Home – Accueil – الرئيسية
TUNISNEWS
6 ème année, N° 2100 du 20.02.2006
من سجين الانترنت علي رمزي بالطيبي – سجن برج الرومي
الطلبة المستقلون: حصاد الأسبوع الجامعي
نورالدين الخميري: فداك روحي يا رسول اللّه افتتاحية البوابة: حركة 18 أكتوبر وآفاق المستقبل البوابة: التكتل يجدّد رفضه للتعددية الشكلية البوابة: حول موقف اتحاد الشغل من المنتدى الاجتماعي البوابة: جدل في اتحاد الشغل حول المنتدى الاجتماعي التونسي البوابة: ندوة : المنتدى الاجتماعي وعلاقته بالنقابات البوابة: جائزة الهاشمي العياري تسند إلى جمعيّة القضاة البوابة: الكاف- تدهور الخدمات الصحّية البوابة: تأبين الفقيد عبد الرزاق الضيفاوي
قدس برس: ليبيون غاضبون يحرقون أجزاء من مستشفى بنغازي الرئيسي أحمد دعدوش: لماذا رحلوا.. وعاد عمرو خالد؟ الحياة» تحاور المفكر العربي برهان غليون: حداثتنا الرثة تنتج قهراً وعنفاً واستبداداً أكثر من انتاجها حرية فكرية وعملية
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )
To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
بسم الله الرحمن الرحيم
من سجين الانترنت علي رمزي بالطيبي – سجن برج الرومي
أهدي سلاما عطرا إلى أولئك الذين وقفوا في وجه الظلم والطغيان والدكتاتورية لمّا تخاذل الناس واستكانوا. إلى طليعة المجتمع المدني في تونس الجريحة. إلى الأستاذ الفاضل محمد النوري وإلى السيدة المناضلة راضية النصراوي وإلى الأستاذ مختار الطريفي وإلى السيدة سهام بن سدرين وإلى عمر المستيري وأنور القوصري وإلى القائمين على صحيفة الموقف. إلى أهل المروءات الذين صدعوا بالحق لمّا ساد الناس أرذلهم. دخلت على المروءة وهي تبكي، قلت لم تبكي الفتاة ؟ قالت مالي لا أبكي ؟ وأهلي كلّهم قد ماتوا. أبلغكم أنّي دخلت منذ يوم الخميس 16 /2/2006 في إضراب عن الطعام أنوي تحويله إلى إضراب عن الطعام والشراب يوم 20 مارس 2006، وذلك احتجاجا على زيارة مجرم الحرب دونالد رامسفيلد لتونس واستقبال الجنرال بن علي له.
ومطلبي من هذا الإضراب هو إطلاق سراح جميع سجناء الانترنت خصوصا والسجناء السياسيين عموما. (بالنسبة إلى تصنيفي لرامسفيلد كمجرم حرب فيمكن زيارة الموقع التالي على الانترنت www.bitterfact.tripod.com أو البحث على google بالكلمة المفتاح التالية us soldiers archive لرؤية نبذة عن جرائم الحرب المرتكبة من طرف إدارة رامسفيلد). فمن جهة نرى معاملة نظام بن علي للتونسيين ثم نراه خاضعا لأمثال رامسفيلد : أسد عليّ وفي الحروب نعامة. فلا شرعية لنظام بن علي البوليسي الفاشل الذي غيّب الحريات الأساسية وكمم الأفواه ومارس إرهاب الدولة بكلّ أشكاله تحت غطاء محاربة التطرف والإرهاب.
أودّ أن أشير أنّي ثابت على المبدأ رغم ما تعرضت له من ترغيب وترهيب وما مورس ضدّي من أساليب رخيصة كمحاولات لتشويه سمعتي. لقد طُلب منّي التخلي عن أي مطالب سياسية مقابل إقامة 5 نجوم في السجن ومقابل تمتّعي بعفو خاصّ في 20 مارس.
ومن دوافع إضرابي الاحتجاج على مدح الجنرال بن علي لجامهة نايف للعلوم الأمنية والاحتجاج على تصريحات سفاح بلاد الحرمين
نايف بن عبد العزيز
.
فمشروع القانون الموحد لمكافحة الإرهاب إنّما يراد به ركوب موجة « فوبيا الإرهاب » وتكميم الأفواه. ولو كان نايف جادا في استنكاره الرسوم الكاركاتورية الدانماركية لما أهان حفيدة رسول الله صلى الله عليه وسلّم « غيداء الشريف« . ولا يستنكر قبل ذلك سماح السلطات التونسية لأنس الشابي بنشر كتب فيها قدح في الذات الإلهية.
أمّا أنا فأقول مثلما قال الشاعر :
فإنّ أبي ووالده وعرضي*** لعرض محمد منكم وقاء.
ولا نجوتُ ولا عشتُ إن بقي هؤلاء الحثالات حكاما للمسلمين. وفيما يخصّ زعم الجنرال بن علي أنّه بصدد بناء مجتمع المعرفة والمعلومات فإنّه ادّعاء باطل، ذلك أنّ الفجوة الرقمية القائمة فجوة سياسية قبل أن تكون تنموية أو تكنولوجية. فتغييب الحريات الأساسية يقمع التطور واليد التي ترتعش لا يمكنها البناء. كلمة حول كاريكاتورات الدانمارك :
Face à la montée du terrorisme, la presse européenne a essayé d’expliquer le phénomène et elle a essayé d’exorciser la phobie qui s’est établie. Mais la cause de ce phénomène ne réside pas dans les dogmes de l’Islam ou dans la tradition du prophète, le terrorisme est une réaction du peuple musulmans face au terrorisme d’état qu’exercent contre eux des autocraties et des mini-dictatures pourries sous la bénédiction des gouvernements occidentaux qui donnent leur feu vert aux régimes illégitimes dans le monde musulman pour castrer intellectuellement et systématiquement leurs peuples. · علي رمزي بالطيبي، من بين المشرفين على منتدى الإخلاص محكوم بـ4 سنوات سجنا وألف دينار خطية من أجل إعادة نشر بيان صدر في مارس 2005 يهدد بالقيام بارتكاب هجمات في تونس في صورة زيارة شارون لتونس في قمّة المعلومات. وقد أوقف في محل الانترنت الذي يعمل به يوم 15 مارس 2005 من قبل فرقة أمن الدولة. —————————————————————————————
تونس في 19فيفري2006
حصاد الأسبوع الجامعي
خلال العشرة أيام الماضية قام طلبة كلية العلوم بصفا قس باحتجاج سلمي ضد نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم وذلك بتنظيم صيام تطوع يوم الخميس 9.02.2006 أدى الطلبة مع حلول المغرب صلاتهم في جماعة بركن من ساحة الكلية. وفي ذات الخميس نظم أيضاً طلبة كلية العلوم القانونية والسياسية بتونس يوما لصيام التطوع وأدوا صلاة المغرب في جماعة بساحة الكلية ثم أعقبها إفطار جماعي ساهم الطلبة الصائمون بالاشتراك في إعداد وجباته و تفرقوا على إثرها محافظين على سلمية احتجاجهم.
وفي يوم الاثنين 13فيفري 2006 نظم الطلبة في كلية الحقوق بتونس تظاهرة ثقافية تحت العنوان نفسه تمثلت في عرض مقالات مجلة حائطية في الغرض ودعا الطلبة على إثرها لإجتماع عام وفيما كانوا يزمعون فتح حلقة للنقاش حول موضوع التظاهرة قام عدد من الطلبة ممن ينتسبون إلى فريق من اليسارـ تحالف زعتور/بن كيلاني وعناصر من الوطد ـ بتطويق إجتماعهم ومقاطعة الطالب المشرف عن الاجتماع العام بنية الإفساد عليهم نشاطهم ثم توجيه الاتهام لهم جزافاً تارة بالتعامل مع النظام كما يزعمون وطوراً بالانتساب إلى راشد الغنوشي أو كما يقولون وقد بان أنه أمر دبر بليل حين قدمت إحدى الطالبات اليساريات من رفيقات ذاك الفريق، والجميع يعلم أي نوع من المستهترات هي ـ وقد جاءت صبيحتها على غير عادتها مرتدية حجاباً ـ تطوف على الطالبات بالجامعة ممن كن حاضرات بالاجتماع العام أو كن على مقربة منه، تشيع بينهم الأكاذيب والإتهامات المجانية ثم اخترقت جموع الحاضرين في الاجتماع وارتمت على الطالب المشرف عن الإجتماع العام وأمسكت بخناقه وأشبعته سباً وكلاماً نابياً لا يجرؤ الرجال المحترمون على قوله وقد كان هذا يجري على مرأى ومسمع من الطلبة الحاضرين والواقع أن مكر فريق اليسار ذاك لم يزد بمشاكسته ومضايقته على الناشطين من الطلبة بمناسبة الإساءة إلى الرسول الكريم غير افتضاح أمرهم والكشف عن دناءة أساليبهم أمام الجميع، خاصة وأن رفيقتهم التي سخروها للتشويش على نشاط الطلبة عادت إلى سفورها في الغد وإلى بذاءة لسانها بعد أن إنتهى دورها.
ومع أن الناشطين من الطلبة بهذه المناسبة التي تحرك لها شعوب العالم من المسلمين يتفهمون الموانع لعدم إنخرط بعض الطلبة من من ينتسبون إلى مدارس إيديولوجية مختلفة، بهذه الأشكال الاحتجاجية السلمية، إلا أنهم لايفهمون حرص ذاك الفريق من اليسار من طلبة الجامعة على إفشال كل المظاهر الإحتجاجية التي حاول الطلبة تنظيمها خلال الأسابيع القليلة الماضية، دفاعاً عن نبيء هو نبيء التونسيين جميعهم كما هو نبيء كل المسلمين في العالم.كما لا يفهمون رغبتهم في الانتقام من الطلبة الناشطين بهذه المناسبة ،بالتضييق عليهم وملاحقتهم قصد تعنيفهم وإيذاءهم.
وإذا كان يسوؤهم أن هذه النشاطات ربما تعاطف معها كثيرون وكانت مناسبة لشحذ مشاعر إيمانية في نفوس الطلبة كما عامة التونسيين وزادت في تقوية مشاعر الإنتماء لهويتهم العربية والإسلامية، فإن الساحة الجامعية رحبة ولاريب أنها تتسع لجميع الفرقاء وكل النشاطات الطلابية المختلفة طالما تمسك الطلبة بالرغبة في تنمية الحياة الجامعية وفي دفعها نحو ترسيخ علاقات أكثر إيجابية بين الطلبة ذاتهم.
ومع أن الطلبة الناشطون خلال هذه المناسبة لازموا ضبط النفس والتعالي على السقوط في ردود أفعال غير مسؤولة برغم التهديد المتكرر طوال تلك الفترة فإن رغبتهم في أن يدرك جميع الطلبة أن دفع الحياة الجامعية نحو ترسيخ روح التحاور بين الطلبة ربما كانت أكثر قواعد الحياة المجتمعية التي يحتاج التونسيون اليوم الي تثبيتها وحمايتها. ولعل هذا ما يحمل الطلبة الناشطون بهذه المناسبة أن يدعوا العقلاء في الجامعة إليه زملاءهم ورفاقهم كماأنه على الحكماء من المهتمين بالشأن العام خارج الجامعة أن ينصحوا به أبناءهم.لاسيما وأن الناشطون من الطلبة بهذه المناسبة يعلمون جيداً أن القول بعموم ذاك السلوك على أبناء اليسار جميعهم قول مجانب للصواب. عن الطلبة المستقلين
اعتداء أعوان امن على مواطن بجندوبة
تقــدم إلى جامعة الحزب الديمقراطي التقدمي و صحيفة الموقف المواطن منصف بن احمد الخزري صاحب بطاقة تعريف وطنية عدد 07265065 ، و عرض انه تعرض إلى اعتداء خطير و فظيع بتاريخ 20/01/2006 من قبل عوني الحرس الوطني الحدودي بفرنانة من ولاية جندوبة هما المدعو سمير يشغل رئيس فرقة و المدعو هشام الطرابلسي ، خلف هذا الاعتداء كسرا على مستوى يده اليمنى و رضوض على مستوى كامل بدنه . و قــد رفع شكوى الى وكيل الجمهورية بجندوبة ضمنت بكتابة المحكمة .
يمثل هــذا الاعــتداء حلــقة أخرى تضاف حلقات اعـتداءات أعــوان الأمن على المواطنين العزل في هــذه المنطقة التي تعيش خارج حتى قـوانين البلاد
( المصدر مراسلة بالبريد الإلكتروني بتاريخ 20 فيفري 2006 )
شهادة السجين رضا البوكادي
في 3 أوت 1996 تم عزلي بجناح السجن المضيق بالغرفة رقم 7 و تتميز بالاتساخ و إضاءة رديئة لا تسمح بتمييز الأشياء إلا بصعوبة و قد وضع الفانوس الكهربائي بكوة صغيرة جدا على علو يزيد على خمسة أمتار في أعلى جدار الغرفة و مغطاة بسياج حديدي متشابك و قضبان فلا يرى الفانوس و لكن اثر شعاعه فقط , و يقتصر الأثاث الذي تحتويه الغرفة على حشية Matelas و غطاءين متسخين تنبعث منهما روائح كريهة و هي ممتلئة قملا و بقا إضافة إلى الرطوبة الشديدة بسبب انعدام التهوئة إذ إن الشباك الوحيد المطل على الفسحة الخارجية وقع سده بستار حديدي به ثقب صغيرة . و بالإضافة إلى الاكتظاظ و ضعف الإنارة و التهوئة تميزت بعض السجون بمشكلة إضافية هيا الانقطاع المتكرر للماء و النقص الفادح في التزويد به و خاصة في فصل الصيف مما ينجر عنه مشاكل صحية متأتية من عدم إمكانية الاستحمام دوريا و كثرة الروائح المنبعثة من بيت الخلاء و اتساخ الغرف و الادباش…..
الحبيب المباركي
إنا لله وإنا إليه راجعون
ببالغ الأسى
و الحسرة تلقينا نبأ وفاة والدة أخينا بوكثير بن عمر
بهذه المناسبة الأليمة نتقدّم لأخينا العزيز بأليق التّعازي و المشاعر و نسأل اللّه الرّحمان الرّحيم أن يجيره في مصيبته و أن يخلفه خيرا منها و نذكّره بأنّ كلّ نفس ذائقة الموت و كلّ من عليها فان عدى وجهه الكريم.
نسأل اللّه الحنّان المنّان أن يرزق أخانا و ذويه جميل الصّبر و الإحتساب و أن يجعلهم من » الّذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا للّه و إنّا إليه راجعون« و أن يتغمّد الفقيدة بأوسع الرّحمة و الرّضوان و أن يسكنها فسيح جنانه و أن لا يحرمنا أجرها و لا يفتنّا بعدها.
لئن منع الظّلم
أخانا بوكثير من إلقاء نظرة الوداع على جثمان والدته و تشييعها إلى مثواها الأخير فإنّه لن يفلّ عزائم الأحرار في مقارعته و مغالبته حتّى قطع دابره من على أرض الزّيتونة.
و لا تحسبنّ اللّه غافلا عمّا يعمل الظّالمون……
أهيب بكلّ الإخوة و الأخوات أن يقوموا بواجبهم تجاه
أخينا بوكثير بن عمر
(Suisse/Bienne
/ Tél :0041 79 822 55 65)
وعظ
ّم الله أجركم وأحسن عزاءكم وغفر لميّتكم
و السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته.
