وفي الوقت الذي تعرب فيه الشبكة العربية عن استيائها الشديد من تلك الممارسات الجائرة ضد الاتحاد العام لطلبة تونس فإنها تؤكد علي ضرورة اتخاذ خطوات إيجابية من جانب المجتمع الدولي والمهتمين بحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم للضغط علي الحكومة التونسية للتوقف عن اعتداءاتها الجائرة علي الحريات ومخالفة القوانين والمعاهدات الدولية. (المصدر: شبكة الأخبار العربية ( محيط ) بتاريخ 20 ديسمبر2010 )
المواطنة.. من دولة الحماية إلى دولة الرعاية
عبد الحسين شعبان لم تترسخ بعدُ في الدولة العربية الحديثة فكرة المواطنة على الصعيدين النظري والعملي، فهي تحتاج إلى جهد كبير على صعيد الدولة والحكم (السلطة والمعارضة) إضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني على حد سواء، نظرا لغياب ثقافة المواطنة وضعف الهياكل والتراكيب والمؤسسات الناظمة للاجتماع السياسي الحكومي وغير الحكومي، بما فيها فكرة الدولة المدنية وسياقاتها!
وإذا كان بالإمكان اعتبار فكرة الدولة أعظم منجز بشري، لا سيما في إطار المنتظم الاجتماعي لحماية أرواح وممتلكات المواطنين وحفظ النظام والأمن العام، فإن فكرة المواطنة ارتبطت بالدولة الحديثة أو أخذت أبعادها الفكرية والحقوقية منها، ناهيكم عن أساسها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الراهن.
اعتمدت فكرة المواطنة في القرن الثامن عشر بالدرجة الأساس على بناء الدولة، لا سيما بأفقها الليبرالي الذي بشّر بإعلاء قيمة الفرد والحرية والسوق في إطار سيادة القانون، وشهد القرن التاسع عشر تطوراً في فكرة المواطنة بتعزيز الحقوق السياسية بعد إقرار الحد الأدنى من الحقوق المدنية، وبشكل خاص عند تطور مفهوم الديمقراطية الناشئ وقبول مبدأ الاقتراع العام.
أما في القرن العشرين فقد توسّعت فكرة المواطنة لتشمل مبادئ حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بعد التطور الذي حصل بإقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، خصوصا بتأكيد الحقوق المدنية والسياسية، ولهذا حظيت فكرة المواطنة باهتمام أكبر، لا سيما بانتقالها من فكرة تأسيس دولة الحماية إلى تعزيز دولة الرعاية.
لقد خطت بعض البلدان خطواتٍ مهمة في طريق تأمين الحقوق والحريات المدنية والسياسية، وسارت شوطا بعيداً في تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتأكيد حيوية وديناميكية فكرة المواطنة بمزاوجة الحقوق والحريات بالعدالة، ولا سيما بمعناها الاجتماعي، خصوصا وأن المواطنة لا تستقيم مع الفقر، وهو الأمر الذي نطلق عليه « المواطنة العضوية »، أي المواطنة التي تقوم أولا على قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات وأمام القانون ودون تمييز بسبب الدين أو اللون أو اللغة أو الجنس أو العرق أو المنشأ الاجتماعي أو لأي سبب آخر.
ثانيا، قاعدة الحرية كقيمة عليا لا يمكن تحقيق الحقوق الإنسانية الأخرى من دونها، فهي المدخل والبوابة الضرورية للحقوق الديمقراطية السياسية، بما فيها حق التعبير وحق تأسيس الجمعيات والأحزاب وحق الاعتقاد وحق المشاركة السياسية في إدارة الشؤون العامة وتولّي المناصب العليا، وإجراء انتخابات دورية، وحق التملّك والتنقّل وعدم التعرض إلى التعذيب.. إلخ.
ثالثا، قاعدة الهوية الوطنية العامة التي يمكن أن تتعايش فيها هويات فرعية في فضاء من المساواة والحرية واحترام الهويات الأخرى في إطار الهوية العامة الجامعة، أي الإقرار بالتنوّع في إطار الوحدة، وليس التنافر والاحتراب، فقد ظلّ الاتجاه السائد في الثقافة المهيمنة يميل إلى عدم احترام الخصوصيات أو التقليل من شأنها ومن حقوق المكوّنات الأخرى، سواءً كانت قومية أو دينية أو لغوية أو غير ذلك.
رابعا، القاعدة التي تستند إلى فكرة المشاركة التي لا يمكن أن تتحقق من دونها عملية التنمية المستدامة: أي التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية فضلاً عن السياسية المستندة إلى قاعدة الحريات والحقوق المدنية والسياسية، التي تغتني بالمعرفة وتنمية القدرات، لا سيما التعليمية وتأمين حقوق المرأة واحترام التنوّع الثقافي والإقرار بالتعددية وتقليص الفوارق الطبقية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
المواطنة تقوم وتستند إلى قاعدة المواطن/الفرد الذي ينبغي مراعاة فردانيته من جهة، ومن جهة أخرى حريته، الأساس في مساواته مع الآخر تساوقا في البحث عن العدالة. وتتعزز مبادئ المساواة والحرية في إطار المُنتظم الاجتماعي الوطني والائتلاف والانسجام من جهة، وتغتنيان بالتنوع والتعددية من جهة أخرى، وذلك من خلال الوحدة والاشتراك الإنساني والحقوق والواجبات، وليس عبر الانقسام أو التشظي أو التمييز.
