الثلاثاء، 9 يونيو 2009

 

TUNISNEWS

9 ème année, N 3304 du 09.06 .2009

 archives : www.tunisnews.net


حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:نداء عاجل لمنع تسليم السجين السياسي السابق عبد المجيد الغيضاوي

حــرية و إنـصاف:تجمع عائلات معتقلي حزب التحرير الإسلامي أمام وكالة الجمهورية بالمحكمة  الابتدائية بتونس

السبيل أونلاين :عائلات المتهمين بإنتمائهم لحزب التحرير يحتجون أمام المحكمة

السبيل أونلاين:مطارة بوليسية حيّة للناشط ومراسل السبيل في تونس زهير مخلوف

جمعيات حقوقية  تونسية وعربية : جميعا من اجل سن العفو التشريعي العام و إطلاق سراح المساجين وعودة المهجرين

عريضة مساندة للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين

بيــــــان من أكثرمن ثلثي أعضاء المكتب التنفيذي الموسع للنقابة الوطنية للصحفيين

لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس :فتيات تونسيات يتعرضن للإيقاف والإستجواب بسبب الحجاب

السياسة:تواصل الجدل حول مشروع النظام الداخلي للمحامين التونسيّين 

النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين:بــــــلاغ

منتدى الفكر اليساري الديمقراطي :دعــــــــوة كلمة:اختفاء كمال خلدون الخويلدي:ليس وحده يعاني لمدة 21 سنة من الأرق بل كل أحرار تونس ينتظرون انبلاج الفلق

السياسة: »الرافل » في الشارع التونسي: وسط الحيرة والاضطراب وغياب مصادر الخبر الرسميّة

كلمة:التعاون الأمني العربي يمتدّ إلى بصمات المعارضين السياسيّين

كلمة:صيحة فزع المستشارين الجبائيين ضد « استيراد البطالة »

« الاقتصادية »:اتفاقية سعودية تونسية في الشؤون الاسلامية والدعوة والارشاد

رويترز: تونس تمنح شركتين من النمسا والامارات رخصة للتنقيب عن النفط

الصباح:مترشحة «تراوغ» الإدارة… وتستبدل الحضور في اختبار الإيطالية بالاسبانية

رشيد خشانة : مساعي إنعاش الإتحاد من أجل المتوسط تصطدم بحاجز التطبيع مع إسرائيل

الأستاذ محمد رضا الأجهوري :إشكاليـــة السلطـــة والحـــريــــــــة (2-2) أيـة مــرجــعــيـة فــكــريــة؟

توفيق المديني:لماذا يرفض يهود أميركا إسرائيل كدولة يهودية؟

صالح النعامي:العلمانيون سيتحولون إلى أقلية في إسرائيل حتى عام 2030

منير شفيق:أوباما وسقفه لحل الدولتين

عبد الحليم قنديل:لماذا رفضت لقاء أوباما؟

د. فهمي هويدي:الصراع حول المستقبل في لبنان وإيران

د. عبد السلام بلاجي:الإسلام لا يعاقب على الردة في ذاتها


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 

التقارير الشهرية لمنظمة « حرية وإنصاف » حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

     جانفي2009:https://www.tunisnews.net/17fevrier09a.htm   فيفري 2009:https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm  مارس 2009:https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm أفريل 2009:https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm


قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة  http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:


أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 15 جمادى الثانية 1430 الموافق ل 09 جوان 2009

أخبار الحريات في تونس


1)    تعرض الناشط الحقوقي زهير مخلوف للاعتداء بالعنف اللفظي ولمراقبة لصيقة طيلة النهار: تعرض الناشط الحقوقي زهير مخلوف عضو منظمة حرية و إنصاف منذ صباح اليوم الثلاثاء 09 جوان 2009 إلى مراقبة لصيقة من قبل ستة من أعوان البوليس السياسي الذين كانوا يمتطون سيارة ودراجتين ناريتين، وقد تواصلت هذه المراقبة طيلة نهار اليوم. وقد أعلمنا السيد زهير مخلوف أنه تعرض للاعتداء بالعنف اللفظي من قبل أحد الأعوان الذين يحاصرونه ويراقبونه منذ الصباح  ولم ترفع عنه المراقبة إلا عند الساعة السادسة والنصف مساء. 2)    اعتراض عائلات المعتقلين بعد حضورهم بمقر منظمة حرية وإنصاف: اعترض أعوان البوليس السياسي المحاصرين لمقر حرية وإنصاف مساء اليوم الثلاثاء 09 جوان 2009 بعد خروجهم من مقر المنظمة وطالبوهم بالاستظهار ببطاقات تعريفهم.    عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


  الحرية لجميع المساجين السياسيين الحرية للدكتور الصادق شورو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 09 جوان 2009

نداء عاجل لمنع تسليم السجين السياسي السابق عبد المجيد الغيضاوي

 


يواجه السجين السياسي السابق السيد عبد المجيد الغيضاوي خطر التسليم إلى السلطات التونسية بعد أن أوقفه خفر السواحل الإيطالية على حدودها البحرية، فراراً من عذابات المراقبة الإدارية التي يعاني منها مائات من السجناء السياسيين المسرحين في تونس والسيد عبد المجيد من مواليد 1957.19.05 بسيدي عمر بوحجلة من ولاية القيروان، فني بالكهرباء،مطلق وهو وأبٌ لولد وبنت. دخل السجن بتاريخ 17/09/1991 وحكم عليه في الطور الإستئنافي بالمحكمة العسكرية بتونس بـ22 سنة سجناً و05 سنوات مراقبة إدارية ضمن القضية التي جمعت القيادات التنظيمية والسياسية لحركة النهضة المحظورة.                                  غادر السجن في 2006.08.05 بموجب سراح شرطي بعد أن قضّى 15 عاماً متنقلاً بين السجون التونسية، ليُخضع فور سراحه لعقوبة تكميلية ممثلة في المراقبة الإدارية، حيث يتعيّن عليه عدم مغادرة ولاية بن عروس إلا بإذن مسبق، فيما كان أعوان الأمن السياسي ، يترددون على محل إقامته للاسترشاد عنه ويخضعونه وأهله وأقرباءه للمراقبة الدائمة، وهوما آثار خوفاً في نفوس معارفه وفرض عليه وضعاً من العزلة الاجتماعية قللت من فرص عمله ومن قدرته على الاندماج في الحياة الاجتماعية مجدداً. أجبر على الإمضاء اليومي لدى مركز الأمن بين 2006.09.25 و 2007.09.25 ليُصبح الإمضاء بعد ذلك مرة واحدة في الأسبوع، لكنه لم ينجح ضمن ظروف المراقبة الإدارية في الحصول على شغل وظل منذ سراحه بحالة بطالة.  تقدم السيد عبد المجيد الغيضاوي بطلب كتابي بتاريخ 2006.08.025 إلى رئيس منطقة الأمن بحمام الأنف المسمى عمار الخضراوي، قصد السماح له بتحويل تراتيب المراقبة الإدارية من رادس بولاية بن عروس إلى سيدي عمر بوحجلة بولاية القيروان حيث يمكنه الإشتغال بأرض فلاحية على ملك عائلته ويستفيد من ريعها، لكن بعد ثلاثة أشهر من الإنتظار لم يتلق رداً وعليه أن يفهم، على نحو ما جرت عادة الإدارة الأمنية …« أن جواباً بالرفض وصله !!!…» غادر السيد عبد المجيد الغيضاوي البلاد التونسية إلي ليبيا خفية في 2009.01.31 ومنها أبحر في 2009.04.15 إلى إيطاليا عبر قوارب الموت خلاصاً لمعاناة أعداد كثيرة من شباب الجنوب، أوقفته قوات خفر السواحل الإيطالية بلمبدوزة ونقل إلى سيسيليا في نفس اليوم حيث تم إستجوابه من قبل إدارة الهجرة ، وستنظر هيئة قضائية يوم 2009.06.16 في قضيته حيث يخشى صدور قرار بترحيله إلى تونس. والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين إذ توجه نداء عاجلا لجميع المنظمات و الجمعيات المستقلة لمساندة السجين السياسي السابق في وجه ما يحدق من خطر التعرض للتعذيب و سوء المعاملة إن تم ترحيله ، فإنها تحمّل السلطات الإيطالية المسؤولية كاملة إن أصرت على خرق تعهداتها و تحدي اتفاقية مناهضة التعذيب ..   عن الجمعيـة  الهيئـــــــــة المديــــرة


أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 15 جمادى الثانية 1430 الموافق ل 09 جوان 2009

تجمع عائلات معتقلي حزب التحرير الإسلامي أمام وكالة الجمهورية بالمحكمة  الابتدائية بتونس


تجمع صباح هذا اليوم الثلاثاء 09 جوان 2009 عدد كبير من عائلات المعتقلين في إطار الحملة الأخيرة على بعض الشبان المتدينين المنتمين لحزب التحرير الإسلامي أمام مكتب وكيل الجمهورية بتونس بعدما تلقوا مكالمات هاتفية من إدارة أمن الدولة حسبما ذكر لهم المهاتفون بان أبناءهم ستقع إحالتهم على وكالة الجمهورية بتونس صبيحة هذا اليوم . وقد كانت حيرتهم كبيرة عندما علموا أن الخبر كاذب مما تسبب في إغماء البعض منهم وعلا صياح وبكاء و عويل أمهات المعتقلين، وقد أمر نائب وكيل الجمهورية مساعده باستقبالهم  الذي  أخبر محاميتهم الأستاذة إيمان الطريقي بأنه سيتخذ الإجراءات القانونية اللازمة، وضرب لها موعدا ليوم الأربعاء علما بأنه قد سبق للبعض منهم أن اتصل بها بمجرد اعتقال البعض من أبنائهم منذ تاريخ 22 ماي 2009 وقد أشعرت وكالة الجمهورية بتاريخ 30 ماي 2009 كما حررت الأستاذة إيمان الطريقي صحبة الأستاذين سيف الدين مخلوف  ومحمد سامي الطريقي شكاية لتقديمها صبيحة الأربعاء إلى وكالة الجمهورية مطالبين فيها بإجراء التتبعات اللازمة ضد الأشخاص الذين خرقوا القانون واحتجزوا دون إذن قانوني مواطنين وتجاوزوا المدة القانونية للاحتفاظ. وتجدر الإشارة إلى اعتقال عشرات الشبان المتدينين بأحياء المنيهلة والتضامن والتحرير والانطلاقة من أحواز تونس العاصمة منذ 22 ماي 2009 نذكر من بينهم عبد الرحمان السمعوني ولطفي الفداوي ومحمد النجار ورياض الفرشيشي وعادل فتيتة وعلي الساسي وفريد الرزقي وسمير الغربي وجلال روايسية وماهر الورغي وسعيد فؤيد وزياد بوذينة، ولا تزال عائلاتهم تجهل مكان اعتقالهم وأصبحت تخشى على مصيرهم. وحرية وإنصاف 1)    تدين بشدة تجاوز أعوان البوليس السياسي للفترة القانونية للاحتفاظ واعتقال المواطنين دون إذن من وكالة الجمهورية وعدم إعلام عائلاتهم عن أماكن اعتقال أبنائهم. 2)    تطالب بوضع حد لسياسة الاعتقالات العشوائية كما تطالب بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ومساجين الرأي. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


عائلات المتهمين بإنتمائهم لحزب التحرير يحتجون أمام المحكمة


السبيل أونلاين – تونس – خاص بعد أن أعلمت وزارة الداخلية عائلات الموقوفين المتهمين بإنتمائهم لحزب التحرير بأن إحالة أبنائهم على المحكمة سيكون يوم الثلاثاء ، حضر هذا اليوم الثلاثاء 09 جوان 2009 ، وعلى الساعة الحادية عشر صباحا أكثر من ثلاثين فردا من العائلات إلى قصر العدالة بتونس ، وإتصلوا بنائب وكيل الجمهورية الذى فوجىء بحضورهم المكثّف فأمر بإحالتهم على مساعده ولكن الأخير لم يقبل الحديث معهم وقبل بمقابلة المحامية إيمان الطريقي التى تنوب عن الموقوفين الذي وعدها بحل هذا الإشكال ، وقد قدّم الأساتذة إيمان الطريقي وسيف الدين مخلوف وسامي الطريقي شكاية موضوعها تجاوز المدد القانونية في إيقاف المتهمين وطالبوا بإطلاق سراحهم أو الإذن بفتح تحقيق وعرض المتهمين على الفحص الطبي ، وكانت العائلات تنوي التوجه إلى القصر الرئاسي بقرطاج لتقديم شكوى لرئاسة الجمهورية في إعتقال أبنائهم ظلما وتجاوز مدة إيقافهم أكثر من 18 يوما ، : ونشير إلى أن المتهمين بإنتمائهم إلى حزب التحرير والذى وقع إيقافهم منذ 22 ماي 2009 ، هم على التوالي : – محمد علي الغرايري – زياد بن عمار بوذينة – سعيد بن محمد فؤاد – على بن محمد صالح ساسي – لطفي بن الطيب الفداوي – جلال بن ناصر روايسية – سمير بن بلقاسم الغربي – عبد الرحمان بن فاضل سمعوني – محمد بن محمود النجّار – فريد بن عمر الرزقي – رياض بن الصافي الفرشيشي – عادل بن إبراهيم فتيتة – ماهر بن محمد الورغي – هشام الخالدي وقد سبق للسبيل أونلاين أن قام بالتسجيل مع بعض عائلات الموقوفين ، وتناول ملابسات وخلفيات الإعتقال ونعيد نشر تلك الشهادات . الرابط : http://www.youtube.com/watch?v=TzyoG7F4gQU تونس – من مراسلنا زهير مخلوف (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 09 جوان 2009)


مطارة بوليسية حيّة للناشط ومراسل السبيل في تونس زهير مخلوف


السبيل أونلاين – تونس – خاص  قام أعوان من البوليس صباح اليوم الثلاثاء 09 جوان 2009 ، بمتابعة لصيقة للناشط الحقوقي ومراسل السبيل أونلاين في تونس زهير مخلوف ، حيث تابعوه  أينما تنقل بسيارته في محاولة يائسة لإرهابه وتعطيله عن ممارسة نشاطه الحقوقي والإعلامي  . وقد جاءت تلك الملاحقة البوليسية والتى سجلت عدسة السبيل أونلاين الكثير من أطوارها ، كمحاولة لمنع مخلوف من تصوير عائلات الموقوفين بتهمة الإنتماء إلى حزب التحرير الذين حضروا إلى قصر العدالة هذا اليوم للإحتجاج على إحتجاز أبنائهم والمطالبة بإطلاق سراحهم . وقد لاحقه أعوان البوليس السياسي الذين كانوا يستقلون دراجاتين ناريتين كبيرتين ، في تنقلاته بين مدن رادس وبن عروس وتونس ، ثم رابطت سيارة للبوليس بيضاء اللون  قريبا من منزله . وإليكم مشاهد حيّة من المطاردة البوليسية : http://www.youtube.com/watch?v=2paKuYhgGvk المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 09 جوان 2009  


جميعا من اجل سن العفو التشريعي العام و إطلاق سراح المساجين وعودة المهجرين


جميعا من اجل سن العفو التشريعي العام و إطلاق سراح المساجين وعودة المهجرين، شعار اجمع عليه الحاضرون في الأمسية التضامنية المنعقدة في باريس.  لم يكن يوم الجمعة 5 جوان 2009 يوما عاديا روتينيا بالنسبة للمعارضة التونسية في العاصمة الفرنسية و لكن كان يوم الدفاع عن سجين الرأي الدكتور الصادق شورو الرئيس الأسبق لحركة النهضة و التضامن مع سجناء الحوض المنجمي والمئات من الشباب ضحايا قانون 10 ديسمبر 2003 لما يسمى « مكافحة الإرهاب » اللادستوري و التفاعل مع كل التحركات السياسية و الحقوقية في تونس. كانت أمسية سياسية حقوقية وكذلك فنية أحيت أنغامها فرقة الزيتونة بأناشيد وألحان ألهبت مشاعر الحاضرين وذكرتهم بالحنين إلى وطنهم تونس وقد هجروه منذ أكثر من عقدين. وكان للحضور المتميز لمختلف التعبيرات و القوى الوطنية والجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان الأثر الاثر البالغ أكد بان تونس تزخر بطاقات يحدوها الأمل في غد أفضل تعم فيه الحرية ويتلاشى فيه الاستبداد. ركز الضيوف من جمعيات وأحزاب في كلماتهم على أن تونس، وهي تقبل على انتخابات لا تتوفر فيها شروط المنافسة الحقيقية، يغلب على واقعها الانغلاق الذي يتعرض فيه المسرحون و النشطاء الحقوقيون والسياسيون إلى المضايقات والاعتدات البوليسية. وان القضايا السياسية والاجتماعية التي تعيشها البلاد هي قضايا مترابطة ومعقدة تستوجب العمل المشترك بين كل قوى المجتمع المدني في تونس من اجل ايجاد الحلول لها. ومما قاله الاستاذ حسين الباردي الذي رافع في قضية الحوض المنجمي وقضية الدكتور الصادق شورو ان هذه المحاكمات تشوبها الخروقات القانونية وان قيادة التحركات الاحتجاجية هي مجموعة اطرت الاحتجاجات في اطار قانوني وتفاوضت مع السلطة فالاولى شكرها وليس الزج بها في السجون. اما حول محاكمة الدكتور الصادق شورو فإنها رسالة من السلطة التونسية لكل من يعبر عن رأيه بحرية. اما الاستاذ العربي القاسمي رئيس جمعية الزيتونة السوسرية فركز في كلمته على ان هذه الأمسية تنظم في اطار الذكرى 28 لتاسيس حركة النهضة التي تعرضت الى مشروع استئصالي ولكنها صمدت لانها حركة افكار وان الاختلاف داخل الفضاء التونسي هو تنوع ايجابي وان تونس لكل ابنائها. وجاء في كلمة السيد نورالدين ختروش ممثل منسقية حق العودة ان موضوع العودة التقى فيه الفلسطينيون والتونسيون رغم اختلاف المقام وقال ان العودة هي مشروع لا تتحقق الا في اطار العفو التشريعي العام واعلن عن مؤتمر سيعقد للمهجرين ايام 20 و 21 جوان 2009 ليرسم السياسات النضالية لتحقيق مطلب العودة. وطالب الدكتور نجيب العاشوري رئيس جمعية صوت حرالفرنسية السطة الى اطلاق سراح جميع المساجين وترك المجال للمدافعين عن حقوق الانسان للعمل في جو من الحرية و الاحترام يسمح لهم بالقيام بواجبهم في انصاف اهل الحقوق و المتضررين من الانتهاكات المتواصلة لقمع الحريات ومما قاله ان تجمعنا اليوم رسالة لكل ضحايا الانتهاكات باننا لن نتوانى في الدفاع عنهم. بعدها أعطيت الكلمة الى السيد مختار الطريفي عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان الذي تحدث في البداية عن قضية الحوض المنجمي التي قتل فيها شخصان على يد قوات البوليس واتهم السلطة باخفاء الجريمة لانها لم تعط نتائج التحقيق، ان كان هناك تحقيق. ثم تحدث عن معانات عائلات المساجين الذين وزعتهم السلطة على السجون وذكر ان من العائلات من تقطع مسافة تزيد عن 600 كم لزيارة ابنائها المساجين. وقال ان الشباب المتدين يحاكم على نواياه وليس على افعاله وانه يحاكم في اطار » قانون مكافحة الارهاب » وان الممارس الحقيقي للإرهاب هي السلطة الغاشمة. وفي إطار حديثه عن الدكتور الصادق شورو قال انه أعيد إلى السجن لأنه مارس حقه في التعبير وطالب بإطلاق سراحه وتحدث عن معانات المهجرين وطالب بحل قضيتهم في إطار العفو التشريعي العام.  لجنة الحريات في تونس والتي تكلم باسمها السيد طارق بن هيبة الذي ناب عن رئيسها السيد كمال الجند وبي  قال إن تونس لم تعرف في خلال العقدين إلا بالسجون وان المسؤول عن الانغلاق هو النظام وان النضال الوطني لا بد أن يكون موحدا.   اما الاحزاب السياسية فقد تناوب عن كلماتها كل من: الأستاذ نجيب الشابي: الحزب الديمقراطي التقدمي السيد لطفي الهمامي: ممثل عن حزب العمال التونسي د. منصف المرزوقي: المؤتمر من اجل الجمهورية السيد وليد البناني عن حركة النهضة وقد اجمعوا على ان الانغلاق الذي تعيشه البلاد يتحمل مسؤوليته النظام وان النضال الوطني لا بد ان يكون موحدا في الاهداف وان اختلفت الوسائل. واعتبار ان مناسبة الأمسية تنظم في اطار الذكرى 28 لتاسيس حركة النهضة فقد كانت كل التدخلات تحيي الحركة ونضالها وصبرها وتمسكها بخطها السلمي. الشابي: قال وهو يحيّ د. صادق: » باسم الله الرحمان الرحيم، باسمي وباسم اخواني في الحزب أحيي الشيخ عميد السجناء د.صادق، انه لشرف لنا جميعا كتونسيين ان يكون شخص بقيمة الصادق شورو تمتلكه تونس في صبره وثباته رغم المكائد والمؤامرات. » « النهضة كانت ومازالت مكونا أساسيا في النسيج السياسي التونسي… وما يجمعنا اليوم هو حبنا لتونس… »وبعد أن أشار إلى خلفية قرار الحزب المشاركة في الإنتخابات القادمة قال: « هذا اجتهادنا وهو قابل للخطإ والصواب ولا ندّعي امتلاك الحقيقة »….ثم توجه للحضور: »لقد جربت الغربة وتأكدوا أننا لن نيأس من المطالبة بالعفو التشريعي العام وعودة المغتربين وإطلاق المساجين(في اشارة الى شباب الصحوة الجديدة)ومهما طال الزمن فإنهم لن يغيروا من سنن الحياة وختم تحت تصفيق حار: اذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القد ر.  ثم تلاه في الكلمة السيد  لطفي الهمامي:  الذي بدأ كلامه بتحية د. شورو  وقال إنه التقى به في سنة 96 بسجن 9 أفريل كان نحيف الجسم ولكنه  كان واقفا وسيبقى واقفا كما عبر عن ذلك…قال كذلك: نضالنا نضال مشترك وغبي من يعتقد أن الحرية والديمقراطية تتجزأ (في اشارة الى حرمان الاسلاميين من حرية التنظم والتعبير)… ثم تحدث عن مساجين الحوض المنجمي وطلبة الإتحاد العام لطلبة تونس الذين يتعرضون الى الانتهاكات والعراقيل. ثم ختم كلامه قائلا: » إننا اليوم في أشد الحاجة جميعا وبدون استثناء أن نقول نعم لرحيل بن علي….وعاشت تونس حرة تقدمية » كلمة د. المرزوقي: بدأت بتحية الرجل الصامد، الرجل الذي يدافع عن الجميع على حدّ تعبيره(شورو)، وقال: الرسالة التي أرادها دكتاتور تونس بحد تعبيره:هي رسالة تخويف وتركيع الى كل من يرفع رأسه ويريد تحطيم الاستبداد…وقال آن الأوان الى المضي قدما ليس في توصيف الحالة المرضية التي نعيشها بل لا بد من البحث على دواء قادر على معالجة المرض…قال كذلك وقد التفت الى الشابي: »أتوجه الى زميلي الشابي الذي ينافسني على الزعامة الافتراضية: نحترم مقاربتكم ولكن أقول آن الوقت الذي نبحث فيه عن استراتجية مشتركة للخروج من الأزمة »…د. المرزوقي كانت كلمته جد قوية حيث انه لما رأى أحد  »العسعس » في آخر القاعة توجه له بالكلام وقال: سنهزمكم شر هزيمة…أنتم جبناء…أنتم لا تمشون إلا في الظلام…ونحن أقوياء…سنحرر تونس منكم ولو بجيل أبنائنا…. كلمة الأستاذ وليد البناني: أهم ما فيها ، قال وأنا من الذين واكبوا تأسيس الحركة لا اتذكر يوما اننا احتفلنا بعيد ميلادها ولو مرة واحدة في تونس…هذا دليل على ما اصاب الحركة من ظلم وتعسف…دليل على انسداد الواقع السياسي في تونس… لكم تمنينا ان نحتفل مع اهلنا واخواننا ، مع طلبتنا، مع المهندسين والعمال…لكم تمنينا   أن  يكون الإحتفال في تونس ولكن الله قدر… قال ولئن انتصرت الدولة على التنظيم، فان غد الحركة مشرق… وحيى وليد البناني د.شورو وكل الإخوة الآخرين الرابضين في سجنهم الموسع…وذكر أن المهندس حمادي الجبالي ونحن نحتفل هنا هو متابع باكثر من 11 عونا يتبعونه في كل ترحاله … بعد ذلك اخذ الكلمة حسين الجزيري حي فيها الحضور واختتمت السهرة في حدود الساعة 23:00 ليلا بأغنية لفرقة الزيتونة تقول: صامد ياشورو….صامد في سجنك…سجنك ظلم كبير وانت صامد…صامد سجنك يا صادق ظلم كبير وعار…صامد لا بيّاع وسمسار…صامد يا صادق صامد… كما غنت فرقة الزيتونة اغنية جديدة رائعة تقول: واجب نحفظ بلدنا…واجب نبني وحدتنا…واجب ننصر إخوتنا…واجب علينا ننصر صادقنا…واجب ..واجب… هذه الأمسية كانت مناسبة اجتمع فيها مكون المجتمع التونسي بتنوعه و ثرائه ليواصل مشروع العمل المشترك لمعالجة قضايا البلاد وقد عبر المشاركون من مختلف الاتجاهات في هذه الأمسية إلى ضرورة تحقيق مطلب العفو التشريعي العام و إطلاق سراح المساجين وعودة المهجرين في إطار العمل المشترك لجميع أبناء تونس.  الجمعيات المنظمة:  جمعية التضامن التونسي / جمعية الزيتونة /منظمة صوت حر/ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين / اللجنة العربية لحقوق الإنسان


