TUNISNEWS
8 ème année, N° 2563 du 30.05.2007
ميدل ايست اونلاين: وفد من الكونغرس الاميركي يزور تونس لبحث مكافحة الإرهاب رويترز: تونس تنقذ 25 مهاجرا افريقيا من الغرق قبالة سواحلها رويترز: تونس تمنح المليادردير السعودي الوليد بن طلال دكتوراه فخرية الصباح: إسناد شهادة الدكتوراه الفخرية للأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز من جامعة 7 نوفمبر بقرطاج أوّل رسالة كتبها الأخ المناضل السّجين السّياسي التّونسي السّيّد عبد الكريم الهاروني منذ ايقافه يوم 30 اكتوبر 1991 رياض الحوار: تواصل تهديد واستفزاز أعضاء جامعة التقدمي بسوسة د. محمد الهاشمي الحامدي: أعيدوا النظر في الموضوع يا أحباب خالد شوكات: ماذا بقي من حركة النهضة؟ مرسل الكسيبي : تونس والطريق السريعة رقم 1: ما أروع الكلمة وما ألذ راحة النفس…! منذر عمار : تصبحون على وطن … الصباح: بدايـــــة نضــــج رويترز : بريطانيا وليبيا تكشفان عن اتفاقات للطاقة والدفاع في رحلة بلير رويترز :بلير: علاقات ليبيا الجديدة مع الغرب مثل يحتذى لايران الحياة: جائزة أورومتوسطية تجمع صحافيي المتوسط حول تراثهم الثقافي المشترك الجزيرة.نت : السلفية بالمغرب.. التوازنات والتوظيف د. خالد شوكات: وجهة نظر السينما حول ثلاثية القضايا العربية: الحرب والإرهاب والحداثة العفيف الأخضر: إلى عقلاء م. 8: طبقوا مقترحات كلينتون الحياة: الحوار الإيراني – الأميركي: جدل الحلال والحرام أو الإيديولوجي والبراغماتي
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
وفد من الكونغرس الاميركي يزور تونس لبحث مكافحة الإرهاب
مشرعون أميركيون يناقشون التهديدات الارهابية في شمال افريقيا مع حكومات تونس والمغرب والبرتغال. ميدل ايست اونلاين تونس – بدأ وفد من الكونغرس الأميركي الاربعاء زيارة الى تونس تستمر يومين لبحث عمليات حلف شمال الاطلسي في افغانستان وتزايد التهديدات الارهابية في منطقة شمال افريقيا. وتأتي زيارة وفد الكونغرس الذي يرأسه الديمقراطي جون تانير في اطار جولة تشمل المغرب والبرتغال ايضا. وقالت السفارة الأميركية في تونس في بيان ان محادثات وفد الكونغرس مع المسؤولين في هذه البلدان تتناول العمليات العسكرية في افغانستان اضافة الى التهديدات الارهابية. وأضافت ان الوفد سيلتقي مسؤولين في الحكومة التونسية من بينهم وزير الخارجية عبد الوهاب عبد الله ووزير الدفاع كمال مرجان. ويتزامن هذا الاجتماع مع تزايد الخطر الذي باتت تشكله شبكة » القاعدة في بلاد المغرب » بعد ان تبنت تفجيرات هزت الجزائر والدار البيضاء في المغرب الشهر الماضي. وتسعى الولايات المتحدة الى ضرب طوق حول الجماعات المسلحة في افريقيا.
(المصدر: موقع « ميدل ايست اونلاين » بتاريخ 30 ماي 2007)
تونس تنقذ 25 مهاجرا افريقيا من الغرق قبالة سواحلها
Wed May 30, 2007 9:15 PM GMT تونس (رويترز) – قال مصدر في البحرية التونسية يوم الاربعاء إن وحدات خفر السواحل التونسية نجحت في انقاذ 25 مهاجرا افريقيا من الغرق كانوا يبحرون خلسة في اتجاه جزيرة لمبدوزا الايطالية قبالة سواحل مدينة صفاقس التونسية. واضاف المصدر ان المركب المزدحم بمهاجرين من جنسيات افريقية من بينهم مغاربة انطلق من الشواطئ الليبية وتاه قبالة سواحل صفاقس بعد تعطل محرك القارب بسبب سوء الاحوال الجوية. وقال المصدر إن من بين المهاجرين 7 نساء تم انقاذهم ليل الاحد بعد تلقي اشارة من احد مراكب الصيد تشير الى ان قاربا للمهاجرين على وشك الغرق. وتزيد محاولات الهجرة السرية من شواطئ شمال افريقيا باتجاه القارة الاوروبية في مثل هذا الوقت مع استقرار العوامل الجوية. وكثفت تونس من جهودها للحد من تدفق المهاجرين على اوروبا وفرضت عقوبات صارمة وغرامات مالية طائلة على كل من يضبط من مشاركين ومنظمين لهذه الرحلات. وتطالب اوروبا بلدان شمال افريقيا بتكثيف مراقبة سواحلها لوقف نزيف تدفق المهاجرين.
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 30 ماي 2007)
تونس تمنح المليادردير السعودي الوليد بن طلال دكتوراه فخرية
تونس (رويترز) – قالت مصادر رسمية يوم الثلاثاء إن المليادير السعودي الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز حصل على دكتوراه فخرية من جامعة 7 نوفمبر بقرطاج التونسية لجهوده في اسعاد الناس. وقالت وكالة الانباء الحكومية التونسية إن وزير التعليم العالي الازهر بوعوني أشرف يوم الثلاثاء على منح الدكتوراه الفخرية للملياردير السعودي بالمعهد الوطني للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا. وبن طلال رجل الأعمال السعودي له العديد من المشاريع الاستثمارية في مختلف المجالات من بينها قنوات تلفزيونية ترفيهية. ويصنف بن طلال من بين أكثر رجال الاعمال ثراء في العالم. وكان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قلده عام 2002 أكبر الاوسمة للجمهورية التونسية كما منحه ميدالية 7 نوفمبر عام 2003 تقديرا لتبرعاته الانسانية في تونس وفي العالم. وقال جميل بن براهيم رئيس جامعة 7 نوفمبر قرطاج « إن هذه المسيرة الثرية للامير الوليد بن طلال تجعل منه رائدا للسلام ومنارة للعمل الدؤوب لاسعاد الناس ونموذجا للمسلم المنفتح على روح العصر.. ولكل هذه الخصال استحق ان تسند اليه جامعة 7 نوفمبر قرطاج شهادة الدكتوراه الفخرية ». وقال الامير السعودي الذي يدير العديد من المشاريع الاستثمارية في عدة بلدان في العالم عقب حصوله على الدكتوراه » إن كوكبنا هو الوطن المشترك لجميع الشعوب ويتعين علينا ان نكون جزءا فاعلا من هذه الشعوب لنا دورنا في مواجهة التحديات والمشاكل التي تواجه التحديات البشرية ». واستقبل بن علي يوم الثلاثاء بن طلال الذي قال إن محادثته مع الرئيس تناولت مسائل تتصل بدعم مسيرة الاقتصاد التونسي. وأضاف » أكدت لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي دعمنا المستمر لكل ما من شأنه ان يساهم في تعزيز تنمية تونس الشقيقة وازدهارها ». وتتعطش تونس التي لا تملك ثروات طبيعية هائلة لجذب مزيد من الاستثمارات الاجنبية من دول الخليج الغنية بالنفط لزيادة نموها الاقتصادي وخفض معدلات البطالة التي تبلغ 14 بالمئة وفقا لارقام رسمية. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 29 ماي 2007)
خلال مراسم أقيمت بالمعهد الوطني للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا:
إسناد شهادة الدكتوراه الفخرية للأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز من جامعة 7 نوفمبر بقرطاج
تونس-الصباح تم يوم أمس بمقر المعهد الوطني للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا بتونس إقامة مراسم تسليم شهادة الدكتوراه الفخرية للأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود من قبل جامعة 7 نوفمبر بقرطاج التي سلمته أيضا ميدالية الجامعة قبل أن يدون كلمة في سجلها الذهبي. وقد أشرف على حفل التسليم السيد الأزهر بوعوني وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا بحضور كاتب الدولة للبحث العلمي والتكنولوجيا وسفير المملكة العربية السعودية وأعضاء من السلك الديبلوماسي المعتمدين بتونس ورؤساء الجامعات وعمداء ومديري المؤسسات الجامعية، إضافة إلى جامعيين وإطارات عليا. وقد أعرب الأمير الوليد بن طلال خلال كلمة ألقاها بالمناسبة عن تقديره العميق ومحبته لتونس رئيسا وحكومة وشعبا معبّرا عن اعتزازه بالتكريم الذي حظي به وجدد دعمه لتونس في مسيرتها التنموية وخاصة البرنامج الوطني لدعم الأسرة التونسية، مؤكدا على عمق العلاقات التونسية السعودية. كما عبر عن إعجابه بالمسيرة التنموية التونسية مشيرا إلى أن ما تعيشه تونس اليوم من تقدم وازدهار في جميع المجالات من خلال صياغة الحياة الحرة الكريمة لهذا الشعب الأصيل «وبناء مجتمع المعرفة والسعي إلى دخول منظومة الاقتصاد العالمي في أفضل الظّروف» ملاحظا «وهذا في اعتقادي ناتج عن قراءة صحيحة للتغيرات العالمية واستعداد جيّد للتكيّف مع المحيط الدولي الجديد» ونتيجة حتمية للمبادئ التي أعلنتها القيادة التونسية بقيادة الرئيس بن علي خلال تحول السابع من نوفمبر. وقال إن تونس أعطت المرأة حقها في بناء وطنها وأصبح لها دور محوري في المجتمع التونسي وشهدت في عهد التغيير نقلة نوعية في مكانتها الاجتماعية وفي مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية. مشيرا إلى أن عمل المرأة يجب أن ينظر إليه في العالم العربي والإسلامي كضرورة وطنية. وشدد الأمير على ضرورة أن ينظر العالم العربي والإسلامي إلى الإصلاح على أنه ضرورة وطنية وإقليمية والبدء بمناقشة الأبعاد السياسية والثقافية والاجتماعية لهذا الإصلاح من خلال رفع سقف الحريات وتحسين الخطاب الثقافي والإعلامي وتطوير مناهج التعليم دون إخلال بالعقيدة والقيم، والعمل على تنمية الاستثمار ونقل التكنولوجيا..