جمعية التضامن التونسي: بـــيـــان لجنة الدّفاع عن المحجّبات بتونس تستنكر اعتداء البوليس التونسي على مناضليها و محاولة تجنيدهم الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بــــلاغ ميدل إيست أونلاين : خامس تأجيل لمحاكمة المتّهم بالاٍعتداء على معبد يهودي في تونس ذو العينين: وقفة مع المعركة.. الأخلاقية! أحمد نجيب الشابي: ربنا قنا شرّ أصدقائنا ناجي الجمل: شكر وتساؤل علــي شرطــاني : طبيعة النظام العربي الإسلامي وأسباب فشله صــــابـر التونسي: « تونس » والشهائد العالمية محمد العروسـي الهانـي: رسالة مفتوحة إلى الأخ الأمين العام للتجمع الدستوري الديموقراطي محمد بوسنينة: تونس: من تأسيس مقوّمات الديمقراطية.. إلى الممارسة اقبال الغربي: حول الانتفاضة الجنسية في مصر توفيق المديني: خريطة الأحزاب والقوى في موريتانيا المقبلة على انتخابات احميدة النيفر: أوروبا التي نحبّ … أوروبا التي نكره عندما نضيق ذرعاً بأنفسنا إبراهيم العريس : «أيام قرطاج» … ماذا يبقى من تاريخ عريق اكتشف أقوى ما في سينما الجنوب؟ عبد الله جدي: مزق حجابها في تونس الأستاذ منير بطيخ : مقاهي الحاضرة في النصف الأول من القرن العشرين (2): المقـاهي الأدبيـة القدس العربي: معركة الحجاب تصل إلى المطارات المغربية الجزيرة.نت : ليبيا تنشئ منطقة حرة بالتعاون مع شركة « إعـمـار » (الإماراتية) مخضرم: رقصة القذافي وإبنه محمد أبو رمان: الإسلاميون برؤية أوروبية جديدة حسام تمام : تحولات قواعد الإخوان صالح السنوسي: المثقف العربي بين عنف الأقلية الحاكمة والأقلية المعارضة خالد الحروب: «المثقف الموظف» ضد المثقف الـحُـرّ الجزيرة.نت : كتاب من تأليف عبد الغني بن عمارة وخليل تمار : « محمد.. الغرب يشهد » .. سباحة ضد التيار
To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
لجنة الدّفاع عن المحجّبات بتونس تستنكر اعتداء البوليس التونسي على مناضليها ومحاولة تجنيدهم
قام عدد من الطلبة من مناضلي لجنة الدّفاع عن المحجّبات بتونس بزيارة الأستاذة سعيدة العكرمي الكاتبة العامة بالجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين بتونس و ذلك للاستفسار عن الوضعية القانونية للجنة.
وأثناء مغادرتهم لمكتب الأستاذة سعيدة قام أحد أعوان البوليس السياسي المرابط بالمكتب بإيقاف ثلاثة من مناضلي اللجنة وهم جميل التستوري ومحمد الأمين الوافي من كلية العلوم القانونية و السياسية بتونس ومنذر الطبيب من كلية الحقوق و العلوم السياسية و استدراجهم إلى مقر سلامة أمن الدولة في المبنى التابع لوزارة الداخلية بشارع الحبيب بورقيبة.
و قام البوليس التونسي بفصل الطلبة الثلاثة عن بعض و استجواب كل واحد منهم على حدة كما قام بتعنيفهم في بداية التحقيق لتخويفهم و إجبارهم على الإدلاء بما لديهم من معلومات و قد وجهت لهم العديد من الأسئلة على امتداد 5 ساعات من قبيل : « منذ متى أنت تصلي؟ و هل تصلي بالقبض والرفع؟ هل أنت سلفي جهادي؟ ما هي الكتب التي تقرؤها والقنوات الدينية التي تتابعها؟ »
وتم استفسارهم عن سبب زيارتهم للمحامية آنفة الذكر وقد رافقت هذه الأسئلة حملات متواصلة من الترويع و الإرهاب حيث كان العديد من أعوان الأمن بالزي المدني يدخلون ويخرجون إلى غرفة التحقيق و هم يسبون الجلالة ويقذفون مناضلي اللجنة بالكلام البذيء إضافة إلي الصفعات و الركلات وعندما سألهم أحد الطلبة عن موعد خروجهم أجابهم أحد الأعوان بقوله « إن من يدخل مقر وزارة الداخلية لا يخرج منه أبدا » كما ادعى أحدهم أن « القانون الذي يدرسه الطلبة هو قانون يدرس فقط وأن البوليس هو القانون وهو الحاكم في هذه البلاد » كما زعم أحدهم أنه « قادر على جلب المحامي الذي استشاره الطلبة وتعنيفه على مرآهم ليعرفوا أن الدولة دولة بوليس لا دولة القانون » وقصد بذلك الأستاذ عبد الرؤوف العيادي عضو حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يرأسه الدكتور المنصف المرزوقي الممنوع من النشاط في تونس وذلك أن الأستاذ العيادي انتقل إلى مقر قريب من الأستاذة العكرمي وظن هذا الشرطي أنه هو من زاره.
وإثر هذه الحملات المتكررة من الإرهاب و الترويع قام البوليس التونسي بأخذ صور لمناضلي اللجنة و هم يحملون أرقاما كما قاموا بأخذ بصماتهم وأرقام هواتفهم. ثم بدأ أعضاء مكتب سلامة أمن الدولة يغيرون طريقة التعامل معهم شيئا فشيئا فسألوهم إن كانوا في حاجة إلى المال أو إلى وظيفة معينة ثم وعدوهم بأن يوظفوهم ويمدوهم بالمال إن قبلوا الاشتغال كمخبرين لدى المخابرات و الإرشاد السياسي وبالتالي مدهم بكامل التطورات الخاصة بعمل اللجنة و نضال الطلبة.
وقد قام أحد أعوان الإرشاد السياسي بأخذ موعد منفصل مع كل طالب و أمر الجميع بكتمان أمر إيقافهم و تعنيفهم في مبنى الداخلية.
وقد اتصل البوليس التونسي مؤخرا بمناضلي اللجنة الثلاثة مستفسرا عن سبب عدم حضورهم في الموعد ورد عليه أحدهم بإغلاق خط هاتفه.
أمام هذه التصرفات المشينة من البوليس التونسي تعتبر « لجنة الدّفاع عن المحجّبات بتونس » أن حقها في النضال المدني السلمي هو حق لا تفاوض فيه و تؤكد عزمها على مواصلة الدفاع عن المحجبات والحريات بتونس .
كما تلفت اللجنة نظر الرأي العام الوطني وكل من يتابع الشأن التونسي أن البوليس تحول إلى أداة قمع عمياء بيد السلطة التي تمارس على شعبها إرهابا منظما كما تحول مقر وزارة الداخلية من مركز لحفظ الأمن إلى مركز إرهاب المواطنين والمناضلين و تكريس لعصا البوليس بدلا عن حكم القانون.
و في ظل هذه التضييقات نرجو من كافة مكونات المجتمع المدني الالتفاف حول اللجنة ومساندتها .
نرجو من الجميع التضامن معنا عبر مراسلتنا بالبريد الالكتروني:
الحمد لله ، الكاف في : 14/11/2006
هـذه غابـتـهم ، ومن إنجازات سابعهم
أعلم كافة زملائي المحامين والرأي العام أني تنقلت اليوم 14/11/2006 مساءا لزيارة أحد حرفائي بالسجن المدني بالكاف ، وهو سجين حق عام .
حيث منعت مرة أخرى من الزيارة و ردّ لي الترخيص القضائي .
يقولون أنهم أنجزوا دولة القانون و هم الذين داسوهما وهمشوا حقوق الدفاع و حولوا البلاد إلى غابة . الإمضاء الأستاذ محمد نجيب الحسني المحامي بالكاف
إنا لله وإنا إليه راجعون
السيدة مريم مريزق في ذمة الله
بعيون دامعة وبقلوب حزينة ولكنها محتسبة صابرة لقضاء الله ذاكرة قوله تعالى » إنا لله وإنا إليه راجعون » تنعى حركة النهضة السيدة مريم مريزق والدة الأخ عبد الحميد العابد عضو حركة النهضة المقيم بمدينة نيس الفرنسية .
وقد انتقلت الفقيدة العزيزة إلى رحمة الله تعالى اليوم الاثنين 22 شوال 1427 هـ الموافق لـ13 نوفمبر 2006.
و حركة النهضة، بهذه المناسبة الأليمة، تحتسب عند الله الفقيدة العزيزة وترفع إلى الأخ عبدالحميد وإلى كل عائلة الفقيدة خالص التعازي وصادق الدعاء أن يرزقهم جميل الصبر وأن لا يفتنهم وإيانا بعدها. راجين من العلي القدير ان يكون مثوى الفقيدة جنة الخلد وأن يتقبلها القبول الحسن بواسع الرحمة والمغفرة والثواب .
« يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي » الفجر (30،29،28،27)
1 شوال 1427 الموافق 25 اوت 2006
حركة النهضة بتونس
الشيخ راشد الغنوشي
للإتصال بالأخ عبدالحميد للتعازي:0033603106167
خامس تأجيل لمحاكمة المتّهم بالاٍعتداء على معبد يهودي في تونس
وقفة مع المعركة.. الأخلاقية!
بقلم: ذو العينين
أوردت نشرية تونس نيوز تقلا عن موقع الحوار.نت مؤخرا تقريرا (يمكن مراجعته كاملا على الوصلة التالية: http://www.alhiwar.net/bern.htm ) عن مجريات تجمع نظمه عشرات المحتجين يوم السبت 11 نوفمبر 2006 أمام مقر السفارة التونسية في مدينة برن بسويسرا وقد لفت نظري ما ورد في الفقرة التالية:
« … ثم أخذ الكلمة الشيخ و العضو المعروف في الزيتونة الاخ علي بالحاج علي و هذا بعض ما جاء فيها: »إن ما يحصل فضيحة ولا يمكن ان يكون هذا في بلادنا بلاد العروبة و الاسلام بلاد الزيتونة هذه الفضيحة التي لا يمكن ان يسكت عنها و الاصل فيه ان المجتمع التونسي باختلاف مشاربهم الفكرية والسياسية و التاريخية ان يثوروا ويردوا هذه الفضيحة و التي تتمثل بالاعتداء على اقدس المقدسات لحرية الانسان هذه الحرية هي الحرية الشخصية و الحرية الدينية هاتان الحريتان اللتان كفلتهما كل الدساتير الوضعية و الدينية حرية ان يرتدي الانسان ما يريد وان يفكر كما يريد »
و قد تخللت كلمة الأخ هتافات و شعارات من المعتصمين و منها:
Le HIJAB un Droit.. Ben Ali S’EN VA
حــجــاب حــرّيــة كــرامــة وطــنــيـّـة
مـــلاّ خــزي و مـــلا ّعــــار وُوه وُوه عــلى النــــــظــــــام
و هناك من غيّرها وقال:
مــلاّ خــزي و مــــلا عــــار تـــفوه تـــفوه عـــلى الـــنظــام… »
للوهلة الأولى لم أصدق ما قرأت. عدت للقراءة مرة ثانية وثالثة، ثم راجعت موقع الحوار.نت مجددا واتضح أن ما قرأته كان « صوابا ». فعلا، لقد اختار متظاهرون إسلاميون تونسيون لاجئون سياسيون في سويسرا تؤطرهم جمعية الزيتونة (!) وينتمون مثلما يبدو من المعلومات الواردة في التقرير إلى حركة النهضة الإسلامية (!) التونسية أن يُطلقوا هذه الشعارات البذيئة وأن يصرخوا بملء أفواههم في الشارع الغربي بل وأن يدونوا ذلك وينشروه للرأي العام التونسي والعربي والإسلامي والعالمي فيما يشبه التباهي والإعتزاز.