رئيس جمعيّة الزّيتونة
العربي القاسمي
بسم اللّه الرّحمان الرّحيم
فداك روحي يا رسول اللّه
يا نائما مستغرقا في المنام قم وحّد الحيّ الذي لا ينام بالأمس داسوا ومزّقوا القرآن واليوم تطاولوا على محمّد (ص) خير الأنام إلى هذا الحد وصل التطاول والإستخفاف بالأمّة الإسلاميّة فبالأمس القريب قام الجنود الأمريكان بمعتقل جوانتانامو بتدنيس كتاب اللّه عزّ وجل رافقه صمت الحكومات المسلمة رغم فداحة الجريمة ولعلّ هذه الحادثة وغيرها فتحت المجال في هذا الوقت لأن تتطاول إحدى الصحف الدنماركيّة دون مراعاة لمشاعرالمسلمين وبأسلوب لا يخلوا من الوقاحة والسّخريّة على رسم صور كاريكاتوريّة مسيئة للنبيّ محمّد عليه أفضل الصلاة وأزكى التّسليم متجاوزة بذلك كلّ أخلاق العمل الصحفي والقيم والمواثيق الدّوليّة . ثمّ أطلّ علينا بعدها رئيس حكومتها ليعلن أمام أكثر من مليار مسلم أنّ هذا العمل يدخل تحت دائرة حرّية الرّأي والتّعبيرليشكّل بهذا الموقف إهانة واضحة لكلّ المسلمين عكست أعلى درجات الإستهتار والتحدّي لمشاعرهم. إنّ ما قامت به الصحيفة من رسوم ساخرة مسيئة للنبيّ محمّد عليه الصلاة والسّلام وتبعتها في ذلك صحف أروبيّة أخرى لا يمكن بأيّ حال من الأحوال إلاّ أن يندرج ضمن خطّة محكمة تغذيها أطراف معاديّة للأمّة تعمل بكلّ جهد على استهداف الإسلام والإساءة للنبيّ محمّد صلىّ اللّه عليه وسلّم وإلاّ فما الذي حمل بعض الصحف الأروبيّة الأخرى على إعادة نشر الرّسوم ناهيك عن الصحيفة ذاتها رغم ما تمثّله الرّسوم من تحدّي صارخ لمشاعر المسلمين؟ ألم يكن من الأجدى أن تؤدّي هذه الصحف رسالتها النبيلة ضمن عالم القيم الإنسانيّة ومساحة الفكر والنّقد الإيجابي بعيدا عن الشّتم والإهانة والإستخفاف بمشاعر الآخرين؟؟ ألا تدرك الصحف الأروبيّة أنّ النبيّ محمّد صلىّ اللّه عليه وسلّم هوّ رمز الأمّة و ماضيها وحاضرها ومستقبلها وأنّ الطّعن فيه هوّ الطّعن في قيمها وتاريخها وحضارتها؟؟؟ ألم يكن من الأنفع للبشريّة لو وظّفت هذه الحملة لمعالجة أسباب الفقر وانتشار ظاهرة المخدّرات وارتفاع عدد المصابين بالإيدز في هذا العالم ؟؟؟ إنّنا بقدر ما نأسف لهذا الأسلوب في التهجّم غير المبرّر على مقدّسات الأمّة بقدر ما نحيّي الشعوب الإسلاميّة على هذه الوقفة الشّجاعة للدّفاع عن عزّتها وكرامتها . نــــــــــورالدين الخميري ـ بون ـ ألمــانيا
سمينار الذاكرة الوطنية
مع السيد عبد الحميد بن مصطفى، الوجه اليساري التونسي
السبت 11 مارس 2006 على الساعة التاسعة صباحا
بعد أن كنا قد دعونا في بداية تنظيم سمينارات الذاكرة الوطنية, شخصيتين من اليسار التونسي هما محمد النافع ومحمد حرمل, نقوم باستضافة عبد الحميد بن مصطفى باعتباره أحد وجوه اليسار التونسي, في محاولة منا جمع الآراء والمواقف المتقاطعة والمتكاملة حول مسيرة الحزب الشيوعي التونسي قبل الاستقلال وبعده.
ولد عبد الحميد بن مصطفى بتونس سنة 1926 من عائلة بورجوازية ومن وسط وطني, أعطى عددا من الأعلام الكبار أمثال المنجي سليم والطيب سليم والحكيم الحبيب ثامر. وقد اختار عبد الحميد بن مصطفى الانتماء إلى الحزب الشيوعي, في فترة كان الحزب الدستوري قد هيمن على المجتمع التونسي (سنة 1952). وعلى إثر استقلال البلاد التونسية سنة 1956, لعب عبد الحميد بن مصطفى دورا عندما دفع حزبه للعمل على تونسة الأطر (المؤتمر السادس للحزب الشيوعي التونسي) هذا إلى جانب المناضلين أمثال نور الدين بوعروج وحبيب عطية وصالح القرمادي وتوفيق بكار وآخرون… وقد أصبح بعد ذلك عضوا في المكتب السياسي. ومن سنة 1960 إلى 1962, أصبح رئيس تحرير « Tribune du Progrès » والذي كان مديرها الحكيم سليمان بن سليمان وهي المجلة التي توقفت عن الصدور, نتيجة منع أنشطة الحزب الشيوعي التونسي في جانفي 1963.
إن إلتزامه الواضح ثم المواقف المعلنة التي تبناها لفائدة الحريات العامة وكذا دفاعه عن القضايا العادلة, أدت إلى اعتقاله واضطهاده مرارا. (نذكر هنا بالمناخ العام بالبلاد, جانفي 1963 أثناء منع الحزب وصحف اليسار, مارس 1968 على إثر تحرك الجامعة سنة 1972, ونتيجة الحركة التي تلت ذلك في شهر فيفري).
وبعد رفع المنع على الحزب الشيوعي سنة 1981, لعب عبد الحميد بن مصطفى دورا هاما جدا في إعادة تنشيط الحزب, عندما أشرف على الإدارة السياسية لصحيفة « الطريق الجديد » بين سنة 1981 و1983. ثم إن تحليلاته السياسية وآراءه حول المسائل الدقيقة مثل العبور إلى الديمقراطية والاشتراكية الدستورية والنزعة السلطوية لبورقيبة وتحالف اليسار مع التيارات التحررية والديمقراطية والإسلام السياسي, هي ولا شك من قضايا الساعة اليوم.
وعلى الرغم من وقف نشاطه السياسي سنة 1993, بعد تغيير اسم الحزب الشيوعي التونسي إلى حركة التجديد, لم يشارك في ذلك من قريب أو بعيد, بقي عبد الحميد بن مصطفى متعلقا جدا بهويته السياسية, كشاهد حركي وممثل لهاته النخبة التي سعت إلى تحديث البلاد التونسية والمناداة بالتعددية السياسية والتي يدعي البعض اليوم, أنه أول من دافع عن ذلك واقناع رئيس الدولة بتبنيها.
ألا يستحق تأريخ اليسار التونسي أن نهتم به, بدعوة رموزه والذين ساهموا في تطوير بلادنا منذ الاستقلال وقدموا أفضل ما لديهم من أجل ذلك !
والدعوة مفتوحة للجميع ابتداء من الساعة التاسعة صباحا في المقر الجديد بالمؤسسة المذكور أسفله.
المؤسسة
(المصدر: مراسلة وزعتها مؤسسة التميمي يوم 17 فيفري 2006 عبر البريد الالكتروني)
تنظيم مؤتمر علمي خليجي-مغاربي بالرياض
بإشراف علمي بين مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات ودارة الملك عبد العزيز, سوف يتم بالرياض, تنظيم الحوار العلمي الخليجي المغاربي الثاني ابتداء من 25 إلى 27 فيفري 2006, وقد دعي له باحثون من كلا الفضاءين.
وعلى ضوء ذلك سوف يتحول الأستاذ عبد الجليل التميمي إلى الرياض مع نخبة من الباحثين من تونس والجزائر وموريتانيا للمشاركة فيه, وسوف يتمحور الملف حول :
« الشراكة البحثية والتواصل بين الخليج والمغرب العربيين : آفاقها المستقبلية »
(المصدر: مراسلة وزعتها مؤسسة التميمي يوم 17 فيفري 2006 عبر البريد الالكتروني)
صدور العد الثامن من نشرية البوابة
نشرية يصدرها التكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحريات
في هذا العدد حركة 18 أكتوبر وآفاق المستقبل التكتل يجدّد رفضه للتعددية الشكلية حول موقف اتحاد الشغل من المنتدى الاجتماعي جدل في اتحاد الشغل حول المنتدى الاجتماعي التونسي ندوة : المنتدى الاجتماعي وعلاقته بالنقابات جائزة الهاشمي العياري تسند إلى جمعيّة القضاة الكاف- تدهور الخدمات الصحّية تأبين الفقيد عبد الرزاق الضيفاوي
افتتاحية
حركة 18 أكتوبر وآفاق المستقبل
مولدي الرياحي
لاشكّ أنّ حركة 18 أكتوبر 2005 مثّلت محطّة ناصعة في النضال من أجل الحريات الأساسية ببلادنا، وذلك بما جسّمته من روح التضحية العالية عندما أقدم بعض رموز الأحزاب والجمعيات على الإضراب عن الطعام طيلة ما يزيد عن الشهر، وبما شهدته من مساندة واسعة من قبل الأحزاب المعارضة الديمقراطية والجمعيات الأخرى التي لم تشارك في الإضراب، وكذلك بما استقطبته من مساندة واهتمام كبيرين للرأي العام داخل البلاد وخارجها.
ولاشكّ أيضا أنّه من الضروري المحافظة على الدفع الذي حققته هذه الحركة ودعمه باستمرار حتى تتجسد المطالب التي ما فتئت سائر القوى الوطنية الديمقراطية تناضل من أجلها منذ سنوات عديدة، وهي حرية التنظم الحزبي والجمعياتي وحرية التعبير والصحافة وإطلاق سراح المساجين السياسيين وسنّ قانون العفو التشريعي العام، فهي الأرضية الدنيا التي لا تقوم حياة سياسية وجمعياتية سليمة بدونها في أيّ بلاد.
وما من شك كذلك أنّ توحّد القوى الديمقراطية في عملها من أجل الحريات يعتبر مكسبا ثمينا ويستدعي تكثيف التحركات والمبادرات الجماعية على المستويين الوطني والجهوي حتى يشتدّ عود النضال من أجل الحريات ويتحوّل إلى شأن وطني دائم لا تخبو جذوته إلى أن تتحقق غاياته على أرض الواقع. على أنّه من الخطأ الجسيم أن يتبادر إلى الأذهان أنّ توحيد العمل من أجل الحريات هو رديف لتحالف سياسيّ أو إقامة جبهة سياسيّة أو قيام قيادة سياسيّة معارضة جديدة بالبلاد، سواء تبادر ذلك إلى الأذهان من داخل حركة 18 أكتوبر ومناصريها، أو أشاع ذلك في الأذهان أناس من خارج الحركة أو من مناوئيها الساعين إلى هدمها عن طريق بث البلبلة والحيرة والخوف في نفوس التونسيين أو في أذهان المهتمّين بالشأن الوطني في الخارج.
إنّ توحيد العمل من أجل الحريات مرحلة أساسية من النضال لتشييد الأرضية التي يقوم عليها مجتمع ديمقراطي يؤمن بأنّ الحرية هي أرقى القيم في حياة الأفراد والشعوب وبأنّ تنوّع الأفكار إثراء لحياة البشر وسمة من أهم سمات المجتمعات الحيّة وبأنّ الحوار هو الوسيلة الكفيلة وحدها بإنارة المواطن وتشكّل رأي عام واع ومتيقّظ، وبأنّ كلّ ذلك هو الضامن الفعلي لاستقرار المجتمع وطموحه الدائم نحو حياة أرقى وأفضل.
ومَن كان يؤمن فعلا بهذه القيم من الأفراد والتنظيمات والتيّارات السياسية ولا يرفعها شعارا لمرحلة ويوظّفها خدمة لأغراض دفينة فإنّه لايتنكّر لها أبدا، لذلك فإنّ توحيد العمل من أجل الحريات الأساسية يعني انخراط كل الأطراف المشكّلة له بما فيها الحساسية « النهضوية الإسلامية » في المطالب الديمقراطية وفي بناء المجتمع الديمقراطي لأنّ تلك المطالب هي جزء من كلّ ومدخل أساسي وحاسم لبناء المجتمع الديمقراطي.
وعلى هذا الأساس فإنّ توحيد العمل من أجل الحريات الأساسية هو اليوم مكسب لكلّ الأطراف المشاركة فيه، إلاّ أنّه لا يعني تحالفا سياسيا أو جبهة سياسية لأنّ التحالف السياسي لا يقوم على فراغ ولا يفتح على المجهول، بل يقوم على رؤية متكاملة لنمط المجتمع، رؤية واضحة ودقيقة لمختلف العناصر المكوّنة للنمط، منها ما هو سياسي وما هو اقتصادي وما هو اجتماعي وما هو ثقافي، وإذا كان المدخل لهذه الصورة هو حتما توفير الحريات الأساسية في المجتمع والنضال في سبيل إرسائها لأنّها مرتكزات النظام الديمقراطي، فإنّ مخارج هذه الصورة- وفي كلّ مستوياتها- لا يمكن أن تكون معادية للديمقراطية.
وهذا هو المطروح اليوم على منتدى 18 أكتوبر الذي شكّلته الأطراف السياسية والمدنيّة المعنيّة، وهو ما يعني أنّ على كلّ طرف سياسيّ من الأطراف التي يجمع بينها اليوم توحيد العمل من أجل الحريات الأساسية أن يوضّح ويدقّق رؤيته للنمط المجتمعي الذي ينشده، في سائر مستويات حياة الفرد وحياة المجتمع بما لا يترك مجالا للنشاز أو اللبس وبعيدا عن تعدّد مستويات الخطاب وتناقضها… وعندئذ يمكن الحديث عن إمكانية تحالف سياسيّ… قد يتحقّق… وقد لا يتحقّق…
مولدي الرياحي
(البوابة: جانفي 2006 العدد 8)
التكتل يجدّد رفضه للتعددية الشكلية
على إثر منع الاجتماع الذي كان مقررا عقده في إطار لجنة 18 أكتوبر للحقوق والحريات بالمقر المركزي للتكتل يوم 24 جانفي الجاري أصدر الحزب البيان الآتي :
منعت السلطة الاجتماع الذي كان من المقرر أن تعقده لجنة 18 أكتوبر للحريات يوم 24 جانفي 2006 بمقر التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات. وقد حاصر عدد كبير من أعوان الشرطة في زيّهم المدني مقرّ التكتل وأغلقوا مدخله في وجه المشاركين وذلك رغم تدخّل الدكتور مصطفى بن جعفر الذي خرج ليستقبل الضيوف. وقد عمدت الشرطة إلى دفع عدد من الشخصيات وإجبارها عنوة على التفرّق، وذلك مثل السيد حمة الهمامي الناطق باسم حزب العمّال الشيوعي التونسي والسيد لطفي حجّي رئيس نقابة الصحافيين التونسيين. وقد تعرّض الأستاذ المحامي العياشي الهمامي رئيس لجنة مساندة محمد عبّو إلى الاعتداء بالعنف، كما تعرض الطالب عبد الحميد الصغير إلى نفس المعاملة.
إنّ السلطات التونسية التي عجزت عن استخلاص العبرة من المنحى السلبي الذي آلت إليه القمّة العالمية لمجتمع المعلومات التي أثارت ظروف إعدادها وسيرها في نوفمبر الماضي الاستنكار العامّ في الأوساط العالمية تتمادى في سياستها القائمة على معالجة الأمور معالجة أمنية وعلى تجسيم دولة اللاقانون.
