الأربعاء، 28 أكتوبر 2009

TUNISNEWS

9 ème année, N 3445 du 28 .10 .2009

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو

ولقيادات إنتفاضة الحوض المنجي

ولضحايا قانون الإرهاب


 

حــرية و إنـصاف:الصحفي سليم بوخذير يتعرض للخطف والاعتداء بالعنف الشديد

منظمة مراسلون بلا حدود:رسالة من السجين الناشط الحقوقي والإعلامي زهير مخلوف

السبيل أولاين:برقية مساندة الى الصحفى السجين زهير مخلوف من الطلبة المضربين بكليتي الحقوق والاقتصاد بتونس

 الفرع الجهوي للمحامين بتونس: بـــــــيــــــــــان:حول منع محام من زيارة منوبيه

كلمة:عائلات تونسية تعبر الحدود الجزائرية طلبا للجوء

    حــرية و إنـصاف: أخبار الحريات في تونس

المرصد التونسي:اعتداء سافر على الاسرة التربوية ببرقو

كلمة:تعليق إضراب الثانوي في مدنين وحديث عن خلاف بين نقابة الثانوي ونقابة القيمين

بيان الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان تونس : فوز بن على وخسارة الديمقراطية وحجب الجزيرة نت

كلمة:الحزب الاشتراكي الفرنسي ينتقد دعم الإيليزي للنظام التونسي

حزب العمال الشيوعي التونسي :لنواصل النضال من أجل وضع حدّ للاستبداد وتحقيق التغيير الديمقراطي

المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم:بيان حول الانتخابات

الوجه الآخر للانتخابات الرئاسية في تونس اسمه « ليلى بن علي »، الوصي على قرطاج، ورئيسها القادم!

جمال سلطان:عرس الديمقراطية في تونس

الوطن السعودية :تونس 1987.. تونس 2009

أخبار تونس:توضيحات من مصدر مأذون بوزارة الشؤون الخارجية التونسية

كونا:الخارجية التونسية تنفي تصريحات الخارجية الامريكية حول سير الانتخابات التونسية

  ياسر الزعاترة :في تونس: انتخابات وفائزون بلا ديمقراطية!

سليم عزوز :تونس.. ( كرسي في الكلوب )!

م. إيوانوغان :تونس ليست حديقة يملكها زين العابدين

محمد سليم مهنّا:7 نوفمبرعشريتان من جهاد البناءوالانفتاح الحضاري

محمد احمد:صورتان لهذا البلد

صـابر التونسي:الانتخابات مزورة

معز الباي:الانتخابات التونسية: أنا أتّهم…

مراد علي :المغالبة والمصالحة والفرص الضائعة بقلم مراد علي

عابر سبيل:العودة وأدب الاختلاف

تونسي:قرأت مقالة السيد سالم العرفاوي ردا على الشيخ الهادي بريك و لفت نظري ما ذكره عن الشيخ بن عثيمين رحمه الله :

عبدالسلام المسدّي :الإصلاح والولادة القيصرية

محمد كريشان:المغرب والتراجع المقلق

القدس العربي:الجزائر: بوتفليقة يقرر مراجعة عمل الجهات القضائية العليا

إسلام أون لاين:فرنسا تبحث عن « هويتها الوطنية »!

مهنا الحبيل :الإخوان المسلمون.. العهد الجديد

خضير بوقايلة:الإخوان.. آخر الازمات والانقسامات!


 (Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


منظمة حرية و إنصاف

التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

جانفي200

فيفري2009    
مارس 2009      https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm 
أفريل 2009     
جوان2009  https://www.tunisnews.net/20juillet09a.htm      جويلية 2009  https://www.tunisnews.net/23Out09a.htm   أوت/سبتمبر2009    
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 09 ذو القعدة 1430 الموافق ل 28 أكتوبر 2009

الصحفي سليم بوخذير يتعرض للخطف والاعتداء بالعنف الشديد


تعرض الصحفي سليم بوخذير مندوب منظمة مراسلون بلا حدود في تونس ومراسل قناة العربية نت والعضو المؤسس بمنظمة حرية وإنصاف مساء اليوم الأربعاء 28 أكتوبر 2009 للخطف من قبل مجهولين من أمام منزله واقتياده على متن سيارة مغمض العينين ومقيد اليدين، وكان طول الطريق يتعرض للضرب بالعصي المطاطية والسب والشتم، وعندما وصلوا إلى حديقة البلفدير رموه أرضا أمام الأضواء الكاشفة للسيارة حتى لا يرى شيئا، ونزعوا عنه غطاء العينين والقيود وواصلوا الاعتداء عليه بالضرب والركل والجلد بالعصي المطاطية والنيل منه بالسب والشتم، وهدده أحدهم بواسطة سكين قائلا » نقضي عليه » إلا أن زميله منعه من ذلك، ربما كان ذلك لإخافته فقط. يذكر أن هذا ليس الاعتداء الأول الذي يتعرض له الصحفي سليم بوخذير، فقد تم الاعتداء عليه في السابق أكثر من مرة، كما يخضع باستمرار للمحاصرة والمراقبة اللصيقة والمتابعة اليومية، ووصلت درجة المضايقات إلى حد اتهامه بالاعتداء على موظف وزج به في السجن لمدة تجاوزت الستة أشهر. وحرية وإنصاف: 1)   تدين بشدة هذا الاعتداء الآثم الذي تعرض له الصحفي سليم بوخذير وتعتبر ذلك اعتداء على حرية الصحافة وعلى النشاط الحقوقي والإعلامي وتطالب بوقف هذه الهجمة التي يتعرض لها الإعلاميون والناشطون الحقوقيون وتدعو إلى اعتقال المعتدين وتقديمهم للقضاء. 2)   تناشد الجمعيات والمنظمات الحقوقية والإعلامية في الداخل والخارج إلى العمل على حماية الإعلاميين والحقوقيين في تونس ودعوة السلطة إلى الالتزام بتعهداتها الدولية المتعلقة بحمايتهم.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


رسالة من السجين الناشط الحقوقي والإعلامي زهير مخلوف


إليكم الرسالة التي كتبها من المعتقل الصحافي والناشط الحقوقي التونسي زهير مخلوف الذي يواجه عقوبة السجن لتسلله بشكل غير شرعي إلى منطقة صناعية منتحلاً صفة الصحافي. أكتب هذه الرسالة وأنا بسجن المرناقية الواقع بضواحي العاصمة التونسية ، أنا السجين الناشط الحقوقي » والإعلامي زهير مخلوف ، عضو فرع تونس لمنظمة العفو الدولية وعضو مؤسس لمنظمة حرية وإنصاف الحقوقية ، وعضو سابق بالجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين الحقوقية ، وعضو ناشط في الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض المعترف به وعضو قائمته الإنتخابية عن جهة نابل للإنتخابات التى تمّت يوم الأحد 25 أكتوبر 2009 ، وإعلامي بصحيفة السبيل أونلاين الإلكترونية المحجوبة في تونس . في الوقت الذي تشهد فيه الجمهورية التونسية حدثا سياسيا هاما يتمثل في الإنتخابات الرئاسية والتشريعية يوم 25 أكتوبر 2009 ، وفي الوقت الذى إنتظرت أوساط عريضة من الشعب التونسي والنخب السياسية حدوث مبادرات من داخل السلطة القائمة بإتجاه الإنفراج السياسي ، تمّ إعتقالي وإيداعي السجن يوم الثلاثاء 20 أكتوبر 2009 ، على إثر تحقيق مصوّر حول المشاكل البيئية للحي الصناعي بولاية نابل ، والظروف الصعبة للحرفيين وإنعدام بنية تحتية . وقد كان إنجازي للتحقيق ضمن نشاط لجنة البيئة بالقائمة الإنتخابية « للحزب الديمقراطي التقدمي » بجهة نابل والتى حصلت على الوصل النهائي ، قبل أن تنسحب من السباق الإنتخابي بناء على قرار مركزي من الحزب قرر بمقتضاه الإنسحاب بعد أن أسقطت السلطات جلّ قوائمه الإنتخابية ، وحالت دون قبول مرشحه للإنتخابات الرئاسية الأستاذ أحمد نجيب الشابي بمقتضى تعديل دستوري . وبعد إنسحاب الحزب من السباق الإنتخابي أرادت السلطات معاقبته في شخصي ، فدفعت بالسيد مراد لذيب الذى ظهر بمحض إرادة في تسجيل الفيديو موضوع الإحالة في التهمة الموجهة إلي من طرف النيابة العمومية ، وهي « الإساءة للغير عبر شبكة الإتصالات العمومية » وفق الفصل 86 من مجلة الإتصالات ، ليتقدم بشكوى كيدية ضدي يدعى فيها الإساءة إليه ويطالب بتعويضات مالية معتبرة وذلك بدفع من السلطات السياسية والأمنية ، على إثرها تمّ إستدعائي للبحث في مركز الشرطة بمعتدية المعمورة التابعة لولاية نابل ، يومي 15 – 16 أكتوبر 2009 ، وفوجئت يوم الثلاثاء 20 أكتوبر 2009 ، بإستدعاء من طرف مركز الشرطة تم بموجبه إتخاذ قرار الإحالة والإيقاف ضدي وتمّ إيداعي بسجن مرناق ، ومنه نقلت إلى سجن المرناقية . وقد فوجئت بعد زيارة المحامين لي في السجن ، بتحويل الشاهد السيد سعيد الجازي إلى متهم وقد كنت قدمته لإثبات موافقة السيد مراد لذيب على الظهور في الفيديو لشرح واقع الحي الصناعي بنابل وظروف الحرفيين فيه ، وهو ما يثبت إصرار السلطة على توريطي وتلفيق التهمة ضدي لتجريدي من وسيلة الدفاع التى قدمتها لتبرئتي من التهمة الموجهة إلي ، وإحتجاجا على هذه المظلمة والتنكيل الذي أتعرض إليه من طرف السلطة دخلت في إضراب مفتوح عن الطعام منذ يوم الإربعاء 21 أكتوبر 2009 ، للمطالبة بإطلاق سراحي وتبرئتي من التهمة المنسوبة إلي . وإنّي إذ أتوجه إليكم لأناشدكم بالتدخل السريع من أجل رفع المظلمة المسلطة علي وعلي أسرتي التى أخشى عليها من إنتقام السلطة والتنكيل بها بعد سجني ، خاصة وأن أعوان البوليس السياسي لا يزالون مرابطين أمام منزلي حسب ما أفادتني به زوجتى في آخر زيارة .  
الإمضاء : الناشط الحقوقي والسياسي والإعلامي – زهير مخلوف »  
(المصدر: موقع منظمة مراسلون بلا حدود بتاريخ 28 أكتوبر 2009 ) http://arabia.reporters-sans-frontieres.org/article.php3?id_article=31578

 


          

برقية مساندة الى الصحفى السجين زهير مخلوف من الطلبة المضربين بكليتي الحقوق والاقتصاد بتونس


 

السبيل أونلاين – تونس – عاجل نتوجه نحن الطلبة المضربون بكليتي الحقوق والاقتصاد بتونس طيلة يوم الخميس22اكتوبر 2009 بدعوة من النقابيين الراديكاليين والمكتب الفدرالى سامى بن عمر.الى السجين القابع الان خلف القضبان الصحفى زهير مخلوف والذى تعرض الى سلسلة من المضايقات والاستفزازات انتهت بتلفيق قضية عدلية في حقه في محاولة يائسة لتقليص دوره الاعلامى في نقل ما تعيشه ساحتنا من مظالم وتجاوزات في حق كل الاصوات الحرة . والطلبة المضربون اذ يعبرون عن تضامنهم الكامل مع الصحفى السجين ومع كل المحرومين من حريتهم او الملاحقين من اجل ارائهم ومواقفهم يطالبون باطلاق سراحه دون ادنى قيد او شرط وايقاف منطق القضاء ولغة السجون في التعامل مع الاختلاف واحترام حق زهير وزملائه في القيام برسالتهم النبيلة وواجباتهم الاعلامية دون ارهاب او تنكيل .
عن الاجتماع العام . لقد نقلت البرقية بحذافيرها مع الابقاء على ما ورد فيها من اخطاء في اللغة او في الصياغة.واتمنى ان اكون قد بلغت .  
عن الاجتماع العام (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 28 أكتوبر 2009 )  


الهيئة الوطنية للمحامين الفرع الجهوي للمحامين بتونس     
 الحمد لله وحده  تونس في 26/10/2009                  بـــــــيــــــــــان              حول منع محام من زيارة منوبيه  

يعلم مجلس الفرع الجهوي للمحامين و أنه و على اثر الشكاية التي تقدم بها الأستاذ سمير بن عمر إلى رئيس الفرع بسبب منعه من الزيارة في السجون و التماسه مرافقته للسجن المدني بالمرناقية لمعاينة ذلك تحول رئيس الفرع صحبة الزميل بتاريخ 26/10/2009 إلى السجن المذكور و بعد استظهار الزميل ببطاقتي زيارة زيارة مسلمتين من محكمة الاستئناف بتونس و من السيد قاضي التحقيق السادس و البطاقة المهنية طلب منه الانتظار قليلا بسبب عدم شغور مكاتب الزيارة داخل السجن و بعد قرابة النصف الساعة و بحضور رئيس الفرع تم إعلامه من طرف عون بالزي و أنه ممنوع من الزيارة بتعليمات من الإدارة العامة للسجون. و نظرا لخطورة المسألة باعتبار أن الزميل حسب بطاقات الزيارة المقدمة سلطت عليه  » عقوبة  » من طرف إدارة السجن بمنعه من زيارة حرفائه و هو ما يشكل خرقا للقانون و اعتداءا على حق الدفاع و حق السجين . فان مجلس الفرع إذ يندد بالإجراء المتخذ ضد الزميل يهيب بالسلطة المختصة لفتح بحث في الموضوع وضع حد لهذه الممارسات .   عن مجلس الفرع رئيس الفرع عبد الرزاق الكيلاني  


عائلات تونسية تعبر الحدود الجزائرية طلبا للجوء

 


التحرير في الثلاثاء, 27. أكتوبر 2009 عبرت نحو 40 عائلة من أم العرايس بولاية قفصة تضم عشرات الأفراد من نساء ورجال وأطفال يوم الاثنين الحدود الجزائرية وحطّت رحالها جنوب ولاية تبسة. وجاء هذا التحرك الثاني من نوعه في ظرف عام واحد احتجاجا على تشديد الملاحقات الأمنية لهم في الآونة الأخيرة خاصة خلال الفترة الانتخابية لمنعهم من مواصلة نشاطهم في تهريب الوقود وحديد البناء من الجزائر، مصدر رزقهم الوحيد. وحسب المعلومات الأوّلية فإنّ هذه العائلات طلبت اللجوء لدى السلطات الجزائرية. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 27 أكتوبر 2009)


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 09 ذو القعدة 1430 الموافق ل 28 أكتوبر 2009

أخبار الحريات في تونس


1)سجين الرأي السابق رمزي القاسمي مفقود منذ 10 ايام: أعلنت عائلة سجين الرأي السابق الشاب رمزي القاسمي أنه مفقود منذ 10 أيام وأنها لا تعلم عنه شيئا وتجهل مكانه وسبب فقدانه. علما بأن ظاهرة فقدان الشباب لعدة أيام معلومة في تونس بسبب الاعتقالات العشوائية التي تتم في إطار قانون الإرهاب غير الدستوري. 2)الناشط الحقوقي زهير مخلوف يواصل إضرابه عن الطعام ويتلقى زيارة المحامين: يواصل النشاط الحقوقي السيد زهير مخلوف المعتقل حاليا بسجن المرناقية إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم التاسع على التوالي للمطالبة بإطلاق سراحه، وقد تلقى اليوم الأربعاء 28 أكتوبر 2009 بالإضافة إلى زيارة عائلته زيارة مجموعة أخرى من المحامين المتطوعين للدفاع عنه. 3)حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


اعتداء سافر على الاسرة التربوية ببرقو


في تجاوز خطير و اعتداء سافر عمد صباح يوم الأربعاء 28 / 10 / 2009 أحد المواطنين إلى اقتحام المدرسة الإعدادية ببرقو و انهال على الأساتذة شتما و سبّا و صياحا ثمّ قام بتعنيف مدير المؤسّسة ما استوجب نقله إلى المستشفى و ابقاؤه تحت المراقبة. فدخل كلّ الإطار التربوي من أساتذة و إداريين و قيّمين و عملة في اضراب بساعة من العاشرة إلى الحادية عشر صباحا و انتقل خمسة أعضاء من المكتب التنفيذي للاتّحاد الجهوي يتقدّمهم الأخ الكاتب العام إلى المؤسّستين التربويّتين ليلتقوا بالعاملين بهما متبنّين تحرّكهم المشروع و معبّرين عن تعاطفهم الكامل معهم. كما حضرت الإدارة الجهوية للتربية و التكوين ممثلة في شخص السيد المدير الجهوي المساعد للتعليم الثانوي. الذي أدان بدوره الإعتداء و وعد بتتبع المعتدي أمنيا . كما أمضى كلّ العاملين عريضة أرسلوا نسخة منها إلى الإتّحاد الجهوي نقابي من برقو — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicales


تعليق إضراب الثانوي في مدنين وحديث عن خلاف بين نقابة الثانوي ونقابة القيمين


التحرير في الثلاثاء, 27. أكتوبر 2009 علّقت النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بمدنين الإضراب الجهوي الذي كان مقرّرا اليوم الأربعاء 28 أكتوبر بعد توصلها لاتّفاق مع الإدارة الجهوية للتعليم بمدنين برعاية النقابة العامة للتعليم الثانوي. وتضمّن الاتفاق التعهّد بمتابعة الوضع الحالي بإعدادية قلالة بما يناسب من إجراءات وتراتيب إدارية وقانونية تحفظ كرامة المدرس وحرمة المؤسسة في أقرب الآجال، إضافة إلى تعهّد الإدارة بصيانة الإعدادية وتكليف عامل بحراسة المدخل أثناء العمل.  من جهة أخرى أفادت مصادر نقابية أنّ هذه القضية التي اتهم فيها احد القيمين بالاعتداء اللفظي على الأساتذة أثارت جدلا بين النقابة العامة للتعليم الثانوي والجامعة العامة للإرشاد التربوي. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 27 أكتوبر 2009)


بيان الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان تونس : فوز بن على وخسارة الديمقراطية وحجب الجزيرة نت

القاهرة في 27 أكتوبر 2009.  


قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان اليوم ، أن تونس تلقت ثلاثة ضربات موجعة في يوم أول أمس الأحد ، تمثلت في تأكيد سيطرة الرئيس « زين العابدين بن على » على مقاليد الحكم في تونس لفترة خامسة تستمر حتى عام 2014 ، في انتخابات شكلية و معدة النتيجة سلفا ، وتكمل الإجراءات الشكلية لبقائه في السلطة مدة 27عاما ، ليستمر تعطيل الديمقراطية خمسة أعوام أخرى ، فضلا عن قرار يحرم المواطن التونسي من أحد أهم مصادره لتلقي الأخبار والمعلومات ، وهو قرار حجب موقع الجزيرة نت في تونس. وفوز الرئيس بن على في الانتخابات الرئاسية بتونس والذي يعني بوضوح تغييب الديمقراطية واستمرار الانتهاكات الفظة لحقوق الإنسان ، رغم أنه كان متوقعا ، إلا ان حجب موقع الجزيرة نت في نفس يوم فوزه بالفترة الخامسة لرئاسة تونس ، يعد ضربة موجعة لحق المواطنين في تلقي الأخبار الحقيقة والصحيحة ، ويجعله فريسة سهلة للإعلام التونسي الرسمي المعروف بغياب اي استقلالية له أو تنوعه بين الرأي والرأي الأخر. وقد جاء حجب موقع الجزيرة نت ، بعد أيام من حجب موقع بوابتي الإخباري ، عقب نشر الموقعين لخبر عن كتاب « حاكمة قرطاج » الذي يشير للهيمنة الشديدة التي تمارسها زوجة الرئيس بن علي وأسرتها على تونس ،في السنوات الأخيرة. وقالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان » لا نستطيع أن نتصور حصار المواطن التونسي بوسائل إعلام تطرح صوتا واحد ورأيا واحد منذ الآن ، والفارق الوحيد الذي سوف يراه المواطن في تونس هو اختلاف الوجوه التي تطلق هذا الرأي الواحد ، سواء صحفيين تونسيين أو مصريين أو بعض اللبنانيين والأردنيين الذي تخلوا عن قيم الصحافة وتقاليدها ، وتهافتوا لمديح نظام مستبد وهجوم على نشطاء حقوق الإنسان والمعارضة التونسية ، نظير مكاسب رخيصة يغدقها عليهم هذا النظام الديكتاتوري ».  
 
