الثلاثاء، 24 يونيو 2008

Home – Accueil

 

TUNISNEWS
8 ème année, N°2954 du 24.06.2008
 archives : www.tunisnews.net   

Vérité-Actionوالجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين : حملة  إنقاذ حياة « مساجين العشريتين  » :من أجل وضع حد لسياسة الموت البطيء..! ( اليوم الرابع )

عدد من الجمعيات التونسية و المغاربية و العربية والدولية: اليوم العالمي لمناهضه التعذيب: دعوة إلى تجمع

 « المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم »: بيـــــــــــــــــــــــان 

حــرية و إنـصاف:ما ضاق به الفضاء من أخبار عرض الشباب على القضاء الحزب الديمقراطي التقدمي:بيــــــــــــــان الحزب الديمقراطي التقدمي:بيــــــــــــــان حركة التجديد: بــــــــــــــــــــــــــــــــــــلاغ صحفي

شوقي بن سالم:رسالــــــــــــــة توضيحيّة

اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي: إحالة عدنان الحاجي على حاكم التحقيق بالمحكمة الإبتدائية بقفصة

الشرق : تونس: اعتقال أحد قادة حركة الاحتجاج في قفصة

رويترز: منظمة العفو الدولية: تونس فشلت في الحد من التعذيب

الشرق الأوسط : في إطار الحبس على ذمة التحقيق منظمة العفو الدولية: تجاوزات غير قانونية باسم مكافحة الإرهاب بتونس الدكتور منصف المرزوقي : حول التقرير الأخير للعفو الدولي عن تونس

عبد الرحمان بلعوجة : هل ستواصل وزارة التربية تجاهل حالة مدرسة شارع بورقيبة بنفطة؟

اللجنة الجهوية بتوزر لمساندة أهالي الحوض المنجمي : بيـــــــــــــــــــــــــــــــان

بدر السلام الطرابلسي: توضيح رسمي: بعد ملاحظات د. أبو يعرب المرزوقي

الصباح : رسالة خطية من الرئيس بن علي إلى أمير دولة قطر

كونا : وزير البترول السعودي يبحث احتياجات تونس من المواد الاولية 

سُـوف عبيد:الجماعات الادبية بتونس: من جيل المواقف والتفاعلات الى اجيال الحسابات والتحالفات

عبد الجليل البدوي في منتدي التقدم لحزب الوحدة الشعبية : ** القطاع الخاص في تونس لم يلعب الدور المطلوب

مؤسسة التميمي: المؤتمر الخامس والعشرين لمنتدى الفكر المعاصر حول: الجامعات والباحثون العرب بين حرية الإبداع وممارسات الرقابة

محمد قلبي : حـــــــــــــــــــــــــــرارة

محمد شمام يبعث برسالة إلى كل محبي الحرية

وليد حمام: أستاذة جامعية تطرد طالبة من قاعة الامتحان بحجّة أنّ ذراعيها مكشوفين !

عبد القادر الزيتوني : انتفاضة الجوع في مناجم قفصة تتوسع إلى جهات أخرى

عبدالحميد العدّاسي:همـــــــــــــــوم قفصيّة توفيق المديني : جدل حول الاحتلال الأميركي الدائم للعراق

توفيق المديني : الأصولية العلمانية في تركيا

عبد السّلام بو شدّاخ : كيف العمل من اجل التغيير في الخطاب الإسلامي بين ثقافة الانبطاح وثقافة الإصلاح (الجزء الثالث)

عادل معيزي: بدولار واحد ستشرق شمس الكونية من تونس

آمال موسى: مناظرة دارت إشكاليتها الرئيسية حول الفكر الديني والفلسفي في مواجهة التحديات الراهنة أ.مصطفى عبدالله ونيسي : جمال اللباس وأناقة الإنسان و زينته:أحكام ومقاصد  /ج2

أخبار الخليج : المرأة المسلمة السويسرية والفتاة المضطهَدة التونسية فدرالية التونسيين من أجل مواطنة الضفتين : التهاب أسعار التذاكر يثقل كاهل العمال المهاجرين المغاربيين

القدس العربي:الجزائر: تعديل وزاري يعيد أويحيى إلى رئاسة الحكومة

الجزيرة.نت : بعد أشهر من الجدل حولها:حركة «لكل الديمقراطيين» المغربية تتحول إلى حزب سياسي

د. عبدالوهاب الأفندي : العظات والعبر من التجربة السودانية للعمل الإسلامي المعاصر

القدس العربي : انطلاقة متعثرة للاتحاد المتوسطي

الوحدة: موقف الجغرافيين الفلسطينيين من المؤتمر الجغرافي الدولي (تونس 2008)


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 

أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللصحفي سليم بوخذير وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- الصادق العكاري

22- هشام بنور

23- منير غيث

24- بشير رمضان

25 – فتحي العلج  

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “        “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“  الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr Vérité-Action ONG   Suisse   Case Postale 1569 Fribourg        تونس / فريبورغ  في 24 جوان 2008

حملة  إنقاذ حياة « مساجين العشريتين  » : من أجل وضع حد لسياسة الموت البطيء..! ( اليوم الرابع )

 
يقضي سجناء سياسيون تونسيون عقوبات قاسية بالسجن منذ ما يقارب العشرين سنة على خلفية أنشطتهم السياسية و قناعاتهم الفكرية ، و قد أجمعت كل المنظمات الحقوقية الوطنية و الدولية المستقلة على أنهم لم يتمتعوا بمحاكمات عادلة و أن الملفات التي اعتمدت لإدانتهم شابها التزوير و انبنت على اعترافات منتزعة تحت وطأة التعذيب الشديد ، كما أصدرت هيئة الدفاع عنهم  تقريرا مفصلا يعدد الخروقات المرتكبة و يؤكد الطابع السياسي للأحكام و بطلان الإدعاء الرسمي لتورط بعض المتهمين في التخطيط للعنف أو التورط في ارتكابه . و قد ترسخت القناعة لدى كل من تابع المحاكمات أن القضاء ، كما الإعلام و بعض أحزاب الموالاة ، قد وظفت لإقصاء خصم سياسي من الساحة و إضفاء لباس قضائي على التصفية الأمنية ، و رغم أن أغلبية المحاكمين في بداية عشرية التسعينات السوداء قد غادروا السجون ، بعد أن قضى أكثرهم ما يجاوز العشرية في ظروف مأساوية ، فإن انحسار الأضواء عن العشرات الباقين لا يجب أن يحجب معاناتهم ، و عائلاتهم ، منذ ما يقارب العشرين سنة  حيث تعرضوا منذ إيقافهم ، فضلا عن التعذيب ، إلى سياسات تستهدف تدمير بنيتهم الجسدية و المعنوية من خلال تعريضهم لصنوف الإهانات و التجويع  و التعتيم  و التشفي ( بعقوبات العزل الإنفرادي المطول و الإبعاد عن العائلات و بالحرمان من وسائل التثقيف و العزل التام عن مستجدات الأحداث بالعالم الخارجي و الحرمان من الحق في العلاج  ) و تقطيع أواصر الروابط العائلية بالضغط على الزوجات لطلب الطلاق و حرمان الأقارب من العمل .. و هو ما درجت تسميته !بـ  » سياسة القتل البطيء  » .. لم يعد مقبولا تواصل  الصمت على معاناة متواصلة منذ بداية العشرية الأخيرة من ..القرن !الماضي .. إن في وسع كل من يسلم بعدالة قضية ضحايا  » الموت البطيء  »  أن يساهم بكلمة أو رسالة أو مقال أو مكاتبة أو عريضة في  الحملة التي تطلقها ( ابتداء من اليوم و حتى إطلاق آخر AISPPسجناء  » مساجين العشريتين  » ..) الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين   ( سويسرا ) ، Verité-action و جمعية و بالتزامن مع إطلاق حملة وطنية و دولية من المكاتبات و الإتصالات  و التحرك بملفات المصابين بأمراض خطيرة و ضحايا الأحكام المكررة تشرع الجمعيتان في التعريف تباعا بالمساجين السياسيين الذين قضوا زهرة أعمارهم ..من أجل أفكارهم .. و هم على التوالي : منذر البجاوي و رضا البوكادي و نور الدين العرباوي و محمد نجيب اللواتي و الصادق شورو و حسين الغضبان و عبد الكريم البعلوش و إبراهيم الدريدي و عبد النبي بن رابح و الهادي الغالي و منير الحناشي و بشير اللواتي و هشام بنور و وحيد السرايري و الشاذلي النقاش و عبد الباسط الصليعي و الصادق العكاري و منير غيث و بوراوي مخلوف و وصفي الزغلامي و إلياس بن رمضان و البشير رمضان و فتحي العلج و لطفي الداسي و كمال الغضبان . كما تناشد الجمعيتان كل المنظمات و الجمعيات و الشخصيات الوطنية و الدولية  أن تساهم في هذا الجهد بالتعريف بضحايا هذه المظلمة التي لم يعرف لها تاريخ البلاد مثيلا  ، و بتقديم  ما في وسعها من دعم مادي أو معنوي لهم و لعائلاتهم . عن الجمعيـة الدولية لمساندة المساجين السياسيين                                   Verité-action عن جمعية       
                                                                                              الرئيـــــــــــــــس                                                                         
 الرئيــــــــــــــــــس                                                                                                    صفوةعيسى                              
الأستاذة سعيدة العكرمي                       

3 – نورالدين العرباوي: بطاقة تعريف سجنية

* الاسم و اللقب : نورالدين بن محمد مختار العرباوي * تاريخ الولادة ومكانها : 1961 بتالة * المستوى التعليمي:جامعي * المهنة : أخصائي نفساني * الحالة الاجتماعية  : مطلق * تاريخ الدخول للسجن : 1991 * الحالة الصحية : مريض بالربو / الحساسية/روماتيزم العضام * الحكم : مدى الحياة * السجن الحالي : القصرين * العنوان : شارع فرحات حشاد تالة كان السجين السياسي نور الدين العرباوي طيلة فترة سجنه عرضة لنقلات عقابية وتعسفية كثيرة زار خلالها سجن 9 افريل( 3مرات ) وسجن برج الرومي ببنزرت( 3مرات ) وسجن المهدية وسجن الهوارب وسجن قابس وسجن القصرين  وسجن الناظور وسجن  صفاقس وسجن المرناقية  وسجن المسعدين …    نداء لكل من يتعاطف مع سجين رأي يقبع خلف القضبان منذ قرابة العشريتين  : بادر بكتابة كلمة .. أو مراسلة منظمة وطنية أو دولية .. أو مكاتبة الجهات الرسمية .. أو مكالمة عائلته ..أو مساعدة أبنائه … حتى لا نقول أننا لم نكن نعلم …!

حملة الإفراج عن  » مساجين العشريتين


 

28  جوان  2008   اليوم العالمي لمناهضه التعذيب  من أجل الإفراج عن جميع السجناء السياسيين من أجل حق عودة كريمة للمنفيين السياسي

 
في إطار اليوم العالمي   لمناهضة التعذيب و تضامنا مع السجناء السياسيين في تونس، يستعد عدد من الجمعيات التونسية و المغاربية و العربية والدولية و بمشاركة عدد من الشخصيات العربية و الدولية الصديقة، لتنظيم تجمع بساحة حقوق الإنسان بباريس وذلك من أجل إطلاق سراح السجناء السياسيين وسجناء الرأي وسن عفو تشريعي عام لفائدة جميع ضحايا القمع السياسي،  ومن أجل التأكيد على حق العودة الكريمة للمهجرين قسرا. يشار الى أن الحياة السياسية و الاجتماعية  في تونس لا تزال تعيش واقعا مرا. و قد انعكس ذلك أخيرا في  العنف الشديد الذي  قمعت به الحركة الاجتماعية في الحوض المنجمي بجنوب البلاد والذي كان احدى حلقات انسداد واقع الحريات الذي تمارسه السلطة و المدعوم بطريقة مريبة و غير مفهومة من قبل السلطات الفرنسية خصوصا و الغربية عموما. أضف الى ذلك واقع التعتيم الإعلامي الكامل الذي يساعد النظام على مواصلة سياسة القمع والخنق السياسي. كما لا يزال السجناء السياسيون  يعانون واحدة من أطول المحن في تاريخ تونس الحديث إذ يقبع  العشرات منهم  في زنازين السجون التونسية سيئة الذكر. أما السجناء السياسيون السابقون فمحنتهم تتعاظم باستمرار مع سبق الإصرار وبنية مبيتة من قبل السلطات الرسمية. تتواصل سياسة تدمير شخصية السجين من خلال حرمان المرضى منهم،  من العلاج و العيش الكريم فينتهي بهم الطريق إلى التسليم بهذا الوضع البئيس. ولا يزال عدد هائل من الشباب التونسي يختطفون يوميا ويحتجزون و يعذبون و يحاكمون تحت دعوى مكافحة الإرهاب. كما نعلن تضامننا مع المئات من المواطنين التونسيين الذين اضطروا للخروج من بلادهم واللجوء إلى أطراف الأرض الأربعة منذ عشريتين و أكثر للبعض منهم والمحرومون من ابسط حقوقهم المدنية كحق الحصول على جواز سفر أو حق العودة الكريمة إلى بلادهم دون الخوف على حريتهم و كرامتهم. وبهذه المناسبة ندعو جميع قوى الدفاع عن حقوق الإنسان للتعبئة من اجل تقديم الدعم لضحايا القمع في تونس. يتم  التجمع يوم السبت 28 جوان 2008 من الساعة الثامنة ليلا و حتى الحادية عشرة ليلا المكان: ساحة حقوق الإنسان – تروكاديرو –  باريس   Rassemblement de 20 h 00  à 23 h 00 : Parvis des Droits de l’Homme – Trocadéro – Paris. الممضون الأوائل: 1.      Voix Libre. 2.      ACHR, Commission Arabe des droits Humains. 3.      Solidarité Tunisienne. 4.      CRLDHT, Comité Pour le Respect des Libertés et des droits de l’Homme en Tunisie. 5.      AISPP, Association Internationale de Soutien aux Prisonniers Politiques. 6.      Agir Ensemble Pour les Droits de l’Homme, France. 7.      Arab Network For Humains Right – Egypte. 8.      Observatoire Français des Droits de l’Homme. 9.      Centre de Damas Pour les Etudes Théoriques et Civiques. 10. Rencontre Culturelle Euro Arabe. 11. ALKARAMA pour les Droits de l’Homme. 12. JUSTICE Internationale – LAHAYE 13. First Humains Rights In Saoudia Arabia 14. Organisation Nationale Des droits de l’Homme en SYRIE 15. DHAMIR Pour les Droits de l’Homme – GAZA – PALESTINE 16. Compagne Internationale pour la Fermeture de GWANTANAMO 17. SADA WEB SITE For Freedom and Rights 18. Centre ARABE pour l’indépendance de la Justice et de la Magistrature Voix Libre ONG oeuvrant pour les droits de l’Homme contact@voixlibre.org Tel : 01 46 58 55 44 – Fax : 01 46 58 55 45 Port : 06 60 37 68 16  – www.voixlibre.org


 

 

« المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم »: بيـــــــــــــــــــــــان 

 

 
نحن المجتمعين، أحزابا ومستقلين، ديمقراطيين وتقدميين: – بناء على دروس وإيجابيات العمل المشترك في إطار « المبادرة الديمقراطية » ثمّ « المبادرة/الائتلاف »، وأمام ما تشهده البلاد من:
 * تعطّل الانتقال إلى الديمقراطية جرّاء تواصل الانغلاق السياسي واعتماد نمط من الحكم أساسه تعددية قائمة في الواقع على عقلية الحزب الواحد وهيمنته على أجهزة الدولة، ومنظومة قانونية معدّة للحفاظ على هذا النمط من الحكم، وممارسة تعتمد التضييق على الحريات العامة والفردية وتعيق التطور الطبيعي للحياة السياسية وتعرقل نشاط أحزاب المعارضة القانونية والمنظمات المستقلة وتحرم العديد من الأحزاب المدنية من حقّها في النشاط القانوني والتمويل العمومي وتسد الطريق أمام إمكانية التداول الديمقراطي على السلطة،      * تعدد مظاهر الارتداد التي تهدد المكاسب التقدمية لبلادنا،     * تدهور الوضع الاجتماعي جراء السياسات الاقتصادية والاجتماعية الرسمية، وهي سياسات أدت إلى ارتفاع متزايد للأسعار وتآكل  للمقدرة الشرائية للشغالين وعموم الشّعب، وإحالة قطاعات واسعة من القوى الحيّة على البطالة وأشكال العمل الهشّ ، وعمّقت الفوارق بين الفئات والجهات وحالت دون التفاعل الإيجابي مع التحركات المطلبية المشروعة خاصة تلك التي شهدتها مؤخرا منطقة الحوض المنجمي. – ونظرا إلى  حاجة البلاد الماسة إلى بناء قطب ديمقراطي تقدّمي قادر على التحرك الميداني وعلى تجاوز التشتت وتجميع وتعبئة قوى وحساسيات وشخصيات ومناضلين من مختلف الشرائح الاجتماعية ومجالات النشاط المختلفة والمشارب الفكرية والسياسية الديمقراطية والتقدمية من أجل التأثير الفعّال على موازين القوى لصالح التغيير الديمقراطي الحقيقي الذي يستجيب إلى طموحات الشعب وشبابه ونخبه ومتطلبات العصر. نعلن عن بعث حركية قوامها العمل الائتلافي، حول الأهداف الديمقراطية التقدمية، منفتحة على كل القوى المعنية بذلك، وتعمل على تلبية حاجة بلادنا إلى نقلة ديمقراطية في مضمونها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحضاري، كي تتمكن من حماية مكاسبها وتطويرها ومن فتح آفاق جديدة أمام التونسيين بأرض الوطن أو بالمهجر تمكنهم من الممارسة الكاملة لدورهم  باعتبارهم مواطنين لا رعايا، خاصة وأن بلادنا ستشهد في أواخر 2009 انتخابات نيابية ورئاسية نسعى إلى أن تكون مختلفة عن سابقاتها وأن تمثل فرصة لإحداث منعرج إيجابي في الحياة السياسية. إن هذه النقلة الديمقراطية – التي نسعى إلى إنجازها في إطار « المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم » –  تعارض النمط السياسي التّسلّطي السائد وتتباين مع المشاريع الاستبدادية التي توظف الدين، وتهدف إلى إرساء بديل مجتمعي يرتكز على المبادئ الديمقراطية والتقدمية والقيم  الإنسانية وعلى النير في تراثنا. وهو بديل يقوم على تفعيل مؤسسات النظام الجمهوري وتطويرها والفصل الفعلي بين السلط وإقامة التوازن بينها وتحقيق استقلال القضاء واحترام حقوق الإنسان والمواطنة  والحرية السياسية واستقلالية العمل الجمعياتي والحزبي ويضمن حرية الرأي وحرية المعتقد وإقامة الشعائر الدينية في كنف التسامح، ويكرّس المساواة التامة والفعلية بين الجنسين، ويطور منظومة تعليم عقلانية وعصرية وثقافة تعتمد حرية التفكير والإبداع ونشر المعارف وتحرير الذهنيات من مختلف المكبلات.. كما أن هذه النقلة تهدف إلى بناء اقتصاد وطني تضامني يقوم على تثمين العمل والجهد وتشجيع مبادرة الطاقات الإنتاجية في كنف الشفافية والمساواة أمام القانون ومقاومة الفساد، وتحقيق التنمية المستديمة والحفاظ على البيئة وضمان التوزيع العادل للثروة تكريسا للعدالة الاجتماعية والتكافؤ بين جميع جهات البلاد. إن هذا البديل المجتمعي، الذي تسوسه جمهورية ديمقراطية تقدمية، من شأنه أن يحمي شعبنا من جور الاستبداد بمختلفي أصنافه، ويدعم استقلالية القرار الوطني، ويمكن بلادنا من مجابهة شتى الضغوط الخارجية، ويسمح لها بأن تلعب دورها كاملا في الوقوف إلى جانب القضايا العادلة عربيا وعالميا ومناهضة الاحتلال والعنصرية والحروب العدوانية ودعم حق الشعوب في تقرير مصيرها وإرساء علاقات دولية متكافئة قائمة على السلم والتعاون. تونس، في 15 جوان 2008


 
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 24/06/2008 الموافق ل 20 جمادى الثانية 1429

ما ضاق به الفضاء من أخبار عرض الشباب على القضاء

 

 
مثل يوم الاثنين 23 جوان 2008 الشبان علي بن جودة و ياسين الطريقي و آدم الخوني و محمد الهادي هويسة أمام الدائرة الجناحية السادسة بالمحكمة الابتدائية بتونس في القضية عدد 17099 لمقاضاتهم من أجل عقد اجتماعات محجرة على معنى الفصلين 7 و 26 من قانون 1969. و تندرج هذه القضية في إطار القضايا المسلطة على الشبان المتدينين المعروفة بقضايا السلفيين، و فعلا فقد انطلقت الأبحاث على أساس إحالة الشبان الأربعة بتهمة الدعوة إلى الانضمام و إلى ارتكاب جرائم إرهابية على معنى الفصول 1 و 4 و 6 و 12 من قانون سنة 2003. و جاء قرار ختم البحث نافيا لارتكاب الشبان المذكورين للأفعال التي تتكون منها التهم المذكورة منتهيا إلى الجزم بأن الأفعال المرتكبة لا تكون إلا قرائن على عقد اجتماعات طبق مقتضيات الفصل 7 من قانون 1969 الذي ينص على أنه : » يمكن للسلط المسؤولة اتخاذ قرار في منع كل اجتماع يتوقع منه إخلال بالأمن أو بالنظام العام ، و يقع إعلام المنظمين للاجتماع بهذا القرار بواسطة أعوان الأمن  ». و قد دافع عن المتهمين الأساتذة : عبد الفتاح مورو ، أنور أولاد علي ، علي بن منصور ، الصحبي البصلي ، الناصر العويني ، سليم بوقديدة ، محمد سامي الطريقي ، إيمان الطريقي و تلخصت مرافعاتهم في: من الناحية الشكلية طلب بطلان الإجراءات لجملة من الدفوعات أهمها إبداء النيابة العمومية رأيها قبل الاستنطاق. – استبعاد تطبيق الفصل السابع من القانون المذكور نظرا لاستحالة الاجتماع بتونس العاصمة بين أشخاص غير موجودين فيها في التاريخ المزعوم بعقد الاجتماع. – و أنه حتى في صورة انعقاده فإن القانون المراد تطبيقه يهم الاجتماعات العامة و لا علاقة له بالاجتماعات الخاصة هذا من جهة و من أخرى فإن منع الاجتماعات العامة يوجب إعلام المنظمين بقرار المنع و هو قرار لم يقع اتخاذه. و قد أخرت القضية للمفاوضة و التصريح بالحكم لجلسة يوم 3/7/2008 و المحامون على قناعة تامة بأن المحكمة ستصدر حكما ببطلان الإجراءات و عدم سماع الدعوى. و حرية و إنصاف تصر على موقفها الذي أعلنت عنه في القضايا المماثلة من أنه لا فائدة من توظيف العدالة لمحاكمة شبان من أجل قناعاتهم الفكرية و ترى أن أحسن وسيلة لاستتباب الأمن في البلاد هي التحاور معهم و استعمال وسائل الإقناع و مقارعة الحجة بالحجة. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


الحزب الديمقراطي التقدمي 10 نهج آف نوهال تونس بيــــــــــــــان

 
صدرت اليوم الاثنين 22 جوان 2008 بطاقة إيداع في حق المناضل النقابي و قائد الحركة الاحتجاجية بالرديف السيد عدنان الحاجي و وجهت له تهم خطيرة مثل   » تكوين وفاق قصد التحضير لارتكاب اعتداء على الأشخاص والأملاك العامة والخاصة والإضرار عمدا بملك الغير وقطع السبل العمومية »…..و »صنع وحيازة آلات محرقة ورميها على أملاك الغير ورمي مواد صلبة على موظف عمومي حال مباشرته لوظيفته والاعتداء عليه بالعنف الشديد »…. و »مسك وترويج وبيع وعرض على العموم أقراص مضغوطة من شأنها تعكير صفو النظام العام » …..و »الانخراط في عصابة والمشاركة في تكوين وفاق قصد التحضير لارتكاب اعتداء على الأشخاص والأملاك العامة والخاصة و المشاركة في عصيان…. ». و وجهت تهم مماثلة متعلقة بذات الملف إلى عدد من النقابيين من بينهم السادة البشير العبيدي و عادل جيار و بوجمعة شرايطي و عدنان الحاجي و رفاقه أطروا الحركة الاجتماعية التي يدور رحاها في منطقة الحوض المنجمي عموما و في الرديف خصوصا منذ ما يقارب النصف السنة و تدخلوا المرات العديدة لحمايتها من الانفلات و كان الحاجي، و هو النقابي المعروف، الناطق باسمها و قد تعاملت معه السلط على هذا الأساس و خاضت معه مفاوضات متعلقة بمطالب الحركة الاحتجاجية.   إن هذا التصعيد الخطير، الذي يأتي بعد سقوط ضحايا بالجهة و في مناخ يتسم بتوسع دائرة الاعتقالات و استشراء التعذيب لانتزاع الاعترافات، و في وضع حصار مأساوي تعيشه مدينة الرديف ليؤكد مرة أخرى على إمعان السلطة في صد الباب أمام كل محاولات التهدئة وعلى  تماديها في اتباع سبل الحلول الأمنية/القضائية بدل الانكباب على معالجة الأسباب الحقيقية التي تقف وراء تصاعد موجة الاحتجاجات. إن تصعيد حملة القمع و الاعتقالات التي طالت العشرات من أهالي الحوض المنجمي يأتي في ظرف بالغ التعقيد و الصعوبة اجتماعيا و اقتصاديا، و قد ينذر بتطورات وخيمة على المناخ الاجتماعي         و السياسي و يهدد السلم الأهلية.   إن الحزب الديمقراطي التقدمي إذ يعبر عن بالغ انشغاله لتدهور وضع الحريات و لخطورة التهم الموجهة للمناضل النقابي عدنان الحاجي  و رفاقه الذين نذروا أنفسهم لخدمة أهاليهم و لبحث السبل الكفيلة بتحسين أوضاعهم فإنه: -يؤكد  تضامنه الكامل مع السيد عدنان الحاجي و مع عائلته و مع كل المناضلين الملاحقين جراء تحملهم لمسؤولياتهم في هذا الوضع الدقيق -يعتبر نفسه مجندا، إلى جانب سائر قوى المجتمع السياسي والمدني،  للدفاع عن أهالي الحوض المنجمي و عن قياداتها المناضلة حتى يرفع الحصار عن الجهة و يطلق سراح الموقوفين -يجدد تأكيده أن لا حل للقضايا السياسية و الاجتماعية و لا ضمان لاستقرار البلاد       و تطورها إلا بفتح باب الحوار مع ممثلي مختلف فئات المجتمع و بمراجعة جذرية لسياسات التنمية بما يضمن التوازن بين الجهات و الفئات و بالاعتراف بحق الاختلاف و بحق الشعب التونسي في الحرية و الكرامة والديمقراطية.   تونس 22 جوان ‏2008‏ الأمينة العامة مية الجريبي ‏

