TUNISNEWS
العشريتين الدكتور الصادق شورو
ولضحايا قانون الإرهاب
حــرية و إنـصاف:يوميات الحصار في تونس: متابعة لصيقة …واستفزاز غير مبرر
اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي: إعــلام:تكثيف الحصار الأمني على عدنان الحاجي
فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان قليبية قربة :فضيحة تعذيب جديدة بمركز شرطة قليبية
حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس
سهام بن سدرين:إلى رئيس المخابرات ووزيره للبروباقندا:عدوانكم علينا شرف لنا
د.عبد المجيد النجار لـ »قدس برس »: المطلوب تطوير عودة الإسلاميين التونسيين إلى مصالحة ووفاق وطني
الصباح:رابطة حقوق الانسان:الهيئة تدعو إلى استئناف الحوار والشاكون يشترطون الجدية
اختيار الزميل الطاهر العبيدي منسق عام ومستشار إعلامي لموسوعة التميز والحضارة
الأمين العام لحزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي : يستقبل سفيرة المملكة الهولندية
هشام القرقني:ردا على مقال بدعة بالاتحاد الجهوي للشغل بالمهدية
طلبة تونس:أخبار الجامعة
عادل الثابتي:جليلة بكار في لقاء مفتوح مع الجمهور نحن مواطنون قبل أن نكون مسرحيين …
قيس بن رحومة:تعقيبا على الأستاذ مختار اليحياوي ،رسالة مفتوحة إلى الدكتور عبد المجيد النجار…عفوا لقد أخطأت العنوان ؟؟؟
معز التونسي:في الرّد على السيد الأزهر العباب…أو الوجه الآخر للحقيقة
عبدالحميد العدّاسي:حديث الصيـــــــــف
عياض بن عاشور: العلمانية لا تعني إقصاء الدين من المجال السياسي
القلم الحرّ سليم بوخذير:تمتمات
زكية الضيفاوي :السجائر واحتراق الذكرى
محمد العروسي الهاني :الذاكرة الوطنية تتذكر يوم غرة جوان 1955
راشد الغنوشي :أسطول الحرية.. مؤشرات ودروس
هيثم مناع :أوروبا وحقوق الإنسان بعد قافلة الحرية
الدكتورة لقاء أبو عجيب المدير التنفيذي للمكتب الدولي للجمعيات الخيرية والإنسانية:هل نجحت إسرائيل في كسر مفهوم المقاومة المدنية؟
العرب:وزراء ومسؤولون عرب لا يعرفهم مواطنوهم
ريتا فرج:عميد السلفيّين على مشرحة النقد
Pour afficherlescaractèresarabes suivreladémarchesuivan : Affichage / Codage / ArabeWindows)Toread arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
أفريل 2010
https://www.tunisnews.net/23Mai10a.htm
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني:liberte.equite@gmail.com تونس في 04 رجب 1431 الموافق ل 16 جوان 2010 يوميات الحصار في تونس متابعة لصيقة …واستفزاز غير مبرر
يرزح عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان وبعض المعارضين السياسيين منذ عدة أيام إلى متابعة مستمرة ومراقبة لصيقة من قبل أعوان البوليس السياسي الذين يتبعونهم في كل تنقلاتهم على متن سيارات مدنية ودراجات نارية من الحجم الكبير: فقد خضع المهندسعلي العريض الناطق الرسمي السابق باسم حركة النهضة منذ صباح اليوم الأربعاء 16 جوان 2010 إلى المتابعة والمراقبة من قبل عونين من أعوان البوليس السياسي على متن دراجة نارية كبيرة، تابعاه في كل تنقلاته وعند عودته إلى المنزل أوقفا دراجتهما أمام باب منزله، وعمدا من وقت لآخر إلى ازعاج العائلة وذلك بطرق الباب، وعند فتح الباب يتظاهرا بعدم الاكتراث رغم أن خلوّ محيط المنزل من أي وجود بشري مما يؤكد تعمدهما لطرق الباب بنية الإزعاج والاستفزاز، ولم يكفهما ما قاما به من أعمال يجرمها القانون بل عمدا إلى تشغيل محرك الدراجة بأعلى درجة ضجيج ممكن حتى أن أفراد عائلة السيد علي العريض لم يعد بإمكانهم سماع بعضهم البعض. وقد هدد السيد علي العريض أنه وفي صورة تواصل هذه الاستفزازات بما يؤكد أنها ليست تجاوزات فردية وإنما هي سياسة مدبرة نتيجة تعليمات فوقية فإنه وأفراد عائلته سيلجؤون إلى أشكال من التحرك القانوني والدستوري لوضع حد لهذه الممارسات غير القانونية وغير الأخلاقية. كما يرزح عدد من أعضاء المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وإنصاف إلى المتابعة والمراقبة اللصيقة، فبالإضافة للأستاذ محمد النوري رئيس المنظمة الذي يخضع باستمرار للمراقبة والمتابعة والمحاصرة سواء بمكتبه أو منزله أو عند تنقله، يتعرض منذ سبعة أيام كل من المهندس عبد الكريم الهاروني الكاتب العام لمنظمة حرية وإنصاف والمهندس حمزة حمزة والسيد محمد القلوي أعضاء مكتبها التنفيذي إلى مراقبة لصيقة من قبل أعوان البوليس السياسي الذين يتبعونهم في كل تنقلاتهم على متن سيارات مدنية ودراجات نارية. وحرية وإنصاف 1) تستنكر بشدة الممارسات والاضطهاد الذي يتعرض له المهندس علي العريض وتدعو إلى وضع حد لهذه الأساليب التي يجرمها القانون وتطالب باحترام الحياة الخاصة لهذه العائلة التي عانت قرابة العشريتين من ويلات السجون. 2) تدين المضايقات المسلطة على أعضاء مكتبها التنفيذي وتطالب بوقف هذه الممارسات المخالفة للقانون التي تحد من حرية العمل الحقوقي وتدعو السلطة إلى فسح المجال أمام المدافعين عن حقوق الإنسان حتى يقوموا بواجبهم في نشر ثقافة حقوق الإنسان والحد من التجاوزات والانتهاكات. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي 15 جوان 2010 إعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام تكثيف الحصار الأمني على عدنان الحاجي
يخضع المناضل النقابي عدنان ألحاجي ، احد قياديي الحركة الاحتجاجية بمنطقة الحوض ألمنجمي، الى حصار خانق وصل الى حدود باب منزله، حيث ترافقه مجموعات أمنية أينما وجد، وذلك منذ عودته من تونس في بداية الشهر بعد أن رافق زوجته التي لا زالت تخضع للعلاج بمستشفى شارنيكول بتونس. الى ذلك فهو يتلقى سباب هابط وتهديدات عبر هاتفه الجوال من أرقام مشبوهة. اللجنة الوطنية تندد بهذه التجاوزات الخطيرة وتدعو لرفع هذا الحصار الجائر فورا والكف عن مضايقة المناضل عدنان الحاجي واحترام حياته الخاصة وعائلته. كما تدعو المجتمع المدني لمساندة حق عدنان في حياة حرة دون مراقبة أمنية وحق المسرحين في العفو التام والرجوع الى العمل و المطالبة بإطلاق سراح حسن بنعبدالله وبقية المسجونين وإيقاف التتبع ضد الملاحقين وإرساء أسس تنمية جهوية عادلة بمنطقة الحوض ألمنجمي. اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي
فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان قليبية قربة :فضيحة تعذيب جديدة بمركز شرطة قليبية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في السنة ال33 من إنبعاثها القانوني قرع قليبية قربة في السنة ال5 من حصاره البوليسي الظالم لو يقيس الفاعلُ فعله على نفسه…
قالوا، والعُهدةُ عليهم أن إماما خطب في المصلين خطبة العيد، تحدث فيهاعن ضرورة أن يَقسم المُضَحي أُضحيته على ثلاثة أقسام متساوية ، وأن يتصدق بقسم منها(الثلث) على الفقراء. وعندما رجع إلى منزله وجد إبنه قد قام بما سمع منه في الخطبة، فغضب عليه وقال له: » كيف تفعل هذا أيها الأحمق؟ » فأجابه إبنُه مندهشا: » لقد نفذت ما جاء في خطبتك، يا أبي » فاستعاذ بالله من شياطين الإنس والجن وقال له: » كلام تلك الخطبة عليهم، ولهم، وليس علينا ولا لنا. كيف لم تفهم هذا؟ ». وطبعا لم نقل هذا هم قالوه ونحن نقلناه، ونذكره الآن لنستنتج منه، جِدا وليس هزلا، هَمًّا وليس حكاية، تنهيدة قهرٍ وليس استظهار براعة كلامية وبلاغة معنوية، خيالية. ولا تُطيلها وهي قصيرة، فالحالة لا تطاق والسكوت عنها إجرامٌ يفوق إجرام الفاعل، لانقول هذا من باب » عْليهم مُوشْ علينا » لأن الأمر يهم جميع الناس، من أقلهم شأنا إلى أعلاهم( دون تمييز عنصري ولا طبقي، وإذا كان القرآن الكريم يؤكد على أن » من قتل نفسا بغير حق كمن قتل الناس جميعا »(وهذا التعميم يدل على المعلم والأستاذ والفلاح والعامل والبطال والشرطي والضابط والمعتمد والوالي والوزير والرئيس والملك) – فإننا، نسمح لأنفسنا، بأن نقيس على ذلك فنقول » ومن عذب نفسا فكأنه عذب الناس جميعا »(وبنفس التعميم)، ولو قاس كل فاعل فعلته على نفسه لأحس بالفعلة ، إحساسا حيا، غيرَ منقول له بكلام، أو بمشهد و » ما يْحِسْ الجمرة كانْ إللِّي يعْفِسْ عْليها » . ولْننزل إلى واقع الناس، الحي، المعيش، ونقول: لو أن الشرطي الذي تفنن، بأعصابه الباردة، في تعذيب ضحيته، جرى عليه، هو بعينه، بنفسه، هذا التعذيب ، أو جرى لأخيه أو أخته، أو ابيه أو أمه ،هل كان يمارسه بالشدة والقسوة على غيره؟ لو أن الشرطي الذي بعج بطن المواطن محمد بن سعد، في مركز الشرطة بقليبية، منذ سنتين،وسبب له سقوطا بدنيا شديدا وأحاله على البطالة،لو أنه فكر، في نفسه وأخيه هل كان يفعل ما فعل ،إن كان سليم النفس والضمير والطّويّة؟ فماذا يكون شعور هذا الشرطي المتطاول على القانون والإنسانية لو أنه تعرض إلى مثل ما تعرض له هذا المواطن؟ ام نردد ما يقوله العامة: » إذا وْلِيدْنا ضْربْ وليدكم يْشومْ النهارْ، واذا وْليدكم ضرب وليدنا، راهُ لعْب صغارْ « ؟. ولكن أمر التعذيب والإعتداء على المواطن المسكين والإستهانة بحقوقه في مركز الشرطة بقليبية تكرر هذه الأيام بكيفية بشعة وفظيعة ومقرفة . تصوّروا، أيها السادة، أنكم تقرؤون رواية من الروايات الأدبية مثل » الكرنك لنجيب محفوظ، أو » شرق المتوسط » لعبد الرحمان منيف. لكن ما وقع في مركز الشرطة بقليبية، هذه الأيام، فاق التصور. وقدأُبلِغنا أن المواطن محمد الهادي القربصلي، من سكان قليبية وعامل في بلديتها، حُمل إلى مركز الشرطة بقليبية يوم الجمعة 11 جوان 2010بتهمة من التهم((مهما كانت، وإثبات التهم هو من اختصاص المحكمة وليس من اختصاص البوليس، وكل متهم بريء حتى تثبت إدانته في محكمة، تكفل له كل الضمانات القانونية للدفاع عن نفسه. لكن هذا البوليس نصب نفسه بغير حق قاضيا بغير قانون وجلاّدا باستغلال سلطته وضعف المواطن))، وقضى المواطن الضعيف تحت الضرب والتعذيب وقتا من الساعة 11 صباحا إلى الساعة18مساء حيث جُرد من أغلب ملابسه،إلاّ من تبان صغير ورُبطت يداه، خلفه، لإجباره على الإعتراف بما نُسِب إليه من تهم. وفعلا ، هو، من شدة الضرب والتعذيب اعترف بكل ما نسب إليه، وما لم يُنسب إليه، وليس له ما يفعله ، بعد تورّم وجهه، وأجزاء من ظهره ومؤخرته وتكسيررجلُه، إلاّ الإعتراف،بأنه فجر الطائرات، وأثارَ البراكين، وشارك في الإنقلابات وحرّك المظاهرات، و..و..و . ثم حُمل، لا من رحمة بل من خوف ورهبة، وهو لا يقوى على الوقوف ولا الجلوس، حمل إلى المستشفى الجهوي بنابل وهناك قُدّمت له الإسعافات الأولية ووُضعت رجله في الجبيرة وهو حاليا مقعدا بصفة مؤقتة لا يقوى حتى على أبسط الأمورمغلف بالجبس لماذا هذا الإجرام في حق مواطن ضعيف، قيل إنه معروف بحسن السلوك والسيرة.( وحتى لو أنه غير ذلك؟ وهل يُفعَل مثل هذا التعذيب ضد واحد ممن لهم » أكتاف » والحال أن التعذيب جريمة سواء تسلّطت على صاحب الأكتاف والجيوب، أو على غيره؟ ثم هل هناك محكمة، في أي مكان من الدنيا والآخرة، تحكم بعقوبة كسر الأعضاء والجلد، و » التربريب » زيادة على شتم الجلالة وتقحيب الأهل؟ وهل من فعل به هذا اندمج بسرعة، أسطورية،( وهو البوليس الملتزم بخدمة المواطن والمحافظة على أمنه، وليس تكسير عظامه، وتهريسه)- هل اندمج مع الأخبار الآتية له من معتقل غوانتنامو وسجن أبو غريب؟ إننا مع كل القوانين والمعاهدات الدولية التي تجرّم التعذيب، ونطالب بمحاكمة الذين مارسوا التعذيب ضد المواطن محمد الهادي قربصلي، أو أغمضوا عيونهم عليه، أو شجعوه، أو أمروا به. ونرفع أصواتنا عاليا، في السر والعلن إن التعذيب جريمة، ومجرمٌ مَن يمارسه أو يأمر بممارسته ونطالب بمحاكمته وعدم تمكينه، لأي سبب، من الإفلات من العقاب العادل، إحتراما لكرامة المواطن وحرمته، وقدسيته، باعتبار أنه لا يكون الوطن منيعا ولا حرا ولا كريما إلا بمناعة المواطن وحريته وكرامته. أليس كذلك يا سيادة وزير الداخلية، ووراءك، أو أمامك، أو معك، لو كانت الدنيا دنيا؟. ونحن، كرابطة،ومن موقعنا المحاصَر، أدنا، وندين كل تعذيب، وشهّرنا، ونشهّر، بفاعليه مهما كانت مراكزهم ومكانتهم. أما البوليس الذي لا يعرف واجباته ولا يقدرها، ولا يحترم المواطن، فإنه لا يحترمه ولا يقدّره أحد. ربما يخافه البعض ويتظاهر بأنه يحترمه، لكن ذلك ليس احتراما ولكنه الخوف، فأيهما أفضل لك أيها الشرطي أن يحترمك المواطن أو يخاف منك، وفي وجهك فقط؟ قليبية في 15جوان 2010 رئيس الفرع عبد القادر الدردوري
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني:liberte.equite@gmail.com تونس في 04 رجب 1431 الموافق ل 16 جوان 2010 أخبار الحريات في تونس
1) اعتقال الشاب جمال بن محمد بن حسين: اعتقل أعوان فرقة الحرس بمعتمدية الشابة ولاية المهدية يوم الأربعاء 9 جوان 2010 الشاب جمال بن محمد بن حسين أصيل مدينة الشابة للاشتباه به في نشاط له علاقة بالهجرة السرية، واقتادوه إلى منطقة الحرس بالمهدية أين أخضع للاستجواب والتعذيب (طريقة الدجاج المصلي) حيث بقي موقوفا لمدة ثلاثة أيام قبل أن يفرج عنه دون تقديمه للمحاكمة، بعد أن أصبح عاجزا عن الوقوف. 2) حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
إلى رئيس المخابرات ووزيره للبروباقندا
عدوانكم علينا شرف لنا
حرر من قبل سهام بن سدرين في الثلاثاء, 15. جوان 2010
لقد غمرني بالفرحة خبر صدور قانون يعاقب على « الإضرار بالأمن الإقتصادي لتونس ». وامتلكتني الأوهام للحظات، أن الدولة ستشرع أخيرا في حماية اقتصادنا الوطني من جشع اللصوص الذين خربوه ونسفوا حظوظ الأجيال القادمة. وظننت أن دولتنا قررت أخيرا وضع حد لسوء استخدام السلطة والقضاء على الإثراء الفاحش لذوي النفوذ والمقربين منهم. فجاء شرح أسباب هذا القانون في شكل حملة هستيرية متأججة سرعان ما أعادتني إلى الواقع المرّ. فتبين أن التعديلات المقترحة لا تهدف سوى إلى إسكات الأصوات المنادية بوضع حد لنهب الثروات الوطنية، ولحماية رؤوس الفساد. كما أن اللجوء لمثل هذه القوانين الجائرة – التي لا يوجد لها نظير إلا في كوريا الشمالية – لدليل على فشل جهاز دعايتكم المهترئ. ولم يبق إلا اللجوء إلى سلاح الجبناء وتحريك جحافل محترفي القذف. لقد قررت اليوم أن أواجهكم بالحقيقة الأكثر إيلاما من الافتراءا وسيكون هذا ردّي الأول والأخير على دجلكم.