يــا للخيبة! ويـــا للكارثـة!!
إنني كنت و لا أزال أعتقد أن انحدار العمل المعارض التونسي إلى هذا الدرك في صفوف المنتمين إلى التيار الإسلامي (وإلى غيره من التيارات السياسية والفكرية) كارثة أخلاقية ووطنية بكل المقاييس. فكيف سمح هؤلاء لأنفسهم – وفي حضور سيدات وأمهات وأطفال مثلما تظهر الصور المصاحبة للتقرير – بالتلفظ بمثل هذه العبارات الدنيئة وهم يعلمون جيدا أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: « إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق »، وهم يعرفون تماما أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، القدوة الأولى لكل مسلم ومسلمة (ولكل إسلامي من باب أولى وأحرى) « لم يكن فحاشا و لا لـعّـانا ».
لذلك أسأل: هل أن إطلاق شعارات سُوقية من هذا القبيل يخدم قضية الحجاب ويخفف مأساة الحرائر والعفائف التونسيات؟ هل أن ترداد مثل هذا الكلام الحقير يُشرف الأسود الصامدة المصابرة في السجون التونسية منذ عشرية ونصف؟ وهل يدخل الحبور والسرور على عشرات الآلاف من الصامدين المرابطين في السجن التونسي الكبير بحجم الوطن؟
إن حظر الحجاب والتدخل في أخص خصوصيات المرأة المسلمة من طرف الأقلية المتسلطة على رقاب العباد في تونس خزي وعار وشنار لا شك ولا جدال في ذلك.. ولكن الدفاع عن القضايا النبيلة والشريفة لا يمكن أن يتم بالأساليب الغوغائية ولا بالطرق غير الأخلاقية ولا بتقليد أساليب وألفاظ أزلام النظام وزبانيته وعملائه الذين تجاوزوا كل المحرمات وانتهكوا كل الممنوعات.
هذا هو الفرق الذي يجب أن يكون واضحا بينا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. أما أن يكون أصحاب « البديل » المأمول بهذا المستوى فعلى الآمال (الضئيلة) بالتغيير الحقيقي السلام لأنه « قبل التمكين، لا بد من التأهيل » مثلما يقول أحد الصالحين.. ولأن الذين يرضون لأنفسهم بالإنحدار إلى هذا المستوى المتدني لـن يـكـونـوا بديلا لبن علي وأشباهه وأمثاله لأنهم بكل بساطة … غير مؤهلين أخلاقيا لذلك!!!!!.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
14 نوفمبر 2006
ربنا قنا شرّ أصدقائنا
بموقف شيوخ الزيتونة من الحجاب
ليضع حدا للتهافت الذي صاحب حملة الحكومة التونسية على المحجبات ويصدع بكلمة الإسلام في الموضوع. فبين الشيخ بالدليل الشرعي والتوثيق التاريخي أن أئمة الزيتونة، قدامى ومتأخرين، قد أجمعوا على أن ستر المسلمة لبدنها ما عدا الوجه والكفين فرض ثابت على مر العصور والأجيال وأنه لم يقل خلاف هذا إلا دعي متطفل على الدين. وبهذا يكون الشيخ الفاضل قد ألقم اللذين انبروا، مستغلين سكوت العلماء، للإفتاء ببدعة الستر أو ما يعرف اصطلاحا بالحجاب حجرا أكبر مما كانوا يتوقعون. خاصة وأن الرمي جاءهم من حيث ضنوا أنهم لن يؤتوا. كيف لا وهم اللذين حسبوا أنهم « طهروا » مؤسسات التعليم من كل متخلف لا يرى رأيهم في فهم الدين. لقد أصاب الدكتور وأنصف المسلمات لا بل لقد أنصف الدين وأبرأ ذمته أمام الله وأرضى ربه. فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين كل خير. ونحن لا نطالب علمائنا وشيوخنا في تونس السجينة بأكثر من تبيان موقف الشرع مما يدور في الساحة التونسية لكي لا يبحث شبابنا الفار إلى دينه عن مصادر أخرى للإفتاء لا تعرف واقعه. وأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يوفق الشيخ الفاضل وإخوانه من أهل العلم الشرعي في تونس إلى قول كلمة الحق دوما ودون مواربة. وقف الدكتور في تحليله عند الحد الذي تسمح به ظروف القهر التي تعيشها تونس في هذه الحقبة من تاريخها. فوضّح موقف الدين من المسألة ونبّه إلى أن دعوة الحكومة إلى التزام اللباس التقليدي الموافق للمواصفات الشرعية متلائم مع الإسلام، وهذا صحيح لا يجحده مؤمن لا في تونس ولا في غيرها. أين الخلاف إذا؟ وما سر هذه الحملة المسعورة والتراشق بين الحكومة وأنصارها ولبس الحجاب وأنصاره؟ لاحظ عدد من المتتبعين لسير معركة الحجاب في تونس أن الإسلاميين لم يجنحوا في جدالهم مع خصومتهم إلى التدليل الشرعي إلا نادرا واكتفوا بحصر الخصومة في جانبها الحقوقي. وليس ذلك تقسيما للأدوار كما فسر البعض ولا عوزا في الحجة الشرعية. وإنما كان الأمر عفويا ومنضبطا لقراءة الواقع التونسي. فاللذين انبروا لنفي فرضية الحجاب لم يكونوا من اللذين يعتد بعلمهم الشرعي حتى يرد عليهم بنفس الأدوات وإنما هم دخلاء أو معادين أصلا للدين. لأجل هذا آثر الإسلاميون التخندق في مجال الحقوق والحريات، وهو ذات الخندق الذي رفض الشيخ الدكتور محمد ولوجه، وترك لغة التدليل الشرعي لمن هم أهل له. فإذا سلمنا بأن الله سبحانه وتعالى قد فرض على المؤمنات ستر الجسم ماعدا الوجه والكفين، جاز لنا شرعا وعرفا أن نختلف في الطريقة التي تحقق الغرض سواء كانت حجابا عصريا كالذي تحمله الملايين من المسلمات في العالم أو سفساريا تقليديا كالذي دأبت على لبسه أمهاتنا وجداتنا في تونس. ولكن يبقى السؤال التالي هل يحق للدولة بمؤسساتها أن تتدخل في فرض نمط معين من اللباس أم أن العدل والحرية تقتضي ترك الناس وما يختارون؟ خلافنا مع النظام الحاكم ها هنا. فنحن مع رفع الدولة يدها عن التدخل في أذواق الناس وندّد خاصة بطريقتها الفجة والغليظة والمتخلفة في فرض قناعاتها أو قناعة بعض المتنفذين في أجهزتها على المرأة المسلمة التونسية.
طبيعة النظام العربي الإسلامي وأسباب فشله
« تونس » والشهائد العالمية
صــــابـر التونسي أُرهق جسدي وقبله معنوياتي من العناء والكدح في شوارع روما، جربت كل الأعمال التي لا تحتاج إلى مؤهلاتي العلمية التي انتهت « مدة صلوحيتها » منذ أن ألقيت بنفسي في البحر مغامرا ومؤملا في تحقيق الرخاء وراء البحر! وجمع رأسِ مالٍ يخولني من الوقوف « على رجلي » وتأسيس مشروعٍ خاصٍّ عندما يحضنني وطني من جديد! ولكن تحول الحلم إلى سراب وتبين لي أنني تركت جنتي وراء ظهري لما يَمّمتُ وجهي نحو السراب! ثم تحوّل الأمر لديّ إلى مسألة عناد و عزّة نفس تحول بيني وبين قرار العودة لئلاّ يشمت بي من عارض فكرة سفري منذ البداية! زالت فكرة الرخاء من رأسي ولم يبق إلاّ الحرصُ على البقاء والحنين إلى الوطن! والسّؤال عن أخباره! عادت لي روحي وارتفعتْ معنوياتي بترشّح فريقنا الوطني لكرة القدم وغزوه لأروبا فاتحا، شاركني بعض مُواطنيّ البهجة والأمل فحملوا الأعلام ورفعوا الوطن، هتفنا باسم فريقنا ومن أغدق عليه من حرّ ماله حتى يصل إلى ما وصل!! و يوم أن اقْتنيتُ علما لأرفعه وأحضنه و »أمسح دمعي في احمراره** » تقرّرت عودة فريقنا إلى الوطن! وبقي علمي في لُفافته و »شَاحَ » الأمل!! رأيت الشماتة في عيون « الرّومان » وأعرافي وتعابير وجوههم تقول بأننا لسنا أهلا لمنافستهم وكأننا لا ننفع إلا لخدمتهم!!…وأَزْدادُ حسرة وكمدا كلّما حقّـق فريقهم انتصارا وغطـّت أعلامهم الساحات وطغى صخبهم على كل الأصوات!! عدت إلى مكنستي والشوارع والظهر المقوس والشقاء ليسعد غيري… وكلّما مسكت المكنسة تذكرت رسالة منصور المُغرّب لزوجته وهو يقول: » …لا تخافي مبروكة مساح الشوارع… زوجك المغوار قد أضحى مهانا… ريشة في الغرب يا مبروكة ضائع… » إلى أن تكرم عليّ يوما صديق بجريدة الصباح* وقد مضى على صدورها زهاء شهر، ولكن لا يهم …احتضنتها وكأني أحتضن فيها الوطن! « التهمت » ما فيها وكأنها رسالة من حبيب إلى أن وصلتُ إلى بعدها الآخر،و إذا بالأمل ينبعث من جديد وسبحان الذي يحيي العظام وهي رميم وينبت الفرحة كما يُنبتُ العشبَ بين الصخر!!… يذكر « المقال » أن منتدى إقتصاديا عالميا قد صنف بلادنا ضمن الأوائل في المنافسة الإقتصادية!!و » ما يبعث على الاعتزاز فعلا هو ان بلادنا تحصلت على المرتبة الاولى عربيا وافريقيا والمرتبة الثلاثين عالميا متجاوزة ضمن هذا الترتيب بلدانا مثل ايطاليا والبرتغال واليونان*… »!! لم أتابع القراءة بل هللت وكبرت وهتفت « للتغيير المبارك » الذي طرأ على اقتصاد بلادي… صرخت بأعلى صوتي أخيرًا هُـزم « الرّومان » الذين فازوا بكأس العالم فوزا مغشوشا واحتقرونا وأهانونا كما أهانوا « أخانا » زيدان!! قلت الآن أنتقم لكرامتي من « الطليان » كما انتقم زيدان نفضتُ الذل وكسرت « المكنسة » ثم شددت عصاها خلفي على الدراجة وأخرجت علمي من لفافته و شددته خلفي على العصا …اقتنيت صفارة مثل صفارة الحكم… انطلقت بدراجتي صاخبا في شوارع روما وعلمي يزداد خفقانا كلما أسرعت… أحدثت كثيرا من الصخب والتصفير بالشوارع … ارتكبت كثيرا من مخالفات السّير…وتسببت كذلك في حوادث!! وضررا لأملاك الغير!! قبضوا عليّ للتّـثبّت من المدارك العقلية! وفحص نسبة الكحول في الدم…! لم أعبأ بهم وتفاخرت بنبأ الفوز عليهم وهزيمتهم اقتصاديا!! وتباهيت عليهم بأن الهزيمة الإقتصادية أمرّ من هزيمة « ركل الهواء** »… طلبت منهم أن يعاقبوني بالتسفير إلى بلادي… وبيّنت لهم أن ذلك مرادي!! وضعوني بسجن حتى تطير « سكرتي » أو يَبتّ القضاء في أمري…!!