثاني جزئيا لأن حكومة سلام فياض تقوم بتفكيك خلايا المقاومة, ومن ثم لا ينسحب عليها اتفاق التهدئة. لكن, في الحقيقة إن استثناء الضفة الغربية من التهدئة لا يمس بمبدأ وحدتها مع القطاع إلا شكليا. ذلك لأن هذا الاستثناء سيف ذو حدين, إذ يمكن أن تحول -بل يجب أن تحول- الضفة إلى انتفاضة ضد الاحتلال وضد ما يرتكبه الاحتلال من جرائم, وهي الإستراتيجية التي يجب أن تتبناها فصائل المقاومة والشعب الفلسطيني فورا بعد تنفيذ اتفاقية التهدئة، لأن الضفة ما زالت تحت الاحتلال المباشر ويجب أن يدحر الاحتلال عنها كما دحر من قطاع غزة، وإن لم يكن دحرا كاملا بسبب استمرار الحصار الذي يمارسه الاحتلال. ولهذا يمكن تحويل استثناء الضفة من التهدئة إلى سيف كفاحي ضد الاحتلال، واستبقاء روحية المقاومة والممانعة تحت الفعل المستمر. فما يعتبر تراجعا فلسطينيا هو في الحقيقة ليس بتراجع إلا من الناحية الشكلية الصرفة. فالتهدئة في قطاع غزة محددة بستة أشهر، ولا يستطيع القطاع أن يسحب إصبعه عن الزناد أو يرتب أوضاعه إلا بوحدة الموقف الفلسطيني بدحر الاحتلال بالكامل وبلا قيد أو شرط.  » يمكن تحويل استثناء الضفة من التهدئة إلى سيف كفاحي ضد الاحتلال واستبقاء روحية المقاومة والممانعة تحت الفعل المستمر. فما يعتبر تراجعا فلسطينيا هو في الحقيقة ليس بتراجع إلا من الناحية الشكلية الصرفة  » وقد أثبتت التجربة أن استثناء الضفة من التهدئة أفضل من إدراجها فيها. إن شرط العمل لاحقا على تنفيذ التهدئة في الضفة الغربية يجب أن لا يتم وفقا لمنهج السلطة في عقد اتفاق المعابر أو اتفاق فك الحصار عن الرئيس الفلسطيني الراحل الشهيد ياسر عرفات والذي شمل المعتصمين في كنيسة المهد أو اتفاق أوسلو. أي يجب أن تكون يد فصائل المقاومة فيه هي العليا كما حدث في اتفاق التهدئة الأخير. وبكلمة يجب استبعاد حكومة سلام فياض والمفاوض الفلسطيني من التفاوض, أو التدخل في البند المتعلق بالتهدئة لاحقا بالضفة الغربية. أما الأمر الذي يجب أن يدرك في هذا الصدد وهو نفسه الذي يفسر لماذا تراجعت حكومة الكيان الصهيوني عن مواقفها السابقة وقبلت بالتهدئة كما نصت عليها الاتفاقية, فيتلخص في معرفة المدى الذي وصله الضعف الأميركي والإسرائيلي نتيجة السنوات السبع الماضية على المستوى الفلسطيني واللبناني والعراقي والصومالي والأفغاني, وعلى المستوى العربي والإسلامي العام كما على المستوى العالمي. ما كان من الممكن للعقلية الصهيونية والغطرسة الإسرائيلية أن تعقد مثل هذا الاتفاق لو كان بمقدور الجيش الإسرائيلي اقتحام قطاع غزة وفرض الحل العسكري. وبالطبع ما كان لقطاع غزة وحماس والجهاد أن يصلوا إلى هذا الاتفاق لولا الصمود أمام حصار التجويع والحرمان من الدواء والماء والكهرباء والوقود. فالاستعداد لمقاتلة الاقتحام من بيت لبيت ومن شارع لشارع ومع دعم جماهير العرب والمسلمين (الأمة تقاتل مع قطاع غزة إذا اندلعت الحرب, وكان الصمود وكان القتال) وقد ثبت ذلك عمليا في جولتين أو محاولتين للاقتحام. وكذلك تحدي الحصار والإقدام على تحطيمه مهما كان الثمن, هما اللذان فرضا على حكومة الكيان الصهيوني التراجع, والقبول بالندية في وقف العمليات العسكرية والتهدئة. وذلك من دون نسيان الإصرار على إطلاق الصواريخ وما حدث من عمليات. وهنا يجب أن يشدد على إبراز الموقف الصلب لحماس والجهاد والفصائل المقاومة في التفاوض حول التهدئة, ورفض الشروط الإسرائيلية مما أسهم بدوره في إجبار المفاوض الإسرائيلي على التراجع، وذلك عكس المواقف الهزيلة للمفاوض الفلسطيني المتراجعة دوما والمتهالكة على الوصول إلى اتفاق, ولا تقف إلا عندما يصبح المطلوب التنازل عن القدس كليا, وليس جزيئا, أو المشاركة في أرض المسجد الأقصى أو ما تحته.  » الموقف الصلب لحماس والجهاد والفصائل المقاومة في التفاوض حول التهدئة, ورفض الشروط الإسرائيلية أسهم في إجبار المفاوض الإسرائيلي على التراجع وذلك عكس المواقف الهزيلة للمفاوض الفلسطيني المتراجعة دوما  » هذه التجربة , وإن كانت على مستوى محدود (قطاع غزة) إلا أنها يجب أن تدفع حركة فتح ومن يناصر نهج الرئيس الفلسطيني محمود عباس من قيادات فلسطينية دخلت أوسلو, في إستراتيجيته التفاوضية -هذا في بعض النقاط الثانوية وشبه الشكلية- إلى مراجعة تلك الإستراتيجية. وذلك بالتخلص أولا من وهم أن الكيان الصهيوني لا يملك أن يتراجع أو أنه من غير الممكن أن يفرض عليه وعلى أميركا ما لا يريدان. وثانيا أن يستعيدوا الثقة بقدرة شعبهم على الصمود والتضحية إلى أبعد الحدود -لا حاجة إلى أن ندعوهم إلى الثقة بنصر الله إن نصروه- وثالثا التأكد من انتهاء مرحلة الهزائم العسكرية أو مرحلة الجيش الذي لا يقهر, التي ترعرعوا في أكنافها وتجمدت عقولهم عندها. فلم يعودوا يستطيعون إدراك المرحلة الجديدة، مرحلة الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان بلا تفاوض وبلا قيد أو شرط, مرحلة المقاومة والانتفاضة الفلسطينية بعد العام 2000, ثم فك الارتباط بقطاع غزة وتفكيك المستوطنات أيضا بلا قيد أو شرط, مرحلة المقاومة العراقية التي أفشلت الاحتلال الأميركي ووضعته على حافة الهزيمة, ثم مرحلة الصمود في وجه الحصار في قطاع غزة واستعصاء اقتحامه عسكريا ووقوف الأمة إلى جانب المقاومين حين يثبتون ويصبرون ويواجهون. ولا ضرورة إلى الحديث عن مرحلة المقاومة الأفغانية في وجه الاحتلال الأميركي المدعوم من الحلف الأطلسي وما ينتظر أميركا هناك. وأخيرا وليس آخرا مرحلة حرب يوليو/تموز 2006 حيث لم يستطع الجيش الذي لا يقهر -وقد بهر البعض حتى تفككت مفاصلهم- أن يحتل شبرا من أرض جنوب لبنان. ويكفي لمن يريد أن يخرج من كابوس مرحلة الحرب الباردة وأوهام القطب الواحد أن يقرأ تقريري فينوغراد أو يقرأ ما كتبه كبار المؤرخين العسكريين الإسرائيليين عن التدهور الذي وصله الجيش الصهيوني قيادة, وضباطا, وجنودا, وهو محسوب أيضا على المجتمع والدولة والأحزاب السياسية. أما الأمر الآخر الذي لا يقل أهمية فهو إدراك الضعف الذي وصلته أميركا في هذه المرحلة بالذات, وعلى التحديد بعد سبع سنوات من محاولة فرض نظام الأحادية القطبية ونظام الشرق الأوسط الكبير من خلال القوة العسكرية ويكفي، أن يلاحظ وبلا جهد ومشقة, كيف غاب كل حديث عن النظامين. وذلك نتيجة مسلسل الإخفاقات في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان والصومال. وأضف انتقال روسيا إلى مكانة الدولة الكبرى بكل ما تمتلكه من قدرات نووية وصاروخية وتكنولوجيه موروثة عن الاتحاد السوفياتي طورت مؤخرا. وقد تخلصت خلال السبع سنوات الماضية من مراكز القوى المؤمركة والمصهينة, أو أغلبها, في الدولة والاقتصاد والإعلام. ووفت بديونها بعد أن كانت على حافة الإفلاس عام 1999/2001, وأفادت من ارتفاع أسعار النفط لتعزيز اقتصادها. ثم زد، التطورات الهائلة التي حدثت في القدرات الاقتصادية والعسكرية والعلمية الصينية (إغراق الأسواق العالمية ببضائعها وإسقاط قمر صناعي صيني بصاروخ عطل أجهزة الرصد الأميركي وأصاب هدفه بنجاح). ثم يمكن أن يقال ما يشبهه بالنسبة إلى الهند أو البرازيل اقتصاديا, أو إيران نوويا -ولو سلميا-.  » إنه لوضع من الضعف والتدهور لا مثيل له منذ استقلال الولايات المتحدة الأميركية أو بالأدق منذ انتصار الشمال على الجنوب في الحرب الأهلية وهذا ما يفسر كيف وقفت عاجزة أمام الأزمة اللبنانية الأخيرة  » أما ما حدث من تطورات استقلالية وحتى ثورية في أميركا اللاتينية فقد اقتحم الهيمنة الأميركية في عقر « فنائها الخاص ». وأصبح قدوة للشعوب المستضعفة الأخرى. هذا ولم يقتصر الأمر على هذه الوقائع إذ عكست نفسها على الداخل الأميركي حيث انقسم الرأي العام في الموقف من قضية العراق باتجاه ضرورة الانسحاب. وأصبحت شعبية الرئيس بوش قريبة من الحضيض. ثم زاد الطين بلة مع انهيار الرهن العقاري, وزحف الركود على الإنتاج, وتصاعد التضخم وانهيار مكانة الدولار, وتفاقم الديون الداخلية والخارجية على الخزينة الأميركية , ولولا السطوة العسكرية, وتدفق مئات المليارات الخليجية إلى البنوك الأميركية, والطباعة الورقية للدولار لأعلنت الإدارة الأمريكية الإفلاس. إنه لوضع من الضعف والتدهور لا مثيل له منذ استقلال الولايات المتحدة الأميركية أو بالأدق منذ انتصار الشمال على الجنوب في الحرب الأهلية، وهذا ما يفسر كيف وقفت عاجزة أمام الأزمة اللبنانية الأخيرة، مما أتاح الفرصة لقطر أن تنجح في اتفاق الدوحة اللبناني–اللبناني وبدعم الذين عارضوا السياسات الأميركية, كما الذين راهنوا عليها فخيبت آمالهم, بينما وقفت إدارة بوش متفاجئة, كما عبر عن ذلك ديفد ولش مسؤول خلية إدارة الأزمة اللبنانية في الخارجية. ثم اضطرت كوندوليزا رايس في زيارتها الأخيرة إلى لبنان لتأييد اتفاقية الدوحة وما نجم عنها من انتخاب لرئيس الجمهورية وتوجه نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية، وقد وعدت بدعم الحكومة بعد تشكيلها حتى لو ضمت وزراء من حزب الله الذي تعتبره منظمة إرهابية. وقد فعلت كوندوليزا رايس الشيء نفسه وهي تعلق دعمها لانفتاح فرنسا على سوريا, وإجراء مفاوضات سورية إسرائيلية غير مباشرة برعاية تركية، بدلا من الرعاية الأميركية حيث لم يكن مسموحا لأحد حتى لأوروبا بالتدخل سابقا. وهذا ما ينسحب على اتفاقية التهدئة والحوار الفلسطيني وكل ذلك يمثل تراجعات أميركية صارخة عن المواقف السابقة حتى بعد زيارة بوش الأخيرة للمنطقة. كان الموقف الأميركي الرسمي والمعلن هو دعوة الدول العربية إلى محاربة حماس وحزب الله وسوريا وإيران. وأسهم الرئيس الأميركي بوش في ذلك شخصيا وتكرارا. وهو ما تناسته كوندوليزا رايس بتصريحاتها الأخيرة. إن الذين لا يلمسون إشكالية الضعف الأميركي-الإسرائيلي وما يعانيانه من حالة تدهور وعجز لا يستطيعون تفسير اتفاقية الدوحة اللبنانية-اللبنانية, ولا نجاح المسعى المصري لعقد اتفاقية التهدئة, ولا ما يجري من مفاوضات غير مباشرة إسرائيلية-سورية -بغض النظر عن الموقف المبدئي منها ومن التفاوض من حيث أتى-. فأولمرت هو الذي قدم التنازلات حتى يحصل عليها. صحيح أن هذه المعادلة الدولية-الإقليمية لم تثبت بعد, وصحيح أن أميركا والكيان الصهيوني ما زالا قادرين على الكر من جديد، فإذا كانا الآن في حالة تراجع وغير قادرين على الإملاء إلا إنهما قادران على التخريب لا سميا بسبب ما يعانيه الوضع العربي والإقليمي في كل قطر وعلى مستوى الدولة من انقسامات وصراعات حادة. الأمر الذي يوجب خلال هذا العام على الأقل, إن صار تطويقه وحرمان إدارة بوش من اللعب في الانقسامات الداخلية. أما طريق ذلك فيرجع إلى ضرورة نزع فتيل تفجر الانقسامات والعمل على إحياء روح الحوار والمساومات الداخلية والعربية-العربية, والعربية-الإيرانية. فالمعادلة الراهنة تسمح بالاختراقات كما حدث في اتفاقية الدوحة واتفاقية التهدئة. فهي تسمح لبنانيا بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية ونزع فتيل الشحن الطائفي وإراحة الوضع لبضعة أشهر على الأقل.  » الظرف الراهن وقبل مجيء رئيس أميركي جديد, ملائم جدا لإحداث اختراقات كبرى على مختلف الجبهات ولا سيما إذا تأكد أن إدارة بوش استبعدت شن حرب عدوانية على إيران في الشهرين أو الثلاثة أشهر القادمة  » وتسمح عراقيا بتشكيل أوسع جبهة من فصائل المقاومة والقوى السياسية المعارضة للاحتلال, لإحباط مشروع الاتفاقية الأمنية التي ستبقي الاحتلال والانقسامات العراقية-العراقية الداخلية، وتكرس مع مشروع الاتفاقية النفطية الفساد ونهب الثروات والموازنات، والأهم أنها تنقذ الاحتلال من الانسحاب بلا قيد أو شرط. وقد وقف الآن على حافة الهزيمة. وتسمح المعادلة (الإقليمية والدولية) المذكورة, بوقف إستراتيجية التفاوض التي يتبناها الرئيس محمود عباس, والعودة للوحدة الوطنية الفلسطينية باتجاه إطلاق مقاومة شعبية حاسمة ضد الاحتلال في الضفة الغربية وفرض الانسحاب بلا قيد أو شرط. فجولة سنة في الأكثر من أجل الضفة الغربية, كما حدث في قطاع غزة يمكنها أن تفرض على الاحتلال مواصلة التراجع, شريطة توفر الوحدة الأميركية وتبني إستراتيجية الانتفاضة والمقاومة بحزم، وبعيدة من التفاوض حول التسوية وبعيدا حتى عن المطالبة بأن تشمل اتفاقية التهدئة الضفة الغربية. فما تحتاج إليه الضفة الغربية ليس اتفاق تهدئة وإنما رفع سياسة حكومة سلام فياض في ملاحقة خلايا المقاومة, وإطلاق معتقليها والتخلي عن إستراتيجية التفاوض والتفاوض فقط, وعن الرهان على الراعي الأميركي الذي هو الطرف الإسرائيلي كما ثبت بالتجربة عبر مفاوضات ما بعد أنابوليس خصوصا. إن الظرف الراهن وقبل مجيء رئيس أميركي جديد, ملائم جدا لإحداث اختراقات كبرى على مختلف الجبهات ولا سيما إذا تأكد أن إدارة بوش استبعدت شن حرب عدوان على إيران في الشهرين أو الثلاثة أشهر القادمة. الحصانة السياسية تقتضي عدم انتظار القرار الأميركي سلبا أو إيجابا حول الحرب على إيران، وذلك من أجل الإفادة القصوى من المعادلة القائمة والظرف الراهن. أما إذا وقعت الحرب في أثناء ذلك فلكل حادث حديث. بل قد تزيد من الظروف المواتية في مواجهة أميركا والكيان الصهيوني وتعميق أزماتهما وضعفهما وعزلتهما الدولية. فما هما فيه لا ينقضه في الوضع الراهن حرب, أولا حرب على إيران. فليس أمامهما غير التراجع للتقليل من الخسائر. ــــــــــ كاتب فلسطين


