الاثنين، 19 يونيو 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2219 du 19.06.2006

 archives : www.tunisnews.net


البديـل عاجل: نتائج مناظرة الكاباس:السلطة تواصل سياسة الفرز الأمني والسياسي إسلام أون لاين: تجمع حقوقي بجنيف لدعم 52 ألف معتقل عربي الشرق الأوسط: البوسنة تسحب جنسيتها من 38 عربيا الموقف: التكتل الديمقراطي يندد بالعراقيل التي تستهدف نشاطه الموقف: في اليوم الوطني للبيئة حي التضامن يغرق في الأوساخ والناموس صــابر التونسي: على نخب « المونديــال »: معركة بين قلبي وعقلي حبيب الرباعي: إن لم نعتبر بمن سبقنا فسنكون عبرة لمن يأتي بعدنا محمد العروسي الهاني: رسالة مفتوحة للتاريخ لسيادة رئيس الدولة التونسية أشرف زيد: وإذا رأيت الصحراء تمتدّ و تمتدّ… فأعلم بأنّ وراءها صحراء حبيب الرباعي: إن لم نعتبر بمن سبقنا فسنكون عبرة لمن يأتي بعدنا  الحياة: المفكر التونسي  مهدي بلحاج قاسم  «عندما يعجز الفرنسيون عن استيعاب رسالة الغضب في الضواحي» الصباح:خريجو جامعات وطلبة عمال مرمة !! الصباح: الصيني للتونسي رحمة …لكن في باب الجودة قد تتحول الرحمة الى نقمة الحياة: المحكمة الإنكليزية العليا تأمر بتعويض للسعوديين خالد وعبدالرحمن بن محفوظ توفيق المديني: المجاعات المزمنة في إفريقيا محمد صادق الحسيني : بلحاج قاسم في كتاب نقدي … عندما يعجز الفرنسيون عن استيعاب رسالة الغضب في الضواحي يحيي القيسي: الضلال بالإشارات القدس العربي : كمال كمال: طيف نزار أول فيلم تحدث عن سنوات الرصاص في المغرب!


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 
نتائج مناظرة الكاباس:

السلطة تواصل سياسة الفرز الأمني والسياسي

تم الإعلان في الأيام الأخيرة على نتائج مناظرة الكاباس، وكعادتها عمدت السلطة إلى شطب أسماء النشطاء السياسيين والنقابيين السابقين في الحركة الطلابية والإتحاد العام لطلبة تونس، وقد أصدر عدد منهم بلاغا إعلاميا هذا نصّه:
تونس في 17 جوان 2006   بلاغ اعلامي
على اثر إعلان النتائج النهائية لمناظرة « الكاباس » يوم الاربعاء 14 جوان 2006 المنقضي على شبكة الانترنيت ضمن الموقع الالكتروني لوزارة التربية والتكوين، يهمّنا نحن الممضون أسفله أن نصدر البلاغ التالي:   نحن، أعضاء وناشطون سابقون في الاتحاد العام لطلبة تونس والحركة الطلابية، تمكنّا من النجاح في الاختبارات الكتابية لمناظرة « الكاباس » دورة 2006/2005، وأنجزنا التربص التكويني، ثم الاختبار الشفوي الذي أجريناه باقتدار وكفاءة بشهادة اللجان المشرفة، لكننا فوجئنا باستثنائنا عنوة وتصفيتنا من قوائم الناجحين التي من المفترض أن نتصدرها ونكون ضمنها، لكن السلطة أصرت -مرة أخرى- على منطق التصفية السياسية والتعدي السافر على أبسط حقوق المواطنة، وهو أمر لن نقبله ولن نصمت عليه مهما كلفنا ذلك من تضحيات، ونحن نرفع صوتنا عاليا ونعلن كوننا سندافع عن حقنا في الشغل وفق شهاداتنا العلمية بكل الأشكال النضالية المباشرة، ومن أجل ذلك –  نهيب بكل القوى السياسية والنقابية والحقوقية بأن تتبنى نضالنا وتسنده رفضا لسياسة التصفية والتجويع وانتصارا لحقوق المواطنة الحرة. –  نهيب بأساتذتنا الجامعيين والمتفقدين ذوي الصلة بالمناظرة – ومن خلالهم كل رجال التعليم في تونس – أن يتحملوا مسؤوليتهم تجاه شرفهم العلمي ومصداقيتهم الأدبية والأخلاقية وأن لا يصمتوا أمام هذه المهازل ويرفعوا صونهم للتشهير بسياسة التصفية الأمنية والسياسية تنسف في العمق دورهم وتزيف إرادتهم وقرارهم العلمي والتربوي. –  نتوجه إلى كل زملائنا حاملي الشهادات المعطلين عن العمل أن ينظموا النضال الجماعي والمنظم من أجل الحق في الشغل وفي الحياة والكرامة. –  ندعو السلطة للكف عن سياسة التجويع والفرز الأمني والسياسي، واحترام شفافية المناظرات، وإلغاء الاستثناء الصادر ضدّنا وتمكيننا من الالتحاق بوظائفنا كأساتذة تعليم ثانوي.   الإمضاءات الأولية:   علي الجلولي محمد المومني بشير المسعودي حفناوي بن عثمان لطفي فريد   (المصدر:  » البديـل عاجل »، قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 18 جوان 2006)

تجمع حقوقي بجنيف لدعم 52 ألف معتقل عربي

باريس – هادي يحمد – إسلام أون لاين.نت    تنظم 30 جمعية حقوقية عربية وأوربية الإثنين 19-6-2006 تجمعا بساحة « الأمم » في جنيف للمطالبة بإطلاق سراح حوالي 52 ألف معتقل عربي في السجون العربية والإسرائيلية والأمريكية في العراق.   وفي تصريحات خاصة لإسلام أون لاين.نت الإثنين، قال منسق التجمع هيثم مناع الناطق الرسمي باسم « اللجنة العربية لحقوق الإنسان » ومقرها باريس إن ممثلي المنظمات والجمعيات الحقوقية سيتجمعون في مرحلة أولى بساحة الأمم بمدينة جنيف السويسرية من أجل التضامن مع 52 ألف معتقل سياسي يتوزعون بين السجون العربية والإسرائيلية والأمريكية في العراق.   وأضاف أن اللجنة العربية تملك وثائق تثبت وجود 20 ألف معتقل عراقي وعربي في السجون الأمريكية في العراق دون إحصاء عدد مساجين المعتقلات السرية، كما أن حوالي 35 ألف معتقل عربي يقبعون في السجون الإسرائيلية والأمريكية في العراق.   وأشار مناع إلى أن المجتمعين في ساحة « الأمم » سيعقدون بعد ذلك مؤتمرا صحفيا يوجهون فيه نداء إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف بمناسبة انعقاد أول دورة لمجلسها الجديد.   ويتضمن النداء عدة اقتراحات من أجل « تحسين الوضعية المأساوية » لحقوق الإنسان في العالم العربي وتحت الاحتلالين الإسرائيلي لفلسطين والأمريكي للعراق.   ويشارك في التجمع إضافة إلى اللجنة العربية لحقوق الإنسان العديد من الجمعيات العربية والأوربية من بينها اتحاد المحامين العرب والمرصد الفرنسي لحقوق الإنسان والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان وجمعية التضامن لحقوق الإنسان بليبيا والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين بتونس ومركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية ومنظمة حقوق الإنسان أولا من السعودية ومؤسسة الضمير لحقوق لإنسان بغزة ومنظمة العدالة الدولية بلاهاي.   وقال الناطق الرسمي باسم « اللجنة العربية لحقوق الإنسان »: إن المحتجين على أوضاع حقوق الإنسان في العالم العربي سيطالبون بتوسيع صلاحيات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومحاسبة الأعضاء المنتخبين فيها والممثلين للدول العربية حول أوضاع حقوق الإنسان في بلدانهم.   دعوة للمساءلة   كما سيطالب المجتمعون، بحسب مناع، « بإصدار تقرير دوري لا يكتفي بمجرد إدانة انتهاكات حقوق الإنسان، بل يرمي إلى المساءلة والمحاسبة ».   وفي النداء الذي يوجهه المحتجون إلى مجلس حقوق الإنسان والذي حصلت إسلام أون لاين.نت على نسخة منه « دعوة إلى وقف جميع أشكال الاعتقال التعسفي في كل من ليبيا وتونس وسوريا ومصر والمغرب وفلسطين والعراق ».   كما يطرح النداء بعض التساؤلات من بينها: « من يعرف الحقيقة في جريمة سجن بوسليم قبل عشر سنوات في ليبيا؟ وما هو العدد الحقيقي لعدد المعتقلين في مصر؟ وكيف نواجه ضرب منظمات المجتمع المدني في تونس وسوريا؟ وما هو السبيل من أجل إخلاء السجون العربية والإسرائيلية والعراقية من المساجين السياسيين؟ ».   ويفتتح مجلس حقوق الإنسان دورته لأعضائه المنتخبين الجدد اليوم الإثنين للتواصل حتى نهاية الشهر.   ويضم مجلس حقوق الإنسان التابع الأمم المتحدة 47 عضوا منتخبا من بينهم كل من تونس والسعودية والمغرب والجزائر والأردن والبحرين. وكانت جماعات حقوق إنسان قد وجهت انتقادات شديدة لاختيار بعض تلك الدول لعضوية المجلس بسبب ما تعتبره سجلا « سيئا » لها في مجال حقوق الإنسان.   (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 19 جوان 2006)

 

البوسنة تسحب جنسيتها من 38 عربيا

سراييفو- عبد الباقي خليفة   سحبت البوسنة 38 جنسية جديدة من العرب الذين حصلوا على جنسيتها في الفترة ما بين 1992 و2006، لتضاف إلى ما يزيد عن 100 جنسية تم سحبها في السنوات الماضية. وقالت اللجنة المشرفة على مراجعة الجنسيات، إن أعدادا كبيرة من الحاصلين على الجنسية والذين لم يعودوا مقيمين في البوسنة ستسحب منهم الجنسية بعد مراجعة الوثائق التي تم بموجبها حصولهم على الجنسية البوسنية.   وكان رئيس لجنة مراجعة الجنسية التابعة للاستخبارات البوسنية فويكوسلاف فوكوفيتش قد ذكر أول من أمس لصحيفة «دنيفني أفاز» البوسنية الصادرة في سراييفو أن «38 أجنبيا أصبحوا بدون الجنسية البوسنية».   وقال إن «عددا من الحاصلين على الجنسية البوسنية تقدموا بمعلومات غير صحيحة أو بوثائق مزورة أو ذكروا عناوين وهمية أو غيرها من المخالفات القانونية التي تستوجب سحب الجنسية منهم. وأشار إلى أنه يوجد أشخاص من غير العرب من بين قائمة 38 أجنبيا سحبت منهم الجنسية.   وامتنع المسؤول البوسني عن ذكر أسماء الاشخاص المعنيين والدول التي ينتمون إليها، مؤكدا على أن ذلك سيكون في وقت لاحق. وأفاد بأن هناك نحو ألف شهادة جنسية ستتم مراجعتها في المرحلة المقبلة.   وكانت اللجنة قد حددت فترة 45 يوما لمراجعة الجنسيات، وكل من يتخلف عن هذا الموعد تعتبر جنسيته ملغاة. ويبلغ عدد الآفرو آسيويين الحاصلين على الجنسية البوسنية نحو 700 شخص، يمثل السوريون العدد الاكبر، 108 أشخاص، ثم المصريون 87 شخصا، ويليهم الاردنيون 80 شخصا والسودانيون 76 شخصا ثم الجزائريون 75 شخصا ثم التونسيون 49 شخصا ثم اللبنانيون 28 شخصا ثم العراقيون 27 شخصا والكويتيون 27 شخصا والفلسطينيون 26 شخصا والمغاربة 18 شخصا، وكذلك السعوديون 18شخصا، والاماراتيون 5 أشخاص والقطريون 4 أشخاص والعُمانيون 3 أشخاص والموريتانيون شخصان وبحريني واحد.   (المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 7 جوان 2006)

 

تصحيح   ورد في الحلقة الثانية من المقال المتعلق بسوء التصرف في بعض مراكز التكوين المهني والمنشور يوم الجمعة الماضية (16 جوان 2006) أن « هذا مبلغ كبير بالمقارنة مثلا مع اعتماد حوالي 12 مليون دينار لبناء معهد عال للدراسات الإستراتيجية بمدنين ». والمقصود هو معهد عال للدراسات التكنولوجية بمدنين، وهو المعهد الذي تم التنصيص على الإعتمادات المخصصة لبنائه بميزانية الدولة لهذه السنة. ولا بد ان يكون القارئ قد تفطن لذلك علما بأنه لا توجد في تونس معاهد عليا للدراسات الإستراتيجية، وأن المعهد الوحيد المتخصص في هذا المجال هو المؤسسة الإستشارية والتابعة لرئاسة الجمهورية. لذلك وجب التصويب والتنويه.   محمد بوسنينة – تونس

قام البيت الأبيض الأمريكي الاسبوع الماضي بنشر قائمة الهدايا التي قدّمها رؤساء و ملوك العالم للرئيس الأمريكي جورج بوش سنة 2004 . فعلى سبيل المثال تمثلت هدية سلطان مملكة « بروناي »في كتيّب فيه مجموعة من النصائح حول كيفية تفادي هجوم الاسود و الحيوانات المفترسة. ملك الأردن كانت هديته مجوعة من « المسدّسات » و بعض أسلحة الصيد النادرة…. أما الرئيس التونسي « حامي حمى الدين في تونس »  فلم يجد من منتجات بلاده في الصناعات التقليدية أو الفلاحية شيئا ثمينا يهديه ( لينفق أحدكم مما يحبّ )، فكانت هديته مجموعة كبيرة من قوارير الخمر المختلفة  » أمّ الخبائث »!!! و قديما قالت العرب كلّ إناء بما فيه يرشح.

معلوم أن الهدايا التي يتلقاها مسؤولو البيت الأبيض الأمريكي، تحال إلى أرشيف الدولة و لا يحق لهم استعمالها شخصيا. هكذا يكون  » حامي حمى الدين في تونس » قد خطّ اسمه واسم تونس بخطوط من  » خمر  » في الأرشيف الأمريكي

 

محرر صفحة 18 أكتوبر

www.aktion18.oktober.com info@aktion18oktober.com

 

 التكتل الديمقراطي يندد بالعراقيل التي تستهدف نشاطه

 

ندد المكتب السياسي للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات في اجتماعه الشهري مع المسؤولين الأولين للحزب يوم الأحد 4 جوان 2006 بالعراقيل التي تتعرض لها هياكل التكتل في نشاطها اليومي، وبما يطال مسؤوليها ومناضليها من عسف ومضايقات .