لقد كان التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات منذ تأسيسه في عام 1994 عرضة لمختلف التعدّيات، ولم يغيّر حصول الحزب على التأشيرة القانونية في عام 2002 هذا الوضع تغييرا جوهريا. فمناضلوه في مختلف أنحاء البلاد- وخاصّة في جرجيس وسوسة والمنستير والقيروان والكاف وجندوبة- هم عرضة باستمرار لتعدّيات البوليس السياسي وإهاناته ومختلف أنواع معاملاته التمييزيّة، كما أنّ مقرّه خاضع لمراقبة مستمرّة، وهاتفه موضوع تنصّت، واتصالاته بالخارج مقطوعة في الغالب مثلما هو الحال منذ شهرين. وإنّ موقعه وبريده الالكترونيّين لايمكن النفاذ إليهما…
إنّ أحداث 24 جانفي تقدّم دليلا جديدا على أنّ الترخيص القانوني للحزب لا يعني اعتراف السلطة به وأنّ الفرق بين الأحزاب المرخّص لها والأحزاب غير المرخّص لها ضعيف.
والتكتل الديمقراطي يلقي مسؤولية هذه الأحداث الخطيرة كاملة على وزارة الداخلية، ولئن كان حزبا مرخّصا له فالتكتل يبقى محروما من التمويل العمومي ومن التواصل مع المواطنين عبر التلفزة والإذاعة والفضاءات العمومية، وهو يندّد بشدّة إزاء هذا التصعيد الذي يرمي إلى خنق نشاطه كلّيا بمنعه من حقّه الأساسي في تنظيم اجتماعات بمقرّاته واستقبال الوافدين عليه بكلّ حرّية.
وإنّ حزبنا لعاقد العزم على مواصلة النضال من أجل الحريات والديمقراطية وعلى رفض الانخراط في التعددية الشكلية والانصياع إلى القاعدة المهينة التي تهدف إلى مقايضة الاعتراف بالولاء.
والتكتل يشجب حملة التشويه والإساءة التي تستهدف لجنة 18 أكتوبر من أجل الحريات وأعضاءها وخاصة منهم الأستاذ أحمد نجيب الشابي والسيد خميس الشماري ويؤكد تعلّقه بالنضال من أجل تجميع القوى الوطنيّة الطامحة إلى التغيير الديمقراطي وبالعمل في هذا الاتجاه صلب لجنة 18 أكتوبر للحقوق والحريات.
(البوابة: جانفي 2006 العدد 8)
ندوة صحفية احتضن مقر التكتل يوم 25 جانفي ندوة صحفية ترأسها الأمين العام الدكتور مصطفى بن جعفر على إثر المنع الذي استهدف نشاط لجنة 18 أكتوبر. تم فيها التطرّق للمنعرج الذي يشهده الوضع العام للبلاد وتقديم مشروع البرنامج العملي للجنة 18 أكتوبر وتوضيح بعض المسائل المتعلقة بتركيبة اللجة وما تتعرض له منحملة مغرضة من قبل بعض الصحف المعروفة. 15 ديسمبر 2005 : البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ يصدر لائحة تعرضت بالنقد لأوضاع الحريات وحقوق الإنسان. وأشارت اللائحة إلى أن تونس حققت نجاحات في المجالات الاجتماعية والاقتصادية لكنها دعت إلى أن «تترافق (تلك الخطوات) مع تعزيز الديموقراطية وحرية التعبير ودولة القانون واستقلال القضاء وحقوق الإنسان». وطلبت من الحكومة السماح للرابطة التونسية لحقوق الإنسان ونقابة الصحافيين بعقد مؤتمريهما اللذين منعا في سبتمبر الماضي. 18 ديسمبر 2005 : اجتمعت اللجنة الوطنية للمبادرة الديمقراطية بمشاركة نواب عن حزب العمل الوطني الديمقراطي. وقد أجمع المشاركون على رفض مبادرات التحرك المشترك مع حركة النهضة والشروع في بناء « ائتلاف ديمقراطي تقدمي » 24 ديسمبر 2005 : تأجيل النظر في قضية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى يوم 27 فيفري 2006 لإعطاء مزيد من الوقت لمن رفعوا هذه الدعوة القضائية لتوضيح موقفهم. 25 ديسمبر 2005 : منعت قوات البوليس جمعيّة النهوض بالطالب الشابي من تنظيم ندوة حول » المنتديات الاجتماعية في العالم: النشأة و الآفاق ». فقد انتشرت قوات الأمن بكثافة منذ الصباح الباكر حول مقر الجمعيّة و أغلقت الطرق المؤديّة إليها، كما أغلقت مداخل المدينة و منعت الضيوف من العبور و تصدت للدكتور المحاضر عبد الجليل البدوي و منعته من دخول المقر بتعلّة » تنفيذ الأوامر ». 29 ديسمبر 2005 : تعرّض السيد كمال الجندوبي رئيس الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان ورئيس لجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس إلى عملية انتقامية من طرف أجهزة الأمن السياسي التونسي بفرنسا، حيث وجد سيارته الرابضة في المستودع الخاص والمغلق التابع لعمله محطّمة بفعل إجرامي، و تعمّد المعتدون تهشيم بلّور السيارة وتحطيم هيكلها بالكامل واقتلاع لوحات أرقامها.
05 جانفي : حاملو الشهادات العاطلون عن العمل ببن ﻗردان ينفّذون اعتصاما احتجاجا على مواصلة حرمانهم من حقهم في العمل شارك فيه ما يناهز 300 من المواطنين. 5 جانفي : موظفو شركة اتصالات تونس ينفّذون إضرابا ناجحا عن العمل احتجاجا علي طرحها للخصخصة، مما سيؤدي إلى تسريح أغلب الموظفين وتغيير الوضعيات المهنيّة للباقين. فقد أعلنت نقابة البريد والاتصالات كامل يوم الخميس إضرابا لموظفي شركة اتصالات تونس. ويبلغ عدد موظفي شركة اتصالات تونس نحو 7800. وكانت الدولة التونسية قد طرحت 35 بالمائة من أسهم شركة الاتصالات للبيع في شهر أوت الماضي في صفقة يتوقع أن تجمع منها مبلغا قد يتجاوز 1.5 مليار دولار. وتطالب نقابة البريد والاتصالات بإيقاف كافة الإجراءات المتعلقة ببيع حصة من رأس مال الشركة والدخول في تفاوض عاجل حول مصير الموظفين وتوقيع ضمانات رسمية.
09 جانفي : وفد من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان برئاسة الأستاذ المختار الطريفي رئيس الرابطة و أعضاء الهيئة المديرة السيدة سهير بلحسن و السيدين مصطفى التليلي وصالح الزغيدي يلتقي بالسيد زكرياء بن مصطفى رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية
15 جانفي : العمال المعتصمون منذ 2 جانفي 2006 في مصنع « جنّات » للمياه المعدنية بحفّوز ينهون تحركهم بعد جلسة تفاوض انعقدت بمركز ولاية القيروان بحضور الأطراف المتنازعة وأفضت إلى اتفاق يستجيب، في مجمله، إلى المطالب العمالية. وكان وفد من التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بجهة القيروان قد قام بزيارة إلى عمّال معمل جنّات للمياه المعدنية بمعتمدية حفوز المعتصمين بمقرّ عملهم لتقديم الدعم المادي والمعنوي وللوقوف على مشاكلهم والوضعية المأسوية التي يعيشونها.
15 جانفي : رفع أسعار المواد البترولية.
19 جانفي : حجز صحيفتي الموقف وأخبار الجمهورية من الأكشاك دون إعلام مالكي الصحيفتين بمبررات الحجز. فقد تولّى موظّفون من وزارة الداخلية عملية الحجز ميدانيا.
24 جانفي : أعوان الأمن السياسي يمنعون اجتماعا داخليّا كان من المقرّر أن تعقده « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريّات » على الساعة الخامسة مساء بمقرّ « التكتـّل الديمقراطي من أجل العمل و الحرّيّات. وقد اعتدى الأعوان على أعضاء الهيئة وبالخصوص على السادة عيّاشي الهمّامي ولطفي حجّي وحمّه الهمّامي.
25 جانفي : ندوة صحفية بمقرّ التكتل على إثر الأحداث التي جدّت عند منع الاجتماع الداخلي. 25 جانفي : في إطار إحياء الذكرى 28 لأحداث 26 جانفي 1978 التي سقط فيها العشرات من المتظاهرين العزل برصاص البوليس و الجيش توجه عدد من أعضاء هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات إلى مقبرة الجلاز صحبة عدد من الطلبة للترحم على روحي الشهيدين النقابيين سعيد قاقي و حسين الكوكي إلا أن أعدادا غفيرة من أعوان البوليس السياسي الذين كانوا قد أغلقوا جميع المنافذ المؤدية إلى المقبرة مستعينين بأعوان بالزي المدني و الزي الرسمي و برافعات السيارات تصدوا لهم مانعين الوفد من الاقتراب من مداخل المقبرة.
26 جانفي : منع ندوة حول « 26 جانفي 1978 » كان سيحتضنها مقرّ الحزب الديمقراطي التقدمي. وقد تدخّلت قوّات الأمن السياسي لمنع الوافدين على التظاهرة من الدخول. (البوابة: جانفي 2006 العدد 8)
كلمة في تأبين الفقيد عبد الرزاق الضيفاوي
بسم الله الرحمن الرحيم
أيّها الإخوة الأعزاء
هذا الرجل الذي صحبناه إلى مثواه الأخير، عرفته منذ أواخر السبعينات بعيد معرفتي بشقيقه الطاهر… وكنت أجالسه أحيانا وكانت تجمع بيننا تظاهرات فرع القيروان للرابطة وبعض التظاهرات العامة الأخرى في مقر الاتحاد الجهوي للشغل والمسيرات الاحتجاجية. وكنت وإياه على تقارب في الفكر متين، وتوادد لم تنفصم عراه يوما… وعرفته أكثر حين انضممت إلى الحزب الذي أنتمي إليه من الساعة الأولى، عنيت « التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات »، وكان هو قائدي إليه. كان رجلا تنـزّهَ عن التوافه والمجاملات التي تحرّف المواقف، وكان رجلا تعفّف عن المغريات غاليها وسافلها جميعا. وكان للذين عرفوه حقا سمْح الخلق، نَدِيَّ الكفّين على قلة ذات يده… تراه مستغنيا وهو في أشدّ الحاجة، وتراه معافى وفي جسمه النحيل تعتمل الأوجاع. كان عدوّا عنيدا للجبن وللصمت وللاستقالة من المواطنة الإيجابية ! منذ سنوات قلت له مرّة: لِمَ تؤدّي دائما فَرض الكلام كلّما حضرت اجتماعا؟ قال لي: يجب أن أتكلّم بما يجيش به صدري… احتراما للحاضرين ! قلت له: الصمت أيضا كلام ! قال بحماسة: » أبدا، الصمت خيانة… اُنظر إلى الخراب الشامل الذي سببه صمت الصامتين !! ». ولأنّ هذا الرجل الذي فقدناه ليس بلصّ ولا بمخادع ولا بأنانيّ، فقد كانت صراحته طبعا فيه أصيلا لم يفارقه أبدا. كانت له حميّة لا تعمى عن احتمال المراجعة، وكان له عقل لا يسمح بالجفاء ولا بالجفاف ! منذ سنة قال لي: عجيب أمر هذا السكّري، لقد عُرف بأنّه مرض القاعدين المترفين ولم أكن يوما منهم… فلِم اختارني؟ قلت له: لأنّك محبّ للشعر، راوية له، محبّ للحياة والفعل فيها ! عبد الرزاق الضيفاوي ( 1952 – 2005)
———————————————————————– لقد قيل أيّها الإخوة، إنّ الموت يختار الأفاضل من الناس. ولقد صدق هذا القيل في وفاة فقيدنا العزيز عبد الرزاق. وعسى أن نواصل السير في الطريق التي اختار واخترنا بحرية وعن اقتناع تام: طرق الحرية للجميع، والتقدم للجميع، والعدالة في شتى مجالاتها للجميع. مناضلا ديمقراطيا حقيقيا عاش ما عاش، ولم يأخذ من هذه الدنيا سوى القليل القليل وعلى استحياء ! وعاش ما عاش وأعطى الجزيل الجزيل. رحمة الله على روحه النقيّة الطاهرة.
والسلام عليكم عبد الرحيم الماجري مقبرة الخلوة- سيدي عمر بوحجلة الجمعة 23 ديسمبر 2005
—————————————–
المرحوم عبد الرزاق الضيفاوي كما عرفته
أحمد السميعي لقد تعرفت على المرحوم لأول مرة في أواخر السبعينات من القرن الماضي أي في تلك السنوات التي تراكمت فيها النضالات الطلابية والعمالية وتقاطعت مع ضغوط دولية وإقليمية على خلفية الصراع على الخلافة بين مختلف الأطراف داخل السلطة لتنتهي إلى أحداث 26 جانفي 1978 المأساوية. كان المرحوم حاضرا في كل التحركات النضالية بالجهة قبل 26 جانفي وبعدها للدفاع عن حقوق العمال وعن حرية العمل النقابي وعن استقلالية الاتحاد العام التونسي للشغل. وكان للمرحوم حضور قوي في النقابات التابعة لقطاع الفلاحة بشكل خاص حيث كان يحظى بتقدير كبير من طرف كل عمال هذا القطاع. ثم انقطعت علاقتي مع المرحوم سنة 1982 ليتواصل هذا الانقطاع إلى موفى سنة 1987 بسبب تغيبي عن أرض الوطن وقضاء هذه السنوات الخمس في القطر الجزائري في إطار التعاون الفني. وقد كانت هذه السنوات فرصة لي للتأمل في الكثير من القضايا ومراجعة بعض الأفكار. وقد ساهمت عناصر عديدة في إقناعي بأن الحرية هي القضية المركزية التي يحق للإنسان أن يناضل في سبيلها ويقدم التضحيات من أجلها. وكم كانت مفاجأتي سارة عندما وجدت المرحوم قد انتهى إلى نفس القناعة وذلك عند أول لقاء به بعد عودتي النهائية من الجزائر. وقد عرض علي المرحوم الانخراط معه في حركة الديمقراطيين الاشتراكيين فقبلت العرض لاعتقادي أن هذه الحركة هي التي كانت تمثل آنذاك أفضل الفضاءات للنضال من أجل الحرية. ومن ذلك الوقت وإلى غاية انتقاله إلى الرفيق الأعلى كنا متلازمين ومتعاونين وعلى درجة كبيرة من الاتفاق بخصوص معظم القضايا المطروحة على الساحة السياسية والحقوقية عموما. وإني أذكر مثلا أننا كنا الوحيدين في الجهة اللذين عارضا غزو الكويت من طرف القوات العراقية سنة 1990 وقد جلب لنا هذا الموقف متاعب كثيرة آنذاك. لقد توطدت علاقتي بالمرحوم منذ ذلك الوقت وكنا حريصين على حضور كل الاجتماعات والندوات الجهوية والوطنية كما كنا حريصين على التدخل في كل النقاشات والتعبير عن رأينا بكل قوة ووضوح. وقد أدركنا سنة 1992 أن السلطة كانت تريد استعمال أحزاب المعارضة كشهود زور بعد محاكمة الإسلاميين الجائرة وما رافقها من قمع وحشي وانتهاك خطير لحقوق الإنسان. ولما رأينا أن قيادة حركة الديمقراطيين الاشتراكيين انخرطت في هذه السياسة مع باقي قيادات المعارضة قررنا الانسحاب من هذه الحركة وقد ساهمنا فيما بعد في تأسيس « التكتل من أجل العمل والحريات ». لقد تعرفت عن قرب على المناضل عبد الرزاق الضيفاوي وأدركت أنه يتميز بصفات قلّ ما نجدها عند الناشطين في المجال السياسي عموما وهي الصدق والصراحة والإصداع بالرأي بدون مجاملة أو حسابات. وكان في كل تدخلاته يدافع بكل حماس عن قيم الحرية والعدالة والمساواة ويتصدى بكل قوة لكل مظاهر الاستبداد والظلم والفساد. وكثيرا ما كان يجلب الانتباه إليه بالخصوص بسبب موقفه المتميز من الحركة الإسلامية حيث كان يرفض فكرة إقصاء هذه الحركة من الساحة السياسية والثقافية والنقابية والحقوقية وذلك على عكس الاتجاه السائد عند معظم التيارات اليسارية في بلادنا رغم أن المرحوم كان يساريا إلى النخاع. وكنت أشاركه في هذا الموقف المدافع عن حق الإسلاميين وقد خضنا سويا نضالات عديدة ومتواصلة لمقاومة الفكر الإقصائي باعتباره يتنافى مع الحرية والديمقراطية. إني أستطيع القول من خلال تجربتي مع المرحوم أنه كان من المناضلين الذين يعول عليهم بكل تأكيد. لقد كان جادا في غاية الجد وحازما في غاية الحزم كما كان صاحب عهد وميثاق. وحتى لما أدركه مرض السكري لم يغادر ساحة النضال وكان يصر على حضور كل الاجتماعات الهامة ويحرص على إثراء النقاش بتدخلاته المثيرة والمتميزة. لقد خسرت الساحة السياسية والنقابية والحقوقية والثقافية في تونس رمزا من رموز الحرية في هذه البلاد ومناضلا عنيدا لا يتردد في مقاومة الطغاة والمستبدين ولا يخشى لومة لائم في الاصداع بكلمة الحق. وقد تسنى لي إدراك جانب آخر من شخصية المرحوم ربما لا يعرفه الكثيرون وهو ولعه الكبير بالأدب. فالرجل له اطلاعات واسعة على الأدب العربي المعاصر وهو يحفظ أشعارا كثيرة وكان يستشهد في معظم تدخلاته بأبيات من الشعر أو ببعض الأقوال المأثورة أو ببعض الأمثال الشعبية. كما أن المرحوم كان مناضلا كبيرا في إطار أسرته أيضا. فهو الذي تكفل بتأمين الدراسة بمراحلها الثانوية والجامعية لأختيه زكية ونجاة رغم ظروفه المادية الصعبة. وقد أدركته المنية وهو يكافح من أجل تأمين الدراسة وتوفير أسباب النجاح لبناته الثلاث بلقيس وخولة ووفاء ولابنيه عبد الناصر وياسر. وأملنا أن يجد هؤلاء الأطفال في خصال أبيهم وصولاته النضالية ما يشجعهم على تحدي الصعاب وتحقيق النجاح في دراستهم. ولهم في ذويهم وفي أصدقاء والدهم سند قوي لأنّ للمرحوم دَينا ولا شك على هؤلاء الأهل والأصدقاء.
