الاثنين، 8 سبتمبر 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année,N°3030 du 08.09.2008
 archives : www.tunisnews.net 


حــرية و إنـصاف : استمرار المحاكمات السياسية و التمادي في هضم حقوق الدفاع

حــرية و إنـصاف : أخبار الحريات في تونس

البديـل عاجل: أوقفوا التتبع ضد مراسل قناة الحوار التونسي بقفصة

الوطن : حول ضرورة الفصل بين الحزب الحاكم ورئاسة الجمهورية

الوطن : في افتتاح السنة الدراسية 2008 – 2009 : ملفات تربوية هامّة تنتظر المعالجة العاجلة والجذرية

الوطن : في شركة الفولاذ : اضرار بالمصالح الحيويّة للشركة وضرب المقدرة الشرائيّة للمواطن

محمد الحمروني  : تجدد الحملة ضد المحجبات : دعوة للحكومة لـ «الانسلاخ» من العهود الدولية التي وقعت عليها

محمد ضيف الله : مركزية الدولة ومركز الزعيم من خير الدين إلى بورقيبة

الخيّاطي لإيلاف: تونس تتعامل مع المواطنين على أنهم مؤمنون

قدس برس : رايس أنهت زيارة تونس ومطالبة لها بالضغط لتحسين حقوق الإنسان

الصباح : أبعاد التعديل الوزاري وتعيين أمين عام جديد للحزب الحاكم : ابحثوا عن الشباب

الصباح : مفاوضات: مصدر مسؤول باتحاد الشغل : إغلاق ملف الزيادات في الأجور قبل منتصف أكتوبر  

الصباح : استهلاك: بدعوى «مقاومة التبذير وترشيد استعمال الماء» الصوناد «تنتقم» من المواطن بتسعيرة تصاعدية غريبة الأطوار…!

جمال المالكي : بسبب إعلانات الزواج والعمل : نساء خضن مغامرات مجهولة العواقب

سليم بوخذير: اعتبروا الكوميديا السعودية الأفضل عربيا طاش ما طاش يفتح شهية التونسيين لعيال القرية

الصباح : جريمة «مجانية» في المهدية : مقتل تقني بـ «تونيزيانا» على يدي صديق عمره من أجل 20 دينارا

الصباح : نابل: على طريقة الأفلام البوليسية : عاملة بمغازة تخطّط مـع «منقّبـة» مزيّفة للاستيلاء على أموال مؤجرها!

 رويترز : ثلاثة قتلى يوميا في تونس بسبب حوادث السير

المنجي السعيداني : حقائب التونسيين العائدين إلى الخارج  » هريسة نابل ومقروض القيروان وحنّة قابس.. لإرضاء الإغراءات »

مراد رقية:تقليعة جديدة للحكومة التونسية التصدق على الموظفين والعملة بأموالهم قبل حلول الموعد

مراد رقية : تقليعة جديدة للحكومة التونسية التصدق على الموظفين والعملة بأموالهم قبل حلول الموعد

 سامي يوسف  :  بين الدعاية الغبلزية و الوقائع : 9/11( الجزء الثاني)

عبدالعزيز آل محمود  : لماذا لا يغيّر الإسلاميون من أنفسهم؟

توفيق المديني : ليبيا ودوافع الانخراط في  الخيار الأميركي الجديد

مرزوق الحلبي : من «دولتين لشعبين» إلى «الدولة الواحدة لشعبين»!

صبحي حديدي : حدود الجسارة


 

(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم  وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 

 

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6-منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8-عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1-الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلو


أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني : liberte.equite@gmail.com    تونس في  8 رمضان 1429 الموافق ل 08/09/2008

استمرار المحاكمات السياسية و التمادي في هضم حقوق الدفاع

أحضر يوم الجمعة 5 سبتمبر 2008 السجين السياسي السيد ماهر عبد الحميد أمام الدائرة الجنائية الصيفية بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي عبد الرزاق بن منى لمقاضاته في القضية الاعتراضية على حكم غيابي يقضي بسجنه مدة ثلاث سنوات من أجل تهم لها علاقة بقانون 10ديسمبر 2003 الغير دستوري ، و قد ناب عن المعترض كل من الأستاذة إيمان الطريقي و الأستاذ سمير ديلو اللذين طلبا تأجيل النظر في القضية لجلسة قادمة حتى يقع تمكينهما من الاطلاع على ما وقع تحريره على المعترض من طرف رئيس الدائرة بمقتضى حكم تحضيري لكن رئيس الدائرة رفض مطلب تأجيل النظر و أصر على التمادي في النظر في القضية رغم احتجاج الأستاذة إيمان الطريقي التي حضرت أصالة عن نفسها و نيابة عن زميلها الأستاذ سمير ديلو ، فاضطرت حينها الأستاذة الطريقي لمغادرة القاعة و الاتصال برئيس فرع تونس للهيئة الوطنية للمحامين الذي أشار عليها بالتخلي عن النيابة لعدم إمكانية الترافع في قضية لم تطلع على جميع الوثائق المضافة للملف. و في غياب لسان الدفاع و في برهة من الزمن أتم رئيس الدائرة استنطاق المعترض و حجز القضية للمفاوضة و التصريح بالحكم رغم مطالبته من طرف أحد المحامين بترقب رجوع الأستاذة الطريقي.  فما كان من المحامية المذكورة إلا أن تقدمت بطلب في حل المفاوضة رفض رئيس الدائرة قبوله و إثر الجلسة أصدر حكمه في القضية بسجن المعترض مدة عامين اثنين مع خمس سنوات مراقبة إدارية و هو ما بعث جوا من الغضب و الاستياء داخل قاعة الجلسة.  و حرية و إنصاف 1)تعبر عن بالغ استنكارها للتمادي في انتهاك حقوق الدفاع في القضايا السياسية خاصة و أن الأحكام التي تصدر بشأنها هي عادة أحكاما بالسجن طويلة الأمد و أن القانون المنطبق بشأنها لا تتوفر فيه الضمانات التي يجب أن تتوفر في المحاكمات العادلة. 2)تطالب بوضع حد للمحاكمات السياسية و وقف العمل بالقانون عدد 75 المؤرخ في 10/12/2003 و المعروف بمساندة المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب و غسيل الأموال الذي أجمع كل الحقوقيين و الملاحظين في الداخل و الخارج بكونه غير دستوري و لا تتوفر فيه الضمانات الكافية للمحالين بمقتضاه. 3)    تطالب بالإفراج على جميع من وقعت محاكمتهم على أساس القانون المذكور و خصوصا الشاب ماهر عبد الحميد.  عن المكتب التنفيذي للمنظمة          الرئيس    الأستاذ محمد النوري

أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني  : liberte.equite@gmail.com    تونس في  8 رمضان 1429 الموافق ل 08/09/2008

أخبار الحريات في تونس

1)    محسن مقني في السجن: طلب المواطن التونسي السيد محسن مقني المقيم باللكسمبورغ من القنصلية التونسية التمديد في صلوحية جواز سفره فوقع تمكينه من جواز مؤقت للدخول إلى تونس ، و عند رجوعه إلى وطنه في 30 جويلية 2008 صحبة زوجته المغربية الجنسية و أبنائه الأربعة الحاملين للجنسية اللكسمبورغية سلمته شرطة المطار استدعاء للحضور بمقر وزارة الداخلية يوم 11 أوت 2008 و في ذلك التاريخ تم إعلامه بصدور حكم غيابي ضده يقضي بسجنه مدة عشرين سنة و تم إيداعه بالسجن ، و قد وقع تعيين القضية الاعتراضية للنظر فيها من قبل المحكمة العسكرية يوم 29 أكتوبر 2008. 2)محاكمات متكررة لأكرم الزلفاني و ترويع لعائلته: نتيجة الهرسلة المتواصلة من طرف البوليس السياسي تعيش عائلة السجين السياسي أكرم بن الصادق بن علي الزلفاني في حالة ذعر ، فقد وقع إيقاف السجين المذكور يوم 14 فيفري 2007 و تمت إحالته على حاكم التحقيق الرابع بالمحكمة الابتدائية بتونس تبعا للقضية المنشورة أمامه تحت عدد 8254 و الذي أحاله على دائرة الاتهام من أجل جريمة عدم إشعار السلطات المحلية في القضية عدد 78329/9 التي أحالته بتاريخ 2 جويلية 2008 على الدائرة الجنائية. و بالتوازي مع ذلك و من أجل نفس الأفعال وقعت إحالته على السيد حاكم التحقيق بالمكتب السادس الذي أحاله على دائرة الاتهام حيث رسمت القضية تحت عدد 78488/10 و أحالته على أنظار الدائرة الجنائية ، و كانت عائلة السجين السياسي السيد أكرم الزلفاني تنتظر صدور الحكم لكن ما راعها إلا أن أعوان البوليس السياسي يقدمون إلى منزلهم الكائن بنهج قصر هلال عدد 13 ببنعروس يوم السبت 30 أوت 2008 حوالي الساعة العاشرة صباحا يريدون مقابلة أكرم و عندما أعلمتهم زوجته السيدة منال الغرّي بأنه موجود بالسجن أخبروها بأنه تم إخراجه من السجن و أن المحكمة قضت في حقه بعدم سماع الدعوى و عند استفسارها محاميته و بعد التثبت اتضح أن عدد القضية و تاريخ الجلسة الذي تسلمته العائلة من أعوان البوليس السياسي الذين أتوا إلى المنزل هو عدد مزيف إذ يتعلق بقضية أخرى لا علاقة لزوجها بها. و قد وقع  تعيين جلسة لقضية جديدة ضد السجين السياسي السيد أكرم الزلفاني رسمت تحت عدد 16205 للنظر فيها من طرف الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس يوم الجمعة 12 سبتمبر 2008.  عن المكتب التنفيذي للمنظمة         الرئيس   الأستاذ محمد النوري

 

 أوقفوا التتبع ضد مراسل قناة الحوار التونسي بقفصة

 

عفاف بالناصر: يمر اليوم 5 سبتمبر 2008 شهران على فرض الاختفاء على مراسل قناة الحوار التونسي بقفصة الفاهم بوكدّوس على خلفية تغطيته المتميزة لانتفاضة الحوض المنجمي بالجنوب التونسي، وعقابا للقناة المذكورة على تجرؤها على كسر طوق التعتيم الإعلامي الذي حاولت السلطة فرضه على احتجاجات الآلاف من سكان المناجم بقفصة المطالبين بالتشغيل وسياسة تنموية عادلة. إن الزجّ بالفاهم بوكدوس في القضايا التي يحال عليها العشرات من كوادر الحركة الاجتماعية وناشطيها، يهدف إلى إبعاده عن مسرح الأحداث ومنعه من مواصلة عمله الصحفي الحر وحرمان أعداد كبيرة من المواطنين من مصدر إضافي للمعلومة عن أم الأحداث التي تعرفها بلادنا في العشريتين الأخيرتين، ولمزيد إخلاء الأوضاع للآلة الأمنية والقضائية للانفراد بضحايا الفقر والبطالة ومعاقبتهم على ما أبدوه طيلة أكثر من 6 أشهر من رفض للسياسات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والصحية الظالمة، وهو إرادة ما يمارس من فظاعات في حقهم والذي أعاد إلى السطح وبقوة ممارسة التعذيب الانتقامي وسياسة الإفلات من العقاب. إن حرمان مراسل قناة الحوار التونسي بقفصة من عائلته ومن حريته على خلفية عمله الصحفي يؤكد مرة أخرى تجريم العمل الصحفي المستقل في بلادنا، ويؤكد ضيق صدر السلطة بالهامش الضيق الذي فرضه مجموعة من الصحافيين من مختلف المؤسسات الصحفية، ومن شتى المشارب الفكرية، دفاعا عن رسالة نبيلة ترفض التضييق الاحتواء والمقايضة، وتتطلع إلى مناخ مواطني تُزهر وتُبدع فيه. إن استهداف الفاهم بوكدّوس هذه المرة يتعدى شخصه ويوجه رسالة تحذير وتهديد لكل الأصوات الصحفية الحرة كي تلتزم الصمت وتلتزم بصحافة على القياس تصفق وتطبل، وتلوذ بنفسها هروبا من المشاكل الجدّية التي يعيشها شعبها وبلادها، مما من شأنه أن يمثل دافعا إضافيا لتكتيل الجهود الإعلامية والحقوقية والسياسية للتصدي لهذه العقلية البائدة. ويمثل العمل على إيقاف التتبع ضد مراسل قناة الحوار التونسي بقفصة الفاهم بوكدّوس أحد المحاور الآنية في الدفاع عن الصحافة الحرّة في وجه التلجيم والتكميم. 5 سبتمبر 2008 عفاف بالناصر –  زوجة الفاهم بوكدّوس –  منسق اللجنة الجهوية للدفاع عن حملة الشهائد المعطلين عن العمل بقفصة. –  سجينة سياسية سابقة. –  عضو الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية. –  ناشطة نسائية. الهاتف: 0021623696300 البريد الإلكتروني: midouba_2004@yahoo.fr
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 8 سبتمبر 2008)

حول ضرورة الفصل بين الحزب الحاكم ورئاسة الجمهورية

 بقلم : محمــــــد لعـــــــــــراض  Laradh.mohamed@yahoo.fr  ما فتئت مؤسسة رئاسة الجمهورية تقوم بدورها الاجتماعي فكانت تدخلاتها المتنوعة في مختلف المناسبات داعمة بل متجاوزة لكثير من وهن تشكو منه المؤسسات المحسوبة على الدولة والتي من المفروض أن لا تفوتها شاردة ولا واردة في الانتباه إلى متطلبات العون الاجتماعي ومجالات حركتها بكل امتداداتها باعتبار هذه المؤسسات هي المسؤولة فعلا وبصورة مباشرة أمام المجتمع ومؤسساته وفي مقدمتها مؤسسة الرئاسة عن فعلها في الميدان.  في هذه السنة يتواصل التدخل الرئاسي كعادته في الإسناد الاجتماعي وهذا أمر ظاهر ولا غبار عليه إلا أن طريقة إخراجه من قبل المسؤولين في مختلف وسائل الإعلام  مثيرة لإبداء رأي مخالف أرجو أن يفهم هذا الرأي الفهم الصائب باعتبار صاحبه لا غاية له إلا المساهمة من موقعه في الدفع من اجل تأهيل الإدارة بما في ذلك إدارة الإعلام التي تمثل السلطة الرابعة باعتبار أهمية دورها وخطورته.  أخرج المشرفون على قسم الأخبار الوطنية في الإذاعتين المسموعة والمرئية بمختلف تسمياتها خبر الدعم الرئاسي لذوي الدخل المحدود والعائلات المعوزة بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم والعودة المدرسية كالتالي وأرجو أن أكون أمينا في نقله: »يعطي اليوم-29-08-2008- السيد الأمين العام التجمع الدستوري الديمقراطي إشارة انطلاق حملة توزيع المساعدات الرئاسية لمستحقيها « بالمناسبة المذكورة آنفا. لا ادري متى يزول هذا التداخل من أذهان المسؤولين الإعلاميين بين الحزب الحاكم والدولة فالدولة هي دولة الجميع في تونس ومن المفروض أن تتولى توزيع المعونات الرئاسية لمستحقيها في مختلف المناسبات مؤسسات الدولة الاجتماعية التي يعود إليها النظر في هذا المجال فإشارة الانطلاق في تنفيذ هذا الإسناد الرئاسي المألوف ينبغي أن تتولاه وزارة الشؤون الاجتماعية والصندوق الوطني للتضامن وكل المؤسسات الاجتماعية التي تدور في فلكها وهي المؤهلة لذلك حتى لا تنعت بأنها مترهلة أو صورية أو أنها مؤسسات اسمية تسحب منها مهامها من قبل الحزب الحاكم الذي يوظفها سياسيا لمصلحته فيظهر هذا الحزب بأنه هو الدولة وهو القائم بكل صغيرة وكبيرة وهو ولي النعمة وهو المتحكم في كل شيء وحذار من  مخالفته الرأي والتجرؤ على الانتماء لغيره من الأحزاب الوطنية التي تبقى لا حول ولا قوة لها وما هي إلا « ديكور »انتخابي يحتاج إليه كل خمس سنوات. إن صيغة نشر خبر انطلاق  توزيع المساعدات الرئاسية بمناسبة شهر رمضان الكريم والعودة المدرسية تبدو في رأيي غير صائبة بل ومسيئة لمشروع دولة المؤسسات التي طالما ينادي بتجسيدها وبنائها فعلا المسؤول الأول في أعلى هرم السلطة إذ أنها تشيع في ذهن السامع أن مؤسسة رئاسة الجمهورية هي التجمع الدستوري الديمقراطي وهو الحزب الحاكم وأن هذا الحزب الحاكم هو رئاسة الجمهورية و لا دور في هذا القطر لأي مؤسسة أخرى بما في ذلك وزارة الشؤون الاجتماعية والصندوق الوطني للتضامن وبقية الجمعيات الاجتماعية والسياسية التي ينبغي أن تكون رافدا للحزب الحاكم وفي خدمته يوظفها كيفما يشاء ومتى يشاء وهكذا تؤبد فكرة التلازم الأبدي في تونسنا بين الحزب الحاكم وأعلى هرم السلطة مما يزيد من تكريس عقلية الحزب الواحد الأوحد المتحكم في كل شيء ولا مجال لأي حديث عن فصل محتمل بين مؤسسات الدولة بما في ذلك مؤسسة رئاسة الجمهورية وبين الحزب الحاكم وهكذا أيضا يقع الالتفاف من قبل قوى الشد إلى الخلف على المشاريع الرئاسية التي تأمل في بناء متين لدولة المؤسسات والتعددية السياسية الفعلية لا الديكورية. إن من حق الحزب الحاكم أن يبني لنفسه مؤسسات متنوعة لإثبات جدارته بالسلطة ولكن ليس من حقه أن يوظف كل إمكانيات الدولة بحكم هيمنته عليها لمصلحته الحزبية فالدولة لجميع مكونات المجتمع والدولة هي الأعلى من مختلف هذه المكونات منظمات وأحزابا بما في ذلك التجمع الدستوري الديمقراطي والله ولي التوفيق.
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) بتاريخ 8 سبتمبر 2008)  

في افتتاح السنة الدراسية 2008 – 2009 : ملفات تربوية هامّة تنتظر المعالجة العاجلة والجذرية

كمال الساكري لا يشك اثنان في أهمية قطاع التربية والتعليم باعتباره قطاعا استراتيجيا يبني الأجيال ويعدها للمستقبل لتحقيق التقدم والترقي تجاوزا لكل الصعاب والعراقيل. ومن الطبيعي أن يستبشر عموم التونسيين لتغير وزرات التربية والثقافة والشباب والفلاحة والشغل لكونها وزارات استثمار العقول والثروات الكامنة بالبلاد قصد استغلالها وإخراج ثمراتها إلى العيان للاستفادة منها. وإن أساس كل استثمار وبناء للمستقبل هو التعليم. هذا التعليم الذي عرف تراجعا هذه السنوات الأخيرة وهي الفترة التي اقترنت بالوزير الأسبق. وكلنا يعلم ما باتت تعانيه الأسرة التونسية من ضيق وقلق على مصير أبنائها بسبب تعقد التعليم بالمدرسة وتراجع مستواه وكثافة برامجه وبطالة أغلب متخرجيه وإذا أردنا أن نركز حديثنا في نقاط الضعف التي باتت تشكوها منظومتنا التربوية فإننا نحصرها في ثلاث نقاط كبرى: 1 – الهوية وتضعضع اللغة العربية: لئن صالحت التربية النشء مع هويته الوطنية والحضارية فنص الفصل الثالث من القانون التوجيهي على إن التربية « تهدف الى تنشئة التلاميذ على الوفاء لتونس والولاء لها وعلى حب الوطن والاعتزاز به وترسيخ الوعي بالهوية الوطنية فيهم وتنمية الشعور لديهم بالانتماء الحضاري في أبعاده الوطنية والمغاربية والعربية والإسلامية والإفريقية والمتوسطية ». فان التطبيق قصر عن الهدف وابتعد عنه في عدة مستويات: أ – في مستوى مادة العربية: إذا استثنينا عدد ساعات العربية في الأساسي فان حظ العربية من الدرس هدفا ووسيلة يتضاءل في الثانوي ليصبح الثلث مقابل الثلثين الممنوحين للفرنسية والانجليزية أما في البكالوريا فان حظ العربية بلغ تدنيا ملحوظا فلئن حافظ على 5 ساعات في شعبة الآداب فانه تراجع إلى ساعة واحدة في شعب العلوم مقابل 9 ساعات للغات الأجنبية. ب – في مستوى العلوم: سارت العربية باعتبارها مادة تدريس للعلوم سيرة عرجاء فلئن كانت العربية هي لغة المواد العلمية في الأساسي فإنها سلخت في المرحلة الإعدادية وأجبرت على التعايش مع الرموز الرياضية اللاتينية وبعد سلخها وتغريبها وقع التخلي عنها في المرحلة الثانوية. ج- في مستوى المضمون: تستمد العربية مادتها وبلاغتها بل عبقريتها من الأشعار والأخبار والأقوال والقرآن والحديث. ولئن راعت البرامج العربية هذه المكونات غالبا فإنها أهملت شيئا فشيئا مادة التفكير الإسلامي وتقلصت ساعات تدريسها بل ألغيت في مستوى الثالثة ثانوي بشعب الاقتصاد والتصرف والإعلامية والتقنية ونحن نتساءل عن سر حرمان تلامذة هذه الشعب من التفكير الإسلامي. ذلك التفكير الذي سيربي أجيالا متأصلة في هويتها عارفة بدينها متميزة بالعقلانية بعيدة عن التحجر والتطرف أو الميوعة والانحراف في عالم معولم خاصيته الثقافية الكبرى القضاء على الخصوصيات القومية واقتلاعها من جذورها فيما يعرف بمصطلح « اللاتوطين » أي « فقدان العلاقة الطبيعة بين الثقافة والأقاليم الجغرافية والاجتماعية ». وأحسب أن في هذه الأمثلة القدر الكافي على إضعاف اللغة الأم وإضعاف الشخصية الوطنية والقومية فتجعلها منذ بدايته لا تدري إلى أي حضارة تنتمي فتخبط خبط عشواء وهو حال الغالبية العظمى لتلامذتنا اليوم ! بل إن مستوى تلامذتنا في اللغة ضعيف جذا أصبح ينذر بكارثة والدليل على ذلك ما بات يعانيه المعلمون والأساتذة إزاء أمية التلاميذ في الكتابة والجهل بالتعبير في لغتنا العربية. لذلك كله وغيره من الأمور الأخرى التفصيلية ذات الصلة أصبح ضروريا فتح ملف تعريب التعليم ومعالجته بما يضع حذا للتردد والتراجع في هذا الموضوع. وأمام هذا التراجع النوعي في التكوين فقد التوجيه المدرسي والجامعي دوره إذ لم يعد أغلب التلاميذ قابلين للتوجيه inorientable فمستوى أغلب التلاميذ لا يؤهلهم لا للآداب ولا للعلوم ولا للاقتصاد أو التكنولوجيا… كما شكل تراجع الوزارة عن برنامجها الطموح في تفريع الشعب من 9 إلى 6 ضربة قاضية للتوجيه ولذلك لم يجد السيد الوزير الأسبق حرجا في تجميد الإطارات العليا المختصة في التوجيه والمسماة -غبنا- مرشدي إعلام وتوجيه وإيكال مهامهم إلى أطراف إدارية وبيداغوجية لا صلة لها بالتوجيه وعلومه وآلياته وأدواته…  وهكذا أصبح التوجيه المدرسي والجامعي مجرد ملء خانات ولا صلة لرغبات التلميذ واقتداراته وصعوباته في التوجيه… 2- غياب الجودة في التعليم: بالرغم ممّا يرفع من شعار نجاح تعليمنا في مستوى الجودة فإن واقع الحال مخالف تماما لهذا الشعار إذ كيف نتحدث عن جودة التعليم وتلامذتنا يعانون من عجز في ثلاث اقتدارات. -إن أغلب تلامذتنا ضعاف في الكتابة وهذا ينسحب على جميع اللغات ويكفي أن نتأمل تحارير التلامذة من الأساسي إلى الثانوي بل إلى العالي لنكتشف وبيسر دون دراسات معمقة لا بحوث أن أغلب تلامذتنا عاجزون عن الكتابة السليمة وعاجزون عن التعبير الشفوي والكتابي في كافة اللغات وعاجزون عن الحساب وآلياته… فكيف نتحدث عن الجودة في التعليم وأغلب تلامذتنا شبه أميين !!! وهذه الوضعية الكارثية دفعت الأولياء إلى البحث عن حلول وسلوك استراتيجيات فردية فاتجهوا نحو المدارس الخاصة ذات المستوى التعليمي والبيداغوجي الرفيع أو التجأوا إلى الساعات الخصوصية. ونحن هنا نتساءل ما الذي يلجئ الولي إلى مثل هذه الحلول لو قامت المؤسسة التربوية بدورها المناط بعهدتها على أحسن وجه؟ إن غياب التكوين الجيد وتكثيف البرامج وتشتيت أذهان الناشئة وغياب تقييم موضوعي وطني في المرحلة الأساسية كلها عوامل تفسر تدني التعليم وتراجع المستويات. حتى امتحان الرابعة « الكاتيريام » لم يكن حلا جذريا وإنما إضافة رقمية للتقييم لا نوعيه. ولقد زاد الطين بلة اعتماد وزارتنا بيداغوجيا الكفايات المرهقة للمربي والتلميذ على حد سواء والمغلبة للكم على الكيف والحفظ على التفكير ويتجلى ذلك بالخصوص في تحجيم ساعات الفلسفة والحط من قيمتها وهو ما يفسر تراجع مساحة العقل في التعليم. 3- وضعية المربي: لا شك في أن أحد أعمدة النظام التربوي وركيزته الأساسية المربي وكلما كان دوره مثمنا ووضعه المادي محترما وقانونه الأساسي واضحا مستقرا ضمنا نجاح العملية التربوية. وإذا ما رجعنا إلى واقع الحال سجلنا نقائص عديدة يشكو منها المربي في مستوى غياب القانون الأساسي الذي يحدد الحقوق والواجبات بدقة وضعف تشريك المربي في الشأن التربوي وتراجع وضعه المادي مما أجبر الكثيرين إلى اللجوء إلى الساعات الخصوصية. لذلك المطلوب اليوم إعادة الاعتبار للمربي ماديا ومعنويا حتى ينهض بمهمته على أحسن ما يرام وتاريخيا لم يكن المربي جشعا ولا أنانيا ولا ساعيا إلى الثراء بل كان دوما رمزا للتضحية والبذل ويكفي أن نعيد له الاعتبار حتى نرى الإضافة التي يمكن أن يقدمها. ذلك المربي التونسي الذي بات مضرب الأمثال في المحيط العربي والدولي. ولقد كانت ميزة المربي التونسي أنه مناضل قبل أن يكون موظفا. سيدي الوزير الكل من مربين وأولياء وتلاميذ وإطار تربوي يتطلع إلى عهدكم متأملا فتح الملفات الحقيقية ومعالجتها معالجة جذرية. فلا تقدم ولا نهوض بدون مدرسة وطنية وعصرية وتعليم ديمقراطي !
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد  بتاريخ 8 سبتمبر 2008)