وإذا كانت فكرة المواطنة تتعزّز من خلال الدولة، فإنها تغتني وتتعمق بوجود مجتمع مدني حيوي وناشط، بحيث يكون قوة رصد من جهة للانتهاكات المتعلّقة بالحرية والمساواة والحقوق، ومن جهة أخرى قوة اقتراح وليس احتجاج فقط، بحيث يصبح شريكا فعالاً للدولة في توسيع وتعزيز دائرة المواطنة العضوية وتأمين شروط استمرارها، لا سيما إذا تحولّت الدولة من حامية إلى راعية، مرتقية لتعزيز السلم المجتمعي والأمن الإنساني، خاصة بوجود مؤسسات ترعى المواطنة كإطار والمواطن كإنسان في ظل الحق والعدل.
مثلما هي فكرة الدولة حديثة جداً في المنطقة العربية، فإن فكرة المواطنة تعتبر أكثر حداثة منها وجاءت انبثاقاً عنها، على الرغم من وجود تجارب « دولتية » أو ما يشابهها في العهد الراشدي الأول وما بعده أو عند تأسيس الدولة الأموية بدواوينها ومراتبيتها التي توسّعت وتطوّرت في ظل الدولة العباسية وفيما بعد الدولة العثمانية، خصوصاً في الفترة الأخيرة من تاريخها حيث تأثّرت بمفهوم الدولة المعاصرة في أوروبا وبالأفكار الدستورية والقانونية الحديثة، لا سيما فكرة المواطنة التي اغْتنت في القرن العشرين باعتبارها « حقا » من الحقوق الأساسية للإنسان. وإذا كان مفهوم المواطنة جنينيا في الدولة العربية الإسلامية، لا سيما فيما يتعلّق بتحديد مسألة الهوية، ناهيكم عن الحقوق الإنسانية، فإن هذا الحق، تساوقا مع التطور الفقهي والدستوري على المستوى الدولي، اكتسب بعداً جديدا في الدولة العصرية ومنها الدولة العربية، على الرغم من النواقص والثغرات التي لا تزال تعاني منها قياسا للتطور الدولي.
وقد تكرّس مبدأ الحق في المواطنة في أواسط القرن العشرين، خصوصا بصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 والعديد من الوثائق الدولية، التي أكدت أن: لكل فرد في أي مكان من العالم الحق في أن تكون له صلة قانونية بدولة من الدول.
ويُستخدم في القانون الدولي مصطلح « المواطنة »، خصوصا في التعبير عنه باكتساب الجنسية التي تعتبر عنصراً حيويا وأساسيا من عناصر المواطنة، حين يتم الحديث عن منح الأشخاص الحق في حماية دولة ما إلى جانب حقوق سياسيةٍ ومدنية، التي تشكّل ركنا أساسياً في هوية الفرد/الإنسان. ويمكن تعريف المواطنة الحيوية أو العضوية بأنها « الحق في الحصول والتمتع بالحقوق بصورةٍ عادلة ».
وإذا كان الحق في المواطنة قد ضمنه القانون الدولي، الذي حظر حرمان أي شخصٍ من مواطنته أو جنسيته التي أكّدتها المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي نصت على أن: لكل إنسان الحق في الحصول على جنسية ولا يجوز حرمان إنسان بصورةٍ تعسفية من جنسيته ولا من حقه في تغييرها، فإن ذلك لم يمنع من بقاء ملايين البشر في جميع أنحاء العالم بدون جنسية، الأمر الذي ينتقص من مبدأ الحق في المواطنة، بغض النظر عن أن حالات انعدام الجنسية قد تنشأ من التعارض في القوانين ونقل تبعية الإقليم أو حالات الزواج أو وجود تمييز أو عدم تسجيل المواليد أو إسقاط الجنسية.
ولعل المثل الأكثر سفوراً في العالم العربي هو تهجير الفلسطينيين منذ العام 1948 وإسقاط حقهم في وطنهم، وبالتالي جعلهم عرضةً لحالات انعدام الجنسية. وسيساهم المشروع الجديد للجنسية في « إسرائيل » في حالات اللاجنسية وحرمان الكثيرين من حقهم في الحصول على جنسية، ناهيكم عن الانتقاص من حقوق المواطنة، وذلك بجعل هوية الدولة أساسا للتمييز وعدم الاعتراف بالحقوق، خصوصاً مطالبة سكانها بمن فيهم أهل البلاد الأصليون، أي فلسطينيي الداخل (عرب الـ48)، بأداء قسم الولاء للدولة اليهودية « النقية » (الديمقراطية).
ولا شك أن اتّساع وانتشار حالات اللاجئين وأوضاعهم هي التي دفعت الأمم المتحدة إلى إنشاء مكتب للمفوضية السامية للاجئين كإحدى وكالات الأمم المتحدة المسؤولة عنهم وللحد من ظاهرة انعدام الجنسية، التي لا تزال مستفحلة في العديد من بلدان العالم الثالث، ومنها البلدان العربية، الأمر الذي لا يمكن معه الحديث عن دولة رعاية، فما بالك بدولة الحماية المنشودة!
لقد أدركت العديد من الحكومات أنه لم يعد بإمكانها اليوم التملّص من حالات المساءلة بموجب القانون الدولي بإلغاء أو سحب أو حجب حق المواطنة عن الأفراد والجماعات الذين يمكنهم إثبات وجود علاقة حقيقية وفعالة بينهم وبين بلدهم، سواء عن طريق رابطة الدم « البنوّة » للآباء على الرغم من أن العديد من البلدان العربية ما زالت تحجب هذا الحق عن الانتساب إلى جنسية الأم، في حين أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يعطي مثل هذا الحق، أو « طريق الأرض » أي الولادة في الإقليم أو الحصول على جنسيته ومواطنته، أو اكتساب الجنسية نظرا للإقامة الطويلة والمستمرة والتقدم بطلب إلى السلطات المسؤولة عن ذلك.
