الثلاثاء، 9 سبتمبر 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année,N°3031 du 09.09.2008
 archives : www.tunisnews.net 


حــرية و إنـصاف : الحقوقي عبدالكريم الهاروني كاتب عام لمنظمة حرية و إنصاف: بـــلاغ

حــرية و إنـصاف : حملة جديدة بالجامعة التونسية : لا لترسيم المحجبات : مدير معهد عالي يحرم الطالبات المحجبات من حق الترسيم

ايلاف: تونس: حملة لحرمان المحجّبات من التّسجيل بالجامعات

حــرية و إنـصاف : عائلة زياد الفقراوي : ابني مضرب عن الطعام و إدارة سجن المرناقية منعتنا من زيارته

حــرية و إنـصاف : محاكمة مجموعة بنزرت

الأساتذة المطرودين عمدا: رسالة إلى الإخوة أعضاء لقاء الجهات

خميس بن بريك : تواصل اعتصام عمال صوتيتال التونسية   

حفناوي بن عثمان : رسالة قصيرة إلى الإخوة والرفاق بالإتحاد العام لطلبة تونس
كلمة:أخبــــــــــــــــــــــــــــــار
مرسل الكسيبي : التيار الوسطي في تونس: الاصلاح السياسي أم الاصلاح الحضاري?

عبد اللطيف الهرماسي : من أجل وقفة تفكير حول الخطّة السياسية : للحزب الديمقراطي التقدمي

الحوار.نت : حركة النهضة على صفحات ‘ الصباح ‘

الاسلام اليوم : إسلاميو تونس والسلطة.. أزمة ثقة

مراد رقية : وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا والبنك الدولي؟؟؟

إسماعيل دبارة : مع حلول الذكرى السّابعة لهجمات أيلول 2001 : التونسيّون:عين على الدّاخل المستقرّ… وعين على الجزائر المضطرب

قدس برس  :  تونس : نشاطات علنية متزايدة تستقوي بالمال وأتباع بالمئات لطائفة شهود يهوه التنصيرية

كمال بن يونس : بعد التحويرات الأخيرة في الحكومة والديوان السياسي : ملفـات الـوزراء والمسؤولـين الجـدد

رويترز: انخفاض التضخم السنوي في تونس الى 4.5 % في أغسطس

رويترز: ايرباص تقرر بناء مصنع في تونس وتخفض التكاليف

رويترز: تقرير حكومي: خمسة ملايين سائح زاروا تونس في ثمانية أشهر

الصباح : تحسن متواصل للمستوى التعليمي للمشتغلين ونصفهم يتمتعون بمستوى تعليم ثانوي أو عال

الصباح : اندلاع حريق بمصب الفضلات بالحمامات : مجهودات كبيرة لاخماد الحريق استوجبت تدخل الجيش باستعمال طائرة عمودية

د. خالد الطراولي : المصارف الإسلامية في تونس :  نافذة ربحية قابلة للرواج : الصيغة القانونية بين البنك المركزي والكفاءة الشرعية

د.خــالد الطــراولي : بنـك الزيتونــة الإسلامــي : لنضع النقـاط علـى الحـروف![الجـزء الأول]

زاهد المنتصر : غرائب من باريس إلى تونس

عبد السّلام بو شدّاخ : شهر رمضان شهر الانتصارات للمسلمين :  دروس و عبر

أيمن شرف : مستقبل الإخوان المسلمين في مصر

    


 

(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم  وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 

 

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6-منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8-عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1-الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلو


 أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني : liberte.equite@gmail.com تونس في 09/09/2008 الموافق لـ 09 رمضان 1429

الحقوقي عبدالكريم الهاروني كاتب عام لمنظمة حرية و إنصاف

بـــلاغ

قرر المكتب التنفيذي لمنظمة حرية و إنصاف في اجتماعه الدوري المنعقد مساء أمس الاثنين 08 سبتمبر 2008 تكليف السيد عبدا لكريم الهاروني بمهمة كاتب عام للمنظمة مع جميع الصلاحيات التي يخولها له القانون الأساسي و القانون الداخلي للمنظمة.   
عن المكتب التنفيذي   رئيس المنظمة الأستاذ محمد ألنوري

أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني : liberte.equite@gmail.com تونس في  9 رمضان 1429 الموافق ل 09/09/2008

حملة جديدة بالجامعة التونسية : لا لترسيم المحجبات مدير معهد عالي يحرم الطالبات المحجبات من حق الترسيم

رفض مدير المعهد العالي للدراسات التكنولوجية بسيدي بوزيد ترسيم الطالبات المحجبات في المعهد المذكور و قد أمر حارس المعهد بعدم السماح للطالبات المحجبات باجتياز باب المعهد كما أعطى أوامره لإدارة المعهد بعدم ترسيم أية فتاة ترتدي حجابا و على ذلك الأساس لم يقع ترسيم أية طالبة محجبة بالمعهد المذكور منذ يوم الجمعة 5 سبتمبر 2008 و قد بلغ عدد الفتيات المحجبات اللاتي منعن من الترسيم لحد هذا اليوم ما يزيد عن عشرين طالبة. و تجدر الإشارة إلى أنه سبق لمدير المعهد المذكور المدعو محمد الصغير الزعفوري أن أبدى رغبته في حرمان الفتيات المحجبات من إجراء الامتحانات في نهاية العام الدراسي الماضي و تولى شخصيا منعهن من الدخول إلى المعهد مما تسبب في اضطرابات في صفوف الطلبة لم تنته إلا بعد تراجع المدير المذكور عن موقفه. و حرية و إنصاف التي سبق لها أن اعتبرت أن هذا التصرف فيه تجاوز خطير للسلطة من طرف مدير المعهد المذكور و اعتداء على الحريات الشخصية و على حق الطالبات في اختيار اللباس و طالبت بمحاكمة المدير المذكور و جبره على تعويض الأضرار الحاصلة للطالبات. تطالب وزارة الإشراف بتحمل مسؤوليتها كاملة و التدخل لوضع حد لهذه الانتهاكات الخطيرة للحقوق الأساسية للطلبة و وقف العمل بالمنشور سيء الذكر الذي يحد من حرية اللباس لمخالفته الصريحة للدستور و القوانين و العهود و المواثيق الدولية التي صادقت عليها تونس.  
عن المكتب التنفيذي للمنظمة          الرئيس   الأستاذ محمد النوري


تونس: حملة لحرمان المحجّبات من التّسجيل بالجامعات

     

إسماعيل دبارة من تونس:
 كشف الحقوقي التونسي محمد النوري في تصريحات لإيلاف اليوم عن أنّ عدد الطالبات المحجبات اللاتي منعنا من الحقّ في الترسيم بالجامعات بلغ ما يزيد عن 20 طالبة « . و قال النوري: »علمنا برفض مدير المعهد العالي للدراسات التكنولوجية بمحافظة سيدي سيدي بوزيد ترسيم الطالبات المحجبات في المعهد المذكور و قد أمر حارس المعهد بعدم السماح للمحجبات باجتياز باب المعهد كما أعطى أوامره لإدارة المعهد بعدم ترسيم (تسجيل) أية فتاة ترتدي حجابا و على ذلك الأساس لم يقع ترسيم أية طالبة محجبة بالمعهد المذكور منذ يوم الجمعة 5 أيلول . » و أضاف » سبق لمدير المعهد المذكور و اسمه محمد الصغير الزعفوري أن أبدى رغبته في حرمان الفتيات المحجبات من إجراء الامتحانات في نهاية العام الدراسي الماضي و تولىّ شخصيا منعهن من الدخول إلى المعهد مما تسبب في اضطرابات في صفوف الطلبة لم تنته إلا بعد تراجع المدير المذكور عن موقفه ».   واعتبر النوري هذا التصرف « تجاوزا خطيرا للسلطة من طرف مدير المعهد المذكور و اعتداء على الحريات الشخصية و على حق الطالبات في اختيار اللباس. و طالب بمحاكمة المدير و جبره على تعويض الأضرار الحاصلة للطالبات. كما طالب وزارة الإشراف بـ »تحمل مسؤوليتها كاملة و التدخل لوضع حد لهذه الانتهاكات الخطيرة للحقوق الأساسية للطلبة و وقف العمل بالمنشور 108 سيء الذكر الذي يحد من حرية اللباس لمخالفته الصريحة للدستور و القوانين و العهود و المواثيق الدولية التي صادقت عليها تونس ». وتواترت في الأيام الثلاث الأخيرة التقارير الصحفية و الحقوقية عن حرمان عدد من الطالبات المحجبات من الترسيم في الأجزاء الجامعية المختلفة بعدد من مناطق البلاد. و دانت ما يعرف بـ »لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس » بشدة في بيان وصل إلى ‘إيلاف’ نسخة منه ما سمّته « الاستهداف الممنهج الذي تتعرض له المحجبات »، داعية أصحاب الشأن إلى الكف عن « الانتقاص من حرية النساء المحجبات والتخلي عن وسائل الإكراه والتخويف والضغوط التي تمارس عليهن لإقصائهن من الحياة العامة، وابتزازهن في حقهن في التعليم مقابل التخلي عن لباسهن الذي اخترنه عن قناعة، ويراد من خلال تلك الوسائل تغيير قناعتهن بالإكراه ». وناشدت اللجنة في بيانها  » كل المنظمات والهيئات والشخصيات الحقوقية، والدعاة والعلماء للوقوف بحزم، في وجه الحملة التي عادت السلطات التونسية لشنها ضد المحجبات من النساء والفتيات وخاصة طالبات العلم منهن » ، ودعت إلى الوقوف أمام ما وصفته بـ « إدمان السلطات التونسية استضعاف النساء المحجبات وترويعهن، وتسخير هياكل الدولة ومؤسساتها العمومية لتكريس التمييز والغبن والتخويف بحقهن ». و تنفي الحكومة التونسية من جهتها استهداف المحجبات في مثل هذه الفترة من السنة والتي تشهد فيها مختلف الجامعات و المعاهد العليا عودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة ، و تصرّ بالمقابل على منع ما تسميه « الزيّ الطائفي و اللباس الخليع في الإدارات العمومية. »   محاكمة مجموعة من الشباب   و في سياق منفصل مثل اليوم الثلاثاء أمام أنظار الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة برئاسة القاضي فوزي الجبالي كل من الشاب الياس منصر و كريم التياهي (الاثنان بحالة إيقاف) وهما من محافظة بنزرت (80 كلم شمال ) بتهم تتعلق بـ » عقد اجتماعات غير مرخص فيها »، إلا أن القاضي قرّر حجز القضية للمفاوضة و التصريح بالحكم لجلسة يوم 18 أيلول المقبلة. كما مثل كلّ من اسكندر البوغانمي و معز القاسمي و محمد وائل بومعيزة و بشير المحمدي و بشير بن شعبان أمام أنظار المحكمة الابتدائية بتونس من أجل تهم تتعلق بالإرهاب. و يحاكم الشباب الخمسة بموجب قانون 10 ديسمبر 2003 المتعلّق بمساندة المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب و غسيل الأموال، و قرر القاضي تأجيل النظر في القضية لجلسة قادمة.    (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 9 سبتمبر 2008)


عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني : liberte.equite@gmail.com   تونس في  9 رمضان 1429 الموافق ل 09/09/2008

عائلة زياد الفقراوي: ابني مضرب عن الطعام و إدارة سجن المرناقية منعتنا من زيارته

منعت إدارة سجن المرناقية عائلة سجين الرأي الشاب زياد الفقراوي من الزيارة بدعوى أنه يخضع لعقوبة الحبس الانفرادي نتيجة دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام منذ يوم الجمعة 5 سبتمبر 2008 و هي المرة الثالثة التي يشن فيها إضرابا عن الطعام للمطالبة بإطلاق سراحه بعد الزج به في قضية ملفقة إثر تضمن التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية للمظلمة التي تعرض طيلة اعتقاله في المرة الأولى من سنة 2005 إلى سنة 2007 و لمختلف أنواع التعذيب التي تعرض لها و التي خلفت له عجزا جنسيا مما اضطره لرفع قضية ضد أحد جلاديه. و حرية و إنصاف تناشد كل المنظمات و الجمعيات الحقوقية في الداخل و الخارج لتكثيف جهودها من أجل إطلاق سراح سجين الرأي الشاب زياد الفقراوي و كل الشبان الذين اعتقلوا تحت طائلة قانون 10 ديسمبر 2003 الغير دستوري. عن المكتب التنفيذي للمنظمة         الرئيس  الأستاذ محمد النوري

أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com     تونس في  9 رمضان 1429 الموافق ل 09/09/2008

محاكمة مجموعة بنزرت

مثل اليوم الثلاثاء 9 سبتمبر 2008 بحالة إيقاف أمام أنظار الدائرة الجناحية الصيفية بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي فوزي الجبالي كل من الياس منصر و كريم التياهي أصيلي مدينة بنزرت من أجل عقد اجتماعات غير مرخص فيها و حضر نيابة عن المتهمين الأستاذ منذر الشارني و قد قرر القاضي حجز القضية للمفاوضة و التصريح بالحكم لجلسة يوم 18 سبتمبر 2008. كما تم في اليوم نفسه مثول كل من اسكندر البوغانمي و معز القاسمي و محمد وائل بومعيزة و بشير المحمدي و بشير بن شعبان أمام أنظار المحكمة الابتدائية بتونس من أجل تهم لها علاقة بقانون 10 ديسمبر 2003 الغير دستوري ، و قد قرر القاضي تأجيل النظر في القضية لجلسة قادمة.

 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

إنّا لله و إنّا إليه راجعون

كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) الرحمان  

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنّـــــــَتِي (30) الفجر بمزيد من الأسى و الألم بلغنا نبأ وفاة والدالأخ منصف مقدود يوم الثّلاثاء 09.09.2008 نسأل الله له القبول و الرحمة و المغفرة و أن يسكنه فسيح جنانه مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا كما نسأل الله الرحمان الرحيم أن يتحنن على أهله و ذويه و يرزقهم جميل الصبر و عين اليقين. لآداء واجب العزاء: الاتصال بالأخ منصف مقدود : 0041413220260 | 0041788994996    العربي القاسمي

2008 تونس في 9/9/

رسالة إلى الإخوة أعضاء لقاء الجهات

 
الأخوة ممثلي الجهات:   تحية نقابية و بعد:   نتوجه إليكم في مفتتح السنة الدراسية و بعد عام بالضبط من صدور الإجراء التعسفي ضدنا و المتمثل في طردنا من العمل رغم كفاءتنا البيداغوجية و الإدارية، و كانت قناعتكم مشتركة معنا في أن قرار العزل قد تم على قاعدة التزامنا النقابي و انخراطنا الواعي في نضالات قطاعنا.   نتوجه إليكم لنطلعكم انه لم يحدث أي تطور في ملفنا رغم النضال الدؤوب الذي خضناه و إياكم، و يمثل الإضراب عن الطعام الذي دام 39 يوما ذروته، ذلك الحدث الذي اتحدت فيه إرادة القطاع اتحادا رائعا رسمنا من خلاله صورة أخرى مشرقة و مضيئة في تاريخ قطاعنا المناضل و الحركة النقابية عموما، تلك الملحمة التي تمت بإشراف نقابتنا العامة و مشاركة كل الأطر القاعدية المناضلة فضلا عن الإسناد الذي عبرت عنه اطر نقابية من خارج التعليم و كذلك الحركة الديمقراطية و المجتمع المدني.   إننا إذ نستحضر هذا فبغرض لفت انتباهكم إننا لاحضنا فتورا في التعاطي مع ملفنا مركزيا و جهويا و هذا من شانه أن يضعف ما تراكم من التفاف و مكاسب نرى اليوم لزاما إعلائه من اجل حل عادل و منصف  يمكننا من استعادة حقنا المسلوب و يعيد الاعتبار للعمل النقابي  و الهيبة لقطاعنا الصامد.      إن التمسك بمطلب إعادتنا إلى عملنا كجزء من مطالب القطاع و الالتزام بقرارات الهيئة الإدارية القطاعية الأخيرة – بما في ذلك الالتزامات المالية تجاهنا و التي انقطع جانبها القطاعي منذ شهر ماي و بالكامل منذ جوان عن زميلنا على الجلولي – من شانه أن يشعرنا أن القطاع لم يتخل عنا بل يضعنا من بين الاولويات.   إن ثقتنا في مناضلي قطاعنا و أطرنا النقابية هو ما يجعلنا ندعوهم جميعا إلى مواصلة إسنادنا في نضالنا الذي نتأهب لاستئنافه.  – عاشت نضالات الأساتذة المطرودين عمدا – عاشت نضالات التعليم الثانوي   الأساتذة المطرودين عمدا: – محمد مومني أستاذ فلسفة – على الجلولي أستاذ فلسفة – معز الزغلامي أستاذ إنجليزية لمراجعة ملف طردنا و يوميات إضراب الجوع ال 39 يرجى الدخول إلى مدوناتنا: -1- مدونتنا الأصلية المحجوبة في تونس و نطالب بإطلاق سراحها من اجل الحقيقة http://moumni.maktoobblog.com/ – 2- مدوناتنا البديل http://3profexclu.blogspot.com/ http://moumni2.maktoobblog.com/ -3- مدونتنا باللغة الإنجليزية و قريبا بلغات اخرى http://professors-expelled.blogspot.com/

 

تواصل اعتصام عمال صوتيتال التونسية

    

خميس بن بريك – تونس   تعيش الشركة التونسية للمقاولات السلكية واللاسلكية « صوتيتال » احتجاجات صاخبة تشنها الأوساط النقابية التي تقود اعتصاما منذ أيام ردا على نية تسريح أكثر من 400 عامل.   ويعتصم عشرات بعد فشل أول مفاوضات بين الطرف الإداري والنقابي الخميس الماضي بشأن الاتفاق على تسوية وضعية المتعاقدين الذين تتراوح مدة أعمالهم بين 5 و25 سنة دون انقطاع.   ويوضح قانون العمل التونسي أن كل من يتجاوز عقد عمله مدة أربع سنوات دون انقطاع لسنة يعتبر عاملا رسميا ثابتا، لكن الشركة المدعومة حكوميا تبقي مئات العمال دون تثبيت.   وتفاديا لبطء المعركة القضائية تختار الأوساط النقابية التفاوض مع الشركة التي تستحوذ « اتصالات تونس » -المشغل الحكومي للهاتف الجوال والأرضي- على 35% من رأس مالها.   ويؤكد الكاتب العام لنقابة الشركة علي الجمني في تصريح للجزيرة نت أن اللجوء إلى القضاء يبقى الخيار الأخير بشأن تسوية وضعية العمال بالنظر للإجراءات القانونية المعقدة.   ويقول « لقد قررنا مواصلة الاعتصام إلى حين التفاوض نهائيا بشأن مستقبل العمال، فإما تثبيت الذين فاقت مدة أعمالهم أربع سنوات أو حماية حقوقهم المادية بعد التسريح ».   علي الجمني (الجزيرة نت)   وقبلت مؤخرا شركة صوتيتال الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع نقابة العمال للبحث في الإشكاليات العالقة التي تتصل بملف الموارد البشرية.   لكن أول مفاوضات جمعت الثلاثاء الماضي ممثلين نقابيين عن الاتحاد التونسي للعمل والمدير العام لصوتيتال وممثل حكومي عن وزارة تكنولوجيات الاتصال أفرزت اتفاقا غير ناجح.   ويقول مدير الموارد البشرية لشركة صوتيتال نورالدين بوعلي في تصريح خاص إن نقابة العمال نقضت الاتفاق بشأن فك الاعتصام حتى تتضح وضعية العمال عبر المفاوضات.   تبادل اتهامات   وتتراشق الإدارة والنقابة الاتهامات حول فشل اتفاق أولى مفاوضات حل هذه الأزمة، في حين تبقى وضعية العمال الذين لا تزيد أغلب أجورهم عن 250 دينارا (198 دولارا) غامضة جدا.   وبينما أخفقت الشركة في فك اعتصام العمال الذي أثار جدلا واسعا، لم تتوصل النقابة لاتفاق مع الإدارة سواء على تثبيت فريق من العمال أو التفاوض على حقوق من سيسرح منهم.   وتلتزم الحكومة الصمت حيال الموضوع الذي يثير قضية البطالة في بلد يتخبط فيه حاملو الشهادات بحثا عن عمل، بينما دفعت خصخصة عشرات المؤسسات العمومية لتسريح مئات العمال.     عمال مضربون (الجزيرة نت) وتشير بيانات رسمية إلى أن معدل البطالة في تونس استقر في حدود 14% عام 2007، بينما تقول أوساط معارضة إن النسبة قد تكون أكبر بكثير.   ولم تصدر بعد أي تصريحات رسمية حول الموضوع، ومع أن الجزيرة نت اتصلت بجوهر الجموسي ممثل الطرف الحكومي في المفاوضات (عن وزارة تكنولوجيات الاتصال) فإنه أبدى تكتما.   تعيينات وخسائر ويشار إلى أن مجلس إدارة « اتصالات تونس » قام منذ نحو شهرين بتسمية مدير عام جديد، علما أن تعيين مدير عام جديد على رأس هذه الشركة يصبح بدوره مديرا عاما جديدا لشركة صوتيتال.   ويقول مراقبون إن هذا التحوير يأتي لضخ دماء جديدة في شركة « اتصالات تونس »، التي فازت « ديج تيكوم » الإماراتية عام 2006 بحصة 35% فيها مقابل 2.2 مليار دولار.   بينما يرى آخرون أن سبب هذا التعيين جاء في إطار تدخل الحكومة لحسم الملفات العالقة في شركة صوتيتال التي تعاني مصاعب كبيرة.   وقدرت صوتيتال خسائرها بـ1.583 مليون دينار في النصف الأول من 2008، وهي تسعى لإعادة هيكلتها لمواجهة المنافسة في تونس التي قلت فيها خدمات الهاتف الثابت الذي يعتبر أبرز مجالات عمل الشركة.     (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 9 سبتمبر 2008)


 

الرسالة الثالثة للطالب الناصري المناضل الحفناوي بن عثمان من داخل السجن المدني بقفصة.  وتريات سجنية(3) *رسالة قصيرة إلى الإخوة والرفاق بالإتحاد العام لطلبة تونس*

    إخوتي ورفاقي الأعزاء… أعلم أنكم تعدون لأنجاز مؤتمر الإتحاد العام لطلبة تونس ،مؤتمركم الموحد،تلك المنظمة العريقة التي تشرفت بالإنتماء إليها وناضلت صلبها صحبة رفاق وإخوة قدرتهم كثيرا وأحببتهم كثيرا ،تقاسمت معهم النضال كما الإيقاف والقمع وقاسمتهم رغيف الخبز وبقايا السجائر وخلدنا أيام جميلة كتبت بعرقنا ودماؤنا على جدران وأروقة الجامعة التونسية. رفاقي وإخوتى الأعزاء…تحية نضالية من داخل السجن المدني بقفصة ،أوصيكم من خلالها بصياغة لوائح مناضلة تليق بسمعة منظمتنا العريقة وأوصيكم بالديمقراطية لأنها الشرط الوحيد كي تعود منظمتنا إلى سالف إشعاعها ونشاطها وجماهيرتها. إلى كل الإخوة وجميع الرفاق في كافة القوى السياسية المناضلة ،حذار من العنف ،حذار من الإقصاء ،حافظوا على الإتحاد كما تحافظون على عرضكم وشرفكم حتى تكون الجامعة منارة للعلم والديمقراطية ،علموا أعداء الديمقراطية درسا في الإختلاف وقبول الآخر والشفافية وعمق الرؤية في تحليل الواقع وتصور حلول لمشاكله وإنكم لقادرون على تشريف الإتحاد والجامعة والحركة الديمقراطية . عاش الإتحاد العام لطلبة تونس حرا مستقلا مناضلا ديمقراطيا  مستقلا عاشت نضالات الطلاب المجد والخلود لشهداء الحركة الطلابية   الزنزانة رقم (1) السجن المدني بقفصة 30/08/2008   رفيقكم وأخوكم السجين عضو اللجنة الوطنية من أجل المؤتمر الموحد للإتحاد العام لطلبة تونس حفناوي بن عثمان   ——————   من هو الحفناوي بن عثمان ؟.     -ولد بمدينة الرديف ولاية قفصة (380كلم جنوب غرب العاصمة التونسية) في 29 أكتوبر 1973 -تحصل على شهادة الباكالوريا دورة جوان 1999 -متحصل على الأستاذية في اللغة والآداب العربية دورة جوان 2005 من كلية الآداب والعلوم الإنسانية برقادة القيروان. -نائب بالمؤتمر 22 للإتحاد العام لطلبة تونس المنعقد بالعاصمة التونسية ماي 1999 -ناطق رسمي بإسم « الطلبة القوميين » من سنة 2001 إلى 2005 بكلية الآداب والعلوم الإنسانية برقادة القيروان. -عضو المجلس العلمي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية برقادة القيروان من سنة 2000 إلى 2004 -كاتب عام المكتب الفيدرالي  سنة 2003 بكلية الآداب والعلوم الإنسانية برقادة القيروان عن الإتحاد العام لطلبة تونس – مؤتمر التصحيح – -عضو اللجنة الوطنية من أجل مؤتمر موحد للإتحاد العام لطلبة تونس الذي كان من المفروض عقده منتصف شهر أوت 2008 وتم تأجيله.. -تم إسقاطه عمدا في مناظرة الكاباس في جويلية 2006 بسبب ماضيه النقابي والسياسي بعد أن نجح في دورة الكتابي دورة فيفري 2006. وخاض عديد التحركات الإحتجاجية صحبة المسقطين عمدا في الكاباس من نشطاء ومناضلي الإتحاد العام لطلبة تونس (محمد المومني ،علي الجلولي ، حسين بن عمر ،البشير المسعودي ،الناصر الختالي ….) والتي جوبهت بالشدة من طرف السلطة ،إذ تم الحكم عليه بالسجن في أكتوبر 2006 بعد أن ربط نفسه بالسلاسل الحديدية صحبة حسين بن عمر بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة  قرب مقر وزارة الداخلية ، -على إثر الأحداث التي عرفها الحوض المنجمي منذ جانفي 2008  تم إيقاف الحفناوي بن عثمان يوم 19 جوان 2008 على ذمة القضية التحقيقية عدد15537 لدى حاكم التحقيق الأول بالمحكمة الإبتدائية بقفصة  صحبة العشرات من أهالي الحوض المنجمي ووجهت له تهم : « الإنخراط في عصابة والمشاركة في وفاق وقع بقصد تحضير وإرتكاب إعتداء على الأشخاص والأملاك والمشاركة  في عصيان صادر عن أكثر من عشرة أفراد وقع بالسلاح وتم أثناء أثناءه الإعتداء على موظف أثناء مباشرته لوظيفه وتعطيل الجولان بالسبل العمومية والمشاركة في عصيان دعي إليه بخطب ألقيت بمحلات عمومية وإجتماعات عامة وبمعلقات وإعلانات ومطبوعات ،والإضرار  عمدا بملك الغير وصنع وحيازة آلات ومواعين محرقة بدون رخصة ورمي مواد صلبة على أملاك الغير وإحداث الهرج والتشويش بمكان عام وتوزيع وبيع وعرض ومسك بنية الترويج لنشرات من شأنها تعكير صفو النظام العام لغرض دعائي وجمع تبرعات بدون رخصة وإعداد محل لإجتماع  أعضاء عصابة مفسدي وإعانتهم بالمال وجمع التبرعات بدون رخصة  » ، وصرح الحفناوي بن عثمان أثناء إستنطاقه لدى قاض التحقيق يوم 21 جوان 2008 بحضور محامييه أن أعوان الأمن السياسي وضعوه موضع دجاجة روتيّ بعد أن  قاموا بتعريته تماما من ملابسه وضربه على أعضاءه التناسلية ومحاولة إدخال عصا بمؤخرته وهددوه بحرق عضوه التناسلي بالولاعة إن لم يعترف بأنه هو المحرض عن أحداث الرديف مما دفع المحامين إلى التمسك بضرورة عرضه على الفحص الطبي حالا لتحديد الأضرار اللاحقة به والمسؤولين عنها ممتنعين عن إمضاء المحاضر كما رفض الحفناوي إمضاءها. -مازال الحفناوي بن عثمان معتقلا إلى اليوم بالسجن المدني بقفصة!!!.