الحزب الديمقراطي التقدمي  بيــــــــــــــان
   تتزايد في الفترة الأخيرة المضايقات و الاعتداءات على المناضلين السياسيين و الحقوقيين  متخذة شكل الحملة المنظمة و قد طالت بالخصوص عددا من مناضلي و كوادر الحزب الديمقراطي التقدمي لإثنائهم عن القيام بوظيفتهم كمعارضة وطنية همها الحرية و الكرامة لكل المواطنين – ففي صفاقس اعتقل أواخر الأسبوع الماضي الشاب الديمقراطي التقدمي معز الباي و استنطق لساعات طويلة حول نشاطه في الحزب و حول مساهماته في التحركات المساندة لأهالي الحوض المنجمي قبل أن ينقل إلى ثكنة الجيش الوطني بقابس قصد تجنيده رغم ظروفه الاجتماعية الخصوصية، في حركة طالما خبرتها الحركة السياسية التونسية و التي تجعل من الخدمة العسكرية لا واجبا وطنيا و مبعثا على الاعتزاز بل عقوبة تسلط على المعارضين السياسيين -و في بنزرت عمدت قوات الأمن إلى الاعتداء بالعنف الشديد على مناضلين سياسيين وحقوقيين تجمعوا للاستفسار عن مصير شبان اعتقلوا في ظروف غامضة و لا يعرف مآلهم و قد طال العنف كلا من السادة محمد بن سعيد و طارق السوسي المناضلين الحقوقيين و كذلك السيدين ياسين البجاوي عضو الحزب الديمقراطي التقدمي و  خالد بوجمعة عضو هيئة الجامعة الذي أوقف لساعات وتعرض للضرب المبرح و لوابل من الشتائم يندى لها الجبين – و في فريانة من ولاية القصرين صدرت أحكام قاسية في حق شبان يافعين كانوا اعتقلوا على خلفية التحركات الشعبية السلمية التي شهدتها الجهة للاحتجاج على غلاء المعيشة وللمطالبة بالعيش الكريم و التي تخللتها اعتداءات بالعنف الشديد على عدد كبير من المواطنين كان من بينهم الأخ عاطف الزايري عضو اللجنة المركزية للحزب مما خلف له كسرا بالكتف و استوجب إقامته في المستشفى لعدة أيام -و لا تزال جمعية حرية و إنصاف ممثلة خاصة في رئيسها الأستاذ محمد النوري و كاتبها العام الأخ زهير مخلوف (عضو الحزب الديمقراطي التقدمي)  تتعرض هي الأخرى  للمحاصرة و المضايقة و التهديد على خلفية أنشطتها و أجندتها الحقوقية .   و الحزب الديمقراطي التقدمي إذ يذكر بأن هذا التدهور في وضع الحريات يأتي في ظرف يتسم بتفاقم الصعوبات الاجتماعية و باستشراء البطالة و بتنامي المظاهر الاحتجاجية الشعبية فإنه :   – يُنبه إلى خطورة الإمعان في استخدام الأسلوب الأمني/ القضائي  في التعاطي مع قضايا وطنية شائكة و في التعامل مع المطالب الشرعية للفقراء و المعطلين – يعبر عن تضامنه الكامل مع كل المناضلين و المواطنين الذين طالتهم يد الانتهاكات والاعتداءات و يطالب الحكومة بالإفراج عن كل المعتقلين على خلفية الأحداث الاجتماعية الأخيرة و بفتح حوار وطني جدي و شفاف حول ملف التشغيل و البطالة و التنمية الجهوية – يشد على أيادي مناضليه و يكبر فيهم ثباتهم على نهج النضال من أجل الحرية و الديمقراطية                                                                             تونس 22 جوان ‏2008‏‏                                                                                       الأمينة العامة                                                                                        مية الجريبي 

حركة التجديد 7، شارع الحرية، تونس.  بلاغ صحفي

       

 
      على إثر قرار إيقاف  السيد عدنان الحاجي  واقتحام عدد من المنازل بحثا عن نشطاء آخرين لعبوا دورا هاما في التحركات المطلبية بمدينة الرديف والتحاور مع السلط لتقديم اقتراحات بناءة لتجاوز الأزمة، تعبر حركة التجديد عن عميق انشغالها إزاء هذا التصعيد الخطير الذي من شأنه أن يزيد الأوضاع تأزما ويدفع بها إلى التدهور.   إن مصلحة البلاد تقتضي التخلي عن المعالجة الأمنية لهذه الأزمة  واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنقية المناخ بالحوض المنجمي وإحلال الانفراج والتهدية محل التوتر. لذلك تطالب حركة التجديد بإطلاق سراح عدنان الحاجي وباقي الموقوفين ووضع حد للاعتقالات والتتبعات والمحاكمات ورفع حالة الحصار والشروع في حوار جدي ومسؤول يسمح بإيجاد الحلول المرحلية العاجلة للمشاكل الاجتماعية الحادة التي يشكو منها الحوض المنجمي وإقرار برنامج تنموي جريء ينتشل هذه المنطقة من البطالة والبؤس ويحقق التوازن والتكافؤ بين مختلف جهات البلاد.   تونس في 23 جوان 2009   عن الحركة الأمين الأول أحمد إبراهيم


 

رسالــــــــــــــة توضيحيّة  
 

يتواصل الجدل في صلب حزبنا حزب الوحدة الشعبية حول قضيّة قرار التجميد المنسوب للمكتب السياسيّ المتّخذ في حقّي وحقّ رفيقي السيّد عبد الحميد بن مصباح عضو مجلس النواب. واتخّذ هذا الجدل مسارا جديدا بعد ردّنا على الحوار الذي أجرته مجلّة الملاحظ الغرّاء مع الرفيق محمد بوشيحة الأمين العام للحزب على نفس صفحات المجلّة. ومن المؤسف أنّ البعض ما زال لم يدرك بعد جسامة ما اقترف في حقّنا وما مارسه علينا من ظلم. فقد وضحنا سابقا خلفيات هذا قرار التجميد ودوافعه والخروقات القانونية التي حفّت به. وازداد هذا الظلم في ردود الرفيق الأمين العام الذي استعمل إيحاءات ساخرة وغير سياسيّة لتبرير عدم إحالة ملّف التجميد على لجنة النظام الحزبية كما تقتضيه أصول التقاضي الحزبيّة. وقد طالبنا الأمين العام بحقّنا في المثول أمام لجنة النظام لردّ التّهم الموّجهة إلينا لكنّه رفض ذلك رفضا قطعيّا لأنّه يدرك أنّ قرار التجميد لا يستند إلى أيّ أدّلة. لذلك فإنّ ردّنا على حوار الأمين العام هو ردّ شرعيّ ولا يتجاوز الأصول السياسيّة وليس فيه مسّ من شخصه كما يرّوج لذلك دعاة الفتنة داخل الحزب. بل إنّ السجال السياسي أمر محمود ولا حجّة لمن يدّعي أنّ هذه الخلافات هي خلافات داخلية لا يحقّ لأحد نشرها على صفحات الجرائد والمجلات. فقرار التجميد نُشر على أعمدة الصّحف واطلعنا عليه من خلال الجرائد كما أنّ الأمين العام قد ضيّق من مساحة الجدل داخل الحزب وخاصة في المجالس المركزية ليمنعنا من التواصل مع مناضلي الحزب. إنّ مجادلة الأمين العام ليست جريمة والخلاف مع قيادة الحزب عنوان بارز لتطوّر الممارسة الديمقراطية. لكنّ بعض أعضاء المكتب السياسي المقربين جدّا جدّا من الأمين العام قد ضاقوا ضرعا بهذا المسار وسعوا إلى تقويض ما راكمه الحزب على امتداد مسيرته النضالية اعتقادا منهم أنّ سياسة الانغلاق والطرد والتجميد والتخلص من كوادر الحزب هي الطريقة الأسرع والأنجع لضمان المصالح الخاصة. لذلك بدأت طبول التهويل تُضرب من منطلق أنّ ما تضمنّه ردّنا على الرفيق الأمين العام هم مسّ من شخصه وسبّ له. وإذا كان مثل هذا التفسير السطحي والساذج لا يُستغرب من أمثال هؤلاء فإنّ وعينا بمتطلّبات المرحلة يجعلنا نتجاوز الجدل مع هؤلاء الذين يريدون طمس معالم الخلاف الحقيقيّة. ولا شكّ أنّ التزامنا الوطني والحزبي يجعلنا أمام مسؤولية مناهضة الاستبداد الحزبي ومحاربة سياسة المحاصصة داخل المكتب السياسي وسعي البعض للاستحواذ على الحزب وتوظيفه لخدمة مصالحة الذاتية والتنّصل من المهام الوطنية للحزب وعزله عن النخب والشباب.  وأجدّد في هذه الرسالة تأكيدي على أنّني لا اعتبر نفسي مجمدّا من الحزب كما لا أعتبر الرفيق عبد بن مصباح مجمدّا وسأواصل نضالي داخل حزبي شرعتي الولاء لوطني. شوقي بن سالم إعلامي وناشط سياسي


اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي إحالة عدنان الحاجي على حاكم التحقيق بالمحكمة الإبتدائية بقفصة

 
أحيل عشية يوم الاثنين 23 جوان الأخ عدنان الحاجي  على حاكم التحقيق بالمحكمة الابتدائية بقفصة. وجهت له تهم: – تكوين وفاق قصد التحضير لارتكاب اعتداء على الأشخاص والأملاك العامة والخاصة – الإضرار عمدا بملك الغير – قطع السبل العمومية ومنع الجولان – صنع وحيازة آلات ومواعين محرقة ورميها على أملاك الغير – رمي مواد صلبة على موظف عمومي حال مباشرته لوظيفته والاعتداء عليه بالعنف الشديد – مسك وترويج وبيع وعرض على العموم أقراص مضغوطة من شأنها تعكير صفو النظام العام – إحداث الهرج والتشويش بالطريق العام – الانخراط في عصابة والمشاركة في تكوين وفاق قصد التحضير لارتكاب اعتداء على الأشخاص والأملاك العامة والخاصة و المشاركة في عصيان دعي إليه بخطب ألقيت بمحلات عمومية واجتماعات عامة وبمعلقات وإعلانات ومطبوعات و أكد الأساتذة المحامين أنّ الحاجي اجبر على إمضاء المحاضر دون قراءتها. وبطلب من الأساتذة المحامين الذين رافقوا الحاجي (الأستاذ العياشي الهمامي، رضا الروادي، التيجاني عمارة، حسين التباسي، علي كلثوم، شوقي الزراوي) تأجل الاستنطاق إلى يوم الخميس على الساعة الثالثة بعد الظهر، وقد اصدر قاضي التحقيق بطاقة إيداع ضد الأخ عدنان الحاجي.  كما وجهت نقس التهم  إلى ثلاثة عشر مواطنا صدرت ضدهم بطاقات ايداع بالسجن المدني بقفصة. كما يحال بنفس التهم والمعتبرين « بحالة فرار » الإخوة بشير العبيدي، عادل جيار، بوجمعة شرايطي، طارق العليمي ورضا الحمايدي. عن اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي مسعود الرمضاني عبد الرحمان الهذيلي


 

تونس: اعتقال أحد قادة حركة الاحتجاج في قفصة

 

 
تونس – لندن – وكالات :اعلنت مصادر نقابية وحكومية ان احد قادة حركة الاحتجاج الاجتماعية في مناجم الفوسفات في قفصة (350 كلم الى جنوب غرب تونس) التي تشهد اضرابا منذ مطلع العام اعتقل أمس الأول الاحد في مدينة الرديف. وقال عادل الجيار العضو في لجنة ادارة حركة الاحتجاج لوكالة فرانس برس ان عدنان الحاجي المتحدث باسم الحركة اعتقل يوم الأحد مع عدد لم يحدد من زملائه في الرديف. ولم يستطع الجيار ان يوضح ظروف هذه الاعتقالات التي وقعت بعد عدة ايام من عودة الهدوء الى الرديف اقدم منجم للفوسفات والمركز الرئيسي لحركة الاحتجاج التي تدين البطالة وغلاء الاسعار والفساد والمحسوبية. واكد مصدر رسمي لوكالة فرانس برس اعتقال الحاجي. وقال ان الحاجي « اوقف في اطار ملاحقات بدأت ضد اشخاص ضالعين في الاضطرابات والاضرار بممتلكات الغير في الرديف ». واضاف ان التحقيق في هذه الاضطرابات كشف ضلوع عدنان الحاجي في الاحداث التي قتل خلالها متظاهر شاب بالرصاص خلال مواجهات جرت مع الشرطة في السادس من يونيو في الرديف مؤكدا ان القضية رفعت الى المحكمة حسب الاجراءات القانونية. وعدنان الحاجي نقابي منشق كان المتحدث باسم حركة الاحتجاج التي بدأت في يناير لكشف تلاعب مفترض لمصلحة بعض الشخصيات في مسابقة توظيف في شركة قفصة للفوسفات التي تؤمن اكبر عدد من الوظائف في المنطقة التي تبلغ فيها نسبة البطالة عشرين بالمائة. وكان اتحاد النقابات التونسية قد اقال الحاجي من منصب الامين العام لنقابة التعليم الاساسي اثر اتهامه كوادر نقابيين محليين بالتورط في هذه القضية. وقد اوقف في السابع من ابريل مع 41 شخصا آخرين استجوبتهم الشرطة بعد مواجهات بين قوات الامن ومتظاهرين كانوا يحتجون على البطالة ومعظمهم من الشبان الذين تخرجوا حديثا. وعبر الحاجي عن ارتياحه لتعيين رئيس جديد لشركة الفوسفات في التاسع من يونيو معتبرا انها « خطوة ايجابية يمكن ان تساهم في القضاء على الفساد وتسرع المفاوضات ». وشركة قفصة للفوسفات هي خامس منتج للفوسفات في العالم وتنتج سنويا ثمانية ملايين طن. وفي لندن اتهمت منظمة العفو الدولية الحكومة التونسية بتضليل العالم من خلال اظهار صورة إيجابية عن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد فيما تقوم قواتها الأمنية بانتهاكها من دون محاسبة وفي إطار من الحصانة. وقالت المنظمة في تقرير جديد اصدرته أمس الإثنين إن انتهاكات حقوق الإنسان « تُرتكب في تونس في إطار السياسات التي تتبناها الحكومة في مجالي الأمن ومكافحة الإرهاب وجعلتها مسؤولة عن الاعتقالات التعسفية واحتجاز الناشطين التي تنتهك قوانين البلاد في إطار جهودها الرامية إلى منع اقامة ما تسميها الخلايا الإرهابية داخل تونس. (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 24 جوان 2008)


حول التقرير الأخير للعفو الدولي عن تونس

 
حتى لا يساء فهم ما سيلي، لا بدّ من التأكيد على بعض النقاط. أولا: لا جدال أن أفكار وقيم حقوق الإنسان هي إحدى أهم التطورات التي حصلت في الفكر الإنساني وأنه من اوكد واجباتنا تدعيمها وزرعها في ثقافتنا وجعلها جزءا لا يتجزأ منها. ثانيا : لا جدال في أن منظمات حقوق الإنسان الوطنية والقومية والعالمية،لعبت ولا تزال دورا هائلا في معركة الكرامة،وأنه يجب ان نعترف لها بأياديها الكثيرة وتضحياتها الجسام. ثالثا: أن منظمة العفو الدولي تحتل مكانا مركزيا ومكانة خاصة في قلوبنا جميعا ،-خاصة في قلوب من ساهمت في إنقاذهم مثلي من براثين الطغيان- وأنه لا حق لأحد في مطالبتها بأكثر ما تستطيع أو الخروج عن مهامها المحددة. أما وقد أكدنا على كل هذا ، فإنه بوسعنا المواصلة والقول أنه لا يجب للفكر أن يتخلى عن حق وواجب النقد والتقييم وإلا نكون كمن استبدل مقدسات بمقدسات ومحرمات بمحرمات وأصنام بأصنام ، وفي هذا فخّ قاتل للقيم التي ندافع عنها وللآليات التي نعتمدها. من هذا المنطلق نستطيع التعليق على التقرير الأخير الذي اصدرته منظمة العفو الدولي حول الوضع في تونس والذي نقرأ فيه جملا مثل. »استباحة حقوق الإنسان باسم الأمن…قضاء يفتقر إلى الاستقلال …انتهاك الحق في الدفاع …محاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية…الانتهاكات داخل السجون…الانتهاكات ضدّ من أعيدوا…أو » إن مثابرة السلطات التونسية على إنكارالاتهامات التي ارتكبت على نطاق واسع وحديثها الذي لا ينتهي عن حقوق الإنسان »….الخ ». وأخيرا لا آخرا التوصيات، وما أدراك ما التوصيات.أي جملة من المطالب المتكررة منذ عشرين سنة والتي تتوجه بها هذه الحركة الحقوقية،مع باقي جوقة المنظمات الوطنية والقومية،إلى نظام ضرب بها دوما عرض الحائط وسيواصل. بصراحة ، لم أتمالك نفسي من الضحك وأنا أقرأ التوصيات الأمنستية. إنها نفس الموجة من الضحك الحزين التي تنتابني وأنا أقرأ بيانات نحتج ونطالب التي أصبحت سمة العجز الذي يطبع اليوم الحركة السياسية الحقوقية التونسية. كأنك تتوجه لمجموعة من الذئاب المفترسة بالتوصيات التالية. أولا: الكف حالا عن سرقة دجاج الناس وأكله الشيء الذي يتسبب له في الوجع وفقدان الحياة. ثانيا تعويض الدجاج المسروق لأصحابه. ثالثا الالتزام من هنا فصاعدا بأكل السلطة السؤال هنا: ماذا نفعل عندما يتضح بالكاشف أن عشرين سنة من التوصيات لم تنهي الانتهاكات بل بالعكس حيث تعود اليوم بقوة لم نعهدها حتى إبان التسعينات؟ ماذا نفعل والسلطة الباغية تزداد يوما بعد يوم تقنية وتعنتا في خنق الرأي الحرّ،؟ولن أتحدث عن بقية الانتهاكات الأخرى وإنما فقط للتي تدخل في اختصاص العفو الدولي وكبرى منظمات حقوق الإنسان المحلية والعربية والدولية. نعم ماذا نفعل تجاه ما يبدو فشلا ذريعا في كسر شوعة الانتهاكات ووقفها ثم إعادة القطار على السكة ليأخذ أخيرا الوجهةالصحيحة؟ بطبيعة الحال لا أنكر أن هناك نتائج حصلت على صعيد هذا الفرد أو ذاك. لمداواة الإحباط الذي كان يتملكني في التسعينات،كنت أقول لنفسي لولا هذه حركية الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والتضحيات لمات لنا تحت التعذيب 400 وليس 40، لنواصل إذن. صحيح أيضا أن هناك حالات قد تلعب فيها الإدانة والتوصيات دور الضغط المعنوي الفعال. لكن هذا لايقع إلا في أنظمة ديمقراطية ، أو على الأقل في طريق الإصلاح. أما ان نتوجه بتوصيات لنظام راديكالي ، متطرف ، عنيف مناور وكذاب يرفض كل إصلاح وكل صلح وكل مصالحة حتى مع أضعف حلقات المعارضة،كالنظام التونسي فهذا عين التصرّف السحري. إما أننا نتعامل مع الواقع ويجب أن نأخذه كما هو ، والواقع هنا أننا أمام مجرمي دولة وإجرام الدولة ليس إلا صنفا من الإجرام ويجب التعامل معهم على هذه القاعدة….أو أن نعيش في الأوهام ومن جملتها أن أناسا بلا مشاعر وبلا ضمير،لا يستحون وإنما يخافون،سينتبهون لأغلاطهم وسيتحرك فيهم الضمير وسيسارعون لتنفيذ التوصيات . لقائل أن يقول وبماذا توصي أنت الذي تريد الانتهاء مع أفعال نطالب ونوصي نتوجه بها للذئاب أكانوا حكام تونس أو أي بلد منكوب وموبوء بالدكتاتورية …طبعافي نطاق المنطق والأدوات الحقوقية. سنة 1986 جمعت منظمة العفو الدولي في لندن بعض المثقفين والحركيين للتفكير في الوسائل وقلت ما أردده الآن ومنذ عشرين سنة في كل كتاباتي .  الأسماء التي يجب أن تذكر في التقارير هي أسماء الجلادين قبل أسماء الضحايا.وهو ما فعله المجلس الوطني للحريات سنة 1999  يجب الكف عن عدم التشخيص ، بل بالعكس يجب التركيز بوضوح على مسؤولية الأشخاص الثلاثة المسؤولين في كل بلد عن التعذيب وبقية الانتهاكات: الرئيس ، وزير الداخلية، المسؤول الأول عن المخابرات…دون تناسي مسؤولية المنفذين طبعا.  يجب على الحركة الحقوقية أن تتقدم بقضايا في حق هؤلاء الأشخاص وغيرهم من الذين يتوصل البحث لتحديد مسؤولياتهم إلى كل المحاكم الممكنة وأن تناضل من أجل قبول محكمة الجنايات الدولية لشكاوى ضد مسؤولين في الحكم.  يجب خلق جائزة معاكسة لجائزة نوبل واقترحت تسميتها بجائزة هتلر وتعطى سنويا لأبشع دكتاتور ( اقتراحي هذه السنة موقابي ) ويكون المحلفين فيها من أكبر الشخصيات الاعتبارية في العالم وتحاط بكل مظاهر الأبهة يوم منحها ويوضع الفائزون في قائمة عار البشرية.تبقى للتاريخ شاهدا. جربوا هذه التوصيات وهي لا تكلف إلا شيئا من الجرأة وسترون أن الذئاب ستنكس رأسها بعدها يمكن المرور لمرحلة أرقى كالسعي للحصول على إعلان أممي أن الدكتاتورية آفة من آفات البشرية مثل الاستعمار والعنصرية ومعاداة السامية وإن استئصالها مطلب ضروري لسلامة العالم وبقاء البشرية في أحسن الظروف. كذلك يمكن العودة بفكرة تكوين المحكمة الدولية للديمقراطية التي تنظر في شرعية كل الانتخابات وتقرر أن انتخابات موقابي وبن علي غير شرعية وأن الرجلان سيحالان على المحكمة الدولية وأن دور كل الأنظمة عدم الاعتراف بنظام مبني على التزوير. وفي الانتظار أن تنضج هذه الأفكار وأن تجد طريقها للتطبيق ، كما حدث ذلك دوما على مرّ التاريخ وكل الحالات يجب على الناس أن تتوصل للنتيجة التي تفرض نفسها.وهي أن النضال الحقوقي هو الساق الضرورية للانتصاب والمشي ، لكن الساق الثانية هي النضال السياسي وفي صورة الحال المقاومة المدنية السلمية. يجب أن يكون واضحا للجميع أن دور حركة حقوق الانسان دكّ حصون العدوّ الاستبدادي…نفسيا ومعنويا ، لكن النضال السياسي هو الذي يشيل بن علي من قرطاج وزمرته من وزارة الداخلية وأجهزة البوليس ويضع بدلهم أناسا يفهمون ما معنى توصيات أمنستي المصدرموقع الدكتور منصف المرزوقي بتاريخ 24 جوان 2008


 

أشارت الى انتظام الاعتقالات لفترات أطول مما يسمح به القانون.. وتونس ترفض في إطار الحبس على ذمة التحقيق منظمة العفو الدولية: تجاوزات غير قانونية باسم مكافحة الإرهاب بتونس

تونس: المنجي السعيداني قالت مصادر تونسية لـ«الشرق الاوسط» ان تجاوزات قانونية عديدة وقعت أخيرا في البلاد بعد إقرار قانون مكافحة الارهاب في 10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. واضافت ان تطبيق هذا القانون «طرح بعض المشاكل والتجاوزات تحت غطاء مكافحة الإرهاب»، واشارت الى ان حملات إيقاف الشبان التونسيين ما تزال تتواصل بمقتضى هذا القانون. وفي هذا الاطار، اتهمت منظمة العفو الدولية الحكومة التونسية بـ«اللجوء بانتظام الى سوء المعاملة» تحت غطاء مكافحة الارهاب، وذلك في تقرير نشرته أمس. وكتبت منظمة العفو في تقريرها بعنوان «باسم الأمن: سوء المعاملة شائع في تونس»، «في جهودها الرامية الى منع تشكيل، خلايا ارهابية، تقوم السلطات التونسية بحملة اعتقالات وتوقيف تعسفي تنتهك القوانين التونسية». واضافت المنظمة «ان الافراد يعتقلون بانتظام لفترات اطول مما يسمح به القانون في اطار الحبس على ذمة التحقيق»، مشيرة الى انها تبلغت «حالات تعذيب محددة؛ منها الحرمان من النوم والصدمات الكهربائية والتظاهر بتنفيذ حكم اعدام». وذكرت منظمة العفو ان «شخصا تعرض للتعذيب لدرجة انه عجز عن التعرف على والدته وزوجته ومحاميه». وقالت حسيبة حاج صحراوي، معاونة مدير برنامج منظمة العفو، لـ«الشرق الاوسط» وشمال افريقيا ان «الحكومة التونسية أكدت مراراً انها تحترم التزاماتها في مجال حقوق الانسان لكن هذا الامر بعيد كل البعد عن الحقيقة». واضافت «آن الاوان لتتخذ السلطات تدابير ملموسة لوضعِ حدٍّ لسوء المعاملة. على السلطات التونسية ان تعترف اولا بالاتهامات الواردة في التقرير والتعهد بفتح تحقيق وإحالة المسؤولين إلى القضاء». ورفضت السلطات التونسية هذه الاتهامات، وقال بيان رسمي «هذه التصريحات غير موضوعية بالمرة وخالية من المصداقية» واعتبر ان ما ورد «ادعاءات مضللة نقلتها عن هياكل وافراد معروفين بتحيزهم ومواقفهم السلبية المسبقة ضد تونس». واضاف البيان ان تونس صادقت «عام 2003 على قانون يهدف الى ضمان امن مواطنيها والمساهمة في المكافحة الدولية لهذا التهديد الخطير» في اشارة الى الارهاب، وان هذا القانون «لا يشرع لوجود محاكم استثنائية ولا يسمح بأي تمديد مجحف او اعتباطي لآجال الاحتفاظ والايقاف التحفظي». وتابع البيان ان المحاكمات التي جرت تطبيقا لهذا القانون «شملت اشخاصا وجدت في حوزتهم اسلحة ومتفجرات وافرادا ضالعين في عمليات اجرامية تهدف الى ارتكاب اعمال ارهابية في تونس او بالخارج» مضيفا «ما يبعث على الاندهاش ان منظمة العفو الدولية تصف هذا النوع من الانشطة الاجرامية بالمعارضة المشروعة والسلمية». (المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 جوان 2008)


 

هل ستواصل وزارة التربية تجاهل حالة مدرسة شارع بورقيبة بنفطة؟

 

 
مدرسة شارع بورقيبة بنفطة المدينة في وضع لا تحسد عليه فمنذ أن اقتنعت المصالح المختصة بوزارة التربية بتداعي بعض أجزاء المدرسة للسقوط و هذه الأجزاء حالها واقف و لا يجد المعلمون و الأولياء تفسيرا مقنعا لاستمرار الحال على ما هو عليه بينما انطلقت أشغال الإصلاح في بعض المدارس بالجهة فهل سيتواصل تشتت تلاميذ المدرسة و معلميهم على أكثر من مكان؟ و هل هناك أنسب من عطلة الصيف لتنطلق الأشغال و نتجنب انعكاساتها السلبية على التدريس فيما لو انطلقت خلال الموسم الدراسي؟ عبد الرحمان بلعوجة نفطة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عريضة نحن معلمو معلمات مدرسة شارع بورقيبة نفطة الممضين أسفله و بعد انطلاق أشغال بناء قاعات في بعض مدارس دائرة نفطة ـ حزوة نبدي استغرابنا الشديد و استياءنا من تجاهل الإدارة للحالة المزرية التي عليها مدرستنا بعد إلغاء جزئها المتداعي للسقوط و تشتت تلاميذها و مربيها بين المدارس و نطالب بالشروع العاجل في البناء.   عدد الإمضاءات 20  