عريضة مساندة للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين


  نحن الصحفيين التونسيين العاملين بالخارج والموقعين على هذه العريضة، تابعنا بكلّ قلق التطورات الأخيرة في النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. وأمام محاولات سحب الثقة من المكتب التنفيذي للنقابة الذي أفرزته انتخابات حرّة ونزيهة، نعلن للرأي العام الوطني والدولي :   * مساندتنا المطلقة لزملائنا في المكتب التنفيذي وندعوهم إلى مواصلة عملهم، بصفتهم الممثلين الشرعيين للنقابة.   * تمسكنا بالحق في حرية العمل النقابي كما نصّ على ذلك البند الثامن من دستور الجمهورية التونسية، من قانون مجلة الشغل الصادر في غرّة ماي سنة 1969 (الكتاب السابع، الباب الأول، الفصول 242 إلى 257)، وطبقا للاتفاقيات الدولية عدد 87 لسنة 1948 و98 لسنة 1949 التي صادقت عليها تونس منذ سنة 1957، والإعلان الدولي لسنة 1998 المتضمن للحقوق الأساسية للشغل، وفي مقدمتها الحق النقابي.   * رفضنا المطلق لأي محاولة للمسّ بالنقابة ومحاولات تقويض جهودها من أجل تحسين ظروف الصحفيين، والعمل على ترسيخ أسس العمل الصحفي الحر ونطالب بعدم التدخل في شؤونها.   *استنكارنا لما تردد عن تعرض زملائنا من ضغوط إدارية وسياسية لسحب الثقة من القيادة الشرعية للنقابة. ونعتبر أن الجنوح لمثل هذه الممارسات من شأنه تأجيل تحرير الصحافة التونسية، وحرمان زملائنا المقتدرين من المساهمة في دفع بلادنا نحو الأفضل.   التوقيعات:   1- محمد كريشان – صحفي ومذيع أخبار – قطر 2- كمال العبيدي – صحفي – الولايات المتحدة الأميركية 3- حسن الجويني – صحفي – قبرص 4- آمال وناس – صحفية أولى – قطر 5- فاتن الغانمي – صحفية – قطر 6- نوفر عفلي – صحفية ومذيعة – قطر 7- نور الدين العويديدي – صحفي – قطر 8- أنور سويد  – صحفي ومنتج أخبار – قطر 9- نبيل الريحاني – صحفي – قطر 10- الهادي يحمد – صحفي – فرنسا 11- محمد الفوراتي – صحفي – قطر 12- نزار الأكحل – صحفي ومذيع – قطر 13- زياد طروش – صحفي ومنتج أخبار أوّل – قطر 14- – بسام بونني – صحفي – قطر 15- جلال الورغي – صحفي – بريطانيا 16- لطفي المسعودي – صحفي ومنتج برامج  – قطر 17- فرحات العبار – صحفي – قطر 18- الطاهر العبيدي – صحفي – فرنسا 19- علي بوراوي – صحفي فرنسا   تبقى العريضة مفتوحة للزملاء الصحفيين التونسيين العاملين في الخارج. الرجاء إرسال الإسم واللقب والمسمّى الوظيفي وبلد العمل للعنوان الالكتروني التالي : Snjt_diaspora@hotmail.fr

تونس 9 جوان 2009 بيــــــان من أكثرمن ثلثي أعضاء المكتب التنفيذي الموسع للنقابة الوطنية للصحفيين
نتمسك باستقلالية النقابة وحرية الاعلام وندعو الى الاحتكام الى الصحفيين في مؤتمر استثنائي استجابة لعريصة وقعها أكثرمن 600 صحفي عريضة سحب الثقة التي أصدرها ثلثا الصحفيين أقالت ما تبقى من المكتب التنفيذي

نحن الأغلبية المطلقة لأعضاء المكتب التنفيذي الموسّع للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين المنتخبين من قبل الصحفيين : –    تمسّكا منـّا باستقلالية نقابتنا وتفاعلا مع الإرادة التي عبّر عنها الصحافيون في المؤتمر الأول للنقابة والمتطلعة لإعلام وطني تعددي ومتطور، –    وإصرارا على خيار الاحتكام إلى المنخرطات والمنخرطين في النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بمختلف أجيالهم وانتماءاتهم، –    واقتناعا منا بأن حسم الخلافات يكون عبر احترام القانون الأساسي والنظام الداخلي بعيدا عن أساليب المماطلة والتسويف، نعلن ما يلي : –    أن المكتب التنفيذي للنقابة قد أصبح « مكتبا تنفيذيا مُقالا » طبقا للفصل 39 من القانون الأساسي وذلك بمقتضى عريضة سحب الثقة التي أمضتها أغلبية واسعة من الصحفيات والصحفيين والتي تسلمها يوم 26 ماي 2009. –    مطالبتنا المكتب التنفيذي المُقال باحترام الصحافيين والكف عن الاستخفاف بهم ومغالطتهم وإدخال البلبلة في صفوفهم ودعوته إلى الامتثال إلى إرادتهم بعقد المؤتمر الاستثنائي. –    أن كل القرارات التي اتخذها المكتب التنفيذي المُقال منذ 26 ماي 2009 والمعلنة في بيانه ليوم 6 جوان 2009 وما سبقها، إنما هي قرارات غير شرعية تؤكد مواصلته خرق القانون والهروب من المسؤولية. ونؤكد أن القرار القانوني الوحيد المخول له بعد إقالته هو الدعوة إلى عقد المؤتمر الاستثنائي وتحديد موعده وإفساح المجال للصحافيين لحسم الأمر. –    رفضنا لطرد الصحفيين أو تجميدهم من النقابة بدون موجب قانوني واعتبارنا  قرار تجميد عضوية الزميل جمال الكرماوي إجراء غير مبرر القصد منه هو محاولة التأثير على الأغلبية داخل المكتب التنفيذي الموسع وتعطيل عمله. كما نسجل حالة التخبط التي تردى فيها المكتب التنفيذي المُقال الذي كان أعلن في بيان أصدره يوم 2 جوان 2009 أنه سيفتح تحقيقا في ما زعم أنه « تسريب لوثيقة داخلية » ثم عاد فقرّر بعد 4 أيام فقط تجميد عضوية رئيس لجنة الحريات، علما بأن وثائق النقابة ليست وثائق سرّية وإنما هي علنية ومفتوحة لعموم الصحافيين والرأي العام. –    مع تأكيد تمسكنا المبدئي بالعودة إلى الصحافيين والاحتكام إليهم في القضايا الأساسية التي تهم نقابتهم، فإننا نعتبر أن الدعوة إلى جلسة عامة يوم 26 جوان 2009 ومكتب تنفيذي موسع يوم 30 جوان 2009 هو مناورة تمويهيّة يائسة جاءت بعد اتخاذ سلسلة من القرارات غير الشرعية وأن الهدف من ورائها هو الالتفاف على ارادة الصحافيين الحرّة ومحاولة دفعهم إلى المصادقة على قرارات متخذة سلفا.  –    أسفنا للجوء المكتب التنفيذي المُقال مباشرة إلى القضاء في واقعة غير مسبوقة ودون عرض الخلاف القائم مسبقا على الهياكل الشرعية للنقابة. 1. جمال الدين كرماوي 2. محمد بن صالح 3. كمال بن يونس 4.الحبيب الميساوي 5. لطفي التواتي 6. عفيف الفريقي        7. توفيق العبيدي        8. سنية عطار        9. عبد الكريم الجوادي    10. محمد حميدة            11. سارة حطاب        12. سلاف الحمداني 13. روضة ركاز        14. رشيدة الغريبي         15. محمد سامي الكشو    16. بشير الطنباري        17. نجم الدين العكاري   
 

بسم الله الرحمان الرحيم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تونس في 09.06.2009  

فتيات تونسيات يتعرضن للإيقاف والإستجواب بسبب الحجاب


تعرضت اليوم الثلاثاء  09.06.2009 ، أربع فتيات محجبات ، وهنّ قدس القلاعي ، شيماء بن فاطمة ، مريم القلاعي وسناء غرسلي ، الى الايقاف في الطريق العام وسط  مدينة بنزرت (شمال البلاد التونسية) ، وذلك من قبل عوني بوليس بالزي المدني ، (ولم يتسن للجنة الى حدّ الآن معرفة هويتهما) ، حيث أجبروهن على مرافقتهم الى مركز الشرطة ببوقطفة .  وجاءت عملية الإيقاف على اثر خروج الفتيات المحجبات من المعهد مباشرة بعد إجرائهن إمتحان الباكالوريا التى تجرى دورتها الرئيسية خلال هذه الأيام .  وتؤكد لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس ، أن عوني البوليس إستخدما عبارات سوقية خادشة للحياء في مخاطبة الفتيات المحجبات أمام مرأى ومسمع المواطنين ، كما وجها لهن تهديدات قصد إرهابهن ، وعند إدخالهن الى أحد مكاتب المركز المذكور تم استجوابهن حول إرتداء الحجاب ، وطلبوا منهن عدم إرتدائه مستقبلا ، وقد تعرضن أثناء الإستجواب إلى التهديد و  السخرية من لباسهن .  وحال بلوغ الخبر الى لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس ،  توجهت رفقة مجموعة من مناضلي حقوق الإنسان بمدينة بنزرت  مباشرة إلى ركز الشرطة ببوقطفة ، وقد تم اطلاق سراحهن مباشرة عند وصول الوفد .  وتحدثت اللجنة إلى الفتيات المحجبات بعد إخلاء سبيلهن ، فعبّرن لنا عن سخطهن تجاه المضايقات البولسية التى تعرضن لها ، والتى تهدف إلى إبتزازهن و التشويش عليهن أثناء آدائهن لإمتحان البكالوريا .  ولجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تؤكد مجددا أن إرهاب المحجبات وإستهدافهن يتم بقرار سياسي من أعلى هرم الدولة ، وهي تحمّل السلطة التونسية المسؤولية عن الحرب المفتوحة التى تشنها على المحجبات خاصة في المؤسسات التعليمية وعلى الخصوص خلال بداية العام الدراسي وأثناء فترات الإمتحانات  ،  ونحن نستهجن سياسة القمع والإبتزاز التى تمارس على المواطنات التونسيات المحجبات ، كما نحمّل أجهزة السلطة الإدارية منها والبوليسية مسؤولية ما ينجر عن هذه السياسات الإستبدادية من نتائج كارثية .  تدعو قطعان البوليس المجرّد من كل القيم الوطنية والدينية إلى عدم الإستئساد على النساء ، والكف عن التطاول عن حرمات العائلات التونسية ، ووقف الترهيب التى تمارسه بحق المواطنات التونسيات المحجبات . 
تطالب كل الهيئات والشخصيات الوطنية الحقوقية والسياسية ، وكل المنظمات الحقوقية العربية والدولية وأحرار العالم بالوقوف في وجه الإنتهاكات الخطيرة التى تمارسها الحكومة التونسية بحق مواطناتها المحجبات ، وتناشد علماء الأمة ودعاتها إلى مناصرة المرأة التونسية المحجبة وإعلاء الصوت بالنكير تجاه الإنتهاكات المشينة التى تتعرض لها ، وتنبه الجميع أنهم مسؤولون أمام ما يحدث للمحجبات التونسيات وعليهم القيام بما يقتضيه واجبهم .   عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس البريد :protecthijeb@yahoo.fr


تواصل الجدل حول مشروع النظام الداخلي للمحامين التونسيّين

  

الأستاذ العويني: »الذي عطل التصويت على المشروع في الجلسات السابقة هو عقلية الغنم السياسي لا بد من إعطاء القواعد العرفية المنظمة لأخلاقيات تعامل المحامي سلطة أقوى وقوة إلزامية وتحويلها إلى عقد بين كافة المحامين يتعهدوا بتطبيق بنوده

  أثار صدور القانون الداخلي المنظم لمهنة المحاماة و تصريحات عميد المحامين البشير الصيد في جريدة الشعب جدلا كثيرا في صفوف المحامين والمتابعين للشأن العام للاحتجاجات المتصاعدة حول الصياغة التي تم بها مشروع النظام الداخلي  والمجريات العامة التي صاحبت التصويت على القانون في الجلسة العامة للمحامين. « السياسية » وفي إطار مواكبتها للمستجدات المطروحة على الساحة الوطنية الداخلية تحدثت مع الأستاذ عبد الناصر العويني حول مجمل هذه التطورات وكان لنا الحوار التالي  بداية، أستاذ عبد الناصر، لو تقدم لنا القانون الداخلي للمحامين والذي أثير حوله جدل كبير في الآونة الأخيرة ؟   النظام الداخلي هو عبارة على قانون ترتيبي ينظم مهنة المحاماة ولا يكتسي صبغة إلزامية، وأهمية هذا النظام تكمن في تقنينه لجملة من القواعد الأخلاقية والضوابط الشغلية التي تكرس التزام المحامي من تلقاء نفسه لجملة من السلوكيات. باختصار، هو عملية تقنين لقواعد عرفية. في السياق ذاته، ما هي الحاجة الضرورية لإصدار مثل هكذا قانون؟   أولا، هنالك ضرورة ملحة لإصداره والمتمثلة في أن مهنة المحماة تعيش وتنتقل من مهنة نخبة لمهنة جمهور حيث تضاعف عدد المنتسبين إليها لأربعة أو خمسة مرات في السنوات الأخيرة ما نتج عنه ضعف الرقابة على المحامين في هياكلهم وفروعهم المتعددة.  ثانيا، هنالك ضرورة صناعية على اعتبار أن مهنة المحاماة لم تعد تغطي النزاعات الكلاسيكية فقط بل هنالك أيضا هوامش أخرى كبرى على المستوى الاجتماعي والاقتصادي مما سيخلق ظواهر جديدة. هذا إضافة للتراجع عن القيم الأصلية للمهنة والتغير في هوية المحامي مما ينبئ بانزياح عديد القيم وخبو سلطتها وهو ما ينعكس على جميع الأطراف ذات العلاقة بالمحامي. أما الضرورة الثالثة فتكمن في تدني المستوى الاقتصادي والاجتماعي للمحامي وتضاعف أعباء المحامين المادية، فالتطور الذي حصل لمجال المحامي لم يرفقه تطور حاجيات المهنة إذ أن نسبة كبيرة من المحامين لم تعد قادرة على تغطية مصاريفها الإدارية.جملة هذه العوامل تدفع بعض المحامين للتجارة بالقانون وإتباع أساليب كسب غير أخلاقية. خلاصة، لابد من إعطاء القواعد العرفية المنظمة لأخلاقيات تعامل المحامي سلطة أقوى وقوة إلزامية وتحويلها إلى عقد بين كافة المحامين يتعهدوا بتطبيق بنوده. طيب، إذا كانت هنالك حاجة ماسة لإصدار نظام داخلي يقنن مهنة المحاماة، فما الذي عطل المصادقة عليه في جلسات عامة سابقة للمحامين ؟  هنالك عدة أسباب، أولا سبب موضوعي يتعلق بعدم استعداد المهنة عموما لتنظيم تفاصيل الممارسة وتقنينها وتوثيقها، ثانيا هنالك سبب داخلي مرتبط بتجاذبات ورهانات سياسية سواء من جهة الموالين للمشروع أو المعارضين له راهنوا على أن  يسجل تحت اسمهم وفي عهدهم، وبناءا عليه فإن الذي عطل التصويت على المشروع في الجلسات السابقة هو عقلية الغنم السياسي، وباءت كل محاولات تقنينه بالفشل.  لنمر الآن إلى الجلسة العامة الأخيرة للمحامين التي تم خلالها المصادقة على مشروع النظام الداخلي الجديد، هل لك أن تصفها لنا؟  أود بداية و قبل الخوض في مجريات الجلسة العامة أن أتحدث عن معطيات سبقتها.لقد تمت قبل الجلسة العامة تعبئة سياسية إذ أن صياغة القانون الداخلي تحول إلى رهان شخصي للعميد الحالي ووقع تهميش الضرورات الموضوعية وشحن الجو العام بالاحتقان ليس في علاقة بخصومه فقط بل أيضا مع الجمهور العريض للمحامين، لم يأخذ العميد بعين الاعتبار التقيحات التي اقترحتها اللجنة لمراجعة مشروع القانون الداخلي. وفيما يخص علنية التصويت بالأيدي التي أصر العميد على إجرائها لم تكن اختياره في السابق ففي عهد العميد عبد الستار بن موسى، والتي كان يرأس فيه إحدى اللجان المعدة للمشروع، طالب ساعتها بالتصويت السري وساهم في إسقاط مشروع النظام الداخلي، كما أن التصويت السري هو ضمانة لحرية إرادة المحامي وعلنية التصويت هي محاولة لكشف المعارضين للقانون. هذا إضافة للتوقيت السيئ والمحدود الذي اختاره العميد لمناقشة القانون حيث بدأت الجلسة في العاشرة صباحا وهو عادة الوقت الذي يكون فيه المحامي في شغله ، كذلك من السلبيات التي لاحظتها في جلسة العامة نجد إقصاء غالبية طالبي النقاش وغلقه بشكل تعسفي مما أدى إلى عدة ردود أفعال احتجاجية إلا أن العميد أصر على التواصل في نفس التمشي. كما انه لم يقع الانضباط لشروط التصويت والإحصاء الجدي للمصوتين على القرار أو ضده وهو دليل على انه لم يتم بعملية ديمقراطية واستخفاف بعقول المحامين. المشروع الجديد باختصار لم تبدي فيه المحاماة برأيها وفرض عليها ولم يناقش جيدا ولم يأخذ فيه بمجمل الاقتراحات التي قدمت من قبل الزملاء. يوجد فيه العديد من الغموض والنواقص في علاقة المحامي صاحب المكتب بالمتربص وفي علاقة عميد المهنة بفروعه وهياكله مثل علاقته برئيس فرع تونس وجاء استجابة لإرادة العميد في الاستفراد بالرأي داخل المهنة لن قراراته لها سلطة حل كل قرارات الهياكل الأخرى المنتخبة. هذا إضافة إلى أنه لا ينتج آلية محاسبة ورقابة مسبقة للتصرف في ميزانية الهيئة الإدارية وميزانية صندوق الحماية الاجتماعية. ما رأيك في محتوى الفصل العاشر المنظم لمشاركة المحامي في البرامج الإعلامية؟  حضور المحامي في القنوات التلفزية حالة شاذة وليست طبيعية ولها بعد قانوني بحيث أن المحامي ليس بتاجر ويمنع عليه ممارسة التجارة بجانب المحاماة وعندما يظهر في البرامج المتلفزة بصفته تلك بصفة قارة يصبح في وضعية استشهار والدعاية لبضاعة معينة وعندما يتواصل ظهور المحامي في التلفزة يأخذ وضعية تاجر والإشهار بنفسه بصفة مستمرة يتناقض مع فلسفة التشريع. نحن المحامون لنا وزن أخلاقي يمنعنا من المتاجرة بمصالح المواطنين، إضافة لكونه مس بالعدالة حيث أن النظر في القضايا في هذه البرامج تنقصه أركان العدالة وهيئاتها مما يضعف التقييمات القانونية الصادرة عنها. أما فيما يخص النقطة التي جاءت في هذا الفصل والمتعلقة بتقديم مطلب كتابي للعميد قبل المشاركة في هذه البرامج فهي نقطة غير مشروعة وغير قانونية، وهنا أريد أن أطرح تساؤلا: حينما يستدعى عميد المحامين في استشارة قانونية لإحدى البرامج التلفزية أو الإذاعية فمن سيستشير ولمن سيقدم مطلبه الكتابي..!؟  وماذا عن المواقع الالكترونية والإشهار؟ هنالك العديد من الزملاء أنشؤوا مواقع الكترونية ويعطوا من خلالها معلومات استشارية بمقابل مالي وهي تعتبر ضد التزام المحامي الأخلاقي بعدم الاستشهار.  (المصدر: صحيفة « السياسة » (يومية – الكويت) الصادرة يوم 9 جوان   2009)


تونس في 8 جوان 2009 بــــــلاغ


تنظم النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين لقاء فكريا مع الأستاذ فتحي بن الحاج يحي لتقديم كتابه « الحبس كذّاب والحي يروّح » يوم الجمعة 12 جوان الجاري بمقر النقابة، 14 شارع الولايات المتحدة البلفيدير تونس على الساعة الثانية والنصف ظهرا، وذلك في إطار منتدى النقابة. عن المكتب التتنفيذي الرئيس ناجي البغوري مقتطفات من التمهيد الخاص بكتاب « الحبس كذّاب… والحي يروّح » – « أول صلتي بالكتابة نشأت في السجن. ملاحظات وأسئلة على هوامش بعض الكتب طرائف كنت أخاف عليها من الضياع. أحداث ووقائع ما أن تلج الورق حتى يفقد فيها الهزل أثره كلما اقترب من دائرة الوجع، وتضيع فيها علامات الوجع كلما لبست ثوب العبثية. ضاعت كلها بعد خروجي من السجن أو لعلها لا تزال مقبورة حيث أودعتها، ومكانها ضاع في ذاكرتي… – « اليسار التونسي حكاية أجيال متعاقبة : أحلى ما فيها عناد على رفع التحدي، ورفض أن يختزل الوطن في الشخص الواحد، وحلم بصناعة غد أفضل، ومُرّها أنها ولدت انكسارات وبعض يأس… وآفاق لبسها الإبهام بقدر ما لبست آفاقنا أحلاما… وإيمانا وعطاء ». – « الصورة التي نقلتها ستظل أحادية الجانب… بالضرورة. ينقصها الكثير، وتنقصها خاصة صفحة لها أكثر من معنى، وأبلغ من قراءة، وهي صفحة رفيقاتي السجينات اللاتي انخرطن بمثل انخراطنا في الحلم، ودفعن أكثر منا في بعض تفاصيل من حياتهن، كما تدفع المرأة يوميا أشياء، قد تبدو للرجل تفاصيل في مجتمع ذكوري. أجيال بنات دخلن سجن النساء بمنوبة في الزمن البورقيبي. كان الزعيم يريد المرأة أن تقتحم معترك الحياة، فإذا ببعض « بناته » يدخلنها من أبواب لم تكن مدرجة في مجال الرؤية الحداثية المبتورة في حرياتها ».  زيــاد الهــانــي             http://journaliste-tunisien-11.blogspot.com  
 

دعوة

            بمناسبة خمسينية إصدار دستور غرة جوان 1959، ينظم منتدى الفكر اليساري الديمقراطي ندوة فكرية تقدم خلالها الأستاذة سناء بن عاشور مداخلة تحتعنوان « الدستور التونسي والاستحقاقات الانتخابية القادمة » وذلك: يوم السبت 13 جوان الجاري انطلاقا من الساعةالخامسة بعد الزوال بمقر حركة التجديد الكائن بشارع الحرية عدد 7 الطابق الثاني بالعاصمة.                  وإثراء للنقاش، فإن المنتدى يدعو الشخصيات والفاعليين السياسيين والاجتماعيين والحقوقيين لحضور هذه الندوة والإسهام بآرائهم. 