تراجع الدور الأميركي في المنطقة لا يقلل من مخاطر الحرب
 
بشير موسى نافع (*) ثمة شعور وشواهد على تناقص فعالية الدور الأميركي في سياسات الشرق العربي – الإسلامي وتوجهاته. اللافت للانتباه أن دول المنطقة وقواها السياسية، بما في ذلك تلك التي تربطها علاقات وثيقة بواشنطن، أخذت خلال الأشهر القليلة الماضية في التعامل مع عدد من الملفات الهامة بدون أن تأخذ الموقف الأميركي في الاعتبار. ولكن من الضروري، على أية حال، عدم إغفال الملف المتبقي، الأكثر تعقيداً وخطراً على أجندة إدارة الرئيس بوش: ضربة أميركية عسكرية لإيران، إذ إن تراجع الدور الأميركي لا يعني أن احتمال الحرب قد سقط نهائياً. مثلت الوساطة التركية بين سوريا والدولة العبرية أحد أبرز مظاهر تراجع الدور الأميركي خلال الشهور القليلة الماضية. المدهش في الأمر أن الإسرائيليين لم يقبلوا الدور التركي وحسب، بل واستجابوا أيضاً للوساطة، بدون إدخال الأميركيين على الخط. وبالنظر إلى أن تركيا تبرز باعتبارها قوة إقليمية نشطة، وأنها تبذل جهوداً حثيثة لتأسيس علاقات وثيقة بجوارها العربي، لم يكن من المستغرب أن تقوم حكومتها بهذا الدور، سواء جاء طلب الوساطة من السوريين والإسرائيليين، أو أنها تمت بمبادرة من حكومة أردوغان. ليس من الصعب قراءة الدوافع السورية خلف هذا الاهتمام المفاجئ باستئناف المباحثات مع الإسرائيليين. أحد الأسباب ربما يتعلق بمخاوف دمشق من الإيحاءات التي استبطنتها مقاطعة مصر والسعودية السافرة لمؤتمر القمة العربي المنعقد في العاصمة السورية قبل شهرين، واحتمال أن تكون الدولتان العربيتان الكبيرتان قد كشفتا الغطاء كلية عن الشقيقة العربية. وفي ظل التوتر المتفاقم في لبنان والتهديدات المتكررة لإيران، بدا وكأن سوريا ليست بعيدة تماماً عن دائرة الاستهداف الأميركي – الإسرائيلي. لمواجهة الضغوط والمخاطر المتزايدة، وتمضية الشهور المتبقية من إدارة بوش، تحركت دمشق نحو استئناف مباحثات السلام، وبذلت جهوداً ملموسة لتسهيل انتخاب رئيس جمهورية لبنان. إسرائيلياً، تبدو دوافع أولمرت مزيجاً من الشخصي والسياسي. على المستوى الشخصي، يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي عدداً من المشاكل المتعلقة بنزاهته منذ بداية العام، وليس ثمة شك أن فتح مسار سلام إضافي مع سوريا يعطي الانطباع بأن استمرار أولمرت في موقعه ضرورة استراتيجية لمستقبل الدولة العبرية. على المستوى السياسي، يوفر تنشيط المسار السوري ورقة ضغط على المسار الفلسطيني، سواء على المفاوض الفلسطيني أو على الوسيط الأميركي، كما يوفّر خيار سلام احتياطياً في حال وصلت المفاوضات مع الفلسطينيين إلى طريق مسدود. في الملف اللبناني، اختلفت التفاصيل ولم تختلف الدلالات. فمنذ اندلاع الأزمة الداخلية، انقسمت القوى اللبنانية بين معسكرين، لم يخف أحدهما تحالفه مع الولايات المتحدة، بينما تحالف الثاني مع سوريا وإيران. ما حدث خلال الشهر الماضي أن الأزمة تفاقمت بعد إصدار حكومة الأكثرية قرارين مناهضين لحزب الله، وقيام الأخير باجتياح مواقع ومكاتب الأكثرية ببيروت الغربية، ومن ثم تهديد مواقع أخرى في المنطقة الدرزية. في لحظة انفجار الأزمة، عجزت الولايات المتحدة عن حماية أصدقائها. أدركت قوى الأكثرية بالتالي حراجة موقفها، فوافقت على التدخل العربي الذي جاء مستقلاً كلية تقريباً عن الإرادة الأميركية. وبنجاح الوساطة العربية، انتخب رئيس للجمهورية، وانطلقت عملية تشكيل حكومة وحدة وطنية تقود البلاد إلى انتخابات برلمانية جديدة في العام القادم. لا الوساطة العربية المستقلة، ولا اتفاقا بيروت والدوحة كان تطوراً مرحباً به في واشنطن. وفي ظل ظروف مختلفة، ما كان للأكثرية اللبنانية أن تقبل بما قبلت به في اتفاقي بيروت والدوحة. ولكن ما اتضح خلال أيام انفجار (الأزمة) أن قدرة الولايات المتحدة على التأثير كانت محدودة إلى حد كبير، وهو الأمر الذي أسس للوساطة العربية، ودفع باتجاه حل بني على تفاهم لبناني داخلي وتوازنات عربية. وما يشهده ملفا مسار السلام السوري – الإسرائيلي والأزمة اللبنانية، أخذت بوادره في الظهور في متعلقات المسألة العراقية. فالمفاوضات الجارية حول المعاهدة الأميركية – العراقية طويلة الأجل، التي بدت قبل شهور وكأنها مجرد تطور روتيني في العلاقة بين واشنطن والطبقة العراقية الحاكمة، تحولت إلى شأن بالغ التعقيد والصعوبة. ما إن تسرب نص المسودة الأميركية حتى انفجرت معارضة المعاهدة من كل جانب وطرف، داخل العراق وفي جواره. وبالنظر إلى النفوذ الإيراني الهائل في صفوف القوى السياسية الشيعية الحاكمة في بغداد، فليس ثمة شك أن موقف طهران المعلن والصريح ضد المعاهدة سيكون له بالغ الأثر في تحديد مصير المعاهدة ومصير العراقيين المسؤولين عن توقيعها أو رفضها. مثل هذا التراجع في قدرة واشنطن على فرض إرادتها السياسية لا يعني انسحاباً كلياً من ملفات المنطقة الساخنة. فالإدارة الأميركية تأمل في دفع المباحثات الفلسطينية – الإسرائيلية نحو اتفاق إطار جديد، كما تمارس ضغوطاً من أجل إفراغ مبادرة عباس للحوار الوطني من محتواها، ووضع المصالحة الفلسطينية على نار هادئة. ولم تزل واشنطن طرفاً أساسياً في تطور الوضع اللبناني بعد اتفاق الدوحة، كما أن الجهود الأميركية تصب في اتجاه تأجيل إعادة الدفء إلى العلاقات السورية بكل من مصر والسعودية. ولكن الملف الأبرز المتبقي في أجندة إدارة الرئيس بوش الشرق أوسطية هو بالتأكيد الملف الإيراني. التقديرات التي تستبعد ضربة أميركية لإيران تبني حساباتها على مسألتين هامتين: الأولى، أن ما تبقى من عمر الإدارة الأميركية الحالية ليس أكثر من شهور قليلة، لا تكفي بالضرورة لتحضير الرأي العام الأميركي لحرب جديدة في الشرق الأوسط، ولا تعطي الرئيس الأميركي قاعدة معنوية كافية لأخذ قرار بهذا الحجم. والثانية، أن هناك معارضة ملموسة لفكرة الضربة لإيران في صفوف الدوائر العسكرية والاستخباراتية الأميركية، تستند إلى المبدأ الاستراتيجي المعروف بأن من يبدأ الحرب لا يتحكم بالضرورة في نهايتها، وأن حرباً محدودة على إيران قد تتسع لتهدد جملة من المصالح الأميركية في الجوار، بما في ذلك الوجود الأميركي العسكري في العراق. في الجانب الآخر، ينبغي ملاحظة التوكيد المستمر من إدارة الرئيس بوش على الأولوية القصوى للملف النووي الإيراني، والاعتقاد الواسع في أوساط أنصار الحرب بأن هذا الملف سيخرج عن نطاق السيطرة والتحكم إن وصلت إلى البيت الأبيض إدارة ديمقراطية. الرئيس الأميركي يبقى رئيساً كامل الصلاحيات حتى اليوم الأخير لوجوده في البيت الأبيض، وليس من المستبعد أن ترى بعض الدوائر الجمهورية النافذة أن ضربة محدودة لإيران قد تعزز فرص المرشح الجمهوري للرئاسة، الذي تبدو حظوظه في الفوز محل شك على أية حال. ما لا يقل أهمية، بالطبع، أن هناك ترابطاً واضحاً بين ملفات المنطقة، من لبنان وفلسطين إلى سوريا والعراق، حيث تبرز إيران باعتبارها المشترك الأعظم، ويسود الاعتقاد لدى بعض من أركان الإدارة الأميركية الحالية بأن توازن القوى الإقليمي المضطرب لصالح إيران يتطلب تصحيحاً جراحياً سريعاً. بكلمة أخرى، التراجع في الدور الأميركي الشرق أوسطي هو تطور ذو وجهين: أحدهما يوفر نافذة مفتوحة للتعامل مع بعض من الأزمات الشائكة، والآخر يحمل تهديداً بالتصعيد. (*) باحث عربي في التاريخ الحديث (المصدر: صحيفة ‘العرب’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 20 جوان 2008)  