القيروان في 26 جانفي 2006
——————————————————————–
ورحل المناضل عبد الرزاق الضيفاوي
فجعت الأوساط السياسية والنقابية في ولاية القيروان يوم الخميس 22 ديسمبر 2005 بوفاة المناضل عبد الرزاق الضيفاوي عضو الهيئة التأسيسة للتكتل بجهة القيروان والكاتب العام للنقابة الأساسية لمركز التدريب المهني الفلاحي وأحد وجوه الحركة السياسية الديمقراطية بالجهة منذ أكثر من عشرين سنة. وقد شيّعه إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه ببوحجلة صباح السبت 24 ديسمبر أفراد أسرته وأعداد غفيرة من المناضلين السياسيين والنقابيين يتقدمهم وفد من التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات الذي انتمى إليه الفقيد منذ التأسيس. وقد أبّن الفقيد كل من السيد عبد الرحيم الماجري باسم التكتل والسيد حسين العباسي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان.
———————————
إحياء أربعينية الفقيد
قامت أسرة الفقيد عبد الرزاق الضيفاوي يوم 29 جانفي الجاري بإحياء مناسبة الأربعينية في منزل العائلة بحضور عدد من أعضاء التكتل ومن أصدقائه ومن النقابيين. من آثار الفقيد تعكف أسرة المرحوم عبد الرزاق الضيفاوي على جمع مخطوطات من دراسات ومقالات فكرية وأدبية خلّفها الفقيد لم يقع نشرها بعد ومنها : – التحـوّلات العالمـية والبديل الديـمـقراطي – في تاريخ الفكر الديني – الرواية والرواية العربية – الشعر الفلسطيني:علامة متميزة في مساحة الشعر العربي الحديث القيروان في : 26 جانفي 2006
——————————————————————- السياسي والمثقف
ليس فقدان المناضل عبد الرزاق الضيفاوي موجعا فقط. بل هو فاجعة بحق. لم تفقده عائلته فحسب. إنّ موته خسارة للحركة الديمقراطية كافة. لم تخسر رجلا عاديا، بل خسرناه مناضلا شرسا وصلبا في دفاعه عن القيم الإنسانية التقدمية الراقية، وسياسيا مثقفا. وهي ميزة نادرة في وسطنا السياسي التونسي. كان الفقيد شغوفا بالمطالعة والقراءة المستمرة لكل ما ينتجه الفكر الإنساني من إبداعات في شتى المجالات، الأدبية والسياسية والفلسفية والاجتماعية. كان كلما التبست عليه المسائل أو على أحد من أصدقائه إلاّ ونصحه بارتداء النظّارات، وعندما كان أصدقاؤه يسألونه ماذا تعني النظّارات؟ أجاب بأنّها لا تباع عند صانع النظارات وأنّها نظّارات خاصة يُمناها كارل ماركس ويسراها أنجلز. كان مؤمنا أشدّ الإيمان بالمعرفة في مواجهة الجهل وما تنتجه ماكينة الجهلة من أفكار وسلوكات تدمّر ما حققته الإنسانية في عالم الحضارة.
عبد الرزاق الضيفاوي، اسم ورجل يحترمه عدوّه قبل رفيقه وصديقه لأنّه طيلة حياته لم يتزحزح قيد أنملة عن مبادئه ولم يرضخ للتهديد وللترغيب في مغريات الحياة رغم قلّة ما في اليد.
كان كريما في الحياة، يخجلك بكرمه كلّما لاقاك صدفة، وكان سخيّا في النضال، يقتطع من قوته للقيام بمهامه النضالية. ولم نره يوما يشتكي، بل كان صبورا وملهبا جمرة الأمل في نفوس المحيطين به. لكنّ المرض اللعين تآكله رغم صغر سنّه، وصدق فيه القول « النفوس الكبار تتعب في مرادها الأجسام » وقد تعب جسمه وخذله وخذلناه، فأخذه في غفلة منّا.
تعوّد طيلة حياته « زوّار الليل » وكان عنيدا معهم، لكنّ الموت زاره ليلا فلم يجد له من رادّ. أخذه، لكنّه ترك لنا عبد الرزاق المبادئ والقيم والنضال. نعاهده رفاقا صادقين على مواصلة الطريق ومواصلة النضال وإكرام من فارقنا. تعازينا لعائلته وأبنائه، إلى أخته المناضلة زكيّة الضيفاوي، وإلى صديقه ورفيق دربه عبد الرحيم الماجري، وإلى كافة رفاقه في حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات.
حزب العمال الشيوعي التونسي
———————————
آخر بيان وقّعه المرحوم الضيفاوي
نحن أعضاء الهيئة التأسيسية للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بالقيروان المجتمعون بتاريخ 18 ديسمبر 2005، وبعد تدارسنا للأوضاع بالجهة خاصة بعد التحركات الطلابية الأخيرة إذ تعمّد عميد كلّية الآداب والعلوم الإنسانية برقادة وضع رزنامة امتحانات غير متلائمة مع مطالب الطلبة ممّا أجبر الاتحاد العام لطلبة تونس على تأطير اعتصام، تحوّل أمام تعنّت الإدارة إلى إضراب جوع بمقرّ الكلّية، نعلن : 1.نندّد بالأسلوب المتعنّت الذي عمدت إليه عمادة الكلّية. 2.ندين الاعتداءات التي أقدمت عليها ميليشيات المرتزقة التجمعية في ظلّ اختفاء كامل لأيّ تواجد أمنيّ على غير ما عهدناه، وهو ما يبرز التواطؤ المفضوح من قبل السلطة خاصة وأنّ التحركات الطلابية تزامنت مع انتخابات المجالس العلمية. 3.نندّد بمنع وفدنا الحزبي من زيارة المعتصمين بالكلّية للاستماع إلى مشاغل أبنائنا الطلبة. 4.نعلن مساندتنا المطلقة لكافّة التحركات الطلابية التي هي جزء لا يتجزّأ من الحركة الشعبية. معا من أجل مجتمع حرّ، عادل و نام الهيئة التأسيسية للتكتل بجهة القيروان
(البوابة: جانفي 2006 العدد 8)
حول موقف اتحاد الشغل من المنتدى الاجتماعي
ما تزال السلطة في تونس تعارض بعث المنتدى الاجتماعي معبّرة بذلك عن مدى تمسكها بنهج الانغلاق وبمنطق التحجّر والتكلّس وبمواصلة احتكارها للفضاء العام و بلجمها للأفواه وبتجريمها لكلّ من يرغب في الاعتناء بالشأن العام وخاصّة من يطمح لمعالجة القضايا من خارج منظورها. فقد عمدت يوم الأحد 25 – 12 – 2005 لمنع ندوة دعت إليها جمعية النهوض بالطالب الشابي، فحاصرت المدينة واعترضت المدعوين على بعد عديد الكيلومترات وحالت دون وصولهم إليها وأجبرت من استطاع الوصول إلى الشابّة على مغادرتها وفرضت عليه حتى الطريق التّي يجب أن يسلكها( وهو ما حصل مع الأستاذ عبد الجليل البدوي الذي دعي للإشراف على الندوة وإلقاء محاضرة)
كما يبدو تحجّر السلطة من خلال ضغطها على بعض المنظمات وحثّها على الامتناع عن المشاركة في تأسيس المنتدى الاجتماعي التونسي أو باحتواء الفكرة وتجسيمها وفق تصوّر مشوّه لا يشترك مع صيغ المنتديات الاجتماعية الأخرى (العالمي وغيره) إلا في الاسم. مواقف قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل تستوجب التدقيق׃
لقد أعلن الأخ المنصف اليعقوبي في ندوة القيروان بتاريخ 18 – 12 -2005 « قرار الاتحاد العام التونسي للشغل بعث المنتدى الاجتماعي قبل نهاية شهر جانفي 2006. كما عرض التمشي الذي سيقع إتباعه والمتمثل في عقد لقاء نقابي حول المنتدى يوم 03 جانفي 2006 يليه لقاء لجمعيات المجتمع المدني( أحصاها في قائمة تضمّ حوالي 40 جمعية) بعد حوالي أسبوع، ثمّ ينعقد المنتدى قبل نهاية شهر جانفي »‼! كما سئل الأخ اليعقوبي حول إمكانية استدعاء الجمعيات غير المرخص لها قانونيا في النشاط كجمعية »راد أتاك » مثلا فأجاب ׃ » بأنّ فتحي الشامخي هو صديقه الشخصي وأنّه لا يرى مانعا في استدعائه ».
وبما أنّ الأخ اليعقوبي قد غادر الاجتماع ولم يعد لمواكبة الحصّة المسائية وبالتالي لم يفسح لنا المجال لمناقشته. ونظرا لأنّني لم أدع للقاء النقابي ليوم 03 – 01 – 2006 رغم تحملي للمسؤولية النقابية( كاتب عام للاتحاد المحلي للشغل بالمكنين) ورغم اهتمامي بفكرة المنتدى الاجتماعي التونسي ومساهمتي في كلّ اللقاءات والأنشطة التّي نظمّت للتعريف بالمنتديات الاجتماعية ولإنضاج الظروف لبعث المنتدى الاجتماعي التونسي، فإنني أودّ أن أبدي بعض الملاحظات كمساهمة في النقاش العام
إن موقف الاتحاد العام التونسي للشغل بخصوص بعث المنتدى الاجتماعي التونسي رغم اعتراض السلطة يحسب له ويعتبر جريئا يضاف لمواقفه المشرّفة الأخرى من دعوة المجرم شارون ومن المشاركة في مجلس المستشارين وغيرها من المواقف المجسمّة لإرادة الشغالين في تجسيم استقلالية منظمتهم.غير أنّ التمشي المقترح، سواء من حيث تحديد التواريخ أو من خلال ضبط قائمة الجمعيات المسموح لها بالمشاركة في المنتدى أو من خلال حصر مضامين المنتدى « في المضامين الاقتصادية والاجتماعية » وإسقاط المضامين السياسية باعتبارها لا تدخل ضمن مشاغل المنتديات الاجتماعية‼ إنّ هذا التمشي وهذا التحديد لمضامين المنتدى يستوجب التدقيق ويبعث على التساؤل حول مدى إطلاع الأخ اليعقوبي على ميثاق مبادئ المنتدى الاجتماعي العالمي. فالمنتدى الاجتماعي وفق مبادئ الميثاق العالمي » هو فضاء مفتوح للتفكير ولنقاش الأفكار الديمقراطية » ( الفقرة الأولى للميثاق) وهو حسب الفقرة السادسة من نفس الميثاق « لا تكتسي لقاءاته طابعا تقريريا ولا يشكل هيئة تقريرية » فأنّى إذن للأخ اليعقوبي أن يقرّر بمفرده متى سيعقد المنتدى ومع من؟ كما « يوفر المنتدى إمكانية التداول بكلّ حريّة خلال جلسات النقاش حول الإعلانات أو برامج العمل التّي يقرر خوضها » (الفقرة السابعة) فما هي المواضيع التّي سيتم بحثها ونقاشها في المنتدى المزمع عقده قبل نهاية شهر جانفي؟ ومن سيتولى التقديم لها؟ وأيّ فضاءات ستحتضن هذه النقاشات ؟ ومن سيموّل الدورة الأولى؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التّي لا نظنّ أنّ الأخ اليعقوبي قد أعدّ لها إجابات وإن فعل فلا ندري مع من أعدّ هذه الأجوبة. كذلك » يمثّل المنتدى فضاء متعددا ومتنوعا غير عقدي وغير حكومي وغير حزبي ينسق بشكل لا مركزي عن طريق نظام شبكي بين الهيئات والحركات الملتزمة بالعمل الملموس على المستوى المحلي أو العالمي بهدف بناء عالم آخر » (الفقر الثامنة ). فإلى أيّ مدى يمكن للأخ اليعقوبي أن يضمن أنّ الجمعيات ال40 التّي يعتزم دعوتها تقبل بمبادئ هذا الميثاق وخاصّة بمبدأ بناء عالم آخر ؟ والمنتدى من ناحية أخرى « هو فضاء مفتوح في وجه التعددية وتنوع الالتزامات وعمل الهيئات والحركات التّي تقرر المشاركة فيه »( الفقرة التاسعة) أي أنّه فضاء يقرّ التعددية وربّما يعمل على توسيعها وهو بالتأكيد لا يبيح لمن يريد أن ينخرط فيه أن يتحوّل إلى أداة للفرز بين من هو قانوني ليشركه في المنتدى ومن هو غير قانوني ليقصيه من المشاركة في المنتدى. إن لعب مثل هذا الدور لا يمكن إلا أن يحدّ من فاعلية المنتدى ويحرمه من الاستفادة من مساهمة بعض الأطراف الفاعلة تنظيرا وعملا ميدانيا، ويدعم في المقابل- ولو بشكل غير مباشر – تسلّط أنصار العولمة فيحيد بذلك المنتدى عن عمله الأصلي في »التنسيق من أجل حركة فعالة من قبل هيئات وحركات المجتمع المدني المعارضة للنيوليبرالية ولسيطرة رأس المال أو أي شكل من أشكال الإمبريالية »
(الفقرة الأولى) المنجي بن صالح جانفي 2006
(البوابة: جانفي 2006 العدد 8)
جدل في اتحاد الشغل حول المنتدى الاجتماعي التونسي
كان موضوع المنتدى الاجتماعي التونسي محور الهيئة الإدارية الوطنية التي عقدها اتحاد الشغل يوم 3 جانفي 2006 بنزل أميلكار بتونس.
