الثلاثاء، 10 أكتوبر 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2332 du 10.10.2006

 archives : www.tunisnews.net


المجلس الوطني للحريات بتونس: بعد يأسه من عدالة القضاء التونسي أحد المتهمين بالإرهاب يحاول الانتحار في المحكمة
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بيـــــان
سويس إنفو : متهم (هشام السعدي) في قضايا الإرهاب الإسلامي بتونس يحاول الانتحار
قدس برس: بن علي يفتتح السنة القضائية الجديدة في تونس وسط انتقادات حادة لاستقلالية القضاء الجزيرة.نت : حزب تونسي معارض يدعو لإنهاء الحملة على المحجبات  
كونا: محكمة عراقية تصدر حكما بإعدام تونسي لضلوعه باغتيال الإعلامية أطوار بهجت
رويترز: مسؤولة تونسية: ارتفاع حاد في حركة التجارة بين تونس وليبيا الأستاذ فتحي نصري: تونس: الـحجاب و زواج الـمسيـار بين الحزب الـحـاكـم و الـيســار
الحبيب أبو وليد المكني: هل من التسامح التضييق على نساء المسلمين في تونس ؟؟
المختار اليحياوي: نحن والاتحاد الأوروبي
مرسل الكسيبي: تونس بعد اختطاف التجمع
رافع حيدري: داء الرقـابة
د,خالد الطراولي: المصرفية الإسلامية – سلامة النظرية،صحة التجربة وخطأ التحميل (2/3)
إفتتاحية « الموقف »:مؤسسة دستورية محاطة بالسرية
الموقف: قضية ملفقة ضد « الموقف »
محمد الحمروني: حي ابن سينا أم « شيكاغو »؟ 
فتحي التوزري: الانفراج مدخل رئيسي للإصلاح عبد الجليل بن خميس: أساتذة يصرخون
محمد فوراتي: عائدون من لبنان: الإستعداد الجيد و الإلتفاف الشعبي وراء إنتصار المقاومة محمد العروسي الهاني: رسالة للتاريخ بعنوان التسامح و العفو و الصفح إلى سيادة رئيس الجمهورية التونسية
عادل الحامدي: عن القضاء والحكم العادل الرشيد
أحميدة النيفر: الفاتيكان والمسلمون: الحوار المعلّق  الحياة: الجزائر: نجل بن حاج ليس موقوفاً ومعلومات عن «التحاقه بالجبل» سويس إنفو : مصر تمنع مرشد الاخوان المسلمين من السفر القدس العربي : الفنانات المحجبات غاضبات من يسرا  د. عبدالوهاب الافندي: عن حماس والديمقراطية وفقه الهدنة د. نهي خلف: قراءة في كتاب آلان هارت « الصهيونية العدو الحقيقي لليهود »: كيف تمكنت اسرائيل من تهديد السلام في العالم


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


 لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »  

حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:

 


 

المجلس الوطني للحريات بتونس
تونس في 10 اكتوبر 2006

بعد يأسه من عدالة القضاء التونسي أحد المتهمين بالإرهاب يحاول الانتحار في المحكمة

 

يعبّر المجلس الوطني للحريات عن قلقه الشديد على مصير السجين هشام السعدي الذي ألقى بنفسه من نافذة مكتب التحقيق العاشر بالطابق الأوّل بالمحكمة الابتدائية بتونس صباح اليوم 10 أكتوبر 2006. وقد شاهده محاميه وهو ملقى على الأرض في الشارع والدماء تنزف من جسده قبل أن يتم نقله إلى مكان غير معروف.

وقد مثل هشام السعدي (25 سنة، طالب سنة ثالثة طب) أمام التحقيق في القضية التحقيقية عدد 6020/10 وكان قد مثل يوم 21 جويلية في قضية تحقيقية أخرى عدد 5962/1 وذلك بموجب قانون مكافحة الإرهاب. وكان قد حوكم مرّتين في جوان 2004 أمام الدائرة الجنائية بتونس عندما أوقف مع مجموعة من الطلبة كانوا ينوون السفر إلى فلسطين واتهموا بتكوين عصابة لارتكاب اعتداءات، وصدرت بشأنه أحكام بلغت 10 سنوات سجنا مع المراقبة الإدارية.

وقد أطلق سراحه في شهر فيفري 2006 بموجب سراح شرطي قبل أن تتم ملاحقته بداية من أفريل من قبل المصالح الأمنية بتهمة مخالفة المراقبة الإدارية. وفي 11 جوان 2006 أوقف من جديد واحتفظ به لـ25 يوما بوزارة الداخلية ودوّن بالمحاضر أنّه أوقف يوم 4 جويلية وفتحت في شأنه قضيتان. وقد تعرض عند إيقافه كلّ مرة إلى تعذيب وحشي من قبل فرقة أمن الدولة بوزارة الداخلية كالضرب المبرح وحرمانه من النوم لمدة 3 أيام وتغطيس رأسه في الماء بآلة رفع السيارات « بالانكو ». ويعاني في سجنه من ظروف سيّئة ومعاملة قاسية. وعرض هذه اليوم على التحقيق القضائي دون وجود محضر استنطاق ابتدائي.   والمجلس الوطني للحريات إذ يسجّل أنّ هذه الإيقافات في إطار قانون مكافحة الإرهاب تتم خارج القانون وأن المحاكمات تفتقر لأبسط مقاييس المحاكمة العادلة: –       يعتبر أنّ ما أقدم عليه السجين هشام السعدي يعدّ تعبيرا بليغا عن يأسه من مصيره دفعه إليه ما تعرض له من تعذيب وحشي عدة مرات وظروف سجنه القاسية ثم حرمانه من مواصلة دراسته ثم التنكيل القضائي به بزجّه في قضيّتين في حين لم يمرّ على إطلاق سراح ثلاثة أشهر. –       يحمّل السلطات التونسية مسؤولية كلّ ما أصاب هشام السعدي في سلامته الجسدية. –       يطالب بوقف الحملات الأمنية التي تستهدف الشباب التونسي وتزجّه في قضايا الإرهاب في إطار التوظيف الذي السياسي للسلطة التونسية للبرهنة على دور مزعوم في مكافحة الإرهاب.   عن المجلس الناطقة الرسمية سهام بن سدرين


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 شارع المختار عطية تونس 1001 الهاتف : 71340860 الفاكس:71354984 10/10/2006
 
علمت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن السجين السياسي السابق السيد هشام بن سعيد بن فرج السعدي الذي سبق له أن قضى عقوبة بالسجن ضمن ما يعرف بمجموعة أريانة و قع إقحامه أخيرا في قضية ما يعرف بالسلفية الجهادية وهي تهمة نفاها عندما مثل أمام قاضي التحقيق بالمكتب الأول ثم وقع إقحامه مرة أخرى ومثل صباح هذا اليوم أمام حاكم التحقيق بالمكتب العاشر بالمحكمة الابتدائية بتونس بناء على نفس الأفعال المنسوبة إليه و حضر معه محاميه الأستاذ عبد الرؤوف العيادي الذي أفاد أن منوبه كان بحالة توتر نفسي شديد نظرا للظروف السيئة التي يعيشها في السجن والتي كانت سببا في إصابته بمرض الربو و أنه لم يكن مرتاحا لحشره في قضية جديدة و قد أصيب بنوبة ضيق تنفس قبل بدء التحقيق لجأ للتخفيف عنها لاستعمال المرذاذ ( الفشفاشة) و وقف للذهاب للنافذة التي فتحها بقوة و رمى بنفسه من مكتب التحقيق الكائن بالطابق الأول إلى الشارع المحاذي لقصر العدالة .   و أخبرت والدته السيدة زهرة دربول أنه أصيب نتيجة للحادث بكسر في رجله اليسرى و بعدة رضوض و لا زالت حالته غير مستقرة و هو يقيم حاليا بالمستشفى لتتبع وضعه الصحي.     كما أفاد محاميه الذي حضر معه الاستنطاق لدى حاكم التحقيق بالمكتب الأول أن منوبه يشتكي من تعرضه لتعذيب وحشي قبل مثوله أمام التحقيق و أنه قضى 25 يوما بمقرات إدارة أمن الدولة  بوزارة الداخلية و ستبين الأبحاث ما إذا كان رمى بنفسه من الطابق الأول بغية الهروب أو الانتحار.   و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين التي اتصلت بعدة تشكيات من عائلات المساجين السياسيين الذين ينعتون بالسلفيين الجهاديين بخصوص المعاملات السيئة و الاستفزازات التي يتعرض لها أبناؤهم بمختلف السجون التي و قع نقلهم إليها بطريقة تعسفية تطالب :   – بفتح بحث حول الاعتداءات المتكررة على مساجين لم تقع محاكمتهم بعد و يمكن أن تصدر المحكمة أحكاما ببراءتهم . – بتمكين عائلاتهم من زيارتهم. – بوضع حد لهذه المحاكمات التي تتم تحت القانون المسمى » قانون المشاركة في المجهود الدولي لمكافحة الارهاب »   رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري

بن علي يفتتح السنة القضائية الجديدة في تونس وسط انتقادات حادة لاستقلالية القضاء

تونس – خدمة قدس برس   انتقد حقوقيون ونشطاء تونسيون عدم الفصل بين منصب رئاسة الدولة ورئاسة المجلس الأعلى للقضاء في تونس، واعتبروا استمرار التلازم بين المهمتين خدش في استقلالية المؤسسة القضائية والحكم عليها بالتبعية للسلطة التنفيذية. جاء ذلك عشية إشراف الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، على افتتاح السنة القضائية الجديدة.   وامتدح قضاة تونسيون، ما قالوا إنه « تدعيم القضاء في عهد الرئيس »، وتحدث المنجي الأخضر الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتونس في جلسة افتتاح السنة القضائية التي حضرها الرئيس عن ما وصفه بـ « التطوير الذي لحق بمجال القضاء، وخصوصا ما يتصل منه بتقريب القضاء من المتقاضين وتحديث العمل الإداري للمحاكم، وجعله يستجيب للنقلة النوعية التي عرفتها المنظومة القضائية في السنوات الأخيرة ». مشيرا إلى ما تم إصداره من قوانين وصفها أنها من أجل « تطوير الرصيد التشريعي وإثرائه ».   كما تحدث في الجلسة الافتتاحية محمد الحبيب يوسف، الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس قبل أن يترك المجال لإيناس معطر، القاضية بالمحكمة الابتدائية، لإلقاء محاضرة بعنوان « دور القضاء في تجسيم مبادئ مجلة الأحوال الشخصية ».   يأتي ذلك فيما تستمر أزمة جمعية القضاة التونسيين بين الحكومة والقضاة، والتي كان آخرها منع السلطات التونسية للقاضية وسيلة الكعبي من السفر إلى العاصمة المجرية بوخاريست للمشاركة في المؤتمر العالمي للقضاء، وهي قضية كلف لها الاتحاد العالمي للقضاة رئيسة المجموعة الأفريقية بالاتحاد القاضية فاطوماتا دياكيتي بزيارة تونس لتقصي الحقائق في أسباب المنع. كما أجرى رئيس الاتحاد العالمي للقضاة، اتصالا بالقاضية الممنوعة من السفر، معبرا عن دعمه وتأييده لها.   ويشكك محامون وقضاة ونشطاء حقوقيون في استقلالية القضاء التونسي، وينتقدون السلطة التنفيذية بالسيطرة على القضاء، واستخدامه لتصفية خلافات سياسية مع خصوم النظام الحاكم.   وكان القاضي التونسي المعروف مختار يحياوي قد فُصل من منصبه في القضاء في كانون الأول (ديسمبر) عام 2001، بعدما وجَّه رسالةً مفتوحةً إلى الرئيس زين العابدين بن علي، دعا فيها إلى احترام المبدأ الدستوري الخاص باستقلال القضاء، قبل أن يتعرض للضرب والاعتقال أكثر من مرة بسبب نشاطه ضمن مؤسسات المجتمع المدني، المطالبة بإطلاق سراح المساجين السياسيين في تونس.   (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 10 أكتوبر 2006) 

 

 
متهم (هشام السعدي

) في قضايا الإرهاب الإسلامي بتونس يحاول الانتحار

 

تونس (رويترز) – ألقى شاب تونسي يحاكم بتهمة « الإرهاب الإسلامي » بنفسه من الطابق الثاني بعد دقائق من بدء التحقيق معه يوم الثلاثاء في قصر العدالة بالعاصمة التونسية.
وقال شهود عيان ومحامي المتهم ان « هشام السعدي قفز من نافذة مكتب التحقيق العاشر وبقي ملقى على الارض قبل أن يتم نقله للمستشفى على متن سيارة اسعاف بعد دقائق. »
ولم يعرف على الفور ما اذا كان السعدي (25 عاما) قد مات. لكن منذر الشارني أحد الشهود قال لرويترز « شاهدته ممددا على الارض يحرك اصبعه ربما كان ينطق بالشهادة. »
ومن شأن هذه الحادثة أن تثير احتجاج وقلق أحزاب ومنظمات حقوقية في الداخل تتهم الحكومة « بشن حملات اعتقال عشوائية ضد شبان واحتجازهم في أماكن وظروف غير معلومة بما يثير الفزع بين عائلاتهم بتهم الارهاب الاسلامي ».
لكن الحكومة تنفي ذلك باستمرار وتقول أنها حريصة على ان يتمتع هؤلاء المتهمون بحقوقهم كاملة وفقا لما يكفله القانون دون أي تجاوزات.
وقال روؤف العيادي محامي السعدي لرويترز « بعد وقت قصير جدا من بدء المحقق استجواب منوبي أحس بضيق في التنفس قبل أن يفاجأنا ويقفز بسرعة قياسية ويرمي بنفسه من نافذة المكتب. »
والسعدي الذي كان طالبا بكلية الطب قبل فصله يحاكم مثل عشرات آخرين بتهم التخطيط للالتحاق بالمقاومة العراقية ضد الجيش الامريكي والانتماء لمجموعات متشددة مثل السلفية والجهاد الجزائرية التي أعلنت في الآونة الاخيرة الانضمام للقاعدة بزعامة أسامة ابن لادن.
وسبق للسعدي أن سجن بنفس التهم ثم أطلق سراحه في فبراير شباط الماضي بموجب عفو قبل أن يتم اعتقاله من جديد في يونيو حزيران الماضي.
وقال محاميه انه فصل من الكلية بعد سجنه إضافة الى أنه لم يجد عملا.
وبينما تتصاعد انتقادات المعارضة بشأن هذه المحاكمات يتباهي أنصار الحزب الحاكم بنجاح الحكومة في احتواء الانشطة الاسلامية المتشددة وحماية أمن البلاد من خطر هذه الجماعات.
 
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 10 كتوبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
 

اعتبرها من أشكال الاضطهاد الديني

حزب تونسي معارض يدعو لإنهاء الحملة على المحجبات

لطفي حجي- تونس
 
طالب الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض في تونس السلطات بإيقاف الحملة على المحجبات، وصون الحريات الشخصية للمواطنين وعدم التمييز بينهم بسبب معتقداتهم.
 
واعتبر الحزب في بيان أصدره عقب اجتماع موسع لمكتبه السياسي، حصلت الجزيرة نت على نسخة منه، أن ما تتعرض له المحجبات في تونس من « إهانة ومضايقات ومنع مزاولة الدروس في المعاهد والكليات وحرمان من التوظيف في المؤسسات العامة يعتبر شكلا من أشكال الاضطهاد الديني الذي يستهدف جمعا من المواطنين بسبب معتقداتهم الدينية ».
 
كما عبر الديمقراطي التقدمي، في بيانه، عن استنكاره لحملات الاعتقال التي طالت جمعا جديدا من الشباب الذين يحالون إلى القضاء بسبب مكافحة ما يسمى الإرهاب وغسل الأموال.
 
وأشار إلى أن تلك الاعتقالات أثارت حالة من الفزع بأوساط عائلات المعتقلين التي أفادت أن العشرات من أبنائها تعرضوا للاعتقال في ظروف غامضة، ووقع التحفظ عليهم دون إعلامها بمكان احتجازهم أو أسبابه ودون احترام المدة القانونية للتحفظ.
 
كما ذكر المكتب السياسي للحزب المعارض رفضه القاطع لقانون مقاومة « الإرهاب » معتبرا أن سن إجراءات استثنائية يتعارض مع كل الحقوق المكفولة للمتهمين بالقانون والدستور, وأن تلك الإجراءات « شددت من العقوبات وقيدت من سلطات القاضي التقديرية ونالت حتى من السر المهني للسان الدفاع وجاءت استجابة لمقتضيات خارجية ».
 
ودعا الديمقراطي التقدمي السلطات مجددا إلى إلغاء ذلك القانون، والإفراج عن كافة المعتقلين الذين أوقفوا وحوكموا بمقتضاه.
 
وتقدر مصادر حقوقية عدد الأشخاص الذين أحيلوا العام الماضي بمقتضي قانون « الإرهاب » بنحو 300 شخص من كافة أنحاء البلاد, منهم من تم تسلمهم من دمشق على إثر محاولتهم الانضمام للمقاومة العراقية عبر الحدود السورية.
 
(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 9 أكتوبر 2006)
 

 

محكمة عراقية تصدر حكما بإعدام تونسي لضلوعه باغتيال الإعلامية أطوار بهجت

 

بغداد – كونا- وقال متحدث في محكمة الجنايات المركزية ببغداد لوكالة الانباء الكويتية كونا هنا ان المحكمة اصدرت حكما باعدام يسري فاخر محمد علي الترويكي الملقب ب »ابو قدامة التونسي » لضلوعه بتفجير مرقدي الامامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء واغتيال مراسلة قناة العربية الاعلامية اطوار بهجت.   وذكر ان حكم الاعدام صدر في الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم الثلاثاء وانه سينفذ بعد شهر عقب المصادقة عليه.   وكان مستشار الامن القومي العراقي موفق الربيعي اعلن في وقت سابق ان « عراقيين اثنين واربعة سعوديين وتونسيا واحدا من تنظيم القاعدة في العراق هم من قاموا بتنفيذ تفجير المرقدين الدينيين بمدينة سامراء في فبراير الماضي واغتيال الاعلامية اطوار بهجت ».   وقال الربيعي ان مخطط العملية هو « عراقي يدعى هيثم البدري وهو من تنظيم القاعدة في محافظة صلاح الدين وقاد عملية التفجير واعطاء التعليمات لشخصين عراقيين واربعة سعوديين اضافة الى المدعو ابو قدامة التونسي ».   واضاف ان ابو قدامة التونسي الذى دخل العراق في نوفمبر 2003 هو المنفذ الرئيس في تفجير مرقد الامامين العسكريين عليهما السلام واعتقلته القوات العراقية اواخر شهر يونيو عندما كان يحاول هو وخمسة عشر مسلحا اجنبيا اقتحام نقطة تفتيش في الضلوعية الواقعة على بعد نحو 30 كيلومترا الى الشمال من بغداد.   (المصدر: وكالة الأنباء الكويتية كُــونا بتاريخ 10 أكتوبر 2006) الرابط: http://www.kuna.net.kw/home/Story.aspx?Language=ar&DSNO=912081


مسؤولة تونسية: ارتفاع حاد في حركة التجارة بين تونس وليبيا

من سونيا ونيسي   تونس (رويترز) – قالت مسؤولة تونسية لرويترز ان حركة التجارة الثنائية بين تونس وليبيا شهدت ارتفاعا حادا بفضل الاصلاحات في الاقتصاد الليبي واستعداد الشركات التونسية لخدمة سوق مربح مجاور.   وعادة ما تقع الاسواق الرئيسية لدول شمال أفريقيا عبر البحر المتوسط في أسبانيا وفرنسا وألمانيا وايطاليا فيما يعكس نمط اعتماد تجاري على قوى استعمارية سابقة وهو نمط ملحوظ في كثير من المناطق الاخرى في القارة. وعرقلت الخلافات السياسية والشكوك المتبادلة بين دول المغرب العربي سنوات من الجهود لتعزيز التجارة بين دول المنطقة وزيادة الوظائف وتعزيز نمو الاقتصاد في مجتمعات يحلم الكثير من الشبان العاطلين فيها بالعمل في أوروبا. لكن خديجة شهلول مديرة التعاون الاقتصادي بوزارة التجارة التونسية قالت ان ليبيا أثبتت أنها استثناء لهذا الاتجاه لاسباب منها اصلاحاتها الاقتصادية. وقالت في مقابلة يوم السبت ان الطلب في ليبيا يتصاعد لان المجتمع هناك يتغير ومستويات الدخل في تحسن ومن ثم تتزايد الحاجة الى الواردات. وأضافت أن حركة التبادل التجاري تزداد بفضل اصلاحات ليبية تعمل على تحرير حركة التجارة وفتح الاسواق أمام القطاع الخاص. وقالت ان تونس تتوقع أن تتجاوز قيمة التبادل التجاري بين البلدين مليار دينار (760 مليون دولار) للعام الثاني على التوالي مشيرة الى أن قيمة التبادل التجاري في الاشهر التسعة الاولى من 2006 بلغت 1.3 مليار دينار. وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 1.2 مليار دينار في 2005. وشمل هذا الرقم صادرات تونسية تتمثل في المواد الغذائية أساسا بقيمة 611.6 مليون دينار بزيادة 41 في المئة وواردات يشكل النفط معظمها بأكثر من 661.9 مليون دينار مرتفعة 26 في المئة. وبلغ حجم التبادل التجاري 959.5 مليون دينار في 2004. وتظهر أرقام الحكومة الامريكية أن ليبيا الان من أكبر ستة شركاء تجاريين لتونس كما تشكل 71 في المئة من التجارة التونسية مع بلدان المغرب العربي. وتعزو خديجة شهلول معظم النمو الى استعداد ليبيا للتخلص من الروتين عند المعابر الحدودية وقرار البلدين اقامة مكتب جمركي مشترك لتبسيط الاجراءات وتحرير حركة انتقال السلع والاشخاص. وتستند تلك الاجراءات الى اتفاق تجارة حرة أبرم عام 2002 يهدف الى الغاء التعريفات والى العلاقات الودية بين الزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي سمح بان ترعى تونس المصالح الليبية في الخارج خلال سنوات العقوبات الغربية. وقالت خديجة شهلول ان كلا البلدين ينتهج سياسة شراكة لتطوير الاداء الاقتصادي والاوضاع الاجتماعية. وأضافت أن خططا أعلنتها ليبيا لاقامة منطقة تجارة حرة في المنطقة الساحلية الغربية قرب الحدود التونسية ستعزز الروابط الاقتصادية. وقالت ليبيا الشهر الماضي انها تعتزم اقامة المنطقة الحرة في مدينتي زوارة وبو كماش شرقي العاصمة طرابلس. وقالت خديجة شهلول ان المنطقة ستفتح نافذة على العالم وهو ما يعني أنها ستساهم في تحسين النشاط الاقتصادي المشترك وتعزيز الاستثمار والتجارة. واقامة المنطقة الحرة هي الاحدث في سلسلة خطوات ليبية لتطوير اقتصادها المخطط مركزيا وتقييد الدور الاقتصادي المهيمن للدولة واستخدام عائدات النفط لتطوير قطاعات النقل والاسكان والاتصالات والتعليم والصحة. وأضافت أن المنطقة ستسرع حركة التجارة لان المنتجات التونسية ستصل يوميا ولن تكون هناك حاجة لتخزينها أو البحث عن منطقة تخزين. ومضت تقول ان السلع التونسية تحظى بسمعة طيبة في السوق الليبية بسبب جودتها وسرعة استجابة الشركات التونسية والروابط القوية بين البلدين. وقالت ان الشركات الليبية انتقائية جدا ولا تقبل سلع غير قادرة على المنافسة. ولطالما لعبت تونس وهي مقصد سياحي مفضل لدول شمال افريقيا وأوروبا دورا رائدا في السعي من أجل تحقيق تكامل تجاري وفي حركة النقل بين دول المغرب العربي. ولافتقارها الى موارد كبيرة من الطاقة لجأت دائما الى تعويض نقص النفط والغاز عن طريق الابداع في مجال التجارة.   (الدولار يساوي 1.323 دينار)   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 10 أكتوبر 2006)

توضــيح
محمد الحمروني   على اثر نشر تقرير في موقع اسلام اون لاين. نت بعنوان « تونس كافيشانطا راقصة في رمضان » بتاريخ 9 أكتوبر الجاري وأعادت تونس نيوز نشره في اليوم التالي. وبسبب سقوط بعض الكلمات من الموضوع مما فهم منه نسبة عبارات إلى الدكتور مهدي مبروك لم يقلها. والفقرة المقصودة هي التالية:  وفي تصريح لـ »إسلام أون لاين.نت »، يفسر د. مهدي مبروك أستاذ علم الاجتماع تغاضي السلطات عن أنشطة هذه المقاهي في رمضان قائلا: « هناك إرادة لتدنيس المقدس وتفعيل الغرائز الحيوانية لدى الإنسان من خلال نشر مظاهر الفجور خاصة في شهر رمضان الفضيل ».