اختفاء كمال

 صـابر التونسي روي عن حرية وإنصاف خبر مجروح سندا مردود متنا، مفاده أن شابا يدعى كمال صميدة من الحافظين للقرآن الكريم والحاصلين في ذلك على جوائز دولية ووطنية ومكرم من قبل رئيس الجمهورية، قد اختطف في « غارة » بوليسية على منزله منذ نهاية شهر ماي لم يظهر له أثر بعدها! وقد رددنا الخبر لاعتقادنا أن الوهم أو الغايات الشخصية المشبوهة هي التي صنعته! … ذلك أن مصافحة السيد الرئيس وتكريمه يعتبر بمثابة « حرز » واقي من البوليس، وتعليمات « عليّة » لمن لا يفهم غير التعليمات! كما أن الخبر لا يصح في بلد يكرم القرآن ويرفع مكانته! … في بلد جعل للقرآن إذاعة ومقرئين على مدار الساعة! أولى بمروجي هذه الأخبار أن يتثبتوا قبل أن يصيبوا قوما بجهالة، فيصبحوا نادمين! … أو مُختَطفين! … كان عليهم أن يبحثوا عن مفقودهم في الأماكن التي يفترض أن يكون بها! …  فلك في هذه الدنيا مكانه المناسب! السكير في الخمارة! …. والمجرم في السجن! … والإداري في الإدارة! … والجلاد في الداخلية! … والوزير في الوزارة! …. و »المْعلّمْ » في القصر! أما المقرئ الحاذق فهو إما أنه يرتل بإذاعة القرآن الكريم! … أو يتداول مع إخوانه على الترتيل بجامع الزيتونة المعمور! …. « بالحمام والسياح »! لا بد أن كمال يحظى بالتكريم الذي يليق بأمثاله والذي سبق أن لقيه من سيادة الرئيس! بعضهم ذكّره اختفاء كمالٌ هذا، باختفاء كمال المطماطي منذ اكتوبر 91 والذي شهد بعضهم على أن أعوان بوليس قابس قد بالغوا في « حبه وإكرامه » « فمنحوه » الشهادة ولم يخبروا بما فعلوا أحدا « تواضعا » لله واجتنابا للرياء! … حتى لا تُحبط أعمالهم! عجل الله ظهور كمال صميدة! … ونصر الله ناصر القرآن!  
 
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 8 جوان 2009)  


ليس وحده يعاني لمدة 21 سنة من الأرق بل كل أحرار تونس ينتظرون انبلاج الفلق

خلدون الخويلدي khoualkhou@gmail.com   الخبر: 21 سنة أي منذ 1987 لم يذق فيها مواطن تونسي طعم النوم… هي حكاية من صميم الواقع يعيشها السيد خليفة الرياحي أصيل «دوار الصفحة» من معتمدية بوفيشة ولاية سوسة… راجع تونس نيوز 07.06 .2009   التعليق: خضراؤنا في سنين الجدب في سنين الخوف تلك، ترى في شوارعنا أجساما كالأشباح تعرفك وتنكرها، تلاحقك من رصيف الى رصيف، لا تكاد تميزها عن اشجار الخريف، تلهث وراءك حيثما اتجهت أو حللت. وأخرى شاحبة وجوهها متجهمة مكفهرة، لا تعيرك أي اهتمام حتى وإن بادلتها التحية والسلام، قد تلحظك شزرا، ثم تصرف عنك نظرا. في سنين القحط والتجويع تلك، لا ترى إلا أفواها تلهث وبطونا عن اللقمة تبحث. إذا كنت لأهلك عائل، فلا تكثر من التساؤل، فأحسن قائل وأكثرهم تفاؤل، قد ينصحك ب »الروبافيكا » لباسا والاكتفاء بالسوائل. إذ مع بقاء المحجبات في المنازل، لا حل إلا في نبش المزابل. في تلك السنين وتلك الربوع، زرع الرعب، اطلقت جيوش الجراد من كل حدب والى كل صوب، تغدو خماصا الى مختلف مواقع العمل وتعرج بعدها الى الأحياء والمنازل. فلا تروح الا بطانا بالصيد الثمين من البشر والتقارير. في المكاتب والمعاهد، تقضم كل شيء فيه حياة وتهدد بالويل كل متعلم ومعلم. تسمرت كل الشفاه والألسن وحتى الأقلام والأفلام. لا صوت يعلو الا لحامي حمى الوطد والّـنين (تبادل حرفا النون والدال الأماكن في الكلمتين الأصليتين وقلبت اللام الى قمرية لأن الإسم أعجمي)، ومن وراءه من المصفقين والمهللين له بالنصرة والتمكين. حوَّل هؤلاء المتواطؤون كل منبر الى صحراء قاحلة. فما أحد نبس بعدها ببنت شفه. لا حراك بين الناس سوى الرعاش، خوفا من صولات وجولات الخفاش.   توالت الحملات ليلية ونهارية الى أن عم صمت كصمت القبور، وتمكن بالعسس والفلوس من شراء ضعاف النفوس ثم الى تحوير الدستور ليحكم مطلقا كل الأحرار في كل الثغور والى آخر العصور، مع أسفي للجهد الذي بذله في مسألة الاستخلاف المتفيهقون والمحللون ولا يزالون!!.   في تلك السنين المتواصلة، قد يصل الى سمعك أو سمع أحد الوجوه السلفية من محطة إذاعية، هي عنوان الدعارة والإباحية، أذان شيخ هرم ينادي للصلاة في موقع خرب، فلا تملك أن تلبي النداء وأنت في مكان الدوام بعد أن أغلق بيت الصلاة وحول الى مخزن، لأن العسس سيمرون بعد حين يطوفون على المشتبه فيهم بأداء الفروض، ليتأكدوا من أنهم يمتثلون للوائح التي تنص على عدم مغادرة العمل لأي سبب في ذلك الوقت بالذات. أما إذا فكرت في قضاء الفريضة في مكتبك بعد انقضاء الوقت الاختياري وذهاب العسس، فسارع الى إغلاقه بالأقفال كي تتجنب العيون الشاردة والمتلصصة. في تلك السنين المتصلة، قلما يرن جرس هاتف البيت وإذا ما فعل فإن في الطرف الآخر أبا ملهوفا يحاول رغما عنه أن يطمئن على إبنته الوحيدة وأحفاده الصغار، فانتبه حيث أن حشرجة تنبئك بأن جنيا من طينة البشر مرخصا له بكل الأوراق الثبوتية دخل على الموجة يسترق السمع وينافس بتسجيلاته دفاتر رقيب وعتيد. في سنين الجدب تلك، كثيرا ما يرن جرس الباب ليسلمك الزبانية وصلا باستدعاء رسمي لزيارة أربابهم مقابل توقيع إجباري تدفعه حاضرا غير مؤجل. أما واجب الضيافة فيقتضي من مضيفيك أن يحيطوا بك من كل جانب وكلهم آذان صاغية اليك وسجلات مفتوحة لأقوالك وأنت تروي مكرها حركاتك وسكناتك، وإذا فاتك أن تقص عليهم حدثا ما، أو تغاضيت عن جزئية فيه، أو تبين أن قد صدرت منك التفاتة ذات يوم، أو نفس لم تحصه لهم، أو حتى خانتك الذاكرة عن استرجاع الماضي واستحضار الأسماء، أغدقوا عليك من كرمهم ما يلهيك أن تفكر في المغادرة قبل انقضاء فترة الاستشفاء الكامل واستعادة العافية.   وأخيرا، إذ ندعو بالشفاء للمواطن الذي ورد في الخبر، والذي لم يذق طعم النوم، رغم محاولات التداوي طيلة هذه المدة الممتدة منذ بداية العهد الجديد (1987)، فإننا لن ننسى أن ندعو بالمثل لكل الأحرار في وطنه، الذين ابتلوا بأكثرمما حصل له.. وإذا كانت حالته هذه مرشحة أن تسجل في كتاب «غينيس» للأرقام القياسية. فكم مجلدا يستدعي تسجيل كل الحالات التونسية؟.

« الرافل » في الشارع التونسي: وسط الحيرة والاضطراب وغياب مصادر الخبر الرسميّة


  ما حقيقة « الرافل » الّذي كثُر الحديث عنهُ هذه الأيام بين أوساط الشباب ووسط مختلف العائلات، أحاديث عديدة ومتنوّعة أوجدت ما يُشبه دوّامة من « الإشاعات » والأقاويل والأقاويل المضادّة ، ووسط حالة عدم نشر أيّة أخبار رسميّة عن تلك المسألة سعت جريدة « الشروق » اليوميّة إلى البحث في هذا الأمر ونقلت بقلم الصحفي فاضل الطياشي ما يلي  تحت عنوان: « الرافل » شامل هذه الأيام والأسباب متعددة: هاربون من الواجـــب الوطني ومطلوبون للعدالة في «كمّاشة» الأمن ! تونس ـ « الشروق »:   لا حديث هذه الأيام لدى جانب هام من الشبان الذكور إلا عن الحملة الموسّعة التي أدّت مؤخرا الى توجيه عدد هام منهم نحو الثكنات العسكرية بعد أن اتضح تهرّبهم من أداء الواجب الوطني، رغم بلوغهم السن القانونية. وعاد الحديث بين صفوف الشبان، اثر هذه الحملة، عن «الرافل» الذي يفيد بالمعنى المتداول الحملات المفاجئة الموجهة أساسا لاستقدام الشبان بصفة اجبارية لأداء الخدمة الوطنية، رغم ان هذه الطريقة (رافل التجنيد) وقع التخلي عنها في بلادنا منذ سنوات، بإذن من رئيس الدولة، وأصبح التقدم للواجب العسكري يتم بصفة تلقائية من الشبان بعد بلوغهم سن العشرين وإلا يكون المعني بالأمر عرضة للتتبعات العدلية وفق القوانين الجاري بها العمل.. فهل تمت العودة فعلا لطريقة الرافل العسكري» بعد التخلي عنها منذ حوالي سنة 2003؟ حملة عامة    علمت «الشروق» ان حملة الأيام الأخيرة، والتي من المنتظر تواصلها لأيام أخرى، هي حملة أمنية عامة وعادية الغاية منها البحث عن عدد من المفتش عنهم لفائدة العدالة بشكل عام، وهم أساسا اشخاص يحاولون التحصّن بالاختفاء وبالفرار إثر صدور أحكام قضائية ضدهم في قضايا مختلفة..   هذه الأحكام هي في جانب هام منها صادرة في قضايا مدنية وجزائية مختلفة عن محاكم الحق العام، لكن في جانب آخر منها صادرة ايضا عن المحكمة العسكرية بتونس ضد كل من لم يتقدّم تلقائيا لتسوية وضعيته إزاء الخدمة العسكرية بعد تلقيه استدعاء في الغرض.    وبالتالي يمكن التأكيد ان الحملة الأخيرة ليست «رافل عسكري» وأن هذا الأخير لم يعد الى التطبيق كما ذهب الى ذلك كثيرون بل كل ما في الأمر هو حملة عامة تجاه جميع المفتش عنهم لفائدة العدالة لكنها تزامنت مع دورة التجنيد لشهر جوان وأفرزت بالتالي عن إيقاف عدد من المتهربين من الواجب الوطني. كيف يصبح الشاب مفتشا عنه «عسكريا»؟ ينصّ القانون  عدد 1 لسنة 2004 المتعلق بالخدمة الوطنية انه يجب على كل مواطن بلغ من العمر 20 عاما أن يتقدم تلقائيا لأداء الخدمة الوطنية ويبقى ملزما بأدائها الى حين بلوغ سن 35 عاما. وحسب الاجراءات المعمول بها فإن رئيس فرقة التجنيد والتعبئة بالحرس الوطني هو من يتولى بصفة دورية تبليغ استدعاءات شخصية لكل مواطن شمله الاحصاء وبلغ من العمر 20 عاما كاملة، يطلب منه التقدم لتسوية وضعيته إزاء الخدمة العسكرية، عندئذ يتقدم المعني الى لجنة التجنيد بالمعتمدية لهذا الغرض (التسوية) وذلك إما بأداء الخدمة فعلا او بالحصول على إعفاء نهائي او على تأجيل وقتي ـ وعندما لا يتقدم الشاب تلقائيا لذلك، تقع إحالة ملفه الى المحكمة العسكرية التي تصدر في شأنه حكما قضائيا يقضي بإجباره على أداء الخدمة الوطنية.. وتستدعي المحكمة العسكرية اصحاب الملفات للمثول أمامها يوم الجلسة، لكن غالبا ما لا يحضر المعني في ذلك اليوم، ويصدر ضده الحكم بالتالي غيابيا. وكما هو معمول به في القضاء العدلي، فإن من لا ينفّذ الأحكام القضائية العسكرية الصادرة ضدّه تقع إحالة هويته على الحاسوب المركزي للأمن الوطني ويكون بالتالي عُرضة للإيقاف في أي وقت ومكان إثر عمليات التثبت من الهوية (بناء على بطاقة التعريف الوطنية) من قبل أعوان الأمن الوطني.. بلا إستثناء.. أحيانا، يعتقد الشبان الذين يزاولون دراستهم او الذين لا تتوفر فيهم الشروط الصحية (اعاقة ـ مرض) أو المتزوجون او في كفالتهم أبناء او عائلة أنهم معفيون آليا من أداء الواجب العسكري وأن أسماءهم غير مدرجة بقائمة المطلوبين لهذا الواجب. لكن هذا الاعتقاد خاطئ تماما لأنه لا يوجد اعفاء آلي، لأن كل من بلغ سن العشرين هو في نظر المصالح المعنية بالتجنيد مدعو للخدمة العسكرية وهو كذلك في نظر المحكمة العسكرية لأنه عند إحالة ملفه أمامها لا يمكنها ان تعلم أن هذا تلميذ والآخر طالب والثالث معوق أو متزوّج.. وتصدر أحكامها ضد الجميع بلا إستثاء، وتدرج اسماء كل الصادرة ضدهم أحكام في الحاسوب المركزي للأمن الوطني، وهذا ما يفسّر ان بعض التلاميذ والطلبة والمتزوجين والآباء والمتكفلين بعائلاتهم وحتى الذين يعانون من عاهات صحية وجدوا أنفسهم في الحملة الأخيرة ضمن قائمة الموقوفين من قبل أعوان الأمن لأنهم مطلوبون من القضاء العسكري. تسوية الوضعية   تتم تسوية الوضعية إما بأداء الخدمة العسكرية فعلا أو بالحصول على إعفاء نهائي او على تأجيل وقتي. ويُعفى نهائىا من هذا الواجب كل من تثبت عدم صلوحيته طبيّا او كل من ثبت انه قائم بشؤون عائلته بصفة نهائية لكفالة فرد أو عدة أفراد (متزوج وله ابن او متزوج منذ عامين وليس له أبناء او متكفل بأحد والديه..) او كل من تجاوز سن 35 عاما  او ثبت انه لا يزال يعمل ويقيم بالخارج بعد سن 28 كما يمكن منح تأجيل وقتي مدة عام واحد قابل للتجديد (ومن الضروري تجديده) كل من له أخ بصدد أداء الخدمة العسكرية او القائم مؤقتا بشؤون عائلته او المزاول لتعليمه او العامل المقيم بالخارج حدّ سن 28 عاما. تعطيل   قد يعتقد كثيرون، ممن تتوفّر فيهم شروط الاعفاء او التأجيل انه لا فائدة من التقدم لتسوية الوضعية وأنه عندما يقع ايقافهم يثبتون ذلك ويقع إطلاق سراحهم.   لكن ما لا يعلمه كثيرون هو أن عدم تسوية الوضعية يؤدي بالمعني أحيانا الى تعطيلات هو في غنى عنها مثل تعطيل الانتداب بالوظيفة العمومية او تعطيل السفر للخارج وذلك عندما تكون هويته مدرجة على حاسوب المفتش عنهم لفائدة العدالة… لذلك فإن أفضل طريقة لتفادي ذلك هي تسوية الوضعية تلقائيا، وهي عملية سهلة ويمكن القيام بها بأحد المراكز الجهوية للتجنيد والتعبئة او بمكاتب الخدمة الوطنية بالولايات ولا تتطلب وثائق عديدة او وقتا طويلا. فاضل الطياشي أرقام 70 ألف،  هو عدد الشبان الذين يتم ـ نظريا ـ احصاؤهم كل سنة لأداء الواجب العسكري بعد بلوغهم سن 20 . سنة 2008، بلغ عدد المجندين ثلث الحاجيات الحقيقية للبلاد. رغم عزوف الشباب عن التجنيد، الا انه يوجد إقبال على الانتداب بالمدارس العسكرية من حوالي 8 آلاف حاصل على الباكالوريا سنويا.  ما انفكت حاجة البلاد للمجندين ترتفع من سنة الى أخرى وذلك بسبب ارتفاع عدد المشاريع التنموية التي يساهم فيها الجيش التونسي (بناء جسور ـ طرقات ـ سدود ـ تهيئة الغابات ـ الصحراء..). التعيينات الفردية هي شكل من أشكال الخدمة الوطنية وتشمل الموظفين بالإدارات والمؤسسات وأصحاب المهن الحرّة والمشاريع الفردية الخاصة.. وتتم هذه العملية من خلال المساهمة المالية للمجند (مدة سنة) إضافة الى تكوين عسكري أساسي مدته 21 يوما مسترسلة بأحد مراكز التدريب المخصصة وتتوزّع المساهمات المالية كما يلي: ـ 30 من الأجر بالنسبة لمن يتقاضى من مرّة الى مرتين الأجر الأدنى المضمون. ـ 40 من الأجر بالنسبة لمن يتقاضى من مرتين الى 4 مرات الأجر الأدنى المضمون. ـ 50 من الأجر لكل من يتقاضى أربع مرات فأكثر الأجر الأدنى المضمون.  (المصدر: صحيفة « السياسة » (يومية – الكويت) الصادرة يوم 9 جوان   2009)  


التعاون الأمني العربي يمتدّ إلى بصمات المعارضين السياسيّين

 


 sihem كان من المفترض أن يتمّ الإعلان عن نتائج مؤتمر رؤساء أجهزة المباحث والأدلة الجنائية العرب – الذي افتتح أشغال دورته الثانية عشر الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب في 3 جوان 2009 بمقرّه الكائن بتونس العاصمة (قرب السفارة الانجليزية) – بعد يومين من تاريخ انطلاق الأشغال التي تمّ التعرّض فيها خاصّة لمسألة وضع قاعدة بيانات عربيّة موحّدة لتبادل بصمات الأشخاص المحكوم عليهم غيابيّا، والمطلوبين جنائيّا في الجرائم الخطيرة والمنظّمة، والتي لا يخفى تعلّقها بالمعارضين السياسيّين، إلاّ أنه ولليوم الخامس على التوالي لم يتمّ الإعلان عن نتائج هذه الأشغال. جدير بالإشارة كذلك أن الهيئة الوحيدة التي حافظت على انتظام ودورية اجتماعاتها هي مجلس وزراء الداخلية العرب وأن المجال العربي الوحيد الذي بلغ درجة هامّة من التنسيق والتبادل والتعاون هو المجال الأمني. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 8 جوان 2009)  


صيحة فزع المستشارين الجبائيين ضد « استيراد البطالة »


 معز الباي
أطلق السيد لسعد ذوّادي رئيس الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين مؤخرا صيحة فزع حول ما يتعرض له قطاع الخدمات من تجاوزات من قبل باعثون اجانب. وقد تمثّلت الخروقات القانونية، حسب رئيس الغرفة، خاصّة في تهميش أغلب النشاطات الخدماتية ذات الصبغة الثقافية وفي الضبابيّة المحيطة بالعناوين المضمّنة في تصريحات الاستثمار التي يقدّمها الباعثون لوكالة النهوض بالصناعة وذلك من أجل مزاولة نشاطات مقننة مع إمكانية التفصّي من القوانين المنظمة للاختصاص. وقد تمثّلت الخروقات القانونية، حسب رئيس الغرفة، خاصّة في تهميش أغلب النشاطات الخدماتية ذات الصبغة الثقافية وفي الضبابيّة المحيطة بالعناوين المضمّنة في تصريحات الاستثمار التي يقدّمها الباعثون لوكالة النهوض بالصناعة وذلك من أجل مزاولة نشاطات مقننة مع إمكانية التفصّي من القوانين المنظمة للاختصاص، وكذلك خرق أحكام مجموعة من الفصول مثل الفصل الثاني من مجلة تشجيع الاستثمارات وعدد من فصول القانون الجبائي وقانون حماية المستهلك وقانون المنافسة والأسعار…  حيث يعمد الباعثون إلى إدراج عبارات غامضة وغير محدّدة حول موضوع النشاط عند النشر بالرائد الرسمي مستعملين توصيفات فضفاضة من نوع: استشارات اقتصادية أو اجتماعية أو قانونية إدارية أو دراسات وتوجيه… في حين يعمد آخرون حسب صاحب البلاغ إلى استغلال وضعية التهميش القانوني لأغلب الأنشطة الخدماتية ذات الصبغة الثقافية من أجل القيام بأنشطة أخرى موازية لنشاطات مقننة مثل مهندس داخلي أو صيانة تركيب أجهزة إلى غير ذلك من النشاطات. مشيرا في الأخير إلى أن بعض الأجانب يعمدون – من أجل التحيّل على القانون المتعلّق بالنشاط التجاري للأجانب أو من أجل الحصول على الإقامة – إلى التصريح بالنشاطات المقننة بموجب القرار رقم 492-94 المنظّم للأنشطة الواردة في مجلة تشجيع الاستثمارات من النوع المشار له أعلاه. مؤكّدا أن غياب معايير وطنية لنشاطات الخدمات وتعطّل تنظيم أغلب الخدمات غير المقننة وغياب المراقبة والمتابعة البَعديّة إلى جانب عدم قيام المجلس الوطني للخدمات بأي دور فاعل منذ تاريخ بعثه سنة 2006. كلّها عوامل ساهمت في انتشار هذه الانتهاكات والخروقات للقانون والتي تنشر بشكل دوري في الرائد الرسمي دون عقاب أو حساب منذ 1994. وهو ما يؤدّي بالتالي – حسب السيد ذوّادي – إلى ما أسماه « استيراد البطالة »، وذلك رغم الدعوات والتحذيرات المتكررة من قبل الهياكل المختصّة والتي هي غالبا مهمّشة. وقد أضاف البلاغ إلى التجاوزات السابقة تلك التي ترتكبها الجمعيات الأجنبيّة للمتقاعدين (ECTI, PNCM, AGIR وغيرها) التي تمارس نشاطات خدماتية بطرق غير قانونية دون حسيب أو رقيب، إذ يمكّنها ادّعاؤها بأنها تعمل مجّانا (مقابل دفع جميع المصاريف السياحيّة حتّى التأمين) من الإعفاء من الضرائب وممارسة منافسة غير شرعية تعرّض للأخطار المكاتب التونسيّة التي تساهم في محاربة البطالة والحدّ منها. مشيرا في نفس الوقت إلى عمل المتقاعدين التونسيّين بشكل مخالف لقانون تشغيل المتقاعدين (قانون عدد87-8) وذلك على حساب المعطّلين. كما يقوم عدد من الجمعيات الوطنية بنشاطات اقتصاديّة منافسة للمؤسسات الاقتصادية دون تحمّل الأعباء المالية التي تسلّط على هذه الأخيرة مخلّة بذلك بمقتضيات قانون الجمعيّات الذي يمنع هذه الأخيرة من القيام بأي نشاط ذو طبيعة اقتصادية إلاّ في إطار شركة تجارية وذلك من أجل الحفاظ على المنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص. وفي الأخير، فقد دعى السيد ذوّادي جميع الهيئات المهنيّة المعنية لاتخاذ موقف موحّد في أقرب وقت حول هذه الوضعيّة التي وصفها بالمأساوية في الوقت الذي تقوم أطراف عدّة مقيمة خارج البلاد بتجميع هذه الهيئات للنقاش حول مواقفها من مفاوضات تحرير الأنشطة الخدماتية في بروكسيل وجنيف وفي الوقت الذي تسببت فيه « الليبراليّة المتوحّشة التي جاء بها نصّ القرار عدد492-94 في أضرار غير مسبوقة لمهننا، ولسوق الشغل لدينا… » حسب ما جاء في البلاغ. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 8 جوان 2009)  