وقد عبّر الأمين العام للاتحاد عن موقف جديد للمنظمة الشغيلة ربّما سيثير انتقادات من عدة جمعيات، خاصّة وقد أعلن في تدخله أنّ التعامل سوف يكون مع « الجمعيات المعترف بها رسميا دون سواها » كما انتقد بعض الجمعيات والمنظمات دون أن يسمّيها وقال إنّها لايحاسبها أحد في عملها عكس الاتحاد الذي يرعى مصالح الشغالين والنقابيين ويخضع لمحاسبتهم.
يذكر أنّ اتحاد الشغل شارك محلّيا وخارجيا في عدّة ندوات واجتماعات في إطار المنتدى الاجتماعي الدولي والمنتدى الاجتماعي المغاربي كانت تحضرها عدة جمعيات تونسية غير معترف بها، كان آخرها الاجتماع التحضيري الذي انعقد يوم 3 ديسمبر 2005 بالمقر المركزي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان للنظر في نسق الإعداد للمنتدى الاجتماعي المغاربي حضرته منظمات تونسية ومغاربية (باستثناء ليبيا) ومنها رابطة حقوق الإنسان والمجلس الوطني للحريات وجمعية النساء الديمقراطيات وراد أتاك تونس وجمعية النهوض بالطالب الشابي. كما كان ممثلو الاتحاد ضمن الوفد التونسي الذي شارك في أفريل 2005 في المنتدى المدني في الليكسنبورغ، وحضروا مع المنظمات الوطنية دون استثناء في الإعداد لهذه المشاركة التونسية.
وكانت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق قد نظمت عدة ندوات تحضيرية للمنتدى الاجتماعي التونسي شاركت فيها مختلف الجمعيات والشخصيات التونسية المستقلّة دون استثناء.
(البوابة: جانفي 2006 العدد 8)
ندوة : المنتدى الاجتماعي وعلاقته بالنقابات
نظّم الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة يوم 28 ديسمبر 2005 بمقرّه ندوة حول المنتدى الاجتماعي وعلاقته بالنقابات، حاضر فيها الأستاذ عبد الجليل البدوي. بحضور أعضاء الهيئة الإدارية الجهوية وعدد من الإطارات النقابية من عدة جهات (بن عروس- زغوان- الكاف- باجة- القيروان) وممثلين عن بعض الجمعيات: الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والاتحاد العام لطلبة تونس وجمعية حاملي الشهادات العاطلين عن العمل. وبحضور الأخ مصطفى بن جعفر.
وقد افتتح الندوة الكاتب العام للاتحاد الجهوي السيد المولدي الجندوبي أشار فيها إلى آثار العولمة التي خلقت وضعا جديدا انعكس على أوضاع الحريات والأوضاع الاجتماعية وهو ما يستدعي تكاثف الجهود النقابية وغير النقابية بالمفهوم الواسع للمجتمع المدني للتصدّي لمعالجة تلك النتائج. كما استعرض المراحل التي قطعت لبعث المنتدى الاجتماعي التونسي ( عريضة وطنية، لائحة داخلية صلب اتحاد الشغل تطالب ببعث المنتدى: 18 أكتوبر 2003، ندوة فروع الرابطة حول المنتدى الاجتماعي 28 ديسمبر 2003…) كمّا ذكّر المتدخّل بالندوة التي منع عقدها مؤخّرا في الشابة والتي دعت إليها جمعية النهوض بالطالب الشابي. وقال السيد المولدي الجندوبي إنّ موضوع المنتدى الاجتماعي التونسي سيطرح في الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل يوم 3 جانفي 2006. الأستاذ عبد الجليل البدوي عرّف المنتدى بأنّه فضاء يجمع كلّ الحركات الاجتماعية بمختلف مشاربها ومشاكلها حول قاسم مشترك وهو : الصمود أمام العولمة ومواجهة انعكاساتها السلبية والبحث عن بدائل جدّية. وأضاف أنّ تونس توجد في موقع متأخّر من عملية النضال من أجل تطوير العمل الاجتماعي.
لماذا أثارت العولمة ردّة فعل ؟ يقول المحاضر إنّ حرية تنقّل رؤوس الأموال والأفراد قد تسببت في انخرامات عديدة في أقطاب العالم وكذلك بينها وحتى داخل المجتمع الواحد. قطب شمال- شمال : أفرزت المنافسة داخل هذا القطب أقطابا (أوروبا وآسيا واليابان) فبرزت لتناقضات التي كانت مطموسة عبر الصراع بين العالم الليبرالي والعالم الشيوعي. قطب شمال- جنوب : قامت العلاقة بينهما على التكامل أي بتوزيع المهامّ ثم تطوّرت إلى علاقة تفاضلية ثم إلى التعامل بالمثل بين دول غير متكافئة، مع بعض الاستثناءات وغالبا ما تكون في صالح البلدان الغنيّة. قطب جنوب- جنوب : أحدثت الفوارق بين بلدان الجنوب تنافسا احتدّ شيئا فشيئا لاستقطاب الاستثمار الخارجي. وهو ما أدّى إلى تراجع المكاسب الاجتماعية (هشاشة العلاقات الشغلية) وانخرام ميزان القوى بين رأس المال والعمل. داخل المجتمع الواحد : تفاقمت الفوارق بين المناطق وبين القطاعات وبين الأفراد. ويخلص المحاضر إلى أنّ التناقض أصبح صارخا بين الرقيّ والتقدم التكنولوجي وتطوّر الطاقات والإمكانيات من جهة والتراجع في المكاسب الاجتماعية من جهة أخرى. وهو ما نتج عنه هروب السلطة الاقتصادية من بوتقة السلطة السياسية التي أصبحت تحت سيطرة المؤسسات المالية والشركات المتعددة الجنسيات، وتراجع الحريات والديمقراطية. وهذا الوضع دفع إلى تنامي التحركات الاجتماعية.
محطّات المنتدى الاجتماعي واستعرض الأستاذ عبد الجليل البدوي المحطات الدولية الهامة التي أنجزت في سياق المنتدى الاجتماعي الدولي. وأبرزها التحركات التي وقعت في المكسيك سنة 1994 ثم التظاهرات التي حصلت بـ »سياتل ». وفي سنة 2001 أنجز أوّل اجتماع للمنتدى العالمي في « بورتو أليغرو » بحضور 10 آلاف مشارك. وأشار المحاضر إلى أنّ المنتدى الاجتماعي العالمي قد برز في خضمّ النضالات والصراعات التي كانت النقابات أبرز الفاعلين فيها.
عضوية المنتدى الاجتماعي يقول المحاضر إنّ المنتدى مفتوح لجميع المنظمات ما عدى الأحزاب السياسية وأنّ الجدل متواصل حول هذه المسألة. وفي الوقت الحاضر تتجاذب المنتدى ثلاثة تيّارات : الراديكاليّون، ويطالبون بتغيير نمط النظام الاقتصادي، والإصلاحيّون وهم الذين يدعون إلى إصلاح المؤسسات في اتجاه الشفافية والديمقراطية وبناء نظام عالمي جديد، والقوميّون. وهذا التشكيل هو الذي أوجد ثلاث مدارس اقتصادية داخل المنتدى.
مقترحات أثار المتدخّلون عقب المحاضرة عدّة قضايا. فهناك من اعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل نفسه منتدى، وأنّه المنظمة التي يجب أن تحمل على عاتقها مهمّة الدفع باتجاه إنجاز المنتدى في غياب الحراك السياسي في البلاد. وقال أحد الحاضرين إنّ الندوات قد تعددت دون إنجاز شيء يذكر وأنّه قد حان الوقت لبعث المنتدى. ولكنّه أشار في نفس الوقت لاحظ أنّ دور النقابات غير كاف فلابد من مناضلين مقتنعين دون هيمنة أيّ طرف. كما تساءل متدخّل آخر عن إمكانية عقد المنتدى في ظلّ واقع يسوده كبت الحريات. (البوابة: جانفي 2006 العدد 8)
جائزة الهاشمي العياري تسند إلى جمعيّة القضاة
أسندت لجنة جائزة الهاشمي العياري بالمجلس الوطني للحريات، جائزة سنة 2005 إلى جمعيّة القضاة التونسيين وذلك « تقديرا لمواقفها النضاليّة وصمودها من أجل استقلال القضاء ولنضالات هياكلها واعتبارا لتضحيات أعضاء هيئتها في السنوات الأخيرة ».
و قد تمّ تسليم الجائزة يوم السبت 10 ديسمبر، العيد السابع لتأسيس المجلس، و الذكرى السابعة و الخمسون للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، خلال حفل تكريم التألم بمقر التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات بحضور ممثلين عن أحزاب و منظمات المجتمع المدني والعديد من النشطاء في حقل حقوق الإنسان.
وقد تولّى السيد علي بن سالم تسليم الجائزة باسم لجنة جائزة الهاشمي العياري إلى القاضية وسيلة الكعبي والقاضية ليلى بحرية الممثلتين عن جمعيّة القضاة التونسيين ثمّ ألقتا بهذه المناسبة كلمات مؤثرة عبرتا فيها عن استعداد القضاة التونسيين الشرفاء لمواصلة نضالهم من اجل قضاء مستقل مهما كلفهم ذلك من تضحيات.
(البوابة: جانفي 2006 العدد 8)
الكاف- تدهور الخدمات الصحّية
عبد القادر بن خميس بُني المستشفى المدني بمدينة الكاف في النصف الأوّل من القرن العشرين، ووُشّح مدخله الرئيس بالحجارة المنقوشة. وعلى هذا المنوال أيضا شُيّدت العيادات الخارجية وجناح العمليات، فكان متعة للزائرين. أمّا الأقسام الأخرى فهي منتشرة داخل فضاءات متّسعة تظهر سقوفها المغطاة بالقرميد الأحمر خلف أشجار الزيتون كأنّها درر. اشتهر هذا المستشفى بقسم الجراحة الذي أشرف عليه الدكتور قوطس Goets ثم الدكتور الإيميّم، كما اشتهر أيضا بقسم الأمراض الصدرية، وهذا الأخير متكوّن من ثلاثة طوابق على شكل منعطف رفع على ربوة صخرية ممّا زاد في جمالية المجمّع الاستشفائي.
أُحدث هذا القسم المتميّز خصيصا للدكتور المنوبي بن بشير وهو اختصاصي ذائع الصيت، إذ كان يقصده مرضى الجهاز التنفسي من جميع أنحاء الشمال الغربي، وبعضهم يوجّه إليه بعناية من تونس العاصمة. زد على ذلك أنّ مناخ مدينة الكاف الجبلي الغابي وبُعدها عن رطوبة البحر، جعلاها تساعد على شفاء المصابين بهذه الأمراض. والقاصد هذا المستشفى سواء للتداوي أو المرافقة أو الزيارة يشعر بالخشوع والاطمئنان فالمريض ينعم براحة بال تامة وبعناية موفورة في كنف الهدوء والصوت الخافت.
لكنّ هذا المعلم الاستشفائي اُصيب اليوم بانتكاسة مذهلة، فالإضافات والإحداثات- إدارية كانت أو استشفائية- غلب عليها الطابع الفوضوي المبتذل. وتسرّبت هذه الفوضى داخل المستشفى لتعمّ كلّ الأقسام، وانتاب المرضى وأهاليهم القلق والخوف، حيث برز للعيان النقص في كلّ شيء : فعلى أهل المريض توفير الفراش والمأكل والدواء حيث صارت صيدلية المستشفى خاوية، خالية من جميع الأدوية، مع العلم أنّ جلّ المرضى المقيمين هم ضعاف الحال- على غرار فقر مدينة الكاف البائسة- أمّا المرضى الوافدون من الريف فهم في تعاسة أشدّ لأنّ ذويهم لا يستطيعون مزاورتهم وتوفير ما يستحقّون.
ففي « قسم 500 » المتخصص في أمراض السكري وضغط الدم، أصبح المريض متروكا لقدره : ذات ليلة لم يتمكّن مريض مسنّ من تناول دوائه لوحده فسكب الماء على صدره وهو ممدّد، ولم يأت أحد لإسعافه ولولا أنّ أحد المرضى تفطّن للكأس ملقاة على فراشه وذهب لنجدته لبات المسكين مبلّلا وأصابه أذى ليلتها ولتعكّرت حالته. كذلك أُصيب مريض آخر بإسهال فغُلب على أمره وبقي على حاله ساعات حتى انتبه مريض من رفاقه وهبّ لتخليصه وإزالة ما علق به.
فأمّا الساهرون على المرضى من ممرّضين وممرضات فتجدهم مجتمعين في إحدى الغرف يتابعون مسلسلا أو منوّعة غنائية… غير عابئين بمرضاهم ومعاناتهم. كذلك الشأن عندما تأتي الطبيبة للمعاينة الصباحية، فهي تكتفي بإطلالة عن بعد إذ تقف عند الباب لاتتجاوز عتبته موصية المرضى جميعا بالمواظبة على تناول الأدوية في أوقاتها وهي تعلم أنّ الأدوية التي ضمّنتها غير متوفرة. وفي هذا القسم بالذات (قسم500) وقع قبول والد أحد المتساكنين بمدينة الكاف ليلا وهو مصاب بالسكري، ومن الغد وفي الصباح الباكر حضر ابنه للسؤال عن حاله فوجده طريحا على الأرض، إذ سقط من فراشه أثناء الليل وهو في غيبوبة، فحمله على الفور إلى تونس- بإمكانياته- لإنقاذه من الموت. وعندما استفاق المريض استوجبت حالته بتر رجله.
لقد وصلت الحالة في مستشفى الكاف إلى هذه الدرجة من الإهمال والضياع والبؤس حتّى تملّك التوجّس نفوس جميع المتساكنين.
(البوابة: جانفي 2006 العدد 8)
قصّة قصيرة : سلالة الملوك
توارثت عائلة مالك حكم « مملكة المماليك » لسبعة أجيال على التوالي وكان من عادتها ألاّ ينجب الحاكم إلاّ ذكرا واحدا حتى لا يتقاتل الإخوة على العرش الذي يصبح عندها مهدّدا بالإفلات منها. لكنّ الملك السابع كان طالعه نحسا على نفسه والعائلة والعرش فجاء ابنه الوحيد إلى الدنيا مخصيّا وكان قدر السلطة إذن الإفلات من العائلة، فإن تولّت الأميرة أمور المملكة انتقلت السلطة إلى سلالة الصهر، وإن تولاّها الأمير شغر العرش بمجرد موته.
وازداد قلق الملك السابع لمّا أخفق الأطباء في معالجة الأمير لعدّة سنوات بعد زواجه وانشغل الملك بالبحث عن حلّ للمعضلة دون جدوى. وكاد يأمر بمنع الزواج عن شبّان المملكة وقتل كلّ من يصغر ابنه سنّا حتى تنقرض المملكة بانقراض سلالته لولا ذكاء أحد الأطباء الذي نبّهه إلى إمكانية التناسل عبر « الأنبوب » فراح الملك ينفق أموال المملكة من أجل الحصول على حفيد وازدادت حيرته مع فشل المحاولة الأولى والثانية وعاد يطرح نفس الفكرة لولا تدخّل قوى غيبيّة لإنجاح التجربة الثالثة، فسعدت المملكة وغمرتها الاحتفالات. لكنّ الملك التاسع وُلد بجسم إنسان ورأس بومة ويدي ضفدع وساقي نمر وأسنان فأر وأنف جرادة وعيني ثعبان وذيل سمكة وقضيب حمار وشعر قرد.
هكذا جمع « ابن الأنبوب » كلّ خصال أجداده فسمّاه جدّه ملك المملكتين مملكة الإنسان ومملكة الحيوان. فاتّسع نفوذ أسرة الملوك باتساع عرشها.
زكية الضيفاوي
(البوابة: جانفي 2006 العدد 8)
شكر يحشّم !!