وإذا كان انشغال النخب العربية بفكرة « الأمة الإسلامية » أو « الجامعة الإسلامية » برز في القرن التاسع عشر وربما في بدايات القرن العشرين، فإن الانبعاث القومي العربي بدأ يتعزز لاحقا حيث بدأت النخبة الثقافية والتنويرية الإسلامية والعلمانية الاهتمام بالفكرة الحديثة عن الدولة التي تعتبر المواطنة أحد مظاهرها الأساسية، فالشعب والحكومة والأرض والسيادة هي أركان الدولة وعناصر وجودها، التي تستقيم وتتعزز في ظل احترام الحقوق والحريات وتكريس مبدأ المساواة الكاملة والمواطنة التامة في إطار سيادة القانون.
وبالإمكان القول إن الموقف الذي حكم الدولة العربية الحديثة ومجتمعها الأبوي التقليدي كان قاصرا واستعلائيا في نظرته إلى المواطنة و »الأقلية » أو ما نطلق عليه التنوّع الثقافي. وهذه النظرة أعاقت ترسيخ سلطة الدولة، فـ »الأقلية » -قومية كانت أو دينية حسب وجهة النظر هذه- قد تكون « متآمرة » أو « انفصالية » أو أن تاريخها غير « مشرّف » أو ملتبس أو قد تكون « مسؤولة عن كوارث الأمة » مثلما يحلو للبعض أن يعلّق نكباتنا على شماعتها، وإنْ كان للتداخل الخارجي شأن في تشجيع بعض النزعات الافتراقية، لكن الأساس في ذلك هو السياسات الداخلية السلبية وهضم الحقوق والانتقاص من مبادئ المساواة والمواطنة الكاملة.
وهكذا تجد بعض الأفكار السائدة، التي تأخذ الأمور بالجملة وعلى نحو سطحي، توجه الاتهامات إلى مكوّنات ثقافية ودينية دون الحديث عن جوهر المشكلة، لا سيما الحقوق والمساواة والحرية وتكافؤ الفرص والمواطنة العضوية القائمة على قاعدة العدل. وقد أضعفت هذه النظرة من التوجّه نحو المجتمع المدني ابتداءً بالانتقاص من مفهوم المواطنة إلى الضغوط الاجتماعية المسنودة بالمؤسسة التقليدية العشائرية والدينية في الكثير من الأحيان.
وظلّ المجتمع العربي يعاني من الموروث السلبي بما فيه الديني الذي جرت محاولات لتوظيفه سياسيا بالضد من تعاليم الإسلام السمحاء، سواءً استهدف المسيحيين أو غيرهم، وكذلك استمرار النظرة الدونية إلى المرأة، وعدم الإقرار بالتعددية السياسية والفكرية والاجتماعية والقومية والدينية، الأمر الذي ينتقص من مبدأ المواطنة!! (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 21 ديسمبر 2010)
أوباما والهزيمة شبه المؤكدة
عبد الباري عطوان
يبدو أن العام الميلادي الجديد، الذي اوشك على البدء، لن يحمل اخباراً طيبة بالنسبة الى الرئيس الامريكي باراك اوباما وادارته، فتطورات الاوضاع في افغانستان تسير من سيئ الى أسوأ، ولا يوجد اي بصيص ضوء في نفق الحرب الذي بات اكثر اظلاماً.
فبالامس استقبل مقاتلو حركة طالبان السيدة انجيلا ميركل مستشارة المانيا التي تزور البلاد لتفقد قواتها هناك بقتل احد الجنود الالمان، والاستيلاء على قاعدة للجيش الافغاني وقتل 15 جندياً من افراده.
الرئيس اوباما قال في خطابه الذي القاه يوم الجمعة الماضي بمناسبة نشر تقرير حول مراجعة استراتيجية الحرب في افغانستان اعده خبراء عسكريون، ان الامور تسير في الاتجاه الصحيح، حيث جرى تحقيق تقدم في عدة اتجاهات على صعيد ‘تحجيم’ انشطة تنظيم القاعدة، وقتل عدد كبير من قياداته في المنطقة الحدودية التي لم تعد تشكل ملاذاً آمناً، واضعاف حركة طالبان عسكرياً.
مثل هذه الاقوال صحيحة جزئياً، فقد نجحت القوات الامريكية في اغتيال ابو اليزيد احد قادة تنظيم القاعدة، او الرجل الثالث فيه، كما تمكنت من قتل بيعة الله محسود زعيم تنظيم طالبان باكستان، علاوة على بعض القادة الميدانيين الآخرين، ولكنها تظل انجازات محدودة جداً بالمقارنة مع الثمن الباهظ الذي تدفعه القوات الامريكية والمتحالفة معها في هذه الحرب الاستنزافية على الصعيدين البشري والمادي. فارقام القتلى في العام الحالي، وبعد تسع سنوات من العمليات العسكرية، هي الاعلى، وتفيد التقارير بانها قد تتضاعف في العام القادم بسبب تطور قدرات طالبان الهجومية.
وربما لهذا السبب اعترف الرئيس اوباما بانه لم يخسر الحرب، ولكن الفوز فيها ما زال بعيداً، واكد ان بعض الانجازات والمكاسب التي تحققت ما زالت هشة والتحدي الاساسي يكمن في الحفاظ على استمراريتها.
وهناك تحد آخر يواجه الرئيس الامريكي يتمثل في انه يخوض حربا لا يمكن شرحها أو تبريرها للرأي العام الامريكي الذي يسوده الاحباط التام، خاصة ان تكاليف هذه الحرب المادية التي تصل الى 113 مليار دولار سنوياً، تأتي في وقت يواجه فيه الاقتصاد الامريكي انهيارات ضخمة، وتتفاقم فيه ارقام عجز الموازنة والديون الحكومية في آن.