اتفاقية سعودية تونسية في الشؤون الاسلامية والدعوة والارشاد


« الاقتصادية » من الرياض وقع وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ ووزير الشؤون الدينية التونسي الدكتور أبوبكر الاخزوري اليوم مذكرة تفاهم بين وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة ووزارة الشؤون الدينية التونسية في مجال الشؤون الإسلامية، ترمي إلى توطيد أواصر التعاون بين الطرفين وتحقيق التكامل في مجال الشؤون الإسلامية .  وأثنى وزير الشؤون الدينية التونسية على عمق الروابط الوثيقة القائمة بين المملكة وتونس على جميع المستويات، مؤكدا أن التوقيع على مذكرة التفاهم من شأنه أن يعزز فرص التعاون في العديد من جوانب العمل الإسلامي والديني بجميع مكوناته، مجددا تقديره لحكومة السعودية لحسن تنظيمها المؤتمر الثامن لوزراء الشؤون الإسلامية في بلدان العالم الإسلامي معربا عن أمله أن تسهم توصياته في خدمة العمل الإسلامي المشترك.  وأبدى الوزيران حرصا مشتركا على تعزيز التعاون الثنائي في المجالات الإسلامية والدينية الأخرى إنفاذا لتوجيهات قائدي البلدين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وفخامة الرئيس زين العابدين بن علي ودعمهما المتواصل لكل ما يخدم مصلحة البلدين الشقيقين والأمة العربية والإسلامية .  كما تناول الجانبان أبرز القضايا الراهنة التي تهم العالم الإسلامي، ونوه الاخزوري بانعقاد المؤتمر الثامن لوزراء الشؤون الإسلامية في الدول الإسلامية الذي استضافته المملكة خلال الفترة الماضية معربا عن قناعته بأن نتائجه المباركة ستصب في خدمة العمل الإسلامي بجميع روافده بمشيئة الله .  وحضر الاجتماع سفير خادم الحرمين الشريفين لدى تونس إبراهيم السعد البراهيم ووكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد المساعد لشؤون العلاقات والإعلام سلمان بن محمد العمري ومدير المكتب الخاص للوزير محمد الفارس وعدد من المسؤولين في الوزارة .  وعبر الشيخ صالح آل الشيخ عن اعتزازه بحرص قائدي البلدين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وفخامة الرئيس زين العابدين بن علي وعزمهما الثابت على تعزيز عرى الروابط والوشائج القائمة بين المملكة وتونس ودعمهما الدائم لكل ما يسهم في تطوير وتنمية التعاون بين البلدين في مختلف المجالات . (المصدر: موقع الاقتصادية الألكترونية ( السعودية)  بتاريخ 9 جوان 2009 )


تونس تمنح شركتين من النمسا والامارات رخصة للتنقيب عن النفط


تونس (رويترز) – قالت مصادر حكومية يوم الثلاثاء ان تونس منحت شركتين من النمسا والامارات رخصة للتنقيب عن النفط في اطار سعيها لاجتذاب مزيد من الاستثمارات الى قطاع الطاقة. وأضافت المصادر انه بموجب عقد للمشاركة في الانتاج ستقوم شركتا (او.ام.في تونيزيا النمساوية) و(ال ثاني الاماراتية) بالتعاون مع المؤسسة التونسية للانشطة البترولية بحفر ابار في جنوب البلاد للتنقيب عن الخام. وقالت انه بمقتضى العقد ستقوم الشركتان باستثمار ثلاثة ملايين دولار في عمليات التنقيب في تونس الواقعة بين الجزائر وليبيا عضوي اوبك. ويشمل الاتفاق منطقة مساحتها الاجمالية 6592 كيلومترا مربعا قرب مدينة قابس في الجنوب التونسي. وتأمل تونس التي تستورد معظم حاجاتها من النفط في أن تؤدي اكتشافات جديدة من النفط والغاز الى زيادة انتاجها المحلي من الطاقة. وتهدف الحكومة التونسية الي حفر 15 بئرا جديدة سنويا في الفترة من 2007 الى 2011 ارتفاعا من ثماني ابار في السنوات الخمس السابقة. (المصدر: وكالة  رويتز للأنباء بتاريخ 9 جوان 2009  )

 


مترشحة «تراوغ» الإدارة… وتستبدل الحضور في اختبار الإيطالية بالاسبانية

رادس ـ الصباح: عوضا عن اجرائها اختبارا في مادة الايطالية، وهي اللغة الأجنبيـــــة الثالثــــة التي اختارتها اجتازت مترشحة في شعبة الاقتصاد اللغة الاسبانــــية. وبالرغم من دخول كافة زملائها للقاعة المخصصة لاختبار الإيطالية فإن المترشحة المعنية دخلت الى قاعة أخرى حيث يجرى اختبار الاسبانية وقالت المترشحة انها في البداية دفعها الفضول الى قراءة محتوى اختبار الاسبانية ثم شرعت في الإجابة عن الأسئلة وأرجعت في نهاية الحصة ورقة الامتحان للمراقبين وقبل أن تغادر القاعة أشعرت المراقبين بأنها من المفروض أن تجتاز اختبارا في الايطالية وليس في الاسبانية لأن مادتها الاختيارية هي الايطالية وليست الاسبانية. وقالت المترشحة أن بعض الأساتذة أعلموها أنه في حالة حصول مثل هذه الأخطاء في امتحان الباكالوريا يحصل المترشح على عدد جيد  واضافت « قيل لي أنني سأحصل على 16 أو 17 من 20 وهو أمر أسعدني.. فالخطأ كان في صالحي». وذكرت المترشحة التي تجتاز امتحان الباكالوريا للمرة الأولى والتي أحـــــرزت معدلا سنويا قدره 11 من عشريــن خلال السنة الدراسية أنهــــــا لا تحب كثيرا اللغات الأجنبية. وقد أوضحت مصادر لـ«الصـــــباح» أنها كانـــــت كثيرة التغيّب عن مادة الايطالية التي هي أصلا مادتها الاختياريــــــــة. وكشفت المترشحة أنه سيتم اعلامها بعد الانتهاء من امتحان الباكالوريا بالحل المناسب لهذه الوضعية وعبرت عن أملها الكبير في النجاح، لكنها في المقابل أكدت على أن نجاحها سيكون حصيلة تعب سنوات من العمر، وليس لأنها ستحصل على عدد جيد في اللغة الأجنبية الثالثة؟؟؟ وأوضح مصدر مسؤول بوزارة التربية والتكوين أن المعطيات الأولية تفيد أن المترشحة دخلت خطأ قاعة غير القاعة التي يفترض أن تجري فيها الامتحان، وهي قاعة رقم 20 بمعهد فرحات حشاد برادس، وجلست خطأ في معقد هو معقد مترشحة أخرى تغيبت يومها عن الامتحان، كما أنها لم تتفطن الى محتوى الامتحان ولم تنتبه الى وجود فرق بين الايطالية والاسبانية نظرا لتردي مستواها في اللغة الأجنبية الثالثة التي اختارتها. وفندت مصادر الوزارة أقوال المترشحة بكونها هي التي أعلمت المراقبين في قاعة الامتحان بتسرب هذا الخطإ وأكدت على أن المراقبين هم الذين تفطنوا الى الخطإ. مصدر مسؤول بوزارة التربية اشار الى أن لجنة المراقبة تتحمل قسطا من المسؤولية، لكن المترشحة التي أمضت ساعة ونصفا في قاعة الامتحان دون أن تتفطن الى أن الاختبار الذي أمامها يتعلق باللغة الاسبانية وليس الايطالية، هي التي تتحمل القسط الأكبر من المسؤولية، اضافة الى أنها أخطأت في قاعة الامتحان، فعوضا عن دخول قاعة رقم20 دخلت قاعة اخرى خصصت للتلاميذ الذين اختاروا الاسبانية. وأفادت المصادر نفسها أن الادارة العامة للامتحانات طالبت باجراء تحقيق في الموضوع لضمان حقوق كل الاطراف وتبين من المسؤول عن الخطإ.. وأكدت على أن التلميذة لن تحصل آليا على 16 أو 17 من 20 كما قالت أو قيل لها ولا يمكن البت في المسألة الا بعد انتهاء التحقيق. سعيدة بوهلال
 
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 9 جوان 2009)


مساعي إنعاش الإتحاد من أجل المتوسط تصطدم بحاجز التطبيع مع إسرائيل


تونس – رشيد خشانة لم تتوصّـل البلدان الأوروبية والعربية إلى اتفاق على اجتماع لوزراء خارجيتها أو حتى لموظفين سامين، لإعطاء دفعة لمشروع « الإتحاد من أجل المتوسط »، على رغم التحركات الدبلوماسية المكثفة التي تقوم بها كل من فرنسا، بصفتها الرئيسة الحالية للإتحاد بالإشتراك مع مصر، وإسبانيا التي ترغب في استضافة الإجتماع الوزاري المقبل، بعدما اختيرت برشلونة مقرا دائما للأمانة العامة للإتحاد. وكان الاجتماع المقرر للسابع من مارس الماضي مُخصَّـصا للبحث في وسائل إنعاش الإتحاد، إلا أنه تأجّـل إلى آخر الشهر نفسه، ولمّـا تعذر عقده في الموعد الثاني، بقي الوضع عالقا حتى اليوم. إلا أن وزير الخارجية الإسباني ميغال أنخيل موراتينوس أعدّ خطة لتنشيط الإتحاد، تعتمد على تكريس بعض التنازلات للعرب (التي سبق أن طُرحت في الإجتماع الوزاري في مرسيليا)، مقابل تسليمهم لإسبانيا (والإتحاد الأوروبي عموما)، بقيادة العملية. وموراتينوس، الذي يـعرف الذهنية العربية من الداخل بعد الفترة التي قضاها في الأراضي الفلسطينية وعواصم المنطقة العربية، بوصفه الموفد الأوروبي الدائم السابق إلى الشرق الأوسط، يُدرك مِـحورية القضية الفلسطينية لدى العرب ويعرف أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة هي التي كسرت جناح « الإتحاد من أجل المتوسط » قبل أن يطير. وعلى هذا الأساس، اقترح أن يتولى وزير الخارجية الفلسطيني الحالي رياض المالكي (وهو عضو في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين)، الأمانة العامة للإتحاد، بعدما ضمن الإسبان المقرّ الدائم في برشلونة، وهذا يعني أنه قطع الطريق على الأردن الذي كان يبدو الأوفر حظوظا لتولِّـي الأمانة العامة. توقيت غير مناسب ومن أجل تمهيد الأجواء لهذا الخيار، قام موراتينوس باتصالات وجولات إلى بعض العواصم المؤثرة في هذا الملف، في الضفتين الشمالية والجنوبية، إلا أن الجانب العربي أبلغه أن الوقت ما زال غير مناسب لإنعاش الإتحاد ما دام الوضع في المنطقة غامضا، لأن العلاقات بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية الجديدتيْـن لم تتبلور بعدُ. وأبدى مهندس مسار « الإتحاد من أجل المتوسط » هنري غوينو Henri Guaino في مناقشة مع أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي أخيرا، مخاوف عميقة من « وقوع هذا المسار في المطبِّ الذي وقع فيه مسار برشلونة »، وهو يقصِـد أن المشاريع الإقليمية كانت تُعتَـبر مدخلا لتحقيق السلام والإستقرار في المنطقة في إطار مسار برشلونة، بينما العكس هو الذي تمّ اعتماده في الإتحاد من أجل المتوسط. وأشار غوينو، وهو مستشار ساركوزي، الذي يتولى رئاسة الطاقم المكلف بالملف المتوسطي، إلى أن « المال كان موجودا على الطاولة في مسار برشلونة ومع ذلك، لم نتقدّم »، ويعتقد أن المراهنة مُـمكنة الآن على التقدّم في تحقيق بعض المشاريع المحددة، تمهيدا للوصول إلى توافُـق سياسي لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي. غير أن هذه الرُّؤية تبدو غير واقعية في الوقت الحاضر على الأقل، نظرا لأن السياسة الإسرائيلية المعتمدة على القوّة، ستستمر في إلقاء ظلالها على الوضع العام، وثانيا لأنه لا أحد من الأوروبيين مقتنع ببذل المال لتمويل المشاريع المتوسطية. واعترف غوينو نفسه أمام لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الفرنسي أخيرا، أن المشاريع الأولى التي تمّ ضبطها في إطار الإتحاد من أجل المتوسط، تحتاج لاستثمارات بقيمة 80 مليون يورو. وطبعا، فإن أوروبا غير مستعدّة لتأمين هذا المبلغ، وخاصة في ظل الركود الحالي، وهو ما يُعمق الشك العربي في نجاح هذا المسار الجديد. ويعتقد كمال سليم، الصحفي الجزائري الخبير في الشؤون الأوروبية أن الإتحاد من أجل المتوسط « أخفق في الوصول إلى هدفه الحقيقي وغير المُـعلن، وهو تحقيق تطبيع زاحف بين العرب وإسرائيل، فتلك هي الغاية النهائية، بعيدا عن كل تصريحات رنَّـانة عن التضامن بين شعوب الضفتين ». واعتبر سليم في تصريح لـ swissinfo.ch ، أن الإتحاد بات اليوم رمزا خاويا أكثر منه واقعا مؤسسيا. ويستند هذا التحليل على أن « المِـحور الاقتصادي للإتحاد مُعطّـل، ممّـا جعل الحصيلة الوحيدة سياسية، لكن هذه الحصيلة ظلّـت هزيلة بدورها، لأن الخلاف الجوهري بين العرب وأوروبا يتعلّـق بحل المشكلة الفلسطينية، وهدف « الإتحاد من أجل المتوسط »، هو إقناع العرب بقبول الإعتراف بإسرائيل من دون مقابل، حتى وإن كان المقابل الذي يطرحه العرب هو عرض السلام الذي صاغُـوه في قمّـة بيروت، والذي يُمثل الدرجة الدُّنيا من الحدّ الأدنى »، كما قال سليم. وفي المقابل، قام الفرنسيون أخيرا بمبادرة تمثّـلت في إطلاق المجلس الثقافي للإتحاد من أجل المتوسط يوم 14 مايو الماضي، بإشراف رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون. ويرمي هذا الهيكل الجديد، الذي يستمر خمس سنوات، إلى تشجيع جميع المبادرات الآتية من القطاعين، العام والخاص، والهادفة لتعزيز التعاون الثقافي بين ضفَّـتي المتوسط. خلافات أوروبية ليست العقبتان، السياسية والإقتصادية، المُعرقل الوحيد للمشروع، فهناك جانب ثالث لا يُفصح عنه الأوروبيون، إلا أنه يُعطِّـل تقدّم المسار، وهو متعلق بالخلافات المؤسسية داخل الإتحاد الأوروبي نفسه. ومنذ الإنطلاق، اعترضت ألمانيا ومعها عدد من بلدان أوروبا الوسطى والشرقية، على انفراد ساركوزي بالمشروع وفرضوا عليه تعديل صورة الإتحاد وهيكلته كي يكون مشروعا أوروبيا جماعيا، وليس خاصا بالبلدان الأعضاء المطلِّـين على المتوسط فقط. ورغم أن الجميع سلّم لفرنسا في القمّـة التأسيسية في باريس بتولي رئاسة الإتحاد من الجانب الأوروبي، إلا أن هذه الرئاسة لم تكن مفتوحة، وطالب أعضاء في الإتحاد بنقلها إلى تشيكيا، عندما تولت رئاسة الإتحاد في النصف الأول من العام الجاري، لكن « براغ » فضّـلت التنازل عنها، لأنها قليلة الخِـبرة بالشؤون المتوسطية. أما السويديون الذين سيتسلمون رئاسة الإتحاد مطلع الشهر المقبل، فأبلغوا أعضاء الإتحاد رغبتهم في تسلّـم رئاسة الإتحاد من أجل المتوسط. وطبعا فإن التداول غير مطروح في الجانب العربي، مما يُؤهل الرئيس المصري حسني مبارك للبقاء في مقعد الرئاسة إلى أن تنعقد القمة المقبلة (التي قد لا تلتئم بتاتا). أما الأمانة العامة، فتثير بدورها خلافات بين الأوروبيين، من الصّـعب السيطرة عليها. وإذا كان أمر اختيار الأمين العام من الضفة الجنوبية محسوما، فإن المقاعد المخصّـصة للأمناء العامين المساعدين تُسبِّـب تباعدا، لأن بلدين على الأقل يطالبان بمقعد لكل منهما، وهما مالطا التي تستضيف المقر الدائم للجمعية البرلمانية الأورومتوسطية واليونان، بالإضافة للتَّـباين في الموقف من تركيا، التي تطالب بإعطائها منصب أمين عام مساعد، وهذا ليس محل إجماع، لأن بلدان أوروبا الشمالية وألمانيا تُحذِّر من خطر تضخّـم البيروقراطية المتوسطية. وأفاد عضو الجمعية البرلمانية الأورومتوسطية ونائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية والدفاع في مجلس الشيوخ الفرنسي روبير ديل بيكيا Robert del Picchia سويس أنفو swissinfo.ch، أن الإتحاد الأوروبي اتّـفق على أن لا تتجاوز موازنة الأمانة العامة 80 مليون يورو، وتعهّـد بتأمين نصفها على أن يدفع العرب النصف الآخر، وكشف أن بلدانا أوروبية عدّة لم يُسمِّـها، حذرت من كونها لن توافق على الموازنة، إن كانت مرتفعة. مع ذلك، يُبدي بعض الفرنسيين تفاؤلا باحتمال إنعاش الإتحاد، ومن بينهم روبير ديل بيكيا، الذي يعتقد أن الإتحاد « نصف مُجمّـد الآن، لكن يمكن تنشيطه من خلال المشاريع »، مُشيرا إلى أن خبراء ودبلوماسيين من البلدان الأعضاء « ما زالوا يلتقون ويعملون من دون الحصول على ضوء أخضر رسمي من المؤسسات ». كما قلل سفير الإتحاد الأوروبي لدى تونس وليبيا أدريانوس كوتنسرويجتر من حجم العراقيل التي تُعيق انطلاق الإتحاد من أجل المتوسط، معتبرا في تصريح لـ swissinfo.ch، أن حجم تأثير الحرب على غزّة، كان كبيرا، إلا أنه « يحفِّـزنا على أن نعمل أكثر ويفرض على السياسيين في الضفَّـتين إيجاد معابِـر ومنافذ تُحقّـق التجاوز المأمول »، وشدد على أن المنهجية المتمثلة في البحث عن مشاريع مشتركة (بين الضفتين)، باتت ضرورة مؤكّـدة لكامل المنطقة المتوسطية. غير أن العرب غير متفائلين بمستقبل إنعاش المسار الذي تقِـف دونه عقبات من أنواع مختلفة، لعل أكثرها تعقيدا الصِّـراع العربي الإسرائيلي، الذي لم يتسنّ تحقيق تقدّم نحو تسويته حتى الآن، لا في إطار المبادرات الأمريكية ولا في سياق المشاريع الأوروبية. (المصدر: موقع سويس انفو (سويسرا) بتاريخ 8 جوان 2009)

 


إشكاليـــة السلطـــة والحـــريــــــــة (2-2)