والعبارة التى سقطت هي:

 » ويعتبر بعض التونسيين أن ما يمارس في  الكافيشانطا مظهر من مظاهر الفجور خاصة في شهر رمضان الكريم » . إذا الأمر يتعلق بسقوط ( يعتبر بعض التونسيين) وبدا أن  لكلام منسوبا إلى الدكتور في حين انه غير ذلك.   والصحيح هو  » هناك إرادة  لتدنيس المقدس من خلال تفعيل الغرائز خلال شهر رمضان« . ويعتبر بعض التونسيين أن ما يمارس في  الكافيشانطا مظهر من مظاهر الفجور خاصة في شهر رمضان الكريم. والكلام هنا للمحرر.   فإننا  نعتذر للدكتور مهدي مبروك عن الخطأ الحاصل والذي قد يكون سبب له حرجا كما نعتذر للسادة القراء عمّا يمكن أن يكون قد حصل من خلط غير متعمد بين التصريحات. ومما لاشك فيه أن القراء الذين يعرفون الدكتور يدركون أن خطأ ما وقع لان أسلوب الدكتور وتعابيره غير ما ورد على وجه الخطأ في المقال. فمعذرة مجددا للدكتور مهدي مبروك على الإزعاج الذي يمكن أن يكون قد تسبب له.   والسلام محمد الحمروني

تــــــونــس   :الـحـجــاب و زواج الـمسـيـار بــيــن الحــزب الـحـاكـم و الـيســار

الأستـــــاذ فتحـــــي نصــــــري

Maitre_nasri@yahoo.fr

  » إنـنــا نـحتفـل الـيـوم بـمنـاسـبتيـن الأولى يـوم الـمـرأة الـعـالمي و الـثـانية تـحقيقنـا لـلنصر في خـلع الـحجـاب، فـنـم مطمئنـا في قـبـرك يـا أتـاتـورك « 

                                                                           * أســلي كــوكـسـوي*

*الـحجـاب بـيـن الايـديــولــوجــيــا و الـسيـاسـيــة.

    و أخـيـرا لـبـس الـيسـار الـتـونـسي  » الــعـمــة « (بكـسـر الـسيـن)، و تـرك فـقـهـاؤه و شـيـوخـه الـجـدلـيـة و الـديـالـكـتـيـك و أصـبـحـوا يـخـوضـون فـيمـا كـانـوا يـسمـونـه  » بـأفـيـون الـشعـوب  » و تـحـولـوا تحت تـأثيـر مـزج الايـديـولـوجـيـا بـالـسيـاسـة إلـى مـعممـيـن ( بفتح الميم ) يـفـتـون في نـصـوص قـطعيـة الـدلالـة، هـكـذا لاح الـمشهـد الإعلامي الـتـونسـي مـع افـتـتـاح الـسنـة الـسيـاسيـة و انـطـلاق الـمـوسـم الـدراسـي.

    قـد يـبـدو الأمـر غـريـبـا أن يـتحـالـف بــقــايــا الـيـسـار الـتـونـسي الـمتطـرف و اسـاطنـة الـحـزب الـحـاكـم، و لـكـن الـمطلـع على الـكـيـمـيـاء الـسيـاسيـة لـلعـقــديـن الأخـيــريـن لا يـخـفـي عـليـه زواج الـمصـلحـة بـيــن حــزب أســس شـرعـيـتـه عـلى مـيـراث عـلـمـانـي و يــسـار يـعـيـش حـالـة ارتــكــاس

و انـحسـار، فـالـفكـر الـيسـاري يـشهـد غـربـة وانـبـتـاتـا نـتيجـة استحـالـة سيـطـرتـه على مجتمـع يـخضـع لـمنهـج حيـاة منـاقـض لـه و هـو مـا عبـر عنـه الـمفكـر الـيسـاري محمـد عـابـد الـجـابري  » بالـفقـر الـفكـري  » و  » الـنصيـة الـسلـفيـة  » محـلـلا الـحـالـة الـتي وصـل إلـيهـا الـفكـر الـيسـاري الـعـربي بـقـولـه « مـا يـدعى الآن بـالـمـاركسيـة الـعـربيـة هـي مجـرد مـاركسيـة كـلاسيكيـة فـقهيـة على الـطـريقـة الـعـربيـة الإسـلاميـة الـقـديمـة، إنـهـا لـم تـخـرج بـعـد عن دائـرة الـجـدال الـكـلامي الـفقهي، دائـرة الـتفكيـر في الـنصـوص و محـاولـة تـأويـلهـا بـهـذا الـشكـل أو ذاك إلـى الـهجـوم على الـواقـع الـمـوضـوعي، الـواقـع الـملمـوس الـذي عـاشـتـه و تـعيشـه الأمـة الـعـربيـة بـسـلاح الـتحليـل الـديـالـكـتـيكـي « (1) لـيصـل الـدكتـور الـجـابـري إلـى لـجـوء الـتيـارات الـيسـاريـة إلـى طـريقـة الـتسـلـل إلـى هـيـاكـل الأحـزاب الأخـرى الـقـائـمـة و الـنـافـذة لـتمـريـر خـطـابـهـم أو نـسـف هـذه الأحـزاب من الـداخـل(2). فـأصبـح الـيسـار الـتـونـسي يـسعـى بـعـد إفـلاس بـضـاعـتـه إلـى فـرض تـصـوراتـه لـلنظـام الاجتمـاعـي الـخـاص بـه حتـى يـضمـن لـنفسـه الاستمـرار مـمـا يـفسـر محـاولـة الـتميـز من أجـل الـبقـاء، و هـو مـا أشـار إلـيـه الـمفكـر الـيسـاري عـبـد الـلـه الـعـروي  » إن الـمـاركسيـة الـعـربيـة الـمنفصلـة عن الـهيئـة الاجتمـاعيـة تـتـحـول إلـى عـلامـة تـميـزيـة فـقـط « .

(3)

    من هـذا الـمنطلـق يـحـاول الـيسـار الـتـونـسي دفـع الـحـزب الـحـاكـم إلـى خـوض معـركـة ثـقـافـيـة بـالـنـيـابـة عـنـه لـطمـس هـويـة صمـدت أمـام كـل محـاولات الـتغـريـب الـبـورقيـبي، بـل و تـجـذرت مـع تـنـامي ظـاهـرة الإسـلام الـسيـاسي، فـالـيسـار يـعلـم جيـدا أن الـمعـركـة الـحقيـقيـة لاستئصـال مـا أصبـح يـعـرف بـالإسـلام الـسيـاسي تـنطـلـق أسـاسـا من هـدم الـبنـيـة الـثـقـافـيـة لـلمجتمـع و تـجفيـف منـابـع الـتـديـن مـقتـديـن في ذلـك بـشيخهـم الـمفكـر الـيسـاري مكسيـم رودنـسون (4)، و هـو مـا لخصه أيـضـا  الـمفكـر الـيسـاري عـبـد الـلـه الـعـروي « إذا مـا تـحقـقـت الـسيطـرة الـثـقـافـيـة فـسنعطي الـمطلـب الـسيـاسي صبغتـه الـشـرعيـة » (5) و سـعـي الـيسـار الـتـونسي الـمتطـرف الآن إلـى الـتـأثيـر في مـواقـع أخـذ الـقـرار الـسيـاسي عبـر الـتسـلـل إلـى الـلجنـة الـمـركـزيـة لـلحـزب الـحـاكـم و الـتقـرب من الـرئيس زيـن الـعـابـديـن بـن عـلـي و ولـوج الـمنـاصب الأمـنيـة الـحسـاسـة و الـميـدانـيـة لإدارة الـصـراع الايـديـولـوجي مـع الإسـلامـيـيـن بـواسطـة أجهـزة الـدولـة، و هـذا الأسـلـوب دعـا إلـيـه عـديـد الـمفكـريـن الـيسـاريـيـن من أمثـال إلـيـاس مـرقص(6)، و عبـر عنـه صـراحـة الـمفكـر الـيسـاري الـمغـربي عبـد الـلـه الـعـروي بـقـولـه  » على الـمثـقـف الـعربي أن يـنفـذ إلـى الـجـذور و يـتصـدى لـحرب ايـديـولـوجـيـة لا هـوادة فـيهـا، هـذا الـهـدوء يـجـب أن يـنتهـي و يـخلفـه صـراع متـواصـل، ان اجتثـاث الـفكـر الـسلفي من محيطنـا يـستـلـزم منهـا كثيـرا من الـجهـد « (7).

    إن الـمتـأمـل فـيمـا أضحـى يـسمـى بـمعـركـة الـحجـاب في تـونـس يـلحـظ هـذا الـتهـافـت الـكبيـر لـبعـض رفـات الـيسـار و كـتـابـاتـهـم الـمكثفـة حـول طـائـفيـة الـحجـاب و عـدم عـلاقـتـه بـهـويـة الـبـلاد، و الـملفـت لـلـنظـر هـو تـحـولـهـم إلـى فـقهـاء حـريـصيـن على حـسـن فـهـم و تـطبيـق الـنصـوص الـديــنـيـة مـرتـديـن لـبـاس الـمجـدديـن لـلـفـقـه الإسـلامي، و هـذا تـحـول في خطـاب الـيسـار الـتـونـسي الـذي أحـس أن خـطـابـه الـسـابـق و أسـلـوبـه في إدارة الـصـراع الـفكـري مـع الإسـلامـيـيـن صـادم الـضميـر و الـحس الـديـنـي لـلجمهـور فـحـاول دخـول مـربـع الـمقـدس لإدارة الـصـراع وفـق نـفـس آلـيـات خطـاب الإسـلامـيـيـن مستعينـا بـأبـاطـرة الـفسـاد الـسيـاسي و فـقهـاء الـسلطـان، حتى أصبحنـا لا نـفـرق بـيـن الـيسـاري بـرهـان بـسيـس و وزيـر الـشـؤون الـديـنـيـة أبـو بـكـر الأخـزوري، فـقـد كـتـب بــرهـان بـسيـس فـي جـريـدة الـصبـاح  » تـوصيـة الـشـرع في الـفـرض هـي إلـحـاح على لـبـاس الـستـر و الـحشمـة لا على قـالـب جـاهـر بـتـفـاصـيـل مـقـدسـة… »(8) و هـو مـا أفـتـى بـه أبـو بـكـر الأخـزوري « الـحجـاب دخـيـل و نـسميـه بـالـزي الـطـائـفي بـاعـتبـار أنـه يـخـرج من يـرتـديـه عن الـوتـيـرة    » (9) و لـم يـشـذ الـمفتـي الـجـديـد رمـز الـفسـاد المالي الـهـادي مهنـي الأميـن الـعـام لـلتجمـع الـدستـوري الـديـمـقـراطي حـيـن أفــتـى  » الـحجـاب لا يــمـت لـلإســلام بـصـلـة و لا عــلاقــة لــه بـهــويــة الــبـلاد و أصـالـتهـا « (10).

    أمـا على الـمستـوى الـسيـاسي و الـثقـافي فـخطـاب الـيسـاريـيـن تـداخـل بـشكـل مـتمـاهي مـع خطـاب رمـوز الـحـزب الـحـاكـم في تـصـويـر خطـر الـحجـاب على الـبـنيـة الـثقـافـيـة و مكـانـة الـمـرأة داخـلـه، فـقـد كـتـب من يـسمي نـفسـه بـقيـس من بـاريـس مـا يـلـي:  » ألا يـعكـس الـتشـبـث بـالـحجـاب نـظـرة جـنسيـة لـلمـرأة و اعتـبـارهـا كـتلـة من الـجسـد « (11) و هـو نـفـس الـخطـاب الـذي تـردد على لـسـان الأميـن الـعـام لـلتجمـع الـدستـوري الـديـمقـراطي حيـن قـال:  » إذا قـبلـنـا الـيـوم الـحجـاب فـقـد نـقبـل غـدا أن تـحـرم الـمـرأة من حـقهـا في الـعمـل و الـتصـويـت و أن تـمنـع من الـدراسـة و أن تـكـون فـقـط أداة لـلتـنـاسـل و الـقيـام بـالأعمـال الـمنـزلـيـة « .مـمـا يـوحـي بـتـزاوج خطـاب الـيسـار و خطـاب الـحـزب الـحـاكـم في محـاولـة لإخـراج خـطـة تـجفـيـف مـنـابـع الـتـديـن في لـبـوس جـديـد و بـذرائع جـديـدة.

    مـا أشـبـه الـيـوم بـالأمـس نـفـس الـمعـركـة بـنفـس الـخطـاب و نـفـس الـوسـائـل و نـفـس الـتحـالـف، هـي معـركـة الـحجـاب في تـركـيـا، فـبـعـد قـرار الـمحكمـة الـدسـتـوريـة الـتـركيـة بـتـاريـخ 7/3/1989 بـإلـغـاء الـقـانـون الـذي يـسمـح بـارتـداء الـحجـاب في الـمعـاهـد و الـجـامعـات الـتـركيـة صـرحت رئـيسـة اتـحـاد الـنسـاء الـتـركي اسـلي كـوكسـوي  » إنـنـا نـحتفـل الـيـوم بـمنـاسـبتـيـن الأولـى يـوم الـمـرأة الـعـالمـي و الـثـانـيـة تـحـقـيـقـنـا لـلنصـر في خـلـع الـحجـاب  ، فـنـم مـطمئـنـا في قـبـرك يـا أتـاتـورك  » (12) و هـو نـفـس مـا تـنـاقـلـتـه وكـالات الأنـبـاء عن تـعبيـر الـجمعيـة الـتـونـسيـة لـلنسـاء الـديـمقـراطيـات عن قـلقهـا لـتنـامي ارتـداء الـحجـاب بـعـد أن كـان شـبـه مـغيـب طيـلـة عـقـديـن،و لـم يـجـد الـيسـار سـواء في تـركـيـا أو في تـونـس حـرجـا في الـربـط بـيـن محـاربـة الـحجـاب و بـيـن مـبـاديء الـحـريـة،و كـأن الـحـريـة لا تـقـوم إلا بـخلـع الـحجـاب عن الـمـرأة،فـقـد سـبـق لـلنـقـابي الـيسـاري صـالـح الـزغـيـدي أن صـرح  » إن تــأيــيــد ارتــداء الـحجـاب بـاســم الـحـريـة لا معـنـى لـه  » و هـو مـا أكـده رئيـس حـزب الـشعـب الاشـتـراكي(الـتـركي)اردال ايـنـونـو حيـن قـال  » إن الاعـتـراض على قـرار مـنـع الـحجـاب هـو اعتـراض على الـعلمـانـيـة « .

    ان الـيسـار الـتـونسي و بـاسـم الـبـراغمـاتـيـة الـسيـاسيـة تـخلى عن جـوهـر الـعلمـانـيـة و مـبـاديء الـديـمقـراطيـة و قـوض أسـس حـقـوق الإنـسـان الـتي مـا فـتيء يـتـشـدق بـهـا و يـرمي بـهـا الإسـلامـيـيـن في مـحـاكمـة لـلـنـوايـا، لـيـتـحـول الـيسـاريـون إلـى واجهـات إعـلاميـة لـلسلطـة الـحـاكمـة، و سيـوفـا يـضـرب بـهـا نـظـام الـسـابـع من نـوفمـبـر خصـومـه الـسيـاسيـيـن، و فـقهـاء يـفتـون بـغيـر علـم بـعـد أن حـولـوا قـبلـتهـم من الـبيـت الأحـمـر شطـر الـبيـت الأبـيـض.

*

لــبــاس الـمـرأة بـيـن الـقـانـون الـتـونسي و الـقـانـون الـدولـي:

    إذا كـنـا نـؤمـن أن حـرمـة الإنـسـان مبـدأ من الـمبـاديء الأسـاسـيـة لـعقيـدة الـتـوحيـد و أسمـى أوجـه تـحقـق قيـمـة الـتكـريـم الإلاهـي لـلإنـسـان، فـإنـنـا نـؤمـن أن الإسـلام هـو الـوسيـط الـخـارجي الـذي عن طـريـقـه يـحـقـق الإنـسـان قـيمتـه الـحقـيقيـة، و يـتحـقـق عن طـريـقـه الـحـق في الـحصـول على الـحقـوق الـتي تـضمـن حـرمـتـه و حـريـتـه، فـالإنـسـان لـيس فـردا في مـقـابـل الـمجتمـع، كـمـا لـيس الـمجتمـع سـوى الأفـراد الـذيـن يـتكـون منهـم،مـمـا يـتعـيـن مـعـه أن تـستـنـد حـقـوق الإنـسـان إلـى أسس مـتينـة،فـيصبـح الـحق مجـرد قـيمـة غيـر قـابـلـة لـلـفسـخ أو الـتعطيـل أو قصـرهـا على شـخص دون آخـر،و أخطـر مـا يـمكـن أن يـعطـل هـذه الـحقـوق هـو الـخلـط بـيـن الـتـأثيـر الإيـديـولـوجي و بـيـن الـحـق كـقيمـة،فالاختلاف في عـمليـة تـنـزيـل الـحـق لا يـلغـي قـيميـه الـحـق في ذاتـه،فالاختلاف مـثـلا فـي اخـتـيـار شـكــل الـلـبــاس لا يـلـغـي الـحـق فـي حـريـة الـفـرد في أن يـلبـس مـا يـلائـم ديـنـه و فـكـره

و ثـقـافـتـه و ذوقـه مـا دام ذلـك لا يـسـيء إلـى الآخـريـن، و قـد عـبـرت الـسيـدة فـاطمـة قـسيلـة عن هذا الـمعنـى بـقـولـهـا  » ارفـض ارتــداء الـحجـاب رفـضـا مـطـلـقـا لـكـن احـتـرام الآخـر هـو سـيـد الـمـوقـف

و يـجـب الـخضـوع لـه « 

وهـو نـفـس مـا صـرح بـه رئـيـس الـوزراء الـسـابـق عصمـت أوزال بـقــولـه:  » إن الـتـدخـل في الـحجـاب و لـبـس الـمـرأة يتنافى مـع مـبـاديء الـحـريـة و الـعـدالـة « (13) كمـا أن رئـيس الـوزراء الـتـركي الـحـالي رجـب طيـب اردوغـان أجـاب عن سـؤال حـول فـرض الـحجـاب  » إن قـضيـة الـلـبـاس هـي حـريـة شـخصيـة « .

    من هـذا الـمنطلـق أقـرت الـمـواثـيـق و الـعقـود و الـعهـود الـدولـيـة أو مـا يـسميهـا رجـال الـقـانـون الـدولي  » بـالـشـرعيـة الـدولـيـة  » عـدة مـبـاديء عـامـة تـمـت صـيـاغتـهـا في قـواعـد قـانـونـيـة مـجـردة و مـلـزمـة تـهـدف لـحمـايـة حـريـة الإنـسـان بـقـطـع الـنـظـر عـن ديــنـه و مـعـتـقـده و عـرقـه و جـنسـه و لـونـه

    و نـظـرا لـكـون شـيـوخ الـيسـار الـتـونـسي قـد لـبسـوا الـعمـامـة و تـمتـرسـوا داخـل مـربـع الـمقـدس بـخطـاب ديـنـي، فـسيـكـون مـدخـلي لـمنـاقشـة مـوضـوع لـبـاس الـمـرأة و الـحجـاب بـصفـة خـاصـة خـارج مـربـع الـنـص الـديـنـي و لـكـن اسـتـنـادا إلـى الـنـصـوص الـقـانـونـيـة الـوضعيـة، فـقـد كـفـاني الـدكتـور عمـر الـنمـري الـرد انـطـلاقـا من الـنـص الـقـرآني و تـفسيـر العلامة محمد الـطاهر بـن عـاشـور أفضل رد في هذا المجال(14).

    بـدايـة فـإن الـمنشـور 108 و بـقيـة الـمنـاشيـر الـلاحقـة بـه سـواء الـمنشـور رقـم 81 أو رقـم 35 أو رقـم 70 هي صـادرة عن الـسلطـة الـتنفـيـذيـة ممـا يـجعلهـا لا تـتمـتـع بـنفـس الـمكـانـة الـتي تـتمتـع بهـا الـقـوانيـن الـصـادرة عن الـسلطـة الـتشـريعيـة و الـتي تـستمـد عـلويـتهـا من كـونهـا تعبيـر عن الإرادة الـجمـاعيـة،و في الـمقـابـل فـإن الـقـوانيـن الصـادرة عن الـسلطة الـتشـريعيـة تـقـل منـزلـة عن الـدستـور و تـخضـع لـمبـدأ الـدستـوريـة 

Le Principe de Constitutionalité «   » ممـا يـسمـح بـإعـلاء الـدستـور على كـل الـنصـوص و الـقـواعـد الـقـانونيـة الأخـرى, و تبقـى بـالـتـالي الـقـوانيـن سـواء منهـا الـصـادرة عن الـسلطـة الـتشـريعيـة أو الـتنفـيـذيـة[ الـلــوائـح] خـاضعـة لـلدستـور على الـمستـوييـن الـشكلي و الـمـادي،و لا يـعتبـر الـقـانون سليمـا إلا في حـالـة عـدم تـعـارضـه مـع مضمـون الـدستـور حـفـاظـا على مـبـدأ تـدرج الـقـواعـد الـقـانـونيـة،أمـا الـقــواعـد الـدوليـة مجسـدة في الـمـواثيـق و الـعهـود الـدوليـة،فـإنهـا تصبـح مـلـزمة لـلـدولـة بـعـد الـمصـادقـة عليهـا و قـبـولـهـا ضمـن الــقــواعـد الإلـزامـيــة

 » الـمعـاهـدات لا تـعـد نــافـذة الـمفعـول إلا بـعـد الـمصـادقـة عليهـا، و الـمعـاهـدات الـمصـادق عليهـا بـصفـة قـانـونيـة أقـوى نـفـوذا من الـقـوانيـن » (15

) و مـادام أن الـدولة الـتـونسيـة صـادقت على الـمعـاهـدات و الاتـفـاقيـات الـدوليـة و لـم تـكتـف بـالـتوقيـع عليهـا، فـإنهـا تـصبـح مـلـزمة لـهـا، مـع مـراعـاة خضـوعهـا من حيث الـعـلـويـة لـلـدستـور، و علـوهـا في الـمقـابـل على الـقـوانيـن سـواء الـصـادرة عن الـسلطـة الـتشـريعيـة أو الـتنـفيـذيـة، ممـا يـعطينـا الـتـرتيـب الـتفـاضلي الـتـالي من حيث الـعلـويـة و هـو مـا يـعبـر عنـه بـالـتنظيـم الـقـانـوني :

        *- الـدسـتــور الـتـونـسي.

        *- الـقـوانـيـن الـدولـيـة الـمـصـادق عـلـيـهــا.

        *- الـقـوانـيـن الـصـادرة عن الـسلطـة الـتشـريعيـة.

        *- الـلـوائـح الـصـادرة عن الـسلطـة الـتنـفيـذيـة(و منهـا الـمنشـور 108)

       بـدايـة مـا يـمكـن الـتأكيد عليـه في هـذا الـمجـال هـو ضـرورة خضـوع الـلـوائـح الـصـادرة عن الـسلطـة الـتنـفيـذيـة(و الـمنشـور 108 إحـداهـا) و عـدم تـعـارضهـا مـع مـواد الـدستـور، و يـعتـبـر الـدستـور الـصـادر سنـة1861 و الـذي كـان يسمـى  » بـقـانـون الـدولـة  » أول نـص في تـاريـخ الـتشـريع الـدستـوري العربي ممـا يعطيـه أهميـة بـالـغـة و قـد تـضمـن هـذا الـدستـور ان سـائـر سكـان الـمملكـة لـهـم حـق الـتصـرف في أنـفسهـم و أحـوالهـم و لا يـجبـر أحـد منهـم على فعـل شـيء يـغيـر إرادتـهم (16)  مـا يـوحي بـأن الـتشـريـع الـدستـوري الـتـونسي استـوعـب مـبـدأ الـحريـة كـأسـاس لـلتشـريـعفي صياغة دستور 1959.

    و الـسـؤال الـذي يـطـرح نـفسـه هـل جـاء الـمنشـور 108 الـمتعلق بـمنـع مـا سمـي بـالـزي الـطائـفي في إشـارة إلـى الـحجـاب متـوافـقـا مـع بـنـود الـدستـور الـتـونسي و الـمـواثـيـق و الـعـهــود الـدولـيـة؟

و حتـى أكـون مـوضـوعـيـا و علميـا في الإجـابـة على هـذا الـسـؤال سـأكـون مـلـزمـا بـالإشـارة إلـى مـواد الـدستـور و مـواد الـمعـاهـدات الـدوليـة، بـاعتبـار عـلويـة الـدستـور على هـذه الـمعـاهـدات، و علوية الـمعـاهــدات عـلــى الـقــوانـيــــن، أي أن الـمـنـشــــور 108 حـتـى يـكـتـسي صـفـــة الـشـرعـيـــة

و الـقـانـونـيـة و إلـزامـيـة الـتطبيـق يـجـب أن يـكـون مـتـوافـقـا مـع مـواد الـدستـور و مـواد الـقـوانيـن الـدولـيـة.

    و يـتمـحـور مضمـون الـمنشـور 108 الـمتعلق بـمنـع  » الـزي الـطـائفي  » حـول تـقـييـد حـريـة الـملبـس،و الـمنـع من دخـول الـمـدارس و الـمعـاهـد و الـجـامعـات بـهـذا الـزي( أي حـق الـتعليـم)،و المنع من مبـاشـرة الـعمـل في الإدارات و الـمـؤسـسـات الـعمـوميـة بـهـذا الـزي (أي الـحق في الـعمـل). 