(المصدر:موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بتاريخ 28 أكتوبر 2009 )


الحزب الاشتراكي الفرنسي ينتقد دعم الإيليزي للنظام التونسي


التحرير في الثلاثاء, 27. أكتوبر 2009 قال الحزب الاشتراكي الفرنسي تعليقا على نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية في تونس إنّها مثال لغياب الحريات وإنّه يعتبر دعم السلطات الفرنسية للنظام التونسي أمرا مثيرا للصدمة خاصّة وأنّ هذا الأخير يرمي عرض الحائط باتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي المشروطة باحترام حقوق الإنسان. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 27 أكتوبر 2009)

لنواصل النضال من أجل وضع حدّ للاستبداد وتحقيق التغيير الديمقراطي

 


أعلنت صبيحة هذا اليوم النتائج النهائية للمهزلة الانتخابية التي جرت يوم أمس الأحد 25 أكتوبر 2009، فقد « فاز » بن علي بالرئاسية بنسبة تقارب الـ90% (89.62%) كما « فاز » حزبه « التجمع الدستوري » بالـ75% من مقاعد البرلمان المخصصة للدوائر (161 مقعدا).   ومن دون مفاجآت أيضا وزعت الـ25% من المقاعد المتبقية (53 مقعدا) على الأحزاب الإدارية (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، حزب الوحدة الشعبية، الاتحاد الديمقراطي الوحدوي، الحزب الاجتماعي التحرري، حزب الخضر للتقدم) ولم تحصل حركة التجديد المعارضة إلا على مقعدين من هذه المقاعد ممّا يعني أنها خسرت مقعدا مقارنة بالدورة البرلمانية السابقة.   لقد سبق لحزب العمال الشيوعي التونسي وكافة القوى السياسية التي دعت إلى مقاطعة المهزلة أن توقعت مثل هذه النتائج التي جاءت لتدعم مرة أخرى الحكم الفردي المطلق عبر رئاسة مدى الحياة غير معلنة وهيمنة « التجمع الدستوري » على مؤسسات الحكم في إطار من الديكور الديمقراطي الذي تؤثثه أحزاب لا علاقة لها بمصالح الشعب التونسي وطموحاته، بل هي جزء لا يتجزأ من النظام القائم الذي تنتفع منه أقليات نهابة وفاسدة.   لقد انتفت في هذه الانتخابات الشروط الدنيا التي تجعل منها انتخابات حرة ونزيهة، لقد طغى عليها الاستبداد والغطرسة إلى آخر لحظة، فلا حرية تعبير ولا حرية تنظم ولا حرية ترشح ولا حرية اجتماع ولا إدارة محايدة ولا قضاء مستقلا، بل قمعا منهجيا لكل الأصوات الحرة، أحزابا ومنظمات وشخصيات مستقلة وتسخيرا لكافة إمكانيات الدولة لبن علي وحزبه كي يسطوا على إرادة الشعب ويستمرا في الحكم، ممّا جعل أحزابا معارضة قانونية تشهد بأن ظروف هذه الانتخابات أتعس من ظروف سابقاتها التي كانت بدورها صورية ومعلومة النتائج مسبقا.   إن حزب العمال الشيوعي التونسي، إذ يعبّر عن رفضه لهذه المهزلة الانتخابية ويعتبر أن النتائج التي أسفرت عنها لا تعبر في شيء عن إرادة الشعب التونسي، فإنه يدعو كافة قوى المعارضة الديمقراطية إلى استخلاص الدرس وتكتيل صفوفها من أجل وضع حد لأكثر من نصف قرن من الاستبداد وتحقيق التغيير الديمقراطي المنشود الذي من شأنه أن يفتح أبواب الأمل أمام تونس وشعبها.   لا للمهازل الانتخابية لا للمؤسسات الصورية لنناضل معا من أجل وضع حد للاستبداد عبر النضال من أجل:  إطلاق سراح كافة المساجين السياسيين وسن العفو التشريعي العام  إلغاء كافة القوانين المنافية للحريات وضمان حرية التعبير والصحافة والتنظيم والاجتماع  إلغاء الرئاسة مدى الحياة وحل المؤسسات الصورية وتنظيم انتخابات حرة وديمقراطية ينبثق عنها مجلس تأسيسي يصوغ دستورا جديدا للبلاد  مقاومة الفساد والدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشعب  احترام استقلالية القضاء ووضع حد لظاهرة الحزب-الدولة   حزب العمال الشيوعي التونسي تونس في 26 أكتوبر 2009   (المصدر: « البديل عاجل »، قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 27 أكتوبر 2009)   


 المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم

تونس في 27 أكتوبر 2009 بيان حول الانتخابات
 


عاشت بلادنا في الأيام الأخيرة محطة هامة في الحياة السياسية تمثلت في انتخاب رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس النواب. لقد اعتبرت المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم هذه الانتخابات محطة نضالية استثنائية وفرصة تفتقد البلاد لمثيلاتها في سائر الأيام، فرصة لإسماع الشعب صوتا مغايرا للصوت المهيمن الذي يحاول إيهام الناس بأنه الصوت الوحيد، وأنه ليس بالإمكان أبدع مما كان وأن لا بديل عن الحزب الحاكم ورجالاته. وعلى الرغم من العراقيل الجمة التي بدأت بالقوانين الانتخابية التي اعترض عليها نواب حركة التجديد وإسقاط العديد من القائمات وحجز جريدة « الطريق الجديد » ومنع البيانات والمعلقات لأيام عديدة في بداية الحملة الانتخابية، والتصرف المنحاز في توفير فضاءات الاجتماع العمومي والصنصرة لعديد المقاطع في المداخلات الإذاعية والتلفزية لعدد من رؤساء قائمات المبادرة وانتهت بعديد التجاوزات والإخلالات التي حصلت يوم الاقتراع والتي رفعنا في الإبان ملاحظات بشأنها إلى المرصد الوطني للانتخابات.  وعلى الرّغم من كل ذلك، فقد تمكنت المبادرة الوطنية من إثبات واقع حاول بعضهم إنكاره، وهو أنها تمثل فعلا حركة معارضة جدّية ومسؤولة تقدم أفكارا ورؤى بديلة مغايرة للسائد، مدروسة وقابلة للتطبيق – أو هي تشكل على الأقل قاعدة صلبة لإجراء حوار وطني شامل حول الاختيارات العامة في البلاد – وأن هذه البدائل يحملها نساء ورجال وطنيون أكفاء، لا يجرون وراء مال أو جاه، ولا يعتمدون إلا على القوى الذاتية لشعبهم، وهمهم الوحيد وضع طاقاتهم وتجاربهم وخبراتهم في خدمة مصلحة البلاد ورقي الشعب. وقد كان بالإمكان أن تشكل هذه المحطة فرصة لتطوير الأوضاع السياسية في اتجاه نظام سياسي يتماشى مع حاجات الشعب وطموحات الشباب للشروع في تنفيذ إصلاح يكرس حق المواطن في اختيار قياداته بكل حرية ويجسم ثراء الساحة السياسية بما تزخر به من طاقات عديدة مستعدة لتسخير إمكانياتها لمصلحة الوطن ورقيّه. لكن الإصرار على إبقاء هيمنة الحزب الحاكم على جميع مظاهر الحياة السياسية والاجتماعية قد فوّت هذه الفرصة للإصلاح، وهو أمر يؤشر على نيّة لدى البعض في جعل الفترة المقبلة من حياة بلادنا مطابقة لما كانت عليه الفترة السابقة إن لم تكن أكثر انغلاقا. لذا فقد جاءت النتائج الانتخابات المعلن عنها لا تعكس حقيقة موازين القوى السياسية في المجتمع، ولا حجم التعاطف الواسع الذي لقيته المبادرة الوطنية ومرشحوها في الرئاسية والتشريعية لدى عموم المواطنين، بل أتت لتكرّس سيطرة الحزب الحاكم والأحزاب الموالية للسلطة والقريبة منها، في محاولة لإحباط وتهميش المعارضة الوطنية والديمقراطية المسؤولة.  إن المبادرة من أجل الديمقراطية والتقدم تعبر عن اعتقادها بأن مستقبل تونس واستقرارها ومناعتها يمرّ عبر سياسة اجتماعية عادلة وإصلاح سياسي شامل يكرّس مبادئ النظام الجمهوري وقيم المواطنة والمساواة، وسيادة الشعب التي يمارسها عبر انتخابات حرّة وشفاّفة فعلا، ويثري الحياة السياسية ويمكن الأحزاب المدنية التي عبّرت عن رغبتها في العمل القانوني من حقها في ذلك، ونخص بالذكر منها حزب العمل الوطني الديمقراطي. وإننا في المبادرة لعازمون في المرحلة القادمة على توطيد ائتلافنا على أساس أرضية واضحة تقدمنا بها للرأي العام يوم الإعلان عن ترشيح الأستاذ أحمد إبراهيم، واعتمدناها خلال كافة مراحل الحملة الانتخابية. كما أننا عازمون على مواصلة تطوير اللقاءات التي حصلت أثناء الحملة لقطع أشواط جديدة نحو تجميع أكبر قدر من الطاقات وبناء حركة ديمقراطية وتقدمية قوية وفاعلة، قادرة على التأثير على مجريات الأمور للمضي قدما بتونس وأبنائها وبناتها نحو الأفضل. ولا يفوت المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم بجميع مكوناتها من مستقلين وحركة التجديد وحزب العمل الوطني الديمقراطي أن تتقدم بالشكر إلى كل المواطنات والمواطنين الذين صوتوا لمرشحها للرئاسة الأستاذ أحمد إبراهيم ومرشحيها للانتخابات التشريعية، وهي تعرب عن امتنانها للشعب التونسي الذي احتضن اجتماعاتها في جميع جهات البلاد، وواكب لقاءاتها وأبدى اهتماما بأفكارها واقتراحاتها، متخطيا بذلك حواجز اللامبالاة وشتّى الضغوط. كما تعرب المبادرة الوطنية  عن تقديرها وتهانيها الحارّة لمناضليها وأصدقائها وأنصارها لما أظهروه من نضالية وحزم وحماس أثناء الحملة الانتخابية، وما أثبتوه من سلوك مسؤول جعلهم يتجاوزون العراقيل والضغوط، سواء تلك التي تدفع إلى الاعتكاف في البيوت والاحتجاج على الورق أو تلك التي تدفع إلى الخضوع إلى الأمر الواقع والاستسلام أمام الترغيب و الترهيب. كما تسجّل المبادرة الوطنية عدم إقصاء حركة التجديد من مجلس النواب حيث ستكون ممثلة بنائبين يتحملان مسؤولية الإصداع بمواقف المعارضة الجدّية. كما تعبّر المبادرة الوطنية عن تقديرها لكل من ساند مرشحها للرئاسة الأستاذ أحمد إبراهيم ونخص بالذكر منهم حزب « التكتل من أجل العمل والحريات » وقائمات « الإصلاح والتنمية »، كما تجدّد تضامنها مع حزب « التكتل من أجل العمل والحريات » إزاء ما تعرّض له من إقصاء في هذه الانتخابات. وتعبّر المبادرة عن امتنانها لعديد الشخصيات التونسية في تونس وفي المهجر وعديد المثقفين والفنانين والكتاب والأطباء والمحامين والجامعيين والنقابيين والحقوقيين الذين عبروا عن مساندتهم للمبادرة ومرشحيها.    المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم

الوجه الآخر للانتخابات الرئاسية في تونس اسمه « ليلى بن علي »، الوصي على قرطاج، ورئيسها القادم!

 


الرباط – خاص: « السيدة ليلى بن علي هي الرئيس القادم لجمهورية تونس! »…يقول مسؤول رفيع في السفارة التونسية بالرباط في حديث خاص لـ »الرأي » جازما، واثقا، وموضحا « تونس بلد يقوم على التعاليم العلمانية رغم أنه يشير في دستوره إلى أن الإسلام هو دين الجمهورية، إلا أن فصل الدين عن الدولة أمر واضح في قوانينها، وبالتالي لا يوجد ما يمنع قانونا ولا شرعا من تولي امرأة الحكم في تونس، هذا من حيث التأطير القانوني، أما من حيث الشخصية، فإن السيدة الأولى تتمتع بمؤهلات تجعلها مرشحا قويا للرئاسة، فموقعها كزوجة للرئيس أكسبها خبرة ومعرفة بدهاليز الحكم، كما أنها ذات شخصية قوية جعلتها سندا لزوجها الرئيس، وتتمتع بشبكة علاقات نافذة بين رجال الأعمال والسياسة ستمكنها من الوصول للحكم بسهولة، أضف إلى كل هذا أن تتويج السيدة بن علي رئيسة لتونس سيكون تتويجا لمسيرة ناجحة عرفتها المرأة التونسية ». من الحلاقة…إلى الرئاسة! ليلى الطرابلسي، الفتاة الوحيدة وسط إحدى عشر ذكرا، وحلاقة الشعر كانت مهنتها التي أدخلتها إلى عالم الأعمال ثم السياسة، هكذا كانت حياة السيدة الأولى لتونس قبل سنة 1992 حين اقترنت رسميا بزين العابدين بن علي وأصبحت زوجته الثانية، وحملت لقبه وشاطرته في حكم الجمهورية التونسية، رغم أن أول لقاء فعلي بين الزوجين كان في أواسط الثمانينات، وبعدها بسنتين تولى ضابط الأمن حكم قرطاج بقبضة من حديد، ورزق من زوجته بابنتين وآخر ذكر كان مولده في سنة 2005. الحلاقة، هكذا يناديها سرا وتهكما شعب تونس المتذمر من سيطرة عائلة زوجة الرئيس على خيرات البلاد، ورغم أن السيدة الأولى حاولت تسلق مصاف حاملي الشهادات العليا، فإن ذلك لم يمح عنها صورة الحلاقة، بل شكك المشككون في مصداقية الشهادات العلمية التي أحرزتها، وكانت كلها عن طريق المراسلة، حيث حصلت على شهادة البكالوريا سنة 2000 وشهادة معادلة للماستر في القانون من جامعة تولوز الفرنسية. ليلى بن علي، ترأس المنظمة العربية للمرأة، وجمعية بسمة التي تحظى بتغطية إعلامية كبيرة من السلطة التونسية، تتولى أيضا مهمة الناطق باسم الرئيس، تحضر أغلب المؤتمرات الرسمية، وتلقي الخطابات الرئاسية باسم زوجها ومكانه حين يتعذر عليه الحضور، ليلى بن علي ليست فقط زوجة الرئيس أو السيدة الأولى في تونس، هي الوجه الآخر لحاكم الجمهورية، كلاهما يسيرّ البلاد، لا تابع ولا متبوع، تقول التونسية آمال بنموسى لاجئة سياسية بالكيبيك الكندية، مؤكدة على ما خص به مصدر « الرأي » في السفارة التونسية بالرباط قائلة « ما جاء على لسان مصدركم يبدو منطقيا وأنا شخصيا أتوقعه، ويؤسفني كتونسية أن يحدث هذا، ليس لأنها زوجة الرئيس أو لأنها حلاقة فالطموح لا حدود له، لكن الجشع له حدود، كما أن الطريقة التي ينتخب بها زوجها، وتعديله لنص في الدستور يتيح للرئيس ترشيح نفسه للحكم مدى الحياة، ينبئ باستمرار الفساد في تونس تحت قناع التطور الاقتصادي ». ليلى والعائلة…  
« اليوم الذي تأكدت فيه أن تونس لم تعد بلد الحرية »، هذا ما قاله التونسي محمد وزوجته مادلين في كتاب روى كل التفاصيل عن جشع لا ينتهي لسيدة تونس الأولى، حين كان مالكا لثانوية لويس باستور، وحاولت إرغامه على تقديم معاملة استثنائية لأبناء الطبقة النافذة من المقربين إليها، وجراء رفضه أرغمته على بيع المؤسسة واشترتها منه لتحولها إلى مؤسسة خاصة دولية بالشراكة مع أرملة الراحل ياسر عرفات التي كانت مقيمة دائمة بتونس إلا أن حبال الود سرعان ما انقطعت بين زوجتي الرئيسين، ولم تكتف ليلى بن علي بإنهاء الشراكة فقط، بل تجاوزتها إلى طرد سها عرفات من الأراضي التونسية بأكملها. قوة زوجة بن علي منح عائلتها نفوذا لا ينتهي، لم يقف عند التحكم في اقتصاد الجمهورية، وفي الصفقات المشبوهة، بل تجاوزه إلى السرقة، وهو ما تشهد عليه القضايا التي تلاحق إخوة وأبناء زوجة الرئيس في المحاكم الدولية. أخوها بلحسن الطرابلسي، متورط في صفقة طيران مشبوهة، باعتباره مالكا لمجموعة قرطاجو التي تحتكر سوق الطيران في تونس إضافة إلى راديو موزاييك ا.ف.م، أما ابنة عمها نجاة الطرابلسي، فهي برلمانية في حين تدير صديقتها عاليا عبد الله البنك التونسي، هذه الأخيرة اقترنت بزوجها رجل الأعمال عبد الوهاب عبد الله في زواج مدبر من السيدة الأولى نفسها. تعلق آمال بنموسى في حديثها لـ »الرأي » على دور الخاطبة الذي لا تتوان سيدة تونس في القيام به قائلة « لم تكتف ليلى بن علي السير على خطى زوجة الرئيس السابق وسيلة بورقيبة في الأخذ بزمام الحكم حينما مرض وقبل ذلك الحين، بل تجاوزته من التأثير في حكم الرئيس إلى مشاركته السلطة، وهي تؤسس للأمر بإكمال زيجات بين صديقاتها المقربات ورجال أعمال ورجال سياسة نافذين حتى يظلوا تحت سيطرتها وخداما مطيعين لها ولزوجها ». السمعة غير الطيبة التي تتمتع بها عائلة زوجة الرئيس ساهمت في خلقها عماد ومعز الطرابلسي، أبناء إخوتها، واللذين صدرت في حقهما مذكرة بحث وتوقيف دوليتين بتهمة تكوين عصابة منظمة، والتزوير، والسرقة، حيث تورطا في سرقة يخوت من الطراز الرفيع بفرنسا، وسيارة فاخرة بألمانيا. الوصي على قرطاج اسمها…ليلى!  
لأول مرة يصدر كتاب يكشف خفايا عائلة ليلى بن علي، نيكولا بو وكاثرين كراسيي صحفيان فرنسيان يحكيان في كتاب من 177 صفحة حصيلة تحقيق مكثف، تفاصيل نجاح معسكر ليلى الطرابلسي في السيطرة على الاقتصاد التونسي. الكتاب صدر في بداية شهر أكتوبر تحت عنوان « الوصية على قرطاج ». زوجة الرئيس حاولت منع صدور الكتاب، ورفعت شكوى إلى المحكمة الفرنسية بباريس، لكنها خسرتها، بل حكم بأدائها 1500 يورو لصالح دار النشر لا داكوفرت، على تأخير إصداره، الحكم الذي أجبرت فرنسا على إصداره حفاظا على ماء وجهها أمام المعارضة التونسية وأنصار الديمقراطية والذين يتساءلون عن سبب سكوت فرنسا عن انتهاكات العائلة الحاكمة في تونس، وفي آخر ورقة للتشويش على مصداقية ما جاء في الكتاب، تجمهر عدد من أنصار الرئيس وزوجته أمام مقر دار النشر في مظاهرة مصغرة محتجين على ما جاء فيها مما اعتبروه كذبا وتلفيقا في حق السيدة الأولى وعائلتها. الكتاب يحكي أيضا تفاصيل خفية في حياة سيدة تونس الأولى، كيف تربت في وسط جد متواضع، وكيف امتهنت حرفة لا تصنف ضمن المهن الواعدة، وكيف أهلتها مهنتها للتعرف على شخصيات نافذة، وكيف انتقلت بذكاء من معسكر فقد نفوذه بعد ضعف الرئيس بورقيبة إلى معسكر يقوده زين العابدين بن علي الذي أصبحت ليس فقط شريكته في الحياة الزوجية، بل أيضا في السيطرة على تونس. فهل ستشاطر زوجها في جميع الأوضاع، كما كان حال رئيس رومانيا وزوجته؟ (المصدر:جريدة الرأي بتاريخ 28 أكتوبر 2009 )