الولايات المتحدة والشرق الأوسط: مداخل واقعية التغيير

 

 
عمرو حمزاوي (*)     ساهمت مع مجموعة من زملائي في مؤسسة كارنيغي في وضع دراسة جديدة ترصد حصاد سياسات إدارة الرئيس بوش تجاه الشرق الأوسط وتصوغ مجموعة من المقترحات الأولية لتغيير دفة سياسة القوة العظمى بعد رحيلها ( «الشرق الأوسط الجديد»، تقرير كارنيغي 2008، وبالإمكان مطالعتها على موقع المؤسسة www.carnegieendowment.org. وتنطلق الدراسة من قناعة مركزية مفادها أن على واشنطن الاعتراف المزدوج بإخفاقها في تغيير خريطة الشرق الأوسط على نحو يقلل من التهديدات الواردة للمصالح الأميركية وبجدية القيود القائمة اليوم على فعلها وقدراتها. لذا يصبح لزاماً أن تستند سياسة الإدارة القادمة إلى تعريف واضح ومتواضع لأهداف الولايات المتحدة، نراه يرتبط باحتواء العنف وضمان تدفق النفط وهو ما يستدعي التحرك على مستويات أربعة: 1- إيجاد تسوية تفاوضية مع إيران والحدّ من الانتشار النووي، 2- الخروج التدريجي من العراق مع ضمان عدم انزلاق الأوضاع هناك إلى الفوضى، 3- التعاطي بجدية مع ملف السلام العربي – الإسرائيلي، 4- إعادة إرساء توازن إقليمي للقوة يمكن الحفاظ عليه بشكل أساسي اعتماداً على اللاعبين الإقليميين ومن دون حاجة إلى وجود أميركي عسكري مكثف. فقد أدت سياسات إدارة بوش الى تحول إيران إلى لاعب أساس. ومهما كان سلوك النظام الإيراني غير مستساغ أميركياً، فإن رفض الحوار مع طهران لن يحسّن وضع أيّ من هذه القضايا، ومواجهتها عسكرياً ستزيدها جميعاً حدة. كذلك، قد ترتب المقاربة المتشددة الداعية إلى تغيير النظام الحاكم في طهران نتائج عكسية وجد خطيرة. فالجمهورية الإسلامية ليست على مشارف الانهيار وفي حال حدوث تغيير سياسي مفاجئ فإن المجموعات الوحيدة المسلحة والمنظمة حالياً ليست الحركات الديموقراطية الليبرالية بل قوات «الحرس الثوري» وميليشيا «الباسيج»، بل أن من شأن سياسة أميركية تبقي التهديد بتغيير النظام قائماً ولو ضمنياً أن تدفع القادة الإيرانيين عند الشعور بتهديد وجودهم إلى السعي بزخم أكبر نحو امتلاك قوة الردع النووية. وعوضاً عن محاولة مواجهة إيران عسكرياً، يجدر بالولايات المتحدة صياغة خطة عمل ديبلوماسية دقيقة تتضمن اقتراحات توافقية حول جل القضايا الخلافية. هنا يمكن لواشنطن أن تنطلق بدايةً من الساحة العراقية حيث مصالح ورؤى الدولتين ليست بالمتناقضة. وواقع الأمر أن القيادة الإيرانية نجحت في صناعة إجماع وطني حول مقاومة الضغوط الخارجية الدافعة إلى تخليها عن مطلق حقها في تخصيب اليورانيوم، وهو ما يحول عملياً دون التخلي عن هذا الهدف. تدرك إيران أنه ليس بمقدور الولايات المتحدة تكبيدها ما يكفي من الخسائر لإرغامها على تعليق التخصيب كلياً أو التخلي تماماً عن طموحها النووي. يتعين على واشنطن إذاً التفكير بصيغة انتقالية يمكن للجمهورية الإسلامية بموجبها الاستمرار في مستوى معيّن من أنشطة التخصيب في ظل رقابة دولية مكثّفة. ولا يعني إسقاط مقاربة المواجهة تجاه إيران والحوار معها تقديم التنازلات من دون مقابل، كما لا يعني أيضاً منع المساعي الرامية إلى احتواء نفوذها الإقليمي وتداعياته الصراعية. من هنا مركزية استخدام سلاح العقوبات الاقتصادية والتجارية والمالية ضد إيران، والتلويح المستمر بالضغط عليها إقليمياً ودولياً حتى تدرك القيادة الإيرانية محدودية مكاسبها من اتباع سياسات متشددة. أما في العراق فتتمثل نقطة البدء في الاعتراف بمحدودية نجاح العملية السياسية الرامية إلى إعادة بناء الدولة على أنقاض ديكتاتورية صدام حسين. وبما أن المساعي العسكرية وحدها لا يمكنها احتواء العنف وإرساء الاستقرار لفترة طويلة، يتعين على الولايات المتحدة حث الفاعلين العراقيين على التعاطي البناء مع اختلالات العملية السياسية. من جهة أخرى، أضحى الوقت مناسباً لإعادة تدويل الملف العراقي. فالأمم المتحدة أعادت فتح مكاتبها، كما أعرب بعض الدول العربية عن رغبته في إعادة فتح سفاراته في بغداد وهو ما يأتي في سياق ارتفاع لافت لوتيرة النشاط الديبلوماسي بالمنطقة. وما دامت الإدارة الأميركية الجديدة لن تفسر التدويل باعتباره مجرد آلية لتوظيف أوزان دول أخرى والمنظمة الأممية لتنفيذ وتمويل سياسات تنفرد واشنطن بصوغها، فإن الوجود الدولي قد يخلق زخماً مطلوباً لإنجاح العملية السياسية. تتضمن المصالح الأميركية الأساسية في الشرق الأوسط إحلال السلام بين إسرائيل والفلسطينيين والإدارة التفاوضية لبقية ملفات الصراع العربي – الإسرائيلي. ولا شك أن الحل الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى السلام من خلال تحقيق جزء من الأهداف الوطنية الفلسطينية والحفاظ على أمن إسرائيل هو حل الدولتين، بيد أن تطبيقه قد صار من الصعوبة بمكان. فمع غياب المصالحة بين «فتح» و «حماس» لا يملك الرئيس محمود عباس الشرعية والقوة الكافيتين للتفاوض كممثل لعموم الفلسطينيين وإقناعهم برجاحة خيار السلام، في حين تستمر الحكومة الإسرائيلية في ممارساتها المقوضة لحل الدولتين وفي مقدمتها النشاط الاستيطاني وتجاهل التزامات قطعت مراراً بتحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين ولم تنفذ قط. يقتضي الخروج من هذه الدائرة الشيطانية خيارات داخلية صعبة ومساعي ديبلوماسية جدية جوهرها إعادة دمج «حماس» في بنية السياسة الفلسطينية والانفتاح المشروط عليها لدفعها نحو تهدئة مستدامة مع إسرائيل ومقاربة مفاوضات السلام ببراغماتية وكذلك الضغط على إسرائيل لإنهاء عزلة قطاع غزة وقبول التهدئة بوقف العمليات العسكرية على القطاع وتجميد النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس. لذا على الولايات المتحدة الكف عن ادعاء أن أبو مازن من دون المصالحة مع «حماس» يتمتع بشرعية كافية تخوله إبرام اتفاق سلام أو أن عزل غزة قد يدفع الشعب الفلسطيني إلى تأييد حكومة «فتح» في رام الله والتخلي عن «حماس». فمثل هذه الرهانات أخفقت بوضوح. الأنجع، إذاً، هو تشجيع المصالحة الفلسطينية بإحياء حكومة الوحدة والتعاون مع الأطراف الإقليمية والدولية لرسم المعالم الأولية لاتفاق السلام النهائي من دون مبالغات وردية تحدد سقفاً زمنياً يصعب الالتزام به، خاصة في ظل الأزمة السياسية الداخلية في إسرائيل. لقد حاولت الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين التغلب على انهيار التوازن بعد غزو العراق وتنامي نفوذ إيران من خلال تشكيل تحالف إقليمي مناهض للأخيرة وزج دول مجلس التعاون الخليجي نحو سباق تسلح يهدف الى معادلة قوة ايران العسكرية. بيد أن حقائق الجغرافيا السياسية ورفض الدول الخليجية التعويل فقط على خيارات المواجهة والصراع في إدارة علاقاتها مع إيران ترسم مجتمعة ملامح مقاربة مغايرة تبدو أكثر فاعلية، هدفها إعادة التوازن والاستقرار من خلال انفتاح مشروط على الجمهورية الإسلامية يعد بدمجها في الترتيبات الأمنية في الخليج مقابل تعاونها واعتدال ممارساتها الإقليمية. (*) أكاديمي مصري (المصدر: صحيفة ‘الحياة’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 جوان 2008)


بسبب «شاهد على العصر» بعثيو العراق يشنون هجوماً على الجزيرة ويطالبون بمحاكمة أحمد منصور

 