اللجنة الجهوية بتوزر لمساندة أهالي الحوض المنجمي بيان نفطة في 23 ـ 06 ـ 2008
 
عقدت اللجنة الجهوية بتوزر لمساندة أهالي الحوض المنجمي اجتماعا بدار الاتحاد المحلي للشغل بنفطة يوم الاثنين 23 ـ 06 ـ 2008 و استعرضت مستجدات الحركة الاحتجاجية باستنكار شديد للتوجه التصعيدي للسلطة من خلال اعتقال السيد عدنان حاجي و ملاحقة مجموعة من رفاقه النقابيين و الحال أنهم بذلوا كل ما في الوسع لتجنيب الحركة الاحتجاجية منزلق العنف و تمسكوا بالسبل السلمية و الحضارية في التعبير عن الرأي و فاوضوا السلط باسم الأهالي، ويهم اللجنة التأكيد على ما يلي: ـ الإعلان عن المساندة المبدئية لأهالي الحوض المنجمي و مطالبهم المشروعة و التأكيد على شرعية الاحتجاج السلمي و الحضاري من أجل الحق في الشغل و الحياة الكريمة. ـ إدانة المعالجة الأمنية في ضوء استعداد ممثلي الحركة الاحتجاجية للتفاوض في المواضيع المطروحة. ـ المطالبة بإطلاق سراح كل الموقوفين على خلفية الاحتجاج و إيقاف التتبع القضائي و الأمني ضد الملاحقين في كامل منطقة الحوض المنجمي. ـ فتح تحقيق مستقل حول كل الانتهاكات المسجلة (وفاة الشابين ـ استعمال الذخيرة الحية ـ الجرحى ـ حالات التعذيب ـ المداهمات ـ خلع المحلات التجارية و الاعتداء على أملاك الغير) ـ رفع الحصار الأمني على كامل منطقة الحوض المنجمي و إيقاف ترهيب الأهالي. ـ الشروع في التفاوض حول القضايا المطروحة و في مقدمتها الحق في الشغل و الحياة الكريمة مع الممثلين الحقيقيين للأهالي.   عن اللجنة المنسق محمد الهادي حمدة


 

بدر السلام الطرابلسي: توضيح رسمي: بعد ملاحظات د. أبو يعرب المرزوقي

 
 
 
هيئة تحرير تونس نيوز السلام عليكم أرجو أن تتفضلوا بنشر هذين النصين لرفع الالتباس وسؤ الفهم الذي أحدثته عبارة جاءت في مقال نشر على صفحات نشريتكم المحترمة بتاريخ 22 جوان 2008 تحت عنوان  » في تونس .. مواجهة جدلية بين أبو يعرب المرزوقي وحسن حنفي الفكران الفلسفي والديني وتحديات اللحظة الراهنة  » والمأخوذ عن موقع آرام نيوز اللندني بتاريخ   20 جوان 2008 وتتمثل في تساؤل طرح في آخر المقال كالآتي  » الدكتور أبو يعرب المرزوقي يرى في العلمانيين زمرة من الملاحدة المغتربين عن عقيدتهم وثقافتهم وتاريخهم  » وكذلك  » وأخيرا هل أن إقصاء الآخر وتكفيره يمكن أن يحسسنا بالرضاء عن النفس ويقدم لنا حلولا لمختلف مشاكلنا السياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها كثير.. »  وقد أثارت هذه العبارة حفيضة واحتجاج المفكر التونسي أبو يعرب المرزوقي حيث اعتبارها استنتاجا في غير محله وخطأ في المتابعة لكلامه في المناظرة: وفيما يلي نص الرسالة التي بعثها لي الدكتور أبو يعرب أنقلها لكم بكل أمانة:  » الأخ بدر السلام قرأت تلخيص للمناظرة فعجبت مما نقلته  فهل سمعتنى أصف العلمانيين بأنهم كفار أم إنك خلطت بين قولي إن المشكل هو أن الإسلامي يعتبر العلماني كافرا فيجعل ذلك عقببة من عقبات الواقع والعلماني يعتبر الإسلامي حجرة عثرة في السبيل التقدم فيصبح الصراع بينهما هو أهم تحديات الواقع؟ فإذا كانت قد خلطت الأمرين فجعلت وصفي لما يجري بين الصفين موقفا شخصيا فها أنا أبنهك إلى أن ذلك ليس موقفي وهو ما يستوجب أن تصحح ما نشرته للأمانة الصحفية أما إذا كنت تريد أن تزيف الحقيقة ولست أمينا في نقل ما حدث فإني أتساءل عن أخلاق الصحافية ما حالها والسلام أبو يعر ب المرزوقي  » وهذا نص الرد التصحيحي لما ورد من خطأ غير متعمد  » لقد أوردت كاستناج استفهامي في آخر المتابعة للمناظرة الفكرية بينكم وبين الدكتور حسن حنفي عبارة فحواه أنكم تعتبرون العلمانيين  زمرة من الملاحدة المغتربين عن عقيدتهم وثقافتهم وتاريخهم وقد اعتبرتموها في غير سياقها وبأنها تدخل في سياق التحليل الموضوعي لموقف الاسلامييين من العلمانيين وبأنها ليست بموقف شخصي فوجب الاعتذار والتصحيح احتراما للأخلاقيات الصحافية.. » شكرا لكم على نشر هذه الرسالة التوضيحية ودمتم منبرا للفكر الحر والمتعدد مع جزيل الشكر والاحترام.. بدر السلام الطرابلسي


 

رسالة خطية من الرئيس بن علي إلى أمير دولة قطر

 

 
تونس (وات)  استقبل السيد محمد النوري الجويني وزير التنمية والتعاون الدولي المبعوث الخاص للرئيس زين العابدين بن علي  امس الاثنين  من قبل صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني أمير دولة قطر.  ونقل الوزير خلال هذا اللقاء الى صاحب السمو تحيات رئيس الجمهورية الاخوية ومشاعر مودته وتقديره.   كما أبلغ السيد محمد النوري الجويني أمير دولة قطر رسالة خطية من سيادة الرئيس تتعلق بتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين والتشاور حول مختلف المسائل ذات الاهتمام المشترك.   وحمل صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني  بالمناسبة وزير التنمية والتعاون الدولي مشاعر أخوته وتقديره الكبير الى أخيه الرئيس زين العابدين بن علي مشيدا بما تشهده العلاقات الثنائية من تطور ومؤكدا حرصه على مزيد الارتقاء بها الى أفضل المراتب بما يخدم مصلحة البلدين الشقيقين.   المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 24 جوان 2008

وزير البترول السعودي يبحث احتياجات تونس من المواد الاولية

 

 
تونس – 24 – 6 (كونا) — بحث وزير البترول والثروة المعدنية السعودي المهندس علي بن ابراهيم النعيمي مع رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي هنا اليوم احتياجات تونس من المواد الاولية لا سيما في القطاع الصناعي. جاء ذلك خلال استقبال الغنوشي للوزير النعيمي الذي يزور تونس حاليا على رأس وفد نفطي. وقال النعيمي في تصريح للصحافيين عقب اللقاء انه استعرض اوضاع السوق العالمية للنفط وتطور مستوى اسعار المحروقات واسعار المواد الاولية مشيرا الى بحث احتياجات تونس من هذه المواد لا سيما في القطاع الصناعي. واضاف ان اللقاء تناول الامكانات المتاحة للتعاون في مجال البحث العلمي وتبادل الباحثين مع التركيز على العناية بالعنصر البشري في البلدين. (النهاية) ج خ / ر ج كونا241629 جمت يون 08     المصدر: وكالة الانباء الكويتية بتاريخ 24 جوان 2008


 
مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات  ومؤسسة كونراد أديناور بتونس المؤتمر الخامس والعشرين لمنتدى الفكر المعاصر حول: الجامعات والباحثون العرب بين حرية الإبداع وممارسات الرقابة

19-20-21 جوان/حزيران 2008 * * * البيان الختامي

 
بدعوة من مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات وبالشراكة العلمية مع مؤسسة كونراد أديناور إلتأم شمل المؤتمر الخامس والعشرين لمنتدى الفكر المعاصر بتاريخ 19 و20 و21 جوان/حزيران 2008 حول : الجامعات والباحثون العرب بين حرية الإبداع وممارسات الرقابة وأثناء حفل الافتتاح ألقى كل من البروفيسور عبد الجليل التميمي كلمته بالعربية والفرنسية ثم تدخل السيد توماس شيلر, الممثل الاقليمي لمؤسسة كونراد اديناور فألقى كلمة بالمناسبة ثم ألقى د. محمد صالح العمري كلمة باسم المشاركين في المؤتمر, وبعدها ألقى سعادة سفير ألمانيا السيد Horst-Wolfram Kerll كلمة حيّا فيها المؤتمر والمشاركين وكان ذلك بحضور سعادة السفير : عبد الوهاب الصاوي, سفير السودان. كما حضر سعادة د. نجيب زروال وارثي, سفير المملكة المغربية, مداولات المؤتمر وشارك في النقاش. وهناك ممثلون عن سفارات الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية وفلسطين وبلغاريا وفنلندا واللجنة الأوربية بتونس,. هذا وحضر حفل الافتتاح بعض الوزراء السابقين وعدد هام من الجامعيين وخاصة منهم الشبان ممن ينتمون إلى اختصاصات مختلفة إلى جانب عدد من المحامين والأطباء ورجال الصحافة, وجميعهم من الدول التالية : تونس, الجزائر, سوريا, لبنان, ليبيا, فلسطين, العراق، المغرب الأقصى, موريتانيا, فرنسا, الولايات المتحدة الأمريكية. وخلال ثماني جلسات علمية قدمت 23 محاضرة استهلت بمحاضرة مفتاحية قدمها الأستاذ د. امحمد مالكي حول الحريات الأكاديمية في الجامعات المغاربية, واشتمل المؤتمر على محاور متنوعة, استحال التوقف عند كل واحدة منها, إلا أننا نوجز أهم الأفكار والإشكاليات التي تم طرحها : – إن الحريات الأكاديمية في الجامعات المغاربية تشكو من النقص الواضح في النصوص التشريعية والبيئة العامة التي تشتغل في سياقه الجامعات المغاربية الموسومة بضعف الحكامة العلمية الجيدة وهشاشة الاستقلالية, ومحدودية حرية الابتكار والاجتهاد والابداع الفردي والجماعي. – إن الرقابة على الإبداع تتلبس بالعديد من الحجج الواهية والمتناقضة أصلا وتؤكد جميعها على مدى هيمنة الأساليب التقليدية على كل وسائل الإشعاع بما يعطل تحقيق وتنمية بلداننا وتعزيز طاقات أبنائها الإبداعية. – إن النسق السياسي العربي يتجه إلى الحد من الحريات الأكاديمية ورفض استقلال الجامعات ومراكز البحوث, وهو ما أثر سلبا على نوعية الإنتاج الفكري النقدي في عالمنا العربي, الأمر الذي يتطلب إقرار حرية التعبير لا سيما في المؤسسات الجامعية والبحثية العلمية, باعتبارها شرطا لا غنى عنه للعمل الأكاديمي والإبداعي. – إن الاجتهادات الفكرية الحرة والبناءة, وجب أن تحتل الصدارة في أي استشراف حقيقي لمستقبل الإنسان العربي, ذلك أن تداعيات الرقابة الشخصية أو السلطوية, كانت مدمرة على حرية الإبداع الفكري. – إن من سلبيات التعليم الجامعي العربي محاولة فصل الدراسات الإنسانية عن العلوم التطبيقية, وقد ترتب عليه اختلال التوازن الفكري والثقافي في المجتمع, في حين وجب إحداث انسجام بين العنصرين المادي والروحي. – إن جامعاتنا في كل التخصصات, في وضعية لا تنسجم مع الحد الأدنى من التطور العالمي الهائل, إذ تحكمت فيها البيروقراطية والروتين والذهنية السلطوية وانعدمت فيها مختبرات بحثية حقيقية لتوليد الإبداع الحق, ثم أنها لا تتمتع بميزانيات لائقة للبحث العلمي وفضلا عن ذلك, فهي طاردة للباحثين الشبان ممن يمكن التعويل عليهم من أجل تبني أجندة عقلانية ومدروسة للتنمية الشاملة لشعوبنا. – إن دور القضاء في حماية الباحث الجامعي ضروري لا سيما من خلال التطرق للحق في التعليم الجامعي, من خلال التعرض للحالات التي نظر فيها القضاء بالمغرب, مثل : الحق في الالتحاق بالجامعة كمدرس, الحق في الأستاذية من المزايا التي يوفرها الدبلوم الجامعي وأخيرا حق الأستاذ الباحث في الترقية. – حتمية دعم الحوار في فضاءات البحث الدولية حول حماية القيم والمبادئ وتنظيم علاقات الباحثين مع مؤسسات المجتمع لحسن استخدام المعلومات العلمية ووضع مدونة للسلوك المسؤول والانخراط في الحركات الدولية المنادية بتسهيل الدخول الحر للمعلومات. – إن إنشاء جامعة باريس الثامنة بعد الأحداث الطلابية لسنة 1968, جعلها تعد تجربة غير مسبوقة أصلا في تاريخ التعليم العالي الفرنسي وقد مورست الرقابة فيها ولكن بطرق بارعة وخفية وبرز فيها متخصصون على المستوى الدولي قاموا بإصلاحات جوهرية متأنية, واهتموا أساسا بالمغرب العربي. – إن الدراسات عن العالم العربي والإسلامي بالجامعات الأمريكية والأوربية, تمحورت حول مسائل هامة ودقيقة مثل : التوسع والأقصدة والأثننة والأمننة والمراجعة وتناولت : *تصاعد نسق وأساليب مراقبة البحث والباحثين المهتمين بالعالم العربي-الإسلامي. * ربط البحث بالوازع الأمني والسياسي داخل هذه الفضاءات مع التأكيد أننا نسجل وجود باحثين نزهاء يتحدون هذه التوجهات داخل الولايات المتحدة وأوربا. * تزايد الدعم المالي العربي للمراكز والجامعات الأورو-أمريكية, وليس هناك أي دراسة لتقييم هذا الدعم وتأثيره في مسارات المعرفة والبحث العلمي عن العالم العربي وأن بعض الجامعات العربية بباحثة في وضعية متدنية وبائسة جدا وغيبوبة معرفية. – معاناة المؤسسات الجامعية المغاربية والعربية وعجزها عن تحقيق والاعتراف بها كمرجعية ثابتة ومتجددة. – وجب أن يعمل الباحثون العرب والجامعات العربية على تأمين فلسفة تربوية متقدمة تحترم فيها القواسم الإنسانية المشتركة من اعتدال ووسطية وتسامح وعقلانية وتعددية واعتراف بالآخر وغيرها من أساسيات ميثاق الشرف الجامعي. – لقد خلص المشاركون في المؤتمر إلى المطالبة بتأمين الحرية العلمية للجامعيين واحترام تطلعاتهم الأساسية, لممارسة ديمقراطية فاعلة وبناءة تأخذ بالاعتبار المستجدات التكنولوجية التي فرضت على العالم قوانين جديدة وأحدثت إصلاحات جذرية على الجامعة باعتبارها حاضنة التقدم ومخبرا للتنمية وتكوين الإنسان الجديد, بما يساعد في علاقة إيجابية بين الأستاذ والباحث من جهة وبين الطلبة والإدارة من جهة أخرى. لقد جرت حوارات ونقاشات عميقة جدّا ورفيعة المستوى في مناخ من الحرية العلمية والمسؤولية بما أضفى على المؤتمر قيمة علمية استثنائية, وكان وراء ارتياح المشاركين وتقديرهم العالي للدور البناء الذي تؤديه هذه المؤسسة الأكاديمية المستقلة، بعيدا عن منطق الولاء والاعتباط لتشكل بحق أحد المنابر الفكرية العربية والدولية الفاعلة والجريئة للدفاع عن حرمة الجامعة والجامعيين العرب, حيث أن الجامعات والمراكز الرسمية لا تجرؤ على تناول بعض هذه الملفات الدقيقة جدّا في مصيريتنا وواقعنا البحثي والذي لا يزن شيئا في الميزان الدولي. واستكمالا لهذه السلسلة من المؤتمرات العلمية حول الرقابة، وبعد نقاش مستفيض، دعا المشاركون إلى عقد المؤتمر السابع خلال السنة القادمة حول : آليات الدراسات في الجامعات والمراكز الأمريكية والأوربية عن العالم العربي والإسلامي : الحيثيات والاستشرافات. كما أن المؤتمرين أقروا تنظيم مؤتمر ثان في جانفي 2009 حول : اقتصاد المعرفة والرؤى الاستشرافية لمستقبل البحث العلمي في الوطن العربي. وقد استمع المؤتمر إلى محاضرة مستفيضة عن تجربة المفكر العراقي الدكتور عبد الحسين شعبان, كجزء من الذاكرة العربية التي اعتادت مؤسسة التميمي أن تسجلها لكبار الشخصيات الفكرية والثقافية, وذلك بالارتباط ما بين الروافد الروحية والتكوينية ومن المساهمة في رفد العملية على الصعيد الوطني والقومي. وفي الختام يتقدم المشاركون بتقديرهم العالي لمؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات للتنظيم الجيد والناجع لسير أعمال المؤتمر. كما ينتهزون الفرصة لشكر مؤسسة كونراد أديناور وممثلها الإقليمي بالمغرب العربي السيد توماس شيلر الذي بحكم التزامه المبدئي بقضايا المغرب العربي, أبدى استعدادا للمساهمة في دعم مسارات الحوار بين الباحثين والجامعيين خدمة لتعميق الشراكة الأورو-مغاربية والأورو-عربية، وهذا المؤتمر يعد احدى النتائج الباهرة لهذه الشراكة الهادفة. كما يهتبل المشاركون المناسبة للتنويه عاليا بمبادرة مؤسسة التميمي لللبحث العلمي والمعلومات وبدعم من مؤسسة إديناور بنشر أعمال المؤتمرين الثاني والثالث حول : الرقابة الفكرية وتداعيات العولمة في البلاد العربية، 360ص، والذي ظهر قبل يومين فقط من المؤتمر، وهذا ما يعكس الجو المتفائل الذي تشهده تونس اثر إلغاء الرقابة على المطبوعات خلال السنة الماضية, وتم ذلك بعد قرار رئيس الجمهورية في خطابه في الذكرى العشرين للسابع من نوفمبر, وهو ما ثمنه الجميع بتونس والمغرب والمشرق العربي باعتباره أحد القرارات التاريخية البارزة والتي أصبح يتمتع بها الباحثون في تونس. (المصدر: مراسلة وزعتها مؤسسة التميمي بتونس يوم 23 جوان 2008)


 
 
 حـــــــــــــــــــــــــــرارة  
 
قريبا تعقد نقابة الصحافيين التونسيين جلسة عامة.. ويُتوقّع أن تكون أشغالها جدّا هامة. بل ويشير بعض المتابعين أنّ الجلسة ستكون ساخنة… ذلك أنّ بعض المشاكل تعفّنت حتى صارت ناتنة! على كلّ حال نتمنّى أن تمرّ الجلسة «لا بأس»… وأن لا تطلع الحرارة في القاعدين في القاعة إلى الرأس! محمد قلبي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 جوان 2008


محمد شمام يبعث برسالة إلى كل محبي الحرية

  حتى لا يشوش على الواجب الشرعي – الحلقة العاشرة رسالتي إلى كل محبي الحرية  

 
تمهيد:  كانت الحلقات (7 و8 و9) السابقة في هذه السلسلة في موضوع التوبة والاعتذار، حيث أعلنتُ في الأولى منها توبتي إلى الله واعتذاري إلى المتضررين ، ودعوت في الثانية حركة النهضة إلى التوبة والتصحيح ، ودعوت في الثالثة منها التونسيين إلى التوبة والرجوع إلى ربهم قبل أن يفاجئهم الموت فيرحلوا كما رحل من كانوا معنا.   يبدو أن حلقات التوبة هذه وخاصة منها الحلقة السابعة قد استفزت أخانا العزيز حمزة حمزة، فكانت منه الرسالة الكريمة التي نشرها عبر الإنترنيت يوم 22 جوان 2008 فجازاه الله خيرا .   وتفاعلا مع هذه الرسالة كانت هذه الحلقة العاشرة في هذه السلسلة، مقدّرا أنها ستزيد وضوحا ما كتبته في موضوعها بإذن الله تعالى ، وسيكون ذلك وفق الفقرات التالية:   أ – شكرا لك يا أخي حمزة ب – حاجة الحرية إلى أن تؤسَّس على الحق وإلى أن يكون الحق إطارها وهدفها ج – يمثل ويحقق الحق والدعوة إليه الحرية الأشمل والأعمق من الدنيا وطواغيتها د – غدا الإصلاح والتصحيح ضرورة والمدخل لهما هو النقد والتقويم والتوبة والتصحيح هـ – ليس المقام هنا هو مقام بيان للحقيقة ولكن المقام مقام التغيير والإصلاح والتجديد و – نفسك أيها التونسي أولى بالتوبة ز – لمَ لا يتخذ التونسيون  » تبت إلى الله تعالى » شعارا للمرحلة ؟   1 – شكرا لك يا أخي حمزة   ما أردت أن تبلغه يا أخي حمزة قد وصل، فرسالتك في جملتها وروحها رسالة مناضل سياسي صامد، قد حنكته تجارب الماضي، ومصر على تحقيق أهدافه كما عبرتْ عليها آخر فقرة من رسالتك :    ( فلنواصل الطريق نحو مجتمع حر وأبي  في خيار التنمية السياسية و البشرية الصحيحة وعلى رأس أهدافنا العفو التشريعي العام و حرية التنظم و حرية التعبير و حق التداول على السلطة لكل مواطن يأنس في نفسه قدرة على خدمة هذا المجتمع العزيز المسالم.)   فشكرا لك وجازاك الله خيرا.   2 – حاجة الحرية إلى أن تؤسَّس على الحق وإلى أن يكون الحق إطارها وهدفها   إلا أنه مثل هذا العمل، ومثل هذا النضال وكل جهود التونسيين تحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى إلى أن تؤسَّس على الحق ، وأن توضع في إطار هذا الحق، وأن يكون الهدف منها الحق .    ليس خافيا ما كان يعيشه بنو إسرائيل تحت سلطان فرعون، ولذلك كانت رسالة موسى عليه السلام رسالة تحريرية ، إلا أنها كانت رسالة تحرير جعلت الحق أساسها وإطارها وهدفها . كذلك أُمِر موسى ، وكذلك أدى رسالته والتزمها طول حياته.   قال تعالى : {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (20) فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى (26) } (سورة النازعات).   لقد أفرد هذا المقطع القرآني الدعوة إلى الحق بالذكر ، وما كان موقف فرعون منه ، وما كان مآله.   وقال تعالى : { اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى (48) } (سورة طه) .   وأما هذا المقطع القرآني فقد أورد الإثنين معا، ذكر الحق أولا ، ثم ثنى بمطلب تحرير بني اسرائيل .   3 –  يمثل ويحقق الحق والدعوة إليه الحرية الأشمل والأعمق من الدنيا وطواغيتها:    ولا يمثل الحق والدعوة إليه فقط الأساس والإطار والهدف – حسب مطلب الدين والشرع – للحرية ، بل يمثل ويحقق أيضا الحرية الأشمل والأعمق من الدنيا وشهواتها، ومن البشر وضغوطاتهم، ومن الأوضاع وإكراهاتها. إن مثل هذه الحرية هي – من المنظور الإسلامي – أساس ومرتكز وإطار وهدف الحرية كما هي مطروحة في العمل السياسي . ومن دونها تغدو الحرية شكلية فاقدة للروح والحياة، منزوعة القوة والفاعلية، غير مأمونة أن تنزلق انزلاقات الحريات الغربية.   4 – غدا الإصلاح والتصحيح ضرورة والمدخل لهما هو النقد والتقويم والتوبة والتصحيح   إن الواقع التونسي الآن يطرح الحرية والتحرر من غير أساس وإطار وهدف الحق، ومجرد عن أساس وإطار وهدف ذلك التحرر الأشمل والأعمق . وهذا نقص خطير كانت له مضاعفاته على الواقع التونسي حتى طال حركة النهضة الحاملة للمشروع الإسلامي ، وهذا هو الأخطر. وبهذا لم يعد الوضع قابلا للاستمرار، وغدا الإصلاح والتصحيح ضرورة . والمدخل لمثل ذلك هو النقد والتقويم والتوبة والتصحيح.   صحيح أن  » الوضع الآن – كما ذكر الأخ حمزة – لا يسمح بتقييم المرحلة إلا بما يدفع نحو استشراف المستقبل وتجاوز السلبيات و الاستنهاض بالهمم لترتقي نحو الانعتاق و التحرر » ، ولكن لا بد من الجرأة في طرح القدر الضروري من ذلك ، وذلك ما قمت به فيما يتعلق بي ، وما دعوت أن تقوم به حركة النهضة فيما يتعلق بها، وما دعوت إليه التونسيين جميعا فيما يتعلق بهم .   5 – ليس المقام هنا هو مقام بيان للحقيقة ولكن المقام مقام التغيير والإصلاح والتجديد:   وليس المقام هنا هو مقام بيان للحقيقة ومقام المحاسبة كما يعبر عليها الأخ حمزة  » أستاذ محمد من أولى بالتوبة والبكاء على شناعة ما اقترف الذين ذبحوا و عذبوا…… و من أولى بالتوبة … الذين تولوا عن تحمل المسؤولية بعد القرارات …. »، ولكن المقام مقام التغيير والإصلاح والتجديد الذي ينبغي أن نبدأ فيه بأنفسنا وذواتنا ، لأن ذلك هو منطلق التغيير الحقيقي كما بينه المولى سبحانه وتعالى وكما هو معروف في علم الاجتماع ، قال تعالى : » إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم » . وهذا من المقاصد الأساسية – مع مقاصد أخرى –  من مبادرتي حيث أردت أن أبادر إلى تطبيق هذه القاعدة وأن أجعلها مطروحة على حركة النهضة وعلى التونسيين جميعا.   6 – نفسك أيها التونسي أولى بالتوبة   وبعد هذا كله ، أعود إلى رسالتك الكريمة يا أخي حمزة ، وإلى ما عنونتَها به ، وهو عنوان معبر  » من الأولى بالتوبة … ؟  » . والجواب عنه هو مقصد أساسي آخر مما نشرت من حلقات سابقة ، قد يكفي فيه استحضار بعض المشاهد التي سيعيشها ويشهدها جميع التونسيين وجميع الناس.   قال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)} (سورة الحج).   وقال تعالى : {كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30) فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31) وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35) أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى (36)} (سورة القيامة)   وقال تعالى : {  لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ (4) بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (5) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6) فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) كَلَّا لَا وَزَرَ (11) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15)} (سورة القيامة)   وقال تعالى : { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ (18) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ (29)} (سورة الحاقة)   لماذا لا نُذكّر بعضنا بعضا بمثل هذه المشاهد ؟ أم أنها هي خاصة بخويْصة كل واحد منا ، وخاصة بالمساجد والزويا والتكايا…؟ لا شك أن هذا غلط ، وأنه سجن لأكبرالحقائق التي ينبغي أن تكون حاضرة باستمرار في حياتنا وحياة التونسيين جميعا ، وينبغي أن يتحدث بها الناس جميعا السياسيين وغير السياسيين ، كما وجهنا نبينا صلى الله عليه وسلم حيث قال:  » أكثروا ذكر هادم اللذات : الموت  » . وغياب ذكر هذه المعاني هي من أكبر المصائب التي تصيب الأفراد والجماعات والمجتمعات.   7 – لمَ لا يتخذ التونسيون « تبت إلى الله تعالى » شعارا للمرحلة ؟   يقول منافح المسجد الأقصى الشيخ رائد صلاح كما نشرت الحوار نت :   ( تبت إلى الله تعالى ) جملة مباركة ، ثقيلة في ميزان الله تعالى ، قد قالها اقوام بعد ان كادوا ان يهلكوا ، فنقلتهم من حال إلى حال ، نقلتهم من الظلمات إلى النور ، ومن الضلال إلى الهدى ، ومن الشقاء إلى السعادة .    فهذا الفضيل بن عياض رحمه الله كان في أول أمره لصا يقتحم البيوت ، فقال صادقا ( تبت إلى الله تعالى ) ، فنقلته هذه الجملة من سارق الليل الفضيل إلى قائم الليل الفضيل .   وهذه رابعة العدوية رحمها الله تعالى كانت في اول أمرها مطربة القصور ، فقالت صادقة ( تبت إلى الله تعالى ) ، فنقلتها هذه الجملة من مطربة القصور رابعة إلى عابدة الرب الغفور رابعة .   وهذا ابراهيم بن الأدهم كان في أول امره صائد غزلان وطويل الغفلة والعصيان ، فقال صادقا ( تبت إلى الله تعالى ) ، فنقلته هذه الجملة من صائد غزلان وعصيان إلى عابد للرحمن ومحارب للشيطان.    وهناك الكثير الكثير الذين نقلتهم هذه الجملة – لمّا صدقوا بقولها – من حال إلى حال. (انتهى كلام الشيخ صلاح)    فيا أيها التونسيون ، ويا أيها التونسيات ، فرصة التوبة الى الله تعالى والنطق بصدق ( تبت الى الله تعالى ) متاحة لكم جميعا مهما سبق منكم من أفاعيل. واعلموا ان مثل هذه التوبة فرض عليكم، فلماذا نتعامل معها وكأنها مستحبة ومندوبة ، من أداها فحسن ، ومن لم يؤدها فلا تثريب عليه ؟ ولماذا نتعامل معها وكأن الموت لا يأتي بغتة ولا يسأذن ولا يمهل أحدا ؟   ولماذا نتعامل مع التوبة – وهذا أخطر مما سبق- وكأنها لا تعني الجماعات والأحزاب والحركات والمجتمع والسلطة والدولة . والأعجب في كل هذا أن تكون الحركة الإسلامية كحركة النهضة غافلة عن هذا الأمر مع الغافلين ، مع الأسف الشديد ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.   إن مثل هذه الغفلة العامة لدى التونسيين – خاصة لدى المجتمع السياسي – عن هذه التوبة, تجعلها أمرا ضروريا لعلاج الواقع التونسي, ومدخلا لتغييره وتطويره والنهوض به, الأمر الذي يدعو  إلى اتخاذ التوبة شعارا للمرحلة . فهل في مقدورنا – وخاصة حركة النهضة – أن نفعلها ونرقى بأنفسنا إلى خيريتها كما بين الرسول صلى الله علية وسلم في قوله <<كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون>> ؟   ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم ، والصالحون من بعدهم في هذه الأمة ، يحضون الناس على الاسراع بالتوبة ، لا بل على استحضار التوبة في كل حين ، قال سلمان رضي الله عنه :  » اذا أسأتَ سيئة في سريرة فاحسن حسنة في سريرة ، واذا أسأتَ سيئة في علانية فاحسن حسنة في علانية لكي تكون هذه بهذه .  » … وقال ابن مسعود رضي الله عنه :  » ان المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف ان يقع عليه ، وان الفاجر يرى ذنوبه كذباب طار على انفه ، فقال به هكذا وهكذا  » .   فيا اهلنا اجيبوا داعي الله تعالى وتوبوا اليه وسارعوا ولا تتأخروا حتى لا يكون الموت اسرع إليكم منكم الى التوبة، وعندها الندم الذي لا يُجدي ، والحسرة المرة الابدية والخسران المبين ، يقول الله تعالى : (وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين .)  (الشيخ رائد صلاح بتصرف)   بقلم محمد شمام للاتصال بي في موضوع هذه الحلقات أوغيرها :  العنوان البريدي : mohacham@gawab.com الهاتف النقال : 0046736309986   وإلى الحلقة القادمة إن شاء الله وهو الهادي إلى سواء السبيل   والسلام  عليكم ورحمة الله وبركاته 


 
 

يحدث في كلية العلوم الاقتصادية و التصرف بنابل  أستاذة جامعية تطرد طالبة من قاعة الامتحان بحجّة أنّ ذراعيها مكشوفين !