عرس الديمقراطية في تونس


*جمال سلطان    أمس كان العرب على موعد مع عرس جديد للديمقراطية ، وما أكثر أعراس الديمقراطية في بلاد العرب هذه الأيام ، العرس الجديد كان « عرس الزين » في تونس ، مع الاعتذار للطيب صالح ، حيث فاز الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بالانتخابات فوزا ساحقا كالعادة ، ولكن للأمانة فإن النتيجة هذه المرة كسرت حاجز التسعين في المائة وتوابعها للمرة الأولى ، وهذا تطور إيجابي بدون شك.  حيث حصل الرئيس التونسي على نسبة 89.62% من مجموع الأصوات ، بينما حصل منافسه الأكبر على 5% والمرشح الآخر على 3% ، وكان زين العابدين قد حصل في أول انتخابات تعددية في تونس عام 1999 على نسبة لم يحظ بها نبي من الأنبياء ، حيث حصل على 99,4% ، أي أن نصف في المائة فقط من الشعب التونسي صوتوا ضده ، هذه المرة الوضع اختلف ، وأصبح أكثر إيجابية ، لأنه تواضع ووضع الرقم الأقل إثارة .  غير أن الأمر ما زال يستعصي على الفهم بالنظر إلى أن هذه المرة هي المرة الخامسة التي يترشح فيها الزين لرئاسة الدولة ، وأن يظل الشعب التونسي ينتخب الرجل طوال اثنين وعشرين عاما بهذا الإجماع المتوالي فهذا بالطبع حدث لافت وسعيد ويعود إلى العبقرية الخارقة التي يتمتع بها الرئيس التونسي والإنجازات الضخمة التي حققها لتونس التي أصبحت ملء السمع والبصر في العالم كله الآن ، وخاصة في جوانب السياحة الترفيهية .  الرئيس التونسي الذي يتجاوز السبعين من عمره كان يواجه مشكلة دستورية صغيرة ، وهي المتعلقة بسقف السن المسموح به لمن يتولى رئاسة الجمهورية ، والذي كان يحدد سن السبعين كحد أقصى ، وكان هذا سيحرم الشعب التونسي من عبقرية وكفاءة الزين النادرة ، وبالتالي تم إجراء عملية جراحية صغيرة للدستور التونسي وافق عليها الشعب بالإجماع أيضا ، ترفع سقف السن من سبعين إلى خمسة وسبعين عاما ، وإذا أحيانا الله وأحياكم سيتم تعديل الدستور مرة أخرى بعد خمس سنوات لرفع السقف إلى ثمانين عاما ، ما لم تأت الأقدار بما لم يكن في الحسبان.  أشفقت على النخبة التونسية المعارضة وهي تشتكي الهوان والتهميش والمساخر التي تحدث باسم الديمقراطية ، وأشفقت على الجهد الكثير الذي بذلوه لكي يثبتوا أن الانتخابات غير نزيهة بالمرة وأنها تمثيلية لا صلة لها بالديمقراطية ولا بالمشاركة ، وكأن المعارضة التونسية تخشى أن يتصور أحد خارج تونس أن البلاد كانت في حفل ديمقراطي بالفعل . فيا أيها الشرفاء الجواب يظهر من عنوانه ، والعنوان فاجر وفاضح ، ولا يوجد أحد في بلاد العرب ولا العجم يقتنع أن للديمقراطية الحقيقية وجودا في بلاد العرب منذ عرف العالم حكاية الديمقراطية ، إلا بعض التجارب النادرة المحكومة طائفيا وعشائريا ، المسألة كلها أرقام يتم الاتفاق في البيت الرئاسي على نشرها في يوم محدد ويتم عرضها على السيد الرئيس فيوافق عليها أو يعدلها حسب تقديره الشخصي ، ثم يتم الإعلان عن هذه الأرقام في اليوم الموعود بوصفها إرادة الشعب واختيار الشعب. ويقف وزراء الداخلية في موقف مهيب أمام الكاميرات ليعلنوا للناس أرقام المشاركات بدقة متناهية ، قبل أن يزفوا البشرى للسيد الرئيس بنجاحه في الفوز بثقة الشعب ، حيث يفاجأ السيد الرئيس بالنتائج المبهرة التي حققها سيادته في الانتخابات ، ويؤكد من جديد على أنه عاجز عن شكر شعبه على هذه الثقة الغالية التي منحوه إياها وأن هذه الثقة تحمله أمانة في عنقه أن يكون عند هذه الثقة وأن يظل في خدمة شعبه أبد الآبدين .  .. ويا أيتها الشعوب ، كم من الجرائم والأكاذيب ترتكب باسمك . gamal@almesryoon.com *صجيفة المصريون 27/10/2009 (المصدر: شبكة الأخبار العربية ( محيط ) بتاريخ 6 أفريل 2009 )  


تونس 1987.. تونس 2009

بقلم: إسلام محمود ريشة: مازن الرمال  
ربما كانت إرادة الشعوب ومطالبها من قبيل المسكوت عنه لأعوام؛ حتى إذا جاء موعد الانتخابات الرئاسية بدأ الحديث مع الحدث وانتهى معه. قبل ساعات تمت إعادة انتخاب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بنسبة 89.62% من جملة أصوات الناخبين في انتخابات الرئاسة لفترة خامسة. ولم تشارك أبرز الشخصيات التونسية المعارضة في الانتخابات، كما أن هذه النسبة تقل عن نسبة 94.4 % التي حصل عليها بن علي في الانتخابات السابقة التي جرت قبل خمس سنوات.  وتولى بن علي السلطة في عام 1987 عندما أعلن الأطباء أن سلفه الحبيب بورقيبة أصبح عاجزاً عن الحكم بعد أكثر من ثلاثين عاما في السلطة، وبن علي يبلغ من العمر 72 عاماً ، وهو خريج المعهد الفني بسوسة، التحق بالجيش سنة 1958، ثم واصل تكوينه العسكري بأحد المعاهد العسكرية في مدينة سان سير بفرنسا، وعمل بن علي ضابطاً في أركان الجيش حين تم تأسيس إدارة الأمن العسكري سنة 1964، وشغل منصب المدير العام للأمن الوطني سنة 1977، وعُين سفيراً في بولونيا سنة 1980، ثم تولى مجدداً الإدارة العامة للأمن الوطني سنة 1984، وعُين وزيراً للأمن الوطني سنة 1985، ثم وزيراً للداخلية سنة 1986. أصبح زين العابدين عضواً في الديوان السياسي للحزب الاشتراكي الدستوري سنة 1986، وأميناً عاماً مساعداً للحزب ثم أميناً عاماً للحزب بعد ذلك، وعُين رئيساً للوزراء مع الاحتفاظ بوزارة الداخلية سنة 1987. وفي 2002 أجرى تعديلاً دستورياً مكنه من الترشح لفترة رئاسية جديدة. وقد أكد البرنامج الانتخابي للرئيس على أهمية تحويل تونس إلى قطب للخدمات المصرفية وساحة مالية إقليمية، بالإضافة إلى دعوته إلى الانفتاح والحوار والتسامح والإبداع، وتطوير قطاعات الصحة والتعليم والتنمية والتشغيل في الوسط الريفي وهي أهداف ترمي كلها إلى مزيد من الاهتمام بمختلف برامج التنمية الجهوية والنهوض بالأرياف، وتكثيف المبادرات المساندة للاقتصاد، وتحقيق مستوى أفضل لمعدل الدخل الفردي يصل إلى نسبة 40 بالمائة ليبلغ 7 آلاف دينار سنة 2014م، وألاَّ تكون هناك أسرة تونسية واحدة دون عمل أو مورد رزق لأحد أفرادها على الأقل قبل عام 2014م، فضلاً عن استحداث 425 ألف فرصة عمل تقلص نسبة البطالة بنقطة ونصف مع نهاية الأعوام الخمسة المقبلة. إلا أن تونس تنتظر الكثير والكثير مع فترة الولاية الخامسة؛ فبضع القطرات من صنبور الديمقراطية لا تروي عطش التونسيين، خاصةً مع تصاعد التحديات داخلياً (اقتصادياً وسياسياً). (المصدر: موقع صحيفة الوطن السعودية بتاريخ 28 أكتوبر 2009 )  


توضيحات من مصدر مأذون بوزارة الشؤون الخارجية التونسية


تبعا للتصريح الذي أدلى به الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية يوم 26 / 10 / 2009 حول نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية بتونس، أدلى مصدر مأذون بوزارة الشؤون الخارجية بالتوضيحات التالية:   “تقدر تونس للولايات المتحدة الأمريكية اهتمامها بالانتخابات الرئاسية والتشريعية التعددية التي جرت يوم 25 أكتوبر 2009 وبدعم علاقات الصداقة والتعاون بينها وبين تونس.   وخلافا لما ورد في هذا التصريح من أن الحكومة التونسية لم ترخص لاى ملاحظين مستقلين بمتابعة الانتخابات فإنها تؤكد على أن هذا الاستحقاق الوطني الهام قد واكبته 31 شخصية مستقلة وذات مصداقية من وزراء وبرلمانيين وسفراء سابقين وممثلين عن المجتمع المدني من 23 دولة على غرار فرنسا وايطاليا والنمسا وبريطانيا والبرتغال ومالطا وروسيا واليابان وتركيا والمغرب والجزائر ومصر فضلا عن بعثة مفوضية الاتحاد الإفريقي.   وقد تابعت هذه الشخصيات بالإضافة لأعضاء المرصد الوطني للانتخابات المتكون من شخصيات تونسية مستقلة ومحايدة الى جانب ممثلي مختلف الاحزاب السياسية التونسية المشاركة في الانتخابات سير العملية الانتخابية في مختلف مراحلها بكل حرية وشفافية مع توفر كل التسهيلات.   وقد أجمع هؤلاء الملاحظون في عديد التصريحات لوسائل الاعلام العربية والاجنبية على سلامة العملية الانتخابية وشفافيتها انطلاقا من معاينتهم الميدانية المباشرة لاطوار اجرائها ومواكبتهم لعملية الاقتراع في عديد المكاتب التي زاروها بمناطق مختلفة من الجمهورية التونسية.   وتمثل هذه المحطة الانتخابية طورا جديدا على صعيد تعزيز المسار التعددى الديمقراطي في تونس وتجذر قيم المواطنة مثلما برهن عليه الشعب التونسي باقباله المكثف على صناديق الاقتراع واختياره الحر. كما أكدت الارادة السياسية الثابتة لترسيخ هذا المسار.   وفي ما يلي قائمة الملاحظين الاجانب في الانتخابات الرئاسية والتشريعية:   – السيد مخائيل فرندو : مالطا   – السيدة سعيدة بن حبيليس :الجزائر   – السيدة ودودة بدران :مصر   – السيدة غايتانا باتشي :ايطاليا   – السيد هلموت أغرليش :النمسا   – السيد بافل سركيسوف :روسيا   – السيد ياسو واكي أونو :اليابان   -السيد غوزى لاماقو :البرتغال   – السيد أيوب ايار :تركيا   -السيد سيدني اسور :بريطانيا   -السيد أنطوان عقل :لبنان   -السيد مصطفى فاروق قسنطيني :الجزائر   -السيد عبد الله باك علي :المغرب   -السيد ابراهيم سملالي :المغرب   -السيد كارنالو أوكينو :ايطاليا   -السيد أدموند جوف :فرنسا   – السيد أندرى ديكوك :فرنسا   -اليد غاستون كنفاك دواجيني :الكامرون   -السيد صالح الطيار :العربية السعودية   -السيد مبروك نجوا :الجزائر   -السيد محمد العربي شبيره :الجزائر   **بعثة الاتحاد الافريقي :   السيد بنجامين بونكولو :جمهورية الكنغو، وزير الشؤون الخارجية والتعاون السابق النائب الاول لرئيس مجلس الشيوخ   -السيد لانساني بالاكيتا :مالي   -السيد ايساتا مونكايلا : النيجر   -السيد سيماون كبايدوم :تشاد   -السيدة مارغريت يوليبي كوني :الكوت ديفوار   -السيد ماتياس تانكوانو :بوركينا فاسو   -السيد أميل أوبانقولت :جمهورية الكنغو   -الدكتور الطاهرى محمد الطاهر :ليبيا   -السيدة أوبورتين سانتوس :الطوغو   – السيد دالو قبوقبرى :الكوت ديفوار   (المصدر: موقع « أخبار تونس » (رسمي – تونس) بتاريخ 27 أكتوبر 2009)  

الخارجية التونسية تنفي تصريحات الخارجية الامريكية حول سير الانتخابات التونسية

تونس – 28 – 10 (كونا) — نفت وزارة الخارجية التونسية اليوم التصريحات التي ادلى بها المتحدث باسم الخارجية الامريكية حول الانتخابات التونسية الاخيرة قائلة ان حوالي  » 31 شخصية مستقلة ذات مصداقية من وزراء وبرلمانيين وسفراء سابقين واكبت الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي جرت في تونس الاحد الماضي ». وقالت الوزارة في بيان صادر عنها هنا انه خلافا للتصريحات التي ادلى بها المتحدث باسم الخارجية الامريكية الاثنين الماضي ومفادها ان « الحكومة التونسية لم ترخص لأي ملاحظين مستقلين بمتابعة الانتخابات  » فان هذا الاستحقاق الوطني الهام واكبه ايضا ممثلون عن المجتمع المدني من 23 دولة على غرار فرنسا وايطاليا والنمسا وبريطانيا والبرتغال ومالطا وروسيا واليابان وتركيا والمغرب والجزائر ومصر ». كما اوضح البيان ان بعثة مفوضية الاتحاد الافريقي واكبت ايضا الانتخابات الرئاسية والتشريعية الاخيرة في تونس. واضاف ان هذه الشخصيات تابعت بالاضافة لأعضاء المرصد الوطني للانتخابات المتكون من شخصيات تونسية مستقلة ومحايدة والى جانب ممثلي مختلف الأحزاب السياسية التونسية المشاركة في الانتخابات سير العملية الانتخابية في مختلف مراحلها بكل حرية وشفافية مع توفر كل التسهيلات. وشدد على ان هؤلاء الملاحظين اجمعوا في العديد من التصريحات لوسائل الاعلام العربية والاجنبية على سلامة العملية الانتخابية وشفافيتها انطلاقا من معاينتهم الميدانية المباشرة لسير اجرائها ومواكبتهم لعمليات الاقتراع في العديد من المكاتب التي زاروها في مناطق مختلفة من تونس ». يذكر أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي فاز بالانتخابات الرئاسية التي اجريت يوم الاثنين الماضي بولاية خامسة بحصوله على 62ر89 بالمئة من الاصوات.   (المصدر: وكالة الأنباء الكويتية (كُـونا) بتاريخ 28 أكتوبر 2009)


في تونس: انتخابات وفائزون بلا ديمقراطية!


ياسر الزعاترة       لم يتوقع أحد على الإطلاق أن يتواضع النظام التونسي بعض الشيء، فيبادر إلى منح رئيسه في الولاية الخامسة (22 عاما في السلطة) أقل بقليل من %90 (حوالي %89) من أصوات الناخبين، ربما لأن رقما كهذا قد يثير بعض الشكوك حول إنجازاته التاريخية على مختلف الأصعدة، وبالطبع حتى لا يشك المواطن التونسي في حقيقة أنه يعيش زمن عمر بن عبدالعزيز، بل ربما زمن أفضل (هل كان بوسع الأخير الحصول على %90 من أصوات الناس لو رشح نفسه في انتخابات ديمقراطية؟!). ولمّا كان السيد الرئيس يتوقع أن يشكك بعض «الموتورين» في نزاهة الانتخابات، فقد هددهم بالعقوبة حتى لا يتورطوا في أمر كهذا، والنتيجة أن انتخابات رائعة قد شهدتها تونس، ليس للرئاسة فقط، وإنما للبرلمان أيضا. تتفرد الديمقراطية التونسية عما تبقى من الديمقراطيات العربية في عزوفها عن وجود المعارضة الحقيقية، رغم أن هذه الأخيرة في التجارب العربية الأخرى لا تفعل شيئا في واقع الحال، بل هي مجرد ديكور لا أكثر، إذ تكتفي ببعض الانتقادات، بينما تفعل السلطة ما تشاء، وهي في العموم تحصل على «كوتا» يجري تحديدها في الأروقة الرسمية، بل يجري في كثير من الأحيان تحديد أسماء رموزها الذين سيفوزون أيضا. وحدها تونس التي تبادر إلى ترتيب شأن المعارضة برمته، وليس النسبة التي تحصل عليها فقط، فهنا ليس ثمة معارضة بالمعنى الحقيقي للكلمة، ولكن أحزابٌ وتجمعات يجري ترتيب وجودها لأغراض الزينة لا أكثر، سواء في البرلمان أم في انتخابات الرئاسة، وقد اعتمدت لها نسبة محددة (%25)، مع أن حضورها في الشارع لا يؤهلها لهذا الرقم بسبب إدراك الجماهير لحقيقة دورها. ولمّا كان كل شيء قد تحدد سلفا، بما في ذلك أسماء الفائزين، فإن هؤلاء سيظلون ممتنين لمن منحهم مقعدا في البرلمان، والنتيجة هي أن صوت السلطة هو الذي يتحرك في الأطر السياسية الرسمية مقابل غياب كامل للصوت المعارض. في الشارع والمجتمع تحضر أصوات المعارضة، لكن على نحو محدود، فقد تعب رموزها من مسلسل القمع الذي يتراوح بين الاعتقال المتكرر، وبين الاستهداف على طريقة المافيا، أي التضييق المتواصل بشتى الوسائل الممكنة، بينما تسيطر النخبة الحاكمة على السلطة والثروة، وهناك يتداول الناس أخبار الفئة الحاكمة ونشاطاتها المالية والاستثمارية، لا سيما أقرباء السيد الرئيس وأصهاره، بينما يجاهد الناس البسطاء من أجل تحقيق بعض العيش الكريم في مواجهة موجة الغلاء التي تعيشها البلاد. ثمة نشاط اقتصادي في البلاد، لكنه لا يصيب سوى نسبة محدودة من الناس، سواء (نخبة الحكم الأساسية)، أم بعض الشطار الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف، ويمكنهم الاستفادة من أجواء الانفتاح الاقتصادي. من جانب آخر، ثمة عسكرة شاملة للمجتمع لا تسمح بالحد الأدنى من حرية التعبير، بما في ذلك فضاء الإنترنت الذي يخضع لمراقبة استثنائية لا تتوفر في أي بلد عربي، والأسوأ هو التعرض لموجة التدين التي تسود المجتمع بالكثير من التضييق، لا سيما الحجاب الذي يوصف بأنه «زي طائفي»، إلى جانب اللحى بالطبع. في هذا السياق يبرز الموقف الغربي المنافق، والذي يسكت على مختلف أشكال انتهاكات حقوق الإنسان في تونس ما دام النظام ينفذ ما عليه من مهمات الحرب على الظاهرة الإسلامية بكل تجلياتها، إلى جانب الانسجام مع الأجندة الغربية، فضلا عن الإسرائيلية، وهو ما يؤكد حقيقة الموقف الأميركي والغربي من قضية الديمقراطية والإصلاح بعيدا عن الشعارات المعروفة. لا يعني ذلك أن المجتمع التونسي قد استكان بالكامل، فهناك على الأرض بعض الحراك العام الذي يقوم به بعض الإسلاميين وسواهم من القوى، ومن ضمنها اليسارية، ويدفعون ثمنه من حياتهم ومعاشهم، كما هو حال رئيس حركة النهضة الصادق شورو الذي لم يكد يخرج من السجن بعد 16 عاما من الاعتقال، حتى تم اعتقاله من جديد، لكن وصول هذا الحراك إلى مبتغاه سيحتاج المزيد من النضال والتضحيات من جهة، كما سيحتاج ظروفا دولية أفضل من تلك المتوفرة هذه الأيام، والتي تمنح الأوضاع القائمة الكثير من الدعم في مواجهة الجماهير.   (*) كاتب فلسطيني   (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 28 أكتوبر 2009)
 


تونس.. ( كرسي في الكلوب )!