 
الدوحة – إياد الدليمي  شن بعثيو العراق هجوماً لاذعاً على قناة الجزيرة والإعلامي أحمد منصور مقدم برنامج «شاهد على العصر» مطالبين بمحاكمته بعد الحلقات المثيرة للجدل التي بثتها الجزيرة مع الوزير العراقي السابق حامد الجبوري. وكان الوزير العراقي السابق «حامد الجبوري» الذي واكب حقبة الرئيس العراقي الأسبق أحمد حسن البكر والقليل من حقبة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، قد تحدث في عدة حلقات عن عمليات الإعدام التي طالت العديد من مسئولي حزب البعث العراقي في مطلع السبعينات والثمانينات واتهم صدام حسين بالوقوف وراء أغلب أعمال الاغتيال. وقاد موقع «شبكة البصرة» على الإنترنت التابع لحزب البعث العراقي الحملة من خلال العشرات من المقالات التي ردت على ما جاء في برنامج شاهد على العصر، وكتب عبد الجبار سعد تحت عنوان «ساقط عصر صدام وساقط الإخوان» إن أحمد منصور «أسوأ إعلامي رآه الناس في أبرز قناة فضائية عربية بل عالمية، فلماذا يحدث هذا التناقض العجيب، ولماذا يظل مميزاً ولا تناله انتقادات الناس رغم أن الناس لم يجمعوا على شيء مثل اجتماعهم على احتقاره؟» وتحت عنوان «عشرون سؤالاً للجبوري …لماذا أسقطها منصور «كتب حمدان حمدان، يقول «لماذا لا يخطر في بال الأستاذ منصور الذي اشتد لمعانه مع افتتاح محكمة جديدة للشهيد صدام.. أن يسأل ولو من باب البساطة والبدهية، أسئلة لا تحتاج إلى شديد عناء على نحو: إذا كان السيد الجبوري يحب الرئيس الراحل البكر، وعمل إلى جانبه، فلماذا بقي بعد وفاته أربع عشرة سنة إضافية وقد بات الشهيد صدام هو الرئيس؟!» من ناحيته كتب نبيل إبراهيم تحت عنوان «إلى قناة الجزيرة» قائلاً «إن برنامج شاهد على العصر من تقديم أحمد منصور قد ضرب عرض الحائط من خلال برنامجه وشاهده الزور حامد الجبوري كل القيم والأسس الإعلامية الموجودة والمتعارف عليها». وتساءل عدد من الكتاب العراقيين على موقع البصرة عن الأسباب التي دعت أحمد منصور إلى بث هذه الحلقات في هذا التوقيت وبعد نحو عام من إعدام صدام حسين بالطريقة التي شاهدها العالم أجمع، معتبرين أن البث في هذا التوقيت إنما يهدف إلى تشويه صورة «الشهيد الراحل»، وقال الدكتور محمود خالد المسافر في مقال حمل عنوان: «شهادات زور يقدمها منصور وحامد هدية لبوش الراحل إلى الأبد»: إن هذا البرنامج يأتي متناسقاً مع حملة التشويه الأخيرة، التي تهدف إلى النيل من صدام حسين. وناشد نبيل إبراهيم على شبكة البصرة قائلا: أناشد «كل الكتاب والمثقفين الوطنيين من أمثال الأستاذ صلاح المختار والأساتذة الفريحات ودجلة وحيد وحكمت ناظم ومحمود عزام والأعظمي والسامرائي وكل الأفاضل والشرفاء ممن يكتبون في موقع شبكة البصرة، كما وأناشد الأستاذ خليل الدليمي ومعه كل المحامين الذي كان لهم شرف الدفاع عن الشهيد صدام حسين المجيد رحمه الله وكذلك أناشد كل المسؤولين ممن عاصروا الحقبة التي يتكلم عنها الخائن الجبوري في برنامج شاهد على الكذب والافتراء وكذلك أناشد أقارب الشهيد وعشيرة الشهيد وكل محبي ومناصري الشهيد. أناشد كل هؤلاء من أجل تشكيل لجنة للبحث في كيفية رفع دعوى قضائية بحق أحمد منصور البوق الإعلامي في قناة الجزيرة الفضائية والطلب بوقف هذا البرنامج بل، وإتلاف ما تم بثه؛ وفاء لروح الشهيد، ومن أجل العراق ومستقبل العراق» واعتبر إبراهيم أن أحمد منصور «لا يحاول إسقاط سيرة الشهيد الخالدة فحسب، إنما هو يبث سموم التفرقة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد، خصوصاً بعد ما تم عرضه مساء يوم 16 حزيران باتهامه الشهيد بارتكاب مجزرة ضد الشيعة واتهامه باغتيال الصدر» يشار إلى أن أحمد منصور كان قد غطى معارك الفلوجة الأولى في العراق مطلع عام 2004 . (المصدر: صحيفة ‘العرب’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 20 جوان 2008)


 

أهالي مفقودين سياسيين ينظمون وقفة احتجاجية بليبيا

    

 
خالد المهير- بنغازي نظم عشرات من أهالي من يسمون بالمفقودين السياسيين في الجماهيرية الليبية وقفة احتجاجية أمام محكمة شمال بنغازي الابتدائية حيث تتداول المحكمة دعاوى قضائية تطالب فيها أكثر من 130 عائلة بالكشف عن مصير ذويهم وتحديد أماكنهم أو تبليغهم رسميا بوفاتهم وتسليم رفاتهم، إلى جانب تسليم المستندات والوثائق التي تفيد بوفاتهم. وجاء احتجاج الأهالي بعد طلب دفاع الدولة تأجيل النظر في إحدى الدعاوى المرفوعة أمام المحكمة إلى 3/9/2008 لتزويد هيئة المحكمة بقوائم المفقودين. منذ 12 عاما ويطالب الأهالي السلطات بسرعة التحرك لتحديد أماكن وجود ذويهم بعد تعذر كافة سبل ووسائل الاتصال بهم منذ يونيو/ حزيران 1996، وما ترتب على عمليات الاعتقال والاختفاء القسري من تداعيات قانونية واجتماعية خاصة فيما يتعلق بالإجراءات والمستندات الرسمية. ويأتي هذا الاحتجاج بعد أسبوع على قرار نفس المحكمة إلزام السلطات المعنية بضرورة الكشف عن مصير ما يقارب مائة معتقل سياسي من بين (1200) أغلبهم من ذوي التوجهات الإسلامية، تقول منظمات حقوقية ليبية في الخارج إن ‘السلطات قضت عليهم في حادثة قتل جماعي بسجن أبو سليم في مدينة طرابلس في يونيو/ حزيران 1996’. ورفعت زوجات وأطفال وأمهات السجناء صور المفقودين وسط هتافات تنادي بضرورة تدخل الزعيم معمر القذافي لإنهاء أبرز ملف حقوقي في الجماهيرية.  من جانبها تعاملت السلطات الأمنية وقوات الأمن المركزي بهدوء مع الأهالي، ونجحت مساعيهم بفض الاحتجاج دون وقوع مصادمات. حكايات إنسانية وفي حديث مع الجزيرة نت قال شقيق السجين السياسي إسماعيل تربل، وصهر السجين جمال مفتاح الربع، وابن عم المفقود خالد أبو راوي إن شقيقه اعتقل بتاريخ 18/1 /1989. ووصف المحامي فتحي تربل طريقة اعتقال شقيقه بالمروعة، مشيراً إلى أنه تزامن مع قدوم ابنته الصغيرة التي تعاني حالياً مع مرض السكري. وقال إنه بعد غياب طويل لشقيقه عن طفلته الصغيرة وزوجته تدهورت أوضاع الأسرة الصحية والنفسية حيث أصيبت زوجته بعدة أمراض منها السكري والضغط والذبحة الصدرية وانفصال في الشبكية، وأجريت لها ثلاثة علميات في القلب قبل أن تتوفى العام الماضي لتترك طفلة يتيمة الأم ومحرومة من الأب. أما عادل شقيق السجين السياسي عبد الله بن سعود فقال للجزيرة نت إن شقيقه كان يعمل مهندساً بالشركة العامة للكهرباء، وأصدرت الجهات الرسمية قرار إيفاده في دورات إلى ألمانيا وسويسرا، وذهب على حسابه الخاص إلى بريطانيا وأثناء عودته إلى البلاد قبض عليه في الحدود الليبية التونسية عام 1995، وانقطعت أخباره منذ يونيو/ حزيران 1996. وتحدث فؤاد بن عمران للجزيرة نت عن قضية شقيق زوجته توفيق بن عمران الذي قام بتسليم نفسه إلى البحث الجنائي في مدينة بنغازي بتاريخ 1/7/1995 ‘ومنذ ذلك التاريخ لا نعلم إن كان على قيد الحياة أو توفي في حادثة القتل الجماعي في بو سليم’. وأضاف ‘لا نعلم جريمته حتى اليوم، رغم أنه كان من خيرة المهندسين الليبيين في جهاز النهر الصناعي، ولم يحمل السلاح ضد الثورة’. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 19 جوان 2008


الدول المغاربية تضم ليبيا إلى تجربة المناطق الحرة

 

 
تونس – سميرة الصدفي     تتجه البلدان المغاربية إلى تطوير تجربة المناطق الحرة التي انطلقت في المغرب وتونس أواسط العقد الماضي، وتوسعت أخيراً إلى ليبيا في منطقة مصراتة، القريبة من العاصمة طرابلس. واستطاعت «منطقة بنزرت الحرة» في شمال تونس استقطاب استثمارات بقيمة 212 مليون دينار تونسي (190 مليون دولار) وفقاً لإحصاءات رسمية، بينها 198 مليوناً (186 مليون دولار) استثمارات أجنبية مباشرة. وأظهرت الإحصاءات أن القطاع الصناعي استأثر بـ92 في المئة من الاستثمارات في المنطقة الحرة التي أنشئت في عام 1996 والبقية كانت للخدمات، بخاصة التجارة والتعليب. وارتفعت صادرات المنطقة إلى 498 مليون دينار (نحو 450 مليون دولار) في العام الماضي ووفرت 5400 فرصة عمل للمواطنين. وتوسّعت مساحة المنطقة الحرة في الفترة الأخيرة من خلال ضم 27 هكتاراً شكّلت منطقة إضافية في مدينة منزل بورقيبة، القريبة من بنزرت، ما رفع المساحة الإجمالية إلى 78 هكتاراً، تضم 72 وحدة صناعية وخدماتية، بينها 51 مصنعاً. ويشكل تصنيع اليخوت وبدائل السيارات والمراكب الشراعية والمنسوجات أهم الأنشطة في المنطقة التي تستفيد من موقعها في قلب منطقة البحر المتوسط، قبالة السواحل الايطالية، لجذب المستثمرين الراغبين في التصدير للأسواق الأوروبية. وارتفع عدد مصانع اليخوت والمراكب الشراعية والمحركات ومروحيات المراكب والأشرعة إلى 15 مصنعاً، وهي صناعات غير مُلوثة. منطقة «طنجة ميد» وفي المغرب، تستقطب المنطقة الحرة في طنجة التي باتت تُعرف بـ «طنجة ميد»، استثمارات أوروبية ضخمة، خصوصاً بعد ان زارها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال زيارته الأخيرة المغرب، وأطلق منها نداء للمستثمرين الأوروبيين لتكثيف الاستثمار في الضفة الجنوبية للمتوسط. وأعلنت مجموعة «رينو – نيسان» للسيارات عن إقامة وحدة لتجميع السيارات في منطقة «طنجة ميد» ستُصنّع 200 ألف سيارة اعتباراً من عام 2010، ليتضاعف عددها إلى 400 ألف سيارة لاحقاً، باستثمارات قُدرت بـ600 مليون يورو. ويُركز المغاربة على قطاع تصنيع السيارات بصفته قطاعاً ذا أولوية في خطة توسيع المنطقة الحرة التي ستُنافس ميناء الدار البيضاء التي تستأثر حالياً بـ90 في المئة من الحركة التجارية المغربية مع الخارج. ويتوقع أن يغير المشروع، الذي يقع على بعد 14 كيلومتراً جنوب اسبانيا، وجه المنطقة كونه أقرب نقطة إلى أوروبا في أفريقيا، وأن ينقل مركز الثقل الاقتصادي المحلي من الزراعة إلى الصناعة والخدمات من خلال تأمين 100 ألف فرصة عمل للمواطنين، في المشاريع التي ستُقام في المنطقة الحرة. وتُفتتح قريباً في ميناء طنجة أرصفة مخصصة لاستقبال الحاويات بعدما استُكمل إنشاء أرصفة مماثلة في الصيف الماضي، في إطار خطة تحديث للميناء ومحيطه انطلق تنفيذها في عام 2002. ويسعى المغرب لجعل الميناء، الذي يقع بالقرب من مضيق جبل طارق، الحلقة الرئيسة في حركة الملاحة التجارية بين المتوسط والمحيط الأطلسي وبين أوروبا وأفريقيا. وفي هذا السياق، استثمرت الحكومة المغربية بليوني يورو في تطوير شبكة الطرق وسكك الحديد التي تربط طنجة ببقية مناطق البلاد. ومن المقرر استثمار 1.4 بليون يورو إضافية في تعزيز البنية الأساسية للميناء في إطار مشروع «طنجة ميد-2» الذي أعلن عن مباشرته في نيسان (أبريل) الماضي، يشارك في نصفه مستثمرون من القطاع الخاص. ويتوقع ان يفتتح الميناء الموسّع سنة 2012 وان يصل إلى طاقته القصوى في عام 2015، ليكون أكبر ميناء في البحر المتوسط. يذكر ان نقطة الضعف في «منطقة طنجة الحرة» هي النقص المسجل في عدد المساكن والبنية الأساسية للنقل البري، ما حمل السلطات على وضع خطة لإقامة مركز سكني وعقاري يضم 200 ألف مسكن، إضافة إلى تحديث شبكة النقل. منطقة مصراتة الاقتصادية الليبية وفي مصراتة، يتعاون الليبيون مع الإماراتيين لإنشاء أول منطقة حرّة في ليبيا، من خلال شركة «جافزا العالمية» الإماراتية، وهي الذراع العالمية لـ «عالم المناطق الاقتصادية»، في تطوير «منطقة مصراتة الاقتصادية الحرة وتشغيلها». ووقع كل من المدير التنفيذي لـ «جافزا» و «عالم المناطق الاقتصادية»، سلمى حارب، ورئيس مجلس إدارة «سلطة منطقة مصراتة الحرة» مفتاح عزوزة، مذكرة تفاهم في هذا الشأن أواخر العام الماضي. وتُقدر مساحة المنطقة الحرة بنحو 3539 هكتاراً ستُنشأ على مرحلتين، تبلغ مساحة القسم الأول 7.3 مليون متر مربع (حوالى 370 هكتاراً) وتصل مساحة القسم الثاني إلى حوالى 30 مليون متر مربع (3000 هكتار). وتوقع عزوزة أن ينقل التعاون مع «جافزا العالمية» المنطقة الحرة إلى منطقة عالمية في شمال افريقيا والمتوسط. يُذكر أن «جافزا العالمية» لعبت طيلة العامين الماضيين دور الاستشاري لمنطقة مصراتة الحرة، وتولت تصميم مخططها الرئيس. ويدرس الجانبان حالياً احتمالات اعتماد أحد خيارين للتعاون في المستقبل، أولهما تشكيل شركة تتملك «منطقة مصراتة الحرة» وترعى تطويرها وتشغيلها وصيانتها، وثانيهما منح امتياز لـ «جافزا» في «منطقة مصراتة الحرة» لمدة 30 سنة. (المصدر: صحيفة ‘الحياة’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 17 جوان 2008)