 

وفي هذا الصدد استعرض المجتمعون حالة الأخ الهادي المناعي منسق جهة جندوبة الذي أصبح، منذ مدة طولية، هدفا لمضايقات يومية تعرقل عمله وتمنعه أحيانا حتى من مجرد التنقل. كما استعرض حالة الأخ جلال بوزيد من صفاقس المحروم من جواز سفره والذي منع، بالتالي، من المشاركة في مؤتمر علمي دولي في إطار اهتماماته المهنية بصفته باحثا، وكذلك حالة الأخ محمد بن خميس الطبيب المتقاعد وحسين السندي التاجر المتجول اللذين أجبرا من طرف مسؤولين وسلطات جهوية في الكاف على الاستقالة من التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وإلا فقدا لقمة عيشهما

 

وعبر المجتمعون عن استيائهم من عدم رد وزير الداخلية إلى يومنا هذا على الرسالة المضمونة الوصول التي وجهها الأمين العام بتاريخ 20 أفريل 2006 لطلب مقابلته ليعرض عليه كل هذه المشاكل بهدف وضع حد للعراقيل التي تجعل من الترخيص القانوني الذي تحصل عليه الحزب منذ أكثر من ثلاث سنوات، ترخيصا بلا معنى .

 

ومن جهة أخرى، عبر المجتمعون عن إصرارهم على مواصلة عملهم رغم كل هذه الصعوبات والمشاكل الناتجة عن تشديد الخناق على الحياة السياسية بالبلاد، وذلك لتحقيق المزيد من الإشعاع لحزبهم وتمكينه في اقرب الآجال من صحيفة تكون أداة اتصال مع المواطنين وإطارا للحوار والنقاش مع القوى الحية بالبلاد

 

(المصدر: موقع

pdpinfo.org نقلا عن صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 364 بتاريخ 16 جوان 2006)

 


وراء القضبان

 

سجين الإنترنت علي رمزي بالطيبي

 

اعتقلت الشرطة الشاب علي رمزي بالطيبي يوم 15 مارس 2005 وفتشت منزله و صادرت أوراقاً شخصية وكتباً وأقراصاً مدمجة. ووجهت له المحكمة بعد ذلك تهمة نسخ بيان عن الإنترنت يهدد تونس بهجماتٍ إرهابية، وكذلك بإعادة إرساله من خلال أحد منتديات النقاش (الاخلاص) الذي يساهم في إدارته عبر الإنترنت وذلك احتجاجا على دعوة رئيس الوزراء السابق ارييل شارون إلى تونس.

 

واعتمدت المحكمة على المادة 222 من قانون العقوبات. ولم تتهم المحكمة الطيبي بكتابة البيان الذي نشر على الانترنت ولكنها قررت أنه قام بنسخه وإرساله عبر موقعين إلكترونيينٍ ورأت المحكمة أن هذا الفعل « يمثل تهديداً واضحاً للحكومة التونسية، ويشكل جريمة.ً

 

حكم عليه في 28 مارس 2005 بالحبس خمس سنوات وبغرامة قدرها 1000 دينار وهو الآن مقيم بسجن برج الرومي ويعاني من آلام بالمعدة و الساق اليمنى وصعوبة في التنفس.

 

ولد بالطيبي في 31 أوت 1976 وهو متحصل على شهادة البكالوريا وكان يشتغل يوم قبض عليه بمقهى عمومي للإنترنت. طالبت المنظمات الحقوقية الدولية والوطنية بالإفراج عنه فورا لأنه سجن بسبب ممارسته حقه في حرية التعبير. وقالت هيومن رايس ووتش في رسالة إلى رئيس الدولة في 15 مارس 2006 أن ملف الدعوى لا يحوي أي أساس معقول لإدانة السيد بالطيبي. وأن « الجهة التي أقامت الدعوى ضده تبعث إلى التونسيين برسالةً مفادها أنهم معرضون للسجن إذا تلقوا أو تبادلوا عبر الإنترنت معلومات ترى الحكومة بأنها ذات صبغةٍ متطرفة« .

 

(المصدر: موقع

pdpinfo.org نقلا عن صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 364 بتاريخ 16 جوان 2006)

 


 

في اليوم الوطني للبيئة حي التضامن يغرق في الأوساخ والناموس

عادل السالمي

 

كل من يدخل حي التضامن الذي يضم حوالي 120 ألف ساكن أو الأحياء الشعبية القريبة منه يلاحظ بدون عناء أن أكبر حي شعبي في تونس يعيش على وقع الأوساخ والأوحال والبرك الراكدة والناموس والكلاب السائبة وجثث القطط المرمية هنا وهناك.

 

حالة من العفن لا يمكن أن تلخصها صورة أو مقال، وجحيم من الحشرات السامة والأوساخ والأدخنة المتصاعدة التي لم تترك المواطن يتنفس بسهولة لانه يبدو انه لا يستحق بيئة نظيفة. البلدية المسكينة التي كتب عليها أن تهتم بالتضامن وكذلك بالمنيهلة وحي الرفاهة ( ولا أدري ما علاقة الاسم بهذا الحي البائس) في نفس الوقت لا ترى مانعا من حين لآخر في حرق أكداس الفضلات بدلا من جمعها لأنه السبيل الأسهل. أما المواطن المسكين فعليه أن يستنشق الدخان السام ويشكر البلدية على المجهودات التي تدخرها ليوم الانتخابات أو لاستقبال مسؤول رفيع المستوى.

 

كل من يمرّ بالشوارع الرئيسية وعلى أطراف التضامن والأحياء المشابهة لا يمكن أن يتفطّن لهذا العفن لأن البلدية عملت بالمثل المعروف  » يا مزين من برّه آش أحوالك من داخل ». فأدخل من أي جهة شئت إلى قلب حي التضامن وستكتشف الحقيقة المرة. أكداس وراء أكداس وأطفال صغار يلعبون وسط ركام الفضلات التي تبقى مكدّسة ثلاث أيام وثلاث ليال. أما الناموس وحشرات أخرى سامة فهي مزهوة فرحة تلاحظها بالعين المجردة ترقص هناك وهناك و المواطن المسكين  » يحكّ » جلده كلما لسعته ناموسة ويلعن اليوم الذي سكن فيه هذا الحي. حاولنا الحديث مع بعض المسؤولين في البلدية فرفض بعضهم ولمح آخرون إلى أن إمكانيات بلدية « المنيهلة التضامن » متواضعة جدا ومساحة اهتمامها كبيرة إذ تهتم بأكبر أحياء العاصمة كثافة سكانية. وقال بعض العملة في البلدية « للموقف » أن البلدية تفتقر إلى المعدات والتجهيزات اللازمة. وإمكانياتها البشرية ضعيفة كما أن معدات أخرى لرفع القمامة أصبحت قديمة ولا تفي بالحاجة. وقد لاحظنا بدورنا أن بعض الانهج تشهد جمع القمامة عبر « جرار » أو بشكل يدوي مما يعطي انطباعا بأن البلدية فعلا لا تملك تجهيزات كافية لجمع فضلات هذا الحي الكبير.

 

وبسبب الكثافة السكانية وعدم وعي المواطن أيضا فإن أكداس الفضلات موزعة على كل مداخل الحي وأنهجه مما جعل الروائح الكريهة تسدّ أنوف المواطنين وتجعلهم يتأففون في صمت. والأغرب من كل ذلك أن المؤسسات التربوية والثقافية والسوق أخذت النصيب الأوفر من هذا العفن. وقد عاينا أكداس القمامة أمام مدخل المكتبة العمومية وأمام المدرسة الابتدائية بشكل لا يمكن أن يوحي إلا بأن الأطفال في هذا الحي مهددون بالأوبئة والأمراض.

 

وزيادة على أكداس القمامة والأتربة والفضلات فإن أنهج الحي التي تتصّف بضيقها ومنعرجاتها الكثيرة تمتلئ بالحفر والبرك الراكدة والمياه الملوثة.

 

(المصدر: موقع

pdpinfo.org نقلا عن صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 364 بتاريخ 16 جوان 2006)

 


على نخب « المونديــال »

معركة بين قلبي وعقلي

صــابر التونسي

 

 حمي وطيس المونديال ورفعت الأعلام في كل مكان! ونادى كل قوم بفريقهم: اليوم يوم الملحمة! يوم المقابلة…. يوم امتحان الوطنية…. يوم تنسى فيه الفوارق…. وتشرئب فيه الأعناق …. يوم يجمع فيه الوطنيون و »اللاوطنيون » على تشجيع فريقهم والصلاة له علنا وبظهر الغيب (الدعاء)… إلا من تخاذل وتقاعس ولم يؤثر فيه النفير العام…..أو تآمر وكان هواه وقلبه مع « الأعداء »!

 

لست ممن يتابع أحداث المونديال عن كثب ولست ممن تحول عندهم مركز الجاذبية من كرة الأرض إلى كرة الهواء!

 

حاولت كثيرا أن أبقى على مبدئي وأن الرياضة جعلت لتمارس لا ليتفرج عليها! وأن التعصب الذي   كثيرا ما يتحول إلى اقتتال حقيقي بين أبناء الوطن الواحد وأبناء العم والإخوة بسبب اختلاف ميولاتهم الكروية ظاهرة اجتماعية مرضية وتعبير عن كبت متعدد الأنواع في أي مجتمع كان وجب علاجه والبحث له عن حلول!

 

ولكن الضغط الإعلامي المكثف في الراديوا والتلفزة والشارع والناس يدفع الواحد مهما كان إصراره على وقوف موقف عدم الإنحياز أن يجد نفسه مدفوعا ولو فضولا لمعرفة شيئ مما يدور وأن يعرف النتائج على الأقل وأن لايكون « كالأطرش في الزفة ».

 

يحتدم الصراع دائما بين قلبي وعقلي كلما كان لفريقنا الوطني مقابلة ذات أهمية! وازداد الصراع هذه الأيام بسبب أحداث « المونديال » وكثرة الأعلام المرفوعة! ويصادف كثيرا أن أمر في مَوَاطِن غربتي فأرى في بيت من البيوت أونافذة من النوافذ علم بلادي معلقا فيخفق قلبي وأشعر أن بي رغبة لإحتضانه ومسح دموعي في احمراره وأعلم أن « وطنيا كرويا » يسكن هناك وأحيي الدار وساكنه وأمر غريبا في غربتي!

 

ويحدثني قلبي بأن أفعل مثله وأعلّق علما على بيتي تعبيرا مني على وقوفي إلى جانب فريقنا الوطني وتمنياتي له في مهرجانه الكروي بالتوفيق!

 

ثم يرجّني عقلي ويقول: إن الكرة لا تنهض بالشعوب، والأحذية لا ترفع الأمم! إنما الذي يرفع الوطن هو دفع الظّلم المُؤْذن بخراب العمران وإرساء العدل والمساواة، وإشعار المواطنين جميعا أنهم شركاء في الوطن قبل أن يجتمعوا على تشجيع فريق الوطن!

 

وأتساءل: إذا كان الفريق فريق الوطن فلماذا يُسمّى « بصقور قرطاج » ومن المقصود بقرطاج هل كل قرطاج أم قصر قرطاج؟ وما المقصود بالقصر أليس ساكنه؟

 

وما بغض من سكن الديار سكن قلبي **ولكن بغض من سكن الديار!!(أصل الكلمة المسطرة: « حبّ »)

 

لماذا لايسمونهم « بصقور زعبع » أم أن الكلّ في بلادنا يُعرّفُ بالجزء وإن كان الجزء تافها ويحتاج إلى من يعرفه لو لا ضربات الحظ ! وأن الجماعة سائرون على نهج بورقيبة في قوله :أنا النظام، أنا الدولة،

 

وهو ما يمكن أن يُفّسر لنا بأن صقور « قرطاج » تعني صقور تونس! فتونس كلها ملك لسكان  » قصر قرطاج ». ولذلك رفع بعض المُشجعين صور « الرئيس »!(وإن كان الأمر قليلا ولكنه حصل!!)

 

لهذه الأسباب وغيرها كثير أحاول التجاوب مع عقلي وأسعى أن أحدَّ من « الوطنية الكروية » لأبنائي ومن أعرف من الصغار والشباب. ولكنهم في هذا المجال أكثر منّي وأمثالي وطنية!

 

أبناؤنا الذين ولدوا في غربة مفروضة عليهم ولم يكحلوا ناظرهم بوطنهم يتحمسون إلى درجة الإندفاع في تشجيع فريقهم الوطني ومستعدون لمخاصمة كل من خالفهم وإن كان أقرب المقربين، والحق أن ذلك يسعد قلبي وهو علامة سلامة وإن جانبت الإتجاه الصحيح!

 

هاتفت بيتي أثناء المقابلة الأولى لفريقنا فإذا ابنتي تصرخ بي مبشرة : يا أبي سجلنا هدفا!

 

قلت: من أنتم وضد من؟ قالت تونس ضد السعودية! فرح قلبي وتظاهر عقلي بالفرح مراعاة لشعور أبنائي! ثم مررت بشارع حيث تُعرض المباراة فوجدت « الأعداء » متقدمين، حزن لذلك قلبي ولم يفرح عقلي! وشاهدت هدف التعادل وفرح اللاعبين به فكادت أن تنزل من عيني دمعة فرح!!

 

ومع أنني أجد أن كفة قلبي ترجح دائما على كفة عقلي الذي صعد بي المرتقيات الصعبة وجلب لي الشقاء والمتاعب فإنني أرى بأن الحماس الكروي عموما قد تحول إلى هستيريا وجنونا صاخبا! وأن الأمر لم يبق في إطار رياضة وتشجيع بريء.

 

وأن الساسة والسماسرة يستغلون مثل هذه الفرص لتحقيق أهدافهم الخبيثة فكم من مجازر ارتكبت في غمرة سكرة العالم « بالكرة »؟ وكم من حقوق انتهكت؟ وكم مرة ارتفعت أسعار « خبز الغلابا »؟ في مثل هذه المناسبات؟

 

وكم هي المبالغ الطائلة التي تنفق من أموال الشعب على الكرة وما تبعها وهناك مصارف أخرى كثيرة أولى بالإنفاق فيها؟! وهل يحقّ لمن يفقد الضروري والحاجي أن ينفق في التحسيني والكمالي؟!

 

وهل يحقّ لبلد تُقهر فيه الطاقات والعلماء والمبدعون وتُجوّع فيه الألوف تجويعا منظما ويُلقى بفلذات أكباده في البحر وفي أيدي عصابات الجريمة المنظمة أن يدفع الأموال الطائلة لشراء أناس ليس لهم من علم ولا فن عدا ركل كرة الهواء؟!

 

نعم هذا زمن تموت فيه الأسد في الغابات جوعا ولحم الضأن تأكله ال… ( الزناتيس والكلايتونات*).