بقلم : سليم عزوز azouz1966@gmail.com      .. في الأفراح القديمة، وعندما كان  العوازل  يريدون إفساد فرح لخصم، فانهم كانوا يستأجرون من يقوم بضرب  كرسي في الكلوب ، وأحيانا يقومون بهذه المهمة بأنفسهم. وهو ما حدث في الانتخابات التونسية.   الدراما المصرية، جعلت من عامية المصريين، أمراً مفهموما، وبالتالي فليس هناك ناطق بلغة الضاد، يحتاج إلي مذكرة تفسيرية لما سلف ذكره، مثل  الكلوب ، و العوازل ، والذين يقال لإغاظتهم:  يا عوازل فلفلوا ، وهناك أغنية شهيرة لخالد الذكر فريد الأطرش تحمل هذا الاسم، ويوجد فيلم يحمل اسم  كرسي في الكلوب  تم إنتاجه قبل بضع سنين.. لذا وجب التنويه.   تونس شهدت يوم الأحد الماضي انتخابات رئاسية وتشريعية، وقبل إجراء الانتخابات أعلن  العوازل  أنها انتخابات مزورة سلفا، وعقب إعلان النتيجة وفوز الرئيس زين العابدين بن علي قالوا بفخر ألم نقل إنها مزورة؟!.. وكأن ما أعلنوه هو سبق إعلامي بامتياز، وكأنهم كانوا يطلعون علي الغيب!.   لم تكن هذه هي الانتخابات الرئاسية التعددية الأولي في تونس، فهي علي رأس الدول العربية التي أخذت بهذا النظام، تلتها اليمن، فمصر، لكن هناك بعض وسائل الإعلام قررت أن تفسد الفرح في اليوم الأول له، فلم تترك القوم يحتفلون بتجربتهم، وتم جلب من أقاموا مأتما وعويلا، ووصفوا ما سيجري بأنه حتما سيكون تمثيلية، وكأن الانتخابات النزيهة من شأنها أن تُسقط الرئيس بن علي، لينجح خصومه، مع أن كبيرهم سبق له أن خاض الانتخابات منافسا له من قبل، ولم يحالفه الحظ، ولم يقل إنه سقط بالتزوير، فقد أعجبتني روحه الرياضية، عندما أقر بأنه سقط بالإرادة الشعبية، وقد كان هذا درسا لي، فعندما سقطت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي خضتها في مسقط رأسي بصعيد مصر اعترفت بأنني المعارض الوحيد في هذه الانتخابات الذي سقط بإرادة الجماهير!.   لكن مثلنا الاعلي لم يخض الانتخابات هذه المرة، ومع هذا فقد أعلن أن حزبه سيقاطعها لأنها ستكون مزورة، لان شروط الترشيح لم تنطبق عليه وانطبقت علي رئيسة الحزب، ولم يكن في الواقع قد استيقظ من نومه ليجد النظام التونسي وقد انقلب من النقيض إلي النقيض، ومن نظام ديمقراطي عندما كان متحالفا معه إلي نظام مستبد عندما ناصبه العداء، ففي الواقع انه هو نفسه الذي تغير، والسبب في هذا راجع إلي دعاوي الإصلاح التي دغدغ بها الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن مشاعر البعض في العواصم العربية، فظنوا انه سيساعدهم ليصلوا إلي السلطة.. ألم يقم من قبل بإسقاط النظام العراقي، وتنصيب نظام بديل التقط سواده الأعظم من علب الليل في لندن؟!   بوش لم يكن جادا في ذلك، لكنه كان يبيع الهواء، والبعض من بني جلدتنا ركبوا الهواء، ولم يكن أمامهم إلا الاستمرار في الدور.   ولا شك ان هناك من يعد موقفهم المعادي من أهل الحكم في تونس له مبرره، وهم جماعة النهضة وقائدهم الشيخ راشد الغنوشي، فقد انقلبوا عليه منذ السنوات الأولي لحكمه، ولم يكن هذا بسبب الاستبداد، أو لأنهم كانوا يطمعون في نظام ديمقراطي يصون الحريات، ويؤمن بتداول السلطة، فلو أخذ بن علي بفقه العنوشي، الذي يرفض تعدد السلطات واستقلالها لصار هو ظل الله في الأرض، فلا وجود من وجهة نظره – التي يراها حكم الدين – لهذا الاستقلال، لان الحاكم هو الذي يرأس هذه السلطات جميعها ويوجهها الوجهة الصحيحة.. دعك من أفكاره التي يعلنها الآن من لندن، فلو قرأنا هذه وتلك، لاكتشفنا انه يقول الشيء ونقيضه.   لكنه هنا يقول وجهة نظره وهناك يقول ما يرضي الفرنجة، فيتعاملون معه علي انه الممثل الشرعي والوحيد لوسطية الإسلام.   في بداية حكمه، سمح الرئيس بن علي لحركة النهضة – وكانت محظورة قانونا – ان تخوض الانتخابات، وان توقع علي الميثاق الوطني جنبا إلي جنب مع الأحزاب الشرعية، لكنها وجدت أن الطريق طويل، وأن صندوق الانتخاب لن يمكنها مما تريد فكان اللجوء إلي العنف والتفجيرات، علي النحو الذي جري في منطقة باب سويقة، ليعلم كل أناس مشربهم، ويقع الطلاق. ونجح بن علي في القضاء علي الفكر المتطرف، بمعالجة شاملة، راعت كل الأبعاد، ولم تقتصر المواجهة علي عصا السلطة.    ولم تأت سنة 1996 إلا وأعلن أن بلاده طوت صفحة الإرهاب إلي الأبد، ولم ينسوا له ذلك فتم الرد عليه بالتشهير بحكمه في كل مكان، وقد نجحوا في تشويهه، وصارت المشاركة في ذلك من حسن إسلام المرء.   منذ أيام قرأت مقالا للكاتب المرموق فهمي هويدي، خلاصته أن بن علي لم يقدم شيئا للشعب التونسي، فلا تنمية ولا ديمقراطية، ولا أي شيء، يظل هويدي موضوعيا إلي أن يذكر اسم تونس، فان الموضوعية تفارقه ويبدو متحاملا إلي أقصي درجة.. انه الغرض وقديما قيل إن الغرض مرض.   بن علي انتصر لمشروع التعريب في مواجهة التيار الفرانكفوني، ورد الاعتبار للزيتونة الجامع والجامعة، وتوسع في بناء المساجد، حيث بلغ عدد المساجد في عهده ثلث ما تم بناؤه في البلاد منذ الفتح الإسلامي، وأطلق إذاعة للقرآن الكريم، وسمح بقناة تلفزيونيه خاصة للقرآن.   لكن القوم لا يذكرون شيئا من هذا، ويرددون في كل مكان ان المصلين يدخلون المساجد في تونس بكروت ممغنطة، مع ان هذا ليس صحيحا، ومع ذلك لم يتوقفوا عن ترديده كما لو كان حقيقة  لا يأتيها الباطل من أي اتجاه.   لا بأس فتونس بلد محدود الإمكانيات، فكان الاستثمار في البشر، او فيما يعرف بالتنمية البشرية، واستطاع في ظل هذه الإمكانيات ان يستعيد لياقته الاقتصادية. وقد عمل الرئيس علي الاهتمام بمناطق الظل، فقدم نموذجا في التضامن الاجتماعي غير مسبوق فيما عرف بالصندوق 26-26، فجفف بذلك منابع الإرهاب، واهتم بالطبقة المتوسطة حتي صارت تمثل 90 في المئة من الشعب التونسي، وهي الطبقة التي تمثل عماد المجتمع، وأصبح أكثر من 80 في المئة من التونسيين يملكون بيوتهم، وقضي علي الهوة السحيقة بين الطبقات، التي تولد الحقد، وأولي رعاية خاصة بالنساء وكبار السن.   لو شاهد هويدي تونس لاستولت عليه الدهشة، ولو تابع التجربة التونسية، لوقف علي ان بن علي ليس بحاجة إلي تزوير إرادة الناس لكي ينجح في الانتخابات. فالمرأة التي ينحاز لها المشروع التونسي، هل يعقل ان تتخلف عن التصويت لمن منحها كل هذا؟.   لقد كان مشهد كبار السن بديعا، وكذلك المعاقين الذين جاءوا وهم يتكبدون المشقة ليردوا للرجل جميله. مستضعفة منهم جاء صاحب المنزل ليطردها فأرسلت إلي الرئيس فأنصفها، وحماها في شيخوختها من غدر الزمان وقد جاءت لتقول له نعم.   لم يكن هناك ما يمنع الناس من ان يدلوا بأصواتهم، ولم يسيطر رجال الشرطة علي مقار الانتخابات، فقد جرت الانتخابات الرئاسية شفافة، كما جرت الانتخابات التشريعية، وقد صدر مرسوم رئاسي يرتفع  بكوتة  المعارضة في البرلمان إلي 25 في المئة.. حدث هذا ليلة الانتخاب ولم يلتفت القوم إلي نصف الكوب الملآن، وقد اجتمعت إرادة  العوازل  من أجل أن يضربوا  كرسيا في الكلوب  ليفسدوا الفرح.. إنه الغرض يا قراء.   (*) كاتب وصحفي مصري   (المصدر: « الراية » (يومية – قطر) بتاريخ 28 أكتوبر 2009)   


تونس ليست حديقة يملكها زين العابدين


بقلم: م. إيوانوغان   الانشغال الذي عبّرت عنه الولايات المتحدة الأمريكية من طريقة إعادة انتخاب زين العابدين، سيعود بعواقب وخيمة. وسبق للرئيس الذي خلف نفسه أن هدد بالعقاب كل من ينتقد نزاهة الانتخابات دون أن يأتي بالبراهين.   وإذا أردنا أن نسقط التجربة الجزائرية في هذا المجال على شقيقتها تونس، فإن دعوات الخارج لـ »التعاون في ظل احترام حقوق الإنسان » لن تغيّر من واقع هذه الحقوق لا في تونس ولا في المغرب ولا في الجزائر، لأنها دعوات أثبتت عندنا أنها تدخل ضمن الأسلوب الدبلوماسي الذي تستعمله الدول الكبرى مع الدولة الصغيرة سياسيا والضعيفة اجتماعيا واقتصاديا، والكبيرة من حيث الحاجيات التي يتطلب توفيرها للشعوب التي تسكن هذه الدول حتى يتم التحكم في مشاكل الهجرة والأمن والبيئة… في العالم.   لكن انشغال الولايات المتحدة يبقى لديه معنى على صعيد آخر، وهو أن تونس لم تعد مجرد حديقة جميلة يزورها الأوروبيون أثناء عطلهم، وبالتالي يجوز فيها وضع كل التونسيين في قفص حديدي يستحيل تكسير قضبانه، ضمانا لراحة السياح الأجانب. كأن إخواننا هناك حشرات تلدغ أو حيوانات تفترس وتزعج أصواتها هؤلاء السياح  »العاقلين » و »المتربيين » و »النظيفين »… وعلى كل، هي الصورة التي سوّقتها عنا نحن سكان شمال إفريقيا الإدارة الاستعمارية لتبرير استيلائها على أراضينا وحرماننا بعد ذلك من أدنى الحقوق الإنسانية. وهي نفس الصورة التي سوّقها بوش عن العرب والمسلمين لتبرير حربه المقدسة الجديدة تحت شعار التحالف الدولي ضد الإرهاب. ونفس الصورة كذلك يبرر بها المجتمع الدولي سكوته عن جرائم إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني.   وبما أن حقوق الإنسان التونسي دخلت في جدول اهتمامات الإدارة الأمريكية، فهذا يعني أن نظام زين العابدين بن علي مدعو لمراجعة خارطة طريقه، وأنه مطالب مستقبلا بالأخذ بعين الاعتبار شروط إضافية لتلك التي إتفق عليها مع باريس منذ القدم، حتى يضمن بقاءه في الحكم لأطول فترة ممكنة.   والمعنى الثاني للانشغال الأمريكي بحقوق الإنسان التونسي أن إدارة أوباما لا تريد تغليط الرأي العام العالمي وشعوب الدول الضعيفة بهدف إزالة الكراهية التي تواجهها أمريكا بوش. وحتى لو كان الأمر كذلك، يبقى زين العابدين بعيدا عن أن يتذكر أوباما بأنه يعتدي على حقوق الإنسان، لأن الرجل نجح إلى حد بعيد في تلميع صورة تونس وجعلها بلدا نموذجيا في المنطقة العربية في مجال تحرير المرأة مثلا. فإن تذكر أوباما زين العابدين، إنما يريد أن يقول للعالم بأن لديه نظرة مغايرة للعلاقات الإنسانية والدولية. وهو ما حرك ربما أقطاب الوضع القائم الحالي ضد سياسته الداخلية في أمريكا قبل أن تمتد هذه السياسة إلى الخارج.   (المصدر: « الخبر » (يومية – الجزائر) بتاريخ 28 أكتوبر 2009)  


7 نوفمبر عشريتان من جهاد البناء والانفتاح الحضاري

 


محمد سليم مهنّا مثقّف تونسي   عنوان كتاب، مثير للجدل، صدر أخيرا بتونس. اشترك في تأليفه شخصيتان معروفتان بآرائهما الدقيقة والصريحة. لذلك مثّل طرحا متميّزا، لم يصدر مثله من قبل عن مؤسّسات التجمّع الدستوري الديمقراطي، خاصّة إذا علمنا أنّ الكاتب الأول، هو شخصية إسلامية أكاديمية، معروفة بآرائها المؤصّلة شرعا، لها إسهامات فكرية على المستوى الوطني، وكذلك العالمي، خاصّة أوروبا، حيث مقرّ الإقامة، ذلك هو الدكتور / محمد الفاضل اللاّفي. أمّا الكاتب الثاني، فإلى جانب كونه شخصية فِكرية قديمة، فهو بالدرجة الأولى، شخصية اجتماعية مرموقة، ومرجعية في الوسط الاجتماعي بالجنوب التونسي، وذلك هو الأستاذ / محمد المختار اللاّفي. تناول الكتاب العديد من القضايا الوطنية الدقيقة والحسّاسة، ووقف عند مشروع 7 نوفمبر، من جميع جوانبه: أين أصاب؟ وأين تعثّر؟ ومن وراء عرقلة المشروع؟، وما هو دور الإسلاميين عامّة، وخاصّة النهضة، في نقض الميثاق الوطني، ومحاولة الالتفاف على التجربة وإجهاضها. كما تناول بتفصيل التسلّل العلماني لمؤسّسات التجمّع، وتوظيف اليسار للقوانين لتصفية حساباته مع خصومه العقائديين من الإسلاميين، ممّا كان سببا في المساس بتاريخ الحزب الحاكم، الذي يستمد شرعيته بالأساس من البعد الديني. لذلك ناقش الكتاب في مواقع كثيرة مسألة الهوية التونسية، وأبان أنّها قيمة جمهورية لا يمكن المساس بها. ويتكوّن الكتاب من المباحث التالية: الفصل الأوّل من المفهوم إلى المضمون ـ تمهيد ـ تحرير المصطلح: حدث وخيار ـ لماذا التأريخ لخيار 7 نوفمبر ـ مستقبل تونس ما بعد التحوّل ـ من دولة الاستقلال إلى دولة البديل الحضاري ـ قراءة متجددة للبيان المرجع الفصل الثاني هوية الدّولة وخيار التحديث ـ تمهيد ـ الدستور وحماية قيم الجمهورية ـ مجلّة الأحوال الشخصية: جذور عميقة ومكسب حضاري ـ المرأة من التقليد الاجتماعي إلى تحقيق الذّات ـ البديل السياسي: التنافس الحزبي وتعدّد المشاريع ـ الميثاق الوطني ـ المؤسّسة الإعلامية في ظلّ التغيير ـ من وعي الذّات إلى الشراكة الحضارية ـ العلم والمعرفة رهان الدّولة الحضاري ـ رؤية التغيير لمستقبل التعليم ـ الزيتونة وحركة التحديث ـ الزيتونة في خطاب التغيير ـ المؤسّسة الدينية في عهد التغيير الفصل الثالث التحوّل ومستقبل الخارطة التقليدية ـ تمهيد ـ ثوابت الهوية الوطنية قاعدة التحوّل ـ تجديد الفِكر السياسي: قراءة في 20 بيان ـ العلمانيون وقيم الجمهورية ـ التغيير والحوار مع الغرب ـ الشباب رصيد التغيير ـ لماذا كلّنا مع التغيير؟ الفصل الرّابع 7 نوفمبر: قائد ومشروع ـ تمهيد ـ قواعد الإصلاح عند رجل التغيير ـ رجل التغيير القوي الأمين ـ رؤيتنا للإصلاح على قاعدة مشروع التغيير ومن المهم أن نؤكّد على مبحث « رؤيتنا للإصلاح على قاعدة مشروع التغيير »، من الفصل الرّابع، حيث أصّل فيه الكاتبان قواعد الإصلاح، منطلِقَينِ من الآيات القرآنية التي يختم بها الرئيس التونسي عادة بياناته وكلماته. لذلك ندعو إلى قراءة هذا الكتاب، وسيكتشف القارئ التوجّهات الجديدة للدّولة التونسية. فطباعة هذا الكتاب مباشرة قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية، في تونس، ومن طرف شخصيتين إسلاميتين مرموقتين، له دلالاته وما يأتي بعده. كتاب سيثير لا محالة جدلا كبيرا، كما سيسيل حبرا كثيرا، سيتّفق حوله اليسار والإسلاميون، وسينتصر له دعاة الهوية الوطنية، خاصّة الزيتونيين وقدامى الحزب الحاكم والشباب المتديّن في مؤسّسات السلطة التونسية، خاصّة مؤسسات الحزب الحاكم. فهل مستقبل تونس سيكون مشروعا إسلاميا على النّمط الماليزي والتركي؟، خاصّة مع بروز نجم صهر الرئيس التونسي، ورجل الأعمال المتديّن، صاحب إذاعة الزيتونة الإسلامية وبنك الزيتونة الإسلامي.    


صورتان لهذا البلد


محمد احمد يوم الاثنين الماضي، واثر انتهاء من الاجتماع الذي عقد بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي تضامنا مع زهير مخلوف قررنا القيام بزيارة جماعية إلى عائلته.. كانت هناك دوافع كثيرة للقيام بهذه الزيارة لعل أبرزها رغبتنا في دعوة السيدة ماجدة مخلوف لوقف الإضراب عن الطعام الذي شنته منذ اعتقال زوجها. كنا أربعة في السيارة التي أقلتنا.. تركنا خلفنا مقر التقدمي وعشرات الأعوان التي « تحرسه » ويمّمنا وجهنا شطر مدينة أريانة عسانا نظفر بزيارة لعائلة مخلوف. ولم نكد نتجاوز مستوى نزل أبو نواس على الطريق المحاذية للبحيرة المسماة (z  4 ) حتى فاجأتنا ضخامة الاحتفالات التي تقيمها السلطة بمناسبة انتصارها « الساحق » على المعارضة. كانت الألعاب النارية مختلفة الألوان تضيء سماء البحيرة في تلك الليلة الدهماء.. ألوان وأشكال مختلفة وضخامة كبيرة في عدد الألعاب وأنواعها إضافة إلى تواصلها لفترة زمنية طويلة .. وكانت الطريق السريعة المؤدية إلى مدينة أريانة والطريقة السريعة المؤدية إلى جهة المرسى مغلقتان تماما بالسيارات التي وقف أصحابها يراقبون المشاهد الاحتفالية المبالغ فيها دون تدخل من أعوان المرور. تذكرنا ونحن نرى هذا الاحتفالات ذات الملامح الصينية الواضحة، كيف كنا محاصرين في مقر لا تتعدى مساحته بضعة أمتار، وكدنا نشعر بالاختناق ونحن نشاهد كيف تفتح كل فضاءات العاصمة على رحابتها للقيام بهكذا احتفالات. تركنا تلك المشاهد وراءنا وتوغلنا في اتجاه مدينة أريانة ومع اقترابنا من منزل السيد زهير مخلوف بادرتنا مجموعة من الأشخاص – قدموا لنا أنفسهم على أنهم رجال امن-  بمحاولة صدنا من التقدم باتجاه المنزل ثم سرعان ما اصطف أربعة منهم أمام باب الدار المقصودة … كانوا متأهبين ومتوترين بشكل كبير وكانوا يغطون بأجسادهم باب المنزل وأجزاء من حيطانه. وكان الجيران يرقبون هذا المشهد من شبابيك منازلهم فيما اصطف عدد من شبان الحي أمام مداخل عماراتهم يتابعون هذا الدرس التطبيقي العملي للوعد الذي قطع منذ عشرين سنة بان لا ظلم بعد اليوم.. مشهد قام بتجسيده 12 عون امن ينتمون إلى اعتي الأجهزة ويتقاضون أجورا عالية إضافة إلى العلاوات والمنح التي تتحمل أعباءها المجموعة الوطنية والذين يفترض بهم ان يحافظوا على امن عائلة زهير مخلوف وغيرها من العائلات التونسية. وصادف أن كانت السيدة مخلوف بالخارج عندما وصلنا هناك وكانت عائدة بابنها يحيى الذي يدرس بالسنة الـ 4 أساسي وابنتها نورس بالسنة الـ 7 أساسي من المدرسة .. وما إن توقفت سيارة الأجرة التي تقلهم حتى أحاط بها الأعوان من كل جانب وضربوا عليها حصار كثيفا في محاولة لمنعنا من محادثتها. كنت ارقب عينا سائق سيارة الأجرة التي كانت تتفحص ما حوله وهو مرعوب ومصدوم لا يدري ما يجري حوله وقد فر الدم من مفاصل وجهه فرارا وهو يرى هذه الهامات والقامات المديدة لأبناء بلدي وهي تحاصر امرأة ضعيفة مضربة عن الطعام لا حول لها ولا قوة وابنها الصغير وابنتها التي لم تبلغ الحلم بعد. كان مشهد السيدة ماجدة وهي تنزل من سيارة الأجرة مرهقة شاحبة نتيجة إضرابها عن الطعام وأعوان الأمن يحاولون صدنا عنها، وقد تعلق بها ابنها وابنتها وهما مرعوبان رعبا شديدا وقد تلاطمتهما الأرجل حتى كادا أن يتيها بينها.. كان مشهدا مخزيا ومحزنا إلى ابعد الحدود ولا أظن انه مشهد يمكن أن يشرف أحدا .. مشهد ذكرني بتصريح مواطنة فرنسية حضرت بالصدفة عملية إجلاء مجموعة من الأفارقة المعتصمين والمضربين عن الطعام بأحد الكنائس للمطالبة بمنحهم « أوراق الإقامة » وهو تصريح نقلته القناة الفرنسية الثانية قالت فيه « اشعر بالعار كوني فرنسية ».