 

أخبار كلمة  
 
-اضراب في سكك الحديد بقفصة -مواطنون يشتكون -نقص حادّ في المواد الغذائية -اعتصام جبن ريكي يتوقّف -ميزانية قبل الأوان -التحقيق مع صحيفتين في مصر -معتقلو تظاهرات المحلّة يحالون على الطبيب الشرعي -اضراب في سكك الحديد بقفصة عاد عمال شركة أشغال سكك الحديد بقفصة للإضراب مجددا انطلاقا من أوائل شهر سبتمبر الجاري بعد المماطلة التي وجدوها في تطبيق الاتفاق المبرم بين الطرف النقابي ومسئولي الشركة منذ ما يقارب3 أشهر وقد كانت محطة القطار ‘القصر قفصه ‘مسرحا لهذا الإضراب.  مواطنون يشتكون اشتكى متساكنو حي عمر بن سليمان بمنطقة القصر بقفصة من تراكم الأوساخ والفضلات بعد أن خصصت البلدية مصبّا للفضلات داخل الحيّ في إجراء مناف لكل التراتيب الجاري بها العمل وتقدّم أهالي الحي بتشكيات إلى السلطات البلدية لتغيير مصبّ الفضلات خارج الحيّ ولتركيب فوانيس الإنارة العمومية للظلام الذي يخيّم على شوارع الحيّ الرئيسية والفرعية منه  إضافة إلى الأنهج التي بقيت بلا أسماء و بلا ترقيم.    نقص حادّ في المواد الغذائية مع بداية شهر رمضان عاش متساكنو قفصة مشاكل فقدان بعض المواد الغذائية الأساسية كالزيت النباتي والبيض والحليب والسكّر والدقيق. بعض شركات التوزيع بالجملة بقيت طيلة أسبوع غير قادرة على تلبية طلبات باعة التفصيل بما يعني أنّ المشكل يتعلّق بتزويد جهة قفصة.     اعتصام جبن ريكي يتوقّف  أوقف عمّال مصنع جبن ريكي يوم الأحد المنقضي اعتصامهم الذي انطلق منذ غرّة أوت المنقضي وذلك عقب جلسة تفاوضية بين الاتحاد الجهوي للشغل وممثّل عن ولاية منوبة وممثل عن صاحب المصنع ولم تفرز الجلسة أي اتفاق عملي يعيد للعمال المطرودين حقوقهم أو يعيدهم إلى عملهم بل اقتصر الاتفاق على تقديم منحة للمطرودين من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية بقيمة 180 دينارا وتعهّد معتمد منوبة بصرف مساعدة اجتماعية قدّرت بـ 50 دينارا حتّى يتمّ فكّ الاعتصام. وخلال 24 ساعة استطاع صاحب المصنع بعد خروج المعتصمين بناء جدران من الآجر أغلقت كلّ الأبواب المؤدية إلى داخله وصرّح لأوساط قريبة منه بأنّه قرّر إغلاق المصنع نهائيا.    ميزانية قبل الأوان نشرت مصادر الإعلام الحكومية أن اجتماع رئيس الدولة بالوزير الأول محمد الغنوشي يوم الاثنين المنقضي تمحور حول إعداد ميزانية العام القادم. ونشرت وكالة الأنباء الرسمية في تونس أنّ رئيس الدولة أوصى الوزير الأول بتدقيق المشاريع والبرامج المدرجة ضمن هذه الميزانية وفق الأولويات التي تستجيب ‘لمتطلبات المرحلة القادمة وتحدّياتها’. وقالت وكالة تونس إفريقيا للأنباء أنّ بن علي ‘ أكّد على ضرورة أخذ مستجدّات الظرف الاقتصادي العالمي والتقلبات على الساحة الدولية في الاعتبار بما يحتّمه ذلك من ملازمة اليقظة ومواصلة ترشيد النفقات’.  هذا وقد أصبح ملفتا في الآونة الأخيرة حديث الحكومة والإعلام الرسمي عن الالتزام بسياسة اقتصادية دقيقة تراعي الظرف الدولي والتحديات والصعوبات الاقتصادية التي يعرفها العالم. وهو ما يفسّر على أنّه تخوّف من الوقوع في أزمة اقتصادية حادّة. وللتذكير فإنّه لم يسبق وأن تناولت الحكومة التونسية الميزانية السنوية للعام الجديد قبل أربعة أشهر من نهاية العام السابق.   في العالم التحقيق مع صحيفتين في مصر أحيلت يوم أمس الاثنين كلّ من صحيفة ‘البديل’ و’الطريق’ المصريتين على التحقيق. بتهمة خرق قرار حظر النشر في قضية رجل ألأعمال المصري وعضو مجلس الشورى محمّد فريد خميس التي تناولتها نيابة أمن الدولة العليا. وأحيلت قضية الصحيفتين إلى نيابة الأمن العمومي شمال الجيزة للتحقيق.  وكانت صحيفة البديل قد تناولت بالنشر عملية إخلاء سبيل رجل الأعمال المذكور بكفالة مالية بعد أن تورّط في قضية تلقي الرشوة. معتقلو تظاهرات المحلّة يحالون على الطبيب الشرعي استمعت يوم أمس هيئة محكمة أمن الدولة العليا للطوارئ بمجمع المحاكم بطنطا إلى شهود النفي فيما يتعلّق بقضية التحرّكات الاحتجاجية التي شهدتها منطقة المحلّة بمصر منذ الربيع الماضي والتي تمّ إثرها إيقاف العشرات من المواطنين. ووجهت المحكمة إلى 49 مواطنا مصريا تهم إحداث الشغب في المظاهرات التي اندلعت يومي 6 و7 أفريل المنقضي. وطالبت ألسنة الدفاع من هيئة المحكمة إحالة البعض من المتهمين على الطبيب الشرعي للكشف عن عمليات التعذيب الذي تعرّضوا له في مراكز الإيقاف. هذا وقد استمعت المحكمة إلى شهود الإثبات وهم ضابط في أمن الدولة وهو صاحب محضر التحريات ضد المتهمين التسعة والأربعين ولواء وعقيدين في مباحث الجهاز الجنائي. وركّزت هيئة الدفاع عن المعتقلين على نقطة هامة أمام القاضي وهي رفض المسؤولين الأمنيين الإجابة على سؤال حول سرد تفاصيل ما شهدوا عليه إذ اكتفى جميعهم بالقول إنّ التفاصيل موجودة في محضر التحريات. وأضاف الدفاع أنّ المتهمين لا يعرفون شيئا عن التهم التي وجّهت إليهم ولم يطلعوا على محاضر البحث ولم يتمّ استنطاقهم وأكّد في هذا الإطار على ضرورة عرض بعض المتهمين على الطبيب الشرعي للتثبت من تعرّضهم للإعتداء بالصعقات الكهربائية مطالبا في الآن نفسه بفتح تحقيق في مدى مصداقية الأبحاث والمحاضر التي تمّ وفقها توجيه التهم للموقوفين.
(المصدر: مجلة ‘كلمة’ (اليكترونية- تونس)بتاريخ 9 سبتمبر2008).


التيار الوسطي في تونس: الاصلاح السياسي أم الاصلاح الحضاري?

مرسل الكسيبي*: ان التأمل بعمق في النتائج الاجتماعية والسياسية التي خلفها صراع التيار الاسلامي التونسي مع النخبة السياسية الحاكمة يحملنا على التفكير ألف مرة فيما اذا كان الطريق الذي سلكته حركة النهضة التونسية طريقا سالكا باتجاه تهيئة البلاد لحالة اصلاحية ينشدها الكثير من التونسيين … بعد مضي أكثر من 17 سنة على تاريخ اندلاع المواجهة بين السلطة وقيادة هذه الحركة التي لجأت الى المنفى أو وضعت تحت طائلة أحكام قاسية وصلت الى الحكم بالمؤبد …, بعد مضي كل هذه المدة الزمنية الكفيلة باحداث المراجعات على مستوى طرفي الصراع وبعد حدوث الكثير من التحولات الاقليمية باتجاه مراجعة جوهر العلاقة بين السلطات وبين مكونات الطيف الاسلامي المعارض …, بعد كل ماحدث من ماسي اجتماعية وخسائر استراتيجية وفي ظل التعافي المشهود الذي بدأ يعرفه المجتمع التونسي اثر عقد ونصف من حالة التجاذب السياسي والايديولوجي العقيم … بعد كل هذه التطورات الهامة التي أبرزت السلطة خلالها قدرة هائلة على فرملة بؤر التوتر السياسي والاجتماعي وكبح تطلعات أبرز الزعماء التاريخيين في معسكر المعارضين …بعد كل هذا الذي حصل بخيره وشره حان الوقت لنا أن نتوقف سائلين عن مدى صوابية المسلكية المعتمدة من قبل رموز التيار الاسلامي الأبرز في الساحة التونسية … ليس من حق أحد أن يلجم أفواهنا في موضع يحتاج الى الجرأة التاريخية والمسؤولية الأخلاقية من أجل ايقاف نزيف حاد لابد أن نستيقن جميعا بأنه قد يستدعي ‘الطبيب’ الخارجي بعد فشل الأطباء المحليين … ماشجعني أكثر على طرق هذا الموضوع مجددا وفي مثل هذه اللحظة الزمنية الهامة من تاريخ الجمهورية التونسية هو مابدأت ألمسه من مراجعات هامة وايجابية ومقدرة على صعيد جبهة الحكم برغم بعض العراقيل والتحديات في مسيرة الألف ميل … مراجعات حضارية هامة تقدم عليها السلطة بقيادة رئيس الجمهورية التونسية السيد زين العابدين بن علي وجهود دائبة نحو تصحيح سليم وملح ومثمن لعلاقة الدولة بالهوية الوطنية في بعدها العربي والاسلامي المعتدل …تطور اقتصادي وعمراني وتنموي بارز تشهده تونس برغم بعض العوائق في ملفات توزيع الثروة والتشغيل …, انفتاح اعلامي مشهود برغم التدرج الواضح والمحتشم في بعض الملفات السياسية …, محاولات هنا وهناك لاستثمار جهود اصلاحية مستقلة فرضت نفسها على مستوى المسرح السياسي الوطني … كل ذلك في مقابل تعثرات حقوقية وأخرى سياسية في مسار رسم العلاقة ببعض مكونات الطيف المعارض … كل هذه التحولات الايجابية المتسارعة هل نواجهها اليوم بخطاب خشبي اعتاد على منطق تكفير السلطة من زوايا سياسية !؟ سأقر بالـتأكيد بأن التجاوزات الحقوقية في حق بعض المعارضين وسجناء الرأي السابقين تشكل وقودا هاما لبعض الأحزاب أو الزعامات من أجل ابراز صورة قبيحة عن أداء سلطة أبدت من الصمود والاستمرارية والانجاز على الأرض مالم يفهمه الخطاب المعارض في عواصم باريس ولندن … هل نرهن مصائرنا ومصائر شعبنا ومستقبل الأجيال القادمة الى صراع سياسي خاطئ حركته أحلام وردية وتطلعات بعض الزعماء في الحقل المعارض أو غريزة الدفاع عن المصالح والاستقرار لمن هو في حكم الموقع الرسمي ؟ كيف نتفهم مصالح الرسميين ونبتعد عن الأوهام ومنطق المغامرات غير المحسوبة ؟ ماهي محاور المراجعة في علاقة المعارضة والحركة الاسلامية بالسلطات ؟ هل الاصلاح السياسي وحده كفيل بحل مشكلات وتطلعات مجتمعنا ؟ هل أن جوهر المشروع الاسلامي الوسطي يكمن في مناطحة السلطات وملئ السجون والمعتقلات وتسريب قوافل المنفيين قسرا ؟ على أي أساس نقيم هذا المشروع الاسلامي المعتدل وهل هو حكر على تسمية وهياكل الحركة الاسلامية المعاصرة ؟ هل يمكن قولبة الاسلام في منظومة حزبية معينة وتجريد الباقين من شرعية العمل الحضاري الذي هو جوهر الرسالة الاسلامية ؟ كيف يمكن أن نؤسس لعلاقة سوية وطبيعية بمؤسسات الدولة وهل من القدر بمكان أن يحتكر بعض الرموز التاريخيين مسيرة العمل الاسلامي في علاقة صراع مدمر مع صانعي القرار الرسمي ؟ أسئلة أطرحها على النفس وعلى القراء مع العودة اليها بالمناوبة من خلال طرح تصور علاقة تاريخية وايجابية جديدة بأولي الأمر … جوهر الجواب سيمر حتما ببيان أولوية الاصلاح الحضاري على موضوعة الاصلاح السياسي بمفهومه الضيق والمباشر … تفاصيل الجواب وتعريجاته في حلقة قادمة بمشيئة الله . مرسل الكسيبي */*رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية  – (المصدر: موقع  صحيفة الوسط التونسية  (ألمانيا) بتاريخ 8 سبتمبر 2008)

من أجل وقفة تفكير حول الخطّة السياسية للحزب الديمقراطي التقدمي

 

عبد اللطيف الهرماسي   تتضمن هذه الورقة جملة من الملاحظات والمقترحات قادتنا إليها مراقبة الوضع داخل الحزب وعلى الساحة السياسية. ورغم إدراكنا لنواقص النص من حيث البناء بسبب ازدحام شواغلنا المهنية واختيارنا التركيز على القضايا الإشكالية، وبعلاقة بإلحاحية طرح المسائل ذات الصّلة بالخطّة السياسية للحزب ووضعه الداخلي وموقعه ضمن الساحة السياسية، فإننا نقدّمه على علاته راجين أن يسهم في تغذية حوار هادئ وبناء وموجّه بهاجس الحفاظ على وحدة الحزب ومكتسباته وتنمية دوره في الحياة السياسية الوطنية.   أوّلا: الخطّة السياسية: المنطلقات والحصيلة الأولية   انتهج الحزب الديمقراطي التقدمي منذ مؤتمره الأخير (المؤتمر الرابع ديسمبر 2006) خطّة سياسية عنوانها التصدّي للاحتكار السياسي الذي يمارسه التجمع الدستوري الحاكم وظاهرة الحكم الفردي، ولما اقترنا به من انغلاق وجمود سياسي وإحكام القبضة على المعارضة السياسية ومؤسسات المجتمع المدني بوسائل التجيير أو المحاصرة، وإعطاء الأولوية للأسلوب الأمني في معالجة مشاكل البلاد.   اعتبر المؤتمر أنّ النظام فقد شرعيته السياسية التي بناها على شعار الإصلاح والانتقال التدريجي إلى الديمقراطية، وشرعيته الدستورية التي أقامها على إلغاء الرئاسة مدى الحياة. كما وضع برنامجا من خمس نقاط مطروحة للانجاز خلال السنوات الثلاث التي تلي انعقاده وتنتهي عمليا مع الموعد الانتخابي لسنة 2009. وهي الإصلاحات الثلاث التي نادى بها تحرّك 18 أكتوبر، أي حرية الإعلام وحرية التنظيم والعفو التشريعي العام. تُضاف إليها إصلاحات دستورية عاجلة وعميقة تقطع مع جمهورية 1959 التي أرست النظام الرئاسوي القائم على الخلط بين السلطات، وتنظيم انتخابات حرة على أساس تعديل جوهري للمجلة الانتخابية.   وقد تأثرت قرارات المؤتمر وتوجهات الحزب للمرحلة التي افتتحتها بشكل كبير بحدث الإقدام على تحوير الدستور بصورة تلغي تحديد عدد الولايات الرئاسية، بحيث جعل من التداول على الحكم نقطة مفصلية في تصوره لمسار التحول نحو الديمقراطية ومن الترشح إلى انتخابات رئاسية تتوفر فيها شروط الشفافية والتنافس الحر، هدفه المركزي والمباشر. وكان من شأن هذا التوجّه، الذي أقرّ فيه المؤتمرون بالأغلبية رفع سقف المطالب بديلا عن مقترح المشاركة السياسية عبر التخفيض من ذلك السقف، أن فتح الباب لسياسة تتميز بالجرأة على خرق المحرمات السياسية كما كان تعبيرا عن نهج إرادي يؤمن بأهمية دور العامل الذاتي في تحريك المياه الراكدة للساحة السياسية وبإمكان تضييق مساحة الممنوع الكلام فيه وإجبار الحكم على تقديم تنازلات لم يكن يقبل بها.   المحطّة الهامّة الأولى في سياق تكريس هذا التوجّه كانت مع إصدار المكتب السياسي في مستهل مارس 2007 بيانا أعلن فيه رفضه لانطلاق حملة مناشدة الرئيس بن علي الترشّح لولاية خامسة باعتبارها تهدف إلى تكريس الرئاسة مدى الحياة وتعيد إنتاج نظام الحكم الفردي، ودعا فصائل المعارضة إلى اتخاذ المبادرات الميدانية لـ »فرض شروط قيام انتخابات حرّة ونزيهة تفتح أمام تونس طريق الانتقال إلى الديمقراطية ». ومعلوم أنّ ردّ فعل السلطة لم يطل انتظاره إذ عمدت إلى استهداف نشاط الحزب بغلق مقراته الجهوية وإطلاق الإجراءات لإخراجه من مقرّه المركزي. أمّا المحطّة الهامّة الثانية فانطلقت مع الحملة من أجل تجسيم شروط انتخابات حرّة وموافقة اللجنة المركزية على خوض حملة مضادّة للتي نظمتها السلطة وطرح حق الأمين عام السابق الأخ أحمد نجيب الشابي في الترشح للرئاسة، وهي خطوة أزعجت الحكم إلى أبعد الحدود وقادته إلى اتخاذ إجراء ثأري جديد بإحكام القبضة على توزيع « الموقف » والتهديد بإسكاتها بالتوازي مع تقديم تنازل مدروس يمكن الحزب من تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية مع إقصاء شخص الأمين العام السابق.   كان من شأن صمود الحزب في موجهة التضييق والمحاصرة باستخدام سلاح الإضراب والقيام بحملة إعلامية فرضت على السلطة التراجع عن قراراتها، إلى جانب شجاعة الأخ نجيب الشابي في ممارسة حق المطالبة بمنافسة الرئيس الحالي على ثقة التونسيين، وكذلك جرأة « الموقف » في نقد السياسة الحكومية ودعمها للتحركات الاحتجاجية الاجتماعية، أن جلب للحزب تعاطف قطاع من الرأي العام الديمقراطي والوطني ودعّم سمعته، إلاّ أنّه بالمقابل أثار إحترازات لدى فصائل سياسية معارضة كان الحزب قد تقارب معها قبل طرح الترشّح المبكّر، كما لقي تحفظات داخل الحزب الديمقراطي التقدمي ذاته، برزت على خلفية عدم اتفاق بخصوص التكتيك السياسي وأسلوب التعاطي مع الأوضاع الراهنة، وبما ساهم في تغذية ذلكم الخلاف.   اليوم وقد انقضت مرحلة أولى على تجسيم قرارات المؤتمر السابق، وفي لحظة تشهد احتدام الخلاف داخل الحزب وتضخم بعض أسبابه الجزئية بعد أن ركبته وسائل الإعلام المحسوبة على السلطة، يجدر بالحزب وقياداته القيام بوقفة تفكير لاستخلاص الدرس من التجربة والتمعن في قراءة معطيات الوضع بصورة تؤلف بين الواقعية والمنظور الديناميكي. وبرأينا أن التصور الذي وجّه صياغة اللائحة السياسية للمؤتمر السابق قد انبنى على جملة من المسلمات تتعيّن مراجعتها و الإنتظارات أو الآمال التي لم تتجسّد لحدّ الآن ويصعب تجسيدها على الأمد القريب (2009).   ـ أمّا المسلمات فهي فقدان النظام لشرعيته بوجهيها السياسي والدستوري. وكنا عبرنا أثناء المؤتمر عن ضرورة تنسيب هذا التقدير على اعتبار أن القناعة الحاصلة لدى شريحة رقيقة من النخبة والتي جعلتها تتحفّز لخوض معركة الإصلاح السياسي والدستوري، لا تشكل هاجسا رئيسيا أو ملحا لدى قطاعات واسعة من الشعب مازالت مشدودة إلى المطالب المتعلقة بتحسن الأوضاع المعيشية، محكومة بالحاجة، معولة على النظام الزبائني والحلول الفردية، قابلة للترضيات الظرفية والجزئية، وغير قادرة بعد على التعاطي الواعي مع المناورات وإستراتيجية التقسيم. إن تراجع السند الداخلي للنظام بعلاقة بغلاء المعيشة ونمو البطالة وظاهرة الفساد وسياسة القمع، وما أدى إليه أحيانا من تحركات احتجاجية قل أن يتجاوز مستوى الإدانة الأخلاقية ليرتقي إلى مستوى الوعي السياسي ولا ينبئ بحصول تحول من مؤشراته الانخراط الجماهيري في أعمال احتجاجية كالتي تنظمها الأحزاب وجمعيات المجتمع المدني، ووجود تيار شعبي يرفع مطالب الإصلاح السياسي والديمقراطية. وباختصار ثمة برأينا عجز في الشرعية يتراكم منذ بداية التسعينات ولكن دون أن نكون أمام فقدان بالكامل للشرعية السياسية.   ـ أما الآمال فهي الظن بأن المعارضة أقبلت بصورة غير قابلة للتراجع على وضع حدّ لتشتتها وتجميع صفوفها بعد بروز هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات، ومن ثم التعويل على توحيد قواها واتساع تحالفها لتتحوّل إلى جبهة سياسية من أجل التغيير والانتقال الديمقراطي. وبناء على ذلك فقد ذهب هذا الطرح إلى أنّ « كل الظروف الداخلية والدولية مؤاتية لإنجاح » المهام الخمس الضرورية للتحول الديمقراطي، وأنّ المطلوب في كل الأحوال « إنجاز برنامج أكتوبر كمقدمة ضرورية لبناء حياة سياسية ديمقراطية ».   كانت هذه هي التطلعات قبل سنة ونصف، ومن نافلة القول أنّها لم تتحقق على أرض الواقع. فالمعارضة لم تضع حدّا لتشتتها وهيئة 18 أكتوبر لم تتمكن، رغم أهمية المكتسب المتمثل في تقريب المواقف من بعض القضايا الفكرية السياسية، من الإيفاء بما كان ينتظره الحزب منها.   ورغم جرأة « الموقف » والاعتراف بحزب « التكتل » وإطلاق سراح مجموعة من المساجين السياسيين فإنّه لا يمكن الكلام عن تقدّم ذو بال باتجاه تحرير الإعلام وحق التنظيم فضلا عن العفو التشريعي العام. إنّ البطء الشديد المسجّل في تطوّر الوضع السياسي وعدم حصول تقدّم، بل عدم وجود مؤشرات على قرب حصول تقدّم في تجسيد الأهداف الملحّة ليدعو إلى تقدير أدقّ وأصوب للعوامل الموضوعية والذاتية وآفاق تطورها ولآثارها على ترتيب الأولويات.   ثانيا: معطيات الوضع وآفاق تطوره على الأمد المتوسط   نقتصر فيما يلي على العناصر الرئيسية نقدمها بصيغة مجملة مع التركيز على نقاط تستحق عناية خاصّة.   1ـ الوضع الاقتصادي والاجتماعي   يتسم هذا الوضع إجمالا باستمرار نوع من الحركية الاقتصادية المرتبطة بتحرير الاقتصاد والارتباط المتزايد بالسوق العالمية. تبقى هذه الحركية هشّة ومعرّضة للانتكاس ولكنها فعلية وسمحت بتحقيق معدلات نمو متوسّطة كما استطاعت فيها الحكومة إدارة الاقتصاد في مناخ عالمي مليء بالمصاعب والتقلبات. أمّا المشكلات الأساسية ومصادر التهديد لآفاق التنمية والتوازنات الاجتماعية الأساسية فتكمن في ما يلي:   ـ غياب الشفافية في المعاملات و إجراء الصفقات الاقتصادية (ظروف خوصصة المؤسسات والعمليات البنكية الكبرى، ظاهرة التهريب…) وما يتصل بذلك من اتساع نطاق الفساد واستغلال النفوذ.   ـ اختلالات منظومة التكوين والتشغيل وأثرها في تنامي بطالة الشباب خاصّة بطالة أصحاب الشهائد.   ـ تفاقم الفوارق بين المناطق الداخلية والأخرى الساحلية واتساع الهوة بين الفئات الاجتماعية على صعيد توزيع الدخل ومستوى العيش, إن هذه الأوضاع بصدد إنتاج حالة من التذمر والسخط والتسبب في انفجارات اجتماعية محلية، تعبيرات تفتقد المعارضة السياسية ومؤسسات المدني، وفي مقدمتها اتحاد الشغل، القدرة على تأطيرها وتجنح السلطة السياسية إلى التعاطي معها بالأسلوب الزجري.   2 ـ الوضع السياسي لجهة الحكم وعلاقته بالمحكومين   يتسم الوضع السياسي لجهة الحكم بخاصيتين رئيسيتين:   ـ ترسيخ ظاهرة الحكم الفردي الذي يتمثل هاجسه الرئيسي في الاستمرار.   ـ نظام هيمنة يخدم المصالح الفئوية الاقتصادية وفي مقدمتها مصالح الأقلية المتنفذة، ويشكل ركيزة لمصالح الأجهزة البيروقراطية أي جهاز الحزب الحاكم وجهاز الأمن الذي أصبح عبارة عن دولة داخل الدولة، كما يقوم على شبكة واسعة من العلاقات الزبائنية تتيح له الاستناد إلى كتلة اجتماعية ضخمة تخترق سائر الطبقات والفئات ومستعدة للدفاع عن المظلة التي تتمتع بها وعن المنافع الكبيرة والصغيرة (امتيازات أو مساعدات) التي تحققها أو ترنو إلى تحقيقها. إننا نولي أهمية كبيرة لهذا التوصيف وللنتائج المترتبة عنه لأننا لا نرى في السمتين المذكورتين مجرد نتائج لظرفية تاريخية عابرة بل ندركهما أيضا ضمن السياق التاريخي الطويل الأمد. وننبّه إلى ثقل المعطيات الاجتماعية التاريخية التي لا يجوز للفاعل السياسي أن يتجاهلها أو يستهين بدورها.   برأينا أن تفسير الحكم الفردي أو إذا شئنا التركيز المفرط للسلطة بيد رئيس الجمهورية، فضلا عن اختلال العلاقة بين مركب الدولة / الحزب والمجتمع المدني، بعناصر الظرفية، التاريخية التي وجّهت الأوضاع منذ أواسط الثمانينات، وحتى بمعطيات الوضع السياسي منذ الاستقلال، إنما هو تفسير جزئي لا يلم بمفعول التاريخ الطويل الأمد على صياغة العلاقات بين الدولة والمجتمع وبين الحكام والمحكومين وتأثيره على التركيبة النفسية الجمعية للشعب. فمن جهة لا ننسى أنّ الحكم الفردي يستمدّ جذورا ويجد مبررات ذاتية في موروث من الثقافة السياسية يُعلي من شأن المستبد العادل ويخاف من عواقب الفتن أو التنازع والاحتراب الداخلي ويحث بسبب ذلك على طاعة « الأمير » ولو كان ظالما. صحيح أنّ هذا الموروث الذي وظفته تاريخيا أنظمة الاستبداد ليس خاصا بتونس، وأنّه لم يعد يشكل المصدر الوحيد لإنتاج معايير الشرعية، إلا أنّ الرافد الحديث المتمثل في الثقافة الديمقراطية وفكر حقوق الإنسان ما زال غضا ومحدود التأثير، ليس في صفوف الجماهير فقط وإنما في صلب النخبة كذلك.   ومن جهة ثانية لا بدّ من الانتباه إلى رسوخ الولاء للدولة في ربوعنا. إن الولاء للدولة والذي لا ينفصل عن الخوف منها والأمل فيها وإن كان يتجاوز ذلك إلى اعتبارها إطارا للتماهي والانتماء، هو شعور جمعي ترسّخ عبر قرون من المركزية السياسية والتمدّن، وكان أن دعّمته تجربة الدولة الوطنية بقيامها على المركزية المفرطة والخلط بين الحزب الحاكم والدولة وشخصنة السلطة ونسج علاقات مع المجتمع قوامها الاتّكال على الدولة العارفة بالصالح العام والقوامة على الجميع. إن هذا الموروث التاريخي يشكل حالة نموذجية نادرة، لا نجدها إلا في قلّة من البلدان في العالم العربي وإفريقيا، بل وخارجهما. ومن هنا محاذير القياس على حالات من التقدّم، المتفاوت في مجال الحريات السياسية والتحول نحو الديمقراطية في أقطار ليس لها رصيد تونس من المدنية والفكر الإصلاحي، على غرار موريتانيا أو الجزائر أو الأردن أو السينغال. نحن فعلا إزاء مفارقة: فالمكاسب المتفاوتة التي حصلت بهذه البلدان في مجال تحرير الحياة السياسية تبدو، في جانب منها على الأقل، مرتبطة بهشاشة البناء الدولوي أو حداثته بهذه الأقطار، فيما تعود مصاعبنا إلى صلابة هذا البناء وتماسكه عندنا، ومن الممكن على هذا الصعيد الإشارة إلى أوجه قرابة بين الحالتين التونسية والمصرية. إنّ صلابة البناء الدولوي عندنا تحققت من جهة على حساب استقلالية مؤسسات المجتمع المدني، ولكنها تمثل من جهة ثانية مكسبا يحول دون تفكك الدولة، علما بـأنّ هذا المكتسب مهدد باستمرار وتفاقم الخلط بين النظام السياسي القائم ونظام الدولة، وبين مصالح بعض الأقليات ومصلحة الدولة. لا شك أنّ رأسمال الولاء والانتماء الناجم عن التداخل بين الدولة و « الأمّة » القطرية، وبين الدولة والنظام السياسي يتعرّض للتبديد منذ التسعينات، إلاّ أنّه لم يفقد تأثيره. من هنا فإن الحديث عن « وهن النظام » ونقاط ضعفه وسلبياته وجوانب القصور أو التقصير في سياساته لا ينبغي أن يحجب عنا مصادر القوة المذكورة والتي تمده بالاستمرار، ولا عناصر قوّة أخرى مرتبطة بالظرفية التاريخية الراهنة :   فرغم مواطن النقص والسلبيات العديدة التي وقفت عليها لوائح المؤتمر مازال بوسع النظام أن يبرز عددا من الإنجازات ومكامن القوة نذكر منها:   ـ استقرار معدل البطالة رغم الارتفاع في عدد طلبات الشغل (أو موارد الرزق) الإضافية والتحول النوعي في تركيبة العاطلين عن العمل. ـ ارتفاع معدل التمدرس في كل مراحل التعليم وكذلك ارتفاع عدد الطلبة في التعليم العالي وتنامي وتحسن المنتوج من أصحاب الكفاءات المواكبة للثورة التكنولوجية الثالثة. ـ تركيز منظومة للتضامن الوطني في مجال تشغيل الشباب وبعث المشاريع الصغرى والاهتمام بالمناطق المحرومة والفئات المعوزة وذات الحاجات الخصوصية وذلك رغم ما يشوبها من ثغرات من حيث شفافية التسيير وتوزيع الموارد بين المناطق.   وإلى جانب ذلك من المهم الانتباه إلى موارد أخرى يتمتع بها النظام منها: صلابة الجهاز وتماسكه وأيضا قدرة على التعاطي مع الحكومات الغربية بضمان مصالحها الحيوية مقابل التخفيف من ضغوطها لإحلال الحكم الرشيد والديمقراطية. وفي كل الأحوال فالمطلوب من قيادة الحزب التقدير المدقق لعناصر القوة ومواطن العجز أو التقصير لدى النظام بعيدا عن كل من التهوين والتضخيم.   3 ـ الوضع لجهة المعارضة:   إذا تركنا جانبا الفصيل السلفي الجهادي الذي ينزع إلى مواجهة النظام بالعنف مما يتنافى مع رؤيتنا السياسية، ويدافع عن مشروع مجتمع مخالف تماما للمستقبل الذي نرضاه ونؤمله لتونس،وقصرنا الحديث عن الأطراف التي تدرج نشاطها ضمن أفق سلمي وديمقراطي ولا تطرح التراجع في المكتسبات التي تحققت للبلاد (تطوير التشريع وخاصة ما يهم الأحوال الشخصية وحقوق المرأة، تعايش الأديان والإيديولوجيات، الاعتراف بهامش لا باس به من الحرية الفردية……)، فإننا سنكون إزاء مشهد قوامه معارضة ضعيفة، محاصرة ومنقسمة:   ـ بعضها مازال رهين منظومة الولاء/ الامتيازات، دُجّن إلى حدّ يصعب معه أن يلعب دورا فاعلا في الدفع نحو حياة ديمقراطية.   ـ وبعضها مازال محكوما بالمنظومة الإيديولوجية اليسروية مما يحله موقعا هامشيا إزاء كل من المعطى الثقافي والمعطى السياسي. ـ وبعضها (حركة النهضة) يتمتع بطاقات كامنة ترشحه للعب دور مهم في الحياة الوطنية، خاصّة بعد المراجعات التي أقدم عليها بخصوص عدد من المسائل الحساسة كالانتقال السلمي ومكتسبات المرأة وموضوع حرية المعتقد. إلا أن هذا الطرف مشغول بتضميد جراحه وتجاوز آثار الصدمة الأمنية، وهو لذلك غير مستعد للدخول في معارك سياسية تؤلب عليه الحكام ويفضل انتظار ظروف أحسن. ـ وبعضها (الحزب الديمقراطي التقدمي، حركة التجديد، التكتل) قادر بدرجات متفاوتة على إحراج السلطة أو إزعاجها ولكنه لا يمتلك القدرة الكافية (البشرية والتنظيمية) لتأطير التحركات الاجتماعية وتوجيهها سياسيا ولفرض نفسه كبديل فعلي خلال السنوات القادمة.   وفي هذا الإطار فإن اضطرار الحزب الديمقراطي التقدمي لخوض إضرابين للجوع (وهذا سلاح ذو فعالية لدفاع الضعيف عن الذات ولكنه ما يلبث أن يستنفد مفعوله)، حفاظا على مقره وصحيفته لمؤشر واضح لغياب القدرة على إيجاد حزام جماهيري يذود عنه فما بالكم بتعبئة قاعدة جماهيرية من أجل « فرض شروط قيام انتخابات حرة ونزيهة ». إن نجاعة سيطرة مركب الدولة / الحزب على المجتمع، رغم نسبيتها، وتوزع ردود الفعل لدى الفئات الاجتماعية الواسعة بين الإحباط والعزوف عن الشأن السياسي والاحتجاجات أو الإنفجارات المفتقدة للأفق السياسي، وضعف الثقافة الديمقراطية ـ هي عوائق أمام جاهزية المجتمع للانخراط في سيرورة الانتقال الديمقراطي وتحمل أعباء المطالبة بالحريات والحقوق الكاملة للمواطنة.   ثالثا: من أجل مراجعة خطّة الحزب للمرحلة القادمة   لقد تميز الحزب الديمقراطي التقدمي، التجمع الاشتراكي التقدمي سابقا، منذ تأسيسه الأول بمراكمة خصال فكرية وسياسية أحلّته موقعا مميزا على الساحة السياسية التونسية. فهذا الحزب المنحدر أصلا من صفوف اليسار الماركسي مع نزوعات وحدوية عربية، تشكل على أساس القطع مع الإيديولوجيا الوثوقية، والتوفيق بين توجهات كانت اتخذت طابع الانغلاق ضمن أطروحات مذهبية متصادمة: عنينا الوفاء لفكرة العدل الاجتماعي ومناهضة الاضطهاد، والتوق إلى وحدة عربية تبنى حجرا حجرا دونما قفز عن المعوقات، والأخذ بالنواة الإيجابية للّيبرالية متمثلة في مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية التعددية ثم التأكيد على ارتباطنا بالموروث الإسلامي مكونا أساسيا لهوية الأمة والشعب مع التعاطي معه من منظور عصري ومستنير. كذلك رفض الحزب أن يخوض تجربته في تجاهل للهم الوطني فأحلّ القضايا الوطنية موقعا مركزيا. وقد كرّس الحزب نزعته التجميعية وفهمه للديمقراطية وحق الاختلاف ولأولوية السياسي على الإيديولوجي بتحوله إلى حزب ديمقراطي تقدمي جمع بين أطياف فكرية مختلفة من أبرزها الرافد الإسلامي التقدمي، ووفر حرية التعبير في صفوفه مع تجسيد وحدته السياسية على أساس برنامج يتم إقراره و تطبيقه باحترام قواعد العمل والتراتيب المتعارفة لدى الأحزاب الديمقراطية. لقد توقع البعض فشل تجربة اعتبرت ملغومة من الأساس، واستطاع الحزب أن يتجاوز الخلاف الأول الذي ظهر لأسباب إيديولوجية وتسبب فيه طرف محسوب على اليسار، وها هو يعيش منذ المؤتمر الأخير على وقع خلاف سياسي في جوهره حتى وإن كانت الإصطفافات بشأنه متأثرة بالانتماءات الإيديولوجية والولاءات الشخصية السابقة. يتعلق الأمر بالخطة السياسية في ارتباطها بخطة بناء الحزب من جهة والوضع العام والعلاقة بالسلطة من جهة ثانية.   ونود فيما يلي إبداء وجهة نظرنا دون الدخول في جدل مع هذا الطرف أو ذاك.   1 ـ إنّ ما ذكرناه عن الموقع المتميز الذي احتله الحزب لا يعود إلى تجربته في التعاطي مع الإيديولوجيات ومع التعدد الفكري وحسب، بل يجد تفسيره وبشكل رئيسي، في جمعه بين خاصيتين أخريين:   ـ من ناحية مبدئيته وروحه الكفاحية وتمسكه الشديد باستقلال قراره ورفضه الانخراط في جوقة أحزاب تحتل فيها المطامع الأولوية على خدمة الوطن الصالح العام.   ـ ومن ناحية ثانية تظافر ذلك مع مستوى لا بأس به من الواقعية والحس السياسي في التعامل مع القضايا الوطنية والاستحقاقات السياسية وهو مسلك يتعين دعمه أثناء التعاطي مع المحطات السياسية المقبلة.   إن التحديات ليست هينة إذا ما اعتبرنا المحيط الدولي المتقلب ومخاطره على الاقتصاد الوطني بمضاعفاتها الاجتماعية المحتملة، وكذلك تشكل بؤر الغضب وبوادر الإنفجارات الاجتماعية. والحزب الديمقراطي التقدمي محق تماما في التحذير من اعتماد الحل الأمني مع هذه التطورات ودوره في تغذيتها، ويهمّه أن تتطوّر تونس في مناخ سلمي وعلى أساس معالجة الأسباب العميقة لتنامي العنف سواء منه العنف السياسي الصادر عن السلطة أو الذي يحمله خصومها من السلفية الجهادية، أو العنف الاجتماعي الذي نشهده في تعبيرات الغضب لدى المحرومين وفي التظاهرات الكروية وفي استشراء الجريمة. إن مبدئية التمشي العام للحزب وكذلك فهمه وممارسته للسياسة باعتبارها موجهة بقيم أخلاقية وليست مجرّد إدارة للمصالح ـ فضلا عن أن تكون موجهة لخدمة الأغراض الخاصةـ إن ذلك لا يمنعه من إدراكها أيضا بوصفها فن الممكن، لا على معنى اكتفاء الضعيف بما يمن به القوي، ولكن بما يفيد تحديد الأهداف وأشكال النضال بالانطلاق من معطيات الواقع الموضوعي والذاتي معا.   يريد الحزب أن يتحول إلى طرف سياسي مؤثر في الساحة الوطنية وله وزن في رسم مستقبله، وهو أمر مشروع تماما. إلا أن الحزب لن يتحول إلى قوّة فاعلة بمجرّد السعي إلى تجميع رأي عام رافض للاحتكار السياسي والحكم الفردي. بل أن ذلك الهدف لا يتماشى مع استعجال تغيرات لا نملك شروطها ولا المفاتيح المتحكمة بها. إن المكاسب السياسية، المحدودة، التي حققها الحزب لا ينبغي أن تنسينا أنّه مازال تنظيما صغيرا يفتقر إلى الانتشار في التراب الوطني والإنغراس في الفئات الشعبية والوسطى بما في ذلك القطاعات المنظمة. إن اكتسابه حجما وطنيا مرهون بعمل طويل النفس وبأقل ما يمكن من المحاصرة والتضييق الذي ينمي الطاقة النضالية ولكنه يمكن أن يرهق المناضلين ويبعد عن ساحته مناصرين محتملين، علما بان الحزب اختار سبيل العمل القانوني.   من ناحية أخرى فإن إيجاد قاعدة اجتماعية قابلة بقيادة الحزب لا يتم فقط برفع شعارات الديمقراطية السياسية والاجتماعية، ناهيك عن استثمار كل طاقات الحزب في العمل السياسي المباشر والآني. بل يقتضي الالتصاق بالشواغل اليومية للفئات الشعبية والإنخراط في عمل ميداني وقاعدي يرافقها في بلورة مطالبها والدفاع عن مصالحها والارتقاء بوعيها وتنظيم تحركاتها. مثل هذا العمل شرط ضروري لتبلور تيار شعبي يضغط على الكتلة المهيمنة ويفرز في صلبها طرفا مستعدا لتسوية سياسية تحفظ السلم الأهلي وتفتح الباب لإعادة بناء النظام السياسي على قاعدة أوسع مشاركة سياسية ممكنة. وإذا كانت نجاعة الخطط السياسية تقيم بقدرتها على بلوغ أهدافها دون الانزلاق عن مسارها، فلا نرى أن ثمّة ثمرة سياسية منتظرة من الاستمرار في طرح قضية التمديد للرئيس بن علي ولا في طرح التداول على الحكم كهدف مركزي في أفق 2014 .   2 ـ إن السلطة السياسية القائمة هي المسؤولة عن حالة الجمود السياسي والمبررات التي تقدمها لبطئ مسار الإصلاح وإفراغه من مضمونه غير مقنعة. إن تضخم الهاجس الأمني تجاوز المعقول، ودولة القانون بوسعها أن تحفظ الأمن والاستقرار في كنف احترام حقوق الإنسان وفي ظل حياة سياسية تعددية فعلا، ومن غير المطروح تبرير أو تفسير انسداد الأفق السياسي بأخطاء ارتكبتها المعارضة، على الأقل منذ منتصف التسعينات إلى اليوم. بيد أن ثمة مصلحة وطنية في الخروج من حالة الجمود وتحريك الأوضاع. وفي تقديرنا أن المعارضة المستقلة لئن كان بوسعها في المرحلة القادمة تنمية قدرتها على إحراج السلطة والمزيد من إضعاف شرعيتها وجرّ المزيد من الناس إلى مواقع سياسية احتجاجية إلاّ أنّها بالمقابل غير قادرة على وضع حد للحكم الرئاسوي على الأمد القريب، ولا على فرض التداول على الحكم على الأمد المتوسط، وأن الكتلة المهيمنة تتوفر على ما يكفي من الوسائل للدفاع عن مصالحها إذا ما استشعرت الخطر. كذلك نرى أن مسار التحول، في الأمد المنظور، لا يمكن أن يتحقق عبر مواجهة مفتوحة مع النظام ولا خارج مشاركة التجمع الدستوري في إدارة البلاد لفترة انتقالية، لا يمكن لأحد تحديدها من الآن. ينبغي تصوّر جدلية أو تكامل بين الصراع والحوار مع الطرف الماسك بالسلطة والوعي الكامل بأنّ الغاية من الحوار هي إتاحة الظروف الملائمة لإيجاد تسوية أي تنازلات متبادلة تتيحها موازين القوى ومن شأنها مراعاة المصالح المختلفة وتقريب المواقف المتباعدة.   ثمة حاجة متأكدة لزحزحة حالة تجمع بين الركود والتوتر، مرهقة لكل من المجتمع والدولة. ولا شك أن العمل على فتح آفاق لمسار الإصلاح لن يكون طريقا سهلا وأنّه لن يخلو من محاولات الاحتواء أو النكوص، ولكنّه السبيل الأسلم لتفادي تعفن الأوضاع وخروجها عن السيطرة. هذا المخرج يقتضي بالضرورة تحديد الأولويات والبناء على القواسم المشتركة وتنسيب التعارضات، كما يتطلّب خفض التوترات السياسية دون توهم إمكان إلغائها، وطمأنة مختلف الأطراف. وإذا ما حظي هذا التمشي بقبول الحزب فإننا نقترح عليه التقدم بمبادرة تمثل مساهمة منه في تحقيق الانفراج وتستحث السلطة للقيام بخطوات في نفس الاتجاه. وتتكون هذه المبادرة من شقين:   الأول « سياسي » يتمثل في خفض سقف مطالبه السياسية للمرحلة الراهنة وذلك:   ـ بالكف عن طرح مشروعية التقدم لولاية رئاسية خامسة للرئيس بن علي وإرجاء مطلب إصلاح الدستور بتحديد عدد الولايات الرئاسية إلى ما بعد انتخابات 2009 .   ـ بإعطاء الأولوية للمطالب المتعلقة بالانفراج السياسي وتوسيع مساحة الحريات وترشيد أسلوب ممارسة الحكم وإصلاح القوانين المنظمة للحياة السياسية.   أما الشق الثاني فيتمثل في العمل على أن تدفع الحكومة إلى إصلاحات اقتصادية واجتماعية مستعجلة وذلك:   ـ بجعل قضية التوازن بين الجهات في صدارة اهتماماتها وإعلان المناطق الداخلية، وخصوصا أكثرها حرمانا وتضررا، منطقة ذات أولوية ومستحقة لتركيز الجهود الوطنية في مجال الاستثمار وتنمية مصادر الرزق.   ـ بإيلاء قضية البطالة وخاصة بطالة أصحاب الشهائد عناية خاصّة وبمعالجة أحد أسبابها الرئيسية أي الاختلال بين منظومتي التعليم/ التكوين ومنظومة التشغيل.   ـ بمحاصرة ومكافحة ظواهر الفساد والجريمة.   هذه الأفكار نقترحها على قيادة الحزب للنظر فيها، أملنا أن تسهم في الدفع إلى حوار بناء وفي تقريب وجهات النظر والتجاوز الإيجابي للخلافات القائمة   (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 9 سبتمبر 2008)