إنكم جعلتم من إشاعة القذارة أسلوبا للحكم
« سأفسد كل شيء » هكذا كان « هتلر » يلخص طريقته في بسط سيطرته على الشعوب التي أخضعها عسكريا. يبدو أنكم تبنيتم نفس الشّعار. قد عادت أجهزتكم الأمنيّة إلى ممارساتها المفضلة باستخدام تشويه المعارضين. فبعدما أنكرتم حق المواطن في الإعلان عن مخالفته لكم في اختياراتكم و فررتم من مواجهة الأفكار إلى الممارسات المهينة التي ألحقتموها بمعارضيكم، جعلتم من إشاعة القذارة وسيلة حكمكم. فنلتم من شرف معارضيكم عن طريق أشرطة الفيديو « المفبركة » والصور المركبة ونشر الكتابات الإباحيّة على صفحات جرائدكم العفنة وجعلتم منها العلامات المميزة لنظامكم. هذه « الإبداعات » تكشف حقيقة رصيدكم الأخلاقي المقتصر على مرض الانحراف الجنسي وهو ما يكشف مدى اهتزاز ثقتكم في قدرتكم على الإقناع. إن هذا الأمر، إضافة إلى ما يمثله من استهانة بالأوساط المثقفة، فهو شاهد عن ضآلة الاحترام الذي تكنوّنه لأنفسكم. إن كراهيتكم المتنامية للحياة والحرية تشوه رؤيتكم للأمور و تعيقكم عن تقدير جماليّة الأشياء. إن هذه الحاجة الملحة لترميم واجهة نظامكم بتلفيق انجازات زائفة تدلّ على عجزكم عن تحمّل رؤية أنفسكم في مرآة. فتلقون بمسؤولية فظاعاتكم على كل ما تزخر به تونس من مقدرات تدعو إلى الفخر بها. وتلوّثون بقذارتكم كل من كمال الجندوبي، خميس الشماري، سهير بلحسن، خديجة الشريف، منصف المرزوقي، سناء بن عاشور، راضية النصراوي، نزيهة رجيبة، أحمد أنيس، محمد عبّو، توفيق بن بريك، سليم بقة، عبد الرؤوف العيادي، مختار الطريفي، حمّة الهمامي، عمر المستيري، وغيرهم كثير. إن هذه الوجوه البارزة من أحرار تونس قد ذاع صيتها خارج حدود الوطن، ومنهم من انتخب على رأس منظمات دولية معتبرة مثل سهير بالحسن رئيسة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، أو كمال الجندوبي، رئيس الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، الذي منعتموه من جواز السفر وحرمتموه من تشييع جنازة والده. حتى كبار المسؤولين السّابقين في هذه الدولة التي تتظاهرون بخدمتها لم ينجوا من هوسكم بتشويه الجميع. لقد تماديتم في الوقاحة إلى حد مهاجمة الكاتبة « أم زياد » (نزيهة رجيبة) وهي لها من المعجبين داخل تونس وخارجها ما يفوق عدد المعجبين بكل نجومكم. إن وصفكم البائس لها « بالبشاعة » و »كبر السنّ » لا يستطيع أن يطفئ ابتسامتها الرائعة أو سحر حديثها عندما تتصدر للكلام، كلامها الصادق الذي يفضح دكتاتوريتكم البشعة، ويصل مباشرة إلى العقول والقلوب دون حاجة إلى التزويق، وهو أيضا كلام يتفوق على ذلك الخطاب المجند عن طريق الارتشاء وتبديد المال العام بعشرات الملايين من الدنانير لتجميل صورتكم. أيّ مساكين تعساء تستعرضون؟
كنت أظن أنكم ابتكرتم أساليب جديدة في الأشهر القليلة الماضية حين استعرضتم بعض المتعاونين معنا سابقا من أجل كشف « الوجه المخفي » المزعوم. لقد أمعنتم في تشويه مناضلي « كلمة » و »المجلس الوطني للحريات بتونس » مما أفقدكم أبسط مظاهر المصداقية الضرورية لأي عمل تضليليّ، كما أنكم تفتقرون إلى مهارة الموازنة بين الكذب و الحقيقة فظهر فشلكم حتى في إحكام أدواركم السلبية، لذلك أدعوكم إلى أخذ بعض الدروس لدى خبراء التضليل في الاتحاد السفياتي السابق. و لكن نجحتم في اختراق صفوفنا ودسّ أعوانكم بيننا لفترات متلاحقة بتوظيفكم لأجهزة الدولة. كما لاكت ألسنتكم طويلا اتهامنا باللهث وراء المصالح الشخصية بكسب المال والشهرة. وقد بدا غيظكم في كل مشاهد هذه المسرحية سيئة الإخراج. فمؤاخذاتكم تستهدف على التوالي « نجاعة تأثيرنا » و »ظهورنا على شاشات الفضائيات » و »الكتابات » و »الجوائز » الممنوحة لنا، وقدرتنا على « السفر والإقامة في الخارج » وحتى »الابتسامة » و »مظهر الشباب الدائم »…الخ. هذه « الإدعاءات » « الصادقة » و »المؤثرة » من شأنها أن تغالط بعض السذج، كقراء « الحدث »و »لكل الناس » و »الصريح » و »الشروق » و »الملاحظ » وغيرها من خرق مموّلة من أجهزتكم. غير أن سوء إخراجكم المضحك لم ينطل على الأغلبيّة الساحقة من التونسيين القادرين على التمييز. يتذمر هؤلاء البؤساء من استغلالهم وضعف أجورهم، (ويقسمون أنهم يغلبون المصلحة النضاليّة على المصلحة الماديّة)، في حين تراهم قائمين « بجولات الملوك » عبر البلدان ينفقون خلالها الأموال الطائلة « من أجل فضحنا » كما يقومون بطبع « أدبياتهم » بآلاف النسخ. ويظهر هؤلاء الممثلين لفئة الشباب المستضعف بربطات العنق وملابس غاية في الأناقة. من المستفيد حقيقة من التمويلات المشبوهة؟
لم يخف على الملاحظين اليقظين التناقضات التي وقعتم فيها. فكيف يمكن للمرء أن يصدق أن « المجلس الوطني للحريات بتونس » – عدوكم اللدود منذ اثتي عشرة سنة – تحول إلى « منظمة افتراضية » وفي ذات الوقت يفرض وتيرة أعمال شاقة على كاتبه القار وإلزامه بالقيام بساعات إضافية؟ و كيف نصدق أن هؤلاء الموظفين « أصحاب شهائد عليا » يهانون وتساء معاملتهم في حين يقرّرون باختيارهم عديد المرات تمثيل المؤسسة في الخارج؟ وهل يمكن لمسؤولين غائبين على البلاد أن يمارسوا ضغوطات وهرسلة يوميّة على هذا الكاتب القارّ المسكين؟ يعتبرون أن المنظمات التي نتعاون معها مشبوهة – وهي منظمات دولية لحقوق الإنسان – ويطالبونها من ناحية أخرى بالتحقيق في « سوء تصرّفنا » في المشاريع التي تموّلها. « مناضلون » يدعون أنهم انخرطوا في العمل الحقوقي في المجلس الوطني للحريات وراديو كلمة وفي نفس الوقت يستنكرون « توريطهم في نشاط غير قانوني ». إنه حقا لسناريو رديء. لقد سعيتم لإبراز « دوافعنا المصلحيّة » لكنكم سرعان ما انقلبتم تنتقدون « المبالغة والتشويه »، « بلاغاتنا العدوانية »، « نفينا للإنجازات »، « تسييس حقوق الإنسان »، « دعم المنظمات الدولية لنا »، « مواجهة السلطة »، وأكثر من ذلك تشددون على إنكار حقنا في فضح قضايا الفساد. ان مزوريكم كانوا يظنون أن لديهم أوراق رابحة حين مدوا هؤلاء الممثلين ببعض الوثائق المدلّسة. لكن غلب عليهم الارتباك فأدخلوا مبلغ تسع وثمانين ألف دولارا في ميزانية سنوية تبلغ ثلاثين ألف دولارا، بعد أن سبق لهم الإدلاء بأن الميزانية ترتفع إلى مليون يورو سنويّا. كما غاب عليهم أنه من غير المعقول أن تكون أجرة ثمانية عشر ألف دولارا سنويا لموظف واحد(الكاتب) تلحق بميزانية إجمالية تبلغ ثلاثين ألف دولارا، إذ يشكل ذلك خرقا فادحا للقواعد الأساسية لحسن التصرف المالي. كما اتهمتمونا بقبض مبلغ سبع وخمسين ألف وثماني مائة وسبعين دولارا من « جهة مشبوهة »، وهي برنامج « اليونسكو » لتنمية الاتصالPIDC. وقد عرض بالفعل راديو كلمة على اليونسكو مشروعا في إطار البرنامج بمبلغ سبع وخمسين ألف وثماني مائة وسبعين دولارا. وقد حظي المشروع بالموافقة من قبل خبراء اليونسكو في قسم الاتصالات، ولكن المندوب التونسي اعترض على إعطاء المنحة لراديو كلمة عندما وصل المشروع إلى مستوى المجلس الممثل للدّول وهكذا حرم الراديو من هذا الدّعم. قد التجأت مصالحكم المختصة إلى وثائق زوروها بعد أن اختلسوها من حواسبنا النقالة خلال اعتدائكم « الباسل » الذي قام به عشرات من أعوانكم في الثالث من مارس2008 بميناء حلق الوادي. وحتى مع افتراض صحّة الأرقام المذكورة أعلاه فالمبلغ بعيد جدا عن المليون يورو المزعوم. إن التلاعب بهذه المعطيات يمكن أن يربك فقط غير الملمين بحيثيات الموضوع. وإن أمكن التلاعب، فلا يمكن أن نصدق اشتراك الإسرائليين في المجموعة العربية لمراقبة أداء الإعلام خلال الانتخابات. كما لايمكن أن نصدق تمويلنا المزعوم من المجموعات الحكومية الأمريكية، « الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية » و »مبادرة الشراكة الامريكية الشرق أوسطيّة » و »الصندوق الوطني للديمقراطية » (أمريكي) ونحن نتحدّاكم أن تأتوا بأبسط دليل على تمويلات من هذه المصادر. أنتم تعلمون علم اليقين أن استقلاليتنا غير قابلة للتصرّف كما أننا لانقبل أي شراكة مع أي طرف لا يشاركنا نفس القيم. ولكن بالمقابل يمكننا الجزم أن جمعيات من التي تدور في فلككم تلقت ـ وما تزال ـ أموالا ليس فقط من هذه الجهات التي تصفونها بالمشبوهة بل تلقت الدعم من وزارة الدفاع الأمريكية منذ 2004، في أوج الحملة على العراق واحتلاله، مثل الاتحاد النسائي وجمعية بسمة التي تديرها ليلى بن علي التي لم تكتف بتبديد المال العام بل تبني مقر ناديها الفخم على أراضي من أملاك الدولة. لنا شركاؤنا ولكم شركاء
ما لا تتحملونه أن هؤلاء المدافعين عن حقوق الانسان قد أفشلوا خطتكم لعزلهم ووأد مشروعهم، بل ونجحوا في تكوين مرجعيّة ذات مصداقيّة على المستوى الوطني والدولي. المجلس الوطني للحريات بتونس ذو « الوجود الافتراضي » الذي أزعجكم كثيرا نشر تقريرا حول وضعية حقوق الانسان اعتمده خبراء لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة لتوجيه انتقادات إلى لحكومة التونسية في مجال حقوق الانسان في مارس 2008 وتقريرا آخر في شهر جويلية سنة 2009. المجلس الوطني للحريات بتونس جعل من مقاومة آفة التعذيب الذي تمارسه أجهزتكم أولى اهتماماته، فأنتج شريطا عن التعذيب وأصدر قائمة بأسماء أعوان الأمن المتورطين في أعمال التعذيب. المجلس الوطني للحريات بتونس وفّر معطيات ساهمت في إدانة عونكم خالد بن سعيد في محكمة سترازبورغ في شهر ديسمبر 2008 وحكم عليه غيابيا بثماني سنوات سجن نافذة. ونحن نعتقد أن ضحايا التعذيب أكثر وطنيّة من جلاديهم. وأن الوطنيّة تقتضي أن نحميهم حتى وإن كلفنا ذلك نعتكم لنا بالخيانة. كما أنجز المجلس بالتعاون مع جمعيات مستقلة أخرى تقريرا عن أداء الإعلام خلال انتخابات أكتوبر2009 والذي كشف احتكاركم للفضاء الإعلامي فكانت نسبة 97% مخصّصة لحملتكم. كما فضح تجاوزاتكم لدولة القانون لدى المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوربي. ويتعاون المجلس الوطني للحريات بتونس بشكل وثيق مع جمعيات دولية (مثل الفيديرالية الدولية لحقوق الانسان ومنظمة العفو الدولية والمنظمة العالمية لمكافحة التعذيب والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الانسان ومنظمة الخط الأمامي والشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير ومنظمة مراسلون بلا حدود ومنظة مراقبة حقوق الانسان…و غيرها) من أجل النهوض بحقوق الإنسان في تونس معتبرة أداءكم رديء جدّا. وهذا يغيظكم فيجعلكم تصرخون من أجل المسّ من صورة تونس. نجيبكم أنكم أنتم من يسيء إلى سمعة تونس بتزويركم للانتخابات حتى أصبحتم مثلا بحتذى به في التزوير مما يخجل كل مواطن تونسي من إساءتكم لصورة تونس. الرقابة التي تمارسونها على المجتمع تقيد الطاقات الفكرية وصحفكم الصفراء المأجورة تمثل إهانة لذكاء التو نسيين. إن فضحنا لفساد المقربين منكم هو عين الحماية لاقتصادنا الوطني. شركاؤكم الأجانب تمدونهم بموارد تونس من العملة الصعبة عوض إنفاقها في تشغيل أصحاب الشهائد العليا العاطلين عن العمل. نحن نعلم أنكم تعاقدتم بمبالغ خيالية مع وكالات دعائية في واشنطن من أجل تلميع صورتكم. هذه الجهات تشارككم هدفكم في ابقاء شعبنا متخلفا وتحت الوصاية، وهي جهات ذات أفكار استعمارية تعتبر شعوبنا ليست جديرة بانتخابات نزيهة أوصحافة حرة أوقضاء مستقل وإنما الأنظمة المستبدة هي الوحيدة التي تليق بمجتمعاتنا. هل يخيفكم حكمنا عليكم؟
ليس لنا أمام جبروتكم سوى سلطتنا المعنوية فأنتم من يمسك بمراكز القرار وتتصرفون دون رقابة في المال العام فأنتم من يمنح الرخص والصفقات، وتوقعون العقود وتخصخصون المؤسسات العامة للدولة. أنتم من يسمح بمرور البضائع الممنوعة عبر الجمارك دون رقابة. أنتم من يرهن أملاك الدولة وتقترضون من السوق الدولية. أنتم من ينصاع إلى أوامر المؤسسات المالية الدولية. فهل يخيفكم حكمنا عليكم؟ وفيما يخص عائلتي فقد أمعنتم في قطع أرزاقنا منذ ما يزيد عن عشرين سنة في محاولة فاشلة أن تثنونا عن التزامنا بقضيتنا. وخلصتم في الأخير إلى أننا وإيّاكم لسنا من نفس الطينة. وفي سنة 2006 عندما كتبنا عن فضيحة « اليخوت المسروقة » من أوروبا، تلك « المفخرة الوطنية » التي تورّط فيها أقاربكم، فكان رد فعلكم علينا تسليط عقوبات جبائية ضدنا. ولما جاء مبعوثكم الجبائي لجرد ممتلكاتنا لم يجد شيئا مما كان يبحث عنه من أملاك، فلا بيت ولا سيارة، ولا حساب بنكي، فتعجب من ذلك وتساءل كيف تستطيعون العيش إذن؟ نعم نعيش بفضل الله وتضامن من يؤمن بقضيتنا، ولم نصبح من الأثرياء لأن ذلك ليس من أولوياتنا وليس لنا ما نخفي. ونحن مستعدون للوقوف أمام هيئة مستقلة ونزيهة للرد على اتهاماتكم الباطلة رغم أنه ليس لنا صلة قريبة كانت أم بعيدة بالمال العام. أما من جهتكم فقد أعلنتم منذ 22 سنة عن التزامكم بنشر قائمة ممتلكات كل من يضطلع بمسؤولية عمومية وبما أنكم من « الموفين بوعودهم » فأطالبكم بنشر قائمة ممتلكاتكم وممتلكات المقربين منكم الحالية والتي كانت قبل 22 سنة. بما أن الشفافية هي همكم الأساسي فهل تتجرأون على نشر حسابات صندوق 26/26 والتقرير المالي للتجمع الدستوري الديمقراطي أو لجمعية « بسمة » الخيرية، أو شروط التفويت في المؤسسات العمومية. كما أنكم لن تمانعوا في نشر تقارير دائرة المحاسبات. أنا متأكدة أنكم لا ترون مانعا من أن تكشفوا للعموم ظروف امتلاك أقربائكم للبناية الضّخمة في سيدي بوسعيد القريبة من خزان شركة توزيع المياه. كما لا تترددون في كشف حيثيات خصخصة شركة النقل وظروف التفويت في أسهم الدولة بشركة « نستلي تونس »، أو ظروف منح رخصة « أورانج تليكوم » كما لا يضيركم أن تبرهنوا على أن المقربين منكم يدفعون أداءاتهم الجبائية بشكل كامل وشفّاف! الإخلاص لتونس وليس لنظامكم
خيانة تونس التي ترمينا بها الأقلام المأجورة هي حقا ما نعيبه عليكم. ولما نستنكر الحيف الاجتماعي ونفعية الحزب الحاكم والرشوة والفساد والتعذيب وسرقة المال العام والاعتداء على حقوق المواطن، والمساومة على منح جواز السفر فذلك لأن مفهومنا للجمهورية مخالف لمفهومكم ولا نقبل أن تدمّروا بلادنا ويفلت المجرمون من العقاب. ان أجل حبّ تونس يقاومكم كل هؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان، ومن أجل أن تستعيد تونس مكاسبها وقيمها عرّض هولاء حياتهم وأمنهم وممتلكاتهم لسطوة أجهزتكم الأمنيّة المفترسة. إخلاصنا لتونس التي نحبّها وندافع عنها دون حسابات ضيقة، لا لنظامكم الذي ارتهنها ونهب خيراتها. وأخيرا اعلموا أن عدوانكم علينا شرف لنا، وغضبكم يحفزنا ويؤكد لنا صواب اختياراتنا. تستطيعون أن تصدروا القوانين الجائرة وتنصّبوا محاكم التفتيش وتعلقوا المشانق ولكننا سنواصل طريقنا بثبات وإيمان بعدالة قضيتنا. وأما كلابكم النابحة وافتراءاتها فهي أقل من أن ترتقي إلى مستوى الاحتقار. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 15 جوان 2010)
د.عبد المجيد النجار لـ »قدس برس »: المطلوب تطوير عودة الإسلاميين التونسيين إلى مصالحة ووفاق وطني
باريس ـ خدمة قدس برس
أكد القيادي الإسلامي التونسي البارز الدكتور عبد المجيد النجار أن عودته الأخيرة إلى تونس بعد نحو عقدين من المنفى وإن كانت عودة باعتباره مواطنا غير أنها حسبما يقدّر لا تخلو من الدلالات السياسية، التي أعرب عن أمله في أن تكون مدخلا للتعجيل بحل ملف المهجرين بالكامل وتحقيق الوفاق الوطني على أساس طي صفحة الماضي والعمل من أجل المستقبل.
وشدد النجار في تصريحات خاصة لـ »قدس برس » على أن عودته إلى تونس لا تعني انسحابه من انتماءاته السابقة، وقال « صحيح إنني عدت إلى تونس مواطنا عاديا لكن أقدّر أنّ عودتي تحمل في طياتها أبعادا أخرى ومؤشرات لا تقف عند حد فرديتها، فلما سمحت لي السلطات التونسية بالدخول هو سماح ليس لأنني عبد المجيد النجار فقط وإنما لأنني شخص له تاريخ وأفكار وانتماء معروف. وأنا لم يطلب مني التنازل عن أي رأي أو انتماء ولم يشترط علي أي شرط من أجل العودة أو من أجل تسوية وضعيتي واسترجاع حريتي في الدخول إلى أرض الوطن وفي الإقامة فيها ».
ونفى النجار أن يكون قرار عودته إلى أرض الوطن خاضعا لأي اعتبار غير اعتبار الحق الطبيعي لكل مواطن في أن يعيش في ربوع وطنه.
وفي حديث تطرق إلى الرؤية الفكرية لحركة النهضة نفى النجار أن يكون هو الذي كتبها مؤكدا أن جملة ما ورد فيها من الأفكار قد أخذت من كتاب منشور من كتبه وإلى ذلك فإنه ما يزال متمسكا بتلك الأفكار ذات الطابع العقدي معتزا بها مع الحاجة إلى مراجعتها وتطويرها، وقال: « أنا لم أكتب الرؤية الفكرية لحركة النهضة، فهذه معلومة تاريخية غير دقيقة، وإنما تم أخذ بعض الأفكار من كتاب نشرته، أما مسألة عودتي وعلاقتها بقيادة النهضة فإنها تندرج ضمن الحق الطبيعي لكل مغترب أن يعود إلى وطنه »، على حد تعبيره.
