TUNISNEWS
7 ème année, N° 2263 du 02.08.2006
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بـــلاغ
الاتحاد العام لطلبة تونس: بيــان
الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة: بلاغ اعلامي
حركة التجديد: بيــان
حزب الوحدة الشعبية: بــلاغ
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية: ندوة صحفية « خمسة عشر برهانا دفاعا عن المساواة في الإرث »
رويترز: مظاهرة حاشدة في تونس تطالب بمحاكمة مرتكبي « مجرزة قانا »
رويترز: صحفيون تونسيون يتبرعون بالدم للبنانيين
يو بي أي: حملة في تونس للتبرع بالدم الي لبنان وصحيفة تصف اسرائيل بـ الرايخ الرابع
الشروق: ألغت كل حفلاتها ومنها عرض قرطاج…لطيفة العرفاوي لـ «الشروق»: بعد مذبحة قانا يحرم الغناء العاطفي والتغني بالحب
رويترز: الاستثمارات الاجنبية في تونس تنمو بنسبة 11 بالمئة خلال ستة اشهر
الحبيب مباركي: مأساة مساجين الرأي في تونس: الصحة و التغذية:: شهادة السجين عبد الرؤوف التونكتي
الموقف: سليم اللغماني: هل تكفي أنسنة الحقيقة لتأسيس الديمقراطية ؟
بلحسن بلحسن: نظام بن علي يهرع إلى التحالف مع إيران لمزيد الإلتفاف على حقّ الشعب التونسي في الحرية و الكرامة !
عبدالجميد العدّاسي: قناة الجزيرة في ظلّ حكم الإخوان و » مثقّفونا » في ظلّ حكم بني صهيون والأمريكان
زهرة الرمال: قانا: مجزرة جديدة في حق الأبرياء اللبنانيين
الحسن رحيمي: الحكام العرب يحاكمون صدام حسين « لدكتاتوريته » ويتمسحون على أقدام إسرائيل « لإنسانيتها » محمد أنوار محمد: ملاحظات أولية علي حرب غير متكافئة فهمي هويدي: الكـاشـفـة السفير محمد والي: موت النظام العربي الغد الأردنية: تقرير معلومات حول المجازر الإسرائيلية من 1947 حتى قانا 2006 الصباح: عبد الرحمان كريم : عقد مؤتمر الرابطة ممكن الصباح: منتدى الذاكرة الوطنية (3-3) أضواء على محاكمة مجموعة الوحدة الشعبية لسنة 1977 الصباح: انحراف الاطفال: تعـزيز شعـور الطفـل باحتـرام الآخريـن لــه
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »
حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:
أنقذوا حياة محمد عبو أنقذوا حياة كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين
تونس في: 02 أوت 2006 بــــــــــلاغ
مثل اليوم المناضل السياسي السيد
حمادي الجبالي أمام قاضي التحقيق بحضور ثلاثة من من محاميه هم الأساتذة عبد الرؤوف العيادي و نور الدين البحيري و محمد النوري الذين وقع تمكينهم للمرة الأولى من الاطلاع على قرار فتح تحقيق و قد طالب ثلاثتهم حاكم التحقيق بتمكينهم من الاطلاع على كامل الأوراق المظروفة بملف القضية لكنه امتنع عن ذلك بدعوى أنه لا يمكنهم إلا من الأوراق التي تخص منوبهم .
و قد طلب المحامون الثلاثة تأخير القضية حتى يتمكنوا من إعداد وسائل الدفاع على ضوء قرار الاحالة الذي لم يقع تمكينهم من الاطلاع عليه في الآجال القانونية لكن حاكم التحقيق رفض ذلك . و بسؤاله عما إذا كان مستعدا للجواب عن التهم الموجهة اليه تمسك السيد حمادي الجبالي بحق محاميه في الاطلاع على وثائق الملف و إعداد وسائل الدفاع على ضوء نصوص الإحالة و على ذلك الأساس تعذر استنطاق السيد حمادي الجبالي كما تعذر استنطاق السيدة وحيدة الطرابلسي التي قدم محاميها شهادة طبية تفيد أنها ملازمة للفراش و أنه تعذر عليها التنقل من سوسة الى تونس .
و استجاب حاكم التحقيق لطلب التأخير و عين موعدا للاستنطاق هو يوم 15/09/2006.
رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري
الاتحاد العام لطلبة تونس
بيــــــــــان
تم اليوم01/08/2006 ايقاف مجموعة من مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس ينتمون الى النقابيين الراديكاليين من بينهم نجيب الدزيري ووديع بن مفتاح ومعز الراجحي وقد علمنا ان المناضل نزار بوجلال يتعرض الى عديد المضايقات بجهة توزرعلما وانه قد تم اطلاق سراحه رفقة نجيب الدزيري من السجن يوم الجمعة الفارط على اثر تلفيقهما قضية كيدية.
وعليه فان المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة تونس يعبر عن الاتي :
استنكاره لهذه الممارسات التي تستهدف تنظيما بعينه والتي لن تزيد الا في تعقيد الاوضاع. هذا وقد علمنا على اثر الاتصال بجهات امنية بان هذا الاجراء يعتبر وقائيا بطلب من عبد السلام جراد.
ختاما نطالب باطلاق الرفاق دون قيد او شرط ونحذر من مغبة المواصلة في انتهاج هذا الشكل من التضييق والضغط لاي سبب كان.
عاش الاتحاد العام لطلبة تونس مناضلا مستقلا ديمقراطي وموحد.
الاتحاد العام لطلبة تونس الامين العام مساعد شاكر العواضي
الاتحاد العام التونسي للشغل
الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة
جندوبة في 2 اوت 2006 بلاغ اعلامي
نظم الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة اليوم الاربعاء 2 اوت 2006 حملة تبرع بالدم لفائدة ضحايا العد وان الامبريالي الصهيوني علي شعبنا العربي في لبنان و بصفة مستقلة رغم رفض السلط المعنية في البداية .
وبتدخل من الاخ الامين العام لدي السيد وزير الصحة العمومية تمت الموافقة اخيرا.
و كان الاقبال كبيرا حيث بلغ عدد الوافدين علي مقر الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة للتبرع بدمهم المئات و ذلك بين الساعة التاسعة صباحا و الواحدة بعد الزوال. مولدي الجندوبي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة
حركة التجديد 12 نهج المطوية – تونس 1069. الهاتف: 71256400 الفاكس: 71240981 بيــان
ارتكبت قوات الغزو الإسرائيلية خلال عدوانها الذي لا يزال متواصلا على لبنان الشقيق مجزرة جديدة في بلدة قانا، سقط فيها 52 قتيلا من بينهم نحو 30 طفلا. وتأتي هذه المذبحة الجديدة لتعيد إلى الأذهان مجزرة قانا الأولى، التي استشهد فيها، خلال شهر أفريل 1996، المئات من المدنيين العزل. وقد بدا واضحا، آنذاك، عجز قوات الأمم المتحدة عن توفير الملاذ الآمن لأولئك المواطنين اللبنانيين المسالمين الذي احتموا بها من الغطرسة الإسرائيلية، مثلما يبدو واضحا، اليوم أيضا، عجز المنتظم الأممي، ومن ورائه المجتمع الدولي، عن وضع حد لهذا العدوان الهمجي المدمر الذي يستهدف بلدا عضوا في منظمة الأمم المتحدة، وعن وقف جرائم الحرب التي تستهدف شعبه المسالم .
إن مناضلي حركة التجديد،إذ يعبرون عن تضامنهم اللامشروط مع الشعب اللبناني وشجبهم للعدوان الصهيوني الغادر الذي يستهدفه، – يتوجهون إلى كل البلدان العربية، شعوبا وسلطات، لتحمل مسؤوليتها في نصرة الأشقاء اللبنانيين بكل الوسائل المتاحة. – يهيبون بكل القوى المحبة للسلام في العالم كي تشدد ضغطها من أجل:
*وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب اللبناني فورا وانسحاب قوات الغزو الإسرائيلية إلى خارج الأراضي اللبنانية. *احترام الاستقلال الوطني للبنان وصيانة وحدته الترابية وعدم التدخل في شؤونه الداخلية. * اخلاء سبيل الأسرى اللبنانيين في سجون إسرائيل. *تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في مذبحة قانا وكل جرائم الحرب الإسرائيلية المرتكبة على الأرض اللبنانية خلال الغزو، وإحالة المتهمين على محكمة دولية لمقاضاتهم. المكلف بالإعلام عادل الشاوش
حزب الوحدة الشعبية تونس في 2 أوت 2006 بـــــلاغ
تحوّل السيد محمد بوشيحة الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية رفقة عدد هام من مناضلي الحزب بجهة تونس إلى المركز الوطني للتبرع بالدم حيث تولى الوفد المساهمة في الحملة التضامنية للتبرع بالدم لفائدة الشعب اللبناني الشقيق الذي يتعرض لهجمة صهيونية شرسة.
ومن جهة أخرى تولى حزب الوحدة الشعبية تقديم مساهمة مالية في الحساب الجاري الذي فتح لهذا الغرض علما أن مناضلي حزب الوحدة الشعبية في كامل جهات الجمهورية قد تولوا التبرع بالدم في جهاتهم.
وقد وجدت هذه التحركات تفاعلا شعبيا إيجابيا ومن المنتظر أن يبادر حزب الوحدة الشعبية لاتخاذ مبادرات أخرى للتعبير عن تضامنه المبدئي مع الشعبين اللبناني والفلسطيني. عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام هشام الحاجي
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية تونس في 31 جويلية
بــــلاغ صحفي
خمسينية مجلة الأحوال الشخصية ندوة صحفية « خمسة عشر برهانا دفاعا عن المساواة في الإرث » 11 أوت 2006
بمناسبة خمسينية مجلة الأحوال الشخصية وفي إطار الحملة الوطنية من أجل المساواة في الإرث تنظم جمعية النساء الديمقراطيات وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية ندوة صحفية حول » المساواة في الإرث » تقدّمتا بها إلى المسؤولين السياسيين والسلطات المعنية في البلاد. ولقد بادرت الجمعيتان منذ سنة 2000 بالعمل حول المطالبة بالمساواة في الإرث وبحملة وطنية تتخلّلها عدّة نشاطات تحسيسية وبحوث (عريضة وطنية، حوارات جهوية، ندوات، استبيانات وبحوث حول الحقوق والسلوكات الاجتماعية والعقليات بخصوص الإرث). و بهذه المناسبة تواصل الجمعيتان تقديم استدلال في خمسة عشر برهانا من اجل المساواة في الإرث و منشوراتها في هذا المجال: – » المساواة في الإرث : من أجل مواطنة كاملة : الجزء الأول : التاريخ، الحقوق والمجتمعات، أفريل 2006 . الجزء الثاني : دفاعا عن المساواة في الإرث بين النساء والرّجال » أوت 2006 – « خمسة عشر برهانا دفاعا عن المساواة في الإرث »،أوت 2006 تنعقد الندوة الصحفية يوم الجمعة 11 أوت 2006 على الساعة حادية عشر بمقر جمعية النساء الديمقراطيات 67 شارع الحرية تونس . عن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات عن جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية الرئيسة الرئيسة خديجة الشريف سعاد التريكي
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية تونس في 31 جويلية 2006 دعـــــوة
بمناسبة خمسينية مجلة الأحوال الشخصية وفي إطار الحملة الوطنية من اجل المساواة في الإرث تتشرف الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية بدعوتكم للندوة الصحفية التي ستنعقد لتقديم أشغالها و مساعيها بخصوص : » الدفاع عن المساواة في الإرث « وذلك يوم الجمعة 11 أوت 2006 على الساعة الحادية عشر بمقر الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات 67 شارع الحرية، تونس
مظاهرة حاشدة في تونس تطالب بمحاكمة مرتكبي « مجرزة قانا »
Tue Aug 1, 2006 11:42 PM GMT
تونس (رويترز) – هتف الاف التونسيين الغاضبين يوم الثلاثاء مطالبين بمحاكمة « مرتكبي مجرزة قانا » ورفعوا صورا للزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر وحسن نصر الله الامين العام لحزب الله وحثوا الدول العربية على قطع علاقاتها مع اسرئيل. وخرج الاف التونسيين بدعوة من النقابات المهنية في ثاني مظاهرة خلال اسبوع منذ بدء الهجمات الاسرائيلية على لبنان وهو امر نادر الحدوث في البلاد. وردد نحو سبعة الاف متظاهر جابوا شارع محمد الخامس الرئيسي بالعاصمة شعارات « قانا عار عار للإنسانية » و »النار النار الدم الدم.. الصهيونية لازم تنهزم » و »حرق السفارة واجب طرد السفير واجب » و »نطالب بمحاكمة مرتكبي مجزرة قانا ». وقتل في هجوم اسرائيل الجوي على قرية قانا يوم الاحد ما لايقل عن 60 مدنيا من بينهم 37 طفلا في تصعيد للهجوم العسكري الاسرائيلي على لبنان الذي يتواصل منذ نحو ثلاثة اسابيع. ورفعت في المسيرة اعلام لبنان وفلسطين والعراق وتونس كما حمل عديد الاطفال والنساء صورا للضحايا المدنيين الذين قتلوا في قانا وحمل البعض الاخر صورا كتب اسفلها « اسرائيل النازية الجديدة ». وشارك في المسيرة التي دعا اليها الاتحاد عشرات الممثلين والشعراء والمطربين ورفعوا لافتات كتب عليها « شهداء شهداء نحن لكم اوفياء » و »يابوش يا جبان الشعب العربي لايهان ». وقالت المغنية التونسية نجاة عطية لرويترز « هذا اقل ما نستطيع فعله لنقف بجنب اخواننا ونترحم على شهدائنا في لبنان.. نحن هنا لنقول اننا شعب عربي واحد ». ورفع المتظاهرون صورا للزعيم المصري عبد الناصر الذي يمثل رمزا للقومية العربية لدى الاف العرب ورددوا هتافات وصفت الرئيس المصري حسني مبارك بانه « عميل الامريكان ». وحملت طفلة صغيرة لافتة كتب عليها « قانا 2006 .. قانا رمز الصمود ». وتعرضت قرية قانا في منتصف التسعينات لهجوم اسرائيلي عنيف ايضا خلف عشرات القتلى ووصف « بالمجزرة ». كما رفع المحتجون صورا للامين العام لحزب الله حسن نصر الله وطالبوه بقصف تل ابيب قائلين « يا نصر الله ياحبيب اضرب اضرب تل ابيب ». ونادى بعض المتظاهرين الاخرين الجيوش العربية بالتدخل لحماية الاراضي العربية وهتفوا « وين الجيش العربي وين.. ». وقالت نادية يحيي القنصل العام للبنان في تونس التي شاركت في المسيرة لرويترز « هذه الحشود الهائلة وكل المظاهرات في العالم هي نصرة لصوت الحق والعدل وقضيتنا وقضية امتنا. » وقالت مصادر في الاتحاد التونسي للشغل ان الاتحاد يدعو كل العاملين في تونس للتوقف عن العمل لمدة خمس دقائق يوم الاربعاء احتجاجا على » مجزرة قانا ». وقال عبد السلام جراد رئيس الاتحاد العام في كلمة القاها وسط حشود المتظاهرين « جريمة قانا البشعة هي جريمة لا اسرائيلية فحسب بل امريكية بالوكالة ايضا ». واضاف جراد « نحن نقول لبوش الشعب العربي لا يهان والامة العربية ستنتصر حتما ».
من طارق عمارة (المصدر: موقع وكالة رويترز للأنباء 1 أوت 2006 )
صحفيون تونسيون يتبرعون بالدم للبنانيين
Wed Aug 2, 2006 1:31 PM GMT تونس (رويترز) – تدفق عشرات الصحفيين يوم الاربعاء على مركز نقل الدم بالعاصمة التونسية استجابة لحملة اطلقتها الحكومة للتبرع لفائدة اللبنانيين. وتجمع أكثر من مئة من أعضاء جمعية الصحافيين التونسيين صباح يوم الأربعاء أمام مقر صحيفة لابراس بوسط العاصمة قبل ان يتوجهوا لمركز نقل الدم بباب سعدون. وكانت الحكومة دعت مواطنيها للتبرع بالدم لفائدة المصابين اللبنانيين المتضررين من الهجمات الاسرائيلية المستمرة على لبنان منذ نحو ثلاثة اسابيع. وقال محمد ميلاد الصحفي بجريدة الانوار التونسية « هذا ابسط مجهود يمكن ان يقدمه صحفي دعما لاخواننا في لبنان. » من جهته اعتبر سفيان بن فرحات الصحفي في جريدة لابراس الحكومية « لا يستطيع الصحفيون التخلي عن مبادئهم والتخلي عن اللبنانيين في هذه الابادة الانسانية. » واقبل مئات المواطنين التونسيين على مراكز نقل الدم بالعاصمة وباقي مناطق البلاد. وعبر مواطنون يتبرعون لاول مرة بدمهم عن اقتناعهم باهمية هذا المجهود. وقال عمر زعابطية البالغ من العمر 31 عاما « انا اتبرع لاول مرة في حياتي. فمشهد الاطفال اللبنانيين ضحايا العدوان هزني هزا وجعلني لا اتردد وهذا اضعف ايمان. » وقال ناجي البغوري وهو عضو بجمعية الصحافيين لرويترز انه سيتم تنظيم حفل فني خيري خلال الشهر الجاري ستخصص عائداته لفائدة اللبنانيين. واطلقت تونس وهي البلد العربي الوحيد الذي اعلن الحداد تضامنا مع ضحايا الهجوم على قانا حملة لجمع الادوية والتبرعات المالية.
(المصدر: موقع وكالة رويترز للأنباء 2 أوت 2006 )
حملة في تونس للتبرع بالدم الي لبنان وصحيفة تصف اسرائيل بـ الرايخ الرابع
تونس ـ يو بي أي: انطلقت امس الثلاثاء في تونس حملة للتبرع بالدم تضامنا مع الشعب اللبناني،بعد الهجمات الاسرائيلية المتواصلة علي لبنان منذ الثاني عشر من الشهر الجاري بعد خطف حزب الله جنديين اسرائيليين.
وتندرج هذه الحملة ضمن اطار الفعاليات التي أعلنتها تونس للتضامن مع الشعب اللبناني منذ بدء الهجمات الاسرائيلية التي دخلت أسبوعها الثالث علي التوالي.
وكانت تونس التي أعربت عن صدمتها من المجزرة الاسرائيلية في بلدة قانا بجنوب لبنان،ووصفتها بـ البشعة والاجرامية والغادرة ، وأعلنت الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام.
وسبقت هذه المبادرة،خطوات واجراءات عديدة ومتنوعة، بدأت بادانة الهجمات الاسرائيلية علي الشعب اللبناني،وبفتح حساب مصرفي لتمكين المواطنين التونسيين من تقديم المساعدات المادّية والعينية.
كما سبق لها أن قررت في وقت سابق ارسال مساعدات انسانية عاجلة الي لبنان وفلسطين.
الي ذلك وصفت صحيفة تونسية امس الثلاثاء الحكومة الاسرائيلية الحالية بـ الرايخ الرّابع ،فيما اعتبرت بقية الصحف الأخري التي اتشحت بالسواد حدادا علي ضحايا قانا ان المجزرة في هذه البلدة الجنوبية نفذّت بـ تواطؤ أمريكي.
واعتبرت صحيفة لو كوتيديان التونسية المستقلة الناطقة بالفرنسية في افتتاحيتها التي جاءت تحت عنوان قانا الشّهيدة والرّايخ الرّابع ، أن الدولة العبرية بارتكابها الأحد الماضي مجزرة بشعة في بلدة قانا بجنوب لبنان،تكون قد هزمت الرّايخ الثالث برئاسة هتلر، والنظام الدموي الكمبودي بقيادة الخمير الحمر .
وأضافت أن مجزرة قانا الجديدة كشفت العجز العربي،وخنوع بعض الدول العربية للاملاءات الأمريكية من خلال تحميل تنظيم حزب الله اللبناني مسؤولية هذه الحرب الرهيبة .
ومن جهتها قالت صحيفة الصباح المستقلة التي حملت عنوانا عريضا يقول قانا 2 جريمة حرب بتواطؤ أمريكي ان مذبحة قانا 2 جاءت لتكشف للعالم مشهدا مخزيا جديدا في عصر يتغني فيه الجميع بحقوق الانسان .
وكانت الطائرات الاسرائيلية أغارت قبــــــل يومين علي حي كامل في منطقة الخريبة التي تقع علي بعد كيلومتر عن بلدة قانا، شرق مدينة صور الساحلية، مما أدي الي مقتل 75 شخصا وتدميـــر 25 منزلا بالكامل علي امتداد مساحة 500 متر تقريبا.
وهذه المرة الثانية،خلال عشر سنوات التي تتعرض فيها بلدة قانا اللبنانية لمجزرة اسرائيلية،حيث كانت الأولي في 18 نيسان/ابريل من العام 1996 وقد ذهب ضحيتها 109 أشخاص.
وألقت وقائع المجزرة الاسرائيلية الجديدة في بلدة قانا بجنوب لبنان بظلال كثيفة علي برامج الاذاعات التونسية التي واصلت لليوم الثاني علي التوالي بث الأغاني السياسية وخصوصا منها اغاني مارسيل خليفة وفيروز.