وقال: «يجب على حكوماتنا أن تتكامل للقيام بالمهمة التاريخية لحماية أمتنا واقتصادنا وتعزيز التنمية المشتركة والعمل لتأسيس نظام سياسي عادل ومنصف ونظام اقتصادي قادر وفعّال».. وأكد على ضرورة تطوير البلدان العربية والإسلامية للأنظمة الاجتماعية وتنمية الإنسان وتسوية نزاعاتها الداخلية بأيديها «قبل أن تتدخل فيها أيادي الآخرين التي لن نعرف أغراضها إلا بعد فوات الأوان». وختم مداخلته بأهمية إدراك الأمة العربية بأن الثروة الاقتصادية الحديثة قائمة على الثروة المعرفية وأن «نتجاوز اقتصادياتنا القطرية الضيقة والمتناثرة من حيث الموارد الطبيعية والقدرة على الانتاج الذاتي واستنفار مواردنا الضخمة لصالح التنمية».. وبخصوص العولمة والأوضاع الراهنة في العالم أكد الوليد بن طلال «أنّ كوكبنا هو الوطن المشترك لجميع الشعوب ويتعيّن علينا أن نكون جزءا فاعلا من هذه الشعوب لنا دورنا في مواجهة التحدّيات والمشاكل التي تواجه التنمية». وكان السيد جميل بن براهيم رئيس جامعة 7 نوفمبر بقرطاج الذي سلم الأمير شهادة الدكتوراه الفخرية قد نوه بشخصية الأمير الوليد بن طلال كرجل أعمال متميز في المملكة العربية السعودية والعالم العربي وهو أيضا من أكثر رجال الأعمال تأثيرا على الاقتصاد العالمي. مشيرا إلى أن ذلك جعله أكثر تشبثا بجذوره العربية والاسلامية الأصيلة. وركز رئيس جامعة 7 نوفمبر على الجانب الانساني في شخصية الأمير المعروف بسخائه تجاه المحتاجين وقربه من شواغل الناس ودعمه للمشاريع الكبرى التنموية في وطنه وفي البلدان النامية خصوصا منها الدول الافريقية ومبادرته بالتبرع ونجدة المنكوبين في حالة الكوارث الطبيعية. وقال إن أنشطته أهلته لنيل عدة شهادات فخرية وأكاديمية وأوسمة رسمية من عدة دول اعترافا له بالفضل الجميل لمسعاه لإرساء الثوابت الراسخة للحوار بين الثقافات والحضارات ولجهوده في القضاء على الفقر ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة. وذكّر رئيس جامعة 7 نوفمبر بمبادرة رئيس الدولة بتقليد الأمير الوليد بن طلال سنة 2002 أكبر الأوسمة للجمهورية التونسية لما قام به من جهود لدعم الصداقة والتعاون بين تونس والمملكة العربية السعودية. كما منحه الرئيس بن علي ميدالية 7 نوفمبر سنة 2003 تقديرا لتبرعاته الإنسانية في تونس وفي العالم منوها بمساندة الأمير لأنشطة علمية وأكاديمية بالجامعات العربية والإسلامية للتعريف بفكر الآخر وثقافته وحضارته بعيدا عن التحريفات والمبالغات. وقال «إن مسيرة الأمير الثرية تجعل منه رائدا للسلام ومنارة للعمل الدؤوب لإسعاد الانسان ونموذجا للمسلم المنفتح على روح العصر ومن أبرز دعاة الحوار بين ثقافات الشرق والغرب». ولكل هذه الخصال استحقّ أن تسند إليه جامعة 7 نوفمبر بقرطاج شهادة الدكتوراه الفخرية. يذكر أن الأمير الوليد بن طلال ولد سنة 1957 بالرياض والده صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود نجل الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس وموحد المملكة العربية السعودية. وقد تحصل على درجة الباكالوريوس في العلوم الإدارية والاقتصادية بامتياز وتفوّق من كلية منلو في ولاية كاليفورنيا الأمريكية سنة 1979 كما تحصل على درجة الماجستير في العلوم الاجتماعية مع رتبة الشرف الأولى من جامعة سيراكوز في ولاية نيويورك عام 1985. وكان الأمير الوليد بن طلال قد بدأ مزاولة نشاطاته الاستثمارية عند عودته إلى السعودية بعد حصوله على الباكالوريوس في إدارة الأعمال وأسس عدة مشاريع تحت مظلة «مؤسسة المملكة للتجارة والمقاولات» التي حققت نموا سريعا في أعمال الإنشاء وتطوير البنية التحتية والمشاريع العقارية. وتنوعت أعمال المؤسسة فأصبحت تمتلك استثمارات في قطاعات متعددة. وفي سنة 1996 تم تحويل المؤسسة إلى شركة المملكة القابضة التي تقوم بإدارة استثمارات متنوعة في مجالات عديدة على غرار البنوك والإعلام والعقارات صناعة الالكترونيات والتجارة والسيارات والمشاريع الزراعية… وتحصل الأمير على عديد الأوسمة الرسمية من عدة بلدان من العالم إضافة إلى عدة شهادات فخرية وجوائز أكاديمية من جامعات أوربية وآسيوية وعربية وافريقية مرموقة. رفيق بن عبد الله (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 ماي 2007)
الأمير طلال في فضاء تجاري شوهد الامير الوليد بن طلال آل سعود بعد ظهر امس في احدى المساحات التجارية الكبرى بضواحي العاصمة صحبة عدد من مرافقيه. وقد تجول الامير الوليد عبر مختلف اجنحة الفضاء التجاري. في نهج القاهرة بالعاصمة: عدادات الاستخلاص معطلة فوجئ يوم امس بعض سائقي السيارات بتعطل العدادات المخصصة لاستخلاص معاليم وقوف السيارات وذلك بنهج القاهرة بالعاصمة وذلك بالتحديد على الساعة العاشرة والنصف صباحا وهو ما ادخل نوعا من الارباك لمن اضطرته الحاجة لركن سيارته بالنهج المذكور على اعتبار ان عدم دفع معلوم التوقف قد يعرض صاحب السيارة الى دفع غرامة مالية او رفع السيارة عن طريق «الشنقال» فلماذا لا تقوم المصالح البلدية بدورها في هذا المجال وتقوم بعملية صيانة دورية وحينية للعدادات ولا تنتظر حتى يقع بعض سيئي الحظ من سائقي السيارات الذين وضعتهم الصدفة امام الامر الواقع، ضحايا للعقوبات المالية بفعل تعطل هذه العدادات عن العمل؟ اكتتــاب تم الترخيص لوزير المالية القائم في حق الدولة في الاكتتاب في الزيادة في رأسمال بنك الاسكان وذلك في حدود اربعة عشر مليونا وسبعمائة وستين الف دينار (000 760 14 دينار). (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 ماي 2007)
أوّل رسالة كتبها الأخ المناضل السّجين السّياسي التّونسي السّيّد عبد الكريم الهاروني منذ ايقافه يوم 30 اكتوبر 1991
بسم الله الرّحمن الرّحيم و الصّلاة و السّلام على امام المرسلين السّجن المدني بالمهديّة في 15 مارس 1993 أمّي الحبيبة، أبي الحبيب اخوتي الأعزّاء السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته، أسأل الله الكريم أن تكونوا بخير و عافية صابرين شاكرين و طيّبين مع الله و مع بعضكم بعضا و مع النّاس لا تزيدكم الأيّام و التّجارب الا ثقة في الله و في رحمته فهو سبحانه أرحم بالعبد من الوالدة بولدها و ثقة في ابنكم الّذي تربّى على أيديكم و عرف أجمل أيّامه بينكم و يطلب دوما رضاكم و رضا الله عنكم و يتمنّى لكم من أعماقه أن تكونوا خير النّاس أخلاقا و أكثرهم نفعا للنّاس و أن يغنيكم الله من فضله و يرزقكم ما يفرحكم و يبعد عنكم ما يحزنكم فأنتم أهل لكلّ هذا الخير و لهذه المكانة السّامية عند الله و بين عباده كما تعلمون فانّ هذه رسالتي الأولى اليكم منذ ايقافي في 30 أكتوبر 1991 و انّي أرجو أن تصلكم وأنتم على أحسن حال و كأنّي زرتكم في البيت و جلست بينكم فأنتم بزيارتكم لي كلّ مرّة في السّجن من تونس الى بنزرت الى المهديّة دون كلل و لا ملل تمدّونني برسالة حيّة من الصّبر و المحبّة و الوفاء لا يعلم قيمتها عندي الا الله، فجازاكم الله عنّي كلّ خير و جمع شملنا جميعا في يوم قريب لا نفترق بعده أبدا. و لقد اخترت أن تكون أوّل رسالة لأهنّئكم بعيد الفطر المبارك أعاده الله عليكم بالسّعادة و العافية و ما فيه خير دينكم و دنياكم و آخرتكم و أدعو الله أن يتقبّل صيامكم و صلاتكم و دعاءكم و تلاوتكم للقرآن الكريم و لكلّ عمل صالح قدّمتموه. فلتكن شهورنا كلّها رمضان بالطّاعة و الصّبر و حسن الخلق و لتكن أيّامنا كلّها أعيادا بالرّحمة و المحبّة لبعضنا و لأهل الخير و ما دامت قلوبنا متعلّقة ببعضها و ما دمنا كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر و الحمّى فلا خوف و لا قلق اذا غابت أجسادنا عن بعضها أيّاما معدودة لتجتمع باذن الله من جديد بهذه المناسبة السّعيدة بلّغوا سلامي الحارّ و تهانيّ بالعيد الى أفراد العائلة و كلّ الأحباب و في مقدّمتهم جدّتي العزيزة و أخوالي و خالاتي و أعمامي و عمّاتي و أبنائهم جميعا و الى الجيران و لا تنسوا »خالتي رمضانة » و أهلها أمّا عن هديّتي اليكم بمناسبة العيد المبارك فلا أملك أن أهدي لكم أغلى و أعزّ من أنّي أكملت بفضل الله و توفيقه حفظ القرآن الكريم في ليلة القدر المباركة ليلة 27 رمضان المعظّم و هو شرف لي و شرف لكم عظيم و الله نسأل أن نكون ممّن يحفظ القرآن و يفهمه و يعمل به فيكون بعون الله دليلنا في الدّنيا و شفيعنا في الآخرة يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من أتى الله بقلب سليم اخوتي الأعزّاء ماهر و الياس و هندة و في مقدّمتكم كريمة أوصيكم بأمّنا الحبيبة و أبينا الحبيب خيرا حتّى نفوز برضاهما و نردّ و لو جزءا قليلا قليلا من فضلهما علينا و الّذي لا يحصى و لا يعدّ فالكلمة الطّيّبة و الصّبر الجميل و فعل الخير بأنواعه واجب معهما و انّي من جهتي ادعو لهما و لكم جميعا باللّيل و النّهار بالصّحّة و العافية والرّزق الحلال الطّيّب و بالفرحة و مخالطة أهل الخير و معاشرتهم و لهما بصفة خاصّة بالحجّ الى بيت الله الحرام و زيارة نبيّنا محمّد صلّى الله عليه و سلّم. و انّي أتمنّى لاخوتي الأحبّاء كلّ التّوفيق و النّجاح في أعمالهم و حياتهم و قبل كلّ شئ في طاعة ربّكم و اعطاء المثل في حسن الخلق و التّعاون فيما بينكم فلا تعطّلوا عملا فيه خيرلكم من أجلي فأنا معكم و في خدمتكم ويسعدني ما يسعدكم و يفرحني ما يفرحكم و الله معكم أينما كنتم و حيثما اتّجهتم فلا تشغلوا أنفسكم كثيرا بأمري فانّ مع العسر يسرا انّ مع العسر يسرا و أنا بخير و الحمد لله أعمل بنصائح « ستّ الكلّ » في الأكل و الصّحّة و حسن التّصرّف و كثيا من نصائحكم الثّمينة عند الزّيارة و لا أنسى كذلك نصائح الأستاذة هندة بأن أكثر من قول « حسبنا الله و نعم الوكيل » و قراءة القرآن و رؤاها الحسنة في المنام الّتي أنتظر المزيد منها و تفاؤل كريمة الحنينة بأنّه « ما ثمّ كان الخير » أمّا ماهر فلا شكّ أنّه كما يفرحني قدومه للزّيارة رغم ما يكلّفه ذلك من تعب فانّه لا يبخل عليكم من حين لآخر ببعض الألحان الجميلة الّتي تطربكم من الأغاني الجميلة النّظيفة و بصفة خاصّة عندما يجد بجانبه الياس الّذي اشتقت اليه فبلّغوه سلامي الحارّ. فتحيّتي اليكم من جديد يا أبناء عمر الهاروني و اخوة عبد الكريم ووفّقكم الله الى ما فيه الخير وألّف بين قلوبكم و جمع الله شملنا جميعا في بيتنا بين أمّنا و أبينا العزيزين فذلك يوم عيد سعيد نسأل الله أن يكون قريبا و الى حين مناسبة سعيدة قادمة باذن الله و رسالة ثانية أبلّغكم مرّة أخرى تمنّياتي بعيد مبارك عليكم و على افراد العائلة و الأحباب و على جميع المسلمين. و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته ابنكم البارّ عبد الكريم الهاروني سجن المهديّة – جناح العزلة
تواصل تهديد واستفزاز أعضاء جامعة التقدمي بسوسة
لا تزال التهديدات التي أتعرض لها على خلفية نشاطي الإعلامي و السياسي بالجهة متواصلة ، حيث لا تزال مجموعة و إن كانت مجهولة فإنها معلومة الجهة تتوعدني بالاعتداء الجسدي ، و في تطو جديد لهذه القضية فقد عمدت هذه المجموعة منذ ثلاثة أيام إلى استفزاز الكاتب العام للجامعة الأخ الحبيب الشايبي من خلال الاتصال به عبر هاتفه النقال في أوقات مختلة بالليل و النهار دون الهمس بكلمة واحدة . و إن كانت هذه الأساليب القديمة – المتجددة تؤشر بوضوح و جلاء لطبيعة الممارسة السياسية في البلاد و تضعنا مجددا أمام دليل قطعي آخر على زيف شعارات السلطة في علاقة بالتعددية و الديمقراطية فهي كذلك تحيلنا إلى طبيعة القائمين عليها ومدى إفلاسهم السياسي .