هناك وجدت كثيرا من أبناء بلدي منهم من قبض عليه لأنه يعمل في عصابات ترويج المخدرات! ومنهم « الحراقة » الذين يهرّبون شبابنا ـ مقابل مبالغ طائلة ـ إلى أوروبا في قوارب الموت ـ وقليل منهم من تكتب له النجاة ويصل ـ!! أسفتُ للمجموعة الأولى وشمِتُّ في « الحرّاقة » وقلت الحمد لله أن شبابنا ما عاد يحتاج « لخدماتكم » فبلادنا أصبحت بخير وعندي على ذلك « برهان » وهو هذا المقال!!…تصفّح أحدهم مقال « شهادة لتونس » ثم ضحك مني طويلا وقال : هذه شهادة زور كغيرها… ولتعلم صدق قولي انظر إلى هؤلاء… ثيابهم لم تجفّ بعد من عملية « الحرقان » وهم يفضلون السجن هنا على العودة!!.. ولكني أدعوك لتمضي في رحلة عودتك وأنا على يقين بأنك ستبحث عنا وستدفع ما تملك « لنحرّقكَ » من جديد وستختار بؤسك هذا على بؤسك هناك لأنك هناك لا تُطعمُ من جوع ولا تأمنُ من خوف!!…وكما تعلم الدفع مسبقّا ولا ضمان للوصول أو السلامة!! ثار في وجهي كل المساجين من حولي وكل له حكاية يصفعني بها فهذا يتحدث عن الشباب الذي يلقي بنفسه في البحار والذي يرى الهلاك في محاولة ينجيه الله منها وما يلبث أن يعود حتى يعبر أو يهلك!! وذاك يحدثك عن عصابات السرقة أوالنهب جهارا نهارا وخطف كل ما له قيمة، فهناك جماعة « السلاسل » النسوية والمحافظ اليدوية وهناك جماعات الهواتف النقالة، بل إن كثيرا من أصحاب هذه الهواتف لا يجرؤون على إخراجها والرد على المكالمات إذا كانوا في أحياء معينة!! وهناك سرّاق الدواب والمواشي والثمار والغلال وكلّ مجال له لصوصه و كما يقال « حاميها حراميها » ولم يبق مجال سلم من النهب والسرقة أو الفساد والرشوة وصحفنا الصفراء مليئة بهذه القصص المثيرة وعليها تقتات!! قلت من أين جاءت هذه الشهادة « لتونس » إن كان الوضع بالقتامة التي تصفون!! وإلى ما استند صاحب المقال؟؟ أجابني شاب ثيابه بَعْدُ مبللة قائلا كثيرة هي الشهائد التي تحصل عليها « تونس »!! شهائد دكتوراه متكررة وأوسمة ودروع ولكن تونس تعاني سطوة « تونس » وليس في الأمر أحجية « فتونس » يقصدون بها سلطة تونس من باب ذوبان الأصل في الفرع والكل في الزعيم والأمر ليس جديد نظّـر له الزعيم الرّاحل وكرّسه الزعيم اللاّحق!! ودعك من ذاك البوق المتسيّس فهو موظف ليبرهن على ما لا يُبرهن وتلك مهمّته!! ولتعلم أنه موظف متزلّف يقحم كلام المديح لأولياء نعمته ـ في موضعه وغيره ـ استمرَّ في قراءة ما كـَتب لتجده يقول: « …بلد يقوده رئيس يشتغل ويقدم النموذج في العطاء والجدية والانصراف للعمل والجهد من اجل التقدم والنماء…زين العابدين بن علي لا يقود بلده من منتجعات اوروبا او قصورها الشتوية ولا يجتمع بحكومته في اقامته الصيفية*… » فما علاقة رئيس الدولة بتقرير دافوس؟؟ أم أنه كُتب علينا أن يكون تاريخنا وإنجازاتنا كلها ملكا للزعماء ولا دور للشعوب غير تنفيذ سياستهم؟؟ أليس أليق بنا أن ننسب التطور والنهوض ـ على افتراض وجوده ـ إلى المؤسسات والشعوب؟؟ هل سمعت بأن الإنجازات في البلاد الديمقراطية ـ على كثرتهاـ تنسب لزعيم فرد؟؟ وإن حدث وسمعت ذلك فاعلم أن تلك البلاد لا تمتّ لعالم الديمقراطية بصلة وأن ذلك منها مجرد ادعاء يكذبه الإختبار!! ثم لماذا يرفع هذا وأمثاله أصواتهم في حالة كهذه لا يجد المواطن لها أثرا في الواقع ويخرسون في حالات أخرى أنكى وأشد يتجرع المواطن مرارتها ولا يسلم منها أحد؟؟!! ألم يسمع « صاحبك » عن كبت الحريات وقهر الشرفاء وسجن الأحرار، ألم يسمع بالتضييق على المرزوقي لأنه طالب بمقاومة سلمية للإستبداد، قطعت لأجل ذلك العلاقات مع بلد شقيق لأن « التلفزيزن » الذي ظهر عليه المرزوقي موجود على أرضه! ألم يسمع بأن التقرير السنوي لمراسلين بلا حدود حول حرية الصحافة والتعبير قد صنّفَ « تونس » في ذيل القائمة ؟؟؟ وأن تصنيفها(148) مائة وثمان وأربعين وليس ثلاثون!! وأن معظم بلاد العالم العربي والإسلامي والإفريقي قد حصلت على مراتب متقدمة جدا على مرتبتنا، أيعقل أن تكون مرتبة البينين مثلا ثلاث وعشرون(23) وموريتانيا سبع وسبعون(77) ونحن (148) ؟؟!! أيعقل أن يكون للجزيرة مكاتب حيث أرادت من بلاد العالم ويُقفل مكتبها ببلادنا لأن زيدا أو عمروا من ضيوفها قد انتقد وضع الحريات في تونس، أو طالب بفصل الدمج المتعمد بين تونس التي ننتسب إليها جميعا وبها نعتزّ و »تونس » السلطة وأن انتقاد السلطة لا يعني بحال التهجم على تونس!! يا صاحبي إن الذي يرى بنصف عين ولا يقرّ لتونس بحقها في مقاومة الاستبداد بائس مخدوع أو انتهازي وصولي وإن تمسح بمسوح الحداثة والإصلاح!! الحق أنني ذُهلت من الغرائب التي رأيت والقصص التي سمعت مما يَعسرُ عليّ نقله، وحتي لا أعطي فرصة للمتزلفين بتصنيفي في خانة المعادين « لتونس » « اولئك الذين تعوّدوا على انكار المكاسب واطلاق عويل الخراب والانسداد كلما تحدّثوا عن الوضع التونسي في وصف تشكيكي عدمي* … » حاولت أن أمحص أخبارهم وأردها ولكن عبثل حاولت ووجدتني في وهمي كالغريق الذي يأمل التعلق بقشة….ثم أيقنت أنني واهم ولاهث وراء سراب!! بقي علي أن أخرج من الورطة التي وضعت نفسي فيها بسذاجتي… لا مفرّ من أن أعلن عند التحقيق أنّني مجنون بني « برهان » الذي ينتابه الجنون كلما قرأ تلبيس برهان …. وسيصدّقونني لأن القوم يحترمون فعلا أتفاقية منش التعذيب وانتزاع الإعترافات من المتهمين بالإكراه!! خلافا لمن يعلق هذه الإتفاقيات في مراكز الإعتقال ثم يدمر المعتقلين للإعتراف بما ينسب إليهم من تهم!! وقد تعلمت من تجربتي أن تونس أكبر بكثير من « تونس » وأن مصلحة تونس تقتضي مواجهة « تونس » والصراخ في وجهها!! ولا نامت أعين الجبناء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *الصباح التونسية 28.09.2006 *اللون الأحمر من « البعد الآخر » **مقتبس من شعر بحري العرفاوي (المصدر: مجلة « كـلـمـة » الالكترونية التونسية، العدد 47 لشهر نوفمبر 2006)
تونس في 14/11/2006
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين
بقلم محمد العروسـي الهانـي
مناضل دستوري من الرعيل الثاني
رسالة مفتوحة إلى الأخ الأمين العام للتجمع الدستوري الديموقراطي
اقتراح حول إحياء الذكرى 51 لمؤتمر صفاقس التاريخي
اذا كان بحق التجمع وريث حزب التحرير قولا و عملا
وتخليدا وترسيخا للذاكرة الوطنية يذكر الأحرار من المناضلين الدستوريين ذكرى انعقاد المؤتمر الخامس للحزب الحر الدستوري التونسي الجديد يوم 15 نوفمبر 1955 الذكرى 51 العزيزة على قلوبنا والتي لا تمحى من ذاكرتنا الوطنية.
نورد للتاريخ مراحل انعقاد مؤتمر البعث بصفاقس حتى يتأكد أخونا خالد عبيد بشرعية الزعيم بورقيبة التاريخية والنضالية والوطنية حتى لا يتحامل مرة أخرى على الزعيم الوطني الذي ضحى بكل شبابه وصحته من أجل تحرير الوطن وسعادة الشعب.
في نخوة واعتزاز وشرف الإنتماء لأعرق حزب سياسي في القرن العشرين يحيي الأحرار الدستوريين الأوفياء لثوابت وقيم وتاريخ كفاحهم التحريري الوطني البطولي الشجاع الذكرى51 لانعقاد المؤتمر الخامس للحزب الحر الدستوري التونسي الجديد في 15 نوفمبر 1955 بمدينة صفاقس المناضلة .بعد أن تم الحصول على الاستقلال الداخلي الحكم الذاتي يوم غرة جوان 1955 يوم النصر المبين الذي عاد فيه القائد الأوحد والزعيم الفذ المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله الى أرض الوطن حاملا لواء النصر وبشائر الاستقلال وعلى اثر العودة تم امضاء وثيقة الاستقلال يوم 3 جوان 1955 وبعد الجولة الواسعة المارطونية التي قام بها الزعيم بورقيبة الى كامل أنحاء البلاد شرقا وغربا جنوبا وشمالا شارحا سياسة المراحل الإيجابية « خذ وطالب »
وتعزيزا لدور الحزب صاحب الريادة والقيادة وتحكيما لإرادة المناضلين الأحرار وتثبيتا لسياسة المراحل البورقيبية ودعما لتوجهات واختيارات الحزب وبحماس نواب الشعب الدستورية المنظوية تحت راية الحزب وبدعم من أحرار ولاية صفاقس وفي طليعتهم المرحوم الحبيب عاشور النقابي الوطني والدكتور احمد علولو رئيس جامعة صفاقس الدستورية ،انعقد المؤتمر الحاسم التاريخي بمدينة صفاقس وحضره 1234 نائبا من نواب الشعب الدستورية على 1300 نائب أي أن نسبة الغيابات كانت 66 ما يعادل %5 من مجموع النواب في 31 جامعة دستورية في كامل أنحاء البلاد وكانت أكبر نسبة غياب بجهة سليانة 21 نائب لم يحضروا المؤتمر التاريخي.