وعما إذا كان لقاؤه ببعض قيادات النهضة يحمل أي دلالة سياسية أو أن عودته تندرج في إطار وساطة بين النهضة والحكومة، وعما إذا كانت هذه العودة محل ترحاب أو احتراز من قبل المنتمين إلى حركة النهضة قال النجار: « بخصوص الذين زاروني أثناء عودتي إلى تونس، فقد التقيت في بيتي بالعاصمة وبالجنوب التونسي العديد من الشخصيات الإسلامية والحقوقية ومن القيادات السابقة بحركة النهضة بصفتهم الشخصية، ومنهم المحامي والقيادي الإسلامي المعروف عبد الفتاح مورو وتحدثنا في أمور عامة في الغالب، كما تحدثنا في بعض الأمور السياسية بشكل عابر، لكنني لم ألتق بأية جهات رسمية في الحكومة لجهة الحديث في الوساطة بينهم وبين الإسلاميين، وقد كانت هناك بعض الترتيبات الإدارية الخفيفة التي تمت في جو من الاحترام الكامل منذ وصلت إلى مطار تونس قرطاج إلى حين غادرته. وكل من التقيت به دون استثناء عبر لي عن التهنئة الحارة بالعودة وعن فرحته بها حتى خلت أن البعض كانت فرحته توازي فرحتي إذ قد رأيت بعض طلابي القدامى يجهش ببكاء الفرح عند اللقاء ».
لكن النجار دعا السلطة إلى التسريع بعودة المهجرين وتطويرها إلى مصالحة سياسية شاملة تطوي الماضي ولا تمزقه، وقال: « لقد عدت إلى تونس برؤية أن نطوي صفحة الماضي ونلتفت إلى المستقبل بمنهج الحوار والمصالحة والوفاق بين جميع الفرقاء من المكونات السياسية وعلى رأسها السلطة الحاكمة من أجل أن يتعاون الجميع لمواجهة التحديات المطروحة على البلاد، لأن مسار المشاكسات والمصادمات تبين أنه لا يجدي، والذي تتحقق به المصلحة الوطنية هو الحوار بين جميع الأطراف لحل المشاكل العالقة والتعاون على خدمة القضايا الوطنية ».
وأضاف النجار « إلى حد الآن لا يوجد حسب علمي أي حوار بعد عودة العديد من الوجوه الإسلامية، وأنا أدعو السلطة باعتبارها الطرف الأقوى والأطراف المعنية بالشأن السياسي التونسي إلى العمل من أجل التعجيل بعودة كل المهجرين في نطاق الاحترام وحفظ الكرامة، وأدعو إلى تطوير هذا النهج إلى فتح صفحة جديدة للوفاق والمصالحة، والخطوة الأولى بيد السلطة باعتبارها الفاعل الأكبر في الشأن السياسي ».
وعن اهتماماته المستقبلية في بلاده بعد العودة أفاد النجار أن اهتماماته الأصلية داخل الوطن وخارجه هي الاهتمامات الفكرية الثقافية، وهو ما يريد أن يصرف الجهد الأكبر فيه، معبرا عن أمله في أن تتاح له الفرصة للمشاركة بصفة مباشرة في الحركة الفكرية العلمية على أرض الوطن كما هي متاحة له في الخارج، وأكّد أنه لن يتأخر عن كل ما تدعو إليه الحاجة الوطنية عند الطلب في مختلف المجالات.
وحول انطباعاته الأولية عن الشأن العام في تونس، قال النجار: « انطباعاتي الأولى، هي أن النهضة العمرانية والبنية الأساسية حدث فيها تطور كبير، كما أن مظاهر التدين في الشارع وفي المساجد أمر ملحوظ أيضا، وكذلك مستوى العيش يبدو أنه قد تطور، بالرغم من أن جزءا منه قد يكون ناجما عن الشراهة الاستهلاكية التي يتم تغطية جزء منها عبر القروض. وفي كل الأحوال فإنني أرى أنه ينبغي تقييم الوضع تقييما موضوعيا فتسجل الإنجازات والإيجابيات التي لا تخطئها العين في مجالات مختلفة ليقع البناء عليها، كما تسجل أيضا النواقص والسلبيات في المجالات المختلفة ليقع التعاون على معالجتها والتصدي لها بالأساليب الناجعة، أما المنهج الذي لا يرى في تونس إلا المربعات السوداء، وذلك الذي لا يرى فيها إلا المربعات البيضاء فهو كما أراه منهج مغلوط لا ينفع شيئا « ، على حد تعبيره.
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 16 جوان 2010)
رابطة حقوق الانسان الهيئة تدعو إلى استئناف الحوار والشاكون يشترطون الجدية
أصدرت الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مؤخرا بيانا دعت من خلاله مجموعة الشاكين إلى ضرورة الإسراع باستئناف الحوار والتنازل عن كل الأحكام القضائية الصادرة منذ المؤتمر الخامس. واكدت الهيئة على»التزامها»بهذا التمشي مطالبة الشاكين «بالتحلي بنفس الحرص والعمل على ترميم الثقة بين الرابطيين وتعزيزها بخطوات ثابتة والابتعاد عن منطق التهديد بالقوة من خلال التلويح باللجوء إلى القضاء». وبخصوص المؤتمر القادم للرابطة نص البيان على «أنه لا يمكن الوصول إلى إنجاز المؤتمر بالشكل المطلوب إلاّ باعتماد الوفاق كآلية عمل في كل المراحل، وهذا من شأنه ترميم الثقة بين مختلف الأطراف الرابطية وتعزيزها بخطوات ملموسة، ليس أقلّها معاملة كلّ الرابطيين مهما تنوّعت مشاربهم الفكرية وانتماءاتهم السياسيّة على قدم المساواة». وجددت الهيئة المديرة مطالبها حتى يتمكن كل الرابطيين من التحاور فيما بينهم لبناء الوفاق الذي يقتنع به الجميع ويؤدي بهم إلى نهاية أزمة طالت أكثر من اللزوم». ومن جهتها اعربت مجموعة الشاكين عن تمسكها بالحوار كمنهج اساسي لتجاوز الازمة التي تعيشها الرابطة واعتبر ممثل الشاكين الاستاذ الشاذلي بن يونس امس في تصريح لـ«الصباح»أن العودة إلى طاولة الحوار مشروطة بتقديم عرض جديد وجدي فيه تنازلات حقيقية مقابل تلك التي قام بها الشاكون». كما ربط بن يونس العودة الى المفاوضات بتقديم التنازلات المنتظرة بشكل كتابي وتبليغه إلى الوسيطين العميد الاسبق عبد الوهاب الباهي والسيد منصر الرويسي. واكد بن يونس في هذا السياق على ضرورة تمثيل كل الحساسيات السياسية المشكلة للرابطة مبينا أنه لا يسعى إلى أن يتحصل على اغلبية الاصوات داخل مكتب الهيئة مؤكدا «أنه تم النقاش في جلسات سابقة على القبول بعضوين فقط داخل الهيئة الوطنية لحقوق الانسان من مجموع 25». خليل الحناشي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 16 جوان 2010)
اختيار الزميل الطاهر العبيدي منسق عام ومستشار إعلامي لموسوعة التميز والحضارة
قرار مجلس الأمناء أقر مجلس أمناء موسوعة التميز والحضارة اختيار الزميل الطاهر العبيدي منسق عام ومستشار إعلامي للموسوعة بأوربا والمغرب العربي. أعلن ذلك السيد أحمد بريكة منسق لجان الموسوعة يوم أمس الموافق 13/06/2010م وأفاد بريكة بأن تعيين السيد الطاهر العبيدي بهذا المنصب الشرفي جاء بناء على ما رفعة سعادة الأمين العام من تقرير مفصل للمجلس. وبهذه المناسبة يسر أسرة جائزة التميز والحضارة وموسوعة التميز والحضارة تهنئة جميع محبي الطاهر العبيدي وتتمنى له مزيد من التفوق والتميز. http://www.tamayoz.net/newsdetail.aspx?nid=805 من نحن من تكون موسوعة التميز والحضارة ؟؟؟
الطاهر العبيدي مستشار إعلامي للموسوعة/ مكتب باريس
لعلك سيدي القارئ تسأل من تكون موسوعة التميّز والحضارة؟ وربما تتساءل ماذا يمكنها أن تغيّر في واقع عربي تأكله الحرائق، وفي ظل انحباس سياسي يسدّ القلوب والأنفاس، وفي مناخ اقتصادي عالمي يؤذن بالخراب.. أو لعلك سيّدي القارئ تسأل مرة أخرى ما الجديد الذي تتميز به موسوعة التميّز والحضارة، أمام طوفان المواقع الالكترونية، وانهمار الصحف والمجلات، وزحمة الفضائيات العابرة للقارات، أو ربما تسأل وتتساءل سيدي الباحث ماذا عساها أن تضيف موسوعة التميّز والحضارة في زمن الصورة التي تجوب الدنيا في لمح الأبصار، وزمن المواطن الالكتروني الذي يطوف العالم بمجرد الضغط على الأزرار، وهل نحن بحاجة إلى عناوين أخرى، ودكاكين أخرى، وحالنا كما حالنا منذ عشرات السنين، ما زلنا نسدّد الهزائم بالتقسيط، وأخرى ندفعها بالفوائض، وما زلنا نجترّ العطل الفكري، ونمضغ الهوان السياسي، ونعاني من توحّش الاستبداد، ومصابين بسكتة تاريخية، منذ مئات الأعوام ما زلنا نتخبّط في كتب التاريخ عن من قتل الحسين؟ ونبحث عن الجناة؟ ومن كان أجدر بالخلافة ومن المسئول؟ ونجلد الأجساد، ونلطم الخدود، وننتف الرؤوس…وغيرنا يستفيد من هذه الخلافات، ويؤجج فينا الفتن وينشر الحرائق ويموّل الصراعات.. ونسأل في الخفاء وفي العلن لماذا تأخرنا نحن وتقدم غيرنا من الشعوب والأمم؟… ولعلك سيدي القارئ، سيدي الباحث، سيدي المهتم، تضيف ماذا ستقدم موسوعة التميّز والحضارة للمواطن والأوطان، في زمن ديمقراطية الحذاء العسكري، وزمن عولمة البؤس وصناعة الفقراء، وزمن انتفاخ البطون وذبول العقول، وزمن الاضطهاد الإستباقي للفكر والإبداع، وزمن التلوث الذي افترس الأرض والفضاء.. سوف لن نقول لك سيدي القارئ أننا نحن من نملك حقيقة الأشياء، وأننا نحن من يستطيع تغيير الفصول والألوان، وأننا نحن من يملك حلولا فضائية لكل عناوين الرسوب والاشتباك.. ولكننا بعصارة الجواب، نسجل على كل الصفحات ومن خلال مسيرة من الأيام والشهور والسنوات، أننا من الباحثين عن النص المفقود، الساعين إلى إيقاظ الحلم الموءود، والانقلابين على الحرف المهزوم، والمفتشين عن إبداع يحرّض الإنسان ضد نفسه، للانتقال به من سكونية الحجر إلى حركية النار، وجدلية الأسئلة، إذ لا قيمة في نظرنا لإبداع يخاطب الفراغ، ففي ظل عملية السطو والمداهمة المستمرّة وحالات المصادرة والتفتيش، تبقى الروح بحاجة إلى وقود من الحرية والانجاز.. من هنا فإن موسوعة التميز والحضارة تسعى أن تكون قلعة تحتمي تحت أسوارها كل الأفكار المتألقة، كل الرؤى المتميّزة، كل الإسهامات الناضجة، كل النوايا الحسنة، كل الأقلام المبدعة، كل العقول الواعية بقضايا العصر، الآتية من نبض المكان ومن نبض الزمان، الملقحة ضدّ الرسوب والركود والسبات، والمتحصّنة بإشراقات التاريخ الإنساني، والمتواصلة مع الواقع، والمطلة على الحاضر، والمستشرفة للمستقبل الآمل، بعيدا عن التناطح الثقافي، والتقاتل الحضاري، والتراكل المذهبي، معتمدة الحوار مبدأ، والاختصاص مسلكا، والمعرفة منهجا، والحجة دليلا، وتثوير الوعي أسلوبا، من أجل إبداع لا يزحف على البطون، من أجل كلمة انقلابية على الرداءة والسكون، من أجل كتابة متدثرة بعرق الجياع والفقراء، من أجل تحليل سياسي هادف، وبحث فكري ناضج، ونص أدبي صارخ، وإنجاز بشري صادق، ومن أجل حلم يرفض كساد الكلمات.. يرفض كساد الجماهير.. فموسوعة التميّز والحضارة سيدي القارئ تحاول فتح نافذة في الظلام، مدركين أن الإبداع نزيف متواصل وولادة شريفة من رحم العقل والضمير، ليكون فعل رقيّ وتغيير، ذلك لأننا نؤمن أن إشعال شمعة أفضل من لعن الظلام.. فموسوعة التميز والحضارة سيدي الباحث تسعى أن تكون وطنا يلغي كل الحدود والمسافات، ليحتضن كل المبدعين كل المتميزين كل المتألقين المسكونين بهاجس البناء والتعمير، للمساهمة في تلاقح الحضارات، وتقارب الثقافات من أجل الممكن الإنساني المشترك بين الشعوب والأمم، لاستعادة الإنسان المفقود.. والمساهمة في تأسيس وطن الانسان..
حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي الأمين العام للحزب يستقبل سعادة سفيرة المملكة الهولندية
استقبل الأخ الأمين العام مساء الثلاثاء 15 جوان 2010 سعادة سفيرة المملكة الهولندية في لقاء تعارف حيث حرصت سعادة السفيرة على معرفة مواقف الإتحاد الديمقراطي الوحدوي مباشرة من قيادة الحزب من مختلف القضايا العربية في فلسطين والحصار الظالم على غزة والاحتلال الأمريكي للعراق ومن مختلف المستجدات على الساحة الدولية الراهنة . وكان اللقاء مناسبة لتبادل الآراء وتأكيد أهمية الدور الأوروبي في مباشرة مختلف هذه القضايا. وتطرق الأخ الأمين العام في هذا اللقاء إلى تقديم عرض برامج الحزب ورؤاه السياسية والإقتصادية والاجتماعية والثقافية والوطنية ومقارباته للمسار الديمقراطي التعددي في البلاد ولمسألة الحريات وحقوق الإنسان مؤكدا موقف الحزب المبدئي الرّافض لمنطق الإملاءات والولاءات الخارجية. عبد الكريم عمر عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام
ردا على مقال بدعة بالاتحاد الجهوي للشغل بالمهدية
سي محمد أشكر حرصك و أثمن حرص القائمين على المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية على استجلاء الحقائق و تنوير زائري هذه المدونة بالإعلام على أن يكون نزيها تحكمه الوقائع و تدعمه الإثباتات و تعليه كلمة الحق درءا لكل الإشكاليات و محاولة أخيرة لإنهاء هذه الزوبعة المفتعلة أقول إن ما حدث فعلا و أشهد على كلامي الحاضرين في مسيرة يوم 03/06/2010 لا يمكن أن يكون سوى مناوشة عادية بين الأخ وحيد الزواوي كاتب الفرع الجامعي للتأطير و الإرشاد التربوي بالمهدية و الأخ نبيل نقابي قاعدي حيث أراد الأخ وحيد انتزاع مضخم الصوت من الأخ نبيل لما أراد هذا الأخير رفع شعار غير متفق عليه و فيه خروج عن أهداف المسيرة إذ من غير المسموح به أن يرفع شعار من قبيل – خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود و الله أكبر عاصفة لليهود ناسفة في مسيرات الاتحاد . و فعلا أرجع إلى الأخ عضو المكتب التنفيذي مضخم الصوت و فض الخلاف الذي لم يدم لأكثر من عشر ثواني و تمت المسيرة عادية إثر ذلك إلا أنه و بعد ثمانية أيام تقدم الأخ نبيل بشكوى فحواها أنه تعرض إلى اعتداء باللكم من قبل الأخ وحيدالزواوي و هذا لعمري كذب و افتراء لأنني كنت شاهدا على ما جرى تسلم الأخ الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالمهدية الشكوى بحضور ثلة من الرفاق أعضاء المكتب التنفيذي و حولها إلى الأخ المسؤول عن النظام الداخلي للنظر… و صادف أن اجتمعت اللجنة الجهوية للنظام الداخلي في عشية نفس اليوم للنظر في تحديد القاعدة العددية لمؤتمر النقابة الجهوية للتعليم الثانوي و بعد انتهاء أشغالها قدم الأخ المسؤول عن النظام الداخلي على الهامش إعلاما عن الشكوى المرفوعة من قبل الاخ نبيل الزقناني و لم يعرض الموضوع بشكل رسمي و لم يتخذ بعد أي قرار في هذا الغرض إلا أنه و لست أدري كيف تسرب الخبر و سرى بين النقابيين سريان النار في الهشيم و عليه أصبح الأخ وحيد الزواوي مستهدفا من قبل المركزية النقابية الجهوية هذا ما حدث بالتفصيل دون إضافة أو حذف أو توظيف و قد كتب الأخ وحيد الزواوي تعليقا بين فيه أنه لم يستدع و لم يمثل البتة أمام لجنة النظام الداخلي و هذا ما يجرني إلى التعرض إلى السيد مرتضى نقابي من الشابة صاحب المقال الشهير الذي إن دل على شيء فهو يدل على عدم استعابه للواقعة و تعمده توضيف هذه الحادثة للإساءة إلى الاتحاد الجهوي للشغل بالمهدية هذا الاتحاد الذي خبره أهالي الشابة و خبروا مدى صدقه و نضاليته – فيا جبل ما يعزك ريح – أين كنت يا سيد مرتضى يا من تتخفى وراء اسم مستعار لما أغلقت مؤسسة و أطردت جميع عاملاتها و أرجعهن الاتحاد معززات مكرمات خالصات الأجر مدة الإيقاف لأكثر من شهرين ؟ أين إعلامك النزيه يا مر… ض… حين هاجمت قوات البوليس عاملات إحدى مؤسسات النسيج بالشابة و هن في طريقهن نحو معتمدية المكان للتظلم ؟أين إعلامك الشفاف يا مر…ض حين نفذت بنات إحدى المؤسسات مصحوبات بأزواجهن و اولادهن اعتصاما داخل معتمدية الشابة ؟ و الأمثلة عديدة لمثل هذه المواقف المشرفة التي نفذها الاتحاد الجهوي و الاتحاد المحلي بالشابة و ملولش و مناضلي هذه المدينة العريقة فلم نسمع لك صوتا و لم نر لقلمك المأجور و لإعلامك المسموم أثرا أرجو أن يكون هذا الرد عن القضية المفتعلة هو الأخير لأنني أؤمن بأن هذه محاولة فاشلة لهز الشغالين بقياداتهم النقابية و لأني على يقين بأن لا أحد يقدر على بث سمومه و النفخ في نار الفتنة بين أبناء الاتحاد محليا و جهويا و إن كان هدفك التشويش على مؤتمر النقابة الجهوية للتعليم الثانوي الذي سينعقد قريبا و ذلك بتوضيف النقطة التي تثير حفيظة النقابيين و هي النظام الداخلي فاعلم أن أساتذة التعليم الثانوي أرفع من أن تؤثر فيها مثل هذه الترهات و أرقى من أن تزعزعها أقلام مأجورة و هم أعلم بما يمارس في اتحادهم الجهوي و لن تجد لهم من هذا الطريق مدخلا …. فكف و استح أنت و من وراءك من أصحاب النفوس المريضة
الاسم الحقيقي هشام القرقني كاتب عام مساعد للاتحاد الجهوي للشغل بالمهدية — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoiretunisien des droits et des libertés syndicaux
طلبة تونس WWW.TUNISIE-TALABA.NET أخبار الجامعة
الإثنين 14 جوان 2010 العدد التاسع و العشرون – السنة الرابعة –
دليل التوجيه الجامعي الخاص بحاملي باكالوريا 2010 : إلغـــاء 140 اختصاصا ….