 

 
            بحكم متابعتي عن كثب للأوضاع في كليتي القديمة ، كلية العلوم الاقتصادية و التصرف بنابل ، و في المؤسسات الجامعية المجاورة لها عاينت عن قرب ، على الأقلّ في السنوات القليلة الماضية ، عدم مطابقة الوضع داخلها لما يروّج له الخطاب الدينيّ المتطرّف و الموظّف سياسيّا حول مضايقة الطالبات المحجّبات عند دخول المؤسسات أو أيام الامتحانات.      و فعلا يكفي إلقاء نظرة عابرة على أبواب الكلية ، عند الدخول صباحا أو عند الانصراف مساءا ، لإثبات زيف تلك الإدعاءات و مجانبتها للحقيقة. أمّا إذا تفحّصنا الوقائع فسيتّضح لنا نموّ و تطوّر عدد الطالبات المحجّبات بسرعة في هذه الكلية و انتشار الظاهرة بكثرة بين عاملات و موظفات الكلية. أمّا ما ميّز هذه السنة فقد كان انتشار ظاهرة الحجاب الكامل أو الخمار الفضفاض ذي المعاني الدينيّة المتطرّفة بين المدرسات مع كلّ ما يعنيه ذلك من خطورة التأثير بصورة غير مباشرة على الطالبات نظرا للتأثير المعنوي و الرمزي الذي تتمتّع به مدرساتنا الفاضلات عند طالبات أغلبهنّ في سنّ حرجة.     كما أنّ المعاينة المباشرة من طرف بعض الطلبة ، في بعض الأحيان و ما يتردّد على لسان البعض الآخر فيهم ، في أحيان أخرى ، حول الخطاب المتزمّت و المسيّس و المتطرّف دينيّا الذي تلجؤ له بعض مدرساتنا مع الطلبة و الطالبات الذين يلازمونهم طوال ساعات التدريس جعلني أصل تدريجيّا إلى قناعة راسخة حول خطورة تلك الظاهرة و حول حتميّة انتشار الفكر المتطرّف داخل تلك الكلية. إلاّ أنّ تعاطفي العفوي و تعاطف العديد من الطلبة مع فكرة الحريّات الشّخصيّة و حريّة اللّباس ، في مرحلة أولى ، ثمّ خوف الطلبة من نفوذ تلك المدرسات ، في مرحلة ثانية ، شلّ حركتنا و منعنا من التعبير عن رأينا.     غير أنّ ما جدّ أخيرا ، و بالضّبط يوم السبت الموافق للحادي و العشرين من جوان 2008 صباحا، اتّخذ منحا خطيرا لا يمكن السكوت عنه إذ بات يهدّد بضرب القيم العقلانية فضلا عن حريّة التفكير و اللّباس عند الطالبات العاديات و المعتدلات. ذلك أنّ إحدى المدرسات المتديّنات أقدمت ، في سابقة خطيرة ، على طرد طالبة من قاعة الامتحان على مرأى و مسمع من زملائها بدعوى أنّ ذراعيها أو  » زنودها  » ، كما تقول ، مكشوفة و كالت لها الاتهامات و لم ترحم دموعها المسكوبة على خدّيها. و لم تغيّر مدرستنا المحترمة رأيها رغم محاولة إقناعها من طرف بعض الأساتذة إلاّ بعد أن أشفق أحد الأساتذة على الطالبة الضحيّة و تصرّف لكي يقدّم لها قميصا ارتدته حتّى ترضي أستاذتها الفاضلة و تمكّنها من ولوج قاعة الامتحان.    و إذ أحمد الله على أنّ أستاذتنا الشّديدة التطرّف دينيّا وقفت عند ذلك الحدّ و لم تشترط على طالبتها لبس خمار أسود و فضفاض على الطريقة الإيرانيّة فإنّني ، و أنا الذي كنت أتعاطف مع مثيلاتها ، أتساءل إلى أيّ حدّ يمكن لمثلها أن يسيء استعمال سلطته تجاه الطالبات و هل انتقلت وزارة التعليم العالي و التكنولوجيا بمقرّها إلى أفغانستان أو بلاد الطالبان حتّى تنتشر داخل مؤسساتها مثل هذه القيم في بلد الطاهر الحدّاد ؟ إنّني إذ أستنكف من التّحريض ضدّ أساتذتنا أو ضدّ حقّ الجميع في حريّة المعتقد و اللّباس إلاّ أنّني أطالب بوضع حدّ لمثل تلك التصرّفات الخطيرة و ردّ الإعتبار للعقلانية و لقيم التسامح و الاعتدال.            وليد حمام كاتب عام سابق فيدرالية كلية العلوم الاقتصادية و التصرف بنابل


 
انتفاضة الجوع في مناجم قفصة تتوسع إلى جهات أخرى

 

 
كما أعلنا في بياننا الأخير بتاريخ 9 جوان 2008 فإن أحداث الحوض المنجمي أخذت منحي خطيرا يهدد إستقرار البلاد إننا نحمل السلطة كل ما سيحدث في المستقبل. لقد أقرّت الحكومة سياسة المواجهة عوضا عن الحوار المباشر مع المواطنين و كما هاجمت قوات الأمن مدينة الريدف الصادمة و سقط عديد القتلى و الجرحى. و تم نهب منازل المواطنين و وقع الإعتداء علي النساء و الأطفال بدون هوادة و بروح إنتقاميّة و كادت هذه المداهمة الهمجية أن تفضي إلى كارثة جديدة لولا تدخل قوات الجيش.   و هاهي الإنتفاضة تتوسع إلى فريانة (ولاية القصرين) و تتواصل المواجهات بين الأهالي و الشباب من جهة و قوات الأمن (بوب و تدخل) و المليشيا و تبدأ المحاكمات السريعة. بعد مواجهة فريانة تمت إحالة 21 شاب موقوف و 8 فارين إلي المحاكم و صدرت أحكام بالسجن لمدة سنة ضد 5 منهم و أجلت أحكام البقية. مع العلم أن الأعمار تتراوح بين 19 و 21 سنة.   أمّا بالنسبة للمجموعة الثانية و التي تتكون من 11 شابا فبعد إطلاق سراح العديد منهم بقي أربعة من أصحاب الشهادات العليا العاطلين عن العمل ينتظرون التسريح بالحكم. هذا و لقد علمنا اليوم أنّ العديد من الشباب المناضلين و النشطين في الرديف مطاردين من طرف البوليس السياسي و من بينهم عدنان الحاجي و عادل جيار و بو جمعة شرايطي و قد وقع إيقافهم يوم الأحد 22 جوان.   إن هذه الأحداث الدامية و إصرار السلطة علي رفض الحوار يأكدان أن الحكومة و الحزب الحاكم (النائم في العسل) لم يستوعبوا الدرس.   إن سياسة الحكومة الإقتصادية اللامستدامة و المنحازة لقرارات المؤسسات الدولية المكرسة للعولمة، قد فشلت لأنها كرست الجهوية و الإقصاء الإجتماعي و الظلم و الفساد المالي و الإدا ري في الجهات الفقيرة. إن بيان المنظمة الشغيلة الأخير الصادر يوم 7 جوان بعد المواجهة الدامية في الرديف و إن لا يدين العدوان علي عائلات الشغالين و العاطلين فهو يؤكد خاصة أن « بعض المناطق الداخلية ظلت محرومة من الاستثمارات المشغلة و « ما يجعل النهوض بالمشاريع في الجهات المعنية مسؤولية الدولة من أجل تنمية مستديمة و عادلة ». كما أكد البيان أن « الحلول الأمنية لا يمكن لها أن تعالج التوترات الإجتماعية و لا سبيل للخروج من هذه الأزمة السياسية و الاقتصادية الحادة إلا بتوسيع الحوار ». هذا و لقد أكد الأمين العام للمنظمة الشغيلة في حديث سابق لمجلة تونسية نقلته جريدة الشعب (عدد 962/22 مارس 2008) أن « إهمال تونس الأعماق لفائدة الشريط الساحلي أصبح خطأ كبيرا »   ماذا فعلت نخبة الحزب الواحد منذ إندلاع الأزمة يوم 7 جانفي 2008؟ لا شيء؟العجز الكامل !!   و لقد علمنا أنه بعد « الدراسة العميقة » لحالات الضعفاء ستمنح الحكومة 2000 بطاقة علاج مجاني و 1000 منحة شيخوخة !! هذه هي حلول الحكومة !! لكن الأغرب أن وسائل الإعلام الرسمية التي تروج الحوار مع الشباب كسلعة تجارية تقترح علينا قيام  هذا الشباب بعث المشاريع و تلوح بمشاريع محدودة إقتصاديا و وهمية !!!   ماذا فعلت الحكومة طيلة 50 سنة للجهات الفقيرة و نحن نعلم أن « 80% من النسيج الصناعي و 90 % من المؤسسات السياحية موجودة في الشريط الساحلي ». كم أنفقت الحكومة منذ 50 سنة من أجل إقامة و بناء كل التركيبة التحتية لهذه المشاريع؟ و ماذا أنجزت للجهات الفقيرة؟ و هنا تكمن أسرار الأزمة و نحن نعتقد أن كل أجهزة الدولة و الطبقة السياسية في تونس تعرف هذه الحقيقة و تخاف من الإعلان عنها. ماذا أنفقت الحكومة (و نخبة الحزب الواحد) منذ 50 سنة من مداخيل شركة فسفاط قفصة علي الجهات الفقيرة؟ المواطنون عطشى في بير أم علي و بلخير و السند و الماء يخر بدون مراقبة في مساحات « القولف » « GOLF  »   عوضا عن مساحات القمح و الشعير و الأعلاف. أهذه التنمية المستدامة؟ الأموال تغمر في « البيطون »  « BETON »و التصحر بلغ 74% من الأراضي … و شحة المياه كادت أن تقضي علي الواحات. إن حزب « تونس الخضراء  » يطلب من الحكومة 1)    إطلاق صراح عدنان الحاجي و بقية النشطاء بشير العبيدي، الطيب بن عثمان و عادل جيار و كل الموقوفين من الشباب. 2)    إيجاد الحلول لتشغيل الشباب العاطل عن العمل و أصحاب الشهادات ورصد كل الإمكانيات المالية لذلك. 3)    فتح حوار حقيقي و جاد مع كل مكونات المجتمع المدني و تمكين حزب « تونس الخضراء » و كل الأحزاب المدنية الغير معترف بها من العمل القانوني لكي تساهم في هذا الحوار.
 
 تونس 24 جوان 2008  
المنسق العام حزب « تونس الخضراء  » عبد القادر الزيتوني عضو الحزب الخضر الأوروبي عضو الفيدرالية الإفريقية للخضر عضو « Global Greens » الهاتف الجــــوال : 00216 98 510 596 البريد الالكتروني :  Tunisie.verte@gmail.com هاتــــف/فاكــــس : 00216 71 750 907  


همـــــــــــــــوم قفصيّة  
 
كتبها عبدالحميد العدّاسي:   لمّا قرأت ما كتبه النفطي حولة وإسماعيل دبارة وغسّان الماجري وغيرهم من أصحاب الأقلام المنحازة إلى أهل تونس عمّا يجري في منطقة الحوض المنجمي وخاصّة في مدينة الرّديّف الجريحة النازفة المحاصرة، قفز إلى ذهني ما نبّهت إليه بلقيس حاكمة سبأ بقولها الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: « إنّ الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلهآ أذلة » والذي أيّده الله  سبحانه وتعالى بقوله: « وكذلك يفعلون »، فمَلك تونس، وهو يدخل قرية من قراه التي حاولت أن تجعل منه – بتنبيهه إلى بعض الخلل – خادما للخير والعدل والإعمار، يصدّق قول بلقيس بالعمل. فيهبّ في « القرية » معربدا، وقد أطلق أيادي « عناصر الأمن » تكسر الأقفال وتخلع الأبواب وتنهب ما تبقّى من ممتلكات النّاس في دكاكينهم المتواضعة المفتقرة أصلا إلى الكثير من الموادّ الضرورية لسير الحياة، والتي حرموها نتيجة السياسات المائلة عن الحقّ.   وقد ساءني أن أجد اتّفاقا بين الكتبة يحكي عن عدم حياديّة الجيش « الوطني » الذي بشّر عند مباشرته المهمّة بإمكانيّة إنقاذ الوضعيّة بـ »القرية »، غير أنّه سرعان ما انقلب على أعقابه فأمست مهمّته مجرّد « ترويض المواطنين وتهيئة الظروف المناسبة لتدخل البوليس »، تماما كما فعل قائده الأعلى لمّا روّض التونسيين جميعا بالحديث عن الديمقراطيّة و »لا ظلم بعد اليوم » و »لا مكان لرئاسة مدى الحياة » و »أنّهم قد بلغوا مستوى من الوعي » يؤهّلهم إلى أن يُعاملوا معاملة تليق بهم… فهذا المرؤوس كذاك الرّئيس، والنّاس على دين ملوكهم كما يُقال… (*)   الجديد في تدخّل الجيش هذه المرّة هي التغيّرات التي أحدثها « التغيير » في المجتمع، فقد وقعت تصفية صفوفه مِن كلّ مَن له مقدار من رُنوّ إلى قيمة إنسانيّة مَا، وهو ما يفسّر قبوله، بإشارة بنان، أن يكون خادما لجهاز البوليس الفاسد… لقد كان الجيش في السابق في عهد بورقيبة (والأحداث السابقة كلّها قد وقعت في عهد بورقيبة)، يتمتّع – رغم ضعفه والاحتقار الذي يُعامَل به – بقدر من الشهامة والوطنيّة (**) يمنعه من أن يكون خادما للظلم المطبق، فيجتهد أفرادُه – كما بيّنت سابقا – في تنوير المواطن لثنيه عن التورّط فيما يُرديه. كما كان يمتنع بوضوح كبير، كما وقع في بعض الجهات عند أحداث الخبز، عن خدمة البوليس الفاسد، وكان يصرّ على إبعاده من الميدان الصاخب حتّى قبل بدء العمل…   ساعد هذا الجيش الفاقد للمصداقيّة إذن في الحصار ومكّن البوليس والقوّادة من الرتع في « القرية » لجعل أهلها أذلّة كما أراد المَلِك الغازي، ما جعل رموز الحركة الاحتجاجيّة السلميّة يقعون في الأسر وما دفع الكثير من الشباب إلى الالتحاق بالجبال هروبا بأجسادهم المثخنة. وسوف تشهد الأيّام القريبة القادمة – إن لم يرعو الملك الغازي – حديثا عن عصابات خارجة عن القانون اتّخذت الجبل منطلقا لها بدل أن تجلس بتقدّميّة إلى موائد الحوار الفعّال الذي أرساه المَلِك الغازي وخصّص له سنة بكاملها، سال حولها الحبر الكثير وتكلّم عنها المختصّون والمتخصّصون. وسوف نرى صيحات فزع تنطلق من « المخلصين من أهل الجهة » تندّد بهذا الشباب الذي اختار – بلا وعي – الانحياز إلى عدم الشرعيّة فسمع إلى عدنان الحاجّي وصحبه ممّن غرّروا بهم في خيانة واضحة لسماحة المَلِك الغازي وجنوده الحريصين على سيادة القانون… وقد يطلع علينا بعض المخرجين أصحاب المهمّات الصعبة بالحديث عن كفاءات قفصيّة نادرة متخصّصة في الرقص الإيقاعي أو في صيد الأسماك الملكيّة النّادرة التي لا تعيش إلاّ في شطّ الجريد المتاخم…   إنّه الاستهزاء والاستخفاف بنا ونحن في أرضنا وبين أهلنا… إنّها خيانة الأمانة في الحكم وفي التربيّة وفي القضاء وفي المواطنة وفي الإعلام… إنّه الفساد والإفساد في كلّ مجالات الحياة… إنّه الكذب الذي يقترفه حتّى الكبار في هذا العالم الرّديء… وعلينا رفض كلّ ذلك، والبداية تكون بتحرير رموزنا وعدم إسلامهم وسوف تكون النّهاية – بإذن الله – انكسارَ الظالم البليد الذهن… فبشّرونا يا أهلنا في الرّديّف بإطلاق سراح الموقوفين وفي مقدّمتهم عدنان وبعودة شباب الجبال إلى دورهم كي يرسموا البسمة من جديد على ثغور أمّهاتهم وآبائهم وأهلهم أجمعين (ونحن من أهلهم) وكي يفحموا الملك فيُظهروا كذبه للعيان، واغفروا لنا قلّة حيلتنا فإنّا لا نملك لكم إلاّ الدّعاء بظهر الغيب… ـــــــــــــــــــــــــــــــــ (*): كتبت هذا المقال قبل قراءة مقال « خيبان الرّديّف »، الأديب الثائر، الذي لا يجامل في الحقّ، والذي لا يرحم في التقريع، فقد قال عن الجيش: « .. فتصوّروا الجيش الوطني يصبح خادما للبوليس الوطني.. ولا ضير، ماداما يبحثان عن مصلحة الوطن.. فكلاهما وطني كما يدل الاسم. ومصلحة الوطن تقضي بإبادة أعداء الوطن وهم في مدينة الرديف يعششون ويفرخون.. »، وأقول: تعس بلد أوكل مهمّة الدّفاع عنه إلى خَدَمِ كاشفي العورات ومنتهكي الحرمات!…  (**): صرت – للأسف – أكره استعمال هذا المصطلح « الوطنية والمواطنة والوطني »، لارتباطه في بلدي بالإجرام…  


توفيق المديني : جدل حول الاحتلال الأميركي الدائم للعراق

 

 
توفيق المديني تكثف حالياً إدارة الرئيس بوش قبل انتهاء ولايتها الثانية  من جهودها لإنجاح مباحثات تجريها مع حكومة نوري المالكي تهدف إلى توقيع الطرفين على معاهدة طويلة  الأمد سيعلن عنها  منتصف تموز القادم تتناول دور القوات الأميركية في العمليات العسكرية المستقبلية لتلك الأخيرة هناك،وتشرعن الاحتلال الجديد  الدائم للعراق . وهاهي الطبقة السياسية  الحاكمة في العراق على اختلاف انتماءاتها السياسية تبدو معترضة على توقيع  الاتفاقيتين الأمنية والاستراتيجية ، حيث أن الرئيس بوش  في حاجة ماسة لتحقيق إنجازما  بعد مرور خمس سنوات من الاحتلال ، يشكل رافعة حقيقية يعزز بها وضع المرشح الجمهوري  جون ماكين ، الذي يرفض أي انسحاب من العراق، باعتبار أن الانسحاب الأميركي سيسلم البلد إلى «عنف رهيب، وتطهير عرقي، وربما إبادة». إنه يعتقد أن الولايات المتحدة مطالبة بالبقاء طويلا «مئة سنة»، مستخدما أسلوبه الاستفزازي الذي يجيده جيدا، ربما للتذكير ببقاء الولايات المتحدة في ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية.. لقد دخل مجلس الشيوخ الأمريكي معركة جديدة مع إدارة الرئيس جورج بوش حول الاتفاقية الأمنية طويلة الأمد مع العراق، مطالباً بمثول أركان ادارته امام لجنة العلاقات الخارجية في المجلس لتقديم شهاداتهم في «جلسة سرية» حول الاتفاقية، في وقت اشرفت هذه الإدارة على الانتهاء من صياغة تشكيل إدارة جديدة مدنية تتولى شؤون الدفاع في البلاد المحتلة أميركياً، أشبه ب «إدارة المستعمرات» التي كانت لبريطانيا العظمى في زمن الانتداب، وفي وقت تعترض إيران على هذه الاتفاقية. و تستهدف الولايات المتحدة الأمريكية من خلال التوقيع على هاتين الاتفاقيتين الأمنية والاستراتيجية ، خلق دولة تابعة لها في الجزء الشمالي من الشرق الأوسط، وبذلك تبعث برسالة تحذير إلى الزعماء المناوئين للغرب في الدولتين المجاورتين للعراق، وهما سوريا وايران، بأن عهدهم ماضٍ نحو نهايته، ونشر رسالة الهيمنة في المنطقة عبر تحويل العراق  إلى سوق حرة ليبرالية علمانية، وحصن صديق للولايات المتحدة،عبر إعادة انتشار الوجود العسكري الأميركي، سواء في معسكرات أو قواعد في كامل أنحاء العراق، بانسحابات من المدن العراقية، يرافقها بناء المؤسسة العسكرية العراقية، الجوية والبرية، على السواء،و الحصول على حصانات من الملاحقات القضائية بالنسبة للضباط و الجنود الأميركيين المتورطين ، والسيطرة على الثروة النفطية العراقية، و رفع العراق من تحت البند السابع وبالتالي التحررمن الضغوطات الدولية بشأن وضع الجدول الزمني للانسحاب الأميركي حتى وإن كان بصورة تدريجية. وتعتزم لجنة القوات المسلحة بالكونجرس التدخل لوضع بنود تلزم أي إدارة أمريكية بعدم تمرير أو اتخاذ قرارات بشأن القوات الأمريكية بالعراق، أو أية التزامات دفاعية عن العراق من دون الحصول على موافقة الكونجرس. ورأى بعض أعضاء الكونغرس ضرورة مواجهة بوش وإدارته لئلا يورطا أميركا بسياسات طويلة المدى، أو التزامات لسنوات طويلة مقبلة بينما هو على وشك مغادرة البيت الأبيض. ووصل الأمر إلى حد مطالبة الكونجرس لإدارة بوش، لا سيما وزيري الدفاع والداخلية، بالحضور والامتثال لسماع شهادتيهما والرد على الأسئلة المطروحة وذلك في جلسة سرية مع إلزام هذه الإدارة بإرسال صياغة آخر المسودات للاتفاقية الأمنية، مع الالتزام بعرض المسودة النهائية على الكونجرس ومن ثم موافقة الأخير قبيل توقيع الإدارة الأمريكية لها. لقد تعرضت السياسة الأميركية في العراق لنكستين  بشأن التوقيع على هاتين الاتفاقيتين الأمنية و الاستراتيجية ، الأولى من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي رفض  علنا، شروط بوش الرئيسية التي تحكم مستقبل الوجود الأمريكي في البلد المحتل ،في حين دعا الزعيم الشاب مقتدى الصدر إلى تشكيل جماعات من ميليشياته تنفذ هجمات ضد القوات الأميركية بعد إعلان «إعادة تنظيم»الأدوار وتراتبية القيادة في التيار الصدري، و إن كان هذا الأمر له علاقة بحشد الأصوات لانتخابات مجالس المحافظات العراقية التي تجري بعد شهور. ويعتقد المحللون الغربيون أن الشقة بين الجمهوريين والحكومة العراقية قد اتسعت بحجم لا يمكن تجاهله ، و أن أي اتفاقية تبرم مع العراق ستصبح أهميتها بالغة الخطورة, ألم توقع واشنطن سبع اتفاقيات من هذا النوع مع كل من حلف الناتو عام 1949 واستراليا ونيوزيلندا عام 1952 ومع عدد من دول جنوب شرق آسيا عام 1955 الاتفاقية الأميركية الأميركية للمعونات المتبادلة عام 1948 واتفاقية الأمن الثنائية مع اليابان عام 1960 ومع الفلبين عام 1952 ومع كوريا الجنوبية عام .1954‏ وقد أبرمت تلك الاتفاقيات بموافقة ثلثي اعضاء مجلس الشيوخ كما تنص بنود الدستور الأميركي وحالما يتم التوقيع على اتفاق من هذا النوع يصبح الانسحاب منه أو التنصل من تطبيق محتوياته عسيراً لذلك يتوجب ابرام هذه الاتفاقيات بتأن شديد وفي ظل ظروف استثنائية فقط, ثم إن أي اتفاق وإن لم يرق إلى مستوى المعاهدة يصادق عليه الكونغرس لزاماً ولا تعرض الاتفاقيات التقليدية حول أوضاع القوات العسكرية الأميركية على الكونغرس للموافقة عليها لذلك تصبح قضية وجودها وانتشارها في العراق لا سابقة لها.‏ من المؤكد أن هناك خيارات أخرى في متناول واشنطن فهي تمتلك السلطة والنفوذ الدوليين لتبرير انتشارها العسكري في العراق بعد أن منحتها الأمم المتحدة عام 2004 الضوء الأخضر وتم تمديد هذا الوجود العسكري للمرة الثالثة في كانون الأول ومازال ساري المفعول حتى نهاية عام 2008 وربما تستمر عملية التمديد مرة أخرى بهدف منح الرئيس الأميركي القادم السلطة الضرورية لتوجيه سير العمليات العسكرية في العراق بانتظار صدور قرار يحدد مستقبل العلاقة مع العراق. هل هناك تماثل بين الوضع الراهن  في العراق و الوضع في كل من ألمانيا و اليابان عقب انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية؟ المقارنة بين الاحتلال للعراق و الاحتلالين لكل من ألمانيا و اليابان بعد سنة 1945 تبدو غير واقعية، لأن المحتلين الأميركيين لألمانيا لم يفرضوا على هذا البلد مؤسسات غريبة عنه، بل كانوا يحاولون استعادة نظام سياسي واقتصادي كان قد اختل نتيجة الدكتاتورية النازية التي دامت ثلاث عشرة سنة  أي فترة قصيرة بالحسابات التاريخية . ومما ساعد في نجاح تلك التجربة ان الأميركيين كانوا مشابهين في خلفيتهم الثقافية وتربيتهم وقيمهم للشعب الذي حرروه . فلم يكن ثمة صدام ثقافات كبير . أمافي اليابان، كان الأمريكيون يتعاملون مع مجتمع وحضارة مختلفين عما لديهم . ولكن القوات اليابانية كانت سنة 1945 تعاني الأمرين جراء حرب توسعية دامت أربع سنوات، كما كان السكان المدنيون يعانون حرماناً اقتصادياً حاداً، بعد شهور من القصف الشامل بالقنابل، وبعد قصفهم بقنبلتين نوويتين . وكانت المدن اليابانية مدمرة، كما سقط ملايين القتلى، ولم يكن الناجون في مزاج مقاومة للاحتلال الأجنبي، خاصة وأنه أبقى على رمز سلطة الدولة وكرامتها لديهم، وهو الامبراطور . وقد جرى تقليص سلطاته، ولكنه بقي ضماناً للتواصل والاستمرار، ومحوراً يلملم الشعب حوله ما انفرط من عزته وكرامته . وعندما ناشد شعبه ان يستسلم لسلطات الاحتلال ويقبل الهزيمة اطاعه الشعب بولاء . ولكن قيام إدارة الرئيس بوش بإبرام معاهدة تجيز الاحتلال الدائم لبلد عربي في قلب الشرق الأوسط وفي القرن الحادي والعشرين، قصة مختلفة تماماً، لأن المنطقة تحتفظ بذاكرة قوية تعي التدخل الإمبريالي جيداً، وإحساس عميق بالقومية المناوئة للغرب، وكلا الخصلتين قائمتان على رفض شديد للتدخل الاجنبي .. والغزو العسكري الأميركي هو رأس الحربة للاختراق الغربي للمنطقة، وهو يستنهض مقاومة العلمانيين العرب، كما يستثير مقاومة الإسلاميين . * كاتب تونسي (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم  23 جوان 2008)