وحضر المؤتمر ممثلي الأحزاب والدول الشقيقة والصديقة بدعوة من الحزب الحر الدستوري التونسي وكان بحق مؤتمر البعث والمنعرج الحاسم في تاريخ البلاد والحياة السياسية العامة ،والبلاد تمر بمرحلة حاسمة ودقيقة للغاية لا تخفى على أحد.
وبفضل حكمة الزعيم الحبيب بورقيبة المهندس البارع والطبيب الحكيم الماهر، وحماس ووفاء مناضلي الحزب وارادتهم القوية ،خرج الحزب بعون من الله منتصرا وحسم وقضى على بذرة الخلافات التي كادت أن تعصف بالبلاد وتنكث العهود والالتزامات والاتفاقيات بين تونس وفرنسا وتجر البلاد إلى الفوضى والرجوع إلى الحالة التي كانت عليها قبل الإستقلال وتخسر كفاحا دام ربع قرن لكن فطنة القيادة وذكاء الزعيم والحب المفرط للوطن من طرف المناضلين الأحرار صانعي مؤتمر المعجزة في 15 نوفمبر 1955 بصفاقس،جنبوا البلاد كل أسباب الانحلال والفوضى والخلافات وحكموا العقل ولم ينساقوا وراء الغرور والتفوا وراء القائد الزعيم وحسموا أمرهم وأمرهم شورى بينهم , صدق الله العظيم .
وكان مؤتمر صفاقس بحق منعرجا حاسما في حياة الحزب وحقق ما يصبو إليه الوطن من وحدة وكرامة وعزة وتقدم ومناعة واستقرار وأمن في النفوس وبناء الدولة العصرية واستكمل البناء السياسي وتعزز الاستقلال الداخلي وتوج يوم 20 مارس 1956 بالاستقلال التام بعد مضي أربعة أشهر وخمسة أيام فقط على انعقاد مؤتمر صفاقس التاريخي واسترجعت تونس كل مقومات السيادة والحرية والعزة وشكلت الحكومة الوطنية حكومة الإستقلال يوم 14 أفريل 1956 برئاسة الزعيم الحبيب بورقيبة الذي أسندت إليه حقيبتي الخارجية والدفاع واستمر الحزب في بناء الدولة العصرية بقيادته الحكيمة المتبصرة وكان مؤتمر صفاقس هو مصدر القوة ومصدر القرارات والمقترحات الهادفة منبع الفكر والتصورات الايجابية المرجع الغني والسند الأكبر للحكومة التي هي ملزمة بقرارات وتوصيات المؤتمر ولوائحه الهامة.
ومما تجدر الإشارة إليه بأمانة وللتاريخ أن اللوائح التاريخية التي أصدرها نواب الشعب الدستورية والأفكار التي طرحها مناضلوا الحزب والتصورات التي وضعوها في صلب المؤتمر بحرية وحماس وصدق هي الدعامة الأساسية والمرجع الذي لا ينبض معينه, والقوة الدافعة لانجاح رسالة الحزب واشعاعه على الدوام والمضمون والجوهر لعمل الحكومة والدفع الحقيقي للنماء الشامل والتشريعات الرائدة التي حققها النظام يعود الفضل فيها كلها الى لوائح مؤتمر صفاقس 1955 ولن نتصور على الاطلاق مهما كانت عباقرة اليوم والدكاترة والفلاسفة أن يضيفوا شيئا على ما وضعوه وطرحوه وتصوره أحرار الحزب في مؤتمر صفاقس 1955 وأدعوا المهتمين بالشأن السياسي في تونس وفي العالم أن يرجعوا إن شاؤوا لوائح مؤتمر صفاقس 1955 سيجد الشيء العجاب وآنذاك يدركون ما أفرزته المدرسة البورقيبية بعد كفاح مرير دام ربع قرن ثم ازداد جمالا وبهاء بعد نصف قرن على الإستقلال الداخلي وبعد مرور نصف قرن على انعقاد المؤتمر التاريخي الذي يحق لنا نحن حاملي مجد الحزب وأمانته التاريخية الأوفياء لزعيمه الذي لم ولن يمحى من ذاكرتنا أبدا بل العكس فهو كمعدن الذهب كلما صقلته ازداد جمالا وبهاءا كما يقولون.واليوم بعد وفاته زاد الحب والوفاء والإعجاب له.
ولا يسعني بعد هذه اللمحة الوجيزة إلا أن أترحم بكل إجلال وإكبار وخشوع على روح الزعيم الأوحد والقائد الفذ المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة الذي صنع الحدث ورفاقه في الديوان السياسـي في مؤتمر صفاقـس وهم علـى التوالي: الباهــي لدغــم جلـولي فارس،الصادق المقدم ،المنجي سليم ،الهادي نويرة ،علي البلهوان ،الطيب المهيري ،احمد التليلي ،عبد الله فرحات رحمهم الله وبقي على قيد الحياة الأستاذ محمد المصمودي ثم الأخ عبد المجيد شاكر الذي عينه رئيس الحزب مديرا للحزب وألحق بالديوان السياسي وهو أصغر مديرللحزب آنذاك ونورد للتاريخ بعض المقتطفات من كلمات أعضاء الوفود الشقيقة والصديقة الذين حضروا أشغال المؤتمر .قال الشيخ احمد حسن الباقوري وزير الأوقاف في الحكومة المصرية لقد استمعت الى خطاب الرئيس الحبيب بورقيبة فوجدت أنه ألقى بحجة وبمنطق يدل على فقه واسع سليم »
أما السيد خير الدين الزركلي مندوب المملكة العربية السعودية .أود أن ألقي كلمة تليق بهذا الجمع الكريم المحتشد لتدشين قوميته أو ما شئتم أن تطلقوا من النعوت وان سمح لي المجاهد الأكبر أن أسميها ثورة فكرية عاصفة أتت أكلها والحمد لله وستضاعف نتائجها المقبلة باذن الله وصدق الزركلي السعودي فيما قال فحققت تونس كل الانتصارات والمكاسب التي تمناها مبعوث السعودية.
وقال السيد عبد الرحمان قلهود وزير العدل الليبي : »لأني سعيد جدا عندما أحظى بمثولي في هذا المؤتمر العظيم وهو أول مؤتمر عقد في هذا البلد اذا أصبح دولة وأصح مستقيلا.
أما كلمة السيد عبد المجيد محمود وزير الدولة العراقية فقد جاء فيها بالخصوص : »أهنئكم بهذا الأسد الرابض أسد تونس الذي يكسو رأسه الوقور شيب هو غبار الوقائع وأثار ما كابده من محن وما قساه من نفي وتشريد وسجن في سبيل اعلاء كلمة هذا الوطن وتحريره واستقلاله…
هذه كلمة مبعوث العراق أسوقها وهي مسجلة بكتاب حول مؤتمر صفاقس حتى لا يتهم أو يدعى محمد أبو القاسم كروا تحريف التاريخ أو التجني في شهادته بمنتدى الفكر لمؤسسة التميمي أن مبعوث العراق قال كلام غير هذا وللتاريخ فإن كلام كروا مردود عليه والتاريخ لا يرحم.ياسي محمد كروا…
أما الآنسة موكورجي عن حزب المؤتمر الهندي قالت أن للحزب الحر الدستوري الجديد والشعب التونسي لن يفخرا بما حققاه ولنا الثقة التامة في أن مناقشات المؤتمر ستضفي الى اتخاذ قرارات هامة تضمن مستقبل تونس وشعبها.
أما السيد هانري دي مونتيتي رئيس هيئة العمل والتعاون التونسـي الفرنسي فقـد قـال: » آسف لعدم قدرتي على مخاطبتكم بالعربية وأعبر عن شكري وتقديري لكم ولرئيسكم الأستاذ الحبيب بورقيبة وأقول لكم أني لم أقف هنا وأتحدث إليكم باسم فرنسي تونس الديمقراطيين إلا أن العقلية الفرنسية أصبحت تزداد يوما بعد يوم وقد كونا حركتنا لهذا الغرض ونريد بواسطتها الوصول الى بناء هذا المجمع البشري المشترك وسنعيش الى جانبكم في هذا البلد الأمين ونطلب منكم أن تقرؤوا لنا حساب باعتبارنا ضيوفا عندكم نحترم سيادتكم وتقبلوا شكري لكم ولرئيسكم الأستاذ الحبيب بورقيبة اذا سمحتم لأحد الفرنسيين الديمقراطيين بالتحدث في هذا المؤتمر » ومسك الختام نورد مقتطفات من خطاب الرئيس الحبيب بورقيبة في افتتاح مؤتمر صفاقس 15 نوفمبر 1955 للعبرة والدرس وللتاريخ وفاء للعهد وللتاريخ ووفاء لروح الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.
من خطاب الرئيس الحبيب بورقيبة
الإستقلال الذاتي خطوة الى الأمام
ضيوفنا الكرام، اخواني، أخواتي الفضيلات،
إنه لمن المشرف الاثيل أن يجتمع نواب الشعب التونسي بعد كفاح مرير ليتدبروا أمرهم وينظموا صفوفهم ،ويرسموا الخطة المثلى التي يجب السير على هديها ويسطروا للحكومة المنهاج الذي يجب أن تتجه فيه لتظفر هذه الأمة بما كانت تصبو اليه منذ زمن بعيد من عزة وكرامة وازدهار وسيادة حقة واستقلال تام.
وإنه مما يثلج الفؤاد وينم عن تطور عميق أن يشاركن في هذا العمل الجبار نواب ووفود من الشعوب العربية الشقيقة ،ومن شعوب الأمة الاسلامية ومن الشعوب والأمم المحبة للاخوة والسلام والتعاون الذي لا تشوبه هيمنة أو اضطهاد أو قهر ،قهر القوي للضعيف ،لأن الأمة التونسية عربية اسلامية منذ ثلاثة عشر قرنا ونصف إلا أقلية منها ضئيلة وستبقى عربية مسلمة الى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
الشعب ضحى بالنفس والنفيس
وقد كافح الشعب التونسي وفي مقدمته هذا الحزب ،وضحى بالنفس والنفيس وسالت دماء أبنائه واستشهد رجاله وأبطاله منذ سنة 1933 للابقاء على عروبة هذه الديار واسلامها .فقد قاوم آنذاك سياسة التجنيس التي كانت تهدف الى اخراج الجانب العظيم من الأمة التونسية المسلمة والحاقها بالجنسية الفرنسية وقد كافح وصمد في وجه الرصاص والحراب الاستعمارية الى أن أغلق باب التجنيس ،فبقيت الأمة التونسية بحمد لله مسلمة عربية ليوم الناس هذا وسيبقى كذلك الى يوم يبعثون.
كما كافح هذا الشعب سياسة استعمارية أخرى أشد بأسا كانت ترمي الى اخراج التونسيين من الجنسية التونسية ،بل الى ادخال الفرنسيين والجالية الفرنسية الموجودة بتونس في حظيرة الأمة التونسية وبهذا يتم لها ازدواج السيادة ،ويصبح للجالية الفرنسية حق مشاع في سيادة البلاد ..وحاول الاستعمار الفرنسي اعتبار الفرنسيين والأجانب المقيمين بالبلاد تونسيين يشاركون في الانتخابات كجزء من الأمة التونسية.
الركون الى الرأى وملكة التمييز
فواجب الأمة إذا وفى مثل هذا الظرف أن تعمل الرأى وتحكم ملكة التمييز ،وتبحث بنفسها عن الصواب فلا تنكمش على نفسها وتلوذ بالحياد وتبقى تبصر من بعيد خلاف زعيمين وتسدل على عينيها غشاوة وتقول « اني منتظرة أن تتفقوا سواء كان اتفاقكم على حق أم على باطل ثم اقتدي بكم وأسير خلفكم. »
والذي أطلبه منكم أن تفكروا مليا في الجوهر لأن الزعيم ليس له إلا أن يوجه بينما على الأمة أن لا تقتنع برأيه الا بعد التروي وأن تصدع بحكمها له أو عله.