أيـة مــرجــعــيـة فــكــريــة؟


بقلم: الأستاذ محمد رضا الأجهوري كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تونس المنار    إهداء: إلى الروح الزكية الطاهرة للراحل الجليل الأستاذ محمد الشرفي في الذكرى الأولى للرحيل،أجل روح زكية طاهرة لأن الـّروح من أمر ربي، « ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي،وما أوتيتم من العلم إلا قليلا » سبق التعرض في الحلقة الأولى من هذه الدراسة إلى اختلاف المنطلقات النظرية في معالجة اشكالية السلطة والحرية، وذلك من خلال طرح الاشكالية أولا، وما ينطوي عليه هذا الطرح من صعوبة في البحث عن توازن ضروري ومنشود بين طرفي الاشكالية اعتمادا على نصوص الدستور والقانون الجزائي، ثم ومن خلال التعرض الى الحل المقترح. ثانيا: الذي يبحث في مدى محاولة التوفيق والملاءمة بين المصالح المتناقضة لكل من الفرد والسلطة لينتهي الى تأكيد أن حل الاشكالية لا يتحقق بمجرد صيغة إجرائية شكلية وانما بالاعتماد أساسا على مرجعية فكرية محددة تسهم في بلورة طبيعة العلاقة بين السلطة والحرية، وهذه المرجعية الفكرية بمختلف منطلقاتها الايديولوجية هي المحور الرئيسي لهذه الحلقة الثانية والأخيرة من دراسة الأستاذ الأجهوري.    المحور الأول: تهافت المرجعية القمعية 10- لقد بات من الواضح الذي لم يعد يحتاج إلى بيان أو تبيين على حد تعبير الجاحظ في عنوان بليغ لأحد أهم كتبه، أن الأنظمة المرتكزة على أفكار فاشية ونازية وماركسية إنما هي أنظمة تبرر أسس وركائز مرجعيتها الفكرية والإيديولوجية الممارسات القمعية الديكتاتورية التي تحمي طغيان السلطة وتسحق حقوق وحريات الأفراد، ذلك أنه من غير الممكن أن ننتظر من ايديولوجيا تاسست على فكرة الديكتاتورية والتسلط أن تكون لها ممارسات انسانية تحررية تجاه حقوق وحريات الانسان، فالتجارب العملية التي عاشتها بعض الشعوب تحت القمع الديكتاتوري للنازية والفاشية والماركسية تؤكد استحالة التعايش بين السلطة الديكتاتورية القمعية والنزوع الفطري الطبيعي للانسان نحو الكرامة والحرية، تحقيقا لانسانيته ذات السمو والرفعة كاساس لافضليته على دونية غيره من الكائنات التي تعمر الأكوان والمسخرة للارتقاء بمستوى الوجود والكيان.  أولا : تهافت المرجعية الماركسية 11- كما تؤكد بعض التجارب هنا وهناك التي ابتليت بتطبيق بعض أفكار ديكتاتورية البروليتاريا كاساس فلسفي سياسي لنظرة الماركسية للسلطة والصراع الطبقي في المجتمع، وحتمية حسم هذا الصراع بإرساء نظام ديكتاتورية البروليتاريا في إطار مرحلة انتقالية تمهد لقيام المجتمع الشيوعي الذي تضمحل منه الدولة تماما وتزول معه السلطة بناء على اضمحلال وزوال المجتمع الطبقي الذي يبرر قيام السلطة التي تستأثر بها وتستحوذ عليها طبقة لسحق طبقة أخرى، وتؤول إلى طبقة البروليتاريا في نظام ديكتاتورية البروليتاريا، وتؤكد بعض هذه التجارب انسحاق الإنسان وتدمير كيانه من خلال الدّوس على كرامته والإمعان في حرمانه حتى من الحد الأدنى والضروري من الحقوق والحريات، كل ذلك بدلا من تحقيق الانعتاق وتأصيل الكيان وتحرير الذات. 12- يكفي في هذا الصدد مراجعة الأدبيات والإبداعات والدراسات التي ارتبطت بهذه المرحلة المأساوية حتى نقف عند حقيقة هول الكارثة، فالنزعة الشمولية الماثلة في الماركسية تجعل منها إيديولوجيا لها نظرة فلسفية خاصة بالكون والحياة والإنسان قائمة على المادية الفلسفية النافية للوجود الإلهي المصادرة للدين، كما تجعل لها نظرة خاصة بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية قائمة على فكرة المادية التاريخية وصراع الطبقات وتستخدم أطروحة ديكتاتورية البروليتاريا، وما تفرزه في دنيا الدعاية والديماغوجيا والغوغاء من شعارات وأوهام وأشلاء مضمخة جميعها في دنيا الواقع بدماء البسطاء من المظلومين والمقموعين والابرياء وبدماء النشطاء من الكادحين والمثقفين والعلماء.. 13- ومن المشروع بحق في هذا السياق التساؤل عن فكرة الحرية الاجتماعية التي طالما تغزل بها غلاة الماركسية وأيضا عن فكرة الديمقراطية الشعبية التي مارس من خلالها طغاة الماركسية أبشع صنوف التسلط والقمع والديكتاتورية، والتساؤل هو ألم تكن، بحق وصدق، مثل هذه الأفكار المعمدة في دماء سالت كالأنهار مجرد شعارات وأوهام  استخدمت في الزج بمئات الألوف من الضحايا والثّكالى في المحتشدات والمعتقلات والمقابر الجماعية، وتحويل الأوطان بالنسبة لمن كتبت لهم النجاة من القتل والسحل والتعذيب إلى سجون كبيرة تصادر فيها حريات الأفراد والشعوب وتهدر أبسط الحقوق وتنتهك أقدس الحرمات إلى أن فاض الكأس وانكسر الجدار وهوى صنم الاستخبار؟.. 14- لذلك فإن مثل هذه النزعة الشمولية عقائديا وسياسيا لا يمكن أن تجد لها مكانا في بلاد العرب والمسلمين إلا على أنقاض العقيدة الإسلامية التي يتحتم على الشموليين من الغلاة والطغاة إشهار الحرب عليها والتمادي في هذه المحاربة بكل الوسائل إلى غاية اجتثاثها من قلوب وضمائر وعقول الناس وهذا سيكلف ملايين الضحايا وسيفجر براكين من الدموع والدماء وهو أمر غير مقبول مهما تكن التبريرات والمسوغات ولذلك لم تنجح الماركسية في بلاد العروبة والإسلام عندما مارست الحكم وكذلك عندما شاركت في ممارسته، كما أنها لم تنجح أيضا عندما خاضت معارك انتخابية في مواجهة الوطنيين والإصلاحيين الأحرار، مثلما لم تنجح حتى في الديار التي هيمنت طويلا عليها..  15- كما تؤكد بعض التجارب أيضا التي أمكن فيها لبعض رموز الفكرة الماركسية الالتزام والمشاركة بأسلوب ديكتاتورية البروليتاريا في إدارة شؤون الدولة عندما تسللوا إلى بعض المواقع في السلطة وإن لم تكن هذه الأخيرة ماركسية في قناعاتها وشعاراتها، حيث استغلوا هذا الاختراق لأجهزة هذه السلطة في مستويات متعددة عليا ووسطى وسفلى، قيادات وكوادر وأعوان من أجل ممارسة سياسة الاستئصال والملاحقة لخصومهم الإديولوجيين في حرب استباقية قبل أوانها وقبل أن تتوفر شروطها مستغلين الهامش السلطوي الذي أتيح لهم في التحكم ببعض أجهزة الدولة دون أن تعي الدولة ما ارتكب باسمها من قمع وملاحقة ودوس للحقوق والحرمات والحريات، إلى أن أدخلوا البلاد، وهذا مبتغاهم وديدنهم، في دوامة من تصدع الثقة وغلبة التسلط والقهر وانهيار الطمأنينة والأمان مما ولد أزمة حادة مستفحلة انعكست آثارها الكارثية على النظام الحاكم نفسه وعلى التطور الطبيعي للمجتمع نحو المزيد من الانفتاح والديمقراطية. 16- والأدهى من ذلك أن بقايا فلول ورموز الماركسية بعد انهيار النظام الماركسي عالميا على المستوى الفكري الإيديولوجي والسياسي، انهيار الاتحاد السوفياتي كقلعة إيديولوجية وسياسية للماركسية وما استتبع ذلك من انهيار الكارتونات المرتبطة به في أوروبا الشرقية وبعض بلدان العالم الثالث، حتى أن بعض الأنظمة الماركسية هنا وهناك مسحت تماما من الخريطة الجغراسياسية، والأدهى إذن أن هؤلاء الماركسيين المتطرفين المهزومين في معركة الحرية يحاولون التنصل من ماضيهم القمعي الدموي القاني بالارتماء في أحضان المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان واختراقها ومحاولات السيطرة عليها وإزاحة كل من لا يشاطرهم منهاج التفكير وأسلوب القمع، بالرغم من أن مثل هذه المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان والحريات العامة ليست من المنظور الماركسي إلا تجليات أو تعبيرات بورجوازية يجب محاربتها وإسقاطها، ومع ذلك أصبحت هذه المنظمات البورجوازية الملاذ الأوحد والأخير الذي تحتمي به وتتمعش منه فلول بعض الماركسيين الذين لا يزالون مصرين على إيمانهم والتزامهم بديكتاتورية البروليتاريا والذين رغم ذلك يتظاهرون دون استنكاف، ومن باب الغاية تبرر الوسيلة، وأيضا من باب الخداع والمغالطة والتضليل والتمويه ومحاولة الهروب إلى الأمام ربحا لمزيد من الوقت، يتظاهرون بتبنيهم الانتهازي الميكيافيلي، غير الطبيعي وغير الشرعي للايديولوجيا البورجوازية المدافعة عن الحقوق والحريات، فهل تنطلي المراوغة ونصدق زيف إدعاءاتهم في اعتناق طارئ لقناعات ظرفية تحتمها طبيعة المرحلة ؟!..    ثانيا:   تهافت المرجعية الصهيو-أمريكية  17- وينبغي  أن لا يفوتنا في هذا السياق أن نستحضر ونضيف إلى ديكتاتورية الأنظمة الثلاثة المذكورة النازية والفاشية والماركسية التي دخلت جميعها مزبلة التاريخ، ديكتاتورية أخرى لا تقل خطورة ووحشية ولا إنسانية ولا شرعية هي ديكتاتورية المحافظين الجدد في أمريكا الذين انفردوا بإدارة القطب العالمي الأقوى والأوحد المتحكم في مصائر أنظمة دول العالم من خلال إيديولوجية صليبية صهيونية استعمارية حاقدة وماكرة ومدمرة هي الوجه القبيح للامبريالية الطاغية التي في سبيل مصالحها، لا مكان لديها لاحترام الشرعية أو الكرامة الإنسانية أو حقوق وحريات الشعوب والأفراد. 18- والسؤال المطروح أمام كل ذوي العقول النيرة من أبناء الإنسانية، هو ماذا تريد الإدارة الأمريكية الخاضعة لسيطرة الإيديولوجية الصهيونية الصليبية أن تصنع بترسانة قوانينها، قبل ترسانة أسلحتها المدمرة؟ هل تريد أن تصنع الديمقراطية أم تريد أن تصنع العداء والكراهية؟ فهل يمكن أن تصنع الديمقراطية حقا من خلال الاعتقال لمجرد الاشتباه والقتل لمجرد الاشتباه والتعذيب لمجرد الاشتباه كذلك ؟ أم هل يمكن أن تصنع الديمقراطية بشتى أساليب ووسائل التنكيل المعنوي والجسدي المسلط على الأجانب وحتى على حملة الجنسية الأمريكية من الأمريكان، في المطارات والطرقات والتنقلات وفي جميع أماكن وميادين وساحات الاحتجاج والتظاهر والتجمعات بل حتى في جميع مظاهر الحياة العادية التي لم تسلم فيها الحقوق والحريات والحرمات والخصوصيات  والمقدسات من الانتهاك والاستفزاز والتجاوزات، هل هذا هو النموذج الأمريكي للديمقراطية وحقوق الإنسان ؟؟ 19- والأنكى من ذلك كله هو أن هذه الإدارة الأمريكية المتعصبة التي تقودها طغمة متطرفة من المحافظين الجدد عبر إيديولوجيا صليبية متصهينة لا تتورع في استخدام الحروب العدوانية وأدوات الهيمنة والاحتلال العسكري والاقتصادي والتحكم في القرار السياسي للأنظمة التابعة والمغلوبة على أمرها، فتوظف القانون الجزائي داخل هذه الأنظمة الفاقدة لكل شرعية وطنية أو شعبية من أجل تجريم المباح وتقييد المتاح والدوس على الحقوق والحرمات وممارسة التعذيب والانتهاكات والتجاوزات وتنظيم المحاكمات وقمع أي تطلع للتحرر والانعتاق، ومع ذلك لم تقدر هذه الإيديولوجيا الصليبية الصهيونية ولا الأنظمة المذيلة لها ولا الطابور الخامس من الخونة والعملاء المكبل بأغلال الدولارات المجروفة بالدبابات، على إذلال الشعوب الرافضة للقمع والقهر هذه الشعوب المقاومة لجميع أشكال ومظاهر الاحتلال والخيانة والعمالة والغدر والتدخل الأجنبي. 20- وليس من شك في أن الامبريالية الصليبية الصهيونية الجديدة وما يرتبط بها من أنظمة منصبة ولا وطنية ومن خونة لا يتوانون في التبشير بديمقراطيتها الدموية القمعية تلتقي مع النظم النازية والفاشية والماركسية في أبشع ممارسات القمع والقهر والتسلط والتدمير والقتل والتعدي والديكتاتورية كقاسم مشترك يصهرها جميعا في بوتقة إرهابية واحدة، يبرر ليس فقط اللجوء إلى استخدام القوة الغاشمة للهيمنة على الشعوب المسالمة ونهب ثرواتها وتدمير قدراتها، وإنما استخدام القانون الجزائي كأداة ضرورية وناجعة وفعالة في التعسف والانتهاك والتجاوز، من خــــــــــلال تنظيم المحاكمات التي لا تتوفــــــــر فيها الضمانات والتي تتوج بإزهاق الأرواح البريئة بواسطة الإعدامات. 21- كما تلتقي هذه الأنظمة الديكتاتورية جميعها من نازية وفاشية وماركسية وصليبية صهيونية في قاسم آخر مشترك يهم المصير الواحد المحتوم وهو السقوط والانهيار، والزوال والاضمحلال، بتفاوت نسبي بينها في اللحظة الزمنية التي يتحقق فيها ذلك المصير، لكل أجل كتاب، وهذه اللحظة قد تطول أو قد تقصر ولكن النهاية واحدة وحتمية، ليست نهاية التاريخ كما بشر بذلك فوكوياما، وإنما نهاية الظلم والطغيان والديكتاتورية والاستبداد والاستعباد والهيمنة والتعسف والقهر والتسلط والقمع، فإذا لقيت كل من النازية والفاشية مصيرهما المحتوم في برهة زمنية قصيرة عاجلة، فإن المصير المماثل الذي لاقته الماركسية جاء بعد حين من الدهر، وهذا الحين ليس إلا لحظة عابرة في احتساب أعمار الأمم والحضارات، والمهم هو حصول وتحقق الانهيار الكبير، وليس بعيدا من ذلك الانهيار المرتقب للغطرسة الصليبية الصهيونية إذ يعيش العالم اليوم على وقع بداية هذه النهاية بوتيرة متسارعة، إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا،… ولتعلمن نبأه بعد حين.. وإن غدا لناظره قريب. المحور الثاني: حيوية المرجعية التحررية 22- لذلك فإن حل إشكالية العلاقة بين السلطة والحرية، بين المواطن والنظام، لا يمكن أن يستمد مرجعيته الفكرية من نظريات قائمة أساسا على فكرة الديكتاتورية والقمع والاستغلال، وإنما يجب البحث عن فكرة جديدة تحقق كرامة الإنسان وتحمي حقوقه وتصون حرماته وتكرس حرياته، تتأسس على مبادئ الكرامة والشرعية والحق والعدل والحرية « ولقد كرمنا بني آدم »، « لا إكراه في الدين »، « أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين »، « فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر… »، « الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه »… أولا:  ثوابت  وضوابط  23- وهذه المبادئ العامة إنما هي في جوهرها جملة ثوابت وضوابط توجه حركة التقنيين وتؤطر مختلف النشاطات التي يمكن تعاطيها في الواقع، وهي بقدر ما يمكن التعامل معها على أنها نصوص وأحكام تحتم الضرورة أن يقع التعامل معها على أنها ثقافة تصنع عقلية ومواقف الأفراد والمجموعات والتنظيمات، كما تصنع أيضا عقلية وممارسات الأجهزة والهياكل والمؤسسات فعندما تستقر قيمة الكرامة والاعتزاز بالذات في نفوس وعقول الجميع مواطنين وسلطات فإن ذلك سيكون بلا أدنى شك ضمانة حقيقة تفرض على الجميع وتحمي الجميع من أي تجاوز أو انحراف أو تعسف أو انتهاك، فلا تعذيب ولا تنكيل ولا اعتداء على حرمة الإنسان الجسدية والمعنوية على حد سواء، « ولقد كرمنا بني آدم ».  24- وكذلك الشأن بالنسبة لقيمة الحرية التي تمارس في نطاق القانون والأخلاقيات دون استهتار أو خروقات، إذ يكفي أن يعلم الجميع مواطنون وسلطات أن حرية التعبير مثلا المؤسسة على حرية القول والمجسمة لحرية القول، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، إنما هي حرية تكاد تكون مطلقة بلا قيود إلا قيود ضئيلة تنبعث من الذات كإفراز لمستوى الوعي بممارسة الحق في إطار الانضباط، وكذلك جاء التأكيد عند استعمال عبارة « القول » على الخوض في مطلق القول الذي لا شك أنه قول حسن مقبول تستسيغه الأنفس والعقول، بما يسمح بممارسة حرية الاختيار بين مختلف صنوف القول الحسن المتضمن لمواقف أو آراء أو توجهات أو اختيارات تلتقي جميعها في انتمائها المشترك إلى  إطار حضاري إنساني يقدس حرية الكلمة ويقدس ما تحمله هذه الكلمة من مضمون بناء يساهم في التطور والارتقاء، وسيتيح ذلك حتما ممارسة التقدير والتقييم، وحسن الحوار والاختيار. 25- أما ما يمكن أن تتعرض له الحرية كقيمة حضارية إنسانية من شوائب إكراه أو سيطرة، أو تعسف أو تسلط، فإن ذلك إن حصل، سيعتبر بلا شك انتهاكا لهذه المبادئ المقدسة ونقضا لها وتفريطا في الثوابت وتجاوزا للضوابط، سواء تم هذا الإكراه أو هذه السيطرة أو هذا التعسف أو هذا التسلط من خلال النصوص أو الممارسات، إذ أن أيا من ذلك أمر غير مقبول ولا مستساغ بل سيكون المحرك الذي يدفع الأفراد والمجموعات لمواجهة شوائب الإكراه والسيطرة والتعسف والتسلط حتى لا يكون هناك إكراه ولا سيطرة، ولا تعسف ولا تسلط، ولا قمع ولا قهر، ولا تجاوزات ولا انتهاكات… ثانيا:  استنارة الفكر والمقاصد  26-  وفي كل الأحوال يبقى الأساس العقائدي أو الفكري المتشكل من هذه المبادئ الثابتة والضوابط المرنة، أمرا ضروريا في التعاطي مع إشكاليات الحرية والسلطة ودور القانون الجزائي في المجتمع الحديث، ولذلك فإن قيم الحق والعدل والحرية المستمدة من مبادئ الإسلام العقلاني المستنير ومقاصده الإنسانية الإصلاحية هي الوحيدة القادرة على تحقيق الانسجام المفقود والمنشود مع المعتقد الديني العام السائد في بلادنا وسائر بلاد المسلمين وهو ما يساعد على تمثّل هذه القيم والانتصار لها والعمل على إنجاحها، ولذلك أيضا يكون مطلوبا من غلاة التطرف الماركسي في بلاد المسلمين أن يراجعوا مواقفهم ومواقعهم وأن يتخلوا عن فلسفتهم المادية الإلحادية المعادية للعقيدة الإسلامية الجامعة لجماهير الشعب والمكونة لانتمائهم الثقافي الحضاري المشترك وأن ينخرطوا في عملية البناء الوطني الجديد الذي يتوخى الإصلاح منهجا والحق والعدل والحرية أهدافا في إطار رؤية استراتيجية مستقبلية يستلزمها تطورنا وتطور العالم بأسره من حولنا.. 27- إن الفكر العقلاني المستنير المتجدد الذي يتأسس على هذه الثوابت الإنسانية المدافعة بحق عن الكرامة والشرعية، المدافعة عن الحقوق والحريات والحرمات، المدافعة عن دولة الحق والعدل، هي الكفيلة بوضع الإطار الأنسب والأكثر ملاءمة  لحل إشكالية التعارض بين الحرية والسلطة، بين المواطن والنظام، من أجل التحرر والانعتاق في أي مجتمع على الإطلاق. 28- إن هذه المبادئ تمثل الجوهر الثابت الذي يرسم الإطار الفكري السليم لعملية التقنين والتحديث، أما أشكال العقوبات فهي مجرد أعراض عابرة، ومجرد وسائل ظرفية، وإذا كانت الأعراض في خدمة الجوهر مثلما أن الوسائل في خدمة المقاصد والغايات، فإن هذه الأعراض والوسائل لا شك متغيرة ومتطورة ومتأقلمة مع أوضاع وظروف تطبيق المبادئ، وحينئذ يكون لكل مرحلة وسائل جديدة من أجل تحقيق المبادئ، وعملية التقنين تستهدف استحداث واستنباط وابتكار وسائل جديدة متطورة تزيح وتزيل هواجس التخوف من الالتزام بالمبادئ الجوهرية الخالدة. 29- لذلك فإن دولة القانون القائمة على أسس الشرعية والحق والعدل والحرية على النحو المشار إليه في ثنايا هذا التحليل تظل الإطار السليم في المجتمع الحديث، لاستخدام القانون الجزائي في معالجة وحل إشكالية التناقض القائم في علاقة المواطن بالسلطة، علاوة على استخدامه أيضا في ضبط السلوك الاجتماعي للفرد، وفي مواجهة ظاهرة الجريمة في المجتمع وهي ادوار وفي نفس الوقت أهداف ثلاثة تتأكد بها الأهمية الاجتماعية السياسية للقانون الجزائي. 30- إن قناعتي بانتصار هذه المبادئ الحضارية الإنسانية الخالدة لتحتل من جديد مكانها الطبيعي في واقعنا، قناعة عميقة راسخة، استمدها من سمو وخلود وعظمة ومرونة وسماحة ثقافتنا الوطنية التي لا يمكن أن تكون إلا ثقافة عربية إسلامية، معبأة لخدمة الوطن استقلالا وتقدما وحرية، ومعبأة أيضا لخدمة الإنسانية تعايشا وتسامحا وحميميّة، «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين».. 31- وعلاوة على ذلك، فإن الفكر كالماء نوعان، لا يستويان، هذا ملح أجاج وهذا عذب فرات، فكر عدواني قمعي يحمل في طياته جرثومة تدهوره وترهله وانهياره، ليكون مصيره المحتوم الانكسار والاضمحلال والفناء، وفكر إنساني تحرري يحمل في جنباته جذوة تجدده وتطوره وتأقلمه وإشعاعه ليكون قدره المحتوم الاستمرار والدوام والبقاء، ذلك هو الفارق المميز بين مختلف المرجعيـات الفكرية في تناول إشكالية العلاقة بين السلطة والحرية، مرجعية عدوانية قمعية زائلة ومرجعية إنسانية تحررية صامدة.
(المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 09 جوان 2009 )