الانتخابات مزورة

صـابر التونسي
سيدي أعلم أنكم هددتم بأنكم ستبطشون بمن يدعي أن الإنتخابات مزورة من غير دليل! … فلا تعجلوا علي ولا تأمروا « مسرورا » ليطيح برأسى « ببالته » الشهيرة فإنما أنا أحد مواطنيكم ومحبيكم! وزعمي بتزوير الإنتخابات لكم لا عليكم! … ودليلي عليه أن بعضا من جنودكم ممن يزعمون أنهم من محبيكم، قد أصيبوا بالعدوى ولحقتهم اللوثة! … واستجابوا للإثارة والاستفزاز!  ففعلوا فعلتهم التي ذكرت، زعما منهم أنهم يحاولون إخراج العملية في حلة ديمقراطية جميلة*! … وفاتهم أن أجمل حلة ترتديها الديمقراطية هي الالتزام بأصوات الناخبين وتقديمها نتيجتها للجمهور دون حرج! حتى وإن كانت 100 % لصالح مرشح ما! … وهو ما نعتقد حصوله لصالحكم في هذه الانتخابات!  فالشعب الذي لم تتخلف مؤسساته ومنظماته وجمعياته وفعالياته، وحلاقوه وحلاقاته، عن مناشدتكم لقبول الترشح لا يمكن أن يتخلف 10.55 % منه عن انتخابكم! … وإذا عممنا النسبة فإن ذلك معناه أن أكثر من مليون مواطن تونسي لا يريدونكم! … وهذا لا شك كذب على مواطنيكم الذين صرتم تجرون منهم مجرى الدم في العروق!  والذين لم يعرف جلهم غيركم رئيسا وقائدا وزعيما! الذين زوروا الانتخابات ـ ممن زعم أنهم جندكم ـ هزتهم تصريحات المناوئين وسخريتهم من ديمقراطية التسعات الأربع! … أولئك الذين كثر هذيانهم قبل الانتخابات أنكم فائز لامحالة بنسبة تفوق 90 % ! معتبرين ذلك دليلا على التزوير لأنه لا يعقل ـ حسب زعمهم ـ أن يفوز رئيس بتلك النسبة!  وفاتهم أن هناك حالات شاذة تثبت القاعدة وتؤكدها، أنتم أحدها!  أنا على يقين من أن التزوير قد تم مجاراة لأهواء المرضى المقلدين لديمقراطيات الشعوب الباردة التي لا تعرف حبا وولاء ولا تحفظ برا أومعروفا!  أستغرب كيف تُسند نِسب عالية لمن لا يستحقها ممن سبق وصرح بأنه سينتخبكم لأنكم الأقدر ولأنكم فوق المنافسة! أو حتى للذي زعم أنه سينافسكم منافسة الند للند!  فقد أثبتت النسبة المضخمة التي حصل عليها أنه « ند » لأن كل واحد « وقدرو »!  العملية الإنتخابية كانت نزيهة! … وظروف الإنتخاب البيضاء كانت شفافة! … وشهدت شفافيتها لكل من له عين تنظر وقلب يعي أن اللون الأحمر الممثل لكم ولحزبكم، كان يشع منها إشعاعا! وأن مواطنيكم قد هبوا زرافات ووحدانا! … مرضى ومعوقين! … حوامل ورضعا! … شيوخا وعجائز! … ليقولوا كلمتهم جميعا نعم للرئيس وحزبه! نعم للاستمرار! … نعم لمواصلة المشوار! … نعم « لرفع التحدي »! … نعم للرئيس مدى الحياة! … ولكل شعب ديمقراطيته! … وتلك هي ديمقراطيتنا ولا نقبل في ذلك دروسا ومواعظ من أحد!  و »إليّ عجبو عجبو، وإلى ما عجبوش يشرب وإلا يطير قرنو »!  سؤالي إذا، كيف حصل التزوير ومن المسؤول عنه! وأين ذهبت الـ 10.55 % ؟!  أريد جوابا لأني أعتقد أن في الأمر كيد وتحريض للمواطنين على تغيير ولاءاتهم!  أنا مدّع وأطالب بالتحقيق المستقل فيما حدث فإما أن يحاسب من منح أصوات الشعب لمن لا يستحقها، وإما أن أنال جزاء من شكك في الانتخابات دون دليل!  يحيا الزعيم وتسقط بطانة السوء الجبانة التي لا يعول عليها في مواقف الحق! * أنا مقتنع حقيقة أن نسبة انتخاب بن علي من عدد الذين صوتوا ـ كثروا أم قلوا ـ أكثر من المصرح بها وأنه تم تخفيضها فعلا! (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 27 أكتوبر 2009)

الانتخابات التونسية: أنا أتّهم…


 معز الباي أخيرا، وبعد طول تشويق، أنزل الستار حول الانتخابات التونسية تشريعيّة منها ورئاسيّة. وفي الحقيقة، تحمل هذه العبارة من المراوغة أكثر مما تحمله من استهلال، فالستار لم يرفع لحظة على هذه الاستحقاقات، والنتائج بدت للجميع محسومة سلفا.  ولعلّ مصدر المفاجأة الوحيد كان حصّة الرئيس « المتخلّي » المنتصر من أصوات التونسيين، خاصّة وأن من تابع حملة التجنيد المبكّرة (أعني حملة الترشيح والتزكية) التي عسكرت فيها كل فئات المجتمع للمناشدة أوّلا وللتزكية ثانيا، يبدو له أن العشرة ملايين تونسي الأحياء ومثلهم مرات من الأموات والذين سيولدون لا همّ لهم إلا التصويت لصاحب النعم الجليلة وتنصيبه من جديد رئيسا عليهم.  ومن واكب حملة الطبل والزمر تلك، وأصابه الصداع والأرق من تهليل وتكبير طوابير الأطباء والمهندسين والصحفيين والخبّازين والبنّائين والنقابيين وبعض السياسيين وحتى المشعوذين الروحانيين (وهم في ظنّي أكثر الشرائح صدقا في ابتهاجهم) لا ينتهي إلاّ إلى أن النتيجة ستكون مرة أخرى سلسلة من « التسوع » كسورا وصحيحة في رصيده الانتخابي.  فكانت المفاجأة التي لم تخطر على بال حين صوّت أكثر من مليون تونسي – إذا اعتمدنا قواعد الإحصاء والتمثيل النسبي ونسبة الإقبال الرسمية أي 85% من جملة خمسة ملايين ونيف ناخب – برفض صانع التغيير طامحين إلى غيره.  قد يردّ بعضهم بأن الإحصاءات الرسمية لا يمكن الاعتماد عليها، فحذار؛ لقد عبّر المنتصر الفائز عن اعتزامه لجم كلّ صوت يشكّك في نتائج الانتخابات (اشترط توفير الدليل، ولو اشترط بيضة الديك لكان ذلك علينا أيسر).  لقد أثار غضبة المنتصر الفائز، تلك الشرذمة الضّالّة التي تشوّه صورة تونس – وتونس في آيات العهد الجديد، هي الرئيس وما باركته يمناه ويسراه – تلك الفئة القليلة التي لا صوت لها والتي تحكم على الانتخابات مسبقا وتتهم النظام بالتدليس قبل الذهاب إلى الصندوق كأنما لها بالغيب علم (وقد كذّبها المنجّمون حين باركوا وزكّوا صاحب نعمهم)، واحتجّت –وحجّتها مردودة عليها كما سنلاحظ – بسوابق لوزراء داخلية سابقين اعترفوا بالتدليس، ونسيت أنّ هؤلاء لو بقوا في مواقعهم لما اعترفوا بل لطوّروا من أدائهم حتى يبلغوا درجة الكمال ولكان حالنا اليوم أفضل وضمنّا المائة بالمائة بلا جهد يذكر، لكن سامحهم الله فقد حرموا البلاد من خبراتهم. وليس غريبا على المعارضة التي تدّعي الجديّة وتصدّق في الآن نفسه قصص الأطفال حين ظنّت أنّ السلحفاة قد تسبق الأرنب ولو فاتها بمسافة ستة أيام كاملة وجنّد في طريقه الغابة بما احتوت، ليس غريبا عليها أن تنكر ما وضح للعيان وأن تنفي الحقائق الناصعة الساطعة.  ألم تنجز الداخليّة – التي تتهمها – وعدها وتنجح في رفع تحدّيها حين ردّت على مطالبة الكائدين الحسادين بتقليص عدد مكاتب الاقتراع بغرض تسهيل مراقبتها، بأنّ الهدف من الإكثار منها هو التخفيف من الازدحام؟ وقد أنجز حرّ ما وعد، فما أكّده الملاحظون أن المكاتب لم تشتك للحظة من ازدحام الناخبين حتى أنّ مديري مكاتب الاقتراع قضوا على الذباب في مناطقهم على رأي المثل (وهو مكسب يضاف إلى جملة المكاسب الصحية والبيئية في تونس). ثمّ لماذا تراقب المعارضة الصناديق؟ ألا يحمل ذلك نيّة مبيّتة في التشكيك في مقدرة الداخلية على ضبط الأمور كما يجب، وإساءة لعيونها المبثوثة في كلّ ركن وزاوية وثقب في صندوق؟  المراقبة مثلها مثل التصويت في بلادنا السعيدة الهانئة، فرض كفاية.  فلجان يقظة التجمّع وأعوان البوليس بكل تصنيفاتهم وبعددهم الذي يناهز النصف مليون – والذين لا يستطيع أحد التشكيك في حياديّتهم، فهم بموجب القانون لا ينخّبون – قاموا بالواجب وكفاية.  وهذا ينطبق أيضا على الناخبين، فما لم تعرفه بعد أعتى الديمقراطيات في العالم، نجحت تونس في إنجازه حيث يكفي أن يتوجّه ربّ العائلة أو العشيرة إلى الصندوق ويصوّت باسم جماعته جملة وتفصيلا مزوّدا ببطاقات الجميع، فالشعب التونسي يدرك أهمّيّة الوقت ولا معنى لأن يتجه الجميع إلى الصناديق، يكفي أن يتكفّل شخص واحد بذلك، وهذا يؤسس – كما لا يخفى على أحد – لمزيد من أواصر الثقة والتضامن، ثمّ هل يجرؤ شخص على مخالفة إرادة الشعب بالتصويت لصاحب الفضل علينا؟  وأين يفلت من عيون « المراقبين » من يجرؤ على وضع ورقة غير الحمراء في الظرف الشفاف (دليل معبّر على شفافية انتخاباتنا)؟؟  لكنّ هذا بالذات يدفعني – كمواطن تونسيّ حريص على سمعة بلده وأجهزتها وعلى ريادتها في مجال « الديمقراطية بالجملة » – للتساؤل: كيف غفلت أجهزة السلطة عن إقناع أكثر من مليون تونسي بأفضال صاحب العهد الجديد؟  هنا وجه التقصير الداخلية في تقديري وهو المأخذ الذي أطالب بمحاسبتها عليه، فكيف تفلت من طوابير المزكّين والمطبّلين والمباركين والمناشدين هذه النسبة الهامّة من الشعب الذي وقع تهميشه من قبل أجهزة الحكم ومن ماكينته الإعلاميّة فنسيت أن تعرّفه بفضائل صاحب التغيير ومعجزاته؟  ولنقلها بطريقة « زولا » أنا أتّهم! (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 27 أكتوبر 2009)


المغالبة والمصالحة والفرص الضائعة بقلم مراد علي


بقلم: مراد علي   إن من ينظر إلى أي كيان سياسي محترم أو أي نظام دولة تنعم بحرية التعدد أو من ينظر إلى أي مدرسة أو جماعة أو أي تكتل قام وقوي إلا ولاحظ أن هذه المجموعة تحوي بين طياتها على أقل تقدير رئتين أو أكثر تصل في ظاهرها حد التناقض أحيانا ولكن من يغوص في غاياتها يجدها تتفق جميعا على المصلحة العامة التي ينشدها كل بطريقته التي يراها صوابا فيبقى هؤلاء في تنافس مع احترام كل طرف للآخر حتى يظهر المقصود وتنتصر الفكرة وليس هذا قطعا مبررا للوسيلة بل هي سنة في الكون قديمة قدم الزمان فالجزرة والعصا إن صح التشبيه مافتئت ومازالت هي الفيصل الذي يسوس به الناس شؤون حياتهم حتى يوازنوا به ما يعترضهم من صعوبات.   في هذا الصدد ما ضرّ حركة النهضة وما ضرّ الاسلاميون أن يكون من بينهم من يغازل النظام ومن بينهم من يغالبه أليست هذه هي السياسة, إن الفراغ الذي نشاهده لشق الحمائم في قيادة الحركة لهو السبب الحقيقي وراء هذا الغبار هنا وهناك والذي يزيد الطين بلة أن بعض الوجوه المخلصة تحاول أحيانا أخذ زمام المبادرة لتأسيس رؤيا تكمل هذه السنة التي نفتقدها فتواجه هذه الوجوه بشدة ما يجعلها إما أن تفقد بريقها وإما ترمى في زاوية يصعب عليها السير في طريقها.   في خضم هذا كله يظهر بعض الوصوليين الذين تعلمهم في لحن القول ليؤسسوا لنا هذا الشق مستغلين ذاك الفراغ ولربما مستدلين أيضا ببعض تلك الوجوه الآنف ذكرها.   نحن نحتاج حقيقة أمثال الحمدي وأمثال النجار وغيرهم أن يؤسسوا لنا الطرف الثاني الذي لابد منه حتى لايذهب العبعابيون بريحنا ويستغل النظام هذا الخلل الذي بدأ يسري بيننا وكأنه أمر دبر بليل.   والسلام   (المصدر: « الحوار.نت » (محجوب في تونس) بتاريخ 28 أكتوبر 2009)   


العودة وأدب الاختلاف

 


