الجمعة، 20 يوليو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2614 du 20.07.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


الأخبار: السلطات التونسية تعتقل « حماه الله ولد حننا » في مطار تونس موقع « مغاربية »:تونس تحتضن دورة تدريبية حول حقوق الإنسان جريدة « الصباح »:أكثر من 20 حارقا اختطفوا مركبا تونسيا وحوّلوا وجهته الى لمبادوزة الايطالية جريدة « الصباح »:الاستعدادات للمفاوضات الاجتماعية القادمة جريدة « الصباح »:ضبطتها دورية بحالة سكر فتورطت في قضية مخدرات صحيفة « الحياة » :تونس والكويت تطويان خلافاً عمره 17 عاماً صحيفة « الحياة » :بغداد تسعى إلى تسوية مع الكويت بعدما استردت طائرة من سويسرا وأخرى من تونس … رويترز :تونس تحصل على 77 مليون دولار قرضا من صندوق عربي موقع « إيلاف » :توقيع اتفقيات بين تونس والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي كلمة الدكتور زياد الدولاتلي في الندوة الوطنية حول الجمهورية محمد الحمروني: المعارضة تطالب بجمهورية ثانية محمد القوماني: قضيّة الرابطة..على طريق الحلّ خالد الطراولي: علم جديد : إعراب خارج القواعد ! (الجزء الأول) سفيان الشورابي :مواطن يتظلم من تجاوزات القضاء طالــب: إلى الصديق توفيق عياشي كفا لغطا كلاميا (تذكير) محمـد العروسـي الهانـي:من الواجب الوطني دعوة المناضلين الوطنيين لمواكبة الأعياد الوطنية وأصحاب المبادئ والقيم جمال الدين أحمد  الفرحاوي:مداءات مدى النص الهادي بريك:الإمام القرضاوي : آخر مجدد لآخر مائة وكالة رويترز للأنباء :واردات شمال أفريقيا ترفع أسعار القمح العالمية رويترز: المغرب يتعهد باحترام حقوق الإنسان في الحرب على الإرهاب موقع « سويس إنفو »:المغرب يعتقل ضابطا في الجيش وصحفيين بعد تسريب معلومات سرية صحيفة « القدس العربي »:الجزائر تجدد التمسك بمطالبة فرنسا بالاعتذار عن جرائم الاستعمار الأخبار: «التضامن العائلي» وجه جديد لـ«إخوان» مصر موقع ميدل ايست اونلاين :قتلة الغزال مثلوا بجثته صحيفة « الحياة » :فرنسا تؤكد زيارة ساركوزي لليبيا الأربعاء المقبل … المركز الفلسطيني للإعلام :رفض تسليم سلاح المقاومة ودعا إلى حوار فلسطيني صحيفة « القدس العربي »:هيومن رايتس ووتش تنتقد تدخل المؤسسة العسكرية التركية في الشؤون السياسية محسن المزليني:  رئيس مركز العادل للدراسات الإستراتيجية: الانتخابات التركية مفتوحة على كلّ الاحتمالات أنور إبراهيم: امتحان للغرب في تركيا حلمى النمنم: التوريث الأخطر..! توفيق المديني : رأي ودراسات :نظرة الأطراف المختلفة إلى الإنسحاب الأميركي د. بشير موسي نافع: عراق جديد، فعلاً، من القتلة والانتهازيين وأشباه القادة


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

قناة المستقلة تطلق برنامج « فضاء ديمقراطي » ظهر الأحد

برنامج أسبوعي عن أهم التطورات السياسية والإقتصادية

والسجالات الفكرية في الساحة التونسية 

يبدأ بثه يوم الأحد في الواحدة بعد الظهر بتوقيت غرينيتش

تبث قناة المستقلة بداية من يوم الأحد، من الأسبوع الجاري، برنامجا أسبوعيا عن أهم التطورات السياسية والأقتصادية والسجالات الفكرية في الساحة السياسية التونسية.

 

اسم البرنامج: « فضاء ديمقراطي ».

يبث البرنامج في الواحدة بعد الظهر، يوم الأحد، بتوقيت غرينيتش، الثالثة بعد الظهر بتوقيت تونس الصيفي.

ثم يعاد بثه في نفس اليوم، الأحد، في الخامسة مساء بتوقيت غرينيتش، أي السابعة مساء بتوقيت تونس.

كما يعاد بثه مرة ثانية في نفس اليوم، الأحد، في التاسعة ليلا بتوقيت غرينيتش، الحادية عشرة ليلا بتوقيت تونس.                                                                          

نرحب بتعليقات مشاهدينا في تونس خاصة، وفي بقية أنحاء العالم، وباقتراحاتهم للبرنامج، ونستقبل رسائلهم على البريد الألكتروني:

views@almustakillah.com

 

السلطات التونسية تعتقل « حماه الله ولد حننا » في مطار تونس

 
أعتقلت السلطات التونسية الليلة البارحة الطالب الموريتاني حماه الله ولد حننا في مطار العاصمة تونس بينما كان في طريقه إلى البلاد بعد أن أنهى دراسته الجامعية في تونس حيث درس  في جامعة « أصفاقس ». وقالت مصادر حقوقية للأخبار إن المعتقل « حماه الله ولد حننا » تم إعتقاله بينما كان في المطار مع زوجته في طريق العودة إلى موريتانيا بعد سنوات من الدراسة. (المصدر: وكالة الأنباء الموريطانية « الأخبار »  بتاريخ2007-07-20 14:45:17)

تونس تحتضن دورة تدريبية حول حقوق الإنسان

 
تنطلق يوم السبت القادم 21 يوليو بمدينة الحمامات الساحلية الدورة التدريبية السنوية السابعة عشرة حول حقوق الإنسان ينظمها المعهد العربي لحقوق الإنسان. وقالت روضة المعلاوي المسؤولة الإعلامية بالمعهد إن هذه الدورة التي يشارك فيها محامون وجامعيون من مختلف البلاد العربية ستستمر تسعة أيام. وستركز دورة السنة الحالية على « إشكاليات تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في مناطق النزاع المسلح » وستكون دارفور نموذجا. والمعهد العربي لحقوق الإنسان منظمة غير حكومية عربية مستقلة، تأسست سنة 1989، وقد تحصل المعهد على جائزة اليونسكو الدولية لتدريس حقوق الإنسان لسنة 1992. (المصدر: موقع « مغاربية » (المُمول من طرف وزارة الدفاع الأمريكية) بتاريخ 18 جويلية 2007) الرابط: http://www.magharebia.com/cocoon/awi/xhtml1/ar/news/awi/newsbriefs/general/2007/07/18/newsbrief-05
 

تونس تحصل على 77 مليون دولار قرضا من صندوق عربي

Thu Jul 19, 2007 10:26 PM GMT تونس (رويترز) – قالت وكالة انباء تونس الرسمية يوم الخميس ان تونس حصلت على قرض قيمته 98 مليون دينار (77 مليون دولار) من الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمساهمة في تمويل مشروع طرق برية. وقالت الوكالة ان المشروع سيمول جزئيا تطوير شبكة الطرق في ست ولايات وتحسين 537 كيلومترا من الطرق في المناطق الريفية. ولم تذكر الوكالة تفاصيل القرض. (المصدر: وكالة  رويترز للأنباء بتاريخ 20 جويلية 2007)

أكثر من 20 حارقا اختطفوا مركبا تونسيا وحوّلوا وجهته الى لمبادوزة الايطالية

السلطات الايطالية ترحّل «الحارقين» إلى تونس… وانطلاق التحقيق معهم

 
أقدم حوالي 22 شخصا تونسيا على اختطاف مركب تونسي وتتمثل صورة الحادثة في ان المظنون فيهم عزموا على «الحرقان» الى ايطاليا فهيأوا مركبا للغرض وامتطوه الا انهم وبعدما قطعوا مسافة لا بأس بها في المياه الاقليمية حصل عطل بالمركب وكادوا يهلكون لو لا تدخل ربّان بلانصيا تونسية هبّ لانقاذهم وفعلا صعد جميعهم على متنها وأدار الربان المحرك في اتجاه تونس ففوجيء بأولئك الاشخاص يهددونه بأسلحة بيضاء وشلوا حركته وقام احدهم بقيادة المركب في اتجاه ايطاليا.. ولما وصلوا الى سواحل جزيرة لمبادوزة تفطن لهم اعوان الشرطة البحرية الايطالية وتمكنوا من ايقافهم وانقذوا الربان فيما تم ترحيل «الحارقين» مساء اول امس الاربعاء الى تونس.. وحسب وكالة الأنباء الايطالية «انسا» يتعلق الامر بـ24 شخصا بينهم 4 نساء وطفلان..وقد باشر المحققون اجراء التحريات معهم في انتظار احالتهم على المحاكمة. مفيدة القيزاني (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 جويلية 2007)


أمين عام التجمّع في ندوة صحفية حول الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية:

7محاور كبرى تجسّد الاحتفال وطنيـا وجهويا ومحليا بذكرى إعلان الجمهورية

 
تونس – الصباح بمناسبة الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية الذي تحتفل به بلادنا يوم 25 جويلية الجاري، عقد السيد الهادي مهني أمين عام التجمع الدستوري الديمقراطي أمس بمقر الحزب ندوة صحفية سلط خلالها الاضواء على هذا الحدث وأبعاده ومضامينه إلى جانب برنامج الاحتفالات الذي أعدّ من قبل الحزب احتفاء بهذه الذكرى. وأكد السيد الهادي مهني أن الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية محطة هامة ومحطة خالدة نحتفل بذكراها كل 25 جويلية من كل سنة وأضاف بأن ذكرى الخمسينية تمثل أهمية كبرى أذن سيادة الرئيس زين العابدين بن علي بتنظيمها والاحتفال بها نظرا لأهمية الحدث ونظرا لوزنه كمكسب عظيم يحتل مكانة بارزة في تاريخ تونس وكان للحزب دور كبير في إرساء نظام الجمهورية. لذلك أذن الرئيس بن علي يوم 17 فيفري 2007 بتكوين لجنة تسهر على الإعداد لهذا الحدث وأوكل الاشراف عليها للتجمع الدستوري الديمقراطي وذلك تقديرا للدور التاريخي الذي لعبه الحزب في تأسيس الجمهورية. وأضاف أمين عام التجمع أن هذا الحدث يعدّ مناسبة متميزة لإذكاء الروح الوطنية وصيانة الذاكرة الوطنية وأكد أن الشعوب التي ليس لها ذاكرة ليس لها حاضر ولا مستقبل. واستعرض السيد الهادي مهني برنامج الاحتفالات بالذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية والذي يشتمل على عديد التظاهرات على المستوى الوطني والجهوي والمحلي والتي تشكلت في 7 محاور كبرى وهي: – الاحتفالات الوطنية. – التظاهرات الجماهيرية التي تخلّد الذكرى وتكرّم الوطنيين. – ندوات بمشاركة المناضلين والكفاءات والمؤرخين والناشطين. – إقامة معارض تبرز نضال الشعب من أجل الكرامة والسيادة. – برامج تخص الشباب وتخص المرأة والأنشطة الرياضية والثقافية. – إصدار نشريات تعرف بمكاسب الجمهورية. – منابر حوارية تبثها الاذاعات والتلفزة الوطنية إضافة إلى إصدار ملاحق خاصة في الصحف. النظام الجمهوري مكسب عظيم وأكد السيد الهادي مهني أن الغاية من كل هذا إبراز النظام الجمهوري كمكسب عظيم على التونسيين والتونسيات المحافظة عليه وصيانته. وأضاف أن تحول السابع من نوفمبر أنقذ تونس من الضياع وكما أنقذ الجمهورية من الأخطاء والانحراف حيث نزل التغيير الجمهورية منزلة عالية  من ذلك إعادة الحرمة للمؤسسات الجمهورية وتكريس جملة من الاصلاحات المتلاحقة والمكاسب العديدة والانجازات على مدى سنوات التغيير التي ستحتفل تونس بذكراها العشرين يوم 7 نوفمبر المقبل في نطاق برنامج طموح وشامل. مشاركة جميع التونسيين وبعد أن عدّد أمين عام التجمع الدستوري الديمقراطي محاور برنامج الاحتفالات بالذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية، ردّ على تساؤلات الصحافيين مؤكدا أن الندوات الفكرية المزمع عقدها بالمناسبة ستركز على كل القيم المدنية والتقليدية ذات العلاقة بالظرف الراهن والمستقبلي سواء فيما يتعلق بالأحداث المحلية أو حتى العالمية باعتبار أن تونس بلد متفتح وله بصمات في السياسة العالمية الدولية. وأضاف بأن الندوات التي سيعقدها التجمع ستحتوي على الكثير من الحوار في كل المسائل سواء منها السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.. ما عدا الثوابت ومسّ أعراض الناس. وفيما يتعلق بمشاركة وتشريك الجالية التونسية بالخارج في هذه الاحتفالات ذكر الأمين العام للتجمع أن للجالية حق على تونس وهناك برامج عديدة ستكون الجالية طرفا فيها بالحضور أو بالإعداد والتنشيط. نفس الشيء بالنسبة للمشاركة الشبابية حيث ذكر السيد الهادي مهني أن الرئيس بن علي يعطي أهمية قصوى للشباب لأنه ينظر إلى المستقبل بعيون الشباب. وبخصوص مشاركة المعارضة والمنظمات العمالية وغيرها في الاحتفالات بعيد الجمهورية أجاب السيد الهادي مهني أن تونس للجميع والجمهورية جمهورية الجميع وللكل الحق في الاحتفال بطريقته ومثلما يراه مناسبا.. ولكن لاوجود لتنسيق بين التجمع وهذه الأطراف وأضاف بأن المجتمع المدني يساهم حسب خصوصياته في إحياء هذه الذكرى. سفيان رجب (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 جويلية 2007)


الاستعدادات للمفاوضات الاجتماعية القادمة

 
يجري خلال هذه الايام نشاط حثيث في اوساط المنظمات الوطنية استعدادا للجولة الجديدة من المفاوضات الاجتماعية التي ستنطلق خلال شهر سبتمبر القادم. وفي هذا المجال علمنا ان اتحاد الصناعة والتجارة يجرى لقاءات مكثفة بين هياكله لاعداد ملف المفاوضات وضبط محتوياته ومواعيده. كما ينتظر ان يعقد الاتحاد العام التونسي للشغل بداية من اليوم هيئة وطنية بسوسة لوضع الخطوط العريضة بخصوص المفاوضات الاجتماعية وخوض غمارها. مسالك التوزيع والنشاط الموازي تمثل مسالك التوزيع المصدر الاساسي في تزويد باعة التفصيل في مجال الخضر والغلال، ويعتبر مخالفا كل من يعرض من باعة التفصيل سلعا مجهولة المصدر، لكن النشاط الموازي لبيع هذه المواد واقتنائها قد تطور خلال هذه المدة بشكل غريب، وعلى مرآى ومسمع من الجميع، حيث باتت الشاحنات ترسي امام دكاكين وأكشاك الخضر والغلال لبيعها انواع من هذه المواد. فهل تحررت مصادر التزويد من هذه المواد ام ان التجاوزات قد بلغت حدا اصبح معه سوق الجملة لا يفوز الا بالنزر القليل من الخضر والغلال ، ومقابل هذا ترفع الاسعار بالشكل الذي يريده الناشطون في هذا القطاع ؟ نقص الأدوية في المستوصفات  يبدو ان العديد من الادوية قد غابت منذ مدة عن مراكز الصحة الاساسية ، حيث تقتصر زيارة هذه المراكز على العيادات، اما بالنسبة لاقتناء الادوية فإن المريض بات مجبرا على اقتنائها من الصيدليات او الترقب لايام حتى تتم عملية تزويد المركز بالادوية… هذه الظاهرة سبق ان لفتنا انظار وزارة الصحة العمومية اليها، لكن الامر بقي عن حاله منذ عدة اشهر.. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 جويلية 2007)


ضبطتها دورية بحالة سكر فتورطت في قضية مخدرات

 
حضرت مؤخرا امام انظار الدائرة الجناحية الرابعة بالمحكمة الابتدائية بتونس متهمة في العقد الثاني من عمرها  لمقاضاتها من اجل تهمة السكر الواضح  واستهلاك  مادة مخدرة مدرجة بالجدول «ب» وتفيد وقائع القضية أنه على اثر قيام احدى الفرق الامنية بدورية لمقاومة التفسخ الاخلاقي  تم ضبط فتاة بحالة سكر مطبق بجهة باب الخضراء فتم ايقافها . واحيلت على باحث البداية وقد تبين أنها  بالاضافة الى حالة السكر المطبق فإنها  مستهلكة لمادة الزطلة وقد أثبت استهلاكها  لتلك المادة التحليل البيولوجي الذي اجري على سوائلها  كما أنه اثناء استنطاقها  اعترفت بانها اعتادت السهر والمجون خارج المنزل  وذلك نظرا لظروفها  الاجتماعية القاسية كما أنها  تعودت على استهلاك  المخدرات وبالتحديد  مادة الزطلة  التي كانت تقوم بحشوها  داخل السجائز  وتدخينها وتمسكت  المتهمة باقوالها  السابقة  خلال جلسة المحاكمة وطلبت العفو وصرحت بانها مطلقة ولديها طفل وهي العائل الوحيد له. وبعد مرافعة محامي الدفاع الذي طلب التخفيف  عن منوبته قدر الامكان  ومراعاة ظروفها  الاجتماعية خاصة وأن لديها طفل عمره 5 سنوات وبدخولها السجن سيفقد الرعاية والعطف. وبعد المفاوضة قضت المحكمة بسجن المتهمة مدة عام و 15 يوما. صباح ش (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 جويلية 2007)

تونس والكويت تطويان خلافاً عمره 17 عاماً

تونس – الحياة     طوت تونس والكويت خلافاً عمره 17 عاماً خلال اجتماعات الدورة الأولى للجنة المشتركة بينهما ومعاودة الرحلات الجوية المباشرة بين العاصمتين. وفي خطوة كرست المصالحة التونسية – الكويتية التي بدأها وزير الخارجية التونسي السابق حبيب بن يحيى بزيارات متعاقبة للكويت، أنهت اللجنة المشتركة أول من أمس اجتماعات دورتها الأولى التي استمرت يومين في الكويت برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح السالم الصباح ونظيره التونسي عبدالوهاب عبدالله. وأكد الوزيران أهمية الاجتماعات في تعزيز العلاقات وتطوير التعاون بينهما، بعد برود استمر نحو عقدين على خلفية تباعد المواقف غداة الاجتياح العراقي للكويت في العام 1990. ووقعا في ختام الاجتماعات سبعة اتفاقات وبرامج تعاون في مجالات السياحة والشباب والرياضة والتعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا والبيئة والشؤون الاجتماعية والثقافة. واعتبرت أوساط كويتية الاجتماع «محطة تاريخية مهمة» في العلاقات التونسية – الكويتية. وكان بن يحيى دشن مسار المصالحة من خلال لقاءات مع كبار المسؤولين الكويتيين، وفي مقدمهم الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح أيام كان وزيراً للخارجية ثم رئيساً للوزراء. وهذه ثاني زيارة للوزير عبدالله إلى الكويت خلال أقل من سنة. وتزامنت اجتماعات الدورة الأولى للجنة المشتركة مع معاودة «الخطوط التونسية» الرحلات المباشرة التي عُلقت بين مطاري تونس والكويت منذ العام 1990. وأفادت وكالة الأنباء التونسية الرسمية أمس أن عبدالله سلم خلال الزيارة التي قالت إنها تمت في «أجواء ايجابية وودية»، رسالة خطية من الرئيس زين العابدين بن علي إلى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في حضور ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح ووزير الخارجية الشيخ محمد الصباح، لم تكشف مضمونها. ونسبت الوكالة إلى رئيس مجلس الأمة الكويتي جاسم محمد الخرافي تأكيده لدى استقباله عبدالله حرص الكويت على تطوير التعاون مع تونس. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 جويلية 2007)

بغداد تسعى إلى تسوية مع الكويت بعدما استردت طائرة من سويسرا وأخرى من تونس …

وكيل وزير الخارجية لـ«الحياة»: عودة الطائرات العراقية إلى البلاد في حاجة إلى حل سياسي

 
بغداد – الحياة     أعلن وكيل وزير الخارجية العراقية محمد الحاج، أن بغداد تجري مفاوضات مع الاردن وتونس وسويسرا لإعادة الطائرات التي نقلت الى هذه البلدان خلال حرب الخليج الأولى، وقال لـ «الحياة» إن هذه الدول «أبدت مرونة كبيرة في التفاوض، فقد تنازلت الحكومة التونسية عن أجور الارضية للطائرة الرئاسية المؤمنة لديها فيما وافقت سويسرا على إعادة طائرة أخرى، وما زالت المفاوضات جارية مع الجانب الاردني لإعادة 9 طائرات». لافتاً الى ان الطائرات المؤمنة لدى الجانب الاردني «باتت مصنفة خردة، ولا يمكن استخدامها وابقاؤها لن يفي بالالتزامات المالية المتعلقة باجور الارضية». وعن المشاكل العالقة بين شركة الخطوط الجوية العراقية والحكومة الكويتية بعدما حصلت الاخيرة على حكم قضائي من محاكم بريطانية بتجميد اموال الخطوط الجوية العراقية وحجز كل طائراتها، قال الحاج: «ان وزارة الخارجية شرعت بعملية تفاوض واسعة مع الحكومة الكويتية توصلت خلالها الى تسوية بدفع 150 مليون دولار تعويضاً للطائرات الكويتية والمواد الأخرى التي استولت عليها حكومة صدام ونقلتها الى بغداد ابان حرب 1991»، وتابع ان «تقديم الخطوط الجوية الكويتية دعوى قضائية على الجوية العراقية امام محاكم لندن رفع مبلغ التعويض الى 480 مليون دولار، بعدما كسبت مجموعة من الدعاوى القضائية التي تبلغ قيمة تعويضاتها 940 مليون دولار وما زال باقي الدعاوى التي تصل قيمتها الى 500 مليون دولار أمام المحاكم». وعن الحلول المطروحة لمسألة الطائرات العراقية في الخارج أكد الحاج ان «الحل الأمثل للقضية يكمن في التسوية السياسية والتفاوض المباشر بين الحكومتين الكويتية والعراقية»، مشيراً الى «استعداد كبير لدى الجانب الكويتي للتفاوض مع العراق». وكان نظام صدام حسين أودع طائرات لدى عدد من البلدان قبل اندلاع الحرب في الخليج عام 1991، فتم نقل 47 طائرة مدنية وعسكرية الى ايران، وطائرة رئاسية الى تونس، فضلاً عن طائرة مدنية الى سويسرا، و9 طائرات اخرى الى الاردن، وتوصلت وزارة الخارجية العراقية الى تسويات تقضي بإعادة الطائرة الرئاسية من تونس والمدنية من سويسرا، وما زالت المسألة عالقة مع ايران والاردن. وتسعى الخطوط الجوية العراقية الى استئجار طائرات مدنية لسد النقص بعدما تم حجز كل الطائرات التابعة لها وتجميد أموالها بعد صدور حكم قضائي من احدى محاكم لندن لمصلحة الخطوط الجوية الكويتية، وتملك شركة الخطوط الجوية العراقية 3 طائرات مدنية تنقل المسافرين في رحلات داخلية بين مطارات بغداد والبصرة والسليمانية واربيل، فضلاً عن الرحلات الخارجية الى عدد من البلدان العربية. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 جويلية 2007)