 

هل يمكن أن يُحترم بلد لأن فريقه الرياضي حقق بعض « انتصارات » وهو يجوّع العلماء الذين خدموا البلاد وأسسوا الجامعات وعلّموا الشباب، ويمنعهم حتى من العلاج كما يحصل مع الدكتور بن سالم؟

 

لو أن السيد زانتوس أو غيره من أبناء فريقنا الوطني شكى ألما بسيطا في إصبع رجله  قد يؤثر على حسن ركله للكرة لتداعى له سائر الأطباء وأشهرهم بالسهر والحرص على سلامته! أما غيرهم ممن خالف أو قال من حقي أن أختلف فيدمر تدميرا مبرمجا ومخططا!

 

قد يطعن البعض في وطنيتي بسب موقفي هذا فأقول بأن « وطنيتي الكروية » في قلبي وإن خالف عقلي كما أنكم تقولون بأن الإيمان في القلب وإن لم يصدقه العمل!

 

وأشهد أني أحب البلاد***وأني أصيل « بذاك »  البلد (أصل الكلمة المسطرة: »هذا » ولبعدي عن الوطن غيرتها)

إذا فرقتنا مذاهب شتى***فحب البلاد به نتحـــــد **

 

أعترف بأنني في حيرة بين قلبي وعقلي « كرويا » وأني في حاجة إلى النصح والتوجيه والإرشاد من أهله وأرجو أن لا أنصح بما جرّبه غيري من تظاهر بحب الكرة ومتابعة أخبارها ورفع التهاني لأجلها والعيش على ماضيها والإعراض عن واقعه وتجاهل آلام قومه ومناشدة السيد الرئيس بأن يُفرج عن المساجين والمُغرّبين حتى يتمكنوا من متابعة المقابلات الكروية لفريقنا وتشجيعه!

 

كان يمكن أن يغير ماركس رأيه لو كان حيّا في أن الكرة هي أفيون الشعوب وليس الدين!

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) جمع زانتوس وكلايتون

(**) بحري العرفاوي  


 
 

تونس في 19-6-2006

للتاريخ مدلول هام

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على أفضل المرسلين

 

تسعة عشر حروف البسملة وفيها أسرار عديدة

 

 رسالة مفتوحة للتاريخ لسيادة رئيس الدولة التونسية

بقلم محمد العروسي الهاني

كاتب عام جمعية الوفاء

للمحافظة على تراث الزعيم

الحبيب بورقيبة ورموز الحركة الوطنية

 

 

حول التذكير برسالة 13 جوان 2005 المتعلقة بطلب التأشيرة القانونية لجمعية الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة ورموز الحركة الوطنية

 

في مثل يوم 13 جوان 2005 بادر المكتب التأسيسي لجمعية الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة ورموز الحركة الوطنية بتوجيه رسالة تاريخية لسيادتكم قصد التشرف بإعطاء اذنكم وتعليماتكم لاسناد التأشيرة القانونية لجمعية الوفاء التي اسست يوم 22/05/2005 على غرار الجمعية التي بعثت بباريس فرنسا وتحصلت على التأشيرة من الحكومة الفرنسية وشرعت في النشاط والعمل الفعلي وقد قامت بعدة انشطة هامة خاصة خلال العام الجاري وعلى هامش الاحتفالات بخمسينية الاستقلال 20 مارس 1956 . و 20 مارس 2006. وقد علمنا ان هيئة المديرة للجمعية بباريس والتي يرأسها السيد بير هانت السفير السابق ومساعده الاول السيد الطاهر بلخوجة وزير الداخلية الاسبق التونسي. وقد بادر السيد بير هانت

 

طلب الترخيص للجمعية للنشاط القانوني بتونس

 

أي تكوين فروع لها بتونس واعلم السفير التونسي بباريس وربما بادر بالاعلام الحكومة التونسية بهذه الرغبة . وبناء على ذلك فإننا اعضاء جمعية الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة ورموز الحركة الوطنية نجدد رغبتنا وطلبنا بضرورة الحصول على التأشيرة القانونية بعد انتظار دام اكثر من سنة من 13 جوان 2005 حسب الرسالة التي وجهناها لسيادتكم ونورد  مقتضات منها واهم  ما جاء فيها للتاريخ .

سيادة الرئيس المحترم،

يسرنا ان نبعث الى سيادتكم نسخة من محضر الجلسة التأسيسية لتكوين الجمعية ونسخ من الرسائل التي وجهناها الى السيد والي تونس قصد الحصول على التأشيرة القانونية طبقا للقانون المتعلق بتكوين الجمعيات عدد 154 المؤرخ في 7 نوفمبر 1959 والمنقح بالقانون عدد 90 لسنة 1988 المؤرخ في 2 اوت 1988 وبالقانون عدد 25 لسنة 1992 المؤرخ في 2 افريل 1992. حول اجراءات التأشيرة وقد سلكنا طريق القانون واحترام المسالك الادارية وذلك قصد الحصول على التأشيرة القانونية في دولة القانون والمؤسسات … خاصة والمجموعة من المسؤولين الدستوريين السابقين ومن المناضلين العاملين تحت راية التجمع الدستوري الديمقراطي بقيادتكم الحكيمة الى يوم الناس هذا والنشاط ملحوظ في التجمع الى وقت قريب.

سيادة الرئيس،

إن تعميم تكثيف الجمعيات في مختلف المجالات يعزز مكانة المجتمع المدني ويدعم جهود الدول. وإن اهتمام المواطن بكل انواع النشاط الجمعياتي يبرز بصورة جلية وعي ونضج المواطنين. وقد يسر المواطن الاهتمام بالبيئة وصيانة المدارس والمعاهد والرفق بالحيوانات والطيور والمجالات الخيرية والثقافية والرياضية. والزوايا لدعم المهرجانات الموسمية للاولياء الصالحين وكل الجمعيات الانسانية للمعاقين وغيرها. وإن في هذا الاهتمام مؤشرا ايجابيا لنشر الوعي الاجتماعي والثقافي والحس المدني الراقي. وفي هذا الاطار تتنزل عنايتنا نحن اصحاب الوفاء والعرفان بالجميل لصانع الاستقلال وبطل التحرير وكل رموز الحركة الوطنية للمحافظة على الارث الثقافي والحضاري والوطني الذي هو جانب هام لدعم الحس الوطني والذي هو دعامة للحاضر وخير ضمان للمستقبل باعتبار المحافظة على تراث الماضي المجيد جزء من الشخثية التونسية.

وفي اعتقادنا ان تكوين جميعة الوفاء للمحافظة على التراث البورقيبي سيدعك توجهاتكم لارساء تقاليد جديدة للتعامل الحضاري لرموز الحركة الوطنية وفي طليعتهم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة. والتاريخ سيسجل لسيادتكم دعم هذه المبادرة التي ترمز للوفاء الدائم لكل من ضحى من أجل استقلال تونس وبناء الدولة العصرية الحديثة . ودام اشعاعها ومواصلة رسالتها في العهد الجديد بقيادتكم الحكيمة . والله ولي التوفيق. الموقعين محمد الصغير داود رئيس الجمعية ، محمد العروسي الهاني كاتب عام الجمعية ، عبد الحميد زقية مساعد الرئيس الثاني وعمر بن حامد أمين مال الجمعية.

سيادة الرئيس،

ان اعطى التأشيرة القانونية لجمعية الوفاء للمحافظة على تراث زعيمنا الاكبر رمز هذه الامة وقائد مسيرتها وبطل تحرير البلاد وباني النظام الجمهوري ومصمم تحرير نصف المجتمع (المرأة) تعتبر لفة كريمة وهدية لروح الزعيم الراحل ووفاء لتضحياته الجسام ونضالاته الغزيرة التي يشهد بها القاصي والداني : وما بعث جمعية للمحافظة على ذكرى الزعيم الحبيب بورقيبة بباريس من طرف شخصيات فرنسية وتونسية الا تأكيدا وحجة ساطعة وعلامة بارزة لما يكنه العالم من تقديرا واكبارا ووفاء واعجابا لرمز الوطن وزعيم الامة المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة الذي كما ذكرتم واشرتم في بيان السابع من نوفمبر 1987 التاريخي ان التضحيات الجسام التي اقدم عليها الزعيم الحبيب بورقيبة اول رئيسا للجمهورية صحبة رجال بررة لا تحصى ولا تعد هذه الجملة لا تمحى من ذاكرتنا الوطنية وهي قمة الوفاء والاخلاق وتجسيما لهذه الفقرة الخالدة في بيانكم .

 

تكريسا لدعم جهود الوطنيين المخلصين الاوفياء

 

وتبعا لرسالتنا المؤرخة في 13 جوان 2005 والرسالتين الاخيرتين بتاريخ 7 جويلية و 21 جويلية 2005 حول طلب انجاز التأشيرة المشار اليهما وبناء على مبادرة جمعية المحافظة على ذكرى الزعيم بورقيبة بباريس في طلب النشاط القانوني بتونس فإنه بات من الاجدر والانفع والاحسن والافضل اسناد التأشيرة لابناء الوطن باعتبار الزعيم بورقيبة زعيما تونسيا يستحق التكريم في وطنه قبل غيره مع شكرنا لكل الاوفياء داخل البلاد وخارجها وخاصة الشخصيات الفرنسية والتونسية المقيمة بفرنسا، واعتقد انه حان الوقت لدعم الجمعية والاذن باعطائها التأشيرة بعد انتظار دام أكثر من سنة دون إجابة، ملاحظة: التجأنا الى سيادتكم يوم 13 جوان عندما شعرنا بعدم الاستجابة من طرف الولاية ومقدمة رسالة 13 جوان تبرز لسيادتكم القصة.

حسب الرسالة المشار اليها ختاما تقبلوا فائق الاحترام . قال الله تعالى: » وهل جزاء الاحسان الا الاحسان » صدق الله العظيم .

 

محمد العروسي الهاني   مناضل دستوري تونسي كاتب عام جمعية الوفاء


وإذا رأيت الصحراء تمتدّ و تمتدّ… فأعلم بأنّ وراءها صحراء

بقلم أشرف زيد

 

تعقيب على مقال د. خالد الطراولي: « المشروع الإسلامي التّونسي وحسم الصّراع« 

 

لا يختلف اثنان على وجه هذه البسيطة حول ماهيّة « المجتمعات المتحضّرة والواعية بدورها الإنساني والحضاري »، وبأن « لا سلطة مدنيّة بدون صراع سلمي ومدني »، وبأن « لا عيب في أن يطمح الفرد والمجموعة إلى الحصول على التمكين الأعظم حتّى يطرح برنامجه وينزّل رؤيته ويقود البلاد والعباد إلى شاطئ السلامة والرقي! » ولكن ماذا يعني هذا الكلام المفعم بالتورية وبالتلطيف – وما هي قيمته إذا كان الإطار عربيّا، أو « أفضل » من ذلك، تونسيّا؟ هذا الإطار الّذي وصفه كاتب المقال « بالمشوّش »، و بالأحاديّة الشّاملة، وبغياب « الفعل والمبادرة الصائبة عند الحاكم والمحكوم »، ممّا يؤدّي بالجميع إلى « متاهات العبثيّة والترهّل والحكم الغير المسؤول وغير الرّاشد! » وهلمّا جرّا من العبارات الحالمة والمتّصلة بالحقل المعجمي لمفهوم « الإصلاح« .

 

و »الإصلاح » هذا، يُعتبر – حتّى وإن امتطى صهوة التجديد السّمة الأساسيّة للبؤس السيّاسي الذي ساد ويسود بلاد العرب عامّة وخضراءنا خاصّة، ومنذ عقود. وهاهو الدكتور خالد الطراولي يبشّر به من جديد، ولا يرى بديلا غيره « للمشروع السياسي ذو المرجعيّة الإسلاميّة« … هذا المشروع « المغيّب والمهمّش » في « ظلّ هذا الإطار غير السليم والعبثي » (أتمثّل هنا ابتسامة شهداؤنا من أمثال عبد الرؤوف العريبي وفيصل بركات وغيرهما كثير، وكذلك سجناء برج الرومي وبقيّة أبراج القهر عند سماعهم للفظي « غير سليم » و »عبثي » في وصف جحيم بن علي الأرضي!)

 

ثمّ إنّ صاحب المقال يتساءل: « هل من صالح المشروع السياسي ذو المرجعيّة الإسلاميّة، حسم الصراع الآن؟ »… و »حسم الصراع » يعتبر كلام كبير، خطيرة معانيه. ولكن سرعان ما يأتي التسّاؤل الموالي، ليحدّد مغازي الألفاظ، ولتلد الفيَلة فئرانا! فلا حسم ولا صراع ولا هم يحزنون. كلّ ما في الأمر- « ومصلحة البلاد اليوم، تستوجب ذلك » – هو عدم « تنزيل وتبنّي الورقة الإسلاميّة، تبني مشاعر وعاطفة وردّ فعل، دون مراحل وتدرّج واستشراف واستقراء وعقل؟ » وهذا أيضا من الكلام الموزون والمعقول. بل من المعلوم من الدين بالضرورة… عيبه الوحيد أنّه من العموميّات التي لا تأتي بجديد ملموس.