لماذا يرفض يهود أميركا إسرائيل كدولة يهودية؟

توفيق المديني
كانت الحركة الصهيونية العالمية منذ مؤتمر بازل تتكلم عن « الأمة اليهودية »، وعن « القومية اليهودية » من دون أن يكون لهاتين المقولتين الإيديولوجيتين أي أساس تاريخي مادي على الأرض، وعملت على حث الجاليات اليهودية المنتشرة في أصقاع الأرض، ولاسيما الأميركية منها على تبنيها. ونظراً للعلاقة العضوية التي تربط الحركة الصهيونية العالمية بالمراكز الرأسمالية الغربية، فقد استطاعت أن تفرض نفسها ممثلاً للجاليات اليهودية، من دون أن تحظى بموافقتها على ذلك. وبعد الحرب العالميّة الثّانية وبروز الولايات المتّحدة كقوّة عظمى عملت الحركة الصهيونية العالمية على أن تحل الولايات المتّحدة محل بريطانيا في احتضان أهداف اليهود. واستمر الجدال بين الحركة الصهيونية العالمية التي تنطلق من أنها « حركة قومية » والجماعات الدينية زمناً ليس بالقصير، وعندما انتصرت الحركة الصهيونية كحركة تمرد على الواقع اليهودي التقليدي، وأقامت كيانها السياسي ـ إسرائيل ـ كدولة يهودية، استقدمت بعد قيامها الهجرات الجماعية على أساس الانتماء الديني لا السياسي. والواقع إنّ انحياز السياسة الخارجيّة الأميركية لصالح الصهيونيّة بعد الحرب العالمية الثانية ولاسيما في عهد الرئيس « ترومان » لم يأت لاعتبارات أمنيّة فحسب، بل بسبب النشاط الصّهيوني المتزايد والمهيمن على جميع الأصعدة من خلال الصحافة والإعلام والصّداقات مع رجالات السّياسة وعلى جميع المستويات. وفي الوقت عينه فإنّ أميركا بحاجة إلى حارس يحمي مصالحها في الشرق الأوسط، ولاسيما في ميدان المواجهة مع المعسكر الاشتراكي السابق، ولفرض الهيمنة الأميركية على العالم العربي من خلال وجود إسرائيل، كقاعدة استراتيجية تقوم بدور وظيفي يخدم المصالح الأميركية. وعندما قامت إسرائيل عام 1948، طرحت نفسها أنها « الوطن القومي لليهود »، وأنها أصبحت الدولة اليهودية، التي باتت تطالب بتهجير يهود العالم لتوطينهم في فلسطين. إلا أن الجهد الذي بذلته الوكالة اليهودية، والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، لم يقابلها حماس موازٍ من جانب الجاليات اليهودية المنتشرة في العالم، ولاسيما في الدول الرأسمالية الغربية، وبالتالي لم يهرع يهود الشتات إلى المهاجرة تحت لواء الصهيونية. ويقول أحد قادة يهود الولايات المتحدة الأميركية، آرثر هيرتسبرغ، الذي يحرص على بقاء يهود الشتات، ويدين موقف إسرائيل منهم، ما يلي: « لقد تكلم دافيد بن غوريون بهذا الخطاب اللفظي بعد الإعلان عن قيام إسرائيل مباشرة، وقد أصر على أن مصطلح « صهيوني » يمكن أن ينطبق فقط على أولئك اليهود الذين أصبحوا في إسرائيل أو هم في طريقهم إليها. وجميع الآخرين، بصرف النظر عن مدى عمق اهتمامهم ومساعدتهم للدولة اليهودية، فإنهم « أصدقاء إسرائيل »، وهم من مستوى أدنى في تراتبية القيم اليهودية.. لا شك أن هذه المواقف التي تتبجح بها إسرائيل لجهة أنها أصبحت وصية على الجاليات اليهودية في الغرب، جعل العديد من اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية يطرحون أسئلة عدة، مثل: هل ستكون إسرائيل هي المكان الطبيعي لليهود في العالم؟ وهل هي حقيقةً المركز الروحي لليهود؟. كان اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية يرفضون الأطروحات الصهيونية التي تروج لها دولة إسرائيل، مخافة من أن المعادين للسامية سيدفعون اليهود نحو إسرائيل التي أضفت على نفسها صفة الدولة اليهودية، وبالتالي تتم معاملتهم على أساس ازدواجية الولاء وعدم الثقة. وكانت الجمعية اليهودية الأمريكية ـ التي تضم اليهود غير الصهاينة في الوكالة اليهودية ـ على الرغم من تأييدها لخطة تقسيم فلسطين ـ من بين الذين أعربوا عن قلقهم من إنشاء إسرائيل لما سيسببه من مشكلات لليهود الأميركيين. وكانت ترى أنه يتوجب على إسرائيل أن تدّعي تمثيل من يعيش فيها فقط وليس كل اليهود. الجالية اليهودية في أميركا رفضت الهجرة تحت لواء الصهيونية، وقد طلب ممثلوها من بن غريون التوقف عن الحديث باسم اليهود وعن تشجيع هجرة اليهود الأميركيين لأن ذلك يعتبر تدخلاً في شؤون الجالية، ولأن بن غوريون كان بأمس الحاجة إلى المساعدة، فقد تلافى الخلافات معهم. وفي أغسطس عام 1950 قام رئيس اللجنة البليونير جاكوب بلوستين (1982 – 1970) بزيارة إسرائيل وخاض مفاوضات صعبة مع بن غوريون، إلا أنهما اتفقا على بيان رسمي تحول فيما بعد إلى بيان تفاهم بين إسرائيل ويهود أميركا، ولا يزال هذا البيان مطبّقاً حتى الآن. وتؤكد نظرة سريعة على البيان أن « بلوستين » كان سيد الموقف، فقد أثنى الرجل على إنجازات إسرائيل والنظام الديمقراطي فيها وأن وجودها رفع معنويات اليهود بعد تعريض مواطني الدول الأخرى من اليهود للأذى في مصالحهم، وأن اليهود الأميركيين يرفضون أي إيحاء بأنهم جالية وافدة يتوجب رجوعها إلى إسرائيل، وهم ـ الكبار والصغار، الصهاينة وغير الصهاينة ـ ينتمون إلى أميركا التي استقبلت آباءهم في أوقات الشدة، وفيها يتمتعون بالأمن الذي افتقدوه لقرون طويلة وأن أميركا هي موطنهم الحقيقي، وبالتالي فإن احتمالية طردهم من أميركا لن تكون في صالح إسرائيل، وقد لحق الأذى بيهود أميركا جراء تصريحات ومناشدات غير حكيمة وغير مسؤولة تتجاهل مشاعرهم وطموحاتهم، كما ألحق الأذى بإسرائيل نفسها من خلال إضعاف استعداد اليهود الأميركيين للمشاركة في بنائها.
 
(المصدر: جريدة المستقبل( يومية – لبنان ) العدد 3328 – رأي و فكر – صفحة 19  بتاريخ 9 جوان 2009 –  )

 

العلمانيون سيتحولون إلى أقلية في إسرائيل حتى عام 2030


ترجمة: صالح النعامي يشكل المتدينون في إسرائيل نحو 29% من إجمال السكان اليهود في الكيان الصهيوني. وينقسم المتديون في إسرائيل حالياً إلى تيارين أساسيين، وهما التيار الديني الارثوذكسي، والتيار الديني الصهيوني. وعلى الرغم من أن إسرائيل تدعي أنها دولة علمانية إلا أنه كل المعطيات تؤكد أن المزايا التي تمنحها للمتدينين تشجعهم على التكاثر بشكل كبير، بشكل يفوق وبكثير نسبة التكاثر لدى العلمانيين. صحيفة  » هارتس  » نشرت مختصر نتائج دراسة أمريكية تؤكد أن إسرائيل ستفقط في غضون عقدين من الزمن طابعها العلماني وتصبح أكثر تديناً. وجاء في الدراسة أنه في غضون 20 عاماً سوف يتغير طابع إسرائيل بشكل جذري ودرامتيكي، حيث سيصبح الطلاب العلمانيون أقلية في المدارس في الإسرائيلية وستقل نسبة العلمانيين من مجموع الأشخاص الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات للكنيست. هذه المعطيات جاءت في دراسة شاملة قام بها مجموعة من الخبراء لصالح  » مجلس الاستخبارات الوطنية الأمريكية « ، ونشرت صحيفة  » هارتس  » أهم نتائجها. وجاءت الدراسة بعنوان  » طابع إسرائيل المتغير « ، واستندت إلى معطيات المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي. ويظهر من خلال معطيات الدراسة أنه خلال العقدين القادمين سيتعاظم عدد اليهود المتدينيين بشقيهم الأرثوذكسي والصهيوني وعدد فلسطينيي 48. وتتوقع الدراسة أنه بحلول العام 2030سيشكل الفلسطينيون واليهود المتدينون حوالي 60% من الطلاب في المدارس حتى سن اثنى عاماً و40% من أصحاب حق التصويت لانتخابات الكنيست. وأشرف على الدراسة ريتشارد سينكوتا مستشار الشؤون الديموغرافيا في مجلس الاستخبارات الأمريكية المعروفة بـ ( NIC) )، بالتعاون مع أريك كافمان من جامعة لندن. واستند الباحثان بشكل أساسي للمعطيات الديموغرافية في إسرائيل من أجل تفسير نتائج الانتخابات التشريعية الإسرائيلية الأخيرة التي دفعت ببنيامين نتنياهو إلى سدة الحكم في إسرائيل، وتحديداً حصر الأسباب التي  تقف وراء تعاظم قوة حزب  » إسرائيل بيتنا « ، اليميني المتطرف بزعامة وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان. وحسب رأي كل سيكوتا وكوفمان فإن تعاظم قوة  » إسرائيل بيتنا  » جاءت بفعل خوف العلمانيين من تآكل قوة التيار العلماني الصهيوني في إسرائيل. وقال الإثنان في تفسير الظاهرة  » كلما تقلص عدد اليهود العلمانيين الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات كلما زادت فرص تعاظم حزب  » إسرائيل بيتنا « ، إلا في حال تغيرت أصول اللعبة من الأساس « ، على حد تعبيرهما. ويؤكد الإثنان أن الدراسة توصلت إلى معطيات مثيرة للانطباع، حيث أشارت أنه في الوقت الذي دلت فيه معطيات المكتب المركزي للإحصاء في عام 1950 على أن المتدينين والعرب كانوا يشكلون 15% فقط من طلاب المدارس، فإنهم الآن يشكلون 46%. وتتوقع الدراسة أن يشهد عام 2020 نقطة تحول فارقة في  تفوق عدد الطلاب اليهود المتدينون على عدد الطلاب العلمانيين في إسرائيل. واكدت الصحيفة أن متوسط عدد الأطفال في العائلات المتدينة التي تنتمي للوسط الأرثوذكسي هو سبعة أولاد للعائلة الواحدة، بينما يصل يصل متوسط عدد الأولاد في لدى العائلات العربية 3.9 طفل للعائلة الواحدة. وأشارت صحيفة هارتس إلى أنه وفق دراسة سابقة لمجلس الاستخبارات الأمريكية صدرت قبل عام تبين أنه في غضون عام سيتغير تركيبة الكنيست بشكل جذري وهذا ما دللت عليه الانتخابات الأخيرة. ونقلت الصحيفة عن البرفسور سيرجي دلا فرجولا المختص لشؤون الديموغرافيا في مركز  » اليهودية  » التابع للجامعة العبرية في القدس المحتلة الذي علق على نتائج الدراسة أن المعطيات التي تضمنتها الدراسة معروفة في الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية. وأشار إلى أنه في أوضاع محددة يمكن ألا يتحقق هذا السيناريو. وأضاف فرجولا أنه ليس من المعروف ما ستكون عليه وتيرة التكاثر الطبيعي لدى اليهود الأرثوذكس في المستقبل، مشيراً الى أنه من الصعب توقع أن تبقى مصادر الدعم المالي الحكومي الموجه للتيار الديني الأرثوذكسي بما يضمن تواصل وتيرة التكاثر العالي لدى الوسط الديني بشكل عام، مشيراً إلى إن هذه المصادر لا يمكن أن تبقى بدون تقليص إلى أمد بعيد. وأضاف أنه في حال شعر الوسط الديني الأرثوذكسي أنه يحتاج للاعتماد على نفسه فإنه سيضطر لتقليص وتيرة الولادات لديه. لكن في المقابل لا يوجد أي دليل على أن الكيان الصهيوني سيغير من تعاطيه مع الوسط المتدين سيما في ظل الدور الذي تلعبه الأحزاب الدينية في الحكومات الإسرائيلية، من هنا فإن توقعات الدراسة الأمريكية لها فرصة كبيرة للتحقق. رابط مختصر الدراسة: http://www.haaretz.co.il/hasite/spages/1089980.html


أوباما وسقفه لحل الدولتين

 


منير شفيق اتسم خطاب أوباما في القاهرة بالعموميات والإنشائية، وإظهار الرغبة في التصالح مع العالم الإسلامي. العموميات والإنشائية أو استخدام مصطلحات لم يستخدمها بوش الابن أو غيره من قبل، في خطاب مرتجل، لا يمكن البناء عليها أو تحديد قراءة للسياسة الأميركية القادمة من خلالها. وإظهار الرغبة في التصالح مع العالم الإسلامي من دون أن نعرف الأهداف الحقيقية لهذا التصالح أو أسسه، وفي ظروف الغضب العالمي عموماً والعربي والإسلامي خصوصاً على السياسات الأميركية، يجب ألا يقابل بالتهافت أو بفقدان اليقظة، لأن الحاسم المهم يكمن في الأهداف والأسس والمحتوى، وهذا كله لم يكشف عنه خطاب أوباما. على أن الرئيس الأميركي في مؤتمره الصحافي، في اليوم التالي لخطابه القاهري العتيد، وخلال زيارته الرسمية لألمانيا كشف جزءاً هاماً من توجهاته الحقيقية للرُؤية التي سبق وصاغها كل من بوش وشارون حول حلّ الدولتين. في المؤتمر الصحافي الذي عقده أوباما مع ميركل في 5/6/2009 في مدينة درسدن الألمانية قال ما يلي: 1 – اللحظة أتت لكي نحلّ أزمة الشرق الأوسط ولكي يقدم الطرفان تنازلات. وأشار إلى أن إدارته خلال الأسابيع القادمة، ستضع النقاط التي تقترحها لحل الأزمة على قاعدة «حل الدولتين» ثم أبدى ثقته أو تصميمه على تحقيق بعض التقدم في خلال هذه السنة. 2- أوضح أن المطلوب من « إسرائيل » وقف الاستيطان، رغم تفهمه صعوبة ذلك وأن المطلوب من الفلسطينيين «تحقيق المناخ الأمني الذي تحتاجه إسرائيل لتشعر بالثقة» وقد أشاد بما حققه محمود عباس في هذا الشأن ولكنه ليس كافياً. 3- وطالب العرب أن يكونوا مستعدين لإقامة تبادل تجاري ودبلوماسي مع « إسرائيل » في حال التزمت السلام. هذا يعني أول ترجمة عملية، وإن لم تكن كاملة لكل ما يحتويه خطاب أوباما وراء السطور في خطاب القاهرة: حكومة الكيان الصهيوني توقف الاستيطان وتلتزم السلام. أي تعلن التزامها بحل الدولتين ضمن السقف الذي تبنته حكومة أولمرت – ليفني – باراك السابقة، أو ما يقرب من ذلك بالنقصان أو الزيادة قليلاً. أما مقابل ذلك فعلى الرئيس محمود عباس عبر الأجهزة الأمنية التابعة شكلياً لحكومة سلام فياض، وعملياً للجنرال كيث دايتون أن يكمل مهمة مطاردة المقاومة الفلسطينية، ويعيد ترتيب الأوضاع (أوضاع فتح خصوصاً) من أجل تحقيق المناخ الأمني الذي يرضى عنه الكيان الصهيوني. أما الدول العربية فعليها إبداء الاستعداد لكي تبادر إلى الاعتراف الدبلوماسي وعقد اتفاقات التبادل التجاري مقابل وقف الاستيطان الذي كاد يصل منتهاه أصلاً، إلى جانب إعلان حكومة الكيان الصهيوني الالتزام بالعملية السلمية أو «السلام» وهو ما لم تستطع إدارة بوش تحقيقه طوال ثمانية أعوام قبل أن يتحقق الاتفاق حول التسوية. هذا الشرط الأخير الذي يتبناه أوباما إزاء الاعتراف العربي الدبلوماسي والقيام بالتبادل التجاري مع الكيان الصهيوني يجب تنفيذه بمجرد وقف الاستيطان وإعلان حكومة نتنياهو «الالتزام بالسلام» أي العودة إلى المفاوضات الثنائية على أساس أنابوليس وخريطة الطريق. وهكذا يكون بوش وشارون وأولمرت حققوا عربياً من خلال أوباما ما كانوا يطالبون به الدول العربية (وأوباما يزيد الإسلامية) قبل الانسحاب من شبر واحد عما هو محتمل من أراضي الضفة الغربية، مع إسقاط حق العودة. وبالمناسبة، أوباما يتحدث عن حلّ الدولتين من دون التطرق إلى موضوع الانسحاب من الأرض وتفكيك المستوطنات والعودة إلى خطوط ما قبل عدوان يونيو 1967. وقد زاد عدم التطرق إلى موضوع القدس الشرقية التي يطالب بها، أو ببعضها أرباب التسوية لتكون عاصمة الدولة الفلسطينية. وقد ألمح أوباما في خطابه القاهري أن تكون شراكة بين الأديان الثلاثة، لأن القدس الشرقية، وليس القدس الكبرى، ما قصده حين تطرق إلى القـدس فــي الـخطاب الذي تغطى بكلام مموّه أو معسول. هناك من سيضِل تحليلهم في قراءة مشروع أوباما وهم يستمعون إلى ردود بعض الصهاينة عليه، في محاولة لدعم ترحيبهم بالرجل قبل أن يكشف كل أوراقه، وتبين عن محتوى ما يريد من المصالحة مع العالم الإسلامي. وبالمناسبة أوباما يسقط من خطابه كل ما هو عربي ما عدا مطالبته الدول العربية بما يتوجب عليها من اعتراف دبلوماسي وتبادل تجاري ودعم حكومة عباس- فياض، علماً بأن العالم العربي نال النصيب الأكبر من الإيذاء الأميركي. وبكلمة، لقد أخذت بوادر تصفية القضية الفلسطينية تظهر، وبدأت عملية استدراج المزيد من التنازلات الفلسطينية والعربية والإسلامية تتقدم خطوة خطوة في استراتيجية إدارة أوباما التي هي حتى الآن في طور التبلور. ولهذا يجب منذ الآن رفع أصوات الاعتراض والنقد والرفض، وإلاّ فعل بنا ما لم يفعله الأوائل، وفعلنا بأنفسنا ما لم يفعله الذين خربوا بيوتهم بأيديهم أو بغفلتهم.
(المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 9 جوان   2009)


لماذا رفضت لقاء أوباما؟

 


عبد الحليم قنديل كانت دهشتي عظيمة عندما قال المتصل: أنه من رئاسة الجمهورية، وحين سأل عن العنوان الذي أقترح أن تصل عليه دعوتي رسميا لحضور حفل إلقاء خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما بجامعة القاهرة، كانت تظهر على شاشة تليفوني المحمول عبارة ‘رقم خاص’ باللغة الإنكليزية، وهو ما يعني ـ غالبا ـ دخولا على الخط من دوائر اتصالات جهات أمنية، وكان ذلك هو السبب الذي جعلني أهمل الرد حين ظهرت العبارة قبلها بنصف ساعة، وفي حوالي الثانية عشرة ظهر الإثنين الأول من حزيران (يونيو) 2009، كان ظني أن المتصل ـ كالعادة ـ من ضباط جهاز مباحث أمن الدولة، وأنا لا أطيق رذالاتهم وتهذيبهم المصطنع، وقد تعود هؤلاء على الاتصال للتهديد كلما أعلنت حركة كفاية عن تحرك في الشارع، وكانت كفاية قد أعلنت عن تنظيم مؤتمر صحافي للقوى الوطنية واعتصام احتجاجي في ميدان التحرير عشية إلقاء خطاب أوباما في الرابع من حزيران (يونيو)، ولم أكن أريد الرد، ولا الدخول مجددا في المشاجرة اللفظية الحامية، والتي تبدأ عادة من جانبي باستنكار اتصالات أمن الدولة، وتنتهي بالتهديد ـ من جانب الضابط ذي الاسم المستعار ـ باعتقالي واعتقال أي متظاهر أو متظاهرة في الشارع، وحين تكرر إزعاج ‘الرقم الخاص’، وجدت إصبعي يضغط في ضيق على زر استقبال المكالمات، وبدوت في حالة تأهب، وربما استنفار لمعركة حربية لفظية مع ضابط أمن الدولة الذي تصورته، ثم تغير مزاجي قليلا مع كشف المتصل عن هويته، فقد تحدث بطريقة غاية في الأدب والتهذيب، وقال أنه من رئاسة الجمهورية، وأنه يريد إيصال الدعوة الرسمية الموجهة لشخصي، وأعدت عليه عنوان سكني الذي كان لديه بالطبع، وأرشدته ـ كما طلب ـ لأبسط طرق الوصول، وانتهى الكلام بالسلام، وكدت أنسى القصة، وأخذت احتياطي النفسي، فربما تكون مداعبة ثقيلة من صديق رائق المزاج، وخرجت إلى تسجيل تليفزيوني، بينما كان رجلان من أمن الرئاسة على باب شقتي في عمارة سكنية كالحة بمنطقة الهرم، وحيث لامصاعد، والمصابيح نصف منطفئة على السلم المترب إلى الدور الخامس الذي به شقتي، رفض الرجلان تسليم الدعوة للبواب، وصعدا مع زوجة البواب إلى باب الشقة، ومع صوت الجرس خرجت السيدة زوجتي إليهما، ووقعت مشكلة صغيرة، فقد صمم الرجلان ـ للوهلة الأولى ـ على تسليمي الدعوة بصفة شخصية، وبحسب التعليمات، وحين تراءى لهما أنني بالفعل خارج البيت، كان الرجلان ـ كل على حدة ـ يوالي اتصالاته برؤسائه، ودهشت زوجتي، فقد كان يكفي ـ في نظرها ـ أن يتصل أحدهما للإستئذان في التصرف، لا أن يتصل كل منهما برئيس مختلف، ولذات الغرض، وقلت لها ـ مفسرا ـ أنه طبع أجهزة الأمن في بيت الرئاسة، ورغبة كل جهاز في أن يراقب الآخر بحسب العادة المرعية، المهم أنه تحقق المراد، ووافق الرجلان المهذبان على تسليم خطاب الدعوة لزوجتي، وبشرط التوقيع وبيان الصفة . وحين وصلني خبر تسلم الدعوة بالفعل، كانت دهشتي لاتزال تراوح مكانها، وزحفت الدهشة إلى وجوه كل الذين عرفوا الخبر من بعدي، فأن توجه الدعوة لمئات الأشخاص في مصر، ومهما كانت وظائفهم ومقاماتهم ومعارضاتهم، فهذا أمر طبيعي، ويدخل في حدود التوقع، لكن ما بدا خارج التوقع هو دعوتي بالذات، فبيني وبين رئاسة الجمهورية ماصنع الحداد وما لم يصنع، وما يشبه الثأر، وعقد كامل من صدام متصل، بدت فيه رئاسة الجمهورية كأنها تكرهني كراهة التحريم، وكنت ـ ولا أزال ـ أبادلها كرها بكره، والمسألة ـ على أي حال ـ أكبر من دواعي ومضاعفات الشعور، فقد كنت ـ ولا أزال ـ هدفا لضربات انتقام شهواني بالتجويع وبالترويع والمطاردات المجنونة، والسبب ـ كما هو معروف ـ دوري الذي أعتز به في كسر الخطوط الحمراء، وجعل الرئيس شخصيا في عين عاصفة نقد غير مسبوقة في التاريخ المصري بإجمال، وتأسيس مدرسة نقد الرئيس في الصحافة المصرية، والكشف الجارح لخطايا حكم العائلة من وراء القناع الجمهوري، ثم أدواري المضافة في تأسيس حركة ‘ كفاية ‘ وإطلاق البيان التأسيسي لائتلاف المصريين من أجل التغيير، وبدا التصرف عصبيا ـ مزادا ومتقدأ وهائجا ـ على الجهة المقابلة، ربما لايتسع المقام لشرح تفاصيله، فلم يمر عليّ أسبوع ـ طوال عشر سنوات خلت ـ بغير ضغط أو تهديد، ضغوط أمنية ملحة على مكاتب الفضائيات في القاهرة لمنع أو تقييد استضافتي، وانتقال بالضغط إلى عائلة حكم خليجية لوقف عامود يومي لي ـ استمر قبلها لعشر سنوات ـ في صحيفة معروفة، كان القصف الأول بالتجويع في نهايات 2003، وكنت وقتها رئيسا لتحرير جريدة ‘العربي’، وفي نهايات 2004 جرى حادث خطفي وتعذيبي ورميي عاريا في صحراء المقطم، وفي نهاية 2005 قرروا الانتقام بإسقاط ضياء الدين داود ـ ناشر ‘العربي’ ـ في دائرته فارسكور بقلب الدلتا، وفي نهاية 2006 بدا الضغط متلاحقا متزايدا بكثافة، وصدر تقرير غير مسبوق وغير ملحوق عن مجلس يترأسه صفوت الشريف الأمين العام للحزب الحاكم والأذن الأقرب لخلوة مبارك، واتهمني التقرير ـ وجريدة ‘الكرامة’ التي كنت انتقلت لرئاسة تحريرها ـ بإهانة الرئيس، وسرت الضغوط منطوقة ومكتومة من بيت الرئاسة ومباحث أمن الدولة، وإلى أن جرى إقصائي ـ بالأمر المباشر ـ عن رئاسة تحرير ‘الكرامة’، وهي الضغوط ذاتها التي تكررت وتلاحقت بصورة أعنف مع انتقالي لرئاسة تحرير ‘صوت الأمة’، وانتهت بإبعادي عن كل رئاسات التحرير، ومنعي من الكتابة نهائيا في أي صحيفة تصدر داخل مصر، وخصوصا بعد أن جرى انتخابي منسقا عاما لحركة ‘كفاية’ أواسط كانون الثاني (يناير) 2009، واستمرت الملاحقات بترديد منتظم لشائعات أمنية عن اختفائي، وكنوع من التمهيد لعمل إجرامي استئصالي، وكان بيت الرئاسة حاضرا ـ بالأب والأم والإبن ـ في كل ما جرى، وقبل عامين، وبعد إخراجي من رئاسة تحرير جريدة ‘الكرامة’، كان صحافي معروف مقرب من الرئيس يتحدث في برنامج تليفزيوني حكومي أمني اسمه ‘حالة حوار’، وفجأة خرج عن نص النفاق الفولكلوري المعتاد، وقال أن الرئيس لا يكره النقد لشخصه في الصحافة، وقدم ما تصوره دليلا دامغا، وهو أن مبارك قال له: لامانع عندي من وجود الأستاذ عبد الحليم قنديل على طائرة الرئاسة في الرحلات الخارجية، وقد سئلت وقتها عن رأيي، وقلت: أنني لا أسعى ولا أشرف، وبدا الأمر وقتها ـ على أي حال ـ كمجرد افتراضات وتمارين ذهنية، لكن دعوة رئاسة الجمهورية ـ هذه المرة ـ رسمية تماما، وبخاتم الرئاسة الأزرق، وباللغتين العربية والإنكليزية، وهو ما استثار الدهشة، وبدت معه الدعوة ـ إن كانت اختيارية لأصحابها ـ نوعا من التطور في المواهب التمثيلية لبيت الرئاسة، وكأنهم قرروا بعد أن قتلوا القتيل أن يمشوا في جنازته على طريقة المثل الشعبي المصري المعروف، وأن يدعونه ـ بالمرة ـ للمشي معهم في جنازة بلا صاحب وبلا كفن . وربما بدا في القصة تفسيرا آخر ربما كان واردا، فقد تعرضت الإدارة الأمريكية لحملات انتقاد بسبب رحلة أوباما،’وما تنطوي عليه من دعم لنظام الديكتاتور المصري، وجرى الترتيب للزيارة بمشاركة وفد ‘المقدمة’ الأمريكي مع رئاسة الجمهورية المصرية، وربما مال الأمريكيون أو أمروا بإدراج اسمي رغم معارضتي الثابتة للسياسة الأمريكية، وهو تفسير يبدو منطقيا، لكنه بدا كسبب منطقي إضافي لرفضي تلبية الدعوة، والامتناع عن حضور حفل خطاب أوباما، وإذا كانت دعوتي مثيرة للدهشة، فربما لا يكون من محل لدهشة في رفضي تلبية الدعوة، فقد تحول الحفل إلى معسكر أمني، وفي بطاقة الدعوة نفسها بدت الدواعي الأمنية غالبة، وفي نص التعليمات: أنه غير مسموح بإحضار لافتات أو علامات، وغير مسموح بإبداء التعليقات من باب أولى، أي أنك مدعو ـ فقط ـ كقطعة ديكور لزوم التصوير، وهو مالا يليق بشخص يحترم نفسه، أضف إلى ذلك إيحاءات الزيف، فوجود معارضين في الصورة يوحي بأننا في مجتمع ديمقراطي، والحقيقة ليست كذلك طبعا، فمبارك’ديكتاتور بلا شرعية، كانت تلك عقيدتي وتظل، ولا يليق بمثلي أن يلعب دور شاهد الزور، فوق أنني التزمت ـ بالطبع ـ بقرار حركة كفاية عدم تلبية دعوات تتصل بزيارة أوباما، وإعلانها ـ المبكر ـ أن الزيارة دعم لإسرائيل ولديكتاتورية النظام المصري، واعتقادها الراسخ أن التغيير في مصر لن يحدث من مكتب الرئيس الأمريكي، بل بائتلاف اجتماعي وسياسي واسع، وبأساليب المقاومة المدنية والعصيان السلمي. (المصدر: موقع صامدون الإلكتروني ( فلسطين) بتاريخ  2009)  