وقد حرصت دوما على أن أسخر مواهبي وما حباني به الله من مدارك وما ظفرت به من تجربة في سبيل البحث والاجتهاد وهذا ما أدعوكم إليه اليوم حتى تتبعوا من الأمور أصلحها فيتضح الموقف وينحسم الخلاف.
ان الخلافات السياسية لا تفض بمجرد العاطفة المشبوبة بل لا تنتهي الا متى تسلط عليها العقل والإدراك وغاص المرء في غورها لاستجلاء المواقف حتى يبت فيها بنزاهة وتجرد وترفع عما تشوبه الغايات الدنيئة فلا تحدوه إلا رعاية المصالح العليا للأمة .
وبذلك وعلى هذا مستوى من الإدراك ،تحسم الخلافات بدون غوغاء ولا هرج.
ولن أختم كلمتي قبل أن أحذركم عواقب الاغترار فقد ظللت خمسا وعشرين سنة أرشدكم إلى ما فيه خيركم وصلاحكم ،أرشدكم في الكفاح وأرشدكم في كل الظروف القاسية التي مرت بنا وهديتكم السبيل وكنت دوما في الطليعة سواء في الحرب أو السلم .
والتاريخ يشهد والحمد لله أني خدمت هذه الأمة باخلاص وأني نجحت في مهمتي إذ ظفر الشعب اليوم بما ينعم به من حرية مكنتنا من عقد هذا المؤتمر الخالد ومن الاجتماع بإخواننا من المشرق والمغرب.
ولا أدل على نجاعة هاته المرحلة التي نجتازها رغم ما تتصف به من نقص في بعض الميادين من صدور أوامر حكومتنا الى السفراء كي يؤشروا جوازات سفر اخواننا من العرب وتمكيننا لهم من زيارتنا وحضور مؤتمرنا تشريكا لهم في فض مشاكلنا ومهما كانت ملكة الاقناع عندي قوية فإني مؤمن أن الرشد من عند الله يمنحه من يشاء.
« إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء » والسلام عليكم ورحمة الله
انتهــى خطاب الزعيــم بورقيبــة
ووفاء لروح الزعيم في الذكرى الخمسين لانعقاد المؤتمر التاريخي الخالد الذي يستحق اهتماما واسعا في الأوساط السياسية داخل البلاد وخارجها وأعلاما أكثر مصداقية لأعطى التاريخ حقه وإعطاء الزعيم حقه ورفاقه الذين ساندوه وآزروه ووقفوا إلى جانبه أيام الشدة والمحن ونختم هذه الخواطر بكلمة بليغة للتاريخ أننا نعاهد قائدنا وزعيمنا الذي هو بجوار ربه, نم أيها القائد هانئا فإن أخوانك وأبنائك الأوفياء وبناتك المناضلات على العهد دوما ثابتين وعلى الوعد صادقين وعلى المنهج مخلصين وعلى الثوابت متمسكين وعلى القيم والمبادئ باقين « إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين » وجزاكم الله خيرا على ما قدمتموه من أعمال وتضحيات جسام لا تمحى من الذاكرة الشعبية على الدوام.والله على ما نقول وكيل ،وجمعية الوفاء للمحافظة على تراثكم التاريخي الخالد ونضالكم الوطني العزيز لا يسعها إلا الاستمرار في نشر مبادئكم السامية عاملة وصامدة وفاعلة و حاضرة دوما في الوجدان والإحساس والضمير وفي الشرايين تجري مجرى الدم لتغذية العقول والقلوب من معدن الوطنية الصادقة التي غرستموها في شعبكم الوفي ونرجو أن تجد الجمعية الدعم من طرف كل الأوفياء للزعيم الراحل والغيورين للثوابت الراسخة ويصدعوا بالحب دون تردد ولا ريبة وعلى كل القوى الحية الوطنية الا الدعم والمساعدة لأهداف الجمعية الوطنية التي تكونت في النصف الأول من العام الحالي 2005 وعسى أن تشارك في الاحتفالات العامة التي ستقام عام 2006 في الذكرى الخمسين لعيد الاستقلال 20 مارس 1956 –2006 .
ومن المعلوم أن الجمعية تقدمت بملف حول الحصول على التأشيرة القانونية يوم 13 جوان 2005 وذكرت برسالتين متتاليتين الأولى بتاريخ 21 جوان 2005 و7 جويلية 2005 ولحد الآن تنتظر الرد الايجابي والقبول النهائي مع الملاحظة إن الأجل القانوني للرد والإجابة القانونية لا يتجاوز 90 يوما وإذا اعتبرنا تاريخ 13 جوان 2005 فان يوم 13 سبتمبر 2005 يكون الأجل القانوني لنشاط الجمعية وتعتبر قانونيا جمعية ذات صلاحيات طبقا لما نص عليه قانون 7 نوفمبر 1959 كما وقع تنقيحه في 1988 وفي 1992 ولنا الثقة في شخص سيادة الرئيس زين العابدين بن علي الضامن للقانون والساهر على تطبيقه والعادل في تنفيذ كل القوانين المتعلقة بالحياة السياسية والاجتماعية لدعم المجتمع المدني وتطوير أداء رسالته وما القمة العالمية لمجتمع المعلومات المنعقدة بتونس إلا تأكيد لدور المجتمع المدني وترسيخ مفهوم العمل الجماعي في إطار الجمعيات والقوانين المشار إليها أعلاه.
و أعتقد أنه بعد انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات سوف تتلقى جمعية الوفاء للمحافظة على التراث الوطني للزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله التأشيرة القانونية من رئاسة الجمهورية , لأن الرسائل المشار اليها صحبة الملف , وجهت إلى رئاسة الجمهورية يوم 13 جوان 2005 مضمونة الوصول منذ قرابة خمسة أشهر و 07 أيام ولم تتلقى الجمعية أي رد طيلة هاته الفترة بينما القانون يحدد فترة الانتظار ب 90 يوما , و لا زلنا ننتظر الرد الإيجابي على مطلبنا الشرعي , بعد أن وجدنا أبواب أخرى موصدة لم تستجب لمطلبنا , فوقع الالتجاء إلى رمز الأمة الضامن للحريات و الساهر على تطبيق القانون و الراعي لشؤون الأمة طبقا للقوانين المشار اليها آنفا . و ما احيائنا للذكرى الخمسين لمؤتمر صفاقس إلا تأكيدا على روح الوفاء للزعيم الحبيب بورقيبة .
والله ولي التوفيق.
والســـلام./.
ملاحظة : هل يصدر منشور لكافة الشعب الدستورية لإحياء هذه الذكرى الخالدة
محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري
حمـام الشط تونــس
تونس: من تأسيس مقوّمات الديمقراطية.. إلى الممارسة
حول الانتفاضة الجنسية في مصر
مزق حجابها في تونس
عبد الله جدي (*)
القصيدة تقرأ من عنوانها
قبل البدء:
قرأت خبرا أوحى الي هذه القصيدة المرتجلة..
يذل المرء من ذل الذئاب
ومن للغرب تهرع كالكــــلاب
فشرع الله هان وما عرفتم
حقيق الشرع في زمن الدواب
جسومكم أما تدرون يومـــا
كما جاءت تعود الى التراب
تعاقبني عقابك ليس يجدي
فعند الله نجمــع للعقـــــاب
تمادى البغي في أرض تمادت
وسوف تصاب يوما بالمصاب
فلا( فرعون) صانع ما صنعتم
ولا من كان يقطع في الرقـــاب
سينتقم الحجاب إذا حجبتم
وتحجب عنكم أم الكتـــــــاب
فليس لديكم ما قد يقيكم
من النيران فهي من النصاب
لقد بعتم ضمائركم وعرضا
وحتى ما تبقى من ثيـــــاب
فأنتم طغمة لاخير فيكم
وكالطاعون يفتك بالشباب
********
يقول ابن الاصيل اليك صبرا
فان الدين يدرك بالصعاب
كمال الدين حكم الدين فينا
كمالك حين زين بالحجـــاب
لعل الله يهدي من أضلـت
تعود السافرات الى الصواب
ومن قد مات في دين وعرض
ففي الجنات يرزق بالثواب
(*) عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
(المصدر: بريد موقع الحوار نت بتاريخ 14 نوفمبر 2006)
واشنطن تمسك بورقة الزنوج لإعاقة حكم تسانده أوروبا …
خريطة الأحزاب والقوى في موريتانيا المقبلة على انتخابات
توفيق المديني (*)
هناك اجماع على أن موريتانيا تشهد واحداً من أزهى فصولها السياسية، بعد التزام أركان المجلس العسكري عدم الترشح للانتخابات المقبلة، وتعهدهم تنظيم انتخابات حرة ونزيهة بإشراف الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وأي جهة دولية ترغب في المساهمة أو المساعدة في عملية الإصلاح السياسي التي أعلن عنها غداة إطاحة نظام ولد الطايع في 3 آب (أغسطس) 2005.
بعد نجاح الاستفتاء على الدستور الموريتاني الجديد الذي طرحه»المجلس العسكري للعدالة والديموقراطية» برئاسة الرئيس الحالي أعلي ولد محمد فال، على التصويت في 25 حزيران (يونيو) المنصرم، والذي أيده 96.97 في المئة من المقترعين، وتم إقراره، هاهي موريتانيا مقبلة على إجراء انتخابات أخرى على مدار الأشهر اللاحقة، تشريعية وبلدية في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، ثم انتخابات مجلس الشيوخ مطلع العام 2007، ويتم تتويج هذا البناء الديموقراطي الجديد بالانتخابات الرئاسية في آذار (مارس) 2007.
ويشارك في الانتخابات البلدية والنيابية 25 حزباً سياسياً من أصل 35 معترفاً بها رسمياً، وتتميز بما بات يعرف بلوائح المرشحين المستقلين التي تسببت في أزمة سياسية بين المجلس العسكري وأحزاب رأت في بروز اللوائح المستقلة بهذا الحجم الكبير إضعافاً لها، وفرصة للقبائل للاستحواذ على التجربة الديموقراطية.
ولما كانت الانتخابات هي المعيار الشرعي تحدد ملامح النظام المقبل، الذي سيخلف المجلس العسكري في السلطة، وفي المقابل ستكشف للمرة الأولى عن الحجم الحقيقي للأحزاب الموريتانية والقوى السياسية المختلفة. لهذا نحاول من خلال هذا المقال رسم خريطة أهم الأحزاب والقوى الموريتانية الفاعلة.
1-الحزب الجمهوري الديموقراطي الاجتماعي
يتزعم هذا الحزب الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطائع، و قد تأسس في 28/8/1991. وباعتباره كان حزب السلطة الحاكمة، فإن عناصره كانت من العاملين في مراكز الدولة، وهم المستفيدون من الحكم واستمراره. كما أن عدداً من رؤساء القبائل انضم إلى هذا الحزب، بعد أن أعاد اليهم رئيس الدولة مكانتنهم، خصوصاً قبيلة «الساسين» التي ينتمي ولد طايع اليها. والحزب الجمهوري عبارة عن خليط يضم أعضاء من اليمين المتطرف واليسار المتطرف، بدءاً من قدامى الماركسيين الماويين مروراً بالناصريين، إضافة إلى بعض القوى السياسية الأخرى كالبعثيين، خصوصاً الموالين لصدام حسين، إلى الأصوليين وزعماء القبائل وهم يمثلون الركيزة الأساسية للحزب، حيث يرون أن معارضة السلطة ستعرقل طموحاتهم في تقلد المناصب العامة.