جرت العادة وكلّما احتدّت ضدّها المواقف النقدية أن تبحث السلطة عن سند شخصيات أجنبية وهو لعمري أمر في السياسة مشروع بشرط أن لا ينعت المعارض بنفس الأسلوب « بالبيّوع ». الطريف اليوم وقد تفاقمت أخطاء الحكومة أن من يساندها خيّر التستّر خوفا من « الحشومة » أبو سفيان
قامت السلطات التونسية بتعطيل الوصول إلى موقع التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات www.fdtl.org داخل تونس وذلك منذ بداية شهر ديسمبر 2005 المنقضي.
(البوابة: جانفي 2006 العدد 8)
بعد تلقيهم أنباء عن دفن السلطات لأبنائهم سراً ..
ليبيون غاضبون يحرقون أجزاء من مستشفى بنغازي الرئيسي
بنغازي – خدمة قدس برس
أفاد شهود عيان في مدينة بنغازي (شرقي الساحل الليبي الشمالي) أنّ أهالي الضحايا الذين سقطوا برصاص قوات الأمن الليبي، أضرموا النار في أجزاء من مشفى الجلاء الرئيسي في المدينة، بعد تلقيهم أنباء غير مؤكدة عن إقدام رجال الأمن بدفن أبنائهم سراً، حتى لا تحدث أي مناوشات جديدة خلال تشييع الجنائز.
وقال الشهود لوكالة « قدس برس »، « إنّ عشرات الغاضبين أضرموا النار في أجزاء من مشفى المدينة الرئيسي، الذي استقبل عشرات الجرحى والقتلى بعد منع سلطات الأمن الليبية من دخول الأهالي لليوم الثاني على التوالي، لزيارة أبنائهم المصابين والاطمئنان عليهم، أو تسلّم جثث الضحايا ».
وأضاف الشهود أنّ عدداً كبيراً من قوات الدعم المركزي (قوات خاصة لمكافحة الشغب) أغلقت جميع المنافذ المؤدية للمدينة، خوفاً من اقتحام الأهالي الغاضبين للمشفى وإخراج جثث أبنائهم ودفنها.
يُذكر أنّ مدينة بنغازي، التي تقع على بعد ألف كم إلى الشرق من العاصمة طرابلس، تعيش حالة من الفوضى بعد سقوط العشرات في أحداث الجمعة (17/2)، بعد أن أغلقت السلطات جميع محلاتها وأعلنت أنّ اليوم هو يوم حداد، وهو ما فسّره المواطنون هنا على أنه يأتي تخوفاً من مغبة وقوع صدامات جديدة.
ويقول مواطنون في اتصال مع « قدس برس »، « إنّ الاحتجاجات لا تزال قائمة لليوم الثاني على التوالي، بعد حرق القنصلية الإيطالية بأكملها ليلة أمس، وحرق عدد من المؤسسات الحكومية ».
وتخشى السلطات الليبية من أن تأخذ المظاهرات طابعاً سياسياً، خصوصاً بعد خروج عشرات المواطنين الغاضبين في شوارع المدينة رافعين شعارات تندِّد بالحكومة، وهتافات تمسّ القيادة الليبية وثورة « الفاتح من سبتمبر » مباشرة، ومنها ما صرّح بالتنديد برأس الحكم في البلاد العقيد معمر القذافي.
وكان عشرات المواطنين الليبيين قد تساقطوا تباعاً برصاص الأمن الليبي بين قتيل وجريح حول مبنى القنصلية الإيطالية ببنغازي مساء الجمعة، خلال مظاهرة منددة بالإساءة إلى المقام النبوي من جانب وزير إيطالي. وأدت التطورات الدامية في بنغازي إلى إرغام حكومة برلسكوني على تكثيف ضغوطها على الوزير المعروف بتطرفه، فاضطر السبت 18 فبراير إلى الاستقالة على وقع هذه التطوّرات.
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 20 فيفري 2006)
لماذا رحلوا.. وعاد عمرو خالد؟
19-2-2006 أحمد دعدوش في هذه المرحلة، أفصح عمرو خالد أخيراً عن فلسفته في الصبر وتجاهل كل ما أثير حوله من شبهات ولكن بطريقة مستبطنة، إذ دعا مشاهديه في إحدى حلقات برنامجه (صناع الحياة) إلى تركيز جهودهم على تحقيق أهدافهم دون تشتيت الطاقات بأي التفاتة إلى نقادهم، ثم أشاد في برنامج (على خطا الحبيب) الرمضاني بطريقة النبي صلى الله عليه وسلم في تجاهل بعض منتقديه من مشركي قريش، مؤكدا على أن بعض الاتهامات لا يجدي معها الرد
هاهو يحصد المزيد من الثمار ويفاجئ متابعيه، محولا مشروعه الذي بدأ بمغامرة -حسب قوله- إلى منظمة دولية ترعاها مؤسسات مصرفية وتجارية دولية، وكأنه يعلن لأولئك الذين شككوا في رسالته ولم يروا فيها أكثر من « تقليعة » أنه لم يعد من الممكن تجاهله. قبل أربع سنوات ونيف، بدأ الرجل دعوته بقوة عبر شاشة (اقرأ)، واكتسب شهرته الواسعة من خطابه الوعظي الجديد، والذي كسر به قاعدة الدعوة المؤسسية التي ظلت تنوء بحمل الرسمية والتقليدية، وتفصلها عن المجتمع شروخ عميقة نظرا لعدم تمكن الكثير من الدعاة من تفهم متطلبات الجمهور المخاطب، وعجزهم عن إيجاد قنوات الاتصال التي تراعي ثقافتهم، خصوصا وأن البيئة التي نشأ فيها أولئك الدعاة تختلف عادة عن الوسط الذي يتوجهون إليه. لم ترق للكثير من الجهات هذه الدعوة الجديدة التي سرعان ما اكتسحت أوساط الشباب، وبدأت بسحب البساط من تحت أقدام النجوم الذين لم يعتادوا على منافسة من هذا النوع، فجرّدت صحف عدة أقلامها لقصف هذه « الظاهرة »، خصوصا عندما أخذت بالتوسع مع انضواء أقطاب جديدة تحت لوائها كالشيخ خالد الجندي والحبيب الجفري، ثم ازداد الطين بلة بانسحاب أعداد كبيرة من الوسط المعارض إلى هذه البيئة الجديدة في حركة « ردة » مفاجئة، لتبدأ « ظاهرة » حجاب المذيعات في مصر وغيرها، كضربة موجعة على الأنوف التي تورمت من ظاهرة حجاب الفنانات من قبل، وبدا واضحا اكتساح مفاهيم « الدعاة الجدد » لكل مناحي الحياة، إلى درجة تجرؤ البعض على إخراج الأغاني الدينية في نمط الفيديو كليب بشكل بدا للكثيرين ضربا من التحدي!. لم توفر الصحافة آنذاك جهدا في انتقاد ما يجري، فبعد أن اتهمت عمرو خالد بالسطحية وقلة العلم، وذرفت دموع التماسيح على قداسة المهمة الدعوية المنتهكة، استنفرت مشيخة الأزهر لاستصدار قرار يدين خروجه عن النمط الدعوي التقليدي، ولما لم تجدِ المحاولة نفعا تحولت الأنظار إلى تمحيص خطابه الدعوي ومحاولة استخراج بعض السقطات التي يمكن أن تشكك في عقيدته، ووُظفت في ذلك بعض الأقلام المتخصصة التي أخرجت كتاباً يحكم بكفر الرجل وخروجه عن الملة، ثم بدأت بعض أصوات الدعاة الآخرين بالارتفاع للتنديد به وتجريح بعض مقولاته بشكل متهافت، وفي صورة تشي بالغيرة في أبسط صورها المألوفة. تطور الأمر بعد ذلك إلى استحداث الأكاذيب، فتطوعت إحدى المجلات الشهيرة لاختلاق تهمة امتلاك الرجل شركة إنتاج تجني أموالا طائلة من جيوب عامة الشعب من خلال بيع تسجيلات محاضراته الشهيرة، ثم أخذ الأمر بُعدا هزليا عندما أصبحت كل كلمة أو حركة يأتي بها محل سخرية، حتى أن بكاءه في إحدى الحلقات بدا لبعض الكتاب المتربصين مصطنعا بشكل لا يقبل الشك! المفاجئ في كل هذا أن عمرو خالد لم يلتفت إلى شيء من هذه التهم، ولم يعرها أي اهتمام يذكر، بل اكتفى بجمع المقالات التي دافعت عنه ونشرها في موقعه، الأمر الذي أصاب نقاده في مقتل، إلى درجة أن أحدهم كتب يتساءل في استفزاز واضح عن السبب الذي يمنعه من الدفاع عن نفسه ملتزماً كل هذا الصمت، وكأنه يلوّح بتهم خطيرة باتت في حكم الجريمة المفروغ منها عند عامة الناس! في وسط هذا النقاش المحتدم بين النقاد والمؤيدين، لم يكتف عمرو خالد بالصمت فقط، بل كان يخطط بنشاط لخطوته القادمة، إذ انتهز دعوة إحدى الجامعات البريطانية لنيل درجة الدكتوراه، ثم آثر الثناء على وطنه الذي منعه من إتمام مسيرته في إعلان مستبطن لعدم جدوى استفزازه ودفعه لانتقاد سياسة بلاده، ورحل بكل هدوء إلى بيروت لتصوير برنامجه الجديد « صناع الحياة »، والذي كان بمثابة الضربة القاضية لكل النقاد الذين أوسعوه قذفا بالسطحية وضعف الخطاب، ورفعوا عقيرتهم طويلا بنقد دعوته التي لم تنجز شيئاً على أرض الواقع، فضلا عن تخديرها لعقول الشباب بالقصص والبطولات! فجاء برنامجه الجديد ليفتتح مرحلة جديدة من حركة التنمية في العالم العربي، وتمكن بالفعل- وبالرغم من كل التشكيك- من تحريك ملايين الشباب العرب الذين أنهكهم الاستهتار العربي الرسمي طوال عقود، حتى أثمر جهده بعقد اتفاقيات عدة مع جهات رسمية وحكومية لتحقيق الكثير من المشاريع ورعايتها، وصولا إلى تأسيس « اتحاد صناع الحياة » الذي جاء تتويجا لكل هذه الجهود، ومستفيدا من الدعم الكبير الذي لقيته هذه الدعوة من جماهير الشباب. في هذه المرحلة، أفصح عمرو خالد أخيراً عن فلسفته في الصبر وتجاهل كل ما أثير حوله من شبهات ولكن بطريقة مستبطنة، إذ دعا مشاهديه في إحدى حلقات برنامجه (صناع الحياة) إلى تركيز جهودهم على تحقيق أهدافهم دون تشتيت الطاقات بأي التفاتة إلى نقادهم، ثم أشاد في برنامج (على خطا الحبيب) الرمضاني بطريقة النبي صلى الله عليه وسلم في تجاهل بعض منتقديه من مشركي قريش، مؤكدا على أن بعض الاتهامات لا يجدي معها الرد، وأن الإصرار على تجاهلها- مهما كان الاستفزاز- أفضل! أما اليوم، فلم تعد إثارة الرأي العام ضد عمرو خالد بتلك السهولة، فبعد أن عاد إلى بلاده منتشيا بالتفاف الملايين من حوله، ومؤكدا على متابعة المسيرة من وطنه الذي لا يفتأ يثني عليه بكل خير، أصبحت فرصة اقتناص الرجل أكثر صعوبة من أي وقت مضى، أما السؤال الخجول الذي رفعته مجلة (روز اليوسف) على غلافها: هل تشكل عودة عمرو خالد خطراً على مصر؟ فلا يشكل في رأيي أكثر من محاولة أخيرة لحفظ ماء الوجه، ولذا أقترح أن يطرح السؤال الذي ابتدأنا به هذا المقال بدلا منه، والذي حاولنا الإجابة عنه بهذه العجالة، فمن أجل هذا رحلوا.. وعاد عمرو خالد.
(المصدر: مجلة العصر بتاريخ19 فيفري2006 )
الحياة» تحاور الفكر العربي: أين نحن في العالم؟ متى ينتهي الانحدار؟ أي دور للمثقف؟ …
برهان غليون: حداثتنا الرثة تنتج قهراً وعنفاً واستبداداً أكثر من انتاجها حرية فكرية وعملية
ابراهيم العريس
من كتاب «بيان من أجل الديموقراطية» لبرهان غليون – (دار ابن رشد 1977)
منذ «بيان من أجل الديموقراطية»، وحتى اليوم حيث هو بالتأكيد واحد من قلة من مفكرين عقلانيين يظهرون على الشاشات الصغيرة معلقين على بعض الأحداث المهمة محللين لها، داعين الى تغييرات شاملة في المجتمعات العربية تلائمها، يعتبر الدكتور برهان غليون صوتاً متفرداً في الفكر العربي الحديث. الأكيد ان هذا التفرد وليد تجربة سياسية مبكرة في بلده، سورية، استبقت تجربته في باريس، حيث درس ثم علّم، ولا يزال مقيماً فيها منذ ثلث قرن. برهان غليون اليوم، أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة السوربون، لكن نطاق همه يتجاوز هذا الموقع الجامعي – على أهميته – بكثير، لأنه منذ بداية سطوع اسمه في عالم الفكر العربي، لم يكتفِ بالعمل النظري في مجال تاريخ الأفكار، بل تجاوز ذلك الى الفعل العملي، محاضراً خطيباً ومشاركاً في السجالات كافة.
فإذا أضيفت كتبه ودراساته الكثيرة، التي قرئت من النخبة العربية وجمهورها على نطاق واسع، وهي في معظمها كتابات سجالية تنظر الى الواقع وما سبقه بعين نقدية تنويرية ونهضوية، ندرك المكانة التي يحتلها غليون على خريطة الفكر العربي.
ومن أبرز هذه الكتب الى «بيان من أجل الديموقراطية»، «اغتيال العقل» و «الاسلام والسياسة: الحداثة المغدورة». ولعل في إمكان المرء أن يفهم موقف برهان غليون من دور المثقف، أو المفكر، من خلال تأكيده في هذا الحوار ان «الفكر لا يلعب دوراً، بل ان المفكر هو من يلعب الدور، مقترباً في هذا من الوظيفة التي يسندها غرامشي الى المثقف بصفته «مثقفاً عضــوياً».
والحوار الآتي الذي أجري مع برهان غليون في باريس، هو حلقة في سلسلة الحوارات التي تجريها «الحياة» مع عدد من المفكرين العرب، طارحة عليهم اسئلة ملحة، شائكة أحياناً، حول الخريطة الفكرية العربية الراهنة، ونظرة المفكر العربي الى ما يحدث، وربما الى ما سيحدث أيضاً، من خلال مفاهيم وقضايا مثل الحداثة والأصالة والعلم والايديولوجيا والإرهاب… وغيرها من أمور تشكل جوهر الهموم الفكرية العربية اليوم، إن لم نقل جوهر الهموم الشعبية والاجتماعية عموماً.
> برهان غليون، أنت بصفتك مهتماً منذ ثلاثة عقود على الأقل بأوضاع المجتمعات العربية وعلاقتها مع العقل كيف تشخص حال هذه البلدان وشعوبها اليوم، من وجهة علم الاجتماع او علم السياسة او التاريخ مثلاً؟
– فرضت الحداثة، التي انبثقت في بعض المجتمعات الاوروبية نتيجة تراكمات حضارية متعددة ومتضافرة منظومات مجتمعية، اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية وتقنية وعلمية، مغايرة بشدة لتلك المنظومات التي سيطرت على مجتمعات القرون الوسطى في العالم أجمع. ومنذ القرن التاسع عشر أصبح الاندراج في التاريخية الحديثة واستيعاب منظوماتها الجديدة، تقليداً وتمثلاً وإعادة اختراع معاً، الشغل الشاغل لهذه المجتمعات، وفي مقدمها المجتمعات العربية والاسلامية التي بدأت تتساءل عن نجاعة منظوماتها الماضية منذ نهاية القرن الثامن عشر. ولم يكن الانسلاخ عن النظام القديم الموروث، بما يشمله من تنظيمات ومعايير وقواعد عمل ومفاهيم وقيم، واستيعاب النظام الحديث، سهلاً في أي منطقة من مناطق العالم وعلى أي مجتمع من المجتمعات.