وبالمقابل، واصلت القيادات الحزبية والنقابية التونسية امس استنكارها وشجبها للمجزرة الاسرائيلية الجديدة، وللعدوان الاسرائيلي المفتوح علي لبنان الذي دخل أسبوعه الثالث علي التوالي، ودعت في بيانات الي محاسبة المجرمين والي مقاطعة بيانات التنديد والتعجيل باتخاذ مبادرات عملية لنصرة لبنان. (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم2 أوت 2006)
ألغت كل حفلاتها ومنها عرض قرطاج…لطيفة العرفاوي لـ «الشروق»: بعد مذبحة قانا يحرم الغناء العاطفي والتغني بالحب
* تونس ـ الشروق:
في اتصال هاتفي معها أكدت لنا الفنانة لطيفة العرفاوي أنها قررت إلغاء عرضها في قرطاج وكل حفلاتها المبرمجة هذه الأيام في عدّة أقطار عربية. عن مبررات هذا القرار وموقفها مما يجري اليوم في الساحة العربية تحدثت لطيفة:
* ما هي دوافع اتخاذ قرار إلغاء حفلاتك؟
ـ وهل مازال مجال للغناء اليوم، وأشقاؤنا في لبان يذبحون أطفالا ونساء وشيوخا، هل بعد مذبحة قانا يمكن للانسان ان يتغنى بالحب وبالعواطف، شخصيا أشعر بحزن عميق وبغضب شديد ولست جاهزة نفسانيا للغناء.
* وهل أعلمت ادارة مهرجان قرطاج بهذا القرار؟
ـ طبعا، لقد هاتفت السيد رؤوف بن عمر واعتذرت له عن عدم قدرتي على الغناء وإلغاء الحفل، أنا متأسفة جدا لهذا القرار، لكن مذبحة قانا، والعدوان الهمجي والشرس على أخواننا في لبنان، وتدمير المنازل على رؤوس أصحابها يدفعني الى اتخاذ هذا القرار وهو أضعف الإيمان.
* لكن هناك أصوات اتخذت موقفا آخر، وهو إقامة الحفلات وتحويل مداخيلها الى الشعب اللبناني؟
ـ يمكننا جمع الأموال بطرق أخرى غير الغناء، يمكننا القيام بحملة تبرّع من خلاال قافلة تضم الفنانين العرب وتجوب الأقطار العربية لجمع الأموال والمساعدات العينية، من هو قادر على التغني بالحب اليوم؟!
من هو قادر على تقديم الأغاني العاطفية؟ هل نحن في ظروف تسمح بتقديم هذه الأغاني؟ كل هذا هراء، نحن في حاجة الى تحرك آخر، نحن في حاجة الى تحركات احتجاجية، لا على المستوى الفردي فحسب بل أيضا على مستوى التنظيمات الفنية والاتحادات الفنية العربية مثل اتحاد الفنانين العرب واتحاد الأدباء العرب… * ولماذا لا تبادرين بذلك؟
ـ لقد فعلت وأعلنت ذلك في موقعي على الانترنات، ومن يريد الانضمام الى هذه القافلة مع عليه الا التواصل مع الموقع والتعبير عن رغبته في ذلك. * المنصف بن عمر (المصدر: جريدة الشروق التونسية الصادرة يوم 20 أوت 2006 )
الاستثمارات الاجنبية في تونس تنمو بنسبة 11 بالمئة خلال ستة اشهر
Tue Aug 1, 2006 3:57 PM GMT
تونس (رويترز) – قالت وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي في تونس إن الاستثمارات الاجنبية انتعشت خلال النصف الاول من العام الحالي بنحو 11 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأضافت الوكالة في تقرير نشر يوم الثلاثاء أن الاستثمارات ارتفعت الى 468 مليون دينار (356 مليون دولار) مقارنة مع 423 مليون دينار (322 مليون دولار) العام الماضي. وتأتي هذه الانتعاشة لتؤكد توقعات الحكومة التونسية باستقطاب استثمارات اجمالية بقيمة تتجاوز 1.2 مليون دينار (910 ملايين دولار) حتى نهاية العام لاول مرة. وعزا التقرير زيادة الاستثمارات الى النمو المسجل في قطاع الطاقة الذي زادت استثماراته بنحو 4.24 بالمئة الى 240 مليون دينار (182 مليون دولار). كما زادت استثمارات قطاع السياحي بنسبة 78 بالمئة الى 12 مليون دينار (9 مليون دولار).
(الدولار يساوي 1.313 دينار)
(المصدر: موقع وكالة رويترز للأنباء 1 أوت 2006 )
نمو الناتج المحلي الاجمالي في تونس 1.1 في المئة في أول ربع
Wed Aug 2, 2006 1:40 PM GMT تونس (رويترز) – أظهرت بيانات حكومية يوم الاربعاء أن اقتصاد تونس نما بنسبة 1.1 في المئة في الربع الاول من عام 2006 بفضل أداء أفضل للصناعات الغذائية والميكانيكية. وتفيد أرقام معهد الاحصاءات الوطني التابع للحكومة ان الناتج المحلي الاجمالي بلغ 5.50 مليار دينار (4.20 مليار دولار) ارتفاعا من 5.19 مليار دينار في نفس الفترة من العام الماضي. ونمت الصناعات الغذائية والميكانيكية بنسبة 8.7 في المئة بينما توسعت خدمات النقل والاتصالات بنسبة 2.4 في المئة. وتتوقع تونس أن ينمو الاقتصاد بنسبة 5.7 في المئة في عام 2006 ككل مقابل 4.2 في المئة في 2005 بفضل التوسع في قطاع الخدمات. وتأمل الحكومة ان يساعد القطاع الخاص الذي يعتمد على تكنولوجيا المعلومات والخدمات على رفع معدل النمو السنوي ليصل الى 6.3 في المئة في السنوات العشر المقبلة من خمسة في المئة في العقد الماضي وذلك لخفض نسبة البطالة. وتابعت الحكومة ان صناعة الزارعة والصيد نمت بنسبة 3.5 في المئة في أول ثلاثة اشهر بينما تراجعت صناعة المنسوجات والملابس
مأساة مساجين الرأي في تونس
الصحة و التغذية:
شهادة السجين عبد الرؤوف التونكتي
في أواخر شهر نوفمبر سنة 1995 زارت قافلة صحية سجن برج الرومي و بعد الكشف علي أحلت على مستشفى قوات الأمن الداخلي بالمرسى لإجراء عملية جراحية على فتق ببطني, و قد أعدت إلى السجن قبل مرور يومين على إجرائها و فضلا عن عدم إيوائي بالمصحة فقد أجبرت على الإقامة في غرفة مكتضة و لم أمكن من سرير سفلي ( بحجة أن ذلك محجر على المساجين الإسلاميين) فكنت في كل صعود أو نزول بحاجة إلى مساعدة إضافة إلى تعرضي لآلام و مضاعفات أخرت التئام الجرح بل انه تم نقلي إلى سجن الهوارب في نفس الأسبوع و كان علي تحمل كل ما تقتضيه القافلة من متاعب في حمل الادباش إضافة إلى الزحام الشديد في سيارة السجن.
سليم اللغماني:
هل تكفي أنسنة الحقيقة لتأسيس الديمقراطية ؟
نظم التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والديمقراطي التقدمي ندوة فكرية سياسية في مقر التكتل بالعاصمة حول » أسس النظام الديمقراطي » حاضر فيها أستاذ فلسفة القانون سليم اللغماني واثارت نقاشا واسعا بين الحاضرين.
انطلق المحاضر من فكرة المستبد العادل التي سيطرت على تراثنا ، وهو تصور للحكم يجعل من الحاكم كائنا يتجاوز الإنسانية ( إماما معصوما) وهو في نفس الوقت يجعل من المحكوم كائنا دون الإنسانية لا رأي له في الشأن العام ويجعل منه كائنا قاصرا غير مسؤول. فكيف يعترف للرعية بحقوق سياسية مادامت دون الإنسانية؟
واضاف المحاضر انه لا أثر في تراثنا حتى النير منه لأساس نبني عليه أو نستنتج منه النظام الديمقراطي. ويكفي للدلالة على ذلك الحديث عن أزمتين الفتنة الكبرى من ناحية والمحنة من ناحية أخرى. فما الفتنة الكبرى إلا تناحر على السلطة سببه عدم وجود قواعد لعبة تؤطر طرق اعتلاء السلطة وممارستها. فالفتنة الكبرى نتاج لفراغ قانوني ويعزى هذا الفراغ إلى أن مختلف الفرق المتنازعة لم تتفق على قواعد اللعبة السياسية. بل سعت كل فرقة إلى فرض إرادتها وتصورها للحقيقة دون مبالاة بإمكانية بلورة إرادة عامة تجمع كل الأطراف. وكذلك أمر المحنة التي أقامها الخلفاء الذين اعتمدوا الاعتزال خطابا رسميا على من خالفهم الرأي. محنة ولدت محنة أخطر وهي إقبار المدّ العقلاني في الحضارة العربية الإسلامية.
ولكن المحاضر ذهب كذلك إلى أن الغرب لم يؤسس لديمقراطية على أسس تجنبه كل النزعات الكليانية. لابدّ إذا من تجاوز الفكر الغربي وخطابه المؤسس ولابد من مساهمة ايجابية في تحديد آفاق الديمقراطية.
وأقر اللغماني بأن تعريف الديمقراطية مستحيل بشكل يقبله الجميع وأنه مفهوم حديث. إن تعريف الديمقراطية بأنها سلطة الشعب غير مقبول لأنه ضبابي من ناحية ومنقوص من ناحية أخرى، بينما يفترض التعريف تعريف الشيء كل الشيء ولا شيء غيره.. وهذا المفهوم رغم كل ما يحف به من لبس يحمل آمالا وتطلعات تمنعنا من الاستغناء عنه. فالديمقراطية كمفهوم حديث هي بالأساس تقرير الإنسان لمصيره. والديمقراطية ليست الواقع ولكن ما يجب أن يكون. والقاسم المشترك بين استعمالنا لمفهوم الديمقراطية هي السلطة سواء كانت في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو العائلي أو الاداري إلى غير ذلك. إنه بإمكاننا أن نسوق تعريفا أوليا للديمقراطية بأنها القيمة التي يجب أن تعمل السلطة على تحقيقها لكي تنال رضى المحكوم وتأييده. وهي قيمة الأساس السلطوي وأساس مشروعيته. أما المطلوب منا اليوم ونحن في أوائل القرن الواحد والعشرين هو التفكير في مدى انجاز الغرب لوعده التحديثي لقيمة الديمقراطية. وهل جمع فعلا الغرب شروط تحقيق الفكرة الديمقراطية ؟ وهل تمكن العقل الغربي الحديث من القضاء على جذور الانفراد بالسلطة والكليانية التي قاومها واعتبر انه قام على أنقاضها ؟
لقد قام العقل الغربي الحديث على يقين بنى على أساسه تصوره للديمقراطية فاعتبر أن العقل البشري هو السبيل الوحيد للحقيقة. وان من اتبع هدى العقل واستنار بأنواره مكتشف للحقيقة. وإنبنى العقل الغربي الحديث على الإيمان بسلطة العقل وقدرته اللامتناهية. ولابد من الربط هنا بين هذا الإيمان وتطور العلم والايديولجية العلموية. لقد أسس الغرب الحديث مفهومه للديمقراطية على مزج كلي بين الواقع والعقل. وتجسد الاعتقاد في وجود حقيقة مطلقة في متناول العقل البشري في منظومتين فكريتين مختلفتين هما الليبرالية والماركسية. أما الليبرالية فأقرت بان ما تريده الإرادة العامة هو الحقيقة وبان مهمة التاريخ هي تحقيقها. بينما اعتبرت الماركسية أن الحقيقة مدرجة في الصيرورة التاريخية وعلى الإرادة الجماعية الوعي بهذه الصيرورة والعمل على تحقيقها. لقد أرسى العقل الغربي الحديث ثلاثية هي (عقل إرادة تاريخ)، يمكن اعتبارها وريثة الثلاثية القديمة (الله الطبيعة العقل). والاختلاف في العقل الغربي الحديث كل الاختلاف انحصر ضمن هذه الثلاثية وليس خارجها. فالبعض قدم التاريخ على الارداة وجعلها في خدمة التاريخ ، والبعض الآخر قدم الإرادة على التاريخ وجعل التاريخ إفرازا للإرادة. وانحصر الجدل في حدود هذا الإشكال تاريخ أم إرادة ؟
وقام الصراع في الغرب داخل هذه المنظومة العقلانية الواحدة وما الماركسية والليبرالية إلا تركيبتان لثلاثية واحدة ( عقل إرادة وتاريخ).
وتساءل اللغماني في ختام محاضرته هل يكفي استبدال حقيقة بحقيقة أخرى وهل تكفي أنسنة الحقيقة لتأسيس الديمقراطية ؟ واعتبر أن هذا السؤال النقدي هو ما يجب طرحه على الفكر الغربي الحديث.
فقد تبين أن علمنة الحقيقة وتعويض الإله بما وقع تسميته بالكائن الأعلى لا يقي من أبرز مظاهر التعسف والظلم. كما بينت التجربة الماركسية أن الاعتقاد في حقيقة تاريخية يؤدي إلى محو كل الإرادات الإنسانية. ورغم ذلك فالليبرالية تحظى اليوم بهالة خاصة بحكم انهيار النموذج الماركسي. وقال » لابد من الاحتراز من الأحكام الرائجة اليوم والتي تصدع بنجاح وعلوّ النموذج الليبرالي. إن فشل الماركسية لا يمنعنا من توجيه سهام النقد لليبرالية، فهما في نهاية الأمر افرازان لعقل واحد مبني على الاعتقاد في حقيقة عقلانية. إن انهيار الماركسية لمؤشر على ضعف الليبرالية ». فبذور الكليانية مبثوثة في بنية العقل لذلك فالانحراف نحو الاستبداد تبقى مفتوحة. والمهم بالنسبة لنا هو طرح السؤال كيف يمكن حماية حقوق الإنسان في ظل انقسام الإنسان إلى خطاب الحقيقة وخطاب الخطأ؟
وأكد اللغماني انه مادامت الحقائق وقتية وان يقين اليوم هو محلّ شك غدا فنحن في حاجة إلى خطاب وثقافة تروجان لإنسانيتنا وليس إلى خطاب يؤلهنا. إن الديمقراطية قريبة منا لأنها قريبة من طبعنا.
وفي النقاش أكد الدكتور عبد المجيد الشرفي على حداثة مفهوم الديمقراطية قائلا أن الموقف النقدي يقتضي منا رؤية تاريخية لنرى أن الديمقراطية من الناحية التاريخية هي ردّ فعل على التسلّط. وتساءل عن علاقة الحداثة بالعنف. فالمفروض ان الديمقراطية هي سعي إلى التقليص من العنف، ولكن الديمقراطية السائدة اليوم فشلت في تحقيق هذا الهدف.. أما الأستاذ خميس الشماري فتساءل عن علاقة المواطنة بالديمقراطية وأشار إلى أن ممارسة اليسار التونسي للديمقراطية كانت توظيفية. كما أكد أن علاقة الفكر القومي العربي بالديمقراطية ظلت محل تساؤل وهو نفس الأمر بالنسبة للفكر الديني.
و تساءل العميد بشير الصيد عن النموذج الأصلح للديمقراطية ؟ فيما قال الأستاذ خالد الكريشي أنه لا توجد ديمقراطية بل ديمقراطيات فهل يمكن أن تكون الديمقراطية الليبرالية نبراسا وهي التي تقود العالم اليوم إلى الحروب وتفاقم الظلم؟ وتساءل الأستاذ عياشي الهمامي عن الأسس المشتركة للديمقراطية التي نسعى لها في تونس. موجها السؤال بالأساس إلى الحركة الإسلامية التي يجب أن توضح موقفها من النموذج الديمقراطي المنشود.
من جهته أكد الأستاذ نجيب الشابي أن الديمقراطية تقوم على تعدد الآليات لضبط السلطة والحد من الإفراط فيها، أما الليبرالية فقد قامت على سوء الظن بالإنسان فهو ليس محمولا على الطهارة والحقيقية المطلقة. واعتبرت الليبرالية أن الفرد هو أساس المجتمع وهذه قيمة أساسية في البناء الاجتماعي. كما أشار إلى أن كل العائلات الفكرية في تونس بما فيها الدستوريون وفدوا على الديمقراطية ولم تكن الديمقراطية أولوية في ممارستهم. ولكنه قال أن الحرية كانت القيمة التي تحرك جميع المناضلين السياسيين في تاريخ تونس. وتساءل الأستاذ أحمد ونيس عن العقبات التي نصطدم بها في إرساء النظام الديمقراطي. أما الأستاذ صلاح الدين الجورشي فأقترح مستقبلا إضافة مداخلات للمعنيين بالأمر من السياسيين لكي تفرز هذه العملية نوعا من الأدب السياسي. مؤكدا أن قضية النسبية قضية أساسية فنحن في حاجة إلى نظام سياسي يضفي على نفسه وعلينا النسبية ولا يؤلهنا. فنحن جميعا نتعلم ونسعى لأن نكون ديمقراطيين، فليس هناك أساتذة في الديمقراطية. وحتى الديمقراطية الغربية كما أكد المحاضر ممكن أن تفرز نوعا من الاستبداد. وأشار إلى أنه لا يوجد دين في المطلق معاد للديمقراطية. والسؤال الذي يجب أن يطرح ماهي الجوانب التي من الممكن أن تكون متعارضة بين المنظومة الإسلامية والديمقراطية؟ مؤكدا أن مقولة الدولة الإسلامية مازالت تمثل لغما في الساحة السياسية. وأشار الأستاذ محمد القوماني إلى أهمية هذه الفرصة التي أتاحت لنا نقد الفكر والمركزية الغربية كما أتيح لنا سابقا نقد سطوة التراث مطالبا باستخلاص الشروط من التجربة الغربية وغيرها لبلوغ الشروط الديمقراطية الأساسية.
محمد فوراتي (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 370 بتاريخ 28 جويلية 2006)
و إنفكّ لغز مساندة نظام تونس للمقامة في لبنان :
نظام بن علي يهرع إلى التحالف مع إيران لمزيد الإلتفاف على حقّ الشعب التونسي في الحرية و الكرامة !