بقلم: عابر سبيل   الحمد لله الذي لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة ، وله الحكم وإليه ترجعون ، والصلاة والسلام على النبي الكريم الذي كان يستفتح صلاته بقوله‏:‏ الله رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، وعلى آله وأصحابه ومن سار على هداهم من أهل الحق والدين إلى يوم البعث والنشور ‏.‏‏.‏ لا شك أن الخلاف في الاراء بين المسلمين من الامور الطبيعية لهذا قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59 فالله لم يأمر بعدم الاختلاف بل أمر بالتحاكم إلى الشرع عند وجود الاختلاف. ومن نعمة الله تبارك وتعالى على هذه الأُمَّة أن الخلاف بينها لم يكن في أصول دينها، ومصادره الأصيلة، وإنما كان الخلاف في أشياء لا تمس وحدة المسلمين الحقيقية ..   أنواع الخلاف:   خلاف غير السائغ:   وهو الخلاف الذي يكون في قطعيات وثوابت العقيدة والفقه (الأصول)، وهو من الخلاف المذموم، ومنه خلاف الخوارج والرافضة والمعتزلة والقرآنيين، كالقول بعصمة الأولياء أو أئمة أهل البيت، أو ترك الاحتجاج بالسنة.. ومن الخلاف الذي لا يسوغ خلاف الجاهل للعالم، أو بالجملة خلاف من لا يملك أهلية الاجتهاد والنظر في الأدلة الشرعية، فليس من الخلاف المعتبر اجتهاد من ليس له بأهل. وفيه قصة الرجل الذي أصابته جنابة في سفر وقد شج فأمره بعضهم بالاغتسال فمات فقال صلى الله عليه وسلم: ((قتلوه قتلهم الله، هلا سألوا إذا لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال)) [رواه أبو داود ح326].   الخلاف السائغ:   ويكون في فروع العقيدة والفقه. ومنه خلاف المذاهب الفقهية، وخلاف الدعاة على بعض الوسائل الحديثة للدعوة، وكذلك فروع العقيدة كرؤية الرسول صلى الله عليه وسلم ربه ليلة المعراج، وكنه المعراج بنبينا، هل هو بالروح أم بالجسد. والخلاف جائز في هذا الباب وهو ما يسمى بالأمور الاجتهادية وهذا الخلاف وقع التنازع فيه بين الأمة في عصور الصحابة ومن بعدهم إلى يومنا هذا، ولا يجوز الحكم على من اتبع قولاً منها بكفر ولا فسق ولا بدعة ‏.. والاختلاف في الأمور الاجتهادية الظنية ليس شر دائما بل فيه خير كثير. فقد اقتضت حكمة الله أن يكون الإسلام صالح لكل زمان و مكان لأنه مبني على الاجتهاد و باب الا جتهاد سيبقى مفتوحا إلى يوم القيامة للعلماء الذين تتوفر فيهم شروط الاجتهاد.   كذلك اختلاف العلماء في اجتهادتهم إنما هو ثروة فقهية لا تقدر بثمن.. وذلك أنه من لوازم غير المعصوم ، ولا معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وأما من بعده فلا عصمة لأحد منهم ، والخطأ واقع منهم لا محالة‏.‏ وهذا الخلاف الجائز ، أو السائغ ، قد نص كثير من سلف الأمة أن فيه أنواعاً من الرحمة لهذه الأمة‏:   أ) الرحمة في عدم المؤاخذة‏:‏ ‏(‏ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا‏)‏ فالمجتهد المخطئ معذور ، بل مأجور أجراً واحداً كما جاء في الصحيحين ‏:‏ إذا حكم الحاكم فاجتهد وأصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد فأخطا فله أجر واحد‏.‏ متفق عليه‏.‏ ب‏)‏ الرحمة والسعة في جواز أخذ القول الاجتهادي: كما نص على ذلك غير واحد من الأئمة المجتهدين‏ وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ‏:‏ ‏(‏أن رجلاً صنف كتاباً في الاختلاف فقال أحمد ‏:‏ لا تُسمِّه كتاب الاختلاف، ولكن سمه كتاب السعة‏)‏ ‏.‏ الفتاوى 79/30   إنما الشر كل الشر هو أن يؤدي ذلك إلى الشجار و العداوة والفرقة بين المسلمين. لهذا وجب علينا أن نتعلم آداب الخلاف..   ‏آداب الخلاف:   إذا وقع الخلاف بين مسلم وآخر في المسائل التي يسوغ فيها الخلاف ، وهي الأمور الاجتهادية ، أو الأمور التي اختلف الصحابة والأئمة فيها قديماً فإن الواجب الشرعي هو اتباع الآتي:   1- نبذ التعصب للمذهب أو الفرقة أو الشيخ أو الطائفة فإن التعصب يكون لله ولرسوله، فالمتعصب أعمى لا يدري أسفل الوادي من أعلاها. فقد قال أبن قيم الجوزية إن سألوك عن شيخك قل رسول الله إن سألوك عن منهجك قل هو الكتاب والسنة وإن سألوك عن بيتك فقل ألا إن بيوت الله في الأرض هي المساجد … إنتهي   2- اخلاص النية لله والتجرد من الأهواء: لتكن نيتك هي الوصول إلى الحق وإرضاء الله سبحانه وتعالى وليس الانتصار لرأيك وإذا كانت هذه نيتك فإنك تثاب على ما تبذله من جهد في هذا الصدد ‏.وستصل للحق بعون الله.   3- لا تتهم النيات وأحسن الظن بالمخالف.. مهما كان مخالفك مخالفاً للحق في نظرك فإياك أن تتهم نيته ، افترض في المسلم الذي يؤمن بالقرآن والسنة الإخلاص ، ومحبة الله ورسوله ، والرغبة في الوصول إلى الحق ، وكن سليم الصدر نحوه‏.‏. قال الإمام القرطبي ظن السوء بمن ظاهرة الصلاح حرام .   ‏4- قبول الحق من المخالف حق وفضيلة‏:‏ فالمؤمن يجب أن يذعن للحق عندما يتبينه ، ولا يجوز له رد الحق .. ورد الحق كبراً من العظائم ، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الكبر فقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏الكبر بطر الحق وغمط الناس‏)‏ رواه مسلم وبطر الحق رده ‏.‏   ‏5- اتهم رأيك‏:‏ وإن كنت متأكداً من رأيك أنه صواب ، ضع في الاحتمال أن الحق يمكن أن يكون مع مخالفك ، وبهذا الشعور يسهل عليك تقبل الحق عندما يظهر ويلوح ‏.‏( رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي خصمي خطأ يحتمل الصواب)   6- عدم الهجر والقطيعة بسبب الخلاف لا يجوز لمسلم أن يقاطع أخاه المسلم لرأي ارتآه ، أو اجتهاد اجتهد فيه ما دام يعلم أنه تحرى الحق ، واتبع ما يظن أنه الصواب ، ولا يجوز في مثل هذه الحالة هجران أو تعزير ، ولا شك أنه لو أن كل مختلفين تهاجرا لم يبق مسلم مع مسلم ‏.‏   ‏7- لا تشنيع ولا تفسيق ولا تبديع للمخالف في الأمور الاجتهادية‏:‏ لا يجوز اتهام المخالف ولا الانكارعليه ، ولا تأثيمه، ولا تبديعه ، ولا تفسيقه ومن صنع شيئاً من ذلك فهو المبتدع المخالف لإجماع الصحابة‏..‏ كما أن العالم إذا اجتهد في المسألة فأخطأ فله أجر .. كذلك الشخص العادي (العامي) إذا اجتهد في البحث عن الحق باتباع أحد أقوال العلماء الثقاة ورأى أن الصواب مع هذا العالم فإنه مأجور بإذن الله وإن كان على خطأ ..   ‏8- لا يجوز حمل الناس على الرأي الاجتهادي‏:‏ لا يجوز لعالم مجتهد ، ولا لإمام عام أن يحمل الناس على رأيه واجتهاده‏.‏ وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمن ولي أمراً من أمور المسلمين ، ومذهبه لا يجوِّز شركة الأبدان فهل يجوز له منع الناس ‏؟‏ فأجاب ‏:‏ ليس له منع الناس من مثل ذلك ، ولا من نظائره مما يسوغ فيه الاجتهاد ، وليس معه بالمنع نص من كتاب ، ولا سنة ، ولا إجماع ، ولا ما هو في معنى ذلك ، لا سيما وأكثر العلماء على جواز مثل ذلك ، وهو مما يعمل به عامة المسلمين في عامة الأمصار ‏.‏ .   أخيراً .. لنا فيهم قدوة وأسوة ..   ** خالف ابن مسعود عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما في أكثر من مائة مسألة في الفرائض وغيرها؛ ومع ذلك كان عمر رضي الله تعالى عنه من أحب الخلق لابن مسعود رضي الله تعالى عنه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، وكان كل منهما يثني على صاحبه بما هو أهله، ولم نجد لهذه الخلافات أثراً في سلوكهما ومعاملتهما.. فقد كان عمر يقول عن ابن مسعود: (كنيِّف ملئ علماً)، وعندما استشهد عمر قال ابن مسعود: (لم يُصب الإسلام بمصيبة أفدح من هذه).. أو كما قالا.   ** عندما أتم عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه الصلاة الرباعية في موسم الحج بمنى متأولاً أتم معه ابن مسعود -وكان يرى قصر الصلاة الرباعية- ؛ فقيل له: (كيف تصلي أربعاً؛ وقد صليتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر ركعتين؟!)؛ فقال: (الخلاف شر)) الذي حمل ابن مسعود على إتمام الصلاة الرباعية بمنى مع عثمان خوف الاختلاف والفرقة؛ الذي لا يأتي بخير، وإن كان المخالف محقاً؛ طالما أن عثمان فعل ذلك متأولاً؛ وهو إمام راشد؛ يُقتدى بفعله.. هذا والحمد لله على منه وإحسانه ..   بالتوفيق للجميع   *********************************************** الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم  على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد.   السلام عليكم ورحمة الله وبركاته   آداب المتخالفين   أرجو أن تكون نافعة لإخواني كما انتفعت بها  وأسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول  فيتبعون أحسنه إنه ولي ذلك والقادر عليه.   الأدب الأول: البدء بنقاط الاتفاق قبل نقاط الخلاف،  فإذا حصرنا نقاط الاتفاق هانت نقاط الخلاف  وذابت وسهل تجاوزها، وإنما تشتد شقة الخلاف وتكثر الفجوة فيه بسبب البدء  بنقاط الخلاف أولا وتجاهل نقاط الاتفاق  التي قد تكون أكبر.    الأدب الثاني:عدم الجرح والاستطالة، فالمتخالفان  لا بد أن يتأدبا بأدب شرعي فلا يستطيل  أحدهما على الآخر ولا يجرحه قال الله تعالى  في مخاصمة الكفار ( ولا تجادلوا أهل الكتاب  إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم)  وقال لموسى وهارون حينما أرسلهما إلى  فرعون (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى)  وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم  ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ  القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم  وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله)   الأدب الثالث:عدم رفع الصوت، فرفع الصوت  في حال الخلاف مدعاة لدخول الشيطان  ومدعاة للاستطالة ولهذا حذر الله منه  فقال تعالى ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول  إلا من ظلم)    الأدب الرابع: قبول الحق والإنصات له، فلا بد  أن يكونا المختلفان يطلبان الحق وينصتان له  ويقبلانه، فالذي يصم عن الحق ولا يقبله  لا يمكن أن يتأدب بأدب الخلاف أصلا، ولهذا  قال الله تعالى ( الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه)  فهم يستمعون أولا ثم يتبعون  وعدم الاصغاء والاستماع بل التنفير منه صفة  من صفات الكفار الذين قال الله عنهم (وقال الذين  كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن ولغوا فيه لعلكم تغلبون)  فلا بد من الاصغاء للخصم حتى يسمع الإنسان ما عنده،  ولا بد أن يقبل ما فيه من الحق ولهذا علمنا الله في  مجادلة المشركين أدبا عجـــيبا فقال تعالى: ( وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين)  فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم  هو الذي على الهدى وأن المشركين هم الذين  على ضلال مبين، لكن أتى بـ (أو) في هذا الأسلوب  لأدب الخلاف ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم في الخلاف  مع المشركين يخاطبهم بأحب أسمائهم إليهم فلما  أتاه عتبة بن ربيعة قال له : اسمع أبا الوليد، انظر إلى التكنية، فهذا يقتضي الأدب مع كل مخالف فلا  فائدة من نقص الأدب معه وإنما يزيده نفرة ولا يزيد  الحق ظهورا، ولهذا قال الشافعي رحمه الله تعالى ما ناظرت أحدا إلا سألت الله أن يظهر الحق على لسانه  قيل ولم؟ قال:إن ظهر على لسانه عرفت الحق ولم يفتن  وإن ظهر على لساني خشيت أن أفتن. وقد بين الله سبحانه وتعالى أن الخلاف لا يقتضي استنكافا  عن الحق وإنكارا له فقال: ( ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) ولذلك فإن عروة بن مسعود كما في صحيح مسلم أثنى  على الروم بما علم فيهممن الخير، وقد ذكر النبي  صلى الله عليه وسلم عددا من المشركين  فأثنى عليهم ببعض الصفات الحميدة  التي كانت فيهم كالمطعم بن عدي وغيره.    الأدب السادس: عدم التعصب والاحتكار، فلا بد  أن يأتي المتناظران المختلفان منطلقين من مبدأ  طلب الحق وللاستسلام له إذا حصل، والرجوع  إليه إذا استبان، فإذا أتيا وكل واحد منهما يريد  أن يفرض قوله على صاحبه ويحتكر الحق لنفسه  ولا يريد أن يغير موقفه بحال من الأحوال فلا  يمكن أن يتفقا بوجه من الوجوه والتعصب مقيت مذموم وقد كان مالك رحمه الله تعالى  يقول في المسائل الاجتهادية ( إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين) ويقول: ما منا من أحد إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم، واحتكار الحق فيه خطورة  عظيمة لأنه يقتضي أن الإنسان يدعي العصمة  لنفسه، والشافعي رحمه الله كان يقول: رأيي  صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل  الصواب، فأي صواب عندي يحتمل الخطأ لأنه غير منزل من عند الله إنما هو اجتهاد مني، ورأي غيري خطأ عندي لأن الحق لا يمكن أن يختلف اختلاف تضاد يحتمل الصواب لأنه اجتهاد شخص محترم كذلك، ومن هنا كان العلماء يحترم بعضهم  أقوال بعض احتراما عجيبا، فهذا أبو يوسف صاحب أبي حنيفة مذهبه أن العلة القاصرة لا تصلح للتعليل وأن أي  نجس خرج من البدن إذا تفاحش ناقض الوضوء،  فقرر ذلك يوما في مجلسه فقال له رجل: أرأيت إن كان الإمام  قد جرحت ساقه فخرج منها دم فتفاحش  فصلى بالناس من غير وضوء أأصلي وراءه  قال: سبحان الله ألا تصلي خلف مالك، فمالك كان يرى أن العلة القاصرة تصلح  للتعليل، وأن الناقض إنما هو الخارج من  أحد السبيلين فقط، وأن ما سواه من الأنجاس لا ينقض الوضوء.  وكذلك فإن الإمام أحمد رحمه الله تعالى عندما  سئل عن تعليق الطلاق على النكاح ذلك أنه لا ينفذ قيل: أرأيت إن مررت على حلقة أهل المدينة  فأفتوا بخلاف ما تقول فآخذ بقولهم؟ فقال سبحان الله  ألا تأخذ بقول مالك. فقد كان جمهور أهل السنة يحترمون أقوال  المجتهدين ويقدرونها، ولهذا قال الشافعي  رحمه الله تعالى: لا أرد شهادة أحد من أهل الأهواء  إلا الخطابية، فإن من مذهبهم أنهم يستبحون الكذب  لنصرة من وافقهم في مذهبهم.    الأدب السابع: الإنصاف، بمعنى أن يكون الإنسان  منصفا لخصمه فإذا وقع هو في خطأ سهل عليه  الاعتراف به، وإذا كان دليله ضعيفا اعترف بذلك  والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل  كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه  في كتابه إلى أبي موسى الأشعري: ولا يمنعك قضاء  قضيته فيه بالأمس فراجعت فيه نفسك فهديت  فيه إلى رشدك أن تراجع إلى الحق فإن الحق قديم  لا ينقضه شيء، وإن الرجوع إلى الحق خير  من التمادي في الباطل.   الأدب الثامن: الأمانة في النقل، فعل كل واحد  من المتخالفين أن يكون أمينا على نقله  وأن لا ينقل على الآخر ما لم يقله حتى ولو  كان لازما لقوله فإن لازم القول لا يعد قولا  ولا ينسب لساكت قول، واللوازم كثير منها  لا يخطر على البال، فلا يمكن أن يلزم به  أصحابه ولا ينسب إليهم، وهذا ما تساهل  فيه كثير من الناس مع الأسف، فيأخذون  بعض اللوازم التي بعضها لا يلزم فينسبونها  إلى صاحب ذلك المذهب ويجعلونها من مذهبه  وهذا هو من التجني والكذب، فيجب على المؤمن  أن يكون أمينا في نقله، والأمانة أخت الدين  ولا إيمان لمن لا أمانة له، فقد كان سلفنا الصالح  رحمهم الله تعالى يحذرون جدا من نسبة  الأقوال ويتأدبون غاية الأدب، فيقول مثلا مسلم  في الصحيح، قال فلان، أخبرنا فلان، حدثنا فلان  حتى لا ينسب إلى أحد قولا لم يقله.   الأدب التاسع: حسن الظن والتماس أحسن المخارج  فالمختلفان إن كانا من أهل العلم والإيمان والتقوى  فينبغي أن يحسن كل واحد منهما الظن  بصاحبه، وأن الظن به أنه ما قصد به إلا  إعلاء كلمة الله ونصرة دينه وأنه إنما أعمل  اجتهاده، وهذا الذي أداه إليه علمه واجتهاده  وأنه مكلف بمقتضى عقله لا بمقتضى عقول  الآخرين، ويظن به أنه ما أراد إلا الخير، والتماس  أحسن المخارج مطلوب دائما كما التمس أحسن  المخارج لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم  وكان بعضهم يلتمس ذلك لبعض  ولهذا قال علي رضي الله عنه في قوله تعالى  (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا)  قال: نزلت فينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حين اختلفنا  واقتتلنا. وعندما وقف يوم الجمل على طلحة  بن عبيد الله قتيلا وقف عليه يبكي وهو يقول:  فتى كان يدنية الغنى من صديقه  إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر  فتى لا يعد المال ربآ ولا يرى  به نخوة إن نال مالا ولا كبر  فتى كان يعطي السيف في الروع حقه  فشهد له بهذه الصفات العظيمة التي يشهد بها الجميع  لطلحة رضي الله عنه، وهكذا فقد كانوا جميعا يقر بعضهم  لبعض بما فيه من الخير، ولذلك في كتاب معاوية  رضي الله عنه إلى علي رضي الله عنه حين أرسل إليه ليلزمه بالبيعة ذكر سبب عدم البيعة له  وأن بيعة أهل المدينة وأهل العراق غير ملزمة  لأهل الشام، وقال في آخر كتابه وأما قربك  من رسول الله صلى الله عليه وسلم  فأمر لست أنكره أو فأمر لست أدفعه.  فهذا إقرار له بالفضل بالسابقة في الإسلام والقرب  من الرسول صلى الله عليه وسلم    الأدب العاشر: عدم التشديد مع المؤمنين، فالتشدد  إنما يكون مع الكفار، أما المؤمنون فحقهم  الرحمة كما قال تعالى ( أشداء على الكفار  رحماء بينهم ) وكما قال تعالى ( فسوف يأتي الله  بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة  على الكافرين) فالتشدد مع المؤمنين والتساهل  مع الكافرين إنما هو دأب الخوارج والملحدين  ولذلك فإن الخوارج حين قتلوا عبد الله بن خباب بن الأرت رضي الله عنهما فذبحوه على شاطئ الفرات  فاستطال دمه حتى قطع النهر جلسوا تحت ظل  نخل لرجل من أهل الذمة يختصون فيما بينهم  فقال بعضهم لبعض: إنكم قد جلستم في ظل  هذه النخلة ولم تستأذنوا صاحبها وهو من أهل الذمة  فإما أن ترضوه وإن أن تكفروا، فذهبوا إليه يريدون  أن يرضوه عن ظل النخلة بما أراد من المال  فقال: عجبا لقوم يتورعون عن ظل نخلة لرجل يهودي  ويستبيحون قبل عبد الله بن خباب.  ولذلك قال لهم ابن عباس : يا أهل العراق  تستبيحون قتل الحسين في الشهر الحرام  وتسألون عن دم ذبابة في الحرم.    إلى هنا انتهى ما أردت نقله  وقد تكون بعض المسائل تحتاج إلى شرح أكثر أو تفصيل فمن عنده باع فيه فلا يبخل على إخوانه والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.   (المصدر: « الحوار.نت » (محجوب في تونس) نقلاعن « بريد الحوار.نت » بتاريخ 27 أكتوبر 2009)

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

قرأت مقالة السيد سالم العرفاوي ردا على الشيخ الهادي
بريك و لفت نظري ما ذكره عن الشيخ بن عثيمين رحمه الله

 » لا يجوز الحج بالنقاب.. وذلك شئ من الثوابت فى الحج س13: في الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة بين النساء بشكل ملفت للنظر وهي ما يسمى بالنقاب، والغريب في هذه الظاهرة ليس لبس النقاب، إنما طريقة لبس النقاب لدى النساء ، ففي بداية الأمر كان لا يظهر من الوجه إلا العينان فقط ثم بدأ النقاب في الإَتساع شيئاً فشيئاً فاصبح يظهر مع العينين جزءاً من الوجه، مما يجلب الفتنة، ولا سيما أن كثيراً من النساء يكتحلن عند لبسه، وإذا نوقشن في هذا الأمر احتججن بأن فضيلتكم قد أفتى بأن الأصل فيه الجواز ، فنرجو توضيح هذه المسألة بشكل مفصل وجزاكم الله خيراً. جـ : لا شك أن النقاب كان معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأن النساء كن يفعلنه كما يفيده قوله صلى الله عليه وسلم في المرأة إذا أحرمت (لا تنتقب) فإن هذا يدل على أن من عادتهن لبس النقاب ، ولكن في وقتنا هذا لا نفتي بجوازه بل نرى منعه ، وذلك لأنه ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز ، وهذا أمر كما قاله السائل مشاهد ، ولهذا لم نفت امرأة من النساء لا قريبة ولا بعيدة بجواز النقاب أو البرقع في أوقاتنا هذه ، بل نرى أنه يمنع منعاً باتاً وأن على المرأة أن تتقي ربها في هذا الأمر ، وأن لا تنتقب ، لأن ذلك يفتح باب شر لا يمكن إغلاقه فيما بعد . ((الشيخ ابن العثيمين)) منقول. هذه الفتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أي أنها قبل أقوال مفتي الأزهر بزمان طويل. فهون عليك شيخ الهادي..  » وهذا  الاقتباس فيه الكثير من المغالطة فالشيخ بن عثيمين لما قال بمنع النقاب ذلك أنه يرى أن ما في زماننا هذا من الفتنة يستوجب أن تغطي المرأة وجهها كله فأين هذا من قول شيخ الأزهر. تونسي

الإصلاح والولادة القيصرية


عبدالسلام المسدّي 2009-10-28 غزو الولايات المتحدة لأفغانستان تحت غطاء التحالف الدولي المعزز بقرارات مجلس الأمن الذاعن لإرادة منفردة أحدث صدمة ظلت مزيجا من أحاسيسَ متباينة، وكان مِن المتفقهين في السياسة على طراز الهواة وهم يخالون أنفسَهم كبارَ المحترفين مَن حَبَكوا بعض المسوّغات. ولكن غزو العراق قد أحدث الفاجعة الكبرى، ولن ينسى الضمير الإنساني مهما وَهَنت ذاكرته اجتماعَ بعض الحيثيات المتقادحة: الكذب السياسي في حجمه الأعظم، والانشقاق العلنيّ على مستوى الإرادات الدولية الكبرى، والدوس التنكيلي على دفاتر القانون الدولي، والإصرار على قلب الهرم الجليل الذي شيدته فلسفة العالم الحر وحقوق الإنسان أملا في أن يحتفظ الهرم بتوازنه، قمته على الأرض وقاعدته إلى السماء. بين (20 مارس 2003) يوم بداية الغزو، و(9 أبريل 2003) يوم دخول بغداد وإسقاط التمثال الرمزي، كان الوجَعُ بالغاً أقصاه بين أحناء المثقفين العرب من حيث إن مشاعرهم ترجمان بليغ عما يحسّون به، وترجمان أبلغ وأفصح عما تحسّ به الجموع التي هم ينطقون باسمها. كانت النقمة بالغة عارمة؛ وكان بين المثقفين ألفُ خطاب وخطاب. وفي تلك اللحظة التاريخية الفاجعة التي فرشت تحت أقدام المثقفين صفيحا سميكا ساخنا يكاد يغلي بغليان انصهار المعادن، التأم الشمل التئاما عجيبا، لم تكن تستطيع صوغه إلا الكوارث، سقطت الحواجز فجأة بين المثقفين: لم يعد للتقسيمات معنى، ولم تعد التصنيفات تولّد الجدلَ وتبتعث الحوارَ الرتيب. داخلَ أسيجة تلك النائبة تهاوت من على الوجوه أقنعة الانتماءات المذهبية، فالكل في أتون المحرقة: القوميون والقطريون، الاشتراكيون والليبراليون، اليمينيون واليساريون، أصحاب الموالاة والذين احترفوا الاعتراض والمناقضة، المنادون بالنهل من جداول الإنسانية الفيّاضة ودعاة الهوية المتحصّنون بأسوار الإرث الطاهر الزكي. وإذا الجميعُ يندفعون بأبصارهم المحدّقة وبصائرهم المتأملة صوْبَ قياداتهم السياسية ناعين لهم احتضارَ النظام العربي الرسمي على أيديهم. في لحظة خاطفة سكتت أصوات الشماتة بالذين كانوا سببا في الكوارث، وتجمّدت ألسنة الإغاظة في حمق بعض الساسة الذين بغبائهم حمّلوا التاريخ أكثر مما يحتمل، وإذ بدت الآفاق مُنسَدّة، والكلامُ عبثا محضا، أهون منه مسرحُ اللامعقول، جاءت مبادرة لافتة، جاءت تقتنص مشهد التداعي الجماعي المحفوف بنوازع الانكسار لتنفث في الغمام المدلهمّ شعاعا من الحياة رغم بؤس كروبها. فلم يمض شهر على احتلال العراق حتى قرر المجلس الأعلى للثقافة بمصر أن يعقد مؤتمرا يلملم أشتات الضمير الثقافي المتشظي، حَدّد موعدَه بالأيام الثلاثة الأولى من يوليو، وحملت الدعوةَ إلى المثقفين رسالتان، الأولى من وزير الثقافة، فاروق حسني، فصّلت حيثيات عقد المؤتمر، والثانية من الأمين العام للمجلس، د.جابر عصفور، عرض فيها المحاور المقترحة للمؤتمر. أما العنوان فكان (الثقافة العربية من تحديات الحاضر إلى آفاق المستقبل: نحو خطاب ثقافي جديد) وكان من المسائل المعروضة للتداول: موضع الثقافة العربية على الخارطة الثقافية الكونية، وأزمة النظام الإقليمي العربي، وكذلك: نحوَ مشروع للإصلاح الثقافي في إطار الإصلاح السياسي للمجتمعات العربية. وما إن وصلت الدعوات المثقفين، وبدؤوا يستجيبون، حتى سَرَت بينهم أخبار شاعت بسرعة بين كل الأطراف في مختلِفِ الأقطار، جاءت تبعث شكوكا وتدُسّ رِيَبا في حوافز المؤتمر ومراميه، ثم اجتمع ثلة من المبدعين العرب، كتبوا نصا ووقعوا عليه ثم نشروه، دعوا فيه بإلحاح إلى مقاطعة المؤتمر مؤكدين ما بدا لهم أنه ظن اليقين، مفاده أن العملية تخدم مصلحة الولايات المتحدة الغازية، هذا إن لم يكن المؤتمر برمّته جزءا من التوظيب الأميركي، بل لا غرابة أن تكون مصادر التمويل وافدة من جهات منخرطة في الأجندة الأميركية.. وردد الإعلام المصري بما يمارسه من حرية التداول والافتتان بالجدل أصداءَ الاعتراض، حتى خِيف على المؤتمر أن يفشل في جمع شمل المثقفين العرب الغيورين على نصاعة الموقف. وجاء القاهرةَ الجمعُ الغفيرُ، بل جاءها مَن كانت ظروفه تضايقه لأسباب خاصة، جاء لأن حماسه علا بفعل جلالة الظرف وحملة التشكيك، جاء المثقفون العرب والجهامة تتملك وجوهَهم، وتباريحُ التاريخ الزنيم تنضح بها أنفاسهم. والتأم المؤتمر، وحضره 400 مشارك، فكان لقاءً استثنائيا بكل مضمونات الكلمة، ورجاني وزير الثقافة والأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة أن أتولى إلقاء كلمة باسم المؤتمرين في جلسة الافتتاح، فلم يحصل لي أن تهيّبت أمرا إلى حد التقيّة كما حصل لي ساعتئذ. فالمسلك مزروعٌ بألغام المقاصد، وبراءة تأويل الكلام غيرُ مضمونة، ولا يملك الفرد ما به يَرْتق الشرخ الذي انفلق بين وعي الضمير وتهاوي النظام العربي الرسمي، ولكن الأمانة التي يحملها المثقف تأبى عليه الهروبَ من مواجهة الموقف أنى جاء وكيفما انحدر. بدا لي أن أذكّر بأن الظروف التي تمر بها المنطقة تفرض على المثقفين العرب وأصحاب الفكر والرؤى في الأمة أن يطرحوا من التساؤلات، وأن يفتحوا من الحوارات، وأن يستخرجوا من التصورات الموضوعية ما يعين على اكتشاف آفاق المستقبل، وارتياد عالم مختلف، في ظل ظروف بالغة الحساسية والتعقيد، ولما كانت أوضاع الثقافة العربية تثير الكثير من الجدل الذي يتطلع إلى تغيير المفاهيم والأفكار فإن من الضروري أن ينهض المثقفون والمفكرون العرب بأعباء مسؤولياتهم، خصوصا في تلك الظروف الاستثنائية. إنها دعوة صريحة تتقاطر كلماتها نزيفا، ومهما تلطف خطابها فإنها تشي بزلازل التاريخ على الأرض العربية، فطبيعيّ أن يهبّ المثقفون العرب ليعلنوا غضبهم على التاريخ، وأن يطالبوا بحقهم في صنع التاريخ. فالغضب في الحياة يُغمض الأبصار ويُصمّ الآذان ويَكبت الأنفاسَ، ولكنه في السياسة يُنطق الأبجديّة الخرساء. والمثقفون العرب: حروفهم، كلماتهم، جُمَلهم، كلها مبتلاة بالصمم، غريبة وهي في ديارها، مشرّدة وهي على أرضها. وإذ يستجيب المفكرون أصحابُ الرؤى لهذا النداء فإنهم على بيّنة بأن الثقافة هي المركب العتيد لإنجاز العبور، وهم على بينة بأن نقد الآخر يبدأ بنقد الذات، وبأن نقد الذات قيمة ولكن جلد الذات هزيمة. لقد دقت ساعة الحقائق الجديدة: أن المثقف مورّط في الشأن السياسي رغم إرادته، وأن السياسة تمارس سلطتها على المعرفة أكثر مما تمارس المعرفة سلطتها على السياسة، وأن رحلة الإنسان العربي نحو الكشف عن الحقيقة لم تكن يوما أشدّ إضناءً مما هي عليه عندئذ. وإن الذين استجابوا إنما جاؤوا حاملين بين جوانحهم الحلم الكبير؛ وحلمهم ذاك ليس (نحو خطاب ثقافي جديد) ولكنه (نحو فعل سياسي جديد) فإن كان الفعل لا يتغير إلا بعد أن يتغير الخطاب فإنهم يضطلعون بأمانة التاريخ فيبدؤون بخطاب الثقافة كي يؤسسوا لفعل السياسة. ولرحلتهم في ذلك مسارات؛ تغيير الخطاب الموجه إلى الجماهير: أفترانا واعين برسالتنا نحو جموعنا؟ أفترانا وُفقنا إلى صياغة الخطاب الثقافي الذي يصبح مدرسة تثقف الجماهير؟ ثم تغيير الخطاب الموجه إلى أولي الأمر: أفإلى هذا الحد عجزنا عن المواءمة بين طرفيْ المعادلة، صناعة القرار وإنتاج الأفكار؟ ثم تغيير الخطاب نحو الآخر، والآخر ضروب وأصناف، فيه الغافل عنا، وفيه الجاهل بأمرنا، وفيه الكائد لنا، ولكنّ فيه مثقفين شرفاءَ، إنسانيّتهم تغلبُ على حميّاتهم، وعنّ لنا أن نصوغ باسم كل المؤتمرين أمنيّة تبدو من الأحلام: أن تنبثق عن المؤتمر لجنة لمتابعة موضوعه تتحول إلى (مرصد فكري للسياسة العربية) يعمل في استقلال كليّ، ويعمل في أمان جماعي خارج كل وصاية رسمية، وأن يستظل بظلال المجتمع المدني، فيكون الخطوة الصغيرة على الأرض، العملاقة في النفوس، نبدأ بها مسيرة الإصلاح العربي. وسيكون ما سيكون.   abdessalemmseddi@yahoo.fr (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 28 أكتوبر 2009)