في شركة الفولاذ   اضرار بالمصالح الحيويّة للشركة وضرب المقدرة الشرائيّة للمواطن

  تونس/الوطن   كنا نشرنا قبل أسابيع مقتطفات من دراسة أعدتها النقابة الأساسية لنقابة الفولاذ حول  قطاع الحديد في تونس وخاصة دور شركة الفولاذ في الأزمة التي يعرفها هذا القطاع . وقد اتصل بنا عدد من تجار الحديد وأكدوا « صحة المعطيات التي قدمتها النقابة والاستنتاجات التي وصلت إليها  » . وأشاروا إلى الأزمة التي يعرفها القطاع في ظل ارتفاع أسعار هذه المادة على الصعيد العالمي . وقال عدد من التجار إنهم اضطروا لغلق نقاط بيعهم لهذه المادة ..إلى جانب هيمنة السوق السوداء وسيطرتها على أغلب مسالك التوزيع ..والمتضرر الأول في هذه العملية هو المواطن العادي الذي أصبح يجد صعوبة في التزود بهذه المادة وان وجدها فبأسعار مرتفعة .. وقد طلب عدد م ن هؤلاء التجار نشر هذه الدراسة لتتمكن السلط المعنية من الوقوف عند خطورة  الملف.   ويذكر أن هذه الدراسة أعدها الكاتب العام للنقابة الأساسيّة لشركة الفولاذ فـؤاد زيّـود       
في سابقة خطيرة لا مبرّر لها، قرّرت الإدارة العامّة الحاليّة للشركة التونسية لصناعة الحديد «الفولاذ» تخفيض إنتاج الأسلاك المسحوبة بمختلف أنواعها بنسبة 50 بالمائة. ولم تكتف بذلك وحسب وإنّما أقرّت أيضا الزيادة في أسعار البيع من 30 إلى 60 بالمائة. إنّ هذه القرارات الخاطئة ستؤدّي حتما إلى الهروب من السوق المحليّة بطريقة مكشوفة ستفسح المجال أما الشركات المنافسة التابعة للقطاع الخاص للتحكّم في السوق المحليّة كيفما شاءت، وذلك بهدف جني أرباح جنونيّة من شأنها أن تثقل كاهل المواطن التونسي بأعباء جديدة لا يقدر على تحمّلها… أمام التطوّرات الحاصلة في القطاع كان على الإدارة العامّة لشركة «الفولاذ» ألاّ تتخّلى بمثل هذه السهولة عن القيام بالدور التعديليّ الذي كانت تضطلع به الشركة للتخفيف من حدّة تلك الأعباء والمضاربات مع الحفاظ على توازناتها الماليّة. كما لم يكن من الحكمة أن يتمّ إقرار تخفيض الإنتاج بل على العكس المحافظة على نسق الإنتاج للسداسية الأولى للسنة الجارية. أمّا بالنسبة إلى الزيادة في أسعار بيع الأسلاك المسحوبة في السوق المحلية، فقد اعتمدتها الإدارة العامّة لشركة الفولاذ على أساس السعر العالمي للأسلاك الخامّة خلال شهر جوان الماضي البالغ نحو1320 دولار للطن الواحد، في حين أنّ كميّة الأسلاك الخامّة التي استوردتها الشركة خلال الفترة نفسها لم يتجاوز سعرها 867 دولار للطن. وكان على الشركة الزيادة في أسعار البيع على أساس هذا السعر ممّا يتيح لها الحفاظ على مكانتها في السوق وعدم خسارة حرفائها الأوفياء والمحافظة قدر الإمكان على القدرة الشرائية للمواطن… كما كان على الشركة تأجيل مراجعة تلك الأسعار إلى شهر سبتمبر 2008 عند قرب نفاد الكميّة التي تمّ توريدها في شهر جوان الماضي بالسعر السابق ذكره، لاسيّما أنّ ذلك لن يُسبّب لها أيّ خسارة بل سيحقّق لها الأرباح نفسها المقرّرة سابقا فضلا عن المحافظة على سمعتها لدى الحرفاء وسائر المتعاملين معها وخاصّة الشركات الكبرى المتعاقدة معها. الرهان على الخسائر!! بسبب الزيادة المشطة الأخيرة التي أقرّتها الإدارة العامّة لشركة الفولاذ في أسعار بيع الأسلاك المسحوبة، أخذت خسائر الشركة في التراكم: وقبل الأرقام فإنّ أولى تلك الخسائر تتمثل في فقدان القدرة التنافسية لأسعار منتجات شركة الفولاذ من الأسلاك المسحوبة في السوق المحليّة. فقد انقلبت الموازين في هذا المضمار وأضحت أسعار الأسلاك المسحوبة التي تبيعها الفولاذ أرفع بكثير من أسعار شركات تونسية خاصة تبيع منتجات مماثلة، ولنا ما يُؤيّد ذلك. ولا ريب أنّ هذه النتيجة لم تأت بمحض الصدفة وإنّما أُريد لها أن تكون كذلك، والهدف واضح لكلّ المطلعين وهو تحديدا الإضرار بمصالح شركة الفولاذ وتكبيدها خسائر جمّة وعجزا متواصلا.. لفائدة من؟ والجواب واضح إنّ تلك الممارسات ستسدي خدمات جليلة لشركات تابعة للقطاع الخاص سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وللأسف، فإنّ الانعكاسات الكارثية لهذه «المراهنة على تحقيق الخسائر» التي ما فتئت تعتمدها الإدارة العامّة لشركة الفولاذ لم تنتظر طويلا حتى بدأت غمائمها في الظهور . فقد أكّد بعض الحرفاء الأوفياء للشركة اعتزامهم التوقف عن التعامل مع الفولاذ واقتناء منتجاتها بسبب الزيادات المجحفة وغير المنطقية التي أقرّتها مؤخرا الإدارة العامة للشركة في أسعار الأسلاك المسحوبة. فهل هذا ما يُراد الوصول إليه؟ أمّا بالنسبة إلى قرار الإدارة العامة للشركة بخفض إنتاج الأسلاك المسحوبة بنسبة النصف، فإنّه سيؤدي إلى تراجع مستوى الإنتاج خلال السداسي الثاني من السنة الجارية إلى نحو3500 طن عوضا عن 7000 طن، أي أنّ إنتاج الشركة خلال عام 2008 سيتقلّص من 14 ألف طن إلى 10.5 ألف طن. ولا شكّ أنّ خسائر هذا التصرّف (…) ستكون متعدّدة ومن أهمّها ما يلي: – عجز الشركة عن توفير أسلاك ربط العلف للسوق المحليّة بالكمية المطلوبة. – عجزها عن توفير الأسلاك الملدنة للسوق المحلية بالكمية المطلوبة، علما أنّ هذه النوعية من الأسلاك تُعدّ ضروريّة وأكيدة لقطاع البناء، فضلا عن العجز عن تلبية طلبات الحرفاء من الأسلاك الساطعة والمجلفنة (fil galvanisé). – ضياع قسط الشركة في السوق المحليّة من الأنواع الأخرى للأسلاك المسحوبة. –  تضاؤل كبير جدّا في حظوظ الشركة في الفوز بمناقصة شركة القنوات (3500 طن في السنة). وحتى في حالة الفوز بهذه الصفقة فإنّ خفض الإنتاج سيجعل الفولاذ غير قادرة على تلبية متطلبات شركة القنوات نظرا إلى ارتفاع الكلفة بسبب تدنّي مستوى الإنتاج العام لهذا القطاع . ومن ثمّة، ستكون الأبواب مُشرعة أمام إحدى شركات القطاع الخاص للفوز بهذه الصفقة الهامّة. فأيُّ أصابع هذه يمكنها أن تقف وراء هذا (…)الضرر المعلن لمصالح شركة الفولاذ وديمومتها؟ وبحساب مستويات الركود في الإنتاج والبيع ستؤدي هذه انعكاسات إلى تسجيل خسائر في السداسية الثانية تقارب 1.1 مليون دينار متأتية من الأعباء القارّة، فضلا عن خسارة أرباح منتظرة (manque à gagner) لصفقة شركة القنوات تقدّر بنحو300 ألف دينار تونسي. وبالفعل فقد ظهرت أولى هذه المؤشرات بشكل ملموس هذه الأيّام، إذ عوقبت شركة الفولاذ من قبل حرفائها الأوفياء بشكل فوري تجسّم في حصيلة أكثر من هزيلة بل تقارب الصفر في حجم مبيعات الشركة من الأسلاك خلال النصف الأوّل من شهر جويلية الجاري (إذا لم نحتسب ما بيع لشركة القنوات في نطاق عقد يربطها بالشركة سلفا)، في حين أنّ «الفولاذ» كانت قد باعت حوالي 900 طن من الأسلاك المسحوبة خلال شهر جوان الماضي. خيارات خاسرة. منذ سنوات وتفاعلا مع المشروع الرئاسي لإعادة تأهيل شركة الفولاذ، ضحّى عملة الشركة بالغالي والنفيس… ومن أجل الصالح العام وتأمين مستقبل واعد لهذه الشركة الكبرى وذلك بالنظر إلى دورها التنموي والاجتماعي الهام في مدينة منزل بورقيبة خصوصا والجهة والبلاد بأسرها عموما تمّ التخلّي عن خدمات ألف (1000) عامل.. أمّا اليوم فإنّ الألف الباقية تواجه مصيرا مجهولا أمام سوء تصرّف إدارتها العامّة وسعيها الدؤوب إلى التراجع عن المكاسب المختلفة للشركة في الوقت الذي بوسعها المحافظة على توازناتها المالية بل وتحقيق نتائج مميّزة تتيح للفولاذ تزويد السوق المحلية بما تحتاجه من منتجات وتعديل التوازنات العامّة للقطاع بأسره أمام الجشع المتزايد للقطاع الخاص… والجدير بالذكر أنّه خلال الاجتماع الأخير للجنة الطرد، تمّ الإقرار بأنّ حاجيات شركة الفولاذ من الموارد البشرية تبلغ نحو1020 عاملا في مختلف الاختصاصات والأصناف. والواقع أنه لا يعمل حاليا بالشركة سوى 1003 عمّال. وعلى هذا الأساس كان على الإدارة العامّة للشركة أن تحيط وزارة الإشراف (وزارة الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسّطة) بضرورة تعويض هذا النقص وسدّ الشغور الحاصل في قطاع الأسلاك وذلك بانتداب 12 عامل سحب. وهو رقم لا يصل بالعدد الإجمالي لعمّال الشركة حتى إلى ما هو متفق عليه خلال اجتماع لجنة الطرد، ولكن في المقابل سيتيح لقطاع الأسلاك المسحوبة -إذا ما تمّ اعتماده- العمل بكامل طاقته الإنتاجية بل وبإمكانه أن ينتج أكثر ممّا نحتاج إليه وتجاوز حالة العجز التي أوقعته فيه الإدارة العامّة التي غابت عنها -في هذا الخصوص- قواعد التصرّف الرشيد. وفي الوقت الذي تبدوفيه الشركة في أمسّ الحاجة لعدد من العمال بالساعد في قطاع الأسلاك المسحوبة -كما أسلفنا الذكر- فإنّ الإدارة العامّة للشركة تُوغل في خياراتها الخاطئة وتُعلن حاجتها، على خلاف ما تحتاج فعلا، لعشرين عاملا بين إطارات وفنيين سامين. فبشأن برنامج انتدابات الشركة بعنوان سنة 2008 صادقت وزارة الإشراف على مقترحات الشركة بهذا الشأن، ومبدئيا يُعدّ ترخيص الوزارة لبرنامج انتدابات الشركة مكسبا باعتباره يُكرّس سياسة رئيس الدولة الداعمة لتشغيل الإطارات. كما أنّ الإدارة العامّة للشركة ستضطرّ هذه المرّة لتطبيق التعليمات في الالتزام بالشفافيّة في الانتداب، غير أنّها للأسف قد غالطت الوزارة في التغافل عن عدم المطالبة بانتداب من تحتاج إليهم فعلا وفوريّا لأنّ الشركة تحتاج اليوم بالأساس لا لإطارات يُشرفون على سير العمل وإنّما ليد عاملة ولسواعد قادرة على الشغل والإنتاج المباشر وخاصّة في قطاع الأسلاك المسحوبة. وفي هذا النطاق أيضا تبرز العديد من نقاط الاستفهام دون أن تحظى بإجابات منطقيّة.. تراجع عن المكاسب في نطاق المشروع الرئاسي لإعادة تأهيل شركة الفولاذ، يأتي القرار الهامّ الخاص بتعليق تصدير الخردة. هذا الخيار الاستراتيجي الرامي إلى الحفاظ على توازنات الشركة وقطاع حديد البناء في السوق المحليّة ككلّ تمّ التراجع عن العمل به تحت مظلّة وزارة الإشراف وحمايتها، وذلك في خطوة لا يمكن إلاّ أن تضرّ بالمصالح الحيويّة لشركة الفولاذ والقطاع برمّته. والملفت للانتباه أن خرق هذا القرار أضحى اليوم مقنّنا، فقد أعلنت وزارة الصناعة مؤخرا عن الترفيع في الأداءات الموظفة على تصدير الخردة، بل وقد ظهر ذلك على أعمدة بعض الصحف. وجاء هذا الخرق في ثوب مقنّع يُوحي لغير العارفين بأنّ الوزارة تسعى إلى حماية القطاع والحدّ من نزيف تصدير الخردة التي سنضطر إلى إعادة توريدها لاحقا بأسعار أرفع بكثير. والمتأمّل في هذا الإجراء يلاحظ بيُسر أنّه أخطر من ذلك بكثير، فهوبمثابة ضوء أخضر رسمي للقطاع الخاص للاستمرار في تصدير الخردة، ومن شأنه أن يشجّع الخواص على تعميق هذا النزيف بهدف تحقيق أرباح ماليّة طائلة وسهلة على حساب مصالح شركة الفولاذ التي لن تجد ما يحتاجه فرنها الكهربائي من خردة لتوفير الكميّات المطلوبة من الإنتاج والاضطرار إلى توريدها بأسعار تفوق ثلاثة أضعاف ونصف أسعار ما تُباع به في السوق المحليّة. وبعمليّة حسابيّة بسيطة نكتشف أنّ الشركة الخاصّة المسموح لها بتصدير الخردة ستجني أرباحا تُقدّر بـ 320 دينارا للطن الواحد من الخردة الثقيلة رغم الترفيع في الأداء من 90 إلى 270 دينارا، ذلك أنّ سعر شراء الخردة في السوق المحلية من قبل المنافسين لشركة الفولاذ يبلغ 260 دينارا للطن. وإذا أضفنا لهذا المبلغ قيمة الأداء البالغة  270 دينارا للطن و50 دينارا لمصاريف الشحن والنقل، فإن كلفة الطن الواحد من الخردة التي تقوم الشركة الخاصّة بتصديرها لا تتعدّى 580 دينارا للطن في حين يبلغ السعر العالمي للخردة حوالي 760 دولارا أي ما يعادل 900 دينار تونسي.  وهكذا إذن تتضح الأهداف التي لا تسعى سوى إلى تضخيم أرباح القطاع الخاص على حساب مصالح شركة الفولاذ، ومن ورائها الإضرار بالمصلحة العامّة، إذ سيؤدي هذا التراجع عن التوجه الرئاسي في تعليق تصدير الخردة إلى رفع كلفة الإنتاج، ممّا سيضطر شركة الفولاذ إلى الزيادة في أسعار الحديد بشكل لم يعد يحتمله لا المواطن ولا شركات المقاولات.. لاسيّما أنّ الأمر أضحى مرشحا للتطوّر كلّما ارتفعت الأسعار في السوق العالمية. ومن المنتظر أن تؤدّي النتائج السلبية الأولى لتراجع الوزارة عن مثل هذا القرار الاستراتيجي إلى محاولة إفشال المشروع الرئاسي المتعلق بتركيز الفرن الكهربائي الثاني بشركة الفولاذ الذي يُفترض أن يدخل طور الإنتاج بداية من شهر أكتوبر 2008  وأمام هذا التوجّه غير المحسوب يبقى الحلّ واضحا للعيان، فلماذا تنقض الوزارة ما اتفقت عليه سابقا بشأن تعليق تصدير الخردة. الفولاذ .. إلى أين..؟ إنّ مصلحة شركة الفولاذ من مصلحة عمّالها، فهؤلاء ممّن أفنوا أعمارهم في خدمتها لن يدّخروا جهدا لإنقاذها ممّا يُضمر لها من مكائد. إنّ عمّالها الألف وعائلاتهم مصرّون اليوم على الدفاع على استمراريّة عطاء شركة «الفولاذ» في وجه من يعمل سرّا وعلنا على تكبيدها أكبر الخسائر تمهيدا للتفويت فيها ونسف وجودها من أساسه. إنّ ذلك يمرّ بالضرورة عبر الحفاظ على القدرة التنافسيّة للشركة في السوق إزاء الشركات الخاصّة التي تتنصّل من مسؤوليّاتها الوطنيّة ولا تأخذ بعين الاعتبار سوى جني الأرباح الطائلة على حساب التوازنات العامّة للقطاع وعلى حساب القدرة الشرائية للمواطن التي تضرب بها هذه الشركات عرض الحائط. وهي دون شك مستفيدة من تواطئ بعض مسؤولي الشركات العموميّة وغير عابئة بالتوصيات الرئاسيّة المطالبة قبل كلّ شيء بالمحافظة على مكتسبات الشركة ودعمها حمايةً لهذا القطاع الحيوي وأخذا بدوره الطلائعي في مسيرة البناء والتعمير وحفاظا على المقدرة الشرائيّة للمواطن وترسيخا لقواعد المنافسة الشريفة.
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد  بتاريخ 8 سبتمبر 2008)


تجدد الحملة ضد المحجبات تونس: دعوة للحكومة لـ «الانسلاخ» من العهود الدولية التي وقعت عليها

تونس – محمد الحمروني  دانت لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس بشدة «الاستهداف الممنهج الذي تتعرض له المحجبات في تونس». ودعت اللجنة أصحاب الشأن إلى الكف عن «الانتقاص من حرية النساء المحجبات والتخلي عن وسائل الإكراه والتخويف والضغوط التي تمارس عليهن لإقصائهن من الحياة العامة، وابتزازهن في حقهن في التعليم مقابل التخلي عن لباسهن الذي اخترنه عن قناعة، ويراد من خلال تلك الوسائل تغيير قناعتهن بالإكراه». وناشدت اللجنة في بيان حصلت «العرب» على نسخة منه كل المنظمات والهيئات والشخصيات الحقوقية، والدعاة والعلماء للوقوف بحزم، في وجه الحملة التي عادت السلطات التونسية لشنها ضد المحجبات من النساء والفتيات وخاصة طالبات العلم منهن. ودعت إلى الوقوف أمام ما وصفته بــ «إدمان السلطات التونسية استضعاف النساء المحجبات وترويعهن، وتسخير هياكل الدولة ومؤسساتها العمومية لتكريس التمييز والغبن والتخويف بحقهن». وجاء بيان اللجنة على خلفية الحملة التي يقودها مديرو المعاهد والجامعات تزامنا مع العودة المدرسية. وقالت اللجنة في بيانها إن «الكاتب العام للمدرسة العليا للتكنولوجيا والإعلامية بمنطقة الشرقية بالعاصمة تونس، المدعو محمود العويني، عمد إلى منع كل الطالبات المحجبات من دخول الكلية من أجل الترسيم، مما اضطر الكثير منهن إلى التراجع عن القيام بالترسيم للسنة الجامعية الحالية». واعتبرت اللجنة الحادثة دليلا جديدا، على عزم السلطة شن حملة ضد الطالبات المحجبات، الأمر الذي أصبح عادة تتجدد مع بداية كل سنة دراسية جديدة». من جانبه دان زهير مخلوف الكاتب العام لمنظمة «حرية وإنصاف للدفاع عن حقوق الإنسان في تونس» الحملة التي عادت السلطة لشنها ضد المحجبات، مستغربا تعمد السلطة شن هذه الحملة بالتزامن مع شهر رمضان المعظم. واعتبر مخلوف أن هذا التزامن بين الحملة وبداية شهر رمضان دليل جديد على أن «هذه السلطة لا تقيم أي اعتبار للشهر الكريم ولا لما يمثله من قيم الرحمة والعطف». وشدد مخلوف على أن النظام القائم في تونس نظام علماني متطرف تهيمن عليه مجموعة تؤمن بضرورة استئصال الظاهرة الإسلامية من تونس، وهي تتكون من لفيف من قدماء حزب الدستور (الحزب الحاكم) ومجموعة من اليسار المتطرف الذي تدعّمَ وجوده مؤخرا في السلطة بتعيين سمير العبيدي -الوجه اليساري المعروف بتطرفه ضد الإسلاميين- وزيرا للثقافة». وفي سياق منفصل علمت «العرب» أن الدوائر القضائية بتونس العاصمة قضت اليوم بالسجن شهرين مع النفاذ بحقّ الناشط السياسي والحقوقي محمد الهادي بن سعيد. ورفضت المحكمة برئاسة القاضي فوزي الجبالي الاستجابة لطلب المتهم والمتمثل في الاستماع لشهادة الشاهد الوحيد في هذه القضية وهو ما دفع لسان المحامين إلى الانسحاب من الجلسة». ونفى بن سعيد التهمة الموجهة إليه وهي عدم الامتثال لإشارة أحد أعوان المرور بالتوقف معتبرا أن مقاضاته تأتي على خلفية سياسية، ومعاقبة له على مشاركته في أغسطس الماضي مع مجموعة من النشطاء السياسيين من مدينة بنزرت (60 كم شمال) في تنظيم مظاهرة إحياء لعيد الجمهورية. وتعليقا على هذا الحكم قال الكاتب العام لحرية وإنصاف: «هذا دليل جديد على تمادي النظام التونسي في غطرسته وعدم مبالاته بالحقوق والحريات». ودعا الناشط التونسي الحكومة التونسية إلى «الانسلاخ من كل المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها لأنها ببساطة لم تحترم أي بند من بنودها» (المصدر: صحيفة ‘العرب’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 8 سبتمبر 2008)

مركزية الدولة ومركز الزعيم من خير الدين إلى بورقيبة

  محمد ضيف الله (*) لا شك أن ما بين خير الدين وبورقيبة أكثر من خيط رابط، ليس أقل ذلك أنهما يندرجان معا ضمن نفس الاتجاه الإصلاحي، الأول باعتباره « أبا النهضة التونسية » والثاني بكونه أحد أبنائها وحامل لوائها، وقد لا يتسع المجال للمقارنة بين الرجلين، لكن لا مندوحة لنا في هذا الخضم من الإشارة إلى أهمية المدرسة في برنامج كل منهما، وقد لا يكون من الطريف الإشارة هنا إلى المدرسة الصادقية التي جمعت بينهما الأول باعتباره مؤسسا لها والثاني باعتباره أحد تلاميذها. إلا أن الجانب الأكثر جاذبية من وجهة نظر أخرى هو مكانة الدولة في فكر وممارسة كل منهما، وهذا محور الكتيب الصادر في المدة القليلة الماضية تحت عنوان « مفهوم الدولة بين خير الدين باشا وبورقيبة » (102 ص)، وهو من تأليف القاضي حسن الممي الذي كان قد اضطلع إلى جانب القضاء بمهام إدارية وسياسية من أهمها رئاسته لديوان وزير العدل في السبعينات. ينقسم هذا الكتاب إلى فصلين خصص الأول منهما لخير الدين والثاني لبورقيبة، وهذا التخطيط لا يوحي في الحقيقة بإجراء مقارنة مباشرة بين الرجلين، حتى وإن كانت الإشكالية واحدة في كلا الفصلين. وبقطع النظر عن هذه الملاحظة المنهجية، فإن الكتاب يتيح الفرصة لتلمس أيقونة الدولة في فكر وممارسة كل من خير الدين وبورقيبة، ومن خلفهما الفكر الإصلاحي برمته على امتداد الجغرافيا العربية الإسلامية. حيث اجترحت الدولة لها مكانة مركزية في الخطاب الإصلاحي وفي الممارسة السياسية معا، وهي كما ينقل لنا الأستاذ الممي « الفاعل الاجتماعي الأساسي في حياة العرب الحديثة وليس من اليسير ولا حتى من المكن أن يصار إلى تفعيل لعملية التحول الاجتماعي الضروري دون ضلوع الدولة في ذلك » (ص 43). ولا يخفى ما في هذه الفكرة من خطورة حيث تبوأت الدولة مكانة وَرَمِيَّة على حساب المجتمع، وبدت في فكرنا المعاصر وكأنها بديلة عنه، وهو ما جعلها في محصلة الأمر دافعا لاستمرارية التخلف ومدعاة للاستقالة والابتعاد عن المساهمة في الفعل الحضاري وفي الدفع نحو التقدم. والكتاب قد لا يوحي بذلك مباشرة، أو حتى إلى تخلي الدولة عن مفهومها الواسع بمؤسساتها ومختلف آلياتها واختزالها في الفرد الصمد، إذ يشدد المؤلف بصفة كبيرة على مركز الزعيم من خلال تعظيم دور كل واحد من الرجلين. وبقطع النظر عن مكانتهما الفعلية في تاريخنا المعاصر، فإن في ذلك دعوة متجددة إلى التعويل على الفرد / الزعيم لما يتوفر عليه من إمكانات خارقة وعجيبة وما يقدمه من وصفات سحرية، وما يستتبع ذلك من تأجيل المطلب الديمقراطي لموعد غير منظور. ومن الطريف هنا الإشارة إلى أن المؤلف وصف في أكثر من موقع دستور 1861 بأنه « ديمقراطي بكل ما يدل عليه هذا الاصطلاح من دقة ومعنى » (ص 61)، مقابل دستور 1959 الذي « أتاح تجميع كل السلط بين يدي بورقيبة » (ص 47). وما يمكن مناقشته من جهة أخرى هو مدى أهمية دور كل من خير الدين وبورقيبة في هذا المجال، حيث أرجع المؤلف دستور 1861 إلى خير الدين دون غيره، بل واعتبر ذلك الدستور « تتويجا لجهود خير الدين الكبيرة ونضاله الطويل المرير » (ص 23). وهو ما لا يمكن الدفاع عنه تاريخيا، تماما مثلما أرجع دستور تونس المستقلة إلى صياغة بورقيبة وحده، دون اعتبار الإطار التاريخي الدولي والمحلي وخاصة التوازنات على الساحة التونسية في السنوات الأولى من الاستقلال. كذلك قام المؤلف، كشاهد على العصر هذه المرة، بتقييم ممارسة الحبيب بورقيبة في الحكم، منتقدا عددا من الجوانب من بينها تفرده بالسلطة وتجميعه لكل النفوذ وتهميشه لكل المؤسسات ومن بينها مجلس النواب الذي « لم يسع -والعبارة له- إلى القيام بأية مبادرة تجعل منه هيئة تشريعية » ويضيف بأن المؤسسات الدستورية « استحالت والحالة هذه إلى ديكور يستجيب إلى المواصفات المطلوبة للاستهلاك المحلي والتصدير الخارجي » (ص 48). وهذا التوصيف يلقي بعض الأضواء على أسباب ما يمكن اعتباره كساح الديمقراطية. إلا أن المؤلف لم يوجه نفس النقد إلى خير الدين الذي رغم مساهمته في إصلاحات عهد الأمان السياسية، فإنه لم يسع إلى التقدم على هذه الواجهة عندما عين على رأس الوزارة الكبرى في سبعينات القرن التاسع عشر، وقد أعاد الدور نفسه في إستانبول حيث عين صدرا أعظم للسلطان عبد الحميد الثاني. إن هذا الكتاب محمّل برؤية جانب من النخبة بقيت متكتمة عن إبداء رأيها طيلة عقود من الاستقلال، بل وساهمت بأقدار وبفعالية في تسيير الدواليب الجديدة وصياغة مضامينها. ومما يدل على ذلك بالنسبة للمؤلف نفسه بعض الصور الشخصية التي نشرها ضمن متن هذا الكتاب سواء كممثل لتونس في أحد المؤتمرات الدولية (ص 35) أو باعتباره شيخا لمدينة تونس (ص 65). ولعل من أهم المسائل التي انتقدها المؤلف بجرأة غير معهودة ما لقيته عائلة البايات وملاك العهد القديم في ظل دولة الاستقلال. حيث أشار إلى « تلفيق قضايا فارغة ضد الباي » (ص 46) واتهامه بالخيانة العظمى، ولمعالجة ذلك اقترح المؤلف « رد الاعتبار لهذا الملك المظلوم بتسمية ساحة أو حي أو شارع باسم محمد الأمين باي » (ص 47). كما دافع الأستاذ الممي على موظفي العهد القديم من عمال وكواهي وخلفاوات مشيدا بموقف المنجي سليم منهم إذ جمعهم في مطلع الاستقلال و »ألقى أمامهم خطابا أعلن فيه طي صفحة الماضي ودعاهم إلى الإقبال بكل إخلاص على العمل رائدهم ازدهار للوطن وخدمة المواطنين » (ص 63). إلا أن بورقيبة اتخذ منه ومنهم موقفا سلبيا حيث أبعده إلى واشنطن بتسميته سفيرا هناك، وعزل جل أولئك الأعوان « مما تسبب في العديد من المآسي » كما يقول المؤلف (ص 63). والحقيقة أن رموز العهد القديم في تونس لم يتعرضوا إلى ما تعرض له نظراؤهم في بلدان عربية أخرى. أما بالنسبة لعائلة البايات فلم تحم نفسها من غائلة الأيام، ولم يقم أي من أبنائها بإصلاح ما فعله محمد الصادق باي ذات يوم من ماي 1881، ولم يشذ أسلافه عن الخط الذي رسم لهم فما حادوا عنه شبرا، سوى المنصف باي الذي جاء في إطار تاريخي معين. أما محمد الأمين باي تحديدا، فلم يغفر له التاريخ أنه جاء ليخلف المنصف باي، ومن سوء حظه أنه عاش إلى الخمسينات حتى يرى الأنظمة الملكية تتهاوى، حتى أنه لينسب إلى الملك فاروق قوله آنذاك بأنه لن يبقى سوى خمسة ملوك، أربعة على أوراق اللعب والخامس ملك بريطانيا. نشير من جهة أخرى إلى أن هذا الكتاب يتضمن ثلاثة نصوص تاريخية هامة من بينها خطاب بورقيبة في المجلس التأسيسي يوم إعلان الجمهورية (25 جويلية 1957)، وكذا مقال « الحكم الفردي » الصادر بمجلة أفريك أكسيون في 13 أكتوبر 1961 بتوقيع محمد المصمودي وقد انتقد فيه الأنظمة التي ترتكز على الحكم الفردي وكان المقصود بذلك هو بورقيبة. إن هذا الكتاب يعطي الإشارة للاهتمام بدراسة الفكر السياسي التونسي المعاصر، وإن كان المطلوب في تلك الدراسة البحث عن مدى انعكاسها على المشاركة المجتمعية الفعلية باتجاه الاستجابة للمطلب الديمقراطي.
(*) مؤرخ وجامعي.  


الخيّاطي لإيلاف: تونس تتعامل مع المواطنين على أنهم مؤمنون

 

إسماعيل دبارة ‘إيلاف’ ترصد تباين الردود في تونس حول إطلاق قناة دينية الخيّاطي: الدولة المدنية تتلوّن بالدين وتونس بدأت تتعامل مع المواطنين على أساس أنهم مؤمنون إسماعيل دبارة من تونس: الواحد من رمضان لهذه السنة كان موعدا للتونسيين مع إطلاق أول قناة تلفزيونية دينية تحمل اسم « حنبعل فردوس ». وأعادت توضيحات إدارة القناة – بخصوص الجمع بين سلاسة الكلمة وصدق المعنى وبثّ قيم الإسلام الذي يحثّ على التسامح والتواضع والخلق الحسن ويجافي العنف »- إلى أذهان التونسيين ما حملته من قبل إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم التي أطلقت في 13 سبتمبر من العام 2007 على يد صهر الرئيس التونسي محمد صخر الماطري و شهد إطلاقها جدلا كبيرا بين علمانيي تونس و ممثلي الحكومة لما تردّد عن رغبة السلطات في الدعوة إلى « إسلام معتدل يقطع نهائيا مع التطرّف و يساهم في تجفيف منابعه ». و في أيامها الأولى، تقوم قناة ‘حنبعل’ الدينية ببثّ أحاديث نبوية ودروس دينية للكبار والصغار على حدّ السوء إضافة إلى الأذكار والأدعية المختلفة. ‘إيلاف ‘ استطلعت آراء عينة من الشارع التونسي التي توزّعت بين مرحّب بإطلاق القناة الدينية الخاصّة و معارض لها. و ترى السيّدة منيرة جابالله 40 سنة إنها رحّبت كثيرا بإطلاق قناة دينية في تونس في أول أيام شهر رمضان الكريم ، و تقول لإيلاف: »سعدت أيما سعادة لمّا قامت القناة بنقل أداء صلاة التراويح مباشرة من مكّة المكرمة  عبر ربط مع التلفزيون السعودي. يبدو أننا أمام تجربة فريدة لازلنا غير متعوّدين عليها في بلادنا. » و لا تختلف معها الآنسة مفيدة فرحاتي التي عبّرت عن بهجتها لأنها لمست  نبرة تونسية مختلفة عن القنوات الدينية الأخرى و بالتحديد الخليجية من حيث التوجه والمضمون و الجمع بين الأصوات التونسية التي ترتّل القرآن و أصوات عربية ». المشرفون على القناة تعهّدوا بإنتاج برامج دينية حواريّة وفقهية خاصة بها في الأشهر القليلة المقبلة، و كانت قناة حنّبعل تأسّست في العام 2005 من قبل رجل الأعمال العربي نصري الذي حاول الاستفادة من التجربة الناجحة التي حققها باعثو إذاعة موزاييك أف أم الخاصة التي أطلقت سنة 2003. في المقابل يرى طالب العربيّة مروان عيّادي 24 سنة إن « اهتمام الحكومة التونسية خلال السنوات الأخيرة بالإعلام الديني يخفي محاولة مستميتة لاستقطاب الشباب السلفي و تحويل وجهته عن وسائل الإعلام المتطرفة كالقنوات الخليجية الدينية و الانترنت. و يضيف:’تونس دولة دينها الإسلام ، من المفروض أن نجد إذاعات و قنوات متعدّدة لترتيل القرآن و تجويده أمّا أن يتحوّل الأمر إلى ردّة فعل عن عجز الخطاب الديني المتخشّب في بلادنا على توعية الشّباب بمخاطر الانزلاق نحو الإرهاب و التعصّب فذلك هو المرفوض لأن المواطن العادي سيجد نفسه ضحية تبعا لذلك ». الهام عرفاوي موظفة متزوجة تقول لإيلاف: »في الوقت الذي ننتظر فيه من أصحاب المبادرة الفردية في تونس إطلاق قنوات متخصصة في الاقتصاد و الرياضة و الأخبار ، نجدهم يتهافتون على الاستثمار في الدين الإسلامي الحنيف …أسبابهم غير معروفة إلى حدّ اللحظة و لكنها تخفي رغبة صريحة من حكومتنا لمزيد إحكام قبضتها على وسائل الإعلام و التعامل في هذا الخصوص مع المقربين فحسب ». من جهة أخرى كشف استطلاع حديث للرأي نشر في تونس و تمّ من خلاله رصد اتجاه جمهور وسائل الإعلام التونسية عن تراجع نسب المشاهدة للبرامج الدينية التي تبثها قناة ‘تونس ‘7 الحكومية إذ لم تتجاوز 2.2 fالمائة فحسبُ. وأظهر ذات الاستطلاع تقدم قناة إم بي سي 4 عن جميع القنوات المحلية وغير المحلية إذ بلغت نسبة متابعتها من قبل التونسيين 35 في المائة في حين حلت قناة حنبعل المحلية المرتبة الثانية بنسبة 28.6 في المائة. و عزا بعض المتابعين الاهتمام المفاجئ للتونسيين بقناة إم بي سي 4 بثّها لمسلسل « نور » التركي الذي لقي نجاحا و جدلا كبيرين في مختلف الدول العربية. إيلاف تحاورت مع الإعلامي خميّس الخياّطي المتابع للقنوات التلفزيونية و مؤلّف كتاب « تسريب الرمل: الخطاب السلفي في الفضائيات العربية » .و كشف الخيّاطي عن أنّ عملية إطلاق قناة دينية في تونس و في أي بلد عربي تبدو سهلة للغاية تقنيّا و ماليا ، و قال : كلّ ما تقوم به قناة حنبعل فردوس الوليدة الأخذ عن الفقرات الدينية للتلفزيونات السعودية و الفضائيات و التلفزيونات الأخرى ، و لا ننسى أن علاقات طيبة و وثيقة تربط بين مالك القناة و العائلة الحاكمة في السعودية. و أبدى الإعلامي استيائه من كون الفضائية الدينية لا تشغّل يدا عاملة تونسية كبيرة وأنها تأتي للنسج على منوال عدد من الدول المغاربية ، على غرار الفضائيات الدينية التي أطلقت في كل من المغرب و الجزائر و ليبيا. و يضيف: »و كأننا أمام حملة لإخراج أديان إسلامية و ليس دين وحيد: إسلام تونسي و آخر جزائري و آخر مغربي و ليبي، أنا اعتبر هكذا أمور متاجرة صريحة بالدين و في تونس لا يمكن لفضائية حنّبعل أن تضيف أي شيء للمواطن ، و لو حاولت الحكومة محاربة الفكر المتطرّف عبر إطلاق القنوات و الإذاعات الدينية الخاصة فنحن نقول إن الحل مدني بالأساس و لن يكون حلاّ دينيا خصوصا و أننا أمام مدّ كبير من قنوات أصولية خليجية. » و أكّد الخياطي أن الدين « مصلحة عامة لا يجوز التفريط فيه للخواص باسم الليبرالية و المبادرة الخاصّة و إنما على الدولة تنظيمه و تأطيره ، و لنعط للخواص المجالات الإعلامية الاقتصادية و الإخبارية . و يختم بالقول: » نحن نلحظ اليوم تلوّنا للدولة المدنيّة بلون الدين وتونس بدأت تتعامل مع المواطنين على أساس أنهم مؤمنون وهو الأمر الأخطرُ. » (المصدر: موقع ايلاف(ابريطانيا )بتاريخ 7 سبتمبر 2008)