رغم حرص مسؤولي وزارة التعليم العالي على التأكيد بأن حذف 140 شعبة من ضمن 720 شعبة بالنسبة للناجحين الجدد في الباكالوريا ليس دليلا على فشل نظام » إمد » و رغم إقرارهم بمساوئه الكثيرة و محدوديته إلا أن الواقع يشهد على ما هو أخطر من ذلك حيث تاه آلاف الطلبة في مسالك تعليمية لم يجنوا منها سوى الخيبة و الفشل و الإحباط و دفع بنسبة هامة منهم إلى الإنقطاع نهائيا عن الدراسة …. كما أن نسبة الإخفاق المرتفعة في السنوات الأولى تعتبر أكبر دليل على فشل منظومة » إمد » مع العلم أن أولى دورات التوجيه الجامعي تنطلق يوم الخميس 15 جويلية و الدورة الثانية يوم الجمعة 23 جويلية و الدورة الثالثة يوم 31 جويلية من ناحية أخرى و بهدف التيسير على التلاميذ للقيام بتعمير بطاقات التوجيه في أحسن الظروف و الإطلاع على نتائجهم قررت وزارة التربية وضع تجهيزات إعلامية على ذمة المترشحين بالمعاهد الثانوية …. دار المعلميـــــن العليـــــا : فتـــح مرحلـــة تحضيريـــة ….
ستفتح دار المعلمين العليا بــ » القرجاني » بتونس العاصمة أبوابها من جديد في بداية السنة الجامعية القادمة 2010 – 2011 لتستقبل الناجحين الجدد في الباكالوريا بهدف تكوين مدرّسين في الآداب و الإنسانيات سواء في التعليم الثانوي أو العالي و تبلغ طاقة الإستيعاب 300 طالــــب و يحصل جميع الطلبة – و بدون استثناء – طيلة فترة دراستهم على منحة جامعية خاصة أشبه بالأجر يتم الترفيع فيها سنويا مع التقدم في مستويات الدراسة كما أنهم يتمتعون بالسكن على عين المكان و يحظون – عند التخرّج – بالأولوية في التدريس في المعاهد الثانوية دون الإضطرارإلى اجتياز مناظرة » الكاباس » و يتمتع الخرّيجون أيضا بالأولوية في التبريز بما يمكنهم من التدريس بالمؤسسات الجامعية إضافة إلى فتح الآفاق أمام المتميزين منهم لمواصلة الدراسات العليا بفرنسا …. النقابــة العامــة للتعليــم الثانــوي : دعوة الأساتذة إلى مقاطعة التكوين في العطل …..
في بيان ممضى من قبل الكاتب العام سامي الطاهري دعت نقابة التعليم الثانوي كافة الأساتذة إلى مقاطعة الدورات التكوينية في الإعلامية خلال العطلة الصيفية القادمة …. و أكدت النقابة على حق الأساتذة في التمتّع بكامل أيام العطل و أشارت إلى ضرورة أن يكون التكوين خلال السنة الدراسية فقط و وفق شروط محددة و ظروف ملائمة … يذكر أن وزارة التربية قد أعدت روزنامة للتكوين انطلقت في شهر مارس 2010 على أن تمتد إلى غاية مارس 2011 لتمكين 136 ألف إطار تدريس من تكوين في الإعلامية …. الصحفي صالح الأزرق : التونسي الوحيد الذي شارك في » قافلة الحرية » خرّيج كلية الآداب ….
من المؤكد أن كلية الآداب بتونس تشعر بالفخر لأن أحد طلابها القدامى قد ناله شرف المشاركة في قافلة الحرية التي هزّ الإعتداء عليها الكيان الصهيوني و أربك قيادته المتعجرفة المعهد التحضيري للدراسات الهندسية بصفاقس : طالبة تضع مولودا قبل ثلاث ساعات و نصف من اجتيازها المناظرة الوطنية للدخول إلى مدارس المهندسين ….. وضعت طالبة متزوجة و تدرس بالسنة الثانية بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس في اختصاص البيولوجيا و الجيولوجيا على الساعة الرابعة و 35 دقيقة من فجر يوم الخميس 3 جوان 2010 مولودا ذكرا في صحة جيّدة … و عند تمام الساعة الثامنة صباحا كانت الطالبة متواجدة بقاعة الإمتحان في مدرسة المهندسين لإجراء اختبار في مادة الفيزياء في إطار المناظرة الوطنية للدخول إلى مدارس المهندسين و قامت الإدارة بواجبها في توفير الظروف الملائمة للطالبة لاجتياز الإمتحان …. و تعتبر هذه الطالبة من طلبة النخبة في المعهد و قد حرصت على إجراء الإمتحان لتحقيق النجاح خاصة بعد العمل المضني الذي قامت به خلال السنة الجامعية و إن شاء اللّه المولود الجديد طالع خير عليها و على أسرتها …. حصــــــاد الهشيــــم : المهديـــــة : القبض على طالبــــين يروّجان المخدرات …..
بينما كانا يمتطيان دراجة نارية تم خلال الأيام الماضية ضبط طالبين يدرسان بإحدى المؤسسات الجامعية بالمهدية و بحوزتهما نصــف كيلوغــرام من » القنب الهندي » المعروف بـــ » الزطلة » فتم إيقافهما و إحالتهما على القضاء …. و قد راجت الإشاعات في مدينة المهدية على أن المخدرات المحجوزة هي من نوع الكوكايين أو الهيرويين و ليست » زطلة » و قد أدى التحقيق معهما إلى إلقاء القبض على عدد آخر من الأشخاص تورّط بعضهم في الترويج و البعض الآخر في استهلاك المخدرات …. الزهـــراء – تونـــس : مشاركة تلميــــذ و طالــــب في قتل تلميذ الباكالوريا …..
نظرت الدائرة الجنائية الثانية عشرة بمحكمة الإستئناف بتونس يوم الإثنين 14 جوان 2010 في قضية القتل التي ذهب ضحيتها تلميذ الباكالوريا أميـــــن السايحــــي و التي جدّت وقائعها في بداية شهر جانفي 2009 و اتهم فيها تلميذ يدرس في الباكالوريا و شقيقه الطالب و صديق لهما بارتكاب الجريمة … و كان منطلق الجريمة خلاف بسيط بين الضحية و أحد المتهمين كان يمكن أن ينتهي عند المناوشة التي حصلت … و في يوم الجريمة و بالتحديد عند الساعة الثالثة و النصف مساء – و بينما كان أمين واقفا بأحد أحياء الزهراء – فوجئ بقدوم الشقيقين صحبة شخص ثالث عاجله بلكمة ثم قام الثلاثة بالإعتداء عليه بالعنف الذي بلغ أوجه برشق سكين في ظهر الضحية كانت كافية للقضاء عليه …. و كانت المحكمة الإبتدائية بتونس قد أدانت منذ أسابيع المتهمين الثلاثة و قضت بسجن المتهم الرئيسي بـــ 20 سنة سجنا في حين نال تلميذ الباكالوريا و شقيقه الطالـــب الذي يدرس بكندا 3 سنوات سجنا …. الميـــــدة :
تم في أواسط الأسبوع الثاني من شهر جوان 2010 العثور على جثة طالب جامعي ملقاة على شاطئ لبنة بالميدة و كان الطالب قد نزل للسباحة في البحر و لكنه غرق و لم يتفطن إليه أحد إلى أن قذفت به الأمواج إلى الشاطئ …. المرسى – تونس : الحكم على التلميذ الذي طعن زميلته بسنة سجنا …..
قضت الدائرة الجنائية المختصة بقضايا الأطفال يوم الإثنين 14 جوان 2010 بالسجن مدة عام مع تأجيل التنفيذ على التلميذ الذي طعن زميلته بينما كانا يتجولان داخل المعهد الذي يزاولان به دراستهما بضاحية المرسى حيث أنه – و أثناء تجاذبهما أطراف الحديث – تملّكت التلميذ فجأة حالة من الهيستيريا الجنونية فانهال على زميلته بالطعنات من الخلف و من ألطاف اللّه أنه تم إسعافها من خلال نقلها بسرعة إلى أقرب مستشفى لتلقي الإسعافات و تم الإحتفاظ بها في غرفة العناية المركّزة فنجت من موت محقّق و ادّعى التلميذ أنه ارتكب اعتداءه على اثر استهلاكه مادة مخدّرة بحيث أنه لا يدرك سبب اعتدائه و لم يع تماما ما حصل ….. عين دراهم – فرنانة : انتحار تلميذة ….
أقدمت تلميذة – إثر الأسبوع المغلق – و تدرس بالسنة الثالثة ثانوي على إلقاء نفسها في سدّ كائن بين مدينتتي عين دراهم و فرنانة و كان شهود عيان قد شاهدوا الفتاة تقترب من السدّ ثم ألقت بنفسها في السّدّ و قد تم انتشال الجثة بعد ساعات من البحث …. قفصــــــة : مقتل تلميذ على يد زميله …..
في موكب خاشع حضره عدد كبير من الأهالي و الإطار التربوي و الإداري تم يوم الجمعة 4 جوان 2010 دفن التلميذ كريـــم قواسميـــة ( مولود سنة 1994 و يدرس بالثامنة أساسي وهو يتيم الأم ) الذي سقط قتيلا صباح نفس اليوم ( أي في اليوم الخامس من الأسبوع المغلق ) وسط ساحة المدرسة الإعدادية » أولاد وهيبة » بقفصة الشمالية أثناء تحية العلم حيث سدّد له طعنة واحدة مباشرة في القلب أودت بحياته و قد اعترف التلميذ القاتل بارتكابه الجريمة ذاكرا بأن أغراضا دفينة تجمع بينه و بين الضحية تقف وراء ذلك مع العلم بأن التلميذ المجرم أحيل خلال شهر جانفي 2010 على مجلس التأديب من أجل اعتدائه على زميل له بسلسلة حديدية و أطرد من المعهد لمدة 15 يوما …. المزّونة – سيدي بوزيد : مصرع تلميذ على يد زميله ….
خلال أحد الأيام الأخيرة من شهر ماي 2010 ( خلال الأسبوع المفتوح ) لقي التلميذ سميــــر العكرمــــي ( 15 سنة ) الذي يدرس بالسنة الأولى ثانوي بمعهد المزّونة من ولاية سيدي بوزيد مصرعه على يد زميل له … و كان سمير قد غادر المعهد صحبة زملائه بسبب غياب أحد الأساتذة … و نظرا لتفوقه في الدراسة طلب منه زميله الذي يقيم بمبيت المعهد أن يشرح له بعض المسائل المتعلقة بالفرض الذي سيقومون بإجرائه و قد حصل ذلك بالقرب من أحد المقاهي المجاورة للمعهد ثم انتقلوا إلى ضيعة فلاحية قريبة حيث حصلت مناوشة بين الضحية و التلميذ القاتل قبل أن تحصل الفاجعة التي نزلت كالصاعقة على رؤوس الجميع حيث ذكر التلاميذ الحاضرون أن التلميذ المشبوه فيه أسقط الضحية أرضا و اعتدى عليه بالضرب و رغم الإسراع بنقله إلى المستشفى فقد فارق الحياة ….. و كان التلميذ الضحية متفوقا في دراسته حيث حصل خلال الثلاثي الثاني على معدل 14 من 20 و كان يعيش ظروفا صعبة بسبب وفاة والدته منذ مدة و إصابة والده بإعاقة بصرية …. و في الختـــــام :
» … فضلا عن ذلك ففي الأنموذج العربي للمجالس التمثيلية قد لا تجد أحزابا متنافسة و لا تعددية حزبية ، حيث يمنع النظام كل شكل من أشكال الحزبية و التنافسية القائمة بينها ، وهو ما تنصّ عليه الكثير من الدساتير العربية التي إما صدرت بمنحة من الحاكم ، أو وردت برغبة أجنبية خارجية رسمت خارطة الطريق إلى تلك البرلمانات المدجّنــة ، مما يفقدها قدراتها و سلطاتها في مساءلة برلمانية جادّة ، و حثّ على تشفيف العمل الحكومي ، و مراجعة و إقرار الميزانية العامة أو إبداء رأيها بشأن قرارات خطيرة كقرارات الحرب . لذلك نجد أن الكثير من حوادث الفساد و النهب المنظّم اقترفها من يسمّون أنفسهم بممثلي الشعب ، الذين وجدوا أنفسهم في مقاعد نيابية صورية للمصادقة على نهب الحاكم المستبدّ ، فآثروا استغلال مواقعهم للإسراع بقضم ما يستطيعون من كعكة المال العامّ ، تحت ستار مصلحة الوطن و المواطن ، و الحفاظ على المصلحة العامة التي أصبحت في واقعنا العربي مجرّد كلمة من التراث … » » الشفافيـــــة و مراقبـــــة الفســـــاد » – عمــــــــاد الشيــــــخ داود – باحث في العلوم السياسية ، و أستاذ جامعي في هيئة التعليم التقني في العراق
جليلة بكار في لقاء مفتوح مع الجمهور نحن مواطنون قبل أن نكون مسرحيين …
متابعة عادل الثابتي
لنا في تونس تجارب مسرحية عديدة وهي تجارب عريقة، انطلق بعضها زمن الاستعمار، وكان ذلك في سياق عمل وطني إنشائي مقاوم له تفرعات سياسية وجمعياتية واقتصادية وأدبية وغيرها . وخلال الاستقلال تواصل هذا الجهد مع فرق عديدة، منها فرقة بلدية تونس والمسرح الجامعي والمسرح المدرسي ثم المسرح الوطني في فترة متأخرة والفرق الجهوية التي كانت ناشطة خلال فترتي السبعينات والثمانينات كفرقة الكاف وفرقة قفصة وفرقة المهدية وفرقة القيروان … وهذه التجارب مجتمعة أنجبت لنا فنانين متميزين من أمثال علي بن عياد وعمر خلفة ومنى نور الدين ومحمد إدريس والقائمة تطول. ومن بين قائمة هؤلاء الفنانين الطويلة تميزت تجربة الثنائي جليلة بكار والفاضل الجعايبي بمسار خاص، فكانت كل الأعمال التي يشاركان فيها، في مرحلة أولى، ثم تلك الأعمال التي يتحملان مسؤولية إنجازها في مرحلة لاحقة ، كثيرا ما تثير جدلا كبيرا في الساحة الثقافية التونسية . ويتعلق هذا الجدل بعمق المضامين التي تطرحها هذه الأعمال والأسئلة التي تثيرها.
وخلال الأعوام الخمسة الأخيرة أنتج هذا الثنائي، الذي استقل منذ سنوات بالعمل ضمن شركة إنتاج خاصة بهما، وهي شركة فاميليا للإنتاج، عملين مسرحيين شدّا الجمهور التونسي بقوّة دون أن ينزلا إلى مستوى شعبوي عكس كثير من الأعمال التي قُدِّمت على الساحة الثقافية التونسية، خاصة في إطار المسرح المسمى « بالوان مان شو ». وكان العمل الأول تحت عنوان » خمسون » في صيغته العربية و »أجسام رهينة » في تسميته الفرنسية وأنتج سنة 2006. أما العمل الثاني فكان بعنوان « يحي يعيش » باللغة العربية و »نسيان » أو « فقد ذاكرة » باللغة الفرنسية. وطرح العملان أسئلة عميقة حول تونس الاستقلال وأسالا كثيرا من الحبر. ولكن قليلة هي اللقاءات المباشرة مع الجمهور التي تمّ تنظيمها لهذين الفنانين، جليلة بكار والفاضل الجعايبي، وقد يكون الأمر متعلقا برفض الأوساط المهيمنة على الفضاءات الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة وعلى الفضاءات الثقافية لتقبل المختلف، ومن هذه اللقاءات القليلة كان اللقاء الذي نظّمه منتدى الجاحظ لمرتاديه مع الفنانة جليلة بكار التي تفاعلت مع الجمهور الحاضر بكل عمق ورهافة إحساس الفنان الحقيقي وأجابت عن جميع الأسئلة التي طُرحت عليها بكل تفاعل إنساني لفت انتباه الحضور.
الانطلاقة من الحوض المنجمي بقفصة
كانت الانطلاقة خلال هذا اللقاء المباشر مع الجمهور بتقديم الفنانة لعرض عن بداياتها مع المسرح والتي كانت مع المسرح المدرسي ضمن نشاطات الشبيبة المدرسة « قبل أن تُسيَّس بالمعنى السلبي لكلمة تسييس » كما قالت الفنان جليلة بكار. ولعلها تقصد هنا قبل أن تصبح هذه الجمعية المعنية بتأطير الشباب التلمذي مُوظّفة لأغراض حزبية معروفة . ولكن هذا الشغف بالمسرح لم يجد الإطار المناسب لمّا دخلت جليلة بكار الجامعة التونسية في بداية السبعينات، مرسمة بقسم الآداب الفرنسية، فقد كان المسرح الجامعي في أواخر عهده المزدهر، إلا أن الفرصة توفّرت، كما تقول هي، مع فرقة قفصة صحبة مجموعة من الفنانين ستصبح فيما بعد من أقطاب المسرح التونسي وهم فاضل الجعايبي ورجاء فرحات ورؤوف بن عمر وحمادي بن عثمان وسمير العيادي، ومن أبناء الجهة كان معهم عبد القادر مقداد ومجموعة من عمال المناجم من هواة المسرح. وشاركت جليلة بكار مع هؤلاء في تقديم مسرحية حول سيرة محمد علي الحامي . واستمرت التجربة مع فرقة قفصة مدة سنتين عادت إثرها الفنانة جليلة بكار إلى العاصمة لتخوض تجربة أخرى ضمن أول فرقة مسرحية خاصة وهي فرقة المسرح الجديد التي تكونت خلال 1975/1976 صحبة محمد إدريس والفاضل الجعايبي والفاضل الجزيري والمرحوم الحبيب المسروقي . وقدمت هذه الفرقة عدة أعمال منها العرس والورثة والتحقيق وغسالة النوادر. وتضيف الفنان جليلة بكار أن هذه المجموعة تفرقت وكان قد غَيَّب الموت قبل ذلك أحد أبرز عناصرها وهو المرحوم الحبيب المسروقي. و لم ينته الكفاح المسرحي لجليلة بكار مع انتهاء تجربة المسرح الجديد، بل كان كل موت تجربة مؤذنة بميلاد أخرى، وذلك ما حصل مع تأسيس « فاميليا للإنتاج » التي شاركاها فيه كل من الفاضل الجعايبي والحبيب بلهادي. وكان من بين أعمالها « فاميليا » سنة 1993 و »عشاق المقهى المهجور » سنة 1995 إلى آخر أعمالها وهو العمل الذي يُعرَض الآن على خشبة المسرح في العاصمة تحت عنوان « يحي يعيش ».
