الثلاثاء، 29 مارس 2011

Home – Accueil

فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS 10ème année, N°3962 du 29.03.2011  

archives : www.tunisnews.net


وزارة الدفاع الوطني:ردا على مقال أنيس منصوري:الجيش الوطني سيبقى وفيا لعقيدته ومبادئه

حزب العمال الشيوعي التونسي:وعادت الحكومة للممارسات القمعية

العربي القاسمي:هيبة الدّولة بالحرّية والعدل والتّنمية وليس بإخافة الشّعب ومغالطته

الصباح:على خلفية التحوير الوزاري هل هو « إبعاد » للراجحي.. أم تمهيد لمستقبله السياسي؟

البيان الختامي لأشغال المجلس المركزي لحزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ المنعقد يومي 26/27 مارس 2011

تحرّك احتجاجي لحزب الخضر للتقدّم للمطالبة بالعدول عن تنفيذ مشروع نووي

مركز تونس لحرية الصحافة:نداء للإفراج عن زملائنا المعتقلين في ليبيا

بلاغ صحفي:ندوة صحافية للنقابة المهنية لمنتجي الأفلام

الصباح:في آخر سبر للآراء 70 % من التونسيين هاجسهم الأمن و 48 % لا يهتمون بالسياسة

الصباح:يترافع في قضية لفائدة أحد ضحايا عائلة المخلوع محام فرنسي يرفع قضية ضد بعض المقربين من «المخلوع» بتهمة التهديد بتصفيته

مراد بن محمد:ما بعد الثورة جدل العلماني والديني في تونس

برهان غليون:الثورة السورية ومخاطر غياب القيادة

سعد محيو:دور أجهزة المخابرات في الحياة السياسية العربية (1 من 2)

القدس العربي:المعارضة الليبية: 12 ألف شخص أبعدوا إلى سجون في العاصمة طرابلس

الجزيرة نت:أكد دعمه العمليات العسكرية ضد القذافي مؤتمر لندن يدعو لعملية سياسية بليبيا

القدس العربي:اردوغان: للقذافي رغبة بوقف اطلاق النار.. تركيا مستعدة للوساطة وستدير مطار وميناء بنغازي وستنسحب في اسرع وقت

الجزيرة نت:تحمل عنوان: الانتفاضة الفلسطينية الثالثة فيسبوك يغل صفحة ضد إسرائيقل


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


تابعوا جديد أخبار تونس نيوز على الفايس بوك
الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141

 


                   الجمهورية التونسية                   
وزارة الدفاع الوطني     الديــــــــوان
 تونس في 29 مارس 2011

الجيش الوطني سيبقى وفيا لعقيدته ومبادئه


تعقيبا على المقال الذي نشرته الصحيفة الإلكترونية « تونس نيوز »يوم 27 مارس 2011 بإمضاء أنيس منصوري تحت عنوان: »من أجل حل جهاز الجيش السياسي »,فإن وزارة الدفاع الوطني تأسف كل الأسف وتستنكر بشدة ما ورد في هذا المقال من تشكيك في ما يقوم به الجيش الوطني في الظرف الراهن الدقيق مستهدفا حياد القوات المسلحة ومصداقيتها وذلك في قالب « حقيقة » لا تمت إلى الواقع بشيء.
إن الجيش الوطني التونسي المتكون من أبناء الشعب لم ينحرف عن المسار الذي اتخذه منذ انبعاثه سنة 1956 والمتمركز على المبادئ وقيم ثابتة لم تغيرها لا الأحداث ولا المحن ولا الأزمات السياسية التي تعيشها البلاد بل عززت لديه شعوره العميق بالمسءولية والروح الوطنية وزادته تمسكا بالخصال التي انبنى عليها. لقد ربهن هذا الرمز من رموز سيادة البلاد على استعداده الدائم لتلبية نداء الواجب في نطاق رسالته المقدسة وما انفك يقوم بكل ما يوكل إليه من مهام كأفضل ما يكون بكل حماس وأخلاص وانضباط ونكران ذات دون الأنخراط في أي لعبة سياسية غايته الأساسية أن يكون دوما في طليعة القوى الوطنية للذود عن حمى تونس والدفاع عن حرمتها وصيانة مكاسب الشعب المادية والمعنوية وحماية النظام الجمهورى.كما لا يتوانى في المساهمة الفاعلة في المجهود التنموي وفي تقديم خدمات إنسانية داخل البلاد و خارجها. وسيضل الجيش الوطني الذي سجل اسمه على راس قائمة حماة الثورة يوم غابت الأصوات دون أن يحيد عن واجبه كما سيبقى العين اليقضة والحامية للثورة الشباب,قورة الكرامة والحرية والعدالة الإجتماعية.
وإذ تشجب وزارة الدفاع الوطني كل ماجاء في المقال المعنى من إساءة للمؤسسة العسكرية,فإنها تصر على تمسكها بحقها في الدفاع عن الجيش الوطني ضد كل من تسول له نفسه المساس بهيبته وتاريخه المجيد وذلك في نطاق احترام القوانين والتراتيب المعمول بها                                                               الإمضاء    
                                                 وزيــــر الدفـــاع الوطنـــــي                                                                                                               عبدالكريم الزبيدي
 

<



أقدمت الحكومة في المدة الأخيرة على سلسلة من الأعمال القمعية التي أعادت للأذهان ما كان يتبعه نظام بن علي من قمع وتعدّي على الحريات العامة والفردية إذ عادت فرق البوليس السياسي، الذي لم يقع حله إلا لفظيا، إلى حملات الإيقاف وإلى ممارسة التعذيب في تونس العاصمة والقصرين وغيرهما من المدن. كما أصدرت الحكومة تعليماتها بمحاصرة ساحة القصبة بأعداد خيالية من قوات البوليس حيث اعتدت على عدد من الشبان وفرّقتهم بالقوة وأوقفت العديد منهم وتمّت إحالتهم على المحكمة على جناح السرعة. وفي المهدية تدخلت قوات الجيش لتفريق المعتصمين أمام المحكمة بالقوة وأوقفت عددا منهم لم يطلق سراحهم إلا بعد ساعات من الضغط والاحتجاج واحتجزت الخيام والأفرشة وكل الأمتعة التي كانت في حوزتهم. وفي جهات أخرى صدرت أحكام ثقيلة بالسجن في حق عدد ممّن تم إيقافهم على خلفية احتجاجات وتحركات سياسية ومطلبية. وإلى جانب ذلك، أصدرت وزارة الداخلية بلاغا تهدّدت فيه شباب الفايسبوك تحت عنوان التصدي لدعاة الفتنة والمحرّضين على الفوضى وذلك لتخويف وترهيب كل من تحدثه نفسه بالدعوة للتظاهر والاحتجاج والاعتصام. وتؤكد كل هذه الممارسات مرة أخرى أن الدعاية التي تروّجها الحكومة عبر وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية حول « الديمقراطية » و »الحرية » ليست سوى مغالطة وأن التنازلات التي فرضها الشعب في مجال حرية التعبير والتظاهر والاجتماع هي اليوم محل تراجع والتفاف. وهو ما يؤكد أيضا ما ذهبنا إلى إعلانه في أكثر من مرة أن الإطاحة بالدكتاتور بن علي لم يكن كافيا لتفكيك الديكتاتورية كنظام حكم. فحزب « التجمّع » وإن أعلن عن حله ما يزال مسيطرا على جوانب هامة من الحياة العامة في الإدارة والمؤسسات وفي أجهزة الإعلام وفي القضاء. والبوليس السياسي الذي قيل أنه وقع حله ما يزال قائما يرتع ويروّع ويعتدي على المواطنين وينظم حملات الإيقاف في الأحياء الشعبية ويمارس التعذيب. كما لا يزال الإعلام يعمل بمنطق التعليمات ويوظف لدعاية الحكومة لتمرير مشاريعها السياسية. وفي كلمة فإن الحكومة التي نصّبت نفسها على الشعب والتي تصرّ على رفض أيّ رقابة على أعمالها تمعن في الالتفاف على ثورة الشعب وتمضي قدما في العودة بالبلاد إلى عهد ما قبل 14 جانفي غير عاØ �ئة بالتضحيات الجسام التي تكبدها من أجل القطع مع النظام القديم. لذلك فإن حزب العمال الشيوعي التونسي:  يندد بهذه الممارسات القمعية ويدعو الشعب وكل قواه الحية الوفية لأرواح الشهداء ولتضحيات التونسيات والتونسيين إلى مزيد توحيد الصفوف في مواجهة سياسة الارتداد بمكتسبات الثورة إلى العهد البائد.  يؤكد مجددا التزامه بالنضال مع كل فئات الشعب التونسي ومع كل قواه الثورية من أجل تعميق مسار الثورة لتحقيق أهدافها.  يجدد مطالبته بضرورة حل كل أجهزة وفرق البوليس السياسي وتتبع ومحاكمة الجلادين، أمرا وتنفيذا، ونشر أرشيفها.  احترام حقوق الاجتماع والاعتصام والتظاهر والتعبير السلمي.  إيقاف المحاكمات والتتبعات وإطلاق سراح الموقوفين بسبب الاحتجاج والتظاهر. كما يدعو كافة الشعب التونسي إلى اليقظة وإلى مواصلة النضال من أجله استكمال مهام ثورته حتى الإطاحة بالديكتاتورية وبناء نظام ديمقراطي يرتقي إلى مطامحه ويليق بتضحياته. عاشت الثورة التونسية عاش الشعب التونسي من أجل جمهورية ديمقراطية عصرية
حزب العمال الشيوعي التونسي تونس في 27 مارس 2011  

(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 29 مارس2011)

<



لمّا تكلّم السّيد الباجي قايد السّبسي عن هيبة الدّولة تفهّمناه والتمسنا له عذرا بأن قلنا « حنكة سياسية … وضرورة اقتضتها الظّروف الخاصّة الّتي تمرّ بها البلاد » …
ولمّا تباطأت الحكومة في إرجاع المطرودين من عملهم والّذين ذاقوا الويلات والحرمان والتّفقير طيلة أكثر من عقدين وحرم أبناءهم من العيش الكريم التمسنا عذرا لهذه الحكومة وقلنا « صبرا … فلا يمكن أن تحلّ كلّ مشاكل البلاد بجرّة قلم … والمليح يبطأ »  
لمّا بدأ تمجيد بورقيبة في التّلفزة الوطنية والثّناء على مناقبه وأخذ مسافة عن نظام بن علي بشكل مبالغ فيه يجافي الحقيقة التّاريخية التمسنا عذرا وقلنا « هو حنين التّلميذ إلى معلّمه  ولا يمكن بحال من الأحوال أن يغفل هؤلاء القوم التّغيّر العميق الّذي حصل في البلاد و أن لا رجعة لعهد بورقيبة ولا ما بعد بورقيبة »
ولمّا طلعت علينا تشكيلة الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي صدمتنا المفاجئة وعبّرنا عن رفضنا وعدم قبولنا لهذه الممارسة المقيتة وطالبنا بتعديل هذه التّركيبة ووعدوا بأن يفعلوا … وننتظر وننتظر ولا شيء ذا بال إلى حدّ اليوم رغم خطورة الموضوع وأهمّيته.
وآخر ما طلع به علينا سيادة الوزير الأوّل المحنّك والمجرّب هو التّغيير الوزاري الّذي طال وزارة سيادية أظهر من خلالها السّيد فرحات الرّاجحي كفاءته وجرأته في اتّخاذ القرارات الحاسمة التي تقطع مع الماضي وتلبّي طلبات الشّعب ويا ليت من خلفه كان أفضل منه ولكنّه رجل أقلّ ما يقال فيه هو أنّه ينتمي إلى المنظومة السّابقة الهالكة الّتي رفضها الشّعب وثار عليها ودفع الأرواح من أجل إزالتها و التّخلّص منها! اتّضحت اللّعبة إذا، ربح الوقت ومحاصرة الإسلاميّين والقوّى الحيّة في البلاد ويكون ذلك عبر جبهتين:
1.      جبهة من النّاعقين بالعلمانية بغير دراية بمعناها والمتلخّصة عندهم في محاربة الهوية العربية الإسلامية وتسخير وسائل الإعلام لهم لينفثوا سمومهم في الشّعب التّونسي العربي المسلم. 2.      جبهة ثانية يتسلّل منها رموز العهد البائد الواحد تلو الآخر إلى مواقع النّفوذ ونعود بعدها إلى سياسة العصا الغليظة والإقصاء وقمع المعارضة.
يا سيادة الوزير الأوّل، لا تُعرّض تونس إلى الهلاك ولا تلقي بها في أتون اضطرابات اجتماعية تحت تعلّة هيبة الدّولة فهذه الهيبة لن تحصل بغير العدل والتّنمية واحترام حقوق الإنسان ورموز العهد السّابق لن ينفعوا في هذا شيئا ولو سلّمنا بحسن نيّتهم ونظافة أيديهم فقد أخذوا فرصتهم لعقود مضت ولم نرى منهم إلاّ السّلب والنّهب والظّلم والقمع والفساد والإفساد فارفعوا أيديكم عن تونسنا ودعوا الشّعب يمارس سيادته كاملة وإن ارتضى الشّعب لهؤلاء أن يعودوا فليكن.
إنّ في تونس كفاءات من الطّراز الأوّل من غير التّجمّعيّين الّذين لم نرى كفاءتهم إلاّ في القمع والتّطبيل للطّاغية وإعانته على إذلال الشّعب وسحقه ومن حقّ هذه الكفاءات أن تخدم الوطن وتنعم بالعيش الكريم في أحضانه.  
العربي القاسمي / نوشاتيل ـ سويسرا في 29.03.2011
 

<


على خلفية التحوير الوزاري هل هو « إبعاد » للراجحي.. أم تمهيد لمستقبله السياسي؟


أجرى رئيس الحكومة، الباجي قائد السبسي أمس، تحويرا وزاريا طال وزير الداخلية، حيث تم تعيين الحبيب الصيد، عوضا عن فرحات الراجحي. ويأتي هذا التحوير بعد شهر من تشكيل حكومة السبسي، التي كانت تعهدت منذ الوهلة الأولى باستعادة الأمن وإعادة الاعتبار لهيبة الدولة. ورغم شح المعلومات التي رافقت عملية التحوير وأسبابها، والتي رفضت بعض المصادر من الوزارة تقديم إيضاحات بشأنها، ذكرت مصادر مطلعة أن التطورات المتعلقة بالوضع الأمني خلال الفترة الماضية، شكلت سببا رئيسيا لهذا التحوير الذي جاء بشكل مفاجئ، وفي توقيت ربما كان غير مناسب. أحداث مثيرة وحسب المعلومات المتوفرة لدينا، فإن جملة من الحيثيات ساهمت في اتخاذ قرار إقالة الراجحي من منصبه، بينها: ــ استمرار الانفلات الأمني في البلاد، سواء عبر « البراكاجات » التي تتم بصورة يومية تقريبا، وآخرها الهجوم على إحدى البنوك يوم أمس، أو من خلال عدم استكمال ما يعرف بـ « الانتشار الأمني » لأعوان الأمن والمرور في مستوى المؤسسات الأمنية (مراكز أمن، مناطق، مراكز حرس وطني…)، وهو ما كرس حالة من المخاوف بين المواطنين، فضلا عن السياح والمستثمرين المحليين والأجانب. ــ ما حصل في اعتصام « القصبة 3 » قبل بضعة أيام، حيث تم رشق رئيس الوزراء بالحجارة، وتم في أعقاب ذلك اعتقال نحو عشرين شابا، اتهموا بعملية الرشق، قبل أن تفيد الأبحاث ويقر القضاء براءتهم مما نسب إليهم، وهو ما  يمثل فشلا أمنيا في إدارة اعتصام القصبة، الذي لم يكن في حقيقة الأمر، اعتصاما عنيفا، ولم يحمل في ثناياه أية علامات للفوضى أو العنف، مما يحيل على تساؤلات كثيرة لعل أهمها: من يقف وراء رشق الوزير الأول بالحجارة؟ ومن من مصلحته تفريق اعتصام سلمي كان وراءه شبان وعوائل الحارقين وعائلات تونسية اضطرتها الأوضاع الليبية للتعبير عن جملة من المطالب بطريقة حضارية؟ وتفيد معلومات موثوقة، أن رئيس الوزراء، قد لا يكون رضي بالأداء الأمني في هذه العملية، خصوصا بعد أن خلفت استياء كبيرا في أوساط الرأي العام، وصلب المحامين وقسم كبير من القضاة، في وقت كان الباجي قائد السبسي حريصا على إعادة الاعتبار لهيبة الدولة، فجاء هذا الأداء الأمني ليهز صورتها من جديد، ويضع الوزير الأول في موضع استفهامي لافت. ــ الأحداث التي رافقت زيارة وزير السياحة إلى توزر، حيث تم رشقه بالحجارة، بينما كان مرفوقا بأكثر من عشرين سفيرا كانوا يطلعون على المخزون السياحي التونسي الذي تكتنزه هذه الولاية السياحية الهامة. ولا شك أن النيل من الدبلوماسيين بتلك الطريقة، ومهما كانت الأسباب، تعكس إلى حدّ بعيد، ضعف الحماية الأمنية لزيارة الوزير ورفقائه، وتعطي الانطباع بعدم وجود استقرار أمني من ناحية، وبان هيبة الدولة في الميزان، من ناحية أخرى، وهو الأمر الذي قد يكون أغضب الوزير الأول. احتمالات أخرى لكن بعض الأوساط تتحدث عن فرضيات أخرى شديدة الأهمية، قد تكون من بين القطرات التي أفاضت كأس وزير الداخلية، وعجلت بترحيله من وزارة الداخلية. فعلاوة على التيار الذي لا يمر بين الباجي قائد السبسي وفرحات الراجحي منذ اضطلاع السبسي بالوزارة الأولى، مثلما تتحدث مصادر مطلعة، فإن التيار الذي لم يمر إطلاقا، كان بين الوزير وعدة إطارات من وزارة الداخلية، التي لم تستسغ أسلوبه في إدارة الوزارة، ولم تجد أي تفسير لبطء قراراته المتعلقة بالشأن الأمني، فضلا عن شخصيته المرحة، التي لم يقع التعود عليها خاصة في وزارة تتطلب شخصية قوية و »كاريزماتية » إلى حدّ بعيد، لأن الأمر يتعلق بأجهزة شديدة الحساسية، وليس بشأن إداري عادي. ولذلك يمكن القول، أن الأمن في الوزارة لم يكن على قلب رجل واحد مع الوزير، وهو أحد الشروط الأساسية لنجاح أية شخصية في مثل هذه الوزارة. لكن هل الوزير الجديد، الحبيب الصيد يتوفر على هذه الخصال؟ العارفون بالرجل، الذي سبق أن شغل خطة رئيس ديوان وزير الداخلية في الفترة الممتدة بين 1996-1999 مع كل من الوزيرين السابقين محمد بن رجب وعلي الشاوش، لا يستبعدون ذلك، بل إن معلومات مؤكدة تشير إلى معرفة الرجل بدواليب الوزارة واطلاعه الواسع على خباياها و«ميكانيزماتها» من دون أن يكون من داخل أجهزتها، ما يجعله، وهو المتقاعد، يستجيب لشرط أساسي، وهو غياب الطموح السياسي لديه في حكومة، أراد الباجي قائد السبسي أن يكون أعضاؤها « انتقاليون »، أي خارج الحسابات الانتخابية القادمة. أسئلة مطروحة غير أن هذه الاحتمالات والتأويلات والفرضيات، لا يمكن أن تستبعد ـ في نظر المراقبين ـ إمكانية أن يكون الصيت الذي اكتسبه وزير الداخلية خلال الشهرين الماضيين منذ توزيره في الداخلية، والحظوة التي بات يتمتع بها لدى قسم واسع من الشعب التونسي، سببا في « إبعاده » من الوزارة. لكن السؤال المطروح حقيقة هو: هل أن هذا « الإبعاد » يأتي ضمن موجة « الغضب الرسمية » على أدائه وأسلوبه في إدارة الأمن خلال المرحلة السابقة؟ أم يندرج في سياق التمهيد لمستقبله السياسي خلال المرحلة المقبلة، خصوصا بعد أن أفصح الرجل عن قدرات لافتة في الاتصال والتواصل مع المجتمع، وشدّ الناس إليه بشكل غير مسبوق بالنسبة لوزير داخلية في تاريخ المؤسسة الأمنية؟ (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 29 مارس 2011)
 

<


حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ

البيان الختامي لأشغال المجلس المركزي لحزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ

المنعقد يومي 26/27 مارس 2011  


    انعقد المجلس المركزي لحزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ بتونس يومي السبت والأحد 26/27 مارس في دورته الرابعة ولأول مرّة بعد حصوله على تأشيرة العمل القانوني. وبعد المداولة في كلّ ما يتعلق بالوضع السياسي قطريا وعربيا وعالميا يؤكد ما يلي:
1-                وقوفه إجلالا لأرواح شهداء ثورة الحرية والكرامة إكبارا لنضالات جماهير شعبنا في كل مدن القطر وقراه. 2-                تثمينه ما أنجزته ثورة شعبنا من مكاسب سياسية من أهمها إسقاط الديكتاتور والحكومتين الأولى والثانية وحل التجمع الدستوري الديمقراطي والإعلان عن قرار حل البوليس السياسي والمجالس الصورية المنصّبة وسن قانون العفو العام والقبول بانتخاب مجلس تأسيسي يصوغ دستورا جديدا للبلاد. 3-                اعتباره أن هذه المنجزات على أهميتها تظل خطوة أولى على درب تفكيك منظومة الاستبداد والفساد والقضاء على التحالف الطبقي الرجعي الحاكم برعاية من الامبريالية العالمية ومؤسساتها المختلفة. 4-                مساندته المبدئية واللامشروطة لنضالات الجماهير المنتفضة حاليا في عديد الأقطار العربية من أجل الديمقراطية والتحرر الوطني والانعتاق الاجتماعي ودحر الاحتلال الصهيوني. 5-                وقوفه إلى جانب الشعب الليبي في نضاله ضد الاستبداد وإدانته للعدوان العسكري الامبريالي الرجعي على القطر الليبي بذريعة حماية المدنيين وإدانته كل أشكال التدخل الأخرى. 6-                ضرورة رفع كل التضييقات والمعوقات أمام وحدة مغاربية وعربية تبنى على أسس ديمقراطية وشعبية في خدمة المصالح الاقتصادية والاجتماعية للجماهير. 7-                دعوته كل القوى الوطنية الديمقراطية أطرافا وأفرادا إلى مواصلة التنسيق والنقاش الجاد قصد الاسراع بتوحيد هذه القوى في كيان يستجيب لتضحيات الأجيال ودماء الشهداء ولاستحقاقات التحرر الوطني الديمقراطي. 8-                التزامه بمواصلة النضال صلب جبهة 14 جانفي وبالعمل مع جميع مكوناتها قصد تفعيل دورها وتجويد أدائها السياسي وتكثيف حضورها تحصينا لمكاسب ثورة شعبنا وتطويرا لها. 9-                إصراره على استكمال مهام ثورة الحرية والكرامة وفي مقدمتها التصدي لإعادة تشكل التجمع الدستوري الديمقراطي تحت عناوين أخرى وحل المنظمات المرتبطة به ومنع قياداته من الترشح ومواصلة تطهير الإدارة من رموز الفساد ومقاضاتهم واستعادة أموال الشعب المهرّبة إلى الخارج وتعقب من تورّط في تعذيب المواطنين وقتلهم وفرض الاستقلالية الفعلية للقضاء وضمان الحرية الكاملة للصحافة. كما ينبّه إلى خطورة العودة إلى ممارسة القمع والتضييق على الحريات العامة بذريعة الدفاع عن هيبة الدولة وكل مظاهر الالتفاف على الثورة. 10-            انخراطه في النضالات الشبابية والعمالية من أجل الحق في الشغل والتوزيع العادل للثروة والتنمية الجهوية المتكافئة والجباية العادلة. 11-            المحافظة على مجلة الأحوال الشخصية ودعمها وتأكيد مبدأ المساواة التامة بين الجنسين ورفض كل أشكال التمييز بين المواطنات والمواطنين واحترام المواثيق الدولية التي أمضت عليها تونس ورفع التحفظات عنها. 12-            دعمه الطبقة العاملة وعموم الكادحين في سائر البلدان والشعوب والأمم المضطهدة في نضالها ضد الاستغلال والهيمنة الامبريالية.  إنّ المجلس المركزي لحزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ إذ يدعو كل الأطراف السياسية إلى احترام حق الاختلاف والتعبير فإنه ينبّه إلى خطورة توظيف الإدارة العمومية والمؤسسات التربوية ودور العبادة للدعاية الحزبية والشحن ضد الخصوم السياسيين ويطالب بتحييدها حيادا تاما. كما يناشد جماهير شعبنا الانخراط في العمل السياسي الديمقراطي المدني والجمعياتي والاهتمام بالشأن العام حماية للثورة واستكمالا لها. المجد والخلود لشهداء الثورة العزة والمجد لتونس الحرة  حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ تونس في 27 مارس 2011  **************************** نــــــــــــداء وفاءا لشهداء الثورة ولنضالات جماهير شعبنا واستجابة لنداءات أعضاء مجلسنا المركزي المنعقد يومي 26 و 27 مارس 2011 وتفاعلا مع دعوات مناضلي الخط الوطني الديمقراطي وكياناتهم السياسية يدعو حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ جميع مناضلي الخطّ إلى الدخول فورا في حوار جاد ومسؤول يهدف إلى تشكيل إطار سياسي جامع يصهر نضالات جميع الوطنيين الديمقراطيين ونقترح في هذا الإطار الاتفاق على موعد واضح للشروع في مناقشة هذا المشروع. حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ 27  مارس 2011 قائمة مراسلات حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ info@hezbelamal.org للاتصال بنا : aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى SUBSCRIBE  للإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها  aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى UNSUBSCRIBEلفسخ الإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها  http://www.hezbelamal.org/ موقع حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  
 

تونس، في 29 مارس 2011 تحرّك احتجاجي لحزب الخضر للتقدّم للمطالبة بالعدول عن تنفيذ مشروع نووي  


تعبيرا عن رفضهم تركيز مفاعل نووي في تونس نظّم عدد من مناضلي ومناضلات حزب الخضر للتقدّم، يوم الأحد، وقفة احتجاجية في مدينة قليبية التي من المنتظر أن يتمّ فيها تركيز هذا المشروع، وقد دعا المتظاهرون من مختلف الشرائح العمرية وخاصّة من فئة الشباب، إلى ضرورة التخلي عن مشروع المفاعل النووي الصناعي الذي تعمل تونس على تركيزه بالوطن القبلي حيث رفعوا شعارا رئيسيا « لا للنووي في تونس »، ومؤكّدين التزامهم بمقاومة هذا المشروع والتصدّي له بشتى الوسائل المتاحة، وذلك من منطلق إيمانهم بحق الإنسان في بيئة سليمة خالية من جميع أشكال التلوّث.
واعتبر أنصار الحزب الذين حضروا هذه الوقفة « أنّ الوقت قد حان لكي نتراجع عن القرار الذي اتخذته الحكومة التونسية بتركيز محطّة لتوليد الكهرباء النووية »، موجّهين دعوة « للحكومة الانتقالية إلى إلغاء الاتفاقيات الدولية التي أمضاها النظام البائد مع عدد من الجهات المختصّة وإفشال مخططاته الهادفة إلى إقامة محطة نووية في البلاد لعدم الحاجة الفعلية لها ولعدم جدواها البيئية والاقتصادية. »
 من جانبه أكّد منجي الخماسي أمين عام الخضر للتقدّم أنّه إذا تمّ المضي قدما في تنفيذ هذا المشروع فإن تونس ستواجه إشكالية كبيرة تتعلّق بمكان دفن النفايات والتخلّص منها، إلى جانب الحاجة إلى توريد الوقود النووي بأسعار مرتفعة جدّا. كما قال الخمّاسي « تتطلّب مثل هذه المشاريع ضخّ كميّات كبيرة من المياه لاستخدام الوقود النووي ولأنّ كل هذه المفاعلات تحتاج إلى أجهزة تبريد يقع تركيزها على مقربة من الشواطئ ممّا سيتسبّب في تلوّث البحر وضرب القطاع السياحي الذي يعدّ قطاعا رئيسيا للاقتصاد التونسي، وعليه فإنّ الخسائر الاقتصادية ستكون أكبر بكثير من الأرباح المتوقّع تحقيقها، لذلك فإننا نجدّد تأكيدنا على ضرورة التخلّي عن فكرة تنفيذ هذا المشروع الذي لن تستطيع تونس التخلّص من تبعاته الاقتصادية والبيئية على حدّ السواء، فلا أحد يمكن له أن يضمن عدم حدوث أي أخطاء في تركيز مثل هذه المفاعلات مهما كان التطوّر العلمي متقدّما، وتوجد ثلاثة أنواع من الاشعاعات هي على التوالي الأقلّ خطورة والمستخدمة في المجال الطبي والمسمّاة علميّا بـ »قما »، والثانية والثالثة تلك الاشعاعات الأكثر خطورة التي تصيب خلايا الكائنات الحيّة والتي تتسبّب في إصابة الإنسان بالسرطان وتقتل النباتات والحيوانات كما أنها تنفذ إلى المعادن وتصبح موادا مشعّة ».
وفي سياق متّصل بالكارثة النووية التي تمّ تسجيلها في اليابان قال منجي الخمّاسي أنّه « يجب استخلاص العبر من الأحداث اليابانية وعدم المضي قدما في تنفيذ برنامج تركيز المحطّة الكهرونووية بتعلّة كون هذا المشروع يندرج في إطار النووي السلمي والذي لا يتجاوز معدّل إنتاجه للطاقة الكهربائيّة المحليّة الـ15% وإيقاف التفكير في هذا المخطّط عبر تحويل الاعتمادات المالية التي كانت مرصودة له إلى مشاريع التنمية النظيفة وإنتاج الطاقة الخضراء، خاصّة وأنّ التطور التكنولوجي واتخاذ أقصى درجات السلامة أثبتت فشلها في منع حدوث كارثة في مفاعل « كوفوشيما » وبالتالي انهيار المفاعل النووي وتسرب الإشعاع منه. »
كما أوضح « أنّه بإمكان تونس أن تغطي احتياجاتها الكبرى من الكهرباء عبر الاستثمار في الطاقة النظيفة خاصّة وأنّها تتوفّر على بنى أساسية جيدة من شأنها أن تيسر تأمين نقل الطاقة الشمسية المركزة في كنف السلامة والنجاعة إضافة إلى قدرتها على التحكم في التكنولوجيا النظيفة مما يؤهلها للاندماج ضمن الشبكة الأورومتوسطية لإنتاج الطاقة الشمسية النظيفة التي تستهدف إنتاج 20 جيغاوات من الكهرباء منها 5 جيغاوات موجهة للسوق الأوروبية. » حزب الخضر للتقدّم عن دائرة الإعلام منجي الخماسي وفاتن الشرقاوي

<  



نحن المشاركين في ندوة « إعلام الثورة ..صحفيون تحت التهديد » التي نظمها مركز تونس لحرية الصحافة بمقر الاتحاد العام التونسي للشغل اليوم الثلاثاء 29مارس 2011  في إطار تضامننا مع زملائنا المستهدفين للاغتيال والاختطاف وشتي أشكال المضايقات والتهديد وذلك أثناء قيامهم بواجبهم في تغطية أحداث الثورات العربية نعبر عن :  -إدانتنا لمثل هذه الانتهاكات التي استفحلت في المدة الأخيرة . – إنشغالنا لوضعية الزملاء المعتقلين بالأراضي الليبية وهم لطفي المسعودي وأحمد ولد فال وعمار حمدان وكامل التلوع موقدي قناة الجزيرة إلى ليبيا . – مطالبتنا بالإفراج الفوري عنهم دون قيد أو شرط وبرفع كل القيود المسلطة على الصحفيين العاملين بالأراضي الليبية واحترام حقهم في أداء رسالتهم الإعلامية .  وفي نقس الوقت نحمّل كل الأنظمة في المنطقة العربية مسؤولية حماية الصحفيين وتمكينهم من حقهم في ممارسة عملهم بكل حرية حسب ما تقتضيه الأعراف المهنية والمواثيق الدولية. عن المجتمعين محمود الذوادي رئيس مركز تونس لحرية الصحافة

<  



  يتشرف نبيل كيلة المدير العام لـQuinta Communications  TUNISIE (لصاحبها طارق بن عمار) بدعوتكم للندوة الصحافية التي يعقدها يوم الجمعة  01 أفريل 2011 في الساعة العاشرة والنصف صباحا  بـ »فيلا ديدون » Villa Didon  للإعلان عن تأسيس النقابة  المهنية لمنتجي الأفلام.     *توضع حافلات minibus على ذمة الصحافيين تنطلق يوم الجمعة 01 أفريل  في التاسعة والنصف صباحا من أمام الديوان الوطني للسياحة شارع محمد الخامس(يرجى الإلتزام بالموعد ) *تتبع الندوة الصحافية بكوكتال على شرف الصحافيين . *لمزيد المعلومات يرجى الإتصال بالسيد نبيل كيلة (24613331 -98613331) *يرجى تأكيد الحضور على الرقم  : 21972767

في آخر سبر للآراء 70 % من التونسيين هاجسهم الأمن و 48 % لا يهتمون بالسياسة


الأحزاب المعروفة أكثر: النهضة ثم التجمع.. الديمقراطي التقدمي مصداقية الشخصيات : قائد السبسي34.3 %.. راشد الغنوشي 6.9 % والمبزع1.5 % النظام السياسي: 41 %مع البرلماني و16 % مع الرئاسي و34 % شبه رئاسي رحل النظام السابق وترك وراءه انفلاتا على جميع الأصعدة خاصة الوضع الأمني أضف إلى ذلك الفراغ السياسي، « هرب بن علي » وترك البلاد تتأرجح بين الإسراع إما في إنقاذ ما بقي من أعمدة الاقتصاد أو فرض الأمن بطريقة أو أخرى أو إيجاد صيغة لحلّ وفاقي يجعل تونس تستقر سياسيا في هذه المرحلة الانتقالية، وليس من الصعب طرح الأسئلة وسبر الآراء حول اتجاهات الرأي بعد الثورة غوصا في ثقافة التونسي وتوجهاته في المرحلة القادمة ومدى التصاقه بالحياة السياسية الراهنة ولكن الأصعب تقبل إجابات هذه الأسئلة بالرغم من توقع نتائجها ولو نسبيا.هذا الفراغ السياسي أكدته نتائج سبر الآراء الذي قامت به « قلوبال ماناجمنت سارفيس » GMS من 1 إلى 22 مارس 2011 على عينة شملت 1060 شخصا من مختلف الشرائح الإجتماعية، موزعين على مختلف الجهات حسب معدل الكثافة السكانية لكل منطقة وبلغت أعمار المستجوبين 18 سنة فما فوق.   الإستقرارالأمني أولا  70 % من المستجوبين لا يهمهم من الوضع برمته سوى الشعور بالاستقرار الأمني، في حين حوالي 51 % اهتموا بضرورة التخفيض في نسبة البطالة وإيجاد حلول للعاطلين.    وقد أظهرت هذه الدراسة أن 40 % لهم متابعة متواصلة للشأن السياسي، في حين 48 % لا يهتمون بالسياسية إلا في « الأعياد والمناسبات »، وليس من الغريب أن تجد أكثر من 30 % لا يعرفون ولو حزبا واحدا، فعلى مدى 23 سنة وقبل ذلك لم يعرف التونسيون إلاّ منطق الحزب الواحد الذي حكم البلاد والعباد، فأول الأحزاب التي ذُكرت أثناء سبر الآراء كان « حزب التجمع الدستوري الديمقراطي » إجابة عن سؤال أي الأحزاب تعرف؟ فما يقارب 20 % من جملة 70 % ممن لهم علم بأسماء الأحزاب ذكروا « التجمع » أولا، في ما بُوّب حزب النهضة في المرتبة الثانية على سلم الأحزاب المذكورة لديهم بنسبة تقارب 17.9 % أما الحزب الديمقراطي التقدمي فاحتل المرتبة الثالثة بنسبة حوالي 12.2 %،ثم حركة الديمقراطيين الإشتراكيين بنسبة 2.4 % وحزب التجديد بنسبة 2.2 % وحزب التحرير الإسلامي بنسبة 1.7 بالمائة ويأتي في المرتبة السابعة من حيث ذكر الأحزاب حزب العمال الشيوعي بنسبة 1.65 % ولكن من الغريب أن يُصّنف الإتحاد التونسي للشغل ولو من قلة تساوي 1.36 % كحزب وعبد السلام جراد كرئيس له. هذه الدراسة أظهرت أيضا أن حزب النهضة كان الأكثر ذكرا من قبل حوالي نصف المستجوبين أي 498 شخصا (34.3%)، يليه التجمع بنسبة 28.75 % ثم الحزب الديمقراطي التقدمي بنسبة 28.07 %  يليه حزب التجديد بنسبة 16.17 %وحزب العمال الشيوعي بنسبة 13.5 %. أما مصادر معرفتهم بالأحزاب فكانت متنوعة فـقرابة الـ340 شخصا عرفوا هذه الأحزاب من خلال الإذاعات والقنوات التلفزية، أما الأنترنات فكانت مصدرا بالنسبة لـ28 % من المستجوبين، و 160 شخصا قرؤوا عن الأحزاب التي يعرفونها من خلال الصحف، والبقية العارفة علموا بأحزابهم من خلال الاجتماعات التي تنظمها. الشخصيات السياسية والنظام السياسي كان الباجي القائد السبسي وراشد الغنوشي وأحمد نجيب الشابي ومحمد الغنوشي وأيضا عبد السلام جراد من أكثر الشخصيات السياسية التي ذكرت خلا سبر الآراء وفي المقابل 17 % من المستجوبين لا يعرفون ولا شخصية سياسية واحدة، فالسبسي من أول الشخصيات المذكورة بنسبة 17 % والمعورف أكثر بنسبة تفوق الـ40 % وهو أيضا مصنف من أكثر الشخصيات مصداقية بالنسبة لـ 365 من جملة المستجوبين، يليه راشد الغنوشي بـنسبة 37 % والذي لم يحظ برضى سوى حوالي 7 بالمائة من حيث المصداقية، ثم يليه فؤاد المبزع بنسبة 16 % وهو بدوره يعتبره سوى حوالي 1.53 بالمائة من المستجوبين من الشخصيات الصادقة. أما بالنسبة للنظام السياسي فإن 41 % يحبذون النظام البرلماني و16 % النظام الرئاسي في حين 34 % يفضلون نظاما شبه رئاسي والبقية لا تعرف. وفي ما يخص المشاركة السياسية فان 62 % أقروا أنهم سينخرطون في الحياة السياسية خاصة منهم المثقفين في حين 28 % لا ينوون ذلك والبقية متذبذبون.  إيمان عبد اللطيف (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 29 مارس 2011)

يترافع في قضية لفائدة أحد ضحايا عائلة المخلوع محام فرنسي يرفع قضية ضد بعض المقربين من «المخلوع» بتهمة التهديد بتصفيته


رفع المحامي الفرنسي الشهير في قضايا الفساد والملفات الاقتصادية ثيبولت دي مونتبريال مؤخرا قضية عدلية ضد بعض المقرّبين من الرئيس المخلوع وذلك بتهمة التهديد بالقتل . وحسب الادعاء العام في باريس فإن شرطة مقاومة الإجرام تعهدت بالملف ووجهت أصابع الشبهة باتجاه مقرّبين من عائلة الرئيس التونسي المخلوع. وأشارت التقارير الأمنية الفرنسية أن التهديدات بالقتل ضد المحامي الفرنسي تعود إلى شهر اكتوبر الماضي وبالتحديد يوم 15 منه وتم فتح ملف قضائي بشأنها يوم 21 أكتوبر وعهد بالملف إلى القاضي ميشال غاناشيا الذي أمر بإيقاف احد المشتبه فيهم وهو تونسي الجنسية (ك.م) مازال رهن الإيقاف. ويشير التحقيق إلى أن هذا الشخص قام بتهديد المحامي الفرنسي مباشرة بالذبح بعد ان ظل يراقبه لايام امام مبنى مكتبه. وبعد القبض عليه تم التحفظ عليه في مقرّات الامن وإخضاعه للتحقيق، نفى المتهم ما نسب إليه. لكن ثبت بعد ذلك استعمال المتهم التونسي لما لا يقل عن سبع هويات كما كان يتحوّز بتجهيزات جد متطورة عند عمليات مراقبة مكتب المحامي. وحسب ما صرح به المحامي ثيبولت دي مونتبريال فان سبب التهديدات التي لحقته يعود الى مسكه لملف غازي الملولي أحد رجال الاعمال التونسيين والترافع عنه ضد اطراف من عائلة الطرابلسي وبالتحديد منصف الطرابلسي احد اشقاء زوجة الرئيس المخلوع. ويعتبر الملولي من رجال الأعمال التونسيين وصاحب عدة شركات، كان شريكا في بعض أعماله مع شقيق الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، غير أنه بعد وفات هذا الأخير بدأ يتعرض لمضايقات  من قبل عائلة الطرابلسي وصلت إلى حد محاولة قتله يوم 18 نوفمبر الماضي في طرابلس حيث تعرّض بمنزله إلى طعنات من قبل سائق سابق لديه. وقد نجا من الموت بعد خضوعه لعمليتين جراحيتين الأولى في ليبيا والثانية بفرنسا التي انتقل إليها منذ ديسمبر 2009 طالبا اللجوء السياسي.في حين تمكّن المعتدي من الفرار إلى التراب التونسي مباشرة بعد جريمته، حيث لم يتم تتبعه رغم الشكايتين اللتين رفعتا في حقه بليبيا وتونس. وحسب الصحف الفرنسية فان السيد الملولي ما زال يتلقى باستمرار مكالماتٍ ورسائلَ تهديدٍ من تونس. وكانت صحيفة « لوموند » تعرّضت سابقا الى هذه الحادثة  مشيرة أن غازي الملولي قد بدأ نشاطه في مجال التوريد نهاية الثمانينات من القرن الماضي، وكان شريكا لشقيق الرئيس التونسي المنصف بن علي الذي أدانته المحاكم الفرنسية سنة 1992 بالاتجار في المخدرات قبل وفاته المسترابة سنة 1996. ووفق تصريحات السيد الملولي فإنّ غياب المنصف بن علي، شكّل منعرجا في حياته بفقدانه الحصانة التي طالما تمتّع بها، ليجد نفسه مسجونا سنة 2001 ومحكوما بـ8 سنوات في إطار مكيدة قضائية، قبل أن يُفرج عنه إثر بعض الوساطات ويقول الملولي انه وبعد وفاة منصف بدأت تنشب المشاكل بينه وبين عائلة بن علي المتمثلة في شقيقه الرئيس زين العابدين وكانت كبيرة جدا فيما بتعلق بتصفية الميراث خاصة أن عائلة الرئيس تريد الإستحواذ على كل شيء، وبقرار فوقي منه تم تصفية كل أعمال الملولي وشركاته، والاستحواذ على ما يملك، وتحوّل الأمر من الميراث إلى تصفية حسابات لفائدة العائلة الرئاسية. وحسب تصريحات الملولي لوسائل الإعلام فإن المشاكل قد ظهرت حتى في حياة منصف بن علي، وكانت كبيرة مع عائلة الطرابلسي، وبدأ ذلك منذ عام 1993 . ففي تلك الفترة حاول منصف الطرابلسي أن يدخل شريكا بايعاز من شقيقته وفي تلك الفترة كان منصف بن علي قد صدر بحقه حكم قضائي بفرنسا، ولم تكن علاقته طيبة مع شقيقه أصلا، ولم يستطع فعل أي شيء تجاه تحرشات ليلى وعائلتها، ولكن بالرغم من كل ذلك توجد خطوط حمراء لم يستطيعوا تجاوزها، إلا أنه بعد وفاته الغامضة فتح لهم الباب على مصراعيه لتنفيذ كل ما كانوا يخططون له، حيث تم الإستحواذ على ممتلكات الملولي وعاد كل شيء إليهم، وتمت التصفية وفق ما يريدون والطرف الأساسي في العملية هو شقيقها منصف طرابلسي، وقد نالوا من هذه العملية القسط الوافر من الأموال المقدّرة بالملايين من الدولارات حيث استغلت ليلى طرابلسي الوضع، لتعتبر شقيقها شريكا من دون وثائق ولا مستندات. ويضيف الملولي ان عائلة الطرابلسي لفّقت له عشر قضايا في2001، وتم إيداعه السجن المدني بتونس العاصمة، كما صدر في حقه حكمان في كل واحد 4 سنوات سجنا نافذا.وجميع القضايا تتعلق بالمال والأعمال وهي كلها جنح والحكم في الجنح حسب القانون لا يتجاوز الستة أشهر. وبعد مدة اطلق سراحه ولكن ظل يحالة مراقبة وحرم من جواز سفره الى ان قرر يوم 3 ماي 2007  المغادرة ليلا  وخلسة نحو الجزائر. ومن الجزائر غادر الى باريس بعد ان اعد له الجزائريون جواز سفرثم  غادر الى ليبيا. ويوم مقابلة الجزائر ومصر في إطار تصفيات كأس العالم بالسودان تعرّض الملولي الى محاولة قتل من قبل سائقه الخاص الذي فاجأه بطعنتين بسكين مكث بعدها 5 أيام في غيبوبة، و15 يوما بغرفة الإنعاش في قسم العناية المركزة. قبل ان يرحل الى باريس للعلاج ويكلف المحامي الفرنسي بتتبع ملفه بعد ان رفض القضاء في تونس قبوله.  سـفـيـان رجـب (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 29 مارس 2011)