تونس تحصل على 77 مليون دولار قرضا من صندوق عربي

 
تونس (رويترز) – قالت وكالة انباء تونس الرسمية يوم الخميس ان تونس حصلت على قرض قيمته 98 مليون دينار (77 مليون دولار) من الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمساهمة في تمويل مشروع طرق برية. وقالت الوكالة ان المشروع سيمول جزئيا تطوير شبكة الطرق في ست ولايات وتحسين 537 كيلومترا من الطرق في المناطق الريفية. ولم تذكر الوكالة تفاصيل القرض. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء (بريطانيا) بتاريخ 19 جويلية 2007)

توقيع اتفقيات بين تونس والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي

 
تونس – وقعت تونس والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي مذكرة تفاهم حول برنامج التعاون بين الجانبين خلال فترة تنفيذ الخطة الخمسية التونسية الحادية عشرة للتنمية 2007م ـ 2011م. كما وقع الجانبان اتفاقية قرض بقيمة 22 مليون دينار كويتي لتمويل برنامج للطرقات داخل البلاد وفي المناطق الزراعية. وقع الاتفاقيتان وزير التنمية والتعاون الدولي التونسي محمد نوري الجويني والمدير العام رئيس مجلس إدارة الصندوق عبد اللطيف يوسف الحمد الذي يزور تونس حاليا. وتشمل المجالات التي سيتولى الصندوق تمويلها وفق مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين قطاعات البنية الأساسية وخاصة الطرقات وقطاع التعليم العالي والطاقة والكهرباء ومشاريع تنموية أخرى. وقد بلغت مجمل مساهمات الصندوق في المشاريع التنموية التونسية حوالي 2ر2 مليار دينار تونسي شملت الطرقات السريعة والزراعة وتعبئة الموارد المائية إضافة إلى الصناعة والنقل والطاقة وغيرها. وأكد الحمد استعداد الصندوق لمواصلة دعم المشاريع التنموية التونسية لاسيما التي نصت عليها الخطة الخمسية الحادية عشرة. (المصدر: موقع « إيلاف » (لندن) بتاريخ 19 جويلية 2007)

واردات شمال أفريقيا ترفع أسعار القمح العالمية

 
الرباط (رويترز) – تسارع ايقاع واردات القمح الى شمال افريقيا هذا الاسبوع حيث لجأ المغرب الى السوق جراء الجفاف الذي ينتظر أن يغذي مزيدا من المشتريات بينما استغلت مصر ضعف الدولار للقيام بعملية شراء كبيرة. وأعلنت تونس يوم الخميس عن مناقصة لشراء 125 ألف طن من قمح الطحين في حين تفضي زيادة الورادات الى ارتفاع حاد في الاسعار العالمية. وصعدت أسواق العقود الاجلة الاوروبية للقمح الى مستويات مرتفعة لعقود التداول يوم الخميس وواصل القمح الامريكي في بورصة مجلس شيكاجو للتجارة مكاسبه عقب ارتفاعه نحو أربعة بالمئة يوم الاربعاء. غير أن مصادر بالصناعة قالت ان ارتفاع حجم المحاصيل في الجزائر وتونس ربما يحد من الشحنات الى المنطقة. وأكد المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني في المغرب يوم الخميس شراء 243 ألف طن من القمح اللين الامريكي ومن المتوقع ارتفاع الواردات لثلاثة أمثالها هذا العام الى ثلاثة ملايين طن بعدما عصف جفاف حاد بالانتاج المحلي. وقدرت الحكومة المغربية حجم انتاج الحبوب بواقع 2.1 مليون طن في الموسم الحالي من 9.3 مليون طن العام الماضي. وفي وقت سابق هذا الاسبوع اشترت الهيئة المصرية العامة للسلع التموينية 325 ألف طن من القمح الامريكي والروسي فيما يعد من أكبر مشترياتها ليوم واحد في السنوات القليلة الماضية. وجعل ضعف الدولار من الولايات المتحدة مركز جذب للجانب الاكبر من النشاط في سوق القمح. وقال ريتش فيلتس مدير الابحاث في مان جلوبل ريسرش « أعتقد أن الصفقة المصرية… كانت صيحة تنبيه بأن القمح الامريكي هو الارخص في العالم. » وقال محمد شريف ولد حسين رئيس غرفة الزراعة الجزائرية ان الجزائر تتوقع محصولا جيدا هذا العام. وأضاف « نتوقع موسما جيدا. ربما يؤثر هذا في الواردات لكن علينا أن ننتظر لان حجم الاستهلاك غير مستقر. » ولا يكشف عن الارقام الحكومية الرسمية لاستهلاك الحبوب. ويقدره خبراء الصناعة بنحو تسعة ملايين طن. وكان محمد قاسم المدير العام للديوان المهني الجزائري للحبوب قال في يونيو حزيران انه يتوقع أن يصل محصول الحبوب الى 4.8 مليون طن مقارنة مع أربعة ملايين طن في 2006. وقال ان الجزائر بحاجة الى استيراد 2.5 مليون طن من القمح اللين و2.6 مليون طن من القمح الصلد هذا العام. وتتوقع تونس تحسن محصول الحبوب هذا العام لكن ثمة مخاوف بشأن الجودة. وقال مصطفى لسود المسؤول من الاتحاد الوطني للفلاحة « الارقام غير واضحة بعد لكن المؤشرات تشي بارتفاع محصول الحبوب هذا العام… محصول في المستوى المتوسط. » ومتوسط المحصول السنوي في تونس مليونا طن تقريبا. وحصدت 1.6 مليون طن من الحبوب في الموسم الماضي نزولا من 2.1 مليون طن في 2005 لسوء الاحوال الاجوية. وأضاف لسود « تأثرت جودة الحبوب بأمطار غير مواتية في نهاية الموسم هذا العام لكن لدينا كمية كافية وعليه ستقل الواردات. » ويحتاج البلد الى استيراد ما لا يقل عن 600 ألف طن من القمح اللين حتى في سنوات المحاصيل الجيدة. وتجاهد ليبيا المجاورة لتقليل الاعتماد على واردات الغذاء مع التركيز على تطوير محاصيل الشعير. وقال مسؤول حكومي دون اسهاب « سوف تستورد ليبيا من الخارج معظم احتياجاتها من القمح اللين والصلد العام القادم كما في السنوات الماضية لكن تطور زراعة الشعير في السنوات القليلة الماضية مشجع. » (الدولار يساوي 8.145 درهم مغربي) من الامين الغانمي (شارك في التغطية حامد ولد أحمد في الجزائر وسونيا ونيسي في تونس وصلاح سرار في طرابلس) (المصدر: وكالة رويترز للأنباء (بريطانيا) بتاريخ 19 جويلية 2007)  


 

بسم الله الرحمان الرحيم كلمة الدكتور زياد الدولاتلي في الندوة الوطنية حول الجمهورية

أيها الإخوة و الأخوات تونس اليوم وكذلك بقية الشعوب العربية في مفترق الطرق فإما أن تتجه نحو الديمقراطية وإما الدمار.. إما أن يقع التغيير بالوسائل السلمية والوسائل الحضارية وإلا فإن الشباب العربي لن يكون له الخيار غير رفع سلاح المقاومة ضد الفساد والاستبداد و التبعية. ونحن في حركة النهضة إذ نرفض رفضا شديدا وقطعيا و مبدئيا اعتماد المقاومة المسلحة في الوطن العربي لأنها تأتي على الأخضر واليابس فإننا نعتبرأننا مسؤولون جميعا على ضرورة التعاون و التنسيق وتوحيد الصفوف كي تتدرج شعوبنا العربية نحو الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية ولا تبقى جزرا معزولة بين شعوب العالم التي تقدمت و قطعت أشواطا في اتجاه الحرية والديمقراطية. فمسؤوليتنا اليوم ونحن نحيي تأسيس الجمهورية .. الجمهورية التي ضحت لأجلها آلاف من شباب الشعب التونسي و من كل الأطياف المعارضة الوطنية .. من أجل مقومات جمهورية حقيقية هذه المقومات المفقودة اليوم. والتي يتحمل النظام و الحزب الحاكم مسؤولية افتقادها و كذلك المعارضة التونسية في قسم منها .  أنا اليوم لن أتحدث عن مسؤولية الحزب الحاكم فالنخب التونسية و العربية كلها مجمعة أن الحكومات العربية عاجزة أن تحدث التغيير الديمقراطي. وذلك لعدة أسباب يطول شرحها، ولضيق الوقت سأمر على هذه النقطة لأنها محل إجماع و سأخصص جزءا قليلا من هذا الوقت للحديث عن مسؤولية النخب التونسية والمعارضة بالأساس.  صحيح أن الأنظمة العربية مستبدة وأن الأنظمة العربية باغية ولكن الوقوف على هذه الحقيقة  لن يغير شيئا إذا كانت النخب ذاتها مشتتة..  النخب العربية رغم الاضطهاد المسلط عليها و ضعفها تقصي بعضها البعض.. فهل يمكن لنا أن نغير هذا الواقع بنخب مشتتة.. بنخب تقصي بعضها البعض بتعلات ايديولوجية.وهل يمكن لهذه النخب  أن تحدث تغييرا لأنظمة مستبدة مدعمة من الغرب..؟ وهل يمكن أن تحدث تغييرا لأنظمة مدعمة بالحديد و النار من أعتا قوى الاضطهاد و الاستبداد في العالم.  فلا خروج ولا سبيل للخروج من هذا المأزق الخطيرإذا لم نعمل معا على تغيير هذا الواقع ..هناك الآن العديد من الشباب التونسي يعايشون اليأس من إمكانية التغيير الديمقراطي .. يئسوا من المعارضة الوطنية ..يئسوا من النخب التونسية.. ولم يبق أمامهم إلا التفكير في الوسائل اليائسة. فهناك اليوم أكثر من 3000 سجين من خيرة شباب تونس في السجون التونسية، تهمتهم الوحيدة أنهم يئسوا من إمكانية التغيير السلمي الديمقراطي فذهب اليأس ببعضهم حد التفكير في سلوك طريق العنف.. نحن يؤلمنا ذلك لأن فيه خسارة لابني أو ابنك أو أي احد من خيرة أبناء التونسيين فبدل من أن يساهموا في مجهود  التنمية و البناء الديمقراطي نجدهم اليوم محشورون في غياهب السجون و المعتقلات . سيعود هذا الطريق بالوبال حتما على هؤلاء الشبان ولكن سيعود بالوبال أيضا على لبلاد و كل النخب التونسية. يقول تعالى « واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة.. » ويقول تعالى   »   الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك صوت عذاب.. « .. عندما يأتي العذاب فإنه لن يميز ما بين وطني ديمقراطي و بين مستبد و طاغ و ظالم، النار عندما تأتي تأكل الأخضر واليابس. لا يوجد بيننا أحد يرضى هذا الأمر فالنداء موجه اليوم للحزب الحاكم نحمله المسؤولية، فإما أن ينقذ البلاد بفتح الباب أمام كل الأصوات التي تنادي بالتغيير السلمي وإلا فإن التاريخ لن يرحمه و الأجيال القادمة لن ترحمه. و إذا كانت اليوم أمريكا بقوتها وجبروتها وبلدان العالم كلها متحدة فشلت بقوة الحديد و النار في العراق.. فشلت في فلسطين ولبنان.. فشلت أمام إرادة الشعوب في الحرية و الكرامة فكذلك الشباب العربي إذا لم يبق أمامه إلا طريق المقاومة المسلحة المدمرة فانه سيسلكها ولن يتراجع عنها.. فتلك سنة الحياة.  إن مصلحة الحزب الحاكم اليوم ومصلحة السلطة أن تفتح أبواب العمل السلمي لكل المواطنين الذين يريدون خدمة مصلحة بلادهم والإسهام من اجل إنقاذ شعوبهم من الفوضى و الدمار لذلك النداء موجه اليوم لكل الأطراف لأقول إنه أمامنا محطة أساسية .. -محطة انتخابات 2009- الذي يريد أن ينقص من قيمتها لا يدرك معنى السياسة. فأعلى هرم السلطة أمام هذه المحطة إما أن يعمل على أن ينقذ البلاد بنقلة ديمقراطية حقيقية ويفرج عن المعتقلين السياسيين ضحايا الاستبداد.. وإلا فان اليأس سيتعمق لدى الشباب ولا يمكن يومئذ أن نوقفه نحن و لا هم ولا أمريكا .. الذي يمكن أن يوقفه هو الرجوع إلى خيارات المصلحة العليا للبلاد دون إقصاء من أجل البناء الديمقراطي السليم.  نحن في حركة النهضة  في مؤتمرنا الأخير عبرنا بوضوح أننا على استعداد للتفاعل الايجابي مع كل المبادرات التي تقوم بها السلطة في اتجاه التغيير السلمي الحقيقي ونحن نرى أن المصالحة والتغيير السلمي الحقيقي يجب أن يشمل كل القوى الوطنية فليست لنا مطالب خاصة بنا كحركة النهضة.. هناك مطالب تهمنا كلنا، السفينة مهددة بالغرق ، و بالتالي فمسؤولية إنجاح انتخابات 2009 بشروطها الديمقراطية تقع على عاتق رئيس الدولة و الحزب الحاكم والمعارضة كذلك .. فدور المعارضة   يتمثل في العمل من الآن على توحيد صفوفها.. ليس التوحيد المبني على الإدماج و إنما التوحيد المبني على التنوع و الاختلاف البناء.. التوحيد المبني على الاتفاق على القواسم المشتركة للمقومات الأساسية للديمقراطية وحقوق الإنسان و الثقافة الوطنية.. هذه هي المقومات التي توحدنا.. لا أقول المعارضة التونسية فقط بل توحيد كل أطياف المجتمع.. كذلك يجب توحيد صفوف الشباب حول التغيير الديمقراطي السلمي و النضال كأولوية مطلقة لإقامة مقومات الجمهورية. فمن حق وواجب القوى النقابية و الحقوقية و الجمعياتية أن تشارك في هذه المعركة.. معركة التحرر والبناء الديمقراطي. الآن الحزب الحاكم يريد أن يصنع كارتونات ليشتت ويعمق القطيعة و العداء بين مقومات المجتمع المدني..فهو يجرّم كل نضال مشترك من أجل الحرية.. فمشاركة هذه الجمعيات و النقابات في النضال من أجل الحرية و الديمقراطية وحقوق الإنسان جريمة في نظره.. هذه العقلية لم تكن موجودة عندما كان آباؤنا يقاومون الاستعمار .. كان الكل موحدين صفا واحد نقابيون وشباب وجمعيات وسياسيين … ذهب البعض إلى فرحات حشاد وقالوا له نحن مهمتنا نقابية بحتة وأنت تريد أن تدفع بنا نحو مواجهة الاستعمار بدعمك للسياسيين.. فكانت له هذه القولة الشهيرة والتي مفادها: إنه لا تتحقق مطالبنا النقابية العادلة إلا في إطار الحرية.. وأنا أقول من هنا انه لا يمكن للمحامين و لا النقابيين و لا الحقوقيين ولا لغيرهم أن يتحصلوا على حقوقهم المشروعة و العادلة ولا أن يرتقوا بواقعهم  في ظل التبعية و عدم الاستقلالية وفي غياب الدفاع عن الحرية  الديمقراطية وحقوق الإنسان. فالديمقراطية وحقوق الإنسان هي المقومات الأساسية لكل مناضل أينما كان موقعه سواء في جمعية أو نقابة أو أي مكان.. حتى النخب الأكاديمية اليوم تعاني من الظلم والطرد من الجامعة بسبب أنشطتهم النقابية والحقوقية وانتماءاتهم السياسية مثل الأستاذ رشيد الشملي الذي قام بإضراب جوع لأنه أراد أن يصلح قطاعه وهو عضو في رابطة حقوق الإنسان فتعرض للاضطهاد وتم إقصاؤه من الجامعة ومن التعليم .. إن تجريم الاهتمام بالشأن العام جريمة في ذاته وهي أيضا جريمة عظمى لكونها تفرغ مقدرات البلاد البشرية والذهنية و الابداعية و تجفف مؤهلاتها الأكاديمية و السياسية و مع أن تبعات هذا الشلل العام والتصحر يتحمل و سيتحمل مسؤولية نتائجه السلطة الحاكمة إلا أن المسؤولية التاريخية من جهة المهمات النضالية المطلوبة مناطة في عهدة كل واحد منا ذلك ، أن نضجا لابد أن يكون قد توفر لدى الجميع لنتجاوز ذواتنا و مصالحنا الضيقة و نقبل ما نحن عليه من اختلاف ونحترم مافينا من خصوصيات. و في ذلك إثراء للحياة وضمان للتطور نحو مستقبل أفضل لمجتمع حر و ديمقراطي.                                                                                 و السلام

 