نحن مواطنون قبل كل شيء
تساءل بعض الحضور عما قد يحدثه الارتباط بمواضيع سياسية في أعمال « فاميليا للإنتاج » الأخيرة من تعارض مع الجمالية الفنية، وتساءل البعض الآخر عما قد يربط تلك الأعمال من اتباع المدرسة الواقعية الاشتراكية في الأعمال الفنية والأدبية. وأجابت الفنانة جليلة بكار عن تلك التساؤلات قائلة بأنها لم تأت إلى المسرح دون خلفية، وأضافت: نحن مواطنون قبل كل شيء ونعيش في هذا البلد وما يتطلبه ذلك من ضرورة وجود رؤية ننظر بها إلى مجتمعنا. وتونس ليست معلقة في الهواء، فهي تنتمي إلى مجموعة تتوسع دائرتها لتصل إلى الانتماء إلى الإنسانية جمعاء. وأكدت جليلة بكار هذا الارتباط بالقول « أنا قدمت إلى المسرح للتعبير عن هذه الوطنية ولذلك ذهبت إلى فرقة قفصة وليس إلى أي فرقة أخرى ولم أكمل دراسة الآداب الفرنسية لأنني أحسست أن المسرح يسمح لي بالتعبير الجيّد عما يختلج في صدري » وقالت إن أهم الدوافع التي كانت وراء إنجاز مسرحية خمسون، التي كتبت هي بنفسها نصها، إضافة إلى مرور خمسين سنة عل استقلال البلاد هو موت نور الدين بن خذر وأحمد بن عثمان، وأكدت على العلاقة الشخصية التي كانت تربطها بنور الدين بن خذر. ومعلوم أن المرحومين بن خذر وبن عثمان كانا من أقطاب حركة آفاق وفيما بعد العامل التونسي وقضيا سنوات طويلة من السجن في زنازين دولة الاستقلال.
خيبة أمل في النخبة ولكن الأمل باق، وعندما أقصي غيري فإنني أقصي نفسي…
عبّرت جليلة بكار خلال هذا اللقاء مع جمهور منتدى الجاحظ عن خيبة أملها في النخبة التونسية عندنا قالت ردا عن سؤال في هذا الخصوص: « نعم لي خيبة أمل كبيرة في المثقفين لأنه في البلدان التي تصبو لما هو أفضل ثقافيا ، المثقف له أهمية قصوى ودور المثقف ألاّ يجامل الأمير بل هو في صدام متواصل معه. وأكدت جليلة بكار أنه في تونس ، مع الاستثناء، هناك نوع من التسليم وخاصة في الجامعة تلك المؤسسة التي قالت عنها جليلة بكار إنّه لما غادرتها هي لم يكن للأمن تواجد فيها إلا أنها لما دخلت كلية 9 أفريل (كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس ) للحوار مع الطلبة زمن عرض مسرحية جنون (2001) وجدت البوليس هو السيّد بينما كان الأساتذة يسيرون باحتشام في أروقة الكلية . وأكدت الفنانة جليلة بكار أن مسؤولية هذا الوضع تقع على عاتق الجميع . وفي رد عن سؤال اعتبر أن مسرحية « خمسون » كانت متشائمة وفيها نعي لليسار، اعتبرت أن الرجل فشل في تجربة اليسار في حين كانت الفتاة تحمل حلم المستقبل واسمها أمل.
وتناولت بعض التدخلات في جلسة الحوار التفاعلي بين جليلة بكار وجمهور منتدى الجاحظ مسألة تناول الوضع السياسي في البلاد بما في ذلك وضع الإسلاميين مع تأكيد متدخل على أن أعمال « فاميليا للإنتاج » لا تفرّق بين أصناف عديدة من الإسلاميين تتراوح بين أصحاب الأطروحات السلفية إلى أصحاب الخط الوسطي التنويري رغم أنها لم تقص هذه الشريحة الاجتماعية من التناول في العملين الأخيرين (خمسون ويحي يعيش). وهنا أكّدت الفنان جليلة بكار أنها تعيش وسط الناس وفي جو متعدّد، مضيفة القول : إن من يقصي غيره فإنما هو يقصي نفسه بالدرجة الأولى » وقالت: « نحن تناولنا مجموعة اليساريين ومجموعة الإسلاميين ولمحنا إلى الفوارق داخل كل مجموعة ولكن التعمق أكثر كان سيحيل إلى الخطاب المباشر وهو ما يتناقض مع المسرح الذي نهدف إلى إرسائه والذي يتناقض أيضا مع مسرح التبسيط » .
ونفت جليلة بكار خلال هذا الحوار أن تكون هناك أزمة جمهور في المسرح بالطريقة التي تحدث عنها البعض. وذكرت أن أول عرض قدمه « المسرح الجديد » لمسرحية « العرس » في قاعة رواق يحي بالبالماريوم قبل أن يقع تهديمه كان أمام خمسة متفرجين، وقدمنا مسرحية « تحقيق » في نفس المكان أمام قاعة مغلقة وتمّ عرض مسرحية « خمسون » في مسرح قرطاج أمام 8000 متفرج .
جريدة مواطنون عدد 133 جوان 2010
تعقيبا على الأستاذ مختار اليحياوي ، رسالة مفتوحة إلى الدكتور عبد المجيد النجار…عفوا لقد أخطأت العنوان ؟؟؟
بقلم قيس بن رحومة شكلت عودة الدكتور عبد المجيد النجار القيادي في حركة النهضة الإسلامية لتونس بعد غربة دامت 25 سنة منعرجا حاسما في تاريخ حركة النهضة الإسلامية في تونس ،فعودة الرجل لتونس منذ أشهر- وهي عودة مشروعة ومع تسليمنا بأن تهجير المناضلين ونفيهم إختياريا عن وطنهم مرفوض تماما وأنه من حق الإسلاميين ممارسة العمل السياسي السلمي في إطار الدستور والقانون – لم تمر دون إثارة اللغط وأسالت الحبر الكثير حول دوافعها وتوقيتها ،ولماذا الآن بالذات ؟وليس بعد أو قبل ؟ولماذا هو بالذات وليس غيره ؟؟ وهل عودته تحمل مشروع مصالحة مع النظام الحاكم في تونس . الثابت أن عودة الدكتور عبد المجيد النجار لتونس لقد عمق الإنشقاق داخل حركة النهضة الإسلامية بين « حمائم الداخل » و »صقور الخارج » وبرز شق قوي داخل الحركة عرف بشق « حق العودة » الذي يطرح المصالحة والتصالح مع النظام الحاكم في تونس دون شروط وتبدأ بحل ملفات المهجرين والمحكوم عليهم غيابيا وبعض الملفات لسجناء الحركة السابقين من وجهة إنسانية بحتة يقوده الدكتور نفسه وأكثر رموزه الأساتذة عبد الفتاح مورور ونورالدين البحيري وزوجته الأستاذة سعيدة العكرمي آمينة مال الهيئة الوطنية للمحامين بتونس والمجددة ترشحها لعضوية الهيئة في إنتخابات 20 جوان 2010 … وتزامنت هذه العودة مع برنامج أسلمة الدولة التونسية من الداخل يقوده صهر الرئيس التونسي والنائب رجل الأعمال الصاعد محمد صخر الماطري عبر بعث « إذاعة الزيتونة » (لاحظوا أنه سبق لحركة النهضة وأن بعثت قناة فضائية بإسم « الزيتونة « سرعان ما تم إنقطع بثها)وتأسيس « مصرف الزيتونة » ،ورواج فكرة حزب مدني ذو مرجعية إسلامية على الطراز التركي المدعوم أمريكيا في الساحة السياسية التونسية لقطع الطريق أمام السلفية الجهادية التي أصبحت وجهة أغلب الشباب المتدين في تونس بالرغم من سيف قانون مكافحة الإرهاب الصادر في 10 ديسمبر 2010 وتم طرح بعض الأسماء لقيادة هذا الحزب على غرار الأستاذين مورو والبحيري اللذين نجا بأعجوبة من زنازين سجون النظام التونسي إبان الحملة القمعية المسعورة التي شنت على الإسلاميين بداية تسعينات القرن الماضي ليهتما فقط بأمورهما الخاصة والمهنية ؟؟ وقد أضطرا لإصدار تكذيب رسمي على صفحات جريدة الموقف التونسية حول مشاركتهم بعض الإسلاميين من داخل السلطة في تأسيس الحزب المذكور. ولقد سعى الدكتور عبد المجيد النجار في تنفيذ برنامجه المذكور وخوض الإختبارات الممكنة وإختيار العناوين الممكنة لبعث رسائل طمئنة للنظام الحاكم في تونس ،وشكلت إنتخابات المحامين القادمة في 20 جوان 2010 أول محطة لتنفيذ مشروعه التصالحي المذكور عبر ترشيحه لعدد ممكن من أتباعه لإنتخابات هياكل مهنة المحاماة خاصة تجديد ترشح الأستاذة سعيدة العكرمي لعضوية هيئة المحامين بالرغم من تراجع حظوظها في النجاح بعد خسارتهم لحليف قوي منذ الإنتخابات الفارطة 2007 المتمثل في التيار القومي الناصري . ولذلك يقف شق « حق العودة » بقوة ويساند أحد مرشحي الحزب الحاكم العميد السابق عبد الجليل بوراوي إبن جهة سوسة مسقط رأس الرئيس التونسي في معركة عمادة المحامين دون غيره من مرشحي الحزب الحاكم وبقية المرشحين المستقلين للعمادة …لا لشئ إلا لكون للعميد بوراوي رغبة جامحة للعب دور فعال وإيجابي في الإستحقاقات السياسية المقبلة سيما الإستحقاق الرئاسي 2014 ونشط أنصاره في فضاء « الفايس بوك » تحت شعار: »لم لا بوراوي 2014 » أو؟؟؟ pourquoi pas وفي إطار إتفاق معه على لعب دور تمهيد الطريق بين شق « حق العودة » داخل حركة النهضة والنظام التونسي وجعله طريقا سيارة ويكون بذلك قناة الإتصال الوحيدة بينهما سيما وأن العميد عبد الجليل بوراوي يدخل غمار إنتخابات العمادة لهذه الدورة وهو مدعوم ومسنود بما يعرف « بمجموعة فريدم هاوس في المحاماة » على غرار شوقي الطبيب ،عامر المحرزي، فاخر القفصي،عبد الجواد الحرازي ، الأزهر العكرمي الصديق الحميم لوالي أريانة ومستشار الرئيس التونسي سابقا محمود المهيري شريكه السابق في المكتب وقد أعلن هؤلاء جميعا صراحة أمام الملأ مساندته له اللامشروطة…وبذلك يكون شق « حق العودة » داخل حركة النهضة قد ضرب عصفورين بحجر واحد من خلال مساندته للعميد عبد الجليل بوراوي عبر ضمان أغلبية داخل الحزب الحاكم خاصة مراكز النفوذ المرتكزة على العنصر الجهوي بحكم إنتماءه لجهة سوسة وقد حاول إستثارة هذا العامل وصرح بعظمة لسانه في إجتماع إنتخابي له يوم 14 جوان 2010 بمحكمة سوسة أنه مستهدف بحكم إنتماءه لجهة « الساحل » من جهة والإدارة الأمريكية من جهة أخرى عبر سياساته المعتدلة الداخلية وعلاقته بجماعة « فريدم هاوس في المحاماة ». ولعل من مفارقات العمل السياسي في تونس عامة هو مساندة « شق حق العودة » داخل حركة النهضة الإسلامية للعميد عبد الجليل بوراوي في إنتخابات العمادة 2010 الذي لم يتورع على إصدار برقية تزكية للرئيس التونسي في الإنتخابات الرئاسية سنة 1999 إبان شغله لمنصب العمادة أنذاك مكافأة للنظام التونسي على حملته المسعورة ضدهم في سنوات الجمر بداية تسعينات القرن الماضي في إنقلاب فاضح على مقررات الجلسة العامة أنذاك،واليوم يعيد التاريخ نفسه ويزكونه للعمادة ولا يجد المتابعون لشأن المحاماة خصوصا والشان العام عموما تفسيرا لذلك سوى أن من يساندون اليوم العميد بوراوي من الإسلاميين لم يتذوقوا سجون النظام التونسي إبان الحملة المسعورة ضدهم على غرار الأساتذة مورو ،البحيري ،الآستاذة العكرمي ….؟؟؟. من سوء حظ شق « حق العودة » وزعيمه عبد المجيد النجار هو أن إختيارهم الأول جاء على قطاع المحاماة لتنفيذ مخططهم ومشروعهم ،وهو قطاع ذو خصوصية معينة تجعله مختلف عن بقية القطاعات ،فبالرغم من إحتضانه وقبوله لجميع العائلات الفكرية والسياسية فإن حساسية المحامين التونسيين من ظاهرة التحزب عموما والحزب الحاكم خصوصا حساسية مفرطة وقوية ويدافعون عن إستقلالية القطاع دفاعا مستميتا رفضا لكل وصاية حزبية خارجية مما جعل البوصلة مشوشة عندهم وغير واضحة مما دفعه إلى إرتكاب المحظور ويخطئون العنوان ؟فهل يتعضون ؟؟؟؟
في الرّد على السيد الأزهر العباب…أو الوجه الآخر للحقيقة
بقلم معز التونسي
كتب السيد الأزهر عبعاب مقالا بتونس نيوز بعنوان » العودة الحرّة و خيار المصالحة مع الذات » ذكر فيه بالمكاسب التي تحقّقت وندد بكل الّذين يشكّكون في جدّية المسار وتفاعلا مع ما كتب وجب إبداء الملاحظات التّالية:
توقيت المقال:
إذا أردنا أن نفسّر ذلك تفسيرا تآمريّا فيمكن نستنتج أن أطرافا في السلطة لاحظت أن الصّخب والجدل الّذان رافقا عودة الوجهين الإسلاميّين البارزين الأستاذ النّورى والدكتور النّجار قد بدآ يخفتان وأن كلّ ما تمّ تبادله من سباب وشتائم لم يكن كافيا وأنّه مازال بالوسع المزيد من استفزاز بعض المحسوبين على » حركة النّهضة » للكتابة والتّعليق والتّمادي في اتّهام كلّ من يخالفهم كائن من كان بشتّى التّهم… فدعت تلك الأطراف السّيد العبعاب ليعيد إثارة الموضوع من جديد…لكن كل من يعرف السّيد العبعاب يستبعد كلّيا هذا التفسير.
التّفسير الثّاني وهو الأكثر معقولية يرى أن ما دفع السيد العبعاب للكتابة هو إحساس بالغبن ولد لديه رغبة في توجيه رسالة إلى السّلطة باعتبار أن الخيار الّذي ما انفك يبشّر به قد وصل إلى طريق مسدود وأصبح من شبه الأكيد لديه أن مبادرته قد فقدت الكثير من بريقها ولم يعد لها أيّ رصيد من المصداقيّة إذ أن عدد الّذين تمت تسوية وضعياتهم متواضع جدا مقارنة مع العدد الجملي للّذين انخرطوا مقتنعين بالفكرة أو اضطرارا بطلب من بعض القنصليات. زيادة على أنّ ذلك العدد لا يكاد يتجاوز عدد من تحصّلوا على جوازات سفر وهم خارج المبادرة على غرار السادة محمد النور والدكتور النجاروغيرهم. فأهمّ ما في المقال هي الفقرة التّالية » كما إنني أعتقد أن التعجيل من طرف السلطات المعنية بتمكين بقيّة من عبّروا عن رغبتهم في الانخراط في مسار التصحيح والتسوية، من جوازاتهم والعودة إلي أهلهم ووطنهم، يساهم حتما في سحب هذه الورقة نهائيا من أيدي المزايدين وأصحاب المصالح الحزبية » .
كما أنّ بعض الدّوائر الأمنيّة مازالت تطلب من بعض طالبي جواز السّفر الإمضاء على العريضة بهدف الاستجابة لمطالبهم وباعتبار أن الإمضاء يمرّ بالضرورة عبر السّيد العبعاب فلا غرابة أن يشعر بالحرج الشّديد أمام هؤلاء كلّما تأخّرت الاستجابة وكلّما تأكّد لديهم بمرور الوقت أنّهم ضحيّة تلاعب تلك الأطراف ولا أكثر ولا أقلّ. فخطاب السّيّد العبعاب ولئن تميّز باللّطف الشّديد تجاه السّلطة فإنّها هي الوحيدة دون غيرها المعنيّة بالمقال وإليها وحدها تتوجّه الرّسالة.
مضمون المقال:
أمّا ما تضمّنه المقال بخصوص رجوح الكفّة إلى خيار العودة، فتجدر الإشارة إلى أن ذلك كان هو الاعتقاد السّائد لدى الكثيرين منذ وقد غير بعيد غير أن المشهد بدأ يتغيّر وأنّ الحقائق والوقائع أثبتت أنّه لا شيء يدعو إلى الإفراط في التّفاؤل وكما أشرنا سابقا فإنّ نسبة الّذين سوّيت وضعياتهم ضعيفة جدّا مقارنة مع عدد الّذين بادروا بالتّوجّه إلى قنصليات تونس في مختلف بلدان الإقامة ( لا نكاد نبالغ إن قلنا أن هذه النسبة لا تتجاوز 20 في المائة). كما أنّ آجال الانتظار قد طالت زيادة عن اللّزوم، فبعض المطالب يعود تاريخ إيداعها إلى سنة 2000. وقد ذكر أحد المعنيّين بأنّه قد تقدّم بمطلب للحصول على الجنسيّة في أحد البلدان الأوروبيّة بالتّوازي مع مطلب للحصول على جواز سفره التّونسي فتمّ تدارس مطلب الجنسيّة والرّد عليه لكن مطلب جواز السّفر مازال يراوح مكانه.
وممّا يدعّم هذا الطّرح هو ما لمسه بعض المتابعين في الفترة الأخيرة من تشدّد غير معهود من طرف بعض القنصليات في تجديد وثائق زوجات وأبناء بعض المحرومين من جوازات السّفر على غير العادة ( سابقا كان الأمر لا يتعطّل أكثر من شهر في كلّ الأحوال لكن في هذه الفترة هناك من ينتظر هذا التّجديد منذ أكثر من ثمانية أشهر وفي أكثر من منطقة من مناطق العالم المغرب سويسرا فرنسا ألمانيا لبنان وغيرها…) مع ما قد ينجرّ عنه من حرمان الكثيرين منهم من قضاء العطلة الصّيفيّة في تونس.
أمّا في خصوص ما ذكره السّيّد العبعاب من أنّ موضوع العودة قد فرض نفسه فذلك أمر بديهي وفطري في مثل هذه الحالة وهو إن سرّ لارتباك قيادة النّهضة وبغضّ النّظر عن الاتّفاق أو الاختلاف معه فأنّنا نودّ التّطرّق إلى الطّرف الّذي تجاهله صاحب المقال والكيفيّة الّتي أدار بها الملفّ إذ أنّ أداء السّلطة يدعو إلى الكثير من الحيرة والاستغراب وأسئلة كثيرة تطرح نفسها :
فقد يفهم المرء تعاملها بشدّة مع من يخالفها ويتمادى في نقدها بشدّة غير ناظر إلى النصف الممتلئ من الكأس لكنّه لا يستسيغ تعاملها بهذه الكيفيّة مع أناس أدركوا تمام الإدراك أنّ « الهوية الوطنية تستخرج من تمثيليات الوطن و ليس من مكاتب أوطان أخرى » وأحسنوا الظّن بمسؤولي وطنهم وتوجّهوا بكلّ مسؤوليّة وطالبوا بكلّ لياقة بتسوية أوضاعهم. غير أنّهم أدركوا بمرور الأيّام أنّ الملفّ قد أوكل إلى انتهازيين يتلاعبون به غير مدركين خطورة ذلك على سمعة الوطن ومصداقيّة ما ييشّر به الخطاب الرّسمي من توجّهات تصالحيه.