     * أولا : حــول حــريـة الـملـبــس

:

     – جـاء في الـدستـور الـتـونسي  » الـجمهـوريـة تـضمـن حـرمـة الـفـرد،و حـريـة الـمعتقـد   « (17) حـريـة الـفكـر و الـتعبيـر     » (18)  » كـل الـمـواطنيـن متسـاوون في الـحقـوق و الـواجبـات و هـم سـواء أمـام الـقـانـون « (19).

     – جـاء في الإعـلان الـعـالمـي لـحقـوق الإنـسـان (20)  » يـولـد الـنـاس أحـرارا و متسـاويـن في الـكـرامـة و الـحقـوق « (21) لا يـجـوز تـعـريـض أحــد لــتـدخـل تـعسفـي في حـيـاتـه الـخـاصـة أو في شـؤون أسـرتـه أو مـسكنـه    « (22).

     – و جـاء في الـعهـد الـدولـي الـخـاص بـالـحقـوق الـمـدنيـة و الـسيـاسيـة (23)  » لا يـجـوز تـعـريـض أي شخص على نـحـو تـعسفي أو غيـر قـانـوني لـتدخـل في خصوصياتـه أو شـؤون أسـرته أو بـيـتـه   « (24)  » لـكـل إنـسـان حـق في حـريـة الـفكـر و الـوجـدان و الـديـن    و حـريـتـه في إظهـار ديـنـه أو مـعتـقـده   (25).

     – و جـاء في اتـفـاقـيـة الـقضـاء على جميـع أشكـال الـتميـيـز ضـد الـمـرأة(26)  » الامتنـاع عن مـبـاشـرة أي عـمـل تـمـيــيـزي أو مـمـارسـة تـمـيــيــزيـة ضـد الـمـرأة، و كـفــالــة تــصـرف الـسلطـات و الـمـؤسسـات الـعـامـة بـمـا يـتـفـق و هـذا الالـتـزام « (27).

    فـمـن خـلال إخضاع مضمـون الـمنشـور 108 بـمنـع الـمـرأة من ارتـداء الـحجـاب و مطـابـقـتـه لـمـواد الـدستـور الـسـابـقـة و مـواد الـمعـاهـدات الـدوليـة يـتضح جـليـا أنـه يـتعـارض و هـذه الـمـواد الـتي تـنـص على احتـرام حـق الـمـرأة في اختـيـار مـلبـسهــا ضمـن خصـوصيـاتـهـا و حيـاتهـا الـخـاصة

و حـريـة تـفكيـرهـا و معتـقـدهـا،أي أن الـمنشـور 108 سـيء الـذكـر يـعـدم هـذه الـحـريـة و يـتـدخـل بـشكـل سـافـر في الـحـريـة الـشخصيـة في اختـيـار الـلبـاس الـذي يـتـنـاسـب مـع تـفكـيـر و ديـن الـمـرأة،

و بـالـتـالي فـهـو يـتعـارض مـع مـواد الـدستـور الـتي تـتـمـتـع بـعـلـويـة ضمـن الـنظـام الـقـانـوني،ممـا يـضفـي على هـذا الـمنشـور صـفـة  » غيـر دستـوري « .

 * ثانيا :  حــول حــق الـتـعـلــم:

    – فـقـد نـصـت تـوطئـة أو ديـبـاجـة الـدستـور الـتـونسي على الـحق في الـتعليـم و تـوفيـر الـضمـانـات الـكـافيـة لـذلـك،و الـديـبـاجـة مكـملـة لـمـواد الـدستـور.

     – جـاء في الإعـلان الـعـالـمـي لـحقـوق الإنـسـان  » لـكـل شخـص حـق في الـتعلـيـم   « (28).

    – جـاء في الـعهـد الـدولي الـخـاص بـالـحقـوق الاقتصـاديـة و الاجتـمـاعيـة و الـثقـافـيـة(29)  » حـق كـل فـرد في الـتـربيـة و الـتعلـيـم    » (30).

    – أقـرت اتـفـاقـيـة الـقضـاء على جميـع أشـكال الـتمـيـيـز ضـد الـمـرأة حـق الـمـرأة في الـتعـليـم  (31).

      إن كانت مواد الدستور التونسي و مواد المعاهدات الدولية تنص على حق المرأة في التعلم و توفير جميع الضمانات و الآليات لتسهيل ممارسة هذا الحق بل وجعل التعليم إجباريا ،  فان المنشور 108 والمناشير اللاحقة لها تمنع المرأة من حقها في التعليم ، وذلك بمنع المحجبات من دخول المدارس والمعاهد والجامعات ، وبالتالي فان المنشور المذكور يحرم المرأة من حقها في التعليم ، مما يتعارض كليا مع مواد الدستور ، ويكون بذلك هذا المنشور  غير دستوري .

*  ثالثـــــا : حول حق العمل والكسب :

ـ أكدت ديباجة الدستور التونسي على الحق في العمل والصحة …

ـ جاءفي الإعلان العالمي لحقوق الانسان  » لكل شخص حق العمل  » (32)

ـ أكد العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والاجتماعية والثقافية على الحق في العمل وكسب الرزق وتوفير الظروف الملائمة لذلك (33)

ـ أكدت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على الحق في العمل بوصفه حقا ثابتا لجميع البشر (34)

   ان ما تقوم به السلطات التونسية من منع الموظفات المحجبات من دخول الإدارات والمؤسسات العمومية يعتبر خرقا لحقها في العمل والكسب المنصوص عليه في الدستور والمواثيق الدولية ، وقد شاهد العالم في قناة  » الحوار  » الفضائية مأساة زوجات وبنات المساجين السياسيين وما يتعرضن له من منع للتعلم والكسب ، و تعريضهن لعملية تجويع وتشريد ممنهجة بحجة تطبيق المنشور 108 ، وهذا المنشــور كما تم

توضيحه سالفا يعتبر غير دستوري ، وبالتالي فان تطبيقه وبالكيفية الفاحشة والموغلة في الحقد والضغينة والتمييز بين النساء التونسيات وتصنيفهن درجات من حيث المواطنة ، يعتبر أيضا خرقا واضحا للمواثيق والعهود الدولية التي صادقت عليها تونس وأصبحت ملزمة لها ، ما يعني أن رفع دعوى قضائية أمام الأمم المتحدة بخصوص عدم شرعية المنشور 108 يجد سنده في مخالفته للمواد المذكورة أعلاه وفي تضرر العديد من النساء التونسيات المحجبات من هذا الحيف الذي يمس حقوقا جوهريــة يصطلـــح على تسميتــها

 » بالجيل الأول للحقوق  »

   وحتى تكون المناقشة بشأن المنشور 108 سيىء الذكر مستوفية لشروطها وجوانبها وخاصة مسألة المحلية والخصوصية والثوابت الوطنية التي يتشدق بها فقهاء الحزب الحاكم وشيوخ اليسار المتطرف ، فان الإحالة على الميثاق الوطني الموقع من طرف ممثلو الأحزاب السياسية والتنظيمات الإجتماعية والمهنية يكون ضروريا ومفيدا ، وهذا الميثاق هو عبارة عن عقد شرف في التعامل السياسي والإجتماعي وفق الثوابت الوطنية ، فقد جاء في هذا الميثاق   » ان حماية الحريات الأساسية للإنسان تقتضي ترسيخ قيم التسامح ونبذ كل مظاهر التطرف والعنف وعدم التدخل في معتقدات الغير وفي سلوكه الشخصي فضلا عن التفكير …  » ( 35)

وفي الختام أكتفي بالتذكير بما جاء في البيان الإسلامي العالمي لحقوق الإنسان المعلن في اجتماع انعقد في مقر منظمة اليونسكو في باريس في 19 سبتمبر 1981  » ليس لأحد أن يلزم مسلما بأن يطيع أمرا يخالف الشريعة ، ومن حقه على الجماعة أن تحمي رفضه تضامنا مع الحق … » (36) ، كما أذكر بما جاء في مقدمة النظام الأساسي للمنظمة العربية لحقوق الانسان   » ان حقوق الإنسان وحرياته الأساسية تعتبر حقوقا وحريات أصلية لا يمكن النزول عنها ، وان التعدي على هذه الحقوق أو المساس بها أو تجاهلها يبدد طاقات الوطن … وان الدفاع عن حقوق النسان وحرياته الأساسية واجب لا يجوز التقصير فيه أو التقاعس عنه … »

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1)

ـ  » نحو رؤية تقدمية لبعض مشكلاتنا الفكرية والتربوية  » لمحمد عابد الجابري ( ص 115 )

2)

ـ نفس المرجع السابق ( ص110 )

3)

ـ  » العرب والفكر التاريخي  » لعبد الله العروي ( ص 177 )

4)

ـ راجع كتاب  ـ رودنسون ـ  » الماركسية والعالم العربي  »

5)

ـ  » العرب والفكر التاريخي  » ( ص 183 )

6)

ـ راجع كتاب ـ الياس مرقص ـ  » تاريخ الأحزاب الشيوعية في الوطن العربي  »

7)

ـ  » العرب والفكر التاريخي  » ( ص 245)

8)

ـ مقال لبرهان بسيس منشور بتونس نيوز بتاريخ 5/ 10 / 2006

9)

ـ تصريح لوزير الشؤون الدينية أبو بكر الأخزوري

10)

ـ تصريح لهادي مهنى أشارت اليه تونس  نيوز بتاريخ 5/10/ 2006

 11)ـ مقال منشور بتونس نيوز بتاريخ 2/10/2006

12)

ـ تصريح في احتفال بيوم المرأة العالمي باسطنبول بتاريخ 8/3/1989

13)

ـ تصريح بتاريخ 9/3/1989 تناقلته وكالات الأنباء خلال معركة الحجاب بتركيا

14)

ـ مقال منشور بتونس نيوز بتاريخ 8/10/2006

15)

ـ المادة 32 من الدستور التونسي لسنة 1959

16)

ـ الفصل 89 من دستور 1861

17)

ـ المادة 5 من الدستور

18)

ـ المادة 8 من الدستور

19)

ـ المادة 6 من الدستور

20)

ـ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المؤرخ في 10ديسمبر 1948

21)

ـ المادة الأولى من الإعلان العالمي

22)

ـ المادة 12 من الإعلان العالمي

23)

ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المؤرخ في 16 ديسمبر 1966 والمصادق عليه من  طرف الجمهورية التونسية

24)

ـ المادة 17 من العهد الدولي المذكور سابقا

25)

ـ المادة 18 من العهد المذكور سابقا

26)

ـ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المؤرخ في 18 ديسمبر 1979 والمصادق عليه           من طرف الجمهورية التونسية

27)

ـ المادة2 من الإتفاقية المذكورة سابقا

28)

ـ المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان

29)

ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية المؤرخ في 16 ديسمبر 1966 والمصادق عليه من طرف الجمهورية التونسية

30)

ـ المادة 13 من العهد المذكور سابقا

31)

ـ المادة 10 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة

32)

ـ المادة 23 من الإعلاان العالمي لحقوق الانسان

33)

ـ المادتين 6 ـ 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

34)

ـ المادة 11 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة

35)

ـ الميثاق الوطني الموقع عليه بتاريخ 7نوفمبر 1988

36)

ـ الفقرة (ه) من البند الرابع المتعلق بحق العدالة ، وكان من بين المساهمين في هذا البيان المناضل الجزائري أحمد بن بلة

 

 

هل من التسامح التضييق على نساء المسلمين في تونس ؟؟

الحبيب أبو وليد المكني
 
تشير التقارير الواردة من تونس أن حملة كبيرة تقوم بها السلطات هناك لفرض ما تسميه « باللباس اللائق  » و التضييق على ما تصر على كونه « زيا طائفي  » مستوردا من المشرق و لا يمت لتقاليد البلاد بصلة و قد وصل الأمر إلى إحصاء الملتزمات به في الإدارات العمومية و المعاهد و الجامعات و إصدار الأوامر الصريحة للمشرفين عليها بتطبيق المنشور 108 الذي أعادت السلطة إعلان التمسك به بعد أن ظن الكثير أنه لم يعد ساري المفعول .
 
و الملاحظ أن هذه الحملة قد بدأت هذه المرة مع افتتاح السنة الدراسية التي كانت متزامنة مع شهر رمضان المبارك ، شهر العبادة والصيام و القيام وكان ذلك مناسبة لعودة السجال من جديد بين أنصار الإسلام الذين يرون أن الالتزام بالحجاب واجب ديني على المرأة المسلمة و دعاة العلمانية المتطرفة الذين يؤكدون على أنه يعبر عن قراءة متحجرة للنص القرآني و أنه من الرموز السياسية التي ابتدعها المتطرفون ويروج لها مشائخ الفضائيات الذين يعبرون بخطابهم عن واقع مجتمعات إسلامية لم ترتق بعد إلى ما وصل إليه المجتمع التونسي من إقرار بحرية المرأة ومساواتها للرجل .
 
و ليست هذه أول مرة تتعرض فيها المحجبات في تونس إلى التعسف والانتهاك و لكن الجديد اليوم هو المحاولة الساذجة التي يقوم بها الحزب الحاكم أو بالأحرى الجماعات المتنفذة فيه لتقديم الموقف على أنه دفاع عن الإسلام » الصحيح « ، فهل بلغ بعض التجمعيين هذه السنة كما يبدو درجة الحجاج و المناظرة باسم الدين فأصبحوا يدافعون عن مذهب معين فيه يفهم الآيات القرآنية الواردة في باب الحجاب على أنها لا تلزم بستر جسم المرأة ولكنها تدعو فقط للباس المحتشم ؟؟ . و بلغ الأمر ببعض السياسيين و المثقفين الذين لا صلة لهم بعلوم الشريعة و الدين أن يدلوا بدلوهم في هذه المسالة والإيحاء بأن على القائمين على شؤون الدين في المجتمع التونسي العمل على إقناع رواد المساجد بهذه القراءة و اعتبارها جزءا لا يتجزأ من تقاليد البلاد و أصالتها …
 
بيد أن العارفين بخبايا الأمور في تونس لن يصعب عليهم التعرف على الحقيقة و المتمثلة في أن الأمر يتعلق برؤية موروثة عن العهد البورقيبي . فالرئيس التونسي السابق الذي دافع عن الحجاب قبل الاستقلال باعتباره جزءا من هوية البلاد صار مباشرة بعد أن تحقق الاستقلال داعية للسفور الذي يرى فيه رمزا لتحرر المرأة ومساواتها بأخيها الرجل كم يقول ، فالمسألة إذن في أصولها صراع بين مشروعين متعارضين مشروع التحديث على مذهب بورقيبة ومشروع الأصالة و الهوية الذي تدعو إليه الحركة الإسلامية ..
 
ويبدو أن تأكيد رموز الحركة الإسلامية على أن عودة الحجاب هو دليل على فشل مشروع التغريب و التفاف التونسيين حول أصحاب مشروع الهوية والإسلام قد لعب دورا في تحريض هذه الجماعات العلمانية المتطرفة المعنية بالدفاع عن مواقعها و مستقبلها في السلطة ،تحريضها على القيام بعمل ما لإثبات نجاحها وقدرتها على فرض إرادتها و كنا قد نبهنا لذلك أكثر من مرة في كتابتنا عن ضرورة البعد عن الخطاب الذي من شانه أن يسيس الصحوة الجديدة بكل مظاهرها ، و المحافظة على حقيقته كونها تعبيرة ثقافية أصيلة لا علاقة لها بالصراع على السلطة حتى وإن كانت مساهمة الفضائيات العربية في انبعاثها لا لبس فيها .
 
يبقى موضوع علاقة الحجاب بحرية المرأة ، فمثلما يعتقد الإسلاميون أن التزام المسلمة بحجابها هو رمز لتمسكها بإنسانيتها وتعلقها بحريتها و رفضها لمغريات السماسرة الذين تهمهم المتاجرة بجسدها واعتماد ذلك صناعة لجمع الأموال و إفساد الأجيال ، فإن العلمانيين يقدمون رؤيتهم التي يريدون فرضها على التونسيات على أنها دفاع عن حرية المرأة و حفظ حقوقها وأنهم يفعلون ما يفعلونه بالمتحجبات لحمايتهن من » الأفكار الظلامية  » التي تسللت إلى عقولهن من دون أن يشعرن بخطرها على مستقبلهن ، وهم لا يتوجهون بذلك لفتيات المدارس فقط و إن فعلوا ذلك فيمكن أن ننظر في سياستهم على أنها منهج تربوي لحماية المرأة و الدفاع عنها وهي فتاة قاصرة يمكن أن يمارس عليها الأولياء ضغوطا لا قبل لها بمواجهتها ــ حتى وإن كنا لا نرى في ذلك وجاهة تذكر ـ ولكنهم يفعلون ذلك مع النساء في مختلف مراحل العمر و خاصة منهن الطالبات و الموظفات أي أنهم يريدون فرض منطقهم الغريب على المرأة باعتبارها قاصرة مهما كان مستواها الثقافي و مهما كانت درجتها العلمية و هو لعمري أمر غريب .. و الأغرب منه أن يصدر عن أناس يرددون دون كلل أو ملل أنهم مثقفون حداثيون متشبعون بقيم الحداثة و حقوق الإنسان و حرية المرأة!!؟؟ …
 
وعندما يتحدث السيد المهني أحد كبار مسئولي الحزب الحاكم عن كونه لو سمح اليوم بالحجاب فسوف يأتي يوم يُفرض فيه على المرأة البقاء في البيت ويُحرّم عليها التعليم و الشغل .أو كما قال ؟! نصاب بالصداع ووجع الرأس ونحن نتابع كيف يدافع هذا السياسي عن المرأة وهو يأمر بطردها من وظيفتها أو يفرض عليها الانقطاع عن الدراسة إذا اختارت الالتزام بالحجاب .أيمكن أن نحمي المرأة من الفكر الظلامي بتحويله إلى أمر واقع عن عجل ؟! و لكن على أيدي خصومه و أعدائه … و حسبنا الله ونعم الوكيل . إن قيم التسامح ومبادئ الحرية وحقوق الإنسان يُضحّى بها هذه الأيام في تونس في خضم مزايادات سياسية رخيصة و المؤسف له حقا أن قسما من نساء تونس اللائي لا علاقة لهن بكل ذلك يدفعن ثمنها بدموعهن وكرامتهن ومستقبلهن … فقبحا لهذه السياسة و ترحا لرجالها .
 
(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » الألكترونية بتاريخ 9 أكتوبر 2006)

 

نحن والاتحاد الأوروبي

تعليق: المختار اليحياوي   يعبر القاضي التونسي السابق المختار اليحياوي في تعليقه عن خيبة أمل النخب المحلية التي ترى أن التعاون والشراكة بين الاتحاد الأوربي وتونس قد تحولتا إلى تمويل وفرض لدكتاتورية بكل مقاييس السلطة الشمولية.   تحصل تونس سنويا على 80 مليون أورو تقريبا بعنوان هبات مختلفة من الاتحاد الأوروبي. ويمثل هذا الرقم معدل ما حصلت عليه خلال العشر سنوات الماضية وتحتل بذلك المرتبة الأولى من حيث النسبة بين البلدان المدعومة من الاتحاد.   كما يضاف لهذا المبلغ أضعافه بعنوان قروض مختلفة سواءا من الهيئات المختصة التابعة للاتحاد أو في نطاق التعاون الثنائي مع مختلف بلدان الأعضاء. ويشكل الاتحاد الأوروبي السوق الأول للبضائع والمنتوجات التونسية حيث يستوعب 82% من صادرات تونس المختلفة، وهو بالإضافة إلى ذلك المصدر الأول للاستثمارات الأجنبية الموظفة سنويا في البلاد التونسية.   ولا تقتصر علاقة تونس بالاتحاد الأوروبي عند هذا الحد، فالسياحة التونسية قائمة أساسا على الوافدين من بلدان الاتحاد. ويزور تونس سنويا أكثر من مليون سائح ألماني ومثلهم تقريبا من الفرنسيين وهذا القطاع يجلب لبلادنا سنويا معدل 3000 مليون دولار وهو نفس الرقم تقريبا الذي تبلغه تحويلات العملة التونسيين بالخارج إلى بلادهم والبالغ عددهم عشر السكان والمتركزين أساسا في بلدان الاتحاد الأوروبي.   استمرارية واستقرار   وهذه الأرقام التي تعتبر هامة بمقاييس الإقتصاد التونسي تغني عن الدخول في تفاصيل أدق لتبين حجم وطبيعة العلاقة القائمة بين تونس والإتحاد الأوروبي. ولعله يكفي إضافة مؤشر وحيد لاستكمال الصورة إذ يكفي الإطلاع على جداول الرحلات الجوية المنطلقة من والمتجهة إلى تونس يوميا لإدراك مدى ارتباطها بأوروبا فمدينة باريس وحدها تربطها حوالي 15 رحلة يومية منتظمة مع العاصمة التونسية.   العلاقات التونسية الأوروبية إضافة إلى ذلك تتميز باستمرارية واستقرار يندر وجوده في العلاقات الدولية. وغني عن البيان أن علاقات بهذا الحجم وبهذه الأهمية تتجاوز من بعيد وبكل المقاييس علاقات التبادل العادية القائمة بين الدول.   لذلك فإنه عند الحديث عن علاقة شراكة فإن المعنى يتجاوز التعبير عن الاتفاقات المنظمة لهذه العلاقات ليدلل على واقع يساهم بقدر كبير في حالة الاستقرار ومستوى النمو الذي تحققه البلاد منذ استقلالها.   ورغم أن علاقة بهذا الحجم تحكم على أي بلد بتبعية موضوعية على الأقل من الناحية الإقتصادية، فإن الشراكة التونسية الأوروبية كانت دوما غير مشروطة بما من شأنه أن يمس من استقلالية القرار الوطني ولا بما من شأنه أن يشكل تجاوزا على السيادة الوطنية.   بل أن البند الثالث من اتفاق الشراكة الذي يربط بين المساعدة الأوروبية واحترام حقوق الإنسان وبناء على مقومات دولة القانون عطل تماما تطبيقه حتى لا تثار حفيظة النظام التونسي رغم تعدد وخطورة تجاوزاته في هذا المجال.   تركيز السلطة الفردية   رهان الاتحاد الأوروبي على نجاح النموذج التونسي للتنمية شكل انحيازا لمنهج عقلاني وواقعية سياسية قامت أساسا منذ بدايتها على نشر وتعميم التعليم طبق المناهج العصرية لتنشئة الشباب ودعم مركز المرأة داخل المجتمع وداخل الأسرة إلى مستوى المساواة بالرجل وكفاءة التصرف بحكمة في الموارد رغم محدوديتها بما يرتقي بالمجتمع ككل، بحيث تبدو الأهداف المعلنة مؤدية في محصلتها النهائية إلى تكريس نظام ديموقراطي يكرس بصورة فعلية المبادئ التي جاء بها الدستور التونسي الصادر إثر الاستقلال، رغم هوس السلطة الذي أصيب به بورقيبة في آخر أيامه وكذب الوعود التي أطلقها الماسكون بالحكم الآن عند إزاحته.   فقد جاءت التحويرات التي أدخلت على تنظيم الحياة السياسية في المرحلة الأخيرة كلها في اتجاه زيادة تركيز السلطة الفردية والتي أتت تدريجيا على أي صلاحية خارج السلطة الرئاسية التي دعمت بصلاحيات تشريعية وحصنت من أي مسائلة قانونية لتعطي الصورة الشمولية الحقيقية والنهائية التي ينتهجها النظام حاليا.   كما جاء التعامل مع مختلف مقومات التنوع من جمعيات وأحزاب ونقابات إملائيا ووصائيا صرفا بينما صودرت وحوصرت تماما حرية التعبير وفرض حصار حديدي على الإعلام ووجهت مطالب التحرر المتصاعدة من داخل مؤسسات الدولة نفسها مثل القضاء بكتم أنفاسها.   تمويل دكتاتورية   وهكذا بدا منذ الإعداد للتمديد بفترة غير دستورية إضافية للرئيس بن علي سنة 2004 غلبة نهج الانغلاق السياسي، وتأكد الاتجاه نحو الحيلولة دون ترك المجال للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتبعة منذ الاستقلال لطرح ثمارها السياسية والتى كان من المفروض أن تتجلى في تدرج النظام التسلطي نحو مقومات دولة قانون ومؤسسات وإفساح المجال لقبول بتعددية فعلية ومجتمع مدني فاعل وحياة سياسية عادية وإعادة السلطة الأمنية لاختصاصاتها الطبيعية.   شركاء تونس في الاتحاد الأوروبي وحتى الولايات المتحدة الأمريكية رغم ما داخلهم من ريبة اكتفوا بضغوط سقيمة. بينما بقي دعم الإتحاد الأوروبي المالي للنموذج التونسي للتنمية على حاله وتحول في حقيقته إلى تمويل سلطة دكتاتورية قائمة على القهر والاضطهاد لشعبها.   وتبدو المفارقة في خيبة أمل النخب المحلية عندما تجد أن التعويل على التعاون والشراكة مع أنظمة ديموقراطية تتحول إلى تمويل وفرض لدكتاتوريات بكل مقاييس السلطة الشمولية. كما يبرز تناقض مريب يصعب القبول به عندما يعمد نظام قائم أساسا على المنح والدعم الأوروبي إلى تقرير قواعد الولاء والتبعية في الاعتراف والسماح بالنشاط وتقديم التمويل لأحزاب وجمعيات شكلية بينما يشير بتهم الخيانة للوطن والتبعية للخارج لمخالفيه لمجرد انفتاحهم على الحوار مع ممثلي وتنظيمات نفس هذه الدول الداعمة له.   قد تكون الكلمات قاسية في استخلاص نتيجة هذه الشراكة لحد اليوم: و لكن أليس مستغربا أن تقود كل هذه الأموال المبذولة لترقية إقتصاد بلادنا إلى تركيعها سياسيا وإحباط شبابها وسحق كل صوت معارض أو مخالف داخلها وإجهاض النتيجة الطبيعية التي ينتضرها شعبها من تنميتها؟ ماذا بقي لنا أن نطلب من الاتحاد الأوروبي الآن؟ يقول مثلنا الشعبي في تونس:  » الجار قبل الدار »   (*) المختار اليحياوي، قاض تونسي، أحيل من منصبه كقاضي في ديسمبر/كانون الأول 2001 بعدما دعا، في رسالة مفتوحة وجهها إلى الرئيس بن علي، إلى احترام المبدأ الدستوري لاستقلالية القضاء، اليحياوي مدير المركز التونسي لاستقلال القضاء والمحاماة   – تحصل تونس كذلك على ما يفوق معدل 300 دولار للفرد سنويا من الولايات التحدة الأمريكية، كما تتحصل من البنك الدولي وحده على معدل جملي من القروض السنوية يبلغ 250 مليون دولار سنويا.   – يراجع في هذا المجال الكتاب الذي أصدرته مؤخرا الباحثة الفرنسية بياتريس هيبو : La force de l’obéissance : Economie politique de la répression en Tunisie par Béatrice Hibou 362 pages – Editions La Découverte – 24 Août 2006)   (المصدر: موقع قنطرة (ألمانيا) بتاريخ 10 أكتوبر 2006) الرابط: http://www.qantara.de/webcom/show_article.php/_c-492/_nr-447/i.html