المعارضة تطالب بجمهورية ثانية

 
محمد الحمروني شدد المتدخلون خلال الندوة التي أقيمت السبت الماضي (7 / 7 /2007 ) بالمقر المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي على ضرورة توحيد الصفوف والاستعداد للمحطات السياسية القادمة. وأكد المتدخلون خلال الندوة التي نظمتها هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات بمناسبة الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية على  تحميل السلطة المسؤولية الأولى على الانغلاق السياسي الذي عاشته البلاد وما انجر عنه من أزمات من التعاضد إلى الخبز وما تبعها من محاكمات شملت مختلف العائلات الفكرية والفئات الاجتماعية. كما حمّل المتدخلون المعارضة جزءا كبيرا من المسؤولية بسبب عجزها عن القيام بالمهام التاريخية المطروحة عليها خاصة في المحطات والمنعرجات الكبرى التى عاشتها البلاد. وأعادوا سبب هذا العجز إلى حالة التشتت التى تعيشها المعارضة وتخلي نخبها عن القيام بمهامهم الأصلية في محاربة الاستبداد و الانشغال بدلا عن ذلك بتصفية الحسابات وتشكيل التحالفات ضد بعضهم البعض. وترأس الاجتماع  السيد منجي اللوز عضو المكتب السياسي للديمقراطي التقدمي الذي شدد على أن الندوة تنعقد بمناسبة الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية. وأكد على انه كان يفترض أن يتوجه الجميع -معارضة وسلطة- إلى الشعب بأفكارهم ورؤاهم ومبادراتهم من اجل إصلاح وضع النظام السياسي الذي آل إلى حالة سيئة أصبحنا نمثل بموجبها استثناء في المحيط القريب والبعيد.  وأوضح أن هناك توقعا من طرف المعارضة بان يعمد الحكم الى تكرار اسطوانة الانجازات والمكتسبات، معتبرا أن المسالة اليوم في تونس ليست مسالة تعداد المنجزات بل هي دراسة حال النظام السياسي التونسي السيئ جدا. فالحكم يعدنا بجمهورية الغد وهي ستبقى جمهورية مؤجلة للغد. فالذي يحدث اليوم هو انتهاك دستور البلاد وتعطل كل مواده الضامنة للحدود الدنيا لقيام نظام جمهوري وبصفة خاصة التداول على الحكم والعودة إلى نظام الرئاسة مدى الحياة. وعدد اللوز مساوئ الوضع السياسي القائم الان وقال « اليوم تنتهك الحريات ويجرّم الرأي وينتهك الدستور، ويقبع المساجين بالعشرات منذ 15 عاما في ظروف سجنية قاسية ويمنع الأحرار من التعبير عن أرائهم وتحتكر جميع السلطات في يد السلطة التنفيذية وتزيف إرادة الشعب وجميع الانتخابات على مدى خمسين عاما ». ولذلك « فليس لدينا ما نفخر به ولا ما نحزن عليه إن تغيرت هذه الجمهورية ». وذكّر رشيد خشانة، عضو المكتب السياسي للديمقراطي التقدمي في كلمته التي ألقاها نيابة عن الحزب، بالظروف التي انعقدت فيها الندوة وهي ظروف سبق وان منعت فيها العديد من التظاهرات، معتبرا أن النجاح في إقامة تظاهرة حول الجمهورية وبحضور عدد كبير من الرموز السياسية والحزبية التي كانت ممنوعة من قبل مكسبا مهما تحققه هيئة 18 أكتوبر. وعاد خشانة بالحضور إلى ما اسماه الأصل الذي تأسست عليه عيوب النظام السياسي في تونس وهو دستور سنة 1959، الذي وضع في ظروف كانت البلاد تمر فيه بحالة من الحرب الأهلية بين اليوسفيين والبورقيبين، وحرب إقليمية وهي حرب التحرير الجزائرية التي مثلت تونس وحدودها الشرقية مقرها الأساسي. إضافة إلى أن الدستور وضع في ظل بناء الثكنات العسكرية الفرنسية والوجود العسكري و الزراعي، لذلك كان غير عادي وكان لا بد من إعادة النظر فيه حتى يتحول إلى دستور يليق بالديمقراطية والحرية، وهذا ما لم يحصل. وذكر خشانة أيضا بالظرف التي حفّت بتسلم الرئيس بورقيبة للسلطة وحصره كل السلطات بين يده لما كان وزيرا اكبر، وجمعه فيما بعد بين صلاحيات الوزير الأكبر وصلاحيات الباي بعد أن تم إلغاء النظام الملكية. وكان نتيجة ذلك أن بلادنا لم تعرف غير برلمان أحادي اللون وذلك منذ برلمان سنة 1956. كما كان نتيجة ذلك تعاقب الأزمات على البلاد من أزمة التعاضد إلى أزمات اتحاد الشغل إلى أحداث الخبز وغيرها. وترافقت مع تلك الأزمات سلسلة من المحاكمات الكبرى شملت كل العائلات السياسية. وختم خشانة بالقول » نحن أمام استحقاق انتخابات سنة 2009 فإما أن نساهم في إعادة إنتاج الاستبداد أو أن نجعل منه محطة للتداول السلمي على السلطة…. ». واكد مصطفى بن جعفر الأمين العام لحزب التكتل من اجل العمل والحريات على اعتزازه بالحضور المتميز من حيث الكم ومن حيث النوع. وشدد على انه « عندما يكون لصندوق الاقتراع حدا أدنى من الشفافية يصبح من الممكن ان نرى نتائج لغير فائدة النظام » . وقال « نحن نتفق على أن الجمهورية توقفت عند حدود إعلانها سنة 1959 وبقيت بدون مضمون.. لأنه لا معنى للجمهورية دون ديمقراطية وحرية ومساورة حقيقة، وهذه الأركان مختلة تماما كما لا يمكن أن نتصور جمهورية دون مواطنة بكل معانيها الأمر الذي لم يتوفر منذ الاستقلال إلى اليوم ». وتعرض بن جعفر إلى الجدل الدائر حاليا في بعض الأوساط حول مسالة المصالحة وقال « هناك اليوم تساؤلات متعددة حول نوايا السلطة في الفترة القادمة ونحن جربنا لسنوات عديدة قدرة السلطة على المناورة .. نحن أمام ضرورة توحيد الصف النضالي ولا يجب أن نقع في فخ التشكيك في بعضنا ». وتحدث بن جعفر عن ضرورة جعل الانتخابات القادمة مناسبة للتعبئة الجماهيرية والسؤال هو هل ستكون المعارضة في قلب الحدث من اجل القيام بذلك ام لا مذكرا بانتخابات 2004 ومحملا المعارضة جانبا من المسؤولية في الفشل وتعطل المسار الديمقراطي لان المواطن ينتظر في هذه المناسبات من المعارضة أن تكون موحدة ومجتمعة وذات موقف واضح . وتكفل السيد حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي بتقديم رؤية هيئة 18 أكتوبر وقراءتها لمسالة الجمهورية في عيدها الخمسين. وشدد حمّة على أن مكونات المجتمع المدني كانت تتمنى أن يكون هذا الاحتفال بمناسبة الاحتفال بالجمهورية حقيقيا، ولكنهاللأسف تلتقي اليوم لتنعى هذه الجمهورية لأنها ليست حقيقية ولأنها كانت منذ إعلانها جمهورية بلا روح. وأوضح الهمامي أن « هذا النظام جمع في يديه كل السلطات وتحولت معه الرئاسة إلى رئاسة مدى الحياة وألغى كل مضامين الجمهورية من حرية وحقوق وعدل وديمقراطية وتداول » مذكرا بمقاومة التونسيين لهذا الواقع وبما أصاب مختلف الفئات الاجتماعية و الفكرية والسياسية من اضطهاد. واعتبر أن القمع لعب دورا كبير في تعطل المعارضة في بلادنا إذ أن مناخ الحرية هو المناخ الوحيد الذي يمكن للمعارضة أن تنمو فيه وتتطور. واستدرك الهمامي ليبين انه لا يجب الاكتفاء بالحديث عن قمع السلطة والتغافل عن دور المعارضة في تعطل نموها ونمو المجتمع ككل وذلك بسبب حالة التشتت التي عاشتها لفترات طويلة، ملاحظا انه خلال السنوات الأخيرة بدا هناك نوع من التغير في رؤية المعارضة، وكان إضراب الجوع مرحلة دفعت بالمعارضة التونسية للتطور ولأول مرة التقت مختلف أطياف المعارضة على الحد الأدنىالذي كان أساسا لوحدة عمل جمعت مختلف الأطراف السياسية والفكرية. الجمهورية هي بالأساس حرية وديمقراطية وتداول ولكن أيضا حرية صحافة فلا يمكن ان نتحدث عن الجمهورية في ظل القمع التام للأصوات الحرة. تلك كانت الفكرة الرئيسية لتدخل رئيس نقابة الصحافيين ومراسل قناة الجزيرة الصحفي لطفي الحجي. وشرح حجي ظروف عمل الصحافيين فقال « هناك قمع للصحافيين يصل الى حد الاعتداءات الجسدية وتلفيق القضايا إضافة إلى المنع من الكتابة إذ تم إحصاء 22 من خيرة الصحافيين ممنوعون من الكتابة في تونس ». وشدد على أن هناك صحفيين يسرقون مثلما وقع لطاقم قناة الحوار التونسي الذي سرقت منه 6 كاميرات ولطفي الحيدوري الذي سرقت منه مصورة وكاميرا..واعتبر حجي أن هذه محاولة للحد من قدرة الصحافة الحرة. وأوضح أن هناك صحافيين يستغلون داخل مؤسساتهم الإعلامية بتواطئ واضح بين الأعراف والسلطة، وهذا الوضع دفع بعديد الصحافيين إلى الهجرة حتى يستطيعون ممارسة قناعاتهم، مشيرا إلى أن ما أوصلنا إلى هذا الوضع هي القوانين والسلطات المطلقة التي تمنح لبعض الجهات في السلطة في إسناد الرخص. وأعلن الحجي عن المطالب الأساسية لقطاع الصحافة وهي إصدار قانون جديد للمطبوعات يقطع مع القانون القديم وتحديد صلاحيات وزير الداخلية في تطبيق القانون الجديد وهو ما يمكن أن يعطي نفسا جديدا للجمهورية. وشدد زياد الدولاتلي القيادي بحركة النهضة على أن بلداننا العربية والإسلامية في مفترق طرق، فإما أن تتجه إلى الديمقراطية والحرية وإما إلى الفوضى مؤكدا على أن أبناء الحركة الإسلامية متمسكون بالوسائل السلمية والحضارية في التغيير ومتمسكون أيضا بوحدة الصف من اجل التدرج ببلداننا نحو الديمقراطية والحرية وحتى لا تبقى استثناء في محيطنا الإقليمي والدولي. وذكر الدولاتلي بالتضحيات التي قدمها الآلاف من آبائنا وأجدادنا من اجل التخلص من الاستعمار وإقامة هذه الجمهورية. كما ذكر بالتضحيات التي قدمها الآلاف من الشباب والمناضلين من مختلف مكونات الطيف السياسي المعارض ببلادنا من اجل توفير شروط تحقيق هذه الجمهورية. والمسؤولية حسب رأيه ملقاة أولا على عاتق الحكم ولكن الأطراف المعارضة والنخب تتحمل أيضا جزءا من المسؤولية.. واعتبر الدولاتلي أن من القراءات الممكنة لأحداث سليمان ما ذهب إليه بعض المتابعين للشأن السياسي في بلادنا الذين رأوا في تلك الأحداث يأسا من إمكانية التغيير بالطرق السلمية ويأسا من المعارضة . لذلك نرى اليوم الآلاف من أبنائنا يقبلون من شدة اليأس ربما على مثل هذا التوجه حتى أضحت أعداد المساجين ممن تقول السلطة أنهم من أتباع هذا التيار تعد بالآلاف. واعتبر الدولاتلي أن لا خيار أمام أهل الحكم بلادنا للخروج بأمان من مفترق الطرق الذي نعيشه غير فتح الباب للمشاركة السياسية وإقرار ديمقراطية حقيقية، ذلك أن من مصلحة السلطة والبلاد أن تفتح أبواب العمل السلمي للجميع. وشدد بالقول  » نحن على استعداد للتفاعل الايجابي مع كل بادرة تقوم بها السلطة في اتجاه التغيير السلمي الحقيقي الذي يجب أن يشمل كل القوى الوطنية لأنه ليس لدينا مطالب خاصة بنا »، داعيا المعارضة إلى توحيد صفوفها توحيدا مبنيا على احترام الاختلاف والتنوع لا على الإكراه والى وحدة مبنية على الاتفاق على المبادئ والقواسم المشتركة لهذا البلد وهويته وكانت الندوة شهدت حضورا كبيرا ونوعيا بلغ وفق بعض التقديرات نحو 300 من الناشطين السياسيين والحقوقيين والنقابيين. كما شهدت الندوة حضور بعض عائلات المساجين وعدد من ممثلي اتحاد المعطلين عن العمل. الندوة التي غص بها مقر الحزب الديمقراطي التقدمي بدأت وانتهت برفع الحاضرين نشيد الثورة وسط أجواء حماسية تعلن عن درجة الاستعداد الكبيرة لمناضلي مختلف الحساسيات السياسية للتصدي للتحديات القادمة

قضيّة الرابطة..على طريق الحلّ

               محمد القوماني

     

 تكررت اللقاءات خلال المدة الأخيرة بين رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الأستاذ مختار الطريفي وبين رئيس الهيئة العليا للحريات وحقوق الإنسان السيد منصر الرويسي. وهذا في حد ذاته مؤشر على بداية التواصل بين السلطة والرابطة بعد سنوات من القطيعة التي لم تعرف غير المنع وبيانات الاستنكار والحملات الإعلامية المتبادلة.

ولئن لم تأخذ هذه اللقاءات إلى حد الآن عنوان الحوار، أو بالأحرى التفاوض، واكتفى فيها السيد الرويسي بالتأكيد على أن دوره يقتصر على السماع والتبليغ. وبالتالي لم تطرح أرضية للحل ولا أجندة محددة في المواضيع والزمن، فإنه لا يخفى على أي متابع أن مجرّد تكرار اللقاءات دليل على توفّر ظروف أفضل لحلحلة الأزمة. أما الحكم على مستقبل هذه الخطوة فيظل رهين ما ستكشف عنه الأسابيع القادمة من اختبار الإرادة السياسية للسلطة في وضع قضية الرابطة على طريق الحل، خاصة بعد الرسالة التي وجهها رئيس الرابطة إلى رئيس الدولة طالبا فيها التدخل في هذا الإتجاه. وبالتوازي اختبار مدى قدرة الرابطيين على إدارة حوار ديمقراطي  بينهم دون إقصاء والتوافق بينهم على صيغ عملية للخروج من الأزمة الحالية.

وإذا كان اللغط حول هذه اللقاءات أكبر على ما يبدو مما يحصل فعليا، فإنه من المهم التنبيه إلى أن الاختلاف حول تقدير دوافع كل طرف إلى هذا الحوار المأمول وغاياته منه، لا يجب أن يحجب الاختلاف الحقيقي بين إرادتين على هذا الصعيد، داخل السلطة ودوائرها كما داخل الرابطة ودوائرها،أعني إرادة البحث عن حل مشرف والسعي إلى تحققه في المستقبل القريب، وإرادة التشكيك في النوايا واستمرار الأوضاع على ما هي عليه أو دفعها نحو مزيد التأزّم.

      صحيح أن العلاقة غير الصحيّة بين السلطة والرابطة تعود إلى تاريخ تأسيس هذه الجمعية ومشوارها الطويل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والتصدي للانتهاكات على هذا الصعيد، لكن صحيح أيضا أن كثيرا من التوتّرات وحتى الأزمات الحادة الطارئة في مراحل مختلفة، عرفت طريقها إلى الحل بمبادرات معلومة. لذلك يبدو من المستبعد، وغير الواقعي أصلا، أن نأمل في حل جذري ومرضي لجميع الأطراف من خلال هذا الحوار المأمول، لكن من الأكيد أن وضعا أفضل للعلاقة بين السلطة والرابطة ممكن جدا، وان حلولا لبعض المسائل الخلافية غير مستبعد. ذلك أن إنهاء هذه الأزمة مصلحة حيوية للطرفين.

       لم تنجح السلطة خلال السنوات الأخيرة من الأزمة، التي سبقت موضوع إعادة الهيكلة وتعود إلى نتائج المؤتمر الوطني الخامس في أكتوبر2000، لم تنجح في إخضاع الرابطة وفرض شروطها عليها، كما لم تنجح في تأليب الرابطيين، بمن فيهم المنتمين للتجمع الدستوري الديمقراطي، ضد الهيئة المديرة ولم تجد تجاوبا في استعمالهم ضدها من أغلب القاعدة الرابطية. وفي المقابل نجحت الهيئة المديرة والفروع في الصمود دفاعا عن استقلالية الرابطة. لكن لا أحد ينكر التداعيات السلبية الخطيرة للأزمة الأخيرة على وضع الرابطة، التي تعطلت أنشطتها مركزيا وجهويا وتراجعت قاعدتها وانحسر حزامها وتآكلت كوادرها وفقدت موقعها المتقدم داخل المجتمع المدني وفي شبكة حقوق الإنسان.

        ظلت السلطة خلال مرحلة الأزمة تؤكد على أن الرابطة مكسب وطني لا تنوي استهدافه و ظلت الهيئة المديرة تؤكد على أن يدها مفتوحة للحوار و أنها لا ترى حلا إلا عبره، وتلك أرضية يمكن البناء عليها . غير أن أيّ تقدم نحو الحل يفرض عدم الخطأ في عناوين الخلاف و أرضية الحوار ، فالخلاف بين السلطة  والرابطة سابق لمسألة إعادة الهيكلة و قضية الدمج كما اشرنا سابقا . و من المهم تبين عناصر الخلاف الجوهرية و التحاور فيها و التوافق حولها، فذلك مما يساعد على حل الخلاف حول إعادة الهيكلة . و إن توافقا إجماليا حول جميع عناصر الخلاف مع ضمان استقلالية الرابطة عن جميع الإطراف و اضطلاعها بدورها الحرفي في الدفاع عن حقوق الإنسان ، بعيدا عن املاءات أي جهة، يبدو ممكنا.

و أزعم أن تقدم الهيئة المديرة بمقترحات للحل على هذه الأرضية، يجعلها ممسكة بالمبادرة و هو أفضل لها من الانتظارية . و في مثل هذه الخطوة تعبير عن الثقة بالنفس و مراهنة على قدرة الكوادر الرابطية على حسن تقدير الأمور و تطوير الأفكار و الاستفادة من خبرات ثلاثين سنة من عمر الرابطة.

    إنّ إشاعة أجواء من التفاؤل دون أوهام ، و تنشيط الحوار الداخلي مع جميع الرابطيين دون استثناء ،  والتقدم بمقترحات عملية للحل بعيدا عن العنتريات والمزايدات وتكلّس الأفكار والمواقف، عناصر من شانها أن تقرب الرابطيين من هدفهم في إخراج جمعيتهم من الأزمة التي باتت تتهددها في وجودها. و إنّ تفاعل السلطة الايجابي مع الإرادة الرابطية الصادقة و الحوار الجاري داخل الهياكل ، برفع الحصار عن المقرات وتسهيل مهمة الهيئة المديرة في تنظيم الحوار الداخلي ،خطوة ضرورية للتقدم على طريق الحل.

    إنّ حلاّ ممكنا لقضية الرابطة لا يتوقف على طرف دون آخر ، و إن خطوة من هذا الطرف أو ذاك يُردّ عليها بمثلها أو أحسن منها ، مُراكمة لعناصر التفاؤل على طريق الحل . و إن أيّة مبادرة من الهيئة المديرة تستفيد من هذه الأجواء و تحسن توظيف عنصر الزمن و الاستحقاقات الوطنية القادمة، سيكون لها أعظم الأثر الايجابي، فان لم تفعل فستكون فرصة أخرى مهدورة.

تونس في17/07/2007

 


   

علم جديد : إعــراب خــارج القواعــد !

(الجزء الأول)  

 
خــالد الطــراولي ktraouli@yahoo.fr تُعرّف الجملة على أنها الكلام التام الذي له معنى، وكم من الجمل في حياتنا لا تحمل حتى كلاما ولكن تمثل رموزا وإشارات وقراءات تحت السطر وفوقه، لها مدخل وبعضها ليس له مخرج، يكتب بعضها بالحبر السري وبعضها بالحبر الأسود، تسمع لبعضها أنينا ولبعضها آهات ولبعضها صمتا كصمت المقابر… وتكون الجملة محل إعراب إذا صح تأويلها بمفرد، وكم من الجمل تحمل باطنا وظاهرا تحمل ويلات أكثر من تأويلات، يُغتصب العنوان والمعنى وتبقى قاصرة مشردة معلقة، ويتم إعرابها خارج القواعد وخارج الزمان والمكان، فتكون ممنوعة من الصرف والنحو ومن الوجود أصلا..! يسبق يعضها الويل ويتبعها التأويل حسب الطلب، أو حسب الطالب، والطالب غالبا ما تجمعه قصور عالية وأنهار جارية، والمطلوب يتدثر السماء غالبا ويلتحف الأرض أو من وراء قضبان ولا يكاد ينبس بجملة تامة سليمة تحتمل الإعراب… التقى عليه الأسودان فقر وظلم، فسقط المبتدأ وغاب الخبر…! وهذه جمل استرعت انتباهنا تطل علينا في حياتنا وبين جدراننا، في ليلنا ونهارنا، في آمالنا وأحلامنا، خرج عن قواعد الخليل إعرابُها، وعجز سيبوبه عن فهمها، وظلت الجماهير تلوكها بوعي أحيانا وفي غيبوبة أحيانا أخرى، تحمل في طياتها أبعادا غير أبعاد النحو والصرف..، وليسمح لنا رواد الإعراب المشي على الماء أو على الزئبق أحيانا ونحن نكتشف « علما جديدا » عرفته بعض الجماهير حينا من الدهر من قبل وتقاعس أغلبها عن فهمه وتأخرت النخبة عن فقهه وهو « علم الإعراب خارج قواعد النحو والصرف  » : خرجت الجماهير إلى الشارع جملة فعلية حيث يجمعها على غير وعد مسبق فعل وفاعل، وإن كان الفعل قد غاب بين الثنايا لغياب الفاعل، فأضحت الجملة فعلية على السطور وعدمية في غيره..، اختلطت فيها أفعال العدم والسكون واليأس والاحباط، مع الأماني والأحلام، وظل الفاعل واحدا تتقاذفه الضفاف ويلفه الضباب! خـرج : فعل ماضي لم يتجرأ في بيتنا أن يتحول إلى المضارع وتنحى عن المستقبل، يناقضه فعل « دخل » وهو ألطف وأحنّ وأهون، وهو فعل ثلاثي ليس فيه همز ولا تضعيف كما تقول القاعدة، سالم مسالم يرفع الراية البيضاء أحيانا ويأمن الجميع بوائقه… خرج : فعل إزعاج وأمل، ودخل فعل راحة ويأس، شعاره من دخل بيته وأغلق النوافذ والأبواب وقال للنواح والصمت هيت لك، فهو آمن آمن آمن! جمعه لا يُكسَر ولا يُمنع من الصرف والتصرف! ومن خرج فهو مكسور، مجرور، أو منصوب… الجماهيـر : فاعل مرفوع، على النعوش أحيانا، وعلى الألواح أحيانا أخرى… منهم من رُفعَ من بيته واجتث من فراشه على غفلة من أهله أو تحت صياح أطفاله ونحيب نسائه، أغلبهم رُفِع قبل آذان الفجر في الظلام الدامس حتى لا يصلي منفردا ولا ينال ثواب مرافقة الجماعة..، أو يُصلّى عليه في دهاليز سوداء صماء ظلماء…  الجماهير: فاعل حمل الرَفعة وهو منصوب لا تُرى نصبته، وحمل لواء الفعل، فهو فاعل ولكن ظل مفعولا به يستجيب لسؤال لماذا و لسؤال من على السواء وفي إطار واحد غرفة ضيقة مظلمة وفانوس يطلق إشعاعه بعنف على الوجه ورجال غلاظ شداد… من أنت، من أمك من أبوك، من أذن لك، من أعانك، من أصحابك، من ذريتك… لماذا تخرج، لماذا تعصي، لماذا تقف، لماذا تصيح، لماذا ترفض؟؟؟…. الجماهير: جمع غير سالم بمذكره ومؤنثه، مسالم بكل أطرافه ونواحيه، جمع كألف وألف كأف، مفرده جمهور، وهو كثير كغثاء السيل، ممنوع من الصرف يُجَرّ بالفتحة أو حتى بالفلقة… أداة منعه عصا غليظة تسبقه أحيانا وتلحق به أحيانا أخرى، أو قوانين ومناشير في دولة موز عارية. أما علامة منعه فكثيرة، رَفْع في آخره وحتى في بداياته، وسُكون كامل على كل حروفه! إلـى : حرف جر ودفع وهمز ولمز، يُخفي الأمل عند البعض فتشرأب الأعناق لتلهف البقية، ويتمنى البعض أن تنتهي الجملة حتى وإن غاب المعنى، فغُلّبَ خيار غياب جزء من المعنى على بقية لا تضمن وجود المعنى أصلا ولا يؤمَّن على صلاحها، مع إمكانية اندثار الفاعل وانهيار الفعل ونهاية الجملة بدون مقدمات… الشـارع : اسم مجرور وهو ثابت والفاعل قبله الجماهير، ثابتة وهي مجرورة بغير رِفعة.. عجز الخليل عن الفهم وفهمنا عجز الخليل..! والشارع اسم فاعل من شرع، وفي غياب الفاعل جاء الاسم يفتح ذراعيه للفعل، فجاءه الصمت من كل باب، إلا من ضجيج الباعة والمارة وأصحاب الشأن والشؤون الخاصة، وجاء الأذى يتبعه بدون موعد يحمل عصيا وهراوات ويمتطي سيارات كتب عليها « الشرطة في خدمة الشعب »…

ـ يتبــع ـ

المصدر : ركن « خواطر » موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net


مواطن يتظلم من تجاوزات القضاء

 
سفيان الشّورابي لم يكن رفع مطلب (استقلالية القضاء) نوعا من الترف السياسي أو هاجسا مفتعلا من قبل النخبة السياسية المعارضة، لولا الإجماع الحاصل فيما بينها على أن الجهاز القضائي في تونس قد حاد عن دوره الأصلي وعن مهمته الأولى المتمثلة في تحقيق العدل في حق الجميع. مشكلة عويصة أخرى تدعّم هذا الرأي، عنوانها مواطن يكون ضحية لانخرام النظام القضائي، و لتسويقه المنظومة القانونية لغير أهدافها النبيلة. السيد محمد الطاهر الشعنبي، صاحب بطاقة التعريف الوطنية عدد 04470703، أصيل مدينة سليانة، قدّم إلينا ما يثبّت فعلا وجود ما سماه بـ »التجاوزات و الانتهاكات الصارخة للحقوق نتيجة الرشوة و استغلال النفوذ و تجاوز القانون و انعدام العدل ». القضية الأولى كان السيد حميد بن علي كوكي، الذي كان يعمل راعي أغنام لحساب السيد الشعنبي، تقدم في ديسمبر 2003 بشكوى إلى المحكمة، يتّهم فيها مؤجّره بعدم خلاصه لأجرته طيلة سنة كاملة و حرمانه من منحة الراحة السنوية و منحة اللباس وغيرها من المستحقات. وقضت المحكمة الابتدائية بسليانة بأمر السيد الشعنبي بدفع مبلغ قيمته 3731 دينار كمجموع الأجور غير الخالصة، وهو القرار الذي أقرته محكمة الاستئناف! و المعلوم أن الأجرة الشهرية المتفق عليها بين الطرفين كانت في حدود 40 دينارا فقط. و أكّد السيد الشعنبي أن هذا الحكم » انبنى على اثر بحث وهمي، و نسْب لمرافعات و لملاحظات وقع استيفائها من طرفي، وهي لم تقع إطلاقا. فالمحكمة رفضت سماعي أو سماع شهودي، و امتنعت عن قبول وثائقي المقدّمة، و أسست حكمها على وقائع لا وجود لها ». القضية الثانية و في الأثناء، أعلمنا انه قد أقرض السيد كوكي مبلغا قيمته 5800 دينار سنة 2001. ولما انتدبه معه، اتفق على أن يقوم باستخلاص المبلغ المذكور على مراحل عن طريق حجز أقساط منه على مرتين من أجرته الشهرية. إلا أن الأجير انقطع عن العمل لديه لمدة سنة كاملة قبل أن يعود من جديد إلى حدود صيف 2003، ليشتكي حينها إلى القضاء تظلما مما رآه استغلالا من قبل السيد الشعبني. و نفى السيد كوكي أن يكون قد تسلّم ذلك المبلغ، أو انه انقطع عن العمل، على عكس الوصل المعرّف بالإمضاء من جانبه، يشهد فيه تسلمه كل مستحقاته مقابل 6 أشهر من العمل بداية من ديسمبر 2002. وهو ما رفضت محكمة الاستئناف أخذه بعين الاعتبار في القضية عدد 676/2005. قضية ثالثة في شهر أوت 2002، تقدم السيد الشعنبي الى قاضي الناحية بسليانة بغرض تكليف خبير فلاحي لمعاينة تعمد السيد شعيب الذهيبيي افتكاك أرضه التي تمسح 17 هكتارا، واستغلالها لصالحه بالرعي، وإحداث أضرار فادحة بها. ووافقت المحكمة على ذلك بأن فوّضت الخبير ابراهيم العياري برفع تقرير عن مهمته، واثر إجرائه للمعاينة، قدّم تقريرا لا يمت للواقع بصلة. إذ قال لنا السيد الشعنبي أن  » الخبير تجاهل الاضرار و الانجرافات المحدثة بالأرض، وكان تقديره لقيمة منتوج الأرض غير منطقي » مضيفا أنه من المستحيل « أن يكون انتهاج هكتار واحد خلال الموسم الفلاحي ما قيمته 52 دينار ». و يرغب السيد محمد الشعنبي في استرداد حقوقه، ومحاسبة من يقف وراء استهدافه في ممتلكاته. (المصدر: مدونة سفيان الشورابي بتاريخ 19 جويلية 2007) http://sofinos.maktoobblog.com/?post=418512
 

إلى الصديق توفيق عياشي

كفا لغطا كلاميا (تذكير)*

 

لنبدأ مرة أخرى بالخاتمة التي ذكرتها في نصّك المنشور بنشرة تونسنيوز بتاريخ 19 جويلية 2007 و الذي جاء فيها أن « الكل يسب والكل يشتم« . وأضيف إليها من عندي (و من بينهم توفيق عياشي)، لا لشيء لأني استغربت فعلا ما كنت قد كتبتَه في فقرتك الأولى من تجن واضح غير مبرر، وتوصيف مفتعل غير منطقي. فأنت تعرف أكثر من غيرك حقيقة أفكاري، أو البعض الغالب منها على الأقل. و الأنكل من ذلك أني عرضتُ عليك المقال السابق قبل نشره، وأجبتكَ مسبقا عن سؤاليْن طرحتَهما علي؛ الأول يتعلق بسبب عدم إمضائي المقال باسمي الحقيقي، و الثاني يخص غرض عدم الحاجة إلى ردّ مباشر عن ما دوّنته في نصي المنشور بتونسنيوز يوم 18 جويلية 2007. ولكن تعنتك مرة أخرى حول مواقف خاطئة سهرنا الليالي الطوال نتجادل حولها، و أصابتنا الكوابيس جراء ذلك، يحثّني مرة أخرى على الكتابة لتوضيح عدد من النقاط المركزية.