ومن عيّنات تلك الممارسات أن يطلب من الشّخص سحب اللّجوء السّياسي كشرط لتسلّم جواز سفره لكن بمجرّد ما يقوم بذلك الإجراء الإداري يتغيّر الخطاب وتفرض عليه سلسلة من التّنازلات وبمجرّد ما يستجيب مكرها لكلّ ما طلب منه يدرك تمام الإدراك أن ذلك هو ما يطمح إليه مخاطبه لا أكثر ولا أقلّ ويقف على الحقيقة المرة : لا جواز سفر ولا هم يحزنون وانه قد استدرج ووقع في الفخ .
فكيف يلام عندئذ من ييأس من هذا المسار ويصرخ ويتظلّم لدى ما بقي حيا من ضمير هذا العالم : فكيف يجرؤ أحدنا على إخراج ابنه من بيته وإقفال كلّ الأبواب في وجهه ويظل ينصت إليه وهو يترجّاه أن يفتح في وجهه الباب وعوض أن يبادر بالاستجابة إلي توسلاته فإنّه يتوعّده بأشدّ العقاب إن هو بكى أو صرخ أو أسمع الجيران تصريحا أو تلميحا بمأساته ذلك هو حال الكثير من المعنيين بالأمر موضوع الحديث.( إشارة إلى النصوص الجديدة التي أضيقت إلى نظام العقوبات والّتي تجرّم كل من بتظلّم لدى أطراف خارجية)
خلاصة :
في خلاصة القول نقول أنّ الحقيقة على خلاف ما يتمناه السيد الأزهر العبعاب تتلخص فيما يلي:
– أنّ مبادرته قد ماتت ودفنت، شأنها شأن المبادرات الأخرى الّتي أشار أليها في مقاله، واستنفذت أغراضها ولم تعد لها أي مصداقيّة من شأنها أن تغري النّاس بالانخراط فيها فلا المقتنع بمضمونها ولا المضطر سيبادر بإضافة اسمه.
– أنّه لا مجال للتّفاؤل الآن في مسألة عودة الرّاغبين في تسوية أوضاعهم فالأيادي الماسكة بالملف ليس من مصلحتها تجاوز ذلك فدوافعها في تأبيد هذا الوضع هي إيديولوجية أكثر منها سياسية ومازالت شهيتها في المزيد من التّشفّي شديدة جدا غبر مكترثة بمدى الأضرار الّتي تلحقها ممارساتها تلك بسمعة الوطن ومصداقية الخيرين فيه وعلى رأسهم سيادة رئيس الدولة. فأي معنى لما يدعو إليه من مبادرات تلزم كلّ وزير بالإجابة على أسئلة المواطنين ؟ فهل بإمكان السيد وزير الداخلية التصريح بالعدد الجملي لمطالب جوازات السفر الّتي لم يردّ عليها لمواطنين داخل البلاد وخارجها ( ويا ليت سيادة رئيس الدولة يبادر بزيارة فجئية لمصلحة الجوازات بوزارة الداخلية ليطلع على هول المأساة) ؟ وهل بإمكان سيادته ذكر الرقم الصحيح لعدد الشكايات والعرائض الّتى لم وجّهت لسيادته من طرف مواطنين بسطاء مغلوبين على أمرهم ولم تتلقّ أي ردّ. ستظلّ الصّورة على حالها إلى أن يأتي ما يخالف ذلك… فما رأي السّيد الأزهر العبعاب ؟؟
حديث الصيـــــــــف
لمّا وردت الصور عن لقاء جمع بعض الإسلاميين في تونس، احتفاء بعودة الشيخ عبد المجيد النّجار حفظه الله يوم 14 مايو 2010. لاحظ المهتمّون بشؤون المسلمين الفروق الواضحة البيّنة الصارخة بين وجوه أهل الدّاخل، فهي كالحة كادحة واجمة، وبين وجوه الزوّار فهي منعّمة مرفّهة منوَّرة… ما يعكس بامتياز الفروق في نوعيّة الهواء الذي يتنفّسه الفريقان والتغذية التي يتغذّاها الفريقان والهموم التي يحياها الفريقان والطموحات التي ينشدها الفريقان والسعة والضيق اللذّين يمرّ بهما الفريقان… وليس في ذلك غرابة، فالحياة الدنيا كما الآخرة منازل حتّى لَأنّ البعض يتراؤون للنّاس في منازلهم كما يتراءى النّجم للنّاس في الأفق… وقد رأيت صاحب أشحب وجه وأنحل جسم، الأخ الكريم محمّد القلوي (غالوي تونسي كما أسموه)، يشكو اليوم عدم وجود الشغل (والأزمة ، كما قد يفسّر الوطنيون، عالميّة) ويسأل لأبنائه تغيير ظروفهم إلى الأحسن سيّما بعد أن غادر هو تلك الفضاءات التي كان « يروق له » تواجدهم فيها خلال الأعياد، فقد درّبهم – « لانحراف فيه » سامحه الله – على المرابطة في باحات وساحات السجون خلال أيّام العيد، يدرّبهم فيها على العطش والجوع الوحشي حيث يصل بهم الأمر إلى حد الإغماء، إصرارا منه ربّما على فتل عضلات أنفسهم، قبل أن تفتل عضلاتهم الجسمية… وقد رأيت خطابه هذا – كما شأن جسمه – مختلفا مع خطاب أحد إخوانه الزّائرين القدامى ممّن « لم يشذّ » سلوكه، فقد نجّاه الله من السجن فلم يربض به عشريتين كما حصل معه هو، ولقد حفظه الله فلم يُرزِئ أولاده طفولتهم وضحكتهم وشبابهم وأباهم كما فعل هو. كان واقعيا وكان يحسن اختيار التمركز ويفقه صلاحية المراكز. ويعرف أنّ تغييرها يعني الحراك والمناورة والتطوّر، استفادة من مقولة « دوام الحال من المحال » بفهم يغاير تلكم الأفهام الجامدة الفاقدة للحراك المحدّثة بالثبات على المبدأ (إذ ما قيمة مبدإ ينزل النّاس منازل القلوي والهاروني والمنصف بن سالم وغيرهم من « المتنطّعين »، ممّن أوصلهم ثباتهم إلى قتلٍ تحت الأرض أو موتٍ فوق الأرض)… ولئن اهتمّ خطاب الأخ الأزهر العبعاب الصادر على صفحات تونس نيوز بتاريخ 15 يونيو 2010، بموضوع أسّسه هو وسنّه هو، فغنم منه كلّ ما يُغنم إلى يوم الدّين كما بيّن ذلك خير البشر صلّى الله عليه وسلّم، فقد جاء شبه مفنّد لما يردّده أهل الدّاخل من ضيم وقهر وتعدّ على حقوقهم ومحاصرة في أرزاقهم ومنع لتنقّلاتهم ولربط صلاتهم بعضهم ببعض، فلعلّ أهل الدّاخل أيضا – كما قال بلسانه عن أهل المهجر – قد « روّجوا الأكاذيب والأراجيف »… في محاولة منهم لمنع التحاقهم بعالم الأحياء بعد أن تعوّدوا على ما أسماه محمّد القلوي « حفاوة الاستقبال » في السجون وفي عالم النسيان الذي اختاروه بسياساتهم الخرقاء، فقد نزلوا بزوايا لم يلحظوا فيها تقيّد الأجهزة المعنية والتزامها بتنفيذ خيارات رئيس الدولة الدّاعية إلى احترام « المحترِمين » (بكسر الرّاء) كما حدث ذلك مع الأزهر والكثيرين ممّن سفّهوا – كما قال الأزهر – أحلام المتربّصين بالخيار الطبيعي المتمثّل في بناء الثقة وتجسير العلاقات الطيّبة بين الطرفين!… وهي ثقة لا تتحقّق – كما قال الأزهر – إلاّ بشرطين اثنين هما: الصدق والوضوح… وهو قول ثقيل يتّهم به الأزهر إخوانه من المشائخ والأفذاذ في الدّاخل بالبراءة من الصدق والوضوح!… إذ لو كانوا كذلك لنالهم من السلطات ما ناله، حتّى وإن لم يأتوا عن طريق سفارات تونس بالخارج التي قد نجحت حسب ما يبدو فيما لم ينجح فيه كلّ مؤسّسات الدولة بالدّاخل!… فقد علّموا النّاس كيف يحبّون وطنهم وكيف يجتنبون ازدواجية خطاب كانت قد صاحبتهم مدد طويلة وكيف يبتعدون من عنف مارسوه وعن إقصاء ميّزهم!… بناء الثقة بين جهتين قد يخلّ (ليس دائما) بالثقة بين جهات أخر، وهو ما انعكس جليا في خطاب الأخ الأزهر المشار إليه أعلاه، ففي البداية لمّا كان الأزهر طريّا يخشى النّاس، كان يقول عن « إخوانه » الذين لم يقتنعوا بتوجّهه « الطيّبون المغرّر بهم » تخفيفا للقب المغفّلين، ولكنّه اليوم – وقد استوى وظلّ يخشى النّاس – نجده لا يتحرّج من وصف من خالفه الرأي – كتابة – بالحزبية الضيّقة (والحزبية لا بدّ أن تكون واسعة! إذ شتّان بين التجمّع ودواليب دولته والنهضة) ثمّ يفصّل فيهم فيجعل منهم أشباحَ وهم أولئك الذين تخفّوا وراء الأسماء المستعارة، و »وصوليين من صغار الأنفس »، وهم أولئك الذين « استغلّوا فراغ ساحة حركة النهضة من الكثير من رجالاتها بسبب ضيق أفق قيادتها، فتسلّقوا وظهوروا، ليحقّقوا بالتملق والمزايدة ما عجزوا عن تحقيقه بالعمل والكفاءة »… ولو كبرت أنفسهم لعملوا إذن على تحمّل مسؤولياتهم، فدفعوا بالسلطات والأجهزة المعنية إلى احترامهم!… أقول: كثر التذمّر هذه الأيّام من الحديث في هذه النّاحية (الحركة وملحقاتها والعودة والمصالحة)، بل ونادى الكثير باجتناب الرّدود وردود الرّدود… ولكنّا نخشى بعد ذلك موت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونحن نرى من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من لبث في قومه داعيا ألف سنة إلاّ خمسين عاما… فهل السكوت عن أقوال الأخ الأزهر في مواجهة استغاثة أخيه محمّد القلوي وأخته هند الهاروني نيابة عن أخيها عبدالكريم جائز! أم أنّ تنبيهه إلى خطورة وقوفه مع الظالم يحرّضه على ظلمه ويُركِبُه على ظهور الضعفاء أمر لا يأتيه ذو مروءة ويجب التنبيه إليه؟!… أحسب أنّه لا بدّ من بيان ذلك، فقد ولّى الحديث عن العودة واتخذت فيها القرارات بالموافقة والقيام بها بشروطها حسب ما يرتضيه الرّجل لمقوّمات الرّجولة فيه… فما سبب الحرص على التأكيد على ضلال السواد الأعظم من المهاجرين واتّهام أعمالهم بالتباب وتفكيرهم بالتردّي وكلامهم بالأكاذيب؟!.. أليس ثمن هذه العودة – بهذا الشكل – صار باهضا بعض الشيء، فعندما لا يرى العائد جوع أخيه نتيجة حرمانه من العمل وضيقه نتيجة محاصرته ومنعه من السفر والتنقّل وتعاسة أبنائه الذين حرموا أسباب الفرحة؛ ألا يعدّ ذلك كثيرا؟! أمّ أنّ محمّد القلوي وغيره من المُضامين « يختلقون الأكاذيب »؟!.. لن تزيد كثرة الكلام البيان بيانا، ولكنّي أشهد والله على ذلك شهيد أنّ ما يجري في البلاد من مظالم لا يحرّض الرّجل على مؤازرة حاكمها بشطر كلمة، ناهيك ببرك الحبر التي يسبح فيها أصحابها تأثّرا – ربّما – بحرارة الصيف، فقد قالوا ما لا يقوي عليه من يخاف الله سبحانه وتعالى!… وحسبنا الله ونعم الوكيل وهو الهادي إلى سواء السبيل… كتبه عبدالحميد العدّاسي الدّنمارك في 16 يونيو 2010
الكتاتيب القرآنية في صلب استراتيجية تونس لمكافحة التطرف
طوّرت تونس نظاما جديدا من المدارس القرآنية يختلف عن النمط السائد بدول عربية عديدة. وتركز مناهج الكتاتيب الحديثة على تربية الناشئة على قيم الإعتدال والتسامح، إصلاح نظام الكتاتيب منحها جاذبية غير مسبوقة في تاريخ البلاد.
يشهد الإقبال على الكتاتيب (المدراس القرآنية) في تونس تناميا ملحوظا في الفترة الأخيرة، وتؤكد بيانات لوزارة الشؤون الدينية التونسية التي تشرف على الكتاتيب، إن عدد الأطفال المسجلين بالكاتيب بلغ خلال عام 2009 مستوى « غير مسبوق في تاريخ البلاد ».
ويعتقد مسؤولون وخبراء في تونس، استطلعت دويتشه فيله آراءهم حول مدى الإقبال على الكتاتيب، أن تطوير مناهج التدريس في الكتاتيب القرآنية واعتماد نمط الفصول المختلطة بين الفتيات والفتيان، ساهم بشكل أساسي في تشجيع الأسر التونسية على إدماج أبنائها في الكتاتيب التي باتت تنافس لأول مرة رياض الأطفال. وتتفق آراء هؤلاء الخبراء بشأن أهمية تعليم قيم التسامح والإعتدال للأطفال، عبر الكتاتيب، لكن آراءهم تتباين حول ما إذا كان دور الكتاتيب حاسما في مكافحة التطرف في المجتمع التونسي.
الكتاتيب من التقليد إلى التحديث
جامع الزيتونة أعرق مؤسسة دينية في تونس تعتبر الكتاتيب من أعرق مؤسسات التعليم الديني في المجتمع التونسي، ولكنها تعرضت لشبه انقراض خلال فترة الإستعمار الفرنسي (1881-1956 ) وساهمت فترة حكم الرئيس السابق الحبيب بورقيبة (1956-1987) في تهميشها بشكل كبير، حيث كان الرئيس بورقيبه يعتبر مؤسسات التعليم الديني وعلى رأسها مؤسسة جامعة الزيتونة، معقلا للأفكار التقليدية التي تتعارض مع مبادئ الدولة الحديثة التي سعى لإرسائها في تونس المستقلة، وبسبب هذه القضية تعرض بورقيبة الى حملة من بعض الأوساط الدينية المحافظة، محليا وعربيا، اتهمته ب »معاداة الدين الإسلامي » ومحاكاة نموذج أتاتورك لبناء الدولة التركية.
ومنذ عام 2002 اعتمدت الحكومة التونسية خطة لإحياء دور الكتاتيب، ولكن من منظور يختلف عن النمط التقليدي الذي عرفت به في العهود السابقة، حيث أطلقت وزارة الشؤون الدينية التونسية برنامجا شاملا لتطوير مناهج التدريس وتحديث بنيات الكتاتيب وإحداث فصول مختلطة بها.
وتقع الكتاتيب داخل الجوامع أو الزوايا (الصوفية) ويحدد القانون السن الأدنى لقبول الأطفال بالكتاتيب بأربع سنوات والقصوى بخمس سنوات وهي سن « التعليم ما قبل المدرسي » التي يتم فيها إعداد الطفل لدخول المدرسة الابتدائية. ويستند برنامج التدريس الجديد في الكتاتيب على الجمع بين حفظ القرآن والأحاديث النبوية وتعليم العبادات والتربية على الآداب الإسلامية، وبين مواد أخرى ذات طابع »مدني » تتناسب مع أعمار الأطفال مثل الكتابة والرسم والرياضة والتعبير الشفوي والأناشيد. وتتمحور مواضيع أغلب المواد التي يتم تدريسها للأطفال قيم مثل المواطنة والوسطية والتسامح والآداب العامة والرفق بالحيوان والحفاظ على البيئة. وهي مواد لم تكن تحظى بالإهتمام في نظام الكتاتيب التقليدي.
ولتسليط الضوء على خلفيات تبني وزارته برنامج إصلاح نظام الكتاتيب، أكد ابو بكر الأخزوري وزير الشؤون الدينية التونسي أخيرا انه يهدف « للقطع مع الصورة التقليدية لمؤسسة الكتاتيب من خلال تغيير المناهج والبرامج والفضاءات بما يجعلها تستجيب لروح العصر، دون الخروج عن المبادئ الأساسية المتمثلة في تعليم القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة ». وتوخت وزارة الشؤون الدينية الإعتماد على الكتاتيب، التي تخضع إداريا لإشرافها، كوسيلة لتحقيق أهداف ومهام أساسية تضطلع بها الوزارة رسميا، وتتمثل في « تطبيق سياسة الدولة في المجال الديني » و »درء أخطار الانغلاق والتطرّف ».
« مدرسات الكتاتيب حصن ضد التمييز »
فتيات وفتيان في فصل بإحدى الكتاتيب في مدينة الكاف بالشمال الغربي التونسي خلافا لبقية المدارس القرآنية في العالم الإسلامي يدرس رواد الكتاتيب التونسية من الأطفال والفتيات في فصول مختلطة مثلما هو الشأن في مدارس وجامعات البلاد التي تحظى فيها المرأة منذ بدايات استقلال البلاد بحقوق وحريات فريدة في العالم العربي.
وتتوفر فصول الكتاتيب التونسية على تجهيزات شبيهة بتلك التي تتوفر عليها فصول المدارس الابتدائية، حيث تحتوي على سبّورة ومناضد ويجلس الأطفال والفتيات على مقاعد وليس على الأرض كما هو معروف تقليديا في الكتاتيب، كما يرتدون أزياء موحّدة (يونيفورم).
وكسرت النساء منذ عام 2002 الاحتكار الذكوري للتدريس بالكتاتيب، والتحقت بالمدارس القرآنية خلال هذا العام أول دفعة من المعلمين(في تونس تطلق على معلم الكتاب تسمية المُؤدِب) والمعلمات الحاصلين على درجة الأستاذية في العلوم الإسلامية من جامعة الزيتونية التي تعتبر أعرق جامعة إسلامية في البلاد، وتلقى هؤلاء المعلمون والمعلمات تكوينا خاصا في البيداغوجيا وعلم النفس التربوي وعلم نفس الطفل وحقوق الطفل وصحة الطفل وعلوم القرآن وتجويده.
وقالت حبيبة القديدي المعلمة بكتّاب جامع « الرحمان » بمدينة المرسى،الواقعة شمال العاصمة تونس، وهي أول معلمة في تونس تحمل درجة الماجستير في العلوم الإسلامية، في مقابلة مع دويتشه فيله إن « المجتمع الذي رسخت في مخيلته صورة المؤدّب(المعلم) الرجل تلقى ببالغ الاستغراب تولّي امرأة التدريس في الكتّاب لكنه تقبّل الأمر لاحقا »، وأضافت أن كثيرا من الأولياء أصبحوا يفضلون إرسال أبنائهم إلى كتّاب تشرف عليه معلمة عوضا عن معلم لأن « المعلمة تضطلع بدور الأم والمربّية في نفس الوقت ».