فقد مرت المجتمعات الأوروبية نفسها في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بمرحلة من التردي في شروط الحياة المادية، ومن القهر السياسي والضياع الثقافي والتخبط الأخلاقي والبؤس الروحي لا حدود له. وعلى قاعدة هذا التردي في شروط حياة المجتمعات والمعاناة القاسية التي ارتبطت به حصل التجدد الكبير في الفكر الانساني: في الاقتصاد والسياسة والثقافة والمجتمع والدين. ودفع الفقر والتشرد المادي والفكري والروحي ملايين البشر إلى ركوب مخاطر البحار للبحث عن الموارد واكتشاف القارات الجديدة واستعمارها على حساب سكانها الأصليين.
وفي دوائر المدنية الكبرى التي كانت محيطة بأوروبا في الصين والهند واليابان وروسيا والعالم الاسلامي والعربي، رافقة التقهقر المضطرد في مواقع الدول والمجتمعات محاولات للتكيف والتحديث وإعادة البناء حصلت فيها مذابح وخيضت في سبيلها حروب داخلية أهلية وخارجية قارية لا تزال حية في الأذهان. ولم تخرج روسيا من الفخ العظيم الذي نصبته لنفسها في سعيها المحموم للحاق بأوروبا الحديثة بأسرع وقت، أقصد فخ النظام الشيوعي الشمولي، إلا منذ سنوات معدودة. ولا تزال الصين تصارع الزمن من أجل الدخول في عصر الحداثة من دون أن تفقد وحدتها وتوازنها، بينما دفعت الهند أكثر من قرن من الاحتلال البريطاني في سبيل بناء نواة دولتها الفيديرالية الحديثة. ولا تزال أفريقيا تتخبط في بيئة تجمع بين انحسار حميمية الماضي وغياب فرص الدخول في آلية الحاضر.
لكن من بين هذه العوالم المتباينة جميعاً، انفرد العالم العربي بالتجربة الأكثر إيلاماً، والتي تجعله يعيش اليوم في حال من الإحباط والخوف وفقدان الثقة بالنفس والآخر معاً. فقد انخرط قبل الصين والهند وروسيا في البحث عن الحداثة واستيعابها، واستثمر فيها مادياً ونفسياً طوال أكثر من قرنين، فعرف الانسلاخ عن الماضي والضياع كما عرف حروب النزاع الداخلي والغزو وحروب الاستعمار التي عرفتها المجتمعات الأخرى جميعاً، لكنه بعكس هذه المجتمعات الكبرى لم ينجح في أن يعيد بناء نفسه في فضاء الحداثة الجديد، لا من الناحية الجيوسياسية، كما فعلت الصين والهند وروسيا، ولا من الناحية السياسية ولا من الناحية الثقافية ولا حتى من الناحية الاقتصادية. باختصار، لقد فقد نظامه القديم من دون أن يدخل نهائياً في النظام الجديد. وبقي لذلك من دون نظام، أي في حال من الفوضى المادية والسياسية والفكرية والروحية، تجعل منه اليوم العالم الأكثر إنتاجاً للعنف والبؤس المادي والروحي والتعاسة الفردية والجمعية في العالم. ويكاد يكون المكان الوحيد الذي لا يزال يشهد ظاهرة الاستعمار فيه، والاستيطاني منه في شكل خاص، وحكم الفرد المطلق، وسيطرة قانون الغلبة والقوة. كما بقي الأكثر طرداً لسكانه بين جميع مجتمعات العالم الكبرى ودفعاً بملايين البشر المشردين إلى البحث عن مستقبلهم خارج حدوده في ظل العداء والعنصرية. وليست الفوضى سوى النتيجة الطبيعية لانعدام النظم والمعايير والمفاهيم والتمثلات المتساوقة التي تضبط سلوك الجماعات والافراد وتخضعه لقواعد ثابتة ومعروفة ومتوقعة. ففي غياب مثل هذه القواعد لا يبقى هناك ما يضبط حركة القوى، من أي مستوى كانت، سوى ميزان القوة وحده وما يستطيع كل صاحب قوة من توظيفه في بناء قوته من موارد قديمة أو حديثة، أي من علاقات شخصية وولاءات وعصبيات وتقنيات وتحالفات. وهو ما يجعل من الحرب، نمط سلوك، أو ناظماً وحيداً للعلاقات بين المجتمعات وداخلها معاً، وفي عمق الفرد الذي تتنازعه أيضاً منظومات قيم وغايات وآمال وآلام متباينة ومختلطة أيضاً.
من المسؤول؟
> لماذا هذا الإخفاق التاريخي الكبير وما هو سبب انعدام الإنجاز الذي يدمر حتى الشعور بالكرامة عند العربي؟
– هناك اتجاه اليوم إلى تحميل الثقافة العربية أو الاسلامية، وبالتالي الاسلام كدين، القسط الأكبر من المسؤولية في فشل الوصول إلى محطة مستقرة للحداثة في المجتمعات العربية. لكنني مع التأكيد على أن عناصر في الثقافة، الزمنية والدينية، قد تلعب دوراً مشجعاً أو غير مشجع في بلورة سلوكات عقلانية في مسار التحديث واستيعاب منظوماته المختلفة، لا أعتقد أنها صاحبة الدور الأول في تحديد مصير مشاريع الحداثة التي ظهرت في حجر المدنيات الكبرى. فالثقافات الحديثة التي قادت هذه المشاريع لم تولد من الثقافات التقليدية ولكنها نشأت بالعكس في مواجهتها، وما كان لهذه المشاريع أن تولد من دون نشوئها عند نخبة محلية. وقد ارتبط مصيرها من حيث التقدم في العمق أو الانتشار في أوساط المجتمع الأخرى بمصير هذه النخبة التي امتشقتها. وأنا أعتقد أن مصير مشاريع الحداثة مرتبط دائماً بطبيعة النخب الاجتماعية التي قادتها وعملت على تحقيقها، وبالتالي بالسياقات الجيوسياسية والسياسية التي حددت خيارات هذه النخب وفرص تكونها كفاعل تاريخي أيضاً.
وفي العالم العربي الذي دخل العصر الحديث بتراث كبير من النظم التي راهنت دائماً على قوى خارجية بالنسبة الى المجتمع، تمثل الانكشارية أكثر تعبيراتها صراحة، كانت القطيعة عميقة بين النخب الاجتماعية، الاقتصادية والإدارية والثقافية والدينية، ذات الأصول والولاءات القومية والثقافية وأحياناً المذهبية المتنوعة، والمجتمعات التي تخضع لسلطاتها. وقد أعاقت الاختراقات الأجنبية نشوء نخبة اجتماعية وثقافية موحدة ذات خصائص مشتركة وواضحة. وهكذا أعيد بناء قيم الثقافة الحديثة ومعاييرها على أساس تكريس هذه القطيعة التاريخية بين النخب ومجتمعاتها وأحياناً تعميقها. وانتهت أكبر مشاريع الحداثة العربية طموحاً، في مصر أسرة محمد علي، بتكوين طبقة كمبرادورية شبه ارستقراطية زادت حداثتها غربتها عن المجتمع، وارتبطت منذ مولدها بالسلطة القهرية الاستبدادية، صارت تنمي في ذاتها مشاعر الانتماء للمجتمعات الأوروبية أكثر من الانتماء للمجتمعات المحلية. أما في معظم البلاد العربية الأخرى التي بقيت خاضعة في إدارة شؤونها لفترة طويلة لنخبة تركية، فلم تكن هناك أصلاً نخب محلية على درجة من التماسك والسماكة والقوة تجعلها تستحق هذا الاسم. وتكفي للتدليل على أهمية الحديث عن طبيعة النخب، مقارنة ما حصل في مصر والعالم العربي بما حصل في تركيا. فلم تثبت النخب المحلية التركية الشابة المتمردة على نظام السلطنة وجودها ووحدتها وجدارتها في مواجهة خطط القوى الغربية الساعية إلى تقسيم تركيا فحسب، ولكنها نجحت أيضاً في بعث روح قومية تركية جديدة وحديثة في مواجهة روح العثمانية الكوزموبوليتية. وهي القومية التي حمت حتى اليوم الدولة التركية الحديثة وحددت غاياتها ووجهت عملها. وبالعكس أدى افتقار معظم المجتمعات العربية لنخب محلية على قدر من الانسجام والاستقلال والكفاية والخبرة والإرادة إلى سقوطها السريع في آليات الانقسام والتجزئة والالتحاق بالدول الكبرى فيما المجتمعات لا ترى للسلطة مصدر شرعية.
قصدت من الحديث عن النخب الاجتماعية والمقارنة في ما بينها إخراج مسألة فشل مشاريع الحداثة أو إعاقتها من دائرة المقارنة بين ماهيات ثقافية غير موجودة، وغير حاسمة إذا وجدت، لوضعها في سياق الصراع بين فاعلين تاريخيين، وبالتالي في سياق البحث عن شروط الصراع نفسها، الجيوسياسية والسياسية أيضاً.
وهذا يعني أن الحداثة ليست مسألة تقليد أو اقتداء أو اقتباس أو فهم واستيعاب عقلية، ولكنها مسألة صراع تاريخي بين قوى داخلية وخارجية لامتلاك موارد مادية ولا مادية تشكل السيطرة عليها وسيلة لتعزيز القوة ودائرة نفوذها وانتشارها. الحداثة بهذا المعنى ليست أمراً معطى ولكنها عملية صراع لانتزاع ثروة تتنازع عليها قوى متعددة وتريد أن تستملكها لنفسها، حتى داخل البلدان ذاتها وليس بين البلدان فحسب. ويكفي النظر إلى مصير رأس المال المتراكم والمهرب إلى الخارج في بلادنا لتأمين شروط اندماج نخبنا المحلية في دورة الرأسمالية العالمية. لكن هذا ما يحصل أيضاً للحريات السياسية التي ينشئها نظام الدولة الحديثة الوطنية وللعلم والمعرفة اللذين يتم احتكارهما والسطو عليهما من نخب محدودة لتعزيز نفوذها الاجتماعي.
وعندما نطرحها في هذا المنظور ونخرجها من دائرة المجادلة في أهلية الثقافة نستطيع أن نقدر في شكل أفضل قيمة الشروط التاريخية الخاصة التي حكمت مشاريع الحداثة الانسانية في كل بقعة من بقاع العالم، ونربطها أيضاً بخصوصيات هذه البقاع الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولا يمكن أن نفصل تعثر مسار الحداثة في منطقتنا عن هشاشة النخب الاجتماعية العربية منذ القرن التاسع عشر حتى الآن بسبب عدم تجانسها وانقسامها وتقلبها وبالتالي سطحيتها. وهو ما يفسر ضيق أفق الحداثة التي تقترحها ومحدوديتها أولاً والقواعد التي تحكم علاقة الدول الأوروبية الحديثة الصاعدة أيضاً بهذه المنطقة من العالم، سواء بسبب قربها منها وحساسية موقعها الاستراتيجي بالنسبة الى أمنها، أو بسبب مواردها الروحية الاستثنائية وما تمثله من رمزية روحية لجميع الأديان السماوية، أو لما ظهر فيها من موارد للطاقة لا يستغني عنها العالم الصناعي. ونستطيع أن نقول إن هذه العوامل التي حكمت إخفاقنا في القرنين الماضيين في انتزاع موقع ثابت في نظام الحداثة هي نفسها التي لا تزال تحكم إخفاقنا الراهن في تجاوز الأزمة العميقة التي وضعنا فيها هذا الإخفاق.
لا نزال نعيش الولادة
> بعيد هزيمة 1967، كانت هناك نهضة فكرية نهلت من الحداثة ولكن ايضاً من الوجوه المضيئة في التراث، علاماتها كتب ودراسات قالت غضب الفكر العربي على الهزيمة ورغبته في تجاوزها… أنت شاركت في ذلك كتباً ودراسات… فهل تعتقد ان تلك الانتفاضة النهضوية أثّرت؟
– أعتقد أننا لا نزال نعيش منذ هزيمة 1967 لحظة فكرية واحدة هي ولادة الفكر النقدي العربي. وأستطيع أن أقول من دون أن أسيء إلى المفكرين الكبار الذين شقوا لنا منذ القرن التاسع عشر طريق التفكير الحديث وأدخلونا في لغة الحداثة وعلمونا مفرداتها، أن العالم العربي لم يكن يفكر في أي فترة كما يفعل اليوم. فما كان سائداً خلال الحقبة الماضية كان استيعاباً للحداثة من طريق تلخيص أفكارها وإدخال مفاهيمها والتدرب على التعامل معها. اليوم لم يعد الفكر العربي ترجمة للكتب الأجنبية بطريقة غير مباشرة ولا التحاقاً بموضتها بقدر ما أصبح يستهدف أكثر فأكثر تحليل مشكلات عينية، ويسعى من خلال منطق العقل الذي تمثله في الحقبة الماضية، إلى فهمها واستيعابها. لقد أصبح تفكيراً بواقع وبالواقع. والسبب في ذلك هو تفاقم الأزمة نفسها ونشوء التحديات الكبيرة والخطيرة التي لا مهرب من مواجهتها وتطوير الأدوات النظرية الناجعة والمناسبة لمعالجتها.
لا أقول اننا ربحنا معركة التفكير النظري المستقل والحر ولكننا في بداية الطريق. وتكفي قراءة صفحات الرأي في الصحف العربية الرئيسية ومقارنتها بما كان ينشر في الخمسينات والستينات لتبين الفرق بين فكرين وحقبتين وعالمين متباعدين تماماً: ثقافة الأيديولوجية والتعبئة والنقل والتمثل لما هو أجنبي حديث وثقافة النقد والتحليل والشك. والسبب الحقيقي لهذا هو أزمة الحداثة العربية بالضبط وإخفاقها، مما أضعف كثيراً شرعية النقل والتمثل والاستيعاب والتقليد وأعطى قيمة أكبر للتفكر الأصيل والجديد والمستقل.
خيانة من؟
> اليوم يرى كثر أن المثقفين صامتون، خانوا أو دُّجنوا… أو ابتعدوا مشمئزين، بينما لجأ بعضهم الى مهادنة أنظمة وتيارات قومية متأزمة او أصوليات؟
– لا أستسيغ كثيراً التهم الموجهة إلى المثقفين أو غيرهم. وحتى أولئك الذين يتهمون بالالتحاق بالنظم والعمل لخدمتها، وهم أكثرية، هنا كما هي الحال في كل المجتمعات، لا أعتبرهم منسحبين وبالأحرى خائنين (لمن؟) وإنما أصحاب رأي مخالف مرتبط بالضرورة بمصالح، وهي بالتأكيد مصالح غير مشروعة أحيانا، كما هي الحال بالنسبة الى طبقة واسعة من أهل الحكم أو الموالين لهم. المثقفون النقديون كانوا في جميع العصور والبقاع أفراداً تحركهم المبادئ والمثل أكثر مما تحركهم المصالح. وهذا الموقف لا يمكن توقعه أو طلبه من الجميع ولا من الغالبية. المهم عندي معرفة لأي هدف تكرس هذه القلة من أصحاب المبادئ والمثل قلمها ووقتها: لنشر عقائد شمولية وأصوليات، كما ذكرت، أم لتعرية الواقع ووضع الأفراد جميعاً أمام مسؤولياتهم لأخذ مصيرهم بأيديهم، وبالتالي للارتفاع بهم إلى مستوى الواجب الأخلاقي. دور المثقفين هو توسيع دائرة المبدئي والأخلاقي والمثالي في المجتمعات وعند كل فرد بما يقدمونه هم أنفسهم من قدوة وما يقومون به من كسر للأوهام ونزع للحجب التي تكبل العقل ومن إحياء للضمير. والساحة الثقافية العربية اليوم لا تخلى من هؤلاء، وأكاد أقول إنها تتسم اليوم بصعود مكانة هؤلاء وتأثيرهم وبانحسار مكانة الآخرين الذين يخفت صوتهم بقدر ما يفتقر خطابهم لأي لون أو طعم أو رائحة، أي لأي مبدأ أو مثال.