المغرب والتراجع المقلق


محمد كريشان 28/10/2009 مثلما تربى صحافيو المشرق العربي على اعتبار صحافة لبنان منارة لهم في التعددية والحرية، تربى زملاؤهم في المغرب العربي على اعتبار صحافة المغرب ذات الشيء. لكن منارة الرباط هذه آخذة طوال الأشهر الماضية في الذبول حتى بات انطفاؤها نهائيا أمرا محتملا. وبسبب هذا الإعجاب التاريخي بالنموذج المغربي تابع كثيرون من أهل المهنة بقلق شديد وببعض الحيرة ما يشهده المغرب في الأشهر الماضية من سلسلة محاكمات لعدد من الصحافيين. آخر ما جد هنا حكم المحكمة الابتدائية بالرباط الاثنين بالسجن سنةً مع وقف التنفيذ وغرامة مالية تقارب ألف دولار في حق مدير نشر صحيفة ‘الجريدة الأولى’ علي أنوزلا. كما حكمت المحكمة على الصحفية بنفس الجريدة بشرى إيدو بثلاثة أشهر حبسا مع وقف التنفيذ بتهمة نشر أنباء زائفة بسوء نية حول الوضع الصحي للملك محمد السادس. وفي منتصف هذا الشهر قضت محكمة في الرباط بسجن مدير أسبوعية ‘المشعل’ إدريس شحتان لمدة عام بسبب نشره مقالات مثيرة للجدل أيضا عن صحة العاهل المغربي الملك محمد السادس. كما أصدرت المحكمة حكمين بالسجن ثلاثة اشهر بحق رشيد محاميد ومصطفى حيران اللــذين يعملان في الصحيفة نفسها. وإلى جانب هذه الأحكام ، قرر المغرب أمس الأول منع توزيع صحيفة ‘البايس’ الاسبانية لنشرها رسما كاريكاتوريا عن الأسرة المالكة لتكون ثاني صحيفة تمنع بعد ‘لوموند’ الفرنسية الأسبوع الماضي. وقالت ‘البايس’ إن السلطات المغربية اتهمتها بالإساءة الى المؤسسة الملكية في المغرب لانها أعادت السبت نشر رسمين نشرتهما ‘لوموند’. إذن ضيق رسمي في الرباط مما تنشره بعض الصحف الوطنية وضيق مماثل مما يرد في الصحف الأجنبية التي اعتاد المغاربة أن يروها بانتظام في أكشاك مدنهم وعلى قارعة الطريق، كما يفضل كثير من باعة الصحف في المغرب عرض الجرائد والمجلات المتعددة المشارب واللغات. لا أحد بإمكانه أن يجزم من بعيد ما إذا كانت مثل هذه القرارات بالملاحقة القضائية لصحافيين مغاربة وهذه المصادرة لعناوين أجنبية، وكلتاهما تكرر في الأشهر الماضية، تأتي من القصر الملكي نفسه أم هي اجتهادات من جهات أخرى. المعلوم أن هذه القرارات سبقتها أيضا انتهاكات أخرى أبرزها ما تعرض له مكتب قناة ‘الجزيرة’ ومديرها حسن الراشدي الذي اضطر بعد محاكمته لترك بلده مرة واحدة. لا فائدة في التذكير بأن لا نظام عربيا سقط بفعل مقالة هنا أو هناك، ولا الجماهير خرجت غاضبة إلى الشوارع بعد برنامج تلفزيوني أو مقابلة. الحاكم الواثق من نفسه لا يخشى لا هذا ولا ذاك، خاصة إذا كان مدركا أن كل منع يغذي الرغبة في الإطلاع بحيث أن المقال أو الرسم الذي كان يمكن أن يقرأه بضعة آلاف، وينسى بعد أيام ، سيسعى مئات الآلاف بعد منعه إلى الظفر به كصيد ثمين. سمعة حرية الصحافة التي كانت تشرف المغرب تضررت كثيرا بفعل كل ما حدث ويحدث. هذه السمعة حظيت بها المملكة قبل عقود وفي وقت لم يكن أحد من جيرانها يتحدث عنها أو حتى يتمتع بنزر قليل منها. من المحزن جدا أن تصرفات لمسؤولين خائفين أو مزايدين قادرة على تدمير سمعة بلد بأكمله بنيت على امتداد عشرات السنين وكانت مبعث فخر للبلاد وغيرة وطموح من الجوار. المطلوب فقط وقفة تأمل من المسؤولين المغاربة، ومن الملك محمـد السادس شخصيا، للتساؤل عن الضرر الذي لحق بسمعة البلاد ليس بفعل بعض المقالات أو الرسوم بل بسبب منع أساء من حيث ظن أصحابه أنه هو القرار السديد. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  28 أكتوبر 2009)  


الجزائر: بوتفليقة يقرر مراجعة عمل الجهات القضائية العليا

 


الجزائر ـ القدس العربي ـ من كمال زايت ـ أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الأربعاء عن اعتزامه مراجعة سير بعض الجهات القضائية، و في مقدمتها المحكمة العليا ومجلس الدولة ، وهما أعلى هيئتان قضائيتان في البلد، كما أكد عزمه على محاربة الفساد ومعاقبة المتورطين فيه . وأضاف بوتفليقة لدى إلقائه خطابا لدى إشرافه على افتتاح السنة القضائية الجديدة 2009-2010 أن قراره إعادة النظر في عمل الأجهزة القضائية الجزائرية سببه تمكين لمواجهة الحجم المتزايد من الطعون المرفوعة أمامهما. وأشار إلى أن إعادة النظر في تنظيمها لضمان حقوق الأشخاص الذين يمثلون أمامها من خلال تمكينهم من طرق أخرى للطعن، مثلما هو معكم غرار ما هو معمول به على مستوى الجهات القضائية الأخرى. واقترح بوتفليقة توسيع بدائل الخصومة القضائية مثل الصلح والوساطة إلى الجرائم البسيطة في المجال الجزائي، بوصفها بدائل موروثة من التراث، كما أنها تتماشى مع التقاليد والعادات الجزائرية التي تفضل الجنوح إلى الصلح بدل الخصام واللجوء إلى القضاء في أمور يمكن حلها وديا. وشدد على ضرورة مواصلة الجهود في مجال تطوير المهن المساعدة للقضاء، والإسراع في إصدار قانون ينظم مهنة المحاماة، باعتبارها رافدا من روافد العمل القضائي ودعامة من دعائم السلطة القضائية. وذكر أن العدل هو أساس الملك، وأن العدالة هي الكفيلة بعلاج المجتمع من كل الآفات التي تنغص حياته والتي تعوق تقدمه وتطوره، بمحاربة المحسوبية والمحاباة والرشوة والفساد والنهب والاعتداءات، ليصبح الإنسان في غنى عن المخاصمات والاحتجاجات التي ليست في حقيقتها وماهيتها سوى وسيلة للمطالبة بالعدل. وتحدث الرئيس الجزائري مطولا في خطابه عن موضوع محاربة الفساد، مشيدا بالجهود التي يبذلها القضاء للوقوف بالمرصاد ضد جرائم الفساد المختلفة. وأوضح أن إصلاح القضاء الذي شرعت فيه البلاد منذ سنوات عزز ضمانات المحاكمة العادلة بجميع المقاييس المتعارف عليها في الاتفاقيات والعهود الدولية. وجدد التأكيد على أن الجزائر تخوض معركة حاسمة ضد الفساد بجميع صوره وأشكاله، معتبرا بأن الآليات التشريعية والقضائية تنظيمية ستعزز قريبا بتنصيب لجنة وطنية لهذا الغرض، وهي اللجنة المنصوص على إنشائها في قانون محاربة الفساد، والتي لم تر النور حتى الآن. وتوعد الرئيس بوتفليقة المتورطين في قضايا الفساد والرشوة ونهب المال العام، مؤكدا أنه لا بد من أن ينال كل ذي مفسدة جزاءه على يد القضاء وطبقا لقوانين الجمهورية. ويربط المراقبون بين كلام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وبين قضايا الفساد التي تفجرت في عدة قطاعات مؤخرا، وتورط فيها مسؤولون كبار في الدولة، وفي مقدمتها ملف الطريق السيار شرق ـ غرب، والذي كان يوصف بأنه مشروع القرن فأصبح يوصف في الصحف بأنه فضيحة القرن. فقد أفضى التحقيق المبدئي في القضية إلى وضع الأمين العام لوزارة الأشغال العمومية في السجن المؤقت، بعد اكتشاف حساب بنكي في إسبانيا يحتوي على 200 مليون دولار، كما تم سجن 4 كوادر رفيعة أخرى على ذمة التحقيق. كما شهد قطاع الصيد البحري فضيحة أخرى تتمثل في صفقات مشبوهة مع شركات تركية، أدى التحقيق فيها إلى وضع الأمين العام للوزارة تحت المراقبة القضائية، في انتظار استكمال التحقيق. ويتوقع المراقبون تفجر قضايا فساد أخرى قد تطيح بأسماء كبيرة، خاصة وأن كلام الرئيس يوحي بأنه لن تكون هناك حماية لأحد، وهذا الكلام يؤكد ما نشر في بعض الصحف الجزائرية بشأن إعطاء بوتفليقة الضوء الأخضر للقضاء بالتحقيق في كل الملفات وعدم استثناء أي مسؤول يثبت تورطه في الفساد. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  28 أكتوبر 2009)


فرنسا تبحث عن « هويتها الوطنية »!

 


هادي يحمد  باريس- هل تحتاج الجمهورية الفرنسية لأن تعيد تعريف هويتها العلمانية بعد أكثر من مائتي سنة من قيام الثورة الفرنسية؟! وما هو معنى « الهوية الوطنية » في بلد تأسس على إلغاء الانتماء الديني والعرقي والأيديولوجي؟! هذه بعض الأسئلة التي أثارها الإعلان عن فتح « نقاش وطني كبير » حول « ماهية الهوية الفرنسية » من قبل وزير الهجرة والهوية الوطنية إريك بيسون، والذي أثار غضب المعارضة اليسارية، وربط معنيون في تصريحات خاصة لـ »إسلام أون لاين.نت » بينه وبين الجدل الدائر حول البرقع (النقاب) وأوضاع المسلمين في فرنسا بشكل عام. فقد أعلنت وزارة الهجرة والهوية الوطنية الفرنسية فتح ما أسمته: « حوارا وطنيا كبيرا يتعلق بتحديد ماهية الهوية الوطنية الفرنسية »، وحددت مدة « النقاش » بشهرين يبدآن من يوم 2 يناير إلى يوم 28 فبراير، وتشارك فيه « القوى الحية » من نقابات ومنظمات مجتمع مدني ومجالس طلابية منتخبة، بحسب بيان الوزارة. وقال البيان: إن « الحوار الكبير سيعمل على الإجابة عن تساؤلين: الأول هو: ماذا يعني أن تكون فرنسيا اليوم؟ والثاني: ماذا قدمت الهجرة بالنسبة لكم؟ » كما يطرح الحوار إعادة فهم العديد من المصطلحات التي ارتبطت بالجمهورية الفرنسية مثل: « الوطن- العلمانية- التضامن الوطني- إمكانية أن ينشد أطفال المدارس مرة في العام المارسياز »، أي النشيد الوطني الفرنسي. ومن المنتظر أن يعقد الحوار الوطني الكبير في كل مديرية من مديريات المدن الفرنسية بمشاركة مسئولي المديريات وبرلمانيين وممثلين عن التجمع من أجل الحركة الشعبية (الحزب الحاكم) والحكومة. البرقع وفي تصريحات خاصة لـ »إسلام أون لاين.نت » اعتبر محمد حنيش الأمين العام لاتحاد المنظمات المسلمة في المنطقة 93 بشمال باريس -حيث تتركز أكبر كثافة سكانية مسلمة بفرنسا- أن « فتح مثل هذا الحوار له علاقة بالجدل حول البرقع وكل القضايا التي تمس اندماج المسلمين بفرنسا والتي من الممكن أن تزيد التركيز على الأقلية المسلمة بشكل سلبي ». من جانبه، رأى فانسون بيون -أحد الناطقين باسم الحزب الاشتراكي- أن « فتح هذا النقاش ربما يراد منه لفت الانتباه إلى قضية البرقع التي يجري النقاش حولها، وأرى أن البرقع لا يمثل تهديدا للهوية الفرنسية، وفرنسا لم تفكر أبدا قياسا على ما يحمله المهاجرون من عادات ». وتواصل اللجنة البرلمانية الفرنسية هذه الأيام جلسات الاستماع في قاعات الجمعية الوطنية (البرلمان) للبحث في إمكانية سن قانون يمنع ارتداء البرقع في شوارع فرنسا، وهو اللباس الذي اعتبره العديد من السياسيين الفرنسيين « منافيا لقيم الجمهورية الفرنسية ». الانتخابات وفي السياق ذاته، لفت حنيش إلى أنه « بطبيعة الحال فإن فتح هذا الجدل له أهداف سياسية، خاصة أنه يأتي قبل شهر واحد من الانتخابات الجهوية التي ستجرى في مارس المقبل ». وتأتي هذه الانتخابات المرتقبة في الوقت الذي تواجه فيه حكومة فرنسوا فيون اليمينية مصاعب اقتصادية بسبب الأزمة المالية، فضلا عن الجدل الذي أثير بعد اعتزام الرئيس ساركوزي تعيين نجله على رأس أكبر مجمع اقتصادي في فرنسا، ثم عدل عن ذلك بسبب ضغوط المعارضة. لهذا السبب أشار النائب المعارض عن حزب الخضر نويل مامير إلى أن « فتح مثل هذا الحوار حول الهوية الوطنية هو عملية تحويل وجهة للمشاكل الحقيقية التي يعاني منها الفرنسيون والمأزق الذي تعيش فيه الحكومة بسبب الأخطاء المتراكمة ». واعتبرت المعارضة الفرنسية بجميع تشكيلاتها أن الإعلان عن فتح مثل هذا الحوار « يراد منه جذب أصوات اليمين المتطرف استعدادا للانتخابات الجهوية القادمة ». كما احتجت أيضا على قضية « الحوار الكبير من أجل الهوية الوطنية » الجبهة الوطنية اليمينية نفسها؛ حيث اعتبرت في بيان لها أن « طرح هذا الملف يؤكد مرة أخرى سطو الحكومة على أحد الملفات التي تتبناها منذ عشرات السنين »، وأضافت: « تبني مثل هذه المواقف من قبل الحكومة هو تبنٍّ سياسي ليس عن اقتناع بالقضية ذاتها ». وفي زيارة له لأحد المصانع بوسط فرنسا الثلاثاء 27-10-2009 دافع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن وزيره لشئون الهجرة والهوية الوطنية قائلا أمام تجمع للفلاحين العاملين بالمصنع: « أنا انتخبت من أجل الدفاع عن الهوية الوطنية، ومثل هذه الكلمات لا تخيفني بل إني أتبناها ».  
مراسل شبكة إسلام أون لاين. نت في فرنسا. (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 28 أكتوبر 2009)  