كما لا يفوتنا التنبيه إلى أن ما يتعرض مناضلو الحزب الديمقراطي التقدي بسوسة هو شكل جديد إرتأته السلطة في إطار حملتها المنهجية المتواصلة منذ مدة و المتمثلة في الضغط على المالكين لإخراجه من مقراته أو منع المناضلين من دخولها و الضغط الدائم على منخرطيه لشل حراكهم السياسي . لكن هذه الممارسات لن تزيدنا إلا إصرارا على مواصلة النضال السلمي من أجل تكريس أهدافنا السياسية المعلنة و على رأسها الحرية السياسية باعتبارها قيمة سياسية و إنسانية محورية .
رياض الحوار – سوسة
بسم الله الرحمن الرحيم
أعيدوا النظر في الموضوع يا أحباب
د. محمد الهاشمي الحامدي
آمل أن يكون قراء السجال الجاري منذ أكثر من شهر حول الوفاق والمصالحة انتبهوا إلى أن أكثر المنتقدين لي لم يردوا على نصوص محددة كتبتها ونشرتها، أو معلومات موثقة أشرت إليها، وإنما نسبوا إلي أفكارا بما يناسب أهواءهم ثم هاجموها بعنف.
هل أطلب المستحيل من هؤلاء المنتقدين عندما أقول لهم: لكم الحق في معارضتي معارضة مطلقة، وأحترم حقكم في الإختلاف، وأحسن الظن بدوافعكم، وأتجاوز عن التجاوزات التي صدرت عنكم دون مبرر، وأتصدق لكم بعرضي إن لزم الأمر. لا أطلب منكم إلا شيئا واحدا: إذا أردتم الردّ عليّ، فانقلوا من حديثي الفقرات التي تودون الرد عليها ثم انقدوها كما يناسبكم. هذا يجعلني أفهم أوجه اعتراضاتكم، ويسهّل على القراء التونسيين بوجه عام فهم مبررات معارضتكم الشديدة لما أدعو له.
ومن أجل تعميق الحوار وتطويره، طرحت في الأيام الماضية بعض الأسئلة المهمة في نظري حول أحداث جرت في السنوات الماضية لها علاقة بطبيعة العلاقة السائدة بين السلطة والإسلاميين. كل من لديه ذرة من الإنصاف والموضوعية يعرف أن تلك الأسئلة تتصل بجوهر موضوع الوفاق والمصالحة الوطنية. وأترك للإخوة الذين قرأوا مقالات الأسابيع الماضية أن يفسروا مغزى تجاهل تلك الأسئلة وعدم الرد عليها.
عندما نختلف في أمر الوفاق والمصالحة فإن السبب لا يعود لمشاعر بغض أو كراهية أو للتنافس على مغانم. هذا من جهتي على الأقل. فأنا لا أكره التجمعيين ولا أكره الإسلاميين، وأحلم باليوم الذي تعود فيه علاقات الأخوة الدينية والوطنية بينهم قوية وحميمة. كما أنني لا أكره اليساريين ولا القوميين أو الليبراليين. التونسيون جميعا عندي عائلة واحدة. وهذه المحبة لا تصادر حق الإختلاف.
أما المغانم فقد قلت مرات عديدة من قبل إنها معدومة في هذا الملف. لو كان في الأمر مغانم لرأيتم الناس يتنافسون على الدعوة للصلح بين التجمعيين والإسلاميين. وإنني أسأل الذين شتموني قبل غيرهم: هل رأيتم مثل هذا التنافس في المنابر الإعلامية؟ هل سمعتم حزبا سياسيا معترفا به أو غير معترف به يدعو إلى ذلك؟ الإجابة طبعا هي لا مكررة مليون مرة.
أرجوكم، إخوتي وأخواتي قراء هذا المقال، فكروا في الأمر معي بموضوعية مهما كانت مشاعركم تجاه كاتب هذه المقالة، لأنكم إن فعلتم سترون أنه لم يجانب الحقيقة في كل هذه المعطيات التي أشار إليها آنفا.
بعض الإخوة يتحدثون عن سذاجة هذه الفكرة أو سذاجة من يدعو لها. لا أدري كيف يدافع المرء عن نفسه إذا قيل له إنه ساذج. أعرف أن عليه أن يصبر ويتحمل، وهذا أمر منطقي ومقبول. لكنني أضيف أيضا لمن يوجه مثل هذا الإتهام: لو كان الإقرار بسذاجتي يدفع الأمور إلى الأمام، باتجاه الصلح والوفاق والديمقراطية لفعلت. انظر رضي الله عنك وبارك فيك لسياسات غير المتهمين بالسذاجة خلال العقود الثلاثة الماضية: هل اقتربت من أهدافها المعلنة، أم أنها تبتعد عنها أكثر فأكثر مع تعاقب الأعوام والأيام؟
وثمة إخوة آخرون يرون أنني في دعوتي لانتهاج الكلمة الطيبة، إنما أدعو لتزير الحقائق والشهادة بالباطل لصالح الحكومة التونسية. وأقول لكم بصراحة وببساطة: من قرأ في مقالاتي جملة واحدة غير صادقة في توصيف الوضع في تونس فليضعها أمامي، لأقدم الأدلة عليها، أو لأسحبها وأعتذر للناس عن عرضها وأطلب المغفرة من العفوّ الكريم عن تدوينها.
يا أحباب: هل الحكومة التونسية محتاجة إلى شهادة هذه كاتب هذه السطور حول أدائها المتقدم والمتفوق في السياسة الإقتصادية والإجتماعية ليثبت بحقها هذا الأمر؟
أبدا. تأملوا في الأمر بإنصاف. صندوق النقد الدولي هو من يشهد بالأداء الجيد للإقتصاد التونسي. منتدى دافوس يشهد له. الأرقام المحايدة الصماء تشهد له. أعرف من أصدقائي وزملاء الدراسة الثانوية من أبناء الحوامد أن أكثرهم الآن يملكون بيوتهم في قرية الحوامد وفي مدينة سيدي بوزيد. وأنهم يقودون سياراتهم الخاصة، ولكثير منهم موارد رزق أخرى إضافية غير أعمالهم الرسمية. ليتأمل كل واحد من قراء هذه المقالة في أوضاعه وأوضاع أبناء قريته أو مدينته، وسيجد نفس النتائج والملاحظات.
لماذا نكابر فيما لا تجوز المكابرة فيه: الأرقام تؤكد أن أغلبية التونسيين يملكون بيوتهم.، وكثير منهم يملك أكثر من بيت. وأن السيارة الشعبية فكرة ناجحة ولها رواج كبير. وأن التعليم المجاني مازال متاحا لأبناء الشعب التونسي في سائر مراحل التعليم. وأن النظام الصحي في بلادنا أفضل من كثير من النظم الصحية في العديد من البلدان العربية والإفريقية.
أن يتحقق هذا كله في دولة ليس لديها ثروات طبيعية ضخمة من نفط وغاز، فإنه يشير بدون شك إلى كفاءة الحكومة. والحكومة في تونس يختارها ويرأسها رئيس الجمهورية. لذلك فإن رد الفضل في هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية إقرار بحقائق موضوعية، وليس ضربا من ضروب النفاق والإنتهازية.
صحيح أن في تونس نسبة بطالة مقلقة لكثير من الشبان والخريجين وعائلاتهم. لكن هل هناك أفكار سحرية لمعالجة المشكلة عرضت على الحكومة فأعرضت عنها؟ أليس من الإنصاف أن نعترف بأن الحكومة تبذل كل ما في وسعها لمكافحة البطالة وتشغيل الناس.
يا إخوتي. يا من شهّرتم بي خلال الأيام الماضية. عودوا لقراءة نص العريضة التي اقترحتها. عودوا للمطالب التي توقعت أن يتم بحثها فور بدء التهدئة في الخطاب بين الإخوة المتخاصمين. عودوا للأهداف التي بينت أن المصالحة ستؤدي إلى تحقيقها. لو عدتم لها بعين موضوعية لأدركتم أنني غامرت وركبت المخاطر والأمواج العاتية من أجل مستقبل أفضل لكم ولعائلاتكم وأبنائكم، ولضحايا المواجهة المستمرة منذ ثلاثين عاما، ومن أجل إعطاء دفعة كبيرة وحاسمة لمساعي التونسيين وجهودهم من أجل الديمقراطية والتقدم والحفاظ على هويتهم العربية الإسلامية.
افتحوا عيونكم وعقولكم وقلوبكم على أفكار جديدة ومناهج جديدة. خيار الصدام والمواجهة والقطيعة ليس ركنا من أركان الإسلام، ولا بندا من بنود الدستور، ولا شرطا من شروط الوطنية الصادقة.