ويتوخى الكاتب نفس السياق حينما يضيف، وبزئبقيّة مفرطة، بأنّ « الصراع الذي يلفّ الأنظمة بالمشروع الإسلامي، ليس صراع لحظة وموقع، ولكنّه صراع حضاري سلمي مدني (…) وليست الحركة الإسلاميّة في عجلة في حسمه بأيّ ثمن، فالتّاريخ والحاضر والمستقبل يعملون في صالحها إذا وعت دورها وتدرّجت في أهدافها، وصبرت وصابرت على الاستفزازات وتجنّبت ردّات الأفعال ». فمن حيث كون الصراع حضاري، فهذا معلوم وداخل في باب العقيدة، أي الإستراتيجيا، أمّا من حيث كونه سلمي ومدني، فهذا من أبواب فقه المعاملات، أي التكتيك. من منّا… منْ من الإسلاميين لا يرغب في أن يكون الصراع سلمي ومدني؟ لا أحد. ما الذي دفع ويدفع بالعديد من الحركات إلى توخي سبل القتال؟ هل فتحت أمام النّاس، بما فيهم شديدوا الاعتدال، أبوابا أخرى للتغيير « الحضاري السلمي المدني » غير أبواب السجون والمعتقلات؟ ثمّ ماذا تعني كلمات « حضاري، سلمي، ومدني » عند القائمين على الدكتاتوريّات العربيّة وعلى رأسهم (أو على ذيلهم) بن علي؟

 

ويستطرد الكاتب في نفس السياق ولكن على نغمة الخطب الجمعيّة طراز العهد الجديد، فيذكر الوضع العالمي وما يشوبه من « توجّس » تجاه الحركة الإسلاميّة و بأن هذا التوجس « ليس مبنيّا على عداء مطلق ودائم » بل إنّه نابع من « تراكمات ساهم فيها الآخر بنصيب، وساهمت الحركة الإسلاميّة بنصيبها »… وأتذكر هنا كيف توضع تحت الخانة نفسها: « العنف المتبادل »، رمي الحجارة من قبل أطفال غزّة والقصف المدفعي المركز من قبل قوات الإحتلال الصهيونيّة! ويطلعنا الدكتور على « الحالة الجديدة » والتي تتلخص في « قبول افتراضي من قبل أصحاب البيت الأبيض للإسلام المعتدل داخل المشهد السياسي » مما « يمثل منعرجا جديدا وهامّا » ولذلك وجب على الإسلاميين توضيح المناطق الرماديّة في خطابهم… « عندئذ يمكن لهذا المشروع أن يثبت أقدامه ويركزّ خطواته ولا يتعجّل أمره، ويكون في مساره غير المتسرّع و لا الكاسح، مصيرا هادئا ونافعا للبلاد والعباد وللإنسانيّة جمعاء »… ورجعت إلى البيت فرحا مسرورا! أليس ما يجري في العراق اليوم دليل وجيه على نجاح هذا المسار: فبعض التيّارات الإسلاميّة بادرت إلى « توضيح المناطق الرماديّة »، فأدّى بها هذا « التّوضيح » إلى قبول واقع الإحتلال، والرضا بأقذر الأدوار، (تسيير حكومة عميلة، ومعادية لمصلحة شعبها وأمّتها). هل هذا هو التّمكين الأعظم، الذي يبشّر به الدكتور؟ ما الذي يريده صاحب المقال بالضبط؟ أن نجمّل أنفسنا حتّى نروق في أعين « أصحاب البيت الأبيض« ، وأن لا نشارك في انتخابات ما، إذا كنّا سنفوز فيها فوزا كاسحا، وأن لا نتعجّل الأمر، فنترك آلاف المساجين قابعين داخل قاعات انتظار الموت البطيء، وآلاف المفصولين عن وظائفهم على أرصفة التسوّل… ما هذه الملائكيّة وما هذا الهراء؟ وبقطع النظر عن مساجيننا وعن المفصولين عن عملهم… أنصمت عن النهب المنظم لموارد بلادنا من قبل عصبة من العائلات المافياويّة؟ أنترك لهذه المافيا مسخ هويّة وثقافة أجيال بأسرها؟ لقد أحدث عقد ونيف من حكم عصابة العهد الجديد لتونسنا ما لم يقدر على فعله الإستعمار الفرنسي ولا حتّى بورقيبة من تدمير لهويّة الشعب التونسي ولذكائه ونباهته… حتّى بات جلّ شبّاننا وشابّاتنا لا يتصوّرون الحياة إلاّ من خلال فيديو-كليب لنانسي عجرم أو لهيفاء وهبي!

 

ثمّ إنّ د. الطراولي يلمّح إلى ظاهرة « العودة المباركة التي تشهدها البلاد إلى رحاب الدّين والتّديّن ولو في جانبه الشعائري » وفي هذا لا أختلف مع الدكتور في أنّ الظاهرة لا تخلو في حدّ ذاتها من الإيجابيّة، إذ أنّها تعكس الفشل النسبي لمخططات نظام العهد الجديد الرامية إلى صرف الشباب وغيرهم عن ارتياد المساجد وعن التفكير أصلا في الآخرة. ولكن أرى من اللازم الوقوف على هذه الظاهرة لتمحّصها وسبر أغوارها، لا « لإستغلالها أو توظيفها أو تبنيها »، ولكن لترشيدها وللحيل دون استغلالها من قبل الأنظمة القائمة ومن ورائها « أصحاب البيت الأبيض« … فلطالما حلم هؤلاء وأولئك بإقامة ما أسماه سيّد قطب « إسلام أمريكاني« … إسلام تمتزج فيه الروحانيّات بالنفط وبالدولارات وترفرف في سمائه، شامخة، راية الرأسماليّة! لقد ساهمت الفضائيات، ولا سيّما قناة « اقرأ »، في إذكاء هذه الظّاهرة. وقناة « اقرأ » هذه، تنتمي إلى نفس الشركة التي تبث كليبات نانسي عجرم، وستار أكاديمي وتفاهات أخرى يلتقي فيها المال الخليجي بفتيات السليكون اللّبنانيّات بصناعة الأنغام المصريّة! ألا يوجد شبه محيّر بين ظاهرة la télé évangélisation المنتشرة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة وبعض برامج قناة « اقرأ »: خطيب محاضر في زيّ أنيق، وجمهور من المتفرّجين مفعم بالشباب وبالأناقة، وخشوع ودموع على الهواء مباشرة!

 

ألا يعلم الدكتور بأنّ ما يزعج « أصحاب البيت الأبيض » أكثر من كلّ شيء هو كون التيّار الإسلامي يشكّل اليوم، من حيث الخطاب ومن حيث الثقافة، آخر معقل جاد لمناهضة العولمة ما بعد الرأسماليّة؟ هذه حقيقة لا بدّ من استيعابها وهضمها من قبل الحركات الإسلاميّة قاطبة، فيسهل عندها تحديد طبائع الصراع وآليّاته، ويتيسّر أيضا تمييز العدوّ من الصديق وتَبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود! وبهذا تخرج الحركة الإسلاميّة، في صراعها ضدّ أنظمة الاستبداد، من دائرة « القطبيّة القديمة » لتصبح رأس حربة الشعوب الطّامحة للتحرر ولاسترداد الكرامة المفقودة.

 

أنّ الخطر الذي يوشك أن يعصف بالحركات الإسلاميّة اليوم، بالإضافة إلى ما ذكرنا من خلط وتخبّط في المفاهيم، هو خطر ديموغرافي أجل! لقد بدأت هذه الحركات تصاب بداء الشيخوخة وما يتبعها من عقم ménopause فصارت تخاطب النّاس بلهجة المتقاعدين… بل إنّ خطابها – ومقال الدكتور مثال صارخ لهذا الخطاب – بات موجّها إلى المتقاعدين من محترفي السياسة، بعد أن كان موجّها إلى قطاعات عريضة من تلاميذ المعاهد الثانويّة والجامعات… هؤلاء الفتيان والفتيات هم الذين نشروا – وبحيويّة خارقة الظاهرة الإسلاميّة وفرضوا وجودها داخل العائلات التونسيّة وفي دور الشباب وفي النوادي وفي كلّ مكان… هؤلاء الفتيان والفتيات هم الذين حملوا مبادئ وشعارات الحركة الإسلاميّة في المظاهرات والتحرّكات الاحتجاجية. وهذا ليس بالغريب ولا بالجديد، فكلّ وقائع التّاريخ تدلل على أنّ تغيير المجتمعات يقوم على الشباب. كم كان معدّل العمر للمجموعة التي وضعت صحبة الرسول (ص) أُسس صرح الإسلام العظيم؟ كم كان معدّل العمر لمن قاموا بالثورة الفرنسيّة وكذلك بالثورة الكوبيّة؟ في كلّ الحالات دون الثلاثين.

 

(المصدر: موقع نـواة بتاريخ 19 جوان 2006)

وصلة الموضوع: http://www.nawaat.org/portail/article.php3?id_article=1045


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده

إن لم نعتبر بمن سبقنا فسنكون عبرة لمن يأتي بعدنا.

(الحلقة الأولى)

بقلم:حبيب الرباعي

بالرجوع إلى سور القرآن حسب ترتيب نزولها، نلاحظ أن الأوامر التي وجهها القرآن للمسلمين في العهد المكي أخذت منحيين مختلفين عن الأوامر التشريعية التي جاءت في العهد المدني:

1  أمر بالنظر في القوانين التي تحكم الساحة الكونية، قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ..[يونس : 101] « أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ ….[الأعراف 185]

2  أمر بالنظر في القوانين التي تحكم الساحة التاريخية: مثل قوله تعالى « قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ  » [الروم : 42]  وقوله تعالى «    قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ [النمل : 69] وقوله جل وعلا «  فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِين »َ [النحل : 36]

ففي المنحى الأول، استطاع الإنسان بعد النظر في ملكوت السموات والأرض، أن يتواضع للخالق سبحانه وتعالى وأن يستشعر ضعفه أمام هذا الخلق الهائل. « لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ » [غافر : 57] ثم عندما أعاد ـ الإنسان ـ النظر في السماوات لفهم ماذا فيها من أسرار اكتشف قوانين الكون، فاستثمرها للبث الإذاعي والتلفزي وإرسال أقمار صناعية ثابتة وأخرى متحركة منها ما يؤدي عملا صالحا ومنها ما هو دون ذلك. وقد فتح المسلمون الأبواب أمام البشرية، لجعل القوانين الكونية مدارج يرتقون عليها، وقد كانت البشرية  ـ قبل ذلك ـ خانعة لهذه القوانين مستسلمة لها، بل عابدة لبعض مظاهرها ومكوناتها.

وبالنظر  ـ الذي هو أول خطوة في البحث العلمي والذي أمر القرآن به أمرا واضحا ـ ، في الأرض ومكوناتها وقوانينها، استطاع الإنسان أن يركب الحديد ويطير به عشرات الأميال فوق الأرض ليحمله من مكان لآخر، من أقصى الأرض إلى أقصاها، وقد أرهق الإنسان نفسه قبل ذلك في حمل الحديد من مكان لآخر سواء أكان سلاحا، أو أواني ، أو أدوات ومعدات.

وفي المنحى الثاني، استطاع المسلمون ومنذ فجر الإسلام، أن يدركوا قوانين حركة التاريخ بعد النظر في أكبر الأحداث وأهمها التي حصلت للأمم السابقة، ومآلات الصراع بين الحق والباطل، وبخاصة مآل الشعوب (التي تمثل الغالبية الصامتة) والتي ظنت بأن حيادها في وقائع الصراع هو مسلك نجاتها.

لقد فتح الله سبحانه أمام المسلمين الأوائل الأمصار، بعد أن فهموا السنن التي وضعها الله سبحانه في الحركة الإجتماعية لبني البشر. وقد كان الواحد منهم ـ قبل الإسلام ـ لا يرفع رأسا أمام الموروث الإجتماعي ولا يستطيع أن يتحدى أي جزئية من الأعراف القائمة في البيئة التي يعيش فيها.

ولإن كانت الآيات الآمرة بالسير للنظر في آثار الأمم السابقة، جاءت لتوجهنا لضرورة أخذ العبر ممن سبقنا، ومن ثم استخراج القوانين التي كانت تحكم المسيرة الإجتماعية عبر التاريخ البشري.  فإن المقصد من السير (كما يقول الإمام الشوكاني) هو حصول المعرفة بذلك، فإن حصلت بدونه فقد حصل المقصود، وإن كان لمشاهدة الآثار زيادة غير حاصلة لمن لم يشاهدها.

ولو سرنا في رحلة إلى الأماكن التي عاش فيها من كان قبلنا، لوجدنا في إحداها المشهد الذي ترونه في الصورة أدناه.

وإذا أردنا السير والنظر المعرفي، (بحسب مقولة الشوكاني) للإستفادة من القوانين التي حكمت أصحاب تلك الآثار، فعلينا بالرجوع إلى كلام الباريء جل وعلا لمزج حقيقة ما جاء به الدليل الحسي، بالخبر اليقين من رب العالمين.   تحية طيبة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