 
الأصولية العلمانية في تركيا

 

 
توفيق المديني منذ عدة أشهر ، احتدم الجدل في تركيا حول موضوع الحجاب ، بين معارض و مدافع عنه  ، على خلفية تصويت البرلمان التركي الذي يهيمن عليه حزب العدالة و التنمية: وهو الحزب الإسلامي المعتدل الحاكم ، على قانون يجيز عودة ارتداء الحجاب من قبل الطالبات في الجامعات التركية. وقد بلغ هذا الجدل أحيانا درجة غير مقبولة من الحدة والعنف، بشأن ما سمي بظاهرة الحجاب. و هاهي المحكمة الدستورية التركية  تلغي هذا القانون المذكور أعلاه الذي أصدرة البرلمان التركي  ، بحجة أنه يتناقض مع المبادىء العلمانية للجمهورية التركية. و تعتبر المحكمة الدستورية العليا الجهاز القضائي و الإيديولوجي الذي تستند عليه المؤسسة العسكرية في تركيا  لإبطال مفعول كل القوانين التي تعتبرها من وجهة نظرها متناقضة مع العلمانية و الأتاتوركية  ، نسبة إلى مصطفى كمال مؤسس الجمهورية التركية الحديثة عام 1925 ، التي قامت على أنقاض  الإمبراطورية العثمانية، مقر الخلافة الإسلامية،و حافظ عليها ورثائه من خلال الاعتماد على المؤسسة العسكرية  التي تعتبر نفسها حامية احترام الدستور والعلمانية و الديمقرطية، ضمن سياق بناء دولة  علمانية قومية تسلطية ، تتبنى الايديولوجية العلمانية كمرجعية سياسية ثقافية  أشد تعصبا من النمط العلماني الفرنسي الذي يعتبر الأكثر تخلفا في دول الغرب.. ليس من شك أن الجيش التركي المتشبع بثقافة الغرب العلمانية ، من جراء اعتناقه العلمانية البرجوازية الفرنسية، و الايديولوجيا الأتاتوركية ظل يمارس في تاريخه الطويل  بعدا وصائيا علمانيا على المجتمع المدني التركي ، هي علمانية  » ثورة من الأعلى  » التي تخدم البناء القومي الايديولوجي والسياسي للنظام الأتاتوركي ، وتدعيم طابع الكلية الدولتيه، كنفي سلبي لدور الشعب.. وبذلك أصبحت العلمانية في نطاق الممارسة السياسية للنخبة السياسية – العسكرية إحدى مكونات الايديولوجيا القومية الكلية. وتجسدت بالدرجة الرئيسية في العلمنة الراديكالية للمجتمع. فالدولة الأتاتوركية الجديدة التي أطلقت مشروعها العلماني الواسع جداً في مجتمع تركي إسلامي يهيمن عليه التأخر التاريخي، كان يشقها تناقض منذ عهد تأسيسها ، يتمثل في هيمنة الطابع الخارجي لهذه الدولة بالنسبة للمجتمع، الموروث من عهد الدولة العلمانية الغربية على رغم من وجود سلطة أتاتوركية تتمتع بـ  » شرعية تاريخية  » وبقاعدة من المساندات حيث أن هذا الطابع الخارجي للدولة المهيمن على المجموع الاجتماعي باسم علمانية مشروعه التحديثي الهادف إلى أحداث تغيرات سياسية واقتصادية وثقافية في بنية المجتمع التركي ، كان في حد ذاته نقضاً للفضاء العام، الذي يمثل المسرح الحقيقي للمواطنة بحصر المعنى، المنقسم إلى فروع ثنائية الفرد – المواطن، المصالح الخاصة – المصالح العامة، المجتمع المدني – الدولة  . لا شك أن وصول حزب العدالة و التنمية الإسلامي إلى قمة السلطة في تركيا بث الرعب والقلق ليس في أوساط العلمانيين الأتراك فقط، وإنما في أوساط المؤسسة العسكرية التي نصبت نفسها حامية لإرث أتاتورك، ومعارضة عودة الإسلام مجدداً إلى البلاد، والحفاظ على هويتها العلمانية بكل الطرق والوسائل. فالعسكر تدخلوا أربع مرات في تاريخ تركيا الحديث ، وبمعدل مرة كل عشر سنوات، لضبط إيقاع الديمقراطية، وبما يؤدي إلى عدم هيمنة الإسلاميين على مقدرات البلاد في نهاية المطاف. الآن ، قضية  الحجاب في تركيا تدخل في سياق قضايا تعبيرات الحرية الدينية في المجتمع التركي ، و الدفاع عن الهوية الإسلامية للبلاد. ذلك أن قانون حظر ارتداء الحجاب في الجامعات التركية يعارضه بشدة قطاع كبير من أطياف  الشارع التركي  . إن الحملة التي تقودها المؤسسة العسكرية و أجهزتها القضائية و الإيديولوجية  ضد ارتداء الحجاب في الجامعات ، تبرز مدى التباين بين مسارين على طرفي نقيض، مسار الشعب والمجتمع التركي في عودة قوية عارمة نحو هويته الإسلامية ، ومسار سياسات الجيش و النخب العلمانية التي تعتبر ارتداء الحجاب في الجامعات تهديدا للعلمانية . إنها الأصولية العلمانية على النمط الفرنسي أو التونسي  التي تخاف « فولار » طالبة ثانوية  أو جامعية ، و تمنع الطالبات المحجبات  من الدراسة في الجامعات الوطنية، و تجبرهن على السفر بعيدا عن أهلهن طلبا للعلم في أوروبا و أميركا. إن هذا النوع من الأصولية العلمانية ينال من الحرية الشخصية للمواطن ومن حقوقه الأساسية في مزاولة التعليم والعمل والتمتع بالخدمات العامة التي تسديها الإدارة ويمثل في نفس الوقت شكلا من أشكال الاضطهاد الديني الذي يستهدف  أكثرية المجتمع التركي بسبب معتقداتها الدينية . إن العلمانية  التركية تشذ عن باقي العلمانيات الغربية الأخرى : الأمريكية و البريطانية والألمانية ، التي تؤمن بالحرية و التعددية الدينية و الثقافية ،و لم تصدر قوانين تحظر الحجاب، أوتفرض قيوداً علي الديانات الأخري.فهناك أكثر من عشرة ملايين مسلم في كل أوروبا، باتوا مواطنين صالحين، يساهمون في بناء مجتمعاتهم، واستطاعوا بثقافاتهم المتعددة أن يعطوا نكهة خاصة للمجتمـــــعات الأوروبية، تخرجها من اللون الواحد، وتدمجها في عالم العولمة والالوان الثقافية المتعددة.   و العلمانيةالتركية   بهذا المعنى هي علمانية استئصالية تمارس أصولية معكوسة في إعتدائها على الحجاب الإسلامي بوصفه  خيارا شخصيا، ورمزا ثقافيا ودينيا، هومن صلب الحريات العامة والشخصية.و أصبحت هذه العلمانية  عائقا بنيويا أمام تطور تركيا على الصعيدين السياسي والثقافي ، التي لا زالت لم تهضم بعد عودة الدين بقوة إلى الغرب العلماني نفسه، فما بالك بالشعوب المسلمة التي أصبحت  تتقزز من نموذجيين إقصائيين للعلمانية  في العالم العربي و الإسلامي ،  يعانيان الآن  من أزمة حقيقية، هما: النموذج العلماني العسكري التركي و الأمني التونسي. ومن الواضح أن تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا تقدم لنا صورة مشرقة عن وجه الإسلام المعاصر القادر وحده على محو التهمة الشائعة في الأوساط العلمانية، والمتمثلة في عداء الإسلاميين للديمقراطية، الأمر الذي يتطلب التحذير من دخولهم طرفاً في المنتظم السياسي القانوني إن في موقع السلطة أو المعارضة، وهو اتهام خطير لما يحمله من رسالة تحريضية استعدائية وترهيبية شديدة لأنظمة هي أصلاً ما اعتادت أسلوباً للحكم غير أسلوب الانفراد. ورغم المحاولات المتكررة للعلمانيين المتطرفين لأدلجة النظام الديمقراطي بما يقيم رباطاً لا ينفك بينه وبين شتى ضروب العلمنة وإقصاء الدين من المجال العام وحتى الخاص كلما تمكنوا، إلا أن واقع التطبيقات المتنوعة للنظام الديمقراطي يشهد على توفره على أسس متينة لحيادية آلياته وعدم ارتباطها بأي منظور أيديولوجي، علمانياً كان أم دينياً. إنه نظام يقوم على تسويات يتوصل إليها الفرقاء يستعيضون بها عن الوسائل العنفية بالوسائل السلمية في حل خلافاتهم سواء كانوا من عرق واحد أو دين واحد أو لغة واحدة أو كانوا مختلفين في كل ذلك أو بعضه. عندما نجح رجب طيب أردوغان، ذو الأصول الإسلامية الراديكالية، في كسب الأكثرية في البرلمان لحزب العدالة والتنمية الإسلامي عام ،2002 طُرح عليه السؤال التالي: هل يعوق الإسلام الاقتصاد؟ أجاب أردوغان أنه ملتزم باقتصاد السوق. في عهد حكم حزب العدالة والتنمية بقيادة رئيس الوزراء التركي أردوغان حققت تركيا نهوضا اقتصاديا كبيرا، برغم الإشكاليات التي تعاني منها البلاد: الصراع المسلح مع الأكراد، وصعود الإسلام السياسي، والنزعة المعادية للولايات المتحدة، والتوتر تجاه أوروبا، فالصناعة القديمة والحديثة نمت في العام 2005 بمعدل 7 في المائة. وهذا هو العام الرابع الذي يتزايد فيه النمو. أما في هذا العام، الذي يدخل فيه نصف مليون شاب وشابة سوق العمل فسيبلغ النمو نسبة 5 في المائة. وما يبعث على التفاؤل أن الطبقة الوسطى تتصلب وتتسع، والتضخم هو علة تركية قديمة أمكن ضبطها. وتركيا التي لها علاقات خاصة بالسوق الأوروبية منذ العام ،1996 حققت إنجازات متميزة في مجال الصادرات المصنعة. فأكثر من نصف التلفزيونات في أوروبا أنتجت أجزاء منها في تركيا. وقد لاحظ المستثمرون ذلك. ومع أن المسافة بين الدخول الأوروبية ودخل الفرد التركي لا تزال واسعة، فإن الأتراك يسلكون سلوك البرجوازيين إذ اشتروا في العام الماضي سيارات مستوردة ب 5.3 بليون دولار. بيد أن التغيير شامل ويتناول كل المجالات. فإسطنبول العاصمة التجارية، وكذلك الأناضول المحافظ والذي كان يعتمد على الزراعة، كلاهما يدخل عصراً من التصنيع العملاق، فيما صار يعرف بالكالفينية الإسلامية، لدى أحد مراكز الأبحاث. لقد وعد الرئيس التركي  عبد الله  غول أن يكون أمينا على العلمانية، ومحايدا، ولكل الأتراك. وقال «إن الجمهورية التركية دولة ديمقراطية وعلمانية واجتماعية تقوم على دولة القانون. سأعمل بتصميم على حماية كل هذه المبادئ وتعزيزها». وأضاف «مبدأ العلمانية يشكل في الوقت نفسه نموذجا يضمن الحرية لمختلف أنماط الحياة وقاعدة للسلم الاجتماعي». وأعلن تصميمه على مواصلة محاربة الإرهاب الانفصالي. وأشاد بالقوات المسلحة، ووصفها بأنها الرادع ورمز من رموز الاستقلال. في ظل حكم الإسلام المعتدل ازدهرت جمعيات المجتمع المدني، في الوقت الذي بقيت فيه الأحزاب السياسية الأخرى ضعيفة. وهكذا فإنه على الرغم من النواقص والعثرات ما كانت الديمقراطية في تركيا أقوى منها اليوم. وهناك وجه آخر للحكم التركي، ما كان له من قبل في أزمنة الجمهورية، هو الوجه الشرق أوسطي. ومن مثل خطواته في السياسة الخارجية حيث ما عادت تركيا منهمكة في امتداح سياسات الولايات المتحدة والتبعية لها. كما ان هناك اختراقاً كبيراً للنظام العلماني الكمالي، والتغريب القاطع. وفي حين تلاءمت سياسات السيد أردوغان المحافظة مع شرائح واسعة من المتدينين الأتراك، نشرت بعض المخاوف لدى الفئات الاجتماعية المتغربة بشأن حرياتها الشخصية. ولذلك ليس من غير الممكن أن يتدخل العسكريون، حماة الميراث الكمالي، مرة خامسة أو سادسة لضرب هذه التجربة الديمقراطية الفتية والمتعددة الوجوه، بيد أن التعددية الاقتصادية صلبت التعددية السياسية والحريات، بحيث صار من الصعب الارتداد عليها  
 
المصدر: صحيفة النهار اللبنانية ، قضايا النهار، بتاريخ 24 يونيو2008


 
بسم الله الرحمان الرّحيم

كيف العمل من اجل التغيير في الخطاب الإسلامي بين ثقافة الانبطاح وثقافة الإصلاح (الجزء الثالث)

** كيف المحافظة على الحياة في ظلّ الهوية العربية الاسلامية ونعمة الحريات الشخصية **الحكمة تقتضي ترك عقلية تبسيط الأمور واستعجال النتائج و الاستخفاف بالآخر **لا تنمية اقتصادية و اجتماعية و ثقافية بدون ضمان الحقوقّ في الشغل والتفكير والتعبير والتنظّم « واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداءا فألّف بين قلوبكم » (آل عمران 103) « قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله » (سورة يوسف 108)  