المواطن الامريكي يسأل عن اسباب وجود مئة الف جندي امريكي في بلد يبعد عنه اكثر من عشرة آلاف ميل، ويعتبر مقبرة الامبراطوريات في التاريخ، فلم تتورط قوى اجنبية في هذه البلاد الوعرة الا وخرجت منها مهزومة ذليلة.
فبعد تسع سنوات من اعلان الرئيس جورج دبليو بوش الانتصار في افغانستان والسيطرة على كابول، وبث العديد من الاشرطة المتلفزة حول ‘تدافع’ الشباب لحلق ذقونهم للتعبير عن سعادتهم بوصول قوات ‘التحرير’ الامريكية، تفيد التقارير الامريكية بان حركة طالبان تسيطر على ثلثي الاراضي الافغانية، بينما تظل سيطرة حكومة حامد كرزاي على الثلث المتبقي هشة للغاية.
*** القوات الامريكية من المفترض ان تبدأ الانسحاب في تموز (يوليو) المقبل مثلما وعد الرئيس اوباما، وتسليم البلاد الى القوات الافغانية. فقد جرى تجنيد حوالي 171 الف جندي في الجيش، و134 الف عنصر في الاجهزة الامنية، وبلغت تكاليف تدريب هذه القوات مجتمعة حوالي ستة مليارات دولار.
الدراسات الغربية اثبتت ان 95′ من هؤلاء اميون، وحوالي تسعين في المئة منهم من مدمني المخدرات، والاهم من ذلك ان ستين الفاً هربوا من معسكراتهم وانضموا الى حركة طالبان ومعهم اسلحتهم على مدى السنوات التسع الماضية.
كيف سيتولى جيش من الاميين والمساطيل ادارة شؤون البلاد وقوات حلف الناتو التي يزيد تعدادها عن 150 الفاً والمدربة والمسلحة وفق أحدث المناهج العسكرية الغربية، فشلت في هذه المهمة؟
المشروع الامريكي في افغانستان سيواجه الهزيمة حتماً لعدة اسباب، نوجزها في النقاط التالية:
اولاً: غياب حكومة افغانية وطنية تتمتع بالشرعية والقبول في اوساط السكان، فالامريكان انفسهم اعترفوا بفشل حامد كرزاي وتزويره الانتخابات، واستعانته بامراء الحرب الفاسدين، وتورط اشقائه في تهريب المخدرات.
ثانياً: الفشل المطلق في وقف الدعم الخارجي، المالي والعسكري لحركة طالبان، فافغانستان تجسد ‘صرة’ آسيا، ولها حدود برية مع اكثر من سبع دول، بما في ذلك الصين وباكستان وطاجيكستان وتركمانستان وايران، وهي حدود لدول اسلامية يصعب السيطرة عليها، وبعضها له مصلحة في عدم نجاح الغزو الامريكي.
ثالثاً: صلابة المقاومة الطالبانية والمكونة معظمها من قبيلة البشتون التي تمثل نصف الشعب الافغاني تقريباً، وهؤلاء محاربون اشداء، ويتبعون المذهب الحنفي المعروف بتشدده في امور العقيدة والشريعة والرغبة في الشهادة.
رابعاً: تلكؤ باكستان في التجاوب مع الطلبات الامريكية بزيادة عمليات جيشها واجهزتها الامنية ضد طالبان. وقد قال لي مسؤول باكستاني قبل بضعة ايام ان التجاوب مع هذا الطلب هو بمثابة انتحار. فهل يعقل ان يقتل الجيش الباكستاني مواطنيه في المناطق الحدودية ارضاء لامريكا، وهو ما زال يواجه ازمة كشمير مع الهند، ويتوقع حرباً امريكية اسرائيلية ضد ايران قد تؤدي الى حدوث فوضى في المنطقة؟ *** الرئيس اوباما قال في خطابه انه اضعف تنظيم ‘القاعدة’ في افغانستان، وجعل قدرته على الحركة والتجنيد ‘محدودة’، وهذا امر ينطوي على بعض الصحة، ولكن ما غاب عن الرئيس الامريكي هو ان افغانستان لم تعد على تلك الدرجة من الاهمية لتنظيم ‘القاعدة’ الذي توسع بشكل كبير افقياً على مدى السنوات التسع الماضية، واستطاع فتح فروع في الجزيرة العربية (اليمن) والمغرب الاسلامي (شمال افريقيا) والصومال، والصحراء الافريقية الكبرى والعراق الذي عاد اليه بصورة اقوى من السابق.
من الواضح ان الرئيس اوباما يريد تمديد موعد الانسحاب الكامل من افغانستان الى منتصف العقد الحالي، اي مع نهاية عام 2014، وهو قرار خاطئ ربما ينطوي على نتائج خطيرة للغاية ابرزها مضاعفة الخسائر المادية والبشرية معاً.
الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر خسر رئاسته والانتخابات الامريكية لفترة ثانية بسبب محاولاته الفاشلة لتحرير رهائن سفارة بلاده في طهران، ويبدو ان ملالي افغانستان سيلحقون الهزيمة نفسها بالرئيس الديمقراطي الآخر باراك اوباما.
ما يحتاجه الرئيس الامريكي هو البحث عن استراتيجية خروج (Exit Strategy) في اسرع وقت ممكن، وتسليم الحكم لطالبان تقليصاً للخسائر وانقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الاوان، فالهزيمة محققة والنصر شبه مستحيل ان لم يكن مستحيلاً فعلاً.