2- حزب اتحاد القوى الديموقراطية (عهد جديد)
تأسس هذا الحزب في 12/10/1991 بموجب ترخيص من وزارة الداخلية، وهو أقوى الأحزاب الموريتانية شعبية ويعتبر في رأس الأحزاب المعارضة. وقد شكل من مجموعة من القوى والحركات والأحزاب التي كانت قائمة قبل ذلك وكانت تعمل في سرية وهذه القوى هي:
حركة (الحر) وهي الحركة التي تضم الحرمانيين الذين يراوح عددهم بين 8 و 10 في المئة من السكان، والحزب الشيوعي الموريتاني، وتنظيمات الزنوج على اختلافها، وقدامى البعثيين الذين أصبح جناحهم يعرف داخل الحزب بجناح الوسط الديموقراطي ويقوده محمد ولد باباه.
تتلخص أهداف الحزب في تحقيق الوحدة الوطنية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية بين فئات الشعب الموريتاني عرباً وغير عرب. ورئيسه هو السيد أحمد ولد داده، وهو من الشخصيات القيادية القديمة، يحمل شهادة عليا في الاقتصاد وتقلد مناصب إدارية منها محافظ البنك المركزي، ووزير سابق في عهد شقيقه المختار ولد داده .أما شعار الحزب فهو: وحدة، ديموقراطية، عدالة اجتماعية.
3 – الحركات القومية العربية
تشكلت طلائع هذه الحركات في الستينات في إطار حقبة المد القومي الناصري – البعثي في الوطن العربي، في إطار واسع تعارف فيما بينه على التسمي بـ «حركة القوميين العرب». وهو إطار سياسي عام لا علاقة له بالتنظيم القومي لحركة القوميين العرب في المشرق العربي. وضم هذا الإطار الحساسيات القومية لمجتمع «البيضان» العربي. وكانت هذه الحساسيات منضوية في البداية في إطار «حزب النهضة» وريث «حزب الوفاق الوطني» في الخمسينات. ودعم هذا الحزب برنامج «حزب الشعب» واندمجت قيادته فيه عام 1966 على اساس تعزيز السياسة العربية لموريتانيا. وتمكن التيار القومي العربي هنا من ان ينتزع من مؤتمر حزب الشعب في عام 1966 سياسة شاملة بتعريب الإدارة والثقافة، ما أدى الى توتر دموي داخل حزب الشعب وخارجه مع ممثلي المجموعات الزنجية الإفريقية.
وشكلت الحركة الناصرية أحد أهم ألوان الطيف السياسي القومي العربي في موريتانيا، وإثر مؤتمر القوى الناصرية العربية عام 1973 الذي رعته القيادة الليبية في طرابلس، انقسمت الحركة إلى تيارين، الأول يرتبط على ما يبدو بالتنظيم الطليعي الذي كان يقوده فتحي الدبب، والثاني بالقيادة الليبية. إلا ان الانقسام لم يمنع التعاون لا سيما في الانتخابات البلدية عام 1978، إذ خاضت الحركة الانتخابات بقائمة واحدة تحت اسم «الاتحاد من أجل التقدم والأخوة».
وإثر صدور قانون الأحزاب وقرار التعددية السياسية عام 1991، تأطرت الحركة الناصرية تحت اسم «حزب التحالف الشعبي التقدمي». واستوعب الحزب حركة اللجان الثورية المرتبطة بليبيا ومجموعة قليلة من الزنوج والحرماتيين المستعربين. وتبنى الحزب الإيديولوجيا الناصرية، ورفع شعار «ديمقراطية – عدالة – وحدة» كشعار موريتاني يجسد شعار الحركة الناصرية التاريخي حرية – اشتراكية – وحدة، ويتميز بعلاقاته الوثيقة مع القيادة الليبية.
وانتشر تنظيم البعث في شكل خاص في السبعينات بين الطلاب في المرحلة الثانوية، والمثقفين، وفي المناطق الشمالية من البلاد، واصبح له حضور في الجيش وبعض الأجهزة الإدارية. وكان الضباط البعثيون طرفاً أساسياً في الانقلاب العسكري في 10 تموز (يوليو) 1978، وتم في آذار (مارس) 1979 تصفيتهم بيد اللجنة العسكري الحاكمة، ليتعرض البعثيون في عام 1982 إلى حملة قمع صارمة طاولت فيها جهازهم المدني والعسكري.
وإثر صدور قانون الأحزاب في عام 1991 أعلن البعث عن نفسه في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 1991 تحت اسم «حزب الطليعة الوطنية» وتولى أمانته العامة حظري ولد جدو الذي درس الحقوق في بغداد، وهو من مدينة شنقيص التابعة إلى محافظة أدوار، وينتمي إلى قبيلة الأغلال. أما أمينه العام المساعد فهو الددّاه محمد أمين السالك. والحزب هو فرع قطري لحزب البعث العربي الاشتراكي (جناح العراق)، وقد عمل تحت اسم «حزب الطليعة الوطنية» لأن قانون الأحزاب الموريتاني لا يجيز تأسيس أحزاب موريتانية مرتبطة بأحزاب أخرى في الخارج وتبنى شعار وحدة – حرية – عدالة اجتماعية كترجمة موريتانية لشعار الحزب الأساسي (وحدة – حرية – اشتراكية).
4 – القوى القبلية
للقبائل تأثيرها الكبير في الولاءات السياسية للمواطنين، والقوى القبلية تغلّب الولاء للقبيلة على الولاء للنظام. ومن أبرز القبائل ذات التأثير في الشأن السياسي الداخلي الموريتاني قبيلة الترارزة في جنوب موريتانيا على الحدود مع السنغال، وقبيلة بوتلميت في الجنوب أيضاً، وهي قبيلة عرفت بعلاقاتها الوطيدة مع السنغال والإدارة الفرنسية.
5 – المعارضة الإسلامية
كانت التيارات الإسلامية الموريتانية تحظى باعتراف رسمي حتى وقت قريب، وكانت تنشط علانية من خلال «الجمعية الثقافية الإسلامية» وعدد آخر من النوادي ومراكز الدعوة وجمعيات البر. واستفادت التيارات الأصولية الإسلامية الموريتانية من تراجع الحركات السياسية القومية والشيوعية، كي تحقق وثبة إلى الأمام، يساعدها في ذلك الطابع المسالم للأصولية الإسلامية الموريتانية، والطابع التقليدي والمحافظ للمجتمع، الذي يؤمن بالعقيدة الإسلامية كدستور حياة.
غير أن التيارات الإسلامية الموريتانية ما إن اتخذت مواقف راديكالية من السلطة بسبب سياسة التطبيع مع الكيان الصهيوني، حتى تعرضت لحملة اعتقالات، شملت شخصيات إسلامية في الحزب الحاكم والمعارضة على حد سواء. وازداد التناقض بين الحكم الموريتاني والتيارات الإسلامية الأصولية حدة، بعد أحداث 11 ايلول (سبتمبر) 2001، حين أكدت الحكومة الموريتانية التزامها محاربة ما يسمى «الإرهاب» الدولي، الأمر الذي جعل الولايات المتحدة تنوه بسياسة نظام معاوية ولد الطايع السابق.
6 – الأقلية الزنجية
ملف الزنوج هو أحد الملفات الشائكة في ظل حكم ولد الطايع السابق. والزنوج يشكلون نسبة تتراوح بين 20 و 30 في المئة من السكان. وخلال 21 سنة من حكم ولد الطايع، تم تهميش طائفة واسعة من هذا الشعب من خلال اغتيال الإرادة المدنية والعسكرية، وإبعاد 80 ألف شخص إلى السنغال ومالي، ودفع غالبية المجموعة الزنجية في موريتانيا إلى المهجر، ما أصاب الوحدة الوطنية بتصدع كبير. ويتناقض التيار الزنجي الانفصالي مع النظام الموريتاني الذي يحمله مسؤولية تكريس الهوية العربية على حساب الهوية الأفريقية، واللغة العربية على حساب الفرنسية.
وأصبحت الولايات المتحدة على قناعة بأنها خسرت مكانتها في موريتانيا لمصلحة الاتحاد الأوروبي، لا سيما فرنسا، بعد سقوط الحليف القوي لواشنطن معاوية ولد الطايع الذي كان وافق على إقامة قواعد عسكرية أميركية في الصحراء الموريتانية لرصد تحركات العناصر الإرهابية والتنسيق بين جيوش دول غرب أفريقيا في مجال التعاون العسكري.
وتسعى اشنطن إلى تحريك ملف الزنوج الموريتانيين المبعدين إلى السنغال ومالي. ورأت نواكشوط أن هناك تشجيعاً غير بريء في هجرة الأفارقة إليها، مع ما نقل عن مصادر أميركية في مخيمات اللاجئين والقرى السنغالية الحدودية من أن «لهؤلاء السكان الحق في الثروة النفطية الموريتانية التي تفتح باب الثراء في الضفة اليمنى للنهر».
(*) كاتب تونسي.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 14 نوفمبر 2006)
أوروبا التي نحبّ … أوروبا التي نكره عندما نضيق ذرعاً بأنفسنا
احميدة النيفر (*)
تتوالى الإساءات الصادرة عن أوساط أوروبية صوب العالَمين العربي والإسلامي بصورة مثيرة. شمل هذا «التصدّي الأوروبي» مجالات سياسية واقتصادية لا تعتبر جديدة بالنظر إلى سوابق تاريخية عرفتها علاقات الجوار بين المسلمين والأوروبيين. أخطر ما في هذا «التصدّي» أنه أصبح يستهدف علانية جوانب ثقافية ودينية ورمزية لدى المسلمين وبوتيرة تصاعدية بدأت منذ عقدين من الزمن واستفحلت في السنوات الخمس الأخيرة. إضافة إلى هذا فإن ما يسترعي الاهتمام في هذه «الحملة» هو تأكيدها على أن الإسلام لا يمكن أن يكون إلاّ خطراً ماحقاً لأوروبا بعد إن غداً قابعاً داخلها يتربّص بها الدوائر.
يتأكد هذا التوجّه بانخراط جهات معروفة بجديّتها وابتعادها عن التهافت العنصري لأقصى اليمين ضمن هذا الخطاب. حين تنشر مثلاً صحيفة فرنسية من مستوى «الفيغارو» وإثر الضجة التي أثارتها محاضرة البابا في أيلول (سبتمبر) الماضي مقالاً هجائياً للإسلام لا فكر فيه ولا عمق كتبه أستاذ مغمور، حين يحصل هذا باسم حريّة التعبير من قبل صحيفة عريقة فإنه لا مفرّ من التوقّف لتدبّر الأمر. ثمّ بعد أقل من شهر وعلى إثر إيقاف عدد من المسلمين العاملين في مطار «رواسي» بباريس باسم تحفظ أمني لا تعرف حقيقته، واصلت ذاتُ الصحيفة نفس النسق ناشرة حواراً ثالباً لفيليب دو فيليي فيه عبارات تحقيرية جارحة للمسلمين و فيه مطالبة المسؤولين بالحزم الكامل في خصوص النساء المحجّبات اللواتي ينبغي «إرغامهن على نزع الحجاب في الشارع والأماكن العامّة لأنه رمز لاستعباد المرأة وتقصيتها عن قيم الجمهورية».