 
 

أويحيى يؤكد قرب موعد تعديل الدستور الجزائري

 

 
 
الجزائر – الحياة: انضم رئيس الحكومة الجزائرية السابق أحمد أويحيى الذي يتزعم حزب التجمع الوطني الديموقراطي إلى صف المطالبين بتعديل الدستور، وأكد أن «مسألة تعديل الدستور باتت مسألة وقت ليس إلا»، موضحاً أن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة «وحده من يملك صلاحيات تحديد موعده». وأوضح أويحيى في تصريح إلى الإذاعة الجزائرية، أمس، أنه «مع الأطراف الداعية إلى تعديل الدستور». لكنه ذهب أبعد من ذلك عندما أكد بلغة الواثق أن «تعديل الدستور سيتم»، رافضاً إعطاء موعد لذلك. وقال إنه» يدعم في شدة مشروع تعديل الدستور الذي وجد ليتم تعديله». وأوضح أن «تعديل الدستور لا يعني المساس بالمبادئ الكبرى للجمهورية، وإنما هو إجراء يسمح بتمديد الولاية الرئاسية» للرئيس بوتفليقة الذي كان أول من انتقد الدستور الحالي (1996). لكن الرجل الأول في ثاني أهم أحزاب البلاد والمرشح بقوة لتولي منصب نائب الرئيس في التعديل الجديد، رفض إعطاء موعد لهذا التعديل مكتفياً بالقول «إن ذلك من صلاحيات الرئيس بوتفليقة». وهذه المرة الأولى التي يعلن فيها أحمد أويحيى الذي تولى رئاسة الجهاز التنفيذي مرتين في التسعينات وبداية الألفية الثانية، بقوة دعمه لمشروع تعديل الدستور الذي كان أحد المطالب الرئيسة لحزب الغالبية البرلمانية حزب جبهة التحرير الوطني ورئيسه عبدالعزيز بلخادم الذي يقود الجهاز التنفيذي حالياً. وكان بلخادم ألح في تصريح نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية على ضرورة مراجعة الدستور من أجل إرساء «نظام رئاسي قوي» وضمان «تعميق الممارسة الديموقراطية». ورداً عن سؤال حول فكرة مراجعة الدستور التي تسمح بتمديد العهدة الخماسية الحالية بسنتين وليس بعهدة ثالثة، أوضح بلخادم أن حزبه «لا يوافق على هذه الطريقة». (المصدر: صحيفة ‘الحياة’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 جوان 2008)  


 

 أُبعد عن قيادة الناحية الأولى بعد الولاية الثانية لبوتفليقة وكان من المتحفّظين على سياسة المصالحة …

الجزائر: رحيل اللواء الشريف فضيل أبرز «صقور» الجيش

 
الجزائر – محمد مقدم     غيّب الموت أمس اللواء الشريف فضيل القائد السابق لجهاز مكافحة الإرهاب على مستوى قيادة أركان الجيش الجزائري والذي كان يُعتبر أبرز «صقور» المؤسسة العسكرية الذين تولوا إدارة الحرب ضد الجماعات الإسلامية المسلحة منذ مطلع التسعينات. ومن المقرر أن يوارى الثرى اليوم الجمعة في مقبرة لرهاط في مدينة شرشال بولاية تيبازة (100 كلم غرب الجزائر). وأفادت مراجع متطابقة أن اللواء الشريف فضيل توفي فجر أمس إثر خضوعه لعلاج من مرض عضال في المستشفى العسكري في عين النعجة بالعاصمة. وهو عانى طيلة الشهور الأخيرة من الآثار المتزايدة للمرض، مما تسبب في ابتعاده عن المشهد السياسي واختفائه عن الأنظار. وتوافدت أعداد كبيرة من ضباط الجيش ومن مختلف المصالح الأمنية على إقامة الفقيد في منطقة الساحل في المنتجع الأمني في نادي الصنوبر لتقديم العزاء لأفراد العائلة. وتقلّد اللواء الشريف فضيل مسؤوليات عدة آخرها قيادة الناحية العسكرية الأولى التي تضم ولايات وسط البلاد خلال حكم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وكان تولى خلال حكم الرئيس السابق اليمين زروال (1994-1999) قيادة جهاز مكافحة الإرهاب على مستوى قيادة أركان الجيش. وظهر للمرة الأولى في وسائل الإعلام العام 1997 خلال العمليات الكبرى التي شنها الجيش ضد معاقل «الجماعة الإسلامية المسلحة» في منطقة سيدي موسى بعد أيام قليلة من المذابح الجماعية التي هزّت منطقة بن طلحة في براقي والرايس في سيدي موسى والتي خلّفت مقتل ما يزيد على ألف شخص بينهم رضّع. وتولى اللواء الراحل شخصياً إدارة العملية الناجحة التي قامت بها أجهزة الأمن في شباط (فبراير) 2002  ضد الأمير السابق لـ «الجماعة المسلحة» عنتر الزوابري والتي تعتبر من أبرز العمليات التي استهدفت قيادات هذا التنظيم المسلح منذ تصاعد أعمال العنف في 1992. وفي تموز (يوليو) 2004 قرر الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إنهاء مهماته على رأس الناحية العسكرية الأولى بعد ورود تقارير تشير إلى اعتراضه المستمر على توليه الرئاسة لولاية جديدة. كما أنهيت مهمات قائد أركان الناحية العسكرية الأولى للأسباب نفسها. ونُسب إلى الراحل اللواء الشريف فضيل تأكيده للصحافيين أكثر من مرة أن «الإرهاب لا يفهم إلا لغة السلاح»، وأبدى في العديد من المرات تحفظات عن سياسة السلم والمصالحة الوطنية. (المصدر: صحيفة ‘الحياة’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 جوان 2008)


القضاء المغربي ينهي فصلا جديدا من المواجهة بين الصحافة والدولة: منع نشر شهادات حول انتهاكات حقوق الإنسان في عهد الحسن الثاني

 