يا أحباب. إذا سلكتم طريقا من القيروان إلى تونس عبر الفحص، ووجدتم أن السيول قد أغلقته، فعودوا واسلكوا الطريق الآخر عبر النفيضة. لا يحتاج الأمر لعبقرية من أجل أن يكتشف الإنسان أن دربا من الدروب التي انتهجها لا يوصل للهدف المنشود.
يا أحباب. منذ عقد ونصف تقريبا وأنا أحاول بكل ما في وسعي معالجة آثار سياسة المواجهة التي يدافع عنها البعض بحمية شديدة كأنها جلبت للبلاد أو لأهلها نفعا.
يا أحباب: من ثمارهم تعرفونهم. هل يثمر الشوك عنبا؟ أو يثمر العنب شوكا؟ حكّموا عقولكم واشهدوا بالعدل ودعوا مشاعر الكراهية والبغضاء. أين وجدتم كاتب هذه السطور منذ أكثر من عشر سنوات؟ أليست الحقيقة أنكم لم تروه ولم تسمعوا صوته ولم تقرأوا مقالاته إلا وهو يدعو للصلح، ويسعى في تفريج كرب إخوانه في الدين والوطن؟ هل نالكم منه سوء؟ هل دعاكم يوما لمواجهات خاسرة، أو لأمر يغضب الله ورسوله ويسيء للوطن؟
اسمعوا مني يا أحباب فإني لكم ناصح أمين. لا تيأسوا من روح الله. ولا تيأسوا من إمكانية الصلح والوفاق مع الرئيس بن علي وحزبه، ومع السلطة التونسية بوجه عام. كلنا عائلة واحدة رغم الحزازات والمرارات. والرئيس بن علي كبير هذه العائلة، ولن يرفض خيار الصلح والعفو إذا تهيأت أجواؤه. ألا يغفر الأب لابنه؟ ألا يغفر الأخ لأخيه؟ هل نحن أول عائلة دب فيها الخلاف ثم تصالحت؟
الصلح لا يأتي خصما على الديمقراطية. فكل التونسيين يريدون الديمقراطية. الصلح مطلب ضروري من أجل تعميق الديمقراطية وتقوية دولة القانون والمؤسسات.
أعيدوا النظر يا أحباب. أعيدوا النظر يا أحباب. أرجوكم: من أجل تونس والإسلام والديمقراطية أعيدوا النظر.
يا أحباب، إن الشيطان ينزغ بين المؤمنين، والحصن من ذلك أن نقول التي هي أحسن. أرجوكم. يا أهل الدراية والخبرة. لا تستهينوا بالكلمة الحسنة. لا تستهينوا بالكلمة الطيبة. شهد لها من يقول للشيء كن فيكون، فكيف ييأس البعض منها كأنها ليست أمرا من أوامر القرآن الكريم؟
أسأل الله الكريم أن يملأ قلوبكم وقلب كل تونسي بالسعادة، وبالإيمان الصادق القوي، ويكتب لنا جميعا الأمن والفوز في الدارين. آمين. وصلى الله وسلم وبارك على محمد بن عبد الله، نبي التوحيد والرحمة والسلام والعدل والحرية ومكارم الأخلاق.
ماذا بقي من حركة النهضة؟
خالد شوكات
انتهت الشيوعية إلى الانهيار، على الرغم من نبل فكرة العدالة الاجتماعية، لأن الأحزاب التي رفعت رايتها، كانت مبنية على جمود الفكر وشخصنة القيادة و شكزوفرينيا قاتلة جعلت الخطاب المبدئي في واد والسلوك العملي في واد آخر، كما انتهت القومية العربية إلى انهيار أيضا على رغم من صدقية شعار الوحدة العربية، لأن الأحزاب القومية لم تختلف في سيرتها السلطوية عن نظيرتها الشيوعية، وتقديري أن الإسلام السياسي في طريقه إلى النهاية البائسة ذاتها، للأسباب ذاتها، جمود فكري وقيادة متكلسة مشخصنة وأتباع مرعوبون مؤيدون مصفقون، وازدواجية مريعة بين خطاب يعلي الدين والأخلاق، وسلوك بلطجي مستعد للانحدار بالحوار إلى أسفل السافلين، لا يهمه ترديد السفه وانتهاك أعراض الخصوم والاشتغال بمن يقول بدل مناقشة ما قيل، يحمل بذور رجال لو تولوا السلطة لأفزعوا الناس وروعوهم.
كنت أتمنى أن تشكل الأسئلة العميقة والمصيرية والجوهرية، التي أثارها مشروع الدكتور محمد الهاشمي الحامدي، والتي أيدت مضمونها شهادة الشيخ خميس الماجري، مجالا أمام من بقي من قادة وأتباع حركة النهضة، للنظر والمراجعة وإعادة البناء، ولممارسة دورهم كأعضاء في حزب طالما زعمت قيادته قيامه على أسس الشورى والديمقراطية.
لم يجب الشيخ راشد الغنوشي عن أي من القضايا والوقائع التي طلب منه إدلاء الرأي فيها، وفضل الأسلوب العتيق إياه، « النفخة » والتهميش والتخوين ورمي الكرة كلها في ملعب السلطة، فتصرف بذلك كما يتصرف سائر قادة الأحزاب الشمولية، الذين يردون على الأسئلة الكبرى بطريقة اكتشاف المؤامرات والتحذير من الواقفين ورائها، كما تصرف الأتباع الخلص كما هم أتباع الأحزاب الشمولية أيضا، تصفيق وهتاف بحياة القائد الفذ البطل المتصدي للمؤامرات والدسائس وعملاء المخابرات، وبالموت لخصومه والمعترضين عليه.
كل معارضي النظام في نظر الحكام مجموعة لصوص أو عملاء للخارج أو خونة أو فساق، وكل منتقد لشيخ الحركة العتيد، هو بالضرورة مرتش أو عون مخابرات أو كافر أو زنديق أو فاسق، وتلك هي سيرة الأولين والآخرين. أما أمر أخطاء القيادة القاتلة، وتسبب اختياراتها في كوارث متعاقبة، وعنادها وكبرها، فهو عند القابضين على الجمر، المرابطين في حصون الغرب المرفهة، المتفرغين للنضال ضد الديكتاتورية في عوالم الانترنت الافتراضية، ليس سوى صمود وثبات على المبادئ وعدم رضوخ وخنوع وصبر وجلد، إذ لا يتساقط على الطريق إلا منافق زنديق، فيما مراجعة السير والأفكار والسياسات بالنقد والتقويم والبحث عن مجالات جديدة للعمل، فليس سوى حربائية وانتهازية وخداع وتضليل.
آه لو يعلم هؤلاء، كم يحقق زعمهم البطولات الفارغة وإصرارهم على الجمود والتحنط وتمسكهم بخطاب السب والحقد و الثأر، مصالح أعدائهم، وهم ليسوا قلة داخل الوطن أو خارجه، لكن هيهات للمسكون بالأوهام أن يعي، وهيهات لمن تهيئ له نفسه أن أخطاءه المطبعية تسديد وتوفيق من الله، أن يدرك شر البلية.
عندما أنظر في مآل حركة النهضة بعد أربعة عقود ماذا أجد، شيخا يكرر نفسه ويصر على صواب منهجه ويرفض الاعتراف بأخطائه ويقصي رفاق دربه ولا يتورع في إباحة كل الوسائل لأتباعه للانتقام من أصحابه وأعدائه، حيث لا ينهاهم عن خلق مشين ولا ينهرهم عن انتهاك عرض أو دين، ومجموعة من « البودي غاردات » القلمية، من نكرات الأسماء في الغالب، ومن الذين لا دور لهم غير الحراسة الغبية.
أتساءل اليوم عن موقف آلاف الكوادر، من مثقفين ومهندسين وأطباء ومحامين، أعضاء مؤسسات حركة، تزعم أنها القوة السياسية الأكبر في البلاد، وترى نفسها أهلا للحكم والمشاركة فيه. أين هؤلاء الآلاف المؤلفة من قادة الصف الأول والثاني والثالث، لماذا لا يقولون شيئا، لماذا لا يسألون، لماذا لا يطالبون بمعرفة الحقيقة وتأمل المسارات، لماذا يتركون لشخص واحد، يعرف السياسة على أنها ممارسة الانتحار وراء الانتحار، شأن مصيرهم ومصير بلادهم وأبنائهم ودينهم وشعبهم؟
على الرغم من أنه لا صلة لي بهذه الحركة، لكن أمرها يهمني جدا، كما أظنه يهم كل تونسي، فهي جزء من معضلة السياسة في البلاد، ونقطة أساسية على أجندتها الحاضرة، ودون فك هذه العقدة لا أرى أننا قادرون على السير إلى الأمام أبدا. الشعوب من حولنا منشغلة بتحقيق الحداثة وبناء الديمقراطية، ونحن بسبب هذه العقدة، ما نزال نناقش الموقف من الحداثة والديمقراطية.
إن البعض يتوهم أن رفض المصالحة هو الخيار البطولي الأصعب، خصوصا إذا كان ممارسه يخاطب قومه باسم مستعار من وراء حجاب، إنما الحقيقة أن تأييد المصالحة هو الخيار الشجاع الأعصى، لما يقتضيه من فكر حر وصبر على الإقناع وأخذ للنفس بالسماحة، ولا يظنن أحد أن أحضان الآخرين مفتوحة تنتظر المعلنين للصلح، إنما هي مسيرة تصحيحية شاقة يجب أن تقطع، لشفاء النفوس وفتح آفاق مستقبلية أمامها، ولن يتيسر الأمر في شهر أو شهرين، أما طريق الضغينة والثارات والأحقاد والمزايدات وزعم المآثر والانتصارات على شبكة الانترنت، فليس أيسر أو أسهل منه، كبسة زر وكلمة فاسدة لا أكثر، بل إن أحدا من المتحمسين لهذا النهج، لم يجرب طيلة منفاه الطويل غيره.
إنني في الختام لآمل، بأن يكون للنهضة رجال قادرون على المساءلة، قادرون على اتخاذ الخطوات الحاسمة الشجاعة، قادرون على المساهمة في تصحيح المسارات والتصدي للمسؤولية والصبر على المهمات التجديدية العسيرة، إذ لولا وجود بنكيران وثورته على قيادة الشبيبة لما كان هناك عدالة وتنمية، ولو لا أردوغان وتصديه لعنت شيخه أربكان ما كان هناك عدالة وتنمية، فهل من بنكيران وهل من أردوغان؟ تلك سيرتكم فبماذا تردون، إن لم يكن في إجابتكم جديد، فقديمكم الذي يأبى الجديد، قد خبرناه وخبرتموه، وهو بضاعة بائرة، لا تصلح في أي سوق، سوق الداخل والخارج على السواء.
والإمام الشافعي يقول: « إني رأيت ركود الماء يفسده..إن سال طاب وإن لم يجر لم يطب ».
ومني عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
تونس والطريق السريعة رقم 1: ما أروع الكلمة وما ألذ راحة النفس…!