رايس أنهت زيارة تونس ومطالبة لها بالضغط لتحسين حقوق الإنسان

تونس – خدمة قدس برس أنهت وزيرة الخارجية الأمريكية غونداليزا رايس ظهر اليوم السبت، زيارة قصيرة إلى تونس التقت فيها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، ونظيرها التونسي عبد الوهاب عبد الله. وتعد هذه الزيارة هي الثانية من نوعها منذ زيارة كولن باول، وزير الخارجية الأمريكي لتونس سنة 2003. وأفاد بلاغ رسمي تونسي، أنّ العلاقات التونسية ـ الأمريكية والقضايا الإقليمية والدولية الراهنة كانت محاور استقبال الرئيس زين العابدين بن علي لكونداليزا رايس اليوم السبت. كما تناول اللقاء المحادثات التي أجرتها الوزيرة الأمريكية في ليبيا، والوضع في موريتانيا، والقضايا المتعلقة بما يسمى ‘مكافحة الإرهاب’، و’الإصلاح السياسي’ في تونس. ونقل البلاغ عن وزيرة الخارجية الأمريكية قولها ‘إنّ تونس تقوم بدور طلائعي على صعيد بناء اتحاد المغرب العربي، الذي يمثل في اعتقادي إطاراً مفيداً لمعالجة مختلف المسائل’. ووصلت الوزيرة الأمريكية في ساعة مبكرة من صبيحة السبت، قادمة من ليبيا في محطة تقودها نحو الجزائر ثم المغرب. من جهة أخرى؛ كانت منظمة ‘هيومن رايتس ووتش’ الحقوقية الأمريكية، قد طالبت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس أن تدعو الحكومة التونسية إلى ‘وضع حد للمضايقة واحتجاز نشطاء حقوق الإنسان عند زيارتها لتونس’. ونبّهت المنظمة الأمريكية في بيان حصلت ‘قدس برس’ على نسخة منه، إلى أنّ السلطات التونسية ‘لا تتسامح مع الانتقادات والمعارضة، وتعرِّض منظمات حقوق الإنسان للمضايقات المنهجية وترفض منح بعضها الاعتراف القانوني، وتمنعها من عقد الاجتماعات وتضايق النشطاء بواسطة رقابة الشرطة و التهديد والاعتقال بناء على اتهامات مزيفة’، كما ورد. وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية للقسم المختص بالعالم العربي بالمنظمة ‘بدلاً من حماية حقوق مواطنيها، كما قالت فيما سبق الوزيرة رايس؛ فإنّ الحكومة التونسية قمعت حريتهم في تكوين الجمعيات والتعبير عن الآراء’، وفق تعبيرها. وأضافت سارة ليا ويتسن’ ينبغي على الوزيرة رايس أن توضح إن كانت تونس تريد أن يكون سجلها الخاص بالحريات المدنية مساوياً لأداءها الاقتصادي’، على حد قولها. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 7 سبتمبر 2008)

أبعاد التعديل الوزاري وتعيين أمين عام جديد للحزب الحاكم ابحثوا عن الشباب

  انطلاقا من العناية الخاصة التي يوليها أعلى هرم السلطة للشباب والتي تدعّمت خلال السنة الجارية بشكل واضح يمكن القول تعيين السيد محمد الغرياني على رأس الأمانة العامة للتجمع الدستوري الديموقراطي مثّل امتدادا للتعديل الوزاري الأخير التي عيّن بمقتضاه السيد سمير العبيدي وزيرا للشباب والرياضة والسيد سليم التلاتلي وزيرا للتشغيل فالأمين العام الجديد للتجمع الدستوري الديموقراطي ولد سياسيا في عهد التغيير إذ انطلقت مسيرته الحزبية بالانخراط في المنظمة الوطنية لطلبة التجمع التي أصبح كاتبا عاما لمكتبها سنة ..1989 وهو بذلك اول أمين عام للتجمّع الدستوري الديموقراطي غير مخضرم من ضمن الامناء العامين الذين تداولوا على هذا المنصب منذ السابع من نوفمبر ..1987   أما السيد سمير العبيدي فيعتبر من ضمن الضالعين في الشؤون الشبابية ويحسب له مساهمته في اخراج الاتحاد العام لطلبة تونس من عنق الزجاجة ونجاحه في كسب شعبية محترمة لدى صفوف الطلبة وبالتالي فهو من أقرب أعضاء الحكومة لهاته الفئة من المجتمع ومن أكثر العارفين بها.   وبالنسبة للسيد سليم التلاتلي فيعرف بكونه رجل الخفاء الذي أدار باقتدار مرحلة التفاوض لانجاز المشاريع الكبرى المتأتية من الاستثمارات الاجنبية على غرار مشاريع سما دبي وأبو خاطر وبيت التمويل الخليجي وغيرها والتي من المتوقع أن يساعد انطلاقها في امتصاص جانب هام من اليد العاملة العاطلة عن العمل والتي يحتل فيها الشباب نسبة كبرى.. وبما أنه العارف بأدق دقائق هاته المشاريع فهو الأنسب لمعرفة حاجياتها من اليد العاملة والأجدر بالتفاوض وربط الصلات مع المستثمرين الأجانب ولما لا حتى تصدير اليد العاملة.   إذا يتّضح أن للتّعديل الوزاري على رأس وزارتين تعنيان مباشرة بالشأن الشبابي يؤكد الأهمية الخاصة التي تحظى بها هذه الفئة والنيّة الصادقة في مزيد تفعيل الحوار معها والانصات لمشاغلها والعمل على ايجاد الحلول لها سيّما وأن التعديل فرّغ كاتب دولة للشأن الرياضي بما يسهل على الوزير الجديد التركيز على الملّف الشبابي.. وفي انتظار تعميق الحوار والتخطيط والاعداد ستحظى مسألة التشغيل بأولوية مطلقة خصوصا وأن عددا من المشاريع الكبرى على وشك الانطلاق ويتردّد أن مسألة اليد العاملة تلعب دورا أساسيا في التسريع بتنفيذ هاته المشاريع من عدمه.   وبالتوازي مع العمل الحكومي فإن النيّة صادقة كذلك حزبيا لتشريك الشباب تدريجيا في صنع القرار إذ بادر رئيس التجمع بتطعيم لجنته المركزية بتعيين عشرات الناشطين سياسيا من الشباب بها إضافة لما أسفرت عليه عملية الاقتراع بما يعني ضخّ دماء جديدة في صلب مناضليه.. ويأتي تعيين ابن الـ 45 سنة على رأس أمانته العامة لدعم هذا التوجه والعمل على مزيد تعبئة الشباب في صفوفه حتى يضمن لأحد أعرق الاحزاب عالميا وأكثرها استمرارية في الحكم البقاء في الرّيادة خصوصا بعد تخفيض السنّ الدنيا للانتخاب الى 18 سنة وبالتالي خلق شريحة جديدة من المقترعين ذات وزن وأضحت محل اهتمام أكثر من حزب معارض.. فهل يكسب التجمع هذا «التحدّى» الذي خطط له مؤتمر التحدّي.. للإجابة عن هذا السّؤال علينا انتظار نوفمبر …2009 وفي الانتظار تبقى من مهام الامين العام الجديد الاعداد الجيّد لقائمة المترشحين للتشريعية.. قائمة تراعي التوافق بين أكثر من جيل ينتمي للتجمع الدستوري الديموقراطي.   حافظ الغريبي   (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 8 سبتمبر 2008)

 

مفاوضات: مصدر مسؤول باتحاد الشغل إغلاق ملف الزيادات في الأجور قبل منتصف أكتوبر   الأعراف أبرياء من التأخير.. التفاوض حول الزيادة في الأجور وتمسكّ النقابيين بتحقيق مكاسب على المستوى الترتيبي وراء ما حصل

  تونس ـ الاسبوعي: بعد ما تم الاتفاق على مستوى اللجنة العليا للمفاوضات على تحريك المفاوضات القطاعية وتجاوز العراقيل التي كانت مطروحة.. يبدو أن ملف المفاوضات في القطاع الخاص سيشهد حسما قريبا على حدّ تعبير مصدر مسؤول بالاتحاد العام التونسي للشغل التقته «الاسبوعي».   اتفاق   هذا المصدر ذكر لنا أن العديد من القطاعات نجحت في تجاوز الصعوبات التي اعترضتها وتم الاتفاق مع الاعراف حول عدد من النقاط التي كانت محلّ اختلاف كالحق النقابي والتصنيف المهني ومكاتب النقابات بمقرات العمل… إضافة للموافقة على الخصم الآلي في بعض العقود الجديدة بالعديد من القطاعات مثل المعادن والصحافة المكتوبة.. وتحقيق تقدم ملموس في قطاع المعاش والسياحة والمهن المختلفة وبالخصوص الطباعة.. أما في النسيج فقد تم التوافق على إدراج ما تم التفاهم حوله بالاتفاقية الإطارية.. رغم ما يعرف عن هذا القطاع ببعض الخصوصيات.. التي يشير مصدرنا بأنهم على دراية تامة بها.. أما في بقية القطاعات فقد اعترف محدثنا بأن المفاوضات لا تسير بالشكل المطلوب ولكن ذلك لا يعني ان مشاكلها مستعصية عن الحل فهي لن تعطل مسار التفاوض بأي حال من الأحوال.. باستثناء قطاع الحراسة الذي ذهب محدّثنا بأن أصحاب المؤسسات فيه يريدون الضغط على بعض الوزارات باسم المفاوضات لتسوية بعض المشاكل والملفات العالقة.. ولكن ما الذي عطّل التوصل الى اتفاق حول الزيادة في الأجور لحدّ الآن وهو ما يهمّ العامل في واقع الأمر؟   اهتمام بالجوانب الترتيبّية   اعترف مصدرنا بأن تأخر الإعلان عن الزيادة في الأجور أو بالأحرى التوصل الى اتفاق بهذا الشأن لا يعود في حقيقة الأمر للأعراف.. وإنما نجم عن تمسك الأطراف المفاوضة باتحاد الشغل بتحقيق بعض المكاسب على المستوى الترتيبي خاصة وأنه لم تتم مراجعتها منذ سنوات.. ولذلك فإن التركيز على الجانب الترتيبي هو الذي عطل المفاوضات بإصرار واضح من ممثلي اتحاد الشغل.. ولذلك فقد اضطر الأعراف لتقديم بعض التنازلات في هذا الشأن للتقدم بالمفاوضات.. مع العلم وان الاتفاق الأخير الصادر عن اللجنة العليا للتفاوض دعا الى مواصلة التفاوض حول الجوانب الترتيبية بالتوازي مع الجانب المالي.. ومن المتوقع أن يجتمع اليوم بمقر اتحاد الشغل كل المفاوضين بالقطاع الخاص.. لبلورة موقف واضح من أسلوب إدارة المفاوضات حول الأجور.. ولتمكين الوفود النقابية المفاوضة من وثيقة تم إعدادها بقسم الدراسات للاستئناس بها خلال المسار التفاوضي..   وحول سؤال متى ستنطلق فعلا المفاوضات حول الزيادة في الأجور ومتى يمكن ان تنتهي؟. أجاب مصدرنا بأنها ستنطلق في كل الأحوال خلال الأسبوع الحالي ولن يتجاوز الإعلان عن حجم الزيادات منتصف أكتوبر المقبل.. ونوّه مصدرنا أثناء تناوله هذه النقطة بالإرادة السياسية الكبيرة التي لمسها سواء على مستوى الوزارة الاولى او وزارة الشؤون الاجتماعية في التعامل مع ملّف المفاوضات الاجتماعية ومحاولات الدفع به الى الأمام بغية احراز تقدم ملموس.   خير الدين العماري   (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 8 سبتمبر 2008)

استهلاك: بدعوى «مقاومة التبذير وترشيد استعمال الماء» الصوناد «تنتقم» من المواطن بتسعيرة تصاعدية غريبة الأطوار…! هل يعقل أن يدفع المواطن ضعف ما استهلك لأنه تجاوز «الخط الاحمر» متر مكعب كلفته جاوزت الـ 17 دينارا

 

تونس – الاسبوعي: تنتهج شركات الخدمات الحيوية، على غرار الشركة التونسية للكهرباء والغاز وديوان التطهير نظام فوترة يراعي كميات الاستهلاك فيتغير السعر حسب كميات الاستهلاك بحيث لا يتساوى الحريف الذي استهلك 20 مترا مكعبا من الماء في آداء ما عليه لفائدة «الاوناس» مع الحريف الذي استهلك 120 مترا على سبيل المثال.  وقبل الدخول في التفاصيل نقول إن ما جرّنا الى هذا الحديث هو ما تقوم به الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه في تعاملها مع فواتير الحرفاء.   متر مكعب بأكثر من 17 دينارا   اتصل أحد المواطنين خلال أحد الايام الماضية بفاتورة من الصوناد تضمنت مبلغا معينا رأى أنه مشط وغير معقول. هذا المواطن دخل الى الموقع الالكتروني للصوناد فأصيب بصدمة عندما  اكتشف طريقة الشركة في تسعير كميات الماء المستهلكة. فقد جاء في فاتورته انه استهلك 71 مترا مكعبا من الماء وأن سعر المتر الواحد 545 مليما. وبعملية حسابية بسيطة اكتشف أن المتر المكعب الواحد الذي زاد عن السبعين مترا ثمنه  17395 مليما دون احتساب الاداءات!! لكن صبركم لتعرفوا كيف وصل سعر هذا المتر الى سعر الذهب.   نظام غريب   وكي نضعكم في الصورة بكل وضوح سنعطيكم فكرة عن كيفية احتساب معاليم التطهير من قبل ديوان التطهير علما بأن العملية مرتبطة بكميات الماء المستهلكة لدى كل حريف.   فديوان التطهير يضبط العملية على النحو التالي: من 0 الى 20 مترا: معفى . من 21 الى 40: 28 مليما للعشرين مترا الاولى و170 مليما للعشرين مترا الثانية. من 41 مترا الى 70 مترا 170 مليما للعشرين مترا الاولى و260 مليما للخمسين مترا للثانية.. ومن 71 مترا الى 150 مترا: 170 مليما للعشرين مترا الاولى و260 مليما  للخمسين مترا الثانية و445 للثمانين مترا الثالثة.. وهكذا دواليك.. ونلاحظ هنا بكل وضوح أن السعر يختلف كلما اختلف صنف الاستهلاك وأن الديوان لا يطلب من مواطن استهلك 71 مترا مكعبا من الماء أن يدفع 445 مليما عن كل متر. نعود الآن الى الصوناد لنرى كيف تحتسب هذه الشركة أسعار الاستهلاك. فقد جاء على الموقع الالكتروني ان كيفية الاحتساب (دون اعتبار الاداءات) هي كالآتي: من 0 الى 20 مترا: 140 مليما عن كل متر. من 0 الى 40: 240 مليما.. من 0 الى 70: 300 مليم. من 0 الى 150 : 545 مليما.. أكثر من 150 مترا: 840 مليما.. الآن نسأل ما معنى هذا؟   ونجيب فنقول إن الحريف الذي يستهلك 21 متراعليه أن يدفع نفس السعر الذي يدفعه حريف استهلك 40 مترا (240 مليما) وأن الحريف الذي يستهلك 71 مترا عليه أن يدفع ما يدفعه حريف استهلك 150 مترا رغم أن الفرق بين الحريفين 79 مكعبا بالتمام والكمال..   «مقاومة» أم انتقام؟   جاء على الموقع الالكتروني للشركة مايلي: «يساهم نظام التسعيرة التصاعدية في مقاومة التبذير وترشيد استعمال الماء»!! هذا الكلام جميل طبعا ولا أحد يعترض عليه لكن من قال إنه صحيح؟ وعلى أي أساس وضعته الشركة أصلا؟ وهل أعلمت به المواطن أصلا قبل تطبيقه؟ وهل هو فعلا مقاومة للتبذير أم انتقام من الناس؟ فما معنى أن يدفع المواطن ضعف ما يجب عليه دفعه بمجرد أنه استهلك مترا واحدا زائدا عن «الخط الاحمر» الذي حددته الصوناد؟ هل هذه مقاومة التبذير؟ لماذا لا تعتمد الصوناد على نفس النظام الذي يعتمده ديوان التطهير طالما أنه أقرب الى الواقع ويحاول أن يعدل بين الجميع؟   تعاقد على ماذا؟   يوم الاربعاء الماضي تحدث مسؤول من منظمة الدفاع عن المستهلك في إذاعة المنستير وقال إن المنظمة متعاقدة مع الصوناد وانها طلبت منها تعديل التسعيرة ورفضت فلماذا لم تلتزم الصوناد بتطبيق بنود التعاقد ولماذا تلتزم منظمة الدفاع عن المستهلك الصمت الرهيب؟   في انتظار الردّ   قبل أن اكتب هذا الموضوع اتصلت هاتفيا بالادارة العامة للصوناد فأعطوني اسم مدير التخطيط  والدراسات واسم المدير المركزي للاستغلال واسم المسؤولة عن الاعلام والاتصال وكان في نيتي ضبط موعد مع أحدهم  ليبدي رأيه في هذا الموضوع. ورغم أنه طلبوا مني رقم هاتفي الخاص كي «يتصلوا بي في أسرع وقت» فإن أحدا لم يتصل الى يوم الناس هذا!!   جمال المالكي (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 8 سبتمبر 2008)

بسبب إعلانات الزواج والعمل نساء خضن مغامرات مجهولة العواقب

  الموظّفة تتحوّل إلى مدلّكة والمعينة إلى عشيقة والرّاغبة في الزّواج إلى مموّلة مشاريع وهميّة   لسبب أو لآخر تضطر بعض الفتيات إلى نشر إعلانات زواج بالصحف المكتوبة لعل «المكتوب» الذي عاندهن طويلا يأتي من هذا الباب. وقد أثبتت التجارب أن الكثير من حالات التعارف التي تمت بهذه الطريقة انتهت بالزواج.  كما أثبتت التجارب أيضا أن لهذا الأسلوب مساوئ منها تعرض بعضهن الى التحيل أو التحرش أو حتى بعض المواقف الطريفة على غرار ما حصل لاحداهن منذ بضع سنوات حيث نشرت اعلان زواج وبعد مدة اتصلت بالصحيفة وتسلمت الردود التي وردت عليها فاكتشفت أن أخاها كان من بين الذين ردّوا عليها ورغبوا في التواصل معها وربما الزواج في آخر المطاف. ولسبب أو لآخر تضطر بعض الفتيات أو النساء الى نشر إعلانات يبحثن من خلالها عن عمل.. وهذه الطريقة ناجعة بنسبة كبيرة لكنها ايضا لا تخلو من عيوب سنروي لكم بعضها على لسان امرأة روت لنا مغامرات عجيبة عاشتها بسبب إعلان عمل.     3 آلاف دينار   بداية الحكاية كانت مع فتاة عاشت تجربة الاعلانات فقالت: «عندما بدأت أشعر بأن قطار العمر يمضي بلا رجعة وأن فرص الزواج بدأت تتقلص يوما بعد يوم قررت أن أجرّب حظي بطريقة مشروعة وتحفظ ماء الوجه. ذهبت الى احدى الصحف ونشرت إعلان زواج. وبعد مدة اتصل بي المسؤول عن ركن الاعلانات وطلب مني الحضور لتسلم مجموعة من الردود التي وصلتني. كان عدد الرسائل يقارب العشرين. وكان أصحابها خليطا من العاطلين والموظفين وأصحاب المشاريع حسب ما ذكروا في رسائلهم طبعا.   ومن خلال نسخ بطاقات التعريف التي كانت ترافق الرسائل كدليل على حسن النية شعرت بميل خاص الى شخص دون سواه. اتصلت به فورا وحددت معه موعدا وسرعان ما التقينا. لقد كان خبيثا بأتم معنى الكلمة ومنذ اللحظة الاولى طلب مني أن أسلمه رسالته ونسخة بطاقة التعريف فنفذت طلبه ولم أتفطن الى نيته الا بعد فوات الأوان.   فقد أعلمني بأنه ينتمي الى فرقة موسيقية وأنه ينوي تكوين فرقة خاصة به. وأتقن طبعا دور المسكين الذي يحتاج الى من يساعده على تكوين مشروع المستقبل.. ولم ينس أيضا ان يعزف على اوتار قلبي فجعلني كالمسعورة التي تنفذ طلباته دون أدنى تفكير. وأحمد الله على أن الطلبات اقتصرت على المال إذ طلب مني ثلاثة ألاف دينار فأعطيتها له فورا.. ولو طلب مبلغا اكبر لما ترددت في تسليمه له على الفور ايضا.. ومنذ ذلك اليوم لم أر وجهه الى الآن ولم أستطع تقديم شكوى ضده لاني ببساطة لا أعرف اسمه أو عنوانه أو أي شيء عنه ولا أملك اي دليل ضده»..   خدمة في دقائق   هي امرأة في الأربعين من عمرها اضطرتها ظروف الحياة إلى البحث عن عمل لتعيش صحبة أبنائها بعرق الجبين. اتصلت باحدى الصحف ونشرت إعلان عمل ومعه رقم هاتفها الجوال.. اما بقية الحكاية فترويها بنفسها  فتقول: تهاطلت عليّ المكالمات من كل حدب وصوب ونزلت عليّ عروض الشغل وكأنني مارادونا أيام عزه ومجده.. وفي الاثناء اخترت أحد العروض وكان صادرا عن مؤسسة مالية لأن العرض يستجيب الى كافة شروطي وتصوراتي.. ذهبت لمقابلة الموظف المسؤول عن انتدابي  فاستقبلني بحفاوة كبيرة ونادى موظفا آخر وأمره بتجهيز ملفي فورا وقال لي: اعتبري نفسك مقبولة  منذ هذه اللحظة وبينما كان الموظف الاخر يجهز الملف  اقترب مني الموظف الذي كنت في مكتبه وقال: «والله حرام واحدة كيفك تتبهذل في الخدمة.. اسمع كلامي وتوة تشوف آش تولي في ظرف عام واحد».. وفعلا  سمعت كلامه لكن بطريقتي الخاصة وانسحبت من مكتبه وبقيت بعد ذلك ثلاثة أيام طريحة الفراش لا أقوى حتى على الحركة.   من البيت الى النزل   وتواصل هذه المرأة قصتها فتقول: بعد ذلك اتصل بي شخص وسألني هل أنني مستعدة للعمل في منزله للعناية به وبزوجته (وهما فوق الستين من العمر) فقلت له إني موافقة. وأعلمني  بالهاتف بأنه سوف يعود من الجنوب بعد أسبوع وضرب لي موعدا لملاقاته.. وبعد ثلاثة أيام اتصل بي مرة اخرى وقال إنه عاد فعلا الى العاصمة وهو يرغب في مقابلتي ليحملني الى منزله الذي قال إنه يقع بأحد الاحياء الراقية باحدى الضواحي.. وقابلته فعلا وركبت  سيارته فاذا به يتجه نحو منطقة سياحية حتى وصلنا الى نزل فخم فدعاني الى النزول بدعوى أن زوجته تنتظرنا هناك. وبكل صدق خفت منه وأحسست بأنه غير صادق رغم سنه والشيب الذي غزا رأسه.. وبعد ذلك دخل مباشرة في الموضوع وقال ان زوجته  ليست هناك وانه تعمد الذهاب بي إلى ذلك المكان ليعبر لي عن اعجابه بي واستعداده لاغراقي في المال والهدايا بشرط أن أقبل العمل عنده فورا لكن ليس كمعينة وإنما  كعشيقة تعيش  تحت سقف واحد مع زوجته!»   «معجب بك كثيرا»   اما المغامرة الثالثة التي عاشتها هذه المرأة بسبب ذلك الإعلان فروتها  لنا فقالت: اتصل بي احدهم وكان شابا عمره سبعة وعشرون عاما حسب قوله وأكد لي أن العمل ينتظرني  بالشركة التي يملكها  وبالشروط التي أحددها.. وبسرعة تأكدت من أنه يكذب اذ قال لي بالهاتف انه معجب بي كثيرا ويرغب في لقائي في أسرع وقت ممكن. كيف أعجب بي وهو لم ير منظري ولو مرة واحدة في حياته؟ ومن أدراه أني لست «عبّيثة» قد يندم على مقابلتها طوال حياته؟»   «غيرت الرقم لارتاح»   وتختم المرأة بالقول: هذه فقط بعض فصول من المغامرات التي عشتها بسبب ذلك الإعلان الشهير.. فقد اتصل بي شخص وعرض عليّ الزواج.. وعرض عليّ شخص آخر أن أسافر معه إلى الخارج «باش نونسو» مقابل مبلغ مالي هام.. وطلب مني رجل متزوج مباشرة ودون مقدمات أن أصبح «صاحبتو» مقابل التوسط لي في إيجاد عمل محترم.. وسألني أحدهم إن كنت أجيد التدليك لأنه محتاج إلى «مدلكة خاصة» تقدم له خدمات خاصة أيضا.. وهكذا دواليك إلى درجة أن هذه التجربة جعلتني أكره الرجال وأكره العمل وأكره حتى الخروج إلى الشارع.   ونتيجة لما حدث وكي أرتاح قليلا  من الإزعاج اقتنيت رقما جديدا وركنت الـ شريحة الأخرى إلى راحة إجبارية بحوالي شهر.. وعندما  تأكدت من أن الجماعة نسوا رقمي أعدت تشغيله فلم أتعرض إلى مضايقات أخــرى».   حذار من التحيل   إذا كان إعلان البحث عن عمل يحتمل كل ما حصل لهذه المرأة وربما أكثر فإن الكثير من صاحبات إعلانات الزواج عرضن أنفسهن إلى مواقف حرجة بسبب التسرع والنية وقلة الخبرة. فالذين يردون على إعلانات الزواج فيهم الصادقون الجادون وفيهم كذلك من يبحث عن التسلية أو عن التحيل لأن صاحبة الإعلان عادة ما تكون في موقف ضعيف فتنساق وراء طلبات الطرف الآخر خوفا من أن يطير من بين يديها. وفي كل الأحوال هناك الكثير من النصائح التي يمكن تقديمها  لتجنب صاحبات إعلانات الزواج  المزالق  الخطرة التي قد يجدن أنفسهن فيها. فلا يجب في كل الحالات دفع المال لصاحب الرد على الإعلان مهما كانت الأسباب. ولا يجب مقابلته على انفراد خاصة إذا طلب أن يكون اللقاء في منزل أو مكان خال من الناس. كما يجب التحري جيدا عن الشخص وأخذ مهلة كافية للتفكير وأخذ القرار قبل الارتباط بشخص قد يكون من أكبر المتحيلين.   جمال المالكي   (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 8 سبتمبر 2008)


اعتبروا الكوميديا السعودية الأفضل عربيا طاش ما طاش يفتح شهية التونسيين لعيال القرية براعة فائقة للممثلين السعوديين الكوميديا السعودية تعرف طريقها إلى قلوب التونسيين لأسباب كثيرة

 

تونس – سليم بوخذير فى الوقت الذي يحقق فيه المسلسلان السعوديان « كلنا عيال قرية » و »بيني وبينك 2″- اللذان يُعرضان على قناة mbc- نسبة مشاهدة عالية بين التونسيين، أرجع البعض ذلك إلى تعلقهم بالمسلسل السعودى الشهير « طاش ما طاش » الذى فتح الطريق للتونسيين أمام الكوميديا السعودية. وقال الناقد التونسي عبد الرؤوف المقدمي- في تصريحٍ لموقع mbc.net- إن الكوميديا التلفزيونية السعودية حققت قفزة نوعية خلال السنوات الأخيرة، مستشهدا بالمتابعة الجيدة لمسلسلي « كلنا عيال القرية » و »بيني وبينك 2″؛ إذ جاءت الحلقات الأولى من العملين لتعطي انطباعا جيدا عن العملين، وتشدّ انتباه المشاهد منذ البداية. وأضاف الناقد التونسي أن « مسلسل « كلنا عيال قرية » الحالي أتحفنا بشخصيتين جديدتين لا تقل ظرفا وخفّة ظل عن شخصيات عدة أخرى عرفناها في سلسلة « طاش ما طاش » سابقا كشخصيّة الشيخ فؤاد ومهاوش وغيرهما. وتابع المقدمي- الذي يتولى منصب نائب رئيس تحرير صحيفة « الشروق » اليومية التونسية- « أشاهد الكوميديا السعودية منذ سنوات، وأعتبر سلسلة « طاش ما طاش »- التي رافقت المشاهد العربي لعقد ونصف العقد من الزمن – كل رمضان كان لها الفضل في عبور الكوميديا السعودية إلى كل القلوب، وإدارة الظهور إلى اللون الكوميدي المميز للأعمال السعودية. براعة فائقة للممثلين السعوديين المقدمي أوضح أيضا لموقع mbc.net أن « البراعة الفائقة للممثلين السعوديين عبد الله السدحان وناصر القصبي والمجموعة التي عملت معهما في المواسم السابقة جعلت مشاهدة « طاش ما طاش » تتحوّل إلى تقليد دائم لي شخصيا، وكذلك الحال بالنسبة للعديد من التونسيين »، مشيرا إلى أنه من خلال « طاش ما طاش » عرفنا الكوميديا السعوديّة، وأحببناها في تونس، وصرنا نتابع الأعمال السعودية بشغف. وقال المقدمي إنه يعتبر ناصر القصبي وعبد الله السدحان علامتين مميزتين في سماء الكوميديا العربية، وإنه من خلال أعمالهما معا أخذنا صورة قريبة عن مشاغل المجتمع السعودي التي عالجاها – مع مؤلف ومخرج جيدين وفريق عمل متكامل- بتصوير كاريكاتوري فائق الإتقان على مدى سنوات. وتابع المقدّمي حديثه: « في مسلسل « بيني وبينك 2″ هناك قدر وافر أيضا من خِفة الظل والظرافة تتحلّى بها شخصيّة الشيخ مدحت وغيرها من الشخصيات، وفي المسلسل طرح كوميدي محبّب للقلب لتناقضات فئات اجتماعية مختلفة، وتناقضات حياة البدو بخصائصها مع معالم الحداثة ». وأوضح الناقد التونسى أن الكوميديا السعودية تحقق الإمتاع، وفي آن واحد تعمِل عقل المشاهد على التفكير وتُثير فيه الأسئلة الحارقة حول عديد من القضايا التي تشغله كفرد في المجتمعات العربية، ومن ذلك قضايا الروتين والبيروقراطيّة والاحتيال ومشكلات الأسرة والسكن والأجور والاختناق المروري، وتخلّف الوعي لدى بعض الفئات، وضغوط الحياة العصريّة، وتأثيرات العولمة، وغيرها من القضايا على المجتمع والأسرة والفرد. * (المصدر : موقع شبكة « أم.بي.سي » الفضائيّة بتاريخ 8 سسبتمبر 2008 ) الرابط : http://www.mbc.net/portal/site/mbc/menuitem.cec41c4faec6734497b11b101f10a0a0/?vgnextoid=cdb4c4b83e14c110VgnVCM1000008420010aRCRD&vgnextchannel=66597fb9d32ee010VgnVCM100000f1010a0aRCRD  