داء الرقـابة
 
<على سحابة كتبت …تسقط الرقابة …فصادروا السماء.> معين بسيسو
أعلمني احد أصدقائي أن له كتابا يترقب إذن الرقابة للصدور و النشر و قد طال انتظاره حتى بدا اليأس يدب إليه و أصبح لديه يقين أن شيئا ما قد حصل ضد نشر الكتاب و قد يتساءل المبدع و الكاتب و المؤلف عن مصير إبداعاته عندما يودعها إلى اللجنة المختصة لمنحها التأشيرة القانونية للنشر و يبقى الترقب هل هو الرفض أم القبول؟
هذه الواقعة أرجعتني إلى الوراء إلى الماضي إلى تاريخ الظلمات عند الاروبيين إلى شخصية جسدت هذه الممارسة الظلامية في القرون الوسطى انه برتولد فون هنبرغ رئيس أساقفة في بلدة ألمانية اسمها ماينس الذي وجد طريقة فضلى لمصادرة الفكر و إبداعات العقل من خلال منع صدور أي كتاب يرى فيه خروجا عن المألوف و عن ما يراه هو الصواب و الحقيقة فهذا المنع حسب رأيه يمكن من اجتثاث الفكرة من جذورها فما أشبه تاريخ اروبا المظلم بواقعنا العربي المعاصر؟

الاروبيون تجاوزوا محنهم وفكوا قيد هذه الرقابة المقيتة لكننا مازلنا غارقين في ظلماتها و سراديبها فإلى الآن مازال حكامنا يمثلون بشكل أو بأخر هذا الأسقف حين يصنفون المفيد و غير المفيد لعقول الناس و يتحكمون حتى في الأذواق .    والأمر لايقف عند هذا الحد فهذه العقلية القروسطية الاروبية تتجدد في المجتمعات العربية الحديثة لتتخذ أشكالا متنوعة وفي مجالات مختلفة مثل السياسة من خلال الحاكم و أجهزته أو المجتمع من حلال توظيف خاطئ للدين و القيم والأخلاق.   و هذا ليس إلا ضربا من ضروب تعميق التخلف بكل أشكاله و خاصة السياسي من اجل السيطرة و الهيمنة من خلال التضييق على الحريات و إلغاء الآخر فالرقابة ليست إلا مفهوما يرتبط في دلالته ارتباطا و وثيقا بالتخلف في أرقى تجلياته و بمجتمع تسوده أنظمة سياسية استبدادية لان الرقابة عامل أساسي لتكبيل العقل و تعبيرا عن بدائية السلطة فالرقابة في أبعادها الرمزية تجسد حاجزا أمام الإبداع حيث لا يمكن أن تكون إلا سلطة للحد من اطلاقية العقل و رحابة افقه و تكبيله أو حتى إلغائه لان غاية الرقابة في نهاية الأمر هي العقاب و العقاب هنا المنع من النشر و من إيصال الأفكار و الإبداعات إلى الناس و إلغائها بطبيعة الحال .فليس من العبث أن يتطرق فيلسوف و مفكر في حجم ميشال فوكو إلى هذه الثنائية و يجعلها عنوانا لاحدى مؤلفاته: »راقب و عاقب ».
الرقابة تلك الدابة السوداء  تلك القروسطية المعبرة عن مواضع الشر في الإنسان تغلغلت بفعل التسلط حتى أصبح منشؤها بنية ثقافة المجتمع كمنظومة كلية في ترابطها و أدوات  تعميقها و ترسيخها متعددة و متفاعلة ضمنيا لعلها الفرد من ناحية بوعيه الناقص و الغائب أحيانا يستبطنها في لاوعيه حتى لا يمكن له أن يبدع و يغامر و يبادر حتى تتشكل و كأنها رقابة ذاتية و قهرية بالمعنى السيكولوجي للكلمة تمنع الفرد من إبراز مواهبه و قدراته والمجتمع من ناحية أخرى بفساد مؤسساته و السلطة باستبدادها.فلا مناص من القول أنها ممارسة مركبة ليست السلطة طرفا أوحدا فيها بل تتفاعل فيها كل هذه الأطراف.
وقد يجد ذلك دلالته في اختلاف طبيعة الرقابة و نوعيتها من مجتمع إلى آخر فالرقابة يمكن أن توجد في المجتمعات المتقدمة و المتطورة لكنها توجه من اجل حماية المجتمع في حين أنها في المجتمعات المتخلفة تجسد بعدا من أبعاد القمع للمجتمع .يعني ذلك علينا و من حيث المبدأ أن نميز بين الرقابة التي مبدؤها الحماية و التي تنبع من القانون المشرع حسب آليات ديمقراطية فعلية و الرقابة التي مبدؤها المنع و التي تتناقض و مبدأ الحقوق و الحريات و التي تتجاوز في نفس الوقت حتى القوانين المشرعة حتى وان كانت بصفة صورية.
 
الرقابة إذا و في ابعادها السوسيولوجية نتاج الانغلاق و سببا له في نفس الوقت و قد يتجلى الانغلاق هنا في مستويات متعددة:

*الثقافة :منغلقة وغير منفتحة و رافضة للتعامل مع الآخر. *المجتمع:يتميز بتردي الأوضاع الاجتماعية و تفشي الظواهر السلبية و انتشار الأمية و الجهل و تخلف التعليم و غيرها. *الاقتصاد:انتشار الفقر واتساع الهوة بين الفئات على المستوى المادي و التميز بالتخلف و الركود . *السياسة:نظام سياسي مستبد تهيمن فيه الفرد أو الحزب أو فئة معينة وقد تتوافق كل هذه الخصوصيات مع واقع المجتمعات العربية اليوم.
الرقابة إذا في إحدى وظائفها تعمق الرداءة و تؤمن هيمنة المستبد و الغالب و المسيطر حتى تصبح من مصلحته أن يغذي هذه الممارسة لكي يستمر فما الرقابة إلا وسيلة ضغط تستعملها السلطة الفاسدة على الفرد و المجتمع فالكثير من الأنظمة تنفق أموالا باهظة للحصول على تجهيزات تمكنها من المراقبة المستمرة و الشديدة تتخذ شكل السرية في بعض الحالات (تونس نموذجا) و المقصود الأغلب هنا الرقابة على الانترنات و خاصة البريد الالكتروني . و قد يؤدي بنا ذلك للقول أن الثورة الحاصلة في وسائل الاتصال و ما وصلت إليه من تطورات تعد غير قادرة على الحد من خطورة هذه المعضلة.
بهذه المواصفات تبقى الرقابة حجر عثرة أمام تطور المجتمع و تأسيسه لحراك مدني و ثقافي أو حتى سياسي يتجاوز كل ظواهر الفساد و الاستبداد فهي بكل خصوصياتها معادية للمعرفة و تختزل في طياتها واقعا قمعيا.و هل يعد الرقيب أكثر من حامل لوصايا تخفي في باطنها إما معايير أيديولوجية أو منافع ذاتية كالجاه و الثروة و المنصب و التقرب من السلطة.
انتهي من حيث بدأت من واقعة حرمان الرقابة في تونس صديقي من إصدار مؤلفه في بلد ينظمه دستور و قوانين تؤكد  تمتع الإنسان بحرياته المختلفة الفردية منها أو الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية حتى لو تعلق ذلك بالصفة القانونية و ليس الفعلية. لذلك فان استمرار الرقابة في  المنع ليس إلا تجاوزا لكل هذه المكاسب و تعبيرا صريحا على أن صاحب الأمر لم يأتي إلى سدة الحكم بصفة ديمقراطية فبقدر ما تشتد الرقابة بقد ما يكون النظام استبدادي و تسلطي و امني يتصرف الحاكم فيه برعيته كما يتصرف البقال في بضاعته حيث تمد الأجهزة الأمنية يداها في كل مكان على حد تعبير مظفر النواب.
ومن البديهي القول إذا أن الذين أبدعوا ولم تصيبهم الرقابة قالوا و فكروا في الثقافة و الاجتماع و السياسة ما أرادوا قوله و التفكير فيه فأسسوا لواقع أفضل     ومستقبل أرقى و حصدوا مزايا ذلك في كل المجالات .
أليس من المنطقي اليوم أن يكون الرهان هو البحث عن سبل و أشكال نضالية ضد الرقابة تعتمد فيها الوسائل الممكنة و المتاحة حتى تتجاوز هذه المجتمعات هذا الاختناق و الانغلاق و ترنو إلى ما هو أفضل .
لذلك من الواجب أن نردد جميعا بصوت عال « فلتسقط الرقابة ».
 
رافع حيدري

 

تونس بعد اختطاف التجمع

 
مرسل الكسيبي-الوسط التونسية: http://www.tunisalwasat.com
أعود في مقال اليوم مكرها الى الحديث عن اختطاف حزب التجمع الدستوري الديمقراطي منذ أن كان يحمل تسمية الحزب الاشتراكي الدستوري في بداية الثمانينات,حيث وقع الاستيلاء على واحد من أعرق الأحزاب السياسية العربية منذ أن دخلت تونس الحديثة في تاريخ الهزات الاجتماعية على سنة 1978,حيث بدأت تعتمل لدى الرئيس بورقيبة فكرة مواجهة التيار الاسلامي بعد ان عرف طريقه الى النور في شكل تصريحات سياسية مباشرة على واجهة مجلة المعرفة التونسية انذاك.
لم تكن تصريحات الأستاذ راشد الغنوشي يومها تعليقا على مستجدات تلكم الأزمة مزعجة للسلطة بحكم انها لم تكن محتفلة بما أحدثته تلكم الجماهير العمالية الثائرة من حالة غضب عارم على اثر مواجهات دامية قيل أنه كان ضحيتها 600 شخص مابين قتيل وجريح.
 
كانت سنة 1978 سنة الظهور السياسي المباشر لما حمل يومها تسمية الجماعة الاسلامية في تونس,ثم جاءت الثورة الخمينية في ايران لتحدث حالة من الابتهاج السياسي غير المسبوق لدى أنصار هذه الجماعة ,ولو أن الأمر لم يتجاوز حينها مراحل من التعاطف السياسي المصحوب بمحاولات اختراق تنظيمي لهذه الجماعة من قبل بعض العناصر الشيعية التي حملت مباهج الثورة السياسية كما انتماءاتها المذهبية.
 
كانت أجهزة الأمن في تونس يومها وعلى العهد الذي بدأ فيه الرئيس بن علي تقلد أعلى مراتب الجهاز الأمني في تونس ,ترقب عن كثب تحول الجماعة الاسلامية من الاهتمامات الفكرية والثقافية والدعوية الاجتماعية الى الاهتمامات السياسية المباشرة,لتفاجأ هذه الجماعة سنة 1981 بمباغتة أمنية انكشف على اثرها حجم انتشارها التنظيمي وطموحها السياسي وكان أن دفعها الى محاولة استباقية للاحتماء بالقانون عبر الاعلان عن نفسها كحركة سياسية بتاريخ 6 جوان 1981 تحت تسمية حركة الاتجاه الاسلامي.
 
لم يفلح قانون الأحزاب الحديث الذي اذن به بورقيبة على اثر خلاف داخل اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي الدستوري في بداية الثمانيانات وأواخر السبعينات في امتصاص حجم الانكشاف لتأتي الارادة البورقيبية انذاك بشن حملة اعتقالت واسعة في صفوف هذه الحركة لتطاول أيامها حوالي الف كادر أو أقل من كوادر هذا الحزب المتوثب على هيئة نمر كما بدى لاحقا في أدبيات منشورة ورقيا لحركة الاتجاه الاسلامي.
 
كانت الفرصة يومها سانحة لليسار الماركسي في تونس من أجل تدشين مسافة التقارب مع هياكل الدولة وحزبها الرسمي فجاءت المؤشرات الأولى على ذلك في شكل منشور فضيحة مازال التونسيون والتونسيات يعانون منه الى حد هذا اليوم,وهو المنشور الذي استهدف بموجبه الحجاب ابتداء من سنة الاعلان رسميا عن مولد حركة الاتجاه أي سنة 1981.
 
بدأت بعض أجنحة اليسار التونسي انصافا وليس كل أجنحته تعرف طريقها الى الزواج الممتع مع قصر قرطاج وأجهزة الحزب الحاكم كما هياكل الأمن في تونس منذ أن ظهرت محاكمات الاتجاه,حيث اعتمد الزعيم الراحل بورقيبة وبعض حوارييه على اللعبة السياسية الشهيرة منذ سنة الاستقلال الأولى وذلك عبر ضرب اليسار باليمين ثم اليمين باليسار ليخرج الزعيم من كل ازماته أبا حنونا عطوفا على كل التونسيين ولكن بعد تقديم قربان سياسي أو وزاري بارز على مذبح الاستقرار والاستمرارية في الحكم .
 
ومع سنة 1986 نجح التغلغل المعادي لهوية البلد وشعبها ولسانها وحضارتها الاسلامية السمحاء,في دق اسفين في حكومة الأستاذ محمد مزالي ومساعديه الكبار عبر اللعب على هواجس بورقيبة في الاستمرار في صناعة القرار,فكان ان فر هذا الأخير متنكرا في زي رجل تونسي عجوز عبر الحدود الجزائرية لتشهد دماؤه وثيابه وجراحه على خطورة مرحلة وصلت اليها البلاد التونسية.
 
كادت نفس هذه اللعبة أن تأتي على الرئيس بن علي يوم أن كان وزيرا للداخلية ورئيسا لوزراء تونس حيث أفلح البعض في ايغال صدر بورقيبة عليه ليتخذ قرارا لم يعلن بعد بعزله وربما سجنه …,فقبل أيام قلائل من تاريخ 7 نوفمبر 1987 جلس السادة الهادي البكوش والحبيب عمار بصحبة الرئيس بن علي رئيس وزراء تونس يومها ليتدارسوا الموقف في حين كانت سعيدة ساسي تتظاهر بالبكاء على القرار النحس الذي سيتخذه الزعيم الراحل.
 
لم تنجها دموعها من القرار الصعب الذي عرف طريقه الى الانجاز في ساعة متأخرة من ليلة السابع من نوفمبر حين تم استبدال الحرس الرئاسي وقطع الخطوط الهاتفية ليفتح قصر قرطاج أبوابه للحظة تاريخية جديدة.
 
ورثت الدولة التونسية مع نجاح الانقلاب الأبيض الذي أزاح رئيسا هرما لم يقدر قيمة التداول على السلطة في تاريخها المناسب,ورثت جهازا حزبيا وأمنيا مخترقا الى أبعد الحدود من قبل بعض قوى اليسار التونسي حتى حكى بعضهم من الثقات بأن الشيخ عبد الفتاح مورو كان يحاول ايامها الاتصال مباشرة بالرئيس بن على من منفاه بالمملكة العربية السعودية غير ان ابرز المستشارين من ذوي الخلفية اليسارية كانوا حريصين على الحيلولة دون تواصل هرم الدولة مع هرم حركة الاتجاه.
 
واستمرت حالة الانتشار اليساري في أجهزة الحزب الحاكم لتعرف أوج قوتها بعد اعتلاء محمد الشرفي منصب وزارة التربية ,فكانت التغييرات الجوهرية في برامج التعليم وكانت الخطة الورقية الشهيرة التي حملت تسمية خطة تجفيف الينابيع,والمقصود بها استئصال جذور التدين في تونس عبر ممارسة سياسة تطهير فكري وثقافي تحت مسمى اصلاح التعليم وممارسة عملية تصفية ذهنية وأمنية تمس كل مجالات الحياة الثقافية والفكرية في تونس. 
 
لم تكن الحرب المعلنة على التيار الاسلامي في بداية التسعينات الا واجهة معلنة لهذه الحرب,غير أن جذورها وخلفياتها كانت أعمق حيث وقع توريط أجهزة الدولة في حالة اشتباك مع ثقافة البلاد وحضارتها العربية والاسلامية,ولعل الخطأ السياسي الكبير الذي ساعد على الانزلاق السياسي باتجاه المواجهة هو نجاح النهضة بعد ان اعلنت عن تغيير اسم حركة الاتجاه في افتكاك الأضواء الاعلامية السياسية الداخلية والخارجية بعد منازلتها القوية في الانتخابات البرلمانية لسنة 1989.
 
فشلت المواجهة الأمنية في تحقيق أغراضها السياسية والايديولوجية المباشرة مع عودة التدين بقوة الى تونس في أواخر التسعينات ولم يكن للنهضة هذه المرة ولا للغنوشي ولا لمورو أي دور في بعث الصحوة التونسية الثانية .
 
كان الحجاب كطائر العنقاء الذي ينبعث من تحت الرماد وكان امتلاء المساجد بروادها من الشباب مظاهر عبرت عن اصالة شعب برغم محاولات الوأد والقهر السياسيين,فجاءت اعادة احياء المنشور 108 الفضيحة الذي اعتدى على حق المرأة التونسية فيما تختاره من لباس,ولم يفلح المنشور في التحول الى طوطم يخيف التونسيات وكانت الاحصائيات التي تقول بوجود محجبة على كل ثلاث نسوة,ومن ثمة كان لابد من ارفاد هذا المنشور المهزلة بعصا البوليس الذي سئم نار المعارك السياسية المفتعلة منذ بداية التسعينات…ولم يكف النفخ في روح هذا المنشور الذي يعرف طريقه اليوم الى الاحتضار ,بل جاءت سياسة احياء الكافيشنطات البائدة منذ حوالي عشرين سنة لتكون واحدة من الطرق الفاشلة في تذويب هوية وانتماء شعب,فهناك في تونس لم تعد الحرب على الحجاب كافية لوحدها من اجل تخويف شرائح نسائية واسعة ومعتبرة,بل كانت المقاهي المفتوحة بنهار شهر رمضان المعظم ثم المقاهي الليلية التي تنظم حفلات الكافيشنطا التي هي اشبه ماتكون بحفلات ماجنة في شهر القران والصيام ,كانت ورقة تعبر عن فشل جزء من النخبة النافذة في الحكم في مواجهة ماتعرفه البلاد من حالة انعطاف ثقافي وفكري واجتماعي باتجاه الهوية العربية الاسلامية.
 
وبالتوازي فرضت بعض القوى الخارجية النافذة عالميا قانونا لمكافحة الارهاب,فسارعت بعض القوى النافذة في الحكم الى استعماله كورقة سياسية في غير محلها ووظيفتها واهدافها وخلفياتها من اجل شن حملات اعتقال في حق العشرات ممن بدأ يتلمس طريقه للبحث عن الاسلام في هدوء وسط تحولات عالمية متسارعة.
 
كانت هذه حلقات مسلسل اختطاف التجمع الدستوري الديمقراطي من الأيادي الأمينة التي أسسته ورعته من أجل تحرير تونس من الاستعمار ثم بناء الدولة المدنية الحديثة,ولقد شجعت بعض تناقضات بورقيبة وتقلباته السياسية بعض القوى الراديكالية المتعصبة على استغلال هذه التناقضات من اجل ممارسة الوصاية على ميراث تجربة سياسية ثرية لم تخل من السلبيات الكثيرة في الحكم,غير أن تونس المعاصرة بشعبها المبدع والخلاق والمتسامح وبمدارسها الفكرية القديمة والحديثة المتلاقحة سوف لن تفشل في افراز مدارس متعقلة من اليسار المجدد والمناضل كما الاسلام التحديثي الذي يعترف للمجتمع بسلطانه الكبير على الدولة وللدولة بواجبها في حماية عقائد ومؤسسات شعب ومكاسب جماهير ,كل ذلك من أجل استرجاع الريادة السياسية لتونس وسط منطقة تعرف كثيرا من التقلبات والتحولات.
نشر على صحيفة الوسط التونسية http://www.tunisalwasat.com بتاريخ : 17 رمضان 1427 ه. لمراسلة كاتب المقال يرجى الاتصال على : reporteur2005@yahoo.de


 

د,خالد الطراولي: المصرفية الإسلامية:

سلامة النظرية،صحة التجربة وخطأ التحميل (2/3)

الجزء الثاني

د,خالد الطراولي

ktraouli@yahoo.fr

 

3/ خطأ التحميل

لقد أطنبت الكتابات والأدبيات الإسلامية البنكية في التذكير والإشارة إلى تضخم جانب المرابحة والتجارة في المعاملات المصرفية الإسلامية، في مقابل اهتزاز وهشاشة جانب المضاربة الذي يشكل العمود الفقري للتجربة و فرادتها بالنسبة للعمل المصرفي التقليدي[[1]].

 

وقد تفطّن مجلس الفكر الإسلامي في باكستان في تقريره المشهور سنة 1977، إلى إمكانية غلبة المسعى التجاري و الصيغ الكفيلة به في المعاملات البنكية على نظام المشاركة؛ الذي يُعتبر مع القرض الحسن البديل الإسلامي الأول للنظام المصرفي. فنبه إلى استخدامها والحذر في استعمالها بصورة مؤقتة  وفي أضيق نطاق، حتى تتقلص تماما لتفسح المجال إلى البديل المشاركاتي. وهذا يدل على أن العاملين في المصرفية الإسلامية كانوا على علم مسبق بإمكانية هذا الإنحراف العملي، غير أنهم أخطئوا في جعلها مرحلة مؤقتة رغم تواجد الأسباب الطبيعية لجعلها حالة دائمة في الإنتشار والتمكّن. وقد أرجع التقرير صعوبة تنزيل مبدأ المشاركة بداية إلى هشاشة الواقع المنزل فيه، من أميّة كبيرة لدى أصناف كثيرة من المجتمع والميل إلى إخفاء الأرباح الحقيقية في غياب الوازع الأخلاقي ونقص في نظم المحاسبة الإسلامية. حتى أنّ بعضهم تساءل هل أصبح الأصل في الناس الفساد وخراب الذمة، مع أن القاعدة العامة تشير إلى أنّ الأصل في الناس الصلاح والعدالة؟[[2]].

 

كما أرجع الشيخ صالح عبد الله الكامل (وهو أحد أعمدة التجربة المصرفية الإسلامية ورئيس مجموعة دلة البركة السعودية) هذا الضمور في التجربة إلى عدم تحرر النظرية من الصبغة التقليدية للبنك حيث وقع اعتماد الإسم والمسمى، فظل المصرف وسيطا ماليا لا غير، وعجزت المصارف الإسلامية أن توجد لنفسها مفهوما ونمطا يتجاوز مسألة الوساطة المالية؛ فأضحت الصيغ المفضلة تعاملات وصيغ الوساطة الخالية من المخاطرة والغير محققة لمقاصد الشريعة، والغير موجدة للقيمة المضافة، وغابت الإستثمارات المنتجة والمشروعات المحسوسة [[3]].