حركة النهضة على صفحات ‘ الصباح ‘.

    ظهور عرض ملخص لكتاب حول حركة النهضة التونسية على صفحات أعرق جريدة تونسية شبه رسمية هي ‘ الصباح ‘ .. أمر يثير الإستغراب ويستحق القراءة. جريدة ‘ الصباح ‘ شبه رسمية بالمعيار الإعلامي العام ولكن كل من يدرك حقيقة السجن الذي وضع فيه الإعلام التونسي الحر بمختلف مشاربه الفكرية والسياسية منذ الإنقلاب ضد بورقيبة لا يحتاج لذكاء خاص حتى يعرف أن ‘ الصباح ‘ تتحرك في أفق من الحرية الإعلامية محدود جدا كلما تعلق الأمر بالقضايا التي تعتبرها الدولة هناك سيادية مصنفة بالخط الأحمر القاني وعلى رأسها طبعا ـ بل هي الوحيدة تقريبا ـ حركة النهضة التي تجندت ضدها الدولة بكل مؤسساتها القمعية والإجتماعية وبنت مشروعيتها الفقيدة على إلغاء أي حركة إحتجاجية أو إصلاحية من منطلق إسلامي يستند إلى تنظيم حزبي أو إتصال بالناس أو محاولة تأثير في الرأي العام. قراءة في خلاصة الكتاب. الخلاصة قدمها إلى جريدة ‘ الصباح ‘ بتاريخ 2 أيلول سبتمبر الجاري السيد صالح عطية والكتاب من تأليف الد. علية العلاني بعنوان : ‘ الحركات الإسلامية بالوطن العربي : دراسة مقارنة بحركة النهضة التونسية ‘. صدر الكتاب عن دار نشر مصرية بالقاهرة. ركز الكاتب كثيرا على أسباب الإخفاق والفشل التي يورد منها التصدع التنظيمي في الحركة وتداخل السياسي بالديني فيها وتفويتها لفرصة المصالحة الوطنية التي عرضتها الدولة الجديدة بعد الإنقلاب ضد بورقيبة بسبب خطابها المعادي لمكتسبات معاصرة من مثل مجلة الأحوال الشخصية وعدم إحترام ثوابت الجمهورية ومقتضيات التعددية وعدم الإعتراف بشرعية السلطة الجديدة بسبب لائكيتها ثم يكاد يحصر تلك الأسباب في توخي سياسة تصعيد بداية من عام 1986 وإزدواجية الخطاب ومحاولة فرض بديل ثقافي من خلال الإنغراس في مؤسسات المجتمع من مثل المعاهد والكليات والنقابات وحتى الحزب الحاكم .. كما أورد الكاتب بأن الحركة إكتسبت صلابتها من خلال نفوذها المالي وإستغلال الأخطاء البورقيبية ضد الإسلام وأنها كانت على وفاق مع الحركات الإسلامية خارج تونس ولكنها في توتر مع السلطة ومكونات المجتمع المدني .. وأنه كان يمكن تلافي الفشل والإخفاق لوكانت الحركة سياسية لا دينية .. ثم يدعو في الختام إلى عقلنة الحركة إسوة ببعض الحركات الإسلامية المغاربية بسبب أنها حاجة ملحة وممكنة في الآن ذاته .. 1 ــ المشكلة دولية بالأساس. كثيرا ما يغيب عن قطاع النخبة حين يحشرون أقلامهم في تحليل ظواهر إجتماعية محددة أن عالمنا الحاضر أصبح يتشكل بأسرع مما كان سابقا في كثير من الجوانب بسبب عامل مهم جدا هو فقدان هذا العالم منذ عقدين كاملين لقاعدة التوازن الدولي وذلك في إثر أكبر أحداث القرن الميلادي المنصرم أي إندثار الكتلة الشيوعية بزعامة الإتحاد السوفييتي وإنتصاب أمريكا شرطيا يحكم العالم بعصا التهديد والغزو والحصار وتحريك الأقليات إبتغاء مزيد من الإنقسام. إن الذين ينظرون إلى تجربة حركة النهضة التونسية بقطع النظر عن إتجاه النظرة نحو التثمين أو الإدانة أو في منزلة بين تينك المنزلتين .. أولئك الذين يحاكمونها دون إعتبار لأكبر معطى دولي مازالت آثاره راسخة في كل زاوية من زوايا واقعنا .. إنما يقعون في التهافت حتى لو إتجهوا نحو الرضى عن كسبها العام أو كسبها في هذا الملف أو ذاك. المقصود من ذلك هو أن المعطى الدولي الجديد بعد إنتهاك ما بقي من حرمة للدولة القطرية العربية الحديثة التابعة وإنتفاء الخصوصية حتى في مظهرها الثقافي بل حتى في كثير من جزئيات وتفاصيل الظاهرة الثقافية من مثل العادات والتقاليد .. المعطى الدولي بعد كل ذلك هو الذي يلون الكسب ويسطر لسقفه خطوطا حمراء وهي خطوط ليست علوية فحسب كما يظن كثير من الساذجين أي أن تلك الخطوط لا تستهدف الحركة الإسلامية فحسب بإعتبارها في مقدمة حركة الإحتجاج والمقاومة الأعلى صوتا والأكثر تأثيرا في المنطقة العربية والإسلامية ولكنها خطوط حمراء سفلية كذلك أي أنها تحفظ قدرا من التوازن يمكن من إستخدامها عند ما يأبق العبد العربي أو تند الأمة الإسلامية ـ بفتح الهمز لا بضمها ـ عن بيت الطاعة الصهيوأمريكي. في الحالة التونسية فإن مقتضى ذلك هو أن حركة النهضة لم تكن مؤهلة بحسب ذلك المعطى وسقوفه وشروطه ومصالحه لدور معارض جاد ولا بد لها أن تنخرط في إحدى الممكنات التي تتراوح بين الإصرار على حقها في المعارضة وعندها فلن يكون التعامل معها بألطف مما تتعرض له مكونات معارضة عالمانية عريقة تلتقي مع ثقافة العصابة الحاكمة .. وبين الرضى بمنزلة التياس المحلل أو شاهد الزور الأكبر وعندها يكون التعامل معها مختلفا نسبيا .. بكلمة واحدة مختصرة : الوضع الدولي الجديد إذا ما فقه حق الفقه فإنه لم يكن يسمح لحركة النهضة التونسية بمجرد الوجود إلا داخل السجن بسبب أن الحركة أكبر بكثير مما آلت إليه الأوضاع دوليا ومحليا وهي ليست مؤهلة بكل المقاييس للإنحشار في قمقم لا يتسع لأنمل واحد من أناملها بله جسمها الكبير عددا بمنطق المقارنة على الأقل وطموحها الكبير ثقافة بعد عقدين في ذلك الوقت من التربية والعمل. 2 ــ المشكلة دولية بالأساس الأول .. ولكنها محلية بالأساس الثاني. تعيش تونس وضعا إستثنائيا جدا بمقاييس كثيرة منها المقياس الإقليمي القريب أي المقياس المغاربي ومنها المقياس العربي العام ومنها المقياس الإسلامي ومنها المقياس الإفريقي وفضلا عن كل ذلك المقياس الدولي. تلك حقيقة إتضحت معالمها وتفاصيلها لعدد كبير جدا من المحللين في العالم ولم تكن تلك الحقيقة بارزة لغير التونسيين في بداية الإنقلاب ضد بورقيبة. الإستثناء التونسي معقد مركب. ولكن يمكن إجمال وجهه العام في أمرين هما : الحرب على الإسلام في أظهر شعائره وأبرز شرائعه بل حتى فيما يتصل بالعادات والتقاليد التي تجمع بين الإنتساب للدين ولطريقة في التدين. الحرب على الإسلام في تونس ليست إستخداما إيديولجيا فجا أو تحاملا على هذه العصابة ولكنها حقيقة برزت هي الأخرى ـ ولله الحمد والمنة ـ بعد سنوات جمر حامية لنظر كثير من المحللين. فإذا كانت عصابة العهد الأمريكي الصهيوني الجديد في تونس تعلن الحرب على الإسلام بتلك الصورة كيف يكون مستقبل حركة النهضة التي قامت على أساس ديني صرف ولن يزال الإسلام يوجه حركتها الفردية والجماعية والفكرية والتربوية والإجتماعية والسياسية؟ أليس من المعقول جدا أن تنسحب الحركة الإسلامية من تونس بعد إعلان الحرب ضد الإسلام وهي حرب توختها الدولة رسميا من خلال خطة دولية معروفة هي خطة تجفيف منابع التدين بل لم تظفر العصابة المنقلبة ضد بورقيبة على شيء يمكن أن يكون لها مرجعا في شرعيتها الفقيدة سوى تنحية شبح الإسلام عن البلاد كلما أضحى الإسلام يهدد إستقرار الحكم الموالي للغرب ثقافيا وسياسيا والحديث عن الإسلام هنا لا يكون إلا بالحديث عن حركة تحمل الإسلام فالتلازم بين الإسلام وحركته أو بينه وبين أمته تلازم بين جسد وروح أما الحديث عن إسلام مجرد عن ملابسات الواقع وعن حركة أو شعب أو أمة تحمله فهو حديث الأبراج العاجية المترفة أو حديث المتآمرين الذين يريدون إيقاع فصام نكد بين روح الإسلام وجسم الإسلام. ذلك هو الإستثناء التونسي الأول في الدائرة الإقليمية والعربية والإسلامية. أما الإستثناء التونسي الثاني فهو إستثناء يمكن كذلك تفكيكه لولا أن المجال هنا ضيق لا يسمح بإطناب واسع. الإستثناء التونسي الثاني يمكن تفكيكه إلى أمرين : أولهما هو أن تونس تعيش أزمة حريات شديدة جدا بالغة السوء ليس لها نظير إقليميا وعربيا وإسلاميا ودوليا ومن يذكر عشرية التسعينيات المنصرمة وسنوات جمرها الحامية اللاظية يدرك معنى هذا الكلام. إغتيال الحريات في تونس لو شكت منه حركة إسلامية لهان الأمر لأن الحرب الموقدة ضد الإرهاب والتطرف من لدن السفاح الصهيوأمريكي تبرر ذلك ولكن خنق الحريات خنقا مريعا أمر متفق عليه بين كل الناس في البلاد يستوي في ذلك أقصى اليسار مع أقصى اليمين كما يقال بالتعبير الإنجليزي التقليدي سياسيا. خنق لم ينج منه لا شيوعي ولا قومي ولا حتى بورقيبي مخلص لبورقيبة من مثل محمد الصياح ورموز البورقيبية الذين يحترمون في هذه النقطة المحددة أي أولئك الذين بقوا أوفياء لبورقيبة حيا وميتا أما عبيد الدجل وقطيع النفاق الذي يساق لأول ناعق فإن كفوفهم جاهزة للتصفيق لإبليس لو حكم تونس. وفضلا عن كون تونس تعيش أزمة حريات خانقة شملت كل صاحب نفس حر حتى قلما مغمورا يسجل خواطره على مدونته الخاصة به إلكترونيا .. بشهادة العالمانيين قبل الإسلاميين الذين من المفهوم ألا تؤخذ شهادتهم في ظل إنتصاب المجزرة الصهيوأمريكية سيفا مسلولا .. فضلا عن ذلك فإن هذا الإستثناء الثاني في مظهره الثاني يمكن معالجته من خلال أمرين : أولهما أن خنق الحريات طال الحريات الشخصية الخاصة جدا وهو أمر لا يصدق لفرط فداحته وبشاعته عند كثير من غير التونسيين مهما كانوا مثقفين ومطلعين إلا قليلا منهم وثانيهما هو أن العصابة المنقلبة ضد بورقيبة ذات رصيد فارغ جدا في مصرف المشروعية والشرعية معا وهو أمر يعز نظيره في المستوى الإقليمي والعربي والإسلامي. بنت العصابة الجديدة شرعيتها على أساس إنقاذ البلاد من الخطر الأصولي فتحولت بسرعة البرق إلى أصولية غربية متطرفة تحكي زمن العجرفة الوندالية البدائية الأولى حتى تلقت تحذيرات كثيرة من قوى دولية نافذة كانت سببا في إنقلابها وراحت تبشر الدنيا كلها بإكتشاف البلسم الشافي لتطهير الأرض من الظاهرة الإسلامية وواتتها ظروف إنهيار الشيوعية وحلف وارسو وإعلان الحرب على القوقاز مقدمة للحرب على الإسلام والأمة الإسلامية قاطبة في مأساة صامتة تكشف آثارها اليوم عن مقبرة جماعية في إثر مقبرة ثم جاءت نكبة سبتمبر وكوارث مدريد ولندن وصعود أخطبوط القاعدة الذي منح أعداء الحرية وأعداء الإسلام صكا أبيض لشن حرب إنتقامية أو إستباقية. ناكية النواكي هنا هي أن تلك العصابة التي ليس لها أدنى رصيد في الشرعية السياسية والتي بنت شرعيتها على إنقاذ تونس من الخطر الأصولي أتاحت الجو لفرط حمقها في التعامل مع الظواهر الإجتماعية المثقلة المعقدة لأصولية إسلامية جديدة عبرت عن نفسها فيما عرف بأحداث سليمان الدامية وما تخفيه الأيام الحبلى لا قدر الله أكبر وأخطر .. ثاني الأمرين هو أن تلك العصابة التي خططت لإغتيال كل معاني الحرية مهما كان غائرا دقيقا وخاصا .. داست على أول إمتحان إنتخابي كان يمكن أن يكسبها حبة من المشروعية وذلك من خلال تزوير واسع جدا في أول إنتخابات برلمانية في 1989. بأي وجه إذن يمكن لتلك العصابة أن تحتمل وجود حركة إسلامية بوزن حركة النهضة عددا في البلاد بالمقارنة على الأقل وترسخا في قيمة الحرية؟ بأي المعاني إذن كان يمكن لحركة النهضة أن تبقى خارج السجن وخارج المنفى؟ هل تصمت الحركة عن جريمة الإنقلاب ضد بورقيبة أم تصمت ضد جريمة التزوير الواسع لأول إنتخابات فازت فيها قوائمها بخمس الأصوات بشهادة العصابة نفسها بعد تفصيل النتائج وتفكيكها وإعادة تركيبها ضمن العمل المسرحي المخجل أم تصمت الحركة ضد جريمة تجفيف منابع التدين التي لم يسبق أن طبقها حاكم عربي أو مسلم أبدا مطلقا منذ العهد النبوي حتى أيامنا هذه أم تصمت ضد جريمة إغتيال الحريات التي شملت شركاءها في العمل السياسي رغم الإختلاف الثقافي الواسع جدا وهي جريمة مركبة بسبب العدوان فيها على الحريات الخاصة الشخصية من مثل خرقة قماش تضعها فتاة لم تبلغ سن الحلم بعد على رأسها ولدت بعد وأد حركة النهضة وعلى الحريات العامة أم تصمت الحركة ضد إطلاق العصابة لأيدي عائلتها وأصهارها ترتع في أموال الشعب حرة طليقة تأكل ما تشاء وتدع ما تشاء محتمية بسيف القانون الظالم أم تصمت الحركة ضد جريمة التطبيع مع العدو الصهيوني دون أيما حاجة حتى بالمنطق العربي الواهن فلا حاجة جغرافية ولا حاجة إقتصادية أم تصمت الحركة ضد جريمة إغتيال نصير المستضعفين في البلاد أي إتحاد الشغل أم ضد جريمة محاصرة رابطة حقوق الإنسان أم عن أي جريمة يمكن أن تصمت الحركة حتى يرضى بها رقما موجودا ساكنا لا ينفع محتاجا ولا يخاصم ظالما ؟؟؟ الحديث عن الإستثناء التونسي الذي يبرر إضطرار الحركة الإسلامية إلى الخروج من المعادلة الجديدة الظالمة دوليا ومحليا .. حديث ذو شجون ومن جزئياته وتفاصيله كذلك إستثناء النخبة الشيوعية المادية في تونس وهي نخبة معروفة بتجذرها تاريخيا وبسابقية معارضتها لبورقيبة ولكن كذلك بتطرفها الشديد جدا ضد الإسلام والعروبة وهو أمر لا نظير له في كل البلاد العربية والإسلامية إلا بشكل نسبي محدود في المغرب الأقصى والجزائر .. أنى لحركة النهضة إذن بعد كل ما تقدم من معطيات دولية ومحلية متعلق بعضها بالسلطة الحاكمة وشرعيتها الفقيدة ومشروعيتها الآثمة وبعضها بالنخبة اليسارية المتطرفة جدا .. أنى لها أن تجد مكانا خارج السجن أو خارج المنفى مع المحافظة على طبيعتها التي لو فقدتها فقدت مبرر وجودها أصلا أي حركة إسلامية سياسية معارضة؟ 3 ــ مغالطات تورط فيها صاحب الدراسة. أ ــ أكذوبة المصالحة. ستؤكد الأيام يوما أن صاحب الكتاب مرتبط بنوع ما مع العصابة الفاسدة إرتباطا شعوريا أو إرتباطا قائما على الجهل الفاضح. يمكن لكل محلل منصف أن يتهم الحركة بتفويت فرصة المصالحة مع العصابة في السنوات الأولى للإنقلاب ضد بورقيبة ولكن بعد ما تبين الرشد من الغي في شأن حقيقة تلك العصابة وإرتباطاتها بالأخطبوط الصهيوأمريكي وتنفيذها لأعز مطالب ذلك الأخطبوط أي تفكيك دفاعات المجتمع التونسي دينيا وثقافيا وفكريا وإجتماعيا وماليا وسياسيا وقوميا على نحو يعزز من موقع الدولة والتمكن من إختراق العولمة في أبسط مظاهرها الثقافية السلوكية العادية اليومية .. بعدما تبين إتجاه بوصلة تلك العصابة فإن القول بأكذوبة المصالحة هو قول مردود ومفضوح. أي مصالحة يمكن أن تعقد مع هذه العصابة وهي في خصام فلسفي وعملي يومي مع أم تونس أي هويتها العربية الإسلامية؟ أي مصالحة يمكن أن تعقد مع تلك العصابة وهي في خصام مع كل مكونات المجتمع المدني بما في ذلك المكونات العالمانية التي تشترك فيها العصابة معها ثقافيا وفكريا؟ أي مصالحة يمكن أن تعقد مع عصابة دأبت على التطبيع مع الكيان الصهيوني دون وجود أدنى مبرر؟ أي مصالحة يمكن أن تعقد مع عصابة فتت إتحاد الشغل ورابطة حقوق الإنسان وكل قوى المجتمع ودفاعاته الحية لإبتلاعه وهضمه وقهره حتى داست بدباباتها الرديف وما حول الرديف قبل شهور؟ على أساس أي ملف يمكن أن تتصالح حركة إسلامية سياسية معارضة مع عصابة سجلت الإستثناء عربيا وإقليميا ودوليا في كل مستوى : ثقافة وتطبيعا وإجتماعيا وسياسيا؟ العصابة التي لم تتحمل معارضة صغيرة محدودة من مثل عشرات من المجموعات اليسارية التي قد لا يزيد حجم الواحدة منها على عدد مقاعد سيارة أجرة أو من مثل عشرات المجموعات الإعلامية الإلكترونية التي تطاردها بعصا الأنترنت ليل نهار أو من مثل عشرات من المجموعات المستقلة التي لا يزيد نشاطها على تنظيم ندوات فكرية أكاديمية لا يفقه أزلام العصابة لفرط جهلهم كلمة واحدة من مفرداتها الفلسفية .. إن العصابة التي لم تتحمل ذلك لا يمكن لها أن تعقد مصالحة مع أكبر حركة إسلامية في البلاد عند العقلاء والحكماء أما الطائشون الذين تدفع لهم مرتبات مسبقة لبيع أقلامهم أو الذين يتقحمون ساحات التحليل الإجتماعي بمداد بائر وضمير طامع في فتات موائد السحت .. أولئك سرعان ما يذهبون إلى مزبلة التاريخ التي لا ترحم. ب ــ أكذوبة الفصل بين الإسلامي والسياسي. الكلام الذي ساقه صاحب الدراسة يمكن أن يكون صالحا وصحيحا لو كان يتحدث عن حركات غير إسلامية أو حركات تدعي الإنتساب إلى الإسلام والإسلام منها براء سواء بسبب قهر الحاجة والإضطرار إلى التحريفية الشنيعة حرصا على مصلحة الدعوة بمنطق المفلسين والمتهافتين. أما حين يتحدث الكاتب عن فصل بين الإسلامي والسياسي في حركة إسلامية أصيلة معاصرة من مثل حركة النهضة التونسية فإن الحديث يكون مغلوطا منذ البداية وما بني على باطل معرفي لا طائل من مواصلة بحثه. قضية الوصل والفصل في الحركة الإسلامية بين الديني والسياسي قضية داخلية بحتة على معنى تثبيت معنى التلازم بين الدين والسياسة في الإسلام بسبب أن ذلك ثابتا قطعيا يقينيا مطلقا كليا لا تشغب عليه تهافتات المتهافتين ومجادلات الجاهلين وكذلك على معنى تحقيق مصالح آنية عاجلة من عملية فصل منهجية إجرائية لا فكرية ثقافية عقدية تحت سقف علاقة الوصل الكلية أو لتوقي ضربة محتومة أو غير ذلك مما يعرف في الفقه الإسلامي بالسياسة الشرعية. أما الحديث من لدن غير أهل الإختصاص المعرفي فقهيا وواقعيا عن الفصل بين الإسلامي والسياسي في الحركة الإسلامية فهو حديث سمر مريح في مقهى تعربد فيها رائحة السيجارة وربما لون الدعارة كذلك. من يدعون إلى فصل فكري ثقافي بين الديني والسياسي في حركة إسلامية لا بد أن يكونوا إما جاهلين بالإسلام وحركته أو مغرورين ساذجين من الذين يحبون الخير ولكن لم تتعبأ عقولهم بالحق الذي يسبق الخير ويهديه أو متآمرين يستغلون حالة الإنهاك في الحركة الإسلامية لجرها إلى حمأة مخالفة عقدية شنيعة إذا ما تورطت فيها حركة إسلامية فإنها تحفر قبرها بلسانها وقلمها وتهافت قيادتها أما الراسخون في العلم الذين يديرون المعركة على ضوء فقه الواقع فإن دينهم هو دين الصبر والمصابرة والإصطبار عقدا بعد عقدا حتى يتسلم الأمانة جيل جديد في مناخ جديد بسبب أن النصر في عرفهم هو نصر القيمة لا نصرا فوق الأرض إذا عز النصر فوق الأرض. حركة النهضة تميز بين الديني والسياسي في فكرها وسلوكها ولكنها لا تفرق بين الأمرين وهي في علاقة وصل وفصل في الآن ذاته مع المجالين والضابط في ذلك هو أن الحركة ليست تيوقراطية تدعو أو تعمل لأن تساس الدولة برجال دين لا يستمدون شرعيتهم من الإنتخاب الحر المباشر أو تختفي فيها الحريات الشخصية والجماعية ولكن العقد السياسي عندها هو عقد مدني حر بين الشعب ونوابه بل كانت الحركة سباقة إلى تبني إجتهادات متقدمة جدا يشهد كل باحث منصف بأنه لم يسبقها في ذلك كيان إسلامي معاصر. كان يمكن لهذا الباحث أن يسلط الضوء على إغتصاب العصابة للدين وتحولها إلى هجين سياسي يجمع بين التنظير للعالمانية المدنية وبين تقمص دور الشيخ المريد الذي يتلفع بدثار الإسلام لتوطيد أركان حكمه. إذا كان الفصل بين الديني والسياسي عندنا فصلا يخرق حبة خردل من ثوابت العقيدة الإسلامية ولكنه يمكن للحركة في الدولة والمجتمع حتى حركة معارضة موجودة .. إذا كان ذلك ثمن ذلك فالسجن أحب إلينا مما ندعى إليه ولن نكون بدعا من الحركات الإسلامية ولا نشازا في مسيرة الجهاد الإسلامي على درب الحرية داخليا والتحرر خارجيا والحساب عند إكتمال مشهد الميزان بعد سنوات أو عقود أما إستعجال الحساب ونصب الميزان قبل أوانه فمن شأن المتعجلين الذين يريدون حسنة الدنيا بذلة وخيبة وعار. ج ــ أكذوبة الخصام مع مكونات المجتمع المدني. هذه كذلك أكذوبة فاضحة تورط فيها صاحب الدراسة ولو رجع إلى تراث الحركة حتى ذلك الذي دونه أعداؤها وخصومها أو طلب وثائق الأحزاب والحركات والمجموعات اليسارية في تونس لألفى بأن حركة النهضة كانت سباقة بفضل الله سبحانه إلى حسن فقه واقعها التونسي والدولي وذلك من خلال إنصهارها منذ البداية وخاصة بعيد الإعلان عن نفسها ضمن المنظومة الوطنية وهو إنصهار تشكل في حركات تعاون وتنسيق في المواقف المتعلقة بالحريات والقضايا القومية والإجتماعية وغير ذلك ولم يقتصر الأمر على مرحلة الثمانينيات أي مرحلة إندياح الحركة وإنتشارها بل تعدى ذلك إلى مرحلة سنوات الجمر الحامية حين أدركت مكونات المجتمع المدني بأنها أكلت يوم أكل الثور الأبيض في تونس بعدما تراءى لبعضها تحت وعيد العصابة وترغيبها بتحويل تونس إلى جنة خضراء .. أن العقبة الكأداء دون تحول تونس إلى واحة ديمقراطية غناء هو حركة النهضة وليس سوى حركة النهضة .. يمكن أن يشفع للكتاب في أكذوباته الكثيرة شافع من هنا أو هناك إلا هذه لأن التاريخ شاهد والفاعلون في التاريخ مازالوا أحياء يرزقون والوثائق المكتوبة مازالت شاهدة وهي في مخازن الأحزاب العالمانية في تونس أما مخازن حركة النهضة فهي في أقبية وزارة الداخلية كما هو معلوم وإذا كان للكاتب سلطان إليها فليستنطقها إن كان صادقا. الباحث أحول بالتأكيد. 1 ــ زعم الكاتب أن من أسباب فشل حركة النهضة هو محاولة إنغراسها في المجتمع المدني من مثل المعاهد والكليات وإتحاد الشغل وغير ذلك. ألا يخشى على نفسه من سخرية الناس وكيف ينسب نفسه إلى عالم البحث ودنيا السياسية؟ هل تغيرت الدنيا من حولنا أم أننا في حلم يقظة جميل؟ كيف يعاب على حركة سياسية مهما كان دينها أن تنغرس ـ على حد تعبير الكاتب ـ في مؤسسات المجتمع؟ هل يكون البديل عن ذلك السكون إلى زوايا المساجد لا نبرحها على طريقة دراويش الحضرات أم يكون البديل عن ذلك اللجوء إلى القوة العسكرية أو الفوضى الشعبية أم يكون البديل عن ذلك التزلف تحت أعتاب العصابة لنيل مقعد في ما يسمى ‘مجلس النواب’ أو وزارة أو رئاسة بلدية؟ أي بديل يمكن أن تسلكه الحركة ليرضى عنها؟ أليس الإنغراس في المجتمع بكل مؤسساته هو السلوك الحضاري المطلوب من كل جماعة تغيير جادة فوق الأرض إلا أن تكون صاحبة نفوذ عسكري غشوم وخاصة في بلد عسكري من مثل تونس تسحقه أحذية العسكر خاصة بعد الإنقلاب ضد بورقيبة فلا مجال فيه لأنتخابات حرة ولا لديمقراطية؟ أليست كل الكيانات العالمانية في تونس وخارجها تتسابق للخدمة الإجتماعية والإنسانية والإقتصادية والسياسية والثقافية من خلال الإنغراس في مؤسسات المجتمع المدني؟ ألم يعمد النظام البائس نفسه في ظل حكم العصابة إلى ذلك في إتحاد الشغل مثلا وتحديدا في مؤتمر سوسة عام 1989؟ ما الذي يجعل العصابة تئد رابطة حقوق الإنسان وتمنعها من عقد مؤتمرها بعد عشر سنوات كاملة على حلول الموعد؟ أليس لأنه لا وجود لزبانيتها في تلك المؤسسة؟ 2 ــ كما أكد الباحث أن إشعاع الحركة إنما مرجعه إستغلالها لتعنت بورقيبة ضد الإسلام وهو حق ولكن هل يعاب على الحركة أنها إنتصرت للإسلام من حاكم جائر حتى لو كان جوره في ميزان العصابة التي إنقلبت عليه أحلى ربيع للديمقراطية عندما تبأس الديمقراطية .. أم يعاب على بورقيبة محاولته سلخ تونس عن هويتها؟ ألا ترى بعينك الحول اليوم يا سيد علية أن العصابة التي تحاول تبييض وجهها الأسود بعد ما كلح وجاف .. تعمد هي الأخرى إلى إستغلال أخطاء حركة النهضة وأخطاء كل معارض لها؟ أليس ذلك هو منطق العمل السياسي كلما كان لا يكذب ولا يبالغ؟ فإذا صمتت الحركة عن بورقيبة في قضية الإسلام فما الذي يبقى لها لتفعله؟ هل تعكف على إنتاج الكتب الصفراء والحصن الحصين وتملأه روايات واهية مغشوشة تخدر بها الشعب وتزيده تخديرا فوق تخدير؟ أم هل تنظم الحضرات الطروقية وتملأ البلاد بريح الجاوي والفاسوخ؟ وأخيــــــــــــــــــــــــــــــرا … 1 ــ هل يعني كل ذلك أن الحركة كانت مبرأة من الخطإ؟ لا أبدا. أخطأت الحركة بالتأكيد وكانت لها شجاعة عز نظيرها ـ بل دعني أقول لك متحديا بأنه لا نظير لها في عالم السياسة في تونس على الأقل وإن قبلت التحدي فأنشر على الملإ تقويما داخليا أو علنيا لأن كيان تونسي ينتقد فيه نفسه سوى حركة النهضة ـ شجاعة جعلتها تقوم مسيرتها وتنقد أخطاءها وتسجلها في كتاب منشور معروف عند كل باحث منصف. أخطأت الحركة وحق لها أن تخطئ تحت ضربات السيف البتارة على مدى أربعة عقود كاملة وكذلك تحت وطأة نقص في التجربة وغير ذلك. أخطأت الحركة ولكن كل أخطائها كانت أخطاء سياسية أي أخطاء سياسية متعلقة بالإجراء والتطبيق وليس بالفكر أو الثقافة السياسية أو التصور. أخطأت الحركة سياسيا عندما لم تقدر الميزان الدولي حق قدره خاصة أنه يمر بأكبر منعرج في تاريخه الحديث بعد إنهيار الوحدة السياسية التي كانت تمثلها الخلافة العثمانية وذلك بسبب أن الحركة بالغت في العمل في الملف السياسي في ظروف عربية ودولية ومحلية غير سانحة بلحظة تغيير مهمة. هو خطأ سياسي إذن ولكنه خطأ سياسي في الإجراء السياسي ولذا يجب وضعه في حجمه المطلوب دون تهويل ولا تهوين. من مظاهر ذلك الخطإ السياسي الإجرائي مثلا : بروز الحركة قوة كبرى في إنتخابات 89 منافسا لجنرال منقلب لتوه على بورقيبة ومسنودا من أروبا وأمريكا وله تاريخ معروف في التجسس لصالح وكالة المخابرات الأمريكية في بولندا ومن تلك المظاهر كذلك محاولة فرض الحريات في البلاد دون تنسيق كاف مع كل مكونات المجتمع السياسي المدني. أخطأت الحركة بالتأكيد ونقدت نفسها مبكرا جدا ونشرت ذلك مبكرا جدا ولكن الميزان العادل عند أهل التحقيق والرشد ينبئك بأن خطأ الحركة ـ خطأ سياسي إجرائي ـ لا يساوي قلامة ظفر في ميزان جريمة العصابة في حق الأمة وحق الشعب : جريمة في حق الأمة جمعاء بتوخي خطة تجفيف منابع التدين وجريمة في حق الشعب بتزوير الإنتخابات وفتح البلاد أمام الرذالة الأمريكية ليتغير كل شيء تقريبا في تونس بدء من ثقافة شرب الشاي حتى سلوك الطالب الجامعي والأستاذ الباحث من مثلك ممن يبيع شهادته لنيل رضى عصابة عما قريب تكون بإذنه وحده سبحانه في مزبلة التاريخ. وليكن ذلك بعد موتنا فليس الأمر متعلقا بأشخاصنا ولكنه متعلق بالقيم التي تصنع الإنسان صنعا وبالأمانة التي تورثها الجيل التالي لينظر هل كنت غاشا أو أمينا. 2 ــ هب أن حركة النهضة رفضت عرض العصابة في مصالحة مما مجه قلمك المأجور ..  فكيف هو حال حركات إسلامية تونسية أخرى عريقة عراقة حركة النهضة من مثل الإسلاميين التقدميين بعدما كان زعميهم إحميده النيفر ذراع المقبور الشرفي في تنفيذ خطة تجفيف منابع التدين. أليس ذلك مثال على حركة إسلامية تمكنت من السلطة فما هو حال أولئك اليوم؟ ألا ترى أن الجورشي يمنع من عقد ندوة فكرية من حين لآخر في نادي الجاحظ بسبب أن الحديث عن الإسلام الذي ظنت العصابة أنه قبر دون غسل ولا كفن ولا صلاة؟ وما هو حال الجماعة الإسلامية المسالمة المعروفة دوليا : الدعوة والتبليغ؟ ألم يسجن زعيمها التونسي المعروف الشيخ الهمامي على مدى سنوات ثلاث لأول رجوع له إلى تونس في حمأة الهجمة ضد الإسلام والحريات؟ هل تزاول تلك الجماعة السياسة؟ ألا تراها لا تبرح الأدعية المأثورة والسنن المعروفة تئد بها مفعول عالمانية حانقة ساخطة ضد الله؟ أين حزب التحرير الإسلامي في تونس وأين أحزاب وحركات إسلامية أخرى كثيرة في تونس بعد ضرب النهضة التي لم تعترف بشرعية العصابة على حد قولك وهو فخر لها حتى يوم الدين إن شاء الله تعالى؟ لا بل أين الحركات والأحزاب العالمانية في تونس؟ ألم تسمع بما يجري للشابي وحزبه وهو حزب معترف به؟ ألا تشهد لله شهادة حق ـ إن كنت حقا تؤمن به سبحانه ـ بأن مشكلة تونس ليست حركة النهضة ولكنها مشكلة العصابة التي وأدت كل معاني الحرية والتدين في البلاد مستنصرة بغلواء التصهين والمد الأمريكي؟ 3 ــ عن أي تعقل تتحدث؟
 جميل أن يطلب الكاتب التعقل من حركة النهضة حتى يسوى ملفها على حد زعمه كما وقعت تسويات في المنطقة المغاربية وخاصة المغرب الأقصى ولكن قل لنا ما هو المطلوب من حركة النهضة حتى نقوم به. هل مطلوب أن نتخلى عن الصفة الإسلامية فنتحول إلى العالمانية في زمن يتحول فيه العالمانيون إلى الإسلام أم هل مطلوب منا أن نتخلى عن الصفة السياسية وعندها لم يعد لأي واحد منا مشكلة مع العصابة فصكوك التوبة موضوعة جاهزة ولكن كل من شرب منها مغررا به وجد في فؤاده علقما حنظلي المذاق وإذا ما تخلت الحركة عن صفتها السياسية فقد خرجت من دائرة التغيير والإصلاح ولم تعد معارضة تنازع الدولة بالتي هي أحسن حسن تسيير شؤون البلاد مع العلم أن النمط الغشوم الذي تتوخاه العصابة في حكمها الشمولي المطلق لا يترك أدنى مجالا حتى لمن ينصرف عن السياسة ومتاعبها أم مطلوب منا أن نتخلى عن الصفة السلمية فنتحول إلى قاعدة جديدة في تونس أو مجموعة سليمان ـ إذا صحت رواية العصابة وماهي بصحيحة حتى يأتي الخبر اليقين ـ والحقيقة أن ذلك هو مطلب العصابة أي أن تتحول الحركة عن خطها الديمقراطي في زمن الحرب ضد الإرهاب فتكون الضربة القاصمة قاضية بمباركة أمريكية  غربية عربية ولكن العاصم هو الرحمان سبحانه وهو أمل لن تظفروا به ما حييتم منا وحيينا إن شاء الله أم المطلوب منا أن نعتذر لكم ولكن قولوا لنا عما نعتذر؟ عن خطإ سياسي إجرائي لم نقدر فيه الميزان الدولي حق قدره وكانت نتيجته محنة قاسية ضارية ليس لها في دنيا العرب والمسلمين نظير حتى في مصر أيام الناصرية المتطرفة وفي سوريا أيام النعجة المقبور؟ محنة ضارية قاسية نتيجة خطإ سياسي إجرائي مازال يودي ثمنه الد. شورو ومن معه في سجون العصابة بعدما مات منهم عشرات تحت التعذيب وسياسة الموت البطيء وآلاف مؤلفة منا منفيون ومثلهم في السجن الكبير في البلاد يجوعون ويقهرون ويسامون سوء الخسف. محنة لم نصب فيها تونسيا واحدا بلطمة ولكن أخطأنا فتحملنا خطأنا وآثرنا الصبر الجميل ومصلحة البلاد فوق كل إعتبار متأسفين جدا على بروز نتوءات عنف في إثرنا بسبب سياستكم الحمقاء التي لا تورث البلاد سوى مثل ذلك سنة إجتماعية وقانونا كونيا لا يجامل ولا يعادي كما يقولون. الدعوة إلى التعقل مقبولة مفهومة حتى لو كان إنحياز الكاتب إلى العصابة لا غبار عليه ولكن من يعقل من؟ أليست دعوة التعقل جديرة بالعصابة التي تطرفت ضد الإسلام وضد لغة الإسلام في تونس أي العربية وضد الحريات حتى الخاص منها من مثل إعلان الحرب تلو الحرب ضد فتاة ولدت بعد إدعائكم وأد الحركة وتحمل فوق رأسها خرقة قماش وضد الحريات السياسية والعامة طالت غير الإسلاميين من كل لون ومشرب وضد إتحاد الشغل ورابطة حقوق الإنسان وضد أقوات الناس في الرديف وغيرها وضد حريات الناس في كسب العيش الكريم تسلطون عليهم أصهاركم يأكلون عرق جبينهم بقوة السلطان؟ إذا كان التعقل منا هو التخلي عن مقوماتنا الحميمية التي لا إجتهاد فيها من مثل الصفة الإسلامية والصفة السياسية والصفة السلمية فسحقا للتعقل وسحتا له وبعدا ألف ألف بعد. التعقل في هذه الحالة هو : الصبر وليس سوى الصبر فلا يظن ظان أن الصبر سلبية أو يسيرا أو هو سلاح العجزة أو تأخر عن المبادرة لا بل الصبر سلاح فتاك ضد التهافت وضد فقدان الأمل. لو إقترفنا عنفا أو إرهابا لحق علينا الإعتذار لكم وللدنيا من حولنا وحولكم ولكن يشهد الجميع أننا حركة سلمية ديمقراطية ولكن مشكلتها أنها جاءت في بلد غير ديمقراطي فكان لا بد من خروج أحدنا إما قيادة البلد غير الديمقراطي وهذا غير ممكن في ظل توازنات دولية وعربية وإقليمية معروفة بل حتى محلية كذلك ولم يكن هنا من بد آخر هو : خروجنا نحن فخرجنا مسالمين صابرين آملين في عودة آمنة سلمية كريمة لا ذلة فيها ولا خزي ولا عار لنواصل خدمة بلادنا مع شركائنا من كل لون ومشرب حتى تكون تونس لكل التونسيين فإن تحقق ذلك فبرحمة ربك وحده سبحانه وإن تأخر ذلك حتى متنا هنا ودفنا هنا فأهلا بالموت هنا وسهلا بالدفن هنا وعندها نكون قد خدمنا ديننا ودعوتنا وبلادنا خدمة جليلة هي : أداء الأمانة إلى الجيل اللاحق صافية رقراقة لا لبس فيها ولا غبش ولا كذب ولا دجل. 4 ــ شبح الإسلام يظل يطاردكم حتى تؤوبوا ـ وما أنتم بفاعلين ـ أو ترحلوا.  أما أن تنشر ذلك على جريدة الصباح التي إستاذنت من العصابة بالتاكيد في ذلك النشر غير المسبوق على حد علمي والله تعالى أعلم .. فإن ذلك لا يعني شيئا سوى أمرا واحدا هو : كلما كان ذلك الهراء المسمى بحثا يخدم جانب العصابة فلا بأس وما الضير في إدانة حركة وتبرئة جلادها وأسيافه تقطر دما أحمر قانيا كما يعني ذلك أمرا أخر كبيرا ومهما وهو : حركة النهضة التي كان إسمها ممنوع على كل القوائم والجرائد حتى المحلات التي كانت تسمى نهضة مثل بعض المكتبات إضطرت في سنوات الجمر الحامية إلى تغيير إسمها توقيا لضربة موجعة .. حركة النهضة التي أوهمت العصابة الجميع في التسعينيات أنها أضحت أثرا بعد عين .. تطل من جديد على لسان باحث جامعي تونسي في كتاب يقدمه لجريدة الصباح الرسمية في الحقيقة ـ شبه الرسمية في الظاهر ـ صحافي تونسي .. فإذا كانت أثرا بعد عين فلم الحديث عنها في رسالة بحث جامعية؟ هل يتحدث الناس عن الأموات والجثث؟ لا يعني ذلك أن العصابة وعت بأن القضاء على الظواهر الإجتماعية غير ممكن بالعصا والسجن والتشريد ولكن ذلك يعني أن الحياة اليومية العادية في تونس لم تنسلخ عن الإسلام يوما واحدا وليس هناك من مؤشر يتجه نحو إيصاد أي إمكانية لتحرك إصلاحي أو إحتجاجي على أي صعيد كان من منطلق إسلامي. ذلك يعني أن الإستثناء التونسي آن أوان غلقه مغاربيا وإقليميا وعربيا وإسلاميا ودوليا وذلك مؤشر على أن أبطال العصا أضحوا أثرا بعد عين حتى لو كانت رسومهم مازالت تملأ جدران قصر اللؤم والشؤم. فمن الذي أضحى أثرا بعد عين يا ترى؟ حركة النهضة التي تملأ الصفحة الأولى من أعرق جريدة رسمية في تونس بعد عقدين كاملين من العصا الغليظة والقتل المتعمد أم هي العصابة التي تهب عليها رياح التغيير من كل صوب وحدب لو أن الناس من حولنا يصيخون السمع ليشعروا بدقة النبض وخفقان التغيير. ولكنكم قوم تستعجلون.  الحوار نت (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 7 سبتمبر 2008)


 

إسلاميو تونس والسلطة.. أزمة ثقة

     

الرباط/ حسن الأشرف         يقول علماء الفيزياء: إن لكل فعل رَدَّ فعل مساويًا له في المقدار، و مضادًّا له في الاتجاه.. وهي قاعدة علمية واجتماعية وسلوكية أيضا، تنتج لنا نَوْعًا من التوازن، ولعل نشوءَ الحركة الإسلامية في تونس كان ردةَ فِعْلٍ مُسَاوٍ في المقدار، لفعل سياسي انتهجه الراحل الحبيب بورقيبة، الرئيس السابق لتونس، ومضاد له في الاتجاه أيضا، فقد كانت هذه الحركة الإسلامية جوابًا عمليًّا على العلمانية التي نادى بها بورقيبة، وحكمها في البلاد بقوة القانون والدستور.   بدايات وبرز النَفَس العلماني لبورقيبة – كما جاء في حديثٍ حواري منذ أيام قليلة للشيخ كمال الدين جعيط مفتي تونس الحالي لمجلة عربية – في كون الرجل جمع في شهر رمضان المعظم الشيخ محمّد العزيز جعيط والده، والشيخ الطاهر بن عاشور، وجلس أحدُهُمَا عن يساره والآخر عن يمينه، وقال بورقيبة لهما: « نحن الآن في الجهاد الأكبر؛ ولذلك لا بد على التلاميذ والعمّال والجنود أن يُفْطِروا رمضان »! فرفض العالمان الجليلان، وعارضا قرار الرئيس، وتم عزلهما معًا في الغد! كما أنه تم إغلاق جامع الزيتونة والمحاكم الشرعية في عام 1956- 1957م، وأيضا منع تعدد الزوجات، وجعل الطلاق بأيدي المحاكم، وغيرها من الإجراءات التي كان يهدف منها بورقيبة التضييقَ على الهوية الإسلامية للتونسيين، والانتقال إلى نموذج علماني يُشْبِه نموذج مصطفى كمال أتاتورك العلماني في تركيا. وأدّت مثل هذه الأجواء المستفزة للأجواء والمشاعر الدينية لدى التونسيين – من بين أسبابٍ أخرى – إلى تكوين حركة إسلامية في تونس أواخر الستينات، وبداية السبعينات، باستلهام التجربة الأكثر بروزًا حينها في العالم الإسلامي والعربي، تلك تجربة الإخوان المسلمين في مصر، وإمامهم حسن البنا رحمه الله. ورغم كل تلك المحاولات في المرحلة البورقيبية، وفي المرحلة الراهنة في تونس، ظل التونسيون محافظين في فطرتهم ودواخلهم على نوعٍ من الانتماء إلى الدين وقبوله، حتى لو كانت المظاهر الغالبة تُفِيدُ مَدًّا وسيلًا عارِمَيْنِ من التغريب والحداثة الغربية، التي لا تساعد على ممارسة الشعائر الدينية في حرية وانسجام مع محيط المجتمع.     أشكال التدين التونسي   ويُحَدِّدُ الكاتب والمفكر التونسي صلاح الدين الجورشي- خبير في شؤون الحركات الإسلامية، وأحد الأعضاء المؤسسين لحركة « الإسلاميون التقدميون » التونسية- خمسة أشكال للتدين في المجتمع التونسي، وهي: – التدين الرسمي، وهو التدين المدعوم من قِبَلِ الدولة، والذي يهدف إلى تَبْرِير سياسات الحاكم، وإضفاء صبغة الشرعية على الحكم. -والتدين الشعبي التقليدي، متمثلًا في المتدين العادي البسيط الذي ليس له انتماءاتٌ تنظيميةٌ، ويصعب تصنيفه إسلاميًّا. -والتدين الطُّرُقي الذي انتشر في المجتمع التونسي قبل الاستقلال، ولكن بعد الاستقلال حارب بورقيبة هذه الطرق، بسبب مواقف مشايخ الطرق الصوفية المهادنة للاستعمار الفرنسي، كما ساهمت ولادة المجتمع التونسي الحديث من تقليص الطرقية. -ورابع أشكال تدين المجتمع التونسي هو التدين السلفي، وهو ليس تدينًا حركيًّا ولا تقليديًّا؛ وأصبح هذا النوع من التدين ـ وفق الجورشي ـ مُبَرِّرًا للجهات الأمنية لضرب الحركات والتنظيمات الإسلامية. -والتدين الحركي، وهو خامس أشكال التدين.     أزمة ثقة   عَمِلَ إسلاميو تونس على التواجد في المجتمع التونسي؛ لأنهم يدركون أن طبيعة التونسيين محافظةٌ ومتدينةٌ رغم كل الرياح والعواصف، ومن القاعدة الشعبية استمدوا انطلاقتهم، ومنهاج عملهم، وتلمسوا دعمهم، وحددوا غاياتهم، لكنّ مشكلة الإسلاميين في تونس لم تكن مع مجتمعهم الذي جاءوا منه، ولكن مع جهات في السلطة لم تتحملهم، ولم تحاول فهمهم، ولا رصد مظاهر إيجابياتهم، مع محاولة تلافي علامات سلبياتهم، فحدثت أزمة بينهم وبين السلطة في تونس، وحدثت اعتقالات وتضييقات، كما هو دأب الإسلاميين في كثير من البلدان العربية، وإسلاميو تونس ليسوا بأحسن حالًا منهم. ويعتبر الصحفي والمحلل السياسي مرسل الكسيبي، مدير صحيفة الوسط التونسية، في حديث لشبكة الإسلام اليوم أن هناك أزمةَ ثقة تُخَيِّم على طرفي المعادلة، فالإسلاميون، وإنْ تَطَوَّرَ خطابُهم كثيرًا على ما كان عليه بداية التسعينات، إلا أنهم مازالوا حبيسي رهانات سياسية حزبية داخلية تشقهم- التوزع بين الولاء للقيادات على حساب الولاء للمشروع، ومتطلبات العمل السياسي المرن، كما متطلبات وضع قطري له الكثير من التعقيد والخصوصية- علاوةً على اصطدامهم المستمر بتصلب بعض الأطراف النافذة على مستوى السلطة؛ حيث مازال الخطاب والممارسة يحملان كثيرًا من العداء والتوجس تجاه أي مشروع حضاري يَتَّخِذُ من الإسلام الوسطي المعتدل مرجعيةً فكريةً أو وطنية، وهو ما عقد – وَفْقَ الكسيبي – إمكانياتِ اندماج الإسلاميين الوسطيين في الفضاء العام، ومساهمتهم في قطار التنمية من خلال الانخراط في فضاء الاعتراف القانوني، وإبعاد تجربتهم السياسية عن مخاطر المغالبة ومنزلقات العمل السري. والأزمة، يقول المحلل التونسي، مركبة على الجبهتين، ولكن مسؤولية السلطة فيها متجذرةٌ من خلال تواصل سيناريو المحاكمات والاعتقالات بين الفينة والأخرى، وهو ما أطال من عمر الأزمة، وحال دون تقاربٍ بين طَرَفَيْنِ يُشَكِّلَانِ عِمَادَ أي عملية ديمقراطية ناجحة ومستقرة، في ربوع منطقةٍ متعطشةٍ إلى توسيع دائرة المشاركة والمأسسة والدمقرطة والإصلاح ».     التعايش مع المجتمع   ويعتبر بعض المراقبين أن الإسلاميين التونسيين تغلغلوا فعلًا في المجتمع التونسي، وتعايشوا مع الواقع التونسي بشكل أو بآخر، فالإسلاميون التونسيون، يؤكد مرسل الكسيبي، ظاهرةٌ اتسمت بكثير من الديناميكية والتطور الفكري والثقافي والاجتماعي، برغم ما شاب مسيرتَهُم السياسية من أخطاء فادحة في علاقتهم بالسلطات، وهو ما عطَّل تتويج هذا التطور على صعيد العلاقة بالمجتمع بنجاحٍ سياسيٍّ أكثرَ من ضروري وهامٍّ في مسيرة التيار ومسيرة أقطارنا ومنطقتنا؛ إذ لا غنى لأي تيار شعبي أو جماهيري عن تعزيز الاعتراف الاجتماعي باعتراف سياسي يُؤَمِّن الاستقرار والنماء والرفاه للأوطان . ولا يعتبر المحلل السياسي التونسي أنّ التعايش مع الواقع يعني قُدْرَةً مؤكدة على كسب الجماهير وثقتها، واقترابًا لصيقًا من همومها وأحلامها ومكابداتها فحسب، وإنما أيضا قدرة في التخاطب مع الجمهور السياسي بمكوناته الأساسية- سلطة ومعارضة- وهو ما يُؤَمِّنُ الظاهرة من الارتكاس والانتكاس، ويحول دون إفساح الباب أمام بعض قوى الغلو؛ كي تُعَبِّرَ عن النفس وعن المناخ السياسي العام بمنطق العنف الأعمى، أو بقراءاتٍ ممعنةٍ في اختطاف الصورة المشرقة للإسلام » .     التوجس من التغريب   وكان من المهام التي أوكلها الإسلاميون التونسيون لأنفسهم مواجهةُ مد التغريب الهائل الذي ينتشر في المجتمع التونسي منذ سنوات طويلة، وقد عزا العديد من الباحثين بدءَ التغريب في تونس إلى مرحلةٍ سابقة عن مرحلة البورقيبية، باعتبار أنّ احتكاك تونس بالحضارة الغربية تمّ في مرحلةٍ متقدمةٍ من عهد الرئيس الراحل بورقيبة. لكنّ هناك من المحللين والمهتمين من لا يتفق على أنّ هناك تغريبًا جارفًا يصيب تونس، ويتعامل معه الإسلاميون على أنه داءٌ وجبت مواجهته، فالكاتب والمحلل السياسي مرسل الكسيبي يجد في حديثه للإسلام اليوم أنّ تونس بلدٌ منفتح ومفتوح على العالم، ولا شك أن قُرْبَه جغرافيًّا من الغرب سيجعله متأثرًا بإيجابيات وسلبيات الظاهرة الاجتماعية الأوربية، التي لا ينبغي إنكار عمق ما تعرفه من تمدن وتحضر ومأسسة، جَعَلَتْهَا مضربًا للأمثال في موضوعات الحداثة الإدارية، ومجالات التنمية العلمية، والتقنية، والسياسة . ويرى الكسيبي أنه ليس على الإسلاميين التونسيين أن يجعلوا مُهِمَّتَهُم مواجهة « التغريب »، بقدر ما أنّ واجبهم يكمن في فهم أسباب هذا التأثير، والتفاعل معه إيجابًا، وقبولًا مُثْرِيًا، وتثاقُفًا فاعلًا، بما يجعل القواسم المشتركة بين ثقافتهم الوطنية و ثقافة المحيط المتوسطي جسرًا للعبور، وتبادل المصالح، وتعزيز مناخات الأمن والاستقرار، على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي. ويعتبر الصحفي التونسي أنّ التوجس من التغريب يُعَدُّ هاجسًا مُضَخَّمًا عند الحديث عن تونس وعن الظاهرة الإسلامية التونسية، التي لاشك أنها في حاجة إلى تطوير مقولاتها وخطابها ومعارفها، عند معالجة بعض الانحرافات الدينية أو الأخلاقية، مُبْرِزًا أنها نجحت كثيرا في ذلك، لولا انعكاسات المواجهة السياسية التي حكمت علاقة الإسلام الوَسَطِيّ بالسلطة منذ بداية التسعينات من أواخر القرن الماضي .     مراجعات فكرية   والحديث عن إسلاميي تونس يَجُرُّنا بالتأكيد إلى الحديث عن مراجعاتٍ مفترضةٍ، على غرار مراجعات الجماعة الإسلامية المصرية وغيرها، فصلاح الدين الجورشي في مقال له حول الموضوع ذاته، يرى أنّ حركة النهضة بقيادة الشيخ راشد الغنوشي ما تزال متخوفةً من الخوض في مراجعات فكرية تمس المرجعية التقليدية التي نهلت منها حركة الإخوان المسلمون وجميع الحركات الشبيهة بها، فقد ضَحَّت الحركة- ولا تزال- بالمسألة الثقافية لصالح العمل السياسي الذي منحته الأولوية، مُوَضِّحًا أن « عدم الحسم في عديد المسائل الأساسية، والخلط بين النزوع نحو التجديد، إلى جانب المحافظة على أصول المدرسة السلفية، انعكس بشكلٍ واضحٍ على بِنْيَةِ الحركة وطبيعتها، فهي لم تحدد بشكل واضح الفوارق الجوهرية بين طبيعة الجماعة الدينية، وخصوصيات الحزب السياسي ». ويقول مرسل الكسيبي: إن المراجعات الفكرية لدى الإسلاميين التونسيين حصلت منذ مدة، وهو ما دفع الكثيرين إلى إعلان تمايزهم مع قيادات الصف الأول، والدخول في حواراتٍ مُعَمَّقَةٍ عجلت بتعديل أهم الخيارات السياسية منذ أواسط التسعينات، بل حتى مطلعها، مُبْرِزًا أن هذه المراجعات تحتاج إلى رَصْدٍ علمي دقيق، عبر متابعة الحجم الهائل من كتابات نشطاء التيار الإسلامي أو قياداته، وأطره الفاعلة. وخلص الصحفي والكاتب التونسي إلى أنّ زوال المحنة بِبُعْدَيْهَا الأمني والسياسي سيئول إلى مزيد من التطور والمراجعة، خاصةً بعد زوال مبررات أي تكلس تقابل به السلطة، جراء تواصل محنة المعتقلين أو المنفيين .   (المصدر: موقع الاسلام اليوم بتاريخ 9 سبتمبر 2008)

وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا والبنك الدولي؟؟؟
مراد رقية تتوالى النكبات والملمات على قطاع التعليم العلمي والبحث العلمي والتكنولوجيا التونسي في سنة الخمسينية،والسبب الرئيسي في ذلك اصرار سلطة الاشراف الاداري لا العلمي على مقاطعة الممثل النقابي الشرعي الوحيد للجامعيين التونسيين بمختلف أسلاكهم ورتبهم وهي الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي ومساومتها على حرية وسيادة قرارها بوجود نقابة وهمية »افتراضية »موازية،وخاصة برفع شعار يتعارض بامتياز مع توجهات جمهورية الغد ودولة القانون والمؤسسات التي ترفع السلطات القائمة لوائها ألا وهو شعار »أنا أشير وأنتم تنفذون »؟؟؟ ان سلطة الاشراف الاداري التي كان من المفترض عليها تكريم الجامعيين التونسيين لمناسبة الخمسينية التي يصح عليها قولة المتنبي »عيد بأية حال عدت ياعيد »شكرا لهم على تضحياتهم وابداعاتهم التي لا تدخل تحت حصر تكوينا وتأطيرا واختراعا معترف بها دوليا وفي مرحلة ثانية داخليا،ما فتئت تراكم الانتهاكات والتجاوزات التي تطال كل مظاهر حياة السلك التدريسي الجامعي التونسي انتدابا وترقية وترسيما ونقلا وتقاعدا وحتى عقابا بعدد ألوان قوس قزح،والهدف الأسمى هو تحويل الجامعيين رغما عن أنفهم الى مجرد موظفين عاديين مفقّرين،مجوّعين،منتهكي الكرامة،معترفين بالفضل لمجرد الابقاء عليهم أحياء مثل عبيد القرون الوسطى ضمن المنظومة الجامعية الخاضعة الخضوع الكامل لسلطة الاشراف الاداري عبر حلقات التسلسل الاداري التي يراد تحويلها الى هياكل رقابية وعقابية أي أمنية بامتياز(بأيدي جامعية مأجورة مسلوبة الارادة والقرار مملوءة الجيب عبر تكليفها بالخطط الارشادية والاستشارية وانتسابها الى شعب التعليم العالي التي يتساءل أعضائها عن الزيادات في الأجور قبل النقابيين أنفسهم)؟؟؟ وتراكم سلطة الاشراف الانجازات الفريدة المتفردة في مسلسل الانتهاكات والتجاوزات المستهدفة كرامة ونخوة وجيب الجامعي التونسي على حد سواء بهدف تحويله الى »كائن لا طعم ولا لون ولا رائحة »له من فصيلة »بني وي وي » السائدة والمتنامية بامتياز اليوم في عديد قطاعات حياتنا اليومية التونسية،ولعل آخر هذه الانجازات بلوغ أصداء عن أن سلطة الاشراف الاداري،وفي اطار تنفيذها لمنظومة « امد » تحصلت من البنك الدولي مثلها في ذلك مثل المغرب الأقصى الذي سبقها في تطبيق المنظومة على ميزانية هامة مخصصة وموجهة الى ارساء مقوماتها التنظيمية والتكوينية.وتقول بعض المصادر العليمة والمطلعة في وجود تعتيم اعلامي قاتل،وفي غياب »علاقة ثقة »بين الجامعيين التونسيين وسلطة الاشراف الاداري بأن من بنود الاتفاقية القائمة بين وزارة التعليم العالي والبنك الدولي توجيه وتخصيص 30 في المائة من هذه الميزانية لتحسين أجور وظروف عيش الجامعيين التونسيين باعتبارهم القائمين على تطبيق منظومة »امد »؟؟؟ ان سلطة الاشراف الاداري احترفت بامتياز وتميز حرمان الجامعيين التونسيين من حقوقهم التي لا زالت تساومهم عليها حتى في سنة الخمسينية وصولا الى تحييد نقابتهم أي الجامعة العامة بدعوى وجود عديلة أو »ضرّة »لها مع العلم بتحريم تعدد الزوجات عندنا،الزوجات العاديات والنقابيات على السواء،وقبولهم بافراغ الجيب وغسيل الدماغ والتكفير عن الذنب حتى الذي لم يقترف بعد،وصولا الى التسليم بالأمر الواقع الرهيب القاتل قياسا على باقي قطاعات المجتمع التونسي الجريح،وهي تساوم حتى في الحقوق المدفوعة من البنك الدولي،ويخشى الجامعيون من منطلق علاقتهم الرفيعة المتميزة بسلطة الاشراف بأن تحوّل وجهة النسبة الأكبر من منحة البنك الدولي الى وجهات غير معلومة أو لتحسين أوضاع الهياكل الرقابية والعقابية بالوزارة لا غير؟؟؟ ونحن نخشى أن نكون في هذه الحال بين المطرقة والسندان،فاما السكوت عن التمتع بالحقوق تعجيلا وتسريعا باغتيال الجامعيين التونسيين وحقوقهم وأملهم في الخلاص من الجبروت الاداري المتجدد،أو المطالبة بمنحة البنك الدولي كاملة دون نقصان أو دفع نسبة وفيرة منها الى الخزينة العامة للبلاد التونسية فنتهم بالاستقواء بالخارج(وأي خارج والخارج موجود لدينا بامتياز)أو حتى نتهم بالخيانة العظمى لأن مصدر الأموال خارجي كما تتهم بذلك زورا العديد من الأطراف ظلما وعدوانا؟؟؟؟؟؟

مع حلول الذكرى السّابعة لهجمات أيلول 2001 التونسيّون:عين على الدّاخل المستقرّ… وعين على الجزائر المضطرب

  إسماعيل دبارة من تونس:   لا يختلف إثنان في الجزم بأنّ أحداث 11سبتمبر/أيلول من العام 2001 قد تجاوزت بتأثيراتها الكبيرة الولايات المتحدة الأميركية التي ضُربت للمرة الأولى في عقر دارها، إلى كافّة دول المعمورة على أحجامها وتأثيراتها المختلفة على الساحة الدولية والإقليمية. في تونس، ومع إقتراب الذكرى السابعة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر التي غيّرت العالم بكلّ المقاييس، تطرح النُّخب والعامّة على حدّ السواء، تساؤلات عدّة قد نلخّصها في ما يلي: إلى أين يسير العالم بعد 7 سنوات من هجمات 11 سبتمبر؟ هل أن الأحداث التي أعقبت 11 سبتمبر قد عززت من مسارات الديمقراطية وحقوق الإنسان « كما أرادت الإدارة » الأميركية أم أن العكس هو الصحيح ؟ هل من غالب ومغلوب بعد مرور سبع سنوات على اندلاع الحرب ضدّ الإرهاب بين أميركا من جهة وبين قوى الإسلام السياسي التي تتهم بدعم الإرهاب من جهة أخرى؟ وهل أضحى العالم أكثر أمنًا بالفعل؟ هل ستتكرّر تجارب العراق وأفغانستان في بلدان عربية وإسلامية أخرى؟ أسئلة تطرح بإلحاح بين النّخب، لكن عيون المجتمع التونسي القلقة تتابع باهتمام بالغ ما يحدث في الجزائر المجاورة من تفجيرات دموية و عنف مرتفع الوتيرة ، قد يلقي بضلاله بشكل أو بآخر على الأوضاع الأمنية في تونس التي تعتبر إلى حدّ ما مستقرّة مقارنة بمحيطها. فدويّ التفجيرات في الجزائر – و مع اقتراب الذكرى السابعة لهجمات سبتمبر- تعيد إلى أذهان التونسييّن دويّ الرصاص الحيّ في ضاحية تونس العاصمة الجنوبية في أواخر العام 2006 و بداية العام 2007، لمّا اشتبكت عناصر الأمن مع مجموعة إرهابية متكوّنة من شباب عشرينيّ كانت تخطّط لتنفيذ اعتداءات على مواقع حيويّة حسب تصريحات المسؤولين. « إيلاف » نقلت هواجس التونسيين العاديين في الذكرى السابعة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر إلى الدكتور عبد اللطيف الهرماسي المتخصّص في شؤون الجماعات الإسلامية ، مؤلّف كتاب « الحركة الإسلامية في تونس »و المتابع للحركات الإسلامية في كل من الجزائر وتونس منذ مطلع الثمانينات وأعدّ في هذا الغرض رسالته لنيل دكتوراه الدولة. وبخصوص التصعيد الأخير في أعمال العنف في الجزائر لم يعزل الهرماسي موجة التفجيرات الانتحارية الأخيرة عن خصوصيّات تتميّزُ بها الجزائر عن باقي دول المغرب العربي، معتبرًا أن الجزائر ما زالت حتى اليوم غير متمتعة بتقليد دولوي (من الدولة ) راسخ كما هو الشأن في تونس والمغرب الأقصى، إذ إن أطراف الجزائر و مكوناتها لم يجتمعوا بعد كدولة مركزية جامعة، باستثناء فترات محدودة من تاريخ البلاد ، إذ ليس لتلك الأطراف تقليد الخضوع لمثل هذه الدولة أو تعظيم شأنها منذ القدم و قال إن «  »فرنسا صدمت في الجزائر بمقاومة غير مسبوقة دامت نحو سبعين سنة واستعمارها للجزائر خلّـف آثارا قاسية لا يمكن محوها بسهولة كما أنّ حرب التحرير الطويلة و الدمويّة، عمّقت هذا الجرح، وعليه، يمكن القول أنّ الحِـقبة الاستعمارية كان لها دور رئيس في تغذية نزعة العنف والعدوانية في الشخصيّة القاعديّة الجزائريّة، وهذه العناصر بالذات وجدت أسبابًا للاستمرار في ظل دولة الاستقلال، إذ من المعلوم أنّ هذه الأخيرة ولِـدت بدورها في مناخ من العنف الداخلي وبسطت سلطانها بالقوة، مما جعلها تعاني من عجز كبير في الحصول على الشرعية، و لا ننسى هنا دور الدِّين في سيرورة استرداد الجزائر لهويتها التي حاولت فرنسا سلبها، وهي التي تعرّضت لعملية إلحاق وفرنسة لا مثيل لهما في شمال إفريقيا. ويخلص الدكتور الهرماسي إلى القول بأنّه « ليس غريبًا أو مستبعدًا أن تُفرز الحركة الإسلاميّة بالجزائر تيّارات تميل إلى العُـنف المسلّح في تعاملها مع السّلطة، وهو ما يتجلّـى في الحركة التي قادها مصطفى بويعلي في أواسط الثمانينات، كما أنّ أسلوب الحكم في إدارة الشأن العام قدّم لهذه الظاهرة مبررات التضخّم و الانتشار ». فالسياسة الإنمائية المتّبعة والتي ضحـّت بالزراعة وبالاستقرار وأفرزت اختناقات كبيرة على مستوى الإسكان والمواصلات، و إتّباع سياسة ثقافية وتعليمية ساهمت في تعميق الهُـوّة بين المُفرنسين والمُعرّبين، فضلاً عن ظواهر الفساد والمحسوبية وملف البيروقراطية العسكرية كلّها عوامل ساهمت بشكل أو بآخر في إيجاد أرضية خصبة للعنف. و يتابع : »يمكن القول أن تنظيم القاعدة المحاصر في مناطق أخرى من العالم على غرار العراق و أفغانستان و باكستان وجد في المنطقة المغاربيّة وغيرها أماكن جيّدة للعمل و الانتشار و لعلّ اكتشاف المجموعة المسلحة التي تمركزت في العام 2006 في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس و اشتبكت مع قوات الجيش والشرطة دليل على أن شبح الخطر السلفي الجهادي يطلّ على تونس من بوابة الجزائر،لا نعلم – بسبب التكتم الشديد للجهات الرسمية على ما حدث حينئذ – هل  وُجِـد تنسيق مباشر ووثيق بين المجموعة التي حملت السلاح في تونس و نظرائها في الجزائر أم لا ، لكنّ الثابت أن الخطر موجود بالفعل ما دامت الأجواء والظروف ملائمة لتصاعده، الوضع الأمني في تونس مقترن بشكل أو بآخر بما يحدث في الجزائر ». الظروف الملائمة لتصاعد المدّ الإرهابي في منطقة المغرب العربي – حسب الدكتور عبد اللطيف الهرماسي دائمًا – تكمن في قدر العرب والمسلمون ،الذين عاشوا لقرون طويلة تحدِّيات متوالية تمثّـلت في استعمار الجُـزء الأعظم من العالم الإسلامي وتقسيمه وتفكيك الإمبراطورية العثمانية وإلغاء الخلافة وزرع الكيان الصهيوني وتوسّـعه مقابل محاولات للاستجابة لتلك التحدّيات و التطورات بين تيارين، تيّار أول يسعى للنهوض بالأمة عبر استيعاب مقوِّمات القوّة لدى الخَـصم مع ما ينطوي عليه هذا الخيار من مزالق التّماهي مع ذلك الخصم، و تيّار ثان يرفض الوافد ويقتدي بالماضي ويمجِّـده، مع ما تنطوي عليه هذه الإستراتيجية من خطر ارتهان الهوية في الماضي ». أما داخليّا يقول الهرماسي إن » ما حقّـقته الدول الوطنية المستقلـّة، لم يرتقِ إلى مستوى التطلّـعات، سواء ما يتعلق منها بالتنمية أو ما يهُـمّ إدارة الشأن العام أو ما يتعلق بتجسيم شعارات الاستقلال والوحدة ، إذ لم تقدر الأنظمة على إيجاد حلّ مشرّف للقضية الفلسطينية، والكثير منها بدّد ثرواتها وطاقاتها في النزاعات على الحدود أو على النفوذ الجهوي أو في إنفاق لا يعود بالنفع، مع تنامي الفساد مقابل تراجع المشروع الوطني. وفي هذا المناخ، ونتيجة تغّير الأوضاع الدولية وبروز الولايات المتحدة الأميركية كقوة مسيطرة في العالم ، شكّـلت الضربة التي تلقّـتها في الـ11 من سبتمبر 2001 فرصة ومبرّرًا لها لإحكام القبضة على العالمين، الإسلامي والعربي، من خلال احتلال العراق ودعم المجازِر التي يرتكبها الصهاينة، وهي في الجُـملة أوضاع ملائمة لتنامي مشاعر السخط والنِّـقمة والشعور بالمهانة الدِّينية والوطنية والاجتماعية مما حدا بالبعض إلى اعتماد المنظور الدِّيني عاملا مُـفسّـرًا ومعيارًا وحيدًا للحكم على الأحداث وتنشيط المخيال الدِّيني وإسقاط صوره ورموزه على الحاضر ». والمشكلة اليوم أن « حاملي لواء الجهاد » لا يتّـجهُون فقط إلى الخصم الخارجي بل يترصّدون كذلك قسمًا كبيرًا من المجتمع الأهلي، بدءا بالحكّـام والقائمين على الدولة وموظفيها وأنصار تلك الأنظمة وصولا إلى القِـوى والأحزاب العاملة من أجل التقدّم والديمقراطية وإرساء الحريات السياسية والمدنية. فكلّ هؤلاء يعاملون من قبل التيار ‘السلفي الجهادي’ ككُـفار أو مرتدِّين، بل يعتبرهم أخطر من القِـوى الخارجية المعتدية وأولى منها بالقتال و التصدّي ». ولانّ مكافحة الإرهاب اقترنت لدى بعض الأوساط الإسلامية في عالمنا العربي الإسلاميّ بالحرب على الإسلام كدين يفسّر الدكتور الهرماسي بالقولّ إنّ : » الخطاب السلفي الجهادي اختزل كافة القضايا الراهنة في القضية الدينيّة وقام بتوسيع صلاحيات الشريعة لتبتلع كل فضاءات الحرية، وصلاحية الدِّين لتبتلع كل القضايا الدنيوية بل واختزل التناقضات بين المجتمعات والأنظمة وبين المجتمع المدني والدولة في مسألة العمل بمقتضى الشريعة، فيرمي منافسيه أو خصومه السياسيين والمفكرين بتُـهم الردّة والكُـفر ، وكذلك يفعل وهو يتوجّـه إلى الحكومات الغربية والشعوب ذات الثقافات المغايرة لثقافته. وبالتالي فهو لا يقوم سوى بتغذية الحملات العدائية والمغرضة التي تقدم الإسلام كَـدِين يُـمجِـّد العنف ويقوم على الحرب ويفرّخ الإرهاب. وبالتالي أضحى من السهل اليوم القول إن السلفية الجهادية هي تعبير أقصى للتوترات التي يعيشها الإسلام في علاقة بالحداثة والتنمية ، فلن نجد في خطابات وأدبيات السلفية الجهادية عن اهتمام – و لو بسيط – بقضايا التنمية ومكافحة البطالة والفقر ونشر المعرفة الحديثة والأخذ بناصية العلوم الحديثة و التكنولوجيا ، ناهيك عن مسائل الديمقراطية الاجتماعية أو المشاركة السياسية والكفاح ضدّ الاستبداد والفساد ».   (المصدر: موقع ايلاف بتاريخ 9 سبتمبر  2008)


حملة تنصير تثير مخاوف من خلق أقلية دينية جديدة في البلاد تونس: نشاطات علنية متزايدة تستقوي بالمال وأتباع بالمئات لطائفة شهود يهوه التنصيرية

  تونس ـ خدمة قدس برس   كشفت معلومات حصلت عليها وكالة « قدس برس » عن نشاط متزايد لطائفة شهود يهوه المسيحية في تونس. وقدرت مصادر تحدثت لـ »قدس برس » تنصر مئات التونسيين في بعض الأحياء الشعبية بالعاصمة تونس، مثل حي ابن سينا وفي مدينة بنزرت (60 كلم شمال العاصمة). وبخلاف الحركات التبشيرية الأخرى التي تعمل في أطر ضيّقة، يقوم منهج التبشير عند أتباع « شهود يهوه » على الدعوة المباشرة العلنية أو ما يسمّى « بالكرازة » وتوجد في تونس عائلات بأكملها تمارس هذا النشاط، كما توجد نساء داعيات. وتتوفر في بعض البيوت مكتبات كبيرة وأماكن خاصة للتعميد. ويأتي إلى تونس كل شهرين بشكل دوري أجانب يقومون بتعميد تونسيين. ومعظم دعاة هذه الطائفة هم من مستويات علمية متواضعة غالبا ما يكون الثانوية، ويقومون بتوزيع كتيبات ونشرات باللغة العربية منها نشرية « استيقظ » المطبوعة في بريطانيا وكتيبات « ماذا يعلّم الكتاب المقدس » المطبوع في إيطاليا و »المعرفة التي تؤدّي إلى الحياة الأبدية » و »الحياة كيف وصلت إلى هنا » طبعا في نيويورك. وتذكر المصادر أنّ كثيرا ممّن اعتنقوا هذه العقيدة مرّوا في حياتهم بصدمات نفسية أو أزمات مالية أو أخلاقية وقد تم الاتصال بهم اعتمادا على شبكة علاقات قوية. ويذكر في هذا الصدد مثال تنصّر فتاتين حملتا في إطار غير شرعي وعاشتا نبذا أسريا واجتماعيا كان قول المسيح (من كان منّا بلا خطيئة فليرم بحجر) مدخلا لاستقطابهما فكان نموذج مغفرة المسيح عزاء لهما إضافة إلى إحاطة نفسية، يقدمها المبشرون الذين يزداد نشاطهم في البلاد. وتوجد أمثلة أخرى عن أشخاص تنصروا، وتحولوا إلى المسيحية، بعد أن فضّت مشاكلهم الاجتماعية، عبر تقديم مساعدات مالية لهم.   تربية أخلاقية ومقارنة بالإسلام ويشير باحث اجتماعي تونسي تحدث لوكالة « قدس برس » وطلب عدم ذكر إسمه إلى أنّه بخلاف الكاثوليك والبروتستان يركّز شهود يهوه دعوتهم على التربية الأخلاقية وخاصة الأسرة والمعاملة داخل المجتمع ويعتبرون أنّ مظاهر الفساد في المجتمع التونسي تدلّ على قصور الإسلام في المسألة التربوية والأخلاقية، على حد زعمهم. كما يحاولون « تقريب دعوتهم للمسلمين بشكل ذكي وخبيث، من خلال رفع التناقض بين الإسلام ومعتقدهم، إذ يقولون إنّ الإسلام هو نقل وإعادة صياغة لمعتقدات شهود يهوه المستقاة من الكتاب المقدس ». ولفت المتحدث الانتباه إلى أنّ هناك في أوساط النخبة التونسية من يروّج لأفكارهم، مشيرا إلى أطروحات لبعض الكتاب التونسيين تتحدث عن « تاريخية الدعوة المحمدية »، واعتبار القرآن الكريم إعادة صياغة لنصوص إنجيل أفريام من الكنيسة السورية، على حد زعمهم. ويرى هذا الباحث أنّ شهود يهوه الذين لا يؤمنون بالكنيسة ولا بالمعابد واعتبارهم أي مكان يمكن التعبد فيه سهّل ذلك حركتهم في تونس. وحذّر محدّثنا من أن يكتسب هؤلاء في تونس وضع الأقلية الدينية المهيكلة التي لها دعم مالي وعقيدة مترسخة في غفلة من الحيوية الاجتماعية وغياب الحريات الفكرية والسياسية بما يمكّن مثل هذه الدعوة من استغلال الأوضاع الاجتماعية القاهرة والانتشار. يشار إلى أن عدد المسيحيين في تونس يناهز 20 ألفاً غالبيتهم الكبرى أجانب، ويصل عدد الكنائس المنتشرة إلى 11 كنيسة.  
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 9  سبتمبر2008)