مرسل الكسيبي (*) أحمد الله تعالى وأثني عليه أن ألهمني جرأة في الحق صدعت بها في موضوعات لم أحتمل فيها المحاباة واللف والدوران ,والحال أنه كان بوسع النفس أن تركب قطار بعض المغريات أو بعض الواعدين بالاغداق والعطاء … موضوعات لم أحتمل فيها السكوت في موضع وجوب البيان عند الحاجة , وأصدقاء لم أملك الصبر على بعض مواقفهم التي اضطرتني الى الخروج عن الصمت في توقيت ظن البعض فيه بأنني قد بدلت وغيرت في قضايا تتعلق بالوطن والهوية … ذاك هو لسان حالي حين أحادث النفس بخصوص مافعلته في الأسابيع الأخيرة ,حين كتبت عن المنعرج الخطير الذي يهدد هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات بالزوال والاندثار , نتيجة اصرار البعض على ادخال عنصر الايديولوجيا المفرقة الى أجندتها التاريخية والوطنية الأولى … ذاك هو لسان حالي أيضا مع النفس حين أتأمل في موقفي مما حدث في جريمة ستار أكاديمي بحق شباب وأهالي مدينة صفاقس التونسية ,حين تحولت مواكب العرس والاحتفال لديهم الى جنائز ونعوش لاتكترث السلطة فيها بقيمة المواطن والخلق والدين والانسان … شعور كبير بالراحة يراودني حين أتأمل في تحذيري من خطورة تحويل تراث الزعيم الراحل بورقيبة الى صنمية جديدة وعقائد تحكم واقع تونس والتونسيين حتى بعد انتقال روحه الى الرفيق الأعلى , ومن ثمة لم أجامل في الحق واحدا من أقرب أصدقائي الذين كانوا من المبادرين معي الى وضع هيكلة عامة لأركان ومحاور اهتمام صحيفة الوسط التونسية … ذاك هو حالي مع صديقي الفاضل الدكتور خالد شوكات الذي أتمنى على رحابة صدره أن يقدر قيمة التدافع بالتي هي أحسن بين الاراء , وأن يبقى الخلاف في الرأي مرتفعا بيني وبينه عن كل واقعة بالمهج والأنفس … متعة ذهنية ونفسية وصفاء روح , تلك هي ببساطة مشاعري حين أدليت بموقف واضح لالبس فيه من قضايا المصالحة أو ماأسميته باللبن المغشوش … متعة روحية وسكينة نفسية وانفجار قلمي هادر بالصدق واجهت به في غير خشية من أحد الأخ محمد الهاشمي الحامدي وكل الدوائر المراوغة في السلطة ,هذه الدوائر التي تعودت في كل مرة على تخدير المنفيين بمعسول الوعود والأماني الكاذبة في مقابل تشديد الخناق على شريفات تونس وفرض نظام الأبارتايد الفكري والسياسي على نسائها اللواتي اخترن التمسك بقيم الهوية ونخوة الاسلام … ففي كل مرة يطرح فيها موضوع المصالحة الوطنية على أجندة النقاش السياسي للمعارضة التونسية , الا ويأتي الجواب شافيا وكافيا من القوى اللائكية المتطرفة داخل السلطة بأن نمط الحوار الحقيقي مع المعارضين الأحرار سيكون داخل البلاد بمزيد من الاعتقالات والانتهاكات والخروقات الحقوقية والسياسية وبمزيد من فنون التعذيب والامعان في السادية … مشهد أبصم عليه من حيث الصحة والوثوقية والمصداقية بأنامل أصابعي العشرة التي لم تتعود الذل والانكسار في التعبير عما يدور على حلبة المسرح السياسي الشاذ عربيا واسلاميا وانسانيا بالديار التونسية … مشهد لن تفلح أدوات القهر والخداع في الترويج له والتسويق له عربيا واسلاميا ودوليا حتى ولو أنفقت على خدماته الاعلانية ونظام علاقاته العامة مال قارون وخزائن كسرى … لن تفلح قناة تونس 7 الفضائية ولاقناة الديمقراطية ولاقناة المستقلة ولاقناة ANN ولا قناة ANB ولاقنوات الروتانا و LBC …ولا وكالات الهشك بشك للأنباء في اقناعنا بأن مفاصل الوضع الحقوقي والسياسي والاعلامي والأخلاقي والاجتماعي في تونس على أحسن مايرام … أموال طائلة تنفق من جيوب وثروات التونسيين والتونسيات من أجل دس السم في العسل ومن أجل تزوير حقائق ساطعة لن تقدر على اخفائها حتى أشهر القنوات الفضائية العالمية وأشهر وكالات المحاماة وأشهر مكاتب العلاقات العامة وأشهر وكالات الاعلان عبر العالم … طريق واحد يمكن أن تسلكه السلطة من أجل تصحيح الصورة وتعديل العدسة واعادة الأمور الى نصابها , ألا وهو الطريق السريعة رقم واحد , طريق الاصلاح ثم الاصلاح ثم الاصلاح … ماأروع الكلمة وماألذ راحة النفس حين يتدفق القلم معبرا عن هموم الناس وخلجات الرأي العام دون غش أو خداع أو تجني أو تزوير …, راحة ضميرية أكثر من طبيعية لن تعوضها رشاوى تدفع لأقلام الزور وبائعي شرف مهنة المحاماة والمتاجرين اثما وعدوانا باستقلالية جهاز القضاء … السلطة الرابعة تقف اليوم عبر المنابر الاليكترونية المستقلة والصحف الشريفة والقنوات النظيفة في مواجهة سلطة الكرباج الأمني والسياسي والاعلام المرتزق والقضاء المستعبد …, انها حقا روعة قوة الكلمة في مواجهة ضعف أدوات الجلد والجلاد …! التجربة عايشتها على مدار الأسابيع الأخيرة حين تلقيت ردود أفعال القراء وهم يكاتبونني مهنئين ومشجعين ومكبرين سلسلة من المواقف التي اهتديت اليها بفضل ورحمة من الله … رسائل اليكترونية ومكالمات هاتفية ودموع واجهاش بالبكاء من قبل البعض …والله على ماأقول شهيد … تعبيرات تلقائية وصدق مشاعر وصفاء لم أشترها بكثرة أموال وزخرف دنيا وكثرة سفريات ونظام علاقات أفقية مع دوائر سياسية مركزية هنا وهناك …, انها عظمة الخالق وأسراره التي أودعها في الكلمة المستهان بها من قبل بعض أصحاب الأقلام والأفواه الذين تشتم من كلماتهم المكتوبة والمنطوقة روائح الرشوة والدفوعات … أجدد في نهاية مقالي هذا الحمد لله أولا واخرا على ماوفقنا اليه من صدق العبارة وعظيم أثرها وأتوجه بالشكر بعد ذلك الى كل من راسلنا أو كالمنا محييا صدقا وتفانيا وتضحية من أجل رؤية تونس وشعبها على الطريق السريعة رقم واحد السالكة باتجاه الحرية والكرامة والانعتاق … (*) رئيس تحرير صحيفة « الوسط التونسية » (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (أليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 29 ماي 2007)
تصبحون على وطن …
بقلم: منذر عمار سلام الله عليكم… وأنا افكر في إصدار مدونتي بعد تأجيل متكرر لا نهاية له تذكرت الإستعدادات اﻷولى لإصدار صحيفة الفجر … وتذكرت الحدث السياسي والمتوسط … تذكرت الجامعة واﻷخ مصطفى الحجلاوي رحمه الله وهيثم وكلية الآداب ورأس الطابية وأسبوع الجامعة وعبد الكريم و… و… وعلى شاشة الكومبيوتر كان آخر ما كتب في سياق محاكمة فكرية سياسية لا أول لها ولا آخر… أسئلة تتطور وتتغير كل يوم … تهم تتطور وتتغير بتغير الاسئلة … والمدعي العام يبدو كمن له قائمة طويلة عريضة من الشهود سيستدعيهم الواحد بعد الآخر … والتغطية الإعلامية المباشرة عبر الانترنات تربط آلاف المتفرجين بقاعة المحاكمة الوهمية « virtual » على صفحات تونس نيوز والحوار نت وغيرهما… وكان المدعي العام قد بدأ سلسلة مرافعاته بالحديث عن تونس الجميلة ودعم السياحة (كقاعدتين أساسيتين لقياس الإندماج الإجتماعي للمتّهم أو المتهمين بقطع النظر عن مشروعية التحفظ على أشكال كثيرة للممارسة السياحية لأسباب بيئية مثلا) والدخول في التجمع الدستوري الديموقراطي (الإندماج السياسي) والتخلي عن فكرة الحزب الإسلامي (إعادة الإندماج الديني والثقافي) وحاول منذ البداية تممييز القوم التبّع (Mitläufer) المستعدّين للتوبة والشهادة على أقرانهم بهدف إنجاح المحاكمة التاريخية (استراتيجية طبيعية ومشروعة) وليس واضحا ما إذا كان المدّعي العام قد حقق هدفه في الحصول على مائة من التّائبين لإنجاح إستراتجيته قبل أن يبدأ في استنطاق الشهود(الجورشي)… ورغم ما يبدو ظاهريا من شرعية الدعوى وحنكة المدّعي العام الذي لم ينظم سير المحاكمة على فضائيته بل استغل منابر بعض المتهمين وطاقاتهم, إلا أن الغموض لا يزال يحيط بهوية من حرّك الدّعوى وبالعدد النهائي للمتّهمين … عندما يكون المتّهم جيلا كاملا ويكون المطلوب تصفية إرثه واستحلال ذاكرته يصبح الخلاف مع هذا التنظيم أو ذاك لهوا والبحث عن موقع للشهرة خطيئة وانتظار المحاكمة القادمة أشبه بالإنتحار … المدعي العام يعلم أكثر من غيره أنّنا لم نترك بابا لتسوية أوضاعنا إلا وطرقناه وأننا تسولنا حريتنا أعواما بدون جدوى … لم تكن القيادات وحدها التي حاولت وتسولت… لقد ساهم كثير من الاخوة ومن مواقع عديدة ولا فائدة في ذكر التفصيلات …وللتاريخ يجب يذكر أن كل الذين تناوبوا على القيادة حاولوا أن يستنفذوا كل الامكانيات لتقنين وضع الحركة و استغلال كل العلاقات مهما كانت بسيطة في هذا الاتجاه… لقد ولد الحلم من رحم البلاد ومن رحمها ولد هيثم وسحنون و آلاف المخلصين … نعم هيثم الذي يعرفه المدعي العام ويذكر أنه أكل معه خبزا وزيتا وزيتونا وغنّى معه (في حماك ربنا) ألف مرة…هيثم الذي أحبه الإخوان والخصوم …هو الذي يحاكم الآن …وعبد الكريم و الشهداء هم الذين يحاكمون … كل ضحايا البالدوزر هم الذين يحاكمون …ويدعون إلى التوبة … ولأن عشريتين من الحزن والجنائز لا تكفي يخرج علينا في لحظة قيظ نبي سياسي جديد يدعونا لبيعة لا ندري أهي لتطهيرنا من وباء الحلم بوطن لجميع التونسيين أم لتبرئة الجلاد من عذاباتنا … بيعة لا علاقة لها بطاعة الله … لا علاقة لها بأية شرعية سياسية ديموقراطية …لا علاقة لها بالتنمية الريفية …فقط علينا أن نتوب ونعلن الطاعة ونكون مستعدين