 

وأرجع بعضهم هذا التغيير إلى سوء الإدارة  ونقص الإخلاص  والكفاءة، لأنه من الأهمية بمكان أن يكون القائمون على المصرف مؤمنين بتوجهه الرسالي وبعده الإجتماعي سلوكا وتطبيقا[[4]]. كما يبدو أن خضوع البنوك الإسلامية لكثير من قوانين بلدانها، مثل قانون الشركات والقانون التجاري، والتي غالبا ما تكون صالحة لصيغ الاستثمار الربوي و غير قابلة للعقود الإسلامية، مما يستدعي جهدا مضافا للبحث عن وفاق و مخارج شرعية لها تبعدها عن أهدافها الأولى.

 

ولقد سعى بعض الإقتصاديين الإسلاميين إلى اقتراح مخارج لتفادي هذا التسيب المرابحاتي وتجنيب البنوك هذه الحلول السهلة؛ فنادى جمال الدين عطية بتوزيع الاستثمارات البنكية بين الصيغ المختلفة وإلى تواجد سلتي استثمار، إحداهما خاصة بالإستثمارات ذات الدرجة العالية من المخاطرة ويقتصر فيها الإستثمار على أموال المساهمين والودائع المخصصة لذلك، والأخرى للإستثمارات المحدودة المخاطر وتخص أصحاب الودائع العامة ونسبة رأس المال والودائع المخصصة لذلك، على أن لا يتجاوز مجموع الأموال المستثمرة بطريق المرابحة  40 % من مجموع الأموال المستثمرة في هذه السلة[[5]].

 

إن تواصل هيمنة المرابحة وتفضيل الصيغ القصيرة الأجل وصدارة القطاع التجاري، يؤكد أولا على وجود أسباب موضوعية، من ضبابية العلاقة مع بعض البنوك المركزية، وفقدان المساندة العملية عند الإقتضاء، ومنافسة حيثية وفكرية لأطراف المصرفية التقليدية الذين ما فتئوا ينظرون إلى هذا المولود بصيغة العداء والتشهير. كما أن الواقع الأخلاقي المتأزم للمتعاملين نتيجة غياب المجتمع المسلم، ساهم في انفراط عقدة الأمانة والثقة بين البنك الإسلامي وحرفائه. زيادة على أن استثمارات المضاربة والمشاركة تتطلب الكثير من الإحاطة والمراقبة المتواصلة، مما يجر تفاقما لتكاليف البنك وتهميش لمردوده المالي. كما يدل هذا التواصل لتضخم المرابحة والصيغ القصيرة والتجارية ثانيا، على حيادية الموقع، فالمرابحة في بلدان وصلت مرحلة التمكين، لم تكن مهمشة؛  بل هيمنت على الصيغ الأخرى، فهي قاربت 90 %  في باكستان سنة 1984 و50 % في السودان سنة 1995.

 

من هذا المنطلق يبدو لنا أن نجاح التجربة وتواصلها ليس إلا تعبيرا عن توجه آخر للنظرية، وقع إغفاله وسنسعى لاحقا لإبرازه. فلقد نجحت التجربة بما تَحَمَّله القطاع الخاص في غالبه من أعباء انطلاقها  ومواصلتها وإنجاحها، ولم يكن ممكنا تحاشي الأخذ بهذا التوجه الربحي والمرابحاتي في بداية هذه الرحلة للأسباب التالية :

                     1.                غياب الدولة المسلمة الساعية إلى إدخال الصيغة اللاربوية في معاملاتها المصرفية في فترات الإنطلاق.

                     2.                الفورة البترولية التي أثارت تكدس ثروة مالية كبيرة لدى أطراف عديدة،  خاصة في بلاد الخليج.

       3.      وجود هم إيماني لدى بعضهم في السعي إلى ادخار واستثمار أموالهم حسب مقتضيات الشريعة الإسلامية دون المساس بالهدف الربحي.

 وبقي القطاع الخاص مهيمنا على المصرفية الإسلامية رغم دخول دول إسلامية مرحلة التمكين، مثل إيران والسودان ونسبيا باكستان . ويمكن ملامسة هذه الخاصية في السودان مثلا حيث تبلغ المصارف التجارية الاستثمارية نسبة 82 % من جملة المصارف، وتحوز على 75 % من جملة الفروع المصرفية سنة 1997، في حين تبلغ المصارف الحكومية التجارية والتنموية نسبة 18 % وتحوز على نسبة 25 % من جملة الفروع .[[6]]

 

وهكذا يلتقي البعد الربحي مع الملكية الخاصة للقطاع البنكي الإسلامي، وهذا ليس عيبا في حد ذاته ولا مرفوضا شرعا. فالمسلم مطالب بتثمير أمواله وعدم كنزها والسعي إلى الربح من وراءها . وما قامت به المصارف الإسلامية من توجه تجاري وتضخيم لصيغة المرابحة، هو تعبير سليم عن هذا السعي المبارك. أماالبحث عن مبررات واحترازات حول هذا » الغلو » من طرف البنوك الإسلامية، للإجابة على هذه التفسيرات، ومطالبات العديد من الاقتصاديين والمفكرين الإسلاميين بتدارك هذا الانحراف والعودة إلى أصل النظرية، لا يعتبر مجديا، والواقع العملي لهذه البنوك يؤكده.

 

ولم تخطئ النظرية كذلك، لأنها عبرت عن هدفها الأسمى من وراء إنشائها و هو أسلمة الفكر الاقتصادي المصرفي، وتحميله الدور المركزي في تنمية المجتمعات القائمة، دون درء للجانب الربحي في المعاملات المالية المنشودة. غير أن حداثة النظرية و فرادتها (Originalité) يتركزان  حول نظام تقاسم المخاطرة بين أطراف العملية الإستثمارية، الذي يجد أصوله في عقود المضاربة والمشاركة والمزارعة في فقه المعاملات القديم. وهذه الصيغ التي طُورت لتواكب الواقع الحالي الجديد والمتجدد، لم تستطع عمليا الوفاء للنظرية، التي لم تغفل عن ذكر عقود استثمارية قديمة، لوحت بها كصيغ ممكنة في المصرفية الإسلامية، مثل الإيجار والمرابحة.

غير أن هذه الصيغ لا تحمل في الحقيقة المعيار الأول والصفة الخاصة التي ميزت المصرفية الإسلامية عن غيرها. فالمرابحة لا تحمل تقاسما للمخاطرة،  ولكن تطرحها على المستثمر وتجنب صاحب المال تبعاتها، وهذا لا يفترق عن القرض الربوي، فالتمويل بالمرابحة يجعل هذه العلاقة تنقلب إلى دائن بمدين، لتستوي مع المصرفية التقليدية. كما أن بعدها التنموي يبقى مهزوزا، نظرا لغلبة التجارة الدولية في معاملاتها وقصر آجال صفقاتها[[7]]. ونحن لا ندعي أن عامل المخاطرة هو المحدد لشرعية المعاملة، رغم أن هذه الفكرة مازالت لم تحسم بعد[[8]]، غير أن هذه الصيغ تمثل في الحقيقة توجها آخر للنظرية، سعت هذه الأخيرة إلى تحجيمه في بداية أطروحاتها؛ واعتبرته مجرد إثراء لها.

 

ـ يتبـــــع ـ

المصدر :  موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي

www.liqaa.net


 


[1]  انظر مثلا فياض عبد المنعم حسنين  « بيع المرابحة في المصارف الإسلامية » المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الطبعة الأولى القاهرة 1996. 

[2] بنك التضامن الإسلامي السوداني  » التاجر الصدوق وبدائل الإستثمار الربوي  » 1983 ص:23.

[3] صالح عبد الله الكامل  » العمل المصرفي الإسلامي والمشتقات المصرفية الحديثة  » مجلة  » اتحاد المصارف العربية  » عدد 184 مجلد 6 أفريل 1996 ص:53.

[4] موسى عبد العزيز  » فلسفة العمل المصرفي الإسلامي  » مجلة  » اتحاد المصارف العربية  » كانون الثاني 1991 ص:39.

[5] عبد المجيد عطية  » البنوك الإسلامية بين الحرية والتنظيم، التقليد والإجتهاد،  النظرية والتطبيق  » صفر 1407هج قطر ص: 83 و 95.

[6] مصارف السودان _ التحديث والعصرنة « اتحاد المصارف العربية عدد 114 مجلة 18 أكتوبر 1998 ص 67 _ 68 .

[7] ا نظر في هذا المجال بحثنا المعد لمنتدى إقتصاد المستقبل باريس أوت 1999  » تأملات حول الفعل التنموي للبنوك الإسلامية  المنشور بمجلة  » رؤى » عدد 8/9  أكتوبر  2000 .

[8] انظر مثلا « Développement d’un système d’instruments financiers islamiques « 

 Acte de séminaire n° 25 Institut islamique de recherche et de formation Djedda Arabie Saoudite 1996.

 


إفتتاحية « الموقف »:

مؤسسة دستورية محاطة بالسرية

 
تم تغيير تشكيلة المجلس الاقتصادي و الاجتماعي لكن وسائل الإعلام العمومية والخاصة على السواء لم تنشر القائمة الاسمية الجديدة لأعضاء المجلس الذين سيبقوا في مناصبهم ست سنوات. والمجلس هو مؤسسة دستورية عتيدة تدفقت فيها دماء التعددية والحوار الخصيب في فترة من الفترات ثم جرى تجفيف دمائها مثلما حصل لمؤسسات كثيرة أخرى ليس أقلها مجلس النواب الذي شهد أوج حيويته في بداية الثمانينات. لكن الجديد هذه المرة هو التعتيم على التغييرات التي أدخلت على المجلس الاقتصادي و الاجتماعي كما لو أن الأمر يقتضي إحاطتها بالتكتم والسرية المطلقة .
 
اعتدنا على التضخيم الإعلامي في الحديث عن مجلس المستشارين الذي شككت أطراف عدة في جدواه ومبررات إحداثه ،فما الذي كان يمنع من « السماح » للصحف (التلفزة طبعا خارج الموضوع ) بتسليط الضوء على الوجوه الجديدة التي عينت وعلى المغادرين ومحاولة فهم الأسباب التي تقف وراء ذهاب هؤلاء ومجيء أولئك. صحيح أن الرائد الرسمي ينشر مداولات المجلس ، لكن إعلام الرأي العام بالتغييرات والتعليق عليها هو دور الصحافة التي أصبحت لا تستطيع الكتابة في أي موضوع ’ »حساس » (وكل المواضيع حساسة حتى كرة القدم ) قبل الإستشارة.
 
مع ذلك عندما نراجع القائمة الجديدة لأعضاء المجلس نلاحظ إعادة إنتاج لمجلس من لون واحد تقريبا مع انطباع زائف بالتعدد، فالحزب الحاكم احتكر كالعادة المقاعد المخصصة لممثلي الولايات والجمعيات ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والفنية والثقافية و…العائلية (نعم العائلية ، فالمعارضة ليست لها جمعيات عائلية ولا عائلات) وكذلك ممثلي المهن الحرة والإدارة والمؤسسات العمومية ، ولم يترك سوى خمسة مقاعد للإتحاد العام التونسي للشغل بين ممثلي المنظمات المهنية ومقعدين لأحزاب الديكور في باب  » أعضاء لهم خبرة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والتقنية والتربوية « .
 
ربما هذه الصورة البائسة هي التي حملت موجهي الإعلام من وراء الستار على العمل هذه المرة بالمثل القائل « استر ما ستر الله ».
 
رشيد خشانة
 
(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 376 بتاريخ 6 أكتوبر 2006)


حي ابن سينا أم « شيكاغو »؟

محمد الحمروني
 
يشتكي متساكنو حي ابن سينا بالوودية من انتشار ومظاهر خطيرة اصبحت تؤرقهم وتعكر عليهم ليلهم ونهارهم .
 
فبعد ان كان الحي يصنف من الاحياء الهادئة و »النظيفة » تحوّل الى مرتع للصوص وقطاع الطرق ، وانتشرت بين جنباته مجموعات من الشباب لا تسمع منهم الا اسوء العبارات واكثرها بذاءة ، فلا يحترمون المارة رجالا كانوا او نساء و لايتورعون عن اطلاق اقبح الكلمات . واكد احد متساكني الحي ل »الموقف » أن انتشار ظاهرة السرقة أصبح لافتا للأنظار و قال « كل المتساكنين يشتكون من تعرض سياراتهم ومنازلهم إلى عمليات سطو متواصلة ، فلا يوجد منزل إلا وتعرض للسرقة أكثر من مرة » . وذكر محدثنا أن سيارته تعرضت مرتين للسرقة . ولتاكيد كلامه أخذنا محدثنا في جولة في الحي وارانا كيف ان اغلب المتساكنين دعموا أبواب ونوافذ مساكنهم بالأبواب الحديدية واتخذ اغلبهم كلابا للحراسة من مختلف الأنواع . وفي حديثنا مع بعض المتساكنين أكد عدد من الشهود تعرض بناتهم لعمليات لبراكاج او خطف قلائدهم الذهبية . الغريب ان هذه العمليات تتم بجرأة فريبة وفي أماكن قريبة من منازل الضحايا.
 
مريم (24سنة ) واحدة من متساكني الحي قالت للموقف  » كنت قاصدة عملي ولم ابتعد غي مائة متر تقريبا عن منزلنا حين وفي اول منعطف فاجئني اثنان من الشبان كانا يمتطيان دراجة نارية ، وبعد أن أوقفاني اخرج احدهما سكينا غرزه في جانبي الأيمن طالبا مني بان أقدم له كل ما املك ، و إلا قاموا بتشويه وجهي بالموسى التي كانت معهما. ولم يتركاني الأبعد أن أعطيتهما ما طلبا وعدت إلى المنزل ورجلاي لا تكاد تحملاني و أنا ارتجف من شدة الخوف حتى إني تبولت على ثيابي.
 
و قالت هدى (15 سنة ) وهي تروي لنا قصتها « كنت قاصدة العطار عندما فاجئني احدهم وقام بخطف قلادتي .كاد يوقعني أرضا ولم انتبه إلا و المعتدي قد غادر المكان على متن دراجة كانت تنتظره في زاوية قريبا ». و أضافت « لم أكن أتوقع أن أتعرض إلى هذا الاعتداء و إنا على بعد أمتار من منزلنا و أمام مرأى ومسمع الجيران ».
 
والي جانب السرقة والخطف وعمليات البراكاج يشهد الحي مجموعة من الخصومات التى تستعمل فيها أسلحة متنوعة من السيوف إلى القضبان الحديدية وغيرها. وقال احد المتساكنين في تفسيره لسبب انتشار الجريمة والانحراف بهذا الشكل في حي اغلب سكانه من الموظفين الذين يتمتعون بمستوى معيشي متوسط أن لم يكن فوق ذلك قال « السبب هو أن متساكنو الحي من موظفي إحدى الوزارات « السيادية » لذلك يستشعر أبناءهم و جيرانهم نوعا من الحصانة سببها التدخلات المتكررة لإنقاذهم من كل « ورطة » يقعون فيها وشيئا فشيئا تطورت انحرافات أبناء الحي ووصل الأمر إلى حد تمردهم على الجميع بما فيذلك أولياءهم وجيرانهم . والغريب أن شباب الحي لا يتورعون عن التفاخر بما يجري في حيّهم حتى انك تسمع البعض منهم ينشدون على شكل المشجعين في المد ارج الرياضية  » أو أو…ابن سينا شيكاغو ».
 
(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 376 بتاريخ 6 أكتوبر 2006)


الانفراج مدخل رئيسي للإصلاح

فتحي التوزري
 
نحن نعيش اليوم في دولة مركزية قوية ومتماسكة ومستقرة ، يحكمها حزب حاكم يستلهم شرعيته من دوره التاريخي وتداخله مع الدولة وأجهزتها وتحالفه الاستراتيجي مع السلطة ويتمتع بإمكانات ضخمة وقدرة دعائية عالية وآلة انتخابية كاسحة وآلاف من الجمعيات والتنظيمات المنضبطة التي تعمل تحت ظلّه » وتأتمر بأوامر السلطة .
 
كما أننا نعيش اليوم في دولة يحكمها نظام رئاسي قوي وممركز ومشخص وذو طبيعة أمنية قوية …
 
النتيجة المنطقية والمرتقبة لهذا الواقع هو انحسار المشاركة السياسية على أوسع نطاق ، فالأحزاب السياسية منقسمة ما بين فريق موال للسلطة ، مؤتمر بأمرها وفاقد للاستقلالية والمصداقية ،وفريق ثان يدافع باستماتة عن استقلالية قراره ويحمل هموم الإصلاح الديمقراطي ويرفع شعارات قوية للتغيير، لكن دون أي تجذر في الأرض وجمهوره نخبوي.
 
أما المنظمات العريقة والجماهيرية و المهنية فتأقلمت مع الوضع القائم والتزمت مكرهة أو طيعة للاكتفاء بدور مطلبي ضيق أو مهني محدود. ونتيجة لهذا الوضع شهدت البلاد أيضا عزوفا كلّيا للشباب عن المشاركة السياسية أو المساهمة في الحياة العامة أو الانخراط في الجمعيات الأهلية أو في تحمل مسؤوليات وهموم المجموعة الوطنية. وأدى هذا التدهور في الحياة السياسية إلى بروز حياة سياسية موازية تتسم إما بالتطرف أو التشنّج أو التبسيط المفرط للوضع القائم وتعويض المشاركة الفعالة بنقل واستهلاك الإشاعات و الحكايات والروايات الشعبية .
 
إن استمرار هذا الوضع على ما هو عليه يشكل أكبر تحدّ للسلطة وللمعارضة على السواء يمثل تهديدا في خطيرا لاستقرار البلاد. إن الإصلاحات الكبرى التي عرفتها البلاد منذ ما يزيد عن نصف قرن تدفع بطريقة تدريجية نحو اكتمال البنية الأساسية للانتقال الديمقراطي. إلا أن تخلف الإصلاحات السياسية عن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية يهدد هذا المسار برمته .
 
لذلك فإن مسألة الانفراج بوصفها مدخلا رئيسيا لدفع مسار الإصلاح السياسي تبدو اليوم مسألة حساسة وعاجلة وضرورية لتعزيز الدولة الحديثة وبقائها ونمائها.
 
الانفراج اليوم وفي ضو ما آلت إليه الأمور،كما ذكرنا يعتبر مطلبا عاما انعقد حوله إجماع وطني و الانفراج محطة مهمّة وبنّاءة ولها نتائج ملموسة وجوانب إنسانية لا يستهان بها وخاصة منها إنهاء معاناة المساجين السياسيين.
 
ومع أن مغانم الانفراج متواضعة على المستوى السياسي إلا أنها استراتيجيا تعتبر مكسبا وطنيا لأنها تؤسس لمرحلة جديدة تفتح أفقا أوسع للحريات والمشاركة والانتقال الديمقراطي السلمي والهادئ و الحضاري.
 
الانفراج لا يأتي بطريقة عفوية وليس هبة من السلطة بل نعمل على تحقيقه كل من موقعه وبالتحالف مع الأطراف المقتنعة به ومن خلال الموقف السياسي السليم والرؤيا السياسية المستقبلية ومصلحة البلاد العليا.
 
إن توفقنا للانفراج ليس صفقة مطلوبة مع السلطة و لاهدنة ظرفية ولا مقايضة محتملة . إنه تمشّ سياسي تمليه التحديات الداخلية والخارجية المطروحة على البلاد كما تمليه تراكمات الماضي النضالية والتجارب السابقة ويبرره مشروعنا السياسي الإصلاحي.
 
الواقع اليوم هو أننا لم نضعف إلى درجة أن تفرض السلطة علينا إرادتها، ودافعنا وبكفاءة واقتدار ومصداقية على استقلاليتنا وحقوقنا. وفي المقابل لم نقو إلى درجة التصدي لمشاريع السلطة أو لإجبارها على التخلي عن سياسات معينة أو حتى على التفاوض بشأن قضايا وطنية. قد نكون في بعض المعارك هزمنا بالنقاط ولكننا لم نرم المنديل ولم تكسب السلطة معركة الوعي لثنينا عن التمسك باستقلالية قرارنا.
 
من هذا المنطلق فإن الانفراج يشكل مخرجا طبيعيا للجميع من علاقة متوترة ومتشنجة دامت سنين وكان الخاسر الأكبر فيها البلد وتطلعات شعبا وتوقا للحرية. لذلك ونحن نستقل سنة سياسية جديدة و لربما مرحلة سياسية جديدة وأمام تنامي مؤشرات التوتر الاجتماعي الخطر واستشرافا للصعوبات الجمة التي ستواجه اقتصادنا الوطني سنة 2008، نظرا لسرعة التقلبات الدولية وحجم تأثيرها على المنطقة فإن كل الأطراف السياسية والسلطة والمجتمع المدني مدعوة للتحرك نحو الانفراج من أجل دفع مسار الإصلاح في الاتجاه الصحيح وخلق مناخ سياسي تكون فيه البلاد أكثر مناعة وقدرة على امتصاص الصدمات والتقلبات الدولية .
 
لقد أثبتت الحلول الأمنية محدوديتها وفشلها وحجم مضاعفاتها الثانوية على كل جوانب الحياة . كما برزت للعيان محدودية المواجهة الشعاراتية وعدم فاعليتها في دفع مسار الإصلاح . إن إعادة إنتاج ظرف سياسي قاس يختزل البلاد في استقطاب ثنائي مشوه للحقيقة بين سلطة « حريصة على المصلحة العليا » ومعارضة « لقيظة وغير مسؤولة  » يدفع بها نحو المجهول والعنف والتمرد ويقوض الاستقرار الثمين . نستطيع أن نتفهم التمشي الحذر والتدريجي في الإصلاح وهو أمر محبذ. ولكن الحذر ليس الجمود والتدرج ليس الالتفاف على المطالب والمماطلة. يقول المثل العربي « لاينال المنى من قدّم الحذر ».
 
تتطلع المعارضة للانفراج كهدف مرحلي قريب وممكن والقبول بالانفراج كهدف مرحلي ضمن تمش سياسي صادق وواضح ومنسجم ،ليس تفريطا في تطلعاتنا وتنازلا عن مبادئنا وأهدافنا العليا. يجب أن لا ننظر للانفراج فقط من زاوية الصراع الحالي مع السلطة وعدم تكافؤ موازين القوى بل علينا النظر إلى المسألة من باب تحريك مسار الإصلاح المتعثر ودفعا في الاتجاه الصحيح وتعزيز موقعنا للتأثير فيه بشكل أفضل ،إنني على أمل أن تتوفر هذه السنة للبلاد فرصة ثمينة لتأهيل الحياة السياسية ورد الاعتبار للمشاركة و إحداث انفراج حقيقي يرفع الضيق عن الناس ويبعث الأمل لأن الوضع لا يتحمل مزيد من الغموض والجمود ومزيدا من انسداد الأفق وغياب الفرص . أن نراهن على الانفراج يعني أننا نراهن على نضج المعارضة وعلى مسؤولية السلطة ووعيها بضرورة التعجيل بخطوات انفراجية . أنه اختيار سياسي للجميع ، نتحمل كلنا فيه المسؤولية أمام شعبنا وأمام التاريخ .
 
قد يتبادر لأطراف في السلطة أن المرحلة القادمة ستكون اقتصاديا قاسية واجتماعيا غير مأمونة ولذلك سيشكلون صوتا قويا لمزيد الانغلاق والتحكم في حرية الناس . كما سوف نجد من المعارضة من يراهن على تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي والضغط الخارجي للترويج للمواجهة. طبعا ستقف هذه الطروحات في وجه أي دعوة للانفراج ، لكن لهؤلاء وأولئك أقول إن الانفراج يحقق أهدافا عديدة ومكاسب جمة للجميع سلطة ومعارضة:
 
  فهو ينعش الأمل ويرفع الإحباط ويجسر الهوة بين الدولة والمجتمع المدني.
 
  وهو يشجع ثقافة المشاركة و يقلّص من ترك الأمور تسير نحو ردود أفعال غير مدروسة.
 
  ويعيد الاعتبار للمنافسة السياسية ويحسن ظروفها ويلغي اختزال العمل السياسي في مواجهة أمنية عقيمة .
 
  ويمكن كل الأطراف من التفرّغ لتطوير رؤيتها السياسية والابتعاد عن المواجهة الشعاراتية .
 
  ويجنب وقوع البلاد في فوضى ردود الأفعال والعنف والتطرف .
 
  يوسع هامش الحرية بعيدا عن أملاءات خارجية مشبوهة.
 
  يدفع البلاد نحو مزيد من الانسجام بين الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وهو ما يقلّص من كرب المرحلة الانتقالية ويقوي الاعتزاز بالوطن خاصة لدى الشباب ويرجح الأمل في العملية السياسية كأداة تنويه فعّالة .
 
  يبعث بإشارة قوية ومحفزة للمستثمرين للسوق وللطبقة الشغيلة وهو ما من شأنه تحسين نسب الاستثمار والنمو الاقتصادي.
 
  يبشر بمجتمع تعددي يزدهر فيه الحوار تدار فيه الصراعات السياسية بطريقة حضارية وسلمية .
 
السير نحو الانفراج بشكل بداية هذا المسار الإصلاحي وهي أولوية مؤكدة على كل الأطراف على انجازها.
 