من جهته قال محمد بلقايد مدير المعالم والأطرالدينية بوزارة الشؤون الدينية في حوار مع دوتشيه فيله أن عدد معلمات الكتاتيب في تونس ارتفع إلى حوالي 400 سنة 2009 أي أكثر من ثلث مجموع المعلمين الذي بلغ 1186 خلال نفس العام. ولاحظ بلقايد أن اقتحام المرأة الكتاتيب « مثل منعرجا هاما » وان المعلمات أظهرن كفاءة عالية في أداء وظيفتهن وأن الأطفال اللذين تتلمذوا على أياديهن يصعب أن يتبنوا في يوم من أيام مقولات مثل « المرأة ناقصة عقل أو دين وصوتها عورة ».
الكتاتيب هل تكفي لمواجهة التطرف؟
كنيس الغريبة، في جزيرة جربة التونسية السياحية ، تعرض لعملية إرهابية عام 2002 بعد سنوات قليلة من إعتماد الإصلاحات الجديدة لنظام الكتاتيب،أصبحت منافسا قويّا لرياض ومحاضن الأطفال، وحسب بيانات وزارة الشؤون الدينية التونسية،فقد ارتفع عدد الكتاتيب إلى 1186 سنة 2009 وهو رقم غير مسبوق في تاريخ البلاد. وقد ارتادها خلال نفس العام أكثر من 31 ألف طفل حوالي 50 في المائة منهم فتيات. وتتواصل الدراسة عاما واحدا لمن يبلغ سنه 5 سنوات وعامين اثنين لمن يبلغ الرابعة من عمره. وباتت أغلب المدارس القرآنية عاجزة عن الاستجابة لطلبات الأولياء المتزايدة بتسجيل أبنائهم فيها لأن القانون لا يسمح بأكثر من 35 طفلا داخل الفصل الواحد.
ويرجع خبراء في مجال التعليم وأولياء التلاميذ الإقبال المتزايد على الكتاتيب في تونس بدرجة أولى إلى ما لمسه الأولياء من أداء إيجابي لخريجي الكتاتيب في مراحل التعليم اللاحقة، وأيضا لكونه نتيجة ل »الصحوة الدينية »(ظاهرة انتشار التدين) التي يشهدها المجتمع في الفترة الأخيرة بفعل تأثير القنوات الفضائيات الدينية التي تبث من عدد من العربية.
لكن هنالك من يعتقد أن هذا الرأي ينطوي على مبالغة في دور الكتاتيب، وبرأي المحامي سمير بن عمر المتخصص في قضايا الإرهاب فإن « ظاهرة التدين في تونس ولا سيما لدى الشباب غير مؤطرة » وتفتقد الى مرجعية علمية معتبرا أن « المؤطر الوحيد لظاهرة التدين في البلاد هو الفضائيات والمواقع الالكترونية الدينية (على شبكة الانترنت) » وأضاف أن لها دورا كبيرا في اعتناق أعداد من الشباب « المحبط للفكر السلفي الجهادي » معتبرا أن « أنجع سبيل للوقاية من أخطار التطرف والإرهاب هو نشر الديمقراطية ».
ولتدعيم رأيه حول تأثر الشباب التونسي بالفكر المتطرف الذي يبث عبر انترنت او بعض القنوات الفضائية ، أشار المحامي بن عمر الى أن عدد المعتقلين في السجون التونسية بموجب قانون الإرهاب الذي تطبقه البلاد منذ سنة 2003 يقارب الألفي شخص أغلبهم من الشباب المتأثر بالفكر السلفي، وشهدت تونس منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 محاكمات عديدة تركزت الاتهامات الموجهة فيها حول ارتكابهم أعمال عنف أو التخطيط لها بالإضافة الى استخدام شبكة الأنترنيت لأغراض إرهابية.
ويرى مراقبون بأن جذور التطرف في تونس تعود الى أكثر من أربعة عقود واكتست الظاهرة أبعاد متعددة كما تتداخل عوامل مركبة في تشكيلها، وشكل التعليم الديني محورا أساسيا في الصدام المتواصل عبر العقود الماضية بين التيار الأصولي المتطرف ونهج التحديث الذي وضعت أسسه منذ بدايات استقلال البلاد. الكاتب: منير السويسي – تونس مراجعة: منصف السليمي (المصدر:موقع دويتشه فيله الإلكتروني ( بون-ألمانيا) بتاريخ 16 جوان 2010)
نقلا عن :http://www.dw-world.de/dw/article/9799/0,,5687991,00.html
عياض بن عاشور: العلمانية لا تعني إقصاء الدين من المجال السياسي الأربعاء 16 حزيران (يونيو) 2010
أكد الأستاذ ابن عاشور في رده على الأسئلة والمداخلات أنه لم يدع قط في أي سطر من سطور الكتاب إلى التخلي عن العقائد الدينية، لأن العلمانية لا تهدف إلى إقصاء الدين من المجال السياسي، فهو في نظره أمر مستحيل. وقال إنها إن دعت إلى ذلك فلن تكون أكثر من دعوة طوباوية أو تعبير عن جنون دولة ما، فالعلمانية التي يدعو إليها هي تلك التي تحترم فيها الدولة العقائد الدينية وبالأخص العقيدة السائدة. أما الفصل الذي تحدث عنه فإنما يتعلّق بفهمنا للدين لا بإقصائه من الواقع الاجتماعي والسياسي، فهو لا يعني أبدا فصل الدولة عن الدين كعقيدة وإنما عن الدين كتشريع يجب تطبيقه. وهذا المزج لا يتطابق في نظر ابن عاشور مع الحداثة لأنه سيؤدي بنا حتما إلى مفهوم الردة وتطبيق الحدود وإلى الفتاوى المتعلقة برضاع الكبير وغيرها، مؤكّدا أن الدولة التي تفصل بين الضمير والتشريع هي التي ستحترم المؤمن وغير المؤمن. أما تلك التي هدفها الوحيد إقحام التشريع الديني في التشريع الوضعي فلن تقوم إلا على العنف و كبت الحريات، وكل ما شاهدناه من تقتيل هو بسبب هذا المبدإ، كما قال. وأوضح أن الفصل الذي يعنيه لا يعني أبدا فصل الدولة كحكم والدين كعقيدة بل فصل الدولة عن الدين كتشريع. وأضاف المؤلف أن الأسئلة الأساسية التي دفعته إلى التفكير في هذا المبحث هو لماذا كلما ظهر فكر تنويري في تاريخ الإسلام إلا وانتهى بالفشل، وكيف نفهم أن مفكرا وفيلسوفا مثل ابن رشد عرف شهرته في غير البلاد العربية؟ مؤكدا أن الرشدية كمدرسة ظهرت في أوروبا وليس في العالم العربي لأن في هذا العالم الأخير خلف ابن رشد شخصيته فقط وليس مدرسته، وأضاف « أقول دائما إذا كان للديكارتية فضل يذكر في أوروبا فهذا لا يرجع إلى ديكارت كشخص وإنما للديكارتية كمدرسة »، ملاحظا أن الرشدية كونت مدارس في بولونيا وباريس وطليطلة، فكانت أساس الحداثة الأوروبية، في حين بقيت غريبة في ارضها ومنبتها. لم تكن الرشدية، حسب ابن عاشور، منافية للدين ولكنها كانت تخضعه إلى التفكير والبحث في كافة تفاصيله وهذا ما لا يتوفر في العالم العربي الذي لم يسمح أي بلد فيه بأن يبلغ هذا البحث مداه. بل مازالت كثير من البلدان العربية تحكم بالإعدام بعلة الردّة، وأن قوانين الأحوال الشخصية مازالت تعجّ بأحكام لا يقبلها الفكر الحديث، كما قال. وأضاف « لذا عندما أدعو إلى الفصل بين الدين والدولة فإني لا أدعو إلى ذلك بمعنى أنه يتعين علينا أن نلغي الفصل الأول من الدستور أو أن نبعد الإسلام عن المجتمع، فهذه دعوة غير واقعية. محسن المزليني (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي ( تونس ) بتاريخ 16 جوان2010)
تمتمات
* القلم الحرّ سليم بوخذير
* مُحدثكم …من البنك !
سألت : لماذا صاحبنا لا يكتب بجرأة وصدق ، قالوا لي إنّه : مثقف جامع ومستقل ، سألت : لماذا هو صامت ولا يقول ما يجب أن يُقال ، قالوا لي إنه مثقف جامع ومستقل ، تثبّتُّ فوجدت أنهم صادقون ، فهو مثقف جامع فعلا ومستقل حقّا ، جامع….للأموال ومستقل عن….الحقيقة !
* هو وهي…. وأشياء أخرى !
يخون زوجته معها ، يُمْسِكها بقوّة في أركانها الخفية وغير الخفية، يلثمها بقوة ، يُوغِل شوق شفتيْه في فمِها ويقول لها كلاما لا يُقال وتقول له كلاما لا يُقال ، ويتبخّر في سماء اللقاء شهيقه وزفيره وأشواقه الشتى وأفكاره الشتى وأحلامه الشتى وأوهامه الشتى ، ليته يعرف أنّه إختار خطأً أن يخون زوجته مع الأنثى الوحيدة المُهلِكة جدّا في حياته….إنّها السيجارة !
* هندسة…. صحفيّة !
ثلاث عناصر هي ضرورية لتعبيد طريق حقيقي.. ثلاث عناصر هي الأساس من أجل تعبيد طريق بشكل هندسي دقيق: الصدق في الخبر والجُرأة في التعليق والشجاعة في الموقف هي العناصر الثلاث الضرورية لتعبيد طريقك المعبّد أيّها الصحفي……… إلى السجن !
* الخالد
رحم الله محمد…….. قلبي، وقلبك وقلب الصحافة الشريفة !
* يا سلمْلمْ يا جِدْعانْ
صدّعوا رؤوسنا بحديثهم عن « النقد البنّاء » ، لم أقرأ لهم نقدا بنّاء يوما ، بعد سنوات فهمت علاقتهم بِ »النقد البنّاء » ، أعني ذلك النقد الذي يُرمى في أرصدتهم البنكيّة فلولاه ما بنوا المنازل !
* محدثكم…..من المطبخ !
حدّثني طويلا عن إنتمائه للنخبة البديلة ، رأيته يأكل كثيرا ويشرب كثيرا وينام كثيرا ولا يكتب لا كثيرا ولا قليلا ، عرفت عندئذٍ أنّه كان يعني النخبة…… البدينة !
* محدّثكم….. من المسرح !
إدّعى صاحبنا الثاني أنه يُمثّل الصحافيين المستقلّين ، إتّضح بعد ذلك أنه كان فعلا يُمثّل….على الصحافيين المستقلين! ربيع – صيف 2010
شش
السجائر واحتراق الذكرى
بقلم زكية الضيفاوي
السيّجارة الأولى
صدمها نبأ التوقف عن صنع سجائرها المحبذة »سجائر 7 نوفمبر » فتهالكت أسفا عليها. إن علاقتها بهذا النوع من التبغ ليست فقط علاقة المدخّنة التي تعرف جيّدا إن السيجارة هي الشيء الوحيد الذي يحترق من أجلها، بل إن ارتباطها بها هو ارتباط وحدة المصير. لقد ارتبط ظهور هذا النوع بما سمته « ميلادها الثاني ». وعادت بها الذاكرة إلى أول لقاء بينهما، كان ذلك يوم ولوجها لعالم جديد ، عالم الشغل والعطاء، عالم تحقيق الذات الفرد و المساهمة في بناء الذات الجماعية، يومها أحست نفسها تولد من جديد، وفي غمرة النشوة بلحظة الفعل دفعتها الرغبة في التجربة نحو التبغ فسألت عن أحدث أنواعه، وكان اللقاء الذي تحول إلى صداقة دامت ما يقارب السنتين إلى أن وجدت نفسها تفقد بضاعتها المفضلة هكذا ودون سالف إنذار ولكن « لماذا؟ » . أرهقها السؤال ولا بد لها من صديق جديد يحترق لأجلها، ليساعدها على العثور على جواب فاقتنت نوعا آخر وصف بأنه خفيف وعادت إلى حجرتها مسرعة، تمددت على السرير، أشعلت واحدة، وتاهت تتأمل العلبة، تتمعن في ما كتب عليها محاولة استعادة نشوتها بتلاشيها مع غيمات الدخان الهاربة نحو الأفق، فما استطاعت إلى ذلك سبيلا. لم تستوقفها كالعادة عبارة « التدخين مضر بالصحة » والتي كانت تزيدها إصرارا على أن ترى النار تسري في الجسم النحيل، تلتهمه رويدا رويدا. ولم تبد لها سحابات الدخان متصاعدة نحو الفضاء كالعادة!.. بدت غيمات الدخان تتمزق أمام عينيها مصرة على السقوط نحو الأسفل لتلطمها على رأسها المسند إلى الجدار ، حملقت فإذا الغيمات تتحول إلى حروف وأرقام بدا اكتشفها في البداية صعبا، ثم جال النيكوتين برأسها فرأتها بأكثر وضوحا وجاءتها الصفعة الأولى عن طريق ال20، آلمها أن يستقر الصفر في مفترق الحاجبين لتقرأه كلما نظرت في المرآة، فتتصفح أخطاءها أكثر من مرة في اليوم علها تستطيع تجاوزها بشكل ما، في حين اختارت الاثنان الاستقرار فوق الفم تماما، وأطبقت على الشفتين تعجزهما عن الحراك فامتنعتا عن التدخين. استسلمت في ذهولها للأمر الواقع، لكنها أبت أن ترحم عدوّتها من عذاب النار انتقاما وتركتها تحترق وهي تخمن بنشوة من انتصر على عدو قاهر « احترقي لأجلي ، لن أطفئ لهيبك ، ما أروع استحالتك إلى رماد.. ». أبى الخصم أيضا الاستسلام، وبدأ الدخان يتصاعد منه بسرعة مذهلة ويرسم في الفضاء حروفا أكثر وضوحا سرعان ما تتساقط على الوجه اللين فيئن للكماتها ذ..ك..ر..ى..20 ..م..ا..ر..س..(ذكرى 20مارس؟) إ..س..ت..ق..لا..ل (ذكرى الاستقلال!!!) وحروف أخرى حاولت ترتيبها فتشكلت لها أسماء ليست بالغريبة عن ذاكرتها (الدغباجي، البشير بن سديرة، علي بن خليفة، فرحات حشاد، الفيتو ري بن سالم،.. وغيرها )وتواصلت حصة الملاكمة وكان لكل حرف طريقته الخاصة، وبدأت الحروف تتبارز في ما بينها كجلادين يتسابقون لاختراع طرق جديدة في التعذيب. فاجأتها سرعة ركض الحروف على رأسها وجسمها كقنابل مجنونة تريد تدمير جبل صخري وتحويله إلى حطام فلم تقدر على ردة الفعل ، « أيمكن للحروف أن تصبح مؤذية إلى هذا الحد؟ ». وما أن انطفأت السيجارة اللئيمة بمحض إرادتها حتى وجدت المدخّنة نفسها منهكة كمن قضى الليالي الطوال بين يدي جلاد لا يرحم حتى جسمه الذي يعمل دون هوادة ولا فكره الذي يحترق لإلحاق مزيد من الألم بضحية تأبى الاعتراف. التفتت إلى بقايا السجائر في المطفأة إلى جانبها فاستحالت إلى رؤوس عجزت عن عدها، تطاولت الرّقاب، برزت الوجوه مخضبة بالدماء ملوثة بالرماد، وهاجمتها الأيادي، وتعالت الأصوات « لماذا تحرقون ذكرى 20 مارس؟ لماذا حولتم الاستقلال إلى رماد؟ .. أ لأنكم عجزتم عن حرق مصطلحات القهر ، الاستعمار، العولمة.. و الاستغلال؟.. !. و أمام هجماتهم، وتحت وطأة اللكمات أطلقت العنان للشفتين فتمزقتا متسائلتين في عواء من يتغابى أمام لكمات محقق يصر على أن ينتزع منه اعترافا صريحا بسبق الإصرار والترصد في القيام بجرم لم يرتكبه أو ربما ارتكبه عن غير قصد، « وما ذنبي؟ أأنا التي صنعتها أم أنني من أطلق عليها الاسم؟ » فترد الأصوات « أنت تستهلكينها عوض الدعوة إلى مقاطعتها. من صنعها ارتكب جرما واحدا، أما جريمتك فمضاعفة: جريمة الصمت على انتهاك الذكرى وجريمة المساهمة في الفعل ». جن جنونها واستدارت إلى الرؤوس تدفعها عنها « أنتم أيضا أيها الشهداء لكم أخطاؤكم، بل إن أخطاءكم أفدح من أخطائنا، كنتم أنانيين إلى أبعد الحدود في اختياراتكم، اخترتم الاستشهاد لأنفسكم وتركتم للأغبياء فرصة اقتسام التباهي بشرفكم، فاقتتلوا من أجل ذلك، داس بعضهم بعضا، وضعنا في الزحام، خيرتم الرحيل بكرامة وتركتم لنا مستنقع الولاء والعمالة، صدقتم أكذوبة الاستقلال فاستسلمتم إلى ملك الموت وسرّبتم لنا عدوى الطمأنينة ومرض الإخلاص لأوطان يرتديها حكام لا يفقهون للتاريخ معنى ولا يعيرون للذكرى اهتماما. وانسابت قريحتها في سرد خطب الثّلب والشتم والسباب كمن وجد الفرصة سانحة لصب جام غضبه على عدو تأكد من عجزه عن الدفاع عن نفسه،ولم تستفق إلا على صوت ارتطام المطفأة بالجدار المقابل حيث انكسرت وتناثر الرماد في كامل أرجاء الغرفة، وانتهى الكابوس، واستبد بها الحنين من جديد إلى التبغ، لكنها عجزت عن أن تشعل النار في ذكرى 20 مارس مرة أخرى.
السيجارة الثانية
انتصف الليل، واستحال عليها الخروج لاقتناء نوع آخر من مبيدات الأجساد البشرية، قامت متثاقلة وقد ألح عليها نداء التبغ، فتحت باب شقتها مصرة العزم على توفير حاجياتها منه، خائفة من أن يدفعها الجنون إلى شوارع القرية بحثا عن نكهته. كادت تطير فرحا لما لاحظت ضوءا شاحبا يتسلل من أسفل باب الشقة المجاورة، لا يزال الجار يكابد السهر ويجب أن تجمع شجاعتها لتستعير منه بعض السجائر، وأسعفها الحظ إذ وجدت لديه غرضها وأمدها، بعد وقفة مطولة على بابه، بسيجارتين من نوع جديد عليها معلنا، كأنما يتباهى، بأنه لا يستهلك ال20 مارس لا في حمرتها القانية ولا في بياضها الخفيف، أخذتهما منه وعادت إلى حجرتها مسرعة وإلحاح التبغ يطاردها.
تمددت كعادتها في نفس المكان واستعدت لإشعال واحدة، لكن الفكرة قفزت إلى رأسها الذي لا يزال يعاني بعض الألم، لماذا لا تتثبت من اسمها قبل اقتراف جرم آخر بحق ذكرى أخرى، حتى وإن كان ذلك عن غير قصد، وقد كانت محقة في ذلك، إذ صعقت بالاسم من جديد « حواء » يا للهول، إنه اسم الأنثى الأولى في أسطورة الخلق، هي الأصل ،كما قالت نوال السعداوي، والخير كما رآها ابن عربي،ثم إنها رمز الخصوبة والتواصل والخلود و »لا خير في الأشياء التي لا تؤنث » كما رأى الحكماء..