ما بعد الثورة

جدل العلماني والديني في تونس


مراد بن محمد-تونس عبر عدد من الناشطين والباحثين التونسيين, التقتهم الجزيرة نت عن أملهم بأن تتفق الأطراف السياسية حول خيار دولة مدنية ديمقراطية قائمة على المواطنة وتقر بأن السيادة للشعب، وأن حرية المعتقد تضمنها وتحميها الدولة. وأجمع عدد من المتداخلين على أن الاستحقاق الأهم هو بناء ديمقراطية تقوم على تعاقد ووفاق يراعي الهوية العربية والإسلامية، ويضمن العدالة وتساوي الفرص بين أفراده، ويتميز بالفصل بين السلط، وإطلاق الحريات العامة والخاصة.  
دعائم الحرية  
ويرى رئيس حزب « المجد » عبد الوهاب الهاني أن النظام الذي يليق بتونس خاصة في هذه الفترة، هو « النظام الجمهوري بملامح تونسية الذي اختاره أجدادنا ». وقال إنه يفضل « نظاما جمهوريا لا علمانيا بالمنظور الغربي ولا دينيا بالمنظور الإيراني » يكفل السلطة والتشريع للشعب، كما يغلق الباب أمام الانخراط في منظومة الدولة العقائدية سواء كانت دينية أو إلحادية. ووفق الأستاذ المحاضر في التاريخ المعاصر والأنثروبولوجيا التاريخية عبد الواحد المكني، فإن النظام الجديد يجب أن « يعمل على إرساء دعائم الحرية في مختلف أبعادها، وعلى إرساء العدالة الاجتماعية والجهوية ». وقال المكني إن الدولة يجب أن تكون مدنية تقوم على مبدأ الحق والواجب لا على خلفية حكم الأقلية (الأوليغاركية)، أو جهوية، أو عسكرية، أو على خلفية عروشية. ودعا الأستاذ والباحث في الحضارة توفيق عرفاوي إلى استغلال « المزاج العام الحالي الديمقراطي للتوصل إلى قوانين وفق مبدأ التوافق والعقد الاجتماعي »، وأضاف بأن اليسار مطالب هو أيضا بأن ينفتح ويجد أرضية توافق، لأن الإسلام أثبت أنه يواكب التطور الحداثي من خلال تجدد الاجتهادات دون المساس بالروح العقدية.  
ما بعد الحداثة وقالت أستاذة اللغة والأدب الفرنسي منوبية بن غذاهم إن الدول المتقدمة حلت مبكرا علاقة الدين بالسياسة وأطلقت الحريات ولهذا مرت إلى مرحلة ما بعد الحداثة، مشيرة إلى أن الدولة مجموعة من القوانين وليست شيئا ملموسا حتى يكون لها دين. وأكدت ضرورة تأسيس « مجتمع عربي إسلامي يرتكز على قوانين حتى لا تنتهي الدولة بانتهاء أشخاص معينين ». وفي السياق قال أستاذ التاريخ المعاصر بالجامعة التونسية خميس عرفاوي إن « الوعي التاريخي يقتضي تجنيب الدين التوظيف السياسي، وعلى الدولة أن تحمي حرية الأفراد في ممارسة شعائرهم والإنفاق على دور العبادة دون أن يكون لها دين ». وأوضح أن تونس عاشت تجربة احتكرت فيها الدولة تفسير الدين والقمع باسم الدين، ولكن هذا لا يعني أن نمر لمرحلة ينص فيها الدين على شكل الدولة، لأن هذا من اختصاص الأحزاب ». نقاش مفتعل  
ودعا الهاني النخبة إلى « بلورة برامج تجيب عن الواقع التونسي اليوم، وعدم جر المجتمع إلى النقاش في محاور مغلقة إيديولوجيا وملغومة »، مشيرا إلى وجود من « يريد فرض قلقه الشخصي والاستماتة في جعله موضوعا له أولوية، والحال أنه ليس كذلك ». وقال إن تجربة اللائكية في تركيا أثبتت أن الجبهة العلمانية ترفض الديمقراطية، وهي جبهة الجيش المتحصن بالقضاء. ولاحظ المكني الذي ألف كتاب « المعادلة الصعبة: فشل حركة الاستنارة الحديثة بالبلاد العربية » أن التساؤل حول كيفية التعامل مع الدين في الدولة المقبلة « مفتعل، لأن تونس لم تشهد الاستقلال هذا النقاش »، معتبرا أن دور الدين محفوظ. وأكد أن فشل الطرح الديمقراطي يعود إلى أن النخبة « ليس لها امتداد وانتشار داخل الطبقة الوسطى ».            (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 29 مارس 2011)


جيء مرة إلى ‘نابليون بونابرت’ فقيل له أن حربا نشبت بين دولتين فقال « إبحثوا عن المرأة ».. ثم أعلموه بجريمة قتل فأجاب « إبحثوا عن المرأة « …ثم أتوا ليخبروه عن سرقة فقال « إبحثوا عن المرأة »…كأنّ لسان حاله يقول وراء كل مصيبة عظيمة « امرأة »..
لم أكن أتصور أن يتحول الشعب التونسي بأسره إلى ‘بونابرتيين’ بعد ثورة جانفي التي نجحت في قطع رأس المنظومة الاستبدادية (في إنتظار اجتثاث ما بقي من رواسب الإستبداد)…كل أصابع الإتهام وجهت لشخص واحد..إلى امرأة بعينها..كأنّي بالشعب يقول إبحثوا عن « زوجة الرئيس » فوراء كل ظلم ليلى  ووراء كل إستبداد ليلى و وراء كل سرقة ليلى ووراء كل نهب ليلى…و وراء كل ما جرى لتونس و بتونس ليلى.. طبعا هناك ما يكفي من الكتب حول حياة ليلى الطرابلسي (و إن كنت أرى أنها لا تستحق ذلك) و أنا لن أتحدّث هنا عن شخصية هذه المرأة فوقتي أثمن من أضيعه في سبر أغوار شخصية معقّدة  منحدرة من أسفل درجات السلم الإجتماعي تكالبت على السلطة و المال و حازت بلا فخر إحتقار كل الشعب لها و لزوجها و لعائلتها.
ما يهمّني في هذا الموضوع فقط هو لماذا يسعى الجميع إلى تحميل كل ما جرى لهذه المرأة وحدها؟ أ لهذه الدرجة بلغت حدا من النفوذ و التأثير جعلت دولة كاملة أشبه بدمية تحرّكها هي بأصابعها وقت ما تشاء و كيف ما تشاء؟ هل كانت فعلا المرأة التي « تهزّ المهد بيمينها و العرش بشمالها »؟ إن الحكمة تقتضي أن تفتّش عن المستفيد من الجريمة كي تعرف من هو المجرم الحقيقي فعن من فتّشنا نحن؟
الحقيقة هو أنني لا أنكر تأثير هذه المرأة على زوجها (رئيس الجمهورية) و على مستشاري قصر قرطاج و أنها بلغت درجة من الحظوة جعلتها تسيطر على موقع إتخاذ بعض القرارات (و ليس كل القرارات)…و لكني أيضا على شبه يقين أن هذا الأمر نسبي و محدود و أن الإعلام لعب دورا كبيرا  (و غير بريء) في تركيز الأضواء على ليلى الطرابلسي دون سواها و تضخيم صورتها بطريقة فاقت المعقول.
لو تتبعنا سير الأحداث لوجدنا أول من وضع  ليلى الطرابلسي موضع الاتهام هو زوجها نفسه رئيس الجمهورية السابق الذي لو صدّقنا ما تناثر من إشاعات من بعض المقرّبين من قصر قرطاج فإنه كان ينوي طلاقها كآخر الأوراق التي يلعبها لتهدئة الإحتجاجات التي إندلعت بتونس أواخر العام 2010. بن علي قال أنهم « غالطوني » و « سيحاسبون » دون أن يوضّح من هم هؤلاء الذين غالطوه و كيف غالطوه و كيف سيحاسبون؟ البعض إعتبره ضحية لزوجته (أول شخص غالطه) وهي التي كانت وراء أفول نجمه و تهاوي حكمه و أنا أعتبر أن هذا غير صحيح (على إطلاقه) فبن علي ليس ملاكا و تاريخه الإجرامي و العنيف ينفي عنه أي صفة للضعف (حتى أمام ليلى الطرابلسي)..ربما كانت ليلى الطرابلسي في الأخير و دون أن تشعر « ورقة » لعبها بن علي لتبرير توحّش نظامه بأن صوّر نفسه « ضحيّتها » ثم جعل منها كبش الفداء في كل جرائم الفساد و القتل و القمع و النهب و السرقة التي إرتكبها هو بصفته فاعلا أصليا مع شركائه (و هم بدرجة أولى عائلته و أصهاره و المقربون منه)..
ثاني من إنخرط في طابور الذين إتهموا ليلى بالوقوف وراء سقوط عرش طاغية قرطاج هم الوزراء و المستشارون الذي جعلوا منها الآمرة و الناهية و التي تمسك بيد من حديد بكل مقاليد الحكم..هذا الكلام يستبطن أن هؤلاء الوزراء و المستشارين كانوا مجرد بيادق يتلخّص دورهم الوحيد في تنفيذ الأوامر (مهما كانت هذه الأوامر) أو بعبارة أخرى مجموعة من غير الأكفاء الذين ارتضوا أن يكونوا سدنة نظام هم أول من يعلم حجم فساده و استبداده..الشيء الثاني الذي يثير الإستغراب هو أن ليلى ليست بالعلامة و لا يعرف عنها ثقافة موسوعية و لا إهتمامات فكرية أو أدبية و بالتالي فقد كانت هي نفسها ألعوبة بيد مستشاريها الذين يقدمون لها النصائح و سبل الخروج من الأزمات.من هم هؤلاء الذين حفروا جبا ليلى فوقع فيه زين العابدين هذا هو السؤال؟
قادة « الحزب المليوني » ( بلغة الأرقام فقط أما الواقع فيشهد عكس ذلك) أو ما كان يعرف سابقا « بالتجمع الدستوري الديمقراطي » الذي تسبّب في تصحّر الحياة السياسية و الثقافية و فرض نفسه ناطقا بإسم إرادة الشعب مزيّفا الانتخابات و جاعلا من التملّق و النفاق السلّم الذي ينبغي تسلّقه للوصول إلى المناصب..الحزب الذي كرّس الانتهازية و الوصولية و أفرغ البلاد من خيرة رجالها و ناصب العداء للجميع و كان عدوا حتى لأسمه فلم يكن يوما ديمقراطيا و لم يحترم في يوم من الأيام الدستور (مع أنه صيغ على مقاسه)..في لمح البصر هذا الحزب الرهيب يصبح هو أيضا « ضحية » لزوجة الرئيس..يا لألطاف الله الخفية بهذا البلد!!! كل التجاوزات التي وقعت من الحزب الدستوري كانت بأمر ليلى الطرابلسي؟ بل وصل الأمر بالأمين العام للحزب السيد محمد الغرياني أن قال في مقابلة تلفزيونية مع قناة العربية أن « الحزب الحاكم لم يكن يحكم »…طبعا نحن صدقنا ذلك و حمدنا الله أن التجمع الدستوري قد تخلص من جلاّده هو أيضا..
رجال الأعمال بدورهم إتهموا ليلى الطرابلسي بأنها كانت اليد القذرة التي تفتك بأرزاقهم و تقلب حياتهم جحيما..هذا صحيح و لكنه أيضا نسبي..نقرأ في الجرائد تظلمات يرفعها عديد المواطنين الذين يتهمون « الطرابلسية » بسرقة أموالهم و التحايل عليهم بأساليب رخيصة.. هذا صحيح  و لكنه نصف الخبر أما النصف الثاني فهو أن هؤلاء الناس أنفسهم هم من يقصدون (و من تلقاء أنفسهم) « الطرابلسية » بغية الحصول على تسهيلات لإنجاز مشاريع أو غيرها و نحن نعرف أن « الطرابلسية » كانوا أشبه ببطاقة عبور تفتح لك جميع الأبواب..هؤلاء هم من وضعوا أنفسهم بين أنياب الذئاب و أنا و إن كنت أأسف أن ضاعت أموالهم و مدخرات أفنوا السنوات في جمعها فأنا لا أبدي أي تعاطف معهم … أنا أتعاطف فقط مع من غصبهم « الطرابلسية » أموالهم و مشاريعهم عنوة و دون إرادة منهم.
 رجال الإعلام الذين إنقلبوا اليوم على ليلى الطرابلسي متهمين إياها بأنها كانت تتحكم في أدق تفاصيل المشهد الإعلامي يكذبون على أنفسهم أولا و على شعبهم ثانيا. من رمى ليلى بكل الألقاب التي كانت تحلم بها و التي لم تكن تحلم بها؟ من جعل صورتها أحيانا تتقدم على صورة رئيس الجمهورية نفسه؟ من جعل من التغطية الإعلامية لمؤتمر قمة المرأة العربية الأخير في تونس أفضل من تغطية مؤتمر القمة العربي و أفضل حتى من تغطية القمة العالمية للمعلومات؟ كان هناك طريقان أما أحدهما فكان مفروشا بالورود و يكفي فيه أن ترفع صورة « سيدة تونس الأولى » حتى تعطى وزنك ذهبا أما الطريق الثاني فكان محفوفا بالأشواك و المخاطر و قليل جدا من سار فيه.
الجميع إذن من السياسيين إلى الحقوقيين إلى الإعلاميين جعلوا من ليلى الطرابلسي المتسبّب الرئيسي في ما حصل و أنا و إن كنت لا أبرأ ساحتها فأنا أرفض أن تتحمل لوحدها المسؤولية الكاملة..يحاول البعض تصوير الأمر على هذا النحو هي سرقت هي نهبت هي استبدت هي فعلت و هي الآن هربت.. نطوي الملف و نعود للعمل من أجل تونس.. ليس الأمر بهذه السهولة و لا بهذه البساطة..سنحاسب ليلى الطرابلسي نعم و لكننا أيضا سنحاسب قادة الأجهزة الأمنية و من سيكشف عنه البحث من الذين تورّطوا في قتل أبناء الشعب التونسي..سنحاسب من قام بالتعذيب في السجون و من تستّر عنه..سنحاسب من سرق أموال الشعب و من نهب خيرات البلاد و من إستعبد العمال و أهان كرامتهم و أبّد فقرهم..سنحاسب من جمّل « الوجه القبيح » للدكتاتورية و من قذف المناضلين الحقوقيين و السياسيين الشرفاء بأقذع النعوت… لن نبحث هذه المرة عن المرأة..لن نبحث عن ليلى الطرابلسي فقط..سنبحث عنكم جميعا يا من تورّطتم في الفساد و « سيكون القانون الفيصل بيننا و بينكم ».
 يسري الساحلي حمــام سوسة في 29 مارس 2011
<