(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 376 بتاريخ 6 أكتوبر 2006)


قضية ملفقة ضد « الموقف »

 
مثل الأستاذ أ حمد نجيب الشابي أمين عام الحزب الديمقراطي التقدمي والمدير المسؤول لجريدة « الموقف » يوم الاثنين 8 أكتوبر الجاري على الساعة الثانية عشر ظهرا أمام مساعد وكيل الجمهوريّة بقصر العدالة بالعاصمة ، للإدلاء بأقواله فيما يخص المخالفة المدّعاة على الجريدة والمتمثلة في » تغيير المطبعة التي تتولّى سحب الجريدة دون اعلام السلط » حسب الفصل 14 مكرر من قانون الصحافة . ورافق الأخ الأمين العام ثلّة من قيادات الحزب الديمقراطي التقدمي وكوادره و أصدقائه ، كما حضر معه عدد من المحامين منهم الأستاذ (العميد السابق ) البشير الصيد والعيّاشي الهمّامي وراضية النصراوي وعبد الرؤوف العيادي وعبد الرزاق الكيلاني ونجيب بن صالح ومحمد النوري ومنذرالشارني وسعيدة قراش ونور الدين البحيري . كما استمع وكيل الجمهورية الى افادة الأستاذ رشيد خشانة رئيس تحرير جريدة « الموقف » وعضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي.
 
وقال الأستاذ الشابي في اجابة على سؤال حول قراءته لهذا الإستدعاء في هذا التوقيت بالذات « أنا أ ستغرب هذا الإستدعاء الذي ليس له ما يبر ره من الناحية القانونية ، خاصة ان ادارة تحرير الصحيفة لم تغيرالمطبعة وانما اضطرت الى القيام ببعض الأعمال الجزئية (معالجة نصوص وتركيب ) لدى شخص أ خر قبل ان تعيد المسودة الى نفس المطبعة التي قامت بعملها كالمعتاد ،وهو ما يوحي بأن الأمر يتعلق بضغوط سياسية ومالية تمارس على الصحيفة منذ زمن » . واعتبر أن « الهدف منها هو خنقها ومنعها من القيام بواجبها الإعلامي والنضالي، كما يد ل على ضيق صدر الحكومة بالرأي المخالف ولو كان في كنف القانون و الإحترام والمهنية « . ولم يستبعد ان تكون « هناك علاقة بين هذا الإستدعاء في هذا التوقيت بالذات ومشاركتنا بمعيّة قيادات سياسية وحقوقية تونسية أخرى في لقاء مع أعضاء البرلمان الأروبي بستراسبوربغ ، لكن الأكيد أن ذلك وغيره لن يثنينا عن المضي قدما في القيام بواجبنا الإعلامي والسياسي الوطني من أ جل مصلحة تونس ومستقبل أبنائها » .
 
وأذاعت الخبر قناة « الجزيرة » كما أ وردت وكالة « رويترز » العالمية للأنباء في برقية لها تعت عنوان « السلطات التونسية تحقق مع زعيم بارز من المعارضة » أن « السيد نجيب الشابي أمين عام العزب الديمقراطي التقدمي أحد أبرز أحزاب المعارضة في البلاد مثل يوم الاثنين أمام النيابة العمومية للتحقيق معه بشأن مخالفة صحفية » . وأشارت إلى أ ن نحو15 محام اغلبهم معارضين للنظام حضروا مع الأستاذ الشابي. وأضافت أن « الحزب يصدر بانتظام صحيفة الموقف » كل يوم خميس وتوزع في اغلب مناطق البلاد وتطبع نعو عشرة آلاف نسخة أسبوعيا . واتهم رشيد خشانة رئيس تحرير الصحيفة سلطات بلاده بالسعي لعرقلة نشاط الحزب .
 
وقال لرويترز « هذا الإجراء يهدف لعرقلة الحزب من خلال منع إيصال صوته إلى الجماهير و إسكات منبر إعلامي حر » . لكن الحكومة التونسية تؤكد باستمرار أن حرية الصحافة متاحة وأنها تقدم دعما ماديا لصحف المعارضة ويقول الحزب إن المنح الحكومية تستثني صحيفة « الموقف ». وقد علمنا أن القضية حفظت يوم الإربعاء صباحا . والحزب الديمقراطي التقدمي معترف به من قبل الحكومة غير أنه ليس ممثل بأي نائب في البرلمان التونسي. وفي تونس تسعة أحزاب معارضة معترف بها.
 
(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 376 بتاريخ 6 أكتوبر 2006)


عائدون من لبنان:

الإستعداد الجيد و الإلتفاف الشعبي وراء إنتصار المقاومة

محمد فوراتي
 
زار عدد من ممثلي الجمعيات والأحزاب التونسية لبنان في الأيام الأخيرة من الحرب وأثر انتهاء العدوان وشاهدوا آثار الدمار كما حملوا انطباعات عن المقاومة و الصمود والخريطة السياسية في لبنان. و للاستفادة من شهادات بعض من زاروا لبنان في هذه الفترة وجه منتدى الجاحظ الدعوة إلى عدد منهم في أمسية رمضانية حضرها عدد كبير من الجمهور.
 
الدكتور خليل الزاوية ذهب إلى الأراضي اللبنانية ضمن وفد يتركب من ممثلين عن الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة و عمادة المحامين والنساء الديمقراطيات و راد أتاك. وانتقل الوفد عبر دمشق وهو ما استغرق 7 ساعات كاملة للوصول إلى بيروت بسبب الدمار الذي طال جميع الطرقات والجسور. قام الوفد بزيارة الضاحية ومدن الجنوب كما التقى ممثلين عن حزب الله وحزب الشعب والنسيج الجمعياتي اليساري المستقل والتقى كذالك ميشال عون وسليم الحص.
 
و شبه الدكتور الزاوية الضاحية الجنوبية ببرلين بعد الحرب العالمية الثانية حيث طال الدمار كل ركن فيها كما شبه الجنوب و خاصة مرجعيون ومارون الرأس (بستالين غراد) اثر الحرب العالمية الثانية ، إذ إختفت البيوت من على وجه الأرض وعم الخراب كل القرى التي كانت آهلة بسكانها . ويضيف « رغم هذا الدمار لاحظنا التزام المواطنين التام بشعارات المقاومة ولاحظنا قدرة حزب الله على تعبئة المواطنين إلى درجة أن كل اللاجئين عادوا إلى قراهم ومساكنهم عشية انتهاء الحرب وعادوا مع اقتناعهم التام وليس تنفيذا لتعليمات حرفية من حزب لله كما لاحظنا وهذا شيء يبهر عدم وجود أي نهب أو سرقات إلى درجة أن مصاغة في الضاحية الجنوبية وقد طالها الدمار كان يمكن لأي كان أن يسرقها ولكن التزام المواطنين جعلها آمنة ». و يؤكد الدكتور الزاوية أن حزب الله نجح في تحويل الصراع من صراع بين المقاومة و إسرائيل إلى حرب بين لبنان وإسرائيل والمؤكد أن حزب الله استطاع الصمود لان له سندا شعبيا كبيرا. فلأول مرة في بلد عربي تنتهي هجمة إسرائيلية بالفشل و لكنه فشل هذه المرة بإرادة شعبية. هناك مستوى كبيرا من الوعي والمسؤولية والوطنية. فخلال أول يوم زرنا فيه بيروت شهدنا موكب دفن جماعي ضم مناضلي حزب الله والحزب الشيوعي وهو أمر يدل نعلا على وحدة وطنية في مواجهة العدوان .
 
الملاحظ أيضا أن هناك وضوحا في الخارطة السياسية فالمنضوون تحت خط المقاومة معسكر واضح المعالم والطرف المقابل كذلك يعبر عن نفسه بكل وضوح وعلى أساس سياسي لاديني و لا طائفي. من الأشياء التي خلدت بالذهن أيضا ما أكده الدكتور الزاوية من الحضور النسائي القوي في عديد المجالات الصحية والإنسانية و الإعلامية. فإذاعة النور وفضائية المنار وعديد المؤسسات الإعلامية الأخرى تتكون في الغالب من النساء. وقد تحدث الوفد ويضم عضوات بجمعية النساء الديمقراطيات مع رئيسة تحرير في فضائية المنار و كانت تتميز بكثير من الانفتاح و المسؤولية .
 
من جهته أكد الاستاذ عصام الشابي الذي زار لبنان في وفد من الديمقراطي التقدمي أن الانتصار أعطى نفسا جديدا لاختيار منهج المقاومة وهذا ما ظهر جليا خلال لقاء الوفد مع ممثلي حركات المقاومة في العاصمة السورية دمشق . فحركات المقاومة كانت تشعرانها شريكة في اختيار منهج المقاومة و انها شريكة في الانتصار. كانت عملية البناء قد بدأت بسرعة ولكن آثار العدوان مازالت ظاهرة وخاصة في الضاحية الجنوبية . ويؤكد الشابي أن الدمار كان كبيرا و هو ما جعل عمليات إزالة آلاف الأطنان من الأنقاض تأخذ حيزا واسعا من اهتمام المقاومة. وتكشف هذه الأطنان من الأنقاض عن شراسة المعتدي ولكن أيضا عن هزيمته . فقد صرح المواطنون اللبنانيون للوفد أن شراسة القصف كانت تزيدهم اقتناعا بفشل الجيش الإسرائيلي في الجنوب . في زيارة الوفد لمدن الجنوب كانت اغلب المساكن قد اختفت كما كانت الآثار واضحة على شراسة المعارك التي خاضتها المقاومة. وقد التقى الوفد مع عدد كبير من المسؤولين في الفصائل المقاومة ومنهم مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله . و كان من بين الاستنتاجات التي رسخت في الذهن أن هذا الحزب يحمل القضية الوطنية والقومية وان كان ينشط في طائفته. إنه حزب عقائدي يؤمن أن هذا النصر هو نصر ألاهي. فقد كانوا يقولون « أخذنا بالأسباب ونشعر أننا نصرنا الله فنصرنا ». ويعتبر حزب الله أن المساندة الكبيرة التي لقيها في الشارعين العريي والإسلامي هي انتصار ثان للامة. ومن عوامل النصر أيضا الشخصية الأسطورية والمحبوبة لحسن نصر الله. .يكفي أن الناس قاطعوا أعمالهم استجابة لنداء مهرجان النصر الذي ظهر فيه السيد لأول مرة للعلن بعد انتهاء الحرب .
 
كما التقى الوفد كذلك مع سليم الحص و ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر يقول عصام الشابي أن تيار ميشال عون كان يمثل الدعم الذي لا ينتهي لحزب لله . وهو حريص على تثبيت هذا التحالف كما أن عون رجل حرب وكان يعرف قدرات حزب الله القتالية واستعداداته و صرح أنه تاكد منذ اليوم الثالث أن العدوان سيكون فاشلا . ويضيف الشابي « لقد شعرنا أن حزب الله أخذ كل احتياطاته مبكرا لخوض هذه الحرب ورغم ذلك لم نلاحظ أي وجود مادي لمقاتلي الحزب في الجنوب .. وعندما سألنا أين حزب الله قيل لنا أن كل الناس في الجنوب حزب الله… فالكل كان مدربا وكل إنسان يعرف دوره في المعركة ..كانت إمكانيات حزب الله تفوق في كثير من الأحيان إمكانيات الحكومة .. حتى أن إعادة البناء و التعويض للمواطنين كان يقوم بها حزب الله .
 
من المؤكد أن التفاف الناس حول هذه المقاومة كان السبب الحقيقي في تماسكها وقوتها .فمن بين اللقطات التي بقيت عالقة في الذهن ما ذكره المتحدث ، فعند اشتداد المعارك في الجنوب غادر كل السكان احدى القرى وكان آخر المغادرين المؤذن في مسجد القرية بعد مغادرة المؤذن تفاجأ المقاتلون بأن الأذان مازل يبث في أوقاته وكان لغزا محيرا لهم. بعد انتهاء الحرب اكتشفوا أن شابا شيوعيا كان في السجون الاسرائيلي ورفض المغادرة كان يتولى وضع شريط مسجل في موعد كل آذان حتى يستأنس المقاتلون ولا يعتقدون بخلو المكان من الناس وحتى لا تضعف عزيمتهم. من هذه اللقطات أيضا الوفد وقف أمام فيلا كبيرة فسألوا عن صاحبها فقالو انه طبيب لبناني مشهور عرف عنه انه رفض تلقى أي مساعدة عند المسح الذي قامت به المقاومة بعد انتهاء الحرب بل انه تبرع بخمسين ألف دولار للمساهمة في إعادة الأعمار وكثير من اللبنانيين الميسورين كانوا يتبرعون بسخاء .أما تلفزيون المنار فتحول بعد تدمير مقره الرسمي إلى استيديوهات متنقلة فكان لقاء الوفد مع القناة مثلا في قاعة لعرض الأثاث وهكذا تحولت كل الأماكن العامة والخاصة إلى غرف بث تعج بالصحفيين .
 
(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 376 بتاريخ 6 أكتوبر 2006)


أساتذة يصرخون
عبد الجليل بن خميس
 
يطلق حاملو وحاملات شهادة الأستاذية وبمعدلات نجاح تقارب أحيانا ال 14 الذين استغلت الحكومة البطالة المفروضة عليهم منذ التخرج فشغلتهم شهورا وشهورا مدرسين ومدرسات في مجال تعليم الكبار وبأدنى الأجور، يطلقون صرخة عالية سائلين دولة القانون والعدل وحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص … حقهم في أولوية الانتداب المباشر للعمل والإنتاج بالمؤسسات التربوية (أو غيرها) على غرار إخوانهم القائمين بنيا بات في المدارس الابتدائية. إن الدوس على الحق المنشود يعتبر من قبيل الاستغلال والقهر الدخيلين على القطاع العام وبالتالي فهم يناشدون سيادة رئيس الجمهورية وكل الوطنيين المخلصين في صلب الإدارة وخارجها ونقابات التعليم العمل على إنصافهم ووضع حد لحال البؤس والذل والمهانة التي يكابدونها ويكابدها كل حامل لشهادة جامعية طالت بطالته وهو من أبناء سواد الشعب الكادح في الجهات الداخلية خاصة وأرجاء البلاد عامة ،حال يؤثر في الحجر لو كان به ذرّة من إحساس ،حال جعل أفراد الأسر المكتوية بنيرانه ومحيطهم يكفرون بالتعليم وألوان مآسيه ،حال لا يختلف عاقلان في كونه يجفف غصبا جذور الانتماء إلى الوطن ،وهنا تكمن الكارثة .
 
تلك صرختهم المدوية من سياط القهر الذي يحترقون -عافاكم الله – بها في كلّ لحظة. سياط انسداد الأبواب ، سياط المحسوبية ،سياط بيع الوظائف الجاري على كل لسان ، سياط العيش عالة على آباء مسحوقين أصلا بجشع التجار والمقاولين ، سياط شهادة جامعية قدر لها أن تصبح مدخلا لجحيم لا يطاق بعد أن كانت على مر الأزمان مفتاحا لولوج عالم المساهمة في البناء و الإبداع ،سياط مرارة الغربة في أرض الوطن ، سياط الحث على الانتحار. فهل من مغيث في تونس الولادة للأبرار؟ مغيب حكيم يقدر هول سوء الحال ونذير أبعاده ، ويوقف بصدق وطنيته وقوة سند العقلاء نزيف جريمة فظيعة ترتكب في حق البلاد والعباد، ألوان نتائجها المدمرة لأمن الجميع واضحة وضوح الشمس لمن يرى. وأما من أعمتهم – وقاكم الله – الأنانية وتكديس الأموال فنحيل مسامعهم إلى الويل الوارد في سورة التكاثر ونحيلها أيضا إلى صرخة تصم الآذان وتدو يعلى الدوام من باطن الأرض : صرخة الأم الطيبة « خميسة المنتصر » التي أقدم ابنها الشاب المتعلم على ذبحها وبوحشية لا توصف ليسطو على قبضة من مال بعضها أمانة لديها، وهل يتورع عن تدمير المحيط و مافيه من سوّلت له نفسه ذبح الأم وبدم بارد؟
 
(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 376 بتاريخ 6 أكتوبر 2006)
 

بسم الله الرحمان الرحيم

و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين

   تونس في 10 أكتوبر 2006

 

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

كاتب عام جمعية الوفاء

الرسالة 142 على موقع تونس نيوز موقع الحرية

ذكرى غزوة بدر الكبرى و نزول القرآن الكريم

رسالة للتاريخ بعنوان التسامح و العفو و الصفح إلى سيادة رئيس الجمهورية التونسية

بعد مشاعر الإمتنان و التقدير وواجب التهنئة في الشهر الكريم شهر الرحمة في العشرة الأوائل و المغفرة في الوسطى و العتق من النار في العشرة الأخيرة شهر فيه ليلة خير من ألف شهر أي خير من عبادة 84 سنة  شهر التسامح و الرحمة و الصفح

سيادة الرئيس

إستمعنا ليلة دخول الشهر المبارك لكلمتكم عبر شاشة التلفزة و على أمواج الاثير و هي كلمة عودتمونا بها منذ التغيير وقد تضمنت معاني سامية و مشاعر رقيقة نحو الشعب داخل البلاد و خارجها و أهم ما جاء فيها حرصكم الدائم و دعوتكم الملحة لسلوك مسالك التسامح و التحابب و التضامن و الرحمة و مدّ جسور التضامن الإجتماعي و التأكيد على مدّ يدّ المساعدة لضعاف الحال و دعم موائد الإفطار كل هذا شىء جميل و رائع

سيادة الرئيس

كنت وجهت إلى سيادتكم عبر موقع الأنترنات تونس نيوز منذ يوم 26 ديسمبر 2005 إلى يوم 19/09/2006 حوالي 12 رسالة و هذه الرسالة رقم 13 في ظرف 10 أشهر تضمنت عديد المقترحات و الخواطر و الافكار و الآراء الحرة بشجاعة المناضل الدستوري الأصيل و بأخلاق الوطني الغيور و بأسلوب المؤمن بالله و كتابه و رسوله الكريم و قلت في الرسالة رقم 12 أنها الرسالة الأخيرة من 26 ذي الحجة 2005 إلى 26 شعبان 2006 بالأشهر القمرية و اعتبار لأهمية الحدث و المناسبة الدينية العظيمة و شهر الرحمة و المغفرة و العتق من النار شهر نزول القرءان الكريم جملة واحدة في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر … في هذا الشهر العظيم الذي هو أعظم و اسمى و أكرم الشهور تتجلى فيه معاني التضامن و تسمى فيه الروح الطاهرة و تفتح فيه أبواب الخير و تتطهر فيه النفوس و تعلوا فيه الأخلاق السامية و تتضاعف فيه أعمال الخير للتقرب إلى الله عزّ و جل في هذا الشهر الذي أخصّه الله لأمة النبي الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و فضله على سائر الشهور و الأزمنة هذا الشهر الذي يتسابق فيه أهل الخير و الصلاح و الهداية لمضاعفة أعمال الخير و هكذا كان يفعل السلف الصالح و الأمراء و الحكام و أصحاب القرار و بهذه المناسبة الكريمة و الشهر الفضيل أجدد إلى سيادتكم إقتراحاتي السابقة بضرورة إجراء عفو تشريعي شامل بمناسبة قرب الذكرى التاسعة عشرة للتحوّل 7 توفمبر 1987 و أعتقد أنّ افضل مناسبة و أعظم ذكرى و اسمى موعد و أكبر تاريخ هو من 17 رمضان ذكرى غزوة بدر العظمى إلى 27 رمضان ليلة القدر المحفوفة بالاسرار الربانية و اللطف الإلاهي و الرحمة من الرحمان الرحيم و بهذه المناسبة السعيدة نرجو أن تعلن يا سيادة الرئيس على العفو و الصفح و هو من شيم الكرام

و يكون يوم الجمعة السابع و العشرين من شهر الرحمة و نزول القرآن هو يوم الإعلان عن العفو يوم الجمعة هو يوم مفضّل يصادف يوم 27 رمضان المبارك و ليلة العيد المبارك التي تسبق الذكرى التاسعة عشرة للتحول بنصف شهر بالتحديد تكون ليلة العيد هي ليلة التسامح و الصفح و العفو في تونس و هذا ليس بالعسير و لا بالعزيز عليكم و قد لاحظنا حتى في الدول المجاورة إلينا في المغرب و الجزائر و ليبيا هناك مبادرات و قرارات هامة و مواقف لطي صفحة الماضي و العفو و الصفح و التسامح اصبح هو الطريق الوحيد في عالمنا العربي و قد خطت المملكة المغربية خطوات كبيرة في هذا المجال بل كرّس الملك محمد السادس حفظه الله مفهوم العفو و الصفح و جبر الضرر المعنوي و المادي و اطلق سلسلة من الندوات و الحوارات حول هذا الموضوع و في الجزائر أيضا المبادرات عديدة في هذا المضمار وواضحة و في الجماهيرية الليبية هناك نوايا طيبة لطي الصفحة

سيادة الرئيس

إنّ رسالتي رقم 13 لها مدلول هام و معنى سامي فالرقم يوحي بأرقام دينية و أخلاقية ووطنية أولا الآذان للصلاة عددها ثلاثة عشر كلمة،  ثانيا تقسيم البلاد إداريا في عهد الاستقلال لثلاثة عشرة ولاية  ثالثا إنتخاب أعضاء الديوان السياسي عددهم ثلاثة عشر عام 1959، رابعا إصدار مجلة الأحوال الشخصية و تحرير المرأة ثلاثة عشر أوت، خامسا استشهاد الزعيم الهادي شاكر رحمه الله ثلاثة عشر من سبتمبر

سيادة الرئيس

و انا استحضر هذه المعاني تذكرت حكمة سيدنا عمر بن الخطاب البليغة في تصريف الأموال حيث قال حكمة هامة إذا دعتك قدرتك لظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك هذه الحكمة معلقة في عديد مراكز الأمن و الإدارات و هي صالحة من عهد عمر الفاروق إلى يوم القيامة

كما تذكرت رسالته الشهيرة إلى عمر إبن العاص والي مصر قال له فيها كم عندك في الولاية خصوم قال له 3 أجابه أمير المؤمنين هذا شىء كثير ففهم الوالي المصلح و حاول كسب أحدهم و أعلم أمير المؤمنين بذلك فقال له أمير المؤمنين  إثنان كثير فكسب أحدهم و أعلم إبن الخطاب رد عليه حاول ربح الثالث …

و في مناسبة أخرى كان أمير المؤمنين جالسا و بجانبه سيدنا علي كرّم الله وجهه و رضي الله عنه فأغضبه نفر من الحاضرين و انفعل أمير المؤمنين و همّ برد الفعل فذكره إبن عم الرسول الأكرم بالآية القرءانية خذ العفو و أمر بالمعروف و اعرض عن الجاهلين صدق الله العظيم فابتسم عمر و ردد الآية و عفا عن صاحبه .

سيادة الرئيس

لعلّ هذه الرسالة تأتي بالنتائج المرجوة لصفاء المناخ في وطني العزيز و تعزز جانب التسامح الذي أشرتم إليه يا سيادة الرئيس في كلمتكم ليلة حلول شهر رمضان المعظم  قال الله تعالى و لا تستوي الحسنة و لا السيئة أدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه و لي حميم و ما يلقاها إلا الذين صبروا و ما يلقاها إلا ذو الحظ عظيم صدق الله العظيم

ملاحظة هامة : أدخلوا الفرحة يا سيادة الرئيس على قلب أمي حبيبة ليلة العيد السعيدة حتى تجمع بإبنيها التوائم بعد 18 سنة غياب من 1988 إلى اليوم و قد دخلوا السجن في سنّ السابعة عشر في زهرة الشباب و هم اليوم في سنّ الكهولة و أعتقد أنّ المدة كافية للرّدع.

و العفو من شيم الكرام

قال الله تعالى و من عفا و أصلح فأجره على الله صدق الله العظيم

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

كاتب عام جمعية الوفاء

 

الفاتيكان والمسلمون: الحوار المعلّق

أحميدة النيفر (*)
 
تأتي محاضرة البابا الأخيرة في جامعة «راتيسبون» أو « ريقنسبورغ» في مقاطعة بافاريا الألمانية لتؤكد توقعات ومخاوف سبق أن تناولناها في مقالتين في «الحياة» (راجع عددي 7/5/2005 و31/12/2005). ما أعلن عنه البابا نفسه لاحقاً من تصحيح لما ورد في المحاضرة وما ذكره بعض المسؤولين في الفاتيكان وما يمكن أن يصدر مستقبلاً ليس بقادر على أن يغيّر من الخط الجديد الذي انخرطت فيه بوعي القيادة الروحية الحالية للكنيسة الكاثوليكية.
 
لقد رحل البابا يوحنا بولس الثاني تاركاً أمام خلفه ثلاث معضلات كبرى لا مفرّ من مواجهتها:
 
1- الحاجة إلى إعادة تنظيم الإدارة البابوية المعروفة باسم: (La Curie) والتي أضحت تشكو من تضخّم عددي وتشابك مرير في التوجّهات والرؤى والمصالح.
 