جريمة «مجانية» في المهدية مقتل تقني بـ «تونيزيانا» على يدي صديق عمره من أجل 20 دينارا
  القاتل حلاّق سدّد 3 طعنات بمقصّ للضحية وسقط في كمين الشرطة العدلية   شقيق الهالك يروي أطوار الجريمة لحظة بلحظة ويتحدث عن المأساة التي خلّفتها   الأسبوعي – القسم القضائي   سقطت فجأة الصداقة بالضربة القاضية وتلاشت معها «عشرة» سنوات طويلة كان فيها طرفا قضية الحال – التي شهدتها مدينة المهدية فجر أحد الأيام القليلة الماضية – مثالا يحتذى به في الصداقة ولكن فجأة وفي لحظة غضب قصوى تحوّلت صداقة سنوات إلى عداء من أجل «وسخ دار الدنيا»…     من أجل 20 دينارا فقط… نعم عشرون دينارا دفعت بشاب إلى الاجهاز على صديق عمره… إلى طعنه في القلب… إلى قتله و«ترميل» زوجته الشابة و«تيتيم» طفلته التي لم تتجاوز ربيعها الثالث. هذا ما حصل فعلا في حدود الساعة الثانية والربع من فجر أحد الأيام الفارطة بقلب مدينة المهدية مما تسبّب في مقتل شاب في التاسعة والعشرين من عمره يدعى كريم منصور وهو تقني بشركة «تونيزيانا» متزوج وله طفلة بعد تعرضه للطعن بمقص أثناء خلاف نشب بينه وبين صديق عمره. فماهي ملابسات هذه الجريمة؟ وماهي دوافعها والظروف التي حامت حول وقوعها؟ «الاسبوعي» وبحثا عن إجابات لهذه الاستفسارات اتصلت بالسيد بديع منصور (الشقيق الأكبر للمأسوف عليه) وتحصلت على المعطيات التالية:   إيقاف القاتل   في البداية نشير إلى أن هذه الجريمة خلّفت استياء أهالي الجهة وصدمتهم خاصة وأنهم لم يعتادوا على وقوع جرائم القتل إلا نادرا كما نشير إلى المجهودات الكبيرة – حسبما أفادتنا به عائلة الضحية – التي قام بها أعوان فرقة الشرطة العدلية بمنطقة الأمن الوطني بالمهدية إذ تمكنوا في ظرف قياسي من إلقاء القبض على المظنون فيه وهو حلاّق في بداية العقد الرابع من عمره بعد تحصّنه بالفرار وحجزوا آلة الجريمة وهي مقصّ حلاقة كما حجزوا شفرة حلاقة كان المشتبه به تسلّح بها أيضا.   علاقة متينة   «هوما زوز خوات بأتمّ معنى الكلمة» – يقول محدثنا ثم يضيف: «لهما قواسم مشتركة فكلاهما يتيم الأب وكلاهما يحنّ على الآخر ويحترمه ويقف إلى جانبه في المسرّات وخاصة شقيقي فقد كان يعطف على (…) ويساعده ماديا ومعنويا بلا حدود حتّى أننا كلما تخاصم مع والدته وأطردته من البيت نسمح له بقضاء الليالي الطوال بمنزلنا كما كنّا نمدّ له يد المساعدة ماديا إذ أنه أغلق قاعة حلاقته بعد خلاف مع والدته (صاحبة المحل) ولم يعثر على موطن شغل قار فساعدته في العثور على عمل بمعمل الصابون ولكنه انقطع لظروف خاصة».   ويضيف محدثنا الذي كان متأثرا للغاية بالحادثة ولم يستسغ بعد مصير شقيقه: «أخي كريم الذي يعمل في خطة تقني بشركة تونيزيانا منذ نحو خمسة أعوام كان مغرما إلى أبعد الحدود بالموسيقى ويعمل ليلا «Dj» في الحفلات كما يساعدني أحيانا في العمل بمحلي لبيع الاقراص الممغنطة برجيش وفي ليلة الواقعة تحوّل أخي إلى منزل أحد «الصفاقسية» للعمل بحفل فاصطحب معه صديقه الذي سلّمته في نفس اليوم 250 دينارا».   دوافع تافهة   وعن دوافع الجريمة قال السيد بديع منصور «يبدو أن الحلاق أراد تسجيل بعض الأغاني على الأقراص المضغوطة فسلّم لشقيقي عشرين دينارا وطلب منه تسجيل بعض الأغاني ولكن يبدو أنه تراجع لاحقا وطلب من أخي أن يعيد له المبلغ المالي غير أن كريم لم يعثر على العشرين دينارا فاغتاظ المظنون فيه واعتقد أنّ أخي رفض إعادة المبلغ إليه ممّا أدى إلى نشوب معركة كلامية بينهما داخل الحفل ثم خارجه غير أن كريم سارع بالعودة إلى البيت.   طعنة في القلب   وعن أطوار الجريمة قال محدثنا: «كانت الساعة تشير إلى الواحدة والنصف صباحا عندما سمعت طرقا على الباب فسارعت بالاتصال بالطارق الذي لم يكن سوى الحلاق فاستفسرته عن سرّ مجيئة في ذلك الوقت المتأخر فأعلمني بأنه سلّم لكريم عشرين دينارا وعندما طالبه بإرجاعها رفض وشاءت الأقدار أن يلتحق بنا كريم فنشب خلاف حاد بينهما سرعان ما تطوّر إلى مشادة كلامية ولكنني تمكنت من فضّ النزاع ومصالحتهما وعاد الحلاق من حيث أتى وتوجه أخي إلى غرفته للنوم ولكن بعد فترة زمنية وتحديدا على الساعة الثانية والربع ليلا فوجئت بالمشبوه فيه يعود إلى البيت فنزل كريم إليه هذه المرة ليتجدّد الخلاف بينهما ويتطور هذه المرة إلى تبادل للشتائم».   وأضاف محدثنا: «عندما ارتديت ثيابي ونزلت إلى الشارع فوجئت بحالة الهيجان التي كان عليها الحلاق الذي نجح في استدراج أخي إلى أحد الأنهج وهناك فاجأه بطعنة حادة في القلب ثم استغل سقوطه أرضا وسدّد له طعنتين أخريين ثم لاذ بالفرار وعندما التحقت بهما عثرت على شقيقي طريح الارض يحتضر ثم سرعان ما فارق الحياة… كانت صدمة كبيرة لكل أفراد العائلة… لا أحد صدّق ما حصل خاصة وأن الجميع يعرفون جيّدا الصداقة التي تربط بين أخي وقاتله ولكن هذا الذي حصل ليدفع أخي الثمن من أحل «حفنة» من الدينارات مخلّفا مأساة اجتماعية… زوجة شابة وطفلة في عمر الزهور بلا مورد رزق ولا أي دخل قار.   وقد أثنى محدّثنا على شركة «تونيزيانا» قائلا: «لقد قام مسؤولوها بالواجب إثر وفاة أخي ووقفوا إلى جانب العائلة ماديا ومعنويا وهذه لفتة خفّفت من وطأة المصاب ورفعت معنويات أفراد العائلة المنكوبة.   صابر المكشر   (المصدر:جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 8 سبتمبر 2008)

نابل: على طريقة الأفلام البوليسية عاملة بمغازة تخطّط مـع «منقّبـة» مزيّفة للاستيلاء على أموال مؤجرها!

  كاميرا المراقبة كشفـت العملية من ألفها إلى يائها   الاسبوعي – القسم القضائي: كشف أعوان فرقة الشرطة العدلية بمنطقة الأمن الوطني بنابل في الآونة الأخيرة النقاب عن قضية خيانة أجير لمؤجره والسرقة والمشاركة في ذلك تورّط فيها خمسة أشخاص بينهم ثلاث فتيات أحيلوا جميعا بحالة إيقاف على أنظار النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية لمواصلة التحقيقات قبل إحالتهم على العدالة لمقاضاتهم من أجل ما سينسب لكل واحد منهم من تهم.  
 وحسب ما توفّر من معطيات فإن عاملة بمغازة كائنة بمدينة نابل تفتّقت قريحتها على حيلة شيطانية لخيانة «عرفها» دون أن تجد نفسها في قفص الاتهام إذ اتفقت مع فتاة أخرى من قريباتها على ارتداء النقاب والمجيء إلى المغازة ومخاطبتها بلهجة عربية مغايرة للتونسية واستغلال حديثها مع حرفاء آخرين اتفقت معهم أيضا على نفس السيناريو والاستيلاء على ما في «الخزنة».  
وفعلا توجهت الفتاة «المنقبة» إلى المغازة رفقة البقية فاستقبلتهم البائعة بكل ترحاب ثم ظلّت تتحدث مع الشابين والفتاة الثانية بينما عجّلت «المنقبة» بالتوجه نحو «الكاسة» وفتحتها بواسطة «مسّاك» واستولت على مبلغ مالي يناهز الأربعة آلاف دينار ثم عادت للوقوف بجانب البقية وكأن شيئا لم يكن.   في الأثناء كانت كاميرا المراقبة تسجل كل الحركات وبالتفطّن للسرقة انطلقت التحريات التي توصلت إلى حصر الشبهة في البائعة التي أدلت بهويات البقية فألقي القبض عليهم.     (جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 8 سبتمبر 2008)

ثلاثة قتلى يوميا في تونس بسبب حوادث السير
تونس (رويترز) – قال المرصد التونسي للمرور في تونس يوم الاحد ان حوادث السير في البلاد خلال العام الماضي تسببت في مقتل ثلاثة أشخاص يوميا في المتوسط وجرح 40 آخرين. وأضافت إحصائيات للمرصد نُشرت يوم الاحد انه تم تسجيل أكثر من عشرة آلاف حادث سير خلال عام 2007 أسفرت عن موت ما لا يقل عن 1500 شخص وجرح نحو 15 ألفا آخربن. وأفادت بأن هذه الأرقام تشير الى ان ثلاثة قتلى في المتوسط يسقطون كل يوم ويُجرح 40 آخرون. وتُعد تونس من ضمن البلدان التي تكثر فيها معدلات حوادث السير بسبب رعونة القيادة. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 8 سبتمبر 2008)

حقائب التونسيين العائدين إلى الخارج هريسة نابل ومقروض القيروان وحنّة قابس.. لإرضاء الإغراءات
تونس: المنجي السعيداني إذا نزلت يوماً بميناء حلق الوادي التونسي، الواقع على بعد كيلومترات قليلة عن وسط العاصمة التونسية تونس، فإنك حتماً ستفاجأ بالحركة الكبيرة التي تطبع الميناء على مدار الساعة، جيئة وذهاباً، سؤالاً وجواباً، والكل مربوط بحبل النجاة إلى إحدى ضفاف المتوسط على الأرجح. فالتونسيون المهاجرون عائدون من الوطن الأم إلى أرض الإقامة وكأن شيئاً لم يكن. فقد ذهبت السهرات الصيفية و«اللمات» العائلية وجاء موعد العودة إلى المواقع وفي القلب الكثير من الحنين والألم. هؤلاء العائدون إلى الخارج يغيّرون العديد من عادات القدوم إلى تونس، فتختلف محتويات الحقائب العائدة كلياً عن محتويات الحقائب الكثيرة التي يحملونها معهم إلى تونس في بداية الصيف ولذلك أكثر من تفسير. فالتونسي الذي يرجع إلى أرض الإقامة غالباً ما ينقل معه إلى المهجر ما يثير انتباه جيرانه من الأوروبيين، والعرب كذلك، ويهاديهم ببعض المأكولات أو المصنوعات التونسية التي قد لا تجد لها مثيلاً في تلك البلدان. وإذا ما كشفنا عن محتويات حقيبة التونسي المغادر خلال هذه الفترة، فإننا حتماً سنجد المقروض القيرواني، وزيت الزيتون البكر، والحنّة القابسية ذات الجودة العالية، والهريسة النابلية الحادة المذاق. وربما تتطور الأمور إلى «الشيشة» بطبقاتها المتتالية، خاصة بعد حظر التدخين في الأماكن العامة في العديد من البلدان الأوروبية، وهذا ما أعطى أهمية مضاعفة للشيشة باعتبار قابلية استعمالها داخل المنزل بشكل فردي أو جماعي. وقد تجد بين محتويات الحقيبة كذلك الخزف التقليدي والبسيسة والعسل الجبلي البيولوجي. هذه المحتويات تشكل تناقضاً يكاد يكون كلياً مع ما تحمله الحقيبة في رحلة المجيء إلى تونس في مطلع الصيف. ففي هذه الرحلة يحمل التونسيون معهم التجهيزات المنزلية والهدايا التذكارية المقدمة لأفراد العائلة من الهواتف النقالة الخفيفة الحمل إلى الثلاجات وأدوات المنزل الثقيلة الحمل، وكذلك الدراجات الهوائية والملابس المختلفة الألوان والأشكال. فوزية البوجبلي، واحدة من التونسيين المقيمين في الخارج، وهي تشرح ما تحمله معها في رحلتي مطلع الصيف ونهايتها بين كندا وتونس، فتقول «أحمل معي لدى مغادرتي تونس ما يربطني بها من مواد غذائية قابلة للبقاء أطول مدة ممكنة، وأسعى إلى مد العائلات الأجنبية القاطنة بالقرب مني في كندا، وممن تربطني بهم علاقات جيدة، بالقليل مما أجلب معي، حتى أن كثيرين منهم أصبحوا ينتظرون عودتي كل صيف وفي أذهانهم أنني آتية إليهم بمواد لا تقل غرابة عما يأتي من مغارة «علي بابا». أما عن محتوى الحقيبة التي ترافقني منذ سنوات فهو حتماً شيء تونسي في الصميم: زيت زيتون مصفى وتمور «دقلة النور» ذات الشهرة العالمية والقليل من البسيسة التونسية التي ألجأ لها خلال الأيام الرمضانية». ويرى فتحي الشواشي المقيم في ولاية فلوريدا الأميركية أنه لا داعي للإكثار من المواد الغذائية عند العودة، «فكل شيء متوفر وبأسعار معقولة، وبالإمكان اقتناء زيت الزيتون التونسي من أي فضاء تجاري. ومع ذلك فقد ألزمتني الوالدة على حمل القليل من الهريسة النابلية ذات المذاق الحار معلقة على ذلك بأنها لا تريد لي أن تتغير طباعي الحارة إلى طباع باردة كما تراها عند الغربيين». ولم ينس فوزي الرابحي، من ناحيته، هدية صديقه الألماني الذي زار تونس في السابق وأغرته حلوياتها ذات المذاق العجيب ـ كما قال له ـ وطلب منه أن يجلب معه القليل من المقروض القيرواني المحشو باللوز والمطعم بزيت الزيتون. وقال انه لن ينسى هذه الشهوة التي سعى في طلبها لأكثر من 300 كلم جنوب العاصمة التونسية وجلبها من منابعها الأصلية. أما عبد الحفيظ الوراري، الذي يقيم في فرنسا منذ عقود، فهو يحمل في كل عودة ما قل ودل من الغذاء والهدايا ولا يسعى إلى العودة بحمولة تقلق راحته من جديد بعدما تعب كثيراً وهو يحمل الكثير من «الأدباش» خلال رحلة القدوم إلى تونس، إلا أنه مع ذلك لا يستطيع الرجوع بخفي حنين ـ كما جاء على لسانه ـ بل سعى إلى الأخذ من كل شيء بطرف. فحمل القليل من الأغذية التي صنعتها الوالدة بيديها (كسكسي وموالح) والقليل من السمن العربي وزيت الزيتون، وهو ذخيرة يلجأ إليها كلما أراد العيش ولو للحظات مع الذكريات الجميلة التي يحملها معه إلى أرض الغربة عند كل زيارة. وتحمل صلوحة العياري معها إلى ايطاليا الحنّة القابسية و«الدربوكة» التونسية، وهما بعض ما يجعل الإيطاليين يرحبون بها كل الترحاب خلال مناسباتهم العائلية، فالدعوات تأتيها من كل حدب وصوب للمشاركة وإضفاء الكثير من الفرح على تلك المناسبات، «فالغربيون ـ على حد تعبيرها ـ يحنون إلى الطبيعة بالرغم من مظاهر التمدن الكثيرة التي تطبع سلوكياتهم، وهم ربما يغبطوننا عن تلك المسحة من الفرح التي تميزنا عن غيرنا». (المصدر: صحيفة ‘الشرق الأوسط’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 سبتمبر 2008)

تقليعة جديدة للحكومة التونسية التصدق على الموظفين والعملة بأموالهم قبل حلول الموعد
مراد رقية ان لمن المضحكات المبكيات ولم تفرج الحكومة التونسية بعد على نتائج المفاوضات »الاستسلامات »  الاجتماعية التي يبدو برغم تأخر الكشف عن نتائجها بأنها هزيلة ومهينة للشغال التونسي بامتياز.وبرغم اعلان الحكومة اللبنانية التي من الأكيد وهي التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي والاضطراب الاقتصادي أعلنت اعتزامها صرف زيادات الأجور قبل حلول موعد عيد الفطر المبارك،فان مثيلتها الحكومة التونسية وبرغم النتائج الايجابية المتحفظ عليها للكشف عن النفط والغاز وبرغم التسبقات التي تحصلت عليها عن مشاريع القرن الواحد والعشرين مثل « مشروع سما دبي » لم تجد الحكومة التونسية العتيدة وأمام التواطؤ الأكيد من لدن « مركزية كرزاي التونسي » مركزية المنشور83 وحرصا منها على تحسين أوضاع الشغّال التونسي الذي أدخل رغما عنه غرفة الانعاش سوى أن تتصدق عليه بأمواله من خلال تقديم موعد صرف منحة الانتاج والأصح أن تسمى « منحة هتك الكرامة »ذلك أنها لا تساوي شيئا لدفعها بالدينار التونسي المغتال مع سابق الاصرار والترصد؟؟؟ والغريب العجيب في كل هذا وذاك أن بعض الصحفيين الملتزمين والمتميزين انطلت عليهم الحيلة لاعتبارهم أن الحكومة التونسية لها الفضل كل الفضل في تقديم صرف « منحة الانتاج »،ان المقصود بالخطوة ياسادة هو ليس »الشهّار » التونسي المسكين الذي أصبح بوجود « كرزاي التونسي »على رأس المركزية النقابية هو آخر من يهتم بشؤونه وبمأساته المستديمة أو المستدامة في تونس « بلد القرف الدائم » ،ولكن هم التجار والباعة الذين دأبت السلطات على دعمهم باطلاق ركب الأسعار الجنوني تأكيدا على انسداد الأفق أمام المستهلك التونسي بارتفاع نسبة التضخم  وانتحار الدينار التونسي مقارنة باليورو وبالدولار برغم أن رواتبنا تدفع بالدينار الذي يجب في وقت قريب النرخيص لطباعته تماما مثل الصحف اليومية التي تطبع بوفرة ولا يطلع عليها الا لدى باعتها  لانتفاءؤ الفائدة من شرائها ومطالعتها  لأنها تحولت الى « ورق محبّر »؟؟؟ وطالما كما يبدو من خلال الخبر الذي تداولته بعض المصادرهو مدين بالفضل للسلط على هذه اللفتة أو الخطوة الثورية فان المطلوب من « مركزية كرزاي » ومن كل النقابات المنضوية تحت لوائها أن تصدر بلاغا تاريخيا وكتوب بأحرف من ذهب تشكر فيه السلطات على تأخير موعد الاعلان عن نتائج »الاستسلامات الاجتماعية » وعن تقديم موعد صرف « منحة هتك الكرامة » عفوا منحة الانتاج،ياله من زمن أغبر رديء بامتياز انقلبت فيه الموازين وأصبح فيه الشهّار ينتظر من السلطات أن تنعم عليه وتتصدق عليه بتقديم موعد صرف منحة الانتاج،الشكر كل الشكر للتجار المتعطشين للاستيلاء على مقدرات الشهّار بدعم « منظمة الدفاع عن المستهلك »التي اقتصر دورها على نصحنا بعدم اللهفة والتبذير،نشكر الجميع على تدخلهم لدى السيلطات تقديما لموعد صرف المنحة التي للعلم يصل مقدارها الى خمسة آلاف دينار للمسؤول ،وألف دينار للموظف،وخمسماية دينار للعامل ،كل رمضان وأنتم ونحن بألأف خير،كل رمضان وكل تقديم موعد صرف منحة ونحن بألف خير وصحة وسلامة برعاية وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج مع شكر خاص لراعي مسيرة الاستسلامات الاجتماعية »مركزية كرزاي التونسي »؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

بين الدعاية الغبلزية و الوقائع : 9/11( الجزء الأخير)
 