بعد التحويرات الأخيرة في الحكومة والديوان السياسي: ملفـات الـوزراء والمسؤولـين الجـدد
  بقلم: كمال بن يونس تونس ـ الصباح:   التعديلات التي قررها الرئيس زين العابدين بن علي على رأس الامانة العامة للتجمع الدستوري الديمقراطي وفي تشكيلة الديوان السياسي والحكومة تضمنت اشارات سياسية مهمة وتونس تستعد للسنة التحضيرية للانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة في نوفمبر 2009. لقد أسفر التغيير على راس الامانة العامة للحزب عن تعيين الامين العام لمنظمة الطلبة التجمعيين ما بين 1985 و1989 السيد محمد الغرياني على   رأس الامانة العامة للحزب الذي يتزعمه الرئيس زين العابدين بن علي ايذانا باختيار الفريق الذي سيقود جانبا مهما من تنظيم الانتخابات العامة القادمة. والسيد محمد الغرياني ـ الذي يخلف السيد الهادي مهني ـ أصغر شخصية تسند لها مهمة سياسية وحزبية مماثلة. وقد سبق له أن تولى مسؤوليات عديدة في الحزب من بينها عضوية اللجة المركزية منذ 1993 وأمين قار ثم أمين عام مساعد للحزب.فضلا عن تجربة ديبلوماسية على رأس سفارة تونس بلندن ثم مستشار أول لدى رئيس الجمهورية كانت من بين مسؤولياته ملفات الاعلام والجمعيات والاحزاب السياسية.   قطاع التربية والتعليم كما جاء التعديل الجزئي في تشكيلة الحكومة بكفاءات شابة وخبراء من النوع الرفيع. فقد كلف الجامعي والخبير الدولي والديبلوماسي السيد حاتم بن سالم بحقيبة سياسية اجتماعية استراتيجية هي التربية والتكوين (خلفا للسيد الصادق القربي) أي بالاشراف على ملف تعليم ملايين الاطفال والمراهقين والشباب وتكوينهم في مرحلة تاكدت فيها الحاجة الى مسؤولين عن القطاع التربوي لهم تصور ونظرة شمولية لسبل تدارك النقائص التي أفرزتها المؤسسات التعليمية والتربوية والتكوينية خلال الاعوام الماضية.. ومن بينها عدم التوازي بين حاجيات السوق وخبرة الخريجين.. فضلا عن انتشار بعض مظاهرالسلوك « اللاحضاري » داخل المدارس والمعاهد (مثل العنف اللفظي والمادي وتعاطي المخدرات.. ) لاسباب عديدة من بينها نقص عدد المرشدين البيداغوجيين (من قيمين وقيمين عامين واداريين واعوان.. ) وقلة الفضاءات المدرسية المخصصة لاحتضان التلاميذ في ساعات الفراغ.. وخاصة بين حصص التدريس.. مما يتسبب في رميهم في الشوارع طوال ساعات يوميا.. مع ما يعنيه ذلك من مخاطر التسكع والانحراف تدريجيا.. خاصة بالنسبة للتلاميذ المراهقين.. ومهما قيل عن الحاجة الى اصلاح التعليم العالي وضمان اندماج الجامعة في محيطها المهني والمجتمعي فان المسؤولية الاولى تبقى للمدرسة الاساسية والمدارس الاعدادية والثانوية.   الشباب هو الحل وليس المشكل وشمل التحوير الجزئي وزارة أخرى تهم الاجيال الصاعدة هي الشباب والرياضة التي اختار لها رئيس الدولة السيد سمير العبيدي الامين العام لاتحاد طلبة تونس أواخر الثمانينات ثم سفير تونس لدى المؤسسات الاممية بجنيف (خلفا للسيد عبد الله الكعبي). وقد كلف السيد سمير العبيدي برئاسة هذه الوزارة الفنية التي تلعب منذ سنوات دورا سياسيا بحكم تزايد شعبية مختلف الرياضات الفردية والجماعية في تونس وخاصة بمشاركات الفرق التونسية والمنتخبات الوطنية في المنافسات الاقليمية والدولية. لكن الاهم في التحويرعلى رأس وزارة الشباب والرياضة تعيين كاتب دولة للرياضة هو السيد البشير الوزير المعروف في الاوساط الرياضية. بما يوحي بوجود ارادة سياسية لتمكين الوزيرسميرالعبيدي من فرصة اعطاء الاولوية لملفات الشباب :عبر فهم مشاغله ومشاكله والحوار الدائم معه ثم التفاعل مع مقترحات الجيل الجديد ومطالبه.. خاصة أن تونس تنظم هذا العام حوارا شاملا مع الشباب أفرز انتقادات بالجملة لعدد من المؤسسات.. ووجه رسائل سياسية واجتماعية كثيرة.. بما يؤكد صحة الشعار المركزي لسنة الحوار: الشباب هو الحل وليس المشكل « .   البطالة والتشغيل في نفس السياق شمل التعديل وزارة التشغيل.. التي تهم أولا الشباب باعتبار غالبية المعنيين بملف البطالة عامة وبطالة حاملي الشهادات خاصة من الشبـــاب.. وحسب تقديرات قدمها الاستاذ منصرالرويسي رئيس اللجنة الوطنية للاستشارة الوطنية حول التشغيل (ووزيرالتشغيل والشؤون الاجتماعية والتربية سابقا) فان عدد العاطلين عن العمل في تونس حاليا حوالي 400 الف بينهم نحو الربع من حاملي الشهائد العليا.. وهي أرقام قابلة للارتفاع بحكم ارتفاع نسبة طلبة الجامعات التونسية من 40 الف الى حوالي 400 الف خلال عشريتي التغيير.. وارتفاع نسبة المتخرجين سنويا من الجامعات من بضعة الاف الى أكثرمن 70 الفا.. يضاف اليهم الشباب الذين لفظتهم المعاهد الثانوية والجامعات دون الحصول على شهائد. وجاء التحويربالسيد سليم التلاتلي ـ خلفا للسيد الشاذلي العروسي ـ والتلاتلي خبير اقتصادي معروف ومستشارسابق في رئاسة الجمهورية وهو فني في مجال احداث المشاريع الكبرى وتشجيع الاستثمارات الاجنبية. ومن شان هذا التحويرأن يفتح افاقا جديدة في مجال مكافحة البطالة.. من خلال التاكيد على ضرورة ربطه بالاستثمار واحداث المشاريع..   المؤسسات الصغرى والمتوسطة بل لعل من أبرز ابعاد تعيين السيد عبد السلام منصورالرئيس المديرالعام السابق لمؤسسة تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة وزيرا للفلاحة تعزيز الفريق الحكومي بشخصية لها تجربة في عدة مؤسسات اقتصادية واستثمارية ساهمت ولا تزال في احداث مواطن الرزق للشباب. وكان السيد عبد السلام منصور تحمل مسؤوليات عديدة في قطاع تشجيع الاستثمار الوطني والاجنبي ـ أي في التشغيل ـ من بينها مؤسسات لها علاقـــــــــة مباشرة بالفلاحة.. من بينها صندوق النهوض بالاستثمارات الفلاحيــــة. والسيد عبد السلام منصورـ(الذي يخلف السيد الحبيب الحداد) ـ من أبرز خريجي الجامعات الامريكية ويتقن عدة لغات بينها الانقليزية والفرنسية.. وهو ما يؤهله للمساهمة في اعطاء ابعاد جديدة لوزارة الفلاحة.. بحكم الصبغة السياسية والاجتماعية والاقتصادية الاستراتيجية للفلاحة في تونس.. ذلك أن القطاع الزراعي لايزال يوفرالمورد الرئيسي لحوالي خمس التونسيين والتونسيات.. ووهو يساهم عادة بما لايقل عن نقطتين في نسب النمو الاقتصادي السنوية.. حسب عوامل عديدة من بينها الامطار والجفاف.. وفي نفس السياق أيضا ـ وضمن مسارالتداول على المسؤوليات ـ شمل التعديل وزارة التجهيز والاسكان والتهيئة الترابية التي عين على رأسها أحد الخبراء وكباركوادرها السيد صلاح الدين مالوش خلفا للسيدة سميرة خياش المهندسة والاطار في نفس الوزارة سابقا.   الثقافة والاعلام قطاع الثقافة والاعلام الذي يهم بدوره بدرجة اولى الشباب واجيال المستقبل شمله التحويرأيضا اذ عين على راس وزارة الثقافة السيد عبد الرؤوف الباسطي خلفا للسيد محمد العزيز بن عاشورالمرشح التونسي الرسمي لتعويض السيد المنجي بوسنينة على راس الادارة العامة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ـ الالكسوـ خلال مؤتمرها القادم في موفى العام الجاري. والباسطي اعلامي وديبلوماسي ومسؤول السابق في قطاع الثقافة والاعلام بتونس والجامعة العربية. وقد سبق له أن عمل في وزارتي الثقافة والاعلام وتولى الادارة العامة لاتحاد اذاعات الدول العربية وترأس مؤسسة الاذاعة والتلفزة التونسية قبل ان يعين سفيرا ثم كاتب دولة للشؤون الخارجية مكلفا بالعلاقات العربية والمغاربية. وبالرغم من الاجراءات الرئاسية العديدة لفائدة قطاع الثقافة ومن بينها ترفيع ميزانية الوزارة وتنويع فرص تشجيع الابداع الثقافي والفني فان الحاجة متاكدة الى اصلاحات وخطوات جديدة اكثرنجاعة لفائدة الشباب والمثقفين.. خاصة أن الاف الفضائيات والشبكة العالمية للمعلومات (الانترنيت) وغيرها من وسائل التثقيف والتسلية أصبحت توجه ميولات الشباب والاطفال في بلادنا وفي العالم اجمع.. وتحتاج وزارة الثقافة والمؤسسات الاعلامية والثقافية الرسمية الى لعـــــــب دور أكبر وبوسائل انجع لتكسب ثقة الجمهور التونسي عامة وشبابه خاصة.   الامن.. والجهات وتزامنت هذه المستجدات مع تسميات وتعيينات على رأس مؤسسات عمومية ونصف عمومية والادرة المركزية لعدة وزارات من بينها وزارة الداخلية والتنمية المحلية.. بما في ذلك ادارات مركزية مهمة تابعة للادارة العامة للامن الوطني.. بعضها سيلعب دورا مهما في التحضيرات لانتخابات 2009 والسهر على نجاحها.. أمنيا وسياسيا.. وشملت التعيينات والتحويرات جزئيا سلك الولاة.. وشمل التحويرخاصة ولايات حدودية لها بعد استراتيجي امنيا وسياسيا واقتصاديا مثل مدنين التي عين على راسها وال شاب ـ من مواليد الستينات وخريجي دار المعلمين العليا ـ هو الاستاذ مراد بن جلول خلفا للسيد نجيب برك الله ـ والي القيروان والكاتــب العام للجنــــــة تنسيق التجمع في اريانـــــــــــة سابقاـ الذي عين فـــــي ولاية سليانـــــة. فيما نقل الاطار التجمعي كمال اللباسي من ولاية الكاف الى ولاية زغوان خلفا للسيدة سلوى لبيض المحسني التي نقلت من زغوان الى المصالح المركزية بوزارة الداخلية والتنمية المحلية.وعين الرئيس بن علي السيد محمد المزوغي بلخيرية واليا جديدا على الكاف غربي البلاد. وقد سبق أن تقررت تعيينات في ولاية قفصة شملت الوالي والكاتب العام للجنة التنسيق التجمعية ومؤسسات اقتصادية وأمنية من بينها شركة فوسفاط قفصة.وفسرت تلك الخطوات ضمن الارادة السياسية لمعالجة ملف البطالة ودعم التنمية الجهوية فيما أشرف رئيس الدولة شخصيا على مجلس جهوي متميز اتخذ اجراءات كثيرة من بينها صرف حوالي 500 مليون دينار اضافية للغرض في ولاية قفصة.   رسائل سياسية الا أن التحويرالحكومي وفي تركيبة الديوان السياسي للتجمع وفي تشكيلــــــــة الولاة والسفراء والقناصل.. لم يخل من رسائل سياسية من بينها اثنان: + أولا التاكيد على وجود ارادة سياسية عليا للتشبيب ومعالجة ملفات الشباب والتشغيل.وقد توقفنا عند ذلك. + ثاني تلك الرسائل السياسية التمسك بخيــــــار الاستمـــــرارية والتواصـــــل. فقد جدد رئيس الدولة ثقته في غالبية أعضاء الحكومة وفي الوزيرالاول السيد محمد الغنوشي وكل وزراء السيادة وفي كل أعضاء الديوان السياسي القديم للتجمع اذا ما استثنينا النائب الاول السابق لرئيس الحزب الدكتور حامد القروي (الوزيرالاول مما بين 1989 و2000 وعضو الديوان السياسي للحزب منذ 1979) والامين العام الدكتور الهادي مهني (وزيرالداخلية والصحة والشؤون الاجتماعية سابقا.. ) واللذين سيدعيان إلى مهام أخرى. كما أعلن أن الوزراء الذين غادروا الحكومة سيدعون الى مهمات جديدة بعضها ديبلوماسية وبعضها الاخر في مؤسسات الدولة بتونس. ويبدو أن بعضهم أعلم رسميا بترشيحه لرئاسة البعثات الديبلوماسية التونسية في روما ودمشق وفيينا وجنيف..   نظام رئاسي في المقابل فان اعضاء الديوان السياسي البارزين حافظوا على مواقعهم وهم السادة محمد الغنوشي وعبد العزيز بن ضياء وعبد الله القلال وأحمد عياض الودرني وفؤاد المبزع وعبد الوهاب عبد الله ورفيق بالحاج قاسم واليفة فاروق.. بما يعني أن الفريق الذي أشرف على اعداد مؤتمرالتجمع في جويلية الماضي (مؤتمر التحدي) وساهم بعضه في تنظيم الانتخابات السابقة هو الذي سيتولى مع الامين العام الجديد للتجمع السيد محمد الغرياني تاطير الانتخابات القادمة حزبيا.  ولئن تقرر الاكتفاء مجددا بخطة نائب واحد لرئيس الحزب فان مغادرة الدكتور حامد القروي للديوان السياسي كانت متوقعة منذ مدة مثلما كان متوقعا اسناد خطة نائب الرئيس الى الوزير الاول السيد محمد الغنوشي. وفي كل الحالات فان دلالات كل التسميات والتعيينات تبقى نسبية باعتبار رئيس الدولة والتجمع مؤهلا دستوريا وقانونيا لاتخاذ كل القرارات التي يراها مناسبة ضمن مسؤولياته على رأس الحكومة والحزب.. حسب مقتضيات النظام الرئاسي المعتمد في تونس وفي كثير من دول العالم.   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 9 سبتمبر  2008)


 انخفاض التضخم السنوي في تونس الى 4.5 % في أغسطس

   

تونس (رويترز) – أظهرت بيانات رسمية يوم الثلاثاء أن معدل التضخم في أسعار المستهلكين في تونس انخفض الى 4.5 في المئة في أغسطس آب الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق ليسجل أدنى مستوى هذ العام.   ويرجع انخفاض التضخم من مستوى 5.2 في المئة في يوليو تموز في المقام الأول لتباطوء وتيرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تمثل العنصر الأساسي في مؤشر التضخم.   وتراجع التضخم في أسعار الغذاء الى 4.7 في المئة في أغسطس من 6.1 في المئة في الشهر السابق بينما زادت كلفة النقل بنسبة 5.6 في المئة ارتفاعا من خمسة في المئة.   وتتوقع الحكومة التونسية أن يبلغ التضخم هذا العام خمسة في المئة ارتفاعا من 3.1 في المئة العام الماضي.   وكان صندوق النقد الدولي قال ان التوقعات الاقتصادية في تونس مازالت ايجابية في المدى المتوسط لكن يتعين على البنك المركزي أن يكون مستعدا لتقييد السياسة النقدية اذا استمرت الضغوط التضخمية.   (المصدر: وكالة  رويتزللانباء بتاريخ 9 سبتمبر 2008 )  


ايرباص تقرر بناء مصنع في تونس وتخفض التكاليف

   

باريس (رويترز) – قال لوي جالوا الرئيس التنفيذي لشركة اي. ايه.دي.اس الشركة الام لشركة ايرباص لصناعة الطائرات ان ايرباص ستبني مصنعا لانتاج مكونات تستخدم في صناعة الطائرات في تونس في اطار خطة اعادة هيكلة تستهدف خفضا اضافيا للانفاق بمقدار مليار يورو ويمتد للشركة الام.   وصرح جالوا في مقابلة مع صحيفة لوموند بأنه سيجري كشف النقاب عن الخطة امام نقابات العمال في ايرباص يوم الثلاثاء الى جانب حصة ايرباص من خطة خفض الانفاق على مستوى المجموعة وتبلغ 650 مليون يورو (918.6 مليون دولار).   والخطة الاضافية لخفص النفقات بواقع مليار يورو تأتي بخلاف برنامج سابق يدعو لتقليص الانفاق بواقع 2.1 مليار يورو بين عام 2007 و2010 في ايرباص وحدها.   وفي يوليو تموز أعلنت الشركة الام أنها تنوي مطالبة جميع اقسامها بتحمل عبء التصدي لضعف الدولار. وتنتج المجموعة طائرات عسكرية ومدنية وتضم وحدة يوروكوبتر لصناعة الطائرات الهليكوبتر.   ويؤثر ضعف الدولار علي اي.ايه.دي.اس لان معظم ايراداتها مقومة بالدولار بينما نصف التكلفة فقط مقومة بالعملة الامريكية. ويغير تحرك الدولار بواقع سنت واحد دخل التشغيل بواقع مئة مليون دولار.   وفي ضربة اخرى لخطط اعادة الهيكلة انهارت صفقة بيع خمسة مصانع لايرباص في فرنسا والمانيا لموردين من الخارج هذا العام نتيجة جفاف مصادر التمويل بسبب أزمة الائتمان العالمية.   وكان شركة لاتكور المورد الفرنسي تنوي اضافة مصنع جديد في تونس اذا ما نجحت في شراء مصنعين لايرباص في فرنسا.   وقال جالوا لصحيفة لوموند ان ايرباص ستمضي قدما في خطتها على اي حال وتسعى لطمانة نقابات العمال لانه لن يكون هناك خفض اضافي لوظائف محلية الى جانب عشرة الاف وظيفة في الخطة الاصلية والتي يشاركها فيها موردوها.   وقال جالوا « ستنفذ ايرباص اقتراح لاتكور لاقامة مصنع في تونس ينتج مكونات عادية وتستثمر في انتاج اكثر تطورا في فرنسا .. وستفعل نفس الشيء في المانيا واسبانيا. »   وبناء مصنع في تونس سيكون اول استثمار مباشر لايرباص خارج منطقة اليورو ويهدف تحديدا لاحتواء التكلفة.   (المصدر: وكالةرويتز للأنباء بتاريخ 9 سبتمبر 2008)  


تقرير حكومي: خمسة ملايين سائح زاروا تونس في ثمانية أشهر

     

تونس (رويترز) – قال تقرير حكومي يوم الثلاثاء ان عدد السياح الذين زاروا تونس خلال الاشهر الثمانية الاولى من هذا العام زاد بنسبة خمسة بالمئة.   وأظهرت احصائيات للديوان التونسي للسياحة أن عدد السياح الذين زارو تونس منذ بداية العام وحتى نهاية شهر اغسطس اب بلغ حوالي خمسة ملايين سائح.   وعزا تقرير الديوان ارتفاع عدد السياح الى زيادة عدد السياح القادمين من فرنسا بنسبة 7.4 بالمئة ليصل عددهم الى أكثر من مليون سائح.   كما واصلت السوق الليبية تطورها حيث ارتفع عدد السياح الليبيين القادمين الى تونس الى 1.1 مليون سائح بزيادة بنسبة 11 بالمئة.   وأطلقت وزارة السياحة حملة لاستقطاب سياح من وجهات بعيدة واستقطاب السياح ذوي الدخول المرتفعة من منطقة الخليج العربي اضافة الى دعم الأسواق التقليدية مثل فرنسا وايطاليا وبريطانيا.   وتتوقع تونس التي تمثل فيها صناعة السياحة ثاني مشغل لليد العاملة بعد القطاع الزراعي بنحو 360 ألف فرصة عمل اجتذاب نحو سبعة ملايين سائح هذا العام وتحقيق ايرادات تصل الى ثلاثة مليارات دولار.   (المصدر: وكالة رويتز للانباء بتاريخ 9 سبتمبر 2008 )

 

في إحصائيات جديدة حول تشغيل السكان في تونس: قطاع الصناعات المعملية يستوعب أكبر عدد من المشتغلين تليه قطاعات التربية والصحة والخدمات الادارية

تحسن متواصل للمستوى التعليمي للمشتغلين ونصفهم يتمتعون بمستوى تعليم ثانوي أو عال
  تونس ـ الصباح    في مسح جديد للمعهد الوطني للاحصاء شمل عينة تتركب من نحو 145 ألفا أسرة تتوزع على كافة جهات البلاد التونسية وتعلق أحد محاوره بالخصائص الاقتصادية للسكان تبين أن قطاع الصناعات المعملية يتصدر قطاعات النشاط الاقتصادي من حيث توزيع عدد المشتغلين في تونس سنة 2007 البالغ ثلاثة ملايين و85 ألفا و100 مشتغل.. إذ يستوعب هذا القطاع نحو 581 ألفا ومائة مشتغل وهو ما يمثل 19 بالمائة من مجموع المشتغلين ويليه قطاع التربية والصحة والخدمات الادارية الذي يشغل 18 فاصل 6 من مجموع المشتغلين أي نحو 568 ألفا و600 ثم قطاع الفلاحة والصيد البحري بنسبة 18 فاصل 5 أي نحو 565 ألفا و900 ويأتي قطاع البناء والاشغال العامة في الرتبة الرابعة بنسبة 12 فاصل 4 بالمائة أي 378 ألفا و400 ثم قطاع التجارة بنسبة 11 فاصل 6 بالمائة أي نحو 353 ألفا و400 مشتغل.    ويتوزع بقية المشتغلون على قطاعات صناعات النسيج والملابس والاحذية 264ألفا و100 مشتغل أي بنسبة 8 فاصل 6 بالمائة والنقل والاتصالات ويبلغ 177 ألفا و400 مشتغل أي بنسبة 5 فاصل 8 بالمائة ثم قطاع الخدمات الاجتماعية والثقافية ويشغل 137 ألفا و500 فرد أي بنسبة 4 فاصل 5 بالمائة وقطاع النزل والمطاعم ويشغل 121 ألفا و700 فرد أي بنسبة 4 بالمائة وقطاع التصليح والخدمات العقارية وخدمات أخرى للمؤسسات ويشغل 111 ألفا أي بنسبة 3 فاصل 6 بالمائة وقطاع الصناعات الكهربائية والميكانيكية ويشغل 98 ألفا و500 أي بنسبة 3 فاصل 2 بالمائة ويتوزع بقية المشتغلون على قطاعات الصناعات الغذائية 66400 أي 2 فاصل 2 بالمائة ومواد البناء والخزف والبلور37 ألفا و300 بنسبة 1 فاصل 2 بالمائة والصناعات الكيميائية 26 ألفا و800 بنسبة صفر فاصل 9 بالمائة والمناجم والطاقة 34 ألفا و400 بنسبة واحد فاصل واحد بالمائة والبنوك والتأمين 26 ألفا و500 بنسبة صفر فاصل 9 بالمائة وذلك إلى جانب عدد من المشتغلين في الصناعات الاخرى 88 ألفا أي بنسبة 2 فاصل 9 بالمائة والانشطة غير المصرح بها 29 ألفا و200 مشتغل..   وبالنظر إلى توزيع المشتغلين حسب الوضعية المهنية يتبين أن نسبة الاجراء قد بلغت 69 فاصل 6 بالمائة من مجموع المشتغلين (مليونين و144 ألفا) مقابل 24 فاصل 6 بالمائة للذين يعملون لحسابهم الخاص أعراف أو مستقلين (757 ألفا) و5 فاصل 8 بالمائة للمعينين العائليين (178 ألفا و600) و5 آلاف و500 غير مصرح بوضعياتهم المهنية.   وتجدر الاشارة إلى أن نسبة المعينات العائليات من بين المشتغلات تبلغ 10 فاصل 6 بالمائة وتمثل هذه النسبة ضعفين ونصف ما تم تسجيله لدى الرجال( 4 فاصل 1 بالمائة فقط من المعينين العائليين) في حين تبلغ نسبة المشتغلين لحسابهم الخاص لدى الرجال 28 فاصل 3 بالمائة مقابل 14 بالمائة فقط لدى النساء المشتغلات.   ومقارنة بالمعطيات المستخرجة من مسح سنة 2006 يستخلص أن نسبة المشتغلين لحسابهم الخاص أعراف ومستقلون في تراجع طفيف من 24 فاصل 9 إلى 24 فاصل 6 في حين ارتفعت نسبة الاجراء بأكثر من نقطة بين سنتي 2006 و2007 من 68 فاصل 2 إلى 69 فاصل 6 بالمائة كما تراجعت نسبة المعينين العائليين بنقطة خلال نفس الفترة من 6 فاصل 9 بالمائة إلى 5 فاصل 8 بالمائة.   المستوى التعليمي للمشتغلين   تشير نتائج المسح سالف الذكر إلى التحسن المتواصل في المستوى التعليمي للمشتغلين خلال الفترة 2006ـ 2007 إذ بلغ عدد المشتغلين من مستوى التعليم العالي 436 ألفا و800 سنة 2007 مقابل 404 آلاف و800 سنة 2006 مسجلا بذلك زيادة بنحو 32 ألف. كما سجل عدد المشتغلين من مستوى التعليم الثانوي زيادة تناهز 27 ألفا خلال نفس الفترة أي أن حوالي 50 بالمائة من المشتغلين هم من مستوى التعليم الثانوي أو العالي.   وبالنظر إلى توزيعهم حسب الجنس يمكن الاشارة إلى أن عدد المشتغلين الذكور بلغ مليونان و279 ألفا و300 مقابل 805 آلاف 800 أنثى وبالمقارنة مع نتائج مسح سنة 2006 فإن عدد المشتغلين قد ازداد خلال الفترة (2006، 2007) بما قدره 80 ألفا و200 مشتغل أي بنسبة 2 فاصل 67 بالمائة وبذلك يكون العدد الصافي لاحداثات الشغل في حدود 80 فاصل 2 ألف موطن شغل بين سنتي 2006 و2007 منها 60 ألفا و700 موطن شغل لدى الرجال و19 ألفا و500 موطن شغل لدى النساء.   سعيدة بوهلال   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس)  بتاريخ 9 سبتمبر 2008 )

اندلاع حريق بمصب الفضلات بالحمامات: مجهودات كبيرة لاخماد الحريق استوجبت تدخل الجيش باستعمال طائرة عمودية

  الحمامات ـ الصباح: اندلع فجر يوم امس الاول (الاحد) حريق هائل بالمصب البلدي للفضلات بالحمامات الكائن تحديدا بمنطقة بني وائل من عمادة بئر بورقبة وقد تواصل الى صبيحة يوم امس (الاثنين) عندما تمكنت فرق الاطفاء من اخماد الحريق والتغلب عليه بعد ماراطون طويل على امتداد 30 ساعة بفضل التجهيزات والمعدات التي سخرت لهذه العملية بما في ذلك الجيش الوطني الذي تدخل بطائرة عمودية عززت مجهودات جميع الاطراف المتدخلة. وحال الانتهاء من عملية اخماد الحريق اتصلنا برئيس بلدية الحمامات عاشور بيشيو الذي كان موجودا على عين المكان رفقة معتمد الحمامات وقد سألناه عن حيثيات هذا الحريق الذي تكرر في اكثر من مناسبة مما تسبب في قلق للمتساكنين، وقد خص «الصباح» بالتوضيح التالي: «لقد تلقينا خبر اندلاع الحريق فجر يوم الاحد وبتحولنا على عين المكان فوجئنا بانتشار النيران والدخان الكثيف الذي كان يحجب الرؤية على مسافة قصيرة وبالتنسيق مع جميع الهياكل المحلية والجهوية والوطنية هبت الاطراف المتدخلة على جناح السرعة وانطلقت اعمال الاطفاء والتي شاركت فيها كل من بلدية الحمامات ومصالح الحماية المدنية بكل من نابل وبن عروس وتونس وزغوان وسوسة، والتجهيز والاسكان بنابل والفلاحة بنابل. ونظرا لتوسع مساحة النيران التي ساهمت الرياح القوية التي هبت في الليلة الفاصلة بين يومي السبت والاحد الفارطين وبتدخل من والي نابل تم الاستنجاد بالجيش الوطني الذي تدخل بواسطة الطائرة العمودية لاخماد النيران. وبفضل هذه التعبئة الشاملة والمتكاملة لجميع الطاقات والمعدات تم التغلب على الحريق صبيحة يوم امس (الاثنين) وقد شرعنا في عملية الردم للمصب بالتربة للقضاء على بعض الجيوب الخامدة..» وعن اسباب اندلاع هذا الحريق وما اذا حصل بفعل فاعل فقد اكد محدثنا قائلا: «ننفي ان يكون الحريق حصل بفعل فاعل بل كل ما في الامر ان اندلاع الحريق تزامن مع هبوب رياح قوية مسبوقة بارتفاع في درجات الحرارة ويمكن ان تشتعل النيران حتى بفعل الزجاج الكثيف المنتشر في المصب والذي بفعل الحرارة يمكن ان يتسبب في اشتعال النار..» وعن الحلول المتخذة لتجنب حصول الحرائق مجددا افادنا رئيس بلدية الحمامات بما يلي: «سيدخل قريبا مركز تحويل الفضلات الذي انجز بجانب المصب في طور الاستغلال وهو مشروع تم تمويله بالتعاون بين بلدية الحمامات ووزارة البيئة والتهيئة الترابية وبالتالي ستنتهي عملية القاء الفضلات خارج مركز التحويل في انتظار الانتهاء من انجاز المصب الجهوي الذي ساهمت فيه بلدية الحمامات بما يفوق المليارين من المليمات».وقد اثر اندلاع هذا الحريق على راحة المتساكنين بمعتمدية الحمامات بسبب الانتشار الكثيف للدخان لمدة تفوق 30 ساعة وهو ما تسبب في تلوث الهواء. وما ينتظره المواطنون ان يتم ردم المصب وغلقه نهائيا في اقرب وقت على ان يتم تحويل تلك المساحة الشاسعة الى منتزه عائلي ومنطقة سكنية لم لا وعدة مرافق اخرى خاصة وان معتمدية الحمامات تشهد توسعا عمرانيا كبيرا وهي في امس الحاجة لمقاسم للسكن الاجتماعي التي تعتبر افضل طريقة لمقاومة البناء الفوضوي الذي اتى على الاخضر واليابس خلال العقدين الماضيين بسبب اصرار المواطنين على بناء مساكن بشتى الطرق كلفهم ذلك ما كلفهم بسبب غياب مقاسم السكن الاجتماعي.   كمال الطرابلسي (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس)  بتاريخ 9 سبتمبر 2008)

 

المصارف الإسلامية في تونس      نافذة ربحية قابلة للرواج الصيغة القانونية بين البنك المركزي والكفاءة الشرعية