ريتشارد هولبروك مبعوثه الى المنطقة الذي فارق الحياة قبل ايام ربما يأساً وإحباطاً، توصل الى هذه القناعة مبكراً، وكذلك فعل جنرالات الحرب الامريكان، ولكن الرئيس اوباما لم يأخذ بهذه النصيحة في حينها، ولكنه قد يأخذ بها في نهاية المطاف.. نرجو ذلك. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 ديسمبر 2010)
المشهد السياسي بعد انتخابات مصر
عبد الفتاح ماضي الإقصاء لن يضمن الاستمرار تسييس القطاعات المدنية للدولة تقديم بديل للنظام وليس لسياساته
خسرت مصر الكثير بعد الانتخابات الأخيرة للبرلمان، هذه المقالة تقف عند أبرز هذه الخسائر، ثم تقدم بعض المقترحات للتعامل معها. الإقصاء لن يضمن الاستمرار.
بعد عشر سنوات من الألفية الثالثة لا تزال سياسة الإقصاء والنظرة الثنائية التي ترى الأمور باللونين الأبيض والأسود فقط هي السائدة في مصر.
فالانتخابات أثبتت أن الحزب الحاكم مستمر في الانفراد بالحياة السياسية، مع سيطرة تيار إقصائي على مقدرات الأمور داخله وتراجع الأصوات الإصلاحية.
وقد انعكس هذا في النتيجة النهائية التي حصلت فيها أحزاب المعارضة على نحو 3.6% من المقاعد فقط، وفي تصريحات رسمية ترى أن مصر عاشت عرسا ديمقراطيا (صفوت الشريف)، وأن الانتخابات تمت بشفافية وأن الحديث عن تزوير الانتخابات وهم في عقول من يردده (فتحي سرور)، وفي انتخاب سرور رئيسا للمجلس الجديد للدورة الـ21 على التوالي بأغلبية ساحقة (505 أصوأت مقابل صوت واحد لمنافسه).
وفي المقابل كان من الطبيعي أن يدفع هذا إلى نزع قوى المعارضة الشرعية بالكامل عن المجلس الجديد والعمل على إسقاطه قضائيا.
سياسة الإقصاء لن تضمن الاستمرار للأبد، فاتخاذ المواقف الحدية من الطرفين يعني ضعف فرص إجراء إصلاح سياسي حقيقي يلبي المطالب المشروعة للشعب ويحافظ في الوقت نفسه على الحزب الوطني ضمن منظومة سياسية ديمقراطية جديدة.
ويعني أيضا أن البديل لمثل هذا النوع من الأنظمة هو الانهيار الكامل إنْ بعد شهر أو بعد سنوات واحتمال دخول البلاد في حالة من الفوضى. والسبب الأساسي لهذا الاحتمال هو سلوك بعض قيادات الحزب الحاكم نفسه التي تغلق كل طرق الإصلاح السياسي بتصرفات غير مسؤولة لا ترتكبها إلا عقليات إقصائية تغيب عنها أبجديات العمل السياسي الحقيقي. ولنا في التاريخ القريب لمجتمعات مشابهة عبرة.
تسييس القطاعات المدنية للدولة
تقوم الانتخابات الديمقراطية بوظائف تدور حول التعبير عن رأي الناخبين، واختيار الحكام ومحاسبتهم، والمساهمة في التثقيف السياسي والتجنيد السياسي.
مصر لم تشهد انتخابات ديمقراطية حتى يمكن تصور تحقيق هذه الوظائف، فالحزب الحاكم لم يستطع إجراء انتخابات كالتي تحدث في دول مثل بنين ومالي وتايوان وكوستاريكا والسلفادور ومالطا ودول أخرى صغيرة وتعاني من مشكلات أخرى أكثر حدة مما تعانيه مصر، ناهيك عن دول مثل جنوب أفريقيا وكوريا وماليزيا والمكسيك.
وبدلا من أن تكون الانتخابات وسيلة لاختيار النواب، استخدمت الانتخابات لتجيير السياسة لصالح إستراتيجيات بقاء الحزب الحاكم ولحسم صراعه التاريخي مع الإخوان المسلمين وقوى المعارضة الوطنية الأخرى.
ولتحقيق هذين الهدفين، استمر الحزب في استخدام الانتخابات لتسييس قطاعات واسعة من مؤسسات الدولة المدنية، فتم توريط قطاع من الأمن وآخر من القضاء في عملية انتخابية مشبوهة، وبالتالي إدخالهما في خصومة مع الجماهير، هذا بجانب تسخير جزء من الجهاز الإداري للدولة في عمليات التزوير، وهذه أمور تفسد مؤسسات الدولة المدنية وتزرع شروخا داخلها، وهي وصفة جاهزة لانقسامات لا يحمد عقباها. هذا بجانب إقحام القضاء في العملية السياسية، إذ أدى التضييق الإداري على الترشح إلى رفع مئات الدعاوى القضائية أمام القضاء الإداري وصدور مئات الأحكام واجبة النفاذ. وبدلا من احترام القانون والقضاء، تعدت الحكومة على أحكام القضاء ورفضت الالتزام بمعظمها بل وراح قادة الحزب الحاكم يتبارون في تقديم تبريرات واهية للالتفاف على تلك الأحكام الأمر الذي أضر بهيبة القضاء وأضعف قاعدة حكم القانون واستقلال القضاء ووجوب الانصياع التام لأحكامه.
وكان من نتاج هذا أن انشغلت القوى السياسية المختلفة في معارك فرعية في ساحات القضاء ومواجهة البلطجة بدلا من التنافس حول البرامج. لقد استخدمت الانتخابات لتفريغ الحياة السياسية من البرامج السياسية الحقيقية وإقصاء شخصيات سياسية معروفة، وتكميم أفواه بعض الإعلاميين وغلق العديد من المواقع الإلكترونية.