بقلم بلحسن بلحسن * أعلن الحكم في تونس الحداد 3 أيام حزنا على شهداء مذبحة قانا . و قبل هذا الإعلان ، فاجأنا بن علي بإذنه لحزبه الحاكم بتنظيم « مسيرة حاشدة » شعارها الأول و هدفها الأساسي المُعلن صراحة هو دعم المقاومة في لبنان و إدانة العدوان الإسرائيلي . و هو أمر يفعله بن علي و حزبه لأول مرّة ، بل إنه تعوّد في مثل هذه المناسبات و كلّما مرّت على الأمة العربية نكبة كنكبة إحتلال العراق أو ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 50 عام من تقتيل و تشريد و ترويع و حرق و أسر و إغتيالات ، أن يتجنّب قائد تونس البارع و حزبه اللامع ، نفسيهما عناء اللوم الغربي فيخرجا لنا عادة بمواقف مبالغة في السلبية ، من قبيل « نعم للسلام .. لا للحرب » ، دون إدانة معتد أو لوم من يستحق اللوم .. كما تعوّد « صانع التغيير » أن يأذن إلى فيالقه الأمنية المنتشرة إنتشار النمل في البلد ، أن تُجهض بسلاح الهراوات و العصي أيّ حالة مدّ جماهيري محتملة قد تظهر في الشارع لنُصرة هذا الشقيق العربي المعتدى عليه هنا أو ذاك الجريح هناك .. . . . . وبالتزامن مع مسيرة حزب التجمع في الشارع ، خرج لأوّل مرة بن علي في خطابه بمناسبة عيد الجمهورية ( و كأنه في تونس توجد جمهورية أصلا ) ، بإدانة مطلقة للإعتداءات الإسرائيلية دون أي حرص على تسريب بعض كلمات « الإعتدال التونسي » المعروف إلى حدّ السلبية في مثل هذه المناسبات .. و من جهة أخرى ، و بإلقاء نظرة على الصحف القريبة من بن علي و المُؤتمرة بأوامره ، و أشهرها « الشروق » ، نجد الكلام الأكثر مباشرة ووضوحا الذي تمنع بروتوكولات منصب بن علي كرئيس بلد عضو في الأمم المتحدة أن يقوله . فعلى سبيل المثال لا الحصر إليكم فحوى الصفحة الأولى من عدد « الشروق » الصادر قبل يوم واحد من الأحد الأسود (مجزرة قانا البشعة ) ، لنقرأ العنوان الرئيسي : لقد كان « مانشيتا » طويلا عريضا إحتلّ أكثر من ثلث الصفحة الأولى كتب فيه ما يلي : « أنجز حرّ ما وعد : صواريخ مابعد حيفا رعد في رعد و كلّ إسرائيل ترتعد » و تحت « المانشيت » عناوين فرعية من القبيل ذاته ، كان هذا المانشيت والمحتوى المصاحب يكون عاديا لو صدر في جريدة مناضلة و منسجمة مع مشاغل الشارع العربي المساند لحزب الله ، أمّا أن تصدر عناوين مثل هذه في جريدة يعرف القاصي والداني أنها ناطق رسمي بإسم نظام طاغية لا يحترم لا حقوق الشعوب في الحرية ولا حتى في التنفّس ! ويتزامن كلّ هذا مع خطاب غريب لبن علي يدين إعتداءات إسرائيل و يردّ فيه ضمنا على إنتقادات أمريكية حول ملف حقوق الإنسان بالقول « نحن لا نتلقى دروسا من أحد » ، كما يتزامن مع مسيرة حزب الحكم لنصرة المقاومة الإسلامية في لبنان . فإنّ كلّ ذلك أمر يجب أن يدفعنا للتأمّل و للملاحظة بتروّ .. .. و لكن ليست عناوين « الشروق » وعدد آخر من صحف الموالاة ( « الحدث » ، « الحرية » « الصباح » أمثلة ..) و كذلك مسيرة حزب التجمع و خطاب بن علي ، هي لوحدها اللافتة في هذا السياق وهي الوحيدة التي تقف مؤشّرات واضحة دالّة على هذا الإنقلاب الكبير في موقف الحكم في تونس من ظاهرة المقاومة والمقاومة الإسلامية بالذات . فعودوا معي إلى إجتماع المجلس البلدي لمدينة تونس الأخير ، فبماذا خرج لنا هذا المجلس بعد الإجتماع ؟ خرج لنا ببيان يُدين العدوان الإسرائيلي على لبنان … ترك « مجلس القمامة » مسألة « الزبلة و الخرّوبة » و أسواق الخضر و الغلال و المعاليم البلدية وباقي إختصاصاته ، ليخصّص بيانه لإدانة العدوان الغاشم .. و أنتقل بكم الآن إلى الإذاعات الحكومية في تونس على بكرة أبيها ومعها التلفزيون الرسمي بعد إنطلاق الحرب ، لقد تركت كلّها جانبا صمتها المعتاد وفتورها السابق في مثل هذه المناسبات وراحت تركّز على العدوان الغاشم وتصوّره بالبنطات العريضة من الصباح إلى المساء في بث خاص متواصل .. …. إنها مسألة غريبة حقّا ، أن يخرج لنا النظام الطاغية الذي عُرف بولاءاته للأمريكان وللصهاينة أنفسهم تحت الطاولة بل وعلنا في أحيان أخرى ، هكذا فجأة من قشرته المعتادة ليتحوّل بين عشية و ضحاها إلى سند للمقاومة وداعم لنضالات الشعوب العربية من أجل الحرية والتحرير والكرامة .. طبعا ، كلّ من يصدّق أن هذا إنّما حدث هكذا لأسباب إنسانية من النظام التونسي فهو غبي ، ذلك أنّ هذا النظام لا علاقة له بمسألة الإنسانية والتاريخ يشهد .. وإذا كان العدوّ الإسرائيلي قد قتل وشرّد وروّع وسجن وإعتقل وإغتال على مدى اكثر من 5 عقود من الزمن ، فإنّ نظام بن علي هو نظام من نفس الجنس ، إرتكب فظاعات لا تُحصى على مدى أكثر من 18 سنة من الزمن في مجال حقوق الإنسان .. فهو إعتقل و عذّب و قتل و شرّد ونفى وجوّع وروّع الآلاف، هم ونساءهم وآباءهم العُجّز وأطفالهم حتّى الرُضّع منهم ..بل إنّه مازال يواصل « مسيرته الحافلة » في سجل الفظاعات إلى اليوم … المسألة لها أسباب أخرى يجهلها البعض … بعض المصادر القريبة من مناطق المعلومة في دوائر الحكم همست في الكواليس أنّ المسألة سببها تقارب تونسي إيراني طُبخ على نار هادئه على مدار الأشهر الثلاث أو الأربع الأخيرة … قالت هذه المصادر إنّ نظام بن علي بدأ يُعمل عين التروّي والندم منذ أشهر قليلة من شراكته بالإتحاد الأوروبي التي جلبت له اللوم على موضوع حقوق الإنسان بتونس .. وأضافت المصادر، وهذا الأهم ، أنّ النظام في تونس بدأ بالتوازي في الأشهر الماضية في مُراجعة رأيه من تحالفه النسبي السابق مع أمريكا وذلك تحديدا بعد زيارة رامسفيلد و بعده « ديفيد وولش » إلى تونس ، فكلاهما لاما النظام التونسي على رفضه للإصلاح السياسي والإفراج عن سجناء الرأي ورفع الحصار على منظمات حقوق الإنسان وعلى الصحافة .. وهمست المصادر إلى أنّ النظام التونسي رأى في هذا ، سيرا بالعلاقات التونسية الأمريكية في الإتجاه غير المُريح لبن علي الذي لا ينوي بتاتا إطلاق الحريات .. فأراد هذا النظام على الفور ، محاولة تنبيه الأمريكان إلى أنهم قد يخسرون حليفهم النسبي جدا معه ما لم يخفّضوا من لومهم عليه في مسألة الحريات .. وفي الحال أرسل النظام التونسي المُورّط من رأسه حتّى قدميه في جرائم حقوق الإنسان بوزير خارجيته إلى طهران منذ أشهر قليلة ليخطب عبد الوهاب عبد الله ودّ الإيرانيين وقد أطلق نظام بن علي وقتها العنان لوسائل إعلامه الرسمي لتضخيم « مُنجزات » تلك الزيارة .. كان الوزير التونسي هو وزير الخارجية العربي الوحيد من بين وزراء خارجية البلدان العربية القريبة من الولايات المتحدة ولو بدرجات متفاوتة ، الذي يذهب إلى إيران علنا وفي وضح النهار بعد تحوّل إيران إلى عدو معلن لأمريكا في ما تُسمّيه بحربها على الإرهاب .. ولم يُحرك الأمريكان ساكنا لتلك الزيارة ، ولذلك تقدّم النظام التونسي بعد ذلك بعلاقته مع إيران إلى مستويات أكثر عُمقا وإنتعاشا .. وقد صرنا نشاهد بعد ذلك أخبار خطابات الرئيس بن علي تظهر على شاشة قناة « العالم » الإيرانية وكذلك على شاشة قناة « المنار » الناطقة بإسم حزب الله بينما صارت القناتان تُحرّم تحريما ، نشر أي خبر عن المعارضة التونسية على خلاف العادة .. إذن شيئا فشيئا تطوّرت العلاقات وصار نظام بن علي يجد في النظام الإيراني حليفا مفيدا .. وقد وصل الأمر به إلى منع كلّ كتب السياسة كالعادة في معرض تونس للكتاب إلاّ أن النظام التونسي سمح لأول مرة هذا العام بالذات لكتب الشيعة بالتحديد بأن تُعرض في المعرض .. وسمح ببعث بيت « آل البيت » أيضا في تونس .. وعندما دقّت ساعة حرب حزب الله مع إسرائيل ، أتى ردّ فعل حكم بن علي ليساند ويندّد بالعدوان الإسرائيلي .. عسى أن تنتبه إيران إلى أنّ نظام بن علي على الخطّ وعلى العهد معها ومع حليفها حزب الله .. و تمّ في الأثناء حدث أهم لم ينتبه إليه الكثيرون ، فبتاريخ 24 جويلية الماضي أي بعد بدأ الحرب على لبنان بأيام قليلة، وبدل أن يُوجّه بن علي سفيره ببيروت إلى حكومة السنيورة للتعبير عن التضامن بعد العدوان ، فاجأ بن علي الملاحظين عن قرب ، بإرساله لسفيره بطهران إلى « آية الله هاشمي رفسنجاني » ليناقش الطرفان « هدف وحدة البلدان الإسلامية كأهم سبيل للتصدي لإعتداءات الكيان الصهيوني في لبنان وفلسطين » متعاهدين على مزيد تطوير العلاقات المتينة من أجل خير العالم الإسلامي ( عد إلى خبر وكالة الأنباء الإيرانية في الموضوع بالتفصيل بذلك التاريخ) . وطبعا هناك فرق كبير بين أسباب تحالف سوريا مع إيران وبين تقرّب تونس من نظام نجاد، فتونس ليست لها مواجهة مع إسرائيل ولا نظام بن علي يفكّر مثل نظام سوريا في مسألة تحرير الأرض أو غيرها، وإنّما نظام بن علي يُُسارع إلى التحالف مع إيران من أجل محاولة إزعاج أمريكا حتّى يُجنّب نفسه مشكلة اللوم الأمريكي له على ملف حقوق الإنسان الأسود … أي أنّ نظام بن علي هرع إلى نُصرة شعب لبنان لا من أجل هدف نبيل كما قد يُخيّل ، وإنما من أجل أن يلتفّ أكثر على شعب تونس وعلى حقه في الحرية والكرامة والعدالة … وإنه قول حق من بن علي ونظامه وأذنابه عن حقوق الشعوب، ولكن يُراد به باطل … * إعلامي من تونس
قناة الجزيرة في ظلّ حكم الإخوان و » مثقّفونا » في ظلّ حكم بني صهيون والأمريكان
كتبه عبدالجميد العدّاسي
حدّثتني نفسي بالاتّصال بالدكتور خالد شوكات للتأكّد من صحّة نسبة المقال المعنون: بـ » قناة الجزيرة في ظل حكم الإخوان » إليه، لمَا يحمل هذا المقال من نفَس تحريضي على استئصال كلّ خير من أرض العرب، بشكل مفزع لا يبرّره حتّى عدم وجود الحظوة الكافية للدكتور لدى الجزيرة، حيث نقل في الفقرة المتحدّثة عن ذاته الكريمة التّي قد تفرّ به – لا قدّر الله – من الله بدل الفرار به إليه، فقد قال: » قبل أسابيع استضفت في » ما وراء الخبر »، أحد برامجها الإخبارية ( يعني الجزيرة )، للتعليق على قضية النائبة البرلمانية الهولندية « أيام هيرسي علي »، وكنت الضيف الرئيسي في الحصة لكوني المعلق الوحيد من أرض الحدث، غير أنني فوجئت بأنني الوحيد الذي منع من أخذ كلمة ختامية، كما فوجئت بعدها بأن إسمي محذوف من قائمة ضيوف الحصة في النسخة المكتوبة المنشورة على موقع الجزيرة.نت، وقد أخبرني صديق كان متواجدا في غرفة التحكم حينها، أن مخرج الحصة أمر مقدمّها أن لا يتيح لي مجال الكلام مرة أخرى، لأنني برأيه انتقدت في بداية حديثي » الجزيرة « .
قلت: في هذه الفترة المظلمة التي عزّ فيها النّصير، نجد الجزيرة جزيرة منفردة بتميّزها في بحر الظلم والغشّ والنذالة، الذي وفّر مادّته تخاذل المتخاذلين وبغض الحاقدين وتربّص الأعداء من الصهاينة والأمريكان الوالغين في دمائنا الموغلين في كره بني البشر. فهي الوحيدة السبّاقة للخبر الطبيعي الذي ينقل بدمائه وبآلامه وبدموعه وينقل بضعفه وبشموخه. وهي التي صخّرت طاقاتها ووقتها للمجتمع العربي والإسلامي، حتّى لتكاد تشفق على المذيعين والمراسلين وكلّ العاملين لكثرة ما يلاقون من المشقّة والأخطار التي لايمكن لكلّ مخلص تجاهلها، فهي واضحة على هيآتهم محدّثة بها ملامحُهم ناطقة بها نبراتُ أصواتهم. وهو الأمر الذي جعل كلّ العرب أحسب ( بما ذلك المهجّرين، ومنهم ربّما من يجاور الدكتور )، ينظر إلى كلّ العاملين في القناة بإجلال تقاعس عن الغنم منه حكّام العرب وبعض مثقّفيهم، وربّما بعض فئاتهم ممّن انزوى في ركنه يشنّف السمع بما تجود به فنّانة شُهِد لها بالعراء والمجون، أو ممّن لجأ إلى شرم الشيخ يُجهد نفسه الفاقدة للحسّ والنفس كي يبرز آخر مكاسب بعض العرب » الساقطين » والمتمثّل في إبراز أجمل الجميلات…
قناة الجزيرة كانت حاضرة في كلّ الأرض التي يحتاج فيها الضعيف للمناصرة، وقد قامت بدور فعّال ومتميّز ( رغم بعض السياسات المفروضة عليها ) في محاولة كشف الحقيقة والوقوف مع الحقّ. وقد أعانها على ذلك طاقم متناسق من حيث المهنيّة، لا فرق بين مسلمه ومسيحيه ولا بين ذكره وأنثاه ولا بين قديمه وجديده، إلاّ ما كان من عامل السبق حيث لا تزال الوجوه الأولى تواصل عطاءها ( وهو أمر جيّد )، فلا يزال » الإتّجاه المعاكس » – الذي ساهم في التعريف بالدكتور المتحامل – مجمَّلا بوجه صاحبه فيصل القاسم، ولا يزال » أكثر من رأي » يبرز القدرة النّادرة على إدارة الحوار التي يمتلكها سامي حدّاد، كما لا يزال جميل عازر في مكانه وبطريقته التي عرفناه بها منذ اليوم الأوّل الذي شاهدنا فيه الجزيرة، في حين أنّ محمد كريشان وليلى وخديجة وأحمد منصور إلى جانب قيدوم » أبو ضبي » جمال الريّان لا يزالون يحافظون على نفس السمت ونفس المكانة رغم انضمام الصفّ الثاني من المقتدرين من أمثال توفيق ولونة والغريبي وإيمان وفيروز وعبدالصمد وجمانة وعياض وعلي وغيرهم كثير…فما العيب إذن في أن تكون القناة إخوانيّة أو مسيحية أو علمانية طالما ظلّت تجود بهذا العطاء المتميّز وطالما ظلّت محارَبة من طرف الصهيونية العالميّة إذ في ذلك البرهان الصادق على خطورة دورها الإعلامي الهادف.
هذا، وقد غفل الدكتور عن بعض التدقيق فلم يرشدنا على منبع » إخوانية » الجزيرة: أهي الإخوانية الفلسطينيّة المتّهمة عند الأمريكان بالإرهاب؟! أم هي الإخوانية المصريّة السائرة على طريقها نحو الإرهاب؟! أم هي الإخوانيّة التونسية المعروفة لدى خصومها بتمرّسها في حقل الإرهاب؟!.. أو لعلّه لم يغفل إذ لم يكن يقصد إلاّ القيام بضربة البداية أو تقديم الصورة الإجمالية لهذه القناة » الأصولية « ، تاركا فرصة الإجتهاد واستثمار المعلومة لغيره من أهل » الإختصاص « … أو لعلّ انتماءه الجديد يفرض عليه مثل هذا القول، وهو من سمّى الجهاد في بلاد الرّافدين إرهابا والاحتلال لها فتحا وتدريبا على الديمقراطيّة والمدنيّة.
لا يمكنني المجاملة بإخفاء النبرة الرّكيكة القديمة التي كست كتابة هذا المقال الغريب الذي لم يأت إلاّ ليعلن بالخطّ العريض: أنّ خالدا قد مات وورثه دكتورٌ لم يرحم فيه انتسابه السابق للصفّ الإسلامي… بل لقد بالغ الدكتور عندما نطق بحضور خالد الميّت بما تقوّله على لسان الإعلامي البارز في القناة، من أنّ » الإسلامي لا يصلح لإدارة مؤسسة إعلامية « ،… هكذا على الإطلاق لا التحديد، في الوقت الذي نرى فيه تميّزا له – مع غيره طبعا – في الإعلام وفي القتال وفي التضحية وفي الثبات على المواقف المشرّفة وفي كره المحتلّ وفي كره المتملّقين للمحتلّ المتشيّعين » للديمقراطيين » المتخصّصين في تسويق أشلائنا وانتهاك حرماتنا…لا يمكنني المجاملة بإخفاء محاولة غشّ المعلومة بالحديث عن ارتداء الحجاب نتيجة الانصياع لسياسة » الإمام » ( رغم ما في ذلك من خير كبير، إذ فرق شاسع بين من يتّبع إماما وبين من يتّبع شيطانا )، والحال أنّ خديجة بن قنّة – المتحجّبة الوحيدة ضمن المذيعات – لم يكن يمنع عنها عدمُ تحجّبها شهرة أو نجاحا، والحال أنّ المتبقيّات وهنّ الأغلبية الغالبة لازلن يؤدّين عملهنّ بتميّز ومهنيّة كاملة، والحال أنّ هذه الأيّام الأخيرة قد وقع انتداب ما لا يقلّ عن ثلاث مذيعات من غير المتحجّبات ولا الإخوانيات.
لا يمكنني المجاملة والرّجل – وهو يكتب – لا يغفل عن تقديم عمل استخبراتي رخيص، لا يقوى عليه إلاّ ناقص مروءة ( معذرة لخالد فإنّي أخاطب الدكتور )…
اعتداء صارخ من الدكتور على ذات خالد، وهو يردّد بمحضر جثّته، نفس المفردات التي عهدناها تصدر من بسيّس والملّولي والصغير والأخضر، أعانه على اقترافه تهافت قناة الجزيرة نفسها على الألقاب ( وهذا عندي من مساوئ الجزيرة )، فقد رفعت من شأنه واستضافته – نظرا لكونه دكتورا – لمناقشة بعض القضايا التي تهمّ في الغالب أمثالنا نحن من غير حاملي الشارات، دون أن تتفطّن إلى تخصّصه المبحر في علم التنسيب، ودون أن تعلم حساسيته المكتسبة إزاء » الإسلامي والإخواني والإرهابي والشمولي والأئمّة « … وحسبنا الله ونعم الوكيل!…
قانا: مجزرة جديدة في حق الأبرياء اللبنانيين
اقترفت إسرائيل مجددا هذه الأيام مجزرة أخرى في حق الإنسانية بعد أن قصفت مسجدا في قرية قانا اتخذه سكان القرية ملجأ ظنا منهم أن إسرائيل لن تقصفه و متى كانت إسرائيل تحترم الديانات و ترأف لحال الأطفال و العجز ! و متى كانت إسرائيل لا تسعى جاهدة لتدمير أي عنصر للحياة العربية !
قانا مأساة عربية أخرى و خنجر غرسته الصهيونية في قلب كل عربي محب لهذه الأمة ،أطفال قتلوا و لا ذنب لهم إلا كونهم عرب لبنانيون…جثث توارى التراب في مقابر جماعية تحت أنظار كاميرا التلفزات العربية و الأجنبية و تحت الصمت القاتل للحكام العرب كالأنعام تنكس رؤوسها في الرمل متناسين أنهم سوف يحاكمون يوما أمام الخالق حين يسألهم » ماذا قدمتم لأمتي « .هؤلاء الحكام الذين لا شغل شاغل لهم سوى كبت حرية الشعب العربي و إلزامه بالتزام الصمت و التفنن في كيفية السيطرة علية ليبقى في صمته رغم أننا متأكدون أن كل العرب يساندون حزب الله في حربه ضد الصهيونية بالقلب و الإيمان راجيين الله أن يقي الأبرياء من كل شر و أن تنتهي هذه الحرب على خير .
إن إسرائيل كما هو معلوم بلد يقتات من جرائم الحرب و يبنى على أشلاء الأبرياء من أبناء هذه الأمة و بلد يشترط في حكامه أن يكونوا من عشاق سفك الدماء و أن يكون لهم تاريخ في القتل و الإجرام. هي مجموعة من مجرمي الحروب تقتات من النهب و السرقات تساعدها في ذلك القوى العظمى و خاصة الولايات المتحدة الأمريكية و شريكتها بريطانيا بضغط من اللوبي اليهودي في أكثر من مكان في هذه الكرة الأرضية كالمرض يسرى في كامل البدن و لم يوجد له إلى حد الآن لقاح .
إن ما حدث في قانا هذه الأيام كان قد حدث فيها سنة 1996 و قد يحدث فيها بعد سنوات إن لم يكن للعرب و بالأساس للحكام العرب نهضة و استفاقة من سبات عميق لم يزد شعوبهم سوى قهر و إحساس بالمهانة ، غير أني ليس لي أمل في من مات ضميره و إحساسه من أجل منصب أو كرسي أو مال و جاه ناسيا أنها » إن دامت لغيره لما وصلت إليه » فحسبنا الله و نعم الوكيل و أن توكلنا فلا نتوكل إلا على الله.فقط نقول أن ضحايا هذه المجازر نحن متأكدون أنهم شهداء نصيبهم الجنة و من هم دونهم من « أولي الأمر » فنحن نعلم أيضا أين هو مآلهم . زهرة الرمال –تونس متخرجة من معهد الصحافة و علوم الإخبار.