5- طائرة الرحلة 93 : هل إرتطمت بالأرض أم أسقطت بصاروخ؟   
 تثير طائرة الرحلة 93 التي تذهب الرواية الرسمية الى أنها تحطمت في منطقة « شانكز فيل » بولاية بنسلفانيا بدورها شكوكا في الرواية الرسمية. إنها تمثل مشهدا آخر من فصول درما الحادي عشر من سبتمبر. لقد كانت المشهد الأخير لآخر طائرة من عنقود الإختطاف المفترض و آخر شاهد على « فشل » نظام الدفاع الأمريكي  على الفعل بفعالية و دقة كما يفترض فيه.    و يذهب تقرير لجنة التحقيق الرسمية الى أن طائرة الرحلة 93 قد إصطدمت بالأرض عند الساعة 10:53 صباحا بعد أن خاض المسافرون عل متنها صراعا عنيفا مع المختطفين.أقلعت هذه الطائرة من مطار « نيو آرك » عند الساعة 8:42 صباحا و بعد تأخير بأربعين دقيقة أي بعد أن صار معلوما لدى إدارة مراقبة الملاحة الجوية الفيدرالية أن طائرة الرحلة 175 قد وقع إختطافها، و ذلك عند الساعة 9:36 صباحا.    و حسب الرواية الرسمية قام بعض المسافرين على طائرة الرحلة 93 المختطفة باجراء مكالمات هاتفية مع بعض أهاليهم و عن طريق ذلك علموا أن طائرات أخرى و قع إختطافها قد ضربت برجي مركز التجارة العالمي و هو ما جعل ركاب تلك الطائرة يدركون أن مصيرهم سيكون نفس مصير ركاب الطائرات الأخرى فقرروا محاولة السيطرة على الطائرة لإنقاذ أنفسهم من ذلك المصير لذلك دخلوا في صراع مع الخاطفين.و دائما حسب الرواية الرسمية إنتهي ذلك الصراع الى إصطدام الطائرة بالأرض و تحطمها. و كان تحطم الطائرة حدثا دراميا حقيقيا أو أنه دراميا بامتياز خاصة و أن الأمر لا يتعلق بدراما هوليودية و إنما بحقيقة إنسانية.كان الضحايا بشرا حقيقيين و الدّم لونه طبيعيا كما كيمياءه.لم يحتج « المشهد » الى مختصين في الحيل لقد كان طبيعا و مباشرا. و كان الموت موتا لا تمثيلا.    و لأن قمة الدراما ليست الموت و إنما أن ترى الموت قادما إليك. فقد قاوم المسافرون في الرواية الرسمية الموت القادم.لكن عبثا حاولوا.فقد صيّرتهم الرواية الرسمية رقما آخر ينزاد الى الإحصاء لنكنهم صاروا كذلك حجّة أخرى للباحثين عن المزيد من الحجج.    إذن، من أذاق ركاب الرحلة 93 طعم الموت بشكله الدّرامي؟ الإرهابيون القادمون من بربريّة الشرق الأوسط أم تَقنيُو البنتاغون و عقوله الشيطانية؟ هل إصطدمت الطائرة بالأرض بعد صراع بين الركاب و الخاطفين أم أُسقطت بواسطة صاروخ أُطلق من طائرة تابعة لسلاح الجوّ الأمريكي؟    عُقدت ندوة متلفزة عبر الأقمار الصناعية جمعت بين أعلى القيادات السياسية و العسكرية والأمنية الأمريكية حيث نُوقشت مسألة إستعمال القوة ضد أي طائرة مختطفة من شأنها أن تشكل تهديدا لحياة المواطنين و أملاكهم. و قد إتخذ القرار باستعمال القوة ضد أي طائرة ترفض الإنصياع لأوامر المقاتلات المُعترضة.حيث تكلم « ريتشارد كلارك » باسم المجتمعين قائلا: »الرئيس أعطى الأوامر باستخدام القوة ضد أي طائرة تحدد على أنها معادية[58] »و كان ذلك عند الساعة 9:55 صباحا و بسرعة تم نقل القرار الى القيادة الشمالية الشرقة أحد فروع القيادة الشمالية للجيش التي نقلت الأوامر مباشرة الى الطيارين الذين كانوا في الجوّ. و كانت طائرة الرحلة 93 الوحيدة التي لاتزال في الجوّ و هي متجة نحو واشنطن. لقد قال مراقب الملاحة الجوية الى الطيارين : »لن يُسمح[لطائرة] يُونايتد آر لينز رحلة 93 بأن تصل الى واشنطن دي سي[59] ».    و مع أن القرار قد إتخذ فعلا و صدرت الأوامر للطايارين و هي تشمل طائرة الرحلة 93 لأنها الوحيدة المختطفة في تلك الأثناء فان الحكومة الأمريكية لاحقا قد أنكرت أن تكون القوات الجوية هي التي قامت بعملية إسقاطها.و كالعادة قامت لجنة « كين-هاملتون » الرسمية  بالتصديق على النفي الحكومي حيث ذكرت في تقريرها أن الطيارين قد تلقوا الأوامر « بصفة متأخرة » أي بعد تحطم الطائرة نافية بذلك في تقريرها أن يكون سلاح الجوّ هو الذي أسقطها.    إلا أن هذا النفي المضاعف يناقض المنطق و حيثيات ما حصل فعلا.فاذا كان « ريتشار كلارك » قد نقل قرار الرئيس على الساعة 9:55 صباحا الى القيادة الشمالية للجيش فكم من الوقت تحتاج هذه الأخيرة لنقله الى الطيارين؟ ليس لأكثر من دقيقة فقنوات الإتصال مفتوحة بين جميع الأطراف، من متخذ القرار الى من سينفذه، عن طريق الندوة المتلفزة السابق ذكرها. فكيف يمكن للجنة التحقيق أن تدعي أن الطيارين قد تلقوا الأوامر بشكل متأخر أي بعد 10:03 و هو الوقت المعلن رسميا على أنه ساعة تحطم الطائرة مع العلم أن خط طيران الرحلة 93 كان معلوما لدى القيادة الشمالية للجيش فقد كانت على شاشات راداراتها و لأنه كان هناك مقاتلات بنفس منطقة وجود طائرة الرحلة 93 فقد كان هناك متسعا من الوقت بعد تلقيها الأوامر على الساعة 9:55 صباحا للفعل و إسقاط تلك الطائرة.    قناة « سي-بي-أس نيوز » ذكرت نقلا عن مسؤولين عسكريين أن طائرتي « أف-16 » كانتا تطيران مباشرة خلف طائرة الرحلة 93[60] دقائق قبل تحطمها. و رغم حظر التصريحات على مسؤولي إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية من قبل إدارتهم كسر أحد مراقبي الملاحة الجوية الحظر و صرّح أن طائرة « أف-16″ تبعت عن قرب طائرة الرحلة 93. و ذكر أن الـ »أف-16″ كانت »في تَتبُّع حار » مع الطائرة المختطفة[61]. و لا شك أن مراقب الملاحة الجوية هذا كان أمامه كل المشهد على شاشة الرادار.    لقد أنكرت الحكومة ممثلة في وزارة الدفاع و إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية و الـ »أف-بي-أي » و غيرهم أن تكون مقاتلات قد إقتربت من طائرة الرحلة 93 و أن تكون قد تلقت الأوامر باعتراضها و إطلاق النار عليها رغم أن الشهادات المؤكدة لذلك قد جائت من مصادر موثوقة.    و تدعيما لهذه الفرضية نورد ما نقلته « الواشنطن بوست » من أن أحد العسكريين قد قال لـ »ديك تشني »نائب الرئيس الأمريكي « هناك طائرة على بعد 80 ميل،و هناك طائرة مقاتلة في المنطقة، فهل نعالج أمرها[62] » و كان جواب « تشني » « نعم » كما ذكرت « الواشنطن بوست » أن نائب الرئيس سُئل مرتين بعد ذلك لتأكيد أمر تدخل المقاتلة لـ »معالجة أمر » طائرة الرحلة 93 و أعتراضها و ضربها فصادق على الأمر.إن هذا يعني بوضوح أن « نائب الرئيس « ديك تشني » هو الشخص الذي أمر مباشرة باسقاط الطائرة بعد أن كان الرئيس نفسه إتخذ القرار.و نفس الجريدة و في عددها ليوم 27 جانفي 2002 ذكرت أنه عندما بلغ الى الرئيس « بوش الإبن » نبأ الطائرة قال : » هل أسقطناها أم تحطّمت؟ » و هو ما يعني أن الأَمر باسقاط الطائرة قد أُعطي للطيارين.و يؤكد ذلك تصريحا لأحد الطيارين[63] من اللذين شاركوا في الطلعات فوق « نيويورك » إذ قال بأنه عَلم من زملاءه أن مقاتلة « أف-16 » قد ضربت طائرة فوق بنسلفانيا.فهل كانت شهادته زورا و كذبا؟ و ما مصلحته في مثل هذا الكذب الذي قد يكلفه حياته…المهنية؟    و من مكان الحادث ذاته نجد عدّة شهادات تناقض كذلك الإدعاء الرسمي بأن الطائرات المعترضة لم تصل الى مكان الحادث إلا بعد وقوعه. فقد صرّحت « سوزان ماك إلفاين »، و هي أستاذة و عمرها 51 سنة بأنها رأت طائرة عسكرية في الوقت ذاته مع طائرة الرحلة 93 قبل سقوطها بقليل.و لأنها شاهدت على التلفاز إنكار الحكومة وجود أية طائرة أخرى في مكان الحادث فقد قالت لمراسل الـ »ديلي ميرور »: » لا سبيل الى أني قد تخيلت هذه الطائرة ، لقد كانت تطير منخفضة جدّا كما لو أنها فوقي…و مؤكدا أنها كانت عسكرية[64] ».كما صرّحت السيّدة « ماك إلفاين »الى نفس الجريدة بأن صديقتها قد قالت لها يومها أن زوجها الذي في القوات الجوية قد إتصل بها هاتفيا و قال لها[زوجته]: »لقد سقطنا طائرة منذ قليل[65] ».    و ذكر « لي بورباغ » و عمره 32 سنة لـ »ديلي ميرور »: » نعم كانت هناك طائرة أخرى[66] » و ذلك ردا على سؤال ما إذا كان شاهد طائرة أخرى.و هذا كذلك « توم بناتّي »و عمره 28 سنة يشهد بأنه رأى الطائرة الثانية: »رأيتها قبل و بعد الإصطدام[67] » و كان على بعد ميل ونصف من مكان الحادث.و ذكرت الـ »ديلي ميرور » في تقريرها أن مركزا لرصد الزلازل في بنسلفانيا قد سجل ما يشبه القنبلة الصوتية في المنطقة و قدر الخبراء أن ذلك كان ناتجا عن مرور طائرة تطير بسرعة الصوت وهي طبعا الطائرة العسكرية التي شاهدها سكان المنطقة[68].    و رغم إصرار الدوائر الرسمية على إنكار وجود طائرة تابعة لسلاح الجوّ في المنطقة و بالتالي إنكار إطلاق النار على طائرة الرحلة 93 فان المزيد من المعطيات الميدانية يؤكد عكس ذلك تماما، إذ يذكر « لونغمان جيري » دهشة أعوان مقاومة الحرائق عندما وصلوا الى مكان الحادث إذ لم يجدوا حطام طائرة بحجم البويتغ 757 هناك و هو ما جعلهم يعتقدون بأن الأمر يتعلّق بموقع تحطم غير عادي.فمكان الحادث المفترض لا يحتوي على قطع الطائرة « المتكونة من 626.000 قطعة مربوطة بـ 60 ميلا من الأسلاك و مشدودة بـ 600.000 من البراغي[69] ». لقد كان حطام الطائرة منتشرا على بعد 8 أميال من مكان الإصطدام المفترض .فأحد محركات الطائرة و زنته نصف طن وُجد على بعد ميل تقريبا. و إذا كانت الطائرة قد إرتطمت سليمة بالأرض فكيف إنتشر حطامها على بُعد 8 أميال من مكان الحادث؟ إن هذه النتيجة لا تنسجم منطقيا و فيزيائيا مع مقدمة كون الطائرة إصطدمت بالأرض سليمة،بعبارة أخرى إن هذا الأمر مستحيلا وقوعه.    إن ما يؤكده الخبراء بناءا على المعطيات الميدانية لمكان الحادث هو أن الطائرة لم تتحطم عند إصطدامها بالأرض بل تحطمت و هي لا تزال في الجوّ.و هذا هو التفسير المنطقي و الفيزيائي الوحيد لانتشار حطام الطائرة على بعد 8 أميال من مكان الحادث المفترض.و هنا نجد وشائج قُربى متينة بين مكان تحطم طائرة الرحلة 93 و مكان طائرة « البان أمريكان » التي تحطمت فوق « لوكربي » بسكوتلندا سنة 1998 و التي قيل أن المخابرات اليبية قد فجرتها بواسطة قنبلة على إرتفاع 30.000 قدم و هو ما أدى الى تشضي الطائرة و إنتشار حطامها على مدى أميال.    لقد أوردت وكالة « روتير »  للأنباء: »أن مسؤولا في شرطة بنسلفانيا قال يوم الخمسي 13 سبتمبر أن حطام الطائرة قد وجد على بعد ثمانية أميال من مكان تحطمها[70]. كما ذكر تقرير « رويتز » أن سكان المنطقة قد شاهدوا « حطاما مشتعلا يسقط من السماء[71] ».و هنا أمكننا أن نتساءل عن ما الذي تسبب في تحطم الطائرة في الجوّ و إشتعال النيران فيها. إن الجواب اليتيم الممكن هو أن طائرة الرحلة 93 قد وقع إسقاطها بواسطة صاروخ من قبل إحدى مقاتلات سلاح الجوّ الأمريكي بعد إتخاذ القرار بذلك من قبل الرئيس و نائبه. و من ما يستدل به الخبراء على ذلك إضافة الى إنتشار الحطام على مدى أميال هو حالة أحد محركات الطائرة الذي كما مر معنا سابقا يزن نصف طن و وجد على بعد ميل من مكان التحطم المفترض. فالصاروخ عندما أطلق على طائرة الرحلة 93 إستهدف أحد المحركات لأنه من نوع « سايدويندر[72] » الذي تزوّد به طائرات الـ »أف-16″ و يبلغ هدفه متبعا مصادر الحرارة الصادرة عن المحركات.فضربة الصاروخ هي التي أدت الى إنفجار الطائرة في الجوّ أي قبل أن تصطدم بالأرض و هو ما يفسّر تطايرها في كل الإتجاهات و على مدى أميال.كما هو حال المحرك الذي إستهدفه الصاروخ مباشرة كمصر للحرارة فوجد على بعد ميل من مكان الحادث. الى جانب ذلك ذكر تقرير الـ »ديلي ميرور » أن ما جمع من بقايا الضحايا لا ينسجم و عدد ركاب الطائرة الـ44. فمن جملة الوزن المقدر ب »7500 بواند » تم  جمع « ما زنته 600″ فقط و حسب نفس التقرير: »أكبر قطعة من الخلايا البشرية المجودة كانت جزءا من نخاع بطول 8 إنشات ».[73]    و مع ذلك يصر مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي إضطلع بالتحقيق في الحادث على أنه لم يقع إستعمال أي نوع من المتفجرات فيه، كما |أصر على رفض أي تحقيق آخر مستقل بما فيها عرضا من خبراء بمعهد « مارسي هورست[74] » بـ »إيري » ببنسلفانيا، فحسب المكتب « لا وجود للغز مطلوبا حله بشأن الطائرة ، الجميع يعلم ما الذي حصل لها[75] ».    طبعا مكتب التحقيقات الفيدرالي يريد أن يفرض « الحقيقة » الرسمية دون سواها فقد كان بإمكانه البرهنة  على هذه الحقيقة بأن يسمح بتحقيقات أخرى مستقلة لتأكيد نتائج تحقيقاته في حادث تحطم الطائرة. و لأنهم لم يفعلوا فهذا يعني أن هناك حقيقة أخرى لا يريدون لأحد أن يطلع عليها. لذلك قام أعوان المكتب بطمس معالم الحادث بوضع طبقة من الرّدم عليه حتى لا يتسنى لأحد القيام بتحقيق.    و كما عاينا سابقا سعي الحكومة الأمريكية لمنع و عرقلة التحقيق في مفاصل أخرى من أحداث 9/11/2001 فها هي  تواصل ذلك النهج بشكل منهجي .إنها تسعى جاهدة لمنع وصول حقيقة ما حدث الى الرأي العام الأمريكي و العالمي مقدمة لهما « الحقيقة » الرسمية.    و رغم أن معاينة مكان الحادث تؤكد أن طائرة الرحلة 93 قد وقع إسقاطها بصاروخ جوّ-جوّ أطلق من مقاتلة تابعة لسلاح الجوّ فان الحكومة الأمريكية و وكالاتها تصرّ على نفي ذلك.    إن الإعتراف باسقاط تلك الطائرة من شأنه أن يثير عدة تساءلات محرجة جدا لإدارة الرئيس بوش الإبن و عسكر البنتاغون،من مثل كيف أمكن للحكومة أن تقتل مواطنيها المفروض فيها حمايتهم؟ فالطائرة أسقطت حتى لا تضرب البيت الأبيض أو مقر الكونغرس، و هذا يعني أن الحكومة تسببت في قتل مواطنين عاديين من أجل حماية المسؤولين في الحكومة و هذا تمييز و تفرقة لن يرضى به أهالي الضحايا مثلا.    ثم إذا أمكن إعتراض و إسقاط هذه الطائرة بإتباع « المعايير و الإجراءات المتبعة » التي يعمل وفقها نظام الدفاع فلماذا لم يحدث الشيء ذاته مع الثلاث طائرات الأخرى؟ إذا كان نظام الدفاع جاهزا و فعّالا مع طائرة الرحلة 93 فما الذي منعة من أن يكون كذلك مع الطائرات الأخرى؟ فانكار الحكومة ينسجم أكثر مع سلوكها مع الطائرات الأخرى.    غير أن هناك من ذهب الى أبعد في التضنّن على الرواية الرسمية. لقد وقع إسقاط طائرة الرحلة 93 ليس لأنها كانت متجهة نحو البيت الأبيض أو مباني رسمية أخرى و أنه يُخشى أن تسبب الموت و الدمار و إنما تم ذلك لأسباب أخرى.    فاذا إنطلقنا من فرضية كون عمليات إختطاف الطائرات قد تمت بتخطيط من أطراف داخل الحكومة و الجيش و المخابرات فان كل الطائرات قد حُددت لها أهدافا و يجب أن تصل الى تلك الأهداف، و كان يُفترض أن لا يرد نظام الدفاع الجوّي على أيا من الطائرات المختطفة بحيث تضرب كل منها الهدف الذي حُدد لها.و لأن الأمر إختلف مع طائرة الرحلة 93 فهذا يهني أن أمرا قد دعى الى إسقاطها.أي أنه قد حدث طارئا دعى الى إنهاء مهمتها قبل وصولها الى هدفها.    حسب الرواية الرسمية أدرك المسافرون على متن طائرة الرحلة 93 أن مصيرهم الموت المحتم بعد أن علموا بأن الطائرات الأخرى ضربت مباني مركز التجارة العالمي لذلك قرروا أن يتحدوا ضد الخاطفين لإستعادة السيطرة على الطائرة خاصة و أنه كان من بينهم طيارين يمكنهما بمساعدة مراقبي إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية أن يحطوا بالطائرة سليمة على الأرض.    إن وصول الطائرة سليمة بمن فيها سوف يطلق تحقيقا كاملا في الكيفية التي تم بها إختطاف كل الطائرات من خلال التحقيق مع الخاطفين و حول كيفية تنظيم كل العمليات بدء بالتمويل و التدريب و العلاقات بأشخاص داخل الولايات المتحدة الأمريكية و خارجها.و هو ما من شأنه كشف الجناة الحقيقين و العلاقات بين عدة أطراف في الحكومة و وكالاتها و تنظيم القاعدة.    و كان بالإمكان التحقق من كون الطائرات كانت مختطفة أم أنها مُتَحَكما فيها بواسطة نظام « غلوبال هاوك[76] » و الذي يبدو أن عَطلا ما أصابه في طائرة الرحلة 93 حسب ما يذهب اليه « تاربلي[77] »    لذلك فان إسقاط تلك الطائرة هو إسكات للحقيقة التي كان يمكن أن تكتشف لتكشف عن المخطط كله و عن الجناة الحقيقيين.  تعليق/فشل نظام  الدفاع الأمريكي؟-III    يوم الحادي عشر من سبتمبر إنبهرت الأبصار و العقول بمشهد الطائرات و هي تضرب برجي مركز التجارة العالمي و بالمشهد الناري الناتج عن الإصدام و فيول الطائرات المحترق.و قد إختزلت كل الأحداث من قبل وسائل الإعلام الأمريكية و العربية في ذلك المشهد اليتيم.لقد إستحوذ ذلك المشهد الرهيب على كل الإنتباه و التركيز بل إنه صار يختزل الأحداث في أذهان الأمريكيين و العرب أي أن إرهابيون عرب/مسلمون إختطفوا طائرات لضرب مباني مركز التجارة العالمي.كان الحدث مفاجئا للجميع و أكبر مما يمكن أن يُتصور حدوثه.لذلك لم يذهب الأمريكيون و كذلك العرب بتفكيرهم الى جوانب أخرى من الأحداث.يومها كان الأمريكيون تحت تأثير الصدمة و كان العرب و المسلمين تحت تأثير نشوة الشماتة في الولايات المتحدة الأمريكية.لقد إعتقد أغلب العرب بأن الأحداث شكلت « نصرا » للعرب و المسلمين لذلك أعماهم ذلك « النصر » عن التفكير بشكل موضوعي في ما حصل، ما حصل فعلا.    يومها و حتى فيما بعد لم يتساءل البعض كيف أمكن لجماعة مثل تنظيم القاعدة بتاريخها العسكري المحدود أن تنجح في تنفيذ عملية بذلك الحجم داخل الأراضي الأمريكية؟ كيف إستطاعت الجماعة أن ترواغ نظام الدفاع لأقوى دولة في التاريخ؟ هل هذا الأمر ممكنا حقا؟ هل فعلا شلت عبقريّة قادة القاعدة قدرات نظام الدفاع الأمريكي بما له من قدرات إستخبارية و تكنولوجية و خبرة في علم الإستراتيجيا؟    و إن كان البعض قد طرح مثل هذه الأسئلة فان التفكير الميتافيزيقي الساذج لم ينصفه في الرؤية الواقع.قاس البعض الوقائع بالآية »و كم من فئة صغيرة غلبت فئة كبيرة ».و إستحضر البعض الآخر في أذهانهم إنتصارات المسلمين الأولى زمن النبوة. يومها لم يسأل أحدا : أين أسطورة الجيش الأمريكي؟ أين الطائرات و الصواريخ و الرادارات و جنود الوحدات الخاصة، أين الجنرالات أين الـ »سي-أي-أي[78] » و الـ »أف-بي-أي[79] » و الـ »آن-آس-آي[80] » و الـ »دي-آي-أي[81]؟ هل تلاشو؟هل بطلت حكمتهم؟    يبدو أن الأمر لا يستقيم هنا و شيئا ما في المشهد غير منسجم.أبهذه السهولة يُرَدُ نظام الدفاع لأقوى جيش في العالم و أحدثه الى ما دون خبرة نفر من سكان كهوف إفغانستان؟    قد تبدو كل هذه الأسئلة إعتباطية بالنسبة لذهن شخص عادي أما بالنسبة الى خبير عسكري فالأمر على غير ذلك تماما. فبالنسبة لشخص عادي إن مسألة إختطاف طائرة تجارية في الولايات المتحدة الأمريكية و تحويل وجهتها عن مسار طيرانها الأصلي لفترة زمنية طالت أو قصرت أمرا ممكنا. أما بالنسبة لخبير عسكري يعرف قدرات و إستعدادات الجيش الأمريكي و يعرف سياسة الدفاع الأمريكية فان إختطاف طائرة واحدة و تحويل وجهتها لبعض الدقائق أمرا مستحيلا.فماذا عن أربع طائرات و في نفس اليوم.    ففي الولايات المتحدة تخضع حركة الملاحة الجوية الى قوانين فيدرالية صارمة تحت إشراف : إدارة الملاحة الفيدرالية[82]  و إشراف : مركز القادة القومية للجيش[83] و فورعه. و يقع التنسيق بينها في ما يتعلق بأمن و سلامة الملاحة الجوية باعتبارها جزءا لا يتجزء من أمن البلاد ككل. و قد صيغت من القواعد و القوانين التي تنظم عمل كلا من إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية و القيادة القومية للجيش و تعرف باسم « القواعد الإجرائية المتبعة[84] ».و هي موجودة منذ عدة عقودا و يقع إتباعها باستمرار من قبل الطرفين و لم تسجّل عدم فاعلية و نجاعة هذه القواعد و القوانين في حالات سابقة فهي تطبق باستمرار لسنوات عديدة بحيث تحولت الى روتين لدى موظفي إدارة الطيران الفيدرالي و القيادة القومية للجيش. فعلى ما تنص تلك القواعد الإجرائية و ما هي وظيفتها؟    المعلوم أن كل طائرة لها مسار طيران محدد بدقة بدءا من لحظة إقلاعها الى لحظة نزولها بالمطار المحدد.تطير الطائرة على إرتفاع محدد و لا يجب على أي طائرة أن تغير إرتفاع طيرانها أم مساره الشيء الذي يمكن أن يضعها في إرتفاع طيران طائرة أخرى و هو ما قد يؤدي الى تصادم.لذلك تزوّد كل طائرة بجهاز ترانسبوندر يبث ذبذبات بتردد معين خاص بكل طائرة يلتقطه رادار إدارة الملاحة الجوية و بواسطته يتابع مراقب الملاحة سلامة طيران كل طائرة على خط و إرتفاع محددان. و يعتبر خروج الطائرة عن مسار رحلتها المحدد بأكثر من ميلين خطرا على نظام الملاحة الجوية. لذلك حالما تخرج الطائرة عن مسارها أو تغير درجة إرتفاعها يقع إعلان حالة طواريء لدى مراقب الملاحة الجوية في غرفة الرادار التابع الى إيدارة الملاحة الجوية الفيدرالية. و يحاول المرقب بسرعة الإتصال بغرفة قيادة الطائرة لينبه الطيار الى ما حدث فيقوم هذا الأخير بتصحيح مساره أو إرتفاعه و هو ما يعني إلغاء حالة الطواريء و الخطر.   و في بعض الحالات قد يحدث أن ينطفيء جهاز الترانسبوندر بحيث يصبح مراقب الملاحة الجوية غير قادر على أن يتابع خط الطيران و الإرتفاع و هو ما يؤدي الى إعلان حالة الطواريء. بسرعة يقوم المراقب بالإتصال بالطيار عبر جهاز لراديو الخاص بالطائرة ليستفسر الأمر فاذا تم الإتصال بواسطة الراديو أعلم المراقب الطيار بانطفاىء جهاز الترانسبوندر الخاص بالطائرة ليقوم الأخير باعادة تشغيله. و إذا إشتغل تلغى حالة الطواريء.    لكن قد يحدث في بعض الحالات أن ينطفيء الترتنسبوندر و عندما يحاول المراقب الإتصال بالطيار عبر الراديو فان الراديو يكون مطفيء و هذا يعني إستحالة الإتصال بالطائرة للإستفسار عن سبب العطل و بالتالي إستحالة إصلاحه. و هنا يقع إعلان حالة طواريء من قبل إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية.    و يعتبر إنطفاىء الراديو و الترانسبوندر حسب نظام القواعد الإجرائية[85] من علامات إختطاف الطائرة و رغم أن الإختطاف ليس مؤكدا فان ذلك النظام يدعو مراقبي إدراة الملاحة الجوية الفيدرالية الى التعامل معها و كأنها إختطفت . و لا يتعلق الأمر بمبالغة و إنما بتشديد الإجراءات الأمنية قبل فوات الأوان.    و يقضي نظام القواعد الإجرائية أنه إذا تعذر إجراء الإتصال بالطائرة فان الإدارة الفيدرالية للملاحة الجوية مجبرة على إعلام قيادة الجيش بأمر السلوك المشبوه للطائرة. و حسب شهادة الجنرال « رالف إيبرهارت » قائد القيادة القومية للجيش أمام لجنة تابعة للكونغرس قال : »تحتاج إدارة الطيران الفيدرالي الى دقيقة » لتبلّغ القيادة القومية للجيش بأن شيئا ما غير عادي بصدد الحصول. و تكون الخطوة الموالية هي أن تقوم تلك القيادة « باستعجال إرسال[86] » طائرات مقاتلة « في ظرف دقائق معدودة » حسب نفس الجنرال[87].    و كما سبق ذكره تحتوي كل القواعد الجوية تقريبا على سرب من المقاتلات على أتم الإستعداد للإقلاع في مهام إعتراضية أو قتالية[88] تحسبا لأي طواريء مدنية أو كوارث طبيعية. لذلك حالما تبلّغ إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية  القيادة الشمالية للجيش بأمر طائرة مصدر خطر فان تلك القيادة تحتاج الى بعض دقائق لتعطي أمرا باقلاع الطائرات المتأهبة.و تقضي الإجراءات أن تصدر الأوامر بالذهاب في مهمة إعتراضية الى أقرب قاعدة جوية من مكان الحادث .و إذا إحتاجت العملية الى الدعم فانه يأتي من ثاني أقرب قاعدة جوية لمكان الحادث.    و لم يترك المشرّع الأمريكي مثل هذه المهام الى الإجتهاد الفردي لمختلف الإداريين و الرتب العسكرية أو الى الصدف و الأهواء بل تم تنظيم عمل إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية و عمل القيادة القومية للجيش وفقا لقوانين و قواعد واضحة و دقيقة من أجل ضمان أقصى درجات الجاهزية و الفاعلية و النجاعة. كما تم تجهيز كل منهما بأحدث المعدات و أحسن الخبراء للمراقبة و الإتصال.    و ينص « نظام الدفاع الجوي[89] » للولايات المتحدة الأمريكية على : »أن مهمة نظام الدفاع الجوي هي إمداد القائد العام لقيادة الدفاع الجوي لشمال أمريكا[90] و القائد العام لقيادة الولايات المتحدة لمنطقة الأطلسي[91] بوسائل إلتقاط و تعرّف و إعتراض و إعلام و كذلك و عند الضرورة تدمير أي شيء يطير من شأنه أن يشكل تهديدا لشمال أمريكا و إسلندا و ذلك إنسجاما مع المبدا التكتيكي: تهديد،إنذار/هجوم[92] ».    و النص هنا يشمل كل ما من شأنه أن يشكل تهديدا لأمن الولايات المتحدة الأمريكية سواء كان مصدره خارجيا أي من أي دولة أخرى أو داخليا أي من داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها مثل إحدى المليشيات و التي تعد بالعشرات و كلها مسلحة أو المافيات أو الجماعت داخل الجيش.و هو لا يستثني الطائرات المدنية التجارية إذا إختطفت لإستعمالها كأسلحة لضرب أهداف داخل الولايات المتحدة الأمريكية.    و حسب تقارير رسمية تتم قرابة المائة عملية إعتراضية سنويا.و تحدث العشرات من الحالات التي تعلم فيها إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية اقليادة الشمالية للجيش بأمر طائرات مشتبه فيها بعد إنطفاىء جهاز الترانسبوندر الخاص بالطائرة و تعذر الإتصال بها بواسطة جهاز الراديو أو خروج الطائرة عن مسار طيرانها فتقوم القيادة الشمالية للجيش بـ »إستعجال إرسال » مقاتلات في مهام إعتراضية لتقصي المشكل عن قرب و في كل الحالات يتعلق الأمر بخلل تقني في الأجهزة. ذلك أنه في إطار التنسيق بين القيادة الشمالية للجيش و الأجهزة الأمنية الأخرى مثل برامج مقاومة تجارة المخدرات يُتطلب من القيادة القومية للجيش « إستعجال إرسال » مقاتلات لإعتراض طائرات يشتبه في نقلها للمخدرات. و في سنة 2000 قامت القيادة القومية للجيش  بـ »إستعجال إرسال » مقاتلات في مهام إعتراضية 129 مرّة. و في ندوة صحفية لإدارة الملاحة الجوية الفيدرالية تم تأكيد وقوع »67 عملية ‘إتعجال إرسال’ مقاتلات للإعتراض في الولايات المتحدة في الأشهر العشرة ما بين سبتمبر 2000 و جوان [93]2001[94] ».    إذن، يبدو أن « نظام الدفاع الجوي » قد قام بتنظيم عمل كلا من إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية و القيادة الشمالية للجيش حتى لا يترك أي طارئا للصدفة و الإجتهاد بل أن هذه المعايير الإجرائية واضحة و دقيقة و عملية و دللت على نجاعتها عبر السنوات الطويلة من الممارسة.    و عليه، هل كانت « المعايير الإجرائية المتبعة » التي ينص عليها « نظام الدفاع الجوي » كفيلة بأن تمنع وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001، أي هل كانت كفيلة ان تمنع عملية إختطاف الطائرات و إستعمالها لضرب أهداف مدنية و عسكرية داخل منطقة عمل كلا من القيادة القومية للجيش و إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية؟    نظريا تبدو القواعد المنصوص عليها في « نظام الدفاع الجوي » سليمة منطقيا أي معقولة، و عمليا و تاريخيا دللت على فعاليتها و نجاعتها إذ لم يحدث أن سُجلت أي حالة إخلال سابقة سواء في أداء إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية أو أداء القيادة القومية للجيش، لقد دللت « المعايير الإجرائية المتبعة » على أنها قادرة على منع عمليات إختطاف طارات تجارية كما حدث يوم 9/11/2001.    و هنا قد يسأل البعض و لماذا لم تجدي نفعا يوم 9/11/2001؟ الإجابة بسيطة و هي ، أنه لم يقع إتباع « المعايير الإجرائية المتبعة » في ذلك التاريخ. لقد كان إتباع المعايير الإجرائية كفيلا بأن يمنع إختطاف طائرة واحدة و إستعمالها لضرب هدف مدني أو عسكري داخل الولايات المتحدة الأمريكية إذا إلتزمت إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية و أعلمت القيادة الشمالية للجيش و قامت هذه الأخيرة باتباع الإجراءات المنصوص عليها إي « إستعحال إرسال » مقاتلات لإعتراض أي طائرة تشكل خطرا و القيام بالجراءات الضرورية معها. غير أن ما حدث ، و في سابقة أولى من نوعها ، تم إختطاف الطائرة الأولى و تحويل وجهتها و إستعمالها سلاحا، و في سابقة ثانية تم إختطاف طائرة ثانية و إستعمالها سلاحا ضد هدف مدني، و سابقة ثالثة تم إختطاف طائرة ثالثة و في سابقة رابعة تم إختطاف طائرة رابعة. فيوم 9/11/2001 لم يكن يوما تاريخيا من جهة كونه سجل حدوث سايقة واحدة  في تاريخ نظام الدفاع الأمريكي و نظام الملاحة الجوية و إنما سجل حدوث أربعة سوابق مرّة واحدة.قد يظن البعض من المعتقدين في حكمة أسامة بن لادن و سحره بأنها أربعة إخفاقات و هم هنا يلتقون مع ما تسعى الحكومة الأمريكية الى ترويجه مُواربة.أي أن إدارة الملاحة الجوية و القيادة القومية للجيش قد أخفقتا في إتباع « المعايير و الإجراءات المتبعة » فلم يُنسقا بما يكفي لمواجهة الأعمال الإرهابية.    إن الحكومة الأمريكية تحاول أن تتحايل على عامة الناس بأن تقدم ما حصل يوم 9/11 على أنه حدثا واحدا و بالتالي فان وقوعه ممكنا، فقد نقبل وقوع إخلال باتباع « المعايير الإجرائية المتبعة » ذلك اليوم لأي سبب كان. و المغالطة التي لا يجب أن نقبلها من الحكومة الأمريكية هو أن الأمر لا يتعلق بحدث واحد بعدة تفاصيل و إنما الأمر يتعلق بأربعة أحداث منفصلة وقعت في اليوم ذاته.إن كل عملية إختطاف تشكل بنية حدث مستقل كان بالإمكان وفقا للقواعد الواضحة المنصوص عليها في « نظام الدفاع الجوي »منع وقوعها، و مع ذلك فان تلك الأحداث الأربعة وقعت و نجحت كل عملية إختطاف باستثناء طائرة الرحلة 93 التي ألغيت لعدة أسباب.    إذن،هل يمكن لنا أن نَقبل إخفاق نظام الدفاع الجوي الأمريكي في أربعة حالات في اليوم نفسه؟بأي موجب يمكن لنا أن نصدق وقوع ذلك؟هل كان هذا الإخفاق بالجملة حدثا صدفويا؟    حسب تقرير لجنة التحقيق الرسمية تلقت القيادة الشمالية للجيش إنذارا حول طائرة الرحلة 11 قبل تسعة (9) دقائق من حادث إصطدامها بالبرج الشمالي أي عند الساعة 9:29 صباحا. و هذا يعني أن الطائرة التي إختطفت على الساعة 8:20 صباحا ظل إختطافها متأكدا لدى إدارة الطيران الفيدرالي لمدة 69 دقيقة بعد إنطفاء جهاز الترانسبوندر و تعذر الإتصال بها بواسطة جهاز الراديو.فكيف أمكن حصول هذا التأخير الكبير جدا و نحن نعلم أن إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية يتوجب عليها إعلام القيادة الشمالية للجيش في ظرف « دقيقة واحدة » من إستحالة الإتصال بالطائرة، لتبدأ القيادة الشمالية للجيش مهمتها في « إستعجال إرسال » مقاتلات في مهمة إعتراضية  » في ظرف في دقائق معدودة »؟ و هنا يمكن أن نذكّر بتصريح الناطقة باسم إدارة الملاحة الفيدرالية « لورا بروان » التي أكدت أن إدارتها قد أعلمت القيادة الشمالية للجيش بعد دقائق قليلة من تأكد السلوك الغريب لطائرة الرحلة 11 ، أي في حدود 8:20 صباحا. كما أن القيادة الشمالية للجيش صرّحت بأن إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية لم تعلمها بأمر الطائرات الثلاث الأخرى إلا بعد تحطمها.    الرد على القيادة الشمالية للجيش هنا على غاية البساطة، إذا كان موظفو مراقبة الملاحة الجوية في غرفة الرادار أمام شاشاته فانه بامكانهم ملاحظة أن إحدى  الطائرات(أو أكثر من واحدة) خرجت عن مسار رحلتها و لا شك أنهم حاولوا الإتصال بها لتصحيح مسارها دَرءا للخطر إذ لا يمكن أن يلاحظوا خطرا كبيرا على نظام الملاحة قد يتسبب في كوارث و يظلوا غير مبالين بما يمكن أن يحث. و بالتالي لابد و أنهم أبلغوا القيادة الشمالية للجيش بالخطر حال وقوعه و ليس ثمة ما يمكن أن يمنعهم من أن يفعلوا ذلك في أسرع وقت.(و إن لم يفعلوا مع الطائرة الأولى لم يفعلوا مع 2و3و4 ، و إن لم يفعلوا مع كل الأربع طائرات /ممكن لكن أين رادارات الجيش)    فاذا كان كل فشل نظام الدفاع ناتجا عن تقصير من إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية لما كان ثمة أي مانعا من فتح تحقيق في الحادث لتُحمل المسؤولية الجنائية لكل من تسبب في هذا الإخلال الذي أدى الى قتل آلاف من الأمريكيين. و لأن شيئا من هذا لم يحدث فان مراقبي الطيران بادارة الملاحة الجوية الفيدرالية لم يقصروا في إتباع « المعايير الإجرائية المتبعة ». و نستنتج أن التقصير كان من جانب القيادة القومية للجيش و هو تقصيرا لا يمكن أن يكون عفويا.يوم 9/11 كان تقصير نظام الدفاع الأمريكي تقصيرا واعيا و مقصودا.لقد كان الفشل في الرد مبرمجا و منهجيا. يومها عَطل العسكر القائمون بأمر الدفاع عن الوطن العمل بـ »المعايير الإجرائية المتبعة ».    يوم 9/11 لم تباغت قاعدة أسامة بن لادن و أيمن الظواهري نظام الدفاع الأمريكي و لم تربكه كما ظن الأمريكيون البسطاء و العالم بما فيهم العرب الذين هللوا و كبّروا لمعجزة الشيخ الطاهر أسامة. صدّق البعض أن « يد الله » مع الفيئة القليلة التي أيدها الله بنصر منه، و كل واحد وجد لها تبريرا دينيا في ذهنه.    -1 – طائرات قاعدة القوات الجوية بـ’أوُتيس’ والرحلة 11     عندما تلقى فرع القيادة القومية للجيش الشمالي الشرقي إنذارا من إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية حول السلوك المريب لطائرة الرحلة 11، فقد كان على ذلك الفرع أن يصدر الأوامر الى أقرب القواعد الجوية لـ »إستعجال إرسال » مقاتلات في مهمة إعتراضية للطائرة الخطرة.أُصدرت الأوامر الى قاعدة ‘أُوتيس[95]’ الجوية للحرس القومي بـ »كاَب كُود[96] » بولاية ‘ماساتسوشتس’،، و تبعد عن مدينة نيويورك مسافة 153 ميل. و كان ذلك عند الساعة 8:46 صباحا.    و المعلوم أن تلك الطائرات لم تكن في الموعد مع طائرة الرحلة 11 التي واصلت رحلتها لتضرب هدفها دون أن يقع إعتراضها.و حسب ما ذكر تقرير لجنة التحقيق الرسمية قدمت القيادة القومية للجيش أكثر من رواية حول الأحداث.ففي إحدى الروايات ذكر الميجور جنرال، رَأس القيادة القويمة للجيش « لاري آرنولد » : »أن الطائرتان إتجهتا مباشرة الى نيويورك بسرعة ما بين 1100و 1200 ميل في الساعة » و هذه السرعة تخول لها بلوغ نيويورك قبل أن اضرب طائرة الرحلة 11 برج مركز التجارة العالمي بـ ما بين 10 و 12 دقيقة. و هذا يعني أن الطائرات المُعترضة كان بامكانها إتباع « المعايير الإجرئية المتبعة » المنصوص عليها في « نظام الدفاع الجوي » أي إسقاط طائرة الرحلة 11 قبل أن تبلغ ‘مانهاتن’ ذات الكثافة السكانية العالية و المصالح الإقتصادية الكبيرة.    و في رواية أخرى للقيادة القومية للجيش إحتاجت الطائرات الى 19 دقيقة لتصل الى نيويورك فقد وصلتا الساعة 9:11 أي بعد 8 دقائق من إصطدام طائرة الرحلة 11 بالبرج الشمالي.و ذلك راجع الى أن الطائرات المُعترضة طارت بسرعة 600 ميل في الساعة فقط.    طبعا لم تقدم القيادة القومية للجيش أي تبرير لطيران المقاتلات بسرعة بطيئة جدا و الحال أن الأمر كان يتعلق بحالة طواريء قصوى. فاذا كان بامكان المقاتلات أن تطير بسرعة 1200 ميل و أكثر فلماذا إكتفت بسرعة 600 ميل في الساعة فقط؟    و في رواية ثالثة و دائما حسب القيادة القومية للجيش ، أقلعت المقاتلتان من قاعدة ‘أُوتيس’ للقوات الجوية عند الساعة 8:53 صباحا غير أنهما إجتنبتا سماء نيويورك لتتجها الى سماء شاطيء « رُدي آيلاند »  للإنتظار « لطلبهم عند الحاجة ». و بعد ذلك كان الوقت متأخرا حسب تقرير لجنة « كين-هاملتون ».    و هنا يمكن و بسهولة ملاحظة أن الروايات الثلاث ، و بدون إستثناء، هي روايات أقل ما يقال عنها أنها غريبة و غير قابلة للتصديق. فاذا طارت الطائرات المقاتلة بسرعة  ما بين 1100 و 1200 ميل في الساعة في إتجاه نيويورك لتصل قبل الطائرة  « المختطفة » فلماذا لم نرى أي فعل يدل على حضورها و تطبيقها لما ينص عليه نظام الدفاع الجوي؟ و إذا وصلت المقاتلتان الى ‘مانهاتن’ بتأخير 8 دقائق لأن سرعتها كانت 600 ميل في الساعة فقط فلماذا طارت ببطيء و الحال أن الأمر يتعلق بحالة طاوريء قصوى؟    و بغض النظر عن بأية سرعة طارت المقاتلات فان الأغرب هو أن يقع توجيهها الى مكان آخر غير نيويورك.    لا يمكن لهذا الخطأ أن يحدث ضمن أي شروط فالقيادة القومية للجيش تعرف موقع و إتجاه الطائرة المختطفة لأنها على شاشة الارادار.و إن كانت بعض الأطراف تتحدث عن « خطإ » فهي تستغبي العالم بكل صفاقة.الطائرة المختطفة تطير فوق نيويورك و تحت نظر الأقمار الصناعية و يقع إرسال المقاتلات الى منطقة أخرى.    إن هذا الفشل هو « فشل مبرمج » و هذا ما جعل « ديفيد غريفن » يشك في أن تكون المقاتلات قد أقلعت أصلا من قاعدة ‘أُوتيس’ الجوية ذلك اليوم فاذا لم يريدوا لها أن تقوم بمهمة الإعتراض فلا داعي لـ « إستعجال إرسالها »؟.    -2 – مقاتلات قاعدة ‘لنغلي’ للقوات الجوية فوق الأطلسي بدل نيويرك    إضافة الى مقاتلات قاعدة ‘أُوتيس’ الجوية قامت القيادة القومية للجيش بـ »إسعجال إرسال » مقاتلات من قاعدة ‘لنغلي’ للقوات الجوية بولاية فرجينيا، 9:24 صباحا. فحسب تقرير لجنة التحقيق الرسمية كان سبب طلب الدعم من قاعدة ‘لنغلي’ الجوية هو أن و قود طائرات ‘أُوتيس’ قد يكون نفذ.و هنا ، كما في حالة معطيات أخرى ، تمر لجنة التحقيق الرسمية مرور الكرام على الوقائع بدون أي تمحيص أو تساءل حول ما إذا كانت بعض المعطيات ممكنة أو لا، معقولة أم غير معقولة. و في أحيان كثيرة كانت المعطيات  التي تقدم لا يكفي أنها لا تتفق مع المنطق بل أنها لا تتفق مع الحس المشترك. إذ كيف يمكن أن تكون الطائرات المخصصة لحالات الطواريء للدفاع عن أمن و إستقرار البلاد ضد أي هجوم أجنبي أو كوارث طبيعية، خزانات وقودها فارغة؟ فخزان الطائرة يكفيها للطيران لبضع آلاف من الأميال و المسافة بين قاعدة « أوتيس » و نيويورك هي 153 ميل فقط. و هنا قد يظن البعض أن طائرات ‘لنغلي’ ستنقذ الموقف. و حسب « زويكّر » في  « أبراج خيبته » و أكثر غرابة من رواية مقاتلات ‘أوتيس’ هي رواية مقاتلات قاعدة ‘لنغلي’ الجوية » فالطائرتان لم تتجها الى نيويورك بل إتجهتا الى فوق المحيط الأطلسي.    هنا، نلمس « الفشل المبرمج » لنظام الدفاع الأمريكي « فشل » رغم كل ضمانات النجاعة و الدقة التي طالما برهنت عليها الأستدلالات النظرية لاستراتيجيوا البنتاغون كما برهنت عليها الممارسة العملية سواء في المناورات أو عبر الممارسة اليومية.    -3 – قاعدة ‘أندرو’ الجوية تخل بمهمتها في حماية العاصمة الفيدرالية و القومية    تبعد قاعدة « أندرو » للقوات الجوية مسافة 11 ميل عن البنتاغون و البيت الأبيض و تتمثل مهمتها الأساسية في حماية العاصمة الفيدرلية و اشنطن حيث مقر الحكومة الفيدرالية و الهيئات التشريعية و التنفيذية مثل الكونغرس و البيت الأبيض و المحكمة العليا و القيادة العامة للقوات المسلحة و مجلس الشيوخ.    و إذا أخذنا بالإعتبار كل هذه الدلالات الساياسية و البشرية و العسكرية للعاصمة واشنطن هل يمكن أن نتصور أن القاعدة الجوية المُناط بعُهدتها حمايتها لا تتوفر على طائرات « مستعدة » للإضطلاع بهذه المهمة /الواجب؟ و رغم لا معقولية مثل هذا الأمر فان البعض يحاول أن يقنع العالم بأن ذلك هو الواقع.    و لأن قاعدة ‘أندرو’ للقوات الجوية ليس لها مقاتلات على أهبة الإستعداد فان أمر « إستعجال إرسال » مقاتلات في مهمة إعتراضية/دفاعية عن العاصمة يذهب الى قاعدة ‘لنغلي’ للقوات الجوية و تبعد 130 ميل عن واشنطن حسب لجنة التحقيق.    أولا لساءل أن يسأل، لماذا تضم قاعدة ‘لنغلي’ للقوات الجوية مقاتلات « على أهبة الإستعداد » في حين أن قاعدة ‘أندرو’ ليس لديها مثله و الحال أنها ليست أصغر حجما بل إنها أكثر حركية عسكرية من ‘لنغلي’ بحكم قربها من مقر وزارة الدفاع.ثم أن مهمتها تقضي ذلك إذ ليس أهم من حماية كل مقرات الرئاسة و السيادة.    ثانيا، إن كون قاعدة ‘أندرو’ للقوات الجوية ليس لها مقاتلات « على أهبة الإستعداد » غير صحيحا أصلا، فاضافة الى أن المنطق لا يقبله فان الموقع الإلكتروني للقاعدة يؤكد ذلك.و كما سبقت الإشارة إليه فقد قام البنتاغون بتغيير هذه النقطة في الأيام الموالية للحادي عشر من سبتمبر 2001 إنسجاما مع كذب الرواية الرسمية.فقاعدة ‘أندرو’ للقوات الجوية لها سربي مقاتلات « على أهبة اللأستعداد ». و الواقع هو أن هناك من لم يُرد لتلك المقاتلات أن تضطلع بمهمة إعتراض طائرة الرحلة 77 التي ضربت البنتاغون حسب الرواية الرسمية.    و قد ذكر « باري زويكّر[97] » نقلا عن مجلة « أفيايشن ويك أند سبايس تكنولوجي[98] » أن ثلاث طائرات من قاعدة ‘أندرو’ كانت في مهمة تدريبية في ولاية كارولينا الشمالية أي على بعد 207 أميال من واشنطن أثناء إصطدام طائرة الرحلة 11 بالبرج الشمالي عند الساعة 8:46 صباحا.و لأن الأمر كان يتعلق بحالة طواريء خاصة بعد أن ضربت الطائرة الثانية البرج الثاني (9:03 صباحا) فقد كان من الضروري أن تعود الطائرات الى أجواء العاصمة واشنطن تحسبا لأي عدوان عليها، و حسب سرعة المقاتلات و المسافة فهذا يعني أنه كان بامكانها أن تكون في سماء واشنطن عند الساعة 9:16 صباحا على أقصى تقدير، و نعلم أن طائرة الرحلة 77 قد خرجت عن مسار طيرانها عند الساعة 8:46 صباحا و إنطفأ جهاز الراديو فيها عند الساعة 8:50 و إنطفأ الترانسبوندر الساعة 8:56 و بالتالي فقد تأكد إختطافها لدى إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية و القيادة القومية للجيش.و هذا يعني أن الثلاث مقاتلات كان من المفروض أن تكون في سماء واشنطن قبل أكثر من 20 دقيقة من ضرب الطائرة المفترضة للبنتاغون(9:38)، أي كان بامكانها إعتراضها قبل أن تدخل سماء واشنطن أصلا و تقوم بتحييدها.    طبعا لم تعد تلك الطائرات قبل 9:38 صباحا بل عادت عند الساعة 10:45 حسب المجلة التي نقلت عن مسؤولين عسكريين.    كما ذكرت نفس المجلة السابق ذكرها أن طائرات مقاتلة أقلعت من قاعدة ‘أندرو’ للقوات الجوية عند الساعة 10:42 صباحا لكنها لم تكن محملة بأية صواريخ. و هنا لساءل أن يسأل لماذا لم تحمّل تلك المقاتلات بالصواريخ و الحال أنها ذاهبة في مهمة دفاعية.إن الحال هنا سيّان بين إرسالها و عدمه.ما بامكان جندي أن يفعل في ساحة معركة و هو منزوع السلاح؟    و عند الساعة 11:09 صباحا أقلعت طائرتي أف-16 من قاعدة ‘أندرو’ للقوات الجوية محملة بصواريخ « أي-آي-أم 9[99] » و كان ذلك بعد 91 دقيقة من حادثة البنتاغون و بعد 61 دقيقة من تحطم الطائرة الأخيرة في « شانكس فيل »أي بعد إنتهاء كل شيء، أو لنقل بعد نجاح ثلاث طائرات في ضرب أهداف بدون أدنى ردّ من نظام الدفاع الأمريكي.    إذن،لماذا كان كل ذلك التأخير؟ و من المسؤول عنه؟ لقد إعتبرت الرواية الرسمية أن أسامة بن لادن و مساعده أيمن الظاهري و من ورائهما تنظيم القاعدة هم المسؤولين عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر و عن كل ما حدث في ذلك اليوم  من إختطاف للطائرات و إستعمالها لضرب أهداف مدنية و عسكرية.و حسب الخطاب الرسمي إذا كان للطائرات أن تصل الى أهدافها و تقوم بضربها فهذا كذلك من عمل تنظيم القاعدة.و هذا ما سعت الحكومة الأمريكية و من بعدها لجنة « كين-هاملتون » المنصبة من طرفها الى إقناع المواطنين الأمريكيين و كل العالم به، و صدق العرب تلك الرواية لأنها دغدغت  أعماق عاطفتهم. لقد إنتشي العرب بـ »النصر » على « الأعداء » الذين يسمهم البعض « كفارا » و البعض الأخر « مستعمرون » و « إمبرياليون » في تسمية أخرى.    هذه الصورة التي قامت الرواية الرسمية بالترويج لها تستبعد صورة نظام الدفاع الأمريكي من المشهد و ذلك لتبعده عن تحمل مسؤولية ما حدث. و قد نجح الخطاب الرسمي  في إختراق كل العقول الأمريكية و العربية و العاليمة و جعل الكل يرى و يفهم الأحداث من منظوره.لذلك، و بإستثناء البعض ، لم يسأل أحدا كيف أمكن لنظام الدفاع الجوي لأكبر قوة عسكرية في العالم أن لا يردّ على عمليات إعتداء تقع ضمن نطاق عمله و ذلك على مدى ساعتين تقريبا أي منذ الإعلان رسميا عن إختطاف أول طائرة عند الساعة 8:20 صباحا الى تحطم طائرة الرحلة 93 عند الساعة 10:06 صباحا؟ لم يتساءل البعض أبهذه السهولة يمكن ضرب مقر وزارة الدفاع المريكية؟ أبهذه السهولة يمكن ضرب هدف  ليس على الأقل مدني و إنما عسكري في العاصمة واشنطن؟ و إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية مستعدة لهجوم جوي من قبل روسيا بأحدث طائرات « السوخوي » و « الميغ » فكيف لم تحرك ساكنا و هي تهاجم بطائرات مدنية ظخمة؟    طبعا لم يُباغت و لم يُربك نظام الدفاع الأمريكي و إنما هناك من « عطّل » العمل بـ »المعايير الإجرائية المتبعة » حتى تصل الطائرات المختطفة الى أهدافها و يصل « المُعَطِل » الى أهدافه من ورائها.إذن، يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 لم يفشل نظام الدفاع الجوي الأمريكي لذلك لم نرى أيا كان يشكك فيه و في فاعليته و يدعو الى مراجعته و إعادة صياغته.و لم تنجح القاعدة في تنفيذ الإعتداءات بل « النجاح » كان نجاح أطراف داخل الحكومة الأمريكية  و عسكرها و وكالاتها الأمنية في إيجاد « تعلّة » لإطلاق مشاريع إستراتييجية في العالم.    و لو لم تكن هذه الأطراف هي التي أرادت للإعتداءات أن تقع لما وصلت أي طائرة الى هدفها، و هذا ما يؤكده رأي خبير الأمن القومي سابقا « دجيمس بامفورد » إذ يعتبر أنه كان بامكان القيادة الشمالية للجيش أن « تستعجل إرسال » مقاتلات من 7 قواعد جوية بامكانها كلها الإضطلاع بالمهمة الإعتراضية و القتالية في مدة زمنية كافية جدا. إلا أن ذلك لم يحصل.لأنه كان هناك من لا يريد له أن يحصل.    – 4– دور المناورات في إعاقة نظام الدفاع عن الرّد    كان سلوك نظام الدفاع الأمريكي يوم الحادي عشر من سبتمبر من أكثر المسائل غرابة و مدعاة للشك في الرواية الرسمية.حيث لم يقم نظام الدفاع بالرد على الإعتداءات كما يفترظ فيه أن يفعل.و حتى ما قدمته الحكومة على أنه محاولة للرد فهو مستغرب جدا و لا يكاد يُصدق.فالمقاتلات المُعترِضة قد ذهبت في إتجاهات أخرى غير إتجاهات الطائرات المُختطَفة و بعضها غير محمل بصواريخ و هي ضرورية في المهام الإعتراضية بل إن بعض هذه الطائرات نفذ وقودها مما منعها من مواصلة مهمة الإعتراض.    إذن, لم يرد الجيش الأمريكي على هجوم إستهدف أكبر المدن و العاصمة الفيدرالية رغم أن له كل الإمكانيات البشرية و التكنولوجية و كل الخبرة و كان يكفي إتباع « إجراءا العمل الموحدة » لتفشل كل عمليات الإختطاف في أن تصل الى أهدافها.فلطالما إتبع الجيش الأمريكي هذه الإجراءات لعقود و دللت على فعاليتها و نجاعتها.    لقد كان التفسير الوحيد الذي قدمه كل المحللين المشككين في الرواية الرسمية هو أن بعض القيادات العليا من الصف الأول للجيش مثل الجنرال « مايزر » و وزير الدفاع « دونالد رامسفيلد » و بعض القيادات السياسية مثل نائب الرئيس « ديك تشني » قد أعطت الأوامر بعدم التصدي للإعتداءات.فهؤلاء هم الوحيدون تقريبا الذين يمكن أن يصدروا أوامر الى القيادات العسكرية الدنيا بعدم إتباع « إجراءات العمل الموحدة » أو تعطيل إجراءات الرد في إحدى أو بعض مستوياتها.    أما الذين صدقوا الرواية الرسمية ان تنظيم القاعدة هو الذي صاغ و خطط الأحداث فقد إعتقدوا بأن التنظيم هو الذي أصاب نظام الدفاع بالشلل لأن الإعتداءات كانت غير منتظرة و مفاجأة.    و في سنة 2003 لاحظ المحقق و البروفسور « مايكل روبارت » بأن يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 كان تاريخ إجراء عدة مناورات و تدريبات عسكرية.بعضها بدأ قبل ذلك اليوم و إستمر الى يوم الإعتداءات و في الوقت ذاته الذي كانت الهجومات آخذة مجراها.و قد قامت عدة أطراف, عسكرية مثل « نوراد » و البنتاغون و « مكتب النهضة الوطنية » التابع لوكالة المخابرات المركزية بتمريناتها الخاصة.    و قد أحصى « مايكل روبارت » أنذاك 5 مناورات و تمرينات هي : « الحارس اليقظ » و « المحارب اليقظ » و « اليقظة الشمالية » و « مزيج العذراء » و « الحامل الثلاثي 2 ». و كانت بعض وسائل الإعلام قد أشارت الى بعض المناورات في أثناءاها إلا أنه لم يكن معلوما لدى الصحافيين عددها الجملي و لا تفاصيلها و لا نوعية العمليات التي وقع التمرّن عليها.    لقد إنتبه « مايكل روبارت » بحسّه كمحقق الى أن وقوع عدة أحداث في ساحة الجريمة ذاتها قد لا يكون حدثا بريئا و صدفويا.فحضور بعض العناصر الغريبة في ساحة الجريمة قد يكون للتمويه و التضليل أو تحويل الأنظار الى جهة أخرى.    لقد كان معلوما أن مناورة « الحارس اليقظ » التي كانت تجري كل سنة تتعلق بصد هجوم روسي إنطلاقا من الحدود الشمالية لكندا و ألاسكا.و قد ذكر « دجيمس بامفور » خبير الشؤون الأمنية أن مناورات « الحارس اليقظ » « كانت مجعولة لخلق أزمة خيالية تحل بالولايات المتحدة و ذلك بهدف إختبار شبكة محطات المراقبة بالرادار حول البلاد…و يتضمن السيناريو عملية تحليق مقاتلات روسية فوق القطب الشمالي في تشكيلة هجوم.و كان مركز روما (نيويورك) للقيادة هو المسؤول على مراقبة أكثر من نصف مليون ميل مربع من الفضاء[100] ».    و يذهب المنتقدون للجيش و للحكومة الى أن إنخراط الجيش في مناورات « الحارش اليقظ » يفترض أن يجعل « نوراد » على أهبة الإستعداد لمواجهة أي طواريء طالما أن كل سلاح الجو مستنفرا بكل طاقته البشرية و التكنولوجية إذ كل القيادات من مختلف الصفوف موجودة في حقل العمليات إضافة الى الفنيين و الموظفين.و أنظمة الرادار تمسح كل المجال الجوي لفضاء شمال أمريكا و ترصد كل حركة فيه و الطائرات العسكرية مستنفرة و محركاتها دائرة.أي أن الجميع كانوا على أتم إستعداد.إستعدادا كان لصد هجوم روسي ضخم لاشك أن روسيا قد وضعت كل قدراتها الإستراتيجية و الإستخبارية في الهجوم كما هو مفترض.    و يتسائل المشككون في الرواية الرسمية,إذا كانت القوات الجوية على هذا القدر من الإستعداد و الجاهزية القصوى لصدد هجوم روسي ضخم,فكيف فشلت في التصدي لهجوم صغير جدا كان ضمن نطاق عملياتها؟.    و في أفريل 2004 كشف « مايكل روبارت » أحد أكبر أسرار أحداث الحادي عشر من سبتمبر و المتعلقة بفشل نظام الدفاع الأمريكي في الرد على الإعتداءات رغم جاهزيته و فعاليته.كان ذلك عندما نشرت « نوراد » وثيقة تتعلق بمناورة « الحارس اليقظ ».و تقول الوثيقة بأن « عدة أنواع من الطائرات المدنية و العسكرية قد تم إستعمالها كطائرات مختطَفة صوريا.هذه التمارين تختبر و ترصد و تتعرف, وتتضمن إستعجال إرسال و إعتراض,و إجراءات إختطاف,و تتضمن تنسيقا داخليا و خارجيا للوكالة(نوراد) و أمن عمليات و إجراءات أمن إتصالات[101] ».    و يخلص « مايكل روبارت » من وثيقة « نوراد » الى أنه « يوم الحادي عشر من سبتمبر قامت وكالات مختلفة بما فيها ‘نوراد’ و ‘إدارة الطيران الفيدرالية’ و سلاح الجو الكندي و ‘مكتب النهضة الوطنية’ و ربما البنتاغون بما يقارب 5 مناورات و في بعض الحالات وقع إشراك طائرات مختطفة[102] ».    لقد إتضح و لأول مرّة بأن بعض المناورات و التمرينات التي حدثت يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 قد تضمنت إجراء تمرينات على عمليات إختطاف طائرات مدنية تجارية في إطار عمليات إرهابة و تتضمن التمرينات أساليب رصد و تعرّف و إمكانيات التعامل مع مثل هذه الحالات.بل أن أحد التمرينات و قد قام به « مكتب النهضة الوطنية » التابع لوكالة المخابرات المركزية قد تضمن التدرّب على حالة طواريء تتمثل في طائرة تضرب مقرّه الرئيسي. و كانت وكالة « أسوشيتد براس  » قد عرضت لذلك في مقال سنة 2002 بعنوان : »وكالة خططت لتمرين يوم الحادي عشر من سبتمبر يدور حول طائرة تصطدم بناية[103] ».غير أن لا أحد إنتبه أنذاك لدلالة هذه المعلومة[104].    و إحتوت مناورة « مزيج العذراء » على عملية إختطاف طائرة مدنية و تحطيمها في أهداف معينة.    كما تضمنت مناورة « الحارس اليقظ » بدورها عمليات إختطاف لطائرات.و قد قام المحقق « روبارت » بربط هذه المعطيات الجديدة ببعض المعطيات القديمة لتتضح له الصورة تماما.و قد إستدل « روبارت » على أن مناورة « الحارس اليقظ » قد تضمنت عمليات إختطاف طائرات تجارية يوم الحادي عشر من سبتمبر من ما ذكره الجنرال « لاري آرنولد » لقناة « سي-بي-أس نيوز ».فعندما أُنذر الجنرال من قبل إدارة الطيران الفيدرالية بأمر إختطاف طائرة الرحلة 11 قال : »أول ما جال بخلدي هو :هل هذا جزءا من التمرين[105] ».كما إستدل « روبارت » على ذلك من خلال رد فعل قائد القيادة الشمالية للجيش الكولونيل « روبارت.ك.مار » عندما أعلم من قبل إدارة الطيران الفيدرالية بأمكانية أن تكون طائرة الرحلة 11 مختطفة الساعة 8:40 إذ نقل قوله: »هل هذا جزءا من التمرين؟[106] »و كان رد مراقب الطيران : »لا هذا حدث من العالم الحقيقي[107] ».    هنا نلمس بوضوح كامل أثر تلك المناورات على مسار الأحداث يوم الحادي عشر من سبتمبر.إذ نلمس حالة الإرباك و الخلط التي أصابت بعض قيادات الجيش,إذ لم يكونوا قادرين على التمييز و الفصل بين الطائرات المختطفة فعلا في الواقع و الطائرات المختطفة في إطار المناورات لكنها كانت تتصرف مثل طائرات مختطفة فعلا.    لقد تكتمت الوكالات الأمنية و العسكرية على المناورات إذ لم يُعلم منها في أثنائها إلا النزر القليل ثم أنه وقع التكتم عن طبيعة العمليات التي وقع التدرب عليها.و نلاحظ بأنه لم تجري العادة أن تحاط المناورات بهذا القدر من التكتم.و إن كان « مايكل روبارت » قد أحصى 5 مناورات بناءا على تجميع المعطيات إلا أن المحقيقن و الباحثين قد إتفقوا على أن عددها قد تجاوز العشر مناورات.و عندما طلب المحققون من الوكالات الأمنية و العسكرية بمدهم ببعض تفاصيل المناورات ردوا طلبهم بتعلة أن المعلوات سريّة.لذلك إعتمد المحققون على بعض التسريبات لبعض من أراد فضح جرائم الحادي عشر من سبتمبر من العسكر و المخابرات و على بعض الأقوال العفوية لبعض المسؤولين للصحافة أو بعض مذكرات المسؤولين أثناء الأحداث و غيرها.    و عندما تسرّب الى العلن بأن بعض المناورات التي أجريت يوم الحادي عشر من سبتمبر و الفترة المحيطة بها قد تضمنت عمليات إختطاف طائرات إعتقد البعض أن الأمر قد توقف على إستعمال طائرات عسكرية تصرّفت كما لو أنها طائرات مدنية تجارية مختطفة من قبل إرهابيين إضافة الى ما يسمى بتقنية « إدخال », حيث يقع إدخال برنامج الى حاسوب جهاز الرادار يتضمن طائرات مختطفة,فالإختطاف هنا مجرد « محاكاة » على حاسوب الرادار لعملية إختطاف حقيقية.غير أن وثيقة « نوراد » المذكورة آنفا قد أقرت صراحة بإستعمال طائرات مدنية تجارية فعلية في المناورات تصرّفت كما لو كانت مختطفة في عملية إرهابية فعلية.    و إذا كان « مايكل روبارت » قد نقل وجود 11 طائرة يفترض أنها مختطفة,منها الطائرات المختطفة فعلا(الرحلات 11 و 175 و 93 و 77 ) و الطائرات العسكرية التي إستعملت في المناورات على أنها مختطفة صوريا إضافة الى الطائرات المختطفة صوريا « كمحاكاة » على حاسوب الرادار, فان البعض قد ذهب الى أنها 21 في الجملة.و ينقل « روبارت » ما أورده « ريتشارد كلارك » مستشار البيت الأبيض لشؤون الإرهاب بأن المسؤولة بادارة الطيران الفيدرالي « دجاين غارفي » قد قالت له عندما كان في ملجأ البيت الأبيض أثناء الأحداث لإدارة الأزمة يوم الحادي عشر من سبتمبر: » لدينا تقارير عن 11 طائرة خارجة عن مسار طيرانها أو إنقطعت الإتصالات بها و ربما مختطفة[108] ».    إذن, هذا إقرارا رسميا بأن شاشة جهاز الرادار لدى إدارة الطيران الفيدرالية تُظهر وجود أحد عشر طائرة مختطفة بعضها حقيقي و بعضها صوري.    و قد كان « ريتشارد كلارك » أحد الحاضرين في ملجأ البيت الأبض حيث إلتقي أعضاء « مجموعة إسترتيجيا الأزمة » بعد أن ضربت الطائرة الأولى برج مركز التجارة العالمية.و عندما طرحت مسألة إستعجال إرسال مقاتلات في مهام إعتراضية للطائرات المختطفة قال أحد أعضاء المجموعة : » إننا في منتصف ‘المحارب اليقظ’,و هو تمرينا خاصا بـ’نوراد’…[109] ».    و هنا يخلص « مايكل روبارت » الى أول نتيجة هامة تتعلق بأثر المناورات يوم الحادي عشر من سبتمبر على وقوع الإعتداءات.فدلالة عبارة « نحن في منتصف ‘المحارب اليقظ’… » هي أنه ليس ثمة ما يكفي من الطائرات لإستعجال إرسالها في مهام إعتراضية لأحد عشر طائرة مختطفة.و لأن عمليات الإعتراض تتم دائما بأستعمال زوج مقاتلات فان عدد المقاتلات الضرورية لإعتراض 11 طائرة مختطفة هو 22 طائرة. و ينقل « روبارت » أنه لم يكن لدى القيادة الشمالية للجيش غير 8 طائرات أثناء وقوع الإعتداءات.أي إذا أخذنا بعين الإعتبار أن جملة الطائرات المختطفة كانت 21 و ليس 11 فان عدد  المقاتلات الضرورية لمهام الإعتراض يكون 42 طائرة.و هو ما يجعل الوضع أكثر سوءا.فاذا لم يكن لتلك القيادة غير 8 مقاتلات فهذا يعني أنها قادرة على إعتراض 4 طائرات مختطفة من جملة 11 أو من جملة 21.    لقد إستنفذت تلك المناورات التي قد تكون أكثر من عشر مناورات و تمرينات كل قدرات الدفاع الجوي لشمال أمريكا حيث تم نشر المقاتلاات الى شمال كندا و آلاسكا في إطار المناورات التي كانت تتدرب على صدّ هجوم روسي.    أما النتيجة الأخرى الهامة التي تتعلق بأثر المناورات على تنفيذ الإعتداءات يوم الحادي عشر من سبتمبر فيجدها « روبارت » في عبارة « دجانيت غارفي » من إدرة الطيران الفيدرالية عندما طرحت مسألة إستعجال إرسال مقاتلات في مهام إعتراضية إذ قالت : » لدينا تقارير عن 11 طائرة خارجة عن مسار طيرانها أو إنقطعت الإتصالات بها و ربما مختطفة »,فيتسائل « روبارت » : » هل كانت تقول أنه لم يكن بامكانها أن تميز بين عمليات الإدخال الخاصة بالمناورات (على حاسوب الرادار) و الشيء الحقيقي؟ » أي أن مسؤولة الطيران الفيدرالي لم تكن قادرة على التمييز و الفصل بين الطائرات المختطفة في الواقع و الطائرات التي هي مختطفة في عملية محاكاة يقع إدخالها الى حاسوب الرادار قصد التمرين,لكن كلتاهما كانتا تظهران على شاشة الرادار على أن لهما الدرجة ذاتها من الواقعية.و طبعا لم تكن « دجانيت غارفي » و حدها التي لم تستطع أن تفرّق بين الطائرات المختطفة فعلا و الطائرات المختطفة صوريا بل أن قيادات الجيش التي كانت منخرطة في المناورات لم تستطع أن تقوم بذلك الفصل الضروري من أجل إستعجال إرسال المقاتلات في مهام إعتراضية نحو أهداف دقيقة و أكيدة.    إن ما حدث صباح الحادي عشر من سبتمبرهو تماهي الصّوري بالواقعي و الإفتراضي بالحقيقي بحيث إلتبس الأمر على قيادات الصف الثاني من الجيش فأصيبوا بعمي دفاعي إذ لم يكن بامكانهم إرسال مقاتلات الى وجهة ما على وجه اليقين.و هذا ما يفسر لنا كون بعض المقاتلات التي أرسلت في مهام إعتراضية قد ذهبت الى حيث لا توجد أي من طائرات الرحلات 11 و 175 و 93 و 77, و يفسر لنا لماذا لم يكن الضابط الذي أصدر الأوامر للطيارين بالإقلاع في مهام إعتراضية يعرف الى أين يُوجههم.أما طائرات أخرى فهي لم تقلع.    و يخلص « مايكل روبارت » و محققين أخرين الى الأهمية القصوى التي لعبتها المناورات و التمرينات التي كانت متزامنة مع إعتداءات الحادي عشر من سبتمبر فهي التي عطلت الرد على الإعتداءات بأن أحدثت خلطا لدى القيادات العسكرية.و بالتالي أدت و بشكل مباشر الى شل نظام الدفاع الأمريكي الذي كان بامكانه التصدي للإعتداءات و إفشالها كلها لو إتبع « أجراءات العمل الموحدة » التي طالما برهنت على نجاعتها و فعاليتها.    كما يُستنتجُ بأن البرمجة المكثفة لعدد كبير من المناورات و التمارين التي إستنزفت قدرات نظام الدفاع, في الوقت ذاته و على غير العادة ليس حدثا بريئا و ليس مجرد صدفة كما يروّج البعض.    و في وقت ما فسر بعض المحللين فشل نظام الدفاع في الرد على الإعتداءات بأن بعض قيادات الصف الأول من الجيش قد أعطت الأوامر بعدم إتباع « إجراءات العمل الموحدة » حتى تصل الطائرات المختطفة الى أهدافها.غير أن « روبارت » يرى بأن هذه الطريقة مفضوحة جدا و من شأنها توجيه أصبع الإتهام مباشرة الى بعض القيادات العليا بما لا يقبل الشك, و بالتالي فهي ليست التفسير المنطقي و الواقعي لفشل نظام الدفاع.فالطريقة التي بواسطتها تم إفشال ذلك النظام و شله عن الرد هي المناورات و التمرينات.    لقد أدى الكشف عن محتوى بعض المناورات التي تضمنت تدريب على عمليات إختطاف طائرات في إطار أعمال إرهابية بهدف إستعمالها صواريخا لضرب أهداف داخل الولايات المتحدة الأمريكية الى تفنيد مزاعم الرئيس بوش و مستشارة الأمن القومي « رايس » و مدير المخابرات المركزية, حيث أنكر ثلاثتهم أن يكون له أي علم مسبق بأمكانية إستعمال طائرات كأسلحة لضرب أهداف و قالوا بأنه لم يكن أحدا يتصور مثل هذا النوع من العمليات أصلا قبل الحادي عشر من سبتمبر.لقد بين الكشف عن طبيعة بعض التمارين بأن الجيش و الوكالات الأمنية قد إفترضت وقوع مثل هذه العمليات لذلك قامت بمناورات و تمرينات و تدريبات لمجابهة مثل هذا النوع من العمليات الإرهابية.و كان الكشف عن مخطط « بوجنكا » قد كشف الوعي بمثل هذا النوع من العمليات من قبل الوكالات الأمنية الحكومية منذ 1995 و هو  ما يفند مزاعم الثلاثي مرّة أخرى أو يفضح كذبهم على الرأي العام الأمريكي و على كل العالم. 5- مرّة أخرى ,مناورات يوم 9-11 هل أعاقة نظام الدفاغ الأمريكي؟      لقد كان سلوك نظام الدفاع الأمريكي يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 المسألة الأكثر غرابة و مدعات للشك في صدق الرواية الرسمية. فكما سبق ذكره لم يرد نظام الدفاع على إختطاف الطائرات رغم كل إمكانياته البشرية و التكنوولجية و كان يكفي إتباع « المعايير الإجرائية المتبعة » لإفشال كل العمليات غير أن ذلك لم يحصل.    إذن، ما الذي جعل مقاتلات القيادة القومية للجيش تصل متأخرة في كل مرّة  الى مكان الحادث أو تذهب الى أماكن أخرى غير الأماكن التي تعلم أن بها إحدى الطائرات الأربع التي قيل أنها إخطفت يوم الحادي عشر من سبتمبر2001، و قد بدى للجميع أن ذلك السلوك غريبا جدا ، حتى لا نستعمل عبارات أخرى، إذ كيف تذهب مقاتلات في مهمة إعتراضية بدون صواريخ و طائرات أخرى تذهب للإعتراض بخزانات وقود فارغة و مقاتلات تطير بأكثر من سرعة الصوت تقطع الإحد عشر ميل التي تفصل الينتاغون عن قاعدة ‘أندرو’ للقوات الجوية في زمن طويلا جدا…الخ و غيرها من المُدهشات التي لا يقبلها حتى الحس المشترك.    لقد صار معلوما لدى الجميع أن يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 كان تاريخا للقيام بعدة مناورات داخل الولايات المتحدة الأمريكية و كندا. و هذا يعني أن  نظام الدفاع اأمريكي كان مشغولا جدا بحكم إنخراطه في مناورات عدّها البعض بعشر.    و هنا يمكن أن نتسائل عن ما إذا كان من الصدفة أن يكون يوم تنفيذ الإعتداءات هو اليوم ذاته الذي برمجت فيه المناورات، و ما إذا كانت المناورات قد سهّلت نجاح الإعتداءات على أهداف أمريكية. ثم يمكننا أن نتساءل ما إذا  كان المخططون و المنفذون على علم بالمناورات لذلك قاموا باستغلالها لتسهيل تنفيذ تلك الإعتداءات.    و إن كانت بعض وسائل الإعلام قد أشارت الى بعض تلك المناورات العسكرية  أثناء حصولها إلا أنه لم يكن معلوما لدى الخبراء و الصحافيين عددها و لا تفاصيل نوعية العمليات التي وقع التدرّب عليها.    و حسب « رُوبارت « يوم 11 سبتمبر قامت وكالات مختلفة بما فيها القيادة القومية للجيش و إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية و سلاح الجو الكندي و ‘إدارة النهضة القومية و ربما البنتاغون بما يقارب الخمس مناورات و في بعض الحالات وقع إشراك طائرات مختطفة[110] ».    أولا، هذا يعني أن الجيش الأمريكي كان يحتمل إمكانية إختطاف طائرات تجارية  و قد درس إمكانية الرد عليها.    ثانيا، هو أن كل تلك المناورات قد قامت باستعمال المقاتلات التي كان يفترض فيها القيام بحماية نيويورك و واشنطن.و قد ذكرت روايات أنه لم تتضح طبيعة تلك المناورات حتى سنة 2004(الربيع)و قد إستعملت طائرات تجارية حقيقية في المناورات باعتبارها طائرات مختطفة يوم الحادي عشر من سبتمبر. و هذا يعني أنه صباح ذلك اليوم كانت هناك طائرات مختطفة فعليا في عمليات إرهابية فعلية و كان هناك طائرات تصرّفت كما لو أنها طائرات مختطفة في إطار المناورات. و هذا ما جعل الطائرات المختطفة فعليا تتشبه بالطائرات الأخرى و تتلبس بها « إلتباس الكلب بالذئب ».    و كان من بين تلك المناورات « الحاس اليقظ » و « المحارب اليقظ » و « تريبود 1[111] » و « تريبود [112]2 » و « اليقظة الشمالية ».و قد كانت المناورات تتعلق  بصد هجوم روسيي.أما مناورة « مكتب النهضة القومية » فكانت تتعلق  بطائرة تضرب مقرهذا المكتب. و قد أوردت ذلك « أشوسيتد براس » في مقال بعنوان « وكالة خططت لتمرين يوم الحادي عشر من سبتمبر يدور حول  طائرة تصطدم ببناتية[113] ».    كما أن مناورة « الحارس اليقظ » بدورها تضمنت عمليات إختطاف لطائرات.و يستدل على ذلك « روبارت »بما ذكره الجنرال »لاري آرنولد » لقناة « أي-بي-سي نيوز » فعندما أُنذر بأمر طائرة الرحلة 11 قال: »أول ما جال بخلدي هو: هل هذا جزء من التمرين؟[114] ». كما يستدل « روبارت » على أن مناورة « الحارس اليقظ » تضمنت عمليات  إختطاف طائرات  بناءا على رد فعل قائد القيادة الشمالية للجيش الكولونيل « روبار مارّ » عندما أُعلم عل الساعة 8:40 صباحا بامكانية أن تكون طائرة الرحلة 11 مختطفة، إذ قال: »هل هذا جزءا من التمرين[115] ».    و هنا يمكن أن نلمس أثر تلك المناورات على مسار الإعتداءات بوضوح، أن نلمس حالة العمي التي أصابت بعض قيادات الجيش حيث لم يعودوا قادرين على التمييز بين الطائرات المختطفة في إطار المناورات و الطائرات المختطفة فعليا.و قد قدر عدد هذه و تلك بـأحد عشر(11)، و البعض قد ذهب الى أنها 21 طائرة. فقد نقل مستشار البيت الأبيض في مقاومة الإرهاب أنذاك « ريتشارد كلارك » عن أحد المظفين السامين في إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية و هي « دجان غارفي » قولها: »…لدينا تقارير عن 11 طائرة خرجت عن مسارها أو إنقطعت الإتصالات بها و ربما مختطفة[116] ».    ما حدث يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 صباحا هو تداخل الواقعي بالإفتراضي، إلتباس الوهمي بالحقيقي، إختلطت الأمور على بعض القيادات العسكرية من الصفوف الثانية فأصيبت بعميً دفاعيا.إذ لا أحد كان يعلم أيا من الطائرات كانت مختطفة حقا لذلك لم يكن بامكان أحد أن »يستعجل إرسال »مقاتلات الى جهة محددة.ماذا لو أرسلت القاتلات الى وجهات خاطئة لتصل الطائرات المختطفة حقا الى أهدافها؟ و ماذا لو إتجهت المقاتلات الى الطائرات التجارية و كان ذلك جزءا من خطة روسية لإلهاءها لشن هجوم واسعا على الولايات المتحدة.إن إرسال مقاتلات الى أهداف خاطئة لن يكون مقبولا خاصة و أنه لم يكن هناك الكثير منها.    إن هذا الخلط هو الذي أصاب نظام الدفاع الجوي الأمريكي بالإرتباك و العمي فشلّه عن الرد كما جرت العادة.    طبعا لم يكن تنظيم القاعدة هو الذي إستغل المناورات لتوقيت تنفيذ الإعتداءات بل الأطراف الأمريكية التي صاغت و خططت للإعتداءات هي التي جعلت الإعتداءات تحدث في اليوم ذاته الذي كانت تجري فيه المناورات و ذلك لخلق حالة الإرتباك و خلق حالة من التردد في إتخاذ القرارات تفوّت الوقت حتى لا يقع الرد على الإختطافات الفعلية.    إن إدخال معطى المناروات العسكرية التي جرت يوم 9/11/2001 على مشهد ما حدث في  ذلك اليوم بكليته يمكن أن يساهم في رفع اللّبس و الغموض و عدم الفاعلية التي طبعت سلوك نظام الدفاع الأمريكي في ذلك اليوم.فهذا المعطى هو الذي يمكن أن يفسر فراغ خزانات وقود المقاتلات المُعترضة و التي يفترض أن تكون ممتلئة.كما نفهم على ضوء ذلك المعطى لماذا لم يكن لقاعدة « أندرو » مقاتلات على أهبة الإستعداد و لماذا لم تقم تلك القاعدة بدورها في حماية العاصمة الفيدرالية رغم أنها لا تبعد عنها إلا 11 ميلا.  6 – حول إمكانية إستعمال الهاتف الخلوي في طائرة    تذهب الرواية الرسمية الى أن بعض المسافرين الذين كانوا على متن الرحلة 93 و التي تحطمت فوق منطقة « شانكس فيل » قد قاموا باتصالات مع أقاربهم باستعمال هواتفهم الخلوية. و أن هؤلاء هم الذين أعلموهم بأن الخاطفين كانوا عربا مسلمين و أعلم الأقارب مكتب التحقيقات الفيدرالي.    إن أمر إستخدام الهواتف الخلوية من على الطائرات قد قبله الجمهور الأمريكي و العالمي و العربي كما قبل معطيات أخرى لأن الجمهور ليس خبيرا في كل الإختصاصات.غير أن خبراء الإتصالات و كما فعل إختصاصيون آخرون رفعوا « لا » كبيرة في وجه الرواية الرسمية لعلها تلزم حدّها.    قد يتذكر بعض المسافرين على متن الطائرات وجود إشارات تدعو الى إطفاء الأجهزة الإلكترونية و الهواتف الخاصة لأنها تشوش على أجهزة الملاحة في الطائرة. فمنذ سنوات عديدة منعت شركات الطيران في العالم إستعمال الخلوي.و عندما تحدثت وسائل الإعلام عن مكالمات هاتفية من الطائرة المختطفة يوم الحادي عشر من سبتمبر أبدى بعض خبراء الإتصالات دهشتهم من هذه الرواية و ذلك لمعرفتهم بأن شبكة الإتصال تصمم بشكل يجعل المكالمات من الجو الى الأرض غير ممكنة. فالشبكة موجودة على الأرض عبر محطات إلتقاط و مهما كانت هذه الأخيرة مرتفعة فهي لا تسمح بحصول إرتباط بارتفاعات عالية مثل مستوى الطيران. و يعلم كل مستعملي الهاتف الخلوي بأن البعد عن مراكز الإلتقاط و البث يجعل المكالمة غير ممكنة و في أحسن الأحوال متقطعة بحيث لا تستمر إلا لبعض ثوان. و في تجارب حول إمكانية إستعمال الهواتف الخلوية من على الطائرة قام بها سنة2003 عالم الرياضيات و الكمبيوتر الكندي « كي ديودوئي » و هو من المشككين في صحة الرواية الرسمية تمت البرهنة على أن تلك الأجهزة تتعطل تحت تأثير السرعة و الإرتفاع و قوّة المحركات. و لا تعمل تلك الأجهزة إلا على إرتفاع ما بين 1000 و 2000 قدم أي عند إقلاع الطائرة و بعد الإقلاع و إرتفاع الطائرة تتوقف تلك الأجهزة عن العمل كليا بعد إرتفاع 8000 قدم.    كما قام خبير ياباني يعمل لدى « أساهي[117] » و هي من  أكبر الشبكات الإعلامية باختبارات في الساق ذاته. و قد بينت تجاربه أن المكالمات الهاتفية باستعمال الخلوي من على الطائرة ممكنة بنسبة 75 بالمائة على إرتفاع 2000 قدم و بنسبة 44 بالمائة على إرتفاع 5000 قدم و بنسبة 10 بالمائة على إرتفاع 6000 قدم و بنسبة صفر بالمائة على إرتفاع 7000 قدم. و في تجارب أخرى إستحالت المكالمات على إرتفاع 8000 قدم.    إذن، كيف يمكن للرواية الرسمية أن تدعي أن المسافرين قاموا باتصالات هاتفية من طائرة تطير على إرتفاع 25000 قدم؟ إن إرتفاع الطائرة يجعلها بعيدة عن مراكز الإلتقاط الأرضية التي جعلت للتواصل الأفقي لا العمودي. ثم أن السرعة العالية للطائرة تجعل المكالمات متقطعة بسرعة. فالهاتف يكون مضطرا الى تغيير نقطة إرتباطه بمحطات شبكة الإتصال في كل مرة تنتقل فيها الطائرة و في كل مرة تتغير نقطة الربط تنقطع المكالمة إن أمكنت. ثم أن محركات الطائة القوية تشوش على المكالمة إن أمكنت.    وعلى النقيض من ما سبق و مرّة أخرى تحاول الرواية الرسمية إثبات ما لا يمكن إثباته إن ما تقوله تلك الرواية يتناقض كليا مع القوانين الفيزيائة فعلى رغم هذه الأخيرة إستمرت إحدى المكالمات في الرواية الرسمية 15 دقيقة و بدون أي إنقطاع.    و قد ذكر البروفسور « مخائيل شوسّدوفسكي » أنه من الصعب جدا إن لم نقل مستحيلا القيام بمكالمة من خلوي محمول من على طائرة ذات سرعة عالية و على إرتفاع أكثر من 8000 قدم  و رغم أن خبراء الإتصال يؤكدون إستحالتها فان الحكومة الأمريكية و لجنة تحقيقها لم تتراجعا عن رويتهما كما لم يراجعا تفاصيل أخرى ثبتت إستحالاتها.    إن وجود تكنولوجيا تسمح باجراء مكالمات من الهاتف الخلوي من على متن الطائرة سنة 2001 قد كانت مسألة مستقبلية إذ لم تكن ممكنة تقنيا. و قد ذكر « تَاربلي » أنه « في جويلية 2004 أعلنت شركة تكنولوجيا الإتصالات ‘كوالكوم’ مع شركة ‘أمريكان آرلينز’ أنه سيكون بامكانهما و لأـول مرّة تمكين المسافرين من إستعمال هواتفهم أثناء الرحلات الجوية في المستقبل و ليس قبل 2006 » و هو ما يعني حسب « تاربلي » « أن تلك التكنولوجيا لن تكن موجودة أصلا في سبتمبر 2001 زمن الأحداث ».    إن رواية الهواتف الخلوية قد كانت ضرورية حسب « زويكر » بالنسبة للرواية الرسمية لتأكيد أن مختطفي الطائرات كانوا عربا مسلمين و هو ما كانت تلك الرواية في حاجة الى ترسيخه في عقول الناس.    و على عكس ما مارسته الحكومة الأمريكية من تعتيم على الأدلة السمعية البصربة الأخرى فانها و بدون طلب من أحد سارعت الى إسماع الجمهور 4 دقائق فقط  من تلك المكالمات المزعومة و هي التي أخفت أمر الصناديق السوداء الخاصة بالطائرات المختطفة و ما تمثله تلك الصناديق من شاهد ملك سواء لتأكيد صحة  الرواية الرسمية أو تأكيد  بطلانها.   طبعا لم يقع إخضاع ذلك التسجيل لفحص تقني من قبل خبراء مستقلين للتثبت من إصالته.    و مرّة أخري نجد أنفسنا في مواجهة حكومة تسعى الى ترويج روايتها المشكوك في صدقيتها مستغلة جهل عامة الناس بالمعطيات التقنية. [1] :  www.fema.gov/library/wtcstudy.shtm ورد في: [2]www.scientifiamerican.com , 10 أكتوبر [3] موقع إلكتروني لم تحدده يا سي سامي…………). [4] www.911research.wtc.net [5] ورد في مجلة  Jounal of Mineral,Metal and Materialو هي مختصة في المعادن و مواد الهندسة عدد 53-ديسمبر 2001 في مقال بعنوان:Why did W.T.C Collapsed ?Science Engeneering and speculation.   [6] Painful qustions : An anlysis og the september 11th Attack P 17 [7] K.Ryan : A call for A personal Decision ; in Global Outlook ;N° 10,2005,p 96 [8] ورد على الموقع الإلكتروني www.pbs.org/wgbh/nova/wtc/collaps.htm-the collaps: An  Engeneer’s Prespective; Eagar كان حوارا مع  [9] نفس المرجعالسابق ص 96 [10] Peter Meter « The world Trade Center Demolution and the so-called war on Terrorism »,Section entiteled « Evidence for Explosives in the Twin Towers » [11] E.H ufschmidt ; Painful questions : An analysis of the September 11 attack ;p 38 2 Meyer,Ibid, section entiteled : Evidence for explosives in the twin towers. 3 Jeff King, The W.T.C collaps : What the video shpw. In Ontario.indymedia.org Nov12-2003 [12] Ibid,P 78 2 Ibid , P50 1 Washington Free Press,N° 63,May 2003 2 Michell Fink and Lovis Mathias ;Never forget :An Oral History of September 11,2001,Editor,Haper Colins 2002,P… [13] الحرب على….ص 151 [14] أين مرجع هذا الاستشهاد [15] البرافدا 12 سبتمبر 2001 [16] The Gardien 10 Ocotober 2001 [17] USA Today ;17 september 2001 ;and NBC ;23/09/2001. [18] USA Today : 17 September 2001. [19] N.P.H 43 [20] www.9/11truth.org;  21 may 2003 [21] نقله D.R.G in N.P , P………. [22] Pentagate ;P 15 [23] To Act [24] NBC ;Meet The Press ;16 september 2001. [25] Standard Operating Procedure [26] Disruption [27] W.Truth. P 295 [28] Friend -Foe [29] Marrs/ ou [30] مسان 15/18 غير دقيق كاحالة [31] W.G.T ;P 259 ;The Big Lie [32] أورده « ترابيلي » ص 253 أين ورد ذلك يا سي سامي [33] Shell [34] ABC News ;10-24-2001 [35] أورده « مارس » ص29/ اينأورد « مارس ذلك ياسي سامي [36]Marss ;P 26/ أين  أورد ذلك سا سامي [37] Marss ;P 26أين أورد ذلك يا سامي [38] Marrs ; P 29 أين ذكر ذلك سا سامي [39] في شهادته أمام لجنة التحقيق ص 45 [40] 9/11 synthetic….154ذكره تَربلي ص [41] Rocket [42] Une deflagration [43] Une detonation [44] Exhaust [45] Pentagate ; P67 [46] Bunker-busting [47] Pentagate ; P71 [48] Pentagate ; P 72 [49] Foam [50] Pipper Club [51] Cessna [52] Nafid,Ahmed ;The so-called Evidence is a farce ; in Narco News N°14, oct 10-2001+ www.narconews.com [53] أين المصدر [54] Cessna [55] New york times ;04/04/2002 [56] Peggy Chevrette,in CBS News,10 May 2002 [57] من هو و أين ذكر ذلك يا سامي [58] اين الرجع يا سامي [59] اين المرجع يا سامي [60] CBS News ;09/11/2001 [61] CBS News ; The Independent,13//08/2002 [62] Should we engage [63] Aviation Week And Space Technology ;june/03/2002 [64] Daily Mirror ;2002/ اليوم و الشهر [65] Ibid [66] Ibid [67] Ibid [68] Ibid [69] Longman ;215/مرجع غير دقيق يا سامي [70] رويترو01 سبتمبر 2001 [71] Ibid [72] Sidewinder [73] London Daily Mirror 2002/ناقص اليوم و الشهر [74] Mercy hurst/Erie [75] Longman ; 262/ مرجع غير ديق [76] Global Hawk [77] أين المرجع يا سامي [78]وكالة المخابرات المركزية الأمريكي [79] مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي [80] Nation Security Agency/N-S-A [81] Defence Intellieg,ce Agency/D-I-A [82] F-A-A [83] N-M-C-C [84] Standard Operating Procedures/S.O.P [85] S.O.P [86] Scramble [87] D.R Griffin ; in Distortion And Oisssiin ;P 140 [88] Combat-Ready. [89] Air Deffense Systeme/A.D.S [90] C.IN.C   NORAD [91] C.IN.C USACOM [92] زّويكر ص 52 [93] زويكّر [94] F.A.A ,News release .August  09/2002. To Associated Press; August 12/2002 [95] Otis A.F.B [96] Cape Code [97] Barrie Zwicker [98] Aviation Week And Space Technology ;sept 09 ;2002. [99] A.I.M 9 [100] نفيض,أحمد .الحرب على الحقيقة ص 304 [101] تاربلي ص 207 [102] M.Ruppert.C.R. P 336 [103] A.P 21 Aug 2002 [104] M.ruppert. C.R.  P340 [105] المرجع السابق ص 341 [106]M.Ruppert. C.R .  P341 [107] نفيض,أحمد. الحرب على الحقيقة..ص 304 [108] روبارت,مايكل. ص338 [109] المرجع السابق ص 5 و 338 [110] روبارت،مايكل. ص 336   [111] Tripod I [112] Tripod II [113] AP ;21/08/2002 [114] ABC News ; 11 spt 2002 [115] Aviation Week ; 06/03/2002 [116] Againt All Anemies ;P 4 ; Free Press [117] ASAHI