ولهذا كان طبيعيا أن تنحصر الدعاية الانتخابية في أمور جدلية كشعار الإخوان أو حول وعود بتقديم الخدمات ودغدغة مشاعر الجماهير بإطلاق وعود انتخابية بتوفير فرص عمل ورصف الطرق وإنشاء المدارس والوحدات الطبية وتقديم خدمات الصرف الصحي. واستخدم الحزب الحاكم هذا الأمر الأخير في إطار ترويج البعض لما يعدونه إنجازات سابقة للحكومة، وذلك بدلا من القيام فعلا بالوظائف المتعارف عليها للحكومات والتصدي لحل المشكلات اليومية للناس وتقديم الخدمات لهم.
وربما الأخطر من كل هذا هو تغييب الشعب وتضليله، فالضرر الذي يقع على الناس، خاصة الشباب، جراء فقدان أي أمل في الإصلاح وتلاشي ثقتهم في مؤسسات الدولة، هو من الأضرار التي تضرب مقومات المجتمع وتفسد الإنسان نفسه وتحوله إلى كائن نفعي لا يشعر بأية قيمة لنفسه.
فبدلا من أن تكون الانتخابات أداة للتثقيف والتجنيد السياسيين، تم تزوير إرادة الناخبين، بل وتوريط وإفساد قطاعات منهم في التزوير والبلطجة، وهؤلاء يقدرون بالآلاف ويشملون موظفين مغلوبين على أمرهم شارك معظمهم، قهرا أو جهلا، في تسويد البطاقات، ويشملون أيضا قضاة شاركوا في اللجنة المشرفة وفي اللجان العامة، ورجال أمن مارسوا مهمة تأمين العملية برمتها، وبلطجية استخدموا لإرهاب الخصوم وضربهم عند الضرورة، ومسؤولين من الحزب ومن مؤسسات الدولة وصحافيين وأساتذة جامعات تسابقوا للدفاع عن الانتخابات رغم معرفتهم جيدا أن الانتخابات مزورة، ناهيك عن مواطنين مغلوبين على أمرهم استغل وضعهم الاقتصادي المتدني وممارسة عمليات ابتزاز وضيعة يطلق عليها شراء الأصوات.
تقديم بديل للنظام وليس لسياساته
بعيدا عن فشل المعارضة في التوافق على موقف موحد قبل الانتخابات، فإن تحركات المعارضة بعد الانتخابات تكشف عن بعض أوجه القصور وعن عدم فهم الوظيفة التي يجب أن تقوم بها المعارضة أثناء عملية الانتقال إلى الديمقراطية.
لقد أظهرت تجارب الانتقال الديمقراطي في الثلاثين سنة الماضية أنه ليس من مهام المعارضة إصلاح ما أفسدته الحكومات قبل الانتقال، (أي تقديم برامج تفصيلية للمشكلات القائمة). إن مهمة المعارضة في الدول غير الديمقراطية هي وضع بديل للنظام وليس لسياسات النظام. وبعبارة أخرى، تقدم أحزاب المعارضة السياسات البديلة في الدول الديمقراطية الحقيقية، أما في الدول التي يتفرغ فيها الحكام لوضع القيود والعقبات أمام أبسط الأنشطة الحزبية، فإن عليها العمل على تغيير قواعد اللعبة أولا.
وفي الحالة المصرية اعتقد البعض أنه بالإمكان مقارعة النظام ببرامج تفصيلية، استنادا إلى الانفتاح النسبي خلال العامين 2004 و2005، غير أن واقع الحال أثبت أن البلاد مرت (منذ التعديلات الدستورية في 2005 و2007) بمرحلة انغلاق سياسي.
ولهذا وجب تغيير إستراتيجية المعارضة لتتوافق مع المرحلة الجديدة. كما روجت بعض الأوساط الحكومية والإعلامية التابعة للحكومة، منذ سنوات، لفكرة أن المعارضة (الأحزاب والإخوان المسلمين وبقية القوى) مفلسة ولا تمتلك بدائل للسياسات القائمة، وقد ابتلعت القوى المختلفة الطعم وانشغلت في إعداد برامج تفصيلية للمشكلات التي نعيشها وصنعتها الحكومة في الأساس.
واقع الأمر أن للمعارضة السياسية أثناء الانتقال مهام أخرى غير تقديم سياسات بديلة للسياسات الفاشلة للحكومات، أولها التوافق حول الديمقراطية كهدف ووسيلة، ولئن توافقت معظم القوى المصرية على الديمقراطية هدفا أي نظام حكم بديلا للنظام القائم، فإن عليها أن تدرك أن الديمقراطية هي أيضا وسيلة لغايات أبعد.
وأعني هنا إدراك أن الديمقراطية هي الطريق السلمي لتمهيد الطريق لإيجاد حكومة وطنية حقيقية تعمل –بعد الانتقال– على التصدي للمشكلات الحالية ووضع الحلول والسياسات على أسس علمية حقيقية.
أما ثاني هذه المهام فهو تطوير شكل من أشكال التكتل الوطني المفتوح أمام الجميع. وفي مصر لا بد من دعم الجمعية الوطنية للتغيير بالتخلي عن سياسة الإقصاء أو تصور أن بإمكان فصيل واحد الانفراد بالأمر.. يجب الانفتاح على الشخصيات العامة المؤثرة في جميع القطاعات وعلى أي عناصر إصلاحية في الحزب الحاكم.. كما يجب الاهتمام بعنصر التنظيم في إدارة الجلسات وتنظيم الجهود والأنشطة.