 
الرباط ـ القدس العربي من محمود معروف: قال الصحافي المغربي علي انوزلا مدير يومية الجريدة الاولي الصادرة بالرباط ان الحكم ضده الذي اصدرته امس الخميس محكمة بالرباط ويقضي بالتوقف عن نشر وثائق تنشرها صحيفته، حكم بلا معني ويعبر عن تراجع خطير عن مكاسيب تحققت في ميدان الحريات والصحافة . وانتهي امس الخميس فصل جديد من فصول المواجهة بين الدولة والصحافة بالمغرب بقرار المحكمة الابتدائية بالرباط ضد صحيفة الجريدة الاولي بايقاف نشر شهادات ادلي بها مسؤولون سابقون حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي شهدتها البلاد خلال العقود السابقة. وأصدر قاضي القضاء المستعجل بالمحكمة الابتدائية بالرباط امس الخميس أمرا قضائيا بإيقاف نشر شهادات تم الإدلاء بها لهيئة الإنصاف والمصالحة بـ الجريدة الأولي مع غرامة تهديدية قدرها ألف درهم عن كل يوم تأخير. وقال انوزلا لـ القدس العربي ان المحكمة قررت بناء علي دعوة استعجالية رفعها المجلس الاستشاري لحقوق الانسان بالاضافة الي وقف النشر الزام الصحيفة بدفع غرامة الف درهم عن كل يوم تنشر فيه هذه الشهادات بعد تسلمها نسخة الحكم وقضت المحكمة بعدم الاختصاص فيما يتعلق باعادة الوثائق ذات العلاقة التي توجد بحوزة الصحيفة. وكانت المحكمة الابتدائية بالرباط قد استمعت الاربعاء الي هيئة دفاع الصحيفة ودفاع المجلس الاستشاري حيث طلب دفاع علي انزولا مدير الجريدة الأولي من قاضي الاستعجال الدفع بعدم اختصاص المحكمة الترابي اذ ينبغي بالنسبة له أن يتم بمقر تواجد الجريدة وهو مدينة الدار البيضاء كما طالب بعدم الاختصاص النوعي فيما يخص اللجوء للقضاء الاستعجالي لانعدام حالة الضرر والاستعجال والحال. وبحسب دفاع أنوزلا، ليس هناك نص قانوني يمنع نشر تلك الشهادات التي أدلي بها أمام هيئة الإنصاف والمصالحة . فيما اعتبر دفاع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي طالب بوقف النشر وغرامة تهديدية 5 الاف درهم يوميا أن المجلس هو المؤسسة الوحيدة المكلفة بمتابعة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة والائتمان علي أرشيفها، وان نشر الجريدة لشهادات سرية من شأنه المس بمصداقية هذه الهيئة. وكان المجلس الاستشاري لحقوق الانسان قد أعرب في بلاغ للرأي العام اصدره يوم الاربعاء 11 حزيران/يونيو الجاري عن أسفه للضرر الذي أصاب أصحاب الشهادات جراء نشرها العشوائي وجراء التصرف الصحافي فيها ولـ التدني الأخلاقي والوطني الذي وصل إليه بعض الصحافيين . واسست هيئة الانصاف والمصالحة نهاية 2003 بقرار من العاهل المغربي الملك محمد السادس وكلفت بالاستماع لضحايا الانتهاكات الجسيمة التي عاشها المغرب ما بين 1956 و1999 تمهيدا للمصالحة. ونظمت الهيئة في نهاية 2004 جلسات استماع مفتوحة لعدد كبير من الضحايا وعائلاتهم بثتها وسائل الاعلام المغربية الرسمية مباشرة عبر موجات الاذاعة او علي شاشة التلفزيون. كما نظمت من اجل الوصول الي الحقيقة جلسات استماع سرية لمسؤولين سابقين في اجهزة الدولة واصدرت مجموعة من التوصيات لجبر الضرر والتعويض الفردي والجماعي. وحسب قرار انهاء مهمة الهيئة فلقد كلف المجلس الاستشاري لحقوق الانسان بتنفيذ توصياتها وحولت له جميع وثائقها ومسؤولياتها القانونية بالحفاظ علي سرية الشهادات وحماية اصحابها. واعتبر مدير الجريدة الأولي ان بيان المجلس حمل الكثير من المغالطات والتناقضات الصارخة حيث يعتبر الوثائق التي تنشرها الجريدة الاولي، ملكا عاما لجميع المغاربة، ومادة خصبة للباحثين، و يريد في نفس الوقت، حجبها عن الرأي العام، من خلال استصدار امر قضائي يمنع نشرها وتعميمها. وأضاف أن بيان المجلس يبرر الدعوي التي رفعها بكونها تنسجم مع توصيات هيئة الانصاف والمصالحة، وينسي أن هناك توصيات أخري أهم، تستحق أن يصدر بشأنها المجلس بيانا الي الرأي العام يشرح له فيها لماذا تأخر تنفيذها. وقال علي انوزلا: إن بيان المجلس الاستشاري لحقوق الانسان حمل هجوما غير مبرر، صيغ بلغة متشنجة، علي الجريدة، عندما اتهمنا بالارتماء علي الملك العام والعبث به والاستهتار بالشرعية والمشروعية، وبأننا مجرد صحافيين لاهثين ننفخ في جمر الفتنة والشقاق، وبأننا بلا أخلاق، ونفتقر الي الحس الوطني. ونقلت مصادر صحافية عن هيئة دفاع الصحيفة انه سيتقدم بدعوي قضائية ضد المجلس الاستشاري لحقوق الانسان بتهمة القذف لما تضمنه بيانه من اساءات للصحيفة والقائمين عليها مثل تعابير صحافيين لاهثين وراء السبق الصحافي كيفما كان ثمنه، ولا، بالأحري، جمرا ينفخ فيه هواة الشقاق والفتنة وتعبير التدني الأخلاقي والوطني الذي وصل إليه بعض الصحافيين . وحسب اوساط حقوقية فإن الجدل قائم علي مرجعية التزام الدولة حسب القانون الداخلي المنظم لعمل هيئة الانصاف والمصالحة بالحفاظ علي سرية الشهادات المدلي بها وحماية اصحابها. ونشرت الجريدة الاولي حتي الان شهادة عبد الهادي بوطالب الذي تولي طوال عقود الستينات والسبعينات مهام وزارية واصبح في الثمانينات مستشارا للملك الراحل الحسن الثاني حتي وفاة هذا الاخير نهاية التسعينات، وكذلك شهادة خلي هنا ولد الرشيد احد ابرز الشخصيات المنحدرة من الصحراء الغربية والوزير لعدة سنوات والذي يتولي منذ 2005 رئاسة المجلس الاستشاري الملكي للشؤون الصحراوية وشهادة عبد الواحد معاش احد زعماء حزب الشوري والاستقلال وتواصل في اعدادها الصادرة الان نشر شهادة البشير الدخيل احد مؤسسي جبهة البوليزاريو التي تسعي لدولة صحراوية بالصحراء الغربية. وتقترح الاوساط الحقوقية ان شهادة خلي هنا ولد الرشيد التي ادلي بها قبل توليه رئاسة المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية شكلت احراجا حقيقيا للدولة المغربية علي الصعيد المحلي والدولي لما تضمنته من سرد لاحداث ووقائع تضع العديد من ضباط الجيش المغربي في موقف حرج فيما يتعلق بانتهاكات جسيمة لحقوق الانسان في المناطق الصحراوية او ما تضمنته من آراء عن نزوع الصحراويين في اي استفتاء لتقرير مصيرهم نحو اقامة دولة مستقلة وهو ما شكل مادة مهمة في اعلام جبهة البوليزاريو وسلاحا في معركتها مع المغرب. وتردد في وقت سابق ان ولد الرشيد ابدي امتعاضا من نشر شهادته وطالب باجراءات لحماية سرية شهادته وشكل حافزا لاوساط صناعة القرار بالتحرك العاجل عن طريق المجلس الاستشاري لحقوق الانسان لوقف الجريدة الاولي عن نشر الشهادات. وقال علي انوزلا لـ القدس العربي ان الحكم بلا معني الا انه سيلتزم بتنفيذه احتراما منه للقضاء واحكامه وانه سيوقف النشر فور استلامه نسخة من الحكم الصادر امس الخميس في اشارة الي ان النشر سيتواصل لايام اخري. واوضح انوزلا ان الحلقة الرابعة من شهادة البشير الدخيل ستنشر في عدد الغد من الصحيفة لانها ارسلت الي المطبعة وان الالزام بتنفيذ حكم وقف النشر او دفع الغرامة يكون من لحظة تسلمه نسخة من الحكم الذي قد تكون اليوم الجمعة او فيما بعد. واكد الصحافي المغربي ان صحيفته ستحتفظ في ما لديها من وثائق حصلت عليها ولن تتخذ قرارها النهائي بالنشر او عدمه الا بعد صدور الحكم النهائي الذي تصدره محكمة من الدرجة الثانية وقال ان هيئة الدفاع عن الصحيفة ستتقدم بطلب الاستئناف فور تسلمه نسخة من الحكم. واعرب انوزلا عن خشيته من ان يتحول المجلس الاستشاري لحقوق الانسان الي حاجب للحقيقة التي كلفت بالبحث عنها هيئة الانصاف والمصالحة. متابعات ومضايقات ويعرف المغرب منذ عدة شهور مواجهات يكون القضاء ميدانها بين الصحافة من جهة والدولة والمسؤولين فيها من جهة ثانية وهو ما اعتبرته الاسبوع الماضي النقابة الوطنية للصحافة المغربية حملة من السلطات المغربية لتشديد الخناق علي العمل الصحافي والحد من حريته بالترويع والتهديد وانها الي جانب استغرابها إمعان السلطات في حملتها لمضايقة عمل الصحافيين سجلت انتقال عدوي التضييق علي الصحافيين والاعتداء عليهم إلي مؤسسات أخري، بل ودخول مجهولين علي الخط لترويع الصحافيين وتهديدهم في حياتهم. وقضت محكمة بالرباط بغرامات مالية مرتفعة ضد صحيفة المساء المستقلة واعتقل صحافيان من اسبوعية الوطن الآن بتهمة نشر وثائق امنية حصل عليها بطريقة غير شرعية. واستدعت الشرطة للتحقيق بداية الاسبوع الجاري المصور الصحافي كريم السلماوي لنشره صورة مسؤول امني كبير يعتدي علي امرأة وطفلها اثناء اعتصام لعائلات معتقلين اصوليين بالدار البيضاء. كما احتجزت قوات الامن صحافيين ووجهت لهما شتائم بذيئة اثناء تغطيتهما لمواجهات عرفتها مدينة سيدي ايفني جنوب البلاد نهاية الاسبوع الماضي كما صعدت السلطات لتحقيق دام اربع ساعات علي خلفية احداث سيدي ايفني حملتها علي قناة الجزيرة القطرية واستعدت مدير مكتبها بالرباط المقرر مثوله امام المحكمة الابتدائية بالرباط بداية تموز/يوليو القادم بتهمة نشر خبر زائف والمشاركة به. وقالت النقابة الوطنية للصحافة المغربية انها تعد لحملة محلية ودولية لوقف الاعتداء والتضييق علي الصحافيين والصحافة ولوقف مسلسل التراجع عن المكاسب التي حققها المغرب في ميدان الحريات الصحافية. (المصدر: صحيفة ‘القدس العربي’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 جوان 2008)  


مؤتمر نظمته مؤسسة سمير قصير تزامناً مع انطلاق مركز «سكايز»… الحريات المقموعة كما عاشها مثقفون عرب