 

اضاءات مفهومية

 

إن النقد لمجرد النقد؛ أي ذكر مساوئ ظاهرة معينة ببيان مسببات انحرافها، و دواعي خللها، من دون تقديم حلول و مخارج و « أدوية » لإصلاح الخطأ و تصويب الاعوجاج، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون محل ترحيب و قبول. و النقد أيضا الذي لا يطرح بدائل معقولة و واقعية و قابلة للتحقيق، هو مزايدة و قفز بهلواني يثير الانتباه و لا يغير في الأمر شيئا.

زد على ذلك و في نفس الصدد، أن التحليل القريب للعلمية أكثر منه لعملية توصيف أو لقراءة ما قبلية و مشحونة ايدولوجيا، تفترض الابتعاد بمسافة كافية عن الرمي بالنعوت كـ » العمى الأيدلوجي والتعصب المقيت« ، و « حب الهيمنة« ، و «  الهراء المتعالي« ، و « المستضعفين » و غيرها من العبارات التي لو قرأها أحد المفكرين الأفذاذ لتبرأ من رصيده المعرفي، و لتخلى عن الكتابة أصلا!!! و لكن لا يهم.

 

حول اتحاد الطلبة مرّة أخرى

 

سوف أتحاشى قدر المستطاع، التعريج على تحليلك الذي لم يلامس أصل الأزمة وعمْقها، بل أطنب في التطرق إلى القشور الخارجية و بالغ في التعرض إلى مظاهرها المعلنة.

إن أزمة الاتحاد العام لطلبة تونس هي بكل إيجاز من أزمة المجتمع التونسي ككل. و إن جملة المعوقات التي تعتري امتداده و انتشاره داخل الشريحة الاجتماعية التي يدعي تمثيلها هي من إشكالية معقدة يتداخل فيها الذاتي بالموضوعي،  النظري بالبراكسيس…

1- في بعض من أزمة الشأن العام

في مستوى أول، لا أحد يمكنه الإنكار بأن جميع التنظيمات السياسية و المدنية في تونس تفتقد إلى روابط مادية و شكلية بمجموع الأشخاص التي تسعى لتشريكهم في نشاطاتها أو الدفاع عن مصالحهم، ما عدى هياكل معدودة، استطاعت بالاستفادة من ظروف و فواعل معينة، جذب عامة من يريدون تمثيلهم؛ و هم الحزب الحاكم ومنظماته، اتحاد الأعراف، اتحاد الشغالين، اتحاد الفلاحين، جمعية الصحفيين، و العمادات المهنية.

أما بقية الهيئات، فان الهوة الشاسعة التي تفصل بين (المفروض منخرطين و أعضاء) و بين هياكلها لا تكف عن الاتساع و التعمّق. و ذلك يعود لسببيْن رئيسييْن:

الأول (وهو الذي تجاهلتَ ذكره) يعود إلى السياسة العامة لنظام المدعو بن علي. فالسلطة اللاشعبية التي تحكم بيد من حديد منذ نصف قرن، اختارت القضاء القسري على جميع التنظيمات التي قد تقوض احتكارها للحياة العامة للتونسيين، أو منافستها في تأطيرهم حول برامج مخالفة للسياق الذي يريد تنفيذه نظام المدعو بن علي. و بالتالي، فان جميع الوسائل هي ممكنة في نظر ذلك النظام بهدف قطع طرق و سبل التواصل بين الجمهور و بين الأحزاب السياسية و الجمعيات و المنظمات و النقابات. فمن جهة، حاصر و عاقب تلكم التجمعات و زج في السجن من انتمى إليها، و أثار هالة من الخوف و الرعب حولها مما أفرز تحاشي الناس الاقتراب منها (ماديا أو أدبيا). ومن جهة أخرى استوعب وسائل إيصال المعلومة و نشر الأخبار، وهو ما قطع علاقات التواصل بينها و بين جموع المتلقين، و جعلها مغيبة بالكامل عن أجندة المواطنين.

إضافة إلى ذلك، فان نظام المدعو بن علي ضرب في الصميم الوعي الشعبي، و هاجم النخب الفكرية و الثقافية التي بمقدورها تشكيل ذلك الوعي، و عقلنة فهمه. فاحتوى الكثير منهم و حارب البقية، و افرغ النظام التعليمي من أي محتوى جاد و ناضج بامكانه أن ينير سبيل الناشئة نحو الخلاص من براثين الظلم و القهر و الاستغلال و الاستبداد و الاستلاب.

هذه النقاط المفصلية تستوجب، في اعتقادي، مجلدا ضخما للإتيان بدقائق تفاصيلها، فيكفي هذا الغيض من فيض.

2- في بعض من أزمة المجتمعيْن المدني و السياسي

مثل كذا حالة عادت بانعكاسات سلبية على نشأة الهياكل المعنية بالشأن العام و الساعية لامتصاص ردود الفعل الطبيعية في كل مجتمع، أي كان، و توجيهها عن طريق ترشيد حراكها،  نحو تلبية مصالحها من دون إضرار باستقرار المجتمع و توازنه. كما من المستوجب أن تهدف تلك التجمعات إلى منع تغول الدولة (سواء كانت دكتاتورية أم ديمقراطية) و منع استفراد حكامها بالحكم و توظيفها لغير غايتها الأصلية. و تسعى بذلك أن تكون صمام أمام للمجتمع من أي نوع من الانحرافات باسم شرعية « مقدّسة ».

وهو ما تعجز هياكلنا القيام به للأسباب التي عددتها آنفا و المتعلقة بالظرف الموضوعي. و أضيف إليها في هذا الصدد، ذلك الترابط المتين بين حالة الخراب الفكري الشامل الذي خلفه نظام المدعو بن علي و بين المستوى الفكري و النظري الذي تتسلح به مكونات المجتمعيْن المدني و السياسي. فطبيعي أن ما يحصل داخلها أو فيما بينها يعكس حقيقة ما هو موجود بين طيات المجتمع التونسي، لإدارة الخلافات و التباينات. فلا نستغرب كثيرا (من باب علاقة الجدلية في التأثر و التأثير المتبادل، بين الجزء و بين الكل) عندما نشاهد ما هو منتشر بكثافة في عقلية المجتمع ينعكس على ممارسات و معاملات التونسيين الناشطين في حقل المدني و السياسي. فهم تونسيون في جميع الأحوال. وهم أبناء هذا الفضاء الثقافي و الفكري وليسوا بنشاز عنه.

و الاتحاد العام لطلبة تونس لا يمكنه أن يخرج عن هذه القاعدة. و إن ما يحصل في صلبه مما تعرضتَ إليه في مقالك، لا يعتبر استثناءً أو بدعةً.

 

ما هو المطلوب إذن؟

 

ليس من السهل تقديم حلول جاهزة، كثوب يكفي أن يقع لباسه. فالمطروح هو صياغة تصورات عقلانية و متماهية مع الموجود، بدون اصطناع رؤى طوباوية يستحيل تحقيقها، وهو ما يفترض بدرجة أولى نقاشا مفتوحا و معلنا و جماعيا بدون إقصاء لمن يعنيه الشأن الطلابي. وهذا مهم.

أما عملية إنقاذ المنظمة الطلابية، (إن كان ذلك هاجسك؟)، فتلك معركة طويلة الأمد، تفترض نفسا طويلا و طاقة لا تنضب لمعالجة جوهر الأزمة التي تناولتُ بعض جوانبها، و ليس بالوقوف عند ويل للمصلين، و تتبع تفاصيل لا يمكن القضاء عليها إلا بالقضاء على جذورها.

 

طالــب

 

* على شاكلة الإشارات المرورية في الطرقات لعل الرسالة تُفهمُ، فتشنجك الغريب أثناء الرد انعكس بجلاء من خلال ارتكابك كمًّا هائلا من الأخطاء اللغوية.

 

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين  تونس في 20/07/2007 الرسالة رقم 266 على موقع تونس نيوز

من الواجب الوطني دعوة المناضلين الوطنيين لمواكبة الأعياد الوطنية وأصحاب المبادئ والقيم الحلقة السابعة

 
بقلم محمـد العروسـي الهانـي على بركة الله أواصل الكتابة حول الاحتفالات بعيد الجمهورية الذكرى الخمسين 25 جويلية 1957 وهو المقال السابع من 11 جويلية 2007 إلى اليوم ومن نعمة الله وفضله كل الحلقات نشرت بموقع تونس نيوز – وبارك الله في صحافتنا المحلية التي أغلقت أبوابها ونوافذها والمثل يقول رب ضارة نافعة أن غلقت الصحافة الوطنية فتح لنا أبواب الخير والبركة وجنبنا أوجاع القلب وصداع الرأس وقلق وحيرة طالت لمدة أعوام…، ومنع صحافتنا من نشر كلمتنا الصريحة الصادقة فتح لنا الله أبواب الخير ودلنا على أبواب الصحافة الالكترونية المفتوحة والحمد لله منذ يوم 21/07/2005 إلى اليوم 20/07/2007 نشرت 266 مقالا في ظرف عامين فقط. بينما طيلة 41 سنة من 06/07/1966 أول مقام نشرته في جريدة العمل لسان الحزب الدستوري التونسي كان يوم 06/07/1966، كما أشرت في هذا الموقع منذ سنة تقريبا. وكامل ما نشرته في الصحف التونسية طيلة أربعة عقود 97 مقالا وفي موقع الانترنات تونس نيوز 266 مقالا في ظرف سنتين فقط وبدون تعليق… وقد قال لي السيد كمال الحاج ساسي كاتب الدولة للشباب ذات مرة عندما عدته في المستشفى العسكري بالعاصمة. قال لي الدكتور حامد القروي نائب رئيس التجمع عادة بالمستشفى أيضا وحكى معه على الإعلام وبالمناسبة قال له الأخ كمال الحاج ساسي – الاخ محمد العروسي الهاني المناضل أصبح يكتب في جريدة العرب العالمية. قال له الدكتور حامد القروي احسن ما فعل وأفضل ما عمل. نريد أن يبلغ صوتنا في وسائل الإعلام المفتوحة الحرة. وبدون تعليق. قلت ان نشر 266 مقال في ظرف عامين له دلالات واضحة وعلامات بارزة من أهمها حرية الصحافة ودورها الفاعل واحترامها للرأي الآخر. وبهذه المناسبة السعيدة في شهر جويلية الذي شرعت فيه في الكتابة بموقع تونس نيوز، أريد أن أؤكد على أن الاستمرار في نهج الكتابة بالأسلوب والطريقة التي اخترتها دون مدح أو شتم، سأواصلها بحول الله على هذا الموقع واحد إذا بقي في العمر عشية أو ساعة واحدة والأعمار بيد الله لا يعلم الآجال إلا خالق العباد. وأتمنى أن نبقى على نهج الوفاء إلى آخر حياتي. هذا فيما يخص توجهي الإعلامي والخط الصحيح الذي سلكته منذ عامين أعتقد أنه هو الخط الصحيح بعد غلق أبواب الصحافة التونسية. أما في خصوص المشاركة الفاعلة والحضور الشخصي ومواكبة المهرجانات والأعياد الوطنية والأحداث البارزة كعيد الجمهورية – الذكرى الخمسين 25/07/1957 – 25/07/2007. فمن الواجب الوطني المحافظة على التقاليد السياسية والمنهجية العملية والطريقة التي دأبنا عليها طيلة نصف قرن من عام 1957 إلى 2001 كان حضورنا في الصفوف الأمامية ومشاركتنا فاعلة – ونشاطنا بارز على امتداد نصف قرن – ثم في عام 2001 وقعت مظلمة واحباط ويأس نتيجة اجتهادات شخصية نتيجة عدم الرضاء على حرية الرأي والتعبير ولو ذكر رمز البلاد والحوا الحر الديمقراطي أصبح غير مرغوب فيه. وغلق أحدهم بقراره الفردي حضورنا الفاعل بسياسة الاقصاء والتهميش والغريب أن هذا الشخص هام – يعرفني جيدا وكنت حريصا على دعوته وتشريفه وتقديمه للمسؤولين الكبار ولدينا صور تذكارية تؤكد ذلك. ومنذ عام 2001 وضع                      حواجز لعدم حضورنا كما أوصى الإعلام بعدم التحمس لنشر مقالاتي ولدينا الحجة الدامغة سماحه الله.                            « وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم » صدق الله العظيم. لكن بعد مغادرته الهيكل الشامخ من المفروض رفع الحواجز والكبالات التي وضعها سامحه الله مرة أخرى… وكان من المفروض دعوتنا لتظاهرة الذكرى الخميس لعيد الجمهورية وهذا من حقنا الوطني. هذا ما جعلنا نوجه رسائل إلى سامي سيادة الرئيس لنوضح هذه التجاوزات وطلبت بدعوة كل المناضلين المخلصين… ومما تجدر ملاحظته أن مسؤولا إدارايا ساميا في أخرى وزارات السيادة قال لي ذات مرة يا أخي الهاني كل مرة أتلقى دعوات للحضور السياسي وأنا غير سياسي ولا أرغب في الحضور قلت له العكس أصبح هو القاعدة السياسي المتحمس يعمدون إقصاؤه والموظف السامي يوجهون له الدعوات… وبدون تعليق وفي فرنسا عرفان بالجميل وتقدير للمناضلين الأوفياء. في عام 2006 خاطبني نجلي من باريس وأعلمني أن جمعية المحافظة على التراث البورقيبي بباريس تنوي دعوتكم لحضور التظاهرات السياسية على هامش الذكرى الخميس لعيد الاستقلال 20 مارس 1956 وأحببته. أشكر الأخوة والأصدقاء وأعضاء الجمعية على هذه الدعوة واعتذر لهم نظرا لالتزاماتي في تونس مع تقديري وشكري لهذه الفتة والدعوة الكريمة وقلت في نفسي جمعية بباريس وبلدية باريس تتابع نشاطنا الإعلامي ووفائنا لبورقيبة العظيم وهم فعلا يعلمون بتكوين جمعية : الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة رمز الحركة الوطنية. وكان من المفروض والمنطق أن تتلقى الجمعية بكامل أفرادها دعوات لحضور الاحتفالات التي ستقام ببلادنا بمناسبة الذكرى الخمسين لعيد الجمهورية ووفاء لروح الزعيم الحبيب بورقيبة مؤسس الجمهورية ورائد الحرية والكرامة. أعتقد لو تصل هذه الرسالة الخاتمة إلى مكتب سيادة الرئيس شخصيا كما أشرت في الرسالة المفتوحة يوم 17/07/2007 فسوف تحصل المفاجأة السارة وتتغير المعطيات لأننا نعرف رحابة صدر رئيسنا ومواقفه الشجاعة وعسى أن تصل إليه الرسائل الأخيرة التي وجهتها له يوم 18/07/2007 عبر البريد المضمون وكل الرسائل نشرت بموقع تونس نيوز من 11 إلى 18/07/2007 بفضل الله وهناك أكثر من مؤشر إيجابي لرفع الحواجز والأسلاك الحديدية في الذكرى الخمسين للجمهورية التونسية، ميلادها العصري يوم 25 جويلية 1957 على يد بطل الحرية وصانع الجمهورية الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله والرئيس بن علي الوفي لخط الزعيم هو القادر على رفع الحواجز والكبالات،،، سامح الله من وضعها أقولها ثلاث مرات والرئيس بن علي صاحب القرار الفصل لوضع حد لتصرفات بالية أكل عليها الدهر وشرب، وتجاوزتها الأحداث في عهد البايات كانت تمارس… أما النظام الجمهوري فهو نظام الحرية والصراحة والديمقراطية والتغيير الجاد والمفيد خلافا لما ذهب إليه إطار بوزارة ذات شان تربوي هام، قال لي عام 2000 عندما زرت الوزارة لمقابلة مناضل دستوري وطني كان رئيس ديوان السيد الوزير الأول ووالي وقنصل عام وهو رجل فاضل. ماذا قال لي الشخص الذي أشرت إليه باعتباره ناصحا لي. طلب مني الكف على الكتابة وتقديم الاقتراحات لأنها أزعجت بعضهم وأردف قائلا صاحبنا : كفاك كتابة وتقديم الاقتراحات واهتم بشؤونك. ابتسمت أمام صديقي وقلت له برصانة وهدوء. فهمت مقاصدك ولكن لن أتنازل يوما على ثوابتي… والمبادئ والقيم الوطنية التي رضعتها في حزبي وبعد السنوات السبع كل الناس يعتقدون أنه غادر العمل ولكن صاحبنا مازال يجدد عقد العمل حتى سن 65 قلت صاحبنا على حق هذه طريقته وبدون تعليق حذاري من أصحاب المنافع وقراء الكف وإحباط الآخرين بطرق ملتوية. وأعود لأقول الرئيس بن علي يعلم علم اليقين أن أصحاب القيم والمبادئ هم الأجدر للبلاد والأنفع للوطن. والأقدر على البقاء رغم كل المحن والشدائد والكر والفر والمثل يقول « مايدوم في الواد كان حجره الأصم ». قال الله تعالى :  » فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد » صدق الله العظيم. عاشت الجمهورية وعاش صاحب الكرامة وغزة النفس محمد العروسي الهاني الصامد على الدوام معتمد متصرف متقاعد


مداءات مدى النص تسكّب  …عطر القصيد إستحال الياسمين حروفا تحّل ببابي تخطّ على الصمت سمتا أمارس فيه إنسيابي مدى الكلمات أتيه كلما إرتدت الكلمات صدى يستبيح فضاء الورق ألملمها أحررها من معانيها أجترح لها أرض التّآويل لكي تنعتق مدى الحرف مضمخة بالنوى ……………..تطلّ معتّقة بالهوى ……………..تهلّ مكابرة تجيئ الحروف يزوجها الصمت حرفا …لحرف يمنحها  العشق كيما تطوف مدى الشعر تأنى ………… ترى…ألق الشعر يملؤك   بالقصيد تأمل …………. تراه يعبئك بشذاه الفريد وللروح يجعلك الشعر رجعا  جديد كيما ..تحيد مدى السفر تناءى تباعد بعمق القدر ومارس بروحك ذاك السفر وعرّج بنأيك صوب النوى وأبشر بأنك لن تستقر مدى المدار ترجل فخلفك صمت يليه إنتظار ودونك درب تناءى بسمته كيما تحار وبين الهنا …….. ………..والهناك قرارٌِ تلحف  بالشوق عبر المسار تمهل تراني أجيئك عشقا وفيـك أسافر نحو المدار مدى المجيئ يجيئ يعاوده الشوق لكل الغياب الذي لايجيئ ويرجو إليه يفيئ جمال الدين أحمد  الفرحاوي أبلدورن /هولندا/في 07/جويليه/2007

 

الإمام القرضاوي : آخر مجدد لآخر مائة. ( الجزء الثامن ).