 
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس والدعوة لاية عودة نريد: مريرة حقّا سنوات المنفى والأمرّ منها، أن أرى بعض رفاق الدرب الجميل يكتبون سطور المديح لعودة أصلها ومنتهاها، يحول المناضل  مسكينا يستجدي مكرمة جلاده . ققط أريد أذكر الجميع بدون استثناء بان العودة ممكنة  بحساب السياسة الآن وهنا، على أن تتوفر شروطها.  ونحن قادرون على إنجازها بما نملك من خبرة ، ومن شبكة العلاقات الداخلية والخارجية التي راكمناها بسهر ليال وعمل دءوب.  ان العودة التي نريد أن نعمل لها معا هي عودة تكون ثمرة لمسار نضالي، يبدأ أولا وأساسا بخوض معركة استعادة جوازات سفرنا، ليس عبر الاستجداء وإنما من خلال ديناميكية نضالية عنوانها حقوقيا ونهايتها سياسية. ندعو الجميع إلى حوار هادئ ومسئول،  ليس حول حق العودة الذي لا يناقش فيه ذو عقل سليم، ولكن حول كيفية إنجاز مسار العودة. فالعودة ليست لحظة في ذاتها بل مسار كامل لا بد له من تدبير وتخطيط واستجماع لشروط إنجازه . إن العودة التي ندعو لها تحت عنوان « الحق في العودة لمن يريد ان يعود » والدعوة الى بلورة خطة عملية وميدانية واضحةالمعالم والاهداف لانجاز ما عليه عزمنا العودة ببعدها السياسي والنضالي. وهذه الفكرة أصبحت اليوم أليفة كل دار، تنتقل انسيابا بين القارات، وتجمع حولها نساءها ورجالها العازمون على عودة من بوابة الشرف، وعلى إيقاع التخطيط الوازن والحكيم، دون تسرع يرميها في مجهول المغامرة. العودة أيها الصابرون على دفع الثمن، والصامدون أمام غواية عودة العطل، سنعمل لها حتى لا تستثني أحدا وكل من عمل من أجل وطن يسع الجميع،  كل هؤلاء يمكنهم أن يعودوا متى شائوا. يجب أعداد ظروف العودة في ظروف كريمة ، فأما أن يفتح الطريق للجميع، وإلا سنبقى إلى أن يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق أو نلتحق بمن سبقنا غير مبدلين. أيها الأحبة إياكم أن تسترقوا عودتكم بل أجعلوها علنية واضحة ناصعة شريفة في مستوى شرف تضحياتكم وصمودكم الذي حيّر أصدقائكم قبل خصومكم. الا انّ الناظر إلى تونس بعيون المواقع الإلكترونية للمعارضة التونسية لا تترائى له سوى النقائص المضخّمة و أخبار الإعتقالات و المحاكمات التي تعطي صورة قاتمة عن بلد يرنوا في الحقيقة أكثر فأكثر للإشعاع و نحن نأمل في المساهمة في تغيير هده الصورة القاتمة. و لعلّ أخطرهذه الأطروحات بعض أطراف المعارضة التي تعتبر أنّه لاوجود  » للسياسة » في تونس وتدعوا إلى انتفاضة شعبية تأتي على الاخضر واليابس بعنوان  » مقاومة شعبية و مدنية »  وهذا التمشي يتناقض مع مفهوم السياسة ذاتها اذ انّ السياسة هي  » فنّ إدارة الصراع » و » فنّ الممكن » كما أنه تمشي خطير لأنه قد يدفع بالبلاد نحو فتنة داخلية و يشجّع على العنف و  يهدد السلم الإجتماعي للبلد. إنّ تونس التي نحبّ ان تكون , هي تونس المتضامنة, المتراحمة, المتكاتفة بين أبنائها من أجل مجابهة التحديات المستقبلية صفا واحدا لأن الجميع ماضون و سيبقى الوطن. و تونس المناضلة التي تصارع تحديات العولمة وتشقّ طريقها بثبات نحو مزيد من الرقيّ و الحرية في ضل الثبات على الهوية العربية الاسلامية التي من اجلها ضحّى اجدادنا. الشهيد عبد الرؤوف العريبي:  هذه عيّنة لأحد شهداء الحرية في تونس اذ لا يتّسع المكان للحديث عن جميعهم… اذ ان سيرة الشهيد عبد الرؤوف العريبي يمكن أن تكون موضوعا لكتاب … لم يكن الرجل صاحب سيرة عادية التحق بالصف الإسلامي عندما نما عوده وإنما كان من الذين ساهموا مع الكثيرين في تأسيس الصحوة الإسلامية بعدما قطع التغريب في بلادنا بقيادة النخبة العلمانية شوطا كبيرا. ولد سنة 1954الشهيد في ضاحية باردو بتونس العاصمة والتحق بالمدرسة الابتدائية فالثانوية بمعهد خزندار ثم بكلية الشريعة في منتصف السبعينات (75-76). وقد كانت الجامعة الزيتونية التونسية قبل الاستقلال قلعة للنضال ضد المستعمر  وساهمت في حركة التحررالوطني وحولتها البورقيبية إلى مركز لتخريج العلمانيين والماركسيين لتدريس الدين، من أواخر الستينات. فبعد مؤتمرالاتحاد العام لطلبة تونس بقربة سنة 1971 وسيطرة الدستوريين على اتحاد طلبة تونس …اتجه اغلب طلاب  كلية الشريعة للانخراط  في الحزب الاشتراكي الدستوري  وكانت قيادة الحزب المتمثلة في محمد الصياح تقوم بزيارات سنوية لهذه الكلية . في هذا المناخ بدا عبد الرؤوف مع ثلة من إخوانه الطلبة في الدعوة إلى الإسلام وتأسيس نواتات العمل الإسلامي  والتصدي للدستوريين والماركسيين معا. واستطاعت هذه المجموعة الناشطة التصدي للشعب الدستورية ومشاريعها من مثل التصدي لمشروع وزير التربية آنذاك الذي كان يرمي إلى منع الطلبة غير المتفرغين من مواصلة تعليمهم بالكلية والذي تبنته الشعبة الدستورية والتصدي لزيارة مدير الحزب الصياح وهو الذي كان رئيس قائمة الحزب الشيوعي التونسي في الانتخابات والخمسينات وقد ساهمت هذه المجموعة المؤمنة في تناقص عدد المشتركين في الحزب،  وتمكّنوا من فرض الآذان والصلاة والدروس. فقد حضرالمرحوم عبد الرؤوف العريبي المؤتمر التأسيسي للجماعة الإسلامية  في صيف 1979 وانتخب عضوا في مجلس الشورى. وفي سنة 1981 حينما قرر بورقيبة شن حملة ضد الإسلاميين الذين قدموا مطلبا للعمل القانوني تحت إطار حزب حركة الاتجاه الإسلامي ، كان  المرحوم عبد الرؤوف من جملة العناصر القيادية التي نشطت أجهزة الأمن في البحث عنها مما اضطره للتخفي  ومغادرة البلاد مع أهله بعد محاكمته غيابيا أمام المحكمة الابتدائية في سبتمبر 1981 بثماني سنوات سجنا . استقر عبد الرؤوف طيلة هجرته ببلجيكا مع عائلته حيث لم تسعفه السلطات البلجيكية عق اللوء السياسي وبمجرد تطور الأوضاع التي أدت إلى الإفراج عن القيادة في أوت 1984 كان عبد الرؤوف من جملة العائدين والمشاركين بحماس في العمل الإسلامي حيث كان عضوا في المؤسسات القيادية ( مجلس الشورى ، مكتب العلاقات الخارجية، مكتب التربية والتكوين…) ووجد المرحوم عبد الرؤوف نفسه من جديد مطاردا اثر الحملة التي شنها النظام البورقيبي في ربيع 1987 على كل  المنتمين للتيار الإسلامي ، مما اضطره للتخفي وساهم  في المسك التنظيمي والمحافظة على المكاسب في تلك اللحظات الرهيبة التي مرت بها البلاد ، وبعد مؤتمر 1988 كان عبد الرؤوف عضو في مجلس الشورى للحركة ، وبقي في موقعه ذالك مساهما بالرأي والعمل في دوائر متعددة إلى أن وقع إيقافه في بداية ماى 1991 عندما قرر النظام حملته الاستئصالية لحركة النهضة  ولكل مكونات الصحوة الإسلامية كان عبد الرؤوف من جملة أعضاء مجلس الشورى العام الذين وقع الإعلان عنهم في بداية شهر جانفي 1991… فقد ركز عليه التعذيب بشكل رهيب وهو صاحب العود الرقيق حتى سقط شهيدا رحمه الله… لقد تعرضت منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر في أواخر سنة 1991 إلى ظروف وفاة عبد الرؤوف العريبي  فقالت :  » وقع إيقافه يوم 3 ماي 1991  ووضع في السر حتى تاريخ وفاته يوم 26 او 27 من نفس الشهر فقد أعلمت السلطات أقاربه بان مات اثر سقطة قلبية ولم تستطع عائلته تسلم جثته إلا فجر 28 ماي 1991 ووقع جبرها على دفنه مباشرة ، لم يتصل أقاربه  بأي تقرير تشريح ولا  اى شهادة طبية تحدد أسباب الوفاة. أين هذا التذكير من مطالب اللحظة : قد يعتبر  من يدعون دون جدوى  إلى طي صفحة الماضي وفك الاشتباك والمصالحة الوطنية والابتعاد عن الخطاب المتشنج وغيرهم الا أن مثل هذا التذكير لايخدم  مطالب اللحظة بل قد يكون  المطلوب عند البعض الآخر  هو تجاوز الماضي والتوجه نحو المستقبل . إن أول شرط من شروط المصالحة هو رد المظالم ولايمكن لعاقل أو مراقب موضوعي أن يقول أن  الذي تضرر من المواجهة التي خاضتها السلطة مع الاسلامين منذ بداية التسعينات.  بل أن الذي تضرر ودفع الضريبة غالية هم أبناء الشعب من الإسلاميين اذ كان ذنبهم الوحيد أنهم رفعوا مطلب الحريات وحاولوا فرضه نيابة عن المجتمع بالطرق السلمية. أن بداية الحل للمشكلة تبدأ بإفراغ السجون ممن تبقي ممن يقبعون منذ قرابة العشريتين وإعلان العفو التشريعي العام  والتحقيق في التجاوزات التي مارستها الأجهزة الأمنية ولايخفى أن العديد من عناصرها كان  ومازال  يقودها الحقد الإيديولوجي ومبدأ التصفية الجسدية للإسلاميين  أكثر من حرصهم على تطبيق القانون على الجميع وهذا التحقيق  ليس للانتقام وإنما تجلية الحقائق وردّ المظالم. وبعد ذالك من حق القائمين على الحق الشخصي في مناخ من الأمن  والعدل أن يعفو ويتركوا الأمر بمنطق الإيمان  للعادل الذي لاتخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ، في   يوم لا ينفع فيه  مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. أما أن نجعل الشرط الأول للمصالحة  هو مزيد من تنازل الضحية على الحقوق  إلى حد الولاء الكامل للسلطة بإعلان التوبة  والتخلي عن الاهتمام بالشأن العام  فذالك منطق لايقبله عاقل. إن الإسلاميين مطالبون بتقييم مسيرتهم تماما مثل كل التنظيمات الجادة هذا التقييم لابد ان يشمل الأفعال والأفكار والرجال. وما أحوج الإسلاميين لأن يكونوا مثالا في تحمّل المسؤولية والصراحة والصدق والجرأة إذا كان القصد « إن أريد إلاّ الإصلاح ما استطعت » « وما أبرّئ نفسي إنّ النفس لأمّارة بالسوء ». ولكن هل أن شروط التقييم الحقيقي متوفرةفي الوضع الراهن و لقد أنجزت حركة النهضة تقييما  داخليا في بداية التسعينات ونشرت جزء منه وقد لامس بعضا من  الأفكار والأفعال ولكنه توقف عند تقييم الأشخاص بفعل المحنة التي كانت تحيط بالكثير من رجالات الحركة . ومن حين لآخر تصدر كتابات لإسلاميين يتناولون فيه هذا الموضوع يحاولون فيه تقييم أداء القيادة السياسي . وآخر من يعمل على فتح هذا الباب  هو الرئيس السابق الدكتور الصادق شورو الذي مازال يدفع ضريبة الحرية  إلى اليوم الناس هذا. إن التقييم الحقيقي والشامل هو الذي تنخرط فيه كل فعاليات الحركة الإسلامية والقوى الوطنية في مناخ من الحرية والشفافية في داخل البلاد. أما ما دونه فيبقى تقييما يتضمن أقدارا من الذاتية ويعبر عن وجهة نظر فئة أو مجموعة أو شخص ولذالك فالكثير من الأحداث التاريخية قد لا تبرز حقيقتها إلا بعد جيل أو جيلين. من يرد المظالم  : حينما تختلط الأوراق ولم  يعد للمنطق أي معنى تبدأ الرهانات لرفع المظالم فهل يمكننا أن مراهن على القوى الدولية، او على النخبة اوعلى الشعب صاحب الشرعية. ولكن ها قد مرت قرابة سبعة عشر سنة على المواطن المسلم التونسي لم يكن له من طموح سوى أن تعيش بلاده  في تناغم مع تاريخها وهويتها التي عبر عنها الفصل الأول من دستور البلاد. والقضية التي رفعها أفراد عائلة المرحوم عبدالرؤوف العريبي لم تعرف طريقها الى  العدالة وهولم يعرف عن هذا الرجل  انه حمل سلاحا ولا اعتدى على احد. الأستاذ عبد الرؤوف العريبي الذي عرفته في مطلع الستعينات اذ كنا نلتقي اسبوعيا في بيت شيخنا محمد الصالح النيفر مساء كل سبت. فقد كان رحمه الله، فوق كونه أستاذا للشريعة و أصول الدين، مثال المناضل الصادق، الجامع بين مبدئية المواقف و سعة الثقافة و رهافة الحس و التفتح الفكري و التوق الدائم إلى التجديد. عرف المرحوم المنافي الأوروبية و هو في العشرينات من عمره، وكان آخر لقاء لي به ليلة سفره من بروكسال الى الاراضي التونسية اذ كنت آنذاك غير مقتنع بشروط العودة اذ كنت ارىان العودة لا بد ان تكون جماعية او لا تكون الا بعد الاعتراف الرسمي بحركة الاتجاه الاسلامي. ولقد اثبت التاريخ ان النظام غير جاد في التعامل مع الملف الاسلامي ولا أظنه سوف يتغيّرقريبا. و بعد عودته إلى أرض الوطن عانى المرحوم عبدالرؤوف العريبي من التضييق و حُرم من الشغل و من حقوقه المدنية، دون أن يفت ذلك في عضده أو يدفعه إلى التخلي عن اتزان أفكاره و اعتدال سلوكه. لقد فُجعت بوفاته في تلك الظروف القاسية؛ و لا أزال أشعر أنني فقدت بغيابه أخا عزيزا، و أن البلاد قد خسرت بفقدانه و صحبه الذين توفوا في ظروف مشابهة نخبة من خيرة أبناء الوطن الحبيب وأخلص الكفاءات الوطنية. رحمهم الله جميعا ولقد كان الحدث قاسيا على جميع الذين عرفوا هذا الرجل وعاشروه… فلعل هذه التذكرة تساهم في التعريف بالمظلمة التي عاشتها عائلته وكل أبناء التيار الإسلامي وتذكرنا أيضا بواجب الدعاء لكل الذين قضوا نحبهم من اجل قضية الإسلام والحرية في بلادنا. الا أن العودة السياسية هي التي تدفع الخصم إلى التفاوض، وقد يفاوض على استثناءها لسبب ما وعلينا أن ننتبه إلى ما هوممكن، ونستعد له. الرأي عندي ــ وقد أخطأ ــ  لا عودة باستثناء فأما أن نطوي نهائيا صفحة مِؤلمة في تاريخ البلاد، وإلا فالمعركة متواصلة ولكل حدث حديث. المحاسبة أوّلا : انه من الضروري تحديد المسؤولية اولا قبل ان نجدد العمل مع المغامرين الذين قادوا المواجهة من مواقع متقدمة جدا واوصلونا الى طريق مسدود لا زلنا ندفع ثمنه من غير نشارك معهم في صنع القرار وهؤلاء يعرفون انفسهم واللبيب بالاشارة يفهم. لقد آلت حركة النهضة التونسية في مستوى الكثير من رسمييها حركة سياسية تحافظ اضطرارا وشكليا وبأسلوب تلفيقي ومفتعل على هويتها ، وتراوح بين خيارين سياسيين في داخلها. الإشكال الأوّل البيان هو إشكال الحرية ، في حين أن الإشكال الثاني هو إشكال الهوية الحضارية ، بين أن نستمسك بهويتنا الحضارية الإسلامية وتتجدد في إطارها ، وبين أن تتحول إلى الهوية الغربية العلمانية بالتدرّج وتدخل هويتنا الأصلية إلى التراث الذي يمكن أن نحافظ عليه ونتزين ونتغنى ببعضه بأسلوب الانتقاء وحسب المقام والاقتضاء. وهذا ما تقول به السلطة والغرب على السواء . و مثل هذا الخيار الذي لم ينجح الرئيس السابق في تحقيقه طول حياته هذا الخيار الغير الشعبي يفرض بالضرورة بالاكراه والقمع والاستعباد، مما يولد عن هذا الإشكال الأصل : الهوية، إشكال الحرية.  فالسؤال المطروح الآن هو هل يُضيّع الإشكال الأصل ويؤسس على المتولد ؟ وهنا نستنتج و نلاحظ منذ بداية التسعينات انزلاق حركة النهضة  وكرسه بعض إخواننا في غيبة الكثير من مؤسيسيها و أعضائها ، من حركة بعثت من أجل الحفاظ على الهوية إلى إختزالها في حركة من أجل فرض الحرية وبالمضمون السياسي . إن الأمر أصبح يقتضي بنا الآن قبل الغد العودة إلى أصولنا وجذورنا وإلى  حقيقتنا، وإلى التذكير بها والاحتكام إليها. إذ ان الحركة الإسلامية التي عرفت بالجماعة الإسلامية بتونس، ثم الاتجاه الإسلامي حسب التعريف السائد في الجامعة التونسية في اواخر الستينات، ثم حركة النهضة في اوخر الثمانينات، بدأت بأقدار كبيرة من العفوية والتلقائية والفطرية، وكان همها ومشروعها وهدفها الإسلام ، والدعوة بالكلمة الطيبة والخطاب والمقال الصحفي من اجل التمكين للاسلام في تونس. وأما مضمونها فكان يدور حول ال خالقنا أولا- كما تُعَرّفنا به أسماؤه الحسنى- هو ربنا ومولانا، وهو غايتنا في كل شأننا وعملنا. والقرآن باعتباره رسالة ربنا إلينا وإلى كافة التونسيين والناس أجمعين لتكون دستور حياتنا ، حاكمة ومهيمنة على كل المراجع الأخرى. وكذلك سنة نبينا باعتبارها منهاجنا المرشد في فهم رسالة ربنا وفي تطبيقها. و لا نغفل عن المجتمع والمحيط الذي نعيش فيه لان دعوتنا هي دعوة ربانية و واقعية يعني بشؤون المجتمع للتأثير فيه بالحجة وبدون اكراه. و حيث أن “كل من أخطأ عليه أن يتوب »، وهي بشرى للمذنبين في حق الأمة الاسلامية والشعب التونسي بأكمله ومعبرة. وهي معبرة على خيرية يكتنزها العاملون بهذه القاعدة سواء أكانوا أفرادا أو جماعة كما نص عليه الحديث النبوي الشريف:”كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ». وهذه خيرية لا تنقطع في المسلمين وفي الأمة ، وهي خيرية راجعة إلى الله، ذاكرة، عابدة. وهذه النتيجة هي مبشرة بعزم على التصويب والتقويم والتصحيح. وفي هذا تطهر وتزكية وإرجاع الأمور إلى نصابها في ما مضى من عمل بما في ذلك ما تعلق منه بحقوق الناس. ومثل هذه التزكية وهذا التطهر وهذا التقويم هام وضروري جدا لتجديد الإنسان (أفرادا وجماعة) نفسه وإيمانه ومسيرته.) وأنا أضمّ صوتي لمن دعا ويدعو حركة النهضة إلى التوبة، فهي أحوج ما تكون إليه، وضرورة شرعية لها ، بعد الذي وقعت فيه من انزلاقات، ومنهجا للخروج مما تعيشه من شدة وبلاء، مصداقا لقوله تعالى: « ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ». هنا الدعوة إذن حركة النهضة إلى المراجعة والتوبة، وأدعوها أن تكون قدوة في ذلك للتونسيين أفرادا وجماعات، وأن تجعله منهج عودة إلى الله ، ومنهج تصحيح وتقويم، ومنهجا للاستنهاض والخروج من الشدة والبلاء. قال تعالى :(الم يأن للذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) (سورة الحديد ، آية 16 ) وللتوضيح فان المحاسبة ليست دعوة لنشر الغسيل في الاعلام او عبر الفضائيات ولكن في داخل الاطر التنظيمية للحركة بعد ارجاعها الى موقعها الاصلي في الداخل بالدعوة الى عقد مؤتمر خارق للعادة للشفافية و تحديد المسار والخيارات و استخلاص العبر و الدروس من الاخطاء السابقة على اعتبارها اجتهادات غير صائبة. اقول لهؤلاء كيف تكون لكم الجراة والشجاعة وتتحدثون باسم حركة النهضة بعدالكارثة والمصيبة التي حلت بها من جراء اندفاعكم واستهتاركم بقوة عدوكم وتغريركم بخيرة ابناء هذه الحركة التي تاسست على التقوى والعمل الصالح باستغلالكم لرصيد التربية الذي تعلمناه في الخلايا التربوية والمبني على السمع والطاعة في المنشط والمكره والثقة الا متناهية في القيادة . ارجاع قرار الحركة للدّاخل ثانيا : كيف نطوي صفحة الماضي واخوان لنا مازالوا يؤنون في السجون امثال نجيب الواتي والدكتور الصادق شورو التقي الزاهد والمتواضع ونورالدين العرباوي المثقف الرقيق ورضا البو كادي الذي يتصارع مع المرض شفاه الله وعافاه وغيرهم كثير. ادعوكم ان لا تمنوا علينا ولاتقارنوا الايام التي قضيتموها في السجن قبل 87 هي سجن بل هي نزهة مقارنة بما قاصاه ويقا صيه الاخوة الى حد الان. لا تنسوا القهر والاذلال والخصاصة التي لحقت الاخوة المسرحين وعائلاتهم المسجونين في السجن الكبير امثال الصرح الشامخ الدكتور منصف بن سالم  والحائز على اكثر من دكتوراه ويبيع في الخضر. لا عيب في امتهان التجارة فقد كان الانبياء يسرحون بالابل والغنم وهي افضل من التقاف فتات الوظيمة العمومية. والاخ صالح بن عبد الله هذا التقي الورع والذي دائما يذكرني بابي ذر الغفاري وهومن اوائل خريجي المدرسة القومية للادارة هذا الاخ الفاضل اصبح بائع خضر فلا ضيران نمتهن مهنة الحدادة او النجارة اومقاولة البناء او الفلاحة او الخدمات.ان علينا ان نهتم بالمهن الحرّة التي بها يحقق المرء الكفاف والعزّة والكرامة. وهل لنا ان ننسى الاخوة الشهداء الذين قضوا نحبهم تحت التعذيب والذين استشهدوا جراء الاهمال  المتعمد داخل السجون اذا نسي القائمين في المهجراو تناسوا فها نحن نذكرهم اليس كل هؤلاء ضحايا شطحاتهم وغرورهم الاعمى وسيلسلت الهروب الى الامام . الذين قادوا مرحلة المواجهة كنتو لا زلت مختلف معهم على الدوام في اسلوت التغيير ولم انازعهم الامر. هؤلاء هم جزء من هذا الماضي التعيس واول شر ط من شروط نسيان الماضي هو ان يستخلصوا العبرة و يسلموا الامانة الى اهلها لانهم لو يكونوا اهلا لها. ندعوا هؤلاء ان يستفيدوا من الغرب الذي منحهم ملاذا آمن كيف يمارسون الديمقراطية كل قيادة حزب تخوض انتخابات وتحقق نتائج سلبية الا وتنسحب من الساحة. بل يكفيهم ان يتعلموا من غيرهم في الساحة التونسية الم ينسحب الاستاذ احمد المستيري من الحياة السياسية اثر هزيمته النكراء في انتخابات 1989 اين العزة والكرامة والشهامة لهؤلاء الذين بعطون الدروس لغيرهم في الفضائيات. ان ذكر اسمائكم او سماع اصواتكم تحظر امام اعيننا سنين الجمر انظروا الى واقع الحريات بالبلاد كيف تاخر خمسين سنة الى الوراء كان الاحرى بكم ان تكون لكم الشجاعة الكافية وتعلنوا مسؤوليتكم وتطلبواالعفو من الله أولا والاعتذار من الاخوة وتنتظروا حكم الله والتاريخ . الا ان تركزوا في كتاباتهم على سيرتهم الذاتية البطولية واقناعنا ان القواعد هي من دفع الى المواجهة وان القيادة كانت مضطرة للسير وراء القواعد مقارنين ما وقع لنا لما وقع في غزوة احد عندما اضطر الر سو ل صلى الله عليه وسلم لقبول راي اغلبية الشباب الحديث العهد بالاسلام والمتشوق للجهاد رغم ان الذي وقع عندنا هو العكس فالقيادة هي التي نز لت الى الجهات لاقناع القواعد ان الحركة ومشروعها مهددان في الصميم . وان معركتنا المرحلية هي فرض الحريات وان القيادة هي التي ستحدد توقيت المعركة وحجمها ونسقها وما على القواعد الا ان تكون جاهزة ومتحمسة ومتحفزة الى كل ما يطلب منها . اما اخواننا الذين استقالوا او انسلخوا او جمدوا وضعيتعم والان يريدون الرجوع من النافذة بتنصيب انفسهم واعضين سياسين دافعين البعض الى تحبير مقالات او اجراء بعض الحوارات تذكرنا بتاريخهم الناصع وبطولاتهم او كتابات مقالات بانفسهم تتحدث عن الاعتدال والتسامح مساوين بين الجلاد والضحية و يتناسون دورهم في هذه المأساة.  فالحركة الآن مقسمة الى ثلاث اجزاء: جزء في الغربة منذ اكثر من20 سنة ترعرع اولاده وكبروا بعيدين عن وطنهم عن اهاليهم يحملون جنسية البلد الذي يقيمون فيه وكلما قام تنظيم القاعدة بعملية الا ووجدوا انفسهم يدفعون الثمن بالوكالة يعيشون بين حلم العودة او الرجوع في توابيت في ارض رفضت استقبالهم احباء فاستقبلتهم جثثا هامدة. وجزء ثان مازال في غياهب السجون نسأل الله سبحانه وتعالى ان يعجل بسراحهم. وجزء ثالث خرج من السجن الصغير الى السجن الكبير محاصرا سياسيا واقتصادبا واجتماعيا وسلطة متربصة بكل من تحدثه نفسه بتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها وهي عدم الاهتمام لامن قريب ولا من بعيد بالشان العام وما الاستدعائات والتحقيقات  الاخيرة مع كل من الاخوة علي العريض وعبد اللطيف المكي والصحبي عتيق و عبدالله الزواري وغيرهم كثير……الخ و صدق الله العظيم اذ قال : « واما الزبد فيذهب جفائا واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض  » صدق الله العظيم.  الإشتباك في طريق الفك .. ولكن الميزان الدولي حاضر ومنخرم. صحيح أن الإشتباك طالت آثاره أكثر من اللزوم حتى أضحت تونس إستثناء عربيا وإسلاميا في عين الدوائر الحقوقية والإعلامية شرقا وغربا .. ولكن عزاؤنا فيه أن الحركة جنبت البلاد صراعا دمويا قذرا تلطخت به الجزائر من حولنا وبلدان عربية وإسلامية أخرى. إلتزمت الحركة بمقولة  » كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل « . يستوي الآن في ذلك ـ درء لنازعة جدل عقيم ـ أنها كانت عاجزة عن إشعال نار الفتنة أو أنها تجرعت كأس الموت المر بصبر. العبرة بالنتيجة وهي أن تونس ظلت قابلة لطي صفحة إشتباك لم تسل فيه الدماء إلا دماء المساجين الذين عذبوا حتى الموت أو الذين منع عنهم الدواء حتى قضوا ..  إشتباك مازالت فيه حلقتان مهمتان جدا : خروج المساجين القابعين منذ عقدين كاملين تقريبا وعودة المنفيين الرابضين منذ أزيد من ربع قرن وأدنى من ذلك بقليل. حلقتان جديرتان بالفك بين يدي محطة 2009 الإنتخابية وما يلي ذلك ويستتبعه يندرج ضمن المغالبات التي تجمع السلطة بالمعارضة في كل بلد عربي أو غربي ديمقراطي أو إستبدادي. إن مما يبطئ فك الإشتباك بأقدار معتبرة بما يبعث على القلق حقا ليس هو المستوى المحلي الوطني بما فيه من قوى غير ديمقراطية ولكنه المستوى الدولي الذي يتميز حيال قضية الحريات في تونس بميزتين كبيرتين : أولهما أنه مستوى نافذ فينا نفاذا كبيرا وثانيهما أنه منخرم بالكلية لصالح الإستبداد والدكتاتورية بعض المهجرين يعتبر قضية التهجير ثانوية مقارنة بقضية المساجين وأنه ينبغي التركيز إعلاميا على هذه الأخيرة وعدم التشويش عليها بملفات أخرى. كلمة حق أريد بها تبرير عجز. صحيح أن قضية المساجين السياسيين ذات أهمية قصوى وهي تستوجب تضافر الجهود السياسية والإعلامية من أجل التعريف بها في جميع المحافل المحلية والدولية. » من التهميش إلى الموت البطيء : واننا بهذه المناسبة لا يسعنا الا ان نأدي تحية اكبار واعتزاز لهؤلاء الذين يصارعون العواصف والزلازل والرعود ابتغاء مرضاة الله تعالى ووفاء بعهده واحتراما لميثاقه الغليظ  وصدق الله العظيم اذ قال في سورة القصص:  » وربّك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون » (القصص – 68)  و قد كان امر الله هو وحده الذي اختار فهو المعين و الهادي الى سواء السبيل و لقد بشّرهم الحق ّفي سورة الدخان فقال : « ولقد اخترناهم  على علم على العالمين » (الدخان – 32) و عليهم بترقب فعل الله و هو القاهر والمرتقب فعل الظالمين  » فارتقب انهم مرتقبون » (الدخان – 59) و سوف يتولى الله هلاك الطغاة والجبارين و لن ياسف عليهم احد و ما دام ذلك الا بالصبر و تحمّل مشاق و تجبّر الفراعتة في كل زمان ومكان وبذلك يصدق قول الله فيهم في سورة الصافات اذ قال :  » ونجيناه واهله من الكرب العظيم وجعلنا ذريته هم الباقين » (الصافات – 76 و 77) فتحية و احترام جبال الصبر لان صبر الرجال ليس صبر لذلة على الأذى ولكنه صبر على الجهاد الدعوي و على مكاره الفتن والظلمة. فمنذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاعثلّة من المساجين السياسيين يقبعون في السجون ويعانون الذل والهوان وهم السادة الصادق شورو و اخوانه ابراهيم الدريدي و رضا البوكادي و نورالدين العرباوي و عبدالكريم بعلوش و منذر البجاوي و الياس بن رمضان و عبد النبي بن رابح و الهادي الغالي و حسين الغضبان و كمال الغضبان و منير الحناشي و بشير اللواتي و  محمد نجيب اللواتي و الشاذلي النقاش و وحيد السرايري و بوراوي مخلوف و وصفي الزغلامي و عبدالباسط الصليعي و الصادق العكاري و هشام بنور و منير غيث و بشير رمضان و فتحي العلج  و غيرهم كثير . نسأل الله لهم وللصحفي سليم بوخذيرو لجميع رجال الاعلام الصادقين في كل مكان وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات الإيقاف و الترويع لهم منذ أكثر عامين فرجا قريبا عاجلا وأعتبر ظهورظاهرة التيار السلفي بهذا الشكل هونتيجة منطقية لمحاربة الظاهرة الدينية على إثر ضرب الحركة الاسلامية في التسعينات وهي رد فعل على محاصرة الإسلام وغلق المساجد و مضايقة النساء المتحجبات ونشر خطاب ديني رسمي لا رائحة له ولا طعم بعيد عن قضايا المجتمع و الأمة وهو رد فعل على محاولات العلمنة التي لم تعد خافية على أحد … هذه العلمنة التي تجاسرت على الإسلام واهله في ظل وضع دولي معاد للأمة الاسلامية وخاصة في فلسطين و العراق وأفغانستان ولبنان فبحث الشباب عن دينه في الانترنت و الفضائيات والمشائخ . والحركة الاسلامية التونسية لحما ودما هي قادرة على تأطير هذه الظاهرة السلفية وترشيدها نحو الوسطية والاعتدال لو توفر مناخ الحرية في المجال الدعوي . أما عن مكاسب الحداثة والتنمية فإن الاستبداد وخنق الحريات والإمعان في احتكار السلطة هو أخطر ما يهدد البلاد. إن إعلامنا الرسمي يقدم المعلومة الموجهة وغير الدقيقة, ولعل ما تقدمه وكالة تونس إفريقيا للأنباء خير دليل على ذلك إذ مازالت المعلومة تقدم قطرة قطرة خاصة في الأحداث الهامة، وتكون في غالب الأحيان دون دقة بل وتجانب الواقع في العديد من المناسبات مع إقصاء ممنهج للرأي الآخر. وإضافة فقدان الثقة في المعلومة التي تقدمها صحافتنا، تم خلق حالة من الفراغ في مجتمعنا عبأتها مظاهر خطيرة مثل الجريمة واللامبالاة والتطرف لذلك فإنه من الأكيد أن يتم تحصين مجتمعنا عبر بوابة الإعلام بقيم العلم الشرعي والتقدم والحداثة. إن المطلوب اليوم تجاوز الخلافات السياسية في طابعها العدائي من أجل تفعيل قيمة التضامن الوطني باتجاه الاستيعاب الناجع للمشاكل والتحكم الأكثر نجاعة وسيطرة على القضايا والمعضلات المزمنة والمستفحلة ايمانا منا بنبذ الصراع الطبقي وكذلك الصراع بين الاجيال اذ اننا نأمن بالتكامل والتكامل و التضامن بين جميع مكونات المجتمع فقيرها وغنيّها كبيرها وصغيرها القويّ فينا يحمي الضعيف والغني فينا يساعد الفقير والقويّ فينا يأخذ بيد الضعيف. فالمطلوب، الكف عن مصادرة حق الفئات الاجتماعية المتضررة من ديناميكيات التجويع العالمية بتعزيز السياسة الاجتماعية وتطوير آلياتها التضامنية وتوسيع مظلتها الحمائية وتنويع أشكالها بالقطع مع الخطاب الحزبوي لأنه لا يليق بشعب يحب الحياة ولنفتح المجال لخطاب تضامني يصالح بين المجتمع والدولة ويجمع الطاقات في مواجهة التحديات. ومن الحكمة والفقه الحسن ومن الوعي والإدراك للحظة التاريخية وللمعاناة التي يعيشها شعبنا وعظم المسؤولية الملقاة علينا قبل غيرنا في هذه المرحلة التاريخية بالذات لأننا أصحاب رسالة واصحاب قضية وعلينا بالاحتساب الى الله العلي القدير والصبر والمصابرة والمرابطة. وصدق الله العظيم اذ قال في سورة آل عمران: « يا ايها الذين آمنوا اصبروا و صابروا  و رابطوا و اتقوا الله لعلّكم تفلحون » (آل عمران – 200)  اذ نحن نأمن و ندعو على الدوام الى المصالحة والمصارحة وفكّ الاشتباك بين الجميع والحوار وبالحوار فقط يمكننا ان نتخطى الصعاب مهما كبرت وشعارنا « يسعى بذمتهم ادناهم وهم يدا على من سواهم ». و صدق الله العظيم اذ قال في سورة آل عمران: « ولتكن منكم أمّة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون » (آل عمران 104) و قال تعالى « مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ » (النحل:97).  و الله هو الهادي إلى سواء السبيل لا رب غيره و لا معبود سواه باريس في 25 جوان  2008