الصراع حول المستقبل في لبنان وإيران

 


د. فهمي هويدي في أجواء موت السياسة في العالم العربي، تعد الانتخابات اللبنانية والإيرانية شيئاً مختلفاً. على الأقل من حيث إنها الانتخابات الوحيدة التي لا تستطيع أن تعرف نتيجتها قبل إعلانها رسمياً. -1- قل ما شئت بحق الحاصل في البلدين، عن مدى بعده أو قربه من الديمقراطية. لكنك لن تستطيع أن تنكر هذه الحقيقة. ذلك أنه حتى صباح أمس الاثنين (8/6) لم يكن بوسع أحد أن يعرف على وجه التحديد الطرف الفائز في الانتخابات النيابية اللبنانية التي جرت يوم الأحد (7/6). وهل هو فريق 8 آذار أم 14 آذار؟ الكلام ذاته ينطبق على مصير الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي يفترض أن تجرى يوم الجمعة 12/،6 ويتنافس فيها أربعة أشخاص، لا يزال المحللون وعرافو السياسة يختلفون حول فرص كل منهم في الفوز. إذا أردت أن أكون أكثر دقة فإنني حين أقارن بين الانتخابات في لبنان وإيران وبين نظيراتها في بقية الدول العربية فإنني في حقيقة الأمر أقارن بين المنقوص والتعيس أو بين العور والعمى. ذلك أن خياراتنا أصبحت محصورة بين واحدة فيها رائحة حرية وأخرى قائمة على التزوير تسوق لنا وهم الحرية. بحيث تقودنا الموازنة إلى القبول بالأولى والترحيب النسبي بها، وتفضيلها على الثانية. باعتبار أنه في مثل هذه الحالة، فإن السيئ يقدم على الأسوأ، عقلاً وشرعاً. ذلك أن أحداً لا يتمنى أن تجرى الانتخابات على أسس طائفية كما في لبنان، ولا في ظل مصفاة مسبقة للمرشحين تقصي أناساً وتجيز آخرين كما في إيران. لكن حين تتم الانتخابات بعد ذلك بحرية ومن دون تزوير، فإن ذلك يغدو وضعاً متقدماً بخطوات على البديل الآخر. وهو الذي تصادر فيه عملية الانتخابات ذاتها، أو حيث تجرى فإنها تصبح صورية وافتراضية. ويكون الرأي فيها لأجهزة الأمن وليس لجمهور الناخبين. – 2 – ليس صحيحاً أن الانتخابات اللبنانية (التي كتب هذا المقال قبل إعلان نتائجها) كانت فقط صراعاً بين فريقي 8 آذار و14 آذار، لأن الحضور العربي الإقليمي والدولي الغربي كان واضحاً في كل مراحل تلك الانتخابات. ذلك أنه لم يعد سراً أن دول “الاعتدال” العربي، كانت موجودة بدرجة أو أخرى في الانتخابات. وكان حضور بعضها أقوى بكثير في مجال التمويل لفريق 14 آذار، في حين أن دولاً أخرى كان دعمها سياسياً وإعلامياً بالدرجة الأولى. بالمثل فإن الدورين الإيراني والسوري في مساندة حزب الله وفريق 8 آذار المتعاون معه لم يكن بدوره سراً، كما أن تلك المساندة تراوحت بين ما هو مادي وسياسي. الطريف أن الدعم الإقليمي للطرفين المتصارعين في لبنان كان في أغلبه سرياً وغير معلن (رغم أن لا شيء يبقى سرياً في بيروت)، في حين أن الدعم الدولي لمصلحة فريق 14 آذار كان مشهراً ومعلناً في أغلبه. إذ إضافة إلى الأدوار التي ظل يقوم بها سفراء الدول الأربع الولايات المتحدة وفرنسا وإنجلترا وألمانيا، فإن بيروت ظلت طوال الأشهر الأخيرة تستقبل ضيوفاً من الساسة الدوليين والغربيين، كانت رسالتهم واحدة، وهي الحث على مساندة فريق 14 آذار، والتحذير من التصويت لحزب الله والجنرال عون. وكان نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن أرفع مسؤول غربي زار لبنان لهذا الغرض. إذ لم يخف الرجل شيئاً، فقد عقد اجتماعاً مغلقاً في بيروت مع رموز فريق 14 آذار، وخرج منه ليطلق التصريح الذي قال فيه صراحة إن المساعدات الأمريكية للبنان سوف تتأثر بطبيعة الحكومة القادمة. وهو كلام له ترجمة وحيدة هي: إذا صوتت الأغلبية ل “14 آذار” فإن “بَرَكة” المساعدات سوف تغرق الجميع، أما إذا فاز فريق حزب الله وعون، فينبغي ألا ينتظر اللبنانيون شيئاً يذكر من الإدارة الأمريكية. في الوقت ذاته ظل الزوار الآخرون يتقاطرون طوال الوقت على العاصمة اللبنانية، من الأمين العام للأمم المتحدة إلى موفد خاص أرسله في وقت لاحق. والمبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، إلى وزراء خارجية الدول الغربية المعنية بالملف. وحين حل موعد التصويت والحسم، جاء إلى بيروت وفد المعهد الوطني الديمقراطي الأمريكي، ووفد دولي يراقب الفرز، ومائة مراقب آخرين يمثلون الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن خمسين مراقباً يمثلون عشرين دولة، أوفدهم مركز كارتر. ولإضفاء مزيد من الصدقية على الانتخابات قام الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بالاتفاق مع رئيس الوزراء اليمني الأسبق الدكتور عبدالكريم الإرياني بترؤس اجتماعات الوفد الدولي، يعاونه في المهمة ممثل لأمين عام منظمة الدول الفرنكوفونية. كان واضحاً للعيان أن أولئك القادمين من كل صوب لم يجيئوا إلى بيروت محبة في الديمقراطية وغيرة على نزاهة الانتخابات، ولكن ذلك الاحتشاد كان في أغلبه تعبيراً عن حرص القوى الدولية على إنجاح جماعة 14 آذار لأن لها مصلحة حقيقية في ذلك. إن ذلك يسلط ضوءاً كافياً على حقيقة الصراع وأطرافه الأصليين. وهو ما يسوغ لنا أن نقول إن المعركة الانتخابية في لبنان أصبحت جزءاً من الصراع الدائر في الشرق الأوسط بين معسكري “الاعتدال” الذي تقف فيه بعض الدول العربية مع الولايات المتحدة، والممانعة، الذي يضم دولاً عربية أخرى مع عناصر المقاومة الوطنية وتدعمها إيران. وهو ذاته الصراع الحاصل في الساحة الفلسطينية وفي الساحة العربية. إن شئت فقل إنه صراع بين مشروعين سياسيين مختلفين، ووجهتين متباينتين. ومن ثم فإنه من هذه الزاوية، يعد تجسيداً للصراع حول مستقبل المنطقة، الأمر الذي يعد علامة فارقة يتجسد فيها الاختلاف بين الانتخابات اللبنانية ونظيرتها الإيرانية. – 3 – إذا كانت الانتخابات اللبنانية تعد نقطة تحول في حسابات القوى الدولية والإقليمية، فإن الانتخابات الرئاسية الإيرانية تعد بدورها علامة فارقة في حسابات القوى المحلية. وربما جاز لنا أن نقول أيضاً إن القوى الإقليمية كانت مشاركة في الانتخابات اللبنانية، لكنها ظلت متفرجة في الحالة الإيرانية. وإذا سمحت الأجواء اللبنانية لبعض الرموز أن يستقووا بالخارج وأن يتباهوا بذلك أمام الملأ، فإن ذلك يعد انتحاراً سياسياً لأي مرشح في إيران. وهذا الاستقواء أياً كانت مظاهره يظل تهمة تشين سجل السياسي وتسقطه في أعين الرأي العام. هو في إيران إذاً صراع بين الداخل والداخل، درج كثيرون على اختزاله في التنافس بين المحافظين والإصلاحيين. ورغم أن لذلك الصراع تجلياته بدرجات متفاوتة، خصوصاً بعد رحيل الإمام الخميني، أي طوال العقدين الأخيرين، فإن الجولة الحالية هي الأعنف والأكثر شراسة بين التيارين. والسبب في ذلك أنه يدور بين مرشحين أقوياء أقرب إلى الأنداد، في حين أنه في الجولات السابقة، كانت الانتخابات الرئاسية تجرى في العادة بين مرشح قوي وآخر ضعيف، رغم أنها لم تخل من مفاجآت (انتخاب الرئيس الحالي أحمدي نجاد قبل 4 سنوات كان مفاجأة لأنه بدا مرشحاً ضعيفاً أمام رجل بقوة ووزن الشيخ هاشمي رفسنجاني). في البداية رشح حوالي 480 شخصاً أنفسهم لمنصب رئيس الجمهورية، بينهم 42 امرأة. ولكن مجلس صيانة الدستور المكلف بالتحقق من توافر شروط وملاءمات الترشيح في المتقدمين أجاز أربعة أشخاص فقط، اثنان حُسبا على المحافظين وآخران من الإصلاحيين. الأولان هما أحمدي نجاد الرئيس الحالي ومحسن رضائي الرئيس السابق للحرس الثوري لستة عشر عاماً خلت. أما الإصلاحيان فهما الشيخ مهدي كروبي رئيس مجلس الشورى السابق والمهندس حسين مير موسوي الذي ترأس الحكومة في الفترة بين عامي 1981 ،1989 وسواء كان ترشيح اثنين عن كل تيار تعبيراً عن تعدد مراكز القوى داخل الفريقين، أم أنه كان حيلة انتخابية لتشتيت الأصوات لإضعاف مركز أحمدي نجاد في الجولة الأولى، بحيث يحتشد الآخرون ضده في الإعادة، فالشاهد أن المرشحين الثلاثة لم ينافسوا بعضهم بعضاً بقدر ما صوبوا سهامهم طوال الوقت ضد أحمدي نجاد، حتى قال الرجل في مناظرته مع الشيخ كروبي إنه وجهت إليه خلال الحملة الانتخابية 32 ألف تهمة “افتراء”!. رغم أن المرشحين يفترض أنهم يمثلون الإصلاحيين والمحافظين، فإن شعاراتهم تداخلت بحيث أصبح يتعذر على المواطن العادي أن يعرف بالضبط من منهم الإصلاحي ومن منهم المحافظ. فالمرشح الإصلاحي حرص على أن يبدو محافظاً، وجولة الواحد منهم في المدن والقرى مثلاً أصبحت تبدأ بزيارة مقبرة الشهداء ثم إمام الجمعة وبعدهما يتجه إلى المسجد لكي يؤدي الصلاة والمرشح المحافظ ما فتئ يتحدث عن الحريات الاجتماعية والعامة، حتى حرص أحمدي نجاد على التذكير بأنه هو من سمح للنساء بدخول “الاستاد” والمشاركة في تشجيع مباريات كرة القدم التي تجرى على أرضه. (المحافظون الحقيقيون في مدينة “قم” اعترضوا على قراره وأوقفوه). المناظرات العلنية التي تمت بين الرئيس الحالي ومنافسيه وبثها التلفزيون خلال الأسبوع الماضي كانت تقليداً جديداً اتبع لأول مرة، سمح للمجتمع أن يتعرف إلى ما في جعبة كل مرشح. ومن الظواهر الجديدة أيضاً أن النساء كان لهن دور بارز في حملات المرشحين. أحمدي نجاد كانت شقيقته بروين نجاد وفاطمة رجبي زوجة المتحدث باسم الحكومة في مقدمة الداعين إلى تأييده. وهذا ما فعلته الدكتورة زهرا رهنود زوجة مير موسوي، وليلى يروجروي حفيدة الإمام الخميني ومعصومة خدنك مع محسن رضائي (الثانية زوجته) وفاطمة كروبي زوجة الشيخ مهدي كروبي، الذي كان من قادة حملته أيضا الصحافية جميلة كديور. الاتهامات الأساسية التي وجهت إلى أحمدي نجاد ركزت على فشل سياسته الاقتصادية التي أدت إلى زيادة التضخم وارتفاع معدلات البطالة، وإساءة استخدام العوائد النفطية، وتوتير علاقة إيران بالعالم الخارجي، خصوصاً حينما فتح ملف “المحرقة” ودخل بسببه في معركة مع “إسرائيل” خسرت فيها إيران تعاطف العالم الغربي. أما أحمدي نجاد فقد رد على منتقديه باتهامه لهم بأنهم موالون للغرب ومفرطون في مبادىء الثورة، وأن تشدده الذي يلام عليه كان سبباً في تحسين موقف إيران بشأن الملف النووي. ذلك أن حكومته “بأقل ثمن ممكن أو بثمن يقترب من الصفر تحققت أهداف السياسة الخارجية للبلاد” على حد قوله. وفي ما يخص عوائد النفط فإنه ذكر أنها ذهبت لمصلحة الفقراء الذين كان تحسين أوضاعهم على رأس أولوياته ووعوده. لا تزال المعركة محتدمة، والاستطلاعات تتحدث تارة عن تقدم “مير موسوي” على “أحمدي نجاد”، وتتنبأ تارة أخرى باحتمال الإعادة بين الرجلين. – 4 – كما رأيت فالمعركة شرسة في إيران ولبنان، رغم التباينات بين الحالتين التي سبقت الإشارة إلى بعضها، التي تخص موقف القوى الإقليمية والدولية في كل منهما. لكن هناك فروقاً أخرى يتعين الانتباه إليها، منها مثلاً أن الاختلاف بين المرشحين في إيران هو حول الوسائل وليس المقاصد. بمعنى أن الجميع يتحرك تحت مظلة الثورة الإسلامية ومبادئها. كما أن اللعبة السياسية هناك لها سقف يتمثل في الدور الذي يؤديه المرشد في ضبط المسار العام. لكن الوضع مختلف تماماً في لبنان، حيث لا توجد قواسم مشتركة بين الطرفين المتصارعين، ويتحرك كل منهما باتجاه معاكس للآخر. ثم إن السقف هناك محكوم بقواعد اللعبة الدولية، ولا دخل للأطراف المحلية فيه. من الفروق المهمة أيضاً أن الخلاف بين التيارين في إيران سياسي وفكري بالدرجة الأولى. لكنه في لبنان لم يخل من مسحة مذهبية حرصت أطراف عدة على إذكائها، من تلك الفروق كذلك أن نتائج الانتخابات في إيران لن تؤثر كثيراً في موازين القوى في الشرق الأوسط، أما نتائج انتخابات لبنان فسوف ترجح كفة على أخرى. وعلى ذكر الانقسامات فهي في إيران ليست بين إصلاحيين ومحافظين فحسب، ولكنها أيضاً بين نخبة في المدن تقف وراء المهندس مير موسوي وقطاع عريض من العوام الذين ينتشرون في القرى يقفون إلى جانب أحمدي نجاد. لكن هذا الاختلاف “الطبقي” إذا جاز التعبير ليس قائماً في لبنان، الذي اخترق فيه الاختلاف المذهبي كل الطبقات. ذلك كله ينبغي ألا يحجب الحقيقة الأهم التي تتمثل في أن الناس في نهاية المطاف وعند الحد الأدنى هم الذين يختارون الفائزين، لكن هذه الحالة على تواضعها تظل متجاوزة للحد الأقصى في أقطار أخرى، أعرفها وتعرفها (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 9 جوان 2009)  