فوزي مسعود
www.MyPortail.com   في خضم التدافع بين أطراف الفعل بتونس بعد الثورة،  يرفض البعض نقاش البُعد الفكري العقدي للقضايا المتناولة، وهم يرون أن الحديث في مسائل العلمانية واللائكية والحداثة، أمور ما كان يجب لها أن تقع، فهي نقاشات تقارب العبث بزعمهم، ليس لها من هدف إلا إشغال التونسيين عن مقاصد الثورة الأسمى.  ولئن كان مفهوما أن يكون هذا موقف من ينتمي لتيارات تتخذ العلمانية منهجا، باعتبار رفضهم هذه النقاشات مما يخدم مصالحهم، إذ مجمل المجالات بتونس مبنية عموما على تصورات علمانية، فإن الذي يبقى غير مقبول، هو أن يرى أحدهم ممن ينطلق من المنظومة الإسلامية، أن  نقاش العلمانية بل والمرجعية الفكرية للأطراف بالساحة التونسية عموما، مسألة  لا داعي لها، بل ويتصور هؤلاء أن التونسيين حسبهم الالتقاء على أرضية مشتركة من المبادئ، « كالحرية والعمل من اجل غد أفضل، وبناء مجتمع ديمقراطي ».   1 خطورة نفي البُعد الفكري
الموقف الذي يرفض إعادة النظر في الخلفيات الفكرية التي  تتحكم في الواقع بتونس،  يعكس عدم وضوح منهجي خطير، يتصور أن البُعد الفكري والعقدي أحيانا، شيء طارئ على الموجودات، وحسب تصور هؤلاء فإنه يمكن تواجد أمر مادي من غير خلفية فكرية، وان هذا الأخير، أي البُعد الفكري، أمر اختياري، يمكن إضافته وإلغائه إتفاقيا.   وسأثبت أن البُعد الفكري أمر لازم لأي موجود، وان ما قد يتبادر للذهن من انعدام لذلك البُعد ما هو إلا توهم ناتج عن ملاحظة حالات استثنائية لعدم ظهور ذلك البُعد، وليس انتفائه كلية، لأن هذا البُعد بانتفائه ينتفي الموجود. ولما كان الحال كذلك، فإن القبول بواقع من دون المرور لنقاش خلفيته الفكرية أولا، ماهو الا تكريس للرؤية الفكرية التي تحكمت في ذلك الموجود من قبل. بمعنى في حالة تونس، فإن رفض إعادة نقاش الواقع من خلفية فكرية إسلامية بدعوى أن تلك نقاشات عبثية، سيكون قبولا وتكريسا للخلفية الفكرية التي استبعدت الإسلام بتونس طيلة نصف قرن وكرست عمليات الإلحاق بالمنظومة الغربية، وهي عمليا الرؤى العلمانية وإن كان ذلك غير مصرح به رسميا. ومن ثمّ فإنه يلزمنا لرفض العلمانية المتحكمة في التونسيين وفي تقرير توجهاتهم الثقافية والتعليمية، إعادة النظر في كل الاختيارات الفكرية ومدى انضباطها بالإسلام، قبل النظر في أي أمر مادي كالاختيارات الاقتصادية والسياسية وغيرها.   ما سأقوم به يعدّ تعميقا لما اقترحته من قبل من وجوب توفر منهجية تناقش الأسس حين الرد على دعاة التبعية، وسأحاول إعادة تصميم المسالة من خلال جذورها، وستتوضح بعد ذلك الضبابية التي انتهت بإنتاج تصورين ضعيفين (تصور ضعيف وليس فاسد، لأن التصورين ممكنين، حينما يقع ذلك في حالات استثنائية، لا يمكن الجزم لجزئيتها، الحكم بصحة التصور كلية أي في مختلف الطبقات إي الزمان الكلي للبعد المعني)، وهذان التصوران هما : أولا انه يمكن الالتقاء حول مفاهيم مشتركة، وثانيا انه يمكن الالتقاء مع من يخالف فكريا من دون وجود خلفية مشتركة.   2 منوال الفهم
سأحاول فهم أبعاد أي موجود، ولذلك سأقوم بملاحظات وبعدها تصميم منوال للفهم، وبعدها تقديم ذلك في قالب معادلة. 2 – 1 عوامل شرط الموجود: 2 – 1 – 1  بُعد المادة:  من خلال الملاحظة يمكننا القول بان أي أمر موجود، فهو  ما وجد إلا لتغير بُعده المادي من العدم للوجود، فالمرور من لاشيء لشيء موجود، عملية انتهت بإيجاد ذلك الشيء، إذن فإن البُعد المادي هو بُعد لازم في وجوده (سنرى بعد ذلك حالات خاصة لموجودات غير مادية، أو أنها مادية مفترضة).   2 – 1 – 2  بُعد الزمان:
 كما يمكننا ملاحظة أن الوجود المادي، مرتبط بالزمان كعامل مستقل عن العامل المادي، والبرهان على ذلك، أن حدوث الشيء، أي مروه من عدم  إلى موجود، إنما وقع في زمن استغرقته عملية الإيجاد، ولو كان الزمن منعدما لكان معنى ذلك، عدم العملية أي زمن يساوي صفرا، أي عدم المرور من زمن العدم لزمن الوجود، وذلك يعني البقاء في زمن البداية أي زمن العدم، بمعنى عدم المرور لمرحلة الموجود. ولما كان الشيء قد وجد فعلا، كان مفاد ذلك أن الزمن قد تغير، وتغير الزمن يفيد أن الموجود يحوي بعدا زمنيا مستقلا. واقصد بالاستقلال، أن البُعد يجب تواجده دائما، بمعنى أن الزمان ليس خاصية تابعة للمادة، بحيث يمكن أن ينتفي فيصبح عدما حين الوجود المادي للشيء، وإلا فان البُعد الزمني مرتبط في وجوده بوجود البُعد المادي.   2 – 1 – 3  بُعد الفكرة:  أقصد ببُعد الفكرة، وجود تصور مستقل في وجوده عن الخواص المادية للموجود. بمعنى يجب أن نميز بين الموجود في شكله الخام، وبين الحالات المتنوعة التي يمكن أن يتخذها ذلك الموجود من بعد ذلك، فكل فكرة أنتجت الموجود خاما، فهي فكرة من نوع خاص، سابقة حقيقة عن الوجود المادي. وأما المقدار الفائض عن إنتاج المادة، فهو المقدار من الفكرة  المستقل عن الإيجاد المادي الخام، وهو المقصود بالفكر كبُعد مستقل عن المادة (مثال لذلك محتوى قانون، أو محتوى برامج التعليم، أو صناعة منتوج استهلاكي بشكل معين،  أو اتخاذ سياسة ثقافية تنبني على المهرجانات كأداة تشكيل ذهني). إذن لفهم هذا البُعد يجب تصور صنفين من الأفكار التابعة لأي موجود، أفكار لازمة للإيجاد البحت، وأفكار ليست كذلك، والثانية هي التي تعنينا بالفكرة كبعد مستقل.   لكن هناك إشكال حول إمكانية تواجد بعد الفكرة في بعض الموجودات المادية، إذ أن الموجودات المادية الطبيعية كالأحجار والأشجار والحيوانات، بحالتها تلك غير قابلة لوجود بُعد للفكرة المستقلة، بل حتى  الفكرة كبُعد في إيجادها المادي يلزمها توضيح. ولكي يستقيم المنوال التصميمي الذي أقترحه في بُعد الفكرة، سأعتبر أن عملية الخلق الرباني التي تمت لتلك الموجودات هي نتاج فكرة وتصور، وإن كانت الكيفية التي تمت بها ليس بنفس كيفية الإيجاد الخاصة بالبشر وهذا أمر لايعنينا هنا، وسيقع تعيين ذلك بالمعادلة من خلال ثابت، لنسمه ثابت الخلق، والثابت يقصد به كمية تحدد مرة واحدة ولا تتغير طوال تغير بعد الفكرة على محور الأفكار.   بقي إشكال بُعد الفكرة المستقلة، وهذه أيضا لكي يستقيم المنوال، سأفترض أن الموجودات الطبيعية، تملك قدرا منعدما أي صفرا من بعد الفكرة المستقلة. وهذان الافتراضان يخصان الموجودات الطبيعية فقط، وسيصبحان حالات استثنائية في المنوال التصميمي الذي اقترحه، وعلى أية حال فالذي يهمنا هو بعد الفكرة المستقلة في الموجودات التي أنتجتها تدخلات البشر، وليست الموجودات الخام الطبيعية، ولكن المنوال المقترح يعالج حتى الموجودات الطبيعية كحالات خاصة.   2 – 1 – 3 -1 البرهنة على وجود بُعد الفكرة :  اقصد هنا بعد الفكرة المستقلة التي تخص أي موجود مادي طالته أو أنتجته تدخلات البشر، وأما القدر من الفكرة في بعدها الثابت المتعلق بالوجود الخام فذلك أمر لاشك فيه، وقد سميته ثابت الخلق. وللبرهنة على ذلك أقول: أن إثبات وجود فكرة مستقلة لموجود مادي غير طبيعي، هو وجود الموجود ذاته، إذ لما كان وجوده دليلا على تدخل بشري، ولما كان التدخل البشري تم من خلال فكرة، فذلك يعني وجود فكرة أضيفت لذلك الموجود.   ولو أخذنا موجودا ماديا خاما يقصد تحويله لمرحلة أخرى أرقى، فإن التدخل البشري عليه يتم من دون شروط أو من خلال شروط.   إن  كان التدخل البشري يتم على موجود مادي من دون شروط، فذلك يعني من دون عوائق، وساعتها، فليس تدخل أحدهم بأولى من تدخل الآخر، ولما كان تواجد احتمال الأفكار المتناولة للتدخل، تتم من دون شروط، ولما كانت الاحتمالات مطلقة لانعدام العوائق، فذلك يعني أن احتمالات التدخل لا تنحصر إلا بالإمكانيات المادية الخام التي يتيحها الموجود موضوع الفعل. وعليه فذلك يعني احتمال تدخلات متعددة على ذلك الموجود. ولما كان الواقع يشهد أن الموجود المعني ما كان بتلك الحالة في الواقع إلا كنتيجة لتدخل واحد محدد معين (وحتى لو كان بحالته تلك نتيجة تدخلات متعددة، فهي بالنهاية بمثابة تدخل واحد نسبة للاحتمالات الملغية)، ثبت أن هناك فكرة واحدة معينة  هي التي أوجدت ذلك الموجود على صيغته تلك، دون غيرها من الأفكار المحتملة.   ثانيا إن  كان التدخل البشري يتم على موجود مادي من خلال شروط، فذلك يعني أن النتيجة النهائية لذلك الموجود ستكون حسب محددات صاحب تلك الشروط، أي حسب أفكاره هو من دون غيره ممن لم يضع تلك الشروط.   وثبت بالتالي في كلتا الحالتين أن الموجود المادي لا يمكن أن يوجد بحالته تلك في الواقع إلا منضبطا بتصورات بشرية محددة دون غيرها من التصورات البشرية الممكنة والتي قد تكون أحيانا تصورات منافسة.   2 – 1 – 3 -2  بُعد الفكرة في حالة الكمون:  ما كنت أوضحه يتعلق بالفكرة في مرحلة التكوين، ولكن المشكلة أو الضبابية تأتي حينما نجد واقعا ثابتا، وحينما لا نلاحظ أي نشاط  ظاهر لبعد الفكرة، فنعتقد أن هذا البُعد منعدم. وهذه ملاحظة فاسدة لكون بُعد الفكرة موجود ابتداء، و إلا لما كان ذلك الموجود أصلا، كما أن ذلك البُعد موجود بقيمته التي كانت في آخر نشاط له،  ثم إن بُعد الفكرة لا يمكن أن يتناقص في جانبه المطلق (الذي يهم الشيء وليس صاحب الشيء، لأن الموجود يمكن أن تتحول ملكيته من طرف لآخر)، لان تناقص بُعد الفكرة حسب تصور معين أي تناقصها لدى صاحب الموجود المادي المالك لها ساعتها الذي هو تناقص نسبي، يعني آليا تناميه حسب تصور طرف آخر أي مالكها الجديد. وهنا يمكن أن أطلق القاعدة التالية، وهي أن بُعد الفكرة لا يمكن إلا أن يكون موجبا في جانبه المطلق أي الكلي مادام ذلك الموجود مستعملا أي فاعلا في الواقع، بمعنى لا يمكن أن يتناقص في كمه العام الذي يخص الموجود كموجود يعنينا، وان تناقص نسبة لصاحبه، فإنه كما قلت سيقع ملئه من طرف غيره المؤثر أو المالك الجديد. ولكن حينما يتناقص في المطلق، فذلك يعني خروجه عن الصلاحية، لان ذلك يعني انسحاب طرف من التأثير فيه من دون حلول طرف آخر محله، وهذا هو بعض معنى خروج شيء عن الصلاحية.   وعليه فإن ملاحظة غياب بُعد الفكرة، في واقع مادي نتيجة تدخل بشري، يعني ضمنيا –عكس ما يتصور من انعدام كلي لبُعد الفكرة- وجود بُعد الفكرة بقيمة موجبة فاعلة مكنت من إنتاج ذلك الواقع في حالته قبيل تواري الفكرة عن الظهور علنا، أي يعني وجود لبُعد الفكرة لمراحل الإنتاج –مادام ذلك الواقع قد أنتج ووصل لتلك المرحلة- ولعله التواصل في الزمن، وليس فقط في مراحل بسيطة. ولعلنا إن تقدمنا في التحليل، يمكن القول أن الحكم على واقع من خلال ظاهر غياب المرجعية الفكرية فيه، يدل على قوة التمكين للفكرة به، لدرجة المغالطة، إذا كان الغياب عن الظاهر ليس من خصائص الوجود (وإلا فان الغياب عن الظاهر قد يكون طبيعيا)، وهو ما يعني قوة الحضور لتلك الفكرة بذلك الواقع.     2 – 2 مساحات الالتقاء: مادام الموجود له ثلاثة أبعاد (مادة، زمن، فكرة)، فإن المعنى التام للموجود لا يكون محددا إلا بالقدر المشترك بأبعاده الثلاثة، وليس بالقدر المشترك بين بُعدين من أبعاده فقط. فالحكم على الموجود الكامل من خلال بُعدي الزمان والمادة أو بُعدي الفكرة والمادة  أو بُعدي الفكرة والزمان، نظر تسطيحي، أي تسطيح ثلاثة أبعاد لبُعدين، سيعطي فهما جزئيا ناقصا، وهو فضلا على ذلك فهم يوهم الخطأ، فمن خلاله يمكن بيسر الالتقاء فيها مع موجودات أخرى. والالتقاء مع الغير في مساحة ثنائية الأبعاد لا يعني توافقا كليا مادمنا لم نعقد مقارنة كاملة، فالمقارنة الكاملة لذلك الموجود لا تتم إلا بتوفر الأبعاد الثلاثة.   ولفهم هذا المعنى،  لنأخذ كمثل هرمين مختلفي الارتفاع مع تساويهما في أبعاد القاعدة أي تساوي مساحة القاعدة، في فضاء ثلاثي الأبعاد، فإن نحن نظرنا للإسقاط العمودي أي نظرنا للمحورين الذين يكونان المساحة (محوري السين والصاد)، سنرى تطابقا للهرمين في مساحة قاعدتهما، ويوهمنا ذلك أن الهرمين متساويين، ولكن حينما ننظر لبُعد الارتفاع، فسنرى الأمر مختلفا، وانه لا التقاء إلا بقدر ضئيل في حالة خاصة جدا، وهي حينما يكون بُعد الارتفاع منعدما أي يساوي صفرا.   والتقاء بُعدي الزمان والمادة يتم في حالة ثبات بُعد الفكرة كما وضحت من قبل، نظرا لاستحالة انعدامها، وفي حالتنا بتونس يكون ذلك مع الخفوت عن الأنظار لبُعد المرجعية العلمانية المسيرة لمجمل الاختيارات الثقافية والفكرية. وذلك يتم مثلا من خلال المظاهرات المشتركة أو التحالفات بين أطراف مختلفة فكريا في وقت معين يكون متوسطا داخل مدة لاحراك ظاهري فيها لبُعد الفكرة.   ولكن الذي لم ينتبه له، انه بتواصل الوقت أي بتمدد بُعد الزمن، فإن الفعل المعني (بُعد المادة) سيتطور بحيث أن بُعد الفكرة سيخرج عن حالة الركود، لأن تضخم البُعد المادي مع توالي الزمن، لايمكن إلا أن يؤدي لنمو بُعد الفكرة في الأفعال المادية ذات الخلفيات العقدية (كمثل مجمل الأطراف المتحركة على الساحة التونسية)، وإلا فإذا تأكد أن بُعد الفكرة بقي ثابتا، فإن ذلك وإن كان ممكنا، فإنه أولا يعد حالة استثنائية حيث ثبات الخلفية العقدية يخص أساسا التنظيمات في طور التلاشي وهو مالا ينطبق على معظم الأطراف المتحركة بتونس، وثانيا، فإن مثل هذا الأمر لا ينفي كون بُعد الفكرة موجود أساسا، فما يهمنا هو وجود الفكرة، وليس بالضرورة نموها، لأن بُعد الفكرة في كل الحالات لا يتراجع كقيمة مطلقة في الحالة الطبيعية عندما يكون مكونا لموجود مادي كما بينت، وإذا تراجع لدى تنظيم فذلك مؤشر على موته وخروجه من مجال بحثنا.   أما التقاء بُعدي الزمان والفكرة من دون بعد المادة، فهو يمثل حالة خاصة للمنوال الذي أقترحه، إذ هو موجود ولكن في طور التصور أي من دون تكون البُعد المادي في الواقع، وهو يخص عموما الفكرة قبل تنزيلها، وهي حالة قد تمتد في الزمن. ولكن لكي نحافظ على نسق التصور المنوالي الذي اقترحته ولحل الإشكال القائم بغياب البعد المادي في هذه الحالة، فسأفترض تواجدا لقيمة مضافة أولية للبُعد المادي، وهي قيمة ثابتة قارة لنسمها ثابت التصميم، أي أنه عبارة على قيمة مادية مفترضة تناسب مقدار المجهود الذهني قبل التنزيل المادي، يمثل قدرا مغايرا للصفر ويكون موجبا، بحيث  انه حتى الموجودات المتصورة أي المرتكزة على بُعدي الفكرة والزمان تكون مع ذلك ممكنة الانطباق مع نموذجنا.   أما التقاء بُعدي المادة والفكرة من دون بعد الزمان، فهو وإن كان ممكنا نظريا، فإنه غير ممكن عمليا، إذ لا معنى لموجود مادي خارج الزمن.   3  معادلة المنوال المعادلة الخاصة بتكون الموجود المادي تتكون من ثلاثة عوامل تمثل ثلاثة أبعاد كما وضحت. وهي أبعاد في مستوياتها الأولى أي من دون تفاصيل الثوابت التي تمثل حالات إضافية، ترتبط بطريقة الجمع المنطقي، أي أن عدم عامل ينفي الموجود كله، فلا وجود لموجود من دون الزمن، آو من دون البُعد المادي آو من دون بُعد الفكرة.   إذن هذه العوامل الثلاثة، ستكون مرتبطة من خلال عملية الضرب العددي، وعليه فستكون المعادلة بهذه الصيغة: قيمة الموجود= عامل المادة * عامل الزمن * عامل الفكرة   وواضح من خلال المعادلة أن عدم أي من العوامل الثلاثة يعني عدم الموجود، كما أن تلاشي عامل ما، يعني تراجع القيمة الكاملة للموجود.   ولكن لكي نعالج الحالات الاستثنائية، فإن هذه المعادلة يجب مزيد مراجعتها، فعامل الفكرة في الموجودات الخام الطبيعية، يتكون من ثابت، مضافا إليه قيمة الفكرة الخام، مما يجعل عامل الفكرة متكونا من: عامل الفكرة + ثابت الخلق. أما بالنسبة لحالة الأفكار المتصورة قبل تنزيلها فإنه لاستيعابها بمنوالنا التصميمي، فإن بُعد المادة سيكون متكونا من عنصرين، ثابت التصميم، وعامل المادة، مما يجعل عامل المادة النهائي متكونا من: عامل المادة + ثابت التصميم.   والمعادلة النهائية تكون  بالصيغة التالية: قيمة الموجود= عامل المادة*( متغير المادة + ثابت التصميم) * عامل الزمن * عامل الفكرة*( متغير الفكرة + ثابت الخلق) * يمثل عامل الضرب + يمثل عامل الجمع وحسب هذه المعادلة، فان الموجودات غير الطبيعية، يكون ثابت الخلق بها صفرا، وبالنسبة للأفكار قبل تنويلها، يكون ثابت التصميم بها صفرا. وبذلك تتحول المعادلة لطريقة لمعالجة كل الحالات.   تبقى إشكاليتان لكي يقع الاستفادة الفعلية من هذه المعادلة، أولا هو تحديد قيمة المتغيرات الخمسة، وهي عامل المادة، متغير المادة، عامل الفكرة، متغير الفكرة و عامل الزمن. إذ إنني حددت المعادلة العامة فقط، ولكن هذه المتغيرات لتحديدها يجب تعميق النظر، لأنه يمكن أيضا تفصيل هذه المتغيرات لثوابت ومتغيرات، وهذا يتم من خلال أخذ حالات معينة والبت فيها، ومن هناك يمكن الخروج بقيم معينة لتلك المتغيرات.   ثانيا هناك إشكالية وهي وحدة قيس (كأن نقول مترا أو ساعة أو دينارا) القيمة المحسوبة للموجود، أي ما هي الوحدة التي نقيس بها القيمة التي تعطينا إياها المعادلة ، هذا السؤال، يرجع للتساؤل حول الوحدة التي سنقيس بها العوامل الثلاثة، أي وحدة قيس عامل الزمن، ووحدة قيس عامل الفكرة، ووحدة قيس عامل الفكرة. ولعل هذان الجانبان سيقع تناولهما من طرف آخرين ممن يهمهم الموضوع.



أرأيتم إلى النّصوص الجميلة!… – تكتبها أقلام رسالية!… بلغة قلبها تريد لها بلوغ الآذان والقلوب!… – تتعثّر!… لا تبلغ غايتها!… لعنوان غير برّاق غير جاذب اعتلاها فاعتلّها!… فكذلك النّاس!… قد يكونون صالحين… مجتهدين… خيّرين… غير حريصين مع أنّهم حريصون!… منعهم وجودهم في أماكن الظلّ… منعهم حياؤهم… منعهم تواضعهم وعدم جرأتهم على الزّحام في مواطن قد يكثر فيها الزّحام عند عدم الرّغبة في الزّحام… منعهم عدم انتباه الآخرين إليهم ولا إلى كفاءاتهم… « منعهم عدم رغبة الآخرين فيهم ولا في كفاءاتهم »… من أن يكونوا نافعين… مشاركين بالفعل أو حتّى بالكلمة فيما تجب المشاركة فيه!… وبالجنب!… آخرون تجاسروا… وعملوا لليوم الموعود… اعتلوا منابر قالوا من فوقها وسوّقوا!… فاللهمّ اجعل للنّاس مخارج تجنّبهم شرّ الفتن ما ظهر منها وما بطن!…        عبدالحميد العدّاسي الدنمارك في 29 مارس 2011   —————— (*): في تونس مثل يقول: « المتفرّج فارس »، للتدليل على الفرق بين وضعية مَن يكون عاملا ومَن يكون ناقدا، وعندي فإنّ المثل ليس على إطلاقه؛ ولذلك فقد نفيت عن « متفرّجي » الفروسية!…

<  



الأستاذ على الشرطاني
 

– الإطار التاريخي :  
إن الراصد للتاريخ المعاصر لا يمكن أن يجد ولو رابطا واحدا، ولا أي علاقة على أي مستوى، بين النظام السوري الجمهوري القومي العربي العلماني الأسري النصيري العلوي الطائفي الوراثي الذي يحكم البلاد من خلال حزب البعث العربي الإشتراكي، والنظام الإيراني. وإذا كان لا بد من علاقة ما فلا يمكن إلا أن تكون علاقة تنافر وتنابذ. وإذا كان لابد من موقف فلا يمكن من خلال طبيعة الشاه الفارسي الليبرالي، المتعاقد مع المعسكر الغربي الرأسمالي الإستعماري، والمتحالف مع الكيان العبري الصهيوني الإستيطاني العنصري في فلسطين المحتلة، ومن خلال طبيعة نظام البعث القومي العربي الإشتراكي المتعاقد والمتحالف، بل التابع للمعسكر الشرقي الشيوعي الإشتراكي بقيادة الأمبراطورية السوفياتية، والمناهض للمعسكر الغربي الليبرالي الديمقراطي وعلى رأسه الأمبراطورية الأمريكية، والذي كانت علاقته بالكيان الصهيوني اليهودي علاقة عدم اعتراف به وعلاقة صراع وتصادم، على خلاف ما كانت عليه علاقة الإتحاد السوفياتي سابقا به، إلا أن يكون موقف عداء. هذا هو الأصل في العلاقة بين سوريا وإيران حتى سقوط الشاه سنة 1979 ومجيء الثورة الإيرانية بنظام الملالي، وتثبيت وتأكيد دولة ولاية الفقيه التي كان حولها خلاف كبير بين مراجع الشيعة، وهي التي لا يقول بها إلا القليل منهم عبر تاريخ الفكر السياسي الشيعي، والتي لا تتفق مع عقيدة الإنتظار وظهور المهدي الذي له وحده الحق في إقامة النظام الإسلامي الحقيقي للدولة الإسلامية، والرافعة لشعار الثورة الإسلامية وإعلان إيران جمهورية إسلامية.
ولم تلبث هذه الدولة وهذا النظام البديل عن نظام الأسرة الشاهنشاهية حتى أصبح مصدر استقطاب للطائفة الشيعية في كل مكان، وخاصة الشيعة في العراق وفي الجنوب تحديدا، حيث كان الثقل الشيعي والكثافة الشيعية المتمركزة حول جامعة النجف الأشرف، وحول العتبات المقدسة لمراقد الأئمة الأطهار بحسب مزاعم وعقيدة الشيعة، وحيث كان ثقل المعارضة الشيعية ذات الصبغة الإسلامية لنظام البعث العربي الإشتراكي الذي كان من أبرز وأهم وأخطر وآخر قياداته الرفيق الهالك صدام حسين المجيد التكريتي. وما إن ضاعفت هذه المعارضة نشاطها وتحركاتها باتجاه إسقاط النظام الدكتاتوري الفاشي، حتى وجه لها صدام حسين، الذي كان يقود العراق من على رأس حزب البعث العربي الإشتراكي في ذلك الوقت ضربة قاسية، وذلك ما زاد به إثارة النظام الإيراني الجديد الذي كان في حاجة إلى صرف الرأي العام الداخلي والخارجي عن الجبهة الداخلية التي كانت تعاني من صعوبات وتحديات وخلافات حادة كثيرة، وتوجيهه إلى الخارج الإيراني باتجاه أمريكا والغرب والمؤسسة الصهيونية في فلسطين المحتلة والنظام العراقي. وكان معنيا بتصدير الثورة التي تجاوبت معها الكثير من الحركات الإسلامية والحساسيات والرموز الفكرية والإعلامية والثقافية والسياسية المختلفة، والإسلامية منها خاصة، بعد إعلان قيام أول جمهورية إسلامية في التاريخ المعاصر، في زمن كان فيه غياب رسمي نموذجي للإسلام، وفراغ من كيان إسلامي ثوري على غير النحو التقليدي البائد الذي كانت تمثله المملكة العربية السعودية مثلا، ووسط اضطهاد شديد ومستمر للظاهرة الإسلامية في العالم الإسلامي عموما، وبين عالم أصبح مستقرا على توازن غربي غربي يعبر عن نفسه في الغرب الأوروبي الأمريكي الصهيوني وفي الشرق السوفياتي الصيني غير البعيد بما فيه الكفاية كذلك عن ذلك الغرب بتركيبته تلك وخاصة عن الكيان الصهيوني.
في هذه الظروف وفي هذا الإطار وفي تلك المرحلة من تاريخ المنطقة العربية، كان العداء شديدا بين حزب البعث العربي الإشتراكي في كل من سوريا والعراق، وإذا كانت سوريا بعيدة عن التأثر المباشر بأصداء الثورة  » الإسلامية  » في إيران، فإن العراق الذي يملك حدودا طويلة تتجاوز الـ 600   كيلومتر معها، والذي به أقل بقليل من نصف السكان من الشيعة، لا يستطيع أن يصبر طويلا عن التأثير الذي كان مباشرا على الشيعة العراقيين هناك، وبالجنوب المضطرب أصلا من قبل، والذي بدأ يشعر بخطورة الإستقطاب والتناغم بين جنوب العراق خاصة، ونظام الدولة  » الإسلامية  » في إيران. وبناء على أن الثورة قد فاجأت الغرب، واطردت الأمريكان شر طردة، وأنهت النفوذ المطلق الذي كان لديها على البلاد في عهد حليفها الإستراتيجي في المنطقة الشاه محمد رضا بهلوي، وأثارت طبيعتها الإسلامية المعلنة حفيظة الغرب والصهيونية والنظام العربي، ومثلت للجميع قلقا كبيرا في ذلك الوقت، فقد كان الوقت مناسبا والظروف مواتية لصدام حسين، بالنظر للأوضاع الداخلية المتفجرة والمتوترة، وبالنظر لقدراته العسكرية والمادية في ذلك الوقت، وبالنظر لاعتماده على الحليف السوفياتي وتعويله عليه، وبتأييد من الغرب وبدفع له ودعم غير مشروط، وبموافقة النظام العربي العلماني العبثي المغشوش، والنظام التقليدي العدمي المنافق، والنخب المختلفة المكونة والداعمة له، سواء من موقع المعارضة أو المغالطة أو المساندة والمعاضدة والموالاة،  وبسند سياسي وإعلامي، وبدعم مادي من مختلف هذه الجهات والأطراف والقوى الدولية والإقليمية، لإثارة مسألة الحدود، وليتراجع عن اتفاقية ومعاهدة الجزائر لسنة 1975 المبرمة بين إيران والعراق، والمتعلقة بترسيم الحدود، والتي كان صدام حسين نفسه هو الممضي عليها، وإنهاء النزاع الحدودي بين البلدين، ليكون ذلك ضربة البداية في تنفيذ المخطط الغربي الأمريكي الصهيوني العربي في التصدي للثورة، ومحاولة إسقاط النظام الجديد وإنهاء مشروع تصدير الثورة للمنطقة العربية وللعالم الإسلامي. هذه الثورة التي وإن كانت واجدة رواجا في أوساط الطائفة الشيعية وبعض الحركات الإسلامية ذات الطبيعة الشيعية، إلا أن تجاوب بعض مكونات الحركة الإسلامية وبعض الأوساط الإسلامية السنية معها لم يكن له كبير الصدى في المنطقة العربية وفي العالم الإسلامي، وإن كان قد استفيد منها ومن أدبياتها، حتى لا أقول أنه لم يكن لذلك التجاوب أي صدى، بانتظار أن تتضح طبيعتها الطائفية الشيعية الأثني عشرية، ونزعتها القومية الفارسية بعد ذلك، وإن كان هناك من أدرك ذلك منذ البداية، لما كان له من علم بطبيعة التشيع وبالفكر والتاريخ الشيعي وبحقيقة المنظومة الفقهية الشيعية…
وبذلك يكون صدام حسين قد أعلن الحرب على نظام الثورة  » الإسلامية  » الفتي، بتأييد ودعم من قوى الهيمنة الدولية الغربية، وبمساندة مطلقة من النظام العربي الرسمي كله تقريبا، إذا ما استثنينا النظام القبلي الليبي لاعتبارات يطول الوقوف عندها في هذا المقال، والنظام الطائفي السوري الذي كان الخلاف بينه وبين النظام العراقي على أشده، وهو الذي كان قد انسحب مما كان قد سمي بعد زيارة المقبور أنور السادات القدس إثر إبرامه مع الكيان الصهيوني ما يسمى بمعاهدة السلام بعد حرب أكتوبر، التي حولت فيها السياسة العربية وسياسة النظام المصري تحديدا في ذلك الوقت النصر العسكري إلى هزيمة سياسية، بجبهة الصمود والتصدي، التي كانت مكونة من النظام الليبي والعراقي والسوري والجزائري واليمن الجنوبي ومنظمة التحرير الفلسطينية في ذلك الوقت، والتي كانت مغادرة النظام العراقي القمة التي عقدتها هذه الأنظمة في ذلك بليبيا احتجاجا على اعتراف النظام السوري بالقرار 242 بداية تصدع الجبهة واستمرار الخلاف الشديد بين الأسرتين الحاكمتين في كل من العراق وسوريا، في إطار حزب البعث العربي الإشتراكي. ومن ذلك الوقت بدأت العلاقة بين النظام السوري القومي العربي العلماني، أو المحسوب على القومية العربية وعلى العلمانية، والنظام الإيراني القومي الفارسي والإسلامي أو المحسوب على الإسلام، الطائفي الشيعي المذهبي الجعفري تأخذ طريقها إلى الرسوخ للإعتبارات الخمسة التالية :
1- الطبيعة الطائفية للنظامين بالرغم من تكفير المذهب الجعفري للطائفة النصيرية العلوية الحاكمة في سوريا تاريخيا. 2- علاقة العداء التي كانت قائمة، والتي كانت بالغة حد الإستفحال في ذلك الوقت، بين نظام البعث العلوي في سوريا والنظام العشائري القبلي الأسري في عهد الهالك صدام حسين بالعراق. 3- اشتداد الصراع في ذلك الوقت بين حركة الإخوان المسلمين ونظام البعث العلوي في سوريا. 4- قبول نظام البعث في العراق بلجوء الإخوان المسلمين إليه هروبا من جحيم المخابرات والجيش السوري في أحداث حماه خاصة سنة 1982 على قاعدة عدو عدوي صديقي. 5- رفض النظام الإسلامي للدولة  » الإسلامية  » الإيرانية قبول فرار الإخوان المسلمين السنة من نظام الرفيق حافظ الأسد ومخابراته في سوريا في ذلك الوقت ولجوئهم إليها. 6- حرص إيران على أكثر رسوخ لأقدامها في المنطقة من خلال علاقات أوثق بأي نظام عربي على طريقتها، ووفق ما تتحقق به أهدافها القومية والطائفية المذهبية، إضافة إلى ما لها من إصرار على إظهار جعل القضية الفلسطينية في أولى اهتماماتها الإعلامية.
وبذلك ظلت العلاقات الإيرانية السورية على هذه الأسس ولهذه الإعتبارات تزداد وثوقا ومتانة، حتى انتهت إلى علاقة إستراتيجية قد لا يستطيع النظام السوري منها فكاكا وإن أراد ذلك، وإن كان له مصلحة في ذلك ذات يوم، لاسيما وأن هذه العلاقة على هذه الأسس ولهذه الإعتبارات، قد زادتها العلاقات السياسية والإقتصادية رسوخا.    (يتبع )