الإخوان المسلمون.. العهد الجديد

مهنا الحبيل 2009-10-28 من المهم أن أوضح بجلاء أنّ هذا الموضوع الذي لم يغب عن مخيلتي، وهو دراسة وتقييم تجربة الإخوان المسلمين وتحديدا رصد حركة الإعاقة والتجديد فيها، كان من أهم القضايا التي حرصت على تدوين رؤيتي الشاملة فيها من خلال الرصد والتجربة وبالذات ما كنت أعتقده دائما من أن انطلاق الحركة الإصلاحية سيكون أفضل من داخل المدرسة الإخوانية وتبنّيها لإعادة البناء الإسلامي التقدمي لغربلة الفكر والصف ونفض القواعد لانطلاقة عهد اليقظة الإسلامي بكل جوانبه التقدمية الحضارية، ومن خلال تفعيل قضايا الفقه الدستوري الإسلامي والإصلاح السياسي وبرامج المشاركة الاقتصادية في أصل مفهومها الفلسفي لمساعدة الفرد والمجتمع وليس ما اختطفته البنوك الإسلامية من مصطلح وأعادت تصدير تجربة البنوك التقليدية بختم إسلامي، كل تلك القضايا الرئيسة ومعها إعادة الاعتبار للمشروع الإسلامي ودمج التعاون الشامل بين المستقل والمرتبط برابط إداري وتصحيح ما علق في الرأي العام العربي من صورة المتدين المنافق أو الحزبي الذي يَقضي مصلحته على حساب الشعب والمجتمع، تحديات تواجه التيار الإسلامي المعاصر، فإذا أضفنا إلى ذلك حجم الاجتياح والانتهاك المركزي من أعداء الأمة والإنسانية في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرهم مع صعود متقدم لحركات المقاومة الشرعية تقابله فوضى دموية متناثرة تضرب في نسيج المجتمع وتربك برامج المواجهة الشرعية التي لا تجد داخل الصف الإسلامي ذاته إلا نسبة قليلة من التعاطف والدعم، تبيّن لنا أهمية هذه المراجعات. ذلك كله له علاقة بقضية إصلاح المؤسسات الإدارية الحزبية عبر المفاهيم التي ذكرتها والبرنامج الأخلاقي في تعامل المؤسسة مع ذاتها وأفرادها ومجتمعها، ومن هُنا يتضح لماذا قدّمت هذه الإشارة وعلاقتها بنقد تجربة الإخوان، بحيث إن العمل الإسلامي وأبرزه تجربة الإخوان لو تحرر من عوائقه الداخلية وخلله الذاتي وأثقال من بعض التراكمات التقليدية وخصصها لتعزل للنفع العام الممكن، في حين ينطلق البرنامج الثقافي الإصلاحي التأهيلي في هذه الجماعات والتيارات فإن هذا الرصيد من القواعد الشبابية سوف يتحول إلى دفقٍ وعطاء لمشروع اليقظة ومقدمات النهضة الإسلامية، خاصة من خلال التحول المركزي المهم وهو ضرورة وذلك بالخروج من القولبة الحزبية إلى المجتمع، كل المجتمع، بحسب إيمانه وقناعاته وليس تصنيفه الحزبي، أي أن تتحول هذه الجماعات لشعوبها وليس ذلك بالخروج من الرابط الإداري بالمطلق ولكن بإعادة هيكلة ذاتها لتكون حركة مجتمع وليست تنظيما لجماعة ومن خلال نفس أصول الفكر المدرسي للإمام البنا –يرحمه الله- وتطورات تجربة العمل الفكرية والمجتمعية التقدمية. وسيتعزز هذا المفهوم بالخروج الراشد من مأزق الصحوة إلى وعي اليقظة ولستُ أقصد بهذه المصطلحات مشاريع اجتهادية محددة ولكني أعني خلاصة المبادئ التي تولدت عن تجربة طويلة من النجاح والإخفاق والاهتداء إلى رحلة الجوديّ الكبرى للمشروع الإسلامي المنقذ للإنسانية شراكةً وتصحيحاً، وهذا التحول أي الانطلاق من تنظيم جماعة إلى حركة مجتمع فعلياً كان في تقديري أبرز وسائط الحركة الإسلامية الحديثة في تركيا من خلال تجربة أردوغان ورفاقه، ولستُ هنا أزكي التجربة كُلّها أو ألغي التحفظات إنما أركز على الجانب الإداري المهم في اتخاذ القرار والانطلاق للشعب والبناء الديمقراطي الداخلي لهياكل العهد الجديد (والمصطلح هنا نقصد به الديمقراطية الإجرائية). ولكنني ومع قناعتي بضرورة العودة المركزية الشاملة لهذا الموضوع قررت أن أدخل جزئيا في بعض هذه المسارات من خلال الأزمة التي اشتعلت في أروقة مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين بناءً على رفض التيار المحافظ السماح بعبور الأستاذ عصام العريان أحد قيادات التيار الإصلاحي لجماعة الإخوان المسلمين، مؤكداً أن ما أتحدث عنه بمنطق التحليل الفكري والرؤية السياسية لا علاقة له بالنيّات من حيث الإدانة المتعمدة إنما تكدّس الاجتهادات الخاطئة للمخلصين أو المقصرين يُفضي بالضرورة إلى كارثة، ولذلك فقد قرر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الاجتهاد الذي لا يستوفي الوقوف عند الرأي الآخر ويتحول إليه حين يبدو صوابه بعد أن يمنحه الفرصة المستحقة لعرض رأيه فهو آثم بنتيجة انحيازه وتعصبه ولذا انصرف -صلى الله عليه وسلم- وهو يردد: «قتلوه قتلهم الله». والإشكالية الثانية التي ترسخت بحكم تباعد الخلل التاريخي في تنظيمات الإخوان وبنائهم عليه لعقود هو تعظيمهم لدرجات المسؤولية الحزبية حتى تصل إلى ما يشابه العصمة عند الإمامية وذلك في ضخ التحذير من أي رأي نقدي ولو كان من داخل الجماعة ومحاصرته وشن حملة عليه في قوالبهم وجسورهم الخاصة وهو ما أفقدهم الكثير من الرأي والتجديد الذي كان منهجه صلى الله عليه وسلم في العلن وعند الجمهور وهو يقول: «أشيروا علي أيها الناس». بل ويَنزلُ وهو رسول الله على الرأي الراجح وهو النبي الموحى إليه، وعادةً ما تُغلّف اللغة الجارحة للناقد بذلك التطويق الضخم لرؤى الإصلاح من تمتمات الاحتساب والتواكل والشفقة على المبدع من أنه شخصية متعجلة ليس لديه الخبرة والمعرفة حتى ولو كان المنتقد لا يعرف أساسيات العلم الذي تحتاج الدعوة أن تتعرف عليه للوصول للموقف الصحيح، ولذا فإن الخَلاص من هذه الروح ضرورة لكل دعوة تريد أن تستوعب مبدعيها وقيادة الوعي الرشيد لديها وإلا فإن التآكل حتماً سوف يبدأ بنخر قواعدها الحيوية الواعية والتي تكون غالباً وقود صناعة الحياة والتجديد في المشروع الفكري والاجتماعي الإسلامي. ولقد حافظت جماعة الإخوان في مصر على قوة وجودها الاجتماعي وتماسكها، وأيضاً سلِمت من الاختراق المركزي الأمني لها أو تسيير النظام السياسي في مصر لها في برنامج محلي يُستخدم لإدارة الصراع وصفقاته مع الداخل الوطني خلافاً لبعض تنظيمات الإخوان التي أصبحت في مهب ريح النظام الرسمي يرفعها حينا أو يخفضها أو ذابت في أفقها المحدود وبرامجها التقليدية التي تدور حولها من دون توسع مستحق أو اختراق مجتمعي فعّال، بغض النظر عن البرنامج التربوي الذي يسعى به بعض الفضلاء للمحافظة على أصول الثقافة الشرعية والقيم الإسلامية للأسرة والمجتمع مقابل الهجوم السلوكي الغربي وانحطاطاته الأخلاقية فهذه برامج لها أهميتها وركنها الخاص، إنما نقصد البرنامج الفعّال لحركة إسلامية كانت تُبشّر منذ نشأتها بالمشروع الإسلامي البديل فلا هي نفذته ولا تشاركت مع معطيات الآخرين في الدفع بتوافقاته إلى المشهد الوطني والإنساني. وأيضاً يُحسب لجماعة مصر أنها أعيت الأميركيين من اختراقها وتسخيرها لمشاريعها المركزية، أمّا الأخطاء الفردية بتزكية طرف حزبي إقليمي ينمي نفسه للإخوان فهي تظل لا تمثّل أية نسبة من مستوى الاختراق الذي سُخّرت له بعض التنظيمات الأخرى، ولو أن إخوان مصر قد حصنوا أنفسهم من بعض اختراقات الإيرانيين ومشروعهم التوسعي في شراكتهم لواشنطن في العراق وأفغانستان والخليج لخرجوا بصورة متوازنة أكبر لدورهم العالمي وسمعتهم التاريخية. ولكنّ هذا التماسك والقوة في الجماعة لم يستطيعا أن يتقدما لتطوير فكرها ومشروعها بدلاً من ترديده الموسمي -الإسلام هو الحل- إضافةً إلى قدرة النظام عبر أساليب أمنية متعددة ورسائل استطاعت أن تطوّق تيار الإصلاح عملياً وتُحبط قدرته التجديدية التي قد تستطيع أن تخترق جدار العزل الذي أقامه النظام السياسي في مصر بالتواطؤ مع المعسكر الدولي، فكلما خرج جيل بعثر النظام السياسي أوراقه وترك فزاعة القيادات التربوية تتحرك للترميم من جديد.. وهكذا، بل إن حراك الإخوان في السنوات الأخيرة والنزول للنضال السياسي للمجتمع المصري الذي بالفعل راح ضحيته العديد من المعتقلين وفقدت الحركة الإصلاحية شهيدا هو من قيادات الإخوان وهو الأستاذ حسن الحيوان -يرحمه الله- لم تستطع ثقافة المجتمع الإخواني التقليدية أن تستثمره، وهو استثمار مشروع، في مناسبات دورية تُذكّر الشعب بأن هذه الجماعة تُكافح من أجل حريته وحقوقه، وهذا لا يُخفّف ولا يُلغي من حجم البطش الكبير الذي يهوي به النظام على رؤوس الإخوان بالذات، لكن الإشكال حين يحصرك النظام في زاوية فتستسلم له في مداورة تُنهكك أكثر من إنهاك النظام، وهنا ليس المقصود التصعيد إنما المقصود فن التنويع واللغة وقوالب العمل الإداري ذات الصلاحية في حراكها واقتباسها من ثقافة المجتمع المدني الآخر وتجاربه. ولذا فلم يكن مفاجئاً لديّ ملخص الدراسة الأميركية التي اعتنت ببروز جيل التجديد في حركة الإخوان المصرية، وقلق واشنطن والنظام في القاهرة من صعود هذا الجيل ولذا فقد اعتُبر الأستاذ محمد حبيب نائب المرشد -كرؤية خاصة لهذه الاستراتيجية لا يعلم عنها هو ذاته- بحكم دقة التعامل مع ملف الإخوان لدى هذه الجهات أنه الأنسب لتطويق حالة المد الإصلاحي، ومن هنا نفهم كيف اعتقل محمد خيرت الشاطر وعبدالمنعم أبو الفتوح وأقصي العريان من خلال نجاح النظام في توصيل رسالته الضمنية لتكتل المحافظين بمخاطر صعود الحركة الإصلاحية للإخوان. غير أني أعتقد أن حركة صعود المد الإصلاحي لن توقفها هذه المصدات من داخل الحركة وخارجها، ولعل وقوف الإمام القرضاوي مع الإصلاحيين وهو الشخصية الأولى الكُبرى في العالم السني تُعطي دلالات مهمة في هذا السياق الذي يُشير إلى أن القُدرة على تطويق حركات الإصلاح داخل المؤسسات الإسلامية وبالذات في مصر ربما لم تعد تستطيع أن تُطبق على هذه الانطلاقات لعهد اليقظة الإسلامي في مصر. على كل حال إن بروز حركة المد الإصلاحي ليست محتكرة في أزمة مكتب الإرشاد وهي تتجاوز هذا المشهد الوقتي، والقضية المرتبطة بصعود حركة المد الإصلاحي لن تكون سهلة وسيترتب عليها برامج وتحديات ربما استكملناها في الأسبوع المقبل إن شاء الله.   mohanahubail@hotmail.com (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 28 أكتوبر 2009)  


الإخوان.. آخر الازمات والانقسامات!


خضير بوقايلة الإخوان المسلمون المصريون أحدثوا جلبة وقرقعة لا تزال ارتداداتها مستمرة، وسبب كل تلك الضجة لم يكن لمواجهة بينهم وبين السلطة كما يتبادر إلى الذهن تلقائيا، بل لخلاف داخلي بين الإخوة على مقعد في مكتب الإرشاد كان المرشد العام محمد مهدي عاكف قد اختار له الدكتور عصام العريان لكن جماعة المكتب رفضوه بالإجماع زميلا جديدا لهم وهو ما أثار غضب كبير الجماعة وصار ما صار رغم أن واحدا من أهم المبادئ التي ترفعها الجماعة عاليا هو ما جاء في الآية الكريمة (وأمرهم شورى بينهم). جماعة الإخوان في مصر ليست معصومة ولا هي تختلف عن باقي التنظيمات السياسية والاجتماعية الأخرى من حيث طبيعة عقليات منتسبيها وقياداتها، لكن الغريب هو أن يجهر إخواننا بعصيانهم لبعضهم البعض وينتشروا في الأرضيات والفضائيات والصحف مؤكدين انشقاقهم وانفصالهم بسبب الدكتور العريان، ولا نصل هنا إلى حد مساءلة المرشح المختلف حوله لماذا لم يتدخل بحزم لحسم الخلاف والإعلان رسميا أنه قرر رفض ترشيحه لعضوية مكتب الإرشاد مع الشكر لفضيلة المرشد على اختياره له، فلعله بموقف مشابه سيجعل (الفضيحة) أقل وقعا ويقطع دابر الأزمة التي لا تزال تجمع حطبها في انتظار موعد الانتخابات القادمة. الخلاف الإخواني قد لا يهم كثيرا من الخارجين عن التنظيم وقد يفرح آخرين هنا وهناك، لكن النتيجة الحتمية التي بدأت تظهر بوادرها هي أن قيادة التنظيم شرخت بنفسها الغصن الذي كانت تجلس عليه والترنح بدأ يشتد. قد لا تكون هذه ضربة انتحارية قاضية لكنها شوّهت وجه الجماعة إلى درجة الشفقة على وضعها ودعوتها إلى إخفاء وجهها نهائيا أو على الأقل إلى حين اختفاء الكدمات والندوب والانتهاء من تحضير وجه جديد محسّن. الاعتراف بالخطأ فضيلة، بل واجب عند أصحاب المثل العليا، لذا على الإخوان أن لا يتحرجوا عندما يُطلب منهم فعل ذلك من دون الدخول في تفاصيل عن المتسبب في ذلك، هل هي القيادة الحالية أم الفكرة في حد ذاتها التي صارت تقاوم لتتعايش مع واقع ووضع أصبح غريبا عنها. ولا عيب في الاعتراف بالخطأ، فكم من تنظيم وكم من جماعة في بلاد العرب وفي غيرها فعل ذلك وانسحب من الساحة. لا يهم أن يكون الانسحاب نتيجة أخطاء في مسار الجماعة (أية جماعة) أو انتهاء صلاحيتها أو أن يكون نتيجة عجز عن مواصلة الأداء وفشل في تحقيق الهدف الذي تأسست من أجله. والإخوان المسلمون في مصر أعلم من غيرهم إن كان تنظيمهم أصيب بالهرم وحقت عليه سنة الحياة أم أن بقاءه لم يعد له أي تأثير فصار كعدمه سيان. وأي إصرار على الاستمرار في حال الوهن لا يخرج من حالتين اثنتين، إما أن يكون ذلك تعلقا بحب الظهور والبقاء تحت وهج الأضواء كما يفعل عجائز الحكام العرب، أو تنفيذا لسياسة مرسومة هدفها التشويش ومنع التنظيمات الناشئة الجادة من إلحاق الأذى بنظام الحكم القائم. ثلاثون أو أربعون سنة لا شك كافية لأي تنظيم ولو كان أقل حجما وانتشارا من الإخوان المسلمين لكي تحقق اختراقا قويا داخل جسد السلطة وتجبر النظام الحاكم على التراجع أو التلاشي نهائيا، لكن الذي يحدث مع إخواننا هو أن النظام يزداد تجذرا وتسلطا بينما مواقف الجماعة على وتيرة واحدة إن لم نقل إنها تراجعت إلى حد الخذلان. الفكر الذي يعجز عن بسط سلطته بعد عدة عقود من النضال والتضحيات، ألا يستحق تغييرا أو نبوذا؟ وقد بقي إخوان مصر حيارى لا هم قادرون على إحداث ثورة وإنجاحها لتكون قدوة لفروع التنظيم الأخرى ولتثبت أن الفكرة هي فعلا صالحة للحياة بعيدا عن هامش الحياة، ولا كانوا على درجة من الشجاعة ليعلنوا تقدمهم خطوة نحو النظام فيفعلوا ما نصحوا به إخوانهم في الجزائر مثلا فيضعون يدهم في يد السلطة ويكون الزواج علنيا لا قذف فيه. ليس في هذا الكلام أي تجنّ إذا قرأنا ما صرّح به المرشد العام للإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف في حوار مع صحيفة (المصري اليوم) ونشرت مقتطفات منه القدس العربي قبل أيام. عندما سُئل عن نية مبيتة لدى السلطة لرفض دخول أي برلماني إلى قبة مجلس الشعب في الانتخابات المصرية القادمة، رد فضيلة المرشد (هنعمل إيه.. سنبذل قصارى جهدنا والله المستعان). ثم يروي كلاما لا تعليق عليه غير نقله حرفيا، وقد كان ذلك ردا على سؤال يقول (هل تم عرض صفقة عليك من قبل؟) من طرف النظام طبعاً، فكان جواب المرشد ما يلي (حدث عام 2005 حيث زارني أحد المسؤولين الكبار وكان هناك حديث عن سفر الرئيس مبارك إلى أمريكا، وقال أرجو ألا تقوموا بأي (شوشرة) على زيارة الرئيس هناك وأبديت استعداداً وجاء للقائي مرتين وطلبت في إحداهما أن يحضر اللقاء معنا نوابي وبالفعل تم اللقاء وكتبنا فيه بنوداً كثيرة واتفقنا عليها ثم ذهب والتزم بما اتفقنا وقبل انتخابات 2005 كان هناك عدد من الإخوان في السجن وعلى رأسهم عصام العريان وكانوا يريدون الانتخابات لهم وطلبوا ألا يكون هناك زخم فيها وقلت وأنا أيضاً أريد ذلك وقمت بترشيح 150 شخصاً، وأوفيت بما وعدت به في اللقاء الذي تم بيني وبين الأمن واتفقنا أن تسير الأمور بشكل عادي وبدأ الإخوان المرشحون يعقدون الندوات وينظمون المسيرات في الشوارع وجميع من في السجون أفرج عنهم وفوجئت باكتساحهم في المرحلتين الأولى والثانية وفي المرحلة الثالثة قال لي شخص ما إن شارون اتصل بجورج بوش وأن الأخير اتصل بمبارك فأبلغوني أنه لن ينجح أحد في المرحلة الثالثة على الرغم من أننا كنا نتوقع أن ينجح 50 مرشحاً وتحديداً في المنصورة والشرقية وهما من معاقل الإخوان وتم ذبحنا في المرحلة الثالثة). ويواصل فضيلة المرشد اعترافاته بتأكيد اتصالات سابقة بينه وبين القيادات الأمنية، ثم يشدد بحرص على أنه رغم أنه لا يخشى الدولة فإنه لن يسمح أبداً بصراع بينه وبين السلطة، ولا بسفك الدماء في مصر حفاظا على مصر وعلى أمنها، (لأن من سيفرح في ذلك الصهاينة والأمريكيون الذين لا همّ لهم إلا إسالة دماء المسلمين). لا أحد يتمنى رؤية قطرة دم واحدة تسيل بين المصريين، لكن الخلق الإسلامي يرفض أيضا الاستمرار في رؤية الإهانة والإساءة والاعتقالات تطال مصريين في بلدهم ويستمر السكوت على ذلك، بل ويتم التنسيق مع مصالح الأمن للحفاظ على صورة رأس النظام ناصعة في الخارج عند أول طلب لذلك ولا يكون مقابل ذلك اتفاق شامل على تغيير الوضع ووقف الأذى الذي يلحق بقيادات وعناصر الجماعة في المحافظات والمدن. هل هو طلب كبير وعظيم أن يُسأل المرشد العام ومن معه من القيادات الحركية أن يعترفوا أن سر بقائهم طيلة السنوات الماضية يداسون بالأرجل ويهانون من طرف السلطات هو بسبب ممارساتهم السرية والعلنية مع أنظمة الحكم وحرصهم على أن يبقوا على تماس بضوء شمعة النظام ولو كانت تحرقهم. هذه السياسة التي أثبتت أنها لا تفيد ليست مصرية خالصة، بل عدواها مست مختلف التنظيمات المحسوبة على الإخوان المسلمين، خاصة ما تعلق منها بالبقاء على تواصل وتفاهم (إستراتيجي) مع السلطة والمساهمة تبعا لذلك في تقويض كل جهود حركات المعارضة الجادة التي تشكل تهديدا فعليا للأنظمة، مع استثناء واحد يثبت صحة القاعدة وهو موقف قيادة حركة النهضة التونسية التي أعلن رئيسها راشد الغنوشي أنه يمد يده للعمل مع المعارضة أيا كان لونها لأن الهدف مشترك بين الجميع، وهو ما تؤمن به باقي فصائل الإخوان. ‘ كاتب وصحافي جزائري   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 28 أكتوبر 2009)  

 

 

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

29 décembre 2004

Accueil   TUNISNEWS   5 ème année, N° 1684 du 29.12.2004  archives : www.tunisnews.net الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب: بيـــان الأستاذة راضية

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.