 
المفكر التونسي الشاب مهدي بلحاج قاسم في كتاب نقدي …

عندما يعجز الفرنسيون عن استيعاب رسالة الغضب في الضواحي

باريس – انطوان جوكي       على رغم صغر سنّه، يحتل الكاتب التونسي الشاب مهدي بلحاج قاسم (33 سنة) موقعاً فريداً داخل المشهد الفلسفي الفرنسي المعاصر، يحدِّده البعض عند تقاطع آلان باديو وجيل دولوز وجاك لاكان. والمثير في مساره الذي لا يزال في بدايته هو بالتحديد الوقت القصير الذي استطاع فيه فرض أفكاره، الثورية في معظم الأحيان، داخل المحيطين الفلسفي والأدبي في فرنسا.   فقبل أن يبلغ العشرين من العمر، أصدر قاسم روايتين: «سرطان» و»1993»، أثبت فيهما مهارة أدبية عالية من خلال أسلوبٍ مبتكر وجذري دفع بعدد من النقّاد الى التحدّث عنه كإحدى معجزات الأدب الفرنسي المعاصر. منذ عام 2000، انتقل إلى كتابة أبحاث فكرية طموحة تترابط داخلها المفاهيم الفلسفية والاعتبارات «الآنية» ببراعة مذهلة وتظهر فيها حيوية فكره وقدرته الكبيرة على الإقناع، وآخرها بحثٌ بعنوان «الذهان الفرنسي» (دار «غاليمار»)، هو كناية عن رسالة هجاء (pamphlet) حارقة يشخّص فيها حال الديمقراطية البائسة في فرنسا والغرب في ضوء أحداث الشغب التي عرفتها بعض ضواحي باريس عند نهاية العام الماضي.    يعجّ الكتاب الذي لا يتعدّى السبعين صفحة بالأفكار المثيرة والتأملات الثاقبة حول قضية الضواحي. على خلاف كتاباته الأدبية التي انتقدها البعض لغموضها، يشحذ قاسم في هذا البحث، كما في أبحاثه السابقة، لغة بسيطة وقارصة تقترب من العامية الفرنسية أحياناً، يتحاشى فيها المفردات العلمية قدر المستطاع بغية بلوغ أكبر عدد ممكن من القراء، ما يجعل قراءته متعة حقيقية.   يشير قاسم في بداية بحثه إلى عودة الحاكم «الكلاسيكي» بقوة إلى الغرب الذي يعلن حالة الطوارئ حين يحلو له، تحت عذر ملاحقة الخارجين عن القانون المعاصرين، أو «الإرهابيين». ثم ينتقل إلى إظهار الرابط الخفي الذي يجمع المتمرّد الذي يخرج عن القانون والحاكم الذي يُستثنى من القانون كونه هو من يحدده ويحدد الحالة الاستثنائية التي يُعلَّق فيها. وفي هذا السياق، يُبيّن المسؤولية الكبيرة للنظام الرأسمالي في تسيير (عبر السينما وموسيقى «الراب») صورة المتمرّد أو الشقي الذي يعرف أنه لن يتمكّن أبداً من التمتّع بخيرات الرأسمالية ولهذا يتّبع السبيل الأقصر لبلوغها. ومن خلال عرضه ظروف أحداث الشغب الأخيرة في ضواحي باريس وطريقة تعامل الحكومة الفرنسية والإعلام مع هذا الموضوع وردود فعل مختلف التيارات السياسية عليه، يُظهر قاسم انحراف المجتمع الفرنسي في اتجاهٍ يميني متطرّف واعتماد الخطاب الأمني والتهديد والتحقير بدلاً من فهم رسالة الغضب التي عبّر عنها الشبان المتمرّدون، وجميعهم فرنسيون، ومن البحث عن حلول عقلانية للمشكلة.   وبالفعل، تواطأ الإعلام الفرنسي مع وزير الداخلية في تصوير «المشاغبين» أولاً كأشخاص ذوي سوابق، فتبيّن بعد بضعة أيام فقط أن أكثريتهم الساحقة تملك سجلاً عدلياً ناصع البياض، ثانياً كأشخاص من أصول أفريقية وعربية، متناسين واقع فرنسا الاجتماعي منذ عقود: «أسود، أبيض، أسمر»، وثالثاً كأشخاص توجههم حركات إسلامية! ويعزو قاسم تصاعد الخطاب اليميني المتطرّف الذي كان محرّماً في الماضي القريب، إلى انهيار الحركات اليسارية وعدم تحمّل مسؤوليتها في الثورة على النظام السائد بعد وصول الزعيم اليميني المتشدد جان ماري لوبان إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ويعزو ذلك أيضاً إلى الأيديولوجية العدمية والاكتئابية المنتشرة في كامل الطبقة البورجوازية والنابعة من شكل الديمقراطية الحالي الممنوع المساس به على رغم إنتاجه نزوات فاشية تتضح يوماً بعد يوم.   وللمرة الأولى في المجتمع الفرنسي، والغربي في شكل عام، لا يجرؤ أحد على محاولة تغيير أي شيء مهم. وأصبح من الممكن تطويع أو تصحيح، إلى ما لا نهاية، صورة أي شخصية مهما علا شأنها، على يد المتمسكين بزمام الإعلام. وتفبرك هذه الديمقراطية «الكاملة» (لعدم جواز نقدها) عدوّها غير المعقول، أي الإرهاب الذي ليس فقط لا يتهددها بل يمنحها ضمانة استمراريتها. وهكذا لم تعد محاسبتها ممكنة وفقاً لنتائجها بل وفقاً لأعدائها. وفي الوقت الذي يؤمّن أي تطرّف يميني في الموقف لصاحبه شهرة واسعة وجاذبية، حتى في المجال الأدبي (ميشال هويلبيك)، يُسحَق كل من يُتّهم بانحراف يساري ويُحارَب كعدو كل من يُشكّك بشكل الديمقراطية الراهن ويتوق إلى تحديثه.   ويذكّر قاسم بأن المبدأ الذي يتحكّم بتشكيل أي جمهورية أو ديمقراطية صاغه جان جاك روسو: الإرادة العامة لا تتجزّأ إطلاقاً. والثوار الفرنسيون الذين حاولوا ترجمة هذا المبدأ فيما بعد على أرض الواقع، وجدوا أن أفضل طريقة ممكنة في زمن التنقل بواسطة عربة الخيل أو الحصان، هي تفويض الشعب ممثلين عنه من كل أنحاء فرنسا داخل البرلمان. أما اليوم، فقد فرّغت ثورة الاتصالات والإنترنت هذا المبدأ الديمقراطي البالي من معناه. وبالفعل، يمكن اختصار ممارسة المواطن الغربي للديمقراطية بإسقاط ورقة داخل علبة مرة كل ثلاث أو أربع أو خمس سنوات. وبدلاً من الاستفادة من الوسائل التقنية الحديثة لاستشارة هذا المواطن وإشراكه أكثر فأكثر في نظامه الديمقراطي، نجده لا حول له ولا قوة إلا بالاستماع بأذنٍ صمّاء الى مَن يُفترض أن يمثّل إرادته في البرلمان لكنه في الحقيقة لم يعد يُمثّل منذ زمن طويل إلا عدداً محدوداً من الأشخاص والنظام الذي ينتمي إليه.   وفي معرض تحليله الفاشية الديمقراطية التي تأخذ مكانها في «الأمبراطورية» الغربية، دولة بعد دولة، يبيّن قاسم اختلافها عن النازية وسائر الفاشيات التاريخية. فالتاريخ لا يعيد نفسه و»خصوبة بطن الوحش غنية بالجديد». لكن شكل الذهان لم يتغيّر: تحديد متمرّد أو منبوذ أو خارج عن القانون، بعد انهزام الثقافة السياسية اليسارية للأسباب التي أصبحت معروفة. وفي هذا السياق، يذكّر قاسم بأن فشل الثورات اللينينية (نسبة إلى لينين) والماوية (نسبة إلى ماو) يعود إلى وضع محراث الاشتراكية قبل ثور الديمقراطية الرأسمالية. فهذه الثورات حصلت في دول ريفية متأخرة جداً عن المجتمعات الصناعية الغربية. ويشير قاسم الى أن أي دولة لم تعرف عملية الانتقال التي دعا إليها ماركس: من الرأسمالية إلى الاشتراكية. فها إن الصين وروسيا مجبرتان على العبور في خانة الرأسمالية، مثل بقية الدول، ولكن بفعالية ينتقد الغرب وقاحتها رافضاً التعرف فيها الى وقاحته بالذات. وإحدى العلامات النهائية للفُصام هي عدم تمكننا من رؤية صورتنا في المرآة…   ويخلص قاسم في بحثه المثير إلى أن حال العالم مرتبطة بحل نهائي للقضية الفلسطينية التي تتركّز فيها النزعة التاريخية الأولية للحقائق البشرية، وتتركز داخلها مسألة انهيار مفهوم «الدولة – الأم». فبالنسبة إلى دول العالم، لم يعد هنالك إلا وسيلة واحدة للتعريف عن الذات تقوم على أساس المقارنة بالآخر القريب والمنبوذ. فالفلسطينيون هم منبوذو إسرائيل، وفي كل دولة-أم غنية ثمة منبوذون. ولم يعد ممكنناً اعتبار الدول المتخلّفة خارج الغرب، كما في السابق، بل داخله وإن كان هو ينبذها.   (المصدر: صحية الحياة الصادرة يوم 17 جوان 2006)

ملابس وأحذية آخر صيحة باسعار لا تقبل المنافسة

الصيني للتونسي رحمة …لكن في باب الجودة قد تتحول الرحمة الى نقمة

لئن كان رواد سوق بومنديل ورواد الفضاءات التجارية الكبرى تونسيين فإن شراءاتهم تختلف.. فرواد السوق يلبسون ويحتذون صينيا بالاساس.. وفي بعض الحالات سلعا تونسية من تلك المصنوعة في الدهاليز والمحلات الصغيرة في «دغاغر» المدينة العربي.. أما رواد الفضاءات التجارية الكبرى فبضاعتهم تونسية بعضها جيد والبعض الاخر شبه جيد.. كما تجد بعضها مستورد يحمل علامات مشهورة او مغمورة بما فيها تلك التي نشاهدها في بومنديل.. اما وجه الشبه في كل هذا الاختلاف هو تقاسم كل المعروضات لمقومات الموضة شكلا ولونا في حين يفرقهما السعر.. فكيف يتعامل التونسي مع كل هذه المتناقضات..«الاسبوعي» تحولت الى سوق بومنديل والى الفضاءات التجارية فعاينت وسألت وفيما يلي ما عاينته:   سوق سيدي بومنديل والزوالي   انطلقت جولتنا من سوق سيدي بومنديل  بالعاصمة الذي يعد  قبلة العديد من المواطنين التونسيين  حيث الاطنان من السلع والبضائع  المعروضة المستوردة  من «الصين» لاحظنا إقبالا  كثيفا لجنس الإناث على الاحذية والملابس  الجاهزة فتوجهنا الى احد الباعة وقد تجمهر حوله  جمع من النسوة انكببن على اختيار ما شئن من الاحذية والنعال (الشلايك) التي اختلفت في الوانها  واشكالها وسألناه عن نسبة الاقبال على مثل هذه البضائع والاسعار المقترحة فأجابنا «تتسم هذه الفترة بالاقبال المكثف لاسيما  من النسوة والفتيات اللاتي يتهافتن على شراء الاحذية والنعال الصيفية  ويضيف «اسعارنا لا تقبل المنافسة  فسعر الحذاء  الواحد  يتراوح  بين 10 دنانير و15 دينارا  اما النعال  فسعرها  لا يتعدى الـ5  دنانير  مع العلم أن هذه الاسعار قابلة للنقاش  وكل سعلنا  مواكبة  للموضة  من حيث  الاشكال  والالوان وبسؤالنا له عن موضة  هذه الصائفة اجاب «في مثل هذا الموسم  تطغى الالوان الزاهية كالاصفر والبرتقالي والاخضر والفستقي وهي الالوان المفضلة للفتيات الشابات اما النساء وكبيرات السن فيحبذن اللونين الابيض والاسود.   إقبال نسائي مكثف   تركنا البائع  بين اخذ ورد ونقاش حاد مع النسوة  اللواتي تحاولن فرض اسعارهن  واتجهنا الى بائع آخر وقد عرض ملابس نسائية سألناه عن حال  مثل هذه السلع فقال «اغلب حرفائنا  من جنس الاناث وخاصة الطالبات واغلبهن  من الطبقة المتوسطة  او «آلعياشة» فهن يجدن ضالتهن في مثل هذه الاسواق الشعبية بما أن الاسعار في المتناول  وتلبي كل الاذواق» ويضيف محدثي «لا فرق بين السلع المعروضة في واجهات المحلات التجارية  الراقية والبضاعة  التي نعرضها» وهنا يتدخل احد اصدقائه وهو يملك ايضا محلا  ليقول «نحن نجلب  هذه السلع من الصين واقوم بنفسي بتحمل مشاق السفر الى مدينة «شانغاي» الصينية لجلب السلع واحقاقا للحق فالجودة في مثل هذه البضائع مفقودة نوعا ما لاننا نلعب على الكم لا على الكيف ونشتري بسعر الجملة وبكميات كبيرة لذلك فإن الاسعار التي نعرضها للبيع منخفضة » ويؤكد محدثي انه يبيع سلعه للمحلات التجارية الكبرى لكنها تختلف حسب الاصناف صنف 1 او صنف 2 او صنف 3 والمهم في كل ذلك ان جميعها  يواكب الموضة ويتماشى مع كل الاذواق». انتقلنا بالسؤال من الباعة الى الحرفاء وسألناهم عن دوافع اقبالهم  على مثل هذه الاسواق فتعددت الاجابات لكن ما يجمعها كان واحدا .   تقول سوسن  23 سنة طالبة «انا من رواد سوق سيدي بومنديل  فالاسعار هنا رحمة مقارنة بما نجده في المحلات التجارية  وفرص الاختيار ممكنة» وتضيف قبل ذهابي الى هذه الاسواق  قمت بجولة خاطفة في الفضاءات التجارية فوجدت اسعار الاحذية والملابس  الجاهزة  من نار في حين وجدت في هذا السوق نفس «الموديل» وبنصف السعر وعوض ان اشتري حذاء بـ 30 دينارا اشتريت جذاءين مختلفين لونا وشكلا.   وفي السياق ذاته  تؤكد السيدة فوزية 43 سنة انها من الزبائن الاوفياء لهذه السوق التي توفر لها كل ما تطلبه من اكسوارات منزلية لا تقبل المنافسة».   وتضيف يمكنني مناقشة الباعة في الاسعار والتخفيض الى حدود الامر الذي لا أجده في المحلات التجارية التي تفرض اسعارا مشطة ودون بيع ولا شراء..   اما عمر فقد وجدناه بصدد مساومة أحد الباعة حول حذاء صيفي  لابنه الصغير وبعد اخذ ورد  اشتراه بـ 3 دنانير ثم قال لنا لقد كان معروضا بـ 5 دنانير واشتريته بما يناهز  نصف ثمنه.   غادرنا المكان وسط صخب الباعة وصياحهم  وانتقلنا الى احد الفضاءات التجارية  الراقية وقمنا بجولة بين اروقتها  وقد مكنتنا  وواجهاتها البلورية من الاطلاع على الاسعار  والملابس  المعروضة التي  لا يقل سعر ادناها  عن 20 او 25 دينارا في حين يتجاوز بعضها  المائة دينار.. فتوجهنا بالسؤال الى احد اصحاب المحلات التجارية حول نوعية البضاعة  والاسعار فأجاب «صحيح أن اسعارنا تعتبر مرتفعة نوعا ما عما هو معروض في الاسواق لكننا نهتم بالجودة ونتحمل تبعات غلاء المواد الاولية واقول  بكل صراحة ان التجارة الموازية  ولئن مثلت ملاذا للمواطنين التونسيين فإنها اضرت كثيرا بالمنتوجات المحلية في ظل غزو السلع الصينية التي تتسم بانخفاض اسعارها  لذلك فإن زبائننا يبحثون عن الجودة اكثر من بحثهم عن الاسعار.   في فضاء تجاري عصري   محطتنا الثانية في الفضاءات التجارية  كانت  داخل احد المتاجر  ا لفاخرة  لبيع الاحذية النسوية ومن خلال معاينتنا للسلع لاحظنا التشابه  الواضح بين الاحذية المعروضة داخل المحلات التجارية من حيث الالوان والاشكال  ونظيرتها بسوق سيدي بومنديل  طبعا مع اختلاف في المواد الاولية التي تراوحت بين الجلد والسكاي والقماش لذلك فإن الاسعار كانت ملتهبة وتجاوزت الـ 40 دينارا للحذاء الواحد.   أبحث عن الجودة   لا يهمني السعر بقدر اهتمامي بنوعية  الحذاء وجودة صنعه » هكذا أجابتنا  سناء 35 سنة حين سألناها عن سر اقبالها  على مثل هذه المحلات رغم ارتفاع اسعارها  واضافت «تجلبني الماركات العالمية لذلك  فإني لست من رواد الاسواق الشعبية فالسلع هناك من صنف ثان وثالث وعمرها قصير لذلك فإني افضل شراء حذاء وحيد بسعر مرتفع واضمن جودته وديمومته  مدة سنة او سنتين.   انتقلنا  الى متجر لبيع الملابس الجاهزة التي جاوزت اسعاره الـ100 دينار حيث وجدنا نساء بدت على وجوههن علامات الوجاهة  سألنا احدى السيدات عن اختيارها لمثل هذه المحلات رغم اسعارها المشطة فأجابت صحيح  ان بعض الملابس المعروضة  في المحلات الكبرى تعثر على شبيهتها في الاسواق الشعبية لكني ابحث دائما عن جودة الصنع ولا تهمني الاسعار فعوض أن اشتري ثلاثة فساتين من سوق سيدي بومنديل قد لا يطول عمر الواحد منها الشهر افضل شراء فستان بثمن  مرتفع  واضمن اني سأرتديه لسنة مع محافظته على اشراق الوانه وطبعا كل قدير وقدرو».   خلاصة القول   «كل قدير وقدرو» وعلى قدر كسائي أمد رجلي»..ونتحايل على الدنيا وما نسرقشي» تلك عبارات رددها  التونسي فهو يولي عناية  خاصة لمظهره  لكن عينه  تظل على جيبه لذلك  يفضل لباس بومنديل  طالما  لا تسمح امكانياته باقتناء غيره  ويقتني غيره طالما كان قادرا على ذلك.. ويبدو أن تجار المدينة  العصرية  تفطنوا للامر  لذلك بدأنا  نلحظ بشكل محسوس  ظهور  بضائع  صينية في واجهات محلاتنا التجارية  ويبدو أن هذه البضائع تحظى برواج هام لان السعر المنخفض في محيط كل الاسعار فيه مرتفعة يجلب  الانظار لكن ترى كيف  هو حال صناعتتنا في كل هذا وهل مفهوم «اشري صنع بلادك» يلعب دورا امام «الاغراءات الصينية» والامكانيات المحدودة لعموم الناس؟   سؤال يبحث عن جواب.   آمال الهلالي   (المصدر: جريدة الصباح الأسبوعي الصادرة يوم 19 جوان 2006)


تحقيق :اخدم بقفصي وحاسب البطال

خريجو جامعات وطلبة عمال مرمة !!