<  


فهمي هويدي ليس أمامنا خيار, فنحن لا نملك ترف استمرار الانقسام الذي ضرب الإجماع الوطني في مقتل. وإذا لم تستثمر اللحظة التاريخية بمبادرة نستعيد بها روح ثورة 25 يناير، فإننا سنجهض بأيدينا الإنجاز الكبير الذي أعاد مصر إلى التاريخ. (1) ليست المشكلة أننا اختلفنا حول التعديلات الدستورية، فذلك أمر طبيعي ومفهوم. ولكن المشكلة أننا فشلنا في إدارة ذلك الاختلاف من ناحية، وأنه من ناحية ثانية تحول إلى خصومة أفضت إلى استقطاب شق الصف الوطني حتى كاد يجعل البلد الواحد بلدين، كل منهما غريب عن الآخر ومتنمر له. وهو المشهد الذي لو تآمر أبالسة الأرض لإخراجه لما أتقنوه بالصورة التي حدثت.
لقد دخلنا مصريين إلى ميدان التحرير بالقاهرة، وفعلها الملايين الذين خرجوا في أنحاء البلاد، حين جلجل صوتهم في السماوات السبع وهم يطالبون بإسقاط النظام. كان الصوت واحدا والأيدي متشابكة والكتل البشرية متلاحمة، ولكن ذلك كله انفرط بعد نجاح الثورة. إن شئت فقل إننا التقينا على مطلب رفض النظام القديم، لكننا تفرقنا عندما بدأنا خطوات تأسيس النظام الجديد، بما يعنى أن الخطر وحدنا والبهجة فرقتنا.
كنا في ميدان التحرير وفي بقية الساحات أمة واحدة، لكننا صرنا بعد الاختيار الأولى أمما شتى، كنا في الميدان مشغولين بالوطن ومهجوسين بحلم استعادته والنهوض به، لكننا صرنا بعد الاستفتاء مشغولين بالقبيلة والطائفة ومهجوسين بتصفية الحسابات والمرارات، الوطنيون الذين كانوا تغيروا، أصبحوا ثوارا ومنتحلين، وعلمانيين وإسلاميين، وأقباطا ومسلمين، و »إخوانا » وسلفيين، ومعتدلين بين كل هؤلاء ومتطرفين … إلخ. تركنا الحلم ونسينا الوطن، اشتبكنا وتراشقنا فيما بيننا وصار كل منا يهون من شأن الآخر، فيلطخ وجهه ويمزق ثيابه، ويتمنى لو انشقت الأرض وابتلعته. (2) الذي يتابع تعليقات الصحف المصرية منذ بداية الأسبوع الحالي، يلاحظ أنها جميعا اشتركت في مناقشة حادث أبرزته صحيفة الأهرام (يوم الجمعة 25/3) وجعلت منه « مانشيت » الصفحة الأولى، وكانت عناوينه كما يلي: جريمة نكراء بصعيد مصر – متطرفون يقيمون الحد على أحد المواطنين بقطع إذنه، والعلماء يبرئون الشريعة. وفي الخبر أن نيابة قنا بدأت التحقيق في « حادث مروع يهتز له الضمير الإنساني » شهدته منذ أيام مدينة قنا بصعيد مصر، إذ اقتاد مجموعة من المتطرفين أحد المواطنين الأقباط لإقامة الحد عليه بقطع أذنيه وإحراق شقته وسيارته، عقابا له على اتهامهم له بإقامة علاقة آثمة مع فتاة سيئة السمعة، تقيم بشقة استأجرتها منه. يوم الأحد 27/3 كان العنوان الرئيسي للصفحة الأولى من جريدة روزاليوسف « دعوة إخوانية لإقامة الخلافة الإسلامية في مصر »، وتحت العنوان أن نائبا سابقا من كتلة الإخوان عن مدينة الإسماعيلية حضر حفل زفاف ابنة قيادي إخواني آخر، وألقى كلمة في المناسبة ذكر فيها أن إقامة الخلافة في مصر بداية لأستاذية العالم، بعد تأسيس البيت والمجتمع المسلم على طاعة الله ثم تشكيل الحكومة المسلمة. في اليوم نفسه -الأحد 27/3 – صدرت صحيفة العربي الناطقة باسم الحزب الناصري صفحتها الأولى بعنوان كتب بحروف كبيرة على أرضية سوداء يقول « مخاوف من صعود جماعات التكفير، وسؤال المصير يطرح نفسه بقوة: دولة مدنية أم دولة دينية »؟ وعلى إحدى الصفحات الداخلية مقال آخر تحت عنوان يتحدث عن أن « غزوة الصناديق أصابت قطار الثورة بالشلل ». قصة غزوة الصناديق باتت معروفة بعد أن مر عليها نحو أسبوعين، وخلاصتها أن أحد الدعاة السلفيين أبدى سروره بالتصويت لصالح التعديلات الدستورية بنسبة 77٪ واعتبر ذلك انتصارا للدين عبر عنه بطريقته وكأنه بذلك كان يرد على الذين قالوا إن معارضي التعديلات يسعون إلى إلغاء المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن دين الدولة هو الإسلام ومبادئ الشريعة مرجعية القانون. « في اليوم التالي اعتذر الرجل عما صدر عنه وقال إنه كان يمزح ». ملاحظاتي على هذه الوقائع التي تتابعت في الأيام الأخيرة هي: أنها صدرت عن أفراد، معتوه في قنا، وحالم في الإسماعيلية، وسلفي في الجيزة. وأن عنصر الإثارة فيها شديد الوضوح، فالحادث البشع الذي وقع في قنا اعتبر إقامة للحد، علما بأنه ليس في شريعة الإسلام حد من ذلك القبيل، ولأن الذي قام به شخص أو عدة أشخاص ملتحين فإن التصرف أخذ على الفور بعدا دينيا، ولم يحمل باعتباره من قبيل المشاحنات الخشنة التي يحفل بها صعيد مصر حين يتعلق الأمر بالشرف. وحين لا يكون هناك مثل ذلك الحد، وحين يحتمل أن يكون الدافع إليه غيرة على الشرف بأكثر منه احتكاما إلى الدين فليس مفهوما أن تتهور صحيفة رصينة كالأهرام وتجعل منه عنوانا رئيسا للصفحة الأولى، في حين أن مكانه الطبيعي خبر في صفحة الحوادث، ليس إقلالا من بشاعة الجريمة ولكن لإعطائه حجمه الطبيعي، ولكي لا يتحول إلى مادة للتهييج والإثارة خصوصا أن المجني عليه قبطي. هذه الممارسات الفردية سحبت بحسن نية أو بسوئها على التيار الإسلامي في مجمله، دون تمييز بين فصائله المعتدل منها والمتطرف والسلفي والوسطي، حتى صاحبنا الذي تحدث عن الخلافة لم ينشر كلامه منسوبا إلى شخصه، ولكن عنوان الجريدة تحدث عن أنها دعوة إخوانية لإقامة الخلافة في مصر، هكذا مرة واحدة -وكانت النتيجة أن التعليقات التي تناولت هذه المواقف وضعت الجميع في سلة واحدة، الصالح مع الطالح والمعتوه مع العقلاء. لم يقف الأمر عند حد المبالغة في نشر وتعميم المعلومات السابقة، ولكن الصحف حولت هذه الآراء والمواقف إلى قضايا للمناقشة، استفتت فيها نفرا من المثقفين والشخصيات العامة، وأكثرهم كان جاهزا للصراخ والصياح بالصوت العالي، محذرين من المصيبة التي حدثت والكارثة التي تلوح في الأفق والمصير الأسود الذي يهدد الوطن. موضوع الدولة المدنية والاختيار بينها وبين الدولة الدينية يطرح في هذا السياق، وكأننا فرغنا من كل ما بين أيدينا من مراحل سابقة ومشاكل عاجلة، ثم تعين علينا أن نقرر من الآن ما إذا كنا نريد دولة دينية أم مدنية، دون أن نتعرف على هوية وحقيقة هذه وتلك. ودون أن نعرف من يكون الوكيل الحصري لأي منهما، وهل ما يصدر عنه آخر كلام في الموضوع أم أنه يحتمل المراجعة والتصويب؟ الغريب في الأمر أننا بالكاد نحاول وضع أقدامنا على بداية طريق الدولة الديمقراطية التي يتساوى فيها البشر في الحقوق والواجبات، ويحتكم الجميع إلى صندوق الانتخاب، لتكون السلطة فيها للأكثر فوزا برضا الناس، لكن البعض يلح من الآن على وضع شروط ومواصفات للدولة التي لم تولد، استباقا وسعيا إلى حسم ما هو نهائي قبل إنجاز ما هو مرحلي. (3) المشهد بهذه الصورة يعيد إنتاج أجواء النظام السابق، حين كان يعبئ الرأي العام ويشيع الخوف والترويع في مختلف الأوساط قبل أي مواجهة سياسية أو معركة انتخابية، ولأن جهاز أمن الدولة اعتبر التيار الإسلامي والإخوان بوجه أخص هو العدو الإستراتيجي، فإن التعبئة الإعلامية المضادة كانت تعمد إلى استثارة العلمانيين وتخويف الأقباط وترويع عامة الناس من خطر التصويت أو إحسان الظن بذلك التيار على جملته. في هذا الصدد لا مفر من الاعتراف بأن عدم وجود مجتمع مدني حقيقي في مصر نابع من الناس ومعبر عنهم، أحدث فراغا في المجال العام تولى الإعلام ملأه عبر الصحف والتلفزيون ومواقع الإنترنت. ولا بد أن يثير انتباهنا ودهشتنا أيضا أنه في الوقت الذي كانت فيه كل تلك المنابر مسخرة لحث الناس على التصويت ضد التعديلات الدستورية، فشلت في توجيهها صوب الهدف الذي أرادته. ولا تفسير لذلك سوى أن المناخ الذي أحاط بعملية الاستفتاء أفرز نوعا من الاستقطاب بين أنصار تأييد التعديلات ودعاة رفضها، وهذا الاستقطاب أسهمت فيه التعبئة الإعلامية بقسط معتبر، كما كان لدور المؤسسات الدينية نصيبها الأدنى منه، ساعد على تنامي تلك الأدوار أن التعديلات لم تقدم إلى الناس فلم يتعرفوا موضوعها. ولكنهم حددوا مواقفهم على أساس الشائعات التي ترددت حولها. إذ قال لي بعض الأصدقاء في الصعيد إن الناس حين علموا أن الكنيسة الأرثوذكسية دعت رعاياها إلى رفض التعديلات، فإن أعدادا غير قليلة سارعت إلى تبنى الموقف المعاكس وصوتت بنعم. وحين تردد في بعض الدوائر أن الرافضين يبغون إلغاء المادة الثانية من الدستور، فإن أعدادا كبيرة أيدت التعديلات ليس قبولا بمضمونها ولكن دفاعا عن المادة الثانية. كما أن أعدادا لا يستهان بها أيضا صوتت لصالح التعديلات ليس انحيازا إلى أي من المعسكرين المشتبكين ولكن أملا في أن يؤدي ذلك إلى إعادة الاستقرار إلى المجتمع الذي عانى من الانفلات والفوضى. (4) حين تعاركنا فإننا لم ننس الثورة وأهدافها فحسب، ولكننا استهلكنا طاقة المجتمع في التراشق وصرفناه عن الانتباه إلى التحديات الجسام التي تواجهه في سعيه لبناء النظام الجديد الذي ننشده، آية ذلك مثلا أننا في حين ندعى إلى الجدل حول الدولة المدنية أو الدولة الدينية فإننا نصرف انتباه الناس عن أحد أهم متطلبات اللحظة الراهنة، التي تتمثل في إنقاذ البلد من الشلل الاقتصادي الذي يعاني منه، وإطلاق طاقات المجتمع لتدوير آلة الإنتاج بأقصى سرعة لتجنب كارثة اقتصادية تلوح في الأفق. إن إعلامنا الذي يعبئ الناس للاحتراب الداخلي، لم يكترث بتوقف عجلة الإنتاج، ولم ينتبه إلى أن أسعار السلع الغذائية التي نعتمد على استيرادها بنسبة تزيد على 50٪ زادت في السوق العالمية بمعدلات مخيفة (الذرة 77٪ القمح 75٪ السكر 98٪ فول الصويا 41٪ الزيوت 47٪) – في الوقت نفسه تراجعت بدرجات مختلفة إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج وإيرادات السياحة وأنشطة المستثمرين الذين لم نكف عن تخويفهم أثناء أحداث الثورة وبعد نجاحها. وإذا تذكرنا أننا نتحدث عن بلد منهوب وخزانة خاوية، فإن مواجهة هذا الوضع بما يبعد شبح الكارثة لها حل واحد: أن نندفع إلى زيادة الإنتاج بكل ما نملك من قوة، كي نستعيد بعضا من العافية الاقتصادية التي تمكننا من الصمود واحتمال الضغوط الاقتصادية التي نتوقعها.
إن العقلاء الذين استعلوا فوق المرارات ولم يجرفهم تيار الانفعال والرغبة في الكيد مطالبون بأن يجلسوا سويا للبحث في كيفية رد الاعتبار لروح 25 يناير وحول أولويات مسؤوليات المرحلة الدقيقة الراهنة، وإذا لم يفعلوا ذلك فإنهم يخلون الساحة للمجانين والحمقى والمغرضين، الذين لا يقلون خطرا علينا من الثورة المضادة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 29 مارس 2011)
 