الحكام العرب يحاكمون صدام حسين « لدكتاتوريته »
ويتمسحون على أقدام إسرائيل « لإنسانيتها »
تونس 02 /08 /2006
الحسن رحيمي – تونس
تشن إسرائيل عدوانها الهمجي منذ 21 يوما على القطر اللبناني مخلفة مآت القتلى في مجازر ينأى لها جبين الإنسانية ،هذا وقد بدأ هذا العدوان بعد أسر المقاومة اللبنانية لجنديين اسرائيلين في الجنوب بغرض مبادلتهم بعشرة ألف أسير عربي في السجون الصهيونية والمعتقلين بتهمة المقاومة وإزعاج راحة الكيان الصهيوني والقيام بعمليات ضد « المدنيين »،ومباشرة بعد أسر الجنديين وحشد الجيش الصهيوني على الحدود اللبنانية وبدأ الغارات على المباني السكنية والبني التحتية من مطارات وجسور تكرم علينا الحكام العرب بمواقف تشجع الكيان الصهيوني على العدوان على لبنان شجب العملية التي قامت بها المقاومة اللبنانية بدعوى التمسك بالحوار ومواصلة العملية السلمية التي تبرأت منها إسرائيل منذ خطة الفصل الأحادي الجانب وبناء جدار الفصل العنصري .هذا ولا يعتبر الموقف الرسمي للأنظمة العربية من عمليات المقاومة الشعبية في الوطن العربي في العراق وفلسطين ولبنان بالغريب عن العالم وعن الشعب العربي فهذه الأنظمة صناعة من إنتاج الإمبريالية ولن تشذ عن توجهات الإمبريالية الداعمة للوجود الصهيوني ولإجرامه المتواصل في المنطقة فقد سبق لها وتبنت غزو العراق واحتلاله من قبل أمريكا خدمة لمصلحة هذا الكيان الغاصب ومواصلة المشروع الأمريكي المتمثل أساسا في وطن عربي مفكك وبلا إرادة(تجزئة المجزأ) يخضع لإرادة توجهات الرأس المال العلمي وقد سعت لذلك تحت مسميات عدة (نشر الديمقراطية،نزع السلاح،الحوار،العملية السلمية).ونفس هذه الأنظمة والمتواجدة في السلطة منذ عشرات السنيين (بعد انتخابات حرة ونزيهة)!!! والتي سعت لتدجين القضية الفلسطينية وعزل المقاومة ساعدت أمريكا على احتلال العراق وتشرف على محاكمة القائد الأسير صدام حسين، هذه المحاكمة التي أراد من وراءها الاحتلال وعملاءه عزل كل حركة عربية ثورية تتبنى مشروع الوحدة وحرية الإنسان العربي في تقرير مصيره وهذه المحاكمة بتهمة الدكتاتورية وإن كانت لأمريكا أهداف من وراءها فإن المستفيد الأكبر منها هي هذه الأنظمة التي أطلقت كل أقلامها المأجورة وإعلامها ومثقفيها لمحاكمة القائد الأسير صدام حسين في محاولة يائسة لعزل الجماهير العربية عن تاريخ وحاضر مشرف يقوده البعث ومناضليه من القائد الأسير صدام حسين إلى كل مناضليه من المحيط إلى الخليج،يحاكمون القائد الأسير صدام حسين بتهمة الدكتاتورية- وهم براء منها- أما ما يقوم به الكيان الصهيوني في لبنان وفلسطين فهو قمة الإنسانية فطائراته توزع الحلوى والورود على الأطفال اللبنانيين في قانا وصور وبعلبك وغيرها من المدن العربية مما يستدعي شكرها على تعاملها الإنساني مع شعبنا العربي في القطريين الفلسطيني واللبناني ،هذه المواقف المخزية التي تتبناها الأنظمة العربية أو بالأحرى تملى عليها جعلتهم لا يستوعبون تأثير قنابل الحلوى والورود على أطفال لبنان فمنهم من صدم لهول المشهد ومنهم من سقط مغشيا عليه لعجزه عن رؤية دماء الأطفال في قانا ،فقانا 1996 تتعاود المشهد هو نفسه المعتدي نفسه والمواقف العربية نفسها :صدمة فذهول فتنديد وشجب ولم يبقى من المعجم العربي ومن لسان العرب أكثر من هذه الكلمات إن وجدت أصلا يرددها الحكام العرب ولم يبقى للإنسان العربي في معركة الكرامة هذه إلا أن يرفع سلاح المقاومة في وجه المعتدين فالمقاومة العربية الشعبية في لبنان وفلسطين هي عنوان شرف هذه الأمة ومجدها « فأمة يمر عليها كل هذا إما أن يقضى عليها نهائيا تحت ثقل الوطأة الاستعمارية فتتلاشى وإما أن يكون فيها من مقومات الحياة ومن مقومات البعث ما يسمح لها بأن تنتفض وتتغلب على كل هذا » ميشيل عفلق والمقاومة العربية الشعبية والتي تقودها جماهيرنا الكادحة هي أهم مقوم من مقومات الحياة والبعث واليوم يشهد الوطن العربي المقاومة في أبهى صورها: من استبسال الرئيس القائد صدام حسين وقلب موازين المحاكمة ومحاكمته للاحتلال وعملاءه من داخل المحكمة إلى المقاومة العراقية الباسلة التي تذيق الاحتلال مرارة الاعتداء على شعب آمن مع البعث بالمقاومة أهم سلاح لتوحيد الأمة وبعث نهضتها من جديد والمقاومة في لبنان الصمود والتي دمرت أسطورة الكيان الصهيوني الذي لا يهزم وأثبتت أنه كيان من ورق من الإجتياح 1982 إلى عملية الوعد الصادق 2006و شرف الأمة المقاومة الفلسطينية التي تذيق الاحتلال الصهيوني مرارة اغتصاب الأرض وتشريد الشعوب.أما حكامنا العرب المقتنعين بإنسانية الكيان الصهيوني رسالة المقاومة والشعب العربي لهم أن لا مناص من حتمية مصيرهم الذي ستحدده إرادة الجماهير العربية الكادحة المتضررة من عمالتهم لتوجهات الرأس المال العالمي الاستعمارية.
ملاحظات أولية علي حرب غير متكافئة
محمد أنوار محمد
الحرب الجارية الآن في لبنان حرب أسيمترية تجمع بين خصمين غير متكافئين وينتهجان أساليب غير متناسبة. القويّ يستثمرُ تفوق قواته وقدراته، والضعيف يلجأ الي التخفي وتوجيه الضربات المفاجئة الي نقاط القوة أو تلك التي بامكانها التأثير في الخصم. ينضاف الي ذلك أن استراتيجية الطرف الضعيف هنا هي استراتيجية دفاعية، ولا يمكنُ أن تبحث عن النصر (النصر هنا يفقد معناه العسكري) وأقصي ما يمكن أن تطمح اليه هو عدم الانهزام (أو بتعبير حسن نصر الله أن ننجح في الدفاع هو النصر ). بينما الطرف القوي، بالرغم من انه يهاجم، فهو يدركُ أنه لا يمكنُ أن ينتصر (وهو هدف الاستراتيجية الهجومية) لذلك يدرجُ حملته في اطار استراتيجية دفاعية، أو بتعبير جوزيف ناي دفاع أمامي . هذا الوضع يكثفه قول سان تزو بأن عدم الانهــزام يكمن في الدفاع وامكانية النصر في الهجوم.
من هنا الغموض النسبي الحالي في الأهداف الاستراتيجية لهذه الحرب. ومن هنا تصبحُ التصريحات والبيانات ممارسة تمويهية لا تكشف عن رهاناتها الحقيقية. تمويه يهدف الي بناء معني الحرب بشكل يساهم في حشد الدعم المعنوي (الداخلي والخارجي) وبناء التحالفات أو البحث عنها. غموض قد يطالُ حتي محاولات تأطيرها ووضعها في سياقها الخاص، لأنه ليس سهلاً القفز لا علي أسبابها المباشرة ولا علي أسبابها العميقة. وعموما هذا يندرج في اطار بناء ذاكرة للنزاع تتأسس علي التأويلات المشرعنة للأعمال العسكرية. ويبدو أن جانبا كبيرا من هذه الحرب ومن هذا الغموض ناتج عن أخطاء التوقع من كلا الطرفين، والذي علي المحك الآن هو قدرة الاثنين علي الصعود بقوة. وكلاهما يحاولُ أن يفاجئ الآخر بقواه الممكنة أو القابلة للاستعمال.
وقد يبدو للبعض أن الحرب الجارية تفصحُ عن معالم اصطفافات قد تدفع الي القول بأن هناك محاولة لترتيب ما مع بعض القوي في المنطقة. لا نعتقد أن منطق الحملة العسكرية الحالية هو منطق اسرائيل مناحيم بيغن أو اسرائيل قلعة مسادة . اذ يبدو أن التوجه الآن هو لتحييد قوي تتشابهُ في أساليب عملها وتوجهاتها الاستراتيجية لصالح قوي متشابهة أيضا ومتصالحة مع اسرائيل. هذا الترتيب قد يكون مدخلاً للحسم مع الاشكالات الثلاث: الاعتراف باسرائيل وتثبيت الحدود واقامة دولة الشعب الفلسطيني.
تعرف اسرائيل أن الحرب أسيمترية. ومن القناعات المهيمنة في الولايات المتحدة الأمريكية وفي اسرائيل لرفع تحدي الحرب الأسيمترية هي النظر الي الخصم كنظام استراتيجي. مقاربة حربية أعطت نتائج نسبية في العراق، وحتي في الحرب علي أفغانستان. ان هذه المقاربة قد لا تنجح في تحقيق الأهداف الاستراتيجية (وهذا جليّ في العراق)، لكنها علي الأقل توقف تحركات الخصم وقد تجعله يفقد توازنه أو ينضب معينه الاستراتيجي. ان النظر الي الخصم وفق هذه المقاربة قد يدفع الي اعتبار العديد منها عاملا في كسر ارادة هذا الخصم. وفي أقصي الحالات يصبح المدنيون نظاما استراتيجيا فرعيا قد يساهم في اضعافه، والعامل المعنوي قد يكون أساسيا في حسم المعارك أو الحرب. من هنا قد نعرف لماذا تقصف اسرائيل المدنيين والبنيات التحتية. وأيضا نفهم اصرار حزب الله علي القول ان التماسك الشعبي لا زال قائما.
لكن هذه المقاربة، تطرح أمام اسرائيل اشكالا آخر: الخصم قد يكون هو نفسه نظاما فرعيا لخصم آخر. وهذا يعني أن تحقيق مكاسب هنا لا يعني أنها نظفت يدها من المشكلة. المسألة أعمق بكثير، فكلما ابتعدنا في التحليل، كلما عرفنا أن اسرائيل قد تواجهُ خطرا أكبر أو ستجد، في عملية حساب الخسارة والربح، أن الكفة تميل الي الخسارة أكثر. ولا مبالغة في القول بأن السيطرة في الجو لا تعني الآن شيئاً، ما دامت لا تحقق أهدافها العسكرية وأنه يوما بعد يوم تقتنع القيادة العسكرية الاسرائيلية بأن مواصلة الحملات الجوية لا تحدث أية خسائر لحزب الله، وأن المواجهة البرية ستكون كلفتها كبيرة جدا. بالتأكيد الأمر مختلف تماما عن 1982 وحزب الله ليس هو منظمة التحرير الفلسطينية. لكن يبقي محتملا ربما خطر التطورات التي تلت انسحابها النسبي بعد ذلك (هل هذا ربح؟).
ان أهم هدف معلن الآن (والمرغوب فيه من قبل الولايات المتحدة) هو تطبيق قرار 1559 بالقوة نيابة عن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. الولايات المتحدة تنظر الي العملية كامتداد للحرب علي الارهاب. والدفع بالصراع الي أعلي قد تنتج عنه آثار جانبية لا ترغب فيها الولايات المتحدة (الشيعة المتحالفون في العراق قد يتحولون الي نظام فرعي آخر يساهم في تعقيد مهمتها أكثر في الشرق الأوسط). دخول ايران الآن غير مرغوب فيه أيضاً، لأن دخولها الآن قد يعني فتح جبهة الخليج الفارسي وما يمثله من أهمية جيوستراتيجية. ان حزب الله أمام خيار رفع الصراع الي الدرجة القصوي. في حالة رفعه ليتأكد الكل أن الولايات المتحدة ستكون أول من سيرغم اسرائيل علي وقف اطلاق النار. طبعا قبل الوصول الي الدرجة القصوي هناك مستويات أخري، لكنها قد تكون ذات آثار وخيمة علي لبنان (بما في ذلك اللجوء الي أسلحة نووية تكتيكية). لذلك، هل لحزب الله القدرة للمرور الي الدرجة القصوي؟ ندرك أن الأمر صعب، والأسباب مفهومة، بالرغم من أن هذا غير مستبعد، اذا ما تأملنا الطريقة التي تفكر بها القيادة العسكرية لحزب الله، والتي تؤكد علي أن حزب الله سينتقل الي المبادرة (لأن المبادرة يجب النظر اليها في كل أسقفها ومستوياتها). ويبدو أن هذا المرور قد يقع عندما يجد الحزب نفسه في وضعية ليس فيها أمل، قد تبادر بحركة توسع من خلالها النطاق الجيوستراتيجي للمواجهة. ومن بعيد تبدو عملية الدفع بالنزاع الي أعلي هي الامكانية الوحيدة عسكريا لجعل اسرائيل تعيد حساباتها وتشكك في استراتيجيتها.
قد يذهب بعض المحللين الي أن اسرائيل ستضعف احدي الجبهات المحتملة في حربها الدائمة. وكلما قلت الجبهات، كلما كان ممكنا البقاء أكثر، لأن الحرب علي جبهات كثيرة ليس في صالحها، أو أن اغلاق نافذة حزب الله قد يجعل معركة محتملة مع ايران مختلفة. بالفعل، يمكن اضــــعاف الجبهة، لكن لن يُقضي عليها، وهذا يعني أن النافذة لن تغلقَ. من هنا يمكن الزعم أن العملية الحالية هي في جوهرها غير ذات أهداف عسكرية محددة. قد تكون أهدافها سياسية أساساً. الحرب الأهلية في لبنان مثلاً؟ ممكن. وهذا ربما لاعادة تشــــكيل البنيات السياسية والاجتماعية.
ان النظر الي الحرب الجارية من هذه الزاوية وفي هذا الاطار (حرب أسيمترية) قد يدفع الي افتراض استبعاد تحقيق الأطراف المتواجهة نصرا في هذه المواجهة بالرغم من أن النصر هو الهدف الأساسي للحرب (التأويل والتكييف سيعطيان معني ما للنصر). ان طبيعة الحرب الأسيمـــــترية تختلف عن الحروب الكلاسيكية التي يكون فيها الخصمان مكشوفين يصبح تدمير أحدهما أو الحاق هزيمة بجيوشه أمراً ممكنا. لهذا يبدو أن الحسم لن يكون عسكرياً، وأن الخروج من المواجهة سيكون عبر باب المفاوضة. ہ باحث من تونس (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 1 أوت 2006)
الكـاشـفـة
فهمي هويدي
إذا تباينت الاجتهادات في وصف الانقضاض الإسرائيلي على لبنان وفلسطين، فلا اظن أن أحداً يختلف على أنها حرب كاشفة، فضحت الكثير من عورات واقعنا. وبددت الكثير من الأوهام الشائعة في زماننا. (1) المشهد كان مخزياً وباعثاً على الرثاء يوم الأربعاء الماضي (26/7/2006). إذ في حين كانت المعارك الشرسة مستمرة في « بنت جبيل » اللبنانية، وعملية الفتك الإسرائيلي بالفلسطينيين تتواصل في غزة، في حين كان الدم العربي ينزف بغزارة، والأشلاء المتفحمة تتناثر في كل صوب، فإن انظار العرب جميعاً كانت متجهة إلى روما، وليس إلى أي عاصمة عربية. هناك – في العاصمة الإيطالية – كان المصير العربي موضوعاً على الطاولة أمام فريق « المحلفين » الدولي تحت القيادة الأمريكية. كان هناك عرب حقاً، لكنهم كانوا يؤدون دور « الكومبارس » في المشهد من المحيط إلى الخليج. كان طبيعياً والأمر كذلك أن يخرج العرب من المؤتمر مهزومين ومنكسي الرؤوس. وأن يشهر الأمريكيون اللاءات في وجوههم واحدة تلو الأخرى: لا لوقف اطلاق النار في لبنان – لا لإدانة قصف الإسرائيليين لموقع الأمم المتحدة في لبنان – لا بديل عن نزع سلاح حزب الله – لا ثمن للدم العربي، ولا حدود ولا مساس بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بالوسيلة التي تراها مؤدية للغرض – لا عودة للشرق الأوسط القديم …. الخ. دعك من المفارقة في التوقيت، ذلك أن المؤتمر انعقد في الذكرى الخمسين لاحدى لحظات الكبرياء العربي (تأميم قناة السويس في 26/7/1956)، وهو الزمن الذي ودعناه منذ دخلنا عصور الانحسار والانكسار. وقد جاء مؤتمر روما يشهد ليس فقط بأن عرب هذا الزمان خرجوا من التاريخ فانتقلوا من جبهة الفعل إلى مؤخرة الصدى، لكن أيضاً ليكشف لنا بجلاء عن حقيقة أن المصير العربي لم يعد بيد العرب، وان مفاتيحه انتقلت إلى واشنطن، ومن ثم ذهب مؤشر الانكسار إلى ابعد، بحيث صار العالم العربي مفعولا به وليس فاعلاً. آية ذلك أن السيدة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية اخبرتنا، بعد أن وقفت صراحة إلى جانب اعطاء إسرائيل مزيداً من الوقت لاستكمال عملية ذبح لبنان واشاعة الخراب فيه (الفلسطينيون لا بواكي لهم عند الأمريكيين ومن لف لفهم منهم)، اخبرتنا السيدة بمنتهى البرود والصفاقة بأن شلال الدم العربي المتدفق وتلال الجثث المحترقة في لبنان وفلسطين إنما هي إرهاصات ميلاد جديد في المنطقة, ولم تجد أحداً من ممثلي العرب يرد عليها بذاءتها السياسية. (2) المشهد ليس جديداً، لكن اللقطة فقط هي الجديدة. ذلك أنه منذ اطلقت مقولة أن 99.9% من الأوراق في يد الولايات المتحدة، ومنذ تدخلت قوات التحالف الدولي لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي في عام 1991. الأمر الذي تزامن مع الانتقال إلى عصر ما بعد الحرب الباردة وانهيار النظام العربي، عندئذ دخل العالم العربي في طور انتداب جديد، قامت فيه واشنطن بدور الوصي وولي الأمر في المنطقة. الانتداب مورس في حالات متعددة. خصوصاً في الشأن الفلسطيني والعراقي. وكانت له تجلياته القوية بعد إحداث سبتمبر، التي رفع بعدها شعار إعادة تشكيل المنطقة، وهاهو يمارس على نحو أكثر وضوحاً في الشأن اللبناني. انكشاف الموقف العربي على ذلك النحو تجلى بصورة أخرى في قرار مجلس جامعة الدول العربية في اجتماعه الطارئ الذي اعقب الهجوم الإسرائيلي على لبنان المتزامن مع الفتك الإسرائيلي بقطاع غزة. إذ أعلن ضمناً انه لم يعد بيد العرب شيء يفعلونه من جانبهم، وان غاية ما يملكونه الآن أن يتوجهوا إلى مجلس الأمن لكي يتحمل مسؤوليته في الحفاظ على الأمن والسلم في العالم. وهذا الموقف لم يكن سوى محاولة للاستعانة بأي ورقة توت لستر عورة الجسم العربي. ولست أشك في أن الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى يدرك جيداً أن ورقة التوت هذه اتسع فيها الخرق، حتى باتت مناطاً للفضيحة وليس وسيلة للستر – لماذا؟ لأن مجلس الأمن انكشف بدوره، وبدا من الناحية العملية منحازاً إلى إسرائيل في الاختبار اللبناني، حين عجز عن إصدار قرار يوقف اطلاق النار استجابة للضغط الأمريكي. من ثم فإن المجلس لأول مرة في تاريخه تقاعس عن النهوض بمسؤوليته عن السعي لاقرار السلام، التي يستمد منها شرعيته ومبرر وجوده. كما بدا واضحاً للعيان في هذه الحالة وفي حالات أخرى سابقة (السودان وسوريا ولبنان) اصبح إحدى أدوات تنفيذ السياسة الأمريكية، على الأقل فيما يخص الشرق الأوسط. وليت الأمر وقف عند ذلك الحد، لأن السياسة الأمريكية في ذلك الجزء من العالم بفضل تحالف المحافظين مع الصهاينة، اصبحت صدى للسياسة الإسرائيلية. وقد رأينا كيف أن السيدة كوندوليزا رايس تصرفت في الموضوع اللبناني وكأنها وزيرة لخارجية إسرائيل أيضاً. بل زايدت عليها في ذلك، حين وظفت المسعى الإسرائيلي لضرب حزب الله وتصفية حكومة حماس لصالح المصلحة الأمريكية في اخضاع المنطقة وتركيعها (تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد)، ومن ثم محاولة خطف أي انتصار حتى وان كان وهمياً، يعوض الإدارة الأمريكية عن فشلها الذريع في العراق. ماذا يعني ذلك كله؟ يعني أولاً ان القرار المتعلق بقضايانا المصيرية خرج من أيدينا. وأننا حين حاولنا « تمثيل » مشهد يوحي بأننا نفعل شيئاً، فاننا أحلنا إلى طرف لا يتحرى إلا مصالح أعدائنا. يعني ثانياً أن الأنظمة العربية حين عولت على واشنطن وراهنت عليها دون غيرها، فإنها فرطت في أصدقائها الذين انفضوا من حولها واحداً تلو الآخر، الأمر الذي أدى إلى استفراد الولايات المتحدة بالمنطقة، واغرائها – ومعها إسرائيل بطبيعة الحال- بالعبث بمصائرها والعربدة فيها كيفما شاءت. (3) هل تذكرون قصة « اوروبا الجديدة »، التي ابتدعتها الولايات المتحدة وهي تتأهب لغزو العراق منذ ثلاث سنوات، وارادت بها اقصاء وعزل معارضي الغزو (المانيا وفرنسا)، فأدعت أن الأخيرين يمثلان أوروبا القديمة التي شاخت وتجاوزها الزمن، في حين أن الأولين (الدول الثماني التي أيدت الغزو) هي أوروبا الجديدة التي يتعين التعويل عليها، باعتبارها مليئة بالشباب والحيوية والأمل. لم يعد هناك ذكر لأوروبا الجديدة الآن. وإنما بدا واضحاً في ان اطلاق التسمية لم يكن سوى حيلة دبلوماسية لسد الثغرة التي بدت في « التحالف الدولي »، عبر تشويه صورة معارضي الغزو والتهوين من شأنهم. الورقة ذاتها اخرجتها واشنطن من دفتر أوراقها القديمة هذه الأيام، الأمر الذي يكشف عن مدى الفقر والضحالة في الرؤية الاستراتيجية الأمريكية. كما ينم عن استخفاف لا مثيل له، يصل إلى حد الازدراء، بشعوب المنطقة وانظمتها، التي يراد اقناعها بأن رسالة الموت والخراب التي حملتها معها كوندوليزا رايس هي بشارة ميلاد جديد! هو غرور الثقة أن شئت الدقة، الذي يعمي البصر ويفقد العقل توازنه ورشده، ويوحي للمتجبرين والمستكبرين بأن يدهم مطلقة في تشكيل العالم المحيط بهم، ناهيك عن افتراس المستضعفين والفتك بهم والعبث بمصائرهم. وهو الوهم الذي سوق له نفر من المثقفين اليمينيين في الولايات المتحدة. ومن نماذج التنظير للفكرة تلك الدراسة الشهيرة التي صدرت هناك عام 1996. تحت عنوان » الصدمة والرعب – كيف تحقق السيطرة السريعة »، وانطلقت من امكانية تحقيق النصر الشامل عن طرق تكثيف التدمير والترويع باعلى درجاتها. قبل أيام نشرت صحيفة « الاندبندنت » البريطانية مقالة لأستاذ التاريخ بجامعة كيمبريدج ريتشارد دريتن سجل فيها فشل هذه النظرية، واستشهد بما حدث في العراق، وكيف ان تجربته فضحت غرور القوة الأمريكية، واثبتت أن تلك القوة قد تكون قادرة على أحداث الدمار واشاعة خراب لا حدود له، لكنها تظل عاجزة عن السيطرة أو التأثير الإنسانى الخلاق. وهو رأي يؤيده كل يوم الحاصل الآن في لبنان، كما يشهد به الحاصل في فلسطين، حيث يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن دم المستضعفين لا يزال قادراً على هزيمة سيف المستكبرين. (4) يحسب للحملة الصهيونية الأمريكية الراهنة أنها عمقت من خطوط الفرز في داخل العالم العربي. فعرف الناس كافة من هم الموالون ومن هم المهزومون، ومن هم المخترقون، ومن هم الفتانون والدساسون. ويلفت النظر أن هؤلاء من عناصر النخبة للأسف الشديد، وأنهم جميعاً وقفوا في جانب، في حين كان الشارع العربي واقفاً في جانب آخر. معاكس تماماً. لأن المواجهة صريحة بين الحق والباطل، بين الخضوع والمقاومة وبين الذل والكرامة. فلم يحتمل الأمر وقوفاً بين المنزلتين، ولا لعباً على الحبلين، ولا أمساكاً للعصا من الوسط. وإنما تعين على كل أحد أن يحسم أمره بوضوح، وان يحدد موقفه من الصراع. لذلك قلت أكثر من مرة ان الصمت في هذه الحالة يعد جريمة تتراوح بين التستر والتواطؤ، وأن الحياد انحياز ضمني للباطل، اما الوساطة فانها تعد تخلياً عن الحق واضعافاً له. الموالون رأيناهم بأعيننا على شاشات التليفزيون، وسمعنا بآذاننا تصريحاتهم، التي عبرت عن وقوفهم في المربع الأمريكي والإسرائيلي، واستحقوا لذلك شكراً علنياً من واشنطن وتل أبيب. وشارك وزير الداخلية العبرية في فضحهم، حين قال ان بعض الأنظمة العربية استحسنت ما تفعله إسرائيل، معتبرة أن معركتها ضد « التطرف والإرهاب » هي معركتهم. المهزومون انكشف أمرهم أيضاً، وهم كل من آثر الانبطاح وتقاعس عن نصرة المقاومة، أو عمد إلى تجريحها والحط من شأنها. أما المخترقون فقد طالعنا خطابهم في كتابات غثة منشورة، ووقفنا على آرائهم في عدة برامج تليفزيونية اعدت خصيصاً لإشاعة الوهن وتسويغ الصمت المشين بحسبانه تعقلاً وحكمة. وكان كل ما صدر عن هؤلاء وهؤلاء بمثابة اعترافات مشينة، أدت إلى تعرية اصحابها أمام الرأي العام، واثارت لدينا خليطاً من مشاعر الرثاء والغثيان والقرف. الدساسون والفتانون فاجأونا، واطلوا علينا من حيث لا نحتسب. أعني بهم أولئك الذين لم يجدوا سبيلاً إلى طعن المقاومة اللبنانية إلا من خلال إثارة النعره الطائفية و الإدعاء بأن عناصر حزب الله هم شيعة « رافضة »، لا تجوز نصرتهم ولا الدعاء لهم أو الصلاة على شهدائهم. إلى غير ذلك من الأغاليط المسمومة التي اهدت الإسرائيليين حزمة من الفتاوى الغبية، ففضحت أصحابها ومن وراءهم. نحمد الله على أن تلك الفئات الأربع لا جذور لها ولا شرعية تذكر في العالم العربي، فضلاً عن أن مواقفها البائسة صنفتها تلقائياً في معسكر « الضد »، الذي وجد نفسه في نهاية المطاف واقفاً في المربع الإسرائيلى والأمريكي، أرادت عناصره أن لم ترد. رغم أن ذلك الذي انكشف يثير الاشمئزاز بأكثر مما يبعث على القلق، فلست اخفي أنني واحد من الذين دأبوا على التساؤل طوال الوقت: لحساب من يعمل هؤلاء؟ ومن سلطهم علينا؟
(المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم2 أوت 2006)
*اخوان أون لاين/ بقلم: السفير محمد والي
صرَّح السيد عمرو موسى- الأمين العام لجامعة الدول العربية عقب الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة بالقاهرة يوم 15 من يوليو 2006م- بأن عمليةَ السلام قد ماتت، وهذا ليس موضعَ خلاف؛ لكنَّ التناقضَ في كلامِ موسى تصريحه بأن الجامعةَ العربيةَ ستُحيل الموضوعَ إلى مجلسِ الأمنِ الدولي؛ لأنه من الواضحِ وضوحَ الصبح لذي عينين أن أمريكا ومن ثَمَّ « إسرائيل » تمتلك مجلسَ الأمن الدولي وتمتلك منظمة الأمم المتحدة. لكننا نريد أن نُظهرَ ما لم يَقُلْهُ موسى على الملأ؛ بأن عملية السلام ليست وحدها التي ماتت، وبأن الجامعة العربية ليست وحدها هي التي ماتت كذلك، فقد ولدت نزولاً على رغبة بريطانيا العظمى عام 1945م وبإيعازٍ من وزير خارجيتها حينئذ أنطوني إيدن، فهي ولادة غير شرعية منذ البداية، لكنها ماتت بالفعل مع توقيع اتفاقية كامب ديفيد، فقد أجهزت هذه الاتفاقية على ميثاق الضمان الجماعي العربي، الذي كان يعتبر أي عدوان على دولة عضو بالجامعة العربية عدوانًا على جميعِ الأعضاء؛ فقد نصَّت الفقرة الخامسة من المادة السادسة من هذه الاتفاقية على ما يلي: « مع مراعاة المادة 103 من ميثاق الأمم المتحدة يقر الطرفان بأنه في حالة وجود تناقض بين التزامات الأطراف بموجب هذه المعاهدة وأي من التزاماتهما الأخرى، فإن الالتزامات الناشئة عن هذه المعاهدة تكون ملزمة ونافذة »، والمقصود بالطبع هو ميثاق الضمان الجماعي العربي المُوقَّع عام 1954، واتفاقيات الدفاع المشترك المترتبة عليه، والنتيجة أنه طبقًا لاتفاقية كامب دافيد لا تستطيع مصر مساندة أي دولة عربية تتعرَّض للعدوان « الإسرائيلي ». فالحقيقة إنه إذا كان موسى يريد الإنصاف، فإن النظام العربي كان قد مات بالفعل مع توقيع اتفاقية كامب دافيد، وإذا كان يريد الإنصاف كذلك فإن موت النظام العربي يحمل معه أيضًا موت الأنظمة العربية. إن من المهام الأساسية للدول كدول وللأنظمة السياسية كأنظمة سياسية حماية بلادها وأرواح سكانها، فإذا عجزت عن ذلك فلا قيمة لها. على أن المسألة هنا لا تتوقف عند انعدام القيمة بل تتعداها إلى ما هو أفدح، من تسليم لرعاياها لسيف الجلاد، ألم يصرِّح رئيس أكبر دولة عربية بأن علاقتنا مع أمريكا علاقةٌ إستراتيجية، أي علاقة إستراتيجية تقوم بين الجاني والضحية، إلا أن تكون مهمة هذا الرئيس ليس الحفاظ على شعبه وإنما تسليم شعبه لقمة سائغة للعدو الغاصب لقاء ثمن بخس هو الحفاظ على كرسي الحكم له ولأولاده من بعده. لقد فشل المشروع الصهيوني الأمريكي في العراق، ثم فشلت ترتيباته في لبنان، نعم نجح في إخراج القوات السورية من لبنان، ومن ثم كان يسعى لنزع سلاح المقاومة اللبنانية، لكنه فشل في ذلك، والآن تريد « إسرائيل » بعدوانها على لبنان أن تنفِّذَ بيدها ما عجزت عن تنفيذه بالقرارات الدولية. لقد فوجئت قوى الاستكبار ومعها الأنظمة العميلة في المنطقة بصعود حماس وتمسك الشعب العربي بخيار المقاومة، فأرادت أن تقضيَ على روح المقاومة حتى لا تسريَ في المنطقة سريان النار في الهشيم، فتآمرت مع العدو على حماس وتآمرت معه على حزب الله، فبرهنت على غبائها من جديد، ?وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ(21)? (يوسف)، لقد كانت خطة الصهيونية المتحالفة مع أمريكا وباقي قوى الشر في العالم تفتيت المفتت، وتقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ، وإغراق المنطقة في صراعات عِرقية ومذهبية، حتى تكون « إسرائيل » هي القوة الإقليمية العظمى في المنطقة، فتصول فيها وتجول دون رادع، ولكنَّ الله لطيفٌ لما يشاء حين أراد الانتقامَ من فرعون جعل فرعون يتبنَّى موسى عليه السلام ويتعهَّده في قصره ليكون له عدوًّا وَحَزَنًا. كان الشاه هو العميلَ الأولَ لأمريكا في المنطقة وحين استقبله الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر في البيت الأبيض وقال له: أنت جزيرة الأمان في بحر من الفوضى، قامت الدنيا على الشاه ولم تقعد، حتى ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وحين انتصرت الثورةُ الإسلامية في إيران، جنَّدت لها أمريكا صدام حسين وعملاءها العرب ليكسروا حدتها فانكسروا هم، وسلط عليهم ربك صدام حسين نفسه حين احتل الكويت، ثم جندتهم أمريكا بعد ذلك ضد صدام ليخرجوه من الكويت، ثم جندتهم مرة ثالثة ليحتلوا العراق أليس هذا تصديقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: « من أعان ظالمًا سلَّطه الله عليه » (1). كنتُ أضع يدي على قلبي خوفًا على مستقبل الإسلام حين نجحت أمريكا والموساد « الإسرائيلي » في تأجيج الفتنة الطائفية في العراق، ولكنَّ الله لطيفٌ لما يشاء، حين تعرَّضت حماس للضغط « الإسرائيلي » الأمريكي الخانق اقتصاديًّا وعسكريًّا، وصاحب هذا الضغطَ خيانةُ الأنظمةِ العربيةِ العميلة، قيَّض الله لها حزبَ اللَّه لكي يجعلَ من بعد ضيق فرجًا، وهنا تكون المعونة من الله سبحانه وتعالى؛ فحركة حماس (سنية) وحزب الله (شيعي) فأراد الله سبحانه أن ينصرَ هؤلاء بهؤلاء حتى تتوقَّف هذه الفتنة ويوقنَ الجميع أنها من كيدِ الأعداء، وأن الصراع الحقيقي هو بين الإخلاص والنفاق، بين مَن قاوم الاحتلال ومَن تعلَّق بأذياله، هنا وقعت المعجزة والله لطيف لما يشاء، فانقطعت الفتنة الطائفية في العراق، والتي كادت أن تتحول لحرب أهلية لولا عناية الله. إن الحرب الدائرة الآن في فلسطين ولبنان هي حربٌ مفتوحةٌ على جميع الاحتمالات، وقد تتسع وقد لا تتسع، وسواء أكان هذا أو ذاك فإن النتيجة واحدة هي تحطم المشروع الصهيوني الأمريكي، والفارق الوحيد- من وجهة نظري- هو في سرعة هذا التحطم. والذي أقصده بالاتساع هو أن يمتدَّ العدوان « الإسرائيلي » إلى سورية، وربما إيران، بل إن مجرد امتداده إلى سورية سيجعل إيران في قلب الصراع؛ لأنها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا تعرَّض حليفها السوري للهجوم، وهذا سيسارع بنهايةِ المشروع الصهيوني، وتتابع أحداث آخر الزمان التي بَشَّرَ بها المصطفى- صلى الله عليه وسلم- من وقوع الملحمةِ الكبرى بين اليهود والمسلمين أو الحرب الفاصلة بين الإسلام والكفر، وإذا تحطَّم العدوان « الإسرائيلي » على صخرة المقاومة اللبنانية فسوف تنكفئ « إسرائيل » على نفسها لتدخلَ مرحلةَ الموت الإكلينيكي مثل المرض الذي يعاني منه شارون ولن تقوم لها قائمة بعد ذلك. ولعل هذا في ذاته هو ما يدعوني إلى ترجيحِ اتساع نطاق هذه الحرب، لأن « إسرائيل » تدرك جيدًا أن انكسارَها معناه نهايتها، وأن الوقتَ ليس في صالِحها؛ فالآن القوات الأمريكية متواجدة في المنطقة لحمايتها- وإن كانت عاجزةً عن حماية نفسها- والإدارة الأمريكية تساندها بكلِّ قوة، والأمم المتحدة المملوكة لأمريكا تقدَّم لها الغطاءَ اللازمَ، والأنظمة العربية العميلة تساندها أو إن شئت الدقة تحول بين الشعوب المتحفزة والمتحرقة شوقًا للجهاد وبين ما تبتغيه، وتقيِّد هذا الماردَ الجبَّارَ حتى لا ينهض من عقاله، فإذا لم تستغل « إسرائيل » هذه الفرصة الآن فإنها لن تتكرَّر، كل هذا رغم علمها التام بأنها مغامرةٌ محفوفةٌ بالمخاطر من كل جانب، وأن كل حماقة منها سوف تزيد جذوةَ المقاومة اشتعالاً وروحَها توهجًا رغم القهر والقيود التي تمارسها هذه الأنظمة المنبطحة والتي تقف في خنق الأعداء. لقد سقط المشروع الأمريكي الصهيوني في وحل العراق، وأرادت الأنظمة العربية- خاصة هذا الثالوث غير المقدس، مصر والسعودية والأردن- أن تقوم بدور الرافعة التي ترفع هذا المشروع من وَحْلِ العراق، لكنها بخيارها هذا قد أثبتت غباءها للمرة الألف، فسوف يسقط هذا المشروع لا محالة- بإذن الله- وسوف تنتهي هي إلى مزبلة التاريخ، مُشَيَّعَةً بلعنة الله والملائكة والناس أجمعين، حتى بلعنات أمريكا التي اختارت أن تلعقَ حذاءَها، فلا كرامةَ لخائن، وما مصير الشاه ببعيد، فقد كان في نهاية حياته كالبعيرِ الأجرب ينبذه الجميع حتى من باع وطنه لهم، فقد دسَّت له أمريكا السمَّ، لكنَّ اللَّهَ لطيف لما يشاء، وقد شاءت حكمته أن يعميَ أبصارَهم فلا يرون الحقيقة بل يغرقون في الوهم الذي يظنونه عقلاً وحكمة كما قال فرعون: ?قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ(29)? (غافر) ولكنه في حقيقة الأمر يقودهم إلى جهنم، ?يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ(98)? (هود) بل إن حال هؤلاء أسوأ من حال فرعون؛ لأنهم يوردون قومهم لا فقط جهنم في الآخرة بل وقبلها الذل والهوان في الدنيا، فهؤلاء لا يستأسدون إلا على شعوبهم بعد أن حوَّلوا بلادَهم إلى سجن كبير، والسجن هو المكان الطبيعي لرجل شريف في أمة مستعبدة، لكنَّ هذه الأمة بدأت تنهض، ويوم تحررها أصبح قاب قوسين أو أدنى، لكنَّ المنافقين لا يعلمون.