يضاف إلى هذا التصعيد صدور قانون للهجرة إلى فرنسا لا يبيحها إلا للمهاجرين «المتميّزين». لم يتردد واضعو القانون في الإعلان عن حاجتهم إلى الكفاءات المختارة الوافدة من «جنوب المتوسط» بينما تظلّ الأبواب موصدة في وجه أهاليهم ومن هم دونهم كفاءة.
يبدو الأمر جللاً وكأنّ المهاجرين على وشك اكتساح الأراضي الفرنسية بخاصة والأوروبية بعامّة. هذا في حين تثبت الأرقام الرسمية أن نسبتهم لا تزيد على 6 في المئة من جملة عدد سكان فرنسا وأن السلطات الأوروبية رفضت منذ ثلاثة عقود 83 في المئة من مطالب اللجوء إلى الفضاء الأوروبي (شنغن).
ما يكشفه رصد الأحداث أن خطاب «التصدّي للغزو والإرهاب» الوافدين خصوصاً من العالَمين العربي والإسلامي ليس حكراً على اليمين. إذا نظرنا إلى جهة اليسار الفرنسي فإن الإساءات لا تقلّ ضراوة. زد ما قيل وكُتب في تعليل معارضة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي ففيه سُمّ ناقع وللنظر إلى دعم اليسار قانون تجريم منكري «إبادة الأتراك للشعب الأرمني» أوائل القرن العشرين. هذا القانون الجديد مذهل بكل المقاييس مع ذلك دافع عنه أقطاب من اليسار في المجلس النيابي على رغم موجة إنكار مفكرين ومؤرخين فرنسيين فضلاً عن الأتراك. مثار الرفض أنّ القانون يريد أن يحسم في شأن حادثة لا علاقة لفرنسا بها وفي اتجاه يعمِّق الفجوة بين شعبين لا يمتّان إلى فرنسا بصلة.
أخيراً وليس آخراً، يأتي إسناد جائزة الكتاب السياسي لسنة 2006 إلى «كارولين فوراست» اليسارية النسوية عن كتابها «الإغواء الظلامي» (La Tentation obscurantiste) المُذكي مخاوف الأوروبيين من «الغزو الإسلامي» لبلادهم وتهديد قيمهم ونمط حياتهم.
أما بريطانيا المعروفة بتسامحها مع المقيمين في أراضيها من العرب والمسلمين فقد انساقت في السبيل ذاته، سبيل التصدّي بالإساءة لخصوصيات ثقافية ورمزية بصورة فجّة وغير مسبوقة. كانت البداية مع مشاركة حكومتها في تأييد عنيد للولايات المتحّدة في الحرب على أفغانستان والعراق ثم انساقت الحكومة الآن ومعها قسم من الإعلام في إمكان مراجعة نظام حريّة الطوائف في خصوصياتها الثقافية والاجتماعية.
ألمانيا والدنمارك وهولندا وبلجيكا بل إيطاليا وإسبانيا انضمّت جميعها بدرجات متفاوتة إلى سياسة حمائية متيحة المجال لخطاب تحريضي قائم على الإثارة والتخويف.
لكن كل هذا لا يعدو أن يكون الوجه «الكريه» لأوروبا الذي لا ينبغي أن ينسينا وجهها الآخر ذاك الذي حرّك سواكن الطهطاوي وعبده وخير الدين. إنه الوجه ذاته المتألّق اليوم في نظر نخب العرب والمسلمين فضلاً عن عامّتهم. هي أوروبا الشابّة – على رغم دعوى الصلف بأنها غدت عجوزاً خرفة، بفضل خصال أربع : 1- سيادة القانون، 2- حقّ التنظّم والتعبير، 3- حقّ اكتساب المعرفة، 4- حرية التفكير والاعتقاد والإبداع.
من هذه الزاوية ليس من المبالغة القول إن معظم العرب والمسلمين اليوم مسكونون بقدر من الأقدار بالغرب الأوروبي في حداثته التي صاغ بها لنفسه موقعاً يتصدّر به التاريخ الإنساني الحديث والمعاصر.
أمّا نحن فنظراً الى ما نتخبط فيه من عجز نكاد نردّد في قراراتنا صوب أوروبا: «يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً». إنّ إحباطنا يتزايد عندما نقف على الحراك المجتمعي وهو يواجه بمؤسساته المدنية والشبابية العولمةَ المكتسحة بل إن تقديرنا يتضاعف عندما نرى معارضة صريحة يعلنها مسؤولون وقادة أوروبيون لسياسة الهيمنة الأميركية وغزوها العالمين العربي والإسلامي.
تلك بعض قسمات الوجه الذي نصبو إليه في الغرب الأوروبي.
السؤال الذي يفرض نفسه حين نريد تجاوز الوقوع في معاطب التشهير السهل أو الانبهار المشبوه هو: ما هي طبيعة العلاقة التي يمكن أن تستقرّ بين الفضاءين الأوروبي من جهة والعربي الإسلامي من جهة أخرى إن أدركنا أنهما مهدّدان بالتخلّي نهائياً عن مركزهم التاريخي في العالم لمصلحة غيرهم؟
إنّ الإقرار بوجود زاويتي نظر إلى المواقف الأوروبية وسياساتها إزاء العالمين العربي والإسلامي يهدف إلى إبراز ثلاثة معطيات حيوية نحتاج إلى تمثلّها في مواجهة فكر إطلاقي تبسيطي يضع، ببلادة أو خبث، الشرقَ في مواجهة الغرب و المسلمين في تناقض جوهري ّ مع الأوروبيين.
1- ليست أوروبا كتلة صماء بل هي مجال حيّ تعتمل فيه حركية ذاتية بصدد التشكّل للمساهمة في صوغ مستقبل التاريخ العالمي.
2- ما يعدّ عائقاً رئيساً في حركية أوروبا الفكرية والثقافية هي اعتبارها نفسها عينَ الإنساني بإطلاقٍ فهي لا ترى في الآخر المجاور والمختلف إنسانيته و قدرته على الإضافة والإثراء.
3- تختزل ظاهرة «الإسلاموفوبيا الأوروبية» في عدائها العلني للمسلمين اختزالاً مشوّها للإسلام لكنها في العمق تخفي معضلتين معاصرتين: أيّ هويّة لأوروبا وأيّ توجّه اجتماعي – اقتصادي لها؟
ما نريد أن نقدّمه جواباً عن السؤال الاستراتيجي السابق المنطلق من التكامل التاريخي والمستقبلي بين المسلمين والأوروبيين هو أنّ التصدّي الأوروبي للمسلمين مرتبط برفض أوروبا مراجعة فكرها المركزيّ المغلق، إنه تعبير مخاتل عن أوروبا التي تضيق ذرعاً بنفسها لأنها تأبى أن تقوم بمراجعات جذرية. ما لقيه مثلاً «سلمان رشدي» من دعم مشطّ وغير محدود من أوروبا الرسمية وغير الرسمية يضيء إعاقةَ المركزية الأوروبية في نظرتها إلى نفسها وإلى الآخر. بذلك الدفاع عبّرت الذات الأوروبية عن رؤيتها للعالَم الإسلامي وكيفية إصلاحه، فهي ترى في صاحب «الآيات الشيطانية» أحد العظام المخلِّصين للإسلام والمسلمين لأنها لا تشاهده إلاّ من منظورها الثقافي الخاص. ما توالى بعد ذلك من أمثلة وما تنوّع من حالات كان كلّه يؤكّد على أنّ المركزية الأوروبية لا ترى خلاصاً ممكناً للعالم العربي الإسلامي إلا عبر المقاربات المحاذية لتجربتها المعلمنة والقائلة بأفول الدين وبأن التحديث يفضي ضرورة إلى إقصاء الدين عن الحياة العامة.
الأدهى أن ظاهرة التمركز الثقافي ليست أقلّ حضوراً وفاعلية في فضاء العالمين العربي والإسلامي. هناك يقع الانسياق إلى اعتبار الهويّة الدينية حصن الخلاص وأن معناها قارّ ونهائي ومتعال عن التاريخ وأنها هي المرجعيّة الفاعلة والزاوية الوحيدة للنظر والحكم. لذلك فمن النادر أن يقال إنّ معتقداتنا الدينية تصلح أن تكون سبيلاً للوفاق كما يمكن أن تكون أداة للفرقة، وأن لمشاغل الواقع ودرجة الوعي أكبر الأثر في صوغ ثقافة دينية خاصة، كثيراً ما يقع الخلط بينها وبين الدين ذاته. لذلك يقع ادّعاءُ المطلَقِ متحققاً في الذات المسلمة المتمركزة والضائقة ذرعاً بواقعها ومتطلباته الموضوعية.
هكذا يبدو مشهد العلاقات بين أوروبا والمسلمين، مشهدٌ واعد على رغم عقبات كأداء، إنّه واعد على رأي أوروبي من أصدقاء العرب قال: ليس التفاؤل ثقةً في السعادة إنما هو الثقة في المشاكل.
(*) كاتب وجامعيّ من تونس
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 11 نوفمبر 2006)
افتتاح دورة العام الأربعين للمهرجان السينمائي المؤسس في العالم العربي …
«أيام قرطاج» … ماذا يبقى من تاريخ عريق اكتشف أقوى ما في سينما الجنوب؟
إبراهيم العريس
ذات يوم كان المهرجان السينمائي التونسي الذي عرف باسم «أيام قرطاج السينمائية» قبلة أنظار السينمائيين العرب. كان فريد نوعه في السنوات الصاخبة التي عرفت دوراته الأولى. كان مهرجاناً يناضل من أجل السينما، ومن أجل تغييرات حقيقية في المجتمع من خلال السينما. طبعاً نعرف ان الشق الثاني من نضالاته لم يتحقق أبداً، أو لم يتحقق كما كان مأمولاً له أن يتحقق. لكن الشق الأول تحقق، وأحياناً الى مستويات غير متوقعة. فـ «الأيام» التي عقدت دورتها الأولى في العام 1966، ولا سيما بمبادرة من الراحل حمادي العيد، والناقد الطاهر الشريعة، سرعان ما أضحى مركز الثقل السينمائي، عربياً وافريقياً، وعالمثالثياً، يعرض فيه «السينمائيون الجدد» أعمالهم وتدور فيه النقاشات ويلتقي في ندواته وأماكن إقامة ضيوفه، عشرات المبدعين من المناطق العربية وأفريقيا، ناهيك بأصحاب النيات الطيبة من أوروبيين مناضلين، سياسياً وسينمائياً، كانوا يأتون للدعم، ثم حين يعودون الى بلدانهم يكتب كتابهم في كبريات الصحف والمجلات، مقالات الإشادة والتشجيع. ولما كانت تونس، والمغرب العربي المجاور، تضج حينها بجمعيات السينمائيين ونوادي السينما والنقاد، كان من الواضح أن «أيام قرطاج» في طريقها الى خلق دينامية ثقافية لا مثيل ولا سابق لها في أي بلد عربي.