لماذا لا يغيّر الإسلاميون من أنفسهم؟
عبدالعزيز آل محمود (*) خلال تناولنا للعشاء في منزل الشيخ برهان الدين رباني الرئيس الأفغاني السابق في كابل منذ ثلاث سنوات، تهجم أحد الحضور على شخصية إسلامية لها تاريخ في القتال ضد الروس، حاول الشيخ إسكاته بإشارة من يده، ولكن المتحدث أعاد الكرة بنبرة غاضبة حتى طلب منه الشيخ تغيير الموضوع، فصمت ولكن بقي شيء من حديثه في صوت تنفسه السريع ووجهه الغاضب. إن الشخصية التي تحدث عنها الرجل ملأت السمع والبصر خلال حقبة الاحتلال الروسي لأفغانستان، فكان بلحيته وعمامته ولغته العربية السليمة يمثل للشباب العرب جيل الصحابة الذي عاد للحياة وأحيى معه الجهاد الذي كاد أن ينسى. فكما انضم هذا الرجل للجهاد الذي كان يدر مالا وجاها لقادته والراكبين على موجته، فهو أيضا انضم لحكومة كرزاي لأنها تدر ذهبا على المنضوين تحت لوائها والمنافحين عن سياستها، ومنذ ذلك الحين والرجل لا يظهر في وسائل الإعلام وكل همه مساندة كرزاي في حملاته الانتخابية وغدا هذا جهاده الوحيد. لقد تفرق زعماء «المجاهدين» الأفغان تيارات ومصالح وأهواء، وضاعت كل تلك الصيحات الجهادية والدماء التي رافقتها واندثرت شواهد القبور التي كان يتبرك بها الأفغان لسنوات طويلة، وظهرت شخصيات أصغر سنا وأكثر تعليما.. وأكثر ليبرالية لتدير دفة الحكم ورضي القادة القدماء بما جمعوه من مال وفيء، وغسلوا دماء القتلى من أيديهم وكأن شيئا لم يكن. في أواخر الثمانينيات زرت دولة عربية بطلب من إحدى الجهات الرسمية غير الحكومية، وخلال تنقلنا في حافلة المؤسسة لفت انتباهي شاب وقور بلحية خفيفة يجلس بمفرده، فانتقلت للجلوس بقربه، كان نائب رئيس الحركة الإسلامية في طاجاكستان، يتقن العربية ويتحدثها بطلاقة أدهشتني، يسأل عن بعض الأشياء التي كان يراها خلال مسيرنا الطويل بالحافلة، كثير الصمت والتفكر، أخذت رقم هاتفه وعنوانه، كتبهما بخط يده على ورقة احتفظت بها لفترة طويلة. بعد عودتي إلى قطر اندلعت شرارة القتال في طاجاكستان بين الإسلاميين والحكومة المدعومة من موسكو، وامتد القتال الشرس إلى وادي فرغانة، ونقلت وكالات الأنباء كعادتها أعداد القتلى والخسائر، فأرسلت له رسالة أسأله عن حاله، غابت الرسالة لعدة أشهر ثم عادت وقد كتب عليها بلغة إنجليزية ركيكة «تعاد للمرسل لعدم وجود العنوان» وكان العنوان المكتوب عليها هو مقر الحركة الإسلامية في العاصمة دوشنبه. خلال دراستي في الولايات المتحدة الأميركية تعرفت على زميل جزائري كان يدرس الدكتوراه في الهندسة، شاب رائع، له حضور مؤثر، كثير الابتسام، يشارك في كل نشاط تقوم به الجالية الإسلامية، اعتقدت أنه يعرف كل من في الجامعة لأنه كان يسير ويسلم على كل من يصادفه بحيويته وابتسامته المعهودة. فرقتنا الأيام، وجاءت انتخابات الجزائر التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، فتدخل الجيش لإجهاض التجربة الجديدة عام 1992، وبدأت عمليات القتل المتبادل، وفتحت السجون والمعتقلات وكثرت الجثث مجهولة الهوية، وتوترت الأمور، ودخلت الجزائر نفق الحرب الأهلية، بعد عدة سنوات اتصلت به سائلا عن حاله، فوجدته قد انكفأ على نفسه وسقطت الدنيا من عينيه، ولم يرغب سوى أن يعيش كريما وأن يموت كريما، فقد كره الحكومة وغضب على الشباب الذين حملوا السلاح عليها وسفكوا الدماء باسم الإسلام، لقد قتلوه نفسيا كما قتلوا غيره من الشباب بدعوى الجهاد ضد الحكومة. هل نتحدث عن ما حصل في الشيشان؟ فبسبب حماس بعض الشباب وشعورهم أنهم المتحدثون باسم السماء وإسكاتهم لكل صوت معارض، اجتاحت الجيوش الروسية تلك الدولة وأهلكت الحرث والنسل وأبيد جزء كبير من الشيشانيين واندثرت مجتمعات بأكملها أما البقية فهي مازالت تعيش في الخيام بانتظار إحسان المحسنين. عندما تتحول المجتمعات إلى التدين فإنها لا تعلن إسلاميتها بل تعلن إسلامها، فهي تبحث عن الصلاح والنظافة وحسن الخلق والصدق والأمانة وغيرها من الصفات التي ترى أنها ندرت في الناس، ولكن كيف ستكون ردة فعل هذه المجتمعات حين تعلم أن هناك من يلبس لباس الإسلام ويعلن نفسه متحدثا باسمه ثم يورد الناس موارد الهلاك والضياع؟ هناك عادات غريبة شاهدتها على امتداد المنطقة من القاهرة إلى كراتشي، فعندما يموت أحدهم ينصب أهله رواقا في الشارع ويعلقون مكبرات الأصوات على أعمدة ثم يرفعون صوت القرآن بشكل عالٍ، ويعطلون الطريق على الناس بوضع بعض الحواجز أمام الرواق، ولو تأملت في الجالسين تراهم يتحدثون ويشربون الشاي ويدخنون، ثم ينظرون إليك بدون اكتراث وبشيء من البلاهة وأنت تحاول أن تعود للوراء بسيارتك باحثا عن مخرج من خلال الأزقة التي لا تنتهي، وتتساءل إن كان هذا شرعا من الله، أم أنه تقليد لا يتجاوز: «إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون»، وستلاحظ أن في بعض هذه الرواقات يجلس علماء وملتحون وأئمة ولم يتحدث هؤلاء إلى هؤلاء بوجوب فتح الطريق وإزالة الأذى عنه. لقد تولى الإسلاميون الكثير من المؤسسات، فماذا فعلوا بها؟ هل أصلحوها وأعادوها إلى ما يجب أن تكون عليه؟ أم أنهم فعلوا ما فعله الآخرون؟ أليست المحسوبية والفساد المالي وتفضيل ذوي القربى عيوب يكررونها كما كررها غيرهم؟ أليسوا جزءا من الثقافة الباهتة التي نعيشها؟ اتصل بي زميل صحفي مستغرباً من فتاوى بعض الشيوخ الاقتصادية، والتي أصبحت تدر مالا على صاحبها إن جمع بين صفتين، السمت الديني وعقلية رجل الأعمال، فهم يفتون بحرمة هذا وجواز ذاك، فيخرجون على مشاهديهم بأسلوب المحامي الذي يعطي رؤوس الأقلام فقط لأنه يحاول أن يبيع التفاصيل، فيقول صاحبي إن ردودهم تكاد تكون واحدة متناسين الجانب الإنساني في التعامل والذي حض عليه الإسلام مثل: رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى..، وغيرها من الأحاديث التي تحث على حسن التعامل. لماذا لا يلتفت المشايخ إلى أصحاب المؤسسات التي يعملون معها يحثونهم على حسن المعاملة وعلى التقليل من أرباحهم لصالح الجمهور المتعامل معهم؟ يجب أن يغير الإسلاميون من ثقافتهم التي يحيونها ويعيشونها، تلك التي ألفوها وأصبحت جزءا من كيانهم. وبما أنهم يمثلون موجة جديدة وإصلاحا قادما، فالمطلوب أن يعيدوا النظر في تصرفاتهم وتفكيرهم وإستراتيجيتهم، وينظروا للأمور من جانب آخر وبعين الناقد، أما إن بقوا على حالهم وغيروا سمتهم ولباسهم فقط وساروا بثقافة القطيع التي نحياها فسيكونون نسخة أخرى من الفشل الذي نعاني منه ومن الثقافة التي نحياها والتي ليست بحاجة إلى جديد لتثبت فشلها. (*) كاتب قطري (المصدر: صحيفة ‘العرب’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 8 سبتمبر 2008)  