الإسلام لا يعاقب على الردة في ذاتها


د. عبد السلام بلاجي  
 « لا يمكن أن تحد حرية الاعتقاد والتعبير إلا بالحدود التي تضعها الدولة لتطابق نظامها العام »، هكذا وصل الأكاديمي المغربي الدكتور عبد السلام بلاجي -الباحث في العلوم السياسية وأصول الفقه- إلى نقطة وسط في قضية الحرية وضبط ممارستها.  بلاجي تطرق حواره إلى إشكالية الردة، ورأى أن الإسلام لم يعاقب على الردة بوصفها مخالفة لمبادئه، وإنما يعاقب على المجاهرة بها داخل المجتمع الإسلامي بما يخرق النظام العام للإسلام.  ويشير بلاجي، أحد مؤسسي الحركة الإسلامية بالمغرب وأحد مثقفيها، إلى أن حملات التنصير الموجهة لبلدان العالم الإسلامي هي صهيونية مسيحية وليست دينية، وتخدم أهدافا سياسية لليمين الإنجيلي المتطرف بأمريكا والصهيونية العالمية.   الحوار مع الرجل أفرز تصورات جديدة لقضايا الحرية وعلاقتها بالطاعة والمعصية، والحرية الدينية في المنظور الإسلامي وفي الديانات الأخرى، فإلى نص الحوار:   الحرية.. نظرة إسلامية   * « الحرية » مثلها مثل « الديمقراطية » ذات منشأ وتأصيل غربي، كيف يمكن القبول بمفهوم لم يرد في الرؤية الإسلامية وإن وردت ببعض مرادفاته؟   ** بداية، ينبغي أن نميز عند الحديث عن الحرية بين المفهوم والمصطلح، فالمصطلح اللغوي هو مصطلح غربي متأصل من لفظ « la liberté »، وقد ارتبط خصيصا بحرية التعبير والاعتقاد، وتم استعماله بقوة مع بداية الثورة الفرنسية، وإن كان موجودا قبلها، لكن مضمون الحرية ليس غربيا، فالإنسان حر في اختيار معتقده والتعبير عما يجول بذهنه أو اختيار المكان الذي يقيم فيه أو يسافر إليه، وهو مضمون موجود في كل الشرائع، حتى شرائع ما قبل الإسلام.  أما في الرؤية الإسلامية، فقد جاء المضمون في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية والفقه الإسلامي بتعبيرات ومصطلحات مختلفة، كانت تروج في الثقافة الإسلامية والبيئة العربية، والإسلام كان سباقا لتحرير العبيد، كما ظلت صيحة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب « متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ » تدوي، ووجدت لها أصداء في مختلف القارات ولدى مفكري مختلف الأمم.   أما الحديث عن حرية المعتقد أو الاعتقاد، كما هو الحال اليوم، ليس نتاجا غربيا، فالحرية مسألة إنسانية، وقد أخذت بها مختلف الثقافات والحضارات، ومنها الإسلامية، وأضفت على المفهوم مضمونها المؤصل في القرآن والسنة والثقافة الإسلامية بصفة عامة، كما أعطت كل حضارة للمفهوم مضمونا يتفق مع ثقافتها.  إن من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية التي استنبطها العلماء حفظ النفس وحفظ العقل، ومن المعلوم أن حفظهما لا يتم إلا بجملة من الأمور المعنوية والمادية، ومن أبرزها مقصد الحرية، وسموها مقاصد فرعية، وقد تطرق لهذا المقصد الشيخ الطاهر بن عاشور، والشيخ علال الفاسي بالتفصيل.  وفي القرآن الكريم نجد العديد من الآيات التي تتناول الموضوع، فهناك آية قرآنية تعد قاعدة شرعية كلية قطعية غير قابلة للنقض في موضوعنا، وهي قوله تعالى: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)، أي بما أن الضلال والهدى قد تبينا، فيبقى الإنسان حرا في اختياره وتحمل مسئولية اختياره في الدنيا والآخرة.   ومن الآيات القرآنية المعروفة أيضا في هذا المجال قول الله عز وجل: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)، لكن يبقى لكل مجتمع ضوابط وقوانين تنظم شئونه وتقنن ممارسة الحرية داخله.   ولعل قول الله عز وجل: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم)، يؤصل لتعايش المسلم مع غيره المخالف لعقيدته، مع تحمله وعدم سبه أو تسفيه معتقداته.   ومن ناحية أخرى، مدلول الآية يؤكد أن هذا المجتمع الذي تنزلت عليه هذه الآيات وهذا الأمر، كان فيه من يدعو غير الله ويؤمن بغير الله.  حرية التنصير   *علاقة بحديث وجود أناس يدعون لغير الإسلام في المجتمعات الإسلامية، كيف نقرأ الحملات، التي تقوم بها بعض البلدان الإسلامية، على التنصير أو تغيير الدين لدين آخر وموقع هذا التغيير من الحرية الدينية؟  ** دعنا قبل النظر في موضوع التنصير من زاوية الحرية الدينية أن ننظر إليه من منظور وحدة الأديان السماوية.   فالمسيح عليه السلام ليس أوروبيا ولا أمريكيا، والمسلمون أكثر التزاما بتعاليمه التي تضمنها القرآن، وهم أحق الناس به، فالله تعالى اختاره من سكان فلسطين.   وسكان فلسطين والمنطقة العربية الذين آمنوا بالمسيح عليه السلام ليسوا هم القائمين على مشروع التنصير في العالم الإسلامي، وإنما الذي يقوم بتلك الحملات هم الأوروبيون والأمريكيون، وهؤلاء أبعد ما يكونون عن حقيقة المسيح ودين المسيح!!.  والحقيقة الثانية: أن دعوة المسلمين إلى المسيحية هو تحصيل حاصل، لأن المسلمين يؤمنون أصلا بالمسيح عليه السلام، ويقدسونه ويقدسون أمه وينزهونهما أكثر مما يفعل من يُعتَقد أنهم مسيحيون.   لذلك إن كان هؤلاء يريدون دعوة المسلمين للمسيح، فالمسلمون يؤمنون به ولا يصح إيمانهم إلا إذا آمنوا بالأنبياء والرسل السابقين، ومن بينهم المسيح عليه السلام.   والمسألة الثالثة في موضوع التنصير: هي أن هذه الدعوات مشبوهة، كما قال بذلك مسيحيون عرب، وسبق لي أن التقيت ببعض قادتهم، وهم أقرب للمسيحية من غيرهم، فهم يقولون إن المسيحية التي يدعى إليها اليوم، خاصة من لدن الأمريكيين، هي صهيونية مسيحية وليست مسيحية دينية، وهي تخدم أهدافا سياسية لليمين الإنجيلي المتطرف بأمريكا وللصهيونية العالمية، ولا علاقة لها بالدين مطلقا.   أما الحقيقة الرابعة: فهي أن هؤلاء الإنجيليون المهووسون لهم مخطط يهدفون من ورائه لأن تكون الإنجيلية سنة 2050 المذهب الأول في العالم، ويطمحون إلى « استنبات » أقليات مسيحية في البلدان الإسلامية للضغط عليها بدعوى حماية الأقليات، وهو ما يقوم به تقرير الحرية الدينية، الذي تصدره الخارجية الأمريكية كل سنة.  وربما لا يعلم الكثيرون أن فكرة هذا التقرير المشبوه أتت في سنة 1994 عن طريق محام يهودي أمريكي هو « مايكل هورفيتز »، والذي قاد حملة تحت شعار »اليهودية والمسيحية في مواجهة الإسلام »، وتحت هذا الضغط وضغط اللوبي اليهودي والإنجيلي المتطرف تم تشريع قانون الحرية الدينية سنة 1998، وأصبح هذا التقرير يصدر دوريا كل سنة، وعليه فالقضية لا علاقة لها بالحرية أو الاعتقاد. * ولكن أحيانا تثار شبهة مرافقة للحديث عن عمليات التنصير وهي: لماذا يمارس المسلمون الدعوة بحرية إلى الإسلام في البلاد المسيحية ونرفض أن يمارس المسيحيون الدعوة إلى المسيحية في البلدان الإسلامية؟   ** هذا -في رأيي- سؤال مغلوط، فجمعيات الجاليات المسلمة في أوروبا وأمريكا تقوم بوظيفة الدعوة لتثبيت المسلمين على دينهم، ولا تتوجه بذلك إلى الأوروبيين والأمريكيين، ولا توجد منظمة أو دولة إسلامية تخصص اعتمادات وميزانيات لهذه الجاليات لدعوة غير المسلمين.   كما أن الذين يقتنعون بالإسلام في البلدان الغربية هم جزء من النخبة المثقفة والمفكرة ومن الرموز الاقتصادية والاجتماعية البارزة في بلدانهم، وهم لا يخضعون لأي ضغط، وإنما يسلمون نتيجة اقتناع تام وبعد القيام ببحث تلقائي.   ولكن الصورة معاكسة في البلدان الإسلامية، فهناك منظمات ودول تدعم التنصير، وثبت بالحجج الدامغة أن الرئيس الأمريكي السابق « جورج بوش »، كانت لديه خلية بالبيت الأبيض، يتابعها شخصيا » من أجل تنصير وأنجلة العالم، ومن بين المستهدفين مسلمون من فئات اجتماعية فقيرة؛ حيث تستغل الهشاشة المعرفية والحاجة المادية والأزمات والحروب لتغيير معتقداتهم، أي إن هناك دولة أو دولا وراء عملية التنصير.   وهذا نوع من الإكراه الديني الذي يستغل الظروف الاجتماعية للمجتمعات والسياسية للدول، فهو إكراه وابتزاز خلافا للقاعدة المقررة: (لا إكراه في الدين).   وليس هناك إطلاقا علاقة بين الحرية الدينية والدعوة الإسلامية، وإذا ثبت أن مسلما قرر بمحض اختياره أن المسيحية دين مناسب -وهو أمر مستبعد جدا– فله كل الحرية، فالإسلام لا يعاقب إلا على المجاهرة بالردة ولا يعاقب على الردة في حد ذاتها، فالإسلام دين للأمة، وفي نفس الوقت نظام عام للدولة لا تجوز مخالفته، ولتقريب الصورة فإن العلمانية في فرنسا نظام عام للدولة، وقد حظرت حجاب التلميذات المسلمات بحجة أنه يخالف النظام العام ويهدد العلمانية.   ومثلما اشترطت الشريعة الإسلامية أربعة شهود عند الاتهام بالزنا، والجهر بالإفطار في رمضان لكي يتم التجريم والعقاب عن طريق أهل العلم والقضاة لا غيرهم، كذلك الأمر على من يتهم بالجهر بالردة، وذلك هو ما قرره مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي المنعقد بالشارقة أخيرا.  الحرية بين الممارسة والضبط  *يعتقد البعض أن الأحكام الدينية والأخلاقية فيها تضييق لهامش حرية الأفراد في الاختيار وضبط سلوكه الاختياري، ما رأيكم في هذا القول؟  ** ضبط ممارسة الحرية الدينية وحرية الاعتقاد والتعبير والتنقل وغيرها أمر موجود في كل الشرائع، سواء السماوية أو الوضعية أو المواثيق الدولية، وكلها تبيح للدول أن تضبط ممارسة الحرية، إذ لا توجد حرية بدون قيد أو شرط.   والقوانين في جميع بلاد الدنيا، سواء في أمريكا أو أوروبا، وكذا الدول العربية تبيح هذا التقييد، ومن المواثيق الدولية « العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية »، ويصرح في مادته 18 ومادته 19، اللتين تنظمان حرية الاعتقاد والتعبير، أنه لا يمكن أن تحد حرية الاعتقاد والتعبير إلا بالحدود التي تضعها الدولة لتطابق نظامها العام.   فالمواثيق الدولية، التي يتنادى إليها البعض من أجل إيجاد خرق في المجتمعات الإسلامية، هي نفسها تبيح للدول أن تضبط وتنظم ممارسة الحريات، والحرية إن لم تنظم في أي مجتمع من المجتمعات تصير فوضى.   وفي المجال الاقتصادي أيضا، نقول إن هذه الدولة ذات اقتصاد ليبرالي أي اقتصاد حر، لكن مع ذلك من أراد أن يمارس نشاطا اقتصاديا فلابد أن يراعي القوانين السارية في البلد ويخضع للرخص والضوابط، التي يضعها المشرع.   وهنا نذكر بالضجة التي أثيرت في فرنسا سنة 2002 من أجل الحد من حرية الفتيات المحجبات، إذ وجدنا أن رئيس الدولة نفسه اعتبر أن الحجاب في المدارس يهدد نظام الدولة العلماني، وعين لجنة « ستازي » وأفتت بحظر الحجاب في المؤسسات التعليمية وبعض الإدارات، رغم أنه في منظورنا -نحن المسلمون- هو ممارسة دينية عادية، وليست عنيفة أو متطرفة ولا إرهابية.   والسؤال: لماذا لم يحتج دعاة الحرية من غير المسلمين على هذا الضبط، ولو أن فيه تعسفا على حق الآخر في الاعتقاد الديني؟ ولماذا نحتج على البلدان الإسلامية إذا وضعت تشريعات تضبط بها ممارسة الحرية الدينية وفق نظامها العام حتى لا يقع تفلت أو مجاهرة، ولماذا تدخلت فرنسا « العلمانية » في الجزائر مؤخرا، وعلى أعلى المستويات للضغط من أجل إلغاء قانون تنظيم ممارسة الشعائر الدينية؟   وما أريد التأكيد عليه، أن القرن 21 هو قرن الصحوة الدينية في العالم كله، وليس في العالم الإسلامي فقط، وهو ما تنبأ به « أندري مارلو » أحد كبار فلاسفة فرنسا مبكرا، منذ سنة 1955، بقوله: « إن القرن 21 إما أن يكون دينيا أو لا يكون »، علما أن الرجل ليس متدينا.   ولا يندهش أحد حينما نقول إن بعض المفكرين أكدوا أن الدول الأكثر أصولية في العالم ليست دولا إسلامية، ولكنها دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية و »إسرائيل » والهند، وحتى إيران صنفها الدارسون في أمريكا، بأنها أقل « أصولية » من تلك الدول الثلاث.   إذن، فهناك انبعاث وإحياء ديني في العالم، ولا توجد سوى خمس دول تنص دساتيرها صراحة على العلمانية وهي: فرنسا (سنة 1793 وسنة 1905)، والمكسيك ) سنة 1917)، وتركيا (سنة 1923)، واليابان (سنة 1946)، والهند (سنة 1948)، وعلى المثقفين المسلمين بالخصوص، وفيهم العلمانيون، الذين يخجلون من الانتماء إلى مجتمعات متدينة، أن يراجعوا أنفسهم؛ لأن الدين وما فيه من قيم وأخلاق وعبادات، كلها تهدف إلى إسعاد الإنسان في الدنيا والآخرة، كما أن الضوابط المرتبطة بممارسة الحرية، لا يراد منها كبح اختيارات الإنسان في حريته، وإنما تنظيم هذه الحريات لتكون أكثر عطاء وإسعادا  للإنسان.   والإنسانية اليوم تكتشف أن قيم الإسلام وشرائعه وأخلاقه قيم صالحة للعالم كله، سواء في المجال الاقتصادي أو الأخلاقي أو المجال العقدي أو في غيره من المجالات.   وعلى النخب المثقفة ألا تبقى متحجرة على المد الإلحادي، الذي هيمن على مرحلة السبعينيات من القرن الماضي مع التوجه الشيوعي؛ لأن اليوم هناك حقائق أخرى، وكثير من المفكرين الكبار راجعوا أفكارهم وأوراقهم ومنهم « أنطونيو غرامشي » في سنة 1928، الذي كان ماركسيا، وراجع أفكاره وأكد على ضرورة استغلال جميع طاقات المجتمع المدني ومنها الطاقات الدينية، ولكن هذا الرجل اغتاله الماركسيون في المكسيك؛ نظرا لأنه أعطى مكانة للدين ضمن الطاقات المحركة لقدرات المجتمع.  حرية المعصية   * يذهب البعض إلى أن أول ممارسة للحرية في الكون كانت من آدم، عليه السلام في الجنة، لكن هذه الحرية ترتب عليها الوقوع في معصية الأكل من الشجرة المحرمة، كيف نقارب الحرية بثنائية الطاعة والمعصية؟ ** دائما نجد أن التأصيل الشرعي يأتي موافقا للفطرة؛ لأن ما قام به سيدنا آدم عليه السلام يمكن نقله وتنزيله على كل إنسان بصفة عامة، وكل مسلم بصفة خاصة. فالفرد يمارس حريته وفق الضوابط المسموح بها، فمباح له أن يأكل ويشرب ما يشاء، ولكن هناك محظورات معينة، بعضها يترتب عليه تبعات في الدنيا وبعضها له تبعات في الآخرة، وبعضها يترتب عليه تبعات في الدنيا والآخرة.   والمنظومة التشريعية للإسلام تتميز بهذه الثلاثية في ضبط جميع المجالات والممارسات، فهناك ضوابط تشريعية دنيوية، وضوابط تشريعية أخروية، وضوابط أخلاقية مشتركة، فالمسلم الصالح يكتفي بالضوابط الأخلاقية، ويمتنع عن المحرمات والمحظورات وغيرها، وبعض المسلمين لا تنفع معه الضوابط الأخلاقية فيردع بالضوابط التشريعية والقانونية، وبعضهم يفلت من الضوابط الأولى والثانية، فيتحمل تبعات سلوكه يوم القيامة. وهذه الضوابط الثلاثة تجعل المجتمع المسلم أكثر قابلية للانضباط، خاصة إن كان المنهج التربوي والتعليمي يوضح هذه المجالات ويرسخها في أذهان الناشئة، مما ينتج نوعا من الاحترام التلقائي للشرائع والقوانين والضوابط. * قد تنطبق ذلك التصور على المنظومة الإسلامية، والمخاطب بهذا الخطاب شريحة المسلمين، كيف الحال في المجتمعات متعددة الديانات والأعراق والثقافات؟ ** الإسلام في المجتمع الإسلامي الأول، الذي نظمه الرسول الكريم في المدينة المنورة، عرف تنوعا بين سكانه، فقد كان فيه المسلمون واليهود وغيرهم، وجاءت الوثيقة، أو الدستور الأول للمدينة ونظمت العلاقة على أساس المساكنة، وهو ما نسميه اليوم بـ « المواطنة »، فتحدثت بعض البنود عن يهود مختلف البطون والأحياء. كما أن هناك بنودا تحدثت عن أن المسلمين واليهود « أمة من دون الناس »، أي أنهم يشكلون مجتمعا متعدد الديانات، للمسلمين دينهم، ولليهود دينهم، وفي القرآن الكريم: (لكم دينكم ولي دين)، فهذا التعايش مع غير المسلم موجود في حضارتنا الإسلامية. وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه طرحت قضية مجوس منطقة هجر، فتساءل عمر رضي الله عنه عن كيفية التعامل معهم؛ لأن النصوص الشرعية توضح العلاقة مع أهل الكتاب، لكن العلاقة مع المجوس علاقة جديدة، فجمع الصحابة رضوان الله عليهم جميعا، واستشارهم في الأمر، فقال أحد الصحابة إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « سنوا بهم سنة أهل الكتاب ». ولهذا فغير المسلمين، سواء من أهل الكتاب أو غير أهل الكتاب، يمكن أن يتعايشوا في المجتمع الإسلامي، وتحترم عقائدهم وأماكن عبادتهم، وممارسة أحوالهم الشخصية.   وهذا المعنى ليس خياليا، ولكن تم تطبيقه عبر تاريخ الإسلام من بدايته إلى الآن، ففي المغرب مثلا هناك أقلية يهودية لها كل المقومات، وبالمقابل هناك جالية مسلمة في أوروبا لا يسمح لها بتطبيق الأحوال الشخصية إلى الآن، ومكانة اليهود وموقعهم السياسي والاقتصادي بالمغرب أكبر من حجمهم العددي، والمسلمون لا يحتجون على ذلك.   وحينما اضطهد اليهود في العالم، خاصة في إسبانيا، لم يجدوا ملجأ إلا عند المسلمين، خاصة في المغرب والدولة العثمانية، التي كانت تحكم بقية البلدان الإسلامية، وهم يعترفون بذلك. وبعد نهاية الحرب الثانية وفي حكومة « فيشي » الفرنسية، التي كانت موالية لهتلر، طلبت من ملك المغرب محمد الخامس رحمه الله أن يسمح لها باستئصال اليهود في المغرب فرفض ذلك رفضا قاطعا، واستند في رفضه إلى أن في عنقه « عقد ذمة » منذ 12 قرنا يلزمه بحفظ ذمة هذه الطائفة، ودفع بسبب ذلك الموقف ثمنا غاليا كلفه عرشه، بل وتم نفيه من المغرب، واليهود يعرفون هذا جيدا، ويقدرونه. وفي ماليزيا مثلا، يتعايش فيها المسلمون (65%) مع طوائف أخرى تضم المسيحيين والهندوس والكنفوشيوس (35٪)، ومعابدهم محترمة، وأحوالهم الشخصية محترمة، بل إن إمكاناتهم الاقتصادية والمالية أكبر مما عند الـ(65%) من سكان ماليزيا من المسلمين. نحن نمارس الحرية عمليا وتاريخيا ممارسة حقيقة وليس نظريا، نطبقها بنص شريعة الإسلام والممارسة النبوية، فالرسول صلى الله عليه وسلم، وقف لما مرت أمامه جنازة يهودي، ولما تعجب بعض الصحابة من فعلته، قابلهم بسؤال استنكاري: « أليست نفسا؟ ». أي هي نفس إنسانية مقدرة خلقها الله عز وجل، وجب احترامها، أما اختلاف العقيدة فموكول إلى الله عز وجل.   وفي هذا النطاق نقول للآخرين نحن أكثر تقدما منكم في احترام الطوائف الدينية، ففي فرنسا نجد أن الطائفة اليهودية تتمتع بتطبيق أحوالها الشخصية، بخلاف الجالية المسلمة، التي تحرم من حقها.  وفي إنجلترا لما طالب « روان ويليامز » رئيس الكنيسة الأنجليكانية بفتح الباب للمسلمين للاحتكام لشريعتهم الإسلامية في أحوالهم الشخصية استنكر الكثيرون عليه ذلك، وأقيمت ضده حملة تشهير كبيرة.  إشكالات الحرية والردة  * لو عدنا لقضية الردة، كثر الحديث عن عقوبة الردة والمرتد بين القتل والتعزير، وبينت بين الارتداد المستور والارتداد المجاهر، كيف تقارب القضية بتوضيح الإشكالات التي تطرحها قضية الردة؟ ** الحكم بالكفر أو القتل بسبب الارتداد، مسألة احتاط فيها العلماء المسلمون احتياطا كبيرا جدا، وهناك نصوص نفيسة جدا، خاصة عند العالم الكبير أحمد بن إدريس القرافي، وهو عالم من القرن السابع الهجري، وفي كتابه « الفروق »، يتحدث عن الاحتياط في التكفير، ويقول ما معناه أن نحكم على الإنسان بالكبائر أحسن من القول إنه كفر، انطلاقا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: « إذا قال المسلم لأخيه المسلم يا كافر فقد باء بها أحدهما ». وقد تطرق مجمع الفقه الإسلامي، الذي عقد دورته أخيرا بمنطقة الشارقة بالإمارات، إلى حرية الاعتقاد بصفة عامة ومسألة الردة، وأكد أن أمر التكفير والردة موكول إلى سلطة القضاء، وكان محور الحديث عن المجاهرة بالردة، وليست الردة في حد ذاتها، وهذا يأتي انسجاما مع النصوص الشرعية، التي ذكرنا بعضها سابقا؛ لأن مسألة الاعتقاد مسألة ذاتية خاصة بالإنسان وهو يتحمل مسئوليته فيها في الدنيا والآخرة، لكنها تدخل في النظام العام للدولة، وبذلك يمكن لأجهزة الدولة أن تفرض من العقوبات ما تراه مناسبا لمعالجة هذه الاختلالات.   العلامة المغربي علال الفاسي رحمه الله أوجد في كتابيه « دفاعا عن الشريعة الإسلامية » و »مقاصد الشريعة الإسلامية » تأصيلا لمسألة درء الحدود بالشبهات؛ حيث أعطى مثالا لذلك بحد « الزنا »، وميز بين الشبهات الخاصة، التي تكون في ملف المتهم بالزنا، وما يمكن تسميته « الشبهات العامة »، التي تميز حال المجتمعات المسلمة اليوم، مثل انتشار التبرج والعري وانتشار المغريات التي تفتن الشباب.. فهذه أيضا تدخل في الشبهات التي تدرأ بها الحدود. ويمكن إعطاء المثال هنا أيضا بشبهة الفقر والمجاعة، التي جعلت الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعلق -ولا أقول يلغي- حد السرقة ما دامت شبهة المجاعة قائمة اجتماعيا.  وشخصيا لا أستطيع إعطاء رأي جازم في المسألة، ولكن أستطيع أن أقول إن هذه المسألة يجب أن تستحضر لدى المجامع الفقهية في مقاربة حكم الردة في هذه المرحلة لعوامل متعددة، منها أخذ الشبهات العامة بعين الاعتبار، وحجم الضغوط الدولية ومسألة المجاهرة، وحماية الحق العام الذي يؤول لولي الأمر.  وولي الأمر اليوم لم يعد فردا، وإنما هناك سلطات ومؤسسات وأجهزة، وهناك دراسات علمية يجب أن تراكم في هذا المجال، ولدي دراسة خاصة قيد الإعداد حول الجوانب المرتبطة بموضوع الردة.   * إذا أردنا إعادة تركيب مفهوم الحرية الدينية وفق الرؤية والممارسة الإسلامية، ما هي خصائص وحدود هذه الحرية الدينية؟   ** يجب أن نستحضر أولا أن الحرية الدينية هي مسألة أساسية؛ لأن كل إنسان مسئول عن مصيره واختياره وحياته، وبما أن المسئولية يتحملها كاملة غير منقوصة، فكذلك ينبغي أن يترك له الاختيار كاملا غير منقوص.  وثانيا: فالحرية المطلوبة هي حرية منضبطة وليست منفلتة أو متسيبة، أي إن أي إنسان يمكن أن يمارس اختياراته وحريته في إطار الضوابط التي يضعها المجتمع الذي يعيش فيه.   وثالثا: إن الأنظار والاهتمامات مصوبة نحو المسلمين، فينبغي ألا يستثمر بعض المسلمين -من توجهات فكرية متغربة- هذا الاهتمام الدولي لمزيد من الضغط على مجتمعاتهم للتخلي عن قيمها وحضارتها وثقافتها تحت ستار « الحرية الدينية » وإحداث اختراقات في بنيتها القيمية والفكرية.   والمسألة الرابعة: أن جميع المجتمعات تضع ضوابط للحرية وفق نظامها العام، فالدنمارك مثلا -التي أسيء فيها للرسول صلى الله عليه وسلم بدعوى حرية التعبير- نجد فيها مواد قانونية وأحكاما قضائية صدرت تنصف بعض الطوائف المسيحية واليهودية، لكن هذه المواد نفسها لما استند عليها المسلمون، نجد أن المنطق القضائي التف على الموضوع بالقول: « صحيح أن المسلمين شعروا بالإهانة، لكن المحكمة لم تقتنع بأن هذه الإهانة عامة أو أنها مست بالمعتقد »، وبذلك مورست الازدواجية في تطبيق النص.   ونحن لدينا في فقهنا الإسلامي قاعدة « إعمال النص أولى من إهماله »، فلابد من إعمال النصوص، سواء في البلدان الإسلامية أو غيرها، وأن تستثمر المواثيق الدولية لنحتج بها في الدفاع عن قضايانا العادلة، ولا نكتفي فقط كما دأبنا حتى الآن بالمطالبة بمراعاة خصوصياتنا الثقافية والسياسية وغيرها؛ لأن الاكتفاء بالاتكاء على الخصوصية يحشرنا في الزاوية الضيقة.  صحفي مغربي.
(المصدر: موقع إسلام أونلاين نت بتاريخ 7 جوان 2009) http://mdarik.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1242759231253&pagename

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.