 

سحابة من غبار الاسمنت والاتربة تغطي المكان في حضيرة البناء والسواعد شغالة في خلطة البغلي» ونقل الياجور وحمل البرويطة.. شغالون بالساعد فعلا.. لكن للفكر بينهم مكانا كيف ذلك؟ يكفي ان تسأل لتعلم أن جانبا محترما من عمال الحضائر خصوصا في الصيف هم من طلبة ومن خريجي الجامعات الذين كانوا قبل ايام على مقاعد الدرس.     «الاسبوعي» زارت حضائر البناء ورصدت صور لشباب  يعيش هذا الواقع المرير  بفلسفة  رائعة  في الحياة.. فكان النقل التالي:    ينهلون من منابع العلم.. وها هم اليوم عوضوا القلم بالملعقة والمحفظة  بسطل البغلي.   «اخدم بقفصي وحاسب البطال»   هكذا بادرني (صدقي) عندما ظن ان في عيني ونبرة صوتي حيرة واستغرابا  خصوصا بعد ان اعلمني  انه خريج كلية العلوم  اختصاص رياضيات. وفعلا  شيئا ما قد تغير لاني اكتشفت انسانا  عظيما وفلسفته  في الحياة اعظم واكبر.. فصدقي اقبل على العمل في حضائر البناء بعد تخرجه  ببضعة أسابيع اذ يقول:  «المرمة» ارحم من أن امد يدي لافراد عائلتي ويضيف: اما وقد كدت افقد الامل في الحصول على  وظيفة  تتناسب مع مؤهلاتي العلمية والجامعية خصوصا امام الضوابط  والشروط المجحفة والتي  لا يسهل تحصيلها لاسباب  متعددة (يتحدث عن الكاباس) فإن «المرمة» اصبحت  بالنسبة لي مستقبلا  او أملا جديدا يضيء لي الطريق. مشيرا الى انه وبعد اكتساب  خبرة لا يستهان بها في مجال البناء ينوي ايجاد صبغة تتناسب ومؤهلاته ليجعل منها مشروعا  مربحا او استثمارا استراتيجيا.   لكن الامر يختلف بعض الشيء لدى حسني الذي  انهى السنة الجامعية بنجاح والتحق بوالده في حضيرة البناء  بجهة منوبة لمعاضدته في توفير  مصاريف العائلة.    ورغم ان غبار الاسمنت والاتربة قد كسا  وجهه ورأسه  وثيابه الا  انه لم يستطع  ان يطفئ بريق ابتساماته التي تنم عن ثقة عالية  في النفس.  فيقول: بثقة واقتدار : العمل  موسميا كان او سواه لا يعيب الانسان خاصة اذا كان طالبا  يعوزه المال  وتغريه الحياة ويدرك ان العمل الموسمي  يقيه مذلة الاحتياج والافلاس  ويتيح له فرصة هامة  لاقتناء  ملابس  العودة الجامعية ويمكنه من ملابس صيف جديدة والترفيه قليلا  او كثيرا.   اعرف انني طالب ولكنني  واقعي   ويقف الى جانبه حمودة وهو شاب وسيم في عينيه ذكاء وفي يديه غلظة  العمل اليدوي.. يحدثني دون ان ينقطع عن خلط البغلي بخبرة المتمرسين بفنون المرمة تعجب له من طالب  قد يكون حصل الخميس الماضي على الاستاذية  في الصحافة وعلوم الاخبار وتعجب اكثر عندما  تسمعه يترنم  بالحان  شجية وهو يمسك بالبالة او بسطل البغلي»  فيقول: بهذا العمل  وما شابهه تفهم الحياة اكثر ونضع  اقدامنا  على الارض جيدا.. ومادامت فرص العمل في ميدان الاحلام  تكاد تنعدم في تونس فاني فضلت العمل في حضائر البناء.. اعرف انني طالب ولكني واقعي.   شأنه في ذلك شأن اسكندر  يعمل  في كل  صائفة دافعه في ذلك المال والبحث عن الذات الضائعة فوق اعتاب الفاقة والعوز.. هنا يتراجع  كبرياء  العلم نسبيا امام  الحاجة الى العمل.. اجرة الاسبوع الاول  جعلتني  انسى ارسطو وديكارت ..هكذا بادرني اسكندر  المرماجي الفيلسوف كما يناديه زملاؤه  في العمل.    فضحك مؤجره كثيرا واقترب مني قائلا: ما يجنيه اسكندر  من مال في حضيرتي  افضل  مما يمكن ان يجنيه  في مكان اخر.. اعرف انه طالب وادرك احتياجاته  ولي حنين خاص  على التلاميذ  والطلبة  وخريجي  الجامعات  لذلك أسعى  جاهدا لتوفير مواطن عمل اضافية لفائدة الطلبة وخريجي الجامعات الذين اصبحوا بشكل ملحوظ ضمن عملة حضائر  البناء في كافة مناطق  الجمهورية  خصوصا في الصيف.   علما وأن عملة المرمة  الاساسيين اصبحوا يتذمرون من التلاميذ الذين يقللون من فرصهم في العثور على عمل خصوصا مع استغلال  بعض المشغلين الظرفية وحاجة هؤلاء الى العمل.   ختاما ألم يقولوا ان المرمة تصنع الرجال.   الحبيب وذان   (المصدر: جريدة الصباح الأسبوعي الصادرة يوم 19 جوان 2006)

أدانت مؤلفي الكتاب بالقذف وتشويه السمعة على نحو خطير …

المحكمة الإنكليزية العليا تأمر بتعويض للسعوديين خالد وعبدالرحمن بن محفوظ

الرياض – الحياة       حكمت المحكمة العليا في المملكة المتحدة، على جين – تشارلز بريسارد وجويلوم داسكي، مؤلفي كتاب «الحقيقة المحظورة»، الذي وردت فيه افتراءات على السعوديين خالد وعبدالرحمن بن محفوظ، بدفع تعويض قدره 10 آلاف جنيه إسترليني (وهو الحد الأقصى المسموح به وفقاً لأحكام قانون القذف في المملكة المتحدة لعام 1996)، كما أمرت بيسارد بتسديد تكاليف القضية البالغة 150 ألف جنيه إسترليني، وأصدرت أمراً لبيسارد وداسكي بنشر اعتذار عن الادعاءات الموجهة في الكتاب، ووجهت إنذاراً الى بيسارد، مع تمديد الإنذار القضائي الصادر قبلاً الى داسكي، لمنعهما من تكرار فعل الافتراء والتشهير.   وكان المدعى عليهما زعما في كتابهما، أن خالد وعبدالرحمن قاما بتمويل ومساندة الأنشطة الإرهابية لأسامة بن لادن وتنظيم «القاعدة»، مع علمهما المسبق بذلك. وتم توزيع الكتاب بصورة موسعة في شتى أنحاء العالم.   وعلق القاضي في الحكم الذي أصدره، على الخطورة الشديدة للادعاءات الافتراضية التي تضمنها الكتاب، وقال: «لا يوجد دفاع من أي نوع يستطيع المدعى عليهما تقديمه».   وعن منحه بن محفوظ الحد الأقصى للتعويضات المسموح به، أوضح القاضي ان الغرض من ذلك كان تبرئة سمعتهما، وقال: «ان دعوى التشهير المقامة هنا ذات طبيعة خطرة جداً، وحق المدعيين في الحصول على حكم يبرئ سمعتهما فعلياً أمر واضح، كما أنه يبرر منح الحد الأقصى القانوني، وهو على وجه التحديد 10 آلاف جنيه إسترليني، لكل مدع».   يذكر ان هذا الحكم جاء في أعقاب حكم سابق، حصل عليه خالد بن محفوظ ضد بيسارد في تموز (يوليو) 2004، نتيجة تقرير افترائي أعده بيسارد ونشره في موقعه على الإنترنت. وتم منح خالد أيضاً الحد الأقصى للتعويضات القانونية وهو 10 آلاف جنيه إسترليني، إضافة إلى التكاليف المتعلقة بتلك الدعوى.   (المصدر: صحية الحياة الصادرة يوم 19 جوان 2006)


 

المجاعات المزمنة في إفريقيا

توفيق المديني (*)   يظل خطر المجاعة قائماً في ظل تعمق الأزمة التي تعصف بكل من كينيا، والصومال، وإثيوبيا، بصورة دائمة في عدد من المناطق الإفريقية. وكل إفريقيا الشرقية متجهة أنظارها نحو السماء، في انتظار هطول الأمطار. وفي حال استمرار الجفاف، فإن 12 مليون شخص سيشهدون تدهورا حقيقيا في أوضاعهم المعيشية. فهؤلاء الأشخاص يعيشون بين إريتريا وبوروندي، ولكنهم متمركزون بصورة رئيسية في كينيا، واثيوبيا، والصومال، ويعانون منذ أشهر عدة من التأثيرات المدمرة لجفاف بدأ على الأقل منذ سنتين، ويبدو أنه الأكثر خطورة منذ عقد من الزمن، من دون الذهاب حتى الوقت الحاضر إلى المجاعة.   في قلب موجة الجفاف التي تهدد قسما من شرق إفريقيا، فإن الكارثة الإنسانية الأكثر خطورة تتموقع في الصومال. فهذا البلد الذي يعيش من دون حكومة منذ اندلاع الحرب الأهلية منذ خمس عشرة سنة مضت، يجد نفسه في مواجهة التأثيرات المتزامنة لموجة جفاف خطيرة، وحركة نزوح سكان، وصعود قوي للعنف مادام مسار السلام بين الأطراف المتحاربة هشاً. وفي المجموع هناك 1,7 مليون شخص مهددون من قبل أزمة غذائية خطيرة يضاف إليهم 400 ألف مهجر بسبب الحرب الأهلية. والحال هذه، فإن أكثر من مليونين من الصوماليين سيكونون عرضة للمجاعة، من بينهم عدد كبير من مربي الماشية، الذين تضخمت قطعانهم في السنوات الماضية.   ولكن ما هي المجاعة؟ هنا التعريفات تبدو غير ثابتة وعائمة أحيانا، بحسب أوضاع “الأزمة الانسانية” المعلن عنها إلى حد ما، وصيحات الإغاثة التي تطلقها المنظمات غير الحكومية المتخصصة على مدى فترات منتظمة. وفضلت منظمة الزراعة والتغذية التابعة للأمم المتحدة (الفاو) اعتماد معيار محدد. وحسب نيكولاس هان، خبير أحد أجهزة الفاو المكلف بالتنبؤ للأزمات الغذائية في الصومال، تبدأ المجاعة عندما تكون من أصل مجموعة بشرية يقدر عددها بنحو 10 آلاف شخص، نسجل أربع حالات وفاة يوميا مرتبطة بالنقص في الغذاء. ولم يصل شرق إفريقيا إلى هذه الحال، ولكن إذا لم تنزل الأمطار هذه السنة، فإن مناطق عدة، بدءا بقسم من الصومال يمكن أن يدخل في أزمة خطيرة.   وتتمثل مهمة الفاو، من خلال نظام إنذارها المبكر، في إخطار المجموعة الدولية بالمصاعب التي يواجهها بلد ما. ويلعب البرنامج العالمي للتغذية التابع للأمم المتحدة دورا رئيسياً في عمليات الإنقاذ. ففي سنة 2004 قدم برنامج الغذاء العالمي مساعدات لأكثر من 113 مليون شخص في 80 بلدا. وتم توزيع 5,1 مليون طن في إطار عمليات الإغاثة بقيمة 3,1 مليار دولار. وحول هذا المبلغ : 1,5 مليار دولار يمثل تكلفة المواد الزراعية ( المشتراة أو المتلقاة كهبات) وأكثر من 800 مليون دولار تكلفة إيصالها. وبشكل عام، يقدر الخبراء أن طنا من المساعدات الغذائية يقدم لبلد في أزمة يكلف 400 دولار. ويتجه مستوى المساعدات نحو الانخفاض. فمساعدات القمح التي تمثل النسبة الأكبر من المساعدات، بلغت 7 ملايين طن في سنة 2004، وهي أقل من النصف مقارنة بعقد التسعينات من القرن الماضي، حيث انتقلت المساعدة للفرد الواحد من إفريقيا التي تحتل المرتبة الأولى في تلقي المساعدات من 10 كيلوجرامات إلى 3,7 كيلوجرام. وفي سنة 2004، كانت البلدان الرئيسية الخمسة التي تلقت مساعدات غذائية هي العراق، وإثيوبيا، وكوريا الشمالية، وزيمبابوي، وبنجلاديش.   ويقدر عدد الأشخاص في سنة 2002، الذين يعانون من نقص التغذية في العالم بنحو 852 مليونا حسب إحصاءات “الفاو” المنشورة في عام ,2005 وسوء التغذية ظاهرة ريفية، بما أن %75 من الأشخاص الذين يعانون منها يعيشون في الأرياف.   وعرفت القارة الإفريقية تدهورا خطيرا في أوضاعها الغذائية خلال العقد الأخير، على نقيض كل المناطق في العالم. وليست قلة الأمطار هي العامل المسؤول الوحيد عن هذا التدهور، بل إن قائمة الأسباب تطول.   إن القطاع الزراعي في العديد من البلدان الإفريقية عانى من الإدارة السيئة وفساد الحكومات، وفي الوقت نفسه من النقص الفادح في مصادر التمويل والخبراء. فهناك برامج بالكامل للتنمية الريفية ألغيت تحت تأثير “برنامج الإصلاح الهيكلي” المفروض من قبل صندوق النقد الدولي بداية من عقد الثمانينات من القرن الماضي. كما أن جهود الدول المانحة انخفضت كثيرا. فالزراعة لم تعد تستوعب سوى %2 تقريبا من المساعدات المتعددة الأطراف في سنة 2002 مقابل %30 في سنة 1980. والجهود لم تكن متركزة على البلدان التي تعيش أوضاعا صعبة.فالبلدان التي يعاني %5 من سكانها من سوء التغذية تحصل ثلاث مرات من المساعدات عن كل عامل زراعي أكثر من البلدان التي يعاني %35من سكانها من المجاعة.   إضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من كثرة مجاري الأنهار، فإن إفريقيا هي القارة الأقل مروية في العالم.   وتعتبر المؤسسة الدولية للبحث في السياسات الغذائية أن %72 من الأراضي الصالحة للزراعة و%31 من المراعي هي “متردية”. وفضلا عن ذلك، فإن المساحة الصالحة للزراعة للفرد الواحد انخفضت بنحو %24,5 بين 1980 و1993. وأخيرا، كانت إفريقيا مجبرة على مواجهة ثلاثة عوامل خطيرة بوجه خاص:   أولاً: بلوغ إفريقيا رقما قياسيا في النمو الديمغرافي. فما بين 1975 و2005، تضاعف عدد سكان القارة الإفريقية أكثر من الضعفين، منتقلا من 335 إلى 751 مليون نسمة. وحتى مع انخفاض معدل الخصوبة منذ عقد التسعينات.   ثانيا: عرفت إفريقيا أوضاعا غير مستقرة مهمة خلال العقود الثلاثة الأخيرة. إذ قام رئيس المفوضية للاتحاد الإفريقي، الرئيس المالي السابق ألفا عمر كونوري، بجرد حساب: لقد كانت إفريقيا مسرحا لنحو 186 انقلابا عسكريا، و26 حربا أهلية، خلال الخمسين السنة الماضية. ويوجد في القارة الإفريقية 20 مليون لاجىء.   ثالثاً: إن انتشار مرض الإيدز الذي فتك برؤساء العائلات في الأرياف، أحدث اضطرابا في الإنتاج الزراعي.   ومع ذلك، فإن هذه العوامل كلها لا تحدد كليا الأوضاع “الكارثية” التي تطفو على مدى فترات منتظمة. فهناك آليات أخرى كانت المتسببة في أوضاع الأزمة الغذائية، بدءا من استخدامها لأغراض سياسية. إن “المجاعة” يمكن أن تستخدم لطمس المشاكل وضمان دخل منتظم في آن معا. وتعد إثيوبيا واحداً من بلدان المنطقة التي تجيد استخدام هذا الأسلوب.   (*) كاتب اقتصادي   (المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية الصادرة يوم 19/6/2006)