بدولار واحد ستشرق شمس الكونية من تونس

 
بقلم عادل معيزي الأطفال الجوعى في صحارى افريقيا، النساء المجروحات من تمنّع الرخاء، الشيوخ المتألّمون من فرط الأوبئة وشحّ الأدوية، الرجال المنكسرون على حربة الوقت، حبّات القمح الضامرة من فرط الظمأ في الهند، الصراع بين قبائل القرن الإفريقي على احتمال مرور جدول من الماء العذب، الدواب المنهكة في السند وهي تحمل عظامها التي تغطيها جلود رمادية شاحبة القلوب المنفطرة في صحراء استراليا او مسالك الدم في عالم امريكا السفلي، هاوية غزلان غابات الأمازون بين أنياب ذئب سقط للتو بين أنياب النمر، الأب الذي ينسج كلمات كهذه في مكان ما، في غرفة ما، أصناف الأعشاب المنقرضة والمخلوقات التي نودّع سلالتها الى الأبديّة، جفاف السماء في لهيب الشمس وندرة المياه والحبوب في أصقاع الدنيا، الحرب بين أمتين متجاورتين على طاسة ماء، العذاب المصفّى لقطعان البشر، اليأس المتباطئ في صلوات العبث، ما بشر به الشعراء من كوارث بيئية ومن أوبئة وحروب ومجاعات هو لوحة النفايات التي ستخلفها العولمية المحمومة وهي تعمّق الأزمة الإقتصادية والغذائية. وها هي العولمية تستسلم لجموحها ولنزواتها في منظومة بيت الإقتصاد الحرّ المعقّد التي لم يعد التعديل فيها بالحركات الاجتماعية والعمالية ممكنا كما لم يعد ممكنا نسفها من الداخل او تعديلها ديمقراطيا .. هكذا أدرك العقل التونسي من حديقة نور القمر أن التأثير الخارجي غير المباشر على آليات التوجيه الذاتي يتطلّب شيئا جديدا ألا وهو الجمع الخلاّق بين الدعوة للاكتفاء الذاتي الذكي والتضامن الكوني على مستوى رفيع … وها هي النظرة الجديدة ترسي على التصور وهو أن المجتمع الانساني يمكن أن يؤثّر في نفسه من دون أن يعتريه خطر ومن دون ان يفقد التوازنات التي تكرّسها العولمية وذلك عن طريق وسائل محايدة فوق دولية تمتلكها السلطة الأممية .. وهكذا يمكن للمجتمع الإنساني أن يحوز على المصدر الثالث والأساسي في المستقبل الذي يمكن أن يشبع منه حاجته لإنجازات توجيهية … هذا المصدر الثالث ـ الى جانب المال والسلطة ـ هو التضامن الذي يجب ان يوضع في توازن جديد ويتفعّل باليات جديدة وبذلك يمكن القول ان سلطة الدمج الاجتماعي لقسم كبير من الشعوب التي يحوزها التضامن يجب ان تثبت ذاتها في وجه السلطتين الأخريين، المال والسلطة… ولعلّ دعوة تونس الشاعرة الى ارساء صندوق عالمي للتضامن والى تمويله عبر اقتطاع دولار عن كل برميل نفط هو السبيل لانقاذ الحضارة الانسانية مما تردّت فيه وهو ليس انقاذا ماديا فحسب بل هو انقاذ روحي بعد ان عجزت كل التيمات الروحية والعاطفية والفلسفية من كبح الجماح المادي للعولمة لأنّ قيم التضامن هي التي يجب ان تكون الأخلاق الانسانية الجديدة باعتبار أن المخاطر التي تتهدد مستقبلنا على هذه الارض المتعبة من الدوران تتهدد في الحقيقة مستقبل الانسانية جمعاء ومستقبل ما جاورها من كائنات وموجودات، مخاطر لا تفرق ابدا بين الفقراء والاغنياء ولا بين الضعفاء والاقوياء ولا بين البشر والحيوان ولا بين الانهار والبحار والاشجار والاعشاب، مخاطر ستنعكس على كل مظاهر الحياة … رغم طوافي العجيب مفردا جمعا فان الروح تعود الى الكون من تونس .. ولعل هذه اللحظة الكونية هي التي تدعو أدباء العالم ومثقفيه وفنانيه وكل نفس انساني يفكر في عذابات الاخرين ان يمضي في مسيرة كونية لتحرير الانسان وتحرير الكون مسيرة تجوب أصقاع الدنيا وتهتف بفضيلة التضامن وصولا الى مقر السلطة الأممية من اجل تفعيل الدعوة التونسية لمقاومة الفقر والجوع في العالم لمقاومة عذابات الانسانية من أجل تحقيق امكانيات محسوسة لحياة أفضل وأقل تعرّضا للخطر ظلّ الشعراء يحلمون بها طويلا. ـ ـ ـ لن استطيع أن أفهم أبدا لماذا أنا قلق هكذا على المصير وأصوات أطفال العالم تهجم على كوابيسي وتردني الى سيرتي الاولى ودماء اشجار النخيل والصنوبر وترتمي في بصري كأنني أتوحّد مع كل المخلوقات وكل الموجودات اشباح الجوعى في الأقطاب وأنين الجرحى والمرضى ينحدر في الأركان وحروب لامتناهية تقصف خطواتي وهياج السماوات والبحار يودّي بجثث الطيور … ولا أمل لنا سوى إنقاذ ما تبقى من أصوات بتجميد تلك الممشوقة في المساء وهي تعبر الحديقة الطاهرة وتغتسل بنور اللحظات الصافية، تلك التي تمنحنا النظرة الساكنة متدرجة في لطافة لامتناهية، تلك التي تفكّ رموز الأبجدية السحرية وتؤاخي نجوم المدارات الأخرى وتموسق الطفولة بالات الحب وتجيء من خلف الأساطير القرطاجية، تلك الروح التي ظلت لزمن طويل وحيدة وجاءت تونس لتعيدها الى حدود الجهات والحدائق تلك الفضيلة هي فضيلة التضامن الكوني التي ستخلّف ابدية الحياة وستطمر أسلاف الموتى وتعيد إبريق النبع فوق الماء، تلك التي ستجعل شمس الكونية تشرق من جديد (…). المصدر: جريدة الصحافة( يومية – تونس)بتاريخ 14 جوان 2008


محاورة فلسفية دينية على غرار حلقات الفكر في «بيت الحكمة» أيام الخليفة العباسي المأمون مناظرة دارت إشكاليتها الرئيسية حول الفكر الديني والفلسفي في مواجهة التحديات الراهنة

 
 
 
تونس – آمال موسى يمكن القول إنه لأول مرة في الفضاءات الثقافية التونسية، تُجرى مناظرة فكرية كالتي تمت بين المفكرين المعروفين التونسي أبو يعرب المرزوقي والمصري حسن حنفي، وذلك في «منتدى الجاحظ»، الذي يشرف عليه المثقف صلاح الدين الجورشي، والذي أدار المناظرة بحنكة واقتدار ساهما في نجاح المناظرة التي استمرت قرابة الساعتين، وكان فيهما انتباه الحضور النوعي الغفير متناميا إلى آخر جولة من جولات المناظرة. وطبعا أسلوب المناظرات يعتبر تقليدا عربيا أصيلا كان يميز حلقات الفكر في «بيت الحكمة» أيام المأمون وأيضا في «بيت الحكمة»، التي أسسها الأمراء الأغالبة في مدينة رقادة بالقيروان وللمناظرة ذات التاريخ العريق في الممارسة الفكرية العربية والاسلامية، آداب وشروط لعل أهمها المبارزة بالفكرة وبالبراهين وبقوة المنطق والحجة، وهو ما يمكن القول بثقة عالية إنه قد توفر في المناظرة المذكورة. ولقد دارت الإشكالية الرئيسية للمناظرة حول الفكر الديني والفكر الفلسفي في مواجهة التحديات الراهنة وتطرقت إلى المحاور التالية: ـ تفسير الإشكالية المطروحة ـ أزمة الفلسفة: هل مازال للفيلسوف قول ودور؟ ـ هل يمكن أن تشكل العودة إلى الدين خطورة على الوعي والثقافة؟ ـ كيف يمكن أن نجعل العقل في تعامل مع النص؟ استهل المفكر حسن حنفي المناظرة بالقول، إن الوطن العربي يتعثر سياسيا واجتماعيا، ولكن ثقافيا الأمر يختلف حيث أنه جاب العالم ولم يجد مكانا يتكاثر فيه فيض الأسئلة كما هو شأن الوطن العربي، مذكرا في هذا السياق بنشأة علم الخلافيات عند المسلمين، وكيف أن مصدر المعرفة في الثقافة الاسلامية إنساني وإلهي على خلاف الغرب، الذي حسم مسألة تعدد المعارف في المعرفة الحسية. وأبرز حنفي الفرق بين طبيعة الفلسفة والدين، مبينا أن الفكر الفلسفي لا يعترف بأحكام مسبقة، فهو يبدأ بيقين قد يكون يقين الأنا أو يقين الوجود الذاتي ولا ينطلق من المسلمات، أي أن الفكر الفلسفي برهاني وأقرب ما يكون إلى المنهج منه إلى الموضوع. لذلك فهو ليس فكرا ايمانيا تسليميا بل أنه فكر عقلاني مفتوح لا يعرف الحقيقة مسبقا، ولكنها هدفه. أما في ما يتعلق بخصائص الفكر الديني فقد أشار الدكتور حنفي إلى أنه يبدأ بالإيمانيات والغيبيات، ويتصور أن العقائد أشياء والرأي واحد وهو ما جعل الحوار داخل الفكر الديني على درجة عالية من الصعوبة، رغم وجود الفكر الكلامي العقائدي والفكر الفلسفي والفكر الشرعي والفكر الذوقي. من جهته تناول المفكر أبو يعرب المرزوقي الكلمة ليقدم قراءته لإشكالية المناظرة، وهي قراءة أعلن فيها المرزوقي خلافه المنهجي والفكري مع مناظره حسن حنفي. ذكر المرزوقي أنه ليست هناك علاقة مباشرة بين الفكر الفلسفي وتحديات الراهن، ولا بين الفكر الديني وتحديات الراهن، بل هناك وسائط، باعتبار أن ما هو فلسفي لا يواجه تحديات الراهن إلا بواسطة العلم، والدين لا يواجه تحديات الراهن سوى بواسطة الأخلاق. والمشكل الجوهري، حسب تقدير المرزوقي، يكمن في أن الوسيط في الوطن العربي منعدم مما نتج عنه مواجهة بين الفكرين: بين الوسيط الخبري، الذي يميز الفكر الفلسفي والراهن، والوسيط الإنشائي الذي يحكم علاقة الفكر الديني بما هو راهن. ويسترسل المرزوقي في تأكيد ظاهرة التصادم والمواجهة، مبرزا أن الفيلسوف الذي يتوسط العلم، يعتبر الفكر الديني جزءا من تحديات الراهن، والفكر الديني يرى أيضا في الفكر الفلسفي جزءا من تحديات الواقع. فيصبح تبعا لذلك الصراع بين الفكر الفلسفي والفكر الديني جوهر الإشكالية، لأن مقولة «تحديات العصر»، في حد ذاتها لا تزال مبهمة ولم نصفها الوصف العلمي الدقيق. * أزمة حصار الزمن * المحور الثاني من المناظرة تناول مسألة أزمة الفلسفة، وما إذا كانت بالفعل تمر ـ أي الفلسفة ـ بأزمة هيكلية وهل مازال للفيلسوف دور وقول؟ في هذا المحور كانت البداية مع المرزوقي، الذي كانت مقاربته شديدة الوضوح، إذ اعتبر أن الأزمة قائمة الذات وتتمثل في دور الوسيط الغائب الذي لا أثر له في الفلسفة العربية، بمعنى أن الوسيط العلمي في الفلسفة العربية منعدم. ويضيف المرزوقي قائلا: «ليس لنا أخلاق ولا علم (كوسيط). فالأخلاق ليست القول بالقيم بل العمل بها. ونحن نستورد التكنولوجيا من دون أن تكون لنا مشاركة ملموسة في الرصيد العلمي. إن الحرية هي التي تجعل الأخلاق تتطور وليس من باب الصدفة اكتشاف الغرب الآن أن أصل القيمة الخلقية والعلمية هي القيمة الوجودية». أقر بدوره المناظر حسن حنفي بوجود أزمة في الفلسفة وهي أزمة حصار الزمن المتمثلة في سجن متكون من ثلاثة حيطان: حائط القديم وحائط الوافد الغربي وحائط الواقع. لذلك فإن الفلسفة في العالم العربي حسب حنفي هي محاصرة، في حين أنه في الغرب هناك بحث عن نقطة جديدة. ويطرح حسن حنفي السؤال التالي: هل يمكن للدين أن يكون فلسفة، خصوصا أننا ورثة مصدرين للمعرفة، أي الوحي والمعرفة الإنسانية؟ وكإجابة عن هذا السؤال الانتقالي، اعتبر أن أول واجبات المسلم هو النظر، أي إعمال العقل. وبالاعتماد على العقل، نستطيع أن نحول الموروث الديني إلى فلسفة. أما المرزوقي فقد عارض هذه الرؤية التوفيقية بين الفكرين الفلسفي والديني، مبرزا أن هناك تنافسا بين الفكرين على نفس الدور، مما يُنتج علاقة تصادم بالأساس، يزيدها تعقيدا غياب الوسيط في الفلسفة العربية. بعد التناظر حول المحورين السابقين المذكورين، انتقل صلاح الدين الجورشي بالمتناظرين إلى إشكالية في منتهى الدقة والحساسية والمتمثلة في السؤال التالي: هل يمكن أن تشكل العودة إلى الدين خطورة على الوعي والثقافة؟ وهل هناك خلل في الفكر الديني يُخشى من تبعاته؟ من جهته الدكتور حنفي أخذ الكلمة وقال إنه نظرا للأزمة الراهنة في الوطن العربي، فإننا نشاهد مخاطر الطائفية والتجزئة، حيث لا يوجد أي أفق حاليا للحوار بين التيارات المتنافسة، ولا بين التيارات ونظم الحكم. وهذه الوضعية أملت اللجوء إلى الدين، خصوصا أننا نعيش منذ ألف عام في ظل محافظة دينية، وهو ما يعني أن الحاصل اليوم هو عودة إلى المحافظة الدينية وليس إلى الدين. وأضاف حنفي أنه إذا كان الدين يمكن أن يؤسس على العقل والفكر وتستطيع الفلسفة أن تقوم بدور فيه، فإنه يمكن الثقة في الذات وفي العقل وبالتالي التأسيس للعودة إلى الدين على أساس العقل. * الفهم هو التغيير الحقيقي توقف الدكتور المرزوقي في إجابته عند حرية الانسان وكيف أن الحرية أساس العلم والأخلاق، والاستبداد مؤذن بخراب العمران، مركزا على أهمية دور المؤسسة التعليمية الحرة في تأمين إصلاح الدنيا والدين. المحور الأخير من هذه المناظرة التي شدت انتباه الحاضرين وأغنتهم بتنوع المواقف، رغم التعارض الجوهري في كثير من النقاط المفصلية، يتعلق بموضوع كيفية تعامل العقل مع النص. إن موقف الدكتور حسن حنفي من هذه الإشكالية كان واضحا، حيث دعم مكانة العقل ورفض التشكيك في إمكانياته، مبرزا أنه أساس المعارف الانسانية، بل انه بين أن عيوب العقل يمكن السيطرة عليها، أما عيوب النقل فتحتاج إلى عدة مناهج لضبطها وهو ما يختلف عن حال العقل الذي لا يحتاج إلا إلى الصراحة وإلى تفعيل دور الفلسفة والجامعات ومراكز الأبحاث، مطالبا بضرورة إعادة بناء العلوم النقلية من منظور جديد، مع العلم أن حنفي اعتبر تحول الدين إلى آيديولوجيا أمرا لا ضرر منه. أما المفكر أبو يعرب المرزوقي فقد عبر عن عدم استعداده للتنازل عن كونية القرآن، رافضا في ذات الوقت تنزيل الدين إلى منزلة الايديولوجيا، مضيفا أن وظيفة الفكر تتمثل في الفهم والتحليل وليس التغيير، لذلك فإن الفهم والتحليل هما التغيير الحقيقي. ورأى المرزوقي أننا قد تنازلنا عن قيم الاسلام الحقيقية والمطلوب اليوم المشاركة في كونية العلوم الانسانية وليس إعادة تأسيس نفس العلوم، معبرا عن رفضه للأطروحة الداعية إلى إسلامية المعرفة. (المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 جوان 2008)

جمال اللباس وأناقة الإنسان و زينته:أحكام ومقاصد  /ج2

         

 
              
أ.مصطفى عبدالله ونيسي   تقديم :  إن اللباس هو أفضل ما يعكس ذوق الإنسان للجمال و الأناقة. فاللباس ليس مجرد غطاء أو غلاف خارجي للجسد و إنما هو كساء له جملة من الدَلالات و الأبعاد الوظيفية. فما هي هذه الأبعاد وهذه الدَلالات و هذه الوظائف ؟   وما هي ،أصلا،  حقيقة الجمال و الأناقة في التصور الإسلامي ؟ ما هي شروطه  وضوابطه و أحكامه ؟ ما هي خصائصه و مميَزاته ؟ و لماذا يختلف المسلمون أو بالأحرى المتدينون في نظرتهم و تقديرهم للجمال عن غيرهم ؟  فلسفة الجمال في التشريع الإسلامي:  الأناقة أمر مطلوب في الإسلام. والجمال له مكانته في التشريع الإسلامي.والزينة أمر يحث عليه الإسلام . وهو يستنكر بشدة على أولئك الذين يحرمون على الناس بأراءهم  و أذواقهم الخاصة ما أباحه الله تعالى من زينة و رياش[قل من حرَم     زينة الله  التَي أخرج لعباده ]الأعراف 33. والفرد الذَي يحرص  و يحافظ على أناقته و حُسن مظهره و نظافته في بيته وفي ثوبه  ونعله و كُلِّ  ما يتصل به من أمور، خـيرٌ من الَذَي لا يحافظ ولا يحرص على شيء من ذلك و قد وضّحَ النَّبي (ص)ذلك عندما قال [ لا يدخل الجنَّة من كان في قلبه مثقال ذرّةٍ من كبر ] فقال رجل :[إنَ الرّجل يحب أن يكون ثوبه حسنا و نعله حسنا !] فقال(ص):[إنَ الله جميل يحب الجمال]صحيح مسلم . وهل هناك أكمل وأجمل صنعا وتشريعا و حُكما من الله!؟ وفي رواية أخرى نجد أنَ رجلا أتى النَبي (ص) فقال :[إنَي أحب الجمال وقد أُعطيت منه ما ترى ،حتَى ما أحبَ أن يفوتني أحد بشراك نعل.أفمن الكبر ذلك يا رسول الله؟] فأجاب (ص):[لا ، و لكنَ الكبر  بطرُ الحق و غمط النَاس.]أخرجه أبوداود  .فالإسلام دين الفطرة  أنزله الله على عباده ليخرجهم من الظَُلمات إلى النَور ،وهو انسجام كُلَه،و جمال كُلَه وهو يحث على كُلَ ما هو جميل في جميع تشريعاته و تعاليمه. وهذا ما يفرض علينا ،بحكم أنَنا مُتعبدون بهذا الدِّين،أن نعرف أنَ للإسلام تقييمُه الخاص و نظرته المُتميََزة للجمال في الملبس و  أناقة المظهر.  ومع هذا لا  ينبغي  أن نغفل أن هذا التقييم الإسلامي،على فرادته التَي نعتز بها، قد لايفهمه البعض وخاصة أولئك الذَين بقوا أسرى لحواسهم وملذَاتهم الشهوانية والمتأثرين بالحضارة الغربية المَادية المعزولة عن كُلَ ما هو أخلاق ودين. إن فقه فلسفة الجمال في التصور الإسلامي لا يُمكن النفاد إليه إلا عن طريق صحيح العقل و صريح النقل . و ما ينبغي أن يُدركه سَوِيُّ الفطرة هو أنَ وراء هذا الجمال  الظاهري المحكوم في كُلِّ الأحوال بالنسبيّةِ والجُزئِيَّةِ والوقتية و حتَّى الوَهميَّة أحيانا،والذِي قد يُبهرُه و يفتنه ،هنالك جمال مُطلق و دائم وحقيقي  لن تتم صورته و تكتمل إلاَ بآتباع شرع حكيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.وهو جمال ،لا محالة، أولى بالتحرِّي والتحصيل لأنَه جمال تام و خالص وحقيقي. ومن أجل أن ينفذ الإنسان إلى هذا النوع من الجمال و يصوغ وفقه مُقتضيات ذوقه الجمالي في ملبسه وزينته ومظهره كان لابُدَّ  له من أن  يستعين بوحي الهي يُرشده إلى حقائق الأشياء حتَى لا تختلط عليه   الأمور ويعلم أنَّ  لهذه الأشياء حقائق خارج صورها المحسوسة. فالجمال في التصور الإسلامي  يختلف في كثير من الأمور عن الجمال في الثقافة المادِّيَةِ و خاصة منها الغربية ذات الأصول الوثنِيََّةِ. فاللَباس هو انعكاس إلى حدٍّ كبيرٍ لما يُؤمن به الإنسان من مبادئ وقيم و رؤية لكيفية التعامل مع هذا الجسد. فكيف تعامل المُشّرِعُ الإسلامي مع الجسد خاصة فيما   يخص أناقته و زينته؟
الأناقة و الزِّينةُ بين الرَمزِّية الرُّوحية والجماليّة الجسدّية:  إنَ للجمال في التصور الإسلامي بُعدين أساسين يحسُن تلازمهما ،إلا في حالة الضرورة ،حتى تكتمل الصورة الجمالية شكلا و مضمونا و مظهرا و مخبرا . أمّا عن البعد الأوّل فهو ما نُعبِّرُ عنه بجمال القلب والعمل الصالح أو جمال الرََُوح أو النَفس الزَّكية إلى  غير ذلك من المسميَّات . وهذا الجانب من الجمال لا يمكن للإنسان أن يُفرّط فيه لأنه إن فعل فقد فرّط في كرامته وأهدر إنسانيته.  ولذلك جعل الله هذا البعد مُكتسبا بحسب اجتهاد المرء وبلاءه إن خيرا فخير وإن شرَا فشرَ. ومن فضل  الله و عدله سبحانه أن جعل هذا البعد للجمال هو أساس المفاضلة بين عباده ،فهو قد خلقهم مُتساوين و أحرارا في تزكية أنفسهم أو تدنيسها و بناء على ذلك حمّلهم دون سائر مخلوقاته مسؤولية اختياراتهم :[ونفس وما سوَاها ،فألهمها فُجورها و تقواها،قد أفلح من زكَاها ،وقد خاب من دسَاها ] سورة الشمس،الآيات7،8،9،10 وهذا البعد من الجمال لا يجوز للإنسان أن يُضح به،إن أراد أن يبق إنسانا حُرًّا،سويًّا،مسئولا و مُكلَفا كما خلقه ربُّه.  أمّا البُعد الثاني للجمال فنقصد به الجانب الخارجي أو المادي المحسوس الذَي تراه العين وتلحظه.وهذا الجمال هو هبة من الله لا دخل للإنسان فيه إلا من حَيثُ تعَهُُدهُ بالرِّعاية والعناية،نظافة وصحة و زينة. فالإهتمام بالجمال الجسدي المحسوس يعترف به الإسلام و يحرص عليه ولكن بشرط أن لا يكون ذلك على حساب الجمال الباطني .فالجمال المحسوس يجب أن يكون،خادما للجمال المعنوي و الأدبي للإنسان ،ومنسجما و مُتناسقا معه،كما بيّنت ذلك تعاليم الإسلام. فالله خلق الإنسان مُخيَّرَّا في جماله الباطني و مُسيَّرًا في جماله الظاهري.والمطلوب من الإنسان ،الخليفة والمُكلُف ،لتحصيل الجمال في أبهى صورة وأتمِّها تحقيق التوازن بين مُختلف مُكوَنات الجمال  وأبعاده  .                                                                                
 مصطفى عبدالله ونيسي/ باريس/فرنسا.                                         

المرأة المسلمة السويسرية والفتاة المضطهَدة التونسية
 
 
بقلم: حافظ الشيخ صالح (*) قرأنا وقرأ الناس في الصحف، نقلاً عن وكالات الأنباء، أنّ المحكمة العليا في سويسرة نقضتْ حُكماً صادراً عن محكمة ابتدائية، وقرّرتْ إعطاء الحقّ لامرأة سويسرية بارتداء الحجاب الشرعي الإسلامي في أثناء العمل، وقالت المحكمة العليا في حيثياتها إنّ حُكم المحكمة الابتدائية يناقض الدستور، وأضافت أنّ الدستور السويسري يُعطي الجميع حقوق حرية الديانة، وما تقتضيه ديانة المواطن من إظهارها علناً، والتمتّع بها من غير منع، أو إيذاءات أو مضايقات، في الحياة العامة. وقرأنا أيضاً وقرأ الناس في الجرائد، نقلاً كذلك عن وكالات الأنباء، أنّ معهداً في تونس العربية المسلمة رفض منح فتاة تونسية متحجّبة شهادة تخرّجها في المعهد، وقال لها مدير المعهد بالحرف الواحد: «عملاً بالقانون المرعيّ فإننا لا نعطيك الشهادة حتى تكشفي شعرك«. الفارق صارخ بين الحادثتين، والفارق الذي هو أشنع وأفظع أنّ المرأة السويسرية المسلمة في استطاعتها رفع قضية، تبلُغ مبلغ المحكمة العليا في البلاد، دفاعاً عن دينها، وذَوداً عن حجابها، ومطالَبةً جهيرة الصوت وصارمة بحقوقها الإنسانية والقانونية، فيما الفتاة التونسية المضطهَدة، وأمثالها في تونس ملايين غفيرة، ممنوعة بالحديد والنار، وبالقمع الباطش الخام، من الدفاع عن ذاتها، والذود عن إنسانيتها، والمطالبة بحقوقها الابتدائية، الإنسانية والدينية والحياتية. هذه وسيلة إيضاح إضافية، كئيبة هي ورهيبة، تُرينا مبالغ الاهتراء، ومبالغ الإفلاس الـمُريع، في الاستبداد التونسيّ السلطويّ الواغل ضدّ الإسلام، على أنحاء لم تشهدها حتى تركية، ولا مصر ولا سورية، في ذروات البطش بالإسلام، وحركة الإسلام، وشعائر الإسلام، وفروض الإسلام. لكن هذا البطش في تونس بالإسلام، على مدار الساعة، ومن غير فتور، إنّما يُقارب في جوهره انتحارات الاستبداد السلطوي، وزحفه المحتوم نحو الزوال والأفول، وانتقاله من علياء العرش إلى علياء النعش، ولو بعد حين. (*) كاتب ومعلق بحريني (المصدر: صحيفة « أخبار الخليج » (يومية – البحرين) الصادرة يوم 24 جوان 2008) الرابط:  http://www.akhbar-alkhaleej.com/ArticlesFO.asp?Article=246029&Sn=shkh  


فدرالية التونسيين من أجل مواطنة الضفتين التهاب أسعار التذاكر يثقل كاهل العمال المهاجرين المغاربيين
 
يتابع مجلس إدارة فدرالية التونسيين مواطني الضفتين، المنعقد يوم السبت 14 جوان 2008 ، بقلق بالغ، الارتفاع الكبير الذي عرفته مؤخرا أسعار تذاكر الرحلات الجوية والبحرية إلى تونس مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة، الأمر الذي يتسبب اليوم في حالة تذمر واسعة في صفوف العمال المهاجرين، حيث أصبح هذا الارتفاع يمثل بالنسبة لهؤلاء العمال مشكلا حقيقيا يعيقهم في كثير من الأحيان عن العودة مع عائلاتهم إلى تونس في فترة العطلة الصيفية التي تمثل الفرصة – التي تكاد تكون الوحيدة – لأغلب العمال من زيارة عائلاتهم. إن فدرالية التونسيين مواطني الضفتين إذ تدين ما يبدو لنا اليوم كاتفاق غير مشروع على رفع أسعار التذاكر، فيما بين مختلف الشركات التي توفر رحلات على خطوط فرنسا – تونس البحرية والجوية، تحمل السلطات التونسية مسؤوليتها أمام مثل هذه الممارسات، حيث لم تحرك الحكومة ساكنا لوضع حد للارتفاع الحاد في أسعار التذاكر، في تناقض فاضح مع الخطاب الرسمي الذي لا ينفك يدعي الاهتمام بالعمال التونسيين بالخارج وتوفير الرعاية لهم. ونحن أمام هذا الوضع، المتزامن مع انخفاض المقدرة الشرائية للعمال المهاجرين نطالب السلطات باتخاذ كل الإجراءات الضروري من أجل خفض تذاكر الرحلات للعمال التونسيين بالخارج وعائلاتهم مما من شأنه تمكينهم من العودة إلى بلادهم في ظروف طيبة، كما لا يفوتنا أن نذكر بالدور المهم الذي يلعبه العمال التونسيون بالخارج في الحياة الاقتصادية الوطنية، سواء من خلال تحويلاتهم المالية المستمرة على مدار العام أو من خلال خلق مواطن الشغل عبر استثماراتهم في تونس. كما لا يفوتنا أن نذكر أن الفدرالية تطلق حملتها السنوية لمرافقة عودة العمال المهاجرين إلى تونس، عبر إصدار نسخة 2008 من « جواز السفر » الذي يندرج في أطار إرشاد المهاجرين والمسافرين المغاربيين حيث ستكون الفدرالية حاضرة، عبر الجمعيات المنخرطة فيها، في كل من مطارات مدن ليل وليون وموانئ مدن « سات » و »مرسيليا » في الفترة ما بين 1 جويلية و 15 أوت 2008 . كما تعلم كل من يهمهم الأمر أنه يمكنهم تحميل النسخة الالكترونية من « جواز السفر » من على موقع الفدرالية:  www.ftcr.eu عن مجلس الإدارة محي الدين شربيب