برهان غليون واضح أن النظام السوري لا يزال يرفض فهم ما يجري، ومن باب أولى فهم ما ينبغي فعله لمواجهة مطالب ثورة الكرامة والحرية في سوريا الجديدة التي خرجت من ركامها، أو من الركام الذي تحولت إليه، سوريا الشجاعة والنبيلة والأبية.
لم يفهم النظام ما يجري، لأنه لا يزال يردد على لسان مستشارته السياسية الكلام الخطير والمؤسف نفسه عن أن الأزمة الراهنة هي من صنع فئات مدسوسة أو عصابات محلية فلسطينية أو أجنبية، مؤكدا رفضه الاعتراف بأن ما يحصل هو ثورة شعبية حقيقية، ومن وراء ذلك رفض المطالب الشرعية لهذا الشعب، وفي مقدمها نزع الوصاية، ونقل السلطة من القيادة القطرية التي لا نكاد نسمع لها حسا ولا إنسا، رغم أنها قيادتنا الرسمية العليا، إلى برلمان وطني ينتخبه الشعب بنزاهة وشفافية وحرية.
ولم يفهم ما يجري، لأنه لا يزال يلعب مع الشعب، بعد مرور عشرة أيام على الأحداث الدامية وسقوط مئات الشهداء وآلاف الضحايا، لعبة المستخباية الطفولية. فهو يدفع إلى الواجهة مستشارة الرئيس للشؤون السياسية، وهي أكثر من يتمتع بعدم الثقة بين جميع شخصيات النظام، كما أنها لا تملك أي شرعية، لا انتخابية ولا شعبية. في الوقت الذي اختفت فيه كل شخصيات النظام ذات المسؤولية السياسية المباشرة، بدءا بالقيادة القطرية التي تعد نفسها مصدر السلطة في الدولة البعثية، إلى رئيس الجمهورية « مرورا بنائبيه الدائمين ورئيس وزرائه ووزرائه للداخلية والخارجية، ومسؤولي مجلس أمنه الوطني وقادة أجهزة الأمن الغائبين الحاضرين، الذين كانوا، خلال العقود الطويلة الماضية، « المحاورين » الوحيدين للناشطين السياسيين ووكلاء النظام في تركيع جميع أبناء الشعب.
كل شيء يجري كما لو أن الأمر لم يصبح بعد على درجة من الخطورة تستدعي دخول شخصيات سياسية كبيرة إلى ساحة السياسة السورية الداخلية، أو أن دخول هؤلاء يضفي طابعا جديا على الأحداث، وربما على الوعود التي يقدمها النظام لكسب الوقت ولا يريد أن يلتزم بها إذا ما نجح في قلب اتجاه الريح لصالحه، كما كان يفعل خلال عقود طويلة ماضية.
وهو لم يفهم لأنه لا يزال يراهن على إخماد ثورة الشعب السوري بالقوة المسلحة، ولا يزال يعتقد أن بإمكانه ردع السوريين عن المشاركة في ثورة الحرية بتهديدهم بالقتل وترويعهم، لا بمخاطبتهم بمنطق السياسة والعقل. فيضيف كل يوم شهداء جددا على قائمة الشهداء السابقين.
ولم يفهم أيضا لأنه لا يزال يعتقد أن بإمكانه النجاح في إجهاض الانتفاضة السورية عن طريق اللعب على وتر الطائفية، الذي لعب عليه طويلا، والابتزاز بالفتنة المذهبية أو بالفوضى، بل بنشر الفوضى بالفعل من خلال إطلاق يد البلطجية، أو الشبيحة بالعامية السورية، حتى يظهر للرأي العام السوري والعالمي أن القتل لا يأتي على يد قوى الأمن وإنما على يد عصابات لا يستطيع هو السيطرة عليها، من مؤيدي النظام أو أنصاره.
وهو بذلك يدين نفسه، بمقدار ما يظهر استفراسه تجاه المتظاهرين العزل وقدرته على إنزال العقاب الدامي بهم، وشلل أجهزته وقادته أمام قناصة البلطجية الذين يرمون الناس، كما تقول وسائل إعلامه، من على الأسطح القريبة.
وهو لم يفهم، لأنه لا يزال يردد، وربما لا يزال يعتقد بالفعل، وهذا أخطر، أن بإمكانه إيقاف مسيرة الثورة الشعبية بالتلويح بالخطر الأجنبي، أو باستجداء العطف على سياسات النظام الخارجية. ولا يدرك أنه عندما يرجع ثورة الشعب إلى مؤامرة جديدة تستهدف المواقف السورية الممانعة والمقاومة، كما جاء على لسان الناطقة الرسمية والوكيلة الحصرية للسياسة الرسمية اليوم، بعد إخفاق مؤامرة منتصف العقد الماضي الأميركية، فهو يحول ثورة الشعب ومطالبه إلى جزء من المؤامرة الخارجية، ويحول الشعب إلى عميل للخارج، ولا يبقى عليه بعد ذلك إلا أن يطلب من الشعب الرحيل عن سوريا حتى يمكن صيانة مواقفها الوطنية. ليس هناك حكم مهما انحطت به المعايير السياسية والعقلية يسمح لنفسه ولوسائل إعلامه وما بالك بناطقيه الرسميين، أن ينظر إلى شعبه هذه النظرة التحقيرية والاتهامية، ويمعن في تجاهل مطالبه ولا يتورع عن وضعها في سلة التآمر الأجنبي.
في هذه الحالة كيف يمكن للشعب أن يقتنع بأن التنازلات التي يعد بها حقيقية وليست وسيلة لاستعادة زمام الأمور والانقلاب ثانية على الشعب بعد تجريده من ثورته الحالية؟ وكيف يمكن لهذا الشعب أن يثق بقيادة تؤكد كل يوم عدم ثقتها به؟ ثم ما قيمة هذا الحوار الذي يعد به النظام مع « الجماهير » كما ورد على لسان الناطقة، وكيف يمكن له أن يبدأ إذا اتهم الشعب سلفا بعمله على أجندة أجنبية تستهدف وطنه نفسه الذي يستشهد أبناؤه من أجله.
الخروج من الأزمة، أي أزمة يعني التخلي عن استخدام السلاح والمراوغة والقبول بمنطق السياسة الذي هو منطق التفاوض والحوار الجدي والشفاف في جميع المسائل التي يطرحها طرف أو آخر.
ومنطق التفاوض والحوار السياسي يعني: الصدق في التعامل، والاعتراف بالآخر وبمشروعيه مطالبه، والثقة به، أي الثقة بالشعب، والاعتراف بشرعية احتجاجه، وقبول الحوار مع من يختارهم الشعب ممثلين له، أي أيضا بالمعارضة السياسية مبدأ وواقعا.
ومن الواضح أن النظام لم يدخل بعد منطق السياسة ولن يدخله كما يبدو في القريب، ولا يزال يحلم بإصلاحات شكلية من داخل النظام القائم، نظام الحكم الواحد والحزب الواحد والسلطة التعسفية الفردية المطلقة، وليس بقطيعة معه. وهو المطلب الأول والرئيسي للشعب السوري.
هذا يعني أنه لا تزال هناك أمام الشعب السوري تضحيات كبيرة يقدمها ومعارك مريرة يترتب عليه خوضها قبل أن يحلم بأن يعلن مسؤولوه، كما أعلن غيرهم من قبل، أنهم فهموا ما يجري على الأرض التي يعيشون عليها وأن يتنازلوا ويتحدثوا معه، ويقروا بشرعية مطالب الشعب الذي اعتادوا على تجاهله والاستخفاف به وإنكار وجوده السياسي، وبالتالي استسهال قهره وقتل أبنائه وسجنهم وتعذيبهم.
لكن التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب السوري في الأيام العشرة الأخيرة لم تذهب سدى. ولعل أهمها وأعظمها الانتصار الرائع على حاجز الرعب والعجز والشلل الذي بنته آلة قهر لا مثيل لها ربما في المنطقة كلها، تجمع بين البطش الأمني المباشر واليومي والشامل الدعاية الميكيافيلية وازدواجية الخطاب وإلحاق جميع السلطات ومؤسسات الدولة، بما فيها الإعلام بالسلطة الأمنية.
وعلى هذا الانتصار العظيم ستتأسس جميع الانتصارات الضرورية القادمة، فلن يستطيع أحد، بعد الآن، لا في الداخل ولا في الخارج، أن ينكر وجود السوريين كشعب، لا كطوائف ولا عشائر ولا ملحقات بالسلطة والنظام، ولا أن يتجاهل مطالب التغيير والإصلاح.
لقد أظهر هذا الانتصار حقيقة الأوضاع السورية القائمة للجميع، بما في ذلك أصحاب النظام أنفسهم الذين كانوا يعتقدون أن كم الأفواه وتزييف الوقائع والدعاية الكاذبة، كفيلة بإخفائها، وترك الشعب السوري ضحية للقهر والاستغلال.
بيد أن غياب سلطة القرار يخلق حالة من عدم اليقين وفراغ السلطة السياسية يشجع جميع القوى غير المنضبطة للاندساس في صفوف الثورة وحرفها عن أهدافها. وحتى في الوعود التي قدمتها الناطقة باسم الرئيس لم يكن هناك أي قرار وإنما تعهدات غير واضحة وغير ملزمة تتحدث عن وعود والتزام بتعزيز وتحسين وتكوين لجان.
القرارات الوحيدة التي صدرت، أو ربما صدّرت، هي التي تتعلق بزيادة الرواتب والمنح المادية، مما يترجم بسهولة على أنه نوع من الرشوة مقابل جمود الإرادة السياسية. ولعل غياب القرار ناجم كما يلمح إلى ذلك بعض المراقبين السياسيين عن اختلافات داخل القيادة، لكن يمكن أن يكون أيضا مقصودا لذاته، من أجل ترك المجال مفتوحا للقلاقل والفوضى وتخويف الرأي العام ودفعه إلى التراجع عن أهدافه الأصلية.
وبالمثل، لا يمكن لمن يتابع ما يجري على الأرض إلا أن يلاحظ غياب القيادة الواحدة للثورة، وحاجة هذه الثورة إذا أرادت التقدم إلى رؤية سياسية أكثر وضوحا واتساقا. ما يعوض عن هذا حتى الآن أن السوريين يخوضون معركة مماثلة لما تخوضه الشعوب العربية الأخرى، وأن الديمقراطية هي المطلب الأساسي للجميع، بما تعنيه من تفكيك نظام السلطة الديكتاتورية ووضع أسس نظام الحرية والانتخابات التمثيلية.
بيد أن تحقيق هذا الهدف يخضع أيضا للشروط الخاصة بكل قطر، ويستدعي وجود أجندة واضحة أيضا تسمح بتعبئة القوى وحل التناقضات القائمة وتمهيد الطريق نحو الانتقال العملي لنظام الحكم الجديد.
ولا يمكن بلورة مثل هذه الأجندة من دون انخراط النخبة المثقفة والمعارضة السياسية على مختلف تشكيلاتها في النقاش الوطني العام. ولا يزال هذا النقاش للأسف بعيدا جدا عن الانطلاق الفعلي. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 29 مارس 2011)
 