«التقية» النووية الإيرانية و «حوافز» الـ5+1

محمد صادق الحسيني (*)         «ثمة خيط رفيع من الضوء يلوح في الأفق والكرة الآن في الملعب الإيراني»، هكذا قرأ سفير دولة عظمى هنا في طهران زيارة سولانا الى العاصمة الإيرانية. كانت زيارة مهمة فعلاً لهذا المسؤول الأوروبي الكبير بعد غياب يزيد على العام عن العاصمة التي لطالما زارها ابان عهد الرئيس السابق محمد خاتمي محذراً ومتوعداً. لكنها المرة الأولى التي يأتيها واعداً متفائلاً بشوشاً يحمل في جعبته أكياساً من «الحلوى» الموعودة، وإن يكن لم يفتح أي منها حسب التوافق، لكنه لم يستعرض أيضاً التهديدات والتوعدات التي سبق أن اعتاد عليها كلما كان يزور طهران من قبل. فسولانا اليوم في طهران غير سولانا قبل أكثر من عام، فهو اليوم يمثل مجموعة الـ5+1، أي بالإضافة الى تمثيله للترويكا الأوروبية التي اعتاد على تمثيلها فإنه جاء هذه المرة حاملاً اقتراحات «الرزمة» الشهيرة ممهورة، بالإضافة الى توقيع الترويكا بتواقيع كل من روسيا والصين والولايات المتحدة. إذاً، فهو ممثل واشنطن أيضاً هذه المرة، بالإضافة الى حليفي طهران السياسيين والاقتنصاديين في ملفها النووي، وبالتالي من حقه أن يفرح ويبتسم ويكون مزهواً بنفسه وبتمثيله أكثر مما يكون منشغلاً بمضمون ما يحمل من «حلوى» وتحذيرات لإيران. وهي المرة الأولى ربما التي يستقبله فيها الإيرانيون بسلاسة ورحابة وتفاؤل ولكن بحذرهم المعهود ايضاً. الساذجون وحدهم هم الذين ضغطوا ولا يزالون على إيران لتقول نعم نهائية لـ «رزمة» الغرب حتى لو كانت مبهمة وغامضة. أما العقلاء والحكماء والعارفون، ومنهم حتى كوفي أنان، فإنهم نصحوا إيران بـ «التجاوب» حتى مجرد التجاوب والتأني والمطالعة الطويلة ومن ثم تقديم الردود المدروسة. لذلك ولغيره فقد جاء الرد الإيراني بـ «نعم»، ولكن، وهو التصرف المعتاد أصلاً من جانب الإيرانيين. والمنزعجون من هذه الـ «نعم» المشوبة بـ «كلا» إما سذج أو هم دلالون يخافون فقدان دورهم أو من جماعة المنبهرين بكل ما يأتي من وراء البحار، لا سيما إذا كان لماعاً فيظنونه ذهباً. لكن الإيراني الذي يحمل في ذهنه وعقله الباطني وخزائن تجاربه التاريخية المر أكثر من «الحلو» في تعاطيه مع القوى الكبرى القارية والبحرية، الغربية والشرقية، فإن حساباته كانت ولا تزال حذرة دوماً حتى باتت جزءاً لا يتجزأ من «عقيدته» العامة. والذين يعرفون مذهب أو مدرسة «التقية» التي يتمسك بها الإيرانيون عموماً، والشيعة من المسلمين بالإجمال، يفهمون تماماً ويدركون معنى السلوك الإيراني الحذر المشار اليه أعلاه. إذ تقول خلاصة أو عصارة هذه المدرسة: «احفظ ذِهابَك وذَهَبك ومَذهَبك». وفي حال التعاطي مع ملف شامل وجامع، مثل الملف النووي الإيراني، خصوصاً عندما يعرض في إطار مقترح «الرزمة» أو الصفقة، كما يحلو للبعض أن يطرحه، فمن شأن الإيراني هنا أن يتأنى طويلاً قبل أن يعلن استراتيجيته النهائية في ما هو ذاهب اليه من أهداف وغايات، عامة وشاملة، وما يمتلك من أوراق ثمينة وغير ثمينة ومنهجه المناسب في التعاطي مع كل طرف ومع الأطراف المجتمعة في مجموعة مقترح «الرزمة». ولذلك جاء رده الأولي على محاور المقترح الأساسية كالآتي: «نعم» للتجاوب العملاني والتقني مع مجموعة ما يسمى بـ «المحفزات» المادية، ولكن «لا» للوقف الشامل والنهائي لمكتسبات التخصيب. و «نعم» للمشاركة في صناعة الأمن الاقليمي المشترك ومستقبل المنطقة، ولكن «لا» للانخراط في مهمات غامضة ومشبوهة في ما قد يطلق عليه «مكافحة الإرهاب» قبل التوافق على مفهوم مشترك لهذه المقولة وفصلها تماماً عن حق الشعوب في المقاومة والممانعة. و «نعم» أخيراً للحوار والتعاون الدولي ومنه الحوار مع واشنطن، ولكن بعد إقرار الأخيرة واذعانها لحق إيران في اختيار النظام السياسي الذي يناسبها ورفع يدها نهائياً عن التدخل في هذا الخيار وتقديم الضمانات المؤكدة على ذلك. ذلك أن ما يصفه البعض في الغرب أو الشرق بـ «المحفزات» قد يفسر في طهران على أنه «استعدادات» أو حتى «استفزازات» للتحايل، ومن ثم الانقضاض على المشروع الإيراني الطموح من أجل كسر ممانعته وقدرته على استقلالية القرار ورفض التبعية. ومن جهة أخرى، فإن طهران إذ تدرك جيداً الجامع بين الدول 5+1، فإنها تدرك كذلك المانع في اجتماعها في حال أجابت وتصرفت وتعاملت وتعاطت بالمعقول مع اقتراح «الرزمة». لذلك قالت: ثمة ايجابيات، وثمة أمور غامضة لا بد من جلائها. يقولون إن هناك اجماعاً لدى مجموعة الـ5+1 على منع إيران من التسلح النووي، وهو اجماع تشترك فيه إيران معهم، لكن مثل هذا الأمر عادة ما يتم اخفاؤه عمداً لغاية في نفس يعقوب! ومن ثم يتم اخفاء الشقة الواسعة التي تفصل بين الأطراف المختلفة داخل المجموعة في شكل ومضمون التعاطي مع إيران في حال فشل «التوافق» معها. صحيح أن واشنطن قد تلجأ الى خيارات من خارج الاجماع وقد تستعين أو لا تستعين بالمحرض الأكبر ضد إيران أي إسرائيل، إلا أن واشنطن القوية قبل العراق وأفغانستان غير واشنطن القوية بعد أفغانستان والعراق. هذا ناهيك بأن إيران غير العراق، فضلاً عن أن العالم آنذاك غير العالم الآن. نعم، ينبغي على إيران أن لا تبالغ في الانقسامات الدولية من حولها وحول ملفها. وعلى إيران أن تدرك مدى جدية وخطورة الموقف العام المحيط بمثل هذه المناقشات. وعلى إيران أن تدرك مدى حاجة هذا الملف الى منهج العقلانية والتدبر والصبر على الظلم والأذى والمعايير الدولية المزدوجة. وقد تكون إيران بحاجة الى أن تدرك أيضاً بأن المطلوب ليس فقط إدارة الأزمة بنجاح، بل والخروج من نفق الأزمة بأقل الخسائر عليها وعلى جيرانها وعلى أمن المنطقة واستقرارها. لكن المطلوب من النبهاء المتابعين أيضاً أن يدركوا بأن الدنيا ليست مجموعة أمان نبيلة فقط، بل إنها معادلات موازين قوى ومدى التقدير السليم للموقف أيضاً من عدمه والبحث يطول في عالم «التقيات» الاستراتيجية.   (*) كاتب متخصص في الشؤون الإيرانية.   (المصدر: صحية الحياة الصادرة يوم 17 جوان 2006)  