*الغزالي لمبارك: أنت مش ربنا!! عصام تليمة المصريون / للأزهر وشيوخه وأبنائه تاريخ عريق في النصح للحاكم، والتصدي له عند فساده، وتصحيح مسار حكمه، بل كان حاكم مصر من قبل لا يختار إلا إذا وافق عليه علماء الأزهر، وكانت لجنة الفتوى بالأزهر تسمى (لجنة الثورة) لكثرة خروج الفتاوى منها ضد الطغيان، وكثرة ثورتها على الظلم. ولم تكن هذه الصفحة تاريخا مضى، بل رأينا في عصرنا الحديث من علماء الأزهر من وقف للحاكم بالمرصاد، لا يفوت له الخطأ، ولا يتركه دون تصويب، أو قول كلمة الحق، أقول هذا الكلام لأننا أصبحنا نلتفت يمنة ويسرة فنرى علماء الأزهر ـ إلا ما رحم ربي ـ قد انسحبوا من الساحة، ومن التفاعل مع قضايا الناس الحية، وأريد أن أذكر نفسي وأساتذتي وإخواني من الأزهريين بما كان من مواقف بعض العلماء الذين رحلوا عن دنيانا منذ بضع سنوات أو أكثر قليلا، من باب تصحيح الصورة المشوهة العالقة بأذهان البعض، ومن باب الاقتداء بهم في ذلك. الموقف الأول للشيخ إسماعيل صادق العدوي رحمه الله، خطيب الجامع الأزهر، والذي ظل خطيبا له عدة سنوات، إلى أن خلعوه من المسجد، ليرتقي منبر الأزهر بدلا منه الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر، وكان الشيخ إسماعيل صادق العدوي يفسر قوله تعالى: (ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) الأعراف: 34 في درس التفسير الذي كان يلقيه كل يوم اثنين، وكان ذلك مساء يوم الاستفتاء على تجديد فترة ولاية الرئيس مبارك الثالثة، وأراد الرجل أن يتكلم في الموضوع ولو تعريضا، ولكن الآية التي يفسرها لا تمت من قريب أو بعيد بالسياسة، فاحتال الرجل بذكاء الأزهري المحنك، فقال: كنت أركب القطار مع فضيلة الشيخ البنا رحمه الله، وجاءت محطة وصولنا، فقال لي الشيخ البنا: يا شيخ إسماعيل، القطار والسفر كالحياة والموت والمناصب، إذا جاءت محطتك لا بد من نزولك، ثم أخذ الشيخ إسماعيل صادق العدوي يركز ويشدد ويعيد ويكرر، على هذا المعنى بهذه العبارة، قائلا باللغة العامية: يعني إذا جت محطتك انزل، كفايه علينا كده انزل، خلاص محطتك جت انزل، ولا عايز تركب محطتك ومحطة غيرك!! وقد ضج المسجد بالضحك وقد وصلهم المعنى الذي يريده الشيخ، إلا رجل ساذج مسكين، قال: الله يرحمه، فسأله الشيخ العدوي: هو مين؟ قال الرجل: الشيخ البنا، فقال الشيخ العدوي بغيظ: ويرحمك انت كمان!! والموقف الآخر للشيخين الشعراوي والغزالي رحمهما الله، فقد كان من الضروري أن يهنأ الرئيس مبارك بسلامته ونجاته من محاولة اغتيال في أديس أبابا، واجتمع في يوم التهنئة ومكانها علماء المسلمين وكهنة النصارى، ووقف الشيخ الشعراوي يقول كلمته القوية التي يحفظ معظم الشعب المصري ما جاء فيها: لن أختم حياتي بنفاق وأنا أقف على عتبة الآخرة، اسمع يا سيادة الرئيس: إن كنت قدرنا فنسأل الله أن يعيننا على هذا القدر، وإن كنا قدرك، فأعانك الله علينا، أسأل الله أن تكون هذه الحادثة سببا لتطبيق منهج الله وشرعه، إلى آخر ما قال رحمه الله. وقال الشيخ الغزالي كلمة عابرة ظن الجميع أنها كانت أضعف الكلمات، ولكن ما حدث بعد الكلمة كان أقوى مما قاله الشيخ الشعراوي والجميع، فقد حدث حادث مهم للغزالي مع الرئيس مبارك، ولكنه موقف غير معلن، ولم يعلنه الغزالي، وقد أسر به إلى أستاذنا الدكتور محمد سليم العوا، وحدثني به، فرأيت من الإنصاف للغزالي نشر الموقف، وهو كالتالي: بعد انتهاء الجميع من الكلام جاء مندوب من مكتب الرئيس ليطلب من الشيخ الغزالي والشيخ الشعراوي والشيخ جاد الحق شيخ الأزهر، فانتظروا في غرفة أُجلسوا فيها ودخل الرئيس مبارك عليهم، وكان المكان الخالي على أريكة في ناحية فيها الشيخ الغزالي، وجلس الرئيس في الناحية الأخرى، وبعد مجاملات معتادة قال الرئيس للشيخ الغزالي، وهو يربت على ركبته: ادع لي يا شيخ غزالي، أنا حملي ثقيل، أنا مطلوب مني كل يوم الصبح أوكل (أطعم) سبعين مليون. قال الشيخ الغزالي: لم أشعر بنفسي وهو يقول ذلك، واستعدته الكلام: انت بتقول إيه؟! فكرر عبارته: أنا مطلوب مني كل يوم أوكل سبعين مليون. يقول الغزالي: فوجدت نفسي أنفجر فيه لأقول له: انت فاكر نفسك مين؟ إياك انت فاكر روحك ربُّنا! هو انت تجدر (تقدر) توكل نفسك! يا شيخ اسكت. وانت لو جت (جاءت) دبانه (ذبابة) على أكلك تأكله ولا تجدر (تقدر) تعمل فيها حاجه! قال الشيخ الغزالي: فارتبك الرجل وتغير لون وجهه، وقال لي: أنا قصدي من الكلام المسؤولية التي علي. قال الشيخ الغزالي: ولم أكن قد سمعته جيدا فأكملت: مسؤولية إيه؟! المسؤولية على اللي يجدر (يقدر) واحنا كلنا في إيد ربنا. انت بكتيره .. بكتيره .. تدعي وتقول: يا رب ساعدني. لكن تقول: اوكلهم، وكِّل نفسك. قال الشيخ الغزالي: فوضع الرجل يده على ركبتي مرة أخرى وقال: استنى يا شيخ محمد، استنى، انت يمكن مش فاهمني. فقال له الغزالي: مش مهم افهمك، المهم انت تفهمني. يا أخي (وفي السماء رزقكم وما توعدون). (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) (أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون) فسكت الرجل ونظرت إلى وجهه وهو متحير، فأدركت ما فعلت، وأفقت، فنظرت إلى الشيخين لعل أحدهما يعينني، فوجدت أكبرهما سنا قد أسند ذقنه على عصاه، وأغمض عينيه، ووجدت أكبرهما مقاما قد أسند رأسه إلى مقعده وأغمض عينيه تحت نظارته التي نصفها ملون ونصفها الآخر أبيض، وأكمل الرئيس كلامه بما يشبه الاعتذار عما قال، والرضا بما كنت أقوله، وجامل كلا من الشيخين بكلمة، ثم قمنا لنخرج فأوصلنا إلى باب السيارة، فأسرع أحد الشيخين فجلس إلى جوار السائق، ودار الثاني ليركب من الباب خلف السائق، وكنت أنا أبطأهم خطوة، فمشى الرئيس إلى جواري حتى بلغنا باب السيارة فمددت يدي لأفتحه فإذا بالرئيس يسبقني ليفتحه لي، فحاولت منعه من ذلك، وأمسكت بيده وقلت له: أرجوك يا سيادة الرئيس لا تفعل. فقال: هذا مقامك يا شيخ محمد… أنا والله أحبك يا شيخ محمد ادع لي. ركبت السيارة وأغلق هو الباب، وبقي واقفا إلى أن تحركت السيارة فأشار إلي مودعا، وانطلقت السيارة والشيخان صامتان لم يتكلم أي منهما بكلمة حتى أوصلناهما واحدا بعد الآخر، ثم أوصلني السائق إلى بيتي. وفي نفس الليلة أو في صباح ثاني يوم هاتفاني كل منهما على انفراد ليدعو له ويقول له: لقد قمت بفرض الكفاية عنا يا شيخ غزالي، ويضحك الشيخ ضحكة طويلة من ضحكاته الطفولية التي يعرفها محبوه، ثم قال لي: اسمع يا محمد (أي دكتور محمد سليم العوا) احفظ هذه الحكاية، ولا تحكها إلا بعد موتي، فإني أرجو أن يكون ما قلته لهذا الرجل في الميزان يوم القيامة، وأن يدعو لي بعض من يعرفونه دعوة تنفعني إذا فارقت الأهل والأحبة. هذه بعض مواقف لعلماء الأزهر الأحرار مع الرئيس، ولو استزادني القراء لزدتهم، وهو غيض من فيض، فعلى ذلك فلنسر، فلم يكونوا أكثر منا يدا ولا رجلا، وما كانوا يطمعون في شيء إلا رضا الله سبحانه وتعالى، أسأل الله أن يعيد هذه الصفحة المطموسة من تاريخ أزهرنا العريق. انتهي
تقرير معلومات حول المجازر الإسرائيلية
من 1947 حتى قانا 2006
أبرز المجازر الإسرائيلية من العام 1947 إلى قانا 2006 نادية سعد الدين، عمان:
تشكل مذبحة قانا الثانية التي اقترفتها قوات الاحتلال امتداداً لعدوان متواصل منذ نصف قرن ونيف من الزمن. وفيما يلي عرض لأبرز عمليات القتل والمجازر الإسرائيلية: – مذبحة قريتي الشيخ وحواسة في 31 كانون الأول/ ديسمبر 1947 التي أسفرت عن سقوط نحو 30 شخصاً بين قتيل وجريح معظمهم من النساء والأطفال. – مذبحة قرية سعسع في 14 – 15 شباط/ فبراير 1948 التي أسفرت عن تدمير 20 منزلاً فوق رؤوس ساكنيها واستشهاد 60 عربياً معظمهم من النساء والأطفال. – مذبحة رحوفوت في 27 شباط/ فبراير 1948 في مدينة حيفا حيث تم نسف قطار القنطرة الأمر الذي أسفر عن استشهاد 27 عربياً وجرح 36 آخرين. – مذبحة كفر حسينية في 13 آذار/ مارس 1948 حيث قامت الهاجاناة بالهجوم على القرية وتدميرها، مما أسفر عن استشهاد 30 عربيا. كما اقترفت في السابع والعشرين من الشهر نفسه مذبحتين في الموضع ذاته أسفرتا عن استشهاد 64 عربياً وجرح أكثر من 120 آخرين. – مذبحة دير ياسين في التاسع من نيسان/ ابريل 1948 التي ارتكبتها منظمتان عسكريتان صهيونتان هما الآرجون وشتيرن وقد راح ضحيتها زهاء 260 عربياً من أهالي القرية العزل، وبعد الاستيلاء على القرية قامت باقتراف شتى انواع التنكيل ضد الشعب العربي الفلسطيني، حيث أوقفوا العشرات من أهالي القرية صوب الحائط وأطلقوا النار عليهم كما قامت القوات الصهيونية بعمليات تشوية ضد بعض العرب، وألقت بنحو 53 من الأطفال الأحياء وراء سور المدينة القديمة. – مذبحة ناصر الدين في 14 نيسان/ ابريل 1948 حينما فتحت قوات من الوحدات العسكرية الصهيونية السرية « المستعربين » نيران أسلحتها على أهالي القرية المدمرة بالكامل حيث لم ينجُ منهم سوى 40 عربياً استطاعوا الفرار إلى القرية المجاورة. وفي أوائل تموز (يوليو) اقترفت قوات البالماخ مذبحة أخرى في اللد وأسفرت عن استشهاد 250 فلسطينياً مدنياً. – مذبحة قلقيلية في 10 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1953 أسفرت عن استشهاد نحو 70 من السكان ومن أهل القرى المجاورة الذين هبوا للنجدة. وفي الخامس عشر من الشهر ذاته أغار جنود تابعون للجيش الإسرائيلي بقيادة أرئيل شارون على قرية قبية التي تقع شمال القدس تحت إدارة الأردن، وقصفوها بصورة مركزة كما قامت عناصر أخرى بتدمير عدد من منازل الفلسطينيين على من فيها، وقد أسفرت المذبحة عن سقوط 69 شهيداً منهم نساء وأطفال وشيوخ ونسف 41 منزلاً ومسجداً بينما أبيدت أسر بكاملها. – قامت قوة من الجيش الإسرائيلي في 29 من آذار/ مارس 1954 بالتوغل في أراضي الضفة الغربية حتى وصلت إلى قرية مخالين بالقرب من بيت لحم حيث ألقت كمية من القنابل على تجمعات السكان وثبتت الألغام في بيوت القرية، وقد أسفرت المذبحة عن استشهاد 14 عربياً وجرح 14 آخرين. وفي الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر من العام نفسه أطلق الجنود النيران على ثلاثة أطفال من قرية يالو لقوا حتفهم على الفور. – مذبحة قطاع غزة في الثاني من شباط/ فبراير 1955 التي ذهب ضحيتها 39 شهيداً و33 جريحاً، وفي الرابع والخامس من نيسان/ابريل من عام 1956 قصفت مدافع الجيش الإسرائيلي مدينة غزة حيث استشهد 56 عربيا وجرح 103 آخرون. وفي الثلاثين من أيار/مايو من العام ذاته اقترفت القوات الصهيونية مذبحة أخرى في مدينة خان يونس ذهب ضحيتها 20 شهيدا وجرح 20 آخرون أعقبته بعدوان آخر في الأول من أيلول/ سبتمبر من عام 1955 استشهد جراؤه 46 عربياً وجرح 50 آخرون. – قامت قوات الاحتلال الصهيوني في 11 و12 من شهر أيلول/ سبتمبر 1956 بنسف مركز شرطة ومدرسة في قرية الرهوة أسفر عن استشهاد 15 عربيا، وفي 29 تشرين الأول/أكتوبر من ذات العام اقترفت إسرائيل مذبحة كفر قاسم التي ذهب ضحيتها 67 شهيداً و143 جريحا جميعهم من المدنيين. وفي الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر من العام نفسه وقعت مذبحة خان يونس الثالثة أثناء احتلال الجيش الصهيوني لها أسفرت عن استشهاد نحو 275 شهيداً. كما اقترف مذبحة رفح في الثاني عشر من الشهر ذاته أسفرت عن استشهاد نحو 111 فلسطينياً. – قصفت القوات الإسرائيلية في 16 – 17 آذار/ مارس 1962 قرية النقيب السورية وقتلت 30 شخصاً. – شنت القوات الإسرائيلية في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 1966 هجوماً على قرية السموع في منطقة جبال الخليل فنسفت 125 منزلاً وبناية بينها مدرسة وعيادة طبية ومسجد، كما قامت في حزيران/ يونيو بهدم 144 منزلاً وقتل 23 فلسطينياً من المخيم نفسه. – أغارت القوات الإسرائيلية في 12 شباط/ فبراير 1970 على مصنع أبي زعبل مما أسفر عن استشهاد 70 عاملاً وإصابة 69 آخرين عدا عن حرق المصنع نفسه. وفي الثامن من نيسان/ ابريل من العام نفسه قامت الطائرات الإسرائيلية بالهجوم على مدرسة صغيرة لأطفال الفلاحين في قرية بحر البقر المصرية حيث راح ضحيتها 19 طفلاً وجرح 60 آخرون. – وقعت في 16 حزيران/ يونيو 1982 إبان العدوان الإسرائيلي على لبنان مذبحة صيدا التي ذهب ضحيتها حوالي 80 مدنياً ممن كانوا يحتمون بالملاجئ، وفي السادس والثامن عشر من أيلول/ سبتمبر من العام نفسه وقعت مذبحة صبرا وشاتيلا بعد دخول القوات الإسرائيلية بقيادة شارون إلى بيروت، وإحكام السيطرة على القطاع الغربي منها وقد أسفرت عن استشهاد 1500 شهيد من الفلسطينيين واللبنانيين العزل. – مذبحة عين الحلوة التي نفذتها قوات الجيش الإسرائيلي في 16 أيار/ مايو 1984 عشية الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، والتي أسفرت عن سقوط 15 فلسطينياً بين قتيل وجريح عدا عن تدمير 140 منزلا واعتقال 150 شخصا. وفي 20 أيلول/ سبتمبر من العام نفسه داهمت القوات الإسرائيلية قرية سحمر الواقعة جنوب لبنان والتي أسفرت عن نحو 13 شهيداً و40 جريحاً. – شنت الطائرات الإسرائيلية في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 1985 غارة على منطقة حمامات الشط جنوبي العاصمة التونسية لضرب مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية، وقد أسفرت عن سقوط 50 شهيداً و100 جريح من السكان المدنيين من تلك المنطقة. – تجسد العنف الصهيوني في التدابير والممارسات التي اقترفتها القوات الإسرائيلية من أجل قمع الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في كانون الأول/ ديسمبر 1987 والتي أسفرت عن سقوط ألف شهيد ونحو 90 ألف جريح و15 ألف معتقل، فضلاً عن تدمير ونسف 1228 منزلاً واقتلاع 140 شجرة من الحقول والمزارع. كما تجسد مجدداً في انتفاضة الأقصى عام 2000 التي أسفرت عن استشهاد أكثر من 4500 فلسطيني واعتقال نحو 9000 أسير في سجون الاحتلال. – لم تغير اتفاق أوسلو 1993 من طبيعة الكيان الصهيوني القائم على العنف، ففي 25 شباط/ فبراير عام 1994 سمحت القوات الإسرائيلية التي تقوم على حراسة الحرم الإبراهيمي الشريف بدخول المستوطن اليهودي باروخ جولدشتاين من حركة كاخ العنصرية إلى الحرم وهو يحمل بندقية أوتوماتيكية حيث شرع بقتل المصلين مما أسفر عن استشهاد 60 فلسطينيا وإصابة عشرات آخرين، كما قتلت قوات الاحتلال 53 شهيدا من المتظاهرين. – في 28 من نيسان/ ابريل من عام 1996 وقعت مذبحة قانا التي كانت جزءا من عملية كبيرة سميت « بعناقيد الغضب » حينما قامت قوات الاحتلال بضرب موقع قانا الذي كان يضم 800 لبناني وأسفر ذلك عن مقتل 250 لبنانياً منهم 110 في قانا وحدها فيما بلغ الجرحى 368 بينهم 359 مدنياً. وقد أقدمت تلك القوات على عدوان مماثل طال ذات المكان وأسفر عن استشهاد 57 لبنانياً في إطار حرب إسرائيلية على لبنان دخلت أسبوعها الثالث على التوالي.
الغد الأردنية 31/7/2006
قانا 96: القصة الكاملة في الوثائق الدولية
عمان- الغد: بين 11 و26 نيسان/ ابريل 1996 نفذت إسرائيل حرباً دموية على لبنان شنت خلالها أكثر من500 غارة جوية، وأطلقت مدفعيتها 23 ألف قذيفة مدفعية ثقيلة، وتوجت هذه الحرب بمجازر متنقلة استهدفت عائلات بكاملها جلّ ضحاياها من الأطفال، وكانت المذبحة الكبرى في مركز قيادة الكتيبة الفيجية الكائن في بلدة قانا قضاء صور، الذي كان يأوي مئات العائلات الجنوبية التي لجأت من القرى المجاورة إلى المركز للاحتماء فيه من القصف العنيف، إذ قام الجيش الاسرائيلي صبيحة 18 نيسان بقصف المركز بقنابل محرمة دولياً، مما أدى إلى سقوط 104 شهداء في مجزرة رهيبة روّعت الحس البشري لفظاعتها، وأبكت ملايين الأشخاص في العالم، حين شاهدوا على شاشات التلفزيون الأجساد المبتورة والمختلطة، والمتفحمة، لأطفال رضع ونساء وفتيان وشبان وشيوخ. لم يتحمل المجتمع الدولي هذه المشاهد، فسارع إلى التدخل لوقف العدوان الإسرائيلي بعدما كان يتعامل ببرودة وتحيز إلى الجانب المعتدي، وأمكن التوصل إلى لجم هذا العدوان عبر اتفاق سمي « تفاهم 26 نيسان » والذي انبثقت منه مجموعة تضم ممثلين للولايات المتحدة وفرنسا وسورية ولبنان وإسرائيل لمراقبة التقيد به ومنع التعرض للمدنيين. وكان العدوان قد أسفر عن استشهاد 169 شخصاً وجرح 453، وتدمير البنى التحتية في معظم قرى الجنوب، ومحطات الكهرباء الأساسية في بيروت، التي استهدفتها الغارات للمرة الأولى منذ غزو العام 1982. تقرير الأمم المتحدة حول مجزرة قانا 96 أوفد الأمين العام للأمم المتحدة في ذلك الوقت الدكتور بطرس غالي إلى جنوب لبنان مستشاره العسكري الذي وضع تقريراً ميدانياً عن مجزرة قانا، وأحاله الى أعضاء مجلس الأمن. ونشر غالي لاحقاً مضمون هذا التقرير الذي يحمّل إسرائيل تبعة قصف المدنيين عمداً داخل مجمع الأمم المتحدة، رغم الضغوط الأميركية الإسرائيلية الشديدة عليه لتثنيه عن ذلك. وهذا نصه: رسالة من الأمين العام إلى رئيس مجلس الأمن أتشرف بأن أحيل على أعضاء مجلس الأمن التقرير الذي قدمه إلي مستشاري العسكري الميجر ـ جنرال فرانكلين فان كابن، عقب المهمة التي قام بها في لبنان وإسرائيل وكنت قد اتخذت قراري بإيفاد البعثة في ضوء الأحداث المأساوية التي وقعت في قانا في 18 نيسان (ابريل) 1996، والتي قتل خلالها ما يربو على 100 مدني لبناني في مقر الكتيبة الفيجية التابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان. وسيلاحظ أعضاء المجلس أن البعثة قد سعت إلى أن تتثبت قدر الإمكان، من الوقائع المحيطة بهذه الأحداث. وقد أجرى الجنرال فان كابن مناقشات مستفيضة مع قادة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، ومع السلطات اللبنانية والإسرائيلية، ومع شهود العيان. وكما يتبين من التقرير، فإن نسق سقوط القذائف في منطقة قانا يجعل من غير المرجح أن يكون قصف مجمع الأمم المتحدة نتيجة أخطاء تقنية، و/أو إجرائية، وإن كان لا يمكن استبعاد هذا الإمكان تماماً. ويقول الجيش الإسرائيلي، من ناحيته، إن الحادثة قد نجمت عن سلسلة من أخطاء العمليات وجوانب القصور التقنية، التي اقترنت بالمصادفة. وأنني لأنظر بأشد القلق إلى قصف موقع القوات الفيجية بالشكل نفسه الذي أنظر به إلى أي أعمال عدائية موجهة إلى أي موقع من مواقع الأمم المتحدة لحفظ السلام. غير أن هذه الحادثة هي أخطر شأناً من كل الحوادث، لأن مدنيين، فيهم نساء وأطفال، قد لجأوا إلى مجمع الأمم المتحدة في قانا. وإنني أرحب باتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن في 26 نيسان/ ابريل 1996، وآمل