وعلى هذا التكتل التركيز على هدف محوري واحد، كالمطالب السبعة، مع إمكانية تطويرها لوضع مسودة وثيقة دستورية بديلة تضم الخطوط الرئيسية المشتركة والمتفق عليها بين القوى الوطنية لنظام حكم ديمقراطي دون الدخول في القضايا الخلافية أو تلك التي تحتاج إلى نقاش أكثر عمقا، إذ يجب تركها لما بعد الانتقال، حيث تكون الحياة السياسية قد تخلصت من سياسات الإقصاء والرأي الأوحد. وذلك كما كان الدستور الأميركي، وكما كان الاتفاق الدستوري الإسباني الذي تضمن توافقات حول الحد الأدنى المشترك بين القوى الإسبانية مثل الحكم الملكي الدستوري والتعددية الحزبية والتأكيد على مكانة الجيش وحماية النظام الرأسمالي.
وكان من مهام المعارضة الديمقراطية في حالات كثيرة التركيز على استغلال كل الوسائل الممكنة لنزع الشرعية عن الحكومة وكسب أنصار في الداخل والتعاطف من الخارج.. ويوجد في مصر الكثير من الأمور التي يمكن التركيز عليها أمام المحاكم المصرية وفي المحافل الدولية وفي الإعلام الوطني والعالمي لتحقيق هذه الأهداف، منها تزوير الانتخابات، وانتهاكات حقوق الإنسان، وقضايا الفساد المختلفة وغيرها.
كما يجب العمل على ربط المسألة السياسية بالمطالب الفئوية المختلفة، كما تحتاج المرحلة الراهنة التوافق على شخصية سياسية توافقية للتقدم لمنصب الرئيس في حالة فراغ المنصب لأي سبب.
ومن الأمور الهامة هنا أيضا التأكيد على مدنية أجهزة الأمن والشرطة ورفع درجة مهنيتها واستقلاليتها وحيادها والوقوف ضد كل الإجراءات التي من شأنها إقحام هذه المؤسسة المدنية الوطنية في خصومة مع الشعب، وكذا التأكيد على استقلالية القضاء ووقف كل الإجراءات التي من شأنها زعزعة إيمان الأفراد في نزاهته وحياده واستقلاله.
إن المشكلات السياسية القائمة في النظام الحالي ليست من الأمور المستعصية على الحل كما يتصور البعض أو يروج البعض الآخر. فمصر ليست استثناء، فهناك مجتمعات عانت من مشكلات أكثر حدة واستطاعت التصدي لها. الأمر يحتاج أولا إلى إرادة سياسية حقيقية، ثم إلى تبني عدد من الآليات والضمانات الانتخابية والدستورية والقانونية المجربة تاريخيا.
فعلى سبيل المثال بالإمكان الحد من العصبية العائلية ومن ظاهرة المال السياسي في الانتخابات عن طريق تبني نظام القائمة النسبية. وهذا النظام يعزز أيضا من قوة الأحزاب بل ويساعد في تعزيز الوضع السياسي للأقليات والمرأة والشباب، وذلك إذا ما وضعت شروط أمام الأحزاب من قبيل ضرورة أن تضم القوائم الحزبية في أماكن متقدمة عناصر من هذه الفئات المستهدفة.
كما يمكن الحد من نفوذ مؤسسة الرئاسة بتبني النظام البرلماني-الرئاسي المختلط، أي وجود رئيس جمهورية ورئيس وزراء بصلاحيات محددة لكل منهما.
ولأجل حماية الديمقراطية، من الممكن وضع نصوص دستورية تمنع الانقلاب على الديمقراطية ومبادئها الرئيسة كما كانت الحال في دستور 1923 الذي منع تغيير النظام الملكي الدستوري النيابي البرلماني والتعدي على الحريات، وكما الحال في الكثير من الدساتير الأوروبية في إيطاليا وألمانيا وفرنسا وتركيا، فنحن لسنا بدعا من الناس. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 20 ديسمبر 2010)
وساطة مصرية بين عباس ودحلان
الجزيرة نت-خاص ذكرت مصادر في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) أن مدير المخابرات المصري عمر سليمان أبلغ عضو اللجنة المركزية بالحركة محمد دحلان خلال لقائهما في القاهرة بداية الشهر الجاري أن عليه أن يكف عن تصرفاته التي تضعف سلطة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وقالت المصادر للجزيرة نت إن دحلان طلب مرارا من سليمان ومسؤولين مصريين أن يستمعوا له في خلافه مع عباس وأن يتوسطوا للحل، وبعد رفض ثلاث مرات وافق سليمان أن يستمع لدحلان.
وأشارت المصادر التي اشترطت عدم كشف هويتها إلى أن سليمان أبلغ دحلان أن تصرفاته الخاطئة تعطي الفرصة لأعداء فتح بأن يستفيدوا من الخلافات داخل حركتهم، وأن تدخلاته في الحكومة والأمن بالضفة غير مقبولة حتى لا تتكرر « مأساة غزة ».
وأضافت أن سليمان وعد دحلان بأن يبلغ عباس رغبته في الاعتذار عما بدر منه « ولم يكن مقصودا به أهانة عباس وعائلته » مؤكداً له أن عباس أبلغ قبل ذلك المسؤولين بمصر بخلافه مع دحلان وطلب منهم عدم استقباله.
وأوضحت المصادر أن دحلان عرض تقديم اعتذار لعباس لكن سليمان رد عليه بقوله إن الاعتذار غير كاف، وأنه سيبحث مع عباس كيف يمكن تجاوز هذه الأزمة التي تستفيد منها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتعمل على تضخيمها على حد قوله.