بقلم :  سعد محيو – بيروت- swissinfo.ch  
ثورة المصريين والتونسيين، التي تمددت في الأسابيع الأخيرة إلى أجهزة الأمن والإستخبارات في كلا البلدين، قد تكون أخطر وأهَـم حدث فيهما. لماذا؟ الزميل سعد محيو يشرح السبب في هذه الدراسة التي ننشرها على حلقتين حول « دور أجهزة المخابرات في الحياة السياسية العربية »: في شهر فبراير 2007، وقع حدثان هامان: الأول، انعقاد القمة العربية في الرياض. والثاني، الذي جاء قبل أيام من القمة، كان اجتماع وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس في القاهرة مع مديري أجهزة المخابرات (*) في كلٍ من الأردن ومصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة.   آنذاك، تساءل الكاتب إسنادر العمراني (1): أي هذين الحدثين كان الأكثر أهمية، من حيث تأثيره على مضمون وشكْـل وتوجهات سياسات الدول العربية؟ وهل هذا كان تفاعلاً طبيعياً بين عوامل ثلاثة منفصلة: السياسة الخارجية الأمريكية وأنظمة الأمن العربية والقيادات العربية؟ أم أن هذه العوامل الثلاثة تتقاطع في منحى وحيد، حيث السياسة الخارجية الأمريكية تندمج مع السياسة الأمنية العربية؟   هذه الأسئلة تبدو غريبة للوهلة الأولى، إذ كيف يمكن للقاء بين وزيرة أمريكية وقادة أجهزة أمنية، أن يكون أكثر أهمية من قمة للملوك والرؤساء العرب؟ بيد أن أي مقاربة واقعية لطبيعة القوى التي تشكّـل حالياً عِماد الأنظمة العربية الراهنة أو على الأقل التي تلعب الدور الرئيسي فيها، تُسلّـط الضوء فوراً على الدور المُهيمن الذي باتت تلعبه الأجهزة الأمنية في مُـعظم الأقطار العربية في شتّـى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية وحتى الثقافية والفكرية، عَـلاوة بالطبع على الدور الأمني الداخلي والأمن القومي.   لقد درجت العادة حتى الآونة الأخيرة أن يتناول الباحثون العرب الأزمة السياسية العربية من منظور التحليلات العلمية الخاصة بمفاهيم الشرعية والمقبولية، وبالتالي، الديمقراطية، وهذا أمر بديهي ومطلوب أكاديمياً، لكنه ينحو في غالب الأحيان إلى تناسي أو القفز فوق دراسة القوى أو الطبقات أو الأطراف التي تُمسِـك بالسلطة السياسية، والتي من دون التطرّق إليها وإلى طبيعة دورها، يصبح أي حديث عن أسباب انحِـباس الإصلاح والتطور والتطوير الديمقراطيين في الوطن العربي، لغزاً أو أحجية لا سبيل لفك طلاسمهما.   الدكتور عبد الإله بلقزيز، الذي يتمتّـع بعُـمق الرؤى وباع في مجال تتبع مسارات الأنظمة السياسية العربية، نشر حديثاً دراسة بعنوان  » أزمة الشرعية في النظام السياسي العربي »(2). هذه الدراسة ألمّـت بمعظم جوانب مسألة الشرعية أو أزمتها لدى الأنظمة العربية، لكن، ثمة نقطتيْـن شدّدت عليهما الدراسة، قد تُـثيران بدورهما أسئلة في غاية الأهمية، هما دور الأديولوجيا في صناعة المقبولية أو الشرعية. والثانية، أزمة الشرعية التي ينتجها « الانسِـداد السياسي » الراهن، وِفق تعبير بلقزيز، في المنطقة العربية.                                أما الأسئلة فهي:   من هي الطبقة أو الطبقات التي تُـمارس هذه الهيمنة الأيديولوجية (وِفق المفهوم الغرامشي) والتي وفّـرت للأنظمة أو معظمها في السابق، ما أسمته الورقة « الشرعية النسبية ».   هل صحيح أن ثمة انسداداً سياسياً مُتفجّـراً في الشرعيات الثلاث التقليدية والثورية و »الحديثة »، كما يقول الباحث؟ وإذا ما كان الأمر كذلك، كيف يُـمكن أن نفسّر حالة الاستقرار النِّـسبي التي تعيشها معظم الأنظمة منذ أكثر من ثلاثة عقود، على رغم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية العاصفة؟   ثم: ما دور القوى الدولية المُهيْـمنة على المنطقة في توفير الدَّعم للأنظمة المَـلكية والجمهورية على حدّ سواء، على رغم شعارات الإصلاح والديمقراطية التي تطرحها هذه القوى؟   وأخيراً، هل من سبيل للإصلاح الديمقراطي في المنطقة العربية، ما لم يتحقّـق أولاً إصلاح حقيقي لدور القطاع الأمني في المجتمعيْـن السياسي والمدني؟   وردت الإشارة إلى النقطة الأولى في أواخر بحث الدكتور بلقزيز (صفحة 18)، حين أوضح أن « الاحتكار غير المسبوق – حدّة وكثافة – للسلطة من قِـبل حزب أو فريق أو فرد في المنطقة، غالباً ما تكون سلطته واجهة مدنية للعسكر أو أجهزة الأمن ».   هذه المسألة في حاجة إلى المزيد من التركيز والتوضيح والتوسّع، لأنه يبدو أن معظم مفاتيح السلطة في العقود الثلاث الأخيرة، باتت بالفعل في عُـهدة أجهزة المخابرات العربية أو بقيادتها، وهذه الأخيرة  ما انفكّـت منذ ذلك الحين تلعب دوراً يُـشبه دور النُّـخب التوتاليتارية في أنظمة الحزب الواحد، وهو الدور الذي يستند إلى السيْـطرة السياسية على الدولة والجيش من قِـبَل نظام حزبي سُـلطوي واحد. الجيش هنا يدين بالولاء للنُّـخبة التوتاليتارية (إقرأ هنا أجهزة المخابرات)، لأنها تضع موارد اقتصادية كبرى بتصرّفه، فيما تكون السيطرة السياسية للشرطة السرية التي تتغلغل في الجيش وتدير عملية تعيين الضباط أو ترقيتهم أو عزلهم.   علاوة على ذلك، لم تعد الأجهزة الأمنية العربية تقصر نشاطاتها على الأمن أو السيطرة الأمنية، بل باتت تمدد « هيمنتها » من المجتمع السياسي إلى المجتمع المدني: إلى الإعلام والثقافة والسينما والمسرح والنقابات والاقتصاد، وتخلق ما بات يُسمى « ثقافة الأمن » في المجتمعات العربية.   وهنا نستذكر مقولة المفكر الإيطالي غرامشي بأن « أي طبقة ترغب في ممارسة السيطرة في ظل الظروف الحديثة، عليها أن تتحرّك إلى ما هو أبعد من مصالحها الاقتصادية الضيّقة، لتمارس قيادة فكرية وأخلاقية، ولتبرم تحالفات وتسويات مع مختلف القوى، لتشكّـل الكتلة التاريخية ». هل يعني ذلك أن أجهزة المخابرات، بما تمتلكه من سلطة سياسية وسطوة اقتصادية وهيمنة ثقافية، أصبحت طبقة في ذاتها ولذاتها؟   هذا ما ستحاول هذه الدراسة الإجابة عليه، لكن مع التشديد بأن هدفها ليس تعزيز نظرية المؤامرة عبْـر « شيطنة » أجهزة الأمن أو تحميلها وحدها مسؤولية الانسداد السياسي العربي الراهن، بل مناقشة الخيارات والسياسات التي يمكن أن تصوّب عمل هذه الأجهزة ونشاطاتها.   فالأمن في خاتمة المطاف، ليس كلمة رديئة، خاصة حين يرتبط بمفهوم « الأمن الإنساني ». وأجهزة الأمن العربية لا يجب بالضرورة أن تبقى سرية في عالَـم محظور يعجّ بالهمسات والظلال، لا بل أكثر: الدور الوطني والقومي لهذه الأجهزة المُعزز بالأمن الإنساني، مطلوب أكثر من أي وقت مضى، بسبب ظروف التفتيت والاحتلالات التي تتعرّض إليها مُـعظم إن لم يكن كل الأقطار العربية (نماذج العراق واليمن وفلسطين والسودان، والعدّ مستمر)، شريطة أن يتم ذلك في إطار ثقافة أمن ديمقراطية جديدة.   تبقى ملاحظة أخيرة: هذه الدراسة، وبسبب اقتضابها المطلوب، لم تستطع الاستفاضة بالحديث عن دور أجهزة المخابرات في كل أو معظم الدول العربية، إذ أن ذلك كان سيتطلب سلسلة كُـتب لا كتيِّـباً واحدا، ولذا، تم التركيز على الخطوط العامة لمسألة العلاقة بين الأمن والسياسة في الحياة السياسية العربية، مع اهتمام خاص بدور أجهزة الاستخبارات في مصر والأردن والسعودية، وبالعلاقات الخاصة بين معظم أجهزة الأمن العربية وبين الولايات المتحدة. (*)   من جهة أخرى، سنطبق في هذه الدراسة المصطلحات التي وضعها د. يزيد الضايع، حول استخدام تعبير « جهاز المخابرات » حين يكون هذا الجهاز غير عسكري، و »جهاز الاستخبارات » حين يكون تابعاً للجيش. كما ستتطرق هذه الدراسة إلى: تعريف وتأريخ النظام الأمني في الوطن العربي (انظر العمود المصاحب للمقال على اليسار) وإلى دور الجيش والتوسّع الانفجاري لأجهزة الأمن وإلى سؤال « هل أصبحت أجهزة الأمن « طبقة »؟ وإلى دور أجهزة الأمن في إطار النظام الدولي الحالي وإلى بعض تجارب الإصلاح الأمني: نموذجا اندونيسيا وتشيلي ثم تختتم بخلاصة. دورالجيش وتوسّع أجهزة الأمن بعد حِـقبة التحرر من الاستعمار، برز الدور الكبير للمؤسسة العسكرية (الجيش)، سواء كقوة تحديثية للدولة والمجتمع، تعمل على تسهيل الاندماج الوطني والتنمية السريعة أو كمجرد ديكتاتورية عسكرية تحكم باسم أو بالمشاركة مع طبقات اجتماعية جديدة وقديمة، كما حدث في معظم أمريكا اللاتينية.   التبرير الذي استند إليه القادة العسكريون في العالم الثالث للاستيلاء على السلطة السياسية، (وقع 200 انقلاب عسكري بين 1960 و1972)، قام على دعامتين إثتين: الأولى، أن النظام السابق خان الأمانة الوطنية والاجتماعية. والثانية، أن الجيش يخدِم الشعب أو الأمة وليس الحكومة أو النظام.   ويجادل هوروفيز بأن الجيش « بطرده الأوغاد » المُمسكين بالسلطة، زعم أنه يؤدّي خِـدمة ذات قيمة عُـليا للأمة. إنه يُنظّف البلاد من الفساد والطغيان والمصالح الأنانية، وهو بتمزيقه الدساتير وطرد أو حتى قتل الملوك واعتقال أعضاء الحكومة وحل البرلمانات وقمع الأحزاب السياسية وفرض الأحكام العُـرفية، كان بذلك يضع حدّاً للديمقراطيات البرلمانية الزّائفة التي استخدمها المتلاعبون للبقاء في السلطة من خلال تزوير الانتخابات والتعدّي على القوانين » (7).   وإلى الفساد والطغيان، أضاف الضباط العرب إلى اللائحة نكبة فلسطين عام 1948، التي احتلت المرتبة الأولى في سلسلة الانقلابات التي دشّنتها سوريا ثم لحقت بها مصر والعديد من الدول العربية الأخرى.   جمال عبد الناصر كان الأوضح في التشديد على هذا « الدور الثوري » والتغييري للمؤسسة العسكرية، حين أعلن أن كل ضابط في الجيش « يُشكّـل خلية ثورية في حد ذاته بين جماهير الشعب ». بيد أن دور الجيش في الفضاء السياسي العربي شهد تحوّلاً بارزاً في العقود الثلاثة الأخيرة، بفعل التغيّر الذي طرأ على طبيعة التحديات الأمنية التي تواجهها كل بلد عربي. فالصراعات بين الدول انحسرت إلى حدّ كبير وأصبحت نادرة، فيما باتت الصراعات الأهلية شائعة، وهذا أدّى إلى توسّع كبير في  أجهزة الأمن العربية على حساب القوات المسلحة.   ثم جاء دخول الإرهاب إلى المعادلة السياسية، ليفاقم كثيراً من هذا التوسّع. فقد تعرضت الأنظمة العربية إلى ضغوط محلية ودولية قوية، كي تطوّر مروحة واسعة من المهارات والقدرات الجديدة التي تشمل تأسيس وتدريب وحدات أمنية خاصة لمكافحة الإرهاب، وقوات تدخل سريع وعمليات استخبار متمددة وتحسين وسائل الاتصالات بين كلٍ من مختلف أجهزة الأمن المحلية والمخابرات الخارجية والسيطرة على دفق الأموال ومراقبة نشاطات كل الجمعيات الخيرية. (8). وبالتالي، بات الاعتماد التقليدي على البنى القائمة داخل وزارة الداخلية غير كافٍ للرد على التحديات الجديدة.   وفي دول، كالمملكة السعودية، حيث تنتهج المعارضة الأصولية الإسلامية، إستراتيجية استمالة قطاعات قوية من الجيش ودفعها إلى التحرّك ضد النظام، باتت النخب الحاكمة معتمِـدة أكثر من أي وقت مضى على أجهزة الأمن المتوسّعة. وهكذا، بلغت موازنة الأجهزة الأمنية السعودية 5،5 بليون دولار في عام 2003، أي نحو ثلث موازنة الدفاع، ثم ازدادت بنسبة 50% عام 2004. أما في عام 2010، فليس من المعروف بعدُ الزيادات التي طرأت على هذه الموازنة، بسبب استمرار طوق السرية التامة حولها، لكن كل المؤشرات تدلّ على أنها شهدت قفزات نوعية مماثلة.   صحيح أن الجيش، سواء أكان محترفاً أو غير مُسيّس، لا يزال يحتفظ بسيطرة قوية على العملية السياسية ولا يزال الحامي النهائي للنظام في العديد من الأقطار العربية، إلا أن أجهزة الأمن رأت دورها وأعدادها تتزايد بشكل هائل، خاصة خلال العقد الماضي، مما زاد العلاقة تعقيداً وتشابكاً بين المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية. وهكذا، بات لقطاع الأمن مدارِسه الخاصة وكلياته الخاصة وتعليمه العالي الخاص والخدمات الاجتماعية التي تعطيه استقلالية ذاتية، تساهم في زرع ثقافة خاصة للأمن تشكّل عقبة أمام الإصلاح.   التغيّر في دور الجيش، من الفعل السياسي المباشر إلى الجلوس خلف الستار، قد شقّ هو الآخر طريقاً خاصاً يستند إلى منحه حيِّـزاً من السيطرة على الاقتصاد الوطني. وقد اعتمدت معظم الأنظمة العربية على المزيج التالي من الاستراتيجيات (9):   – تمديد المنافع التجارية والخاصة لسلك الضباط في مقابل الولاء. – تناغم مصالح الجيش مع مصالح النظام من خلال التعيينات المستندة إلى القرابة أو الانتماء إلى أقليات محددة. – التحكّم بالجيش عبْـر عمليات التطهير والمناقلات والمراقبة الدقيقة، من جانب مختلف الأجهزة الأمنية. – الحد من نفوذ الجيش في السياسة من خلال منهجية التنويع التي تسعى إلى تعزيز دعم النظام بين مختلف الأقليات والمجموعات الدينية والاقتصادية والاجتماعية.   ونتيجة  لهذه الإستراتيجيات، تزعزعت فعالية القوات المسلحة في العديد من الأقطار العربية، كما تراجعت مستويات الاحتراف العسكري، بفعل الانهماك في النشاطات التجارية.   ففي مصر، التي لا تزال تعيش في ظل نظام سياسي بناه نحو ألف ضابط في الجيش عام 1952، تمّ منح القوات المسلحة، التي يبلغ تِـعدادها 430 ألف جندي وضابط، السيطرة على قطاعات كبيرة من الاقتصاد، لقاء ولائها للنظام في حلّته الأمنية – السياسية الجديدة. ووفق مصادر رسمية، بلغت عائدات قطاع الانتاج التابع للجيش المصري 6،1 بليون دولار خلال السنوات الأربع الماضية، وهو رقم قياسي. هذا، إضافة إلى أن توافر اليد العاملة الرخيصة من خلال نظام التجنيد العام، وفّر للقوات المسلحة ميزة تفاضلية على القطاع الخاص، عزز توسّعها في إنتاج مروحة واسعة من السِّـلع والخدمات المدنية، التي شملت المنتوجات الزراعية والمستشفيات والمؤسسات السياحية والأجهزة الإلكترونية المتطورة والمشاريع المشتركة مع القطاع الخاص.   وكما يلاحظ سبرينغبورغ (10)، فإن الجيش « لديه موارد دخله الخاصة التي لا يسائله فيها أحد ولا هي عُـرضة إلى أي ضغط سياسي مرئي »، لكن حتى هذه المعادلة القائمة على مقايَـضة اللاتسييس بالمنافع الاقتصادية والتجارية، تتعرض إلى ضغوط شديدة، خاصة في الجمهوريات العربية التي تنتهج سياسة نيولبيرالية جديدة. ففي خِـضم العمل لتطوير الاقتصاد وفق هذه السياسة المعتمدة على « إجماع واشنطن »، يصبح دور الجيش في الاقتصاد والقطاع العام عقبة أمام « الإصلاحات الاقتصادية » وتزيد الضغوط من أجل خصخصة مؤسساته، وهذا بدوره سيصُـب في صالح الأجهزة الأمنية التي سيتعيّن تعزيز نفوذها لمواجهة أي تمرد أو معارضة من جانب بعض قطاعات وقطع القوات المسلحة. أجهزة الأمن كطبقة اجتماعية؟ السلطة السياسية إذن، باتت بالفعل في العقود الثلاث الأخيرة، وإلى حد كبير نِـسبياً، في عُـهدة أجهزة المخابرات العربية أو بقيادتها، وهذه الأخيرة ما انفكت منذ ذلك الحين تلعب دوراً يُـشبه دور النخب التوتاليتارية في أنظمة الحزب الواحد، وهو الدور الذي يستند إلى السيطرة السياسية على الدولة والجيش من قِبَل نظام حزبي سلطوي واحد.   الجيش هنا يدين بالولاء للنخبة التوتاليتارية (إقرأ هنا أجهزة المخابرات)، لأنها تضع موارد اقتصادية كبرى بتصرّفه، فيما تكون السيطرة السياسية للأجهزة السرّية التي تتغلغل في الجيش وتدير عملية تعيين الضباط أو ترقيتهم أو عزلهم.   علاوة على ذلك، لم تعد الأجهزة الأمنية تقصر نشاطاتها على الأمن أو السيطرة الأمنية، بل باتت تمدد « هيمنتها » من المجتمع السياسي إلى المجتمع المدني: إلى الإعلام والثقافة والسينما والمسرح والنقابات والاقتصاد، وتخلق ما يسميه أحد الباحثين « ثقافة الأمن » في المجتمعات العربية.   وهنا نستذكر مقولة أنطونيو غرامشي بأن « أي طبقة ترغب في السيطرة في ظل الظروف الحديثة، عليها أن تتحرّك إلى ما هو أبعد من مصالحها الاقتصادية الضيّقة، لتمارس قيادة فكرية وأخلاقية ولتبرم تحالفات وتسويات مع مختلف القوى لتشكّـل الكتلة التاريخية ».   ويقول أنصار الإصلاح الديمقراطي في الوطن العربي إن « الدور المركزي للشرطة السرية في كل بلد عربي، مع قدراته الخفية والأخطبوطية، أصبح الآن أكبر العوائق في وجه الإصلاح. ففي العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية، وفيما كان القادة العسكريون يخمدون ويخنقون الحياة الديمقراطية، أصبحت أجهزة الأمن قانوناً بذاتها » (11). ويقول لبيب قمحاوي، وهو رجل أعمال أردني ناشط في مجال حقوق الإنسان: « الحقيقة، هي أن أجهزة المخابرات أصبحت منغمِـسة في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية، علاوة على الأمن. فهي تدقِّـق في تعيين كل أستاذ في الجامعة وكل سفير وكل رئيس تحرير، وهي تتجسس عبْـر آلاف المخبرين الأردنيين الذين يتقاضون منها الرواتب، تماماً كما كان يحدث في الكتلة السوفييتية » (12). ويضيف إلى ذلك محمود خرباشه، وهو نائب أردني انضم إلى المخابرات الأردنية في عام 1974 وتقاعد كرئيس لها عام 1991، أن « بعض أعضاء البرلمان يسمحون للمخابرات بالتدخل في كيفية تصويتهم، لأنهم يعتمدون عليها في إعادة انتخابهم.  المخابرات تتدخل إلى 90% من القرارات السياسية في البلاد، كما أنها مدّدت نشاطاتها إلى الاقتصاد، حيث تموّل شركات مثل زراعة الحق، وهي مؤسسة زراعية كُـبرى تستثمر فيما وراء البحار أموالاً تبلغ مئات ملايين الدولارات مع جيش من آلاف الموظفين التابعين لها ».   قادة أجهزة الأمن العربية باتوا فوق القانون، وهذا ما اعترفت به وزارة الخارجية الأمريكية نفسها، التي اعتادت أن تغض الطرف عن ممارسات حلفائها، خاصة أولئك الذين يُوفّـرون للولايات المتحدة دعماً واسعاً في الحرب على الإرهاب. ففي تقريرها السنوي حول حقوق الإنسان لعام 2005، قالت الوزارة إن نقص المحاسبة والمساءلة في داخل أجهزة المخابرات والشرطة الأردنية، « خلق جواً من الحصانة وأسفر عن تقييدٍ كبيرٍ لحرية التعبير والصحافة والتجمع والتوسع في ممارسة التعذيب الجسدي والنفسي ». ويخلص المحلل الفلسطيني داوود كتاب إلى أن « أجهزة المخابرات هي الصانع الرئيسي للسلطة في العالم العربي، بغضِّ النظر عمّـا إذا كان البلد المعني مَلَكِياً أو جمهورياً. (13).   هل يعني ذلك أن أجهزة المخابرات، بما تمتلكه من سلطة سياسية وسطوة اقتصادية وهيمنة ثقافية، أصبحت طبقة في ذاتها ولذاتها في الأقطار العربية؟   يزيد الصايغ، الباحث البارز في الشؤون الأمنية والعلاقات العسكرية – المدنية لا يرى ذلك، إلا إذا ما كان بالمستطاع، في رأيه، الحديث عن ولادة بورجوازيات دولة في الدول العربية، لكنه في ختام بحث مستفيض بعنوان « إصلاح القطاع الأمني في المنطقة العربية »، يستطرد ليقول التالي: « يرى لوكهام أنه لا يجب الإطلالة على القطاع الأمني على أنه قطاع موحّـد ومُتسق، بل هو « أرض » متقلبة من التحالفات الأمنية، التي تنشأ مع الأزمات أو الإصلاحات. وهذا صحيح، ولكن تمركز السلطة  السياسية وسلطة « البنى التحتية » في معظم المنطقة العربية، يشي بأن سياسة التحالفات هذه تُـرجّـح أن تحدث داخل حلقة ضيقة من المُستفيدين الرئيسيين، خاصة في الأنظمة السلطوية وأيضاً في الأنظمة شبه الليبرالية ».(14).   إذا لم تكن أجهزة المخابرات طبقة، إلا أنها تمارس بالفعل ما يُشبه دور الطبقة على مستويين إثنين: دور الهيمنة الأيديولوجية (كما ألمحنا)، ودور بلورة التحالفات الحاكمة بقيادتها. وهنا ربما يمكن الحديث عن « كتلة تاريخية » حاكمة حالياً في المنطقة العربية، تتكوّن من إئتلاف يضم أجهزة المخابرات والمؤسسة العسكرية ورجال الأعمال الجُـدد. كل فريق من هذا الثلاثي يؤمّـن للنظام بعض مبرِّرات الاستمرارية: الأول، بتحالفاته الخارجية مع الغرب وبتمدّده إلى المجتمع المدني وسطوته عليه. والثاني، بقوته الخاصة والعامة في القطاع العام. والثالث، بنفوذه المالي والاقتصادي. الأجهزة والنظام الدولي الدور الذي تلعبه التحالفات الخارجية، خاصة الأمريكية منها، في تعزيز وديمومة النظام الأمني العربي الراهن يبدو كبيراً وأساسياً أو هذا على الأقل ما يعتقده أرنولد لوتهولد أن « المصالح الأمريكية وما تعتبره الولايات المتحدة تهديدات لها، كان ولا يزال عاملاً حاسماً في تشكيل البُنى الأمنية الوطنية في العديد من الدول العربية. وعلاوة على ذلك، لا تزال الولايات المتحدة القوة المهيمنة في الشرق الأوسط، ولذلك يجب اعتبارها جزءاً لا يتجزأ من قطاع الأمن في المنطقة ».(15).   في الثمانينيات، وبالتحديد بعد حرب الكويت عام 1991، تحوّلت موازين القوى العسكرية في منطقة الخليج بقوة لصالح الولايات المتحدة وباتت الدول العربية المُطلة على الخليج، معتمدة بكثافة على القوات الأمريكية للحفاظ على أنظمتها ولبناء وتطوير وتدريب أجهزتها الأمنية، وهذا أثار ردّ فعل معارض عنيف في السعودية على وجه التحديد، ما دفع ولي العهد آنذاك الأمير عبد الله إلى إصدار مرسوم في فبراير 2003 لفكّ الارتباط العسكري مع الولايات المتحدة. بيد أنه من الوهْـم الاعتقاد بأن انسحاب القوات الأمريكية من المملكة، شكّل تخلياً عن السياسة الأمنية السعودية، فمثلها مثل دول الخليج الأخرى، ليس للسعودية على المدى القريب على الأقل، أي بديل عن مواصلة الاعتماد على الولايات المتحدة في مجال التعاون الأمني في شتى المجالات. كل ما في الأمر، أن سحب القوات الأمريكية إلى قَطَر، أخرج هذا التعاون الأمني من دائرة الضوء.   هذا النمط من التعاون الأمني ينطبق أيضاً على العديد من الدول العربية خارج منطقة الخليج، كمصر واليمن والأردن ودول المغرب العربي، وبالطبع العراق والضفة الغربية المحتلَّـين. الأردن على وجه التحديد يُشكّل، بعد مصر، الطرف الأوثق علاقة مع الأجهزة الأمنية الأمريكية، وهو يُعتبر ثاني أكبر متلقٍّ للمساعدات العسكرية والأمنية الأمريكية بعد مصر.   ليس من السهل تحديد طبيعة التعاون بين الأجهزة الأمنية الأمريكية والأجهزة الأمنية العربية. فالأمر كله محوط بستار من السرّية التامة، التي لم يشكّل فيها كتاب مايلز كوبلاند « لعبة الأمم »، سوى رأس جبل الجليد المختفي تحت سطح البحر. لكن حدث 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة وما تبعها من حرب عالمية أمريكية على الإرهاب، ثم تحرّك واشنطن لتشجيع عمليات تحوّل ديمقراطي في الأقطار العربية، قد يضيئان بعض جوانب هذا التعاون.   ففي مجال مكافحة الإرهاب، لم تتأخر أي دولة عربية، بما في ذلك سوريا، عن التنسيق الأمني وتبادل المعلومات مع الأجهزة الأمريكية، وهذا، إضافة إلى الجهود المكثفة التي بذلتها واشنطن لإقامة أجهزة أمنية جديدة في بعض الدول العربية وتعزيز الأجهزة القائمة في دول أخرى، شكّل دُفعة قوية للغاية لتوسّع قطاع الأمن العربي، بحيث أصبح هذا الأخير لاعباً في الساحة الدولية، وأحياناً محدداً أوحدَ للسياسات الخارجية في بعض هذه الدول.   ثم أن الصورة تصبح أوضح بكثير، حين نأتي إلى مسألة الإصلاحات الديمقراطية. فحين وصلت الضغوط الأمريكية لتحقيق الإصلاحات في المنطقة العربية إلى ذروتها في الفترة بين 2003 و2007، بقيت هذه الجهود محصورة في الشأنين، السياسي نسبياً والاقتصادي أساساً، ولم تتطرق البتّـة إلى مسألة الإصلاح الأمني الذي تدُل تجارب فلسطين وأوروبا الشرقية وإندونيسيا وتشيلي، كما سنرى لاحقاً، أنها عامل حاسم في إطلاق الدمقرطة السياسية وتعزيز مسيرتها، لا بل هي شرط مُسبَـق لازم لها.   هذان العاملان المتقاطعان، أي المتطلبات الأمنية الأمريكية لمكافحة الإرهاب وغياب الإصلاح الأمني عن أجندة الإصلاحات الديمقراطية العامة، قد يُفسّران أمرين إثنين في آن: الأول، أسباب استمرار توسّع وصعود الأجهزة الأمنية العربية. والثاني، طبيعة المقاربة الأمريكية للحياة السياسية العربية، والتي يبدو أن الطابع الغالب عليها، على رغم كل اللغة التبشيرية الديمقراطية الأمريكية، هو ما يسميه فريدريك غرير « العائق السيكولوجي » المتمثّل في الاعتقاد بأن سيطرة وتفوّق الأجهزة الأمنية (في العالم الثالث)، هي حقيقة من حقائق الحياة التي لا يمكن تغييرها ».   بيد أن هذا التحليل الصحيح، المستند إلى الإطلالة الاستشراقية الغربية على دول الجنوب، قد يكون منقوصاً إذا لم نضع في الاعتبار أن الديمقراطية الوحيدة التي تقبل بها الولايات المتحدة في الشرق الإسلامي، هي تلك التي تتوافق مع مصالحها، وإلا فإنها ستنقلب ضدها، وهذا على أي حال ما دلّت عليه تجارب كلا من فلسطين ومصر والجزائر والعراق.   ثم أن هذا « العائق السيكولوجي » أثبت (كما سنرى بعد قليل) أنه واهٍ في بلدين من بلدان العالم الثالث، يمران في المرحلة الديمقراطية الانتقالية، أحدهما مسلم والثاني مسيحي: إندونيسيا وتشيلي اللتين مرّتا هما أيضاً في الحكم العسكري الذي لعبت فيه أجهزة الأمن دوراً رئيسيا. (16). إصلاح أجهزة الأمن.. ضرورة قلنا في البداية إن الهدف من هذه الدراسة، ليس تضخيم نظرية المؤامرة التي قد ترى إلى أشباح أجهزة المخابرات العربية على أنها بيت داء كل الصعوبات العربية، كما ليس الهدف أيضاً حضّ المجتمعات العربية على إعلان الحرب على هذه الأجهزة، بل الدعوة إلى تصويب توجّـهاتها وتسهيل السيطرة المدنية على نشاطاتها.   وعلى أي حال، مثل هذه المقاربة وطنية وقومية، بقدر ما هي براغماتية. فهي وطنية وقومية، بسبب التحديات الكبرى التي تتعرّض إليها الأمة العربية في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة (التفتيت والاحتلال، كما أشرنا في المقدمة) والتي باتت تتطلّـب الإعلاء من شأن الأمن القومي العربي لا إضعافه أو تشتيته، وهي براغماتية لأن الأنظمة العربية أثبتت خلال العقود الثلاثة الأخيرة قدرة فائقة على البقاء وعلى التصدّي بعُـنف ونجاح لكل محاولات تغييرها أو حتى تغيير سلوكها بالقوة. ولذا، تدعو الحِـكمة الواقعية إلى رفع شعار إصلاح قطاعات الأمن، التي هي العصب الرئيسي لهذه الأنظمة، لا تغييرها أو نسفها.   لكن، ما هي الأسس التي يجب إرساؤها لتحقيق هذه الإصلاحات؟ إنها عديدة: أولاً، العمل على تغيير مفهوم « ثقافة الأمن » السائدة حالياً في كل الوطن العربي على طرح السؤال: من الفئات التي يجري ضمان أمنها حالياً وما نسبتها من عدد السكان ومن الفئات الاجتماعية التي يحتاج أمنها إلى ضمانات؟ في الوقت الراهن، لا تزال ثقافة « الأمن الخشن »، (Hard Security)، أي الذي تُستخدم فيه أساليب قمعية وعنفية شديدة، هي المُهيمنة بسبب انسداد التطور الديمقراطي من جهة، وتجارب الصراعات الأهلية والحروب الإقليمية، من جهة أخرى.   إصلاح الثقافة هنا، يتطلب سدّ الفجوة الهائلة الحالية بين أمن الحكام والمحكومين وبين أمن النظام والدولة وبين أمن المواطن والمجتمع، وهذا يمكن أن يتِـم عبْـر الإعلاء من شأن ثقافة الأمن الإنساني » Human security  » وموازنتها مع مفهوم « الأمن القومي أو الوطني ». هذه الثقافة تتطلّـب أن يكون المواطن أو الفرد مِـحور الأمن لا النظام أو الدولة، وتعتبر أن هذا أمر ضروري للغاية للحفاظ على الاستقرار الوطني والإقليمي والعالمي.   برز مفهوم الأمن الإنساني بعد نهاية الحرب الباردة، وكان حصيلة تقاطُـع جهود قامت بها الفروع العلمية التالية: دراسات التنمية والعلاقات الدولية والدراسات الإستراتيجية وحقوق الإنسان. وكان برنامج التنمية للأمم المتحدة عام 1994 وتقرير حقوق الإنسان، نقطة تحوّل في مجال الأمن الإنساني، حيث جادلا بأن « الحرية من العوز » و »الحرية من الخوف » لكل الناس، هما الطريق الأنجع لمواجهة مشكلة اللاأمن العالمي. والآن، يُدرّس هذا المفهوم في الجامعات كجزء من العلاقات الدولية والعولمة ودراسات حقوق الإنسان، لكنه من أسف، غائب عن العديد من الأقطار العربية.   تقرير التنمية البشرية العربية لعام 2009 شدّد على أن الأمن الإنساني يوازي التنمية البشرية، وهو ضروري لمخاطبة العجوزات الثلاثة، التي تقف حجر عثرة في طريق تحقيق القدرات الإنسانية في الوطن العربي، وهي عجوزات المعرفة والحرية و اللامساواة بين الجنسين. ( 17).   الخطوة الأولى واللازمة لتحقيق الأمن الإنساني، هي فرض سيادة القانون بهدف ضمان حقوق وحريات الفرد وحل الصراعات على السلطة بالطُّـرق السلمية. فالوطن العربي يضم الآن نحو 400 مليون نسمة، وهو عدد يُنتظر أن يتضاعف بعد أربعة عقود، أي عام 2050. ما يسوده حالياً، هو الخروج على القانون وفقدان حقوق كل المواطنين العرب، خاصة النساء والأطفال وأولئك الذين يعيشون في فقر مدقَـع. وهكذا، فإن نصف سكان العالم العربي لا تُوفّر لهم فرصا متساوية وحقوقا متساوية، « هذا في حين كان يتوجب ضمان حماية الكرامة الإنسانية لهم من المؤسسات نفسها (أي أجهزة الأمن)، التي تحمي أمن الأنظمة ». (18).   السؤال الذي يُطرح كلما برزت مسألة الإصلاح الأمني هو: هل يمكن تحقيق هذا الإصلاح من دون تهديد الاستقرار والتماسك الوطنيين في البلد المعني، خاصة وأن النسيج الاجتماعي هشّ في معظم الأقطار العربية؟   وهذا السؤل يزداد أهمية، بعد أن دلّت الحروب الأهلية والصراعات العنيفة في العديد من الأقطار العربية (الجزائر، سوريا، مصر، العراق قبل غزوه عام 2003، الاردن..إلخ) على أن قطاع الأمن هو الذي أبقى هذه الدول متماسكة، فيما دُمّـرت المؤسسات السياسية والاجتماعية الأخرى. (19).   الجواب يصبّ تماماً فيما تدعو إليه هذه الدراسة: إصلاح المؤسسات الأمنية لا تدميرها، مما يمكنها من لعب الدور المزدوج الذي يجب أن تلعبه: الحفاظ على الاستقرار من جهة، وحماية أمن المواطن واحترام حقوقه من ناحية ثانية. ومثل هذه المعادلة، ستكون بطاقة تأمين بالغة القوة لتحقيق ليس فقط الاستقرار على المدى الطويل، بل أيضاً لإفساح المجال أمام التفتح الديمقراطي والتطور الاقتصادي في داخل الأنظمة القائمة حالياً.   وهذا يعني أن إصلاح أجهزة الأمن، يجب أن يكون جزءاً من الإصلاحات الديمقراطية العامة، على أن تُحدد لمَـن ستكون الأولوية في البداية: للإصلاح الأمني أم السياسي، وفق ظروف كل دولة الخاصة وتاريخها وتركيبتها الخاصة.   بالطبع، فإن أجهزة الأمن – وبسبب ثقافة « الأمن الخشن » والمصالح الاقتصادية الضخمة والنفوذ السياسي (والثقافي والفكري) الهائل الذي باتت تمتلك – ستقاوم بضراوة أي إصلاحات لقطاع الأمن، كما يمكن أن تقف بالمرصاد أيضاً لبرنامج الإصلاح الديمقراطي، طالما أنه سيؤدي في خاتمة المطاف إلى تَـقنين وترشيد دورها. فما الحل إذن؟  

(البقية في الجزء الثاني)

(المصدر: موقع « سويس انفو » (سويسرا) بتاريخ 29 مارس 2011)



2011-03-29 لندن ـ قال المجلس الوطني الانتقالي المؤقت في ليبيا إن ما لا يقل عن 12 ألف شخص من نشطاء المعارضة الليبية « أبعدوا » إلى سجون ومعسكرات للجيش في العاصمة الليبية طرابلس وحدها. وقال المنسق المساعد في المجلس جمعة القماطي إن معظم المعتقلين من الشباب، لكن هناك أيضا نساء اختفين حيث تمارس قوات الزعيم الليبي معمر القذافي سلطة « ترهيب وتخويف واختطاف » في العاصمة ». وقال القماطي إن المجلس ليس لديه رغبة في الانتقام، مضيفا « لن نشنق الناس في الشوارع، لكن نعتزم إرساء القانون والنظام ». وذكر أن الشعب الليبي في الوقت الحالي « يواجه مذبحة » من قوات القذافي، بينها « مذبحة من البحر » ترتكبها القوارب الحربية. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 29 مارس 2011)