بشدة أن تؤدي استعادة الهدوء في المنطقة إلى تعزيز احتمالات المفاوضات المفضية إلى تسوية سلمية شاملة تحول دون وقوع مزيد من الأحداث المأساوية. وفي غضون ذلك، أًصدرت تعليماتي إلى قائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان الميجر ـ جنرال ستانيسلاف فوزنياك بتعزيز التعاون مع حكومة لبنان والقوات المسلحة اللبنانية من أجل الحفاظ على السلام والإستقرار في منطقة عمليات قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان. كما أصدرت تعليمات بوضع ترتيبات مع السلطات الإسرائيلية لضمان عدم إطلاق النار مستقبلاً على مواقع الأمم المتحدة في لبنان. ويظل من الأهمية القصوى أن يكفل أطراف هذا النزاع ألا يصبح المدنيون الأبرياء ضحايا للأعمال العدائية. ونظراً إلى خطورة الأحداث التي وقعت في قانا، قررت إحالة التقرير على مجلس الأمن. تقرير مقدم من المستشار العسكري للأمين العام في شأن قصف مجمع الأمم المتحدة في قانا 18 نيسان/ ابريل 1996. مقدمة: ـ في 18 نيسان/ ابريل 1996، بعد الساعة الثانية ظهرا بالتوقيت المحلي بقليل، أطلقت المدفعية الإسرائيلية نيرانها على مجمع مقر الكتيبة الفيجية التابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان. وفي ذلك الوقت، كان ما يربو على 800 لبناني قد لجأوا إلى داخل المجمع في قرية قانا. ويقدر أن 100 شخص قد قتلوا وأصيب عدد أكبر بجروح، وأصيب أربعة من جنود الأمم المتحدة بجروح، وحدثت أضرار واسعة النطاق. ـ وفي اليوم ذاته، تلقيت توجيهاتكم بأن أسافر إلى المنطقة للتحقيق في الحادثة وتحديد الخطوات التي يمكن اتخاذها للحيلولة دون تكرارها. ـ وغادرت نيويورك مساء 18 نيسان/ ابريل، ووصلت في 20 نيسان/ أبريل إلى مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان في الناقورة. حيث أحاطني الميجور جنرال ستانيسلاف فوزنياك قائد القوة ومعاونوه علماً بالأوضاع. وكان بصحبتي اللفتنانت كولونيل جينري دودس من معاوني وساعدني في الميدان اثنان من ضباط قوة الأمم المتحدة على دراية فنية بالمدفعية والعتاد الحربي. ـ قمت مع الفريق المرافق لي بزيارات عدة لمجمع الأمم المتحدة في قانا، واجتمعت مع قائد الكتيبة الفيجية، وأفراد الاحتياط المتنقل التابع للقوة وضباط الجيش اللبناني وغيرهم. وتم إجراء عملية مسح مفصلة للمنطقة. وفي بيروت، اجتمعت مع وزير الدفاع اللبناني السيد محسن دلول ومع قائد الجيش العماد إميل لحود يوم 22 نيسان/ ابريل. ـ وعقدت ثلاثة اجتماعات مع ممثلي الجيش الإسرائيلي. أولاً: مع نائب رئيس هيئة الأركان العامة، الميجور جنرال ماتان فيلنائي في21 نيسان/ أبريل، ثم مع رئيس هيئة الأركان العامة اللفتنانت ـ جنرال أمنون شاحاك في 25 نيسان/ أبريل، ومع قائد القيادة الشمالية، الميجور ـ جنرال عميرام ليفين في 25 نيسان/ أبريل وإضافة إلى ذلك، قمت بزيارة كتيبة المدفعية الإسرائيلية التي نفذت القصف في 21 نيسان/ ابريل. مسح منطقة سقوط القذائف: أسفر المسح التقني لمواقع سقوط القذائف الإسرائيلية عن المعلومات الآتية: (أ) تبين سقوط ست وثلاثين قذيفة في منطقة قانا، وعثر على شظايا قذائف عيار 155 ملليمتراً في كل أنحاء مجمع الأمم المتحدة. وكان توزيع مرامي القذائف غير متساو، فقد كانت هناك منطقتان متميزتان تركزت فيهما القذائف وكانت هناك طلقتان طائشتان. (ب) كانت المنطقة الأولى التي تركز فيها سقوط القذائف على بعد نحو 100 متر جنوب مجمع الأمم المتحدة. وهي مجموعة من المنازل التي تقع على بعد نحو 75 متراً شمال غرب موقع إطلاق قذائف الهاون. وسقط جنوب مجمع الأمم المتحدة ما مجموعه 17 قذيفة (16 ذات مصهر ينفجر عند الارتطام بالهدف، وواحدة ذات مصهر اقترابي). (ج) وكانت المنطقة الثانية التي تركز فيها سقوط القذائف في وسط مجمع الأمم المتحدة. ونظراً إلى عدد الضحايا وحالها، والدمار الناجم عن القصف ، كان يتعين القيام فوراً بعملية تنظيف رئيسية بعد انتهاء القصف، وأدى ذلك إلى ضياع أدلة مهمة. غير أنه كانت هناك أدلة لا بأس بها على ذخائر مدفعية متعددة ذات مصاهر اقترابية انفجرت فوق المجمع مباشرة فغطت جزءاً كبيراً من مساحته. وعلى رغم أنه لا يتسنى تحديد العدد المضبوط، تشير الأدلة المتاحة إلى انفجار ثماني مقذوفات من هذا النوع فوق المجمع وانفجر مقذوف خارجه مباشرة. وهناك أيضاً أدلة على أن خمس مقذوفات شديدة الانفجار من النوع الذي ينفجر لدى اصطدامه بالهدف انفجرت في المجمع وثلاثةً منها بالقرب منه. وخلاصة القول، إنه عثر على أدلة تؤكد حدوث 13 انفجاراً داخل المجمع أو فوقه مباشرة و4 انفجارات قريباً جداً منه. (د) استخدمت تقريباً جميع القذائف ذات المصاهر الاقترابية في منطقة مجمع الأمم المتحدة. (هـ) على رغم القيام بتفتيش جوي وأرضي كبير، لم يعثر على آثار لسقوط قذائف في منطقة الهدف الثاني الذي حددته القوات الإسرائيلية (350 متراً في جنوب ـ جنوب شرق مجمع الأمم المتحدة) على رغم أنه عثر على أدلة تفيذ أنه تم إطلاق صواريخ من موقع قريب منه. ـ أفاد شهود عدة أنه حدث تحول ملحوظ في أثناء القصف في كثافة النيران من منطقة تقع جنوب غرب المجمع (موقع الهاون) إلى المجمع ذاته. ـ ذكر شهود عدة أنهم رأوا طائرة موجهة عن بعد فوق منطقة قانا قبل القصف وخلاله وبعده. وشوهدت طائرتا هليكوبتر على بعد كيلومترين جنوب شرق مجمع الأمم المتحدة في أثناء القصف، وشوهدت طائرة هليكوبتر واحدة بالقرب من المجمع بعد انتهاء القصف. وقد سجل وجود طائرة هليكوبتر واحدة وطائرة موجهة عن بعد على شريط فيديو صور الجزء الأخير من القصف. وقد قام بتصوير الفيديو فرد من الاحتياط المتنقل التابع للقوة من مكان يطل على مجمع الأمم المتحدة في قانا على بعد نحو 1,5 كيلومتر. والطائرة الموجهة عن بعد التي تم تصويرها هي من النوع القادر على نقل البيانات آنياً. النتائج: وفي ما يأتي النتائج التي خلصت إليها: (أ) يتبين من توزيع مواضع سقوط القذائف في قانا أن هناك منطقتين متميزتين للتركيز. والنقطتان الرئيسيتان لسقوط القذائف فيهما تبعد إحداهما عن الأخرى نحو 140 متراً، ولو كانت المدافع مصوبة على أٍساس تجميع النيران في اتجاه واحد، كما قالت القوات الإسرائيلية، لكانت هناك نقطة رئيسية واحدة فقط لسقوط القذائف. (ب) نمط مواضع سقوط القذائف لا يتفق مع تجاوز الضرب العادي للهدف المعلن (موقع لمدفعية الهاون) بطلقات قليلة، كما ذكرت القوات الإسرائيلية. (ج) في أثناء عملية القصف، كان هناك تغيير ملموس في تركيز النيران من موقع مدفعية الهاون إلى مجمع الأمم المتحدة. (د) توزيع مواضع سقوط القذائف التي تنفجر عند الإصطدام والإنفجارات التي حدثت في الجو يجعل من غير المحتمل حدوث استخدام عشوائي للقذائف ذات المصاهر التي تنفجر عند الإصطدام والقذائف ذات المصاهر التي تنفجر عند الإقتراب من الهدف، كما قالت القوات الإسرائيلية. (هـ) لم تكن هناك صدمات في المنطقة المستهدفة الثانية التي زعمت إسرائيل أنها قد قامت بقصفها. (و) وعلى النقيض من الإنكارات المتكررة، كانت طائرتا هليكوبتر إسرائيليتان وطائرة موجهة عن بعد في منطقة قانا عند القصف. وعلى رغم عدم إمكان استبعاد هذا الإحتمال استبعاداً تاماً، فإن من غير المحتمل أن يكون قصف مجمع الأمم المتحدة نتيجة أخطاء تقنية و/أو إجرائية جسيمة. منع التكرار: في 19 نيسان « ابريل »، أبلغ الجنرال لوفين الجنرال فوزنياك اتخاذ القوات الإسرائيلية احتياطات جديدة في ما يتصل بإطلاق النار على أهداف مجاورة لمواقع الأمم المتحدة، وأوصى بمراجعة هذه التدابير وتأكيدها على الصعيد السياسي. (المصدر: صحيفة الغد الأردنية الصادرة يوم31 جويلية 2006)
عبد الرحمان كريم نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان السابق لـ«الصباح»
عقـد مؤتمــر الرابطــة ممكــن
تونس ـ الصباح تقدمت مجموعة من النشطاء في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان من مختلف الاجيال (130 شخصية) بنداء موجه «إلى كل الاطراف» يهدف إلى الخروج بالرابطة من المأزق الحالي..
ومن أبرز من وقعوا على النداء الاستاذ عبد الرحمان كريم المحامي ونائب رئيس الرابطة من 1989 الى 2000.. ورئيس لجنة الحريات بها..
وقد التقينا الاستاذ عبد الرحمان كريم لمعرفة تفاصيل عن هذه المبادرة وأهدافها ومحتواها فكان الحديث التالي:
* أولا ما هو محتوى هذه المبادرة وماهو توجهها العام؟
ـ نحن نعتقد أن كل مناضلي الرابطة يعتبرونها مؤسسة تلعب دور مدرسة نموذجية للنضال الديمقراطي.. ومدافعا أساسيا عن قضايا الحق والحرية والمواطنة.. من منطلق وطني وانساني.. وبالتالي فان المحافظة على الرابطة والدفاع عنها مسألة تلتقي حولها كل الاطراف من منخرطي الرابطة وأصدقائها من كل الاجيال.. وكل من هم في حاجة الى مواصلتها الاضطلاع بدورها وأداء رسالتها.. لذلك نعتبر أن توقف الرابطة عن نشاطها اوتقلصه.. لا يخدم مصلحة أحد..
وفي هذا السياق جاءت هذه المبادرة التي توجهنا بها الى 4 أطراف وهي المنخرطين والهيئة المديرة ومؤسسي الرابطة وقدمائها والسلطة..
ودعت مبادرتنا المنخرطين الى «تجاوز موقف الصمت وفتح حوار رابطي معمق بينهم وبين هياكل الرابطة قصد مناقشة كل المسائل الجوهرية الخلافية قصد رسم منهج واضح للرابطة في حاضرها ومستقبلها»..
وبالنسبة للهيئة المديرة دعوناها الى «تثبيت خيار الحل الرابطي المستقل» ونعني بذلك اعادة النظر في بعض قراراتها التي لم تلق اجماعا داخل الرابطيين.. واعادة النظر هذه من شانها أن تساعد على ايجاد المخرج المشرف للازمة الحالية..
وبالنسبة للمؤسسين والقدماء ناشدناهم تفعيل دورهم لتسهيل اتخاذ قرارات تيسرالتوصل الى الحل.. كما ناشدت مبادرتنا السلطة التفاعل الايجابي مع جهودنا لاعادة الرابطة الى مرحلة لعب دورها الوطني كاملا.. في ظروف طبيعية.. واعداد المؤتمر الوطني السادس..
تكريس قاعدة الوافق
* لكن هل أن مثل هذه المبادرة لن تعتبر من قبل الهيئة المديرة الحالية نوعا من التشكيك في شرعيتها وما يخوله لها القانون الاساسي من تنظيم المؤتمر على طريقتها دون تدخل؟
ـ لم يفاجئنا فشل المؤتمر السادس في الظروف السابقة.. اذ كان منع انعقاده متوقعا دلت عليه جملة من المؤشرات ومنها الطعون القضائية ومنها بالخصوص الطعن في شرعية قراردمج بعض الفروع ببعضها دون موافقة منخرطي تلك الفروع وهيئاتها..
ونحن نفهم مدلول الاحتكام الى القضاء ومبرراته لكننا نعترض على الالتجاء اليه لحل المسائل الخلافية داخل الجمعيات.. باعتبار الهياكل داخلها وحدها مؤهلة لتقبل طعون المنخرطين وايجاد الحلول الوفاقية لها.. وقد كنا دافعنا عن شرعية الهيئة المديرة المنتخبة في المؤتمر في 29 اكتوبر 2000 ومن نفس المنطلق نعتبر ان الطعن القضائي في عقد المؤتمر السادس وفي شرعية عملية دمج الفروع من شانه تهرئة الرابطة وتهميش دورها وشغلها بالاجراءات القضائية..
على هذا الاساس اعتبرنا مثلا ان الطعن الذي تقدمت به هيئة باب بحر برئاسة الاستاذ محمد الصالح التومي – في قرار الدمج تمش سليم ندعمه.. ونعتقد ـ من منطلق رابطي مؤسسي ـ أن أحد الخطوات الاولى لنجاح مبادرتنا الاستعداد لسحب كل القضايا العدلية الجارية اوالتي صدرت في شانها احكام..
واذا تزامنت هذه الخطوة مع معالجة الهيئة لبقية المسائل الخلافية عبر تكريس قاعدة الوفاق المعمول بها في الرابطة والانطلاق من مرجعياتها وقانونها الاساسي ونظامها الداخلي يكون الحل قريب المنال
ضد اللجوء الى القضاء
* هل يعني كلامكم هذا أنكم ضد حق اللجوء الى القضاء الذي ضمنه الدستور ولجأ اليه نشطاء في عدة نقابات وجمعيات مرارا في تونس وخارجها؟
ـ هناك فرق بين التقاضي العادي.. أي تقاضي المواطنين فيما بينهم أو بين المواطن والادارة.. وهنا فالامر يتعلق فعلا بحق دستوري مشروع.. أما بالنسبة للخلافات داخل منظمات المجتمع المدني فان القانون المنطبق لتسوية الخلافات هو قانونها الاساسي والنظام الداخلي ولا معنى لاي قرار ملزم لهذه الجمعيات ان لم يكن صادرا عن هياكلها الشرعية المنتخبة ديمقراطيا.. اذن فنحن نساند الالتجاء الى الطعن المؤسسي ونعارض الالتجاء الى القضاء لحل الخلافات بين المنخرطين..
احترام الاقلية
* وما اذا لم تحترم الهيئة المديرة أو أقلية أخرى القانون الاساسي والنظام الداخلي؟
ـ من المفترض في كل جمعية تفخر بانتمائها الى المجتمع المدني ان تكون مسيرة تسييرا ديمقراطيا.. تحترم فيه الاقلية قرار الاغلبية وتبقى لهذه الاقلية حق التعبيرعن رايها داخل هياكل المنظمة.. وهذه الهياكل من شانها ان تقوم الخطا في صورة حصوله.. والنقد الذاتي مطلوب من كل المناضلين في كل الحالات سواء كانوا من الاقلية اومن الاغلبية..
* عمليا ماذا تقترحون؟
ــ يمكن ان نتحاور حول كل الاقتراحات االتي يمكن ان تساهم في الخروج من المازق خدمة لمصلحة الرابطة وملفات حقوق الانسان في البلاد.. فليس هناك تصور جاهز غير قابل للنقاش.. لكننا نقترح بالخصوص مراجعة كل طرف لموقفه مع قدر أكبرمن المرونة والمسؤولية احتكاما لمبادئ الرابطة وثوابتها ورصيدها النضالي وقاعدة الوفاق التي اعتدمت عليها منذ تاسيسها في 7 ماي 1977..
كما نعمل على تحرك سريع يقوم به عدد من قدماء الرابطة ورموزها لتطويق الازمة وايجاد حل وفاقي يلتزم به الجميع.. مع دعوة السلطات الى توفيرمناخ الحواربما يضمن للرابطة أداءها لرسالتها وقيامها بمهامها في أفضل الظروف وبنجاعة كاملة..
عقد المؤتمر
* في صورة التفاعل ايجابا مع هذه المبادرة هل تتوقع عقد المؤتمر الوطني قريبا؟
ــ ان عقد المؤتمر الوطني أمل كل المنخرطين وكل المعنيين بملف الرابطة وحقوق الانسان في تونس ويمكن أن يكون فرصة لتطوير النضال الحقوقي وتعميق رسالة الرابطة كشريك اساسي في الدفاع عن حقوق الانسان ونشر ثقافتها وتعزيز الديمقراطية والتنمية.. ومتابعة النضالات من اجل القضايا الحقوقية العادلية في كامل المنطقة وعالميا والتصدي للانتهاكات دون توظيف او انتقاء.. ففي هذا الزمن الذي استضعفت فيه الشعوب وفرضت فيه القوى الكبرى هيمنتها عليها وعلى قياداتها وأضحى فيه احترام حقوق الانسان ذريعة لمزيد السيطرة والضغط وسلاحا يستعمل لاغراض مشبوهة.. كان لزاما على كل المؤمنين بحقوق الانسان والمدافعين عنها أن يتمسكوا بشرف الانتماء الى وطنهم..
كمال بن يونس (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 2 أوت 2006 )
منتدى الذاكرة الوطنية (3-3)
أضواء على محاكمة مجموعة الوحدة الشعبية لسنة 1977
تونس ـ الصباح:
على منبر الذاكرة الوطنية بمؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات التي يديرها الدكتور عبد الجليل التميمي التقى السيدان الطاهر بالخوجة ومحمد بالحاج عمر وتحدّثا عن تفاصيل محاكمة مجموعة الوحدة الشعبية لسنة 1977.. وقد تولت «الصباح» نقل شهادتهما في عددي الأحد والثلاثاء.. وتتولى في هذه الحلقة نقل شهادة الطاهر قاسم وتساؤلات المؤرخين والجامعين والأجوبة عنها.. شهادة الطاهر قاسم
تحدث السيد الطاهر قاسم الذي قضى «أياما مرّة في السجن بعد فشل تجربة التعاضد واتهامه مع عناصر أخرى من أتباع أحمد بن صالح بالخيانة العظمى» فقال: «تثير محاكمة عام 1977 في نفسي الكثير من المشاعر.. اذ لم يكن اختيارنا للوحدة الشعبية كما قال الطاهر بالخوجة موالاة لأحمد بن صالح.. فللتاريخ أقول انني الى غاية عام 1961 لم أكن أعرف بن صالح ويعرف بالخوجة جيدا أنني التحقت للعمل بديوان بن صالح صدفة.. وذلك بعد أن استحال عليّا العمل في وزارة الخارجية مثلما كنت أرغب»..
وأضاف: «لقد اقترح عليّا بن صالح أن أعمل معه في التخطيط.. ووجدنا وقتها أن سياسة التخطيط صالحة جدا للبلاد.. وكنّا لما نقرأ أهداف التخطيط نجدها في صميم قناعاتنا.. ودعيت لرئاسة الاتحاد القومي للتعاضد.. وكل ما حدث هو أنه وجدت مبادئ واختيارات وقناعات بالتعاضد.. ولما وقعت محاكمة السبعينات حدثت الزوبعة وحوكمت مع أحمد بن صالح كمشارك في الخيانة العظمى وحصل ما حصل»..
وأضاف وقد غلبه البكاء: «لكن حينما أحاكم بسبب المشاركة في خيانة عظمى مدّة خمس سنوات سجن أمضيت في الزنزانة الفردية الواقعة في ممر المحكوم عليهم بالاعدام ثلاث سنوات وشهرين.. فهذا موجع.. وكان أحمد بن صالح قد هرب من السجن في شهر فيفري 1973 وأطلق نداء دعا فيه لتأسيس حركة الوحدة الشعبية وكنت وقتها في الزنزانة.. وطالبت بتغيير المكان لأنني أختنق فخيروني بين هذا المكان المظلم أو نقلي الى مكان بارد»..
وأضاف: «لقد حدث هذا الأمر في عهد وزير الداخلية أحمد المستيري.. ولكنّنا لم نيأس من النّظام ومن بورقيبة وكل رسائلي التي كنت أرسلها الى بورقيبة لتهنئته بالعيد تشهد على أنني لم أيأس منه.. وكنا نرى أن محاكمة عام 1970: (محاكمة بن صالح والمتورطين معه) هي نتيجة نظام الحزب الواحد والحكم الفردي فهما السبب في تطبيق التعاضد على تلك الشاكلة».. ويقول: «حينما خرجت من السجن وجدت مجموعة من الاخوان وفي أيديهم النداء الذي أطلقه بن صالح.. فقمنا باجتماعات لرفع المظلمة التي نالتني ونالت أحمد بن صالح وعمر شاشية.. فقد حوكمت في الاتحاد القومي للتعاضد رغم أنني لم أمض فيه سوى سبعة أشهر ولكنني زرت خلالها كل الولايات وكنت أتصل بالولاة وبالمتعاضدين وقدمت تقارير في هذا الشأن تعكس حقيقة الوضع»..
«قمنا اذن بهذه الحركة لرفع المظلمة التي طالتنا.. لكن تبين أن حركة الوحدة الشعبية كانت تريد الحد من الحكم الفردي فتم ايقافنا.. وأقول في هذا الصدد نعم ان لوزير الداخلية الحق في المتابعة والمراقبة لكن ليس من حقه أن يقوم بالتعذيب»..
وقال المناضل محمد بن حميدة: «ان وزارة الداخلية كانت تقوم بأبحاثها وهذا معقول وأذكر أنه في عام 1977 تم القبض عليّ وتفتيش منزلي ونقلي الى وزارة الداخلية ولما سألتهم عن السبب قالوا لي انك تزود جماعة الوحدة الشعبية بالمال.. وخلال التحقيق معي في مكتب بالطابق الثالث بالوزارة سمعت محمد بالحاج عمر يستغيث»..
قاطعه الطاهر بالخوجة: «لا تقل هذا الكلام لأنه ليس منطقي؟؟ فكيف كنت أنت في الطابق الثالث وسمعت استغاثة بالحاج عمر الذي كان في الطابق الرابع بالوزارة التي كست جدرانها الخرسانة المسلحة». وأضاف بن حميدة: «اتهموني بمساعدة أحمد بن صالح وجماعة الوحدة الشعبية بتسليمهم المال لجلب السلاح بهدف قتل بورقيبة».
شجــــاعة
ذكر أحمد العجيمي النائب السابق أن مؤسسة التميمي يجب أن تتوخى الدّقة في المعلومات.. وتقتضي هذه الدقة على حد قوله طرح المسائل بكل موضوعية.. وبين أن الحقيقة جميلة ولا يقولها الا الشّجاع..