 
مواصلة مع التحدي السياسي : قضايا التغيير الإجتماعي المعاصر عند الإمام : كثيرا ما تختزل قضية التغيير والإصلاح في الجانب السياسي حيث بدأ ذلك الإختصار لفظيا في مستوى التعبير ثم ما لبث بتعاضد عوامل أخرى كثيرة أن تثبت معنى في النفوس مؤداه أن مجال الإصلاح هو السياسة أي علاقة الحاكم بالمحكوم وما يتفرع عنها. صحيح أن الجانب السياسي اليوم يحتل مركز ودور الرأس في كل عملية تغيير أو إصلاح بسبب العوامل الإجتماعية الجديدة المعروفة ولكن ذلك لا يبرر أبدا إختصار الإصلاح الإسلامي الحضاري الكبير المنشود ـ وهو رسالة الأنبياء عليهم السلام جميعا ـ في إصلاح سياسي حتى مع إعتبار ذلك المعطى الجديد. ربما أفلحت كثير من الدوائر المعادية للمشروع الإسلامي المعاصر في الحد من طموحات المشروع الإسلامي الكبير أو في تقليم جوانبه العديدة وجوانحه المديدة من خلال التركيز على علاقة  » محرمة  » بين الإسلام والحياة فتضطره إلى الإنحصار في إصلاح سياسي ظني جدا حصوله وإن حصلت أقدار منه فإن السحق بدبابات العسكر وأحذيته أو التزوير واسع النطاق له بالمرصاد. ربما كان ذلك ضروريا بما أن الإمام القرضاوي وهو يرسم أولويات الحركة الإسلامية المعاصرة يرصد ذلك المشكل  و يرشد إلى معانقة هموم الوطن العربي والإسلامي وكلاهما عنوان لكتاب في الموضوع. ( موضوع الأولويات ـ موضوع هموم الوطن ). لذلك فإن الوعي من لدن أهل التغيير والإصلاح من منطلق إسلامي مطلوب إعادة ربطه بحلقته الأولى التي إنطلق منها قاعدة نظرية عظمى حتى لو هجمت عليها الظروف المستجدة فحاصرتها. الوعي بكون التغيير السياسي ليس سوى حلقة من حلقات التغيير الإجتماعي الشامل  شرط لحسن فقه المعركة السياسية. أي أنها جزء من كل وفرع من وحدة وجذع من شجرة. لا يتردد الإمام في الإنحياز إلى المنهج الديمقراطي في التغيير بإعتباره أقرب إلى المنهج الإسلامي القائم على قوله سبحانه   » أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن  » مبينا أن الموعظة الحسنة مع الموالين بصورة من صور الموالاة وأن الجدال بالتي هي أحسن ( وليس حسن فحسب ) مع المخالفين بصورة من صور المخالفة وأن الحكمة هي وضع المنهج المناسب مع المحيط المناسب ولك أن تلاحظ أيضا أن أعظم آية ترسم ـ إلى جانب أخريات ـ منهج التغيير الإسلامي تؤكد على الحسن في حالي الموافقة والمخالفة. وهو منهج يقوم كذلك على قوله سبحانه  » قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن إتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين « . فتكون أهم مرتكزات المنهج الإسلامي في التغيير : الحكمة والبصيرة وهما وجهان لمعنى واحد تقريبا فالبصيرة في العقل وتصريفها سلوكا هو الحكمة ثم الحسن كما تقدم في كل الأحوال سواء كان موعظة أو جدالا أي حوارا بالتعبير المعاصر وتبقى ركيزتان كبريان يضبطان المنهج كله وهما : الجماعية أي العمل الجماعي بأي صورة من صور الجماعية  » أنا ومن إتبعني  » ووضوح طريق الدعوة في مآله وهو الله سبحانه أي الإسلام الذي إرتضاه دينا خاتما للناس أجمعين. ينحاز الإمام إلى ذلك في مقابل مناهج أخرى كثيرة لعل أهمها : منهج القوة القائمة على الإكراه فليس ذلك أصلا أبدا( المقصود هنا القوة وليس الإكراه طبعا ) وإنما يكون حصوله دوما إستثناء يقدر بقدره وهو تقدير عادة ما لا يكون في عملية دعوية ولا حتى في حروب فتح كما كان يعرف قديما ولكن يكون دفاعا عن النفس وما يحيط بالنفس أو يضمن سلامتها كما يكون تأمينا لحرية الإختيار من لدن الناس قاطبة لأي دين شاؤوا ولكن بعد أن يكون قد  » تبين الرشد من الغي ». أما ما عدا ذلك من المناهج فإنه لا يتسنى لأحد أن يتخذ منه موقفا ثابتا إذ الثبات في مثل هذه الأمور المتحولة متعذر لذلك عدها الوحي الكريم من باب السياسة الشرعية التي يكتفى فيها بالتصريحات المبدئية ورسم المقاصد الكلية بسبب حصة الزمان والمكان والحال والعرف فيها. الإسلام يؤكد على أخلاقية التغيير والإصلاح دوما وهو الضابط الذي لا تنازل عنه أبدا ويكاد يكون ذلك الثابت الأخلاقي هو الثابت الوحيد القار وكل ما سواه متغير. أما كيف يتناسب ذلك مع أشهر حديث نبوي في قضية التغيير  » من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان  » .. فإن الحديث رغم طابعه العام بأداة  » من  » العامة مقيد بعدم الشغب على أصول أخرى مقررة ثابتة ومنها  » .. وألا ننازع الأمر أهله  » رغم أن ذلك نفسه مقيد بقوله عليه الصلاة والسلام  » .. إلا أن تروا كفرا بواحا « . فأنت ترى معني هنا أن قضية التغيير أعقد من أن يقول فيها واحد ـ دون شورى جماعية ـ برأي فيه فصل خطاب بسبب التقييدات وهي تقييدات في الحقيقة من طبيعة الأشياء والأمور في الحياة وليست خاصة بالحياة الدينية للناس. وليس معنى ذلك أنه يستبعد المناهج الأخرى ماهو معلوم منها وما هو غير معلوم بالكلية ولكنها دوما عنده مضبوطة بأصول الوحي وتحري المصلحة إجتهادا. لقد مر بنا فيما تقدم من هذه الرسالة المرتكزات الثلاثة التي أحصاها الإمام في تغيير المنكر فلا فائدة من الرجوع إليها ولكن ربما نتوسع هنا في بعض تفاصيلها وجزئياتها المهمة. التعدد الحزبي شعبيا ورسميا : قال الإمام  » وإن كان تعدد الأحزاب والقوى السياسية مشروعا في ظل الدولة الإسلامية الملتزمة بأحكام الإسلام فمن باب أولى أن يكون تعدد الجماعات والأحزاب مشروعا قبل قيام دولة الإسلام فلا مانع أن يوجد في ساحة العمل الإسلامي أكثر من جماعة تسعى لإقامة المجتمع المسلم والدولة المسلمة وتجاهد في سبيل الله بكل وسيلة مشروعة « . صفحة 158 من كتاب  » في فقه الدولة في الإسلام « . كما تضمن الكتاب بمباحثه تفنيد فتاوى معاصرة كثيرة تحرم التعدد الحزبي الإسلامي سواء قبل قيام الدولة الإسلامية أو بعد ذلك ولا فائدة من إستعراضها هنا ربحا للوقت. وهو في كل الأحوال يعتمد ـ في فتوى قيام الحركات والأحزاب الإسلامية ـ على القاعدة الأصولية المعروفة  » ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب « . وهو معروف بخلاصة مفيدة في هذا المجال هي  » .. فريضة دينية وضرورة واقعية « . كما يؤكد على أن كل جماعة من تلك الجماعات هي جماعة من المسلمين وليست جماعة المسلمين بحال من الأحوال. كما يضبط الإمام ذلك التعدد بقوله  » على أن يكون هذا التعدد تعدد تنوع وتخصص لا تعدد تعارض وتناقض وإن يقف الجميع صفا واحدا في كل القضايا المصيرية التي تتعلق بالوجود الإسلامي وبالعقيدة الإسلامية وبالشريعة الإسلامية وبالأمة الإسلامية « . المصدر نفسه. ويورد مقولة ذهبية هنا أظنها أن صاحبها الأول الإعلامي فهمي هويدي ـ والله أعلم ـ وهي  » الأحزاب في السياسة كالمذاهب في الفقه  » أي بما أنه لا نكير على التعدد المذهبي ـ ولا الكلامي ولا الأصولي أصلا ـ في الإجتهاد الإسلامي تحت سقف القرآن والسنة كذلك لا ينكر التعدد الحزبي في السياسة وكل تعدد في كل فن وحقل نشاط في الحقيقة لأن التعدد إرادة إلهية قاهرة عبر عنها القرآن في مواضع بالإزدواج أو الزوجية . كما يرسم الإمام شرطين إثنين للتعدد وهما : 1 ـ أن تعترف ـ أي الأحزاب ـ بالإسلام عقيدة وشريعة ولا تعاديه أو تتنكر له وإن كان لها إجتهاد خاص في فهمه في ضوء الأصول العلمية المقررة. 2 ـ ألا تعمل لحساب جهة معادية للإسلام ولأمته أيا كان إسمها وموقعها. فلا يجوز أن ينشأ حزب يدعو إلى الإلحاد أو الإباحية أو أللادينية أو يطعن في الأديان السماوية عامة أو في الإسلام خاصة أو يستخف بمقدسات الإسلام : عقيدته أو شريعته أو قرآنه أو نبيه عليه الصلاة والسلام. إنتهى كلامه. ومعلوم أن الإمام هنا يخالف شيخه الشهيد البنا عليه رحمة الله سبحانه الذي قال بمنع التعدد الحزبي ملتمسا له العذر في خطإ الإجتهاد لأسباب معلومة في سياقاتها التاريخية سائقا ذلك بأدب العلماء الجم مع الخلاف العلمي وحظوظ الإجتهاد في محال الإجتهاد من أهل الإجتهاد. الحقيقة أني لا أرتاح إلى هذه الصياغة من لدن الإمام في شرطي قيام الأحزاب ـ وهو يقصد هنا كل الأحزاب بما فيها العلمانية وغيرها وليس حديثه مقصورا على الأحزاب الإسلامية ـ بسبب أنها صياغة تنحو منحى التحرير الفقهي الصارم ولا تبعد أن تمنع الأحزاب غير الإسلامية من حقها الحزبي والسياسي في ظل الدولة الإسلامية إذ إشتراط أن يكون الإجتهاد في قراءة معينة للإسلام مقيدا بالأصول العلمية المقررة يفضي بالضرورة إلى نشوء الأحزاب الإسلامية ومنع الأخرى لأن قضية الأصول العلمية قضية مطروحة على الأحزاب الإسلامية وليست على غيرها إلا إذا فهمنا أن الإمام يقصد غير ما كتبه بالحرف في كتابه حين قال  » كل ما يشترط لتكتسب هذه الأحزاب شرعية وجودها أمران أساسيان  » .. أي يقصد إستجابة الأحزاب الإسلامية للشرطين معا وإستجابة الأخرى للشرطين معا كذلك منزوعا منهما في الشرط الأول قوله  » في ضوء الأصول العلمية المقررة « . كتبت في ذلك مقالا مطولا قبل عقد ونيف (1995 ) نشر على صفحات نشرية داخلية لحركة النهضة ( أظنها المراسلة ) ثم عاتبت نفسي قائلا : لعلي تعجلت. ولكن أثبت اليوم عدم فهمي لمقصود الإمام بالتحديد وفق ما حبرته أعلاه والرسالة لا تتسع للإنبساط في ذلك. كما تناول قضية إلزامية الشورى أو أنها مجرد إعلام من الحاكم في الدولة والحزب وغير ذلك من المؤسسات فإنحاز بسرعة ويسر وقوة دليل إلى أن الشورى إذا كانت معلمة فلا معنى لها بل هي تشرع الإستبداد بإسم الإسلام مؤكدا بأن جوهر الديمقراطية يقترب من روح الشورى الإسلامية. وأظن أن القضية تلك يصيب منها مع مطلع كل شمس إندياح الحريات مقتلا فلتمت غير مأسوف عليها. أولوية الحرية على تطبيق الشريعة : خلاصة كبيرة أطلقها الإمام منذ سنوات طويلة وظل يرددها ويدافع عنها فكرت عليه نقمة أهل الغلو والتشدد ولكنه يمتاز ـ وفقه الله ونفعنا بعلمه وفقهه ـ بجرأة في إعلان ما يراه حقا  ويقدره صوابا وهي جرأة كما قال هو في مناسبات كثيرة لا تداهن الحكام ولا الجمهور في الآن ذاته ولو كان عالما فقيها ينكص على الإصداع برأيه سواء كان صوابا أو خطأ لما مات إبن تيمية عليه الرحمة والرضوان في سجنه مغضوبا عليه بوشاية حسد من لفيف متحكم سائد من فقهاء التقليد وفقهاء السلطان سواء بسواء ثم جاء زمن إجتمعت فيه إجتهادات معاصرة كثيرة من أعلام كبار على أكثر ما أفتى به إبن تيمية. من عدل ربك سبحانه أن ما إندرس تحت سياط الجلاد ( جلاد الدين وجلاد السلطان معا ) يقيض له من يحييه في زمن آخر نبتت فيه شروطه. لقد روى الإمام القرضاوي في بعض كتبه أنه إلتقى شيخه الإمام أبا زهرة الفقيه المعروف قبل عقود في ليبيا في إثر ظهور القذافي وإعلانه تحكيم شريعة القرآن الكريم فقال الشيخ أبو زهرة في ذلك اللقاء : أنا أكتم بعض آرائي في قضايا معاصرة معروفة منذ نصف قرن كامل تقريبا. لا يسمح المقام هنا بالتوسع في ذلك وربما أنقل الحادثة كما رواها الإمام من بعض كتبه كاملة. ومعلوم أن الشيخ الزرقاء عليه رحمة الله سبحانه أفتى بجواز التعامل الربوي لمسلمي الغرب إضطرارا لشراء بيوت السكن بوصفها حاجة ضرورية من حاجات الإنسان وذلك في أمريكا قبل نصف قرن كامل تقريبا ولم ينشرح صدر الإمام القرضاوي لذلك إلا قبل سنوات معدودات وأظن لو أن في زمن المرحوم الزرقاء فضائيات هادرة وثورات إتصالات سادرة بمثل ما نحن عليه اليوم لأهدر دمه ربما من مجامع علمية قبل أن يكون ذلك على يد غر من الأغرار. إذا إضطر الفقيه المجتهد لإخفاء آرائه خوفا من طبقات التقليد المترسبة تستعدي عامة الناس عليه جهارا أو من وراء حجاب فأعلم يقينا أن الأمة تتقدم مع مغيب كل شمس ميلا على الطريق المسدود وإذا كانت الحرية الفكرية للعالم والفقيه والمجتهد والمثقف بصفة عامة إذا أطلق الحاكم بعض سراحها تغتصبها تلك الطبقات فإن ساعة الأمة ـ أي أمة ـ أزفت. لقد فات أولئك بأن الإمام عندما يفتي بأولوية الحرية على الشريعة يعني أن واجب العصر وفريضة الوقت من العاملين والمسلمين هي التكافل والتضامن والتعاون من أجل تهيئة الظروف المناسبة لتطبيق الشريعة وليس معناه إلغاء الشريعة إذ لايقول بذلك إلا كافر معلوم الكفر أو منافق معلوم النفاق ولكن وضع أولويات لذلك وسلما فقهيا وعمليا هو من حسن الفقه الذي أسسه النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام حينما ظل يصلي عقدا كاملا ونيف إلى جانب الإصنام المحيطة بالكعبة فما حدثته نفسه يوما بإلغاء صنم واحد من جملة ستين صنما وثلاثمائة. قال الإمام في ذلك  » إن المعركة الأولى للدعوة الإسلامية والصحوة الإسلامية والحركة الإسلامية في عصرنا هي معركة الحرية .. فلا غنى عنها ولا بديل لها « . كما يؤكد بأنه رغم أنه ليس من المولعين بإستخدام ألفاظ مستوردة من مثل الديمقراطية فإن شيوع المصطلح وإستخدامه أمر مباح ولم يكن هو بدعا في ذلك فقد سبقه المرحوم خالد محمد خالد والمرحوم العقاد وغيرهما مما لا يحصى. مؤكدا على أن  » جوهر الديمقراطية فهو بالقطع متفق مع جوهر الإسلام  » مستطردا في الحديث عن كون الرضى بالديمقراطية ليس رضى بالكفر ولا بحكم غير الإسلام لأمة الإسلام وهي مباحث كثيرة عنده وعند غيره ربما لا حاجة للأسهاب فيها. كما يبين الإمام أن تغيير الأمور الجزئية في الحياة ليس علاجا ناجعا لأمراضنا الكثيرة المستعصية وأولها غياب الحرية وغياب الإجتماع والوحدة إذ يمكن لتلك المجهودات أن تثمر وتورق وتؤتي أكلا طيبا ولكن لا بد لها من واجهة تغيير شاملة وإصلاح كاملة أي أن العزوف عن الإشتغال بالسياسة بدعوى الإصلاح في ظروفنا الراهنة على الأقل في حقول أخرى صغرى  تلبيس إبليسي ليس أكثر حتى لو صدقت النوايا. الموقف من الحكام : تناول هذا الموضوع بصفة عامة فقال ما أجملته في صفحات منصرمة من هذه الرسالة وهو أنه يميز بين ضربين من الحكم والحكام اليوم : ضرب يرفض الإسلام جملة وتفصيلا سواء نصا بالدستور أو واقعا بالتنكر الواضح الصريح لأحكامه القطعية بل ربما تطور الأمر إلى محاربته من خلال خطة تجفيف المنابع مثلا وهذا الضرب من الحكم والحكام يرى فيه الإمام ترددا بين الكفر البواح وبين الظلم العظيم وهو إجمال لا بد منه ليس فرارا من أخدود التكفير بغير علم فحسب ـ علم الحال هنا وليس علم الشرع ـ ولكن كذلك للإختلاف الواسع في أنواع ذلك الضرب من الحكم والحكام. وضرب يقبل الإسلام جملة نصا أو عملا ولكن له فيه مخالفات عظيمة شنيعة وهؤلاء أهون من الضرب الأول. لكن كلمة قالها الإمام ذات يوم في خطبة جمعة ربما لخصت الموضوع في أمر الحكام اليوم ـ أي حكام العرب والمسلمين ـ بأيسر مما فعلته كلماته المكتوبة فيهم رغم ندرتها. قال  » أغلب هؤلاء الحكام إن لم يكونوا كلهم ليسوا كفرة بالمعنى الشرعي لكلمة الكفر ولكنهم يخافون أمريكا إلى درجة بعيدة جدا خوفا حقيقيا  » . كما أكد بعد جولات مطولة مع أقوال العلماء والمفسرين في قوله سبحانه  » ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون  » ..  » الظالمون « .. » الفاسقون « . .. بأن الآيات رغم ورودها في بني إسرائيل كما قال آخر  » واجبة علينا  » وأنه قد لا ينجو واحد من الحكام اليوم ـ إلا من رحم ربك سبحانه ـ من التورط في إحدى الصفات الثلاث آنفة الذكر. على أنه لا بد من التأكيد هنا على أن حملة القرآن الكريم وكذا السنة النبوية على الظلم سيما إذا إتسع عددا وعدة وإستهدف المستضعفين ومن في حكمهم مالا وجاها وقوة .. أشد من حملته على الكفر أضعافا مضاعفة. وكثيرا ما يستهدي بالقرآن الكريم في ذلك مبينا بأن تركيزه الكبير جدا على الفرعونية بما هي مؤسسة حكم فردي ضلع في الظلم والبغي والعدوان حتى إدعى الألهية وعلى الهامانية بما هي تنفيذ عملي للفرعونية وعلى القارونية بما هي مؤسسة حكم مالي تتحكم في أقوات الناس بالإذلال والمهانة وعلى الجندية التابعة لكل مؤسسة من تلك المؤسسات الثلاث .. كل ذلك يهدينا في معالجة أوضاعنا المعاصرة إلى أن بسط الحرية أمام الناس أجمعين هي الطريق الآمن المعبد لفيء الناس إلى ربهم الحق سبحانه وذلك يعني أن مقاومة الفرعونية والهامانية والقارونية وجندها هي السبيل إلى توفير ذلك الطريق : طريق الحرية. وهو لا يفتأ يورد في مرات كثيرة جدا ما يسميها التسعات الأربع التي طلع بها ذات يوم الرئيس التونسي بن علي على الأرض قبل عقد ونيف وهي الأضحوكة الساخرة نفسها التي لا زالت تتردد إلى اليوم كلما ذكر التزوير على أوسع نطاق. ومعلوم أن الإمام أكد في مرات كثيرات بأن تزوير الإنتخابات ـ كل إنتخابات ـ كبيرة من كبائر الذنب في الإسلام مستدلا بقوله سبحانه  » ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه « . وكثيرا ما يفتخر الإمام بأنه حفظه الله سبحانه دون غيره من العلماء إلا المرحوم الشيخ الندوي من مقابلة صدام حسين ( رحمة الله عليه ) برغم محاولات إغراء كثيرة مارسها سفير العراق في الدوحة قبل عقود معللا ذلك بأن الرجل ولغ في دماء الناس بغير حساب وأطلق أيدي السفاحين من حزبه وعرشه وحاشيته تعيث في الدماء والأموال والأعراض فسادا. فساد تجاوز بكثير ما فعله مجنون ليبيا وكذا ما فعله نعجة الشام وهي الأنظمة الثورية التي قامت على أساس تحقيق الوحدة العربية وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر. ولكن عندما أعدم صدام خصص له الإمام خطبة جمعة كاملة معلنا تبرؤه من ذلك العدوان الوحشي بأيدي أمريكية صهيونية طائفية مترحما عليه معتبرا أن الله سبحانه قد ساق له بلطفه ورحمته موتة أشهد فيها الدنيا بأسرها بما لم يتوفر لأحد من قبله على إيمانه وتوبته.

وإلى اللقاء في الجزء التاسع من هذه الرسالة.

الهادي بريك ـ ألمانيا.