2- ضرورة التصدّي للتراجع الأكيد لفاعلية الخطاب الكاثوليكي في أوروبا نتيجةإعراض واضح عن جانب مهم من تعاليم الكنيسة وقيمها وأنظمتها الطقوسية
 
3- حتمية مواجهة التحدّي المتواصل لحراك ديني صادر من خارج أوروبا إمّا من بلدان العالم الثالث والمتعلّق بالإسلام والمسلمين أو من ثقافات القارّتين الإفريقية والآسيوية ومعتقداتهما وإما من الولايات المتحّدة عبر نشاط تبشيري مكثّف لمذاهب مسيحية غير كاثوليكية.
 
جماع هذه المعضلات يتعلّق باستشراف مستقبل الكنيسة في أوروبا والعالَم. 
 
ما أثبتته المتابعة المتأنيّة لمسيرة البابا بينيديكتوس السادس عشر حتّى قبل أن يُنتخب حبراً أعظم هو أنه ومجموعة من رجال الدين الكاثوليك يستشرفون المستقبل من دون رؤية تركيبية للذات بحاضرها وماضيها في علاقتها بالآخر أي من دون القيام بمراجعة حقيقية للإرث العقدي والفكري، وهذا الوضع أذكى لديهم تنكّرا أكبر للعالَم من حولهم وإحجاماً أشدّ عن أيّ تواصل إيجابي مع الإسلام، أقرب الرسالات إليهم ثقافياً.
 
ما استقر عليه رأي البابا الجديد ومن معه ومنذ زمن لمواجهة المعضلات الثلاث الكبرى هو ضرورة التخلّص من معوّقات المحافظين التقليديين في الكنيسة من جهة والقطع مع دعاة الانفتاح والتجديد من رجال الإصلاح في داخل الحرم الكنسي من جهة أخرى.
 
في موازاة ذلك كانت أولى سمات هذا التيار الجديد هي مهمّته الرسالية التي ليست لها غاية إلاّ استعادة أوروبا «عافيتها المهددّة بتفسّخ كامل» نتيجة ضياع المعنى وتنكّر للإيمان. في هذا يقول الكاردينال راتسينغر قبل أن يصبح الحبر الأعظم في محاضرة له في برلين في 28/11/2000: «يعاني الغرب من تنكّرٍ حاقد على الذات هو أقرب إلى الحالة المَرَضيّة. إنه في انفتاحه المتفهّم للقيم الوافدة عليه أضحى كأنّه يكره نفسه إذ لم يعد يرى في تاريخه إلاّ كلّ نقيصة تحطّ من شأنه وتهدّم من كيانه. لقد فقد الغرب كل قدرة على إدراك ما عظُم من الأمور وما خلُص منها. ما تحتاجه أوروبا إن أرادت لنفسها النجاة هو استساغتها لهويّتها، استساغة متواضعة ونقدية. أمّا ما نشاهده من تشجيع مشبوب للتلاقح الثقافي فإن مآله في الغالب حالة تَخَلٍ لأوروبا عن خصوصيتها ونبذٍ لذاتيتها».
 
لهذا لم يكن من المستغرب أن يستشهد البابا في محاضرة جامعة «راتيسبون» بالأمبرطور البيزنطي منويل الثاني باليولوغوس (1350 – 1425). كان الأمبراطور العالم يجادل المسلمين في دينهم في زمن عصيب يعاني فيه من ويلات حصار العثمانيين لملكه وتهديهم لكيانه السياسي والديني من جهة ومن عدم اكتراث ملوك أوروبا وكنيستها بمصيره وإهمالهم مساعيَه الحثيثة في طلب نجدتهم. لذلك فإذا كان الفاصل الزمني بين البابا والأمبرطور البيزنطي تجاوز ستة قرون فإن ما يجمع بينهما في مستوى الشعور هو هذا الإحساس المُقِضّ بأنّ الكنيسة في حالة حصار يتطلّب تحصينا وحماية متواصلين. تلك هي إحدى خلفيات السياق الجديد الذي يسعى فيه البابا إلى إنقاذ أوروبا من براثن نبوءة مشبوهة للمؤرخ «برنار لويس» التي قرعت مسامع الكثيرين والتي ذكر فيها أنّه: «لن ينقضيَ هذا القرن حتى تصبح أوروبا مسلمة».
 
من ثم جاز للبعض أن لا يرى فارقاً بين وضع كنيسة روما اليوم وكنيسة بيزنطة بالأمس، إذ تبدو الحصون في الحالتين مهددة من الداخل ومن الخارج على رغم كلّ ما اعترى جوانب أخرى من المشهد من تغييرات جذرية لا يمكن أن يغفل عنها أيّ تشخيص موضوعي للسياق الأوروبي المعاصر.
 
لذلك فإن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن هذا التوجّه الحمائي الذي انخرط فيه خطّ البابا والمحافظين الجدد في كنيسة روما لم يبق من دون تأسيس نظريّ جلب لهم إنصات عدد من المفكرين الأوروبيين وأحياناً تقديرهم.
 
لعلّ أفضل مثال عن هذه المتانة الفكرية التي حرص عليها البابا وهو المبرّز في المجالين اللاهوتي والفلسفي تمثّل في حواره الطويل مع الفيلسوف الألماني الكبير «يورغن هابرماس» ضمن لقاء فكري دعت إليه الأكاديمية الكاثوليكية لبافاريا في مدينة ميونيخ في كانون الثاني (يناير) 2004. نُشر الحوار الذي تناول «الأسس الأخلاقية للفكر السياسي في الدولة الليبرالية»بعد ذلك في مجلّة «إيسبري» (Esprit) الذائعة الصيت في عدد تموز (يوليو) 2004 ليؤكد جملة من الأمور كان في مقدّمها ذلك الاختيار التأصيلي لتيار الكاردينال «يوسف راتزينجار» : لا مجال لمهمّة الكنيسة الرسالية أن تتجسّد إلا بحضور فعليّ واستيعاب حقيقيّ للتوجهات الفكرية والفلسفية في الغرب المعاصر. عندئذ وعندئذ فقط يمكن للكنيسة الكاثوليكية أن ترفع عقيرتها بالشعار الذي يلخّص مهمّتها الرسالية المعاصرة: «من دون المسيح لن تكفيَ أنوار العقل لإضاءة سبيل الإنسان والعالَم».
 
من جهة ثانية فإن ذلك الحوار الثريّ كان في تناوله لأزمة العقل والدين في المجتمعات المعلمَنَة في ما بعد الحداثة يتجاوز المدرسة الوضعية تجاوزاً حدّيًّا في قولها بالفصل بين المجال النظري وما اتصل به من مسائل الطبيعة والعلوم الدقيقة وبين المجال العملي وما ارتبط به من قيم ذاتية كالدين والأخلاق والحريّات. كان من أهمّ ما تناوله كلٌّ من الفيلسوف ومن رجل الدين في ذلك الحوار هو نقد فلسفة الأنوار وما تولّد عنها من إدخال العقل في المجتمع إلى درجة أدّت في القرن العشرين إلى تحطيم القيم التي أسّسها العقل وإلى حروب ودمار ومحارق. ما يشهد عليه ذلك الحوار هو أن «هابرماس» في تطويره لفكر «مدرسة فرنكفورت» وفي تجاوزه لفلسفة «أوغوست كونت» يلتقي جزئياً مع من سيصبح حبراً أعظم للكنيسة الكاثوليكية. إنّه يؤكد أن الفلسفة ملزَمَةٌ بأن تأخذ الدين مأخذ الجِدّ في المستوى المعرفي، هذا في حين يعلن معه الكاردينال راتسينغر رئيس مجمع عقيدة الإيمان عندئذ ضرورة تجاوز انحراف الفلسفة المعاصرة التي ظنّت أن الثورة العلمية المنتصرة تتيح للعقل أن يُحَكَّم في كل المجالات.
 
ما يعنينا اليوم من هذا الحوار هو ذلك المسعى الحثيث لتيار الكاردينال في حضورٍ ومواكبةٍ فعليين ضمن المجال الفكري المعاصر تحقيقاً لريادة يريد أن يكون حقيقاً بها في غرب يسعى إلى تنصيره من جديد.
 
من هنا يمكننا أن نفهم جانباً من قلّة اكتراثه بالحوار بين الأديان عموماً والإسلام خصوصاً. إنها مرّة أخرى مشكلة المركزية الأوروبية في صيغة جديدة.
 
لكن يبقى بعد ذلك جانب آخر لا بد من ذكره بعد توضيح تصوّر البابا الحالي لطبيعة الكنيسة الكاثوليكية باعتبارها مؤسسةً أوروبية بالأساس بنية وفكراً ومستقبلاً. إن ما يُذكي تساؤل الطرف المسلم في شأن الحوار الإسلامي – المسيحي الذي سار في تؤدة منذ ما يقارب نصف قرن هو أن البابا في تعامله مع الإسلام بخاصة ظل على رغم عبارات المجاملة مصرّاً على أن الحقيقة الدينية حكر على الكنيسة وأن لا خلاص للإنسانية خارجها. مؤدّى هذا الموقف المبدئي هو أنّ صدقية الإسلام والمسلمين في مشروع الحوار تصبح غير ذات موضوع، هذا إذا لم نعتبر الحوار مبارزة أو سجالاً إنما رأيناه إثراءً متبادَلاً لتجربتين دينيتين مختلفتين أي إخلاص كلّ جهة لإيمانها وانفتاحاً على الآخر.
 
هذا هو الحوار المعلَّق اليوم، حوارٌ لا يبدو أنّنا، معشر المسلمين، مسارعون إليه لأن المعضلة في هذا المجال هو أن الإيمان يعني – في الغالب – أن مقاربتنا للحقيقة تنفي ثراء مقاربة غيرنا وصدقيتها.
 
الأخطر من هذا هو أنّ انفتاحاً حقيقياً على المسيحية والمسيحيين يبدو متعذّراً إسلامياً لأن ثقافة الحوار شبه منعدمة لدينا اليوم إذ كيف يمكن إرساء حوار مع من اختلفنا معهم في المنطلقات والتجارب ونحن لم ننجح بعد في إقامته مع إخواننا في الملّة والتصوّر والمصير؟
 
(*) كاتب وجامعي من تونس.
 
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 7 أكتوبر 2006)


عن القضاء والحكم العادل الرشيد

عادل الحامدي
 
أصعب اللحظات علي الإنسان أن يقف هكذا في قفص اتهام أمام قاض لا يعرف بأي تهمة تجري محاكمته ولا يستطيع أن يرد اتهامات لا قبل له بها. الإنسان آية من آيات الله في كل شيء حتي في طريقة تعاطيه مع بنات الدهر التي عادة ما يكون وقعها شديد الأثر. وأخطر المهام التي توكل للإنسان أن يتم تحكيمه لحل قضايا يصعب أن يكون فيها نزيها ولا أمينا، خصوصا تلك المتصلة بقضايا الرأي والسباق نحو كرسي الحكم الذي يسيل له لعاب السياسيين منذ أن أوجد الله الخليقة حتي يوم الناس هذا. والقضاة في الدين كما هم في الحياة، منهم من يعرف الحق فيحكم به ومنهم من يعرف الحق ولا يحكم به لضرورة ما ومنهم من لا يعرف الحق فيحكم بما يعرف. خلال قرون طويلة قدم الغرب وقبله قدم المسلمون إسهامات كثيرة لترشيد الحكم في الشأن العام، وسال حبر كثير في التنظير لأصول الحكم بين الناس مستلهمين ما جاءت به الديانات الثلاث في سبيل إقامة العدل بين إدارة الشأن العام علي نحو يضمن الأمن والسلام بين الناس. وباستثناء فترات قصيرة فإن أغلب تاريخ البشرية كان ترجمانا واقعيا لسنة التدافع بين البشر التي أسالت دماء كثيرة وأضاعت جهودا كبيرة ووقتا كان بالإمكان استثماره في البناء والتشييد وفك طلاسم ما تبقي من الوجود المادي غير معلوم. ومع الفتوحات المتواصلة التي تم تحقيقها في مجال ترشيد الحكم واحترام كينونة ابن آدم فإن ما تم سنه من قوانين ودساتير للفصل بين السلطات لم يرق بعد إلي الاستجابة لحاجيات الإنسان المتجددة.
عندما قررت رئيسة الديبلوماسية الأمريكية المرأة السمراء كوندوليزا رايس المنتبهة إلي كل شيء حتي نظراتها، أن تشد أحزمة الرحيل إلي الشرق الأوسط وفي جعبتها حزمة من الإبداعات الأمريكية لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط بناء علي تقسيمه إلي محاور معتدلة وأخري مدمرة، لم تفكر في ابداع واحد لإيقاف فصول المحاكمة التي يتعرض لها عدد من النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي بتهمة التحريض ضد إسرائيل. ولم يخطر ببالها ولا ببال المراهنين علي دورها في الدفع بعجلة السلام أن نوابا من عرب 48 في الكنيست الإسرائيلي أسقطت عنهم الحصانة ويحاكمون بتهم المساهمة في تنظيم رحلات غير قانونية لسورية، وإطلاق عبارات مؤيدة لحزب الله في لبنان علي نحو يفهم منه التحريض ضد إسرائيل.
ويقول نشطاء حقوقيون تابعوا فصول المحاكمة التي تعرض لها النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي، إنه عندما تعجز الأساليب السياسة عن آداء المهمة يتم اللجوء للقضاء حتي لو كان الحكم ديمقراطيا! فالقضية المرفوعة بالأساس ضد النواب العرب لا علاقة لها بجرائم الحق العام ولا بالخيانة بل هي قضايا رأي مما يعني أن المحاكمة سياسية بالأساس.
ومثلها مثل الدول العالمثالثية المحكومة بقانون الطوارئ علي الدوام، فقد عمدت السلطات الإسرائيلية إلي استدعاء هذا القانون من الرفوف وفحص مواده عما إذا كانت فيها من البنود ما يصلح أن يكون مبررا قانونيا لمحاكمة النواب العرب وقد وجد فيها ما يثلج الصدر ويبرر المحاكمة. وبالإستناد إلي قانون الطوارئ رفع القضاء الإسرائيلي الحصانة عن النواب العرب دون الأخذ بعين الاعتبار أن قانون الطوارئ الذي يمنع أي شخص من مساعدة الآخرين بالمغادرة إلي دولة معادية لإسرائيل، لا يسري مفعوله علي من يملك جواز سفر دبلوماسياً وأعضاء الكنيست جميعاً يملكون هذا الجواز. إجراء كان الهدف منه ـ برأي د. عزمي بشارة ـ نزع الشرعية عن النواب العرب في البرلمان الإسرائيلي وضرب الحركة الوطنية في الداخل فقط لأنهم عرب.
ممارسات يصنفها السياسيون والقانونيون الذين تابعوا المحاكمة بأنها تندرج ضمن التمييز العنصري ضد العرب والتحريض ضدهم في دولة تقول عن نفسها بأنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ويتباهي بها أنصارها في العالم العربي علي أنها تحترم حقوق الإنسان علي الطريقة الغربية. وهذه سياسة عامة ـ يقول عنها المراقبون للشأن الإسرائيلي ـ إنها لا تقتصر فقط علي إسقاط الحصانة عن نواب عرب منتخبين وفق النمط الديمقراطي الغربي ـ الإسرائيلي ومحاكمتهم علي غير ما يسمح به القانون بل هي سياسة طالت حتي المساجد التي تحول عدد منها إلي متاحف.
ويكاد يجمع المراقبون لوضع عرب 48 في الأراضي الفلسطينية الذين يعيشون تحت نير الاحتلال أن أغلب هؤلاء يعيش تحت وطأة قوانين لا تعترف لهم بحقوقهم الأساسية وأهمها حرية التعبير التي قد تودي بحياة عزمي بشارة ورفاقه إذا استطاع القضاء أن يثبت عليهم تهمة الخيانة لصالح دولة عدو، وهي تهمة يعاقب عليها القانون الإسرائيلي بالسجن المؤبد أو بالموت.
المحاكمة التي يحضرها مراقبون دوليون وتتابعها مختلف الدوائر الإسرائيلية والغربية ذات الصلة بالشأن الإسرائيلي ـ الفلسطيني تمثل برأي المراقبين أحد أبرز المعالم الدالة علي طبيعة العلاقة التي تحكم الإسرائيليين بالفلسطينيين، وهي طبيعة استعلائية تحترمك في حدود تنفيذ ما تمليه سلطة الغلبة، أما إذا تجاوز الأمر إلي موقع المطالبة والاحتجاج ـ كما هو الشأن في حالة النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي ـ فالقوانين الاستثنائية التي يتيحها قانون الطوارئ جاهزة وقابلة للتطويع في أي لحظة.
لم يثبت القضاء الإسرائيلي بالدليل المادي الملموس ـ كما يقول محامو الدفاع عن النواب العرب ـ أن واحدا من هؤلاء ينتمي إلي منظمة أو حركة تصنفها الدوائر الإسرائيلية أو الغربية أو الدولية ضمن الحركات الإرهابية، ولكنهم انتقدوا تجاوزات عسكرية بحق شعب أعزل بالرأي وبالكتابة في الصحف العربية والدولية وعلي مرأي ومسمع من العالم كله وليس في أقبية أو دهاليز للعمل السري.
وفي حال فشل القضاء الإسرائيلي في الدفاع عن نفسه وتقديم الدليل علي أن من يقوم بمحاكمتهم من النواب العرب في الكنيست هم خونة بحكم القانون وهذا الذي يحصل حتي الآن، فإن المحاكمة ستتحول إلي فضاء لمحاكمات سياسية الهدف منها تصفية خصوم سياسيين لا سلاح لهم إلا الكلمة والمطالبة بالحقوق وفق الآليات الديمقراطية المتعارف عليها في العالم الديمقراطي الحديث.
ليس معروفا ما ستؤول إليه محاكمة النواب العرب في إسرائيل وأي نوع من الحكم سوف يصدر عنها، لكن المؤكد أن الإمعان في سياسة التمييز والتخوين وكم الأفواه ـ في أي دولة كانت ـ لن يؤدي إلي الحكم العادل الرشيد ولا يخلق الأمن والاستقرار بل يزرع بذور الإضطهاد والفتنة، ويقف حجر عثرة أمام الجهود الأمريكية علي وجه الخصوص الرامية إلي صناعة شرق أوسط جديد تعيش دوله في سلام ووئام، بنعومة السياسة وليس بصليل السيوف وفوهات البنادق.
وتتهم أوساط حقوقية من عرب 48 الولايات المتحدة الأمريكية التي تقول علنا بأنها تريد تحقيق السلام في الشرق الأوسط والمساهمة في إقامة أنظمة ديمقراطية تحترم المواثيق الدولية المتصلة بحقوق الإنسان، تتهم هذه الأوساط الولايات المتحدة الأمريكية بالتواطؤ مع أجهزة الأمن الإسرائيلية في حال عدم إيقاف هذا المسلسل القضائي الذي لا يهدف إلا إلي إذلال الفلسطينيين العرب وافتزازهم وتكريس ممارسات عنصرية لا يمكنها إلا أن تنتج المقاومة ورد الفعل.
أخشي ما أخشاه أنني أكتب عن القضاء الإسرائيلي ومحاكمة يحضرها مراقبون دوليون ويكتب عنها كتاب وإعلاميون عرب وأجانب وعن نواب عرب يتحركون داخل المجتمع الإسرائيلي وينتقدون سياسة التمييز العنصري والديمقراطية الزائفة التي لا تصلح إلا لهم، أخشي أنني أعجز أن أكتب بنفس الأريحية عندما يتعلق الأمر بسجناء عندنا أكلوا جرذان الزنازين ومنفيين لم يعودوا يملكون من أوطانهم إلا الأحلام والذكريات، ولا أن أتحدث عما فعلت بنا وبمشاريع الإصلاح قوانين الطوارئ.
كاتب وإعلامي تونسي يقيم في بريطانيا

 
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 10 أكتوبر 2006)

 

الجزائر: نجل بن حاج ليس موقوفاً ومعلومات عن «التحاقه بالجبل»

الجزائر – محمد مقدم    
 
أفادت مصادر مطلعة أن عبدالقهار بن حاج، نجل الرجل الثاني في «جبهة الإنقاذ» المحظورة علي بن حاج، ليس موقوفاً لدى أي جهاز أمني أو قضائي جزائري. وكان بن حاج حمّل الجمعة «النظام المسؤولية الكاملة عن اختفاء» ابنه.
 
ومنذ الإعلان عن «اختفاء» عبدالقهار بن حاج (18 عاماً) فجر الأحد الماضي أجرت الأجهزة الأمنية المختلفة تحريات دقيقة في شأن ملابسات اختفائه. وعلمت «الحياة» من مصادر على صلة بالملف أن الشاب «التحق بالجبل في منطقة قريبة من بومرداس» شرق العاصمة. ولم توضح المصادر احتمال ان يكون يحمل رسالة من السلطات إلى المسلحين، أو أنه قرر الالتحاق بهم رداً على طريقة تعامل الأمن مع والده خلال احتجاجه الشهر الماضي أمام مبنى سفارة الفاتيكان في العاصمة الجزائرية.
 
واعترف علي بن حاج، في بيانه، أن ابنه «تأثر أشد التأثر» لرد فعل قوات الشرطة أمام سفارة الفاتيكان. وإذا كان بن حاج لم يوضح ماذا قال ابنه لاحقاً بعدما عاد إلى المنزل في المساء، فإن مصادر على صلة بالملف قالت ان السلطات تعتقد بان بعض أفراد العائلة «على علم بمكان وجود عبدالقهار»، وشددت التأكيد على أن مصالح الأمن الوطني «مصممة على معرفة خلفيات هذه الإساءة» إليها.
 
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 9 أكتوبر 2006)


مصر تمنع مرشد الاخوان المسلمين من السفر

 
القاهرة (رويترز) – قال مسؤول في جماعة الاخوان المسلمين بمصر يوم الثلاثاء ان السلطات منعت المرشد العام للجماعة محمد مهدي عاكف من السفر الى السعودية لاداء العمرة.
 
وقال مسعود السبحي مدير مكتب المرشد لريترز ان عاكف طلب تصريحا من السلطات بالسماح له بأداء العمرة باعتبار أن اسمه مدرج على قوائم الممنوعين من السفر لكن الطلب رفض.
 
وقال « أبلغناهم منذ أكثر من ثلاثة أيام وكان هناك رفض مبدئي ولكنهم أبلغونا (قائلين) سنعيد النظر وسنرد عليكم وجاء الرفض في الساعة الواحدة صباحا (اليوم الثلاثاء). »
 
وأضاف « هذا أمر بشع. المفروض أنه لا يمنع أحد من زيارة بيت الله. »
 
وكان مقررا أن يرافق السبحي المرشد العام في العمرة ومعهما مسؤول ثالث في الجماعة.
 
ولم يتسن الاتصال بمسؤولي وزارة الداخلية للتعقيب.
 
وجماعة الاخوان هي أقوى جماعات المعارضة المصرية ويشغل أعضاء فيها 88 مقعدا في مجلس الشعب خاضوا الانتخابات التشريعية العام الماضي كمستقلين لان الحكومة ترفض السماح للجماعة المحظورة منذ عام 1954 بتشكيل حزب.
 
ويتكون مجلس الشعب من 454 مقعدا ويهيمن عليه الحزب الوطي الديمقراطي الحاكم.
 
وتحتجز السلطات أعضاء في جماعة الاخوان من وقت الى اخر واحتجزت مئات منهم خلال الانتخابات التشريعية الماضية لكن معظمهم أطلق سراحهم.
 
وتعمل الجماعة في حدود معينة لكنها توجه انتقادات شديدة للسياسات الحكومية.
 
وقال السبحي ان الجماعة ستتخذ اجراء ضد منع المرشد من السفر.
 
وقال « نحن بصدد اتخاذ أمر في هذا الشأن… اما من خلال البرلمان أو القضاء لان هذا حق يكفله الدستور لجميع المواطنين. »
 
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 10 كتوبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
 

 

عن حماس والديمقراطية وفقه الهدنة

 
د. عبدالوهاب الافندي (*)
في آخر مبادراتها عرضت حركة حماس وحكومتها بقيادة إسماعيل هنية القبول بدولة فلسطينية داخل حدود عام 1967، مقابل هدنة مع إسرائيل لا تشمل الاعتراف. وتستوحي حماس هنا علي ما يبدو الفقه الإسلامي التقليدي الذي يستند إلي سابقة صلح الحديبية والهدنة التي عقدها الرسول صلي الله عليه وسلم مع مشركي مكة وكانت مدتها عشر سنوات. وقد استنتج الفقهاء من ذلك جواز الهدنة مع العدو المحارب علي أن لا تتجاوز الهدنة عشر سنوات.
 