الحداثة الرثة
> هل يمكن اتهام حداثة عربية ما… بأنها مسؤولة جزئياً عما يحدث؟
– أنا ركزت بالفعل على ما أطلقت عليه اسم حداثة رثة، خصوصاً في كتابي «الاسلام والسياسة: الحداثة المغدورة». وقلت إن حداثتنا تسد علينا الأبواب في السياسة والاقتصاد والثقافة والعلم والمعرفة والاجتماع والأخلاق معاً. فهي تنتج قهراً وعنفاً واستبداداً أكثر بكثير مما تنتج من الحريات الفكرية والعملية. وهي تراكم الفقر والبطالة والبؤس أكثر مما تزيد من قدرة الافراد على الاختيار في تحسين شروط حياتهم المادية والمعنوية. وهي تشجع عمليات غسيل الدماغ وصب فكر الأفراد في قوالب جاهزة وجامدة، أكثر مما تنمي العقل المفكر والمتأمل والمتسائل. وهي تعمم الإيديولوجيات والشعارات والأساطير الدعائية أكثر مما تعمل على تكوين الأفراد وتأهيلهم وصقل عقولهم وتزويدهم بالمعارف الحقيقية. وهي تنتج الإمعية والتبعية والالتحاق والولاءات الزبونية والعصبوية أكثر مما تقود إلى انبثاق الذوات الحرة والمسؤولة والفاعلة والمشاركة في تقرير مصيرها. وهي تبني السلوك على معايير القوة والغطرسة والانفراد والازدواجية وانعدام المسؤولية أكثر مما تخلق قواعد أخلاقية تنظم العلاقات بين الأفراد على أسس طوعية مدنية.
لكن هذا لا يعني أنني ألوم الحداثة. فالحداثة، عربية كانت أم صينية أم هندية، ليست مسؤولة ولا يمكن أن تكون. فالمسؤولية تقع على البشر الواعين، أي على النخبة الحديثة أو صاحبة مشاريع التحديث. والنقد الذي قصدته للحداثة الرثة ليس اتهاماً ولكن كشفاً عن المطبات التي أدخلت فيها الحداثة العربية وبالتالي تصحيحاً للاستراتيجيات ومخططات العمل وطرائقه أيضاً. عندما أتحدث عن حداثة رثة أو معطوبة فأنا أشير إلى الانسدادات والمطبات والنقائص والأعطاب التي يعاني منها مشروع حداثة قضت مجتمعاتنا ما يقارب قرنين في بنائه، وشارك فيه جميع الأفراد من مثقفين وغير مثقفين وساسة واقتصاديين ومربين ومعلمين ورجال دين. وليس الهدف من ذلك أن أدين هؤلاء أو أنقم على تاريخ بأكمله أو أمحوه من الذهن. ما حصل حصل وما كان يمكن أن يحصل بطريقة أخرى. وهو ثمرة نقائص متعددة في ثقافتنا ومجتمعاتنا وعوامل خارجة عنها أيضاً. إن هدف النقد هو إنقاذ المستقبل لا البكاء على الماضي. وإنقاذ المستقبل يعني الكشف عن النواقص والأعطاب والانسدادات لإصلاح البناء وجعله قابلاً للعمل والفعل من جديد. والحداثة عملية بناء مستمرة وإعادة بناء وتفكيك وتركيب أيضاً مستمرين، ليس في المجتمعات التي تعاني من نقص مواردها الحديثة فحسب وانخراطها في الحداثة في سياقات خاصة استعمارية أو شبه استعمارية، ولكن حتى في المجتمعات التي يمكن القول إنها تمتلك مشاريع حداثة منجزة وفاعلة أو منتجة. وهذه الحداثة الفاعلة نفسها هي اليوم محل انتقاد شديد أيضاً من قبل أصحابها بسبب ما أحدثته أيضاً من تصدعات داخلية وعالمية، وما قادت إليه من طرق مسدودة في مجالات مختلفة.
الفكر والعمل
> هناك مفكرون عرب وصلوا الى مواقع قرار ما… في بلدانهم، أو على صعيد مؤسسات عالمية… فهل ترى انهم وصلوا بأفكارهم أم من دونها؟
– بالاثنين. لأن أفكارهم ليست ما يصرحون به أو يسطرونه على صفحات الجرائد فحسب ولكن ما يفكرون فيه في أعماقهم وما يحركهم ويملي عليهم سلوكهم. ولدى جميع المثقفين الأخلاقيين أو المثاليين نزوع لربط الفكر بالعمل بل وحاجة إليه. لكن بينما يندفع بعضهم للممارسة السياسية بنفسه كما حصل لكثيرين من قادة الأحزاب السياسية وعلى رأسهم مفكر كبير مثل كارل ماركس، يراهن آخرون على زعماء سياسيين يتمثلون أفكارهم ويسعون إلى تطبيقها. ليس هناك في نظري فكر حي لا يرتبط بممارسة أو ينزع إليها. لكن لا يتمتع كل من كان له مثل هذا الفكر بمواهب سياسية عملية بالضرورة. والذين يجمعون بين الموهبتين هم القادة الكبار وهم قلائل في تاريخ المجتمعات.
ذهنية غائبة
> في رأيك… من يصنع الذهنيات العربية حالياً… وأي ذهنيات تصنع على هذا النحو؟
– نحن نعيش في جميع المستويات وفي جميع الميادين عملية مخاض عسير. وفي هذه العملية تفلت القواعد والمعايير الكلية والجمعية وتسود الفوضى العارمة من جهة وتنفتح آفاق المسارات والتجارب الفردية أو الخصوصية من جهة ثانية. الذي يكوِّن الأفراد اليوم ، ولا أتحدث عن ذهنية عربية فهي لم تعد موجودة في أي مكان، هو جهدهم الشخصي وما تقع عليه أيديهم من فضلة من قيم أو تراث أو حداثة تلفزيونية أو، بالعكس، ما يتوفر لبعضهم من أطر ومؤسسات فاعلة وناجعة تقدم لهم، إذا وجدت، تكويناً جدياً في المدارس والجامعات المحلية الوطنية أو الخاصة أو الأجنبية. وهي تشكل جزراً صغيرة معزولة في محيط يسوده الاختلاط والتشويش والتنافر وعدم الاتساق.
لذلك، على المستوى الجماعي، نحن في حال انعدام وزن معرفي وأخلاقي وتربوي. ليست هناك قاعدة سائدة ولا معمول بها في الواقع، إلا إذا اعتبرنا الغش والخروج على القاعدة والاحتيال بكل أشكاله قاعدة أخلاقية. ولذلك يقتل مجتمعاتنا البؤس المادي والنفسي معاً، ويسودها غياب التواصل وانعدام الحوار وعدم التفاهم، وتغلب عليها روح الانفعال والعدوانية والنزاع والتنازع. حتى ما يبدو من انسجام وتجانس على الأفراد المنتمين إلى جماعات أصولية علمانية أو دينية ليس إلا مظهر خادع يخفي انعدام التواصل والتفاهم وسيطرة التنازع والانقسام. مجتمعاتنا فقدت القيم المشتركة والمعايير الثابتة المستبطنة بقدر ما انحلت ثقافتنا التقليدية وانهارت الثقافة الحديثة أو القيم الرئيسية التي اعتمدناها في القرن الماضي، ولم يعد النظام الاجتماعي أو المجتمعي بأكلمه يقدم للفرد أي أمن أو ضمانة أو ثقة بالذات وبالمستقبل. وهو ما أطلقت عليه اسم الفوضى الشاملة بما فيها، بل في مقدمها الفوضى الأخلاقية والروحية. العنف والاحتيال والغش هي السمات البارزة لسلوك الأفراد، وهي، كممارسات عملية، أساس لنشوء ثقافات وسير شخصية متعددة ومتباينة أيضاً. الاتساق موجود عند أفراد لكنه منعدم على مستوى الجماعة بوصفها كذلك. وهذا هو أيضاً مصدر الأمل في أن يسفر هذا المخاض الراهن عن ولادة جديدة للمجتمعات العربية. وهي ولادة لا شك آتية.
وحدة وسط الفوضى
> هل يمكن، بعد، الحديث، عن وحدة ثقافة او فكر عربية… أم أن ثمة «تطوراً غير متكافئ» بين منطقة ومنطقة، بل حتى بين فئات مختلفة داخل كل منطقة يجعل من المستحيل الوصول الى نقاط تلاق؟
– نعم يمكن الحديث عن وحدة ثقافية في الفوضى الفكرية والأخلاقية. لماذا لا. فما يوحدنا هو الغياب المشترك والمعمم لأسس التفاهم المدني وقواعده، وبالتالي فإن كل شيء يصبح في مجتمعاتنا مباح في نظر الفرد طالما كان لديه إمكان تحقيقه أو الفرصة للوصول إليه. من هنا الفساد المعمم والغش السائد في العلاقات الاجتماعية والاحتيال الذي تحول إلى أسلوب حياة وممارسة علمية واقتصادية وسياسية واجتماعية معاً. وهذا ما يشكل في نظري وحسب تعريفي أساس البربرية. فالبربرية لا تقاس بدرجة التطور التاريخية لوسائل الحياة التقنية ونظمها الإجرائية ولكن لغياب أسباب التفاهم والتواصل والتعامل السليم والصادق بين الأفراد وبالتالي غياب الثقة وما نسميه اليوم برأس المال الاجتماعي، أي للثقافة.
> تبدو الاستنتاجات من تشخيصك حتى الآن غامضة بعض الشيء فهل أنت في هذا التشخيص متفائل على المدى البعيد أو القريب… أم ترى أن ثمة ما يدعو الى تشاؤم يجد كثر انه مبرر؟
– التفاؤل أو التشاؤم يقاس بالهدف المنشود. وعلى مستوى التحليل للواقع الراهن لست متشائماً ولا متفائلاً. فهذا هو الواقع كما أراه وكما تكوّن عبر التاريخ الماضي. فنحن نتشاءم عندما نشعر بالفوضى ونتخبط من دون أن نعرف لماذا وكيف يمكن أن نخرج من حال التخبط هذه. لكن عندما نشعر أننا لمسنا بعض العوامل الكامنة وراء الفوضى، أو عندما نعتقد أننا فعلنا ذلك، يزول التشاؤم ليحل محله أمل كبير بالخلاص، ويصبح العمل في سبيل المشاركة في هذا الخلاص مصدر تفاؤل لا ينفد. وفي اعتقادي أن سبب الفوضى والتخبط هو الطريق المسدود الذي أدخلتنا فيه حداثة رثة وسالبة أفقدتنا كل ما كنا نتمتع به من بقايا سعادة وبراءة وانسجام وسذاجة في الماضي من دون أن تقدم لنا شيئا غير العنف والاقتتال والانقسام والتنازع والبؤس والانخداع بالمظاهر البراقة والفارغة من المعنى. إنه انعدام المعنى أو فقدانه. وما علينا كي نتحرر من الرثاثة والتعاسة معا سوى فتح الأبواب الموصدة وكسر الحواجز التي وضعناها نحن أنفسنا على طرقاتنا ونزع العصب التي تكبل عيوننا لنرى الحقيقة كما هي. أي أن نوقف مسلسل الغش والخديعة والكذب والاحتيال الذي أصبح المادة الأولى لتفكيرنا وسلوكنا.
الفكر لا يلعب دوراً
> في خضم هذا كله… أي دور يمكن للفكر، بعد، ان يلعبه؟ في الجامعات؟ في الإعلام؟ من خلال المناصب السياسية… أو حتى من خلال الشارع؟
– الفكر لا يلعب دوراً، المفكرون هم الذين يلعبون مثل هذا الدور. فهم الذين يصدقون ويكذبون. ويكفي أن يكفوا عن الكذب، على أنفسهم أولاً، وعلى جمهورهم ثانياً، وعلى أصحاب السلطة ثالثاً، حتى تتغير مكانة الفكر والمفكرين معاً، أي حتى يصبح للمثقف ما يطمح إليه من مكانة ودور في إعادة إطلاق نهر التقدم الدافق وفتح شرايين المجتمعات المغلقة وتغذية خلايا العقل والجسم التي تكاد تتحول إلى خلايا كسيحة، وغسلها من خطاياها وآثامها، أي من إفرازات الحزن والبؤس والوهم الذي تراكم فيها. ولا يهم بعدئذ ما إذا كان مدرساً أم صحافياً أم سياسياً أم عاملاً منتجاً، ولا المكان الذي يطل منه على مجتمعه. الصدق هو في نظري كلمة السر. وهو كل ما هو مطلوب منا جميعاً، مثقفين وعاملين، على قدم المساواة، كي نخرج من محرقة الجهالة الكاوية ونحقق الولادة المنتظرة الجديدة.
إرث النخبة الفاسد
«ورثت النخبة العربية الحديثة إرثاً عظيم الفساد والأذى نتيجة تأثرها بالنخبوية المستمدة في جوهرها من النظريات الليبرالية. لكنها تحت تأثير الصراعات الجديدة والضغط الشعبي أعادت صوغ هذه النظرية في صورة جديدة وبثياب جديدة ووضعت عليها ماركة تقدمية. هذه هي نظرية الطليعة. لكن الطليعة هنا لا تصبح وتبقى كذلك إلا بقدر ما تخلق فكرياً، أي في الذهن، وعملياً، أي بالديكتاتورية الفعلية، الشعب المؤخرة. ولا تظهر الطليعة عبقريتها وقيادتها إلا بقدر ما تعمل على أن يتعلم الشعب التبعية والاستجداء ويقنع بالجهل والعمى الفكري تجاه كل ما يتعلق بمصالحه اليومية المباشرة والسياسية العليا. العلاقة بين الطليعة والمؤخرة في الفكر التقدمي العربي تعكس العلاقة بين مجتمع الصفوة الحر: الاقتصادي والسياسي والفكري، وبين مجتمع العبيد الشعبي. وهكذا يصبح الصراع الاجتماعي الفعلي هو الصراع بين فئات المجتمع الحر المختلفة على قيادة الشعب وقهره واستغلاله. ليس هناك طليعة تعلم الشعب الحرية وإلا لم تكن هناك حرية على الإطلاق. فالحرية هي شكل الدفاع الأبسط عن النفس، شرط البقاء، وهي الإطار الذي يسمح لطبقة أو فرد أن يدافع عن مصالحه ويضمنها. وقد أدركت ذلك الأنظمة والدول التي اكتشفت منذ القدم نظام السجون السياسية والمدنية وطبقته.
كيف أمكن للفكر العربي أن يصل بهذه السرعة إلى هاوية الفاشية التي أدركها بصرف النظر عن الشعارات والفلسفات؟ كيف أمكن له أن يغوص إلى هذه الهوة المظلمة وأن يسقط في مستنقع تقديس الديكتاتورية باسم الطليعة وباسم ترتيب الظروف الموضوعية الناضجة لتحرير الشعب؟ كيف أمكن للنظريات التحررية الليبرالية والمادية التاريخية أن تهوي مع الطلائع البائسة إلى هذا الدرك من التناقض والتحلل والتفكك والعقم؟ كيف أمكن للأمة أن تحبل بمثل هذه المسوخ الفكرية وأن تحملها لعشرات السنين وتلد بها وتتحمل صورتها ومنظرها ونموها كل هذه الأعوام؟».
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 13 فيفري 2006)
Home – Accueil – الرئيسية