 

المغرب يتعهد باحترام حقوق الإنسان في الحرب على الإرهاب

 
الرباط (رويترز) – قال وزير في الحكومة إن المغرب ملتزم باحترام حقوق الإنسان والديمقراطية في الوقت الذي يصعد فيه التدابير الأمنية في مواجهة إسلاميين متطرفين مرتبطين بتنظيم القاعدة. وفي مطلع الشهر الجاري رفعت الحكومة مستوى التأهب الى أعلى درجاته « الحد الأقصى » وقامت بتعبئة قوات الأمن تحسبا لوقوع هجوم مشتبه به وشيك. وعبر نشطاء حقوقيون عن قلقهم من أن ضررا قد يلحق باحترام حقوق الانسان والتسامح إزاء المعارضين السياسيين من جراء تصعيد التدابير الأمنية. وقال محمد اليازغي وزير إعداد التراب الوطني والماء والبيئة المغربي لرويترز خلال مقابلة يوم الأربعاء « أفضل دفاع طويل المدى ضد الإرهاب هو حفاظ المغرب على الديمقراطية وتدعيم احترام حقوق الإنسان. » واليازغي أيضا زعيم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي يحتل مناصب رئيسية في الائتلاف الحكومي مثل العدل والاقتصاد. وقال اليازغي « المغرب مسلح جيدا لمحاربة الارهاب. » مشيرا الى خطط لتطوير قوات الأمن وقانون مكافحة الارهاب. وأشادت جماعات حقوقية بسجل الحكومة في مجال حقوق الانسان في السنوات الثماني الماضية مقارنة بسنوات في حقب من الستينيات حتى التسعينيات من القرن الماضي عندما اختفى مئات من المعارضين السياسيين وسجن آلاف عقب محاكمات غير عادلة. وأصبح المغرب وجيرانه في منطقة المغرب في حالة تأهب منذ أن هدد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي ومقره الجزائر وتربطه صلات بتنظيم القاعدة بتصعيد حربه ضد « فساد » الحكام الإقليميين وحلفائهم الغربيين. وأعلن فرع تنظيم القاعدة في المغرب المسؤولية عن سلسلة من الهجمات في الجزائر في الأشهر الأربعة الماضية. وحذرت الرباط من أن الإرهاب المتصل بالقاعدة أصبح « تهديدا دائما » بالنسبة للمغرب الذي عاني من تفجيرات انتحارية أدت الى مقتل 45 شخصا في الدار البيضاء عام 2003. وفي شهري مارس اذار وابريل نيسان في الدار البيضاء فجر سبعة مفجرين انتحاريين أنفسهم مما أدى لمقتلهم إضافة الى شرطي واحد. وقالت صحف محلية إن حكومة الرباط تخشى من أن القاعدة ربما عدلت استراتيجيتها في المغرب لتجنيد عناصر متمرسة لتخطيط وتنفيذ هجمات فتاكة. وقال اليازغي « أفضل أداة لدولتنا لمحاربة الإرهاب هي دعم نظام قضائي عادل يسمح حتى للمشتبه بهم في الارهاب بالدفاع عن حقوقهم. » من الأمين الغانمي


 

المغرب يعتقل ضابطا في الجيش وصحفيين بعد تسريب معلومات سرية

 
الرباط (رويترز) – قالت مصادر رسمية يوم الجمعة إن السلطات المغربية اعتقلت ضابطا في الجيش واحتجزت صحفيين على خلفية تسريب معلومات مخابراتية سرية عن مؤامرة لتنظيم القاعدة. وقال مسؤول حكومي « اعتقل ضابط القوات المسلحة الملكية في وقت لاحق يوم الخميس كما سمعت أقوال ضباط اخرين في القضية. » وأضاف قوله إن الضابط الذي لم يكشف عن اسمه سيحاكم لدى الانتهاء من التحقيق في تسريب المعلومات. كما احتجزت السلطات المغربية اثنين من الصحفيين بعد نشر صحيفة الوطن الان المغربية المعلومات الاسبوع الماضي. وقالت وكالة المغرب العربي الرسمية للانباء انه « تم القاء القبض على ضابط في القوات المسلحة الملكية وسيحال على أنظار العدالة في اطار التحقيق حول الملف الذي نشرته أسبوعية (الوطن) والمتعلق بسر من أسرار الدفاع.. كما تم الاستماع الى عدد اخر وحجز وثائق هامة. » وقال منير قطاوي مراسل الوطن إن مدير النشر في صحيفة الوطن ابراهيم أريري والصحفي مصطفى رحمة الله مازالا في الحجز منذ ان اعتقلتهما الشرطة يوم الثلاثاء الماضي. ورفض مسؤولون التعليق على الاتهامات التي يمكن ان توجه للصحفيين او متى سيفرج عنهما او متى يحالان الى المحكمة مشيرين الى سرية التحقيقات الجارية. وقال قطاوي ان السلطات المغربية لا تريد ابلاغ حتى المحامين بمكان حجز « زملائنا ولا نعرف » ما اذا كانت السلطات المغربية ستمدد حجزهما لدى انتهاء فترة الاحتجاز الاصلية ومدتها 96 ساعة يوم السبت. ويقول محامون إن الصحفيين يمكن أن يواجها تهمة الاضرار بالامن القومي وهي تهمة قد تصل عقوبتها الى السجن 20 عاما في حالة الادانة. ورفع المغرب في مطلع الشهر الحالي مستوى التأهب الى « الحد الاقصى » وقام بتعبئة قوات الامن تحسبا لهجوم وشيك وفقا لتقارير استخباراتية. وقالت وزارة الداخلية المغربية انها حصلت مؤخرا على معلومات مخابراتية عن خطر وشيك لكنها لم تقدم تفاصيل. وتشهد منطقة المغرب العربي حالة تأهب منذ ان هدد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي المتمركز بالجزائر بتصعيد الحرب ضد الحكومات « الفاسدة » في المنطقة وحلفائها الغربيين. وكانت صحيفة الوطن قد قالت نقلا عن وثيقة مخابرات عسكرية ان القاعدة قررت ارسال 12 مقاتلا عربيا وأربعة مقاتلين باكستانيين لتنفيذ هجمات في المغرب ودول أخرى في المغرب العربي. وقال فؤاد عالي الهمة الوزير المنتدب بالداخلية لرؤساء الصحف المحلية يوم الخميس ان المعلومات التي نشرتها الوطن جاءت من وثائق دفاع سرية مسربة وانه ما من أحد من حقه ان يتعامل مع هذه القضية باستخفاف لان الدولة مسؤولة عن أمن المواطنين. (المصدر: موقع « سويس إنفو » (سويسرا) بتاريخ 20 جويلية 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

الجزائر تجدد التمسك بمطالبة فرنسا بالاعتذار عن جرائم الاستعمار

 
الجزائر ـ القدس العربي ـ من مولود مرشدي: جدد محمد الشريف عباس وزير المجاهدين تمسك الجزائر بمطلبها الخاص بضرورة اعتذار فرنسا عن جرائمها الاستعمارية المقترفة في الجزائر طيلة 132 سنة من الاحتلال. وأكد محمد الشريف عباس في مؤتمر صحافي علي هامش عرضه برنامجا احتفاليا بمناسبة الذكري الخامسة والأربعين للاستقلال تدوم سنة كاملة أن مجاهدي ثورة التحرير هم أبناء الشعب وبالتالي فهم يعبرون بالضرورة عن موقفه ويصرون علي ضرورة تقديم السلطات الفرنسية اعتذارا رسميا للجزائر. وقال في رد علي تصريحات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن هذا الرئيس باشر مهامه مؤخرا ولا يمكن إصدار أحكام مسبقة علي توجهاته ولكن ذلك لا يمنع من التأكيد ان الدولة الفرنسية تبقي العدو التقليدي للشعب الجزائري. ويعد هذا أول رد فعل لمسؤول في الحكومة الجزائرية علي تصريحات الرئيس الفرنسي خلال زيارته إلي الجزائر في العاشر تموز (يوليو) الجاري. وقال نيكولا ساركوزي انه لا يريد العودة إلي الوراء وان همه الأكبر هو النظر إلي المستقبل وكيفيات تطوير العلاقات الثنائية وعدم النكأ في جراح الماضي في رفض صريح لكل فكرة اعتذار علي جرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر. ونفي وزير المجاهدين الجزائري أي وجه حضاري للاستعمار الفرنسي وقال ان فرنسا استعمرتنا واستغلتنا وتسببت في تأخرنا وأنقصت من عددنا والتاريخ يحمل اكثر من شاهد علي ذلك . ولكن المسؤول الجزائري اوضح انه لا يجب ان نجعل هذا سدودا واشواكا بيننا وبين الشعب الفرنسي، واننا لا نسعي الي تحريك احقاد قديمة بيننا وبين الشعب الفرنسي ولكننا نريد فقط ابراز الحقائق التاريخية كما هي دون تحريف . واتهم محمد الشريف عباس من جهة اخري الحكومة الفرنسية بعرقلة الجهود الجزائرية لاستعادة ارشيفها لما قبل الاحتلال سنة 1830 وسنوات الاستعمار بخلفية ان هذا الارشيف يحمل بيانات وبراهين علي الجرائم التي اقترفت في حق الشعب الجزائري ويدحض مزاعم القائلة بايجابيات الاستعمار. ولكن المسؤول الجزائري اعترف بصعوبة مهمة استرجاع هذا الأرشيف وقال إننا لن نسكت عن ذلك لانه يبقي من حقنا . ونفي من جهة اخري عزم السلطات الجزائرية مقاضاة الدولة الفرنسية علي التجارب النووية الثلاث عشرة التي اجرتها في الصحراء الجزائرية منذ 13 شباط (فبراير) 1960 والي غاية سنة 1967. وقال ان المقاضاة المعنوية من خلال ابراز بشاعة تلك التجارب هي احسن وسيلة من المطالبة بالتعويض المادي. وهاجم الاقدام السوداء (الفرنسيين الذين ولدوا بالجزائر) الذين يسعون منذ سنوات للحصول علي تعويض علي املاكهم التي تركوها مباشرة بعد استقلال الجزائر سنة 1962. وقال ان هؤلاء عندما استعمروا الجزائر لم يحملوا معهم اتربة ولا مباني حتي يطالبوا بها الان بل هي املاك الجزائريين. وتشهد الجزائر منذ سنوات وصول وفود المعمرين والاقدام السوداء الي مختلف المدن الجزائرية حيث يزورون احياءهم القديمة وحتي شققهم بدعوي استعادة ذكريات صباهم بينما شرع بعضهم في مقاضاة السلطات الجزائرية بغرض استرجاع تلك الأملاك. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 جويلية 2007)

قتلة الغزال مثلوا بجثته

عوض الغزال يشيد بمساهمة نجل الزعيم الليبي ورئيس مؤسسة القذافي للتنمية في إلقاء القبض على قتله شقيقه وإعدامهم

 
ميدل ايست اونلاين: طرابلس – حكم القضاء الليبي الخميس بالاعدام رميا بالرصاص على ثلاثة رجال ادينوا بمقتل الصحافي الليبي ضيف الغزال قبل سنتين، على ما اعلن شقيق الضحية عوض الغزال. واشاد عوض الغزال « بالحكم العادل في القتلة » ووجه الشكر لسيف الاسلام القذافي نجل الزعيم الليبي معمر القذافي ورئيس مؤسسة القذافي للتنمية « الذي ساهم في وضع الحق في نصابه بعد ان وجهنا له نداء عاجلا ». وكان الصحافي الذي كتب بعض المقالات التي انتقدت سياسة النظام قد اختفى 21 ايار/مايو 2005 ثم عثر عليه مقتولا برصاصة في الرأس في بنغازي شرق طرابلس بعد ذلك بعشرة ايام. ونفت السلطات الليبية اي علاقة لاجهزة الامن الليبية بالحادث. وكانت مؤسسة « الرقيب لحقوق الانسان » الليبية الموجودة في لندن وجهت نداء الى السلطات الليبية للكشف عن مصير الصحافي، معربة عن خشيتها من « تعرضه للتصفية » من قبل « بعض المتشددين في اللجان الثورية وكان على خلاف معهم ». والغزال كان عضوا في رابطة الادباء والكتاب الليبيين وعمل مع اللجان الثورية واشتغل اربع سنوات في جريدة « الزحف الاخضر » قبل ان يعلن مقاطعة الكتابة في الصحف الليبية احتجاجا على ما سماه « المسار المعوج » الذي يسلكه اركان الدولة. ونشر مقالات تنتقد السلطات الليبية على موقع « ليبيا اليوم ». وكانت منظمة « مراسلون بلا حدود » ايدت النداء الذي وجهته عائلة الصحافي لمؤسسة القذافي للتنمية برئاسة سيف الاسلام القذافي لفتح تحقيق حول مقتله. واوضحت المنظمة ان « تقرير التشريح اشار الى آثار تعذيب » ما جعل « من الصعب جدا » التعرف على الجثة. وقالت « ان غالبية اصابع الصحافي قطعت، وتعرض جسده لجروح بسكين وعدد من الكدمات ». (المصدر: موقع ميدل ايست اونلاين (بريطانيا) بتاريخ 20 جويلية 2007)


فرنسا تؤكد زيارة ساركوزي لليبيا الأربعاء المقبل …

سيف القذافي لـ«الحياة»: اتفاق قريب جداً على ترحيل الممرضات والطبيب البلغاريين

 
باريس – رندة تقي الدين     في وقت أعلنت باريس الأربعاء المقبل موعداً لزيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لليبيا، أكد نجل الزعيم الليبي سيف الإسلام القذافي لـ «الحياة» أن اتفاق ترحيل الممرضات والطبيب البلغاريين المتهمين بنقل الفيروس المسبب لمرض الايدز إلى مئات الأطفال «على وشك الانتهاء»، بعد يومين من خفض طرابلس حكم الإعدام بحقهم إلى السجن المؤبد وطلب صوفيا تسلمهم. وقال سيف الإسلام، وهو رئيس «مؤسسة القذافي للتنمية» التي توسطت في المفاوضات مع عائلات المصابين وتولت تدبير التعويضات، إنه يأمل في أن يتزامن وصول الرئيس الفرنسي إلى ليبيا مع انتهاء صوفيا وطرابلس من تفاصيل اتفاق ترحيل الممرضات والطبيب. وأضاف في اتصال هاتفي مع «الحياة»، أن «الترحيل سيتم بعد الانتهاء من تفاصيل الاتفاق كافة، وهي على وشك الانتهاء». واعتبر أن «المهم الآن هو التوصل إلى تسوية لتفاصيل الاتفاق (على ترحيل المتهمين)، وليس الترحيل، فعند اتمام الاتفاق يتم الترحيل… وهذا الاتفاق أصبح قريباً جداً». وكشف القذافي الابن أن صندوق بنغازي التابع لمؤسسته تولى تدبير التعويضات ودفعها من «تبرعات وديون شطبتها بلغاريا وتشيخيا لليبيا، وأموال ليبية»، مشيراً إلى أنه ينتظر «تسوية مع الاتحاد الأوروبي، وهي وشيكة». وأوضح أن هذه التسوية تتمثل في اتفاق شراكة بين ليبيا والاتحاد منفصلة عن مسار برشلونة للتعاون الأورومتوسطي، لافتاً إلى أن «الاوروبيين يقولون إن هناك اتفاقاً مع ليبيا في إطار برشلونة، لكننا نريد اتفاق شراكة منفصلاً». وأشار إلى أنه قاد المفاوضات في شكل رئيسي مع المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية بنيتا فيريرو فالدنر ووزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير والأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان. وأضاف أن «ساركوزي وزوجته سيسيليا لعبا دوراً في هذا الإطار»، لافتاً إلى أن الأول عرض خلال اتصال هاتفي مع العقيد معمر القذافي، أول من أمس، موضوع استعداد فرنسا لتجهيز مستشفى بنغازي الذي شهد وقائع القضية. وأكد أن «هناك اتفاقات مع دول أوروبية أخرى، وهي سرية وقيد المناقشة»، موضحاً أن «كل شيء سينشر في وقته، ولكن المهم أن أوروبا حوّلت قضية جنائية الى قضية سياسية. ينبغي على العالم أن لا يلوم ليبيا لأنها تفاوض وتساوم، فالقضية جنائية وإنسانية حولها الأميركيون والأوروبيون إلى قضية سياسية». وكان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير كشف أمس أن ساركوزي سيزور ليبيا الاربعاء، بعدما رفض الناطق باسم الرئاسة ديفيد مارتينون تأكيد موعد الزيارة، مكتفياً بقوله إن الرئيس سيلبي دعوة من العقيد القذافي «قريباً إذا تبين أنها مفيدة لملف الممرضات والطبيب». وقال مارتينون إن «ليبيا شريك استراتيجي في إطار مشروع وحدة المتوسط الذي يعمل عليه ساركوزي، وبالتالي فإن زيارته تندرج في امتداد جولته التي شملت الجزائر وتونس، وهو يرغب في مناقشة مشروعه مع العقيد القذافي الذي أبدى اهتماماً كبيراً به». وأضاف أن «هناك أيضاً قضايا مشتركة بين ليبيا وفرنسا منها مكافحة الإرهاب، كما أن لفرنسا علاقة عمل فعالة مع ليبيا بالنسبة لشبكات الهجرة غير المشروعة». (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 جويلية 2007)

رفض تسليم سلاح المقاومة ودعا إلى حوار فلسطيني

« حماس »: تصريحات القدومي إيجابية وتؤكد وجود صوت عقلاني يقظ داخل « فتح »

 
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام رحّبت حركة المقاومة الاسلامية « حماس »، بتصريحات القيادي البارز في حركة « فتح » فاروق القدومي، التي أدلى بها لقناة « الجزيرة » الخميس (19/7)، والتي أكد فيها رفض تسليم سلاح المقاومة كما دعا فيها إلى حوار فلسطيني بوساطة عربية. وقالت الحركة في بيان لها تعليقاً على ذلك « استقبلنا في الحركة تصريحات الأخ فاروق القدومي بكل ترحاب وارتياح، وذلك رغم اختلافنا السياسي مع بعض مضامينها؛ إلاّ أنّ جوهر وشكل التصريحات والمواقف التي أطلقها الأخ القدومي؛ تثبت وبجدية وجود صوت عقلاني يقظ داخل حركة فتح، يمتلك من الخبرة والحرص الكبير على المشروع الوطني وعلى متانة العلاقة الفلسطينية – الفلسطينية ». وأضافت الحركة في البيان « لن نقول بأكثر مما قاله أبو اللطف حول تسليم سلاح المقاومة، فالمسألة أكبر من العفو عن مطارد هنا أو هناك، وهذه البنادق أصلاً ليست ملكاً لأفراد بل هي أمانة في أعناقهم أودعها الشعب الفلسطيني بشهدائه وأسراه وجرحاه ». وقالت الحركة مضيفة « نرحب وبكل مصداقية، ولدينا الاستعداد الكامل لإثبات حسن النوايا لدعوة الأخ القدومي للحوار الوطني برعاية عربية مباشرة، في سبيل تعزيز المسؤولية القومية والإسلامية عن القضية الفلسطينية، والخروج بها من الحالة التي تعيشها الآن ». واختتمت الحركة بيانها بالقول « نكرِّر ترحابنا بلهجة الأخ القدومي الهادئة والمتزنة والعقلانية، المبتعدة عن الإسفاف اللفظي الذي يمارسه البعض، والتي تمثل وبحقّ في هذه المرحلة الحساسة شخصية القائد الوطني المتماسك، والقادر على تمييز جوهر الأمور وأكثرها حيوية في أوقات الأزمات » (المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام بتاريخ 20 جويلية 2007)


 

«التضامن العائلي» وجه جديد لـ«إخوان» مصر

 
القاهرة ــ وائل عبد الفتّاح ضمن ما يمكن تسميته «الحرب العائلية» لدى الجيل الجديد من جماعة «الإخوان» المسلمين في مصر، تصدّر الموقعَ الالكتروني للجماعة أمس خبرٌ بعنوان «أبناء المحالين للعسكرية يحققّون نتائج متقدّمة في الثانوية العامة»، في ظاهرة أطلقت عليها وكالة «الأنباء الالمانية» تسمية «الجناح الجديد لجماعة الاخوان المسلمين»، في إشارة الى الرابطة التي أنشأها أبناء وأحفاد قادة الجماعة المعتقلين. وتشير المساندة العائلية اللافتة إلى تغيير نوعي في الصورة السياسية لـ«الإخوان» باعتبارهم «تنظيماً حديثاً» يمثّل «اعتدال الإسلام»، الذي يظهر في التصريحات التي كانت تصدر في غالبيتها عن زوجات المعتقلين وبناتهم. وفي السياق، قالت زهراء، ابنة النائب الثاني للمرشد العام خيرت الشاطر، إن أبناء المعتقلين «يعبّرون عن غضبهم بطرق سلمية. نزلنا إلى الشارع بشعارات إنسانية وقانونية أكثر منها سياسية، منها: المحكمة برّأت والدي، فلماذا لا يعود إلى البيت؟». وتجدر الإشارة إلى أن ابنة الشاطر هي زوجة معتقل آخر هو حسن مالك، الذي شهدت اعتقاله أمام عينيها. وقالت «انقضّت الشرطة على باب المسكن، واقتحمته مروّعةً الأطفال. الأمر في كل مرّة يبعث على الهلع. أطفالي يفتحون عيونهم على مشهد المدافع الرشاشة». ويذكر أن غالبية المعتقلين هم من رجال الاعمال، وينتمون إلى شرائح ميسورة من «الإخوان»، ما جعل شكل الاحتجاج على الاعتقال يختلف بداية من الرابطة إلى مجموعة مدوّنات شخصية يحمل كل منها سيرة للمعتقل ومتابعة لأخباره، منها مدوّنة عامة تحمل اسم «انسى»، تجمع أخباراً ومقاطع مسموعة ومرئية من المحاكمات. ويلاحظ أن هذه المدوّنات لا تستخدم تعبير «قادة الإخوان» أو تشير إلى مناصب المعتقلين في الجماعة، إلا أنها تصفهم بالإصلاحيين، وهو توجّه جديد يضاف إلى عناصر الصورة الجديدة التي يقدمها «الاخوان» من خلال أزمة المحاكمة العسكرية. ويتوقّع المتابعون لمسيرة «الإخوان» أن تستفيد الجماعة من النشاط الذي صاحب المحاكمات العسكرية في إعادة تنشيط مكتب «الأخوات» بشكل عصري يختلف عن الطريقة التي كانت تتبعها القيادية زينب الغزالي في بداية الخمسينيات والستينيات. واكّد المراقبون أن «قائدات حركة التضامن العائلي لن يقنعن بموقع الزوجات التي تعوّدت عليها أجيال ما بعد الغزالي، وقد نشهد قيادات جديدة تفرزها رابطة الدعم العائلي». ومن ناحية أخرى، تحدثت عائلات المعتقلين عن ملامح أخرى للجيل الجديد في «الإخوان». وقالت زهراء «أجد صعوبة في شرح أن الضباط الذين اقتادوا والدي، كان يجب أن يكونوا مصدراً للحماية، كما يصعب تفسير سبب عدم ردنا بشكل يخلو من العنف على الاعتقالات». وأضافت «نحن ضد هجمات 11 أيلول، وضد هجمات أخرى تعتمد العنف، بيد أن هذه المعاملة قد تؤدي لخلق جيل يؤمن بالإرهاب». (المصدر: صحيفة « الأخبار » (يومية – لبنان) الصادرة يوم 19 جويلية 2007)

 
 رئيس مركز العادل للدراسات الإستراتيجية:

الانتخابات التركية مفتوحة على كلّ الاحتمالات

محسن المزليني
تثير الأوضاع السياسية في تركيا جدالا لا تخبو حرارته نظرا لتداعياته المهمّة على جميع الأصعدة تبدأ بالسياسة ولا تنتهي بالفكر. والأكيد أنّ الأسئلة التي تطرحها هذه الأزمة من التنوّع والعمق بما يجعل القول الفصل فيها أقرب إلى التنبّؤ منها إلى الحسم العلمي، في انتظار أن تكشف انتخابات أواخر هذا الشهر عن النّبأ اليقين. في هذا الإطار استضاف منتدى الجاحظ يوم الخميس 6 جويلية  الدكتور محمد العادل  وهو تونسي مقيم في تركيا منذ ما يزيد عن عشرين سنة ويدير مركز العادل للدراسات الإستراتيجية. لم يقدّم الباحث ورقة مسبقة وإنّما إجابات عن أسئلة الحاضرين المختلفة والمتقاطعة، فكانت إجاباته إجابات الخبير المعايش لهذه الأزمة  رسم من خلالها المشهد الحقيقي كما يراه، باعتبار استقلاليته عن كلّ الاتجاهات كما قال. مداخل الأزمة اعتبر الباحث أنّ تركيا لم تكن تعيش أيّ أزمة قبل احتدام الحملة الأخيرة، وإنّما نقاشا ديمقراطيا تشارك فيه كلّ الأطراف والتوجهات، إضافة إلى ما يسمّى بمراكز النّفوذ المهيكلة في إطار المؤسسات الدستورية: الجيش والرئاسة والحكومة. ومعلوم، حسب الباحث، أنّ حكومة العدالة والتنمية تسلّمت السلطة بعد انتصارها في انتخابات 2002 وأنّ مدّتها النيابية تنتهي في نوفمبر2007 . غير أنّها، أي الحكومة، أعلنت عن نيتها تقديم موعد الانتخابات لسبب إجرائي وهو ترك المجال الزمني الضروري لتستطيع الحكومة المنبثقة عنها إعداد الميزانيات الجديدة في شهر ديسمبر على غرار بقية الدول. لكن وبحلول موعد الاستحقاق الرئاسي يوم 17 ماي الفارط تفجّر النقاش وبدأت التعبئة والتعبئة المضادة. ذلك أنّه بحلول هذا التاريخ تنتهي ولاية الرئيس ويصير بين خيارين، إمّا أن يسلّم المنصب لمن يرشّحه البرلمان أو أن تمدّد له السلطة التشريعية. وهو ما لم يحصل، لذلك اعتبر المحاضر أنّ وضعية الرئيس حاليا غير دستورية وبالتالي فإنّ قراراته منذ ذلك التاريخ تعتبر لاغية. ورغم ذلك لم يثر حزب العدالة والتنمية هذه القضيّة حفاظا على الأجواء العامّة. كما أنّ كلّ الدلائل كانت تشير إلى إمكانية وصول عبد الله غول إلى كرسي الرئاسة حيث كانت استطلاعات الرأي تشير، قبل هذه الأزمة، إلى تأييد 65 بالمائة من الشعب التركي له. وأكّد أنّ غول ليس شخصية نكرة في تركيا، فهو يُعرف بكونه شخصية إسلامية معتدلة، مارس العمل النيابي منذ ما يزيد عن 15 سنة، و بهذا المستوى يُعتبر أكثر تجربة من رئيس الوزراء أردوغان. كما كان له دور بارز في إدارة المفاوضات بين حكومة نجم الدّين أربكان والمؤسّسة العسكرية إبّان أزمة 1996ـ 1997. واعتبر الباحث أنّ سبب تفجّر الأزمة الحالية ليس الخوف من هذه الشخصية أو تلك، وإنّما من الإنجازات التي حقّقتها الحكومة الحالية والتي تتخوّف المعارضة من استثمارها في تأبيد بقائها. إنجازات بالجملة   أكّد الباحث على أنّ حكومة العدالة والتنمية حقّقت قفزة غير عادية إذ بلغ حجم التجارة الخارجية 200 مليار دولار كان نصيب الصادرات فيها 80 مليار سنة 2006 بينما كانت سنة2002 في حدود 38 مليار دولار. كما اختلفت ممارستها الاقتصادية عن سابقاتها. ففي حين ركز من سبق خطته الاقتصادية على الاستدانة، أغلقت حكومة العدالة والتنمية هذا الباب وكثّفت جهودها على الاعتمادات الذاتية، فانخفضت الديون من 23 مليار دولار إلى 11 مليارا. وتحقّق بذلك استقرار اقتصادي انعكس على المناخ الاجتماعي فسجلت زيادات في الأجور. أمّا الفشل الوحيد الذي تقرّه هذه الحكومة، فهو عدم استطاعتها تخفيض الضرائب التي تصل إلى 30 في المائة، معلنة عزمها الاشتغال عليها في صورة بقائها على سدّة التسيير. كما شملت التغييرات الجانب السياسي، إذ ساعدت الإصلاحات القانونية على تطور شبكة منظمات المجتمع المدني فوصلت نسبته بين سنتي 2002 و 2007، 40 بالمائة حيث تجاوز عدد المنتسبين إليها 150 ألفا. بل وصلت التسهيلات القانونية إلى إمكانية تأسيس الجمعيات دون أن تقف بأيّ باب، إذ يكفي أن يُقدّم الملف عبر الإنترنت ليأتيه الردّ بنفس الواسطة. وشملت إمكانية بعث الجمعيات لأوّل مرّة الرعايا الأجانب المقيمين بتركيا. أمّا السياسة الخارجية فقد شملها أيضا الكثير من التغيير، إذ على غير ما كان متوقّعا منها، باعتبار ما اعتبره الملاحظون خلفية إسلامية انعزالية، اندفعت الحكومة في اتجاه الاندماج في الفضاء الأوروبي وقطعت في سبيل ذلك خطوات عديدة كلّفتها إجراءات وإصلاحات جوهرية. ولكن هذه الإندفاعة غربا لم تنسها تطوير علاقاتها مع بقية الفضاءات بدءا بالعالم العربي والإسلامي ثمّ الصين وروسيا، ليشمل الأمر إفريقيا، بل إنّ الأمر وصل إلى استحداث إدارات في وزارة الخارجيّة خاصّة بإقليم معيّن مثل المغرب العربي. الأسلمة والعلمنة  ثمّ تطرّق المحاضر، في إجاباته، إلى قضية الخلفية الإيديولوجية لحزب العدالة والتنمية فلاحظ أنّ هذا الحزب هو تجربة جديدة في الممارسة السياسية التركية، إذ لا يمكن تصنيفه ضمن الأنماط السابقة أو ضمن ما يعيشه العالم العربي مؤكّدا « إذا كنتم تقيسون التيار الإسلامي مثلا بالنماذج التي توجد في الساحة العربية فلن تقدروا أبدا على فهم التجربة التركية ». ومن خصوصيات هذه التجربة أنّها نتيجة إيلاف سياسي للتيارت الليبرالية سواء جاءت من خلفية إسلامية أو قومية أو علمانية. وبالنسبة إلى التيار الإسلامي، اعتبر أنّه تجربة جديدة أيضا. فلم يحصل أن دعا هذا التيار إلى أسلمة الدولة كما لا نجد في أجندته ولا في أدبياته أيّ حديث عن هذا الهدف. كما تعيش تركيا مشاركة لكلّ المدارس الإسلامية في العملية السياسية فحتّى المدرسة الصوفية لها قنوات مشاركتها السياسية فالطريقة القادرية يمثّلها حزب « تركيا الحرّة » وللطريقة النقشبندية حضور قويّ. ولاحظ المحاضر أنّ الأحزاب ذات الخلفية الإسلامية لا تختلف في أدبياتها عن بقية الأحزاب العلمانية معيدا ذلك إلى أنّ القانون التركي يمنع أيّ إشارة إلى مثل هذه المرجعية، ولعلّ ذلك هو سبب تميّز التجربة الإسلامية في تركيا. كما أنّهم يتوفّرون على ميزة أخرى تجعل المقارنة مع الإسلام السياسي العربي، قياسا مع وجود الفارق، أي قياس فاسد بتعبير المناطقة، ذلك أنّ أولويتهم هي الأمن القومي التركي. ففي الفترة الأخيرة وبالتزامن مع ارتفاع لهجة المؤسسة العسكرية وبقية الأطراف العلمانية حافظ أعضاء الحكومة على هدوء تصريحاتهم ولم يسيّروا مسيرات مضادّة برغم قدرتهم على ذلك، لكنّهم رفضوا، كما قال، الدخول في هذه المتاهة. إنّ هذه العقلانية في الممارسة لم تأت من فراغ، بحسب المحاضر، فقد استفاد عبد الله غول ورجب الطيّب أردوغان من إعادة قراءة للتجربة الأربكانية وإخفاقاتها، و قد كانا  من أركانها، قراءة أوصلتهما إلى أنّ الأربكانية قد انتهت وأنّ ممكنها الوحيد هو أن تبقى مرجعية فكرية، فيما الممارسة تحتكم إلى المصلحة و البراغماتية. فكان التوجّه إلى إئتلاف مع العلمانيين الليبراليين والقوميين، مداره تحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان عبر إصلاحات سياسية تقلّص من هيمنة العسكر لتفتح مجال السياسة. مسارات الأزمة وآفاقها  أكّد العادل على صعوبة التنبّؤ بالخارطة السياسية التي ستفرزها الإنتخابات القادمة. ومردّ الصعوبة تكمن في أنّه لأوّل مرّة يكون الإستقطاب ثنائيا: لون كمالي في مواجهة لون إسلامي محافظ (المحافظ عند الأتراك تعني النزعة القومية). لقد دفع هذا الإستقطاب بحزبين سبق أن انشقا عن بعضهما وهما حزب اليسار الديمقراطي وحزب الشعب الجمهوري إلى التوحّد من جديد وتكوين منتظم سياسي قد يحصد ما لا يقلّ عن 20 بالمائة من الأصوات. وفي حال اقتصار الأمر على طرفين فإنّ الباحث لا يستبعد حصول العدالة والتنمية على الأغلبية ) يتوقع 40 بالمائة)، غير أنّه لم ينف إمكانية حصول مفاجآت ببروز طرف ثالث، ربما التيار القومي أمّا التيارات الإسلامية الأخرى وخاصة الأربكانية فهو لا يتوقّع لها أيّ إنجاز. وبالنسبة للتيار القومي فقسّمه الباحث إلى قوميين طورانيين والتيار القومي المحافظ الذي لا يشكّ في تحالفه مع العدالة والتنمية. أمّا التيار العلماني فيراهن على بروز طرف ثالث قوي يؤلّف معه الحكومة القادمة ويعيد العدالة والتنمية إلى المعارضة. 
 

 

هيومن رايتس ووتش تنتقد تدخل المؤسسة العسكرية التركية في الشؤون السياسية

 
لندن ـ يو بي أي: انتقدت منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس) ووتش تدخل المؤسسة العسكرية التركية في الشؤون السياسية مع إستعدادات البلاد للإنتخابات البرلمانية المقررة في الثاني والعشرين من تموز (يوليو) الجاري، واعتبرت أن هذا التدخل يهدد إحداث أي تقدم علي صعيد إحترام حقوق الإنسان في تركيا. وقالت المنظمة في بيان وزعه مكتبها في لندن امس الخميس ان الحكومة التركية توقفت في الوقت نفسه عن تنفيذ الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان، وقامت بفرض قيود علي حرية التعبير وحرية الصحافة ومضايقة مسؤولي الحزب السياسي الكردي والإستمرار في التأثير علي قرارات المحاكم. وابدت قلقها بشكل خاص من بيان المؤسسة العسكرية التركية والذي اعتبر المدافعين عن حقوق الانسان ومنتقدي سياسات الحكومة في أنقرة بأنهم مرادفون لمؤيدي المنظمات الإرهابية. وقال هولي كارتنر مدير دائرة أوروبا وآسيا الوسطي في هيومن رايتس ووتش ان الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان تعتمد إلتزام الحكومة الجديدة في تركيا بوقف الإنتهاكات وتصحيح الإنتكاسات الأخيرة . واعتبر كارتنر البيانات العسكرية التهديدية مسألة تثير قلق أي شخص يكترث بأوضاع حقوق الإنسان في تركيا من خلال النظر الي تاريخ الإنقلابات العسكرية في البلاد ، مشيراً الي ان العسكر في تركيا يعرضون حياة المدافعين عن حقوق الإنسان للخطر من خلال مساواتهم بالإرهابيين. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 جويلية 2007)

امتحان للغرب في تركيا

 
بقلم: أنور إبراهيم (*)   وُصفت الانتخابات التي سوف تجري في تركيا خلال هذا الشهر بأنها معركة من أجل السيطرة على روح الأمة. ولكن بعيداً عن كونها معركة بين العلمانية والإسلام، كما يحلو للبعض أن يعتقد، فإن المعركة هي في الحقيقة صراع بين قوى الحرية والديمقراطية من جهة وبين السلطوية من الناحية الأخرى. نتيجة الانتخابات سوف تقرر ما إذا كانت تركيا سوف تواصل طريق التحديث الذي اتبعته خلال السنوات الخمس الماضية تحت حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم، أو أن تعود بالخطى إلى الوراء حيث تصبح القوة موازية للحق، والقوة تتحقق من خلال فوهة البندقية. هل سيكون هناك قرار لتحقيق توافق جديد بين الدولة والمواطنين يكون مقبولاً ومنسجماً مع تراث تركيا الإسلامي وثقافتها العلمانية السياسية، أو هل ستتمكن القوة العسكرية من اغتصاب حق الشعب في اختيار حكومته والنيل من صلاحية الحكومة في خدمة الشعب؟ المظاهرات التي جرت في أنقرة في شهري أبريل ومايو أثارت شبح الإسلام الراديكالي كسبب للتحايل على العملية الديمقراطية. ولكن وصم هذه الحكومة بصفة الإسلام الراديكالي هو افتئات صارخ على الحقيقة. فهذه حكومة ملتزمة بشكل واضح بعملية المحافظة على الديمقراطية مهما كلف الأمر، في الوقت الذي تأخذ فيه خطوات ملموسة لإزالة ما يحيط بالأحزاب ذات الخلفية الإسلامية من سوء فهم. ومع أن قواعد الدولة التركية العلمانية كانت ترتكز في الماضي على القوة العسكرية فإننا اليوم نرى أخيراً حكومة مدنية انتخبت انتخاباً ديمقراطياً وليست في حاجة إلى أبلسة الدين. إن خطوات رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الشجاعة في توجهه لعضوية الاتحاد الأوروبي، وبالأخص في حقل الإصلاح القانوني، يجب أن يزيل أيضاً أية شكوك حول إيمان تركيا بالديمقراطية. منذ أوائل عقد الثمانينات من القرن الماضي، كانت السياسة التركية تتسم بوجود دولة قوية ومجتمع مدني ضعيف، كانت فيه الحقوق الفردية مقبولة فقط في حالة انسجامها مع التصور الوسطي. كانت تهيمن على الانتخابات في تلك الحقبة الإجراءات الكاسحة لخنق المجموعات المعارضة والنيل منها على امتداد الساحة السياسية. بيد أن تلك الإجراءات المناهضة للديمقراطية قد بدت، حتى وقعت التطورات الأخيرة، وكأنها أصبحت في سلة التاريخ، نتيجة للانتخابات البرلمانية التاريخية التي جرت في عام 2002. إن الالتزام بالعملية الديمقراطية يُمثل تحولاً مفصلياً في السياسات التركية والذي من خلاله تم ترجمة إرادة الشعب في توخي سياسات اقتصادية حكيمة، تبجيل الرفاه الاجتماعي دفع عملية الاندماج بشكل أكبر مع أوروبا. وعلى نقيض واضح من تهديدات العسكريين بالتدخل، فقد أبدى قادة تركيا إرادة واضحة والتزاماً بالمضي في عملية الإصلاح. إن تداعيات تدخل عسكري سوف تكون بعيدة المدى وبالغة الخطورة. لا حاجة إلى إعادة بعث الخطايا التي ارتكبت في الجزائر. وفيما تحول بنود الدستور في تركيا دون إمكانية خطف العملية الانتخابية، فإن من غير المحتمل أن يقبل الشعب التركي بمثل تلك الحركة بسهولة لو حدثت بالفعل. عندها يمكننا أن نتوقع بأن المفاوضات مع المجموعة الأوروبية سوف تتوقف فوراً، الأمر الذي يرضي تلك الحكومات في أوروبا التي كانت منذ البداية عازمة على إقصاء تركيا. إن النمو غير المسبوق الذي حققه الاقتصاد التركي سوف يتباطأ دون شك. وفي نهاية المطاف يمكن أن نشاهد انهيار الجسر الحضاري الذي تقوم اسطنبول ببنائه بين الشرق والغرب. ومن الأمور التي تدعو إلى القلق أيضاً أن مثل ذلك الحدث سوف يكون بمثابة خيانة لتطلعات المسلمين الديمقراطيين في تركيا وعلى امتداد العالم الإسلامي. ذلك أن تركيا، مثلها مثل إندونيسيا، تعتبر على نطاق واسع كحالة مختبرية لإظهار التوافق بين السياسة الإسلامية والديمقراطية. إنها تعبير عن السلام والتطور الذي أثار اهتمام المسلمين وأوقد جذوة الفخر على المستوى الدولي. الراديكاليون بكل تأكيد سوف يستخدمون انقلاباً يجد في تركيا كدليل على النفاق الغربي في الدعوة إلى الحرية والديمقراطية في العالم الإسلامي من جهة، في الوقت الذي يغض نظره بصره عن الحكم السلطوي. ولسوف يفقد المعتدلون الأرضية التي يقفون عليها في منطقة تعمها الراديكالية والتي تُأجج نيرانها الأوضاع المتردية في العراق والفشل في حل الصراع العربي-الإسرائيلي. في الأيام القادمة سوف يتم كشف النقاب عن الألوان الحقيقية لمن يملكون زمام الأمر في هذه المسرحية. ومن حق تركيا، كواحدة من حلفاء هذا الأخير أن تتوقع من أن الغرب الامتناع عن تقديم أي دعمٍ علني أو غير علني لأية محاولة لإخراج الديمقراطية عن مسارها. إن الفشل في إظهار تأييدٍ تام للديمقراطية التركية من شأنه أن يشكل دعوة قوية نحو التطرف، سواءٌ كان إسلامياً أو علمانياً، يتيح له النمو بحرية. بكل تأكيد، فإن أولئك الذين يدعون بأنهم يمثلون تطلعات الدولة التركية الحديثة قد ينجحون في إسقاط الحكومة الحالية، وبالأخص عندما يكونون مستندين إلى القوة العسكرية المجردة، ولكن مثل ذلك سوف يكون نصراً مزيفاً، لأن الثمن سوف يكون الحرية والديمقراطية نفسيهما. (*) أنور إبراهيم: نائب سابق لرئيس وزراء ماليزيا، ومستشار حزب العدالة الشعبي الماليزي. هذا المقال برعاية مصباح الحرية، www.misbahalhurriyya.org (المصدر: موقع « مصباح الحرية » (تابع لمعهد Cato الأمريكي) بتاريخ 18 جويلية 2007) الرابط: http://www.misbahalhurriyya.org/commentary/fullversion/340.html عنوان المعهد: www.cato.org


نظرة الأطراف المختلفة إلى الإنسحاب الأميركي

 
توفيق المديني في شهر سبتمبر المقبل ، ستدق ساعة الحقيقة، لإستراتيجية الرئيس بوش  في العراق التي أُقرت قبل ستة أشهر، حين  يقدم قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس تقريراً نهائياً حول مدى نجاح استراتيجية زيادة القوات الأمريكية .و حتى ذلك التاريخ لا يزال الرئيس بوش يرفض إدخال أي تغييرات على مخططات الحرب. و كما هو  الحال في شهر نوفمبر 2006، بعد الانتصار الذي حققه الديمقراطيون في الانتخابات النصفية ، أصبحت الطبقة السياسية الأميركية تطالب بتغيير حقيقي في المقاربة للأوضاع العراقية، في ظل احتدام   المعركة داخل الكونجرس،و تكثيف الضغوطات على الرئيس بوش لكي يباشر بانسحاب القوات الأميركية من العراق. ففي افتتاحية صحيفة نيويورك تايمز حملت العنوان التالي : « طريق العودة »، دافعت الصحيفةلأول مرة عن انسحاب أميركي بلا قيد أوشرط ، حين كتبت تقول: »لقد حان الوقت لكي تغادر الولايات المتحدة العراق ، بلا أية مهلة أكثر من اللازم يحتاجها البنتاغون لكي ينظم انسحابا ممنهجا ». في حين أن الغزو الأميركي للعراق كان من نتائج أحداث 11 سبتمبر 2001، التي أفضت إلى مقاربةٍ أحادية الجانب مبنيّة على مبدأ « الوقاية ». ونُظِرَ إلى اجتياح العراق على أنّه ضرورة لإصلاح العالم العربي والإسلامي في العمق، وإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط، لأنّه وكما لا ينفكّ ويكرّره عالِم القرون الوسطى برنارد لويس الذي تحوّل مرجعاً أعلى في دوائر الحكم: « العرب لا يفهمون سوى لغة القوة » . الانسحاب الأميركي من العراق أصبح مطلبا رسميا عربيا ودوليا  أيضا، يشهد على ذلك  المقاربة التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله في القمة العربية الأخيرةالتي عقدت في الرياض ، حين اعتبر الإحتلال الأميركي للعراق  » غير شرعي ». ففي العراق، كما في فييتنام منذ 35 سنة، لا تتمتّع حكومة المالكي المدعومة من واشنطن بشرعيّةٍ سياسيّةٍ متينة، وتعارضها شريحةٌ واسعةٌ من الشعب. من جهةٍ أخرى، يقوّض الدور الأميركي على الأرض هذه السلطة. وكلّما إزداد تورّط الأميركيّين كلّما ضعفت حكومة المالكي ، مُخلّفةً بذلك « نزاعاً على الشرعيّة » يستحيل حلّه.وزد على ذلك ، ما دامت استراتيجية مكافحة المقاومة و القاعدة على حد سواء لم تحقق نتائج ملموسة و ثابتة على الأرض، فقد فقدت  حكومة  المالكي على الأرجح إلى عنصرٍ حاسمٍ من شرعيّتها الديموقراطية، ألا وهو تعاطف الشعب العراقي ، الذي  ينتقد أدائها الطائفي . و مع ذلك ، فإن المراقب المتابع للشؤون الشرق أوسطية  يلمس بوضوح أن هناك هوة تفصل بين المواقف المعلنة رسميا  و المقاصد المخفية.فالدول و المجموعات  السياسية في  منطقة الشرق الأوسط ، و تحت ضغط الرأي العام المحلي  ، لم تعد تقبل ببقاء القوات الأميركية في العراق، بيد أنها ليس لديها رغبة أن يتم الانسحاب الأميركي بسرعة.و ما يجمع عليه اللاعبون المحليون والإقليميون هو تمنياتهم ببقاء القوات الأميركية في العراق، كل لأسبابه وأهدافه وأغراضه الخاصة. لم تعد الولايات المتحدة الأميركية تمتلك القدرة على توظيف الأطراف الإقليمية لخدمة أهدافها ، كما أن الأطراف الإقليمية  تعلمت أيضا كيف توظف  الوجود الأميركي لتحقيق أهدافها الخاصة. فالدول العربية المعتدلة التي ترتبط بعلاقات صداقة متينة مع الولايات المتحدة ، لديها مخاوف من انهيار الاستقرار في المنطقة نتيجة الانسحاب الأميركي من العراق.إذ إن هذا الانسحاب سيعتبرفي نظر خصومها هزيمة  أميركية في المنطقة، الأمر الذي سيقود إلى إضعاف معسكر الإعتدال العربي ، و تقوية راديكالية الرأي العام العربي و الإسلامي  المناهض  للسياسة الأميركية. و فضلا عن ذلك، فإن انسحاباً أميركياً ، سيقود إلى نشوء نظام  أحادي الطائفة في العراق  مع مرور الوقت. و في مواجهة العالم العربي ،سيتوجه هذا النظام الوليد إجباريا إلى الشرق،ليعزز من تحالفه مع إيران .ويعتبر هذا السيناريو كارثيًا في نظر معظم الدول العربية،  لأنه سيقود إلى ولادة تحالف  إيراني – عراقي، سينجم عنه إسقاطات مدمرة على الصعيد الإقليمي . إن ما تخشاه الدول العربية من الانسحاب الأميركي ، هو نشوء حرب أهلية ذات بعد طائفي ، تقود إلى تقسيم العراق، وهذا ما سيشكل بدوره أزمة وجودية لسلامة الأراضي و أمن دول المنطقة، و لاسيما أن الاتجاهات الإنفصالية موجودة في المنطقة ،ومن الممكن أن تستيقظ من تحت الرماد.و أخيرا، فإن نهاية العراق الحديث ، سيقوض شرعية المبادىء الأساسية ، التي قامت عليها الأمة ، و الدولة ، و الحدود العربية. و بالمقابل ،فإن محوردول الممانعة  المتشكل من إيران و سوريا لديه رؤية فيما يتعلق بالتواجد الأميركي العسكري في العراق.و مادامت الولايات المتحدة الأميركية غارقة في وحل المستنقع العراقي ، فإنها ستفكرمرتين قبل أن تقدم على حملة عسكرية جديدة ضد دولة محاذية للعراق.و هذا الأمر يعود لإعتبارات سياسية-التورط الأميركي يخدم كأسلوب معتدل للتذكير بإخفاق الغزو –و لكن أيضا لإعتبارات عسكرية. فالموارد  الأميركية استنفذت ، و ستظل كذلك ما دام الإحتلال . الأميركيون يتهربون من مواجهة الواقع المرير وهو أن الانتصار العسكري التقليدي في حرب العراق يستدعي بالضرورة أمرين: التجنيد الإجباري ورفع الضرائب لتغطية التكاليف المذهلة التي تبلغ 10 بلايين دولار شهرياً.إضافة إلى ذلك، تمثل القوات الأميركية في العراق هدفا لأي هجوم  مضاد محتمل من قبل المحورالإيراني. فغزو العراق واحتلاله شكلا هدية أميركية ثمينة لإيران، لا سيما وأن سلطات الاحتلال الأميركية دمرت الجيش العراقي بعدما أطاحت بنظام صدام حسين، وقوّت حلفاء إيران داخل العراق، وجعلت من مناطق عديدة في العراق ساحة آمنة للنفوذ الايراني القاطع. فإذا انسحبت القوات الأميركية بأسرع ما يمكن من العراق، فإنها ستترك ايران في مأزق، وستحرر الولايات المتحدة من مستنقع العراق لتتمكن من استعادة الهيبة والعظمة.و ستتمكن الإدارة الأميركية عندئذ من اتخاذ مواقف صارمة من طهران بلا خوف من انتقام إيراني ضد القوات الأميركية في العراق. لهذا، ترى إيران ، أن بقاء القوات الأميركية في العراق ، يشكل الضمانة السياسية  ضد أي عدوان أميركي محتمل. بالنسبة لتركيا، يعني بقاء القوات الأميركية في العراق، الضمانة الحقيقية لعدم إفساح في المجال للتطلعات القومية الكردية لتشكيل دولة كردية مستقلة ، تعتبرها إنقرة خطاً أحمراً. كما أن تركيا لا تنظر بعين الرضى تشكل دولة عراقية حليفة لإيران  و منفتحة على المطالب الكردية،حيث أن الإحتلال الأميركي يحول دون تحقيق ذلك. أما « إسرائيل  » ، فإنها تعتبر الإنسحاب الأميركي من العراق كارثة، لا سيما أن قوة الردع الصهيونية فقدت هيبتها بعد حرب تموز الصائفة الماضية.فالانسحاب الأميركي «الفوري والكامل» من العراق، المترافق مع الإسقاطات الكارثية لحرب تموز2006، يجعل وضع « إسرائيل  » صعبا ، ويعزز مكانة إيران الإقليمية، ويعطي أملا لسورية بتحرير الجولان من طريق القوة العسكرية.
 