لأن نبعث يوم القيامة مع 7 نوفمبر وزمرته وأحبّائه … إن من يطالبنا بتجريم أنفسنا وتبرئة جلادينا وتصفية ذاكرتنا لا يمكن له أن يدعي أنه يحاورنا لأن ما يحصل لا علاقة له بالحوار ولا بوضع النقاط على الحروف … مطالبة الضحايا بالإعتراف بأنهم السبب في شقائهم وتبرئة جلاديهم أبشع وأفضع مما فعله البالدوزر… أبشع بكل المقاييس … بكل اللغات …بكل الحروف … من يجهز منصة لإعدام التجربة أو يعرض مقبرة محايدة لإدارة حوار ينتهي بالتفاوض حول ما يجوز من كلام طيب للوداع الأخير…لا يمكن أن يسمي مشروعه الإبتزازي حوارا…ولا الاستجواب البوليسي وضعا للنقاط على الحروف… لقد توقفت عن الكتابة والإنشغال بالمواضيع السياسية والتنظيمية منذ سنوات طويلة لأخوض تجربة بعيدة كل البعد عن تجربتي السابقة…ولكن المدعي العام استفزني بطريقته الموغلة في احتقار العقول…كل سنوات الكسب لم تكن خطيئة…والمعارك الفكرية والسياسية التي خضناها ضدّ اليسار في الجامعة لم تكن خطيئة …أسبوع الجامعة لم يكن خطيئة…والمشاركة في الإنتخابات لم تكن خطيئة…احببنا البلاد إلى حدّ الحرمان …وانشغلنا بالوطن إلى حدّ الشوق…منحنا تونس الجميلة رحيق العمر وشموع الحياة…منحناها أعز الرجال وأفضل الرجال ودافعنا بكل ما أمكن عن حقّها في أن تتنفس هواءها الإسلامي النقي دون إكراه … أنا لست معنيا بمفاصل الخلافات بين كثير من الفرقاء طالما أن الخلاف رحمة وثقافة الخلاف هي أكثر ما يحتاجه المسلمون…أمّا أن يحاول المدّعي العام ابتزاز جيل كامل بدعوى وضع النقاط على الحروف فإن ذلك لاعلاقة له لا بالإصلاح ولا بتعديل المسارات أو التقييم وتحديد المسؤوليات ولا علاقة له بقرار بعض الإخوة تسوية أوضاعهم الأمنية بهذه الصيغة أو تلك (وهي مسألة يجب احترامها ضمن احترام الحقوق الأساسية للأفراد وعدم تأميم حياتهم الخاصة) وحبذا لو حاول الجميع مواصلة الحوار والمنافسة وحتّى المشاكسة خارج سياق هذه المحاكمة التي لا يمكن أن تشرّف أحدا… إن من يتصور أننا بين خياري اللجوء إلى البالدوزر أو اللجوء خارج الدهر…هو من لا يفرق بين الوطن وفضائية متخمة بصراع الطوائف…أو بين صحوة دينية وشركة استثمارية ذات مسؤولية محدودة … إن هذا الجيل لن يذهب بذاكرته إلى البورصة ولن يعرض إرثه على الوسطاء… وإذا سأل المدّعي العام بعد استجوابه للشهود ماذا انتم قائلون… سنقول له إذهب إلى سيدك أنت ومن تبعك فقولوا له قولا لينا لعلّه يتذكّر أويخشى … وقولوا له إنّ ديون امريكا وفرنسا و البنك الدولي لا تساوي دعاء من أدعية المعذّبين والعذارى اللّواتي يطاردهن أعوانك في هذه السّاعات … (المصدر: مدونة « غربة » بتاريخ 29 ماي 2007) الرابط: http://www.abouyousef.com/?p=18
بدايـــــة نضــــج
بقلم: عائشة بن محمود قد تدخل السّوق المالية في تونس منعرجا جديدا في مسيرتها بعد أن شهدت ولأوّل مرّة في تاريخها تمويلا طويل المدى يصل الى 25 سنة عبر القرض الرّقاعي الذي أصدره « البنك العربي لتونس » هذا الشّهر والذي حقّق نجاحا قد يكون غير منتظر عند البعض لحداثة هذا المنتوج في السّوق. ويمكن القول انّ السّوق الماليّة التّونسيّة، التي تفوّقت بعد اقليميّا في مجال سوق القروض الرّقاعيّة، بدأت تتوّج مسيرتها في هذا المجال بالنّضج عبر اصدار مثل هذا النّوع من القروض الذي يتطلّب اقتصادا حاضرا متينا وقادرا على المحافظة على صلابته مستقبلا باعتماده على مثل هذا النّوع من التّمويل القادر على توفير الخدمة الماليّة الملموسة للمستثمر الذي كبتت أنفاسه القروض غير الملائمة لاستثماره ليجد نفسه في أغلب الأحيان يتخبّط في متاهات لا يجد لها مخرجا إلاّ عبر الحلول السّريعة حتّى ولو كان ذلك على حساب مردوديّة مشروعه ، ولعلّ روايات المستثمرين في القطاع السّياحي تعدّ من أبلغ الأمثلة لمثل هذه الوضعيّات. ولا يفوت المراقبون الإقتصاديون، عند تعداد مزايا مثل هذا التّمويل، الدّور الذي يلعبه هذا الأخير في التّقليص من درجة التّضخّم عبر خلق التّوازن لدى البنوك باعتماد نشاطها على موارد تتلاءم مع الاستعمالات وهو ما لا يمكن توفيره حاليّا عبر المنظومة التّمويليّة غير المتكافئة التي تقوم عليها البنوك. بدون شكّ فإنّ نجاح تركيز مثل هذا التّمويل مستقبلا يشترط أطرافا معيّنة، بدونها لا يمكن المواصلة في بناء هذه المرحلة المتقدّمة من مسيرة السّوق الرّقاعيّة. هذه الأطراف تتمثّل في ما يعبّر عنه بالمستثمرين المؤسّساتيين مثل الّذين أقبلوا على الإكتتاب في القرض الرّقاعي موضوع مقالنا، وأبرزهم مؤسّسات التّوظيف الجماعي وشركات التّأمين التي تراهن عليها في حقيقة الأمر المنظومة التّمويليّة في تونس في انتظار ان تنخرط أيضا الصناديق الاجتماعية في مسيرة السّوق الماليّة لكونها المستثمر المؤسّساتي الأبرز الذي تتطلّع اليه هذه السّوق.. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 ماي 2007)
الرباط – سارة الوالي استحدثت في السنوات القليلة الماضية، مسابقة صحافية عن التراث الثقافي الأورو- متوسطي، بكل أشكاله من مواقع أثرية ونصب تذكارية ومتاحف ومخطوطات ومكتبات، إضافة الى التراث المعنوي المتمثل في تقاليد المجتمعات غير المكتوبة والمهرجانات والموسيقى والغناء والمعرفة المرتبطة بالمهارات الحرفية والتقليدية. وتشرف على المسابقة المفوضية الأوروبية، من طريق الوحدة الإقليمية للإدارة والدعم التابعة لبرنامج التراث الأورو- متوسطي، با لتعاون مع عدد من الهيئات الدولية مثل اليونيسكو والاتحاد الدولي للصحافيين وفرعه الأوروبي الإقليمي في بروكسيل، ووكالة « أنساميد » الإيطالية للأنباء. والمسابقة موجهة الى الصحافيين الأوروبيين والمتوسطيين من دول الاتحاد الأوروبي والدول العشر الأعضاء في الشراكة الأورو- متوسطية (المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، مصر، فلسطين، الأردن، لبنان، تركيا وإسرائيل). وتهدف المسابقة إلى تحفيز الاهتمام الإعلامي بقضايا الثقافة المرتبطة بالتراث الثقافي المعرّض لخطر الإهمال والاندثار أو التجاهل، والتعريف به من أجل الحفاظ عليه وصيانته وتأهيله، نظراً الى الدور الحيوي للإعلام في حشد الرأي والتأثير في دوائر صنع القرار وتعديل القوانين في مجال ثقافي حساس قلما حظي بالأولوية في السياسات الحكومية. وتسعى المسابقة أيضاً الى تشجيع التعاون بين شمال حوض المتوسط وجنوبه، إضافة الى تحفيز الصحافيين الشباب على الكتابة عن التراث الثقافي في المنطقة المتوسطية، وتشكيل لائحة للصحافيين المهتمين بالتراث الثقافي على النطاق الأورو- متوسطي. وعلى رغم أن الجائزة دولية وذات بعد متوسطي بغية تفعيل الترابط الجغرافي والثقافي عبر وسائل الإعلام، وحماية التراث المشترك في منطقة حوض المتوسط وتثمينه، إلا انها مازالت غير معروفة في الأوساط الإعلامية المتوسطية، بسبب حداثة عمرها الذي لا يتجاوز 3 سنوات. وفاز في الدورة الثالثة للسنة الحالية الصحافي المغربي محمد الحمراوي من أسبوعية « لوروبورتير »، بالجائزة الخاصة للتراث الأورو- متوسطي 2007 التي تمنحها وكالة الأنباء المتوسطية « أنساميد » للصحافيين الشركاء في برنامج « ميدا ». وذلك عن مقال حول المضاربات العقارية غير القانونية لنافذين في السلطة في قصبة الأوداية في الرباط، وهي معلم تاريخي عسكري يشرف على نهر أبي رقراق الذي يشهد حالياً أشغالاً لمشروع سياحي ضخم سيغيّر معالم العاصمة. وحصل الجزائري طارق حفيظ من يومية « لوسوار دالجيري » على جائزة التراث الأورو- متوسطي التي تمنحها المفوضية الأوروبية لصحافيين اثنين من دول « ميدا » والاتحاد الأوروبي عن مقال حول منطقة البريد الكولونيالية التي تعد قلباً اقتصادياً واجتماعياً نابضاً بالحياة وسط العاصمة الجزائر، في وقت تتهددها مشاريع الخصخصة، إلى جانب فوز صحافية من البرتغال عن مقال حول لغة يهودية آيلة الى الاندثار، من خلال بورتري ليهودية إسبانية تعيش في إسبانيا وتحاول الحفاظ عليها بأغان تراثية لم يعد يعرفها إلا قلة. وهذه المرة الثانية التي تفوز بها الصحافة المغربية بجائزة « أنساميد »، فيما سجل الصحافيون الجزائريون حضورهم سنوياً في هذه الجائزة بشقيها ويتضمن ذلك أيضاً حصولهم على تنويه لجنة التحكيم مرتين. ولفتت نادية بنسلام، الفائزة المغربية بالجائزة في دورة 2006 عضو لجنة تحكيم دورة 2007، الى جهل الصحافيين المغاربة بوجود هذه المسابقة الدولية، مشيرة الى انها علمت بها من طريق صديق مقيم في فرنسا مولع بتتبع الأخبار على الإنترنت، وشاركت بتحقيق صحافي عن مشكلات تدبير الإرث الإسلامي والكولونيالي التاريخي الضخم لمدينة تطوان التي سجلت مدينتها العتيقة الإسلامية الأندلسية على لائحة اليونيسكو للمواقع التراثية الإنسانية. وساهم نشر خبر فوزها في الصحافة المغربية في التعريف بالمسابقة في المغرب، لكنها لاحظت أن عدم نشر خبر فتح باب الترشيح للدورة الثالثة أثر في المشاركة المغربية. وأوضحت بنسلام لـ « الحياة » ان أكبر مشاركة عموماً سجلت في الصحافة الصادرة باللغة الفرنسية، تليها الإيطالية، فالإنكليزية وأخيراً العربية. ولاحظت لجنة التحكيم أن دول « ميدا » العشر التي تعد العربية لغتها الأولى شبه غائبة في الجائزة الأورو- متوسطية، بسبب شرط ترجمة المقالات العربية إلى اللغتين الفرنسية أو الإنكليزية. وكانت إحدى أهم توصيات لجنة التحكيم لدورة 2007 العمل على نشر المسابقة الأورو- متوسطية على أوسع نطاق، الى جانب العمل على توفير ترجمة للمقالات العربية إلى الفرنسية أو الإنكليزية التي تقوم بها وكالة « أنساميد » من طريق قسمها العربي، بغية تذليل هذه العقبة وتحقيق الهدف من المسابقة الرامية إلى ترسيخ انخراط الإعلام المتوسطي في القضايا الثقافية في شكل أكبر. وكان فاز بالجائزة الأورو- متوسطية من دول « ميدا » صحافية من الأردن (2006) وأخرى من مصر (2005)، وفاز من دول الاتحاد الأوروبي صحافي فرنسي (2005) وصحافي إيطالي (2006) وآخر برتغالي (2007). وتمنح مسابقة التراث الأورومتوسطي للفائزين جائزة مالية قدرها ثلاثة آلاف يورو، إضافة الى زيارة موقعين من مواقع التراث الأورو- متوسطي في بلدين من الضفتين، يكتب عنهما الصحافيان لاحقاً مقالات للنشر، وتتكفل المفوضية الأوروبية تكاليف السفر والإقامة، كما يحصل الحائز جائزة « أنساميد » على ثلاثة آلاف يورو أيضاً، ويتلقى تدريباً صحافياً في مقر الوكالة في نابولي. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 ماي 2007)
الحسن السرات-الرباط أعادت التفجيرات الانتحارية بالمغرب إلى الأذهان ملف السلفيين المغاربة، وفرض السؤال نفسه من جديد حولهم: هل هم على قلب واحد أم مختلفون ومتنوعون؟ وما علاقتهم بلعبة التوازنات السياسية المحلية والدولية؟ علمية وقبورية يرى الدكتور محمد بولوز أن سلفيي المغرب ينقسمون إلى ثلاثة أنواع: السلفية العلمية، والسلفية « القبورية »، والسلفية السياسية « الجهادية ». وأوضح للجزيرة نت أن « ممن له أثر قريب في السلفية العلمية المعاصرة بالمغرب الدكتور تقي الدين الهلالي، ومن امتداداته الشيخ محمد بوخبزة من مدينة تطوان شمال المغرب ، والشيخ محمد زحل والشيخ القاضي برهون من الدار البيضاء، وفي نفس التوجه الشيخ السحابي بمدينة سلا قرب الرباط « . واعتبر بولوز، وهو باحث وناشط إسلامي، أن هذا التيار « كان له فضل كبير في إحياء عدد من السنن وضمور عدد من البدع وإعادة الاعتبار لأدلة القرآن والسنة وصحيح الاعتقاد ». وأضاف المتحدث أن « هناك سلفية ذات تأثيرات مشرقية يسميها البعض بالقبورية لتركيزها على قضايا المواسم والأضرحة وأمور الغناء واللباس وبعض التدقيقات في الصلاة والارتباط برؤية المشرق في الصيام والهجوم على قراءة الحزب جماعة وتدقيق بعض القضايا في الاعتقاد، ومن أبرز من يمثل هذا التيار محمد المغراوي بمراكش ». سلفية جهادية أما السلفية السياسية « الجهادية » فأكد بولوز أنها ظهرت في وقت متأخر كرد فعل على السلفية « القبورية » مدعية أنها لا تكتفي بإنكار شرك القبور وإنما لها عناية واهتمام بشرك « القصور » أيضا، من غير أن تعترف بالأطر السياسية المعاصرة من دستور وبرلمان وغيره، وترى الحل في المواجهة المسلحة وإعلان الجهاد سواء في الخارج أو في الخارج. محمد بولوز انتهى في حديثه للجزيرة نت إلى أن طبيعة المنهج السلفي المتبع تجعل تياراته يأكل بعضها بعضا ويهاجم بعضها بعضا، وأن التناقض والتضاد بينهم يصل حد النعت بالفسق والتكفير. وينقسم المعتقلون منهم بالسجون المغربية فمنهم التكفيريون الذين لا يقاسمون باقي المعتقلين طعامهم وشرابهم، وهناك المتشددون الذين لا يرون في الإضرابات عن الطعام إلا انتحارا، ومنهم الذين لا يلجؤون حتى إلى الكتابة إلى الجمعيات والمنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام لأنهم يعتبرونها من الطاغوت. شيوخ السلفية ومن جهته أوضح عبد الرحيم مهتاد، رئيس جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين للجزيرة نت أن من اصطلح على تسميتهم شيوخ السلفية هم محمد عبد الوهاب رفيقي المعتقل بأحد سجون فاس الذي أنكر مرارا أن يكون شيخا من شيوخ السلفية وإنما هو طالب علم. ومنهم الشيخ حسن الكتاني المعتقل بالسجن المحلي في سلا، والشيخ محمد الفزازي المعتقل بالسجن المحلي في طنجة، ثم الشيخ عمر الحدوشي المعتقل بالسجن المحلي في تطوان. اختراق وتوظيف وأكدت معطيات مختلفة في ملف الإسلاميين والسلفيين عموما والجهاديين خاصة أنه من السهل اختراقهم وتوظيفهم في التوازنات والصراعات السياسية الدولية والداخلية. وأشار عدة باحثين وسياسيين إلى أن ذلك جرى بالمغرب، وهو ما لاحظه الدكتور عبد الكبير العلوي المدغري وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية لمدة 18 سنة، في كتابه الأخير « الحكومة الملتحية ». إذ قال « ونظن ظنا أن الداخلية المغربية كانت في عهد وزير الدولة في الداخلية ترعى الحركة الوهابية لأسباب جيوسياسية معينة ». وأضاف المدغري « لقد خرجت السلفية الجهادية في المغرب من تحت جناح دجاجة الوهابية، وتدربت عناصر السلفية الجهادية على السلاح في معسكرات خاصة لتتوجه إلى أفغانستان والشيشان والبوسنة ». وأيد الباحث في بالشؤون الإسلامية بالمغرب محمد ظريف التوظيف السياسي الداخلي في كتابه « الإسلاميون المغاربة » فاعتبر أن الدولة شجعت ظهور نوع من السلفية ليكونوا سدا ضد جماعة العدل والإحسان. كما ذكر ظريف منهم محمد عبد الرحمن المغراوي بمراكش صاحب كتاب « الإحسان في اتباع السنة والقرآن » ومحمد الفزازي بطنجة صاحب « رسالة الإسلام إلى مرشد جماعة العدل والإحسان ». (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 29 ماي 2007)
طهران – حسن فحص شكل القرار الإيراني الدخول في مفاوضات مباشرة وعلنية مع الولايات المتحدة الأميركية حول العراق، حدثاً وبداية مرحلة جديدة في تاريخ الثورة الإسلامية، أولى نتائجه كسر «حرمة التفاوض مع الأميركي أو الشيطان الأكبر» وهو الشعار الذي شكل مادة لضرب التيار المنافس وتحجيمه واسقاطه داخل الجماعة الشعبية التي تحمل المشروع الديني للنظام، والتي سيطرت على الأفق السياسي الإيراني منذ انتصار الثورة واعتبرت الحديث عن علاقات مع أميركا جرماً قضائياً يلاحق ويعاقب عليه. هذا التحول الكبير في السياسة الإيرانية، وبمعنى أخر إخراج الحوارات بين الطرفين على مدى السنوات الماضية من السر الى العلن، فرض اعادة تقويم لكل المواقف السابقة التي مورست في حق الأشخاص والأحزاب التي دعت الى حوار مباشر مع واشنطن، وبات من حقها المطالبة بتعويض معنوي على الأقل بسبب تهمة العداء للثورة ومبادئها التي وجهت لها في حينه. ولا شك ان كسر «حرمة» التفاوض مع الأميركي «يحمل الكثير من الأبعاد الإيديولوجية التي قد تسبب حرجاً للنظام الديني عند جماهيره، وقد لا تكفي معه صيغة «الحفاظ على النظام، او الحفاظ على النظام من أهم الأمور» لتسويغه لدى هذه الجماعة، خصوصاً ان عملية كسر دائرة التحريم جاء على يد من صنع هذه الدائرة منذ البداية. وفي إدراك لحراجة الموقف والأزمة الإيديولوجية التي قد يتسبب بها ذلك في الداخل ولدى التيار الراديكالي المحافظ، سارع المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله السيد علي خامنئي لتحديد سقف وأطر حوار المرحلة الجديدة وأبعاده، بالتأكيد ان المحادثات بين ايران والولايات المتحدة في شأن العراق تهدف فقط الى تذکير الأميرکيين بـ «واجبهم کقوة احتلال والولايات المتحدة لا تحترم واجباتها کقوة احتلال في إحلال الأمن في العراق. لقد کبلوا يدي الحکومة العراقية ويحاولون الإطاحة بها ويدعمون الإرهابيين». وحرص خامنئي على التأكيد ان الحوار والتفاوض مع الأميركي حول الموضوع العراقي جاء بناء على رغبة الحكومة العراقية، وان طهران متمسكة برفضها إجراء محادثات في شأن قضايا أوسع نطاقاً ما لم تغير واشنطن من سياساتها، وذلك في محاولة لطمأنة الأصوات المعارضة والمحبطة التي هالها ان تصل الأمور الى هذا المنحى، فرفعت عقيرتها بالنقد وتفنيد الذرائع التي تفرض هذا الحوار، خصوصاً أنها أشبعت بالموقف الإيديولوجي بأن أميركا تمثل كل الشر، ولا بد من مواجهتها لبناء عالم خال من السيطرة الأميركية يسوده العدل والسلام. في مقابل أصوات بدأت تضع علامات استفهام حول هذا القرار وأهميته في هذه المرحلة وما قد يحمله من منافع ومضار لإيران، معتبرة – في محاولة للدفاع عن النفس بدعوتها في السابق لاتخاذ مثل هذه الخطوة – ان إيران فوتت الكثير من الفرص الأفضل وان الدخول في التفاوض مع واشنطن في هذه المرحلة وحول بلد عربي هو العراق لا يشكل بداية جيدة ولن يكون له الإثر الإيجابي بين الدول العربية والإسلامية، خصوصاً ان واشنطن تتهم إيران بالمسؤولية عن عدم استقرار الأمن في العراق. بعض التوجهات المحافظة وفي محاولة لتسويغ الخطوة الإيرانية بالحوار مع واشنطن، رأت ان أميركا أدركت اليوم ان الطريق الوحيد المتبقي لها للخروج المشرف من العراق والمنطقة، هو التفاوض والحوار المباشر والاعتراف رسمياً بموقع الجمهورية الإسلامية ودورها الإقليمي والدولي. مشترطة من اجل إحداث تحول استراتيجي في