الضلال بالإشارات
يحيي القيسي (*)
نَهْجْ عبدالله قَشْ   لا تقل يا رَجل إنك لا تعرفه..!   أخبرني الطيّب بن محمود مندهشا ذات مساء،كان رفيقي في الحانات أحياناً، وزميلي غالباً في مقهي الجامعة، وقاعات المحاضرات، ثم أعاد مشدداً: ـ نهْج سيدي عبدالله.. كِيفاش.. مَنيش مْصَدْقك، معظم الطلبة المحرومين أدّوا الواجب هناك..!   كنت قد سمعت بهذا الاسم من قبل، وبدا لي غائماً، إذ كنت أربط كلمة سيدي بمقام وليٍّ أو فارسٍ نبيلٍ، ولستُ أذكر كيف انبثق ذهن الطيّب عن هذا السؤال، كنا نجلس في بار مخصص للكتاب أو أصدقائهم، وكان الطيّب واحداً منهم، أعني من أصدقائهم، إذ كان يتلمسُ طريقه في ذلك العالم المتشابك للكتابة علي صفحات جريدة الصباح ، وعرفتُ أيضاً أنّه يقرض الشعر، وكنا قد بلغنا معاً درجة ًعاليةً من الدوخان، بفعل النبيذ المرافق لسيل من النميمة غير المنعشة والثرثرة، والتقلّب في الموضوعات حتي وصلنا إلي النساء، ولأكن دقيقاً وأعترف بأنّنا لم نغادرهذا الموضوع الأثير أصلاً إلا لماما، بدا لي لازمةً لكلّ مجالس الرجال، وأحسست بتشويق الطيّب لي للتعرف علي العوالم السرية للذائذ المحرمة في المدينة العتيقة أمراً ملحاً، وراح يتبرّع بالشرح المُسْهب عن تاريخ الجنس عند العرب، وكيف أنّ دور الدعارة قد انقرضت في معظم البلاد العربية بعد منتصف القرن العشرين، ولكنّها ما تزال قائمةً ومرخصةً هنا، وهذا أمرٌ يعكس مقدار الانفتاح عندنا والعقل المستنير… ثم إنّ كتاب الشيخ النفزاوي ـ الروض العاطر ـ يباع هنا علي الأرصفة، وقد سمعت بأنه ممنوع في كل البلاد العربية المتخلّفة ، ولم أميّز حينئذ إن كان الطيّب يتهكّم أم يدافع بحماسه، فقد كان مرّة يرفع صوته، ومرة يهمس لي همساً، ثم فجأة طرأ علي باله أن يقرأ لي قصيدة من ديوانه المحلوم به مدارات العاشق المطعون ، وكانت كافية لأن تُدير لي رأسي تماما، ولكنّا لم نفترق تلك الليلة حتي اتفقنا علي موعدٍ لأن يصطحبني إلي هناك.   لوْ أتزوّج شاميّة   خيرٌ لي، وأنا أتلمّس تطبيق مثلكم إللي بتزوج شامية بعيش عيشة هنية ، وأضاف الشاعرُ المطعون حانقاً: تعرف أنّ النساء لدينا أخذن حقوقهن الكاملة، وربما حقوقنا أيضا، وما عادوش يحشمو وبالحق ما نحبّش نتزوج راجل ، والقوانين تمنع علينا الزواج بأكثر من واحدة، بعكس الشريعة، ثم أنت تدري بأنّني لستُ متديناً، ولا أهتم إلا بتطبيق هذه النقطة منه علي الأقل، وفاءً لأجدادنا ولا كيفاش أنا حر يا أخي، ثم إن الشاميات كما سمعت طريات، فاتنات يحترمن الزوج، ويخدمنه دون تذمر، تنجّم تقول عناية كاملة ، وزادت طبّاخات ماهرات، أحيانا أذهب لبيت أصدقائي الفلسطينيين أو السوريين الذين يقيمون بيننا، يا أخي القرع بالأرز واللحمة المفرومة، شيء لذيذ، تسمّونه الكوسا محشي، وورق العنب، والملفوف، والبابا غنوج، والحمص بالطحينة، والمقلوبة… شي بنين ياسر ، أفضل لبنانية طبعا، أتعرف لماذا ؟ تصيبني الرعشة اللذيذة للهجتهن التي تفوح منها الرغبات تسلملي حبيب ألبي.. لك وينك يا حلو يا مهضوم … يا لحفيدات عليسة المغناجات..!   قادني الطيُّب إليه   أدخلني أولاً في نهج زرْقون الذي يبدو مثل مدخل سري للمدينة العتيقة، وقد ازدحم بالباعة الذين يفرشون بضاعتهم علي دكّات خشبية، وينادون علي المشترين، وبدت الملابسُ والأدوات الكهربائية والعطور وأدوات الزينة، المستوردة أو المهربة، محشورةً في الحوانيت من كل نوع ٍوشكل، وقد اختلطت بالأصوات المنطلقة من الكاسيتات للشيخ العفريت، ولنبيهة كراولي ولطفي بوشناق، ومغنيّي الراب الجزائريين، وإغواءات الباعة الملحاحة للمشترين أو المتفرجين.   فجأةً ينقطع هذا السيل الجارف من الباعة وأصواتهم وبضاعتهم، و ينفتح زقاق شبه مظلم تحت أقواسٍ بُنيت فوقها البيوت المتلاصقة، وقد تفرّع بي الطيّب إلي أزقةٍ مظلمةٍ، لا تكاد تتسع لأكثر من عابرين معا، شعرت بالرطوبة تنزّ من الجدران التي تكاد تهصرُ الأجساد العابرة بينها، وأوصاني بأن أكون عاديا وأكتم اندهاشي حتي لا ينتبه لارتباكي بعض حثالة الرجال المتجولين هناك من الباندية والمهمشين ومقتنصي النشل ، ويعرفون أنني غريب عن البلاد، وربما أكون صيداً سهلا لعبثهم رغم أن المكان مراقب جيدا من رجال الأمن السريين، كان سيلُ من المارّة يجيئون ويذهبون بتقطعٍ واضحٍ، حتي وصلنا نهج سيدي عبدالله قش ، وقد انفرج إلي صفين من البيوت الطينية الواطئة المداخل، امتلأت أبوابها بالمتفرجين والباحثين عن المتع العابرة، بدا لي المكان قديماً ومستهلكا في بنائه، وفيما يحتويه من نساء مجرّبات، قد أكل الزمن وتقلب الرجال عليهن ما تبقي لهن من جمال أو قدرة علي الإثارة، شعرت بالغثيان، ولا سيما أن الروائح العطنة كانت تملأ الجو، خلطة ٌ من رائحة السجائر، وأنفاسِ الرجال المتلاحقة، والعرق الراشح منهم، والعطور الرخيصة المرشوشة علي أجساد النسوة، والدهونات التي تحاول أن تصلح ما أفسده الدهر..!   بدا لي همس الطيّب الماكر بأن أختار واحدة من صاحبات الغرف التي تنفتح علي غرف أخري قد غطيت بستائر حمراء، ويقف علي بابها القواد الذي يأخذ الفلوس من الراغبين أمراً يزيد من رغبتي بالقيء، كانت بعض الغرف مطلوبةً أكثر من غيرها بمن فيها من غانياتٍ بدوْن أصغر قليلاً من غيرهن، ورأيت صفا من الرجال المتحفزين للدخول بفحولة ضاغطة ينتظرون دورهم، قلت له إنني رغبت فقط في التعرّف علي هذا المكان وربما لمرةٍ واحدةٍ فقط، وإنني أشعر حقاً بالقرف، وأشفقُ علي أولئك النساء اللواتي قادتهن الظروف البائسة إلي مثل هذه المهنة التي تسحق إنسانيتهن، وأردفْتُ نساءٌ معطوبات الأرواح والأجساد ، لم يكن الوضع مناسباً لأي نقاش، واكتفي الطيب بأن هز رأسه ساخرا مشيرا إلي ّلأحتفظ بتنظيراتي الطوباوية، وقال هذا وكر الرغبات المشروخة للمحرومين، وهؤلاء نسوة يمارسن أقدم مهنة في التاريخ.. وأضاف مفصلا ولقد زاره كبار الأدباء العرب والصحفيين ممن يأتون إلي تونس، بعضهم جئت به أنا وآخرون أتوا مع غيري فلا تقلق ، وشعرت وأنا أتابع التنقل من بابٍ إلي آخر ورؤية ما فيه من أجساد مبذولة للدافعين خمسة دنانير أو أكثر بمن يربت علي كتفي، وانتبهت فإذا خلفي أربعةٌ من الطلبة الذين أعرفهم، كانوا من أبناء بلدي، وما يجاورها، وكنت قد تعرفت عليهم من قبل، وتزاورنا مراراً، ودهشت لأنّهم من طلبة الزيتونة، وقد صار لهم سنتان أو يزيد في الجامعة.   ألجمت المفاجأة ألسنتنا كلنا، فقد لاحَ لي أنّهم استهجنوا وجودي هنا، مثلما فعلت أنا، كنتُ أكبرهم سناً، وأسبقهم إلي الدراسات العليا، وشعرتُ بأنّهم أيضاً في ورطة. ولكنّي تجاوزت وإيّاهم الموقف المُحرج بكثيرٍ من التلعثم والتبريرات المفتعلة، وساهم الطيّب، الذي عرّفته عليهم في السؤال عن الطالب الكفيف الذي يقودونه معهم وإثارة جوّ من الودّ والتخلص من الحرج إش بيك سي نورمال *.. مش قلتلك من الأول..   وعرفت منهم أنهم يأتون مرّة كل شهر علي الأقل هنا، وأنهم أحيانا يختارون امرأة ليتناوبوا عليها، وقد رغب عبد الرحمن أن يكون معهم، أو ربما أغروه بالمجيء، قال لي أحدهم همساً بأنّهم أشفقوا عليه، من كثرة ما كان يحدّثهم عن النساء، كان المشهدُ سرياليا، إذ يتواطأ ثلاثة شباب ممن قادهم حظهم أو ترتيب بعثاتهم الدراسية العشوائي إلي جامعة الزيتونة للقيام بدور الوسيط بين إحدي النساء المنتهكات تماما وعبد الذي لا يري بغير حواسه والذي بدا منكسر الخاطر، قُدّر لي أن أشهد فيما بعد، تلك الحوارات المقتضبة بين من يقوده، وتلك المومس البائسة الملامح، قال لها بأنّ صديقه سيدخل أولاً إليها وأنه سيوصله إلي السرير ويتركه معها، قالت إنها لا تفعلها مع أعمي، أشار إليها بأنه سيدفع لها المبلغ مضاعفا، وأنّ الأمر لا يتعلق بعينيه، المهم أنه راجل، وحرك جذعه بطريقة مبتذلة. ردت بعنف إش بيك يا طحّان ما تفهمش.. قلْتلك ما نرقدْش معاه.. ..!   وأشارت إليهم أن يخرجوا، قالوا إن هذه العاهرة غريبة الأطوار، وذهبوا ليجرّبوا حظهم مع غيرها، بدا علي عبد الرحمن الغضب المخلوط بالإحراج، لكن رفاقه قادوه إلي مهجعٍ آخر سرعان ما غطس فيه بعض الوقت، فيما تناوب الآخرون علي غرف أخري ضمّت نساء لم تستطع الأصباغ الرخيصة، والابتسامات المتصنعة أن تخفي خلفها أخاديد غائرة في الأجساد والنفوس، وقلت للطيّب ونحن نغادر المكان: يبدو أن الطَحّان كلمة كبيرةً عندكم، فأومأ بالإيجاب شارحاً لي معناها: قوّاد أو من يرضي الفاحشة بأهله . قلت : تصوّر أنه لا دلالات سيئة لهذه الكلمة عندنا، بل تعني من يطحن القمح..! قال ضاحكاً في واحدة من تجلياته : أعرف ولكنّنا نتجنب ذكر هذه الكلمة، ونستخدم بدائل لها مثل الرحّاي، أو رحي القمح بدل كلمة الطحن أمّا الطحين فنسميه الفلينة ، بالمناسبة سمعت أن كلمة عكروت لديها دلالات سيئة عندكم أيضا، تصوّر أن لدينا قرية تسمي العكاريت … !   الكلماتُ بيضاءُ يا صديقي ومحايدة و لا ذنب لها، ونحن نلوّثها بنوايانا الفاسدة .   (*) كاتب وصحافي من الأردن. وهذا مقطع من رواية تصدر قريبا في بيروت وعمان    (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 19 جوان 2006)
 

يحلم بإخراج فيلم عن حياة الراحل الحسن الثاني ويقر بوجود حرية فكرية بالمغرب لكن في حدود احترام ما هو مقدس

كمال كمال: طيف نزار أول فيلم تحدث عن سنوات الرصاص في المغرب!

 

الدار البيضاء ـ القدس العربي ـ من بشري الحضيكي:

 

رغم رصيده الفني المتواضع عددا فقد استطاع المخرج كمال كمال الذي يعتبر من الوجوه السينمائية الشابة أن يصنع نجوميته في وقت وجيز وذلك من خلال تقديم أفلام سينمائية ناجحة كان أولها طيف نزار سنة 1999 وهو أول فيلم روائي مطول تجرأ علي طرح ملف ما يسمي بسنوات الرصاص بالمغرب، إذ تناول الفيلم تجربة السجون والاعتقالات السياسية في سنوات الستينيات والسبعينيات يليها بعد ذلك فيلمه التلفزيوني سيد الغابة و مؤخرا السلسلة الهزلية عائلة محترمة جدا والتي وجهت إليها انتقادات كثيرة لكن مخرجها كمال كمال سرعان ما أبهر جمهوره بفيلمه السينمائي الجديد السمفونية المغربية المعروض حاليا بدور السينما، علاوة علي مشاركته في الدورة العاشرة لمهرجان السينما الإفريقية المنعقد بمدينة خريبكة والفيلم يحكي عن مجموعة من المهمشين والمشردين وفتيات الليل يعيشون في مقبرة للقطارات يحاولون رغم ظروفهم الصعبة عزف سمفونية مشتركة كمحاولة منهم لاستحضار ذواتهم والمصالحة مع المجتمع الذي تنكر لهم.

 

في هذا الحوار تحدث معنا المخرج كمال كمال عن بداية علاقته بالسينما وعن السر وراء اختياره نفس الوجوه الفنية للتمثيل بأفلامه وكذا عن آخر الأعمال التي ينكب علي إخراجها فلنستمع إليه:

 

كيف ومتي نشأت علاقتك بالسينما؟

علاقتي بالسينما بدأت منذ الطفولة حين كان عمري 10 سنوات دخلت لقاعة السينما وكانت تلك أول مرة أشاهد فيها فيلما سينمائيا ومع تقدمي في السن أصبحت هذه العلاقة وطيدة أكثر، خاصة بعد اختياري لدراسة فن الكتابة السينمائية والإخراج.

 

غياب معاهد السينما بالمغرب دفع أغلب المخرجين المغاربة لدراسة فن السينما والإخراج بفرنسا أو دول أوروبية أخري فكان تأثير تلك السينما واضحا في أفلامهم ماذا عنك؟

لا أظن أن المعاهــد الغربية لها تأثير علي المخــــــرجين بقدر ما هنالك تأثير للمدارس السينــــمائية كالمدرسة الروسـية أو المدرسة اليابانية، كما أن بعض المخرجين مغاربة كانوا أو أجانب من فرط حبهم لبعض المدارس السينمائية يسعون إلي تقليدها مما ينعكس بالتالي علي أعمالهم وبصفة عامة فاللغة السينمائية تظل لغة قوية لا تتأثر بشكل كبير بالمدارس الغربية.

 

تنتمي للجيل الجديد من المخرجين فما هو تقييمك لتجارب السينمائيين السابقين كأمثال الجيلالي فرحاتي ومصطفي الدرقاوي وحميد بناني؟

أعمال المخرجين السابقين كانت مهمة جدا والأفلام التي أخرجوها تبقي مميزة كغراميات الحاج مختار الصولدي لمصطفي الدرقاوي و باديس لعبد الرحمان التازي وغيرها ولا ننسي أن هؤلاء المخرجين هم الذين أسسوا سينما مغربية رائدة كما فتحوا المجال أمام المخرجين الشباب للعمل والإبداع ولولاهم لما تواجدت صناعة سينمائية بالمغرب.

 

هل من خصوصية تحملها الأفلام المغربية وتميزها عن السينما في الوطن العربي؟

لا أعتقد أن هناك خصوصية معينة باستثناء طبعا الديكورات والملابس وهما خاصيتان تميزان ثقافتنا المغربية ويظهر جليا من خلال مقارنة فيلم مغربي بآخر الاختلاف في طريقة إنجاز الديكورات واقتناء الملابس. أما دون ذلك فتبقي الأفلام الثقافية المصرية مثلا كأفلام يوسف شاهين تتشابه مع الأفلام التونسية والجزائرية والمغربية الجادة.

 

تعتبر السينما المغربية رائدة بالمقارنة مع السينما التونسية والجزائرية ويتجلي ذلك من خلال جرأة المواضيع التي تقتبسها من الواقع فكيف استفادت السينما المغربية برأيك من الانفتاح السياسي الذي عرفه المغرب مؤخرا؟

طبعا السينما المغربية رائدة الآن ويظهر ذلك من خلال الأفلام التي تنتجها سنويا والتي تتراوح ما بين 10 و14 فيلما سينمائيا وهو ما يعتبر إنجازا كبيرا لكن لا ننسي أن كلا من السينما التونسية والجزائرية كانتا رائدتين في الثمانينيات وبداية التسعينيات وتطرقتا لمواضيع جريئة، ونذكر علي سبيل المثال الفيلم التونسي صفائح من ذهب و غيرها من الأفلام التي تناولت مواضيع جريئة.

 

فيلم طيف نزار هو أول فيلم روائي مطول أخرجته تناول ملف ما يعرف بسنوات الرصاص بالمغرب كيف جاء اختيارك لهذا الموضوع الطابو ؟

الموضوع كان يهمني بحكم الملاحظة. ملف سنوات الرصاص هو ماضٍ غير جميل بالنسبة للمغرب. أظن أن هذا الموضوع كان طابو لأن المواطن المغربي لم يكن يريد التكلم عنه ويوم أخرجت فيلم طيف نزار لم نواجه أية عراقيل ولم تكن هناك أية رقابة حكومية علي الفيلم ففي المغرب هناك حرية فكرية لكن في حدود احترام ما هو مقدس.

 

سيناريو فيلمك السمفونية المغربية يمزج بين الهموم الاجتماعية والهموم القومية ألا تري أن هذا الخلط يصعب علي المشاهد عملية فهم فكرة الفيلم؟

يمكن قراءة فيلم السمفونية المغربية قراءتين الأولي بسيطة وهي تتعلق بقصة هؤلاء المهمشين الذين يرغبون في إنجاز سمفونية مغربية والقراءة الثانية هي تحليلية تحتاج إلي إعادة مشاهدة الفيلم مرتين أو أكثر حتي يتسني للمشاهد فهم المغزي من الفيلم.

 

لماذا استعنت بنفس الوجوه الفنية الشابة التي شاركت في سلسلة عائلة محترمة جدا في فيلمك السمفونية المغربية ؟

لأنهم ممثلون مقتدرون ويتوفرون علي طاقات وثانيا لأنني أقدر عملهم واجتهادهم كما أنني أحس بنوع من الارتياح تجاههم لهذا فأنا أشتغل معهم.

 

تعمل حاليا علي إخراج فيلم يتحدث عن حياة الراحل الحسن الثاني لماذا هذا الاختيار؟

هذا حلم بالنسبة لي فشخصية الحسن الثاني مثيرة جدا أثرت بشكل كبير علي تاريخ المغرب والتاريخ الإنساني ويظل هذا المشروع حلما بالنسبة لي أتمني تحقيقه إلي حين كتابة سيناريو الفيلم.

 

ماذا عن مشاريعك المستقبلية؟

لدي فيلم تلفزيوني لفائدة القناة الثانية وهو يحكي عن حياة الرسامة الركراكية وأنا الآن بصدد كتابة سيناريو فيلم سينمائي جديد.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 17 جوان 2006)


Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.