وكان مسؤول بارز بفتح أبلغ الجزيرة نت قبل عدة أيام أن محاولتين لحل الخلاف بين عباس والنائب دحلان فشلتا.
وقال المصدر إن أعضاء في اللجنة المركزية لفتح تحدثوا مع عباس عن حل الخلاف، لكنه أجاب بالرفض المطلق معتبراً أن ما تحدث به دحلان وتدخلاته أمور غير مقبولة مطلقاً.
تجاوز الحدود
وأشار ذات المصدر إلى أن عباس أبلغ محدثيه من أعضاء مركزية فتح أن دحلان تجاوز حدوده كثيراً، وأنه وجه شتائم وكلاما غير لائق له ولنجليه، واتهمهما بالاستفادة من منصب والديهما في أنشطتهما التجارية، وهو ما ينفيه عباس ونجلاه.
وأضاف أن عباس رفض حتى أن يقوم دحلان بالاعتذار إليه، وجدد له الاتهام بالمسؤولية عن خسارة الأجهزة الأمنية أمام حركة حماس في قطاع غزة، مؤكداً أنه لن يسمح بأن تستولي حماس على الضفة الغربية بالتراخي مع أخطاء دحلان وغيره.
وكانت مصادر فلسطينية موثوقة كشفت للجزيرة نت الشهر الماضي أن شهري أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني الماضيين شهدا مزيدا من الخلاف بين عباس ودحلان.
وأشارت ذات المصادر إلى أن ثلاث قضايا فاقمت العلاقة بين الرجلين، الأولى اتهام مساعدين لعباس دحلان بأنه وراء تحريض قيادات في فتح وخاصة ناصر القدوة على أنهم أحق من عباس ورئيس حكومته سلام فياض بالحكم واستلام زمام الأمور بالسلطة. والثانية –وفق نفس المصادر- سعي دحلان لتعزيز نفوذه في الأجهزة الأمنية والوزارات في الضفة، وهو ما أغضب تلك القيادات التي تتهم دحلان بأنه المسؤول المباشر عن سقوط غزة في يد حماس.
أما القضية الثالثة -والتي فاقمت الخلاف بشكل حاد بين الرجلين- فهي تدخل دحلان في ملف تشكيل الحكومة الجديدة لفياض، وهو ما أزعج فياض وعباس معا. وأضافت المصادر أن دحلان تطوع للاتصال بشخصيات في قطاع غزة وعرض عليها الانضمام للحكومة التي توقف الحديث عنها عقب هذا التدخل.
وبعد تفاقم الخلافات بين دحلان وعباس، أمر الأخير بسحب الحراسات بالقرب من منزل القيادي في فتح بمدينة رام الله. وأضافت هذه المصادر للجزيرة نت أن عباس أمر فياض بإجراء نقل لمديرين عامين ووكلاء وزراء مقربين من دحلان في الخارجية والداخلية إلى وزارات أخرى ليست ذات علاقة بالسياسة الخارجية أو بالأمن الداخلي. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 20 ديسمبر 2010)
وصفه بأنه رئيس « الصدفة ».. عباس يرفض التعاطي مع وساطة القاهرة
لاحتواء التوتر مع دحلان ويواصل « تقليم أظافره » داخل السلطة
كتب عمر القليوبي (المصريون)
علمت « المصريون »، أن وساطة تقوم بها مصر والإمارات بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الأمن الوقائي السابق بقطاع غزة العقيد محمد دحلان لم تحرز أي نجاح حتى الآن، نتيجة تصاعد الشكوك من جانب « أبو مازن » في تنامي الطموح السياسي لعضو اللجنة المركزية لحركة « فتح » في وراثته في السلطة. وأفادت مصادر مطلعة أن اللقاء الذي جمع اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات العامة المصرية ودحلان لم ينجح في تخفيف حدة التوتر بين مصر ومسئول الأمن الوقائي السابق بقطاع غزة على الرغم من حالة الإلحاح في طلب اللقاء من جانب دحلان. وقالت المصادر إن عباس مستمر في مساعيه لتقليم أظافر دحلان بعد قيامه في الأسابيع الماضية بإلغاء كافة الامتيازات الأمنية وسحب الحراسات الخاصة منه، وإجراء تحقيقات مع مقربين منه حول ملف مصدر ثروته. وكان عباس اشتكى للقاهرة مرارا من استيلاء دحلان على صلاحيات عدد من كبار المسئولين في السلطة، ومن توجيهه انتقادات شديدة إليه شخصيا عبر وصفه بأنه رئيس « الصدفة » للسلطة، وهو ما أغضب « أبو مازن » بشدة ودفعه لرفض جميع الحلول الوسط التي عرضت عليه لتسوية الأزمة مع دحلان. ولم تستبعد المصادر أن يجرى الرئيس عباس حركة تغيير على وفود التفاوض التابعة للسلطة الفلسطينية وحركة « فتح » المكلفة إجراء المباحثات مع إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية « حماس » بقيادة صائب عريقات وعزام الأحمد على الترتيب. وسيطول التغيير المرتقب المسئولين خصوصا عن الملفات الأمنية المخولة التفاوض مع « حماس » وفي مقدمتهم سمير مشهراوي من عضوية الوفد، لاتهامه بعرقلة المباحثات مع الحركة. كما قد تطول التغييرات بعض رؤساء وفود التفاوض مع إسرائيل و »حماس » بعد انتقادات طالتها واتهتها بالفشل في إدارة المفاوضات، فضلاً عن تصاعد شكوك « أبو مازن » حول تصاعد نفوذ دحلان داخل لجان المفاوضات.
(المصدر: صحيفة « المصريون » (يومية – مصر) الصادرة يوم 21 ديسمبر2010)