العلاقة بين طهران واشنطن، ان تعترف الأخيرة بموقع إيران الجديد في النظام الدولي واعطاء طهران دوراً في لعبة المعادلات الإقليمية والدولية، إضافة لدفع كل الديون المادية والمعنوية للشعب الإيراني وتخليها عن سياساتها واستراتيجياتها المعادية لإيران. ولا شك ان التيار المحافظ، الذي يعتبر نفسه الحارس الأمين لمبادئ الثورة وإنجازاتها العلمية والتكنولوجية والسياسة، خصوصاً في المجال النووي، يراهن على تطورات الموقف في مجلس الأمن من الملف النووي الإيراني، خصوصاً بعد ان أبدت طهران استعدادها للحوار في اللحظة التي تقارب معها المهلة التي منحها مجلس الأمن في قراره الأخير 1474 على الانتهاء، وفي ضوء إمكان توسيع دائرة العقوبات الأميركية ضدها تلقائياً ما قد يساهم في تأزيم الأوضاع من جديد، وما يفرض على الجانب الإيراني اعتماد استراتيجية واضحة تراعي مصالحه الطويلة الأمد وعدم الكشف عن كل أوراقه دفعة واحدة. واذا ما كانت الأوساط الإصلاحية الراديكالية تعتبر ان نتيجة المفاوضات مع أميركا ستحدد مصير الملف النووي الإيراني، ما يعني حسماً للجدال السائد بين نمطي التفكير المعارض والداعي لمثل هذا الحوار، فإن انسجاماً غير معلن يسود بين التيار المحافظ الراديكالي والتيار المحافظ التقليدي على قاعدة ان الحوار مع أميركا لن يحمل أي مصلحة أو منفعة لإيران، وحتى انه لن يساهم في توفير الأرضية المناسبة لحل الخلافات المتجذرة بين الطرفين منذ 28 سنة. من هنا، فإن الحساسية المفرطة التي يبديها هذان التوجهان تنطلق من ان العداء والتوتر بين إيران وأميركا يعودان الى الموقف الأميركي العدائي من العالم الإسلامي، وكذلك رفض واشنطن حتى الآن الاعتراف رسمياً بالثورة الإسلامية وعدم بروز أي نيات أميركية تشير الى إمكان تغيير مواقفها من إيران والعالم الإسلامي كشرط مبدئي لإصلاح العلاقات. ويظهر الخلاف بين الراديكاليين والتقليديين في التيار المحافظ ان الراديكاليين يرون ان الأزمة مع واشنطن ليست خلافاً أو عدم ثقة لكي تحل من خلال المفاوضات الديبلوماسية، بل الأزمة إيديولوجية وما لم تحل فلا معنى للمفاوضات. ويعتبر الراديكاليون ان القبول بمبدأ التفاوض يعني التراجع أو التخلي المتبادل عن شيء ما، فما الذي يمكن ان تتراجع عنه أميركا في مواقفها من ايران وما الذي تعده الخارجية الإيرانية للتنازل عنه؟ إضافة الى ان التفاوض مع أميركا في العراق يعني اعترافاً رسمياً بالوجود الأميركي في هذا البلد، الأمر الذي يتناقض مع الموقف الإيراني المطالب بانسحاب القوات الأميركية من العراق. وفي موضوع الحوار حول العراق، يرفض الراديكاليون المبدأ من منطلق إيديولوجي ايضاً، فيما يعتقد التقليديون بضرورة حدوث تغييرات ملموسة في المواقف الأميركية قبل البدء في أي خطوة بهذا الاتجاه، بعدها تكون المفاوضات حول العراق ذات فائدة، خصوصاً ان الطرف الأميركي لن يتوانى عن رمي كرة المسؤولية في الملعب الإيراني، وبالتالي قد يؤدي الفشل أو عدم التوصل الى نتيجة إيجابية في الحوار، الى إظهار إيران وكأنها المسؤول والمعرقل لعملية الاستقرار والأمن في العراق بعد اصطدام الأميركي بحائط الفشل في هذا البلد وحاجته الى المساعدة الإيرانية، ومن ثم يصار الى إخراج الأزمة العراقية من جدلية التأثير الإيراني المحتمل الى دائرة تحمل المسؤولية الكاملة، ما يعني إجماعاً عربياً وإقليمياً واسلامياً ودولياً ضد إيران على خلفية الموضوع العراقي، وهو أمر لن تقف مفاعيله عند هذه الحدود، بل ستتعداه الى سلبيات كبيرة على الملف النووي وكل الملفات الأخرى التي ترتبط بإيران في شكل من الأشكال. وعلى رغم التقويم الإيجابي لخطوة الحوار المباشر بين طهران وواشنطن، يقف التيار الإصلاحي الى جانب التيار المحافظ التقليدي في تقويم خطورة الأمر وانعكاسات الفشل فيه. واذا ما كان الاصلاحيون يعتبرون ان اللحظة الزمنية للحوار بين طهران وواشنطن مناسبة، الا انهم يتخوفون من قدرة الفريق الإيراني المفاوض والنتائج التي سيسفر عنها الاجتماع بناء على انعدام ثقتهم بالإدارة الديبلوماسية وبالتحديد وزارة الخارجية، ما يقودهم الى التقديرات السلبية لما قد يفعله هذا الفريق خصوصاً بعد اقتناع المسؤولين في إيران بضرورة الحوار مع أميركا بعد سنوات من الجدال المتوتر. ويربط بعض الإصلاحيين أزمة الملف النووي الإيراني بالحوار مع الولايات المتحدة حول العراق، ويرى ان نتائج هذه المفاوضات ستبرهن في المستقبل صواب الرأي الإصلاحي من الملف النووي والذي يقوم على ضرورة تعزيز الثقة الدولية مع تأكيد الحق الإيراني، في مقابل الرأي المحافظ الذي يقول فقط بالحق الإيراني وضرورة استغلال الأوضاع الدولية خصوصاً في العراق لإبعاد الضغط عن إيران. ويعتبر هؤلاء ان فرصة الحوار مع أميركا ستشكل مناسبة للبرهنة على صدقية احد الرأيين، فإذا استطاع الفريق المفاوض دفع أميركا الى الاعتراف بحق إيران في امتلاك الطاقة النووية وسحب الملف الإيراني من مجلس الأمن والغاء العقوبات، سيعني ذلك نصراً للتيار المحافظ واثباتاً لصواب موقفه. من جهتها، ترى أوساط الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد ان السبب والدافع وراء طلب واشنطن التفاوض مع إيران، ان النزاع في العراق هو نزاع بين إيران وأميركا، وان إيران يمكنها لعب دور في إعادة الأمن والاستقرار الى هذا البلد اكثر من أي دولة أخرى أو حتى الحكومة العراقية، وان حل أزمات العراق الذي يشكل محور المفاوضات الإيرانية العراقية يمكن ان يشكل ذريعة جيدة لبدء المفاوضات بين إيران وأميركا وحل خلافاتهما، واذا تحقق ذلك فلا تكون إيران قد تراجعت عن مبادئها الأساسية والتزمت بالمبدأ السياسي الذي حددته لنفسها ويقوم على التعامل مع كل الدول على أساس المنفعة والمصلحة الوطنية، وأميركا جزء من هذه الدول. ويرى هذا الاتجاه ان نسبة النجاح الإيراني في هذه المفاوضات كبيرة اكثر من أي وقت سابق، خصوصاً ان أميركا على أعتاب انتخابات رئاسية ومتورطة في العراق، وان ما ستقدمه في هذه المفاوضات سيكون عملياً في شكل كبير. ويعتقد هؤلاء ان على رغم الملاحظات التي لدى الإدارة الأميركية على سياسات احمدي نجاد، فإنهم يثقون كثيراً بحكومته لأنهم يعرفون ان هذه الحكومة تتعامل بصدق ومن دون غش أو خداع في المفاوضات وتنفذ ما تقوله. ومن الطبيعي ان تكون الثقة الأميركية بحكومة احمدي نجاد اكثر من غيرها. أما الأوساط المقربة من الرئيس السابق ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني فإنها تعطي أهمية لهذه المفاوضات المباشرة، لكنها تعتقد بأن التفاوض وحده لا يكفي، وعلى الطرفين العمل لحل المسائل المعقدة والمتراكمة بينهما منذ عقود. وترى ان الخلاف حول الملف النووي لا ينفي وجود مصالح مشتركة في الموضوع العراقي وان النتائج الإيجابية في هذه الخطوة الأولى قد تعزز إمكان مفاوضات ثنائية لاحقاً شرط ان تبدي واشنطن نيات جدية في تعديل سياساتها العدائية ضد إيران. التيار الإصلاحي المعتدل دعا الى استغلال هذه الفرصة، لكنه حذر الفريق الإيراني المفاوض من المساعي الأميركية لإظهار إيران وكأنها الطرف الذي يرفض الحوار، خصوصاً في الملف النووي، وان رفض إيران مطلب تعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم سيسمح لأميركا بإظهار الأمر وكأن طهران ترفض التفاهم مع المجتمع الدولي. الراديكاليون المحافظون والإيديولوجيون يعتقدون التفاوض مع أميركا بمثابة «مد اليد للشيطان والرقص مع الذئاب» وان واشنطن تريد التفاوض فقط من اجل التفاوض وتحقيق ما لم تستطع تحقيقه طوال 28 سنة ماضية. ويعتقدون ان مجرد القبول الإيراني بالتفاوض يعتبر خطأ كبيراً واستراتيجياً سيلحق بإيران خسائر لا تعوض تتعلق بالنموذج الذي قدمته إيران لحركات التحرر في العالم الإسلامي ومقاومتها للمطامع الأميركية. لذلك يعتبرون الموافقة على الحوار ضرباً من الجهل، لان واشنطن ستستغل المفاوضات للإيحاء لحلفاء إيران الاستراتيجيين والإيديولوجيين أبانه لم يكن أمام طهران سوى الجلوس والتفاوض معنا. هذه المواقف وخصوصاً مواقف التيار المحافظ الراديكالي دفعت بالمرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية آية الله السيد علي خامنئي إلى إعادة تأكيد الأبعاد الإيديولوجية للثورة بالقول ان سبب فرحة بعض الأوساط الداخلية من موضوع التفاوض بين إيران وأميركا «متأت من تصورهم اننا ابتعدنا عن قيم الإمام الخميني والثورة»، محذراً «الذين يعتقدون بأن الجمهورية الإسلامية غيرت من سياستها الثابتة والمنطيقة والتي يمكن الدفاع عنها في رفض التفاوض والعلاقة مع أميركا، من انهم «مخطئون، اذ كيف يمكن الحوار مع حكومة مستكبرة وظالمة وتوسعية ومستغلة كأميركا ومسؤوليها المغرورين والمفتقرين الى الأدب؟ وشدد على ان سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الثابتة وتقوم على عدم التفاوض أو العلاقة مع أميركا الى الوقت الذي تتغير فيه سياساتها الاستكبارية». (*) كاتب لبناني (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 26 ماي 2007)