 
بيروت – رنا نجار     في كلّ مرّة يجتمع المثقفون العرب، للبحث في قضية الحريات والدفاع عن حق المواطن في التعبير عن رأيه، يتلمّسون عمق الفجوة الكبيرة التي تخلفها السياسات الرسمية، خصوصاً على صعيد حرية التعبير والرأي. فالدول العربية تحتل سنة بعد سنة، أدنى المراتب في حرية التعبير بحسب إحصاءات تقوم بها مؤسسات عالمية مثل «هيومن رايتس واتش» ومنظمة «مراسلون بلا حدود». وفي البحث عن الوسائل والأدوات التي قد يتوصّل إليها «المناضلون من أجل الحرية» ولبسط ثقافة الديموقراطية الحقيقية، يكتشفون أن العدو ليس السلطة أو نظام الحكم القمعي وحسب، بل المواطن (العامل والصحافي والمثقف…) الذي هو عدوّ نفسه عندما يسكت عن حقّه أو لا يسعى الى معرفته، والدفاع عنه. «الدفاع عن الحريات وعن الصحافيين، ليس عملاً سهلاً»، قال روبير مينار الأمين العام لمنظمة «مراسلين بلا حدود»، في مؤتمر «الحريات الثقافية والإعلامية في المشرق العربي» الذي نظّمته «مؤسسة سمير قصير» خلال اليومين الفائتين في بيروت، بالتزامن مع إطلاق مركزها الإعلامي «سكايز» (وهي كلمة من أحرف لاتينية اختصاراً لجملة «عينا سمير قصير») للدفاع عن الحريات الصحافية ورصد الانتهاكات والتعديات على الصحافيين. واعتبر مينار أن «مهمة هذا المركز المستقلّ، بمثابة ثورة تحتاج إليها المنطقة العربية التي تنتمي معظم مؤسساتها الإعلامية الى أطراف سياسيين مشاركين بالحكم أو متنازعين في ما بينهم، وبالتالي يفتقدون الصدقية والدقة». وشدّدت كريستينا ستوكوود مديرة برنامج الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير «أيفكس»، على ضرورة حماية الصحافة كمهنة إضافة الى حماية الصحافيين. المؤتمر الذي افتتحه الروائي اللبناني الياس خوري، وكان نقطة الانطلاق لإعلان تأسيس مركز «سكايز» الذي يهدف الى الدفاع عن حرية الصحافة والثقافة، لم يحضره إلا قلّة من الصحافيين والمثقفين، مع أنه جمع في حلقة دراسية مثقفين وصحافيين من مصر وسورية وفلسطين والأردن ولبنان، تتدارسوا أشكال القمع والرقابة ووسائل مقاومتها. فكيف يطالب الصحافي المسمّر على الكرسي في مكتبه، أو الكاتب المستلقي على أرصفة المقاهي، بحرية التعبير ويطوّر وسائلها ويشكو من انتهاكاتها؟ أليست الحرية صناعة يدفع ثمنها كل من يريدها؟ بل هي «صناعة مكلفة ولها ثمن باهظ قد يتحوّل بحجم الحياة نفسها، كما قال غسان تويني النائب وعميد جريدة «النهار» في كلمته في الافتتاح التي ألقاها نيابة عنه الياس خوري. واعتبرت التونسية نبيلة حمزة رئيسة «مؤسسة من أجل المستقبل» المموّلة للمركز، أن الإعلام الحرّ هو المنبر الرئيسي للديموقراطية، و «لن يكون قادراً على تأدية مهماته إلا في مناخ من حرية التعبير والكلمة يضمن حرية الإبداع الثقافي». الرقابة والإبداع كثر الحديث عن الرقابة في العالم العربي وأشكالها واختلاف طرق تطبيقها بين بلد وآخر. ولكن لا شيء يفي خطورة أو ظلم القصص «الإبداعية» في ممارسة الرقابة والقمع، سوى الحديث المباشر لصاحب الشأن عن تجربته وتفاصيلها. هكذا تمكن الروائي المصري صنع الله ابراهيم، والشاعر السوري المنفي الى السويد فرج بيرقدار، والمخرج والممثل المسرحي اللبناني روجيه عساف، والمخرج السينمائي السوري أسامة محمد، في الجلسة الأولى التي أدارها الياس خوري، وحضرها وزير الثقافة اللبناني طارق متري، من وضع الإصبع على الجرح من خلال تجاربهم المُخجلة في حق كل إنسان يسكت عنها. ابراهيم الذي رفض عام 2003 تسلّم جائزة «الرواية العربية» احتجاجاً على سياسات النظام المصري وتضامناً مع الشعبين الفلسطيني والعراقي، لمّح الى الانفصام المصابة به السلطات المصرية التي أذاقته وأمثاله طعم الدم، ثم تعود لتمنحهم جوائز. عرض إبراهيم لتجربته الشخصية في موضوع المصادرة، بدءاً من رواية «تلك الرائحة» التي كتبها عام 1966 تعبيراً عن السجن الطويل في الواحات، ومنعت في مصر ثم نشرت مشوّهة. وخلص إبراهيم الى أنه تعلّم خلال 40 سنة من النشر والكتابة، كيف يتحايل على الرقابة، منتقداً توسّع رقعة المساحة القمعية التي تُعطى للأجهزة مثل الأزهر والجيش ووزارة الدفاع ومجلس الشعب وغيرها. ومع ذلك، أبدى ابراهيم تفاؤله من هامش الحرية الذي يتوسّع في مصر حالياً، ولكن «ليس كمنحة من الحكومة والنظام، بل نتيجة للضغط القوي من السياسات الخارجية ومقاومة الشعب بغية توسيع مساحة حرية الرأي». وانتقالاً الى قوانين الطبيعة التي تُنصف حرية الإنسان وحقوقه، أكثر من قوانين أخيه، اعتبر الشاعر السوري فرج بيرقدار الذي مارس هواية «الاعتقال»، أن الخيال هو أحد أبرز عناصر العملية الإبداعية العصي على الأسر. بالنسبة إليه «السجن حيّز مغلق ومضاد، والحرية فضاء حميم ومفتوح»، لكن السجن بالنسبة إليه كان فيه مساحة حرية أكبر من خارجه في بلده الأم سورية، فأن «تطرح أسئلتك ومسائلك بحرية وإبداع في بلد مثل سورية، يعني أولاً أن تكون حرّاً أو سجيناً»، يقول. أما روجيه عساف فتطرّق في ورقته التي جاءت بعنوان «حرية التعبير أم التعبير عن الحرية؟» الى خطورة الرقابة الذاتية. وتساءل: «أين نحن اليوم من الجدلية بين الحرية والتعبير عنها؟ بين الديموقراطية وممارستها؟ بين مشروع المواطنية وتطبيق مبادئها؟». كما تساءل إن كانت «الحرية التي نطالب بها جزءاً من الصراع على السلطة أو بين السلطات؟ أم انها مشروع ديموقراطي قصده توصّل جميع الناس الى التعبير والى معرفة أفكار الآخرين؟». وعرض لوضع «الغربال» الرقابي في لبنان الذي يتقلّب ويتحوّل ويتبدّل مع الظروف ومع المواقع مثل تلوين الحرباء وسط تغيرات البيئة المحيطة بها. فيصير «الحق هنا باطلاً هناك، والمباح هناك محرّماً هنالك». ليس في الرقابة دمع وحزن وإهانة فقط، ففي أشكال الرقابة ما يُضحك أو شرّ البلية ما يُضحك، عندما يتحدّث عنها المخرج السينمائي السوري أسامة محمد، الذي قدّم ورقة بعنوان «كفاحي، لا رقابة على الفكر إلا رقابة الضمير»، محوّلاً تجربته المريرة مع أجهزة الاستخبارات السورية الى سيناريو فيلم لا يخلو من السخرية المرّة. منذ انتشار «ثقافة» المدوّنات الالكترونية في العالم العربي في التسعينات، والسؤال يطرح عن مدى أهمية مثل هذه المساحة التي من المفترض أن تنعم بالحرية. في هذه الجلسة حول المدوّنات التي استنفرت أجهزة الاستخبارات في سورية ومصر والأردن، كل طاقاتها لقمعها، انقسم المجتمعون بين مؤيّد لاعتبارها بديلاً عن وسائل الإعلام التقليدية، ورافض لاعتبارها مساحة هامشية أو «فشة خلق» لا تقدّم ولا تؤخر، خصوصاً مع استخدام المدوّنين لغة رخصية أحياناً، أو لغة تجمع بين فن الخط أو الحرف اللاتيني واللغة العربية. ونبه الياس خوري الى أهمية دراسة هذه اللغة التي باتت منتشرة بين عدد كبير من الشباب. في هذه الجلسة، دافع الناشط الحقوقي المصري جمال عيد عن الإنترنت بشراسة، معتبراً إياه وسيلة عصيّة على القمع. وسخر من الحكومات التي تلجأ الى تعطيل مدونة إلكترونية في اللحظة التي تظهر بدلاً عنها عشرة. بينما أبدى الصحافي والمدوّن الأردني محمد عمر تشاؤمه من واقع الصحافة الإلكترونية في الأردن، معتبراً أن العرب وجدوا في الإنترنت «مزبلة التاريخ»، إذ يتراجع مستوى المعلومات العربية ومستوى الحرية عبر الإنترنت، لكون الأنظمة الاستخباراتية المتطوّرة والدقيقة تمارس عليه الرقابة أكثر من الرقابة على وسائل الإعلام التقليدية. هذا عدا عن الأرقام القياسية لعدد المواقع التي تؤسسها الجماعات الإسلامية المتشدّدة، والتي «تستغّل الإنترنت لنشر ثقافة الكراهية والقتل». أما الناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان والصحافي السوري محمد العبدالله الذي اعتقل مع أخيه وأبيه بسبب إنشاء مدوّنة إلكترونية قام بها أخوه، فاستعرض لانتهاكات أجهزة الاستخبارات السورية التي اخترقت الشبكة العنكبوتية، معتبراً أن التدوين على رغم ذلك استطاع الوقوف في وجه السلطات الرسمية». ثم جاءت المدوِنة والباحثة الشابة رزان غزاوي لتتحدّث عن الجديد في التدوين، وتوصّلت الى نتيجة جد متفائلة مفادها «أنا أدوّن إذاً أنا موجود». السلطة والصحافة في الجلسة الثالثة التي أدارتها الباحثة اللبنانية زاهرة حرب، اعتبر الباحث والصحافي الفلسطيني صقر أبو فخر في ورقته «الإعلام الفلسطيني والحريات المغدورة، مجتمع أهلي تحت الاحتلال» أن الحريات الإعلامية تقلصت الى درجة الانعدام، في قطاع غزة مع الانفصال الجغرافي الذي قامت به حركة «حماس». وذكر أن العام 2007 من أسوأ الأعوام التي مرت على الإعلام الفلسطيني منذ اتفاق أوسلو. فقد شهد هذا العام أكثر من 250 انتهاكاً للحريات الإعلامية، أكثر من نصفها وقع على أيدٍ فلسطينية. وللمرة الأولى يحل الاحتلال الإسرائيلي في المرتبة الثانية كمصدر للقتل أو للاعتداء على الصحافيين الفلسطينيين. وتساءل الشاعر والصحافي اللبناني عباس بيضون تحت عنوان «الصحافة وأعمدة الجمهورية المهددة»، ماذا تفعل الصحافة حين يستوعب الصراع الأهلي كل شاردة وواردة ويستغرق كل شيء؟ هل يمكن أن تبقى الصحافة للخبر والإعلام أم تتحول الى سلاح للرأي والموقف وأداة تحريض أهلي؟ وتوصل بيضون الى أن الجمهورية والديموقراطية صمدتا أمام الاجتياحات بتنوعاتها وادعاءاتها ملكية البديل. ثم انطلق الباحث الفلسطيني المقيم في لبنان عمرو سعد الدين في ورقته تحت عنوان «أولوية أم أولويات متعددة في الدفاع عن الحريات الصحافية»، من مقاربات عربية متباينة ليركز بعدها على تجربة الأردن في القضايا المرتبطة بحرية التعبير. ثم عرض الناشط في الدفاع عن الحريات الصحافية التونسي كمال عبيدي حال حرية التعبير والصحافة بعد 3 سنوات من اغتيال سمير قصير. وشدد على أهمية تعاضد الصحافيين في ما بينهم لوضع خطة مدنية من أجل حمايتهم من كل انتهاك معنوي وجسدي ومادي. مسك ختام الجلسات جاء أكاديمياً وتطبيقياً واقعياً مع مداخلات الباحثين والأساتذة الجامعيين، نهوند القادري وإيهاب بسيسو وزاهرة حرب. ثلاث مداخلات حرص أصحابها على الموضوعية والدقة في المعلومات التي قدّموها. فتطرقت القادري الى وثيقة تنظيم البثّ الفضائي التي تبناها معظم وزراء الإعلام العرب، لافتة الى ندرة ردود الفعل المقيّمة لأبعاد هذه الوثيقة ودلالاتها. القضية الفلسطينية الحاضرة الغائبة في إعلامنا العربي، تناولها الباحث الفلسطيني إيهاب بسيسو، متسائلاً: «هل ما زالت القضية الفلسطينية على تعريفها الوطني والقومي قضية تحرّر وطني من أجل الاستقلال والسيادة واستعادة الحق؟ أم هي الآن وفق البرامج السياسية العربية مجموعة قضايا يربطها الاسم فقط والمرجع التاريخي والسياسي؟ فالتعاطي الحالي معها يختلف عن أصل الأزمة وسبب القضية». وعرضت زاهرة حرب تحوّل التعددية في النظام الإعلامي اللبناني الى نقمة، وانتقاله من نظام متنوّع غني الى نظام مواجهة يحكمه الإطار السياسي. (المصدر: صحيفة ‘الحياة’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 جوان 2008)  


 ممثل «لجنة حماية الصحفيين» كمال العبيدي لـ«السفير»: الصحافيون يتخطون الخطوط الحمر والسلطات تشدد قيودها

 

 
جهينة خالدية «أبدع» الإعلام اللبناني خلال الأحداث الأخيرة في بيروت، في انحيازه. أخذ طرفا، دافع عنه لدرجة أصبح ناطقا باسمه، ونسي كل الأطراف الأخرى. فتحت العيون على بيروت. عيون منظمات الدفاع عن الحريات. راقبت، أبدت قلقها، وعلقت بين فكرتين. أولى تتناول تداخل المال السياسي والإعلام في لبنان، وثانية تتعلق بالاعتداءات التي تعرض لها الصحافيون مهما كانت انتماءاتهم. «لجنة حماية الصحافيين» لها رأيها في ما حصل. «السفير» التقت ممثل اللجنة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، الصحفي التونسي كمال العبيدي، على هامش ورشة عمل «الحريات الثقافية والاعلامية في المشرق العربي» التي نظمتها «مؤسسة سمير قصير»، لمناسبة اطلاق مركزها الإعلامي للدفاع عن الحريات الإعلامية «سكايز». لا ينسى العبيدي التذكير أن «الاعتداءات في لبنان وصلت إلى مرحلة الاغتيالات، مثلما حدث في لبنان عام ,2005 حيث استشهد سمير قصير، وجبران تويني، وهما دفعا ثمن حرية الرأي». أما ما حصل في أيار ,2008 فيبعث على القلق «اذ يجب على كل صحافي التنبه من تخط للقواعد المهنية والخلط بين الخبر والتعليق وحرمان الطرف الآخر من ابداء الرأي في وسيلة معينة. لا يمكن للصحافي أن يتحول الى ناطق باسم جهة معينة، والا فقد صفته الصحافية». لكن، برأي العبيدي، هذا لا يمنع التنديد بأي اعتداء تعرض له الزملاء، ولو كان سببه عملهم في مؤسسة محسوبة على طرف معين «فمنظمات حقوق الانسان وحرية الصحافة، ملتزمة بالدفاع عن الصحافيين ووسائل الإعلام وحرية تعبيرهم، من دون تبني مواقفهم. والاعتراض على رأي وسائل الاعلام لا يكون بالاعتداء أو اغلاقها، بل باللجوء الى حق الرد، ثم القضاء». ولا يخفي العبيدي قلقه من تراجع هامش التعبير بشكل عام عالميا وتزايد الضغوط والخطر على الصحفيين. ففي آخر احصائية على موقع اللجنة نجد تأكيد مقتل 13 صحافيا في العام الحالي. أما العام الماضي، فالعبيدي يلفت الى أنه «كان الأسوأ بالنسبة للصحفيين، إذ شهد تراجعًا ملحوظا في الحريات الصحفية، ورصدنا سعي الحكومات العربية إلى مزيد من التشدد على الحريات (وثيقة تنظيم البث الفضائي)، ووصل عدد الصحافيين الذين قتلوا لأسباب مرتبطة مباشرة بعملهم إلى 64 صحفيا، بزيادة ملحوظة عن العام الماضي (كان 56 صحفيا قتيلا) وظل العراق للسنة الخامسة البلد الأشد فتكا بالصحافة. فقد بلغ عدد الصحفيين القتلى في العراق 31 صحفيا ». ويلاحظ العبيدي «تغيرات في مجال حريات الصحافة في العالم العربي. فمن يدقق بالوضع منذ نهاية القرن العشرين، ير أن هامش الحرية لا يتسع، لكن عدد الصحفيين العرب العابرين للخطوط الحمراء، وأولئك غير العابئين بالممنوعات هو في ارتفاع كبير. وذلك على الرغم من استمرار اعتداءات الحكومات وعدم استقلال القضاء في معظمها، وتراجع هامش الحرية في بلدان مثل مصر والجزائر والمغرب التي كانت تشهد بعض الحرية. وأيضا التضييق يحصل في دول هامش الحرية فيها معدوم اصلا مثلا سوريا، ليبيا، تونس، وبعض دول الخليج». إذاً كلما دفعت لجان حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات باتجاه توسيع هامش الحرية، قامت الحكومات بتشديد القيود؟ أليس من المفترض أن يؤدي عمل اللجان الى تحسين في الأوضاع؟ ما الذي يحصل؟ يجيب العبيدي أن «ما يشهده العالم العربي ودول العالم النامي اليوم، سبق ان عاشته دول مثل اليونان والبرتغال واسبانيا، وتشيلي والأرجنتين ودول اوروبا الشرقية، التي كانت بمجملها تخضع لأنظمة مستبدة ولا تسمح بحرية التعبير، ولكن شهدنا لاحقا تزايد الاصرار الصحافي على التحرر من القيود، حتى حقق مراده. وهذا ما سيحصل في العالم العربي، إذ مهما طال الوقت لا بد أن تتحسن شروط الحريات، والدليل على ذلك زيادة الأقلام الجريئة، والمنظمات المدافعة عن الحريات». في كل سنة تصدر المنظمات المدافعة ولجان الدفاع عن الحريات تقارير حول أوضاع الحريات في العالم، ما الذي تحققه هذه التقارير، ولماذا لا تعبأ السلطات في العالم العربي بها؟ يجيب العبيدي «أنا مؤمن أن الحكومات تهتم بهذه التقارير وإن كانت تتظاهر بالعكس، خلافا لما تروّجه بعض الجهات غير المهتمة بحرية الصحافة، والدليل على ذلك إطلاق سراح مئات من المساجين السياسيين والصحفيين العرب في السنوات الماضية، نتيجة نداءات وتحرُّكات قامت بها منظمات دولية». (المصدر: صحيفة ‘السفير’ (يومية – بيروت) الصادرة يوم 20 جوان 2008)