وأضاف: «بالنسبة للتعاضد يجب أن نقول ما حدث في الواقع فقد كنا نحن كشباب نؤمن بأن الاشتراكية هي خلاص للبلدان الفقيرة لكن هذه التجربة كانت فاشلة.. وليس من الممكن أن نقول ان كل شيء فيها سيئ ثم أن أحمد بن صالح كان حسن النية لكنه أخطأ السبيل واجتهد لكنه لم يصب.. ولا ننسى أن يده كانت نظيفة ولم يقع اتهامه بالسرقة..
وقال: «أرى أنه في عهد أحمد بن صالح لم تكن هناك ديمقراطية.. وفترته لم تكن من ناحية الديمقراطية والحريات فترة نموذجية وحينما نقارن بين عهده وعهد الهادي نويرة أو عهد محمد مزالي نلاحظ الفرق.. كما أنني لا أعتقد أن الهادي نويرة ترك ميراثا سيئا لمحمد مزالي كما قيل على هذا المنبر..
واستفسر الدكتور محمد ضيف الله عن دعوة المحكمة بالحاج عمر ومن معه خلال فترة المحاكمة لكي يتبرؤوا من أحمد بن صالح.. وقول بالحاج عمر انه رفض أن يفعل ذلك وأن ما حصل فعلا هو خروجه عن بن صالح وتكوينه مجموعة الوحدة الشعبية وسأل المؤرخ هل تلقى بالحاج عمر وعدا بتعيينه وزيرا؟ كما توجه بسؤال للطاهر بالخوجة وقال ان وزارة الداخلية تقوم بتحقيقات مع المتهمين.. لكن هل كان هذا الأسلوب الذي تحدث عنه بالحاج عمر وغيره هو الوحيد المتبع.. وهل كانت وزارة الداخلية تحاول التأثير على المعارضين ليغيروا اتجاهاتهم؟؟
وبين أن بالحاج عمر تعرض في شهادته لذكر المجلس الوطني للحرّيات العامة الذي ظهرت بعده الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان.. وتساءل هل كانت هناك جهات خارجية دفعت الى السماح بنشاط الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان التي تزامن بعثها مع منظمة الدفاع عن المستهلك؟ تساءل الباحث الحبيب ساسي: هل كانت للسيد الطاهر بالخوجة الوثائق التي تثبت تدبير جماعة الوحدة الشعبية عملية الانقلاب؟ وهل يمتلك بالحاج عمر معلومات اضافية عن التعذيب الذي تعرضت له المجموعة؟
لاحظت الاعلامية نورة البرصالي أن «محاكمة الوحدة الشعبية طالت وامتدت ثلاثة أشهر وتساءلت لماذا عمل رئيس المحكمة على ايقاف المحاكمة عدة مرات وكان في كل مرة يقول انه مريض فالأمر يدعو للاستغراب. كما أن التعذيب الذي تعرضت له المجموعة كان قويا لأنه لم يكن هناك قبول لأية فكرة مخالفة لرأي السلطة.. وكانت النقاط الخمسة التي تحدث عنها بالحاج عمر تنمّ عن جرأة في نقد الوضع السياسي».. وتوجه الدكتور عبد الجليل التميمي بالسؤال التالي للطاهر بالخوجة: «هل يوجد بوزارة الداخلية خبراء يحسمون في القرارات المتعلقة بالذين يتم ايقافهم. وهل كنتم تحسّون بالضيم الذي كان يشعر به الأشخاص الذين وقعت ملاحقتهم؟».
إجابات بالحاج عمر
اجابة عن سؤال النائب السابق أحمد العجيمي قال محمد بالحاج عمر «ان التعاضد لم يقع تعميمه ولم نر نتيجته.. وقد كنت رئيسا لتعاضديّة في الساحل وواحدة أخرى في الوطن القبلي.. ورأيت كيف انتفع الفلاحون بكثير من القروض وتحسن انتاجهم لكن الدولة لم تسترجعها.. كما أن تقليع الزياتين تم بغاية تشبيبه ونحن الآن حينما نذهب لمنطقة معتمر مثلا يقولون لنا الفلاحون ان المنطقة ذات الانتاجية المرتفعة هي تلك التي تم خلال فترة التعاضد تشبيب زياتينها»..
وقال: «لقد أخبرني شقيقي مرّة وهو يصف لي تجربة التعاضد انه عند تقليع الأشجار يشعر المرء كما لو أنه يدفن والده بالموسيقى.. ولكنه قال لي بعد مدّة أي بعد أن تحسنت امكانيات العمل ومراقبته في الضيعة تغير حال الناس الضعفاء الذي يعملون في التعاضدية وأصبحوا قادرين على شراء اللحم.. بعد أن كانوا لا يأكلونه الا نادرا»..
وأضاف: «المؤسف أنه بعد أن استوفينا الشروط التي تساهم في انجاح التعاضد سواء من حيث الهيكلة أو الامتيازات تم ضرب التعاضد».
وبين أن بورقيبة قابل مجموعة الوحدة الشعبية بعد خروجها من السجن لكي تتراجع عن مطالبها وقال لهم بورقيبة: «تعالوا معانا الى قرطاج وسأعطيكم جريدة لاكسويون» واجابة عن سؤال المؤرخ محمد ضيف الله قال: «انه لم يقع بيننا وبين بن صالح انشقاق. وأنا لن أتحدّث في المسألة الا بحضور أحمد بين صالح». وعن سبب طول المحاكمة أجاب أنه «كان هناك صراع بين محمد صالح العياري ومحمد فرحات وكان هذا الأخير يريد أن تكون المحاكمة أقسى.. وكان الطاهر بالخوجة قريبا جدا من محمد فرحات وأنا أعرف الطاهر جيدا وعاشرته طويلا فقد كان متشدّدا.. وقد كان له دور في مجلة الصحافة وتوجهها الزجري».
فقاطعه بالخوجة: «لا تخلط بين المسائل فان هذا الأمر ليس جيدا».
وواصل بالحاج عمر كلامه: «كما أن بالخوجة قسّم البلاد الى ولايات لكي يعمل على احكام مراقبتها»..
فقاطعه بالخوجة بصوت مرتفع وقد زاد غضبه «انني لا أستطيع الا أن أقول لك انني تنازلت لأجلس معك على طاولة واحدة ولأتحدث معك.. انك تقول هذا الكلام لأنه لم تكن لك يوما مسؤوليات في البلاد كالتي تحملت أنا ولم تلمسها».
فرد بالحاج عمر بصوت مرتعش: «من الذي لم يترك لنا المجال لتكون لنا مسؤوليات في البلاد؟؟».
اجابات بالخوجة
بعد هذه التّدخلات السريعة التي غلب عليها التشنج قال بالخوجة: «انه ليس من المعقول تبادل التهم فيما بيننا.. وليس جميلا أن يقرأ الجيل الجديد في الصحف هذا الأمر فيقول عنا «ملّى جيل..».. فالعبرة اليوم في أن نبيّن للجيل الجديد الأخطاء التي ارتكبناها حتى لا يرتكبونها هم من جديد لذلك ليس من المعقول أن تتغلب علينا العاطفة» وأضاف: «لقد لاحظت أن هناك لهفة كبيرة عند الشباب وجميع الفئات على معرفة تاريخنا المعاصر.. وعلى كل حال أرى أن كل مواطن له الحق في تقديم خمس نقاط كالتي قدمتها الوحدة الشعبية.. لكنّنا نحن بعد أن تابعنا الموضوع رأينا أن مطالبهم تجسّمت في مناشير كانت توزّع خفية في اتحاد الشغل وفي الجامعة وفي صفوف الجيش.. وتبيّنا أن الجماعة دخلت في طور التطبيق ونحن كحكومة عملنا على ايقاف التيار فالأمر لا يتعلق بالأمن فقط بل هناك معنا شعب وحزب.. ولا ننسى أننا في ذلك الوقت لم نكن نقبل الخلاف سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.. فنحن نتحدث عن الخمسينيات والستينيات وليس عن عام 2006».
انشاء الرابطة
عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان قال: «بعد الجدل الذي كان الديوان السياسي قلنا انه حان الوقت لنعطي نفسا جديدا في البلاد.. وكانت هناك جماعة عبد اللطيف الزمرلي وزهير السافي وخميس الشمّاري ودالي الجازي قدمت مطلبا لوزارة الداخلية لانشاء رابطة الدفاع عن حقوق الانسان.. فقلنا من الأفضل أن ننشأها نحن وليس جماعة أخرى من الخارج.. وكان هذا هو التفكير السائد وقتها.. وتم التفكير في شخص فتحي زهير وهو رجل وطني مستقيم لكي يقوم بانشاء الرابطة.. وحدث بعدها خلاف لم يحسمه الا بورقيبة.. فالزعيم كان له وزن كبير وكنا متفقين معه وكان الشعب في الستينات كله معه.. وكان لتونس بفضله صيت كبير في العالم. ولكن أعتقد أن سبب جميع المشاكل هو التداخل والخلط الكامل بين الدولة والحزب.. وقد تأصّل هذا الأمر ونجمت عنه عديد المصائب التي عاشتها تونس. ولكننا الآن نقول يا ليت مسؤولية الحزب كانت واضحة ومسؤولية الدولة واضحة». وفي نهاية اللقاء قدم الوزير السابق السيد الصادق بن جمعة بعض التدقيقات وبين أن «بورقيبة كان رجل سياسة قبل كل شيء وأن جميع قراءاته كانت سياسية وأنه كان يمنح الثقة في الوزراء وبعد ذلك يحاسبهم.. وعند تعميم التعاضد ساير بورقيبة بن صالح لكن حصل بعدها تململ»..
وأضاف متحدثا عن تمسّك بورقيبة بالتعاضد أنه «خلال نقاش جدّ في اللجنة المركزية تحدّث البشير باللاغة كاتب عام اتحاد الشغل وراضية الحداد رئيسة الاتحاد النسائي والمنجي الكعلي والي جندوبة عن سلبيات التجربة فقال لهم بورقيبة وقد تنصّت على الحديث «انها مؤامرة وهذه سياستي أنا وليست سياسة بن صالح وهي مثل اليوسفية اما أنكم معي أو أنكم ضدي ونحن سنتمم التعاضد وفي السنة القادمة سنعممه على السياحة».. وبعد أن أنهى بورقيبة كلامه انصرف وتكلم بعده أحمد بن صالح وقال كلاما جارحا..
وقال: «نعم لقد كانت الاشتراكية خلال الستينات سائدة في العالم كله ولكن ظروف الستينات تختلف تماما عن الثمانينات.. فبورقيبة رجل عظيم وسيبقى كذلك وأرى أن أحمد بن صالح ليس سياسيا بل هو صاحب مبادئ و«راسوا كاسح».. وللأسف لم يكن ديمقراطيا». «أما بالنسبة للرابطة التي لعب فيها حسيب بن عمار دورا كبيرا فهي من أهم الانجازات التي تحققت لتونس.. لكن هناك أشياء حصلت ونأسف لحصولها وهي التعذيب فهو أمر غير مقبول وكان يمكن استنطاق المتهم دون اللجوء الى ضربه».
سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 2 أوت 2006 )
ظاهرة في الميزان انحراف الاطفال: تعـزيز شعـور الطفـل باحتـرام الآخريـن لــه
يجنح الطفل نتيجة ظروف اجتماعية واقتصادية معينة تدفعه للاضرار بحقوق الغير وانتهاك القوانين فيحتاج عندها لحماية يضمنها له ابواه والمجتمع والدولة تماما كما هو الحال بالنسبة للطفل المهدد بالجنوح غير ان وجه الاختلاف يبقى في مستوى طرق التدخل وآليات الوقاية والمعالجة ويصبح من حقه على المجموعة التي ينتمي اليها ان تعامله معاملة خاصة تتفق مع درجة احساسه بكرامته وتقرر لديه الشعور باحترام الاخرين له مما يثنيه عن العودة ثانية للجريمة. وانحراف الاطفال من اكبر مشاكل العصر واخطرهــــــا لذا اولاها علمـــــاء الاجتماع والمختصون في علم الاجرام جانبا كبيرا من ابحاثهـــــــــم.
وانحراف الطفل قد يبدأ ببعض التصرفات التي يستنكرها المجتمع كالتدخين الذي قد يتطور من مجرد تدخين الى مروق عن القوانين الاجتماعية فيتحول الطفل الى جانح ويكون في هذه الحالة جانيا كما قد يكون مجنيا عليه وبالتالي ضحية يدافع عنه القانون وقد سن التشريع الجزائي العقوبات الرادعة على الاشخاص الذين يرتكبونها ضدهم طبق الفصول 210 و211 و212 و212 مكرر و213 و224 و227 و228 و233 و237 و238 و240 من المجلة الجنائية.
ولكن سنركز في تحقيقنا هذا على الاطفال الجانحين وكذلك الجناة الذين يتطور سلوكهم الانحرافي الى سلوك اجرامي وكثيرون هم الاطفال الذين ارتكبوا جرائم خطيرة كالمخدرات والقتل الخ..
راي القانون في الانحراف لدى الاطفال
افادنا في هذا الجانب المحامي عبد الرؤوف فرحات حيث رأى ان «الحدث من كان عمره بين 13 و18 سنة ويخضع بصفته تلك الى محكمة الاحداث التي تختص في قضايا الاطفال جناحية كانت ام جنائية، الجناحية ينظر فيها قاضي فرد والجنائية تتكون من قاضي ومستشارين.
انواع العقوبات
لقد حدد القانون انواع العقوبات حسب نوعية التهمة فان كانت جنحة فان العقوبة المسلطة هي عقوبة مالية او عقوبة سالبة للحرية ويكون تنفيذها في مؤسسة مخصصة للاطفال ويقع ادماجه فيها من جديد وتلعب هذه المراكز دورا فعالا ومتميزا في تجسيم وتفعيل الدور المنوط بعهدتها.
دور مراكز الاصلاح
تلعب تلك المراكز دورا هاما في الوقاية من شتى اشكال الانحراف والتهميش وتحاول اصلاح ما بالطفل الجانح من اعوجاج في سلوكه كما يتلقى الطفل المنحرف تكوينا في احدى الاختصاصات المهنية او الفلاحية بالاعتماد على برامج خصوصية منجزة بالاشتراك مع وزارة التكوين المهني والتشغيل.
ويمكن للطفل المنحرف ان يتمتع باجراءات خاصة فمثلا اذا كانت العقوبة تتطلب مدة معينة فان المجلة الجزائية توفر له ظروف تخفيف وكذلك مجلة حقوق الطفل يمكن ان تمتعه بنصف العقوبة، واذا ما تجاوز سن الحداثة يتم نقله الى السجن ليتم العقوبة، اما بالنسبة لقضايا المخدرات فعادة ليس فيها ظروف تخفيف كبيرة.
وتتدرج العقوبات بين تسليم الطفل الى والديه والتخفيف في الجنح.
اما في القضايا الجنائية فالعمل القضائي ينطلق من استنطاق الطفل واذا كان الطفل مشاركا ممكنا لقاضي لتحقيق ان يتعهد بالقضية ويمكن تفصيلها حيث يستنطقه التحقيق. ونجد ليونة في التعامل مع الطفل من الناحية القانونية ونجدها اكثر في الجنح اما في الجنايات فهناك قليلا من القسوة.
وبالنسبة لايقاف الطفل يكون في الاصلاحية وتراوح مدة ايقافه بين 5 و6 اشهر اما بالنسبة للسوابق سواء كانت جناحية ام جنائية فانها لا تعتبر سابقة من الناحية القانونية ولكن في الجانب القضائي يقع تدوين تلك السابقة في بطاقة عدد 2 ويعتمدها القاضي ليتبين مدى توفر تلك التهمة فانها تبقى معه حتى بعد ذلك ويكون تأثيرها كبيرا على وضعية الطفل خلال مقاضاته ويؤسس عليها القاضي حكمه.
الاجراءات
تكون احالة الطفل على انظار المحكمة من اجل فعل مجرم يعاقب عليه القانون وهذا الفعل يمكن ان ينطوي تحت طائلة التقسيم او التفرقة القانونية للجرائم والافعال المجرمة سواء كانت مخالفة او جنحة او جريمة او جناية وتختلف اجراءات احالة الطفل فيعيد استنطاقه لدى باحث البداية خاصة في مادة الجنح وبعد اعلام والديه واحضارهما يحال الطفل على انظار السيد وكيل الجمهورية للنظر والذي يقرر في شأنه اما احالته على المجلس لمقاضاته من اجل فعل مجرم او احالته على انظار حاكم التحقيق للتعهد بمواصلة البحث في مادة الجنايات هنا تختلف الصبغة وتختلف الاجراءات فبالنسبة للجنح يحال الطفل على انظار قاضي الطفولة او قاضي الاحداث الذي ينظر في ملفه بعد احالته من قبل وكيل الجمهورية واذ تراءى له ان الفعل المجرم بالنسبة للطفل ثابت فانه في مرحلة اولى يعتمد على تقرير مندوب الطفولة.
ويمكن القول ان كل من مجلة حقوق الطفل وكذلك المجلة الجزائية كلاهما ينصب في اطار توجه حماية الطفل الجانح بالدرجة الاولى سواءا من خلال الاجراءات التحفظية او من حيث العقوبة المنطبقة او من حيث كذلك الاهداف الاساسية وهي تأهيل الطفل وتكوينه واعادة ادماجه في المجتمـــــــع.
راي علم الاجتماع
اما عن اسباب الانحراف فيجيبنا الاستاذ منصور السويبقي استاذ في علم النفس والاجتماع والتربية من جامعة ليون الثانية حيث يرى ان الانسان يلد طيبا بطبعه وهو كالورقة البيضاء لا غبار عليها وما دام يتصف بهذه الصفة اي الصفة الانسانية فانه يولد طيبا بالفطرة مهما اختلفت به الامكنة والازمنة فلا فرق من الناحية المنهجية بين طفل يولد في ضواحي تونس وطفل اخر يولد في ضواحي (لوس انجلوس) على سبيل الذكر لا الحصر كما انه لا فرق بين طفل قد ولد في القرن الحادي عشر او في القرن التاسع عشر او القرن العشرين لذلك نقول ان الطفل يولد طيبا بالفطرة مهما اختلفت به الامكنة والازمنة ويمر حتما هذا الطفل بعدة مراحل حياتية لعل اهمها مرحلة الطفولة والمراهقة لان هاتين المرحلتين تشكلان نقطة الانطلاق بالنسبة للطفل الانسان الذي سيكون غدا مواطنا بكل ما تعنيه هاته الكلمة من حقوق وواجبات، حقوق يكرسها وفق مبادىء العيش في المجتمع الذي ينتمي اليه وواجبات محمولة على المجموعة البشرية اي على المجتمع بشكل عام وعلى الدولة بشكل خاص لكي تجعل من ذلك الطفل الحدث او النشأ فردا صالحا ومن هنا لابد من الاشارة الى ان المؤسسة الاسرية او العائلية تعتبر الى جانب ما يمكن ان توفره الدولة المرحلة الاساسية في تكوين شخصية الطفل والخروج به الى شاطىء الامان او الانعراج به الى شاطىء الانحراف فمتى توفرت للاسرة اسباب الرخاء والعيش الكريم من الناحية المادية واسباب الحب والود والوفاق من الناحية العاطفية داخل التركيبة الاسرية فانه لا محالة يمكن القول بان هاته الاسرة التي توفرت لديها تلك المعطيات ان تكون في مأمن عن الهزات والازمات التي يمكن ان تتصدع معها شروط تكوين وتربية ذلك الطفل.
ومتى لم تتوفر تلك الشروط وحلت محلها اسباب التوتر العاطفي وعدم الانسجام وعدم القدرة على التحكم في مصير الاسرة ومستقبلها فان تلك الاسباب السلبية تكون بمثابة السوس الذي ينخر العظام وهذا امر بديهي من طبيعة الاشياء فلو تركنا من الناحية البيولوجية (تفاحة) شبه متعفنة داخل سلة من التفاح فترة زمنية معينة لنعود اليها لاحقا لوجدنا باقي محتويات السلة قد تعامل بشكل سلبي مع التفاحة «المريضة» وبات كل محتوى السلة في عداد الثمار غير الصالحة للاكل وكذا الشأن بالنسبة لبني البشر.
اذن فانه من المنطق بما كان ان تتصدع تربية ذلك الطفل وان تخرج عن المألوف او المطلوب اجتماعيا وتربويا.
ومن هنا كان لابد من تداخل عديد المؤسسات التي تحمي الاسرة ومن خلالها تحمي الطفولة من الانزلاق في متاهات الانحلال والانحلال الاسري والانحراف الشبابي وهذه المؤسسات التي من اللازم ان تكون جسرا سميكا يمر منه الطفل من مرحلتي الطفولة والمراهقة الى مرحلة الشباب الذي يمكن ان توكل اليه مهمات بناء ذاته من الناحية الفكرية والثقافية والتربوية هي ما اسميناه بالواجبات المحمولة على الدولة في نطاق حماية الاسرة ورعايتها كأن نوفر لها اسباب العيش الكريم بقطع النظر عما يمكن ان يأتيه الزوج او الزوجة من مورد رزق لانه في هذه الحالة ورفقا باطفالنا الذين هم رجال المستقبل يجب ان نفرق بين مسؤولية الوالدين في تأمين التربية والغذاء اليومي عن طريق العمل وما يجب ان توفره الدولة لهؤلاء النشأ لانهم غدا سيكونون جنودها وسيقوونها وفق ما تلقوه من عناية وتربية وتكوين الى «العلالي» او الى دون ذلك اذا ما اخفق الجميع في تربية وتكوين اولئك النشأ.
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 2 أوت 2006 )