(المصدر: صحيفة « الخليج »  رأي ودراسات،  الصادرة يوم 19 جويلية 2007)

الـتّـوريـث الأخـطـر..!
 
بقلم: حلمى النمنم    شُغلْنا كثيراً بقضية التوريث الرئاسي وتأسست حركة كفاية لمواجهة التوريث، ونحن بين نفي من الرئيس ومن نجله في مقابل أطراف قلقة وتتشكك.. هذا الجانب من التوريث مازال في طور الاحتمال ويدخل في باب النوايا، بينما هناك توريث متحقق وقائم بالفعل منذ سنوات، وهو التوريث في معظم مواقع الدولة والهيئات الرسمية، وظيفة معيد بالجامعة محجوزة في أغلب الحالات لأبناء الأساتذة وفي عدد من المؤسسات الصحفية «القومية» أولوية التعيين رسمياً لأبناء العاملين، وفي الوزارات والهيئات الحكومية فإن التعاقد للعمل محجوز لأبناء وأقارب الموظفين بتلك الهيئات، بل إن عدداً من الهيئات خصصت في لوائحها نسبة في التعيينات لأبناء العاملين، وإن كان واقع الحال يشير إلي تجاوز تلك النسبة بكثير. والأمثلة في ذلك كثيرة ومعروفة.. ووصل الأمر إلي حدود اختراق القوانين وجميع اللوائح والتحايل لحجز المواقع لأبناء وأقارب العاملين، يصل التحايل في بعض الحالات إلي حدود الإجرام ولعلنا نذكر واقعة تزوير النتائج في كلية طب قصر العيني من أجل خاطر وعيون أبناء اثنين من الأساتذة. وهناك بعض الهيئات استحدثت مبدأ لتعيين الشبان الجدد أطلق عليه «لائق اجتماعياً» وكلنا يعرف أن هذا المبدأ مقصود به قصر التعيين في تلك الهيئات علي أنجال العاملين بها، أو أقاربهم والمحاسيب وأهل الحظوة. خطورة هذه الوظائف الوراثية أنها تعود بالمجتمع وجهاز الدولة من معايير الحداثة التي تقر مبدأ المواطنة ومعايير الكفاءة والصلاحية المبدأ العائلي أو العشائري، وبدلاً من علاقات العمل التي تقوم علي حقوق وواجبات محددة نكون بإزاء علاقات قرابة، وهذا عم فلان وتلك «طانط» وهكذا، ويمكن أن تجد في بعض المصالح زميلا يقابل آخر فيصافحه ويقبل يده، وحين تندهش يكون الرد «دا عمي.. دا خالي..»  ويروي الزملاء في «أخبار اليوم» أنه في أحد اجتماعات الجمعية العمومية قام أحد الأعضاء وتحدث طويلاً وبصوت حاد، فرد زميل له مخاطباً رئيس الاجتماع وكان رئيس مجلس الإدارة آنذاك إبراهيم سعدة قائلاً «أصله من العيلة المالكة..» واستوقفت الكلمة إبراهيم سعدة واستفسر بعد الاجتماع فتبين أن أحد المسؤولين بالمطبعة قام بتعيين أكثر من تسعين عاملاً من أقاربه وعائلته وبلدياته!! ليست الخطورة في ذلك فقط، بل إن تحميل جهاز العمل والوظائف بالأقارب يجعل كلاً مطمئناً علي موقعه ويحاول أن يبعد «الأغراب أو الأجانب» عن تلك المواقع ومن ثم يترهل الجهاز الحكومي ويختفي التجديد والرغبة في إثبات الذات والإضافة، بل سيكون الحرص والقتال كي يبقي الوضع علي ما هو عليه والإشادة بالراحلين والسابقين فقط، وأقصي ما يتحقق هو السير علي دربهم والالتزام بخطهم.  ومن هنا يكون الترهل والركود بما ينتجه من «الفساد الصغير»، ومع انعدام التجديد تختفي روح الابتكار والإبداع لدي الأفراد أولاً ثم لدي الجماعة، وفي مثل هذه البيئة يكون الابتكار مداناً والتجديد تجديفاً وهرطقة.. وإذا نظرنا إلي جسم الدولة في النهاية لن نجد سوي الترهل والتراجع وسيادة معايير الولاء والقبلية وربما الطائفية، وظهور مجتمع أهل الثقة ومحاربة أهل الخبرة وذوي الكفاءة، وأظن أن هذا هو حالنا الآن. ويعرف الدارسون أن هناك اتجاهاً علمياً بين المؤرخين يرجع انهيار مصر في العصر العثماني إلي أن جميع الوظائف والمواقع كانت إما بالوراثة أو بالبذل و«البرطلة» أي الرشوة وشراء الوظيفة مقابل ثمن يحدد، ولم تسلم من ذلك حتي أرفع الوظائف في مصر مثل قضاة المذاهب وقاضي القضاة وغيرها من المواقع المهمة والحساسة.. ويبدو أن أحداً لا يحاول أن يستوعب هذه الدروس وربما يتعمد بعضنا تجاهل التاريخ وإسقاط مراحله حتي لا ننتبه إلي سوءات ما نحن عليه. هذا هو التوريث الأخطر والمدمر والذي نتجاهله جميعاً إما تواطؤاً لأن هناك مصلحة أو استفادة من تجاهله وإعلاء النفع الذاتي علي النفع العام، أو قلة الوعي بخطورة ذلك، والحادث أن معظم الوظائف محجوزة للورثة وذلك خلق فئات في المجتمع يتم استبعاد أفرادها من جميع المواقع، لا لعيب أو قصور فيهم بل لأنهم ليسوا من الأقارب أو المحاسيب باختصار كما يقول عامة المصريين «ليس لهم ضهر». وكل يوم يمر بنا تتسع حالة التوريث في الوظائف والمواقع العادي منها والحساس وكل يوم أيضاً يثبت لنا أن السوس ينخر في دولاب العمل بالدولة، حتي المهن والحرف التي تعتمد بشكل أساسي علي الموهبة مثل الصحافة والإعلام والفن يتم شغلها في كثير من الحالات بالوراثة، والنتيجة كما نري هبوطاً وتدنياً وفساداً وتراجعت مكانة المصريين في عدد من هذه المجالات بينما يتقدم آخرون. والمشكلة أننا لم ننتبه بعد إلي ضرورة مواجهة ذلك التوريث واعتباره خطراً حقيقياً وقع علينا بالفعل ونحن جميعاً نشترك في تحمله ودفع فاتورته، هذا التوريث يهدم في المقام الأول مبدأ المواطنة بالدستور، والذي جري إقراره مؤخراً وهو ضد مفهوم الحداثة والمعاصرة وضد الدولة المدنية عموماً. ولو أننا واجهنا ذلك التوريث فإننا بالضرورة لن نجد أنفسنا بإزاء توريث رئاسي محتمل، لأن المجتمع الذي يلفظ معايير أهل الثقة والولاء والأقارب والمحاسيب والأصهار والأنجال لن يكون فيه مجال للتوريث من أي نوع آخر. المضحك في هذا الأمر أن الميراث المادي الذي أقرته القوانين والشرائع السماوية يجد رفضاً منا في كثير من الحالات، ويذهب أفراد الأسرة الواحدة إلي المحاكم ويسطو الشقيق علي حق شقيقته أو شقيقه وهكذا، بينما التوريث في الوظيفة والذي يخالف جميع القوانين والشرائع وينطوي علي ظلم حقيقي وانتهاك حقوق الكثيرين يجد منا إقبالاً وحرصاً شديداً، وصارت له قوة القانون والتشريع، وربما يدخل ذلك في باب المضحكات المبكيات. (المصدر: صحيفة « المصري اليوم » (يومية – مصر) بتاريخ 19 جويلية 2007) الرابط: http://www.almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=69136
 

عراق جديد، فعلاً، من القتلة والانتهازيين وأشباه القادة

 
د. بشير موسي نافع (*) ليس من السهل تجاهل الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي (والله وحده يعرف حقيقة اسمه ونسبه)، في الثامن من هذا الشهر. فالرجل الذي يعجز عادة، لغة وملامح، عن إثارة أية مشاعر لدي العراقيين بكل أطيافهم، فاجأ الجميع بكلمات بالغة القسوة والشجب ضد ما يعرف بجيش المهدي، الميليشيا التابعة للتيار الصدري. ففي تناسي غير متوقع للدور الذي تعهدته الكتلة الصدرية للإتيان بالمالكي إلي منصبه، اتهم رئيس الوزراء ميليشيا جيش المهدي بكل النعوت المستخدمة في عراق اليوم لوصف عصابات الإرهاب والقتل الطائفي. النعوت السخيفة والمكررة، بالبعثية والصدامية، التي وجهها المالكي لجيش المهدي، هي بالتأكيد خارج السياق، ولكنها من النوع الذي لا يكلف شيئاً علي أية حال، وقد باتت جزءاً لا يتجزأ من خطاب سياسي أجوف لا يعني الكثير لمستمعيه. المسألة الهامة أن المالكي استدار أخيراً علي حلفائه، وهو يحاول بجد وعصبية، وهذا ما يحسب له، إنقاذ موقعه المهدد في المنطقة الخضراء. ما لم يذكره المالكي في خطابه أن زعماء وعصابات القتل الطائفي تملأ حكومته وجهاز الدولة التي يقودها، من رأسها إلي قدميها. لم تخل حكومة واحدة من حكومات الدولة العراقية الجديدة، بما في ذلك حكومة المالكي، من وزراء متورطين في الإرهاب والقتل الطائفي، أو من قيادة عصابة ما من عصابات القتل والاختطاف والتعذيب، بما في ذلك وزارة الصحة، ناهيك عن عدد نواب البرلمان العتيد من هذا الصنف. عصابات القتل والاغتيال والتطهير الطائفي تنتشر في كل أجهزة الحكم الأمنية وقوات الجيش التي تأتمر بأمر المالكي أو إدارة الاحتلال. بل إن الدولة العراقية الجديدة هي في أسسها ليست دولة بالمعني المعروف للدول، بل مجرد آلة تعذيب وقتل واغتيال ضخمة، يطلق عليها اسم الدولة. وإلي جانب مهمات القتل والاغتيال، تقوم الطبقة العراقية الحاكمة الجديدة ومؤسسات وأجهزة الدولة التابعة لها بكل أصناف السرقة والنهب والسمسرة، من سرقة النفط العراقي وتهريبه إلي دول الجوار أو سفن النقل الخاصة، إلي تضخيم عقود المقاولات في كافة مناحي ما يعرف بإعادة بناء العراق، واختراع قوائم موظفين وحراس تذهب رواتبهم المفترضة لكبار مسؤولي الدولة، حتي عقد صفقات وهمية أو مضخمة من هذا البند أو ذاك في ميزانية الدولة. ما يشهده العراق هو في الحقيقة حالة نهب غير مسبوقة في تاريخ الأمم، نهب لا يقدر بالملايين أو مئات الملايين، بل بعشرات المليارات، نهب لا تقوم به طبقة حكم أفسدها التحكم الطويل في مقاليد السلطة، بل طبقة من نوع آخر، طبقة تستشعر أن أيامها محدودة، وأن أفضل ما تقوم به هو تعزيز ثرواتها الخاصة في أقصر مدة ممكنة. خطاب المالكي الهجومي علي الحلفاء السابقين لم يتسبب به خروج مفاجيء من التيار الصدري علي قواعد اللعبة. فالواقع أن نشاطات الصدريين وميليشياتهم باتت أقل بشاعة، نسبياً، عما كانت عليه قبل خمسة أو ستة شهور. منذ توليه رئاسة الوزراء، بل وقبل ذلك، كان المالكي علي دراية بما تقوم به عصابات جيش المهدي، والأخري التابعة لحلفائه الألداء في المجلس الأعلي. تماماً كما كان سلفه الجعفري يعرف تمام المعرفة. كلاهما، ووزراؤهما الأقربون، شجع أو صمت أو تواطأ علي حملات الموت والتطهير الطائفي، وكلاهما سهل لهذه الحملات وعمل علي أن تتحول أجهزة الدولة والحكم إلي أدوات لها. ولكن لا الجعفري ولا المالكي أشار يوماً بأصابع الاتهام إلي الاتجاه الصحيح. كيف وأن العصابات تلك تنفذ ذات المشروع الذي يتبناه رجال الحكم والدولة؟ ما دفع المالكي هذه المرة إلي تسمية الأشياء بمسمياتها لم يكن رؤية الضوء في الطريق إلي دمشق ، كما تقول سيرة بولس الرسول، بل خشية الضغوط والمخططات الأمريكية. ففي واشنطن، كما في بغداد، وصل صبر أولياء الأمر الحقيقيين إلي منتهاه؛ وهذه النشاطات المتسارعة، من القاهرة إلي عمان إلي أربيل، من أجل تشكيل كتلة سياسية كافية لإطاحة المالكي والإتيان ببديل له، أصابت رئيس الوزراء البائس بالذعر. وكما عاد الجعفري بعد خسرانه موقعه إلي التوكيد علي وطنيته ومحاولة إقناع كل من يصبر علي سماعه بعدم طائفيته وحرصه علي وحدة العراق، يسارع المالكي الآن إلي إطلاق الإشارات يميناً ويساراً. ما يريده المالكي من هجومه السافر علي جيش المهدي هو إعلان من نوع ما لتحرره من الارتهان لعصابات القتل والتطهير الطائفية، التي ضاق بها الأمريكيون ذرعاً، وأنه ليس حليفاً لا لإيران ولا لحلفائها، لا سيما بعد أن صعدت إدارة الاحتلال من اتهاماتها لطهران بتسليح وتدريب الميليشيات الشيعية. فإلي أي حد ينجح المالكي في مسعاه، إلي أي حد استطاع تقديم أوراق اعتماده من جديد؟ المشكلة ليست فيما أن المالكي قد استنفد صلاحيته أو لا؛ ليست ما إن كان سيستطيع البقاء في موقعه لفترة أطول، نظراً لأن بديلاً أفضل قليلاً لم يعثر عليه بعد، أو أن أيامه باتت معدودة بالفعل، كما ذكر حلفاؤه السابقون في ردهم عليه. المشكلة أن الطبقة العراقية السياسية التي يجري استبدال واحدها بالآخر، وعقد تحالف بين أحدها والآخر، واستعداء بعض منها ضد الآخرين، وتشكيل جبهة ما من بين أطرافها أو فرط جبهة أخري، هي ليست طبقة سياسية تستطيع حكم أو بناء أو حتي تسيير أمور دولة من الحجم الصغير، ناهيك عن دولة بحجم وتعقيد العراق. قد لا تكون دول مثل مصر والسعودية وسورية والجزائر (وهي التي يقارن بها العراق عربياُ، عادة) مصدر إعجاب كبير، سواء فيما يتعلق بسياساتها الداخلية أو الخارجية، ولكن أحداً لا يمكنه أن ينكر أن سياسيي هذه الدولة يدركون شروط القيادة وما تعنيه أعباؤها. في هذه الدول، ثمة قادة وطنيون، يعرفون أن للعبة السياسية سقفا، وأن للدولة شروطا وثوابت استراتيجية، وأن للحكم تقاليد. في أوساط سياسيي العراق الجديد، لا يوجد هناك أدني دليل علي توفر شروط القيادة السياسية، لا الشخصي منها ولا الوطني. وليس لك إلا أن تنظر إلي الأوبئة المنتشرة في كتل الإئتلاف والتوافق والوفاق، وفي أوساط حكومة المالكي وأوساط من يعارضها، والتي تعرف بالسياسيين العراقيين الجدد، لتدرك ذلك. إضافة إلي محاولة إنقاذ اعتماداته الأمريكية، فإن أحد أهم أسباب قيام المالكي بكشف الغطاء عن حلفائه السابقين يرتبط بأجواء التآمر التي تحيط بالمنطقة الخضراء ومنتديات السياسيين العراقيين الجدد. فبعد أن نجح في احتلال رئاسة الوزراء من رئيسه في حزب الدعوة، إبراهيم الجعفري، قام المالكي، مستغلاً ما يوفره الموقع من مقدرات وإغراءات، بإطاحة الجعفري من رئاسة الحزب. ويبدو أن الأخير لا هم له الآن إلا العودة إلي رئاسة الوزراء، مهما كلف ذلك من ثمن، خارجياً وداخلياً، وأنه حصل علي وعد من الصدريين بدعم مسعاه للعودة إلي منصب المنطقة الخضراء الأرفع، في حال نجحت الجهود في إسقاط الحكومة الحالية. المالكي، إذن، يرسل للصدريين رسالة رد واضحة علي دخولهم حلبة التحالف ضده. هذا التداخل بين سياسات كبري ومؤامرات الحكم والسلطة ليس قاصراً علي المالكي والصدريين. حقيقة العراق في نسخته الأمريكية أن الكل يتآمر ضد الكل: الدليمي ضد الهاشمي، وكلاهما ضد المالكي، علاوي ضد المالكي والجعفري، قيادات جماعة الحكيم ضد بعضها البعض، والصدريون ضد الحكيميين، البارزاني ضد الطالباني، وهما معاً ضد السنة والشيعة، والجميع ضد الأمريكيين ومعهم في الآن نفسه، وهكذا. في بعض الدول وبعض المراحل، قد يتصاعد التنافس السياسي داخل الطبقة الحاكمة إلي حد قريب من أجواء التآمر؛ ولكن هذا التنافس يرتكز في أغلب الأحوال إلي تدافع رؤي وبرامج سياسية، إلي خلافات حول ما هو الأفضل للبلاد والناس. أما في الحالة العراقية فمن مضيعة الوقت البحث عن وجهات نظر صلبة حول القضايا الكبري. هذا تآمر من النوع المفضوح، التآمر الفج علي السلطة والثروة والحكم. بيد أن المأساة الكبري التي يعيشها العراق في رعاية هذه الطبقة من السياسيين هي في انعدام الإجماع علي أي من القضايا الكبري التي تبني علي أساسها الأوطان، اللهم إلا الإجماع علي استمرار الوجود العسكري الأمريكي لضمان حماية المنطقة الخضراء. بغير ذلك، فمن العسير، بل ربما من المستحيل تلمس جهد سياسي ـ فكري جاد للتعرف علي مكونات ومقدرات العراق، وتاريخه، وأبرز تحولاته الاجتماعية والسياسية خلال القرن ونصف القرن الأخيرين، وثوابته الاستراتيجية والثقافية، وقوي وحدته وانقسامه. تجهد الروح بالاستماع إلي قادة الدعوة والمجلس، فتري عجباً من الجهل والتخلف والادعاء، وتستدير محاولاً الإنصات لقادة التوافق فتجد جهلاً أفدح. ولكن هذا الجهل، ونزعة التذاكي علي العراقيين والعرب، لا تمنع هؤلاء من تبني سياسات كبري، تصطدم بأسس ما قام عليه وطنهم في تاريخه، سياسات أغرقت العراق في بحر من الدماء خلال السنوات القليلة الماضية. كل سياسيي المنطقة الخضراء طائفيون، وعندما يكون الأمر كذلك فالنتيجة أن لا تجد أدني اتفاق بينهم حول ما يجب أن يكون عليه النظام الدستوري ـ السياسي للبلاد. كل طرف بينهم يريد العراق لطائفته، وهو يعني بذلك مزرعة خاصة له ومجموعته السياسية الصغيرة. وبخلاف تصور غامض وسطحي لعلاقات العراق العربية والإسلامية، فليس ثمة اتفاق حول ما يعنيه انتماء العراق العربي والإسلامي، ما هي ثوابت علاقات العراق بمحيطه العربي، وكيف يمكن أن يؤسس علاقات صحية بجارتيه الكبيرتين: تركيا وإيران. وبالرغم من أن الأغلبية العظمي من سياسيي العراق الجدد يدعون خلفيات إسلامية سياسية، بمعني الانتماء لهذا الحزب الإسلامي السياسي أو ذاك، فإن الانقسام حول دور الإسلام وموقعه في العراق أكبر وأعمق من الانقسام الذي تعرفه دول عربية تقودها طبقة سياسية علمانية أو شبه علمانية. ثمة مسخ ولد من رحم الاحتلال وأطلق عليه أسماء مثل دولة و نظام ديمقراطي و حكومة . الأفضل نوعاً بين السياسيين العراقيين هؤلاء يمكنه، ربما، إدارة جمعية خيرية. أما الأغلبية العظمي بينهم فموقعها المناسب إدارة عصابة جريمة متنوعة النشاطات، أو شركة للنهب والتهريب. بناء الأوطان والدول هو شيء آخر مختلف تماماً. ومن العبث انتظار سقوط هذه الحكومة وإقامة تلك، أو إسقاط هذا الرئيس للوزراء وتنصيب ذاك؛ فعناصر هذه الطبقة من السياسيين تنتمي إلي الصنف والنوعية والطموح ذاته. بل ومن العبث حتي إضاعة الوقت بالكتابة عنهم. (*) باحث عربي في التاريخ الحديث (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 جويلية 2007)

 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.