ليبيا ودوافع الانخراط في  الخيار الأميركي الجديد
توفيق المديني قامت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بزيارة تاريخية إلى ليبيا ، تعتبر الأولى لوزير خارجية أميركي يزور ليبيا منذ العام 1953 عندما زار سلفها جون فوستر دالاس طرابلس،و إن كان ريتشارد نيكسون زارها عام 1957، عندما كان نائبا للرئيس الأميركي آنذاك. وبصرف النظر عن أهداف زيارة وزيرة الخارجية الأميركية  المعروفة لدى الجميع ، فإن ما يهمنا في هذا المقال هو تبيان التحولات العميقة التي شهدتها ليبيا منذ اندلاع ثورتها ، والتي قادتها  إلىالدخول في العصر الأميركي بعد مسيرة كاملة من الإخفاقات .   وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قرّرت  يوم 15 أيار / مايو 2006 ،إعادة فتح سفارتها في طرابلس الغرب ، وشطب اسم ليبيا  عن لائحة الإرهاب . وهكذا كافأت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش العقيد الليبي معمر القذافي على « القرارات التاريخية » التي اتخذها على مدى السنوات الثلاث الماضية التي تلت الغزو الميركي للعراق ، وقررت، باستئنافها العلاقات الدبلوماسية شبه المقطوعة بين البلدين منذ 25 عاما،و تحويل ليبيا إلى « نموذج » على أمل أن تقتدي به كل من إيران وكوريا الشمالية. وتأتي الخطوة الأميركية تتويجًا لمسيرة أطلقها القذافي في العام ,2003 بعد أشهر من احتلال العراق، بقراره التخلي عن برنامج ليبيا لتطوير أسلحة دمار شامل ونبذ الإرهاب، وعمله الدؤوب على حل الكثير من العقد، التي كانت تقف حجر عثرة في طريق إعادة الدفء إلى العلاقات بين البلدين، وعلى رأسها قضية لوكربي.  فماهي الخلفية السياسية و الإيديولوجية لهذا التحول الذي شهده نظام معمر القذافي من العروبة الوحدوية إلى القطرية الشوفينية تحت رايات « النظرية العالمية الثالثة »، فإلى محاكمة العروبة كدعوة عنصرية، فإلى الأفريقية بديلاً، فإلى إعادة تقسيم العالم إلى أمداء حيوية تتجاوز القوميات والوطنيات، ومن  أوهام التحرر والتحرير، والاشتراكية المحققة للعدالة الاجتماعية، إلى اعتناق العولمة الرأسمالية ، ومن اعتبار  القدس كلمة السر في انقلاب أيلول/ سبتمبر 1969، إلى إسقاط القداسة عن فلسطين القضية، وإسقاط صفة العدو عن إسرائيل ، لاختلاق مشروع دولة تندمج فيها القضيتان بغض النظر عن الحق والعدالة والهوية والتاريخ لتعطيا الثمرة المهجنة: إسراطين… ومن الدعوة لمجابهة أمريكا واستقبال الهنود الحمر بوصفهم أصحاب الحق الشرعي في تلك الأرض التي استعمرها الرجل الأبيض طويلاً ولا بد من أن تُعاد إليهم،ومساعدة حركات التحرر الوطني في العالم الثالث إلى التسليم المطلق بحق الإدارة الأميركية في أن تعيد تنظيم العالم وفق معاييرها؟    تتميز ليبيا  تاريخيا ً بضعف جهاز الدولة و هشاشته وقصر عمره السياسي ، فليبيا من أقطار المغرب العربي التي لم تعرف  تقاليد الدولة الوطنية وفق المفهوم الحديث للمصطلح ، فقط ظلت ليبيا مقسمة إلى أقاليم  ثلاثة رئيسة هي برقة وفزان وطرابلس قرونا ً عدة .وجاءت السنوسية كمحاولة لتوحيد هذه الأقاليم التي كانت تتمتع بصفات إدارية مختلفة.إلا أن هذه المحاولة اصطدمت بالاستعمار الإيطالي  الذي حارب بلا هوادة المقاومة الوطنية من 1911-1932، و لعل ما يفسر رفض الليبيين للحكم الإيطالي و مقاومتهم له سواء في إطار السنوسية أو في إطارالجهاد المسلح بقيادة عمر المختار يقع في إطار رفض نموذج الدولة التي فرضها  المستعمر الإيطالي. من هنا نرى أن مفهوم الدولة بالمعنى الحديث لم يشكل قيمة مركزية في أذهان الضباط الأحرار بقيادة العقيد معمر القذافي ، الذين فجروا ثورة الفاتح من سبتمبرعام 1969 ،بوصفها أحد المظاهر المعبرة عن رفض هزيمة الخامس من حزيران،و الداعمة لمسيرة المواجهة مع العدو الصهيوني.بل إن هؤلاء الثوار أرادوا أن يقيموا علاقة مباشرة  مع الشعب تتجاوز العراقيل القومية و البيروقراطية.و هذه إحدى خاصيات الثورة الليبية. فقد اندرجت « الثورة » في الخط الناصري المباشر، حيث اعتبر « الضباط الأحرار » في ليبيا أن تجربة مصر حافز لهم. و أن الرئيس جمال عبد الناصر هو القائد الملهم،الأمر الذي جذب الشارع الناصري على امتداد الوطن العربي الكبير إلى هذه التجربة الصاعدة. ولعل الالتزام « بالهوية » الناصرية جعلتها تحتل موقعها المميز في الضمير الشعبي، لاسيما أن الرئيس عبد الناصر كان من أوائل المؤيدين للحركة الانقلابية في ليبيا.وقد أعلن في أكثر من مناسبة مراهنته على التجربة الجديدة ورموزها الشابة،باعتبارهم أملا ً للأمة من  جهة ، ويذكرونه بشبابه من جهة أخرى. لقد كان العقيد القذافي أثيرا ً لدى الثوريين العرب بشعاراته الطنانه و المتطرفة ،وتفجيره « لثورة الشعبية  » ، و انتقاله المباشر إلى تشييد  » الديمقراطية المباشرة » بعدما تبين أن بيروقراطية الاتحاد الإشتراكي عاجزة عن الانتقال بالجماهير إلى السلطة الشعبية. ففي 15 نيسان /أبريل 1973، ألقى العقيد معمر القذافي خطابه الشهيربمدينة زواره -غرب ليبيا- معلناً الحرب على الدولة الكلاسيكية ذات النمط الرجعي، ومؤذنا ً بعصر الانعتاق و التحرر من كل القيود القانونية بل وتعطيل القوانين، و تطهير البلاد من المرضى سياسيا ًأعداء الثورة، و إعلان عصر الثورة الشعبية و الثقافية و الإدارية. و باختصار عصر انهيار كل ما كان قائما ً-من أركان الدولة- قبل هذا التاريخ. و في هذا المسعى المنهجي من تدمير الدولةالكلاسيكية القديمة ، صاغ العقيد القذافي الكتاب الأخضر و النظرية العالمية الثالثة مع بداية عام 1977، حيث شهدت في تلك المرحلة تحولات غاية في الجذرية باتجاه إلغاء المؤسسات  الحكومية بأطرها القانونية و البيروقراطية التقليدية لتحل محلها سلطة الشعب المباشرة.ولد نص إعلان سلطة الشعب على أن  » السلطة الشعبية المباشرة هي أساس النظام السياسي في الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية، فالسلطة للشعب و لا سلطة لسواه، و يمارس الشعب سلطته من طريق المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية و النقابات و الاتحادات و الروابط المهنية، و مؤتمر الشعب العام و يحدد القانون نظام عملها ». و في أذار /مارس عام 1979، تم إنشاء اللجان الثورية التي شكلت مفصلا ًجديدا ً في تطور النظام السياسي الليبي  نظرا ً لتأثيرها الكبير على المجتمع الليبي. و تكمن وظيفة هذه اللجان الثورية  من الناحية الرسمية، في حث الجماهير على المشاركة في اجتماعات المؤتمرات الشعبية، و بقية الأنشطة الثورية ، وتوجيه انتباه المؤتمرات الشعبية الأساسية إلى كيفية تحسين نوعية قراراتها و اكتشاف الأفراد و الجماعات المضادة للثورة. اللجان الثورية من الناحية السياسية العملية هي بمنزلة حزب شمولي يؤطر الجماهيرلخدمة أغراض النظام السياسي الليبي، فضلا ً عن  أنها تقوم بوظيفة أمنية مثل باقي  الأحزاب الشمولية  الحاكمة.ففي شباط ،فبراير 1980، أعلن أن اللجان الثورية ستتولى مسؤوليات جديدة استعدادا ً للاقتحام النهائي لمجتمع الاستغلال و الديكتاتورية، و من هذه المسؤوليات  التصفية الجسدية لأعداء الثورة في الخارج، و تصفية كل العناصر التي تعرقل عملية التحوّل الثوري، و إقحام الجماهير في تحويل المجتمع البرجوازي الاستهلاكي إلى مجتمع اشتراكي و إنتاجي، و إنشاء محكمة ثورية مكونة من أعضاء في اللجان الثورية، و يكون قانونها قانون الثورة فقط لا غير.و انطلاقا من ذلك أصبحت اللجان الثورية،و بسبب حماسها الشديد والتزامها الكامل تصورات الكتاب الأخضر و توجهاته، أهم الأدوات الأساسية لدى العقيد القذافي لتعبئة الجماهير الليبية و توحيدها.  غير أن العقيد القذافي الذي التزم بالخط الناصري ، واعتنق  العروبة  و الوحدة العربية   مذهبًالليبيا، ثم تبنى لاحقا ً الاشتراكية ، انتقل مع بداية عقد التسعينيات من خدمة  أهداف القومية العربية إلى اعتناق الفضاء الإفريقي  ، و أخيرا ً إلى الدوران حول الفلك الأمريكي. وتكشف لنا هذه  المراحل كلها التي  قطعها العقيد معمر القذافي، عن الدوافع و الأهداف السياسية للنظام الليبي ، خاصة منها الاستسلام للضغوط الأميركية ، و محاولة استرضاء و مصالحة واشنطن وكسب ودّها عبر البوابة الصهيونية .       ولا شك أن انهيار نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسيين قد عجّل في جعل الزعيم القذافي يتخذ القرار بالاستدارة غربا ً لإنها ء طريقة الدفاع الوحيدة عن نظامه وليس اقتناعاً بالتوجه الغربي. و هذه الخطوة التي تعتبر فاتحة لتقليد جديد يفتح أبواب الاتصال والتطبيع بين ليبيا والولايات المتحدة الأمريكية  و من ورائها  الكيان الصهيوني ، لاسيما بعد عقد صفقة لوكربي مع الغرب قبل عام،  و بعد انضوائه  أيضا ً في الاستراتيجية الأمريكية لمحاربة ما يسمى الإرهاب . هكذا قال الرئيس الأمريكي جورج بوش ليلة أعلن بدء « انخراط ليبيا في الأسرة الدولية » بعد الإعلان الذي أصدرته بالتخلي عن كل برامج أسلحة الدمار الشامل.    إن الانحناء للعاصفة الأمريكية تذكرنا بالتغيرات الدراماتيكية للعقيد القذافي القديمة-الجديدة ، و تسقط عن وجه القذافي نفسه آخر الأقنعة ، بعد إعلانه الدراماتيكي  الذي يعبر عن تغيير  راديكالي في السياسة التي اتبعها منذ سيطرته على الحكم في ليبيا في العام 1969. و إذا كانت هذه الحركات ليست جوهرية في الصراع العربي  مع الإمبريالية الأمريكية و الكيان الصهيوني بحكم الوزن المحدود لليبيا ، إلا أنها أفعال على حجم صانعيها ، إذ يهجر القذافي  حلفه القديم مع الدول العربية و الإسلامية الراديكالية  ليختار قيادة مصالح  دول الغرب. في أعقاب وصول معمر القذافي إلى سدة الحكم، في الفاتح من سبتمبر ،1969 اشترطت الحكومة الأمريكية قبل اعترافها بالوضع الجديد، الاحتفاظ بالقواعد الأمريكية (قاعدة هوليس) والالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات القائمة بين البلدين، واستمرار التعاون والمحافظة على المصالح الأمريكية في ليبيا، الأمر الذي قبله نظام الحكم الجديد. غير أن قضية الجلاء كانت بداية التوتر، وبعد سلسلة مفاوضات، في 23 ديسمبر 1969 ، تم الاتفاق على جلاء القوات الأمريكية في موعد أقصاه شهر يونيو/ حزيران 1970. وتم بالفعل في 11 من الشهر نفسه، وتحولت « هوليس » إلى قاعدة « عقبة بن نافع » وقاعدة الملاحة إلى قاعدة « جمال عبدالناصر »، ثم جاء مشروع ليبيا في فرض إشرافها على الاحتكارات الأمريكية والبريطانية في قطاع النفط، وسياستها في الأوبك، والتأميم للقطاع النفطي، والمشاركة في تسييس سلاح النفط خلال حرب ،1973 بمنزلة عوامل توتر حقيقية في العلاقات مع الولايات المتحدة، وبروز « المشروع الثوري الليبي » الرامي إلى تحطيم سيطرة الإمبريالية أو الاستعمار الجديد في العالم الثالث، وبالتالي مناصرة كل الحركات الثورية، عربية وغير عربية، المعادية للولايات المتحدة والرامية إلى كسر شوكة الهيمنة الأمريكية. ونتيجة لما حققه تزايد معدلات إنتاج النفط وارتفاع أسعاره، توافرت قدرات مالية كبيرة ساعدت على تحقيق أهداف ومهام متسعة للسياسة الخارجية الليبية، والتقارب مع المعسكر الاشتراكي.   وكانت ليبيا رفعت أهدافا  ثورية خارجية  منها محاولة تحقيق الوحدة العربية و مقاومة الإمبريالية الغربية عامة ، والأمريكية خاصة، و ملاحقة التغلغل الصهيوني ، ودعم و مساندة الحركات الثورية في العالم الثالث. وقد سعت إلى تحقيق هذه الأهداف وهي مستندة لعوائد نفطية ضخمة تجاوزت في بعض السنوات العشرين مليار دولار ، حيث يصل الإنتاج الليبي اليومي إلى 1،3 ملايين برميل و الاحتياط المؤكد نحو 30 مليار دولار.     ففي عام 1973  أمم  الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي قطاع النفط وحظر خليج سرت على الاسطول الامريكي السادس،واتهمته  واشنطن بالإرهاب، و على أثر ذلك غادر السفير الأمريكي طرابلس. و في عام  1978فرضت أول عقوبات أمريكية (حظر عسكري) على ليبيا. وفي عام1979 دعمت طرابلس الثورة الايرانية، وتم إحراق السفارة الامريكية في طرابلس.و في 15 نيسان من عام 1986 حصل العدوان الأمريكي  على طرابلس وبنغازي أسفر عن سقوط 41 قتيلاً ليبياً. و في 23 كانون الأول من عام 1987 عبرت واشنطن عن « قلقها »إزاء بناء مصنع في الربطة (جنوب غرب طرابلس)  الذي قديستخدم لصنع أسلحة كيميائية بينما  أكدت طرابلس أنه مصنع للأدوية. و في 21كانون الأول من عام 1988 حصل : اعتداء لوكربي (270 قتيلا). و في31آذار/مارس من عام 1992 أصدر مجلس الأمن القرار 748القاضي بفرض  حظر جوي عسكري  على ليبيا. و في 15 كانون الأول من العام ذاته مددت واشنطن حظرها الجوي على ليبيا ثم جددت الأمم  المتحدةوالولايات المتحدة عقوباتها كل سنة. لكن السياسة الخارجية الليبية لم تحصد سوى الإخفاقات ، فلم يكتب  النجاح لأي من المحاولات الوحدوية التي اجترحتها ليبيا مع الدول العربية خلال عقدي السبعينيات و الثمانينيات ، جراء الرغبة الليبية في تغليب وجهة نظرها، و عمل وحدة اندماجية فورية قبل تأسيس قاعدة للتعاون المشترك.كما خلف الدور الليبي  المساند و الداعم لأحزاب وقوى  حركة التحرر الوطني في العالم الثالث عامة ، و العالم  العربي خاصة،  التي تناضل ضد الإمبريالية الأمريكية  والكيان الصهيوني ، خلف هذا الدعم صورة ذهنية لدى القوى الغربية أن ليبيا تساند »الإرهاب »، وتقوم بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول و هو ماخلفه التورط الليبي في تشاد و الذي انتهى بهزيمة قاسية للجيش الليبي في الثمانينيات. كما أن الدعم  الليبي لقوى و حركات التحرر الوطني و النظم التقدمية  التي تقاوم الامبريالية الأمريكية ، جعل ليبيا توصم في مخيلة و ذهنية  الغرب عامة ، و أمريكا على وجه الخصوص  بأنها دولة تساند « الإرهاب ». هذا فضلا عن التوترات التي عرفتها  ليبيا مع العديد من الدول العربية و الإفريقية. و مع انهيار الإتحاد السوفييتي ، و هيمنة القطب الأمريكي الأوحد على مجريات السياسة الدولية بعد الهزيمة العربية المدوية في حرب الخليج الثانية عام 1991، تعمقت أزمة السياسة الخارجية الليبية بسبب عدائها للولايات المتحدة الأمريكية ،و اتهام طرابلس بالضلوع في تفجير  طائرة » بان  أميركان » فوق بلدة لوكربي باسكتلندا عام 1988 ، و طائرة « يوتا » الفرنسية فوق صحراء النيجر عام 1989، الأمر الذي جعل ليبيا تتعرض لعقوبات  فرضتها الأمم المتحدة في قرارين صادرين عن مجلس الأمن  عامي 1992و 1993 . وكانت هذه العقوبات تم تعليقها في عام 1999، عندما سمح العقيد القذافي  للمحققين الفرنسيين  بزيارة طرابلس لإجراء تحقيق حول حادثة طائرة يوتا،ثم بعد تسليمه الليبيين  المتهمين  بتورطهما في حادثة لوكوربي. بيد أن  الحظر على الأسلحة الذي يعود إلى عام 1986 ، ظل مستمرا ً. وكانت العقوبات الدولية التي فرضت على ليبيا في عام 1992 نقطة تحول في سياسة الدولة الليبية الخارجية.إذ قطعت ليبيا علاقتها بجميع القوى و الحركات الثورية في العالم, وسعت إلى لعب دور إقليمي  و دولي ذي طبيعة سلمية يزيل الصورة المأخوذة عنها كدولة « إرهابية ». و أعلنت ليبيا تصديها للكيان الصهيوني، ودعمها لأي دولة تقطع علاقاتها مع « إسرائيل »، وهو ما أثار حفيظة الدول الغربية و على رأسها الولايات المتحدة الأميركية ، التي اعتبرتها ليبيا رمزا ً « للإمبريالية المستغلة » يجب مقاومته. و بالمقابل ناصبت الولايات المتحدة الأميركية العقيد القذافي العداء،و اعتبرت ليبيا « دولة مارقة « ، واتهمتها  بالمسؤولية عن انفجاري روما و فيينا في ديسمبر 1985، بل عن واشنطن حاولت اغتيال القذافي نفسه حينما قامت طائراتها بقصف مقره في ثكنة العزيزية في طرابلس في 16 أبريل عام 1986، لكنه نجا وتوفيت ابنته بالتبني. لقد تكرست عودة الاتصالات الرسمية بين ليبيا والولايات المتحدة مع استقبال طرابلس توم لانتوس أول برلماني أمريكي يزور العاصمة الليبية منذ ثلاثين عاما ً ووفداً أمريكياً من سبعة برلمانيين برئاسة النائب الجمهوري كورت ولدن في خريف عام 2003.
 