أكد دعمه العمليات العسكرية ضد القذافي مؤتمر لندن يدعو لعملية سياسية بليبيا


علمت الجزيرة أن مؤتمر لندن بشأن مستقبل ليبيا سيدعو في بيانه الختامي إلى بدء عملية سياسية يشارك فيها المجلس الوطني الانتقالي وزعماء القبائل، كما يقر تشكيل مجموعة اتصال بشأن ليبيا ويؤكد دعم العمليات العسكرية لتطبيق قرارات مجلس الأمن. وكان المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا تعهد في بيان قبيل بدء مؤتمر لندن بإجراء انتخابات حرة ونزيهة لضمان التحول إلى الديمقراطية بعد الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي. وأكد المشاركون في المؤتمر في البيان الختامي -الذي حصلت الجزيرة على نسخة من مشروعه- أن العقيد معمر القذافي ونظامه قد فقدا الشرعية تماما، وشددوا على حق الشعب الليبي وحده في تقرير مستقبله. ودعوا إلى بدء عملية سياسية لتحول ديمقراطي يشارك فيها المجلس الوطني الانتقالي وزعماء القبائل والمسؤولون المستعدون للانضمام إليهم. ويطالب مشروع البيان المجتمع الدولي بدعم هذه العملية والعمل مع مبعوث الأمم المتحدة ويؤكد أهمية دور الأطراف الإقليمية. كما يشير إلى اتفاق على تشكيل مجموعة اتصال بشأن ليبيا تتولى أمور القيادة والتوجيه السياسي العام وتنسيق الجهود الدولية في هذا البلد. ويتعهد باستمرار دعم العمليات العسكرية الجارية هناك لتطبيق قرارات مجلس الأمن الخاصة بفرض منطقة حظر جوي ومنع صادرات السلاح إلى النظام الليبي وحماية المدنيين. كما يشدد على التنفيذ التام للعقوبات الدولية على النظام الدولي ويهدد بعقوبات إضافية ضد الأفراد والمؤسسات القريبة من النظام الليبي. ضغوط على القذافي وكان المؤتمر قد بدأ أعماله في لندن اليوم بمشاركة أكثر من 40 دولة ومنظمة غير حكومية. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون إن كتائب القذافي تواصل هجماتها الإجرامية على مدينة مصراتة غربي ليبيا. وقال كاميرون في كلمة افتتح بها المؤتمر إن القذافي لا يزال ينتهك قرار مجلس الأمن الذي يسمح باستخدام القوة لحماية المدنيين. وأضاف أن رسالته للشعب الليبي هي أن الأيام القادمة ستكون أفضل. من جهتها قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في كلمتها إن العمليات العسكرية في ليبيا ستستمر حتى ينصاع القذافي لقرارات مجلس الأمن وإن الضغط سيتواصل عليه حتى يرحل. وأضافت أنه يتحتم على المجتمع الدولي العمل على تعزيز الضغط وعزل حكومة القذافي. أمل بدوره أعرب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في كلمته أمام المؤتمر عن أمله في تنحي القذافي عن السلطة ومغادرته حقنا لدماء الليبيين. وأضاف أن الإجراءات العسكرية التي اتخذها المجتمع الدولي حجمت قوات القذافي وأنقذت الآلاف من المجازر التي كان ينوي العقيد الليبي ارتكابها وأدخلت الأمل في قلوب الليبيين. وأوضح أن قطر قدمت مساعدات إنسانية لليبيين، كما شاركت في الجهد العسكري ونقلت العديد من المواطنين العالقين إلى أوطانهم، كما اعترفت بالمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا. وكان قرار مجلس الأمن 1970 بشأن ليبيا يفرض حظرا للسفر وعقوبات على القذافي وأولاده وعدد من أركان نظامه بينها حظر للسفر وتجميد أصول مالية، في حين يقضي القرار 1973 باستخدام القوة ضد قوات القذافي في إطار البند السابع من الميثاق الأممي من أجل حماية المدنيين.            (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 29 مارس 2011)


2011-03-28 لندن ـ ‘القدس العربي’: عبر رئيس الوزراء التركي طيب رجب اردوغان عن استعداد بلاده للتوسط لوقف اطلاق النار بين القوات الموالية للزعيم معمر القذافي وقوات الثوار التي تواصل زحفها نحو الغرب، بعد ان فتحت الغارات الجوية التي قامت بها قوات الحلفاء التي دمرت الدبابات والاليات الثقيلة التي بحوزة النظام الليبي الطريق أمام الثوار. وحذر اردوغان من تحول ليبيا الى ‘عراق ثانية’ او ‘افغانستان اخرى’ الامر الذي سيترك آثاره المدمرة على ليبيا ودول الناتو التي استلمت عمليا قيادة العمليات لممارسة الحظر الجوي على ليبيا والتي تقود عملية التدخل العسكري. وكشف رئيس الحكومة التركية في لقاء خاص مع صحيفة ‘الغارديان’ ان الحديث لا زال في بدايته بين الحكومة الليبية والمجلس الانتقالي في بنغازي. وكشف ايضا ان تركيا ستقوم بتولي ادارة مطار وميناء بنغازي من اجل تسيير عمليات الدعم الانساني وذلك بالتوافق مع قوات الناتو. وقال اردوغان الذي كان يتحدث في استانبول انه يجب على ‘ القذافي الان تقديم بعض من الثقة لقوات الناتو’ وذلك بالتقدم نحو وقف اطلاق النار ووضع نهاية للدم الذي نزف في ليبيا. وكان اردوغان يتحدث في الوقت الذي اتفقت فيه قوات الناتو في العاصمة البلجيكية بروكسل وبمشاركة تركية كي يتم تولي الحلف عملية ادارة عمليات الحظر الجوي ضد ليبيا، وكذلك مواصلة الضربات على قوات العقيد القذافي البرية. واشارت الصحيفة إلى ان تركيا التي تملك ثاني اكبر الجيوش في حلف الناتو تلعب دورا اقليميا بارزا واختلفت بشكل علني مع الموقف الفرنسي الذي تجاوز خطوط حظر الطيران، ووجهت فرنسا من جانب واحد عمليات ضد قوات القذافي التي تقاتل على الارض. وكان اردوغان قد وصف التدخل من قبل الناتو في العملية بانه ‘كلام فارغ’ لكن حكومته وافقت الان للعب دور غير قتالي بعد صدور قرار من الامم المتحدة استجابة لمناشدة الجامعة العربية التي طالبتها بالتدخل. ولكن الموقف التركي لم يتغير تجاه المواقف والافعال التي تقوم بها من طرف واحد خاصة فرنسا حيث قال ‘لقد عارضنا اي فعل من طرف واحد ولن نقبل مناشدات من مثل مناشدات الوزير الفرنسي من اجل حملة صليبية جديدة’ وذلك في اشارة الى تصريحات وزير الداخلية الفرنسي كلود غوينت. واكد اردوغان ان حكومته ستعمل على تحمل مسؤولياتها كما ينص عليها قرار مجلس الامن 1973. واكد انه ‘بالنسبة لتركيا فانه من المؤكد انها لن تطلق النار على الليبيين او ترمي القنابل على الشعب الليبي’ وذلك في اشارة اخرى إلى ما اطلقت عليه الدول التي تدعم مواجهة قوات القذافي من الجو ‘مناطق حظر الانتقال على الطرق’ (السياقة). كما وتعهد اردوغان بسحب القوات التركية من ليبيا في اسرع وقت ممكن. واكد ان ما تطمح اليه تركيا هو اعادة الوحدة والكرامة للبلاد بناء على مطالب الشعب الليبي. وواصل رئيس الحكومة التركي قوله انه من الضروري عدم ربط نشر القوات بالحصول على موارد ليبيا النفطية ولكنه لم يستبعد ان هناك ثمنا يجب ان يدفع لقاء هذه الافعال قائلا انه ‘لا يضمن ان لا تدفع ليبيا الثمن’. واشار اردوغان الى اهمية عدم الوقوع في نفس مستنقع العراق وافغانستان حيث قال ان العراق لا يزال يدفع الثمن منذ عشرين عاما حيث قال ‘اخشى ما اخشاه ان نرى افغانستان اخرى او عراق ثانية تظهر، فعندما دخلت القوات الغربية افغانستان قبل عشرة اعوام تقريبا، كان الناس يتحدثون انها ستنتهي في ايام، ونفس الامر قيل بالنسبة للعراق، ولكن مليون شخص قتل وحضارة عظيمة انهارت، ولا نريد ان نرى نفس الوضع في ليبيا’. وحذر اردوغان من ان طول امد العملية سيؤدي الى انعكاسات وخيمة على الدول التي تقود العملية وقال ‘ستكون كارثة على كل الشعب الليبي، كما ان آثارها الوخيمة لن تكون محددة في ليبيا بل ستترك اثرا مباشرا على الدول التي تدخلت’. ووصف اردوغان ما يحدث في ليبيا بالحرب الاهلية التي ‘علينا ان نوقفها’. وكان اردوغان قد تحدث مع القذافي بشكل مستمر قبل الضربة ولرئيس الوزراء الليبي فيما كان وزير الخارجية التركي على اتصال مع المجلس الانتقالي في بنغازي. واكد اردوغان على انه يجب الحفاظ على خطوط الاتصال مع الطرفين حيث قال ان ‘القذافي يريد وقف اطلاق النار، وقد جاء هذا في اثناء حديثي مع رئيس الوزراء، ولكن يجب ان تنضج هذه الامور فانه ليس من المناسب ان تواصل اطلاق النار وتطالب بوقف اطلاق النار’. ولكن اردوغان قال انه في حالة طلب طرفي النزاع في ليبيا التدخل والوساطة فستقوم انقرة باتخاذ الخطوات ضمن اطار الناتو، والجامعة العربية والاتحاد الافريقي. وقال ان تركيا لن ‘تتجاهل الحقوق الديمقراطية والمدنية التي يطالب بها الشعب الليبي، والتغيير والتحول لن يتم تأخيرهما او تأجيلهما’. واضاف ان قادة مثل القذافي من دون منصب عليه ان يقوم بوضع حجر الاساس للتحول. واكد اردوغان ان قادة يتجاهلون مطالب شعوبهم قد ينتهون من دون قيادة. وانتقد اردوغان الذي يقود حزب العدالة والتنمية الحكومات الغربية بقوله انها اساءت فهم ‘ الاسلام والديمقراطية’ مشيرا الى أن دولته واجهت صعوبات للانضمام للاتحاد الاوروبي لم تواجهها اي بلد من قبل. كما انتقد بمرارة الهجمات التي وجهت لحكومته لسجنها صحافيين لهم علاقة بالانقلاب الذي لا تزال التحقيقات جارية فيه متسائلا ان كان هذا الامر عادياً في بلاد الغرب اي السكوت على محاولات كهذه. وتأتي تصريحات المسؤول التركي في وقت وجد فيه الثوار الطريق سهلا نحو المدن النفطية، وقالوا ان سبب تراجعاتهم السابقة خاصة في البريقة وراس لانوف مرتبطة بعملية خيانات داخل راس لانوف كما اشار تقرير صحيفة ‘اندبندنت’. وقالت ان المدينتين هما مركز انتاج معظم النفط الليبي 1.5 مليون برميل في اليوم. وفي الوقت الذي عرضت فيه قطر تسويق النفط الليبي الا ان الصحيفة تقول انه من السابق لاوانه الحديث عن انتاج نفط في وقت لم تهدأ فيه الامور بعد وان تشغيل المنشآت النفطية لن يبدأ الا بعد ان تعود الشركات الاجنبية التي تديرها. وينظر المراقبون ان الثوار في الماضي كانوا يتطلعون الى الزحف نحو العاصمة لكن سوء التنظيم ومواجهة قوات مسلحة بعتاد متقدم منعهم من التقدم، لكن الان وبعد ذوبان قوات القذافي وظهور مظاهر عن عدم استعدادها لمواجهة ثوار مدعومين من الغرب فيبدو الطريق بات سالكا نحو العاصمة. ومع كل ما حققه الثوار بدعم من الطيران الغربي الا ان عودتهم للمدن التي خرجوا منها جاء بدون المظاهر الاحتفالية المبالغ فيها في السابق ويخشون ان يكونوا وقعوا في مصيدة. ولكن بعض قادة الثوار يعترفون الان انهم ليسوا في موقع من يتخذ قرارات خاطئة تضيع النصر عليهم، ونقلت عن ضابط رجع الى مدينته طبرق بعد الانسحاب من راس لانوف وعاد الان للقتال ان هناك مشكلة في الانضباط في صفوف الثوار الذين لا يستمعون للاوامر وانه يجب التصدي للمشكلة. ووصفت ‘واشنطن بوست’ في تقرير لها حالة المقاتلين غير المنظمة حيث تقول ان لديهم الشجاعة والحماس وعدم خبرة قتالية. وجاء في تقرير مراسلها من بنغازي، قولها ان الجنود الذين انشقوا عن النظام وان حاولوا المساعدة لكن لم تكن لهم قيادة مركزية فيما قال مسؤولون في المجلس الانتقالي ان هناك صعوبة في تدريب مقاتلين اثناء الحرب. وتقول الصحيفة انه في شرق ليبيا التي يسيطر عليها الثوار يقوم شبان ببنادق وبازياء عسكرية غير متناسقة بحراسة نقاط تفتيش اقاموها ـ ومسلحين بسكاكين فيما تتدلى من افواههم السجائر. وتقول ان بعض المتطوعين يزدحمون في سيارات ‘بيك أب’ وينتقلون من مكان الى اخر حيث توجد المعارك وبعضهم يصل الجبهة بدون سلاح على امل ان يأخذ سلاحا من احد جنود القذافي. ويرى مصطفى عبدالجليل، رئيس المجلس الوطني ان عددا من الاجراءات تم اتخاذها من اجل مواجهة المشكلة وقال انه ‘مع ضعف الالة العسكرية الثقيلة للقذافي فسيكون بمقدورنا الان التقدم’. ومن الاجراءات تم تعيين قائد جديد للثوار عاد الى البلاد ولديه خبرة عسكرية لكن اهم ما يحتاجه الثوار هو العتاد والذخائر، ويقول عبدالجليل ان ممثلي المجلس في الخارج يقومون بالضغط على الحكومات الاجنبية بتوفير الدعم العسكري لهم. اوباما وخطابه ومن اجل توضيح الموقف الغامض قامت الادارة يوم الاحد بحملة اعلامية للرد على ناقديها الذين اتهموها بغياب الرؤية والهدف. ووجه اوباما خطابا ليلة امس للامة وضح فيه بعد صمت استراتيجية امريكا تجاه ليبيا، خاصة بعد ان بدأت الولايات المتحدة بتخفيض وجودها العسكري وسحب غواصات اطلقت صواريخ تومهوكس على ليبيا وقال أن هناك خططاً لسحب قوات بحرية امريكية. وتحدث اوباما عن النجاحات التي حققها القصف الجوي من ناحية انقاذ الثوار الليبيين من الهزيمة حيث كانت قوات القذافي على مشارف بنغازي واعطتهم دفعة للتحرك غربيا واستعادة ما فقدوه خلال الفترة الماضية بل ابعد من هذا. وجاء الخطاب بعد ان دافع روبرت غيتس وزير الدفاع وهيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية عن التدخل في ليبيا حيث اعترف غيتس ان ليبيا لم تشكل تهديدا على المصالح الامريكية لكن التدخل مبرر كما قالت كلينتون لان الضربة كانت ضرورية لتجنب مذبحة. وكان ظهور كل من غيتس وكلينتون في برامج الاحد نادرا، نظرا للخلافات في المواقف السياسية لكنهما اعترفا ان العملية قد تمتد الى شهور. وحاول المسؤولان الامريكيان تقديم لهجة موحدة تظهر توافقا داخل الادارة حول العملية. ولكن الموقف الموحد الذي اشار الى نهاية مفتوحة للنزاع ادى الى انتقادات من نواب من الجمهوريين مثل ريتشارد لوغار. وفي سؤال حول ما إذا كانت ليبيا تمثل تهديدا على الولايات المتحدة ومصالحها الحيوية اجاب غيتس بلا، قائلا انه لا يعتقد ان ليبيا تمثل مصلحة حيوية لامريكا ولكنه اضاف ‘بوضوح فان لنا مصالح هناك، وليبيا هي جزء من المنطقة التي تعتبر منطقة مهمة للمصالح الحيوية الامريكية’. وكررت كلينتون نفس الموقف عندما قالت في برنامج ان بي سي ان ليبيا لم تهاجمنا، لكن ما كانوا يقومون به وتاريخ القذافي واحتمالات زعزعة استقرار المنطقة كان من مصلحتنا ‘مواجهته’ مشيرة الى ان النظر الى الوضع من خلال عيون حلفاء امريكا العرب والاوروبيين فان من مصلحة الولايات المتحدة المشاركة. ولاحظت صحيفة ‘نيويورك تايمز’ اختلافا في موقف كلينتون عندما قالت في برنامج واجه الامة حيث استبعدت عملا عسكريا ضد سورية مشيرة الى ان هناك فرقاً بين استخدام الطائرات وممارسات شرطة ضد المتظاهرين. وقالت الصحيفة ان الادارة بالتأكيد واجهت عمليات قمع المتظاهرين في البحرين واليمن ودول عربية اخرى بدون ان تتدخل لكن فقط عندما قام القذافي بشن هجوم قوي ضد الثوار عندها ظهر خلاف بين غيتس الذي عارض الحظر الجوي وكلينتون التي سمعت كورسا من الاصوات في العالم العربي الذين طالبوا بحظر جوي. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين مقربين من كلينتون قولهم ان الوزيرة اخبرت عمرو موسى، امين عام جامعة الدول العربية، ان منطقة حظر جوي تعني تدمير دفاعات القذافي الجوية. ويرى مسؤولون امريكيون ان امد الحرب وان طالت الا ان هذا لن ينفي كون تداعي النظام من الداخل. لكن خبراء يقولون ان الانتصارات الاخيرة للثوار لا تعني ان ايام الزعيم الليبي صارت معدودة. فمع تقدم الثوار نحو طرابلس فالسؤال الان هو ماذا سيكون موقف الناتو من قيام الثوار بمهاجمة جنود القذافي ودفاع هؤلاء عن انفسهم خاصة ان صلاحية الناتو تتعلق بحماية المدنيين؟ ونقلت صحيفة ‘ واشنطن بوست’ عن مسؤول امريكي قوله ان استهداف قوات الزعيم الليبي جاء بسبب تورط نظامه بجرائم ضد المدنيين، لكنه لم يجب على سؤال حالة قيام الثوار انفسهم بالهجوم، واستبعد في نفس الوقت تسليح الثوار. وقال غيتس ان هناك ادلة عن توصل عدد من المحيطين بالقذافي الى نقطة القطيعة مع النظام، فيما قالت كلينتون ان واشنطن ترسل برسائل تقول: هل تريدون فعلا ان تصبحوا منبوذين، هل تريدون الانتهاء امام محكمة جرائم الحرب الدولية؟ واضافت قائلة ان الرسائل تقول ان ‘هذا هو الوقت المناسب للخروج من النظام والمساعدة في التغيير، ولم يستبعد غيتس تخلي الجيش عن القذافي او انشقاق داخل عائلته. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 28 مارس 2011)

تحمل عنوان: الانتفاضة الفلسطينية الثالثة فيسبوك يغلق صفحة ضد إسرائيل


يبدو أن موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي -مهد الثورات العربية وملهمها- لم يستطع مواجهة « الثورة » الإسرائيلية التي طالبته بإغلاق صفحة « الانتفاضة الفلسطينية الثالثة » التي تدعو لانتفاضة ثالثة في 15 مايو/أيار المقبل، وهو التاريخ الذي يحيي فيه الفلسطينيون ذكرى النكبة. وقالت صحيفة « يديعوت أحرونوت » الإسرائيلية إن الأعداد الكبيرة للشباب المنضمين للصفحة التي أنشئت في السادس من مارس/آذار الجاري زاد من قلق الجهات الأمنية والسياسية الإسرائيلية من هذه الحركة، حيث بلغ عددهم ربع مليون شاب خلال شهر واحد. ويظهر لمن زار الصفحة أن عدد الزوار بلغ  أكثر من 300 ألف شخص، حيث كان يتم رصد دخول أكثر من 200 شخص خلال عشر دقائق أو ربما أكثر في بعض الأحيان. وإقدام إدارة الموقع على إغلاق الصفحة دفع ببعض الشبان الفلسطينيين إلى إنشاء صفحات جديدة تحت عنوان « الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، فلسطين ستتحرر ونحن من سيحررها »، حيث استقطبت بضعة آلاف خلال أيام. وندد أحد الزائرين للصفحات الجديدة بإغلاق الصفحة الرئيسة سائلا « أين حرية التعبير؟ »، وأجمع آخرون على ضرورة « المشاركة بالانتفاضة الثالثة جنبا إلى جنب حتى لو سرنا على أقدامنا إلى المسجد الأقصى ». عمل تحريضي هذا وكان وزير الإعلام الإسرائيلي يولي إدلشتاين طلب من مؤسس الموقع الاجتماعي مارك تسوكربرغ إغلاقا فوريا لصفحة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة. واعتبر إدلشتاين في رسالة وجهها إلى تسوكربرغ أن صفحة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة هي عمل تحريضي. وأضاف أنه لا يتوجه إلى تسوكربرغ بسبب منصبه وإنما كشريك لقيم حرية التعبير عن الرأي، وأضاف أنه ينبغي التمييز بين حرية التعبير عن الرأي وحرية التحريض, كما ذكر. وأشار إلى أنه « لا حاجة إلى حديث مفصل لإظهار ما يمكن أن يسببه التحريض الأرعن الموجود في الصفحة المذكورة، بدءا من المس باليهود والإسرائيليين الأبرياء ووصولا إلى الكفاح المسلح ضد دولة إسرائيل ». الوجه الحقيقي وكانت إدارة صفحة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة أبدت استغرابها من رسالة إدلشتاين، وشددت على أن كلامه غير صحيح، وذكرت أنه « منذ أنشئت الصفحة لم نحرض على شيء، حتى إننا لم نشتم إسرائيل، ودعونا إلى تظاهرة سلمية، فكيف يتهمنا بما لم نفعله ». وعبرت إدارة الصفحة عن تخوفها من إقدام إدارة فيسبوك على إغلاق هذه الصفحة، معتبرة أنه إذا ما أغلقت هذه الصفحة تحديدا، وهي أكبر صفحة فلسطينية اليوم على الإطلاق في أهم موقع للتواصل الاجتماعي في العالم، فإن الأمة سيتكشف لها الوجه المخفي والحقيقي لإدارة فيسبوك.            (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 29 مارس 2011)

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.