هناك كما لا يخفي هنا خلل كبير في هذه القراءة شبه الحرفية لسابقة صلح الحديبية، وهي قراءة تلغي المعني الحقيقي لتلك الواقعة وأسلوب التعامل الذي استنته. ذلك أن مجرد القول بأن المسلمين لن يقبلوا بصلح إلا بشرط من هذا النوع يغير من طبيعة الصلح، إذ يعلن للطرف الآخر النية المبيتة للعودة للصراع بصورة حتمية، وبغض النظر عن التزام الطرف الثاني بتعهداته. أي بمعني آخر أنت تقول للعدو إنني أقبل بالهدنة لأنني ضعيف الآن، ولكنني متي ما أصبحت من القوة بحيث أعاود الكرة فإنني سأنقض عليك. وليست المشكلة هنا هي أنه لا يوجد عدو بهذا الغباء بحيث يقبل بصفقة من هذا النوع، بل هناك مشكلة أعمق، لأن مثل هذا الموقف يتناقض مع أسس أخلاقيات الإسلام في التعامل. فالرسول الكريم عليه الصلاة السلام ما كان ليستصحب نية العدوان وهو يعقد الصلح، وإنما كان يتعامل بحسب الواقع والظروف ويأخذ مطالب الطرف الآخر في الاعتبار. وهناك بالطبع عامل آخر لا يتوفر اليوم، هو الوحي. فقد كان الرسول يتصرف هنا مستنداً علي وحي إلهي، ولهذا لم يقبل اعتراضات غالبية أصحابه علي شروط الهدنة.
 
هناك أيضاً بعد ثالث، وهو أن صلح الحديبية، والفقه المترتب عليه، يتعلق بموقف جماعي للأمة الإسلامية ككل، ويتحدث عما يلزم الجميع. وحماس أو غيرها من الجماعات لا يمكن أن تدعي هنا أنها تمثل الفلسطينيين كافة، ناهيك عن تمثيل الأمة الإسلامية ككل. ولهذا فإن الاعتقاد بأن أي اتفاقيات توقعها مع طرف ما يضفي مشروعية إسلامية علي مطالب هذه الطرف ليس دقيقاً. صحيح إن المسلمين يسعي بذمتهم أدناهمو، بمعني أن ما يلتزم به عضو من الجماعة (في مجال اختصاصه وصلاحياته) يلزم الكل. ولهذا فإن عقد سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل قد يلزم باقي العرب والمسلمين إذا تم باسمهم وبموافقتهم. أما إذا كان صلحاً منفرداً كما هو الحال في صلح مصر والأردن مع إسرائيل، فإنه لا يلزم إلا أصحابه المفارقين للجماعة.
 
إشكال حماس هنا، وهو إشكال تشاركها فيه كثير من الحركات الإسلامية المعاصرة، يتلخص في هذا التمسك المزدوج بعباءة الأمة من جهة وبالشكل دون المضمون من جهة أخري. فحماس في نهاية المطاف حركة فلسطينية حصرت نفسها طوعاً في هذا الدور، ولا تتحدث بحال باسم الأمة الإسلامية قاطبة، وما تدخل فيه من التزامات يلزمها هي ومن يشاركها ذلك الالتزام دون غيرها. من جهة أخري فإن النظرة إلي فقه التعامل الإسلامي مع الغير في الحرب والسلم من منظور السوابق الضيق، دون النظر إلي القيم العامة، وتقييم السوابق في إطارها، هذه النظرة قد تقيد الحركة بقيود هي من صنع أيديها. وقد صدق المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية حين قال إن عرض حماس بهدنة بدل الاعتراف هو فكرة سخيفة، لأنها فعلاً كذلك. فهذا فهم سخيف للإسلام وقيمه التي لا يمكن أن تتعامل مع الآخرين بمنطق من هذا النوع الذي يقول للعدو إنني مصمم علي القضاء عليك ولكن أمهلني حتي يشتد عودي! فإما أن يستمر المرء في القتال إلي أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً بدون هدنة ولا صلح، وإما أن يعقد صلحاً علي أسس مقبولة بين الطرفين، وهي أسس لا بد أن تعكس ميزان القوي القائم.
 
من غير المدهش في هذا المجال أن نجد أن نظرة حماس إلي الديمقراطية لا تختلف كثيراً عن نظرتها إلي صلح الحديبية، فهي تنظر فيها إلي قواعد جامدة منقطعة تماماً عن محيطها وعن الظروف التي صنعتها. فبحسب حماس (وكثيرين غيرها) إن ما تأتي به صناديق الاقتراع في الديمقراطية هو نتيجة مقدسة علي الجميع أن يركع أمامها ويحترمها، بغض النظر عن الثمن المطلوب دفعه. ويشبه هذا إلي حد كبير نظرية غلاة مؤيدي حرية السوق، القائلين لنا دوماً بان كل ما يأتي به الاقتصاد الحر هو مقدس، حتي وإن دمرت شعوب بكاملها وقطعت أرزاق الملايين. وفي واقع الأمر إنه لا في السوق الفعلية ولا في سوق السياسية المجازية توجد مطلقات. ذلك أن ما يسميه البعض حرية السوق تحرسه قيم ومحرمات (وجيوش) كثيرة. فليست هناك سوق حرة في المخدرات أو الجنس أو الأسلحة، ناهيك عن القواعد الكثيرة التي تمنع الاحتكار والتعامل من الباطن وغير ذلك. إضافة إلي ذلك فإنه لا توجد سوق حرة بدون دولة تحميها، وتقتطع الضرائب وتقوم بالإنفاق في وجوه لا علاقة بها بالسوق، مثل الجيش والسجون والمخابرات والصحة والتعليم.
 
نفس الشيء يمكن أن يقال عن الديمقراطية التي تقوم علي توازن القوي في المجتمع أكثر مما تقوم علي قيم المساواة المدعاة. النظريات الليبرالية التي انبثقت منها الديمقراطية كانت تقوم علي فلسفات مغرقة في مثاليتها وفردانيتها، حيث ظلت تنظر إلي المجتمع باعتباره تشكيلة من أفراد مجردين من كل رابط اجتماعي، يمثل كل واحد منهم وحدة متطابقة (مستهلك، ناخب، مواطن، إلخ). ولكن هذه النظريات تعرضت في القرن ونيف الماضيين إلي نقد لا رحمة فيه من الماركسيين والتعدديين وغيرهم ممن نبهوا إلي بداهة كون المجتمع مشكل من طبقات وجماعات ضغط ومجموعات عرقية ودينية، إلخ. والديمقراطية هي التدافع بين هذه القوي، وبالتالي لا بد أن تعكس التوازن بينها. فالأقليات العرقية والدينية مثلاً لا يمكن أن يكون لها نفس النصيب من السلطة المتاح للطبقات العليا المتحكمة في المال ومواقع النفوذ والهيمنة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية. ولم تحقق تلك الأقليات وضعاً أفضل إلا بعد تغير الواقع الاقتصادي والاجتماعي (زيادة التعليم، الدور المتعاظم في الاقتصاد، الاندماج الثقافي، إلخ). الديمقراطية إذن ليست، رغم الدعاوي الكثيرة، وسيلة مثالية لإعطاء كل ذي حقه، بل هي وسيلة حضارية لحسم الصراعات بدون قتال علي أساس التفاوض والتدافع. وقوة الديمقراطية تأتي من كونها تراعي موازين القوي (بما في ذلك التوازن بين الداخل والخارج) ولا تسعي إلي القفز فوقها، وإلا لتعرضت لهزات تتمثل في الاضطرابات وإضرابات العاملين وحتي العنف والإرهاب.
 
فيما يتعلق بالواقع الفلسطيني فإن الحديث عن خيار ديمقراطي لشعب تحت الاحتلال يحتاج إلي كثير من إعادة النظر، ليس فقط لغلبة العامل الخارجي والاعتماد شبه الكامل عليه في الدعم المعيشي، بل أيضاً لعدم وجود حتي استقلال إسمي هنا. ذلك أنه حتي في الدول المستقلة التي تعتمد علي معونات خارجية كما هو حال دول عربية مثل الأردن ومصر، فإن انتخاب حكومة مستقلة له ثمنه الذي قد يدفع البعض إلي التمرد عليها. ويجب كذلك ألا ننسي أن الدستور الفلسطيني دستور رئاسي، وأن من انتخبوا حماس (ولم يكونوا هم بحال غالبية الفلسطينيين) كانوا قد انتخبوا أيضاً الرئيس محمود عباس أبومازن (وقد كان هذا أيضاً نتيجة لأنه لم تكن هناك أمام الناخبين خيارات كثيرة). إذن هناك تفويض مزدوج للرئاسة والحكومة مما يعني أنه حتي لو أردنا تفسير ما حدث في كانون الثاني (يناير) الماضي بأنه خيار ديمقراطي فإن الخيار لم يمنح تفويضاً مطلقاً لحكومة حماس. وأخيراً فإن هذا الخيار الديمقراطي تم ويتم في إطار اتفاقات أوسلو، وهو ما كان قد دفع بحماس إلي مقاطعة الانتخابات في الماضي لأنها فهمت بحق أن الدخول في الانتخابات هو قبول بمنظومة أوسلو والتزاماتها. ومن هنا فإن دخول حماس في العملية الانتخابية تحت مظلة أوسلو يعني أنها قبلت بتبعاتها وعلي رأسها الاعتراف بإسرائيل.
 
الذي نود أن نخلص إليه هنا هو أن برنامج حماس الحالي يقوم علي أوهام كثيرة وسوء فهم مزدوج للفقه الإسلامي والعملية الديمقراطية والواقع المعاصر. ففي الفقه الإسلامي سعة ومرونة كافية للتعامل مع الواقع بصيغ غير انتحارية. وفي الواقع المعاصر فإن حماس قد انتقلت من وضع مكشوف إلي وضع أسوأ. حركة حماس طرحت نفسها علي أنها حركة مقاومة مسلحة، ولكنها مقاومة ذات فاعلية عسكرية محدودة، حيث أنها لا تملك أسلحة تذكر، ولا تكاد تقوم إلا بعمليات متفرقة هنا وهناك لا تغني غناء عسكرياً. وهي فوق ذلك حركة معروفة الكوادر والمكاتب والمواقع. وهذا يكشف عن عدم جدية كبيرة في المقاومة المسلحة التي تتطلب كوادر سرية وعمليات مكثفة. وكأن هذا لم يكن كافياً فإنها بتسلمها زمام الحكم وضعت علي عاتقها القيام عن الاحتلال بمهمة تنظيم الحياة في الأراضي المحتلة وتوفير الرزق لضحايا الاحتلال. أي أنها تريد أن تحارب الاحتلال وتخدمه في نفس الوقت. وقد أضافت أخيراً إلي هذا العبء عبء التفاوض مع الاحتلال وطرح الحلول السخيفة لإنهائه.
 
إنه من الأفضل لحماس، إذا كانت تريد الاستمرار في خيار المقاومة، أن تنسحب تماماً من عملية أوسلو وتتفرغ لمهمة المقاومة (وأعني المقاومة الحقيقية علي سنة حزب الله، وليست مقاومة أشرطة الفيديو نصف السنوية)، وتترك تدبير معيشة الفلسطيينيين للاحتلال ومن يرضون التعاون معه. وهذا يتطلب أن تتحول إلي منظمة سرية تعمل تحت الأرض، وأن تكون لمقاومتها أهداف سياسية واقعية. وبالمثل فإنها يجب أن تترك قضية المفاوضات لجماعة أوسلو الذين يقع عليهم وحدهم عبء إخراج أنفسهم من الورطة التي أدخلوا أنفسهم وأهل فلسطين فيها.
 
حماس لا تحتاج لأن تجتهد في مقاومة التسوية، لأنه لن تكون هناك تسوية. لتعط حماس الفرصة لعباس وفريقه المتحرق إلي التفاوض مع أولمرت حول حل الدولتين مقابل الاعتراف الذي منحه ياسر عرفات سلفاً لإسرائيل دون أن يحصل علي شيء بالمقابل، ثم لتنتظر. فإذا قبلت إسرائيل بما يطرحه أبومازن المؤمن بحق إسرائيل في الوجود إيمان حماس بالإسراء والمعراج، كان بها، وكفي الله الحماسيين القتال. وإلا فإن أبومازن سيقدم حينها طلب الانضمام إلي حركة المقاومة الإسلامية، وربما الجهاد الإسلامي. ولكن كل ما تفعله حماس الآن هو إعطاء إسرائيل العذر في عدم مواجهة استحقاقات السلام، وإعطاء عباس وفريقه العذر علي فشلهم حتي في الحصول علي مقابلة مع أولمرت تحل بها البركة، حتي وإن لم تأت بالسلام الموعود. إن ما كانت تطمح إليه إسرائيل من اتفاق أوسلو هو ما حصلته من كامب دايفيد: تمزيق الصف الفلسطيني كما مزقت الصف العربي. فإذا وقعت حرب أهلية فلسطينية الآن فإن كل طرف فيها يكون منفذاً لإرادة إسرائيل ومحارباً نيابة عنها.
 
(*) كاتب وأكاديمي من السودان
 
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 10 أكتوبر 2006)

 
قراءة في كتاب آلان هارت « الصهيونية العدو الحقيقي لليهود »:

كيف تمكنت اسرائيل من تهديد السلام في العالم

د. نهي خلف (*)
 
الان هارت الصحافي البريطاني المشهور مؤلف كتاب عرفات ارهابي او رجل سلام الذي نشر في عام 1985 بادر بنشر كتاب جديد بعد عشرين عاما عنوانه الصهيونية العدو الحقيقي لليهود ، وحسب قوله فإن هذا الكتاب قد كلفه خمسة أعوام من العمل الدؤوب لإعادة ترتيب قصة تجربته الصحافية في دهاليز الشرق الأوسط منذ أن بدأ عمله كمراسل للأي ـ تي ـ أن ولبرنامج بانوراما في الاذاعة البريطانية (البي ـ بي ـ سي) مما أدي به إلي معاشرة قيادات سياسية هامة من طرفي الصراع العربي ـ الإسرائيلي ومن أهمهم ياسر عرفات وغولدا مائير وبالتالي الي معرفة خفايا الديبلوماسية السرية في الشرق الأوسط. وبسبب أسلوبه المثير فقد وصفه البعض علي انه قد ساهم في بلورة نموذج جديد من الصحافة التي تدخل المتفرج في العالم الحقيقي .

فبعد ان أمضي ألان هارت أربعة عقود من الزمن في متابعة قضية الشرق الأوسط توصل هذا الصحافي البارع الي استنتاج اساسي وهو ان الاعلام الغربي برمته منحاز لصالح الفكر الصهيوني وان ذلك نتيجة للاساطير التي تروجها الصهيونية من جهة والي عدم المعرفة للحقائق التاريخية من جهــــة أخري. كما استنتج هارت ان الصهيونية هي ما ستؤدي باليــــــهود الي الهاوية وعلي هذا الاساس اخذ ألان هارت علي عاتقه بعد اعتزاله الميدان الصحافي هذه المهمة الشاقة التي تطلبت منه العودة الي الماضي والغوص في أعماق تاريخ القضية الفلسطينية وتشغيل ذاكرته لسرد روايته التاريخية باسلوبه الخاص الذي يمزج بين المعلومة الصحافية والتحقيق البحثي والاثارة من أجل انجاز هذا العمل الضخم المكون من الف صفحة والمنقسم الي مجلدين يضم الاول منهما ثلاثة أجزاء و22 فصلا ويضم الثاني والذي لم ينشر حتي الآن لاسباب مالية، 17 فصلا.
ومن الجدير بالإهتمام أن الجزء الأول من المجلد الأول والمكون من 22 صفحة فقط مخصص لعلاقته بغولدا مائير والتي يسميها أم إسرائيل وعنوانه صوت من المقبرة وأهمية هذا الفصل بالنسبة له ناتجة عن كونه من أول الصحافيين الذين سجلوا لغولدا مائير اول مقابلة علي الهواء في برنامج بانوراما الخاص بالإذاعة البريطانية في عام 1971 رددت فيه مقولاتها الشهيرة التي تستنكر عبرها وجود شعب فلسطيني حيث قالت لا يوجد شيء إسمه فلسطين مضيفة الأمر ليس وكأن هناك شعبا فلسطينيا وجئنا لطرده ولأخذ بلاده منه. فإنهم غير موجودين . ويتذكر الان هارت هذه الحادثة بشكل خاص لأن غولدا مائير تركت له رسالة علي شكل وصية مع معاونتها الخاصة لتعلم ألان هارت بها بعد موتها حيث ابلغته هذه المعاونة: أن غولدا مائير طلبت مني أن أعطيك هذه الرسالة وأكدت علي أن أعدها بأنني لن أدلي بها إلا بعد موتها فطلبت مني أن أقول لك انها بعد أن عبرت عن رأيها في تلك المقابلة الشهيرة، شعرت أن ما أدلت به هو أغبي شيء قالته في حياتها .
ويهدف هارت عبر اعترافه بعلاقة طيبة مع غولدا مائير التي يعتبرها من اصدقائه رغم خلافه معها في الرأي عدة مرات وعبر علاقاته مع أشخاص مثل شلومو غازيت الذي يعتبره من أحد أصدقائه ان يبين ان الفكر الصهيوني مبني علي اساطير كما وضح له شلومو غازيت حيث قال له يوما إن المشكلة فينا نحن الإسرائيليين هي أننا أصبحنا ضحايا للدعاية التي نروجها عن أنفسنا كما يريد الان هارت عبر ذلك أن يوضح أنه ليس من أعداء اليهود بل صديق لبعضهم وذلك لتفادي الوقوع بفخ الإتهام بأنه من دعاة اللاسامية مركزا علي ضرورة التمييز بين اللاصهيونية واللاسامية.
وعبر دخوله في كواليس التاريخ بدءا بقصة غولدا مائير وانتهاء بمشروع خريطة الطــــريق الذي يسميه الان هارت خريطة الطريق إلي طريق مسدود ومرورا بمجموعة من الفصول الخاصة بمراحل مختلفة من تاريخ الدولة الصهيونية وحروبها مع العرب وبفصول اخري حول دور جمال عبد الناصر ومواجهته لأيزنهاور أو مع شاريت، ويخصص الان هارت ايضا فصولا عديدة حول السياستين البريطانية والأمريكية ودعمهما للصهيونية مبينا كيف خضعت السياسة الأمريكية منذ عهد الرئيس ترومان للحركة الصهيونية.
وقد خصص الفصل الثاني عشر من كتابه لقصة انتحار جيمس فينسنت فورستال والذي كان يشغل منصب وزير الدفاع في ادارة ترومان. واهتمام ألان هارت بقصة فورستال مثيرة للانتباه لأن فورستال هو الرجل الذي كانت لديه الشجاعة ان يقول ان من مصلحة أمريكا والعالم الحر وحتي اليهود في العالم أن لا تتدخل الحركة الصهيونية في السياسة الأمريكية الخارجية في الشرق الأوسط حيث كان يناضل من أجل إخراج قضية فلسطين من دائرة السياسة المحلية الأمريكية. فمذكرات فورستال تشير إلي الصعوبات التي كانت تواجه عملية أخذ القرار في الولايات المتحدة في الفترة التي بدأت بها الإمبراطورية البريطانية بالاضمحلال بينما بدأت بالمقابل الولايات المتحدة تواجه مسؤولياتها الجديدة لقيادة ما كان يسمي بالعالم الحر. فمن مهام فورستال الذي كان يحتل منصب وزير الدفاع في ذلك الحين، مواجهة القوة السوفياتية الصاعدة بعد الفراغ الذي نشأ في أوروبا والشرق الأدني بعد هزيمة ألمانيا واليابان. وبما أن فورستال كان من رجال الإستثمار الناجحين وخاصة في القطاع المصرفي فكان يبني استراتيجيته علي أساس عاملين محوريين:
أولا: أن الولايات المتحدة يجب أن تجد المال الكافي لتمويل خطة مارشال لإعادة بناء اوروبا الغربية المدمرة بعد الحرب.
وثانيا: أن في عملية البحث عن هذه الأموال لإنقاذ الرأسمالية في أوروبا الغربية وبريطانيا تلعب مسألة الحصول علي النفط العربي دون انقطاع وبسعر منخفض دورا أساسيا وبالتالي أصبحت قضية النفط من اهتمامات فورستال الأساسية المتعلقة بقضية فلسطين، ولذلك اعتبر ان إنشاء دولة يهودية في وجه المعارضة العربية والإسلامية ستهدد المصلحة الأمريكية وستحد من إمكانية الولايات المتحدة للاداء الصحيح بشكل اشمل في المنطقة وعلي الصعيد العالمي.
ويعرض الان هارت سيرة فورستال الذاتية موضحا انه من أصل إيرلندي وانه كان مشهورا بنزاهته ونجاحه في مجال الأعمال مثله مثل مارشال وزير الخارجية انذاك، الذي كان يشارك فورستال في نظريته الإستراتيجية، في الوقت الذي كانت الحركة الصهيونية تحاول أن تسخر السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط لمصالحها الخاصة دون الإهتمام بنتائج سياستها علي الأطراف الأخري.
وفي اجتماع وزاري في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947 أي ثلاثة اسابيع قبل التصويت في الجمعية العامة علي قرار تقسيم فلسطين في الأمم المتحدة قدم مارشال رأي وزارة الخارجية الأمريكية حول الوضع الدولي وقد أكد أن الشرق الأوسط أصبح عبارة عن علبة متفجرة وأنه في حال اندلعت النيران في هذه المنطقة سيصبح من المستحيل إطفاؤها. وإثر هذا الإجتماع الوزاري كتب فورستال في مذكراته الملاحظة التالية حول مشاركته في هذا الإجتماع قائلا: لقد كررت اقتراحي الذي عبرت عنه سابقا في عديد من المرات وهو أنه يجب القيام بمحاولة جدية لإخراج قضية فلسطين من السياسة الحزبية الداخلية الأمريكية. وقلت ان هناك اجماعا بأن السياسة المحلية يجب أن تتوقف علي حدود المحيط الأطلسي، وأنه لا توجد مسألة أكثر خطورة علي أمننا القومي من هذه القضية . وعند مقابلة فورستال لأحد أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطي والمنتخب من ولاية رود ايلند، قال له لا يجب السماح لأي مجموعة في هذا البلد أن تؤثر علي سياستنا لدرجة أن تعرض أمننا القومي للخطر وقد أجابه السناتور قائلا ان هناك ولايتين أو ثلاثا لا يمكننا خوض انتخابات فيها دون دعم من يهتم بشكل خاص بالقضية الفلسطينية . ولكن أجابه فورستال إنني أفضل فقدان تلك الولايات في الإنتخابات العامة بدلا من المجازفة التي قد تنشأ عبر ادراجنا القضية الفلسطينية علي برنامجنا . وبعد حديث مطول بينه وبين السناتورالذي أكد له ضرورة إدخال القضية الفلسطينية في السياسة الداخلية الامريكية، والذي أعلمه بتخوفات اليهود بسبب عدم قيام الولايات المتحدة بواجبها للحصول علي أصوات في الجمعية العمومية من أجل دعم مشروع تقسيم فلسطين، وبعد حوار يشبه حوار الطرشان بينهما شدد فورستال علي ضرورة التفكير كثيرا حول هذا الموضوع الذي قد يؤثر سلبا ليس فقط علي العرب في الشرق الأوسط بل أيضا علي العالم الإسلامي كله والذي يشمل أربعمائة مليون نسمة في مصر وشمال أفريقيا والهند وأفغنستان ـ (والتي قد اصبحت اليوم مليارا ونصف مليار أو أكثر).
وهكذا استمر فورستال لفترة من الزمن في الاصرار في محاولته للتأثيرعلي الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، من أجل إخراج قضية فلسطين من برامجهما ولكن دون جدوي.
وهكذا يفسر الان هارت مأساة فورستال التي انتهت بانتحاره نتيجة لشعوره بانه لم ينجح في المحافظة علي أمن بلاده وخاصة بعد أن تبني فرانكلين روزفلت جونيور وجهة نظر الحركة الصهيونية.
ورغم دخول الان هارت بتفاصيل لا نهاية لها حول ما يجري في الكواليس وبين السطور إلا أن هدفه الاساسي هو أن يوضح كيف تمكنت الحركة الصهيونية من تهديد السلام في الشرق الأوسط لتصبح ليس فقط عدوة العرب والفلسطينيين بل أيضا العدو الأكبر لليهود. وليست قضية رسالة غولدا مائير الموجهة إلي الان هارت بعد موتها، أو قصة انتحار فورستال، إلا أمثلة عن الروايات العديدة التي يرويها الان هارت في كتابه المهدد بالتهميش من قبل اللوبي الصهيوني الذي يتهمه بمحاولة إثارة نقاش حول خطورة الفكر الصهيوني علي اليهود عبرإدراج هذا النقاش في صلب السياسات الدولية والاقليمية والمحلية بدلا من إبقائه علي هامش تلك السياسات.
ويعرف الان هارت كتابه عبر دعاية ساخرة علي أنه الكتاب الذي لا يريدون أن تقرأه ويعني بذلك أن كل من لا يريدون إظهار الحقيقة حول قضية فلسطين وتوضيح الفرق بين اليهودية والصهيونية لا يريدون أن يتم نشر هذا الكتاب الذي يهدف الي توضيح ما كان يحدث فعلا مقابل ما تخترعه الصهيونية من أساطير متهما الإعلام الغربي بما في ذلك الـ(بي ـ بي ـ سي) بالتعتيم علي أعماله وتجاهل كتابه لأنهم يرفضون لعب أي دور في تطوير الحوار حول الحقائق التاريخية مضيفا إنني أتهم هذا الإعلام بالمشاركة في طمس الحقيقة التاريخية وبالتالي باتباع سياسة منحازة في تغطية الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني .
 
(*) كاتبة من فلسطين
 
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 10 أكتوبر 2006)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.