 

قالوا ان الجو السياسي وما يحدث بالعالم ليس مناسبا لظهورهما امام الكاميراتمنع محجبتين من الظهور خلف اوباما اثناء حملة انتخابية في ديترويت

 

 
لندن ـ القدس العربي : طلب منظمو حفلة انتخابية للمرشح الديمقراطي باراك اوباما من ناشطتين مسلمتين بالحجاب عدم الجلوس وراء اوباما خشية تأكيد شكوك العديد من الناخبين الامريكيين من ان اوباما مسلم بالسر. وجاء القرار حتي لا تلتقط كاميرات الصحافيين صور المرشح الديمقراطي خاصة ان واحدا من ثمانية امريكيين يعتقدون انه مسلم. وكان اوباما يقوم بحملة انتخابية في ديترويت حيث اخبرت محامية مسلمة اسمها هبة رؤوف مجلة بولتيكو قائلة جئت لادعمه، وشعرت بالتمييز ضدي . وقالت هبة ان صديقا وهو طالب حقوق ابلغها ان متطوعا في الحفلة اخبره انه بسبب الجو السياسي وما يحدث في العالم فانه من غير المناسب ان تظهر امام شاشات التلفزيون او انها علي صلة بوباما . وطلب من امرأة محجبة مسلمة اخري ان تخلع حجابها اذا ارادت ان تجلس في المقاعد الخاصة المحجوزة للضيوف. واعتذرت حملة المرشح الديمقراطي للرئاسة باراك أوباما عن منع مسلمتين من الوقوف أو الجلوس خلفه في إحدي المحطات الانتخابية. وأفادت صحيفة ذي ديترويت نيوز الأمريكية انه خلال محطة انتخابية في ديترويت هذا الأسبوع، طلب بعض الحاضرين من فتاتين عدم الظهور وراء سيناتور إيلينوي وسط مخاوف من ان الثياب المسلمة التقليدية قد تسيء إليه. وقال المتحدث باسم الحملة بيل بورتون هذه ليست بالتأكيد سياسة الحملة فهذا التصرف هجومي ويعارض التزام أوباما بتوحيد الأمريكيين كما انه بكل بساطة لا يمت بصلة لنوعية الحملة التي نخوضها . وقال شريف عارف، وهو طالب في كلية الحقوق في جامعة رويت ميرسي ان الحادث وقع عندما كان برفقة أصدقائه في إحدي المحطات الانتخابية وطلب منهم الجلوس خلف أوباما وأوضح وافقنا ولكننا قلنا انه يجب إحضار أختنا معنا . وأضاف لكن عندما قلنا للسيدة التي تتحدث إلينا ان شقيقتنا تضع حجاباً رفضت وقالت انه لا يحق لها الجلوس وراء أوباما . وقال عارف ان صديقة أخري له قيل لها انه لا يمكنها الجلوس خلف المرشح الرئاسي إلا ّفي حال نزعت الحجاب عن رأسها. واظهرت استطلاعات للرأي ان واحدا من بين كل ثماني امريكيين يعتقدون خطأ ان اوباما مسلم. ونقل عن متحدث باسم الحملة الانتخابية للمرشح الديمقراطي قوله ان هذه ليست السياسة التي يتبناها اوباما في حملة لتوحيد جميع الامريكيين من اجل التغيير، مضيفا ببساطة هذه ليست الحملة التي نديرها . واعتذر مدير الحملة عن تصرفات المتطوعين. واشارت صحيفة ديلي تلغراف ذات التوجه اليميني ان الحادث يشير الي الدرجة التي يشعر بها منظمو حملة اوباما بصناعة صورة تقليدية لاوباما تخالف ما يدعو اليه من حملة للتغيير وتوحيد كل الامريكيين بكل الوانهم واعراقهم. وفي الوقت الذي نشأ فيه اوباما في اندونيسيا وتعلم هناك لفترة حيث كانت والدته تعيش مع زوجها الاندونيسي الثاني فان حملة اوباما رفضت دائما كل التلميحات بانه مسلم بل اكد اوباما اكثر من مرة انه مسيحي ومعتاد الذهاب الي الكنيسة منذ عشرين عاما في شيكاغو قبل ان ينفصل عن قسه جيرمايا رايت. ولكن الجدل حول هويته يتخذ طابعا مخالفا في اشرطة الفيديو القصيرة علي موقع يوتيوب حيث نلاحظ ان هناك عمليات محمومة لربط اوباما ليس بالاسلام ولكن بأسامة بن لادن وانه صورة اخري عن زعيم تنظيم القاعدة ولكن بدون لحية وهناك هوس في التشكيك في وطنيته وهو المرشح لكي يكون ساكن البيت الابيض. (المصدر: صحيفة ‘القدس العربي’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 جوان 2008)  

مباراة أردوغان – الدولة العميقة: نحو شوطين إضافيين حاسمين!

 

 
د. محمد نورالدين (*) قال رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان إن قرار المحكمة الدستورية حول طلب المدعي العام حظر حزبه، العدالة والتنمية، يجب ألا يتأخر صدوره. وبطبيعة الحال ليس الأمر بيد اردوغان فالصلاحيات بل استنساب استخدامها وتفسيرها هي في يد شلة من القضاة لا يتجاوز عددهم الأحد عشر. ليس صحيحا مع ذلك ان مصير البلاد والحزب متعلق بـ«أقلية» من القضاة. فهؤلاء ليسوا سوى رأس جبل الجليد الذي تكشف خلال العقود الماضية عن مجموعة من المؤسسات غير المنتخبة من الشعب وتشكل سلطة موازية وفعلية تسمى «الدولة العميقة» في مواجهة المؤسسات المنتخبة مثل البرلمان والحكومة المنبثقة منه. وبعدما خرجت رئاسة الجمهورية من عداد مؤسسات «الدولة العميقة» بتولي عبدالله غول موقعها اقتصر خيار الدولة العميقة على الادوات القضائية لمحاربة حزب العدالة والتنمية وخصومها الآخرين مثل الأحزاب الكردية. وعلى هذا كان تردد حزب العدالة والتنمية مثيرا للحيرة منذ انتهاء الانتخابات النيابية في يوليو الماضي وايصال غول لرئاسة الجمهورية. ومن بعد ذلك انكفأت الخطوات الاصلاحية المهمة والمؤثرة واستُدرج الحزب والحكومة التي يسيطر عليها الى فخ التدخل العسكري في شمال العراق الذي لم يعرف احد ماذا حقق والى أي مدى اضعف حزب العمال الكردستاني. كان مستغربا الا يمضي حزب العدالة والتنمية قدما في معركته الفاصلة مع مؤسسات وذهنية الدولة العميقة. ورغم ان اردوغان لاعب سابق في كرة القدم ويكثر من الأمثلة الكروية في المجال السياسي إلا انه نسي على ما يبدو ان اهم قاعدة في لعبة كرة القدم «وانا شخصيا كنت لاعب كرة قدم في الدوري اللبناني» هي ان الفريق الذي لا يسجل اهدافا في مرمى الخصم يتعرض مرماه لدخول الأهداف. مرمى اردوغان تلقى هدفا بإلغاء التعديل الدستوري بالسماح للحجاب في الجامعات وهو على وشك تعرض مرماه لهدف آخر في حال حظرت المحكمة الدستورية حزب العدالة والتنمية. في هذه الحال يصبح الفريقان متعادلين بعدما كان اردوغان قد سجل في الشوط الأول هدفين الأول الانتصار في الانتخابات النيابية في السنة الماضية والثاني ايصال عبدالله غول الى رئاسة الجمهورية. لم تنته المباراة بعد، رغم اقترابها من نهاية الوقت الأصلي واحتمال التمديد لشوطين اضافيين حتمي. لا يبدو ان التكتيك الذي اتبعه حزب العدالة والتنمية في الوقت الأصلي من المباراة سيكون مفيدا في الشوطين الاضافيين اي في المرحلة المقبلة. فلقد تبين للجميع ان خطوات الاصلاح من اجل التغيير التي انجزتها حكومة حزب العدالة والتنمية بقيت حبرا على ورق وأن الحريات التي تعززت لم تفض الا الى ارسال عنق حزب العدالة والتنمية الى المقصلة بما في ذلك المستقبل السياسي لأردوغان ورئيس الجمهورية نفسه. اليوم بعد ضرب المحكمة الدستورية بعرض الحائط وعلنا الدستور التركي لم يعد امام اردوغان سوى المواجهة الشاملة والاستفادة من دعم الجمهور له.فالرغبة في التدرج في التغيير وعدم التحدي لم تنفع. والدرس الذي يجب ان يخرج حزب العدالة والتنمية به هو ان التغيير اما ان يكون شاملا أو لا يكون. وللتوضيح ومنع الالتباس هذا لا يعني الدعوة للقيام بثورة شعبية أو اللجوء الى العنف. لكن ان ينتهي مشروع حزب العدالة والتنمية وشخصية مثل اردوغان في معركة محدودة يختلف ان ينتهي في معركة شاملة يمكن ان تكون رابحة ومحرجة لكل القوى المعادية للتغيير. دائما يقول اردوغان ان الشعب هو خياره الأخير.هذا ايضا ما كان يقوله رئيس الحكومة التركي في الخمسينيات عدنان مندريس الذي انتهى على حبل المشنقة بعد عشر سنوات من حكم تركيا منفردا. اليوم تغيرت الظروف ولم يعد ممكنا ان تلجأ قوى الدولة العميقة الى التصفيات الجسدية المكشوفة.لكنها لن تتخلى عن محاولاتها لتصفية الخصوم بألف وسيلة. اليوم ينتظر اردوغان القرار المشؤوم بحظر حزبه ومنعه هو و71 من قادة الحزب بمن فيهم غول من العمل السياسي. المطلوب غدا حمل مشروع التغيير الشامل عبر تأسيس حزب بديل والذهاب لانتخابات نيابية مبكرة مع وعد وحيد في حال النجاح بتغيير الدستور وتقديم دستور جديد الى الاستفتاء الشعبي لتكون الكلمة الأخيرة للشعب. فإذا نجح المشروع يكون انتهى الأمر بانتصار قوى التغيير وإن لم ينجح او ووجه بخطوات استئصالية أو انقلابية يكون المشهد انكشف عن حقائق ان التغيير في تركيا غير ممكن بالوسائل المتبعة حتى الآن. (*) خبير لبناني في الشؤون التركية (المصدر: صحيفة ‘الشرق’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 15 جوان 2008)

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.