 د. خالد الطراولي غلب عنصر المفاجأة والاستغراب والتهليل على مواقف الملاحظين والمتابعين للشأن التونسي، فالحدث لا يبدو صغيرا وهو يحمل ولا شك شحنة من العواطف والمشاعر زيادة على أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ذلك هو إعلان إنشاء بنك الزيتونة الإسلامي من خلال خبر صغير وكأنه يتحسس المكان والزمان قبل أن يرمي بجذوره في أرض الزيتونة.   التقت على الخبر خمسة مضارب حيث إن صاحب المبادرة تونسي ورجل أعمال معروف باستثماراته الداخلية، وصهر الرئيس، ويحمل تجربة سابقة في إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم، وتجربة إسلامية في التعامل المصرفي في بلد يحمل نظامه الكثير من التوجس والتضارب تجاه الظاهرة الإسلامية إجمالا، وبه صحوة إسلامية متعاظمة تشكو عدم التأطير والتوجيه والإرشاد ومفتوحة على كل الأبواب.   نافذة ربحية قابلة للرواج    يعتبر بنك الزيتونة الإسلامي نافذة اقتصادية ربحية متاحة للاستثمار والربح الكبير، حيث يبدو سوق « المنتجات الإسلامية » قابلا للرواج في ظل هذه العودة المشهودة للدين عبادة ومعاملة.   ويعيش المشهد الاقتصادي العام انحسارا وتململا في مستويات الإنتاج والاستهلاك والاستثمار، بعد حديث طال أكثر من عقد عن « المعجزة الاقتصادية التونسية » ومعدلات نمو مرتفعة قياسا ببلدان أخرى.   ويأتي هذا البنك بينما المشهد الاجتماعي مرتبك ويدخل مناطق الحيرة والخوف من الحاضر والمستقبل، ويبرز الانفلات في الأسعار وتأثيراته الخطيرة على المستوى المعيشي، زيادة على تفاقم البطالة وخاصة لأصحاب الشهادات العليا، مع انحسار في مستوى الطبقة المتوسطة.   والمشهد العام للبلاد يعيش ركودا ورتابة واجترارا، وفي نفس الوقت يحمل في داخله إمكانيات هائلة مصوّبة نحو المجهول.   في هذا الإطار المشحون تأتي التجربة الجديدة لبنك الزيتونة الإسلامي، والتي لنا معها وقفة غير معمقة وإشارة -إن أمكن- إلى أماكن الظل واستشراف المستقبل، في أبوابه المتعددة وخاصة بابه الاقتصادي.    » بنك الزيتونة الإسلامي نافذة اقتصادية ربحية متاحة للاستثمار والربح الكبير حيث يبدو سوق المنتجات الإسلامية قابلا للرواج في ظل هذه العودة المشهودة للدين عبادة ومعاملة  »   ولا تعتبر مبادرة بنك الزيتونة -كمنشأة إسلامية للصيرفة- الأولى من نوعها، فقد سبقتها في الثمانينيات تجربة بنك التمويل التونسي السعودي (BEST) الذي يتبع مجموعة البركة العالمية، كما دخل على الخط منذ بداية السنة بنك نور الإسلامي التابع لدولة الإمارات العربية المتحدة.   ويشكل عدم تجذر التجربة البنكية الإسلامية في تونس وعدم بقائها استثناء في العالم الإسلامي، حيث مر على التجربة أكثر من أربعة عقود منذ انطلاقتها البسيطة في قرية ميت غامر بمصر في بداية الستينيات، وانتشارها المدوي خارج حدودها « الطبيعية » ودخولها مواطن وبلدانا إسلامية وغير إسلامية، ومنها من رفع شعار العلمانية عاليا كتركيا.   وفي إظهار لتراكم التجربة وتوسعها العالمي، توقع تقرير اقتصادي أن تشهد أصول الصرافة الإسلامية نمواً في العام 2010 بمعدل لا يقل عن 20% سنوياً، ليتجاوز حجمها حاجز الـ1.5 تريليون دولار مقارنة بـ900 مليار دولار خلال العام 2007.   وفي ظل الأزمة الحالية التي يعيشها عالم المال والأعمال أصبح التمويل الإسلامي ملجأ هاما للمستثمرين بما يمثله من تقليل عامل المخاطرة في ظل المأزق الحالي للائتمان العالمي وانهيار قطاع العقارات الأميركي.   ويلاحظ عدم وضوح المنحى المعتمد والصفة الملازمة للبنك الجديد: هل هو بنك إيداع أم بنك استثمار أم بنك أعمال أم بنك غير مقيم أم شركة إيجار مالي؟ وبين هذه الأصناف تتحدد القيمة الأساسية للبنك، والإضافة التي يمكن أن يقدمها للمسار التنموي في تونس عبر علاقته المباشرة مع الزبائن الصغار والكبار على السواء، وكذلك لجدية الإضافة الإسلامية في هذا المجال.     الصيغة القانونية   ميز الجهاز البنكي التونسي بين أصناف عدة من البنوك وأعطاها تحديدا واضحا، فمهمة بنوك الإيداع قبول الإيداعات مهما تكن مدتها أو شكلها، ومنح القروض ولا سيما منها القصيرة الأجل، والقيام كوسيط في عمليات الصرف. كما تؤمن لزبائنها استخلاص وسداد الصكوك والسندات أو قسائم الدفع أو غيرها من سندات الدفع أو الدين.   ويمكن لهذه البنوك في نطاق احترام النظم القانونية، منح قروض متوسطة وطويلة الأجل تموّل على ودائع المساهمين، كما يمكنها أخذ مساهمات في رأس مال المؤسسات.    » عمل بنوك الاستثمار يتمثل في استنباط وإنجاز وتمويل مشاريع الاستثمار في كل قطاعات الاقتصاد الوطني، من زراعة وصيد بحري وصناعة وسياحة وعقارات وغيرها  » وعمل بنوك الاستثمار يتمثل في استنباط وإنجاز وتمويل مشاريع الاستثمار في كل قطاعات الاقتصاد الوطني، من زراعة وصيد بحري وصناعة وسياحة وعقارات وغيرها.   أما بنوك الأعمال فتتمثل مهمتها أساسا في تقديم الاستشارات والمساعدة على التصرّف في الممتلكات، وتقديم الخدمات في مجال الهندسة المالية، وبصفة عامة كل الخدمات التي تهدف إلى تسهيل بعث المؤسسات وتطويرها وإعادة هيكلتها.   وتقوم شركات الإيجار المالي بإيجار تجهيزات أو معدات أو عقارات لفائدة المشاريع الاقتصادية من تجارة وفلاحة و صيد بحري وخدمات.   وأما البنوك غير المقيمة فهي مؤسسات مرخص لها تتعامل أساسا مع غير المقيمين، حيث يمكنها القيام بكل حرية بقبول كل أنواع الموارد التي هي على ملك غير المقيمين ومنحهم كل المساعدات، خاصة في شكل مساهمات في رأس مال المؤسسات وكل أنواع الضمانات. وتتمتع هذه المؤسسات بحرية مطلقة في ميدان الصرف بالنسبة إلى عملياتها مع غير المقيمين.   وكان في تونس إلى عام 2005 ثمانية بنوك غير مقيمة وهي على التوالي: سيتي بنك، الاتحاد التونسي للبنوك، لون أند إنفستمنت، مصرف شمال أفريقيا الدولي، المؤسسة العربية المصرفية، بنك اليوباف الدولي وبيت التمويل التونسي السعودي وهو الذي يعنينا في مقاربتنا هذه، حيث ظل هذا البنك يحمل هذه الصيغة منذ انطلاقه منذ قرابة ثلاثة عقود، ورغم صفته الإسلامية فإنه لا يكاد يعرف عند الخاص والعام إلا عند نخبة النخبة أو الدارسين الاقتصاديين للجهاز البنكي التونسي وسياسته النقدية، حيث غاب البنك عن الجمهور التونسي نظرا لصفته الملازمة في التعامل الخاص مع غير المقيمين وحساسية البعد الإسلامي في ماهيته.   وهنا مربط الفرس وأحد مكامن الغموض في افتتاح هذا البنك الجديد، فما هي الصفة التي سيتبناها البنك الجديد؟ خاصة أنه بالإضافة إلى بيت التمويل التونسي السعودي سالف الذكر، فإن دخول بنك النور الإسلامي الإماراتي على الخط لا يوحي بأنه بنك للإيداع بحيث يتعامل مباشرة مع جمهور المواطنين، ولكن يركز مكتبه الإقليمي في تونس -بحسب الأخبار الوافدة- على « الاستثمارات والخدمات المصرفية للشركات. كما سيسعى إلى فتح قنوات استثمارية جديدة من دول مجلس التعاون الخليجي نحو منطقة شمال أفريقيا، في كل من مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا ».   كل هذا يجعلنا بالقدر الذي نستبشر لكل فعل تمويلي أو استثماري أو تجاري لتقنيات مالية إسلامية داخل الوطن، ونعتبره خطوة نحو إرساء مؤسسات مصرفية إسلامية كاملة في تونس، بالقدر ذاته نعتبر أن المسار لا يزال غير واضح وتشوبه الكثير من النقائص المبنية أساسا على البعد السياسي الحساس للمسألة.    بين البنك المركزي والكفاءة الشرعية     تحمل البنوك الإسلامية فرادة وتجديدا في مستوى التعاملات المالية تنظيرا وتنزيلا، ولعل الاجتهاد البنكي الإسلامي يعتبر ولا شك من أكبر الإضافات التي شهدها المشهد المالي العالمي في القرن الأخير، حيث تمثل إدخال تقنيات استثمار جديدة وتعامل بديل للمطروح عالميا منذ أكثر من ثلاثة قرون، حيث مثلت الفائدة ولا تزال عصب الاقتصاد العالمي، فكانت عناصر المضاربة والمشاركة والمرابحة وما يتبعها من وسائل متطورة إفرازا فريدا لتنظير جديد يعتمد الإسلام كمرجعية أساسية في بناء سوق المعاملات على أساس استبعاد عنصر الفائدة والربا.   ومثلت خاصية استبعاد الفائدة وتبني تعامل على أساس المشاركة في الربح والخسارة قضية شائكة بين البنك المركزي والبنوك الجديدة وكيفية مراقبتها والتزامها بمقرراته وقوانينه، وكيفية التعامل معها بما أنها ترفض التعامل الربوي، وكان مما وجب إدخاله هو سن قوانين خاصة بها. فهل ستكون الرقابة مباشرة من البنك المركزي كما هو الحال مع البنوك التقليدية أم يحملها عنصر خارجي كإعطاء هذه الوظيفة إلى الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية أو إلى البنك الإسلامي للتنمية وتونس عضو فيه؟   لعل العامل السياسي سيساهم بشكل قاطع في هذه المسألة وستطرح قضايا السيادة بشكل حاسم، ولذلك يمكن أن يحمل البنك المركزي التونسي على عاتقه مهمة الرقابة على البنوك الإسلامية، خاصة إذا توسع عددها وأصبحت رقما مهما داخل الجهاز البنكي.   وبما أن تعامل البنك المركزي مع البنوك التقليدية عبر السياسة النقدية يخضع في جانبه المهم إلى عامل الفائدة، وبما أن البنوك الإسلامية لا تخضع لها فإن تجاوز هذه الإشكالية يتم غالبا وبكثير من الحذر عبر تحديدات مباشرة وتوجيهات مثل تحديد نسبة رأس مال البنك الإسلامي إلى الودائع، وتحديد القطاعات الأولية للاستثمار، وتحديد الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي، وأيضا في التدخل لتحديد نسبة الربح في تقنيات المرابحة والبيوع والإجارة.  » في ضوء الخصوصية التي يحملها البنك الإسلامي من تعاظم المخاطرة لديه باستناده إلى تقنيات المضاربة والمشاركة، على البنك المركزي أن يحرص على توفر البنك الإسلامي على رأس مال محترم يخوله الاستثمار بأكثر طمأنة للجهاز البنكي »   والمهم في تجربة بنك الزيتونة الإسلامي وأي بنك إسلامي يسعى للتواجد في تونس إذا سمحت الإرادة السياسية، هو البعد الاقتصادي المرجو من هذا الإنشاء، وعلى البنك المركزي التخلص ما أمكن من أي ضغط سياسي في هذا الباب إن وقع، وتوجيه مراقبته وتحديداته نحو مشاريع تنموية تعود بالنفع على البلاد، ولعل القطاع الزراعي التونسي يمكن أن يمثل ثغراً على البنك الجديد الوقوف عليه والاستثمار فيه، خاصة في ظل أزمة الغذاء العالمية التي كان لها الأثر في ارتفاع الأسعار.   كما أن على البنك المركزي وعلى ضوء الخصوصية التي يحملها البنك الإسلامي من تعاظم المخاطرة لديه باستناده إلى تقنيات المضاربة والمشاركة، الحرص على توفر البنك على رأس مال محترم يخوله الاستثمار بأكثر طمأنة للجهاز البنكي إجمالا بعيدا عن أي مجاملة وتأكيدا على استقلالية البنك المركزي.   تعتمد الممارسة البنكية الإسلامية على بعدين أساسيين: معرفة مزدوجة لمتطلبات وتقنيات العمل البنكي في مفهومه السائد، ومعرفة الوسائل والتقنيات التي أفرزتها النظرية المصرفية الإسلامية، ووجود لجنة مراقبة شرعية دائمة للعمليات البنكية التي يعتمدها البنك في معاملاته.   ولعل التجربة المصرفية الإسلامية عموما قد عانت في فترات من مسارها من ضيق سوق الكفاءات في هذا المجال وقد عاد عليها في بعض الأزمنة والأمكنة ببعض التعقيدات والأضرار.   ويبدو أن الإطار التونسي غير مهيأ بالصفة المناسبة والكاملة للتعاطي مع التجربة بكل نجاح رغم وجود كوادر جيدة وممتازة في الناحية العلمية والعملية للمصرفية التقليدية، ولعل إنشاء معاهد مختصة في مجال الصيرفة الإسلامية أو فتح نوافذ واختصاصات في الجامعات الاقتصادية أو إجراء دورات تدريبية خارجية عاجلة يمثل أحد الحلول. وذلك رغم أننا كنا نحبذ أن يكون هذا المنحى سابقا للتجربة وخاضعا لبيداغوجية (مناهج) تعليمية واضحة قبل أن يحتمي بأهداف اقتصادية أو سياسية عاجلة.   أما عن لجان المراقبة الشرعية فإن التمكن التأصيلي والشرعي في هذا الميدان يمثل أداة هامة وضرورية لنجاح التجربة وتأكيد مصداقيتها عند الجماهير، فعامل الثقة والطمأنينة مكسب أساسي في نجاح التجربة وهذا يتطلب التعمق في المعرفة الشرعية وتأطير المجموعة الكفُؤة فيه. غير أن هذا البعد يبقى حبيس الإرادة السياسية في تكوين هذه الجهات العلمية المختصة، ورغم أن استدعاء المشرع الخارجي يمثل حلا في هذا المجال فإن ابن البلد يبقى قيمة مضافة على أكثر من باب.   خاتمة لقد أصبحت التجربة المصرفية الإسلامية واقعا وبديلا يطرح اليوم في ظل الأزمة العالمية للائتمان، ولعل تعاظم ودائعها وتكاثر منشآتها وتبني تقنياتها الاستثمارية من قبل العديد من البنوك التقليدية خير حجة وبرهان للإمكانيات العريضة التي تحملها التجربة.   وإن كانت تونس لم تفتح بعد ذراعيها للمصرفية الإسلامية فإن دخول بنك الزيتونة الإسلامي على الخط وخاصة تبنيه من أفراد متمكنين داخل السلطة، يعطي دفعا لهذه التجربة في انتظار توسعتها. غير أن العامل السياسي والإرادة المرتبطة به يبقى المحدد الأولي والرئيسي لنجاح التجربة أو ضمورها. ______________ كاتب تونسي   (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 9 سبتمبر2008)

بنـك الزيتونــة الإسلامــي :   لنضع النقـاط علـى الحـروف!   [الجـزء الأول]
  د.خــالد الطــراولي ktraouli@yahoo.fr   توطئـــة بين السياسة والاقتصاد قنوات ومعابر وجسور، وتبينها ليس بالسهل، والعبور عليها يخضع في العديد منها لإشارات خاصة وألوان تتراوح بين الأخضر والأحمر والبرتقالي… والقرار الاقتصادي يبقى في بعض المنازل والتنزيلات قرارا سياسيا، وهذه المراوحة تخضع أساسا إلى نماذج التنمية المعتمدة إذا كان السياق واضحا، وإلى طبيعة السلطة الحاكمة… عنصر المفاجأة والاستغراب والتثمين والتهليل وحتى التكبير كان غالبا على مواقف الملاحظين والمتابعين للشأن التونسي، الحدث لا يبدو صغيرا وهو يحمل ولاشك شحنة من العواطف والمشاعر زيادة على أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية، دخل بنك الزيتونة الإسلامي من خلال خبر صغير وكأنه يتحسس المكان والزمان قبل أن يرمي بجذوره في أرض الزيتونة… حيثيــات الحدث التقت على الخبر خمس مضارب حيث لا يمكن للحدث التخلص من تجاذباتها ولا تجاذبات المشهد العام، وتدفعه إلى الكثير من التأملات والبحث من خلالها عن التكتيكي والاستراتيجي، والسياسي والاجتماعي، والديني والاقتصادي : * صاحب المبادرة ليس نكرة ولا شخصية عادية، ولا من غير التونسيين، ولكنه ابن البلد، ورجل أعمال معروف باستثماراته الداخلية، وصهر الرئيس، ويحمل تجربة سابقة في « التنبه الإسلامي » عبر إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم. * تجربة إسلامية في التعامل المصرفي في بلد يحمل نظامه الكثير من التوجس والتضارب تجاه الظاهرة الإسلامية إجمالا. * صحوة إسلامية متعاظمة تشكو عدم التأطير والتوجيه والإرشاد، ومفتوحة على كل الأبواب… * نافذة اقتصادية ربحية متاحة للاستثمار والربح الكبير حيث يبدو سوق « المنتوج الإسلامي » قابلا للرواج في ظل هذه العودة المشهودة لرحاب التدين عبادة ومعاملة. * المشهد الاقتصادي العام يعيش انحسارا وتململا في مستويات الإنتاج والاستهلاك والاستثمار، بعد الحديث طوال أكثر من عقد، عن « المعجزة الاقتصادية التونسية » ومعدلات نمو مرتفعة قياسا ببلدان أخرى * المشهد الاجتماعي مرتبك ويدخل مناطق الحيرة والخوف من الحاضر والمستقبل، حيث يبرز الانفلات في الأسعار وتأثيراته الخطيرة على المستوى المعيشي، زيادة على تفاقم البطالة وخاصة لأصحاب الشهائد العليا، مع انحسار في مستوى الطبقة المتوسطة التي كانت عنصر افتخار وتثمين من الطبقة الحاكمة لعقدين من الزمن، كل هذه العوامل مجتمعة تعطي للحالة الاجتماعية دافعا لأكثر من تململ… * المشهد العام يعيش ركودا ورتابة واجترارا، وفي نفس الوقت يحمل داخله امكانيات هائلة مصوّبة نحو المجهول… في هذا الإطار المشحون تتنزل التجربة الجديدة لبنك الزيتونة الإسلامي، والتي لنا معها وقفة غير معمقة ولكن ندعي من ورائها قراءة الحدث بتواضع وتنبه، والإشارة إن أمكن إلى أماكن الظل واستشراف المستقبل، في أبوابه المتعددة وخاصة بابه الإقتصادي بما يسمحه تخصصي في هذا الميدان وبكل تواضع من إثارات لعلها تكون مفيدة[1]. ملامح الإطار الزماني والمكاني للتجربة ملاحظات أولية تستدعي نفسها لاستجلاء  بعض المعالم في الطريق : 1/  مبادرة بنك الزيتونة كمنشأة إسلامية للصيرفة ليست الأولى، فقد سبقتها في الثمانينات تجربة بنك التمويل التونسي السعودي [BEST] الذي يتبع مجموعة البركة العالمية [2]، كما دخل على الخط منذ بداية السنة بنك نور الإسلامي التابع لدولة الإمارات العربية المتحدة. 2 / عدم تجذر التجربة البنكية الإسلامية في تونس، وبقائها استثناء في العالم الإسلامي، حيث مر على التجربة أكثر من أربعة عقود منذ انطلاقتها البسيطة في قرية ميت غامر بمصر في بداية الستينات، وانتشارها المدوي خارج حدودها « الطبيعية » ودخولها مواطن وبلدان إسلامية وغير إسلامية ومنها من رفع شعار العلمانية عاليا كتركيا. 3 / تراكم التجربة وتوسعها العالمي حيث توقع تقرير اقتصادي، أن تشهد أصول الصرافة الإسلامية نمواً في العام 2010 بمعدل لا يقل عن 20 % سنوياً، ليفوق حجمها حاجز الـ 1.5 تريليون دولار، مقارنة بـ900 مليار دولار خلال عام 2007.  وخاصة في ظل الأزمة الحالية التي يعيشها عالم المال والأعمال حيث اصبح التمويل الإسلامي ملجأ هاما للمستثمرين بما يمثله من تقليل عامل المخاطرة في ظل المأزق الحالي للائتمان العالمي وانهيار قطاع العقارات في أمريكا. 4 / عدم وضوح المنحى المعتمد والصفة الملازمة للبنك الجديد هل هو بنك إيداع أم بنك استثمار أم بنك أعمال أم بنك غير مقيم أم شركة إيجار مالي؟ وبين هذه الأصناف يتحدد حسب نظري القيمة الأساسية للبنك، والإضافة التي يمكن أن يقدمها للمسار التنموي في تونس عبر علاقته المباشرة مع الحريف الصغير والكبير على السواء، وكذلك لجدية الإضافة الإسلامية في هذا المجال. ومن وراء هذا التحديد الهام يبدو لنا مدى صوابية التثمين من عدمه، أو نسبيته بالمقارنة لمدى اقتراب بنك الزيتونة من بنك الإيداع أو من بنك الاستثمار أو غيره، وإن كان مقياس الجدوى والفعالية يتنزل في تأثير البنك في تنمية البلاد والمساهمة في ازدهارها. إشكاليات التنزيل : يمكن اعتبار ثلاث مناحي تقف أمامهم التجربة الجديدة لبنك الزيتونة الإسلامي، وهي على التوالي : الصيغة القانونية لبنك الزيتونة الإسلامي، العلاقة مع البنك المركزي التونسي، وقضية الكفاءات والرقابة الشرعية.   ـ يتبــــع ـ هــوامش [1] يمكن الرجوع إلى بعض كتاباتي حول البنوك الإسلامية والتجربة التنموية الاسلامية على موقع اللقاء ركن اللقاء الاقتصادي www.liqaa.net  لمن أراد التوسع في ذلك ومراجعة محاولاتي المتواضعة في الاجتهاد في المسألة ومنازل النقد والتجاوز في مستوى النظرية والتطبيق. [2] وللمجموعة انتشار جغرافي واسع ممثل في وحدات مصرفية تابعة ومكاتب تمثيل في اثنتي عشرة دولة تدير بدورها أكثر من 250 فرعا. وهذه الوحدات هي: البنك الإسلامي الأردني/الأردن، بنك البركة الإسلامي/البحرين، بنك البركة الإسلامي/باكستان ، بنك البركة الجزائري/الجزائر، بنك البركة السوداني/السودان، بنك البركة /جنوب أفريقيا، بنك البركة لبنان/لبنان، بنك التمويل التونسي السعودي/تونس، بنك التمويل المصري السعودي/مصر، بنك البركــة التركي للمشاركة/تركيا، بنك البركة سوريــا (تحت التأسيس)، ومكتب تمثيلي بإندونيسيا.  
(المصدر: موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي بتاريخ 9 سبتمبر 2008 www.liqaa.net)

 
غرائب من باريس إلى تونس

 

زاهد المنتصر غريب أمر السيد فتحي بلحاج 1- فمرة لا يتورع على الكتابة في جريدة « الوطن » جريدة جهاز المخابرات التونسية جهاز الإتحاد الديمقراطي الوحدوي وآخر مقال له كان « القوميون في تونس وتحديات المرحلة » ، في الأول برر فعله المشين ذلك للإخوة داخل القطر بأن جماعة الجهاز يتولون السطو على مقالاته من الإنترنات بدون إذنه ثم تتالت العملية ليبررها بعد ذلك أن بعض أعضاء الجهاز تربطه بهم علاقات ذاتية وشخصية لا غير  …(ولا داعي للتفصيل أكثر؟؟؟؟ ) إلا أن إنقطع والحمدالله على النشر بتلك الجريدة المشبوهة- وإني أستغرب هنا كيف دافع الأخ محب الوطن العربي على تلك الجريدة الموبوءة في إحدى تعليقاته بإحدى المدونات؟؟؟؟نقطة إستفهام كبييييييييييييييرة.. 2- ثم بعد ذلك كتبت الأخت المناضلة الفاضلة فائزة عبد الله مقالها الجيد « دعوة للحوار من مسجد ضرار » ردا على ما يسمى مبادرة الحوار القومي التي أعلن عنها جهاز الإتحاد الديمقراطي الوحدوي تنفيذا لتعليمات النظام الإقليمي العميل الرجعي في تونس وحلقة من حلقات ضرب المشروع القومي التقدمي الناصري في تونس …فأنتصب فجأة فتحي بلحاج مدافعا على جهاز الإتحاد الديمقراطي الوحدوي ومهاجما الأخت الفاضلة المناضلة وهي إمرأة بأبشع النعوت من قبيل (فائزة العبد؟؟؟…الصبية …) وغير ذلك من الألفاظ التي لا تمت للقاموس القومي التقدمي …بل لم يكلف نفسه حتى الإعتذار منها عما بدر منه وسقوطه في مستنقع السب الشخصي وهو يعرف جيدا أنها المرأة التي وهبت حياتها وضحت بالغالي والنفيس من أجل الأمة العربية وحتى يظل الصوت القومي التقدمي الناصري مسموعا في تونس في الوقت الذي شارك االبعض في جريمة تأسيس جهاز المخابرات جهاز الإتحاد الديمقراطي الوحدوي وإختار البعض الآخر المنفى الإختياري …يومها كتب أصدقاءه بذلك الجهاز أن كل من لا يتفاعل مع ويرفض مبادرة الحوار القومي التي أعلنت عنها السلطة الإقليمية عبر جهاز الإتحاد الديمقراطي الوحدوي هو يتماهى مع المخططات الإمبريالية والصهيونية ؟؟؟؟…شئ يضحك واالله …..ولم ينبس فتحي بلحاج ببنت شفة … 3- ثم فجأة إنتقل فتحي بلحاج إلى موقف المحايد في المعركة الدائرة بين جهاز النظام الإقليمي العميل الرجعي جهاز الإتحاد الديمقراطي الوحدوي وبين القوميين التقدميين الناصريين من جهة أخرى- وبين الحق والباطل لا يوجد حياد- وكتب مقالا عنوانه » سموه كل شيء إلا دفاعا عن الفكر والعمل القومي التقدمي… » وكأنه إحتوى ضمنيا على إعتذار من الأخت الفاضلة فائزة ومن القوميين التقدميين داخل القطر والذين إعتبروا أن مقال فتحي بلحاج الأخير تعبير عن العودة للحضن القومي التقدمي وتكفيرا منه على أفعاله من كتابته في جريدة الوطن ودفاعه عن الجهاز المشبوه… 4- ثم يعود فجأة ثانية إلى المربع الأول مستعملا نفس الأسلوب مع الأخت فائزة وهذه المرة مع الأخ خالد الكريشي ناهلا من قاموس غريب عن القاموس القومي التقدمي مما أثار إستغراب عديد الإخوة بل ذهب أحدهم إلى إمكانية إنتحال صفته من ذوي النفوس المريضة وأنظروا إلى العبارات المستعملة من فتحي بلحاج في حق الأخ خالد وغيره من الإخوة،بالله عليكم هل هذه عبارات فتحي بلحاج المعهودة وهل هذه عبارات القوميين التقدميين ( …الوطاويط…أساليب المخابرات أساليب؟؟؟؟…..سيتحول إلى قصعة كسكسي؟؟؟؟…) وهي نفس العبارا ت التي إستعملها في حق الأخت المناضلة فائزة عبد الله،في حين أن الأخ خالد له إجتهاد خاص وقراءة ملتزمة بالأدبيات القومية التقدمية داعيا إلى بناء الأداة التنظيمية للقوميين التقدميين ،متصديا دائما في كتابته للأنظمة الإقليمية العميلة الرجعية والإمبريالية والصهيونية كما قال هو وأشكره بالمناسبة على عدم إنجراره لميدان الرود والردود المقابلة …. لقد لا أجد عذرا لتذبذب وتقلب مواقف فتحي بلحاج وتمايلها وإنتقالها من اليمين إلى اليسار ،وتألمت كثيرا لإنحدار خطابه إلى ذلك المستوى الغير معروف به ،فهو ليس مراهقا سياسيا لا يعرف ماذا يريد بالضبط ؟؟؟؟ ربما أجد له عذرا جهله بساحة القطر التونسي منذ منفاه الإختياري ….وأن الزمن توقف عنده في بداية التسعينات من القرن الماضي ….يا فتحي بلحاج لقد جرى ماء كثير في النهر القومي التقدمي الناصري منذ منفاك الإختياري بداية من أواخر الثمانينات من القرن الماضي ،ولا تحسب تواجدك بعض الأيام بشواطئ جربة خلال الصيف أو كتابتك على الإنترنات كفيلة بمعرفة ساحة تونس التي إعترفت بنفسك أنها صعبة وبها من الخبايا الكثير ….والتيار القومي بتونس أصيل ومتجذر منذ التجربة اليوسفية وصولا إلى تجربة الطلبة القوميين مرورا بالتيار القومي التقدمي و »الطلبة العرب التقدميين الوحدويين  » والتجمع القومي العربي ولم يقل أحد أن التيار القومي يبدأمنه بل لا يستطيع ويجرؤ على ذلك .. ولقد ضحكت كثيرا وأنت توجه خطابك للشباب القومي التقدمي بتونس وكأنهم آلاف مؤلفة تنتظر تلك الرسائل عبر الإنترنات وتمني النفس بإذاعته عبر الأثير أو حتى إذاعة « صوت العرب » ؟؟؟ …لأن من تعرفهم في الثمانينات من القرن الماضي من القوميين التقدميين أقليتهم الآن شركاء في جريمة جهاز الإتحاد الديمقراطي الوحدوي وقد صرحت أنهم مازالوا أصدقاءك؟؟؟؟وأكثريتهم مازال ماسكا على الجمر مشمرا على ساعده لبناء الأداة التنظيمية المستقلة للقوميين في تونس مشتبكا مع واقعه في جميع المواقع …ثم يا فتحي بلحاج هم لا يعدون بالآلاف وأنت توجههم من منفاك الإختياري بباريس فأنت لست الخميني ؟؟؟- فأي وهم معشش في رأسك؟؟؟- أفق يا رجل من الوهم الذي تعيش فيه وكن خريج معارك الواقع !!…سيما وأنت لا تملك وصية ممضاة من أستاذنا المعلم عصمت سيف الدولة…ولا أحد يملكها و يملك الحقيقة القومية بل الحقيقة القومية ينحتها القوميون التقدميون أنفسهم بتونس والماسكين على الجمر .. الآن أقول لك أخ فتحي بلحاج قليل من التواضع فنحن في تونس لسنا قطيع نساق من باريس ولا تحدثا من فوق بخطاب إستعلائي ،بل نحن شباب قومي تقدمي حر علمنا أستاذنا الكبير عصمت سيف الدولة معنى الحرية والجرأة والشجاعة وتحمل تبعات ذلك من سجون وحصار ولم يشفع له وضعه كمحام – وبالمناسبة أذكرك أن النضال القومي فرض عين على كل القوميين ولا يشترط أن يكون محاميا؟؟؟ فالعميد البشير الصيد سجن مرتين لمدة طويلة وهو محاميا؟؟؟؟؟- والعديد من المحامين من إنتماءات سياسية أخرى تم سجنهم في تونس وأنت تعرف هذه وآخرهم محمد عبو ،ثم إضافة إلى ذلك فالعديد من الإخوة يكتبون بأسمائهم الحقيقية وهم ليسوا محامين مستعدين لتحمل جميع التبعات كالأخت فائزة عبد الله والأخ النفطي حولة ..والأخ سالم حداد والعبد الفقير لله كاتب هذه السطور قد تطالهم أيادي القمع الإقليمي في كل وقت ولا يفصله عنهم البحر الأبيض المتوسط … ؟؟؟؟ولقد قرأنا مثلك جميع الأدبيات القومية التقدمية لأستاذنا المعلم عصمت سيف الدولة فتعلمنا منها أنه هو شخصيا لا يملك الحقيقة المطلقة ودعانا إلى الإجتهاد والإبتكار دون التخلي عن الثوابت والخروج من الكهوف النظرية الجامدة المتكلسة وحرضنا على الدفاع عن قوى شعبنا في جميع المواقع أسوّة به من خلال جولاته وصولاته في المحاكم ،فحاولنا قدر المستطاع تنفيذ وصيته وتعرض الشباب القومي التقدمي الذي لا يتركه إشتباكه مع الواقع الإطلاع على ردودك الممتلئة بالسب والشتائم …وكان سجن الطالبين أحمد شاكر بن ضية ومحمد أمين بن على طيلة أشهر بسجن سوسة ،فماذا فعلت لهما؟؟؟ بل لم تكلف نسك حتى السؤال عنهما ..وكان إعتقال المناضل القومي التقدمي الناصري الحفناوي بن عثمان الآن بسجن قفصة …فماذا قدمت له ؟حتى أنك لم تسأل عنه ؟؟؟ وغير من ذلك من صنوف البطالة والتهميش والحصار التي يتعرض لها الشباب القومي …لذلك أقول له ولي (وهذه آخر مرة أكتب فيها في هذا الموضوع) أن هذه الردود المتشنجة والإنفعالية الممتلئة بالسب والشتائم لا ولن تلهينا عن أهدافنا الإستراتيجية لأمتنا العربية ولن ننجر لمثل هكذا أساليب بل سنتصدى فقط لبناء أداتنا التنظيمية المستقلة والمناضلة والواحدة الموحدة بتونس وسنواصل إشتباكنا مع الواقع في تونس وفي كل بقعة من وطننا العربي وليس في باريس أو نيكارغوا أو كمبوديا…ودعكم من الماضي ولنلتفت إلى المستقبل ولا نترك مناضلينا في السجن فتيار سياسي يدعي أن له جذور وبرنامج ومشروع يترك مناضليه في السجون الإقليمية هو تيار وهمي لا يستطيع غير بيع الوهم للشعب العربي …فأن نتحرر من الوهم تلك أول خطوات الحرية…(والله أعلم)   الإمضاء زاهد المنتصر   (المصدر: العربية بتاريخ 9 سبتمبر 2008 )