اليوم، ها هي أربعون عاماً سريعة، تمضي منذ كانت لحظات التأسيس. أربعون عاماً، شهدت خلالها «أيام قرطاج» شتى أنواع الصعود والهبوط. كما حال النضالات والسينمات والمجتمعات العربية في شكل عام. أربعون عاماً تنامت فيها و «ازدهرت» عشرات المهرجانات السينمائية في عشرات المدن العربية، ناهيك بازدهار العروض العربية والافريقية في «العالم الخارجي» أيضاً. بعض ذلك أراد تقليد قرطاج، فنجح حيناً بحدود، وفشل أحياناً بغير حدود، وبعضها أراد منافسته بل حتى الالتفاف على جوهر فكرة تكوينه… ونجح للأسف. اليوم صارت المهرجانات السينمائية العربية، أكثر من الهم على القلب، كما يقول مثل لبناني، وتونسي أيضاً شائع. صار عدد المهرجانات أكثر من عدد الأفلام المنتجة… بكثير. فكيف بعدد الأفلام الجيدة المنتجة… والتي قد تصلح لمهرجان ذي قيمة من طينة «قرطاج»!؟ اليوم صار لكل مدينة عربية مهرجانها بل أكثر من مهرجان، بما فيها – بخاصة وهذا هو المضحك/ المبكي في الأمر – المدن التي ليس فيها أي انتاج سينمائي، بل أحياناً أية صالات للعروض التجارية. ومن ذلك مهرجانات «عالمية» تنفق عشرات ملايين الدولارات، في وقت لا تريد فيه أن تنفق ألوف الدولارات على انتاج فيلم واحد… غير ان هذه حكاية أخرى.
مهرجان التأسيس
حكايتنا هنا هي قرطاج. ذلك المهرجان المؤسس، الذي إذ يصر على أن تظل وتيرته مرة كل عامين، يكاد يبدو بين الدورة والدورة منسياً، ضائعاً في زحام المهرجانات وأخواتها. فهل تختلف حاله هذه عن حال الانتاجات العربية الجيدة نفسها؟ مهما يكن، في زحمة المناسبات السينمائية التي تكثر عادة – لسبب غير مفهوم – في هذا الفصل من العام، ها هو مهرجان قرطاج يعود ليذكرنا بوجوده. وأكثر من هذا: يعود فجأة ليذكرنا بتاريخه، إذ ان دورته لهذا العام تحمل الرقم المدور الذي يحتفل به عادة. أو على الأقل يحتفل ببلوغه عامه الأربعين. فهل عام الأربعين، في الحيز السينمائي عام لتجدد الشباب أم عام للكهولة؟
تبدأ الدورة الجديدة، دورة الذكرى الأربعين، غداً وتنتهي بعد عشرة أيام. من هنا، كاحتفال سيكون من الصعب الحكم عليها منذ الآن. علماً أن العامين الفاصلين بين الدورة الأخيرة والدورة الجديدة، شهدا صراعات ومناورات عدة من حول «أيام قرطاج» هي، على أية حال، من نفس تلك التي تشهدها أروقة الحياة السينمائية التونسية بين كل دورة ودورة. فالحياة السينمائية التونسية تظل حياة صاخبة، وفيها يختلط الفني بالإداري، والمنتج بالمخرج بالناقد، بحيث أن كل واحد، أو شلة أو فريق، يسعى الى أن تكون له في الدورة مكانة وكلمة… حتى وإن تبدى هذا دائماً غير ذي جدوى. مع ان «قرطاج» هو واحد من المهرجانات النادرة للسينما في العالم العربي التي لها جمهور حقيقي يتدافع لمشاهدة الأفلام ومتابعة العروض. إذاً، يصعب الحكم على مجريات هذه الدورة منذ الآن. ولكن، في المقابل يجوز التساؤل عما يبقى من هذا المهرجان العريق، على ضوء العروض التي يقدمها في دورته الجديدة. إذ، وفي اطلالة سريعة على أسماء الأفلام المعروضة في التظاهرات الأساسية المختلفة (المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة أو القصيرة، عروض البانوراما، التكريم…) سيتبين بسرعة ان الجديد قليل. معظم الأفلام المتبارية وغير المتبارية سبق أن عرض على مدار العامين الفائتين في عدد كبير من التظاهرات والمهرجانات وحتى في صالات العرض التجارية. ما يعني طبعاً، أن مهرجاناً ساهم في الماضي في اكتشاف بعض أجمل أعمال برهان علوية ويوسف شاهين ونوري بوزيد وإدريس واردوغو وسليمان سيسي ومفيدة تلاتلي وفريد بوغدير ومحمد ملص، عليه ان يكتفي هذا العام بعرض أفلام سبق لكثر ان اكتشفوها، وأمضوا في اكتشافها، قبل وصولها الى «قرطاج». نقول هذا ونفكر في «دنيا» جوسلين صعب و «بوسطة» فيليب عرقتنجي، و «أوقات فراغ» من مصر و «بلاد رقم واحد» للجزائري عامر زيميش و «أحلام» العراقي و «طرفاية» المغربي داود أولاد السيد، و «باماكو» الموريتاني… و «انتظار» الفلسطيني رشيد مشهراوي، وصولاً الى «علاقات عامة» للسوري سمير ذكرى. ما هو الجديد في هذه الأسماء كلها؟ أي منها لم يُلحظ في مهرجان كهذا من قبل؟ وهل حقاً من بينها ما لم يعرض تجارياً بعد؟
مصير مختلف
حسناً… قد تكون المبررات كثيرة… ومعظمها صحيح: شحة الانتاج العربي، الايقاع المزدوج هذه السنة لقرطاج، كون هذه الأفلام لم تعرض بعد في تونس… أجل، كل هذا صحيح ومنطقي، لكنه يفقد «قرطاج» ما كان أساسياً فيه، خلال العشرين سنة الأولى من حياته، ويجعله متساوياً مع تظاهرات أصغر منه شأناً، بل يضطر الى منافستها، خاسراً، للحصول على أفلام جديدة، أو لأن يبدو مقلداً لها.
وطبعاً، ليس هذا هو المصير الذي كنا نتوقعه للمهرجان الذي عرفناه أيام عزه…
وما يقال عن برنامج المسابقة الرسمية هنا، يمكن قوله عن برنامج مسابقة الأفلام القصيرة… وكذلك عن بانوراما العروض العالمية (معظم أفلام هذه التظاهرة شوهد منذ عامين وأحياناً أكثر) ناهيك بأفلام البانوراما العربية والافريقية (ومنها «كارمن» الجنوب أفريقي صاحب الدب الذهبي في برلين 2005، و «دوار النساء» للجزائري محمد شويخ، وطبعاً «ظلال الصمت» السعودي الأول للمخرج عبدالله المحيسن، و «ملك وكتابة» لكاملة أبو ذكرى من مصر، وكذلك «الأفارقة الفرنسيون» فيلم رشيد بوشارب صاحب الضجة الكبرى والمليوني مشاهد في فرنسا، منذ الصيف الفائت، وهو فيلم الافتتاح… عن جدارة لا شك فيها…).
ما الجديد الذي يبرر مهرجاناً إذاً؟ ثم أين هي المناسبة نفسها؟ ترى، أفلم يكن من الأفضل والأكثر منطقية، حتى بالإمكانات المتواضعة التي فهمنا انها خصصت لـ «قرطاج» هذا العام أن يتم اختيار لجنة تحكيم (للمسابقتين الأساسيتين) تتألف من سينمائيين حقيقيين (مثلاً، من أولئك الذين فازوا بجوائز قرطاج الكبرى طوال الأربعين سنة الفائتة) بدلاً من هذه اللجنة الهجينة، التي عبثاً نبحث بين أسماء أعضائها عمن له علاقة حقيقية بالسينما أو بتاريخ قرطاج؟
ثم، وفي مجال التكريم نفسه قد يثني المرء على اختيار نجيب محفوظ (السينمائي) لتكريمه لمناسبة رحيله المحزن، ولكن أي تكريم هذا الذي يقتصر على كلمة عاطفية من الفنان نور الشريف، الذي لا تتعدى علاقته السينمائية بنجيب محفوظ، بضعة أدوار لعبها في بعض أفلام اقتبست من أعماله؟
والمرء قد يثني على تكريم المخرج المصري يسري نصر الله. ومع هذا أولاً يبدو هذا التكريم لنصر الله مبكراً، زمنياً، بعض الشيء؟ فالرجل لا يزال في بداياته، على رغم سنه التي تتقدم بسرعة، ولا يزال يبحث عن طريقه وأسلوبه وسينماه، على رغم بدايات مميزة في «سرقات صيفية» و «مرسيدس»، ولا يزال حائراً بين سينما الذات وسينما النضال، وبين لغة السينما ولغة التلفزيون، وسينما المؤلف وسينما «القضايا الكبرى»… فما جدوى تكريمه وحيرته لم تنحسر بعد، خصوصاً إذا كنا نعرف ان كل تكريم انما هو تتويج لحياة مبدع وعمله – بصراحة: رمي في متحف النسيان – … هل يرى منظمو قرطاج ان يسري نصر الله صار جديراً بمثل هذا التكريم المتحفي؟ وهنا إذ نتحدث عن نصر الله، سيقفز في ذهننا على الفور اسم مجايل له، يستحق هو التكريم أكثر من صاحب «مرسيدس»، ليس لأنه أفضل منه، بل تحديداً، لأن القدر المحزن شاء له أن يتقاعد باكراً بسبب حادث شله. نتحدث هنا عن الطيب الوحيشي، التونسي المبدع، الذي كان أقعده حادث في دبي، وكنا نتوقع من دورة قرطاج لهذا العام أن تلتفت اليه في تحية تكريمية تعيد التذكير ببعض الجيد والأكثر جودة من أفلامه، أو تؤنسه في وحدته القاتلة، هو الذي نعرف انه رافق قرطاج منذ البداية وكان في شكل من الأشكال ابناً حقيقياً لهذا المهرجان الذي لطالما تبنى أفضل وأبرز وأبرّ السينمائيين العرب وساهم في إعطائهم مكانتهم.
طبعاً نحن لا نكتب هذه السطور مستبقين بها افتتاح دورة العام أربعين لأيام قرطاج لوضع العصيّ في الدواليب، إذ نحن نعرف ان الراغبين في وضع مثل هذه العصي، داخل تونس وخارجها كثر. وكانت تلك هي الحال دائماً في الماضي. حال كثيراً ما أقضت مضاجع أهل قرطاج الحقيقيين من حمادة الصيد الى القاهر الشريعة وصولاً الى عبداللطيف بن عمار وأحمد عطية وخميس خياطي وعشرات غيرهم. كل ما في الأمر اننا اعتبرنا ان لـ «قرطاج» فضلاً كبيراً علينا وعلى السينما العربية، فضلاً تواصل منذ ذلك العام المبكر 1966، ولا يزال يغمر كثراً من أهل السينما. وهذا بالتحديد ما يملي علينا أن نصارح «قرطاج» بملاحظات قد تبدو حادة وقد لا تكون أفضل هدية تقدم لمؤسس المهرجانات السينمائية العربية الحقيقية في عيده. ولكن، هل حقاً أن على الحقيقة ان تنتظر مناسبة أفضل لتقال؟
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 10 نوفمبر 2006)
الفائز بنصف مليار في «دليلك ملك» لـ «الشروق»:
ابنتي ولدت وأنا في البرنامج…
معركة الحجاب تصل إلى المطارات المغربية
ليبيا تنشئ منطقة حرة بالتعاون مع شركة « إعـمـار » (الإماراتية)
رقصة القذافي وإبنه
الحكومة تنهي آخر مشاوراتها مع الأحزاب السياسية والصراع يشتد بين المترشحين من الأحزاب والمترشحين المستقلين
« محمد.. الغرب يشهد » .. سباحة ضد التيار
الإسلاميون برؤية أوروبية جديدة
تحولات قواعد الإخوان
المثقف العربي بين عنف الأقلية الحاكمة والأقلية المعارضة