(المصدر: صحيفة الشرق (يومية قطرية) رأي، تاريخ 8 سبتمبر2008)  

من «دولتين لشعبين» إلى «الدولة الواحدة لشعبين»!
مرزوق الحلبي عندما وصل عدد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية إلى خمسين ألفا خرج ميرون بنفينستي (مستشار لرئيس بلدية القدس الغربية وباحث بارز في السياسات الإسرائيلية في المناطق المحتلة) بمقولته الشهيرة أن الوضع في ظل هذا الشرط غير قابل للتحوّل. بمعنى أنه يستبعد كليا تفكيك الاستيطان. وها نحن اليوم، على مرأى ومسمع من قرابة 300 ألف مستوطن في الضفة الغربية! وهم تجسيد لسلسلة طويلة طويلة من التشريعات والقوانين والإجراءات والعقلية والنهج والقوة والسياسات. وقد عاد بنفينستي نفسه في مناسبات كثيرة في السنوات الأخيرة ليؤكّد أن أطنانا من الوقائع على الأرض تعزز مقولته تلك. وهو ما يعزّز فرضية بعض علماء الاجتماع والسياسة في إسرائيل من ان الدولة العبرية التي اعتبرت الاحتلال حالة مؤقتة في مرحلة من المراحل، انتقلت إلى اعتباره حالة دائمة وإنها في سبيلها لإنهاء حالة الاحتلال انزلاقا إلى الأبرتهايد في كل المساحة بين البح ر والنهر. وأمكننــا أن نتفــق معهـــم فـــي هذا الطـــرح مشيرين إلى إن الانسحــاب من قطاع غزة لم يأت تطبيقا لقرارات دولية بل تمشيا مع فكرة إدارة المسألة الفلسطينية وضبط الفلسطينيين وعزلهم مكانيا. يُضاف إلى الاستيطان حقيقة أن كل تسوية اقتـــرحتها إسرائيل منذ مؤتمر مدريد قضى بأن يبقـــى الجيش الإسرائيلــي علــى نهـــر الأردن، الحـــدود الشرقية لإسرائيل. هذا ناهيك عن إن المعادلة التي كانــت متداولة لا قفزت فوق مسألة عودة اللاجئين وتحـــدثت بالإشارة والتلـــميح إلى إمكانيـــات التعـــويـــض المالـــي أو العودة الرمزية لبضع آلاف! ما دامت الحلول التي تم تداولها في إطار «دولتين لشعبين» قاصرة عن تحقيق العدل النسبي ـ القفز فوق مسألة عودة اللاجئين، أو العدل العملي ـ إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، فلماذا لا يُمكننا أن نتجاوز هذه المعادلة نحو مقترحات تفتح أفق التفاوض والحوار من جديد على الممكن والأكثر عدلا القابل للحياة؟ ألم يكن في الانغلاق على معادلة «الأرض مقابل السلام» أو تقاسم الأرض بمعناها الأول «نحن هنا وأنتم هناك» ضربا من التخلّف وإدخال الصراع في استدامة ودوّامة؟ هناك أوساط في الهامشين الفلسطيني والإسرائيلي تفكّر جديا، منذ انكسار سيرورة أوسلو، من وسطها (وكان خيار الدولة الواحدة طرح بصيغ مختلفة من قبل) في حل «الدولة الواحدة لشعبين» لأنه يوسّع المساحة ويفتح المزيد من الإمكانيات ويخترق معوقات في الواقع الجغرافي. لكن، الادعاء المركزي الذي اعترض هذا التصور هو: أليس من الأصحّ المرور أولا في مرحلة الاستقلال الوطني وبناء السيادة ضمن دولة مستقلة تحتوي الهوية ورموزها ومن ثم التفكير بدولة واحدة لشعبين؟ وهي مقولة تفترض أحكام حقّ تقرير المصير كما صاغته التجربة السياسية خلال القرن الماضي. أما الجانب الإسرائيلي فقد جُنّ جنونه من هذا التصوّر لأن المشروع الصهيوني من بدايته افترض إقصاء الفلسطيني وإبعاده بثمن تطهير المكان منه. والنُخب الإسرائيلية المستعدة للاعتراف بالمسألة الفلسطينية مستعدّة لقبول الحل في مكان ما «هناك». فمرة يتحدثون عن الخيار الأردني ومرة أخرى عن توطين الفلسطينيين في 21 دولة عربية أو عن قبول أن يعيشوا ويتحركوا في معازل مثل غزة أو شرقي جدار الفصل العنصري! يتجـاوز حل «الدولة الواحدة لشعبين» فرضيات متقادمة مثل «دولتين لشعبين» و»حق تقرير المصير» بصيغته الخام المشار إليها آنفا. وهي صيغة جاءت تجربتا تفكك يوغسلافيا والحــرب الأهلية في رواندة لتشكّك في كونها مطلقة ونهائية. لأن الدماء التي أهدرت هناك لتحقيق هذه الصيغة جعلتها في الشرط الما ـ بعد حداثي أو قومي تطهيرا عرقيا وإبادة جماعية. ونرجّح أن أي صيغة لحلّ «دولتين لشعبين» في السياق الفلسطيني، كان سيُفضي إلى مزيد من التطهير العرقي هنا بحجة ترتيب الحدود أو تعديلها. هذا في حين إن الدولة الفلسطينية التي ستقوم نتيجة لذلك ستكون قاصرة تماما وضيقــة ومجـــرّد كيان رمزي ذي سيادة رمزية! هـــذا ناهيــك عن أن هذا الحلّ لن يوفّر أفقا للاجئين المنتظرين على أبواب «فردوسهم المفقود»! إن حل «دولتان لشعبين» يلتقي من حيث شئنا أو لم نشأ مع فرضيات الفصل العنصري والعــزل المكانـــي وتشرعنهــا أو تتواطــأ معهــا وتمنحهـا نوعــا مـــن المصداقية. أما حل الدولة الواحدة فيمكنه أن يفضحها ويُربكها في حال افتــرضها الواقع الذي يُراد تغييره بمساعدة دولية علـى المتغيـرات في المناخ العالمي والفكر السياسي المستجدّ. إن الدولة الواحدة لشعبين يُمكن أن تتحقق بكثير من الصيغ أبرزها السعي إلى إحقاق ديموقراطية توافقية (لا ديموقراطية الأكثرية) بين قوميتيــــن أو تطوير صيغة الدولة الفدرالية المكونة من مقاطعات أو أقاليم موزعة جغرافيا أو وفق حدود القومية على أساس توافقي. هذه وتلك من صيغ قابلة للتطوير أو التحديث أو الإبداع على أساس بناء دستوري قابل للتطـــوّر بمساعــــدة دولية. من أهمّ ما يُمكن أن ينشأ من صيغة كهذه هو الإقرار بأولوية النضال السياسي المدني السلمي في إطار تسوية تاريخية حقيقية يقبل فيها كل شعب بالشعب الآخر في المكان ذاته كحقيقة ناجز وجملة مصالح وحقوق أهمها الكرامة الجمعية وتحقيق لذات الجمعية ضمن إطار متفق عليه. ومن شأن هذا الطرح أن يُذكي في البداية عقدة الخوف اليهودي. لكنه سيُفضي في المرحلة الثانية إلى تحرير الخائفين لأن في الخلفية نزعا واعيا ونهائيا من الجانب الفلسطيني للخيار العسكري (وليس لاستراتيجية العنف المدني) الذي أصبح ضرره أكبر من فائدته وشكّل حجة لإسرائيل في إدامة الوضع. صحيح إن ما نطرحه يشكّل تغييرا جذريا في شروط المسألة الفلسطينية. وهذا صحيح ونطرحه هنا بشكل واع. فهو يتضمن قبولا غير مشروط لليهود كجزء من الجغرافيا والوجود في المكان. ويفترض، أيضا، أن حل المسألة اليهودية التي ولدت وكبرت في حضن أوروبا سيكون في الشرق الأوسط. إقرار فلسطيني ـ عربي بهاتين «الحقيقتين» يشكّل مبادرة من شأنها أن تحرك التاريخ وتمنحهم مساحات جديدة للعمل السياسي وقدرات للتأثير على الوضع. هذا ناهيك عن إن مبادرة كهذه تجسّد حقيقة كون الفلسطيني جزءا من مكانه وليس غريبا فيه. (المصدر: ملحق ‘تيارات’ صحيفة ‘الحياة’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 7 سبتمبر 2008)

حدود الجسارة
صبحي حديدي (*) لعلّ الكثير من القرّاء صاروا الآن على علم بالدعوى التي رفعتها ‘رابطة مناهضة العنصرية ومعاداة السامية’ في فرنسا، الـ Licra، ضدّ موريس سينيه Sin’، أحد كبار رسّامي الكاريكاتير المخضرمين في فرنسا، بتهمة ‘التحريض على الكراهية العنصرية’. وبعد طرده من وظيفته في أسبوعية ‘شارلي إيبدو’، المطبوعة ذاتها التي أعادت نشر الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية المسيئة لشخص الرسول محمّد صلى الله عليه وسلم، بذريعة الدفاع عن حرّية التعبير، سوف يمثل سينيه، يوم التاسع من هذا الشهر، أمام محكمة الجنح في مدينة ليون، حيث يمكن للعقوبة أن تبلغ الحبس خمس سنوات، وغرامة 45 ألف يورو. الحكاية، لمَن فاتته متابعة وقائعها، أنّ يومية ‘ليبيراسيون’ الفرنسية نشرت تصــــريحاً على لسان باتريـــــك غوبـــــير، رئيس الـ Licra، قال فيه التالي: ‘1( جان ساركوزي [نجل الرئيس الفرنسي] سوف يتزوج من وريــــثة مخازن دارتي الشهيرة)، و2 (أنه يفكّر في الإهتداء إلى اليهودية والتأقلم مع ديانة خطيبته’. رسّام الكاريكاتير اقتبس التصريح بالحرف، ولكنه أضاف إليه العبارة التالية: ‘هذا الفتى سوف يذهب بعيداً’، وكانت تلك هي خطيئته الكبرى التي استوجبت سوقه إلى محكمة الجنح. العنصر الذي يلفت الإنتباه، أوّلاً، هو أنّ الفتى صاحب العلاقة لم يرفع الدعوى بنفسه، ولا فعلت هذا خطيبته، وتلك حيثية قانونية صرفة قد تكون مثار أخذ وردّ في الجلسة الأولى من المحاكمة. كذلك بدا إصرار الـ Licra على استهداف سينيه وكأنه استئناف، على نحو ما، لقضية أخرى سبق للرابطة أن رفعتها ضدّ الرجل، سنة 1985، بالتهمة ذاتها، وأجبرته على الإعتذار العلني (كان، في سنة 1982، وتعليقاً على الإجتياح الإسرائيلي للبنان، قد صرّح بالتالي إلى إذاعة محلية: ‘هنالك دولتان عنصريتان، هما جنوب أفريقيا وإسرائيل. إذا سُئلتُ، وأنا أرى إسرائيل تقصف، هل كون المرء معادياً للصهيونية يعني أنه معادٍ للسامية، فإني عندها أقول إنني معادٍ للسامية، ولم أعد أخشى التصريح بهذا’). وبالطبع، ليس في وسع المرء، كما أنه ليس من حقّ أحد، أن يعزل هذه الواقعة الجديدة عن سابقاتها في تاريخ سينيه المهني، أو أن يجزّىء شخصيته الناقدة إلى ‘مراتب’ منفصلة في مسألة التعبير الحرّ عن الرأي، والدفاع الجسور عن الحقّ العامّ، والوقوف خلف القضايا التي تلوح خاسرة لأنّ أصحابها لا يملكون مساندة كافية من مجموعة ضغط أو من شرائح نافذة في صناعة الرأي العامّ. ولعلّ ممّا له دلالة كبرى أنّ أولى ‘قضايا سينيه’، كما صارت اليوم تُسمّى في صيغة الجمع، لم تكن الدفاع عن استقلال الجزائر فحسب، بل إطراء ‘جبهة التحرير الجزائرية’ ذاتها. آنذاك، اضطرّ جان ـ جاك سيرفان شريبر، رئيس تحرير أسبوعية الـ’إكسبريس’ الفرنسية، إلى نشر اعتذار من قرّاء المجلة الفرنسيين الذين أغضبهم كلّ هذا النقد اللاذع لسياسات فرنسا الإستعمارية هنا وهناك في العالم. ولم يكن تفصيلاً عابراً أنّ المحامي الشهير جاك فيرجيس، وكان آنذاك محامي ‘جبهة التحرير’ هو الذي ترافع دفاعاً عن سينيه. هي، من جانب آخر، قضايا لا تقتصر على فرنسا وحدها، إذْ أنّ الرجل كان ضحية واحدة من أبشع وقائع الرقابة في التاريخ الإنساني: إعدام الكتاب، عن طريق إحراق كامل النسخ المطبوعة. ففي سنة 1966، أقدمت دار نشر ‘بنغوين’، بقرار فردي من مؤسسها ألن لين، على إحراق 50 ألف نسخة من كتاب سينيه ‘مجزرة’، لأنه اعتُبر إهانة لمشاعر المسيحيين، رغم أنّ الكتاب كان ترجمة عن الأصل الفرنسي (يُروى، هنا، أنّ لين ـ الذي سبق له أن دافع بقوّة عن طبع ‘عشيق الليدي شاترلي’، رواية د. هـ. لورانس ـ ترك إدارة الدار منهمكة في مناقشة ما يتوجّب عمله بصدد كتاب سينيه، وانسلّ مع أحد المستخدمين الموثوقين، وحمّل الطبعة كاملة على ظهر شاحنة صغيرة، ومضى بها إلى مزرعته الخاصة، فأحرقها هناك!). ولقد توفّر معلّقون فرنسيون، لا يُعرف عنهم أيّ عداء للسامية، بل لا يُعرف عنهم إلا العكس ربما، تساءلوا عن السبب الذي يجعل اليهود يشعرون بالإهانة إذا كان نجل رئيس الجمهورية الفرنسية ينوي الإهتداء إلى ديانتهم؟ آخرون أشاروا، كذلك، إلى أنّ أيّ قدح محتمل في العبارة التي أضافها سينيه إلى تصريح رئيس الـ Licra، يصعب أن يُرى موجهاً إلى اليهود أو اليهودية، لأنه ببساطة نقد ـ يمكن اعتباره ملطّفاً بعض الشيء، بالقياس إلى سواه من التعليقات ـ من طراز أخذت تنشره معظم الدوريات الفرنسية، ويطال جانب الإنتهازية السياسية في شخصية جان ساركوزي. أم هي محاكم تفتيش معاصرة، من عيار خاصّ يناسب الديمقراطيات الغربية، حيث حرّية التعبير وقائية أو موسمية أو انتقائية؟ بلانتو، رسّام الكاريكاتير الآخر الشهير، وأحد التلامذة النجباء لمدرسة سينيه في الجرأة والجسارة وعمق النقد، اختار الصيغة التالية للتعليق على قرار طرد سينيه من عمله: لقد رسم فيليب فال، صاحب المطبوعة ورئيس تحريرها، وهو يرتدي الزيّ النازيّ، ويرفس سينيه بالحذاء العسكري، وخلفه عبارة على المطبوعة تقول: ‘شارلي ايبدو’ مجلة يُسمح فيها بكلّ شيء، مع إضافة على لسان فال نفسه: بما في ذلك طرد الرسّامين! (*) كاتب سوري مقيم بباريس (المصدر: صحيفة ‘القدس العربي’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 8 سبتمبر 2008)

 

Home – Accueil الرئيسي

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.