بسم الله الرحمان الرّحيم شهر رمضان شهر الانتصارات للمسلمين  دروس و عبر
« واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداءا فألّف بين قلوبكم » (آل عمران 103) « قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله » (سورة يوسف 108)  » ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة » (النحل – 125)  » يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء، و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا،  » (النساء – 1) باريس في 9 سبتمبر  2008 بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، طالب علم في مدرسة الحياة من تونس الحمد لله الذي جعل الصيام جنة، وسبباموصلا الى الرضوان و الجنة وهو الذيمنّ علينا معشر المسلمين بمواسم الخيرات، و خصّ شهر رمضان الكريم بالفضل والتشريف والبركات، وحثّ الله تعالى فيه على الطاعات والاكثار منها وتعدّد القربات و الصدقات. نحمده  تعالى على نعمه الوافرة ونشكره على آلا~ه المتكاثرة ، الذي جاد علينا ، معشر المسلمين بأوقات البر والاحسان، وازمان الخير والفضل والامتنان، ونشهد أنّ  لا إلاه الا الله ربّ العالمين ،الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي منّ على عباده المؤمنين بمواسم الرحمة و المغفرة، والفضل والامتنان، ونحمده تعالى على آلائه حمدا كثيرا ، و نذكره ذكرا لا يغادر في القلب استكبارا و لا نفورا ، و نشكره إذ جعل الليل و النهار خلفة لمن ألااد ان يذكر او اراد شكورا. و نشهد ان محمدا رسول الله ، فهو عبده ورسوله، خير من صلّى وصام، وأفضل من تهجّد و قام، وسجد وركع لله تعالى .نحمده سبحانه و تعالى الذي شرّع لنا من العبادات العظيمة والمواسم الكريمة، التي بها تزكو النفوس وتمتلئ خيرا وصلاحا، وبركة ونماءا، و نشعّ نورا وضياءا ، و تلألأ إشراقاو صفاءا، وان ما تعيشه هذه الأمة الاسلامية المباركة، في ظلال هدا الشهر الكريم، شهر الصيام والثيام وتلاوة القرآن، انّه حقا موسم عظيم، حيث الايام مباركة و اليالي فاضلة كريمة، إنه من أعظم الفرص الايمانية التي لا تعوّض، ولا تقدّر بثمن، كيف لا و المسلمون يعيشون طوال هذا الشهر الكريم، مع آخر الكتب السماوية المنزلة، يبتغون في هذا الشهر العظيم، الرحمة و المغفرة والرضوان، والفوز بالجنان، و العتق من النيران، يتعرّضون طوال هذا الشهر الى نفحات الملك الديّان، ربّ العزّ والجلال. حقّا ان هذا الشهر الكريم، ميدان خير وتقى، و صلاح و هدى، يستبق في ساحته المؤمنون، ويتنافس في في اداك فضله المتنافسون، حقيق بالمسلمين ان يتسائلوا عن مآثر هذا الشهر الكريم، ويبحثوا عن حكمه و اسراره، وفضائله وآثاره، كيف لا يلتزمون بمنهجه السليم وطريقه القويم، كيف لا يطبّقون و يعملون بما جاء من اجله، الصيام، و ما اكثر المسلمين، الذين يجهلون حكمة تشريعه، ويتناسوا آثاره الخيرة، وسننه النيّرة، ويكتفون من الصيام بحبس النفس عن الطعام والشراب والمفطرات الحسية فقط. إن امة الإسلام هي في اشد الحاجة، في هذه الأيام ، هي في حاجة ماسة واكيدة الى ان يستدعي من ابناء هذه الأمة الاسلامية، المعطاءة، الى معاني المحاسبة و التدبّر والتقويم والتفكّر، التي يبرزها هذا الشهر الكريم،الذي يمثّل للامة جامعة للخير و البرّ، و مدرسة للصبر والحلم والمجاهدة. إن مدرسة الصيام هي منارة للايمان والتقوى، وحصنا من الفتن، وغذاءا للارواح ،  وبلسما للجراح، و كابحا للشهوات و الغرائز، وشاحذا للهمم والعزائم، ومجنّبا للضغينة و الحقد في النفوس، وامراض القلوب، و طريقا لتآلف الشعوب، وتراحم ابناء هذه الامة التي هي خير الأمم. في هذا الشهر الجليل، الذي يتراحم ويتعاون فيه المسلمون، هو حقّا، ربيع المؤمنين، و غنيمة للصالحين، وفرصة للعصاة والمذنبين، بالاكثار من الاعمال الصالحة، والتوبة الصادقة، عسىأن يتقبّل الله أعمالنا و اعمالهم، انه على ذلك قديرو هو الله بحقّ أرحم الراحمين. ففي هذا الشهر الكريم، تتذكّر أمة الاسلام مجدها الخالد، وعزّها التالد، وماضيها المشرق، وانتصاراتها الباهرة، فيحفّز الصيام الهمم، ويصقل المشاعر والاحاسيس، لكي يقف كلّ مسلم موقف الجدّ لمحاسبة نفسه على ما اقترفت خلال السنة الماضية. ففي الحديث الصحيح الذي رواه النسائي عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال:  » يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ». قال الحبيب المصطفى : » ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب و رمضان، هو شهر ترفع فيه الاعمال إلى ربّ العالمين، و أحبّ أن يرفع عملي و أنا صائم » . و في الحديث الصحيح الذي رواه الطبراني وابن حبّان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم قال : » يطلع الله الى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن » فالحمد لله الذي منّ علينا معشر المسلمين أن بعث فينا و منّا نبيّا ، سيد الأولين و الآخرين و أشرف الانبياء والمرسلين محمدا صلى الله عليه وعلى آله الطيبين و أصحابه الغرّ الميامين ، و أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، والتابعين و من تبعهم بإحسان و القارئين إلى يوم الدين و علينا معهم والوالدين، برحمتك يا أرخم الراحمين. يقول الله تعالى في سورة المائدة:  » ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهّركم وليتمّ نعمته عليكم لعلّكم تشكرون » (المائدة – 6) الاختلاف حول بداية الأشهر القمرية وبالخصوص  مطلع الهلال ورؤيته  في بداية شهر رمضان هو اختلاف متواصل في الازمان وملازم للتاريخ. وقد اتخذ الافتراق حالة من سوء التفاهم والعناد وجب الظهور والتميز والمحافظة على الخصوصية من طرف بعض المذاهب في مقابل مذاهب أخرى وخاصة بين السنة والشيعة وبين المشرق والمغرب وبين الشمال والجنوب وبين الدول العربية والدول الإسلامية, ووصل الفرق أحيانا إلى ثلاثة أيام بين الدول وفي كل مرة يتحجج الفقهاء ومفتيي الديار أنهم اعتمدوا الوسائل الشرعية لرصد الهلال ولم يتمكنوا من مشاهدة ولادته بالعين المجردة. ويحاول البعض إثارة التباعد بين الحديث الشريف الأول الذي يؤكد على المشاهدة والمواكبة والحضور: »من شهد منكم الشهر فليصمه » وبين الحديث الثاني الذي يهتم بمصطلح الرؤية: » صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته » رغم أن معنى كل من المشاهدة والرؤية في هذا السياق هو معنى متقارب. ان غياب الإجماع وبروز التعدد والافتراق مع أن الخلاف رحمة والتعدد منطقي نظريا إذ « لكل منكم شرعة ومنهاجا » بل استعمال هذا الأمر من أجل تغذية نزعة الانفصال والتخريب وتقوية درجة الاختلاف والتقسيم والتشتت وهو ما يعطل أي حركة تسعى إلى التمدين والتنوير ويشجع علىالتشدد وتصاعد موجة الدغمائية. ما العمل للتجاوز؟ بارقة أمل جاءت من عالم قدير التونسي  المولد محمد الأوسط العياري الذي يشتغل بوكالة الفضاء الأمريكية ناسا بالولايات المتحدة الأمريكية والذي اخترع العديد من الآلات الدقيقة التي تهتم بمراقبة المجارات والنجوم والكواكب وخاصة المريخ والقمر والأرض و بدأ منذ سنتين بانجاز مشروع حضاري سماه الشاهد قصد إزالة الخلاف حول دخول الأشهر القمرية واتجه نحو صناعة منظومة رصد دقيقة تمكن من مشاهدة الهلال لحظة ميلاده والاستناد على الحساب والإحصاء الرياضي والقياس الهندسي من أجل التثبت والبحث. الأستاذ العياري شكل لجان تتكون من علماء فلك وعلماء الشريعة الاسلامية ومفكرين تقوم بجمع الملومات ودراستها ثم البت في الموضوع وإصدار الحكم النهائي بشأن مولد الهلال وبداية الشهر من عدمه وخلال هذا العام ترتكز العمل على شرق وسط إفريقيا ولكنه طالب ببعث مركزين الأول في شبه الجزيرة العربية وخاصة في مكة المكرمة والثاني في منطقة أخرى من العالم. أهمية الاختراع أنه يجمع بين الالتزام بالنص الشرعي  مع الاستعانة بالادوات و التقنيات ويمكن الإنسان من رؤية الهلال بعينه المجردة لحظة انبثاقه ولا يكتفي برسم صورة رقمية عنه مثلما كان يحصل في الماضي وبالتالي حلت العين الالكترونية محل الصورة التقريبية والتخمين الافتراضي الذي كان سائدا في الأوساط العلمية.. فهل سيعوض الشاهد الذي اخترعه الاستاذ العياري القبب الفلكية الموجودة في كل دولة ويوحد المسلمون حول ميلاد اليوم الأول لشهر رمضان المبارك و غيره من الشهورو يساهم في توحيد اعياد المسلمين ولا سيما عيدي الفطر والاضحى. شرع الله سبحانه وتعالى صيام شهر رمضان و جعل له الوسيلة الميسورة والميسّرة لجميع الأمّة لضبط بدايته ونهايته  برؤية الهلال عند الغروب أيّ في تعبّدنا نعتمد على الحساب القمري وكما هو معلوم أنّ السنة القمريّة بها 12 شهرا أيّ 12 دورة للقمر حول الأرض تسمّى سنة. دورة القمر حول الأرض مدّتها  29 يوم و 12 ساعة  و 44 دقيقة  ووو.القمر يقوم بدورة حول نفسه في مواجهة الشمس كلّ دورة حول الأرض إيّ في 29 يوم 12 ساعة و 44 دقيقة بالنتيجة نحافظ على نفس الجهة المشاهدة  من الأرض. وضع القمر دائما نصف في مواجهة الشمس مضيء والنصف الآخر مظلم. الهلال = الجزء المرئي من النصف القمر المضيء  وكلّما إبتعد عن الشمس كلّما كبر (منازل القمر)  الى أن يصبح دائرة  كاملة بعد 14 او 15 يوم  و تسمّى   * بدر* للقمر شروق  وغروب مثل الشمس إنطلاقا من الأرض. العلم يتعامل لتحديد بداية ونهاية كلّ دورة للقمر حول الأرض  بلحظة الإقتران  المركزي أيّ لمّا تتموقع القمر بين الشمس والأرض على مستوى مركز الكواكب الثلاث. نحن المسلمون وعملا بحديث الرّسول  صلّى الله عليه وسلّم * صوموا لرؤيته وأفطروا * نعتمد  في بداية الشهر القمري برؤية الهلال أيّ بعد خروجه من المحاق كليّا ويرى عند الغروب . وهذا يمرّ بمراحل ومنها دخول الهلال  منطقة  المحاق ثمّ الإقتران  المركزي ثمّ الخروج من  منطقة المحاق هذا يتطلّب أكثر من 12 ساعة أيّ من رأى الهلال بعد صلاة الصبح يستحيل رؤيته عند الغروب ذلك اليوم من نفس المنطقة. المحاق المسافة التي يقطعها القمر وهو بين الشمس والأرض (ينجر عنه حدوث الكسوف) معنى ولادة الهلال : الدّقائق الأولى لخروج الهلال كليّا من المحاق تسمّى ولادة الهلال وهذه تحدث في لحظة معيّنة في مكان معيّن من الأرض عند غروب الشمس ويختفي بسرعة فائقة لمن شاهده. ولذلك تكون الولادة واحدة والمطالع متعدّدة ينجرّ عنه منازل القمر عبر الدورة الكاملة. شكل الأرض الكروي و ميلان محور الأرض يغيّر توقيت رؤية الهلال من نفس الخطّ من الأرض ويصل الإختلاف في ثبوت رؤية الهلال الى 3 أو 4 أيّام  أيّ كلّما إقتربت من القطبين إستحالت رؤية الهلال فيزداد فارق الإختلاف…. إذا إختلاف رؤية الهلال واقع علمي : خلاف المسلمين في بداية الشّهور القمريّة ينقسم الى قسمين قسم فلكي أيّ مدى ثبوت رؤية الهلال من عدمها, وأتصوّر بعد إختراع عالمنا الدكتور محمّد الأوسط العيّاري لجهاز الشاهد سيحلّ هذا المشكل. لكن هذا التطوّر العلمي يمكن أن يكرّس الفرقة علميّا لو تمسّكت كلّ دولة برؤيتها لأنّ الإختلاف واقع فلكيّا. إذا المطلوب للخروج من مسألة الإختلاف هو  الإعتماد على رؤية مكّة المكرّمة و عليه  أن تلتزم كلّ الدول بترصّد الهلال من مكّة المكرّمة.  ولا نستطيع توسيع رقعة الإعتماد  ليشمل كلّ الدّول الإسلاميّة  لأن بهذه القاعدة سنقع دائما في البحث على الهلال لإقرار 29 يوما من كلّ شهر بدلا  من 29 أو 30 يوما وهذا غير ممكن ويوقعنا في خلل, من إجابيات  الإعتماد على رؤية مكّة  توحيد بداية الشهور القمريّة وعليه يسهل الإعتماد على الحساب القمري بدلا من الحساب الشمسي لكلّ الدّول الإسلاميّة, ولما لا يطرح كبديل لتوفيق التاريخ بما أنّه أكثر دقّة من الحساب الشمسي,وكذلك المطالبة  بتغيير نقطة التوقيت العالمي من قرينيتش الى مكّة المكرّمة بصفتها تتوسّط اليابسة زيادة على أنّها أم القرى أيّ أوّل بقعة أرض بزغت من الماء وهي أوّل بيت وضع للناس فيها.  نحمده سبحانه و تعالى على نعمه، ونشكره على ما هيّأ لنا من المناسبات العظيمة التي تصقل الايمان، و تحرّك المشاعر، فتزيد بالطاعات، و تضيّق مجالات الشرّ في المجتمعات، و تعطي المسلمين دروسا في الوحدانية الربانية و الإخاء ، والتضامن والصفاء، و البرّ و صلة الارحام، و الهناء والطّهر، و الخير والنقاء، والصبر في السرّاء والضرّاء، و الشجاعة والإباء، انها منهل عذب، وحمى أمين، و خصن حصين للطائعين، و فرصة لا تعوّض للمذنبين،بالاكثار من الطاعات و فضائل الاعمال، و محاسن الأفعال، و مكارم الخصال. إن مستقبل الإسلام في الغرب والشرق يشغل الكثيرً من الباحثين والمثقفين لان معرفة المستقبل  من الغيب الذي استأثر به الله، اوهذا البحث يقوم على أحاديث أخبر بها النبي (صلى الله عليه وسلم) عن انتشار الدين… إقباله وإدباره.([1]) ويشكّل المستقبل الذي ينتظر الإسلام في العالم، و التطورات الجارفة التي تجري في العالم اليوم، والتي يعتقد بأن من شأنها أن تبدل ما استقر في نفوس المسلمين من مفهوم وتأويل لدينهم، بعد أن كان التناغم والانسجام قائمين على المستويين النظري والتطبيقي، بعد أن كانت العلوم الإسلامية تكوِّن منظومة متكاملة يسند بعضها بعضاً وينبني كل فرع منها على النتائج المقولة في الفروع الأخرى. إن الحديث عن الأوضاع الاجتماعية والخلقية والفكرية للمسلمين، ورأى  البعض أنه لا مجال للاتفاق على ملامح المستقبل، وإن في خطوطها العريضة، أنه ما لم يتوفر قدر أدنى من الاتفاق على خصائص الماضي والحاضر. أن مستقبل الإسلام هو بأيدي المسلمين، وبقدر فهمهم و وعيهم بتحديات المرحلة الراهنة أن أوضاعاً خاصة تتحكم فيهم. ان البحوثً عديدة بين أيدينا مقتبسة من التفاسير للقرآن الكريم وقيمته، إذ ان هذا النص لا يقرأ قراءة مباشرة بقدر ما يقرأ عبر نصوصٍ تدوَّن تأويلاته وتوظيفاته التاريخية المتعددة، ويتجلى هذا التأويل بالخصوص في التفاسير القرآنية، ولئن ميّز القدماء بعد عصر الطبري بين التفسير والتأويل، وخصوصاً لما ظهر التأويل الشيعي الباطني والتأويل الصوفي الإشاري و كذلك التأويل الظاهري، فإن البحوث اللسانية الحديثة تؤكد أن كل نص، مهما بدا معناه واضحاً صريحاً، إنما يخضع فهمه لمواصفات اللغة الـتي كتـب بها، ولقواعدها، ولكنه يخضع كذلك عند قراءته لشخصية القارئ ولثقافته، مثلما يخضع للظروف التاريخية و الجغرافية التي تتم فيها القراءة. ولمواجهة هذه الإشكالية لمن يفسر الكلام بأن للنص القرآني معنى واحداً أوحد، و انطلاقاً من حقيقة أن القرآن صالح لكل زمان ومكان. وهو يعني أنه يخاطب المؤمنين كافة كل على حسب ثقافاته ومؤهلاته، وكذلك استقلال التفسير عن علم الكلام، أو أن يكون علم كلام جديد مستنبطاً منه لا محدداً لفهمه وتأويله، بما لا يسمح بتطبيق المناهج النقدية التاريخية على النص القرآني المنزل و المحفوظ في النص القرآني، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.  إذ لا مجال مستقبلاً لتفسير أية أو جزءاً من أية ويبني عليها من النتائج ما لا يستسيغه منطق النص والعلاقات الضرورية بين مختلف آياته. كثيرون في العالم يخشون من كل ما هو إسلامي، ويؤمنون بما طرحه «صموئيل هينغتون» وغيره من «صراع حضارات» بغض النظر عن عيوبهم، ويرى أن الأصولية تفيد أعداء الإسلام، وتلائم الصهيونيون، فبمجرد وصف المرء بأنه (إسلامي) ينحرف الانتباه عن دوافع سلوكه والظلم الهائل الواقع عليه والذي ربما الدافع لمقاومته بالقوة. ويؤكد «هوفمان» أن مستقبل الإسلام في الشرق سيتأثر بجملة أمور منها بالتربية العامة، ويقترح بهذا الخصوص تكييف التربية مع المعايير التعليمية الإجمالية، – التربية الإسلامية وهنا يدعو إلى أن العودة إلى تعليم الإسلام بوصفه طريقة شاملة للحياة، وحلقة روحية ميتافيزيقية ترتبط بالخالق بوصفه قادراً على حل إشكالات الفرد والإشكالات العالمية وحقوق الإنسان. إن العالم الإسلامي لن يقبل عالمياً ما دام أن هناك شكاً مسوّغاً بأن المسلمين لم يصلوا بعد إلى تفهم قضية حقوق الإنسان والتصالح معها و إعطاء المرأة حقها في المساهمة في المجتمع المنشود. فالقرآن يقر بحقوق متساوية للرجل والمرأة على صعيد الحياة الدنيا والحياة الآخرة، وبالكرامة ذاتها، والروحية نفسها، والطبيعة البشرية ذاتها، إنما المشكلة تكفي في رأيه في قراءة القرآن بمنظار رجال العصر الجاهلي. ويشير «هوفمان» إلى التحديات الكبرى التي تواجه مستقبل الإسلام في الغرب غير الإسلامي، وفي مقدمها ميل المسلمين إلى التجمع في إطارات قومية أو مذهبية، حيث يصعب أمام هذا التنوع الوصول إلى تمثيل عام للمسلمين، فشرك الأوطان، أي محافظة المسلمين على روابطهم بأوطانهم الأم، الأمر الذي يشكل عقبة أمام الاندماج المثمر في المجتمعات الغربية، وشرك الذاكرة، حيث يرتبط الوضع الفريد للإسلام في الغرب بالذاكرة التاريخية للحروب الإسلامية، المسيحية خلال العصور الوسطى الأمر الذي يكرّس الإسلامي تهديداً في ذاكرة الغربيين، وشرك التمثل/ الاندماج، فالمسلمون في الغرب يدافعون من أجل الاحتفاظ بخصائصهم لقناعتهم بأن المجتمع كله يجب أن ينتفع من مدخلات الإسلام إليه. ويعقد «هوفمان» مقارنة بين وضع ومستقبل الإسلام في أوروبا وأميركا، وقد بدا متفائلاً بوضع الإسلام في أميركا لأن أكثرية المسلمين من الطلبة الذين قدموا من البلدان العربية وشبه القارة الهندية، حيث يتمتع هؤلاء بفعالية تنظيمية وتأثير ثقافي وسياسي واضح، كما أن المسلمين الأميركيين ديناميكيون ومنظمون. أما في أوروبا فالوضع الراهن لا يدعو كثيراً إلى التفاؤل، لأن غالبية المسلمين هناك هم عمال غير مهرة يقيمون في مناطق ذات دخل منخفض ويعاملون كمواطنين من الطبقة الدنيا، ولهذا ينظر إلى الإسلام على أنه دين غير المثقفين، و هذا صحيحا الى حد الا انه نتيجة الاستعمار الذي كان من مهامه صناعة اجيال من الأميين و التابعين ثمّ تكوين اطارات مستغربين يقومون بالمهمة المناطة بعهدتهم بإبعادهم عن هويّتهم وثقافتهم . أن الإسلام كلما حقق مزيداً من النجاح في أوروبا، ازدادت العقبات التي تعترضه بسبب الخوف والقلق مثلً قضية الحجاب المثارة في أوروبا و هذا يرجع الى تقصير المسلمين في التعريف بالاس

مستقبل الإخوان المسلمين في مصر

   

أيمن شرف    قبل ثمانين عاما، وضع حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين مفهوم إقامة الدولة الإسلامية عبر عدة مراحل، كل مرحلة تقوم على سابقتها، وتبدأ بتشكيل الفرد المسلم، ثم تشكيل الأسرة المسلمة، وبعدهما المجتمع الإسلامي، وعندما ينضج المجتمع الإسلامي ويكون معدا لقبول رؤية الإسلام، يمكن البدء بتطبيق الإسلام والشريعة كطريقة حياة في الدولة والمجتمع من خلال القنوات السياسية، وهذا يعني التركيز على التنظيم والتجنيد والتعليم، وليس على العمل النشيط في السياسة. والسؤال هو عن التوقيت الذي يقرر فيه الإخوان أن الأوان قد حان للتحرك من التركيز على الدعوة والتحول إلى العمل والمشاركة بشكل كبير في السياسة، ومحاولة تطبيق المفاهيم الإسلامية في الدولة والمجتمع بالسيطرة على السلطة السياسية. فما هو مستقبل حركة الإخوان المسلمين الآن؟ السؤال يلح على عقول كثيرين منذ بروز الجماعة كقوة سياسية فاعلة على الساحة السياسية المصرية «العلنية» في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل عامين، وحصولهم على نسبة كبيرة من مقاعد مجلس الشعب، ثم ما تلا الانتخابات من حملات حكومية منظمة بالاعتقال والمحاكمات، بعد تلك الإنجازات الانتخابية، بدأت قيادات الإخوان تتساءل: ألسنا الآن في مرحلة يجب علينا فيها أن نتحرك لتطبيق رؤيتنا، لأن العديد من قطاعات المجتمع تتقبلها الآن؟ ألا يجب أن نصبح الآن حزبا سياسيا يسعى للسلطة؟ وهناك نقاش حول هذا السؤال: مثل هذا التحرك يتطلب من حركة الإخوان أن تستبدل شعاراتها العامة وصيغها المبهمة بمواقف محددة في شؤون السياسة العامة، مما يمكن أن يفقد الإخوان جانبا من تأييد الرأي العام لها، ويمكن أن تخاطر بدخول صراع مع السلطة الحاكمة، وتخسر ما حققته من خلال الدعوة، وتلحق أضرارا بهيكلها التنظيمي. ولكن، من ناحية أخرى، إلى متى يمكن أن تبقي على العمل الدعوي بدون محاولة لتطبيق رؤيتك في الواقع؟ يبدو أن وجهة النظر السائدة هي أن الظروف ليست ملائمة بالنسبة لحركة الإخوان لكي تجري هذا التغيير على أدائها، وأن تحاول الوصول إلى السلطة، ولذلك فإن القدرة على تحقيق التغيير محدودة. المثال على ذلك هو موقف الإخوان مما يسمى بـ «توريث السلطة»، فهناك أعضاء في الإخوان يقولون إن جماعة الإخوان لا يمكن أن تقبل انتقال السلطة من مبارك إلى ابنه جمال، لأن هذا ضد مبادئها، وإذا أيدت ذلك الانتقال أو وقفت على الحياد فستفقد مصداقيتها أمام الشارع المصري، ويقول آخرون إن انتقال السلطة إلى الابن سيتم بغض النظر عن موقف الإخوان، بالإضافة إلى أن الأمر لا يعنيها من الأساس، لأنها لن تنافس على الرئاسة في السنوات القادمة، لكونها غير مهيأة حتى الآن أو ليست في مرحلة الانتقال بالكامل إلى السياسة، لذلك يجب أن تحاول الحركة أن تستخدم احتياج الحكومة لحيادها لانتزاع تنازلات منها في قضايا تهمّ الإخوان، مثل قانون الطوارئ، وتغيير قانون الانتخابات، وإذا انتصرت هذه الرؤية الأخيرة، فإن الحركة تكون قد حققت تغييرا، ولكن هل ستنجح؟ مرة أخرى، يبدو أن وجهة النظر السائدة هي أن الإخوان ليسوا مستعدين لمحاولة السيطرة على السلطة أو الدخول في صراع مع نظام الحكم، ومعظم النشطاء والمنظّرين في الإخوان يعتقدون أنه ما زال عليهم أن يستثمروا فترة أطول في تهيئة المجتمع وفي نشر الدعوة. وأجندتهم يمكن أن تتأثر بالحالة الاقتصادية، فالاقتصاد بشكل عام يشهد نجاحا، وتوصيات صندوق النقد الدولي والحكومة الأميركية يتم تطبيقها، لكن على المستوى التفصيلي، هناك شعور بالتهميش والإحباط، ومن المتوقع أن يحدث انفجار للاحتجاجات الشعبية الهائلة في مصر، وإذا زادت حدة هذه الاحتجاجات يصبح الاختيار أمام الإخوان المسلمين إما أن يبقوا على الحياد ويطوروا الدعوة، أو أن ينحازوا للاحتجاجت الاجتماعية ويفعلوا شيئا مختلفا. تبقى احتمالات أخرى حول إمكان اتجاه الإخوان نحو التشدد أو الاعتدال.. الإخوان المسلمون يميلون عادة نحو التكيف قدر الإمكان من أجل توسيع دعوتهم العلنية، لكن إذا تطرف الأزهر، وتعرضت حركة الإخوان لانتقادات حادة من جانب المتشددين في التيار الإسلامي -مثل الجماعة الإسلامية والجهاد- على خلفية أنها معتدلة أكثر من اللازم، وتتعاون مع السلطة، فربما تضطر لتبني مواقف أكثر تشددا، وإذا لم تتحسن الأحوال الاقتصادية، وإذا واصلت المؤسسة الدينية تشددها، فإن الإخوان يمكن أن يصبحوا أكثر تشددا مما هم عليه الآن. والأرجح أن ينصب تركيز الإخوان على الانتخابات الرئاسية بعد القادمة، لكنهم في النهاية سيحاولون تغيير قواعد اللعبة لكي يمكنهم ترشيح مرشحهم أيضا، ويحاولون إلغاء قوانين الطوارئ، دون أن يستهدفوا النظام أو يدخلوا في اشتباك معه، خاصة أن النظام قد أظهر صلابة في التعامل معهم بتوجيه ضربات متتالية، أشدها محاصرتهم اقتصاديا والحكم بمصادرة شركات عدد كبير من قيادات الجماعة الذين يموّلون أنشطتها. أما مكمن الخطورة الحقيقي فهو إحساس الإخوان المسلمين بالثقة الشديدة.. لسنوات طويلة مضت انتهجت الحكومة سياسة تسمح للإخوان المسلمين بالعمل لكن خلف حدود معينة لا تتخطاها، وفرضت على الجماعة عددا من الخطوط الحمراء: ألا تهاجم مؤسسات الدولة، ولا تتحدى الحكومة علانية في الشارع، وكان هذا هو السبب في تردد الإخوان في الانضمام إلى التظاهرات، واضطروا للانضمام إلى تظاهرات حركة كفاية تحت إلحاح قواعدهم، إذ كان من الصعب عليهم أن يظلوا خارج المشهد بينما يتظاهر كل هؤلاء الناس، لكن الإخوان حذرون جدا في إثارة عداء الحكومة، وإذا حاولوا إحراز بعض النقاط في قضية التوريث، وإذا أحست الأجهزة الأمنية بأنهم سينزلون إلى الشوارع للتظاهر وحشد أنصارهم ضد التوريث، سيخاطر الإخوان بكل شيء، إذ يمكن أن يحدث تدخل عسكري إذا نظموا تظاهرات حاشدة، وعندئذ سيعود كل شيء إلى المربع رقم واحد، ولذلك يقول الإخوان: «إننا ضد التوريث» لكنهم لا يقولون «إننا ضد التوريث عبر الانتخابات»، ولذلك فإن التوريث عن طريق الانتخابات سيقلل من خطر حدوث احتجاجات شعبية هائلة. وهناك من يعتقد -وهو محق إلى حد ما- أن تقييم القوة الفعلية للإخوان المسلمين يتسم بقدر من المبالغة، صحيح أنهم يتمتعون بدرجة كبيرة من التقدير في الشارع المصري، لكن طالما أنهم ليسوا في الحكم فلن يستطيعوا زيادة جهودهم لـ «أسلمة الدولة»، ولأنهم لا يملكون تنظيما سريا مسلحا، فإن أملهم الوحيد ينحصر الآن في الاستيلاء على السلطة بالوسائل السياسية، ولن يحققوا ذلك لأنهم مرتبطون بالحكومة وبالقوانين، ولن يستطيعوا زيادة عددهم في البرلمان إلى مستوى معين طالما أنهم ليسوا حزبا رسميا، ومن الواضح أن الحكومة لن تتركهم يفعلون ذلك، وهم من جانبهم تعلموا درس المجموعات الإسلامية الأخرى، وسيتجنبون بأي ثمن أي اشتباك أو مواجهة مباشرة مع الحكومة، ولن يتجاوزا ذلك الخيار.   (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 9 سبتمبر  2008)

 

Home – Accueil الرئيسي

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.