الجزائر: تعديل وزاري يعيد أويحيى إلى رئاسة الحكومة
 
الجزائر – محمد مقدم     أعاد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، أمس، تعيين السيد أحمد أويحيى في منصب رئيس الحكومة خلفاً للأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني السيد عبدالعزيز بلخادم، في أول تغيير يطاول منصب رئاسة الحكومة منذ أيار (مايو) 2006. وجاء الإعلان عن التغيير في بيان مقتضب صدر عن رئاسة الجمهورية أشير فيه إلى أن بلخادم أصبح وزير دولة ممثلاً شخصياً لرئيس الجمهورية، وهي المهمة التي تقلدها في السابق عندما كان أويحيى على رأس الحكومة. وجاءت عودة أويحيى (زعيم التجمع الوطني الديموقراطي) إلى منصبه، بعد تنحيته في ايار (مايو) 2006، في سياق عودة لافتة له على المستوى الدولي، إذ كلّفه الرئيس بوتفليقة بمهمات ديبلوماسية عدة في الخارج (مثل اليابان والهند) كممثل شخصي له. وحرص بيان رئاسة الجمهورية على تأكيد أن الأمر يتعلق بـ «تعديل وزاري» تم فيه إنهاء مهمات السيد محمد مغلاوي كوزير للنقل، علماً أن مغلاوي يعالج حالياً في باريس وكان يحل محله على رأس الوزارة منذ أسابيع السيد دحو ولد قابلية الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية. وعيّن السيد عمار تو على رأس وزارة النقل بعدما أعفي من مهماته على رأس وزارة الصحة والسكان التي عرفت هي الأخرى مشاكل عديدة. كما أنهيت مهمات وزير الفلاحة السيد السعيد بركات الذي كُلّف الإشراف على وزارة الصحة والسكان. وأنهى رئيس الجمهورية مهمات الوزيرة المنتدبة للإصلاح المالي السيدة فتيحة منتوري التي عينت مستشارة في رئاسة الجمهورية. وكان بلخادم أبلغ منتوري بإنهاء مهماتها، وهو ما دفعها إلى مقاطعة مكتبها منذ أسبوع. وألحقت وزارة الأسرة إلى وزير التضامن الوطني السيد جمال ولد عباس الذي أدمجت له أيضاً وزارة الجالية الوطنية في الخارج. وبقيت السيدة نوارة جعفر في منصبها وزيرة منتدبة واضيفت إليها مهمة مساعدة ولد عباس في قطاع التضامن الوطني والجالية. كما شملت الحركة الجديدة إنهاء مهمات وزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال السيد بوجمعة هيشور الذي سيحل محله السيد حميد بصالح المدير العام لمركز التكنولوجيات المتقدمة. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 جوان 2008)  


بعد أشهر من الجدل حولها حركة «لكل الديمقراطيين» المغربية تتحول إلى حزب سياسي
 
الدار البيضاء – إسماعيل روحي بعد أشهر من الأخذ والرد وإثارة الجدل حسم فؤاد عالي الهمة، الوزير المنتدب السابق في الداخلية، مصير جمعيته «حركة لكل الديمقراطيين»، مؤكدا أنها ستتحول إلى حزب سياسي من المرتقب أن يشارك في الانتخابات البلدية المقرر إجراؤها العام المقبل. وأوضح الهمة خلال لقاء تواصلي نظم أمس الأول بالدار البيضاء، حضره شخصيات سياسية واقتصادية وثقافية ورياضية، أن المغرب يواجه تهديدا يعرقل تنفيذ مشروعه المجتمعي يتمثل أساسا في «المتطرفين الإسلاميين»، وما وصفه بـ «لوبيات الفساد» التي تعمد إلى استعمال المال خلال الانتخابات. وأضاف الهمة أنه مستعد للمساءلة إذا ما ثبت أنه كانت هناك خروقات حول حقوق الإنسان تم ارتكابها خلال مدة توليه منصب الوزير المنتدب في الداخلية. وأكد الهمة خلال اللقاء التواصلي أنه سيعمل على تغيير اسم حركته قائلا «أنا من الآن سأسميها حركة (أولاد الناس) ولن أسميها حركة لكل الديمقراطيين في غياب الديمقراطيين»، في تلميح منه إلى عدد من السياسيين الذين وجهوا انتقادات لاذعة لحركته ولاستغلاله القرب من الملك. وتحدث الهمة عن تجربته قائلا «تجربة متواضعة لرجل عايش مراحل حساسة من تاريخ المغرب المعاصر بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني وتولي جلالة الملك محمد السادس العرش في ظروف وطنية ودولية صعبة». ويثير الهمة المقرب من العاهل المغربي الملك محمد السادس جدلا واسعا داخل الحقل السياسي المغربي منذ قراره الخروج من وزارة الداخلية والترشح لمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) عن منطقة الرحامنة التي ينحدر منها، وبلغ هذا الجدل حد رفع مؤتمري حزب الاتحاد للقوات الشعبية لشعارات قوية تطالب الهمة بالانسحاب من الحقل الحزبي. كما يواجه الهمة انتقادات لاذعة من قبل مصطفى الرميد، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية الذي يؤكد أن القرب من الملك لا يمكن أن يستغل لإقامة حزب سياسي. ومن جانبه، وجه التهامي الخياري الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية المعارض انتقادات إلى مبادرة «من أجل حركة لكل الديمقراطيين» التي يقودها فؤاد عالي الهمة، وقال «إن حزبه ليست له أية خلافات أو عداء مع الهمة»، وأضاف «لكننا نختلف مع الهمة في تقدير الأوضاع السياسية بالمغرب، فهناك أزمة قائمة، والهمة ليس لديه خاتم سيدنا سليمان لحلها في رمشة عين، لأنها أعمق مما يتصور». وفي المقابل تحظى الحركة التي يقودها صديق الملك بتأييد عدد من اليساريين السابقين الذين فضلوا الدخول إلى الحركة الجديدة عوضا عن البقاء في الأحزاب القائمة. كما يصطف الاقتصاديون المغاربة خلف الحركة، حيث عبر عدد من أعضاء الاتحاد العام لمقاولات المغرب (بمثابة نقابة رجال الأعمال) خلال لقاء لهم مع زعيم حركة «لكل الديمقراطيين» بالدار البيضاء عن عدم ثقتهم في الأحزاب السياسية القائمة حاليا في المغرب. وأنهى القرار الذي أعلن عنه فؤاد عالي الهمة، زعيم حركة «لكل الديمقراطيين» والمقرب من الملك محمد السادس، الجدل الواسع الذي خلفته الحركة داخل الحقل السياسي المغربي والذي عكسته وسائل الإعلام خلال الأشهر الماضية بسبب الغموض الذي اكتنف طبيعتها حيث شكلت أكثر من جمعية دون أن تصل إلى حزب سياسي. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 23 جوان 2008)


 
د. عبدالوهاب الأفندي

: العظات والعبر من التجربة السودانية للعمل الإسلامي المعاصر

 

 
د. عبدالوهاب الأفندي (*) عندما كنت أعد دراستي عن الحركة الإسلامية في منتصف الثمانينات، وقعت علي تصريح للشيخ حسن الترابي بوصفه زعيم جبهة الميثاق الإسلامي (لعله صدر في عام 1967) يؤكد فيه لمن سأله أن مشروع الحركة الإسلامية في السودان سيختلف اختلافاً جذرياً عن التجربة السعودية. وقد كان هذا التبرؤ من التجربة السعودية (رغم أن السعودية كانت في الستينات تقدم الدعم للحركة الإسلامية في السودان) ضرورياً بسبب السمعة السيئة التي اكتسبتها التجربة الإسلامية الوحيدة القائمة في العالم آنذاك. فقد كانت تلك التجربة تجسد في نظر منتقدي الحركة الإسلامية المعاصرة كل ما هو سلبي حول المشروع الإسلامي: ممارسات دكتاتورية قمعية، تنطع في تفسير النصوص، وتركيز علي التفاصيل والهوامش مع إغفال الصورة الكبري. فحين كانت قوي اليسار والأنظمة والحركات القومية تتصدي للمشاريع الاستعمارية، كان حكام السعودية ورجال الدين فيها يرون أن غاية الدين أن يحفوا شواربهم ويقصروا ثيابهم، تاركين البلاد وبقية ديار المسلمين مرتعاً لقوي الاستعمار الجديد، وللظلم والبغي واستئثار القلة بالأمر والمال دون سائر المسلمين. لا عجب إذن أن يشعر الإسلاميون بالخجل من هذه التجربة ويتبرأوا منها باعتبارها لا تعكس وجه الإسلام المشرق ولا تعاليمه السمحة. ولا عجب أن يأتي هذا التبرؤ في وقت كانت فيه السعودية تبذل الدعم السخي لكل الحركات الإسلامية في حربها الباردة ضد الأنظمة القومية، وخاصة النظام الناصري في مصر. ذلك أن النظام السعودي بإجراءاته القمعية الكاسحة التي تحرم كل نشاط حزبي أو مدني ولا تترك مساحة لحرية تعبير، وبمؤسسته الدينية المخيمة في القرون الوسطي، كان يمثل تناقضاً أساسياً مع كل أطروحات الحركة الإسلامية الحديثة التي ظلت تحمل لواءها أحزاب سياسية تتحرك في ساحات ديمقراطية أو تناضل ضد ديكتاتوريات متأصلة، وتسعي بجد إلي التوفيق بين الإسلام والحداثة. ولكن إشكالية هذه الحركات ظلت تتمثل في أنه ما إن تقوم حركة إسلامية تدعو إلي تطبيق نظام إسلامي حتي يسارع خصومها إلي الإشارة إلي النظام السعودي وممارساته باعتباره النموذج الذي يسعي الإسلاميون إلي تطبيقه. وكثيراً ما كان هذا التشبيه يمثل الضربة القاضية دعائياً وسياسياً للحركة الإسلامية ومشروعها. ولنفس هذا السبب فإن هذه الحركات كانت تسارع إلي التبرؤ من ذلك النظام وتتمني لو أن بينها وبينه بعد المشرقين. ثم جاءت الثورة الإسلامية في إيران في عام 1979، فكانت في الظاهر فتحاً مبيناً للإسلاميين. ذلك أن الثورة الإسلامية لم تكن فقط بريئة من كل علاقة زواج محرم مع الاستعمار وأساطينه، بل إنها رفعت لواء مقاومة الاستعمار والاستكبار في العالم كله. وبحكم نشأتها كتحالف بين قوي الإسلام التقليدي والحديث من جهة، وبين فصائل اليسار من جهة أخري، اشتمل خطاب الثورة فوق خطاب التحرر علي خطاب العدالة الاجتماعية والالتفات إلي الطبقات الفقيرة والمهمشة. ولهذا كانت الثورة محل ترحيب القوي التحررية في العالم كافة، حتي في الغرب، وأصبحت مصدر فخر للإسلاميين بدلا ً من أن تكون سبة وعاراً يتبرأون منه، خاصة بعد أن سنت دستوراً ديمقراطياً في بعض جوانبه، وأسست لبرلمان منتخب ورئاسة منتخبة أيضاً. ولكن فرحة الإسلاميين بالتجربة الإيرانية لم تطل، رغم تغاضي أنصار الثورة في أول أمرها عما شاب ولادتها وأشهرها الأولي من سفك مبالغ فيه للدماء وأعمال انتقامية ضد أنصار النظام السابق أولاً ثم ضد المعارضين من مجاهدي خلق وغيرهم ثانياً. فقد التمسوا لها العذر أولاً في القمع الدموي لنظام الشاه ومخلفاته، وثانياً في أن مجاهدي خلق بادروا الثورة بنشاط إرهابي دموي كان لا بد من مواجهته. وحتي عندما انقلبت الثورة علي بنيها مبكراً ظل المؤيدون يلتمسون الأعذار في التحديات الكبري والعدوان العراقي المدعوم غربياً. ولكن التماس الأعذار شيء واتخاذ الثورة نموذجاً يحتذي أمر آخر. ولهذا بدأنا مبكراً نسمع من الحركات الإسلامية نفس النغمة، وهي أن النموذج الذي يبتغون لن يكون علي مثال الثورة الإيرانية. ولأن معظم الحركات الإسلامية في العالم هي سنية، فقد كان يكفي أن يقال ان نموذج إيران القائم علي قاعدة ولاية الفقية هو نظام شيعي في الأساس، وهذه الحركات سيكون لها نموذجها المستقل المستقي من مصادر أخري. ولكن الأمر تطور مؤخراً بحيث أنه حتي الحركات الشيعية (وبعضها كما في العراق كانت تمول وتدعم سياسياً من إيران) أخذت تتبرأ علناً من النموذج الإيراني وتنفي أي علاقة به. ولكن الثورة الإيرانية أدهشت العالم مرة أخري حين خرجت علينا تحت رئاسة خاتمي في عام 1997 بنموذج جديد، أكثر ديمقراطية وانفتاحاً، خاصة حينما أعيد انتخاب الخاتمي في عام 2003 بأغلبية كاسحة. فقد وجد الإسلاميون أخيراً نموذجاً لا يرون حاجة إلي التبرؤ منه، فهو نموذج يجمع بين الولاء لقيم الإسلام وبين الانقياد لإرادة الشعب وإتاحة الحريات للمؤيد والمعارض معاً. ولكن كما نعلم فإن الفرحة بهذا الفتح الجديد لم تطل، لأن نهاية رئاسة خاتمي قبل عامين شهدت ردة عنيفة من قبل المحافظين ضد مشروع خاتمي الإصلاحي، وعادت الثورة الإسلامية في إيران إلي مربعها الأول، بل إلي ما هو أبعد من ذلك في التنكر لأي قيم ديمقراطية، حتي تلك التي تسربت إلي دستور الجمهورية الإسلامية. وبين المرحلتين كانت هناك التجربة الإسلامية في السودان، وهي تجربة تتميز بأنها أول تجربة تتولي فيها حركة إسلامية حديثة الحكم. ذلك أن التجربة الإيرانية كانت من ناحية أقرب إلي التجربة السعودية من حيث أن ثقل السلطة فيها كان إلي جانب المؤسسة الدينية التقليدية إضافة إلي جهاز الدولة. وقد كان للحركة الإسلامية الحديثة دور في إذكاء روح الثورة وإنجاحها، كما أن رموز هذه الحركة وعلي رأسهم أول رئيس وزراء للثورة مهدي بازركان، وأول رئيس جمهورية أبو الحسن بني صدر وغيرهم، لعبوا دوراً مهماً في تثبيت دعائمها. ولكن هؤلاء تم إبعادهم فيما بعد لصالح المؤسسة التقليدية. أما في السودان، فإن الحركة الإسلامية الحديثة جاءت إلي السلطة بعد انقلاب عام 1989 بكل عنفوان وخطاب الحداثة. وفوق ذلك فإن هذه الحركة كان لها تاريخ في الممارسة الديمقراطية وخطاب يدعم تلك الممارسة. بل إن الشيخ الترابي أسس في خطابه لما يمكن أن يسمي فقه الديمقراطية، حيث رفض منطق آية الله الخميني وقبله منطق المؤسسة السعودية في إعطاء دور مميز للعلماء ورجال الدين، وأكد مراراً في كتاباته علي أن النظام الإسلامي النموذجي هو نظام ديمقراطي، وأن الإجماع المنصوص عليه في الفقه يجب أن يكون إجماع الأمة بكل أفرادها، وليس إجماع فئة العلماء. ورغم أن الحركة دعمت تجربة النميري في الأسلمة، إلا أن أكبر نقد وجه إلي تلك التجربة من داخل الحركة الإسلامية كان افتقارها إلي البعد الديمقراطي. وقد تمت ترجمة هذه المواقف في الخلافات التي دارت داخل الحركة حول التعديلات الدستورية التي اقترحها الرئيس النميري في آخر عهده، وكان الترابي من أشد المنتقدين لها في مجالسه الخاصة لتوجهها نحو تركيز السلطات في يد الرئيس ـ الإمام. من هنا كان ينتظر أن تعكس ممارسات السلطة الجديدة بعض هذه الأفكار، ولكن كما هو معروف فإن الأمر لم يتوقف عند تقصير الممارسة عن المثال، بل تعدي ذلك إلي تحول قادة الحركة أنفسهم، وعلي رأسهم الشيخ الترابي نفسه، إلي التنظير لتوجه ديكتاتوري غلف بألفاظ وعبارات دعائية، مثل المؤتمر الوطني ، و التوالي وغيرها. ومثل سابقاتها فإن التجربة السودانية، حتي قبل كارثة دارفور الأخيرة، تحولت بدورها إلي عبء يثقل كاهل الحركات الإسلامية، وسبة تتبرأ من كل صلة بها. ولم يطل بي الأمر بعد سنوات الإنقاذ الأولي حتي أصبحت أشهد مؤتمرات ولقاءات تكون أول تهمة توجه فيها لقادة الحركات الإسلامية هي السعي لتمثل النموذج السوداني، وتكون أول دعوي الإسلاميين هي التبرؤ من ذلك النموذج وإدانته والتباعد منه. ولا شك أن هذا الوضع يطرح أسئلة أعمق وأبعد مدي من مجرد طرح التساؤل: كيف ولماذا انحرفت التجربة الإسلامية السودانية، ومن المسؤول عن ذلك، وكيف ينبغي تلافي ما حدث؟ فالسؤال الأهم هو: لماذا أصاب الانحراف كل تجربة إسلامية قائمة بحسب رأي الإسلاميين أنفسهم؟ بل فوق ذلك، لماذا يكاد المسلمون قاطبة يجمعون علي أن كل التجارب الإسلامية التي شهدتها الأمة منذ أفول شمس الخلافة الراشدة هي تجارب منحرفة عن النموذج والمثال الصحيح؟ هل نستنتج من هذا أن النموذج الإسلامي بطبيعته غير قابل للتطبيق كما ذهب ابن خلدون وآخرون؟ أم أن المسألة تتعلق، كما يذهب بعض المتأخرين (وبعض المتقدمين أيضاً) أننا نطرح نماذج مثالية أكثر من اللازم، ونحمل أنفسنا ما لا تحتمل؟ لا شك أن هذه الإجابة الأخيرة هي الإجابة المرفوضة، لأنها تخلط بين القصور عن نيل المثل العليا وبين الانحدار إلي الحضيض في الممارسة. وقد كانت هذه النقطة المحورية التي ركزت عليها في كتابي من يحتاج الدولة الإسلامية؟ الذي صدر لأول مرة عام 1991 ثم أعيد نشره هذا العام، حيث أكد الكتاب علي أن مقولة القصور عن المثال لم تعد ذات موضوع بعد نشأة الديمقراطيات الحديثة التي أثبتت إمكانية قيام أنظمة تبسط العدل وتقلل من الظلم والأثرة، وتقترب في هذا كثيراً من نموذج الخلافة الراشدة. وإذا كان للمسلمين عذر في الماضي بالقول بأن نموذج الخلافة الراشدة لا يطيقه إلا القديسون، فإن أضعف الإيمان في العصر الحديث هو ألا يقصروا عن النموذج الديمقراطي الذي يضمن للمواطنين حداً أدني من الحقوق والحماية من العسف. إن هناك تناقضاً جوهرياً بين الحجج التي تسعي لتبرير تقصير النماذج الإسلامية خصوصاً، والأنظمة القائمة في العالم الإسلامي عموماً، عن المثل العليا التي أرساها الإسلام بالتحجج بأن هذه مثل فوق طاقة البشر العاديين، في نفس الوقت الذي تتهم فيه العرب والمسلمين بأنهم لا يصلحون للديمقراطية ولا تصلح لهم. فكيف يكون المسلمون تواقين إلي مثل فوق قدرة البشر في الوقت الذي يقصرون فيه حتي عن تطبيق النماذج التي لا يجد غير المسلمين صعوبة في الالتزام بها؟ فإما نحن مسلمون حقاً فدوننا نموذج الخلافة الراشدة، وإما نحن دون ذلك فليس أقل من أن نطبق ديمقراطية الكفار! (*) كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 جوان 2008)

انطلاقة متعثرة للاتحاد المتوسطي
 
د. محمد عجلاني (*) في واقع الأمر، فرنسا قوة متوسطية، هكذا كانت عبر التاريخ عندما استعمرت معظم الدول الواقعة علي البحر المتوسط، وعبر الحاضر عندما أصرت علي بقاء قواعد نفوذ لها في المتوسط ومنها قاعدة بنزرت في تونس بعد استغلال هذه الأخيرة. وكلما أحست فرنسا بضعف داخل القارة الأوروبية توجه الدفة نحو البحر المتوسط. واليوم يطل علينا ساركوزي بمشروعه المتوسطي، لكن تجري الرياح بعكس ما يشتهي القبطان ساركوزي، فمشروعه يواجد صعوبات جمة سواء علي الصعيد الأوروبي، او علي الصعيد العربي. ولنبدأ بالدول الأوروبية، التي ابدت تحفظاً شديداً علي مشروعه وعلي رأسها المانيا التي وقفت بشدة ضد المشروع من زاويتين رئيسيتين واشترطت: أولاً: ان تكون جميع مؤسسات الاتحاد المتوسطي تحت رعاية واشراف الاتحاد الاوروبي، وان لا يكون هناك تنافس بين الاتحادين بل الأولوية الأولي والأخيرة هي من اختصاص الاتحاد الاوروبي الذي سيحدد اولويات هذا الاتحاد المتوسطي. ثانياً: ان لا يصرف اي مبلغ مالي ضمن مشاريع الاتحاد المتوسطي الا باشراف وموافقة الاتحاد الاوروبي، وموافقة جميع دول الاتحاد الاوروبي، وان تحدد قيمة المشاريع بالنسبة لأهميتها للاتحاد الاوروبي ومدي جديتها ونتائجها وانعكاساتها علي اوروبا. اما علي الجانب العربي، فأتت المعارضة الجدية والحادة من ليبيا ومن العقيد القذافي الذي أعلن عن رفضه لهذا الاتحاد لأنه ينظر الي مصلحة فرنسا وأوروبا ودول الشمال علي حساب دول الجنوب، وكل ما في الأمر ان دول الشمال، كما صرح القذافي، ستلقي ببعض العظام الي دول الجنوب، كما أن المشروع ليس الا عبارة عن هيمنة جديدة لدول الشمال. وهناك بالطبع أسباب اخري لم يعلنها القذافي لكنها كانت واضحة، وهي استمالة فرنسا لكلتا جارتيه: فتونس لها المقر، والرئاسة المشتركة لمصر. وليبيا تحصل علي لاشيء بالاضافة الي مشاركة اسرائيل. واما المعارض الثاني فتمثل في الجزائر والرئيس بوتفليقة الذي ابدي امتعاضه بسبب تسرع ساركوزي في اعلان ولادة الاتحاد من طنجة في المغرب، بدون ان يراعي الحساسية الجزائرية تجاه هذا الموضوع، بالاضافة الي هذا وذاك، فهناك علاقات معقدة ومتوترة بين كل من الجزائر وباريس حول عدد كبير من الملفات لم يتم حلها بعد. اما انقرة، فهي صرحت مرارا وتكرارا بانها لا ترغب بجعل المتوسط او الاتحاد المتوسطي رديفاً لها عن اوروبا، او عن انضمامها للاتحاد الاوروبي الذي لن تبادله ابدا بأي اتحاد آخر. بالنسبة لدمشق فهي لم تمنح جوابا نهائيا، ولكن علي الأرجح ستشارك، لكنها ستتحفظ علي وجود ومشاركة اسرائيل. في جميع الاحوال، العقبة الرئيسية والأساسية هي مشاركة اسرائيل وجلوسها مع العرب بدون ان تعيد تل ابيب الحقوق المشروعة والمسلوبة الي اصحابها الحقيقيين، واي اتحاد مهما كان بمشاركة اسرائيل لن ينجح لأن ذلك سيعيق التعاون بين دولة محتلة ودول ترفض هذا الاحتلال، والتعاون لا يكون الا بين شركاء متساوين في الحقوق والواجبات، وبدون اعادة الجولان الي سورية واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة لن يكتب لمثل هذا الاتحاد النجاح. (*) رئيس مركز دراسات الحياة السياسية السورية في باريس (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 جوان 2008)

موقف الجغرافيين الفلسطينيين من المؤتمر الجغرافي الدولي (تونس 2008)

 

 
  تحية عربية أصيلة وبعد،     إن الجغرافيين الإسرائيليين يحملون رتبتين الأولى عسكرية دموية , والثانية علمية جغرافية عنصرية؛ فجميعهم وبلا استثناء ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي, قتلوا بأيديهم وأصدروا أوامر بقتل الفلسطينيين, ووظفوا علمهم في ترسيخ الاحتلال بتهويد القدس وبناء الجدار العنصري , والتخطيط لإقامة المستوطنات, وسرقة المياه والأرض وغيرها من ممارسات الاحتلال المرئية والمسموعة والمقروءة, السالفة والحالية والمستقبلية. وحتى لا يكون الكلام إنشائيا، فإننا نستعرض غيضا من فيض الممارسات الإسرائيلية العنصرية والفاشية غير المسبوقة في الأراضي الفلسطينية على النحو التالي: 1- لم تتوقف سلطات الاحتلال عن سياستها الإجرامية بالقتل والاعتقال وتدمير البيوت ومصادره الأراضي وتقطيع أوصال الوطن الفلسطيني , دون رادع أخلاقي أو إنساني أو ديني. 2- ممارسة أعمال القتل الإجرامي وبدم بارد ، والاعتقال والتدمير للشجر والحجر بحق الشعب الفلسطيني حيث قتل خلال الفترة 28/9/2000 ـ 31/1/2007 ما مجموعه 5050 شهيدا ، وبلغ عدد الجرحى 49760 موزعين كما يلي: أ‌- 937 دون سن 18 ؛ منهم 848 من طلبة المدارس والكليات. ب‌- 351 من النساء . 3 – بلغ عدد المعتقلين 10400 معتقل؛ منهم 1175 طالبا وطالبة, و 106 معلما وموظفا. 4 – بلغ عدد الجرحى 4792 من الطلاب والموظفين. 5- تم قصف 359 مدرسة ومؤسسة تعليم، و72437 منزلا؛ منها 30871 منزلا تم تدميرها بشكل كامل . 6- لقد قامت إسرائيل خلال أسبوع واحد من اقتحامها لشمال قطاع غزة في الأيام القليلة الماضية بقتل 120 فلسطينيا؛ منهم 63 تتراوح أعمارهم بين أربعة أسابيع وثلاثة عشر عاما، كما قامت بتدمير 142 منزلا. 7- لم تتوقف إسرائيل عن قتل الأبرياء بل تعدت ذلك الى مصادرة الأراضي وقطع الأشجار حيث اقتلعت خلال نفس الفترة 13572896 شجرة . 8- على الرغم من شح المياه في الضفة الغربية، إلا أن إسرائيل دمرت 425 بئرا، وهدمت 1360 بركة وخزان للمياه . وجرفت 979239 مترا طوليا من خطوط المياه الرئيسية. 9- أقامت إسرائيل وبتوصية من احد الجغرافيين الإسرائيليين جدار الفصل العنصري بطول 700 كم، والذي التهم 247291 دونما من أراضي الضفة الغربية. إن الملفات مليئة بالبيانات اليومية التي ستعرض عاجلا أم آجلا على محكمة العدل الدولية ، وسيكون الجغرافيون الإسرائيليون القادمون الى المؤتمر في الصفوف الأولى من متهمي جرائم الحرب؛ فأياديهم ملطخه بدماء الأطفال الفلسطينيين، وفكرهم ملوث بالإرهاب والعنصرية، ويشغلون مواقع استشارية فاعلة في توجيه آلة الدمار الإسرائيلية. ولا يكلفكم التأكد من كل ما سبق أكثر من سؤال أي واحد منهم عن رتبته ووحدته العسكرية التي ينتمي إليها. أنهم بكل بساطة مجرمون ضد الإنسانية، ومتهمون بممارسة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني. إن حضورهم مؤتمر تونس العربية ممنهج في استغلال المؤتمر كمنبر لتضليل العالم عن جرائمهم من على ارض تونس العربية المعروفة بأصالتها ونضالها وقوميتها. إننا في الجمعية الجغرافية الفلسطينية نسجل تحفظنا على حضور الوفد الإسرائيلي الموصوف أعلاه ونعلن مقاطعتنا للمؤتمر. كما ونناشد الجغرافيين العرب الشرفاء الى مقاطعته، مع رفع عريضة احتجاج لرئاسة المؤتمر على مشاركة المتهمين بجرائم ضد الإنسانية في أعمال هذا المؤتمر .   مع الاحترام د. مسلم أبو حلو مدير الجمعية الجغرافية الفلسطينية رئيس دائرة الجغرافيا جامعة القدس   المصدر: جريدة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية بتاريخ 21 جوان 2008
 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.