ورأت نفسها تعبر جسر الغباء من إحراق ذكرى « استقلال الوطن » إلى إشعال النار في الأصل البشري مجسدا في اسم « حواء »، ارتدت عراء الجدة لتخوض تجربة إحراق نفسها، فبدت لها اللعبة أقوى من أن تلعبها، تساءلت »لماذا لم تصنع السجائر في بلدي بأسماء الملوك؟، آه لو كانت هناك سجائر باسم « آدم » لالتهمتها بشهية إعادة للتجربة التي بدأتها الجدة بإغرائه بأكل التفاحة التي كانت سببا في نزولهما من ملكوت السماوات إلى عذاب الأرض، علها تستطيع أن ترفعه إلى الأعلى، ولو في شكل غيمات من الدخان المتلاشي، حتى يبقى معلقا بين السماء والأرض ما دام قابلا للإغراء.. ولكن أنّى لها ذلك؟، وأصحاب مصانع التبغ ربما انتبهوا إلى ذلك فلم ينتجوا سجائر باسم جدهم،آدم، بل خيروا أن يشعل بنو آدم كل حواه قبل أن تشعله، بل لعلهم أرادوا أن تكون « حواء » هي المعلقة بين السماء والأرض متلاشية مع الغيمات، وتراءت لها الجدة حواء تتشكل من الغيمات، تقبع أمامها، تشكوها ما تعرضت له من الاضطهاد،منذ أنجبها الملعون « آدم »، يتغابى ويدعي أنه أنجبها من ضلعه الأيسر، مقر سكنى القلب، لتكون دائما مقربة منه، معشوقته السرمدية، وبكل خبثه يحملها مسؤولية ذنوبه وأخطائه، فهي التي أغرته، وانطلت الحيلة على الكون فلم يسأل أحد يوما لماذا كان هو دائما مستعدا لتقبل إغراءاتها؟، ما ذنبها إذا كان هو ضعيف الشخصية، وقواما عليها في نفس الوقت؟..
عانقت حواء حفيدتها وبكت بحرقة حتى اغتسلت الفتاة بدموعها ولبست عذابها كساء ونسجت حولها الأساطير، هي سبب كل الإغراءات والفتنات، من أجلها نشبت أشدّ الحروب ضراوة، اغتُصبت الأرض، بيع الشرف، استُعبد العبد، عم الفساد، هي اللعوب، البشوش، المغرية، الخادعة، وهو المخدوع القوام، أكل هذا لأجل قدرتها أم بسبب ضعفه وخبثه؟ ؟؟.
اختلطت الأمور على المدخنة فراحت تتساءل، حتى السجائر لم تسلط كوابيسها إلا على بنات حواء؟ ألانها تدخن خلسة كان خوفها دائما محرك كوابيسها؟ على مشارف القرن الواحد والعشرين مازلنا نناقش حق المرأة في التدخين؟.. تذكّرت استهزاء صديقتها الفرنسية منها ومن شعبها يوم وقع أول تحول في قمة السلطة في بلدها حينما سألتها: »أكثر من ثلاثين سنة وشعبك يناضل من أجل نقل السلطة من المنستير إلى حمام سوسة، مسافة كيلومترات معدودات، كم يلزمكم من الدهر لدفعها نحو أقصى الجنوب؟ ».
استفزها السؤال لحظتها، رغم قناعتها بأن ثلاثين سنة عمر جيل بحاله، وبدا لها التاريخ يسير ببطء ثقيل حتى أنها تكاد تراه واقفا، أما الآن، وقد أثار فيها التبغ ما أثار من الأسئلة الموجعة، فقد تغيرت الأمور وبدت لها حركة التاريخ سريعة جدا، أو ربما بسرعة الضوء كان يسير، إذا قارنت بين فترة انتقال السلطة بما تطلبه نقاش حقها في التدخين من الزمن،ألفي سنة، بعد الميلادي فقط، ولم تحسم المسألة بعد حتى في ذهن الأقلية « ما أسخفنا! ما أسخفنا ونكابر… وأفاقت على رنّات صوتها ترتفع في انفعال غير معتاد فإذا الصبح قد انبلج، وإذا رأسها مثقل بالهموم أو ربما من فرط حاجته إلى النيكوتين، وإذا جسدها يعاني من كسل غير معهود، وشهيتها موصدة أمام كل أنواع المأكولات متلهفة لإشعال سيجارة.
السّيجارة الثالثة
تحاملت على نفسها فاغتسلت، ارتدت ملابسها على عجل، وخرجت لاقتناء تبغ لا يسيء استغلاله إلى أي اسم أو ذكرى، ولن يحتج على استهلاكها له أي ضمير.
أمام بائع السجائر استوقفتها العلب المتعددة الأسماء والرموز والألوان فتفجر فيها الحنين أكثر إلى الغيمات والتلاشي مما أفقدها القدرة على التركيز والاختيار، لكن التاجر الذي ألف وجهها وصار يتجاذب معها أطراف الحديث كلما زارته لاقتناء حاجياتها أمدها، دون أن تنبس ببنت شفة، بعلبة « المارس الخفيف » وانشغل عنها يعتذر لبعض الزبائن عن فقدان سجائر « 7 نوفمبر » وفوجئ لما انتبه إليها ترفضها طالبة أي نوع آخر فأسرف في إقناعها بأن ذلك النوع من السجائر أنسب للمرأة وأقل ضررا وسعره مناسب.. لكنها مستعجلة ولا وقت لديها لتسرد عليه أخبار كوابيسها ومغامرات لياليها معه فاختارت علبة صغيرة الحجم نسبيا، جميلة الشكل، مغرية إلى حد ما إذ أحست أنها تتحرش بها. عادت إلى غرفتها بخطى حثيثة، أعدت قهوتها بأسرع ما يمكن، جلست إلى الطاولة، وأشعلت سيجارتها الأولى ذاك الصباح فلم ترق لها، رغم أنها أعادتها إلى رشدها. مع السيجارة الثانية عادت تتأمل سريان النار في الجسم المستكين فإذا الغيم يتصاعد منها أسود، داكنا على غير المألوف، هي لا تنكر أنها انتشت بالفرجة والنكهة لكن اللون الداكن للغيوم أزعجها، عكر عليها صفوها، وكستها ستارة التشاؤم، وباتت تفكر فيما سببه لها التبغ من أرق باحثة عن « الكيف » والمتعة التي يتلذذها الرجال وكيف لم يسبب لهم التدخين يوما ما بلاها به من كوابيس؟
مع السيجارة الثالثة عادت تتمعن فيما كتب على العلبة فاستفزها الاسم مرة أخرى « خضراء » يا لبلد ينحت اسمه على السجائر يشربها الأهالي فتضيق بها صدورهم وينفثونها غيمات نحو الفضاء تلوثه، أهو الحب الذي دفع الشاعر قديما إلى حرق حبيبته وشرب ذرات رمادها مع كأس نبيذه؟ أم هو عدم الاكتراث بالاسم؟
لو كان الحب فلماذا لم ينتج أصحاب مصانع التبغ سجائر تحمل أسماءهم وتاريخ ميلادهم؟، هل تراهم يحبون خضراء أكثر من حبهم لأسمائهم؟.. أرادت المدخنة أن تهرب من حرقة الأسئلة فتتحدى مشاعرها وتتصنع اللامبالاة فأشعلت « خضراء » للمرة الرابعة وإذا خارطة الوطن ترقص أمامها، من الغيمات انبلجت خضراء يانعة، اسم على مسمى، ثم بدأت تصفرّ شيئا فشيئا وتذبل، تتأوه مع سريان النار في سيجارتها، يتقلص حجمها مع كل ذرة رماد تسقط منها..
عجزت المدخنة عن مواصلة التدخين وبادرت بإطفاء السيجارة خوفا من أن تضمحل الخارطة نهائيا فإذا خضراء تعانقها حضنا ناعما، رخوا، كادت تذوب فيه لولا السؤال يضجرها، يسحبها من الحضن، يجذبها إليه « لماذا العدول عن صنع سجائر باسم » 7 نوفمبر؟ »، أ هو الاكتراث بالاسم، بالذكرى؟، وهل سيكترثون يوما لاسمك خضراء؟.
السيّجارة الرابعة
عادت بها الذاكرة إلى سجائر » 7نوفمبر » ومتعة إحراقها، رغم المرارة الغامضة في طعمها، هل تكون متعة الانتقام اللاواعي بحرق شيء دخل دائرة المقدسات وحرّم المساس به بفعل قانون الخوف؟ واستعادت لثواني ذلك الشعور العجيب بلذة لا توصف عاشتها مرارا وتكرارا مع حرق ذلك النوع الرديء من السجائر ثم سرعان ما ارتعشت، ماذا لو تفطن الجميع آنذاك إلى سر لذتها وتابعوا خيط الذاكرة والذكرى،واكتشفوا سر المتعة؟ بل ماذا يمكن أن يحدث لو تنبه أحدهم اليوم إلى مدى شوقها إلى إحراق ذاك النوع من السجائر؟.
وفجأة أزاحت الرقابة الذاتية باستهزاء واتخذت قرارها « فليكن ما سوف يكون، لن أدخن بعد اليوم غيرها، ثم من ذا الذي بإمكانه معرفة خبايا الذات ومحاسبتها بسبب نواياها؟ .
وبدأت المدخنة تصنع سجائرها بنفسها، صارت تشتري فتات التبغ وتلفه في أوراق صنعت للغرض بعد أن تخط عليها الاسم بخط يدها وتلتهمه بشراهة لا توصف إلى أن وجدت نفسها يوما تجر إلى المحكمة بتهمة تعاطي صناعة غير مرخص فيها، ومن صناعة غير مرخص فيها إلى كتابة غير مرخص فيها، إلى الانتماء إلى جمعيات وأحزاب غير مرخص فيها، إلى مطالعة كتب غير مسموح بها إلى السير في شوارع وأزقة ممنوعة… تعددت التهم وأنجز الملف وتمت المحاكمة وكان الحكم قاسيا رغم جدارة المدافعين و صدق مرافعاتهم…
فترة السجن كانت في البداية قاسية إلى أبعد الحدود، الوحشة والانفراد وسوء المعاملة، ثم حاولت استغلالها في مراجعة حساباتها، انفردت بنفسها مرارا، حاورتها كثيرا، تعرت أمامها في أكثر من مناسبة، وما أن جاء قرار الإفراج عنها إلا وجاءت معه قرارات أخرى، لا خوف بعد اليوم، لا تردد بعد الذي حصل، لا مهادنات ولا مجاملات ولا تنازلات ولا ممنوعات بعد اليوم، لم يعد السجن مخيفا ولا التعذيب مخيفا، ولا الزنزانة مظلمة، لقد ألفت العينان الظلمة،وتدربت الأمعاء على الجوع والجسد على الرطوبة.. إما الحرية الكاملة وكما تفهمها، لا محدد لها سوى الضوابط الأخلاقية التي تحددها لنفسها، وإما الزنزانة الانفرادية إلى الأبد. إما حياة تسر الصديق ..وإما ممات يغيض العدى.
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين تونس في 01/06/2010 بقلم محمد العروسي الهاني مناضل دستوري تونس الرسالة رقم 814 على موقع الانترنات الذاكرة الوطنية تتذكر يوم غرة جوان 1955
عيد النصر المجيد وعودة القائد الزعيم المجاهد الاكبر الى أرض الوطن بعد غربة ومنفى في فرنسا دامت 3 أعوام و5 أشهر من 18 جانفي 1952 الى 31 ماي 1955 في مثل هذا اليوم الأغر التاريخي عاد المجاهد الأكبر الزعيم الحبيب بورقيبة إلى أرض الوطن حاملا لواء النصر وبشائر الاستقلال الداخلي . عاد بعد غيبة طويلة وبعد أن اطمأن على انتهاء المفوضات التونسية الفرنسية بصفة رسمية وكانت بصمات الزعيم طبعت كل المفوضات الخاصة في أهم مراحلها وأدقها عاد الزعيم الأوحد إلى أرض الوطن حاملا لواء النصر وخرج الشعب بأكمله لاستقبال القائد المظفر. يوم تاريخي خالد يوم غرة جوان 1955 لن يمحى من الذاكرة الوطنية وهو يوم مشهود خرج فيه الشعب التونسي بكل شرائحه و فآته لاستقبال القائد المجاهد الأكبر حبيب الشعب في أعظم مهرجان شعبي لم تعرفه تونس في تاريخها المعاصر، خرج الشعب بكل أصنافه ومن كل جهة ومدينة وقرية وريف و والصحراء وجاءوا من كل فج عميق لاستقبال قائدهم وزعيمهم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة في أورع استقبال وأصدق بهجة وأعمق وفاء وأنبل حب في يوما خالدا مشهودا تاريخيا سجله التاريخ بأحرف ذهبية. استقبال رائع وتنظيم محكم بدون أمن وبوليس لا يخفى أنه في تلك الفترة الأمن بيد الفرنسيين والحكم مازال عند السلطات الاستعمارية ومقاليد الحكم عند فرنسا.. ورغم ذلك كان التنظيم رائعا ومحكما ودقيقا وشعبيا.. من قام بذلك يا ترى.. بخطة محكمة من مدينة حلق الوادي إلى معقل الزعيم بباب الجديد بتونس.. قام بذلك الدستوريون الغيورين على الوطن.. والأوفياء للثوابت والقيم.. والمخلصين لقائدهم.. والمكبرين لزعيمهم.. والمعترفين بالجميل لرمز وطنهم وحبيبهم بدون منازع.. وكانوا يلقبونه بالمجاهد الأكبر وبعضهم يطلق عليه اسم « سي الحبيب ». قلت استقبله الشعب في أورع استقبال لم تعرفه تونس من قبل.. وأكبر تحدي للاستعمار الفرنسي آنذاك.. ويبرهن ويؤكد على أن الشعب التونسي قادر على تسيير دواليب الحكم باقتدار وكفاءة وحماس وما التنظيم الرائع دون تدخل الأمن الفرنسي إلا تأكيد على قدرة رجال الحزب الحر الدستوري التونسي الجديد الذي أرساه المجاهد الأكبر ورفاقه في المؤتمر التاريخي الخارق للعادة عام 1934 بمدينة قصر هلال يوم 02 مارس 1934 الذي استطاع في زمن قصير تأطير الشعب التونسي.. وتعبئة الأمة.. وتوعية الجماهير الشعبية.. التي كان الفضل في صقل مواهبها وإذكاء الروح النضالية وتغذيتها ونشر الوعي الوطني الشامل.. يعود الفضل إلى مدرسة الحزب.. مدرسة النضال والتضحية والوفاء.. وإلى ما غرسه الزعيم الحبيب بورقيبة من قيم ومبادئ وثوابت في نفوس الشعب التونسي.. وما حققه من تأثير في القلوب بخطبه الملهمة الحماسية التي فعلت فعلها الشديد في النفوس الطيبة.. هذا التأثير الايجابي الفاعل جعل استقبال يوم غرة جوان 1955 يتم على أحسن صورة وأقوى تنظيم وما أحوجنا اليوم الى هذه الروح والى هؤولاء الرجال والى مثل هذه المواقف. غرة جوان 1955 يبقى راسخا في القلوب مهما كانت المحاولات ومهما كانت الغايات للتقليل من شأن يوم غرة جوان 1955 عيد النصر فإن الأحرار الوطنيين والدستوريين الأوفياء لم ولن ينسوا يوم غرة جوان 1955 وأبعاده ونتائجه وايجابياته.. فهو المنعرج الحاسم واليوم الأغر في جبين هذه الأمة.. وطالع الخير.. والمؤسس لانطلاق البناء حجرة بحجرة ولينة بلبنة ومرحلة بمرحلة.. بنفس المهندس والمصمم والمخطط والشاطر والذكي الذي عرف كيف يسلك الطريق والمسالك رغم صعوبتها والمسالك و وعرتها.. وأهل مكة أدرى بشعابها.. ومن الواجب الوطني إحياء هذه الذاكرة العزيزة التي هي السبب الأصلي في كل ما تحقق وأنجز من بناء شامخ يعود الفضل فيه إلى غرة جوان 1955 .. كيف ننسى هذا اليوم ، كيف نتجاهل هذا اليوم ، كيف نتنكر لهذا التاريخ ، كيف يجترئ أحدهم ليقترح حذف هذا اليوم الخالد الأغر بدعوى أنه يمثل حدثا شخصيا .. كلا وألف كلا وألف كلا. يوم غرة جوان 1955 لم يكن حدثا خاصا أو قضاء مصالح غرة جوان 1955 هو نقطة الانطلاق لاستقلال تونس وسيادتها ونقطة انطلاق للاستقلال التام ونقطة انطلاقا لبناء الدولة العصرية والجمهورية والتشريعات الرائدة في تونس كلها منبعها وأصلها وهدفها غرة جوان 1955 .. فالزعيم بورقيبة لم يعد بعد غيبة من أجل تجارة أو حدث شخصي.. ولم يذهب إلى فرنسا من أجل السياحة والترفيه والنزهة وف طائرة خاصة … ولم يذهب ويعود من أجل ربح شخصي.. كلا وألف كلا.. الزعيم بورقيبة اعتقلته فرنسا في آخر مرحلة ،المحنة الثالثة بعد المحنة الأولى 1934 – 1936 والمحنة الثانية 1938الى 1943 والمحنة الثالثة 1952 إلى 1955. من أجل تونس 3 محن متوالية سجون ومنافي وأبعاد ومحنته اختيار له من 1945 إلى 1949 في المشرق مصر.. في الغربة من أجل تونس سبعة عشر سنة ونصف.. ثمن العودة. يوم غرة جوان 1955 من أجل تونس وشعبها كيف يسمح كاتب في صحيفته أو شخص يقترح حذفه هذا العيد.. وبعضهم ينعته بأنه حدث شخصي.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. وبعد أن نجح بعضهم في حذف عيد النصر المجيد 55 تمادى في حذف يوم آخر هو عيد الثورة المباركة 18 جانفي 1952 .. عيد الثورة الوطنية الشجاعة.. وصعود الجبال من طرف خيرة المناضلين والمقاومين.. هذا اليوم هو الآخر وقع حذفه.. لأنه كما يتصورن ويوهمون ويتقلبون بأنه يوم يقترن باعتقال الزعيم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة يوم 18 جانفي 1952 من فراشه بمعقل الزعيم بالعاصمة وهو مريض.. وكان الاعتقال الأخير في الربع الساعة الأخير كما سماه الزعيم .. هذا اليوم هو الأخير وقع حذفه وعدم الاعتراف به كعيد وطني للثورة … ونعرف أن في كل العالم شرقه وغربه الشعوب والأمم تحتفل بأعيادها الوطنية وبعيد ثورتها.. وكل شعب يعتز بتاريخ ومجد ثورته التي هي الشرارة الأولى والانطلاقة لمرحلة الاستقلال والتحرر والسيادة. الجزائر الشقيقة مثلا حيا للشعوب العربية يجب الاقتداء بها ولنا في الشقيقة الجزائر القدوة الحسنة في دولنا العربية التي بقت والحمد الله وفية لعهودها وثورتها المباركة العظيمة.. وكل عام تحتفل الجزائر بعيد الثورة الوطنية غرة نوفمبر 1954 .. وأكثر من ذلك هناك شرط وطني أخلاقي ونضالي هاما يقتضي أن يكون المرشح لرئاسة الدولة الجزائرية يجب أن يكون شارك في الثورة الجزائرية لمن كان عمره يسمح له بالمشاركة. .تلك قيم وثوابت النضال ومبادئ الشعوب والامم المتحضرة التي تنطلق من تاريخ الثورة . فرنسا لن تنسى ذاكرتها الوطنية وعيد الثورة 14 جويلية 1789 دوما في الذاكرة.. والاحتفال بعيد فرنسا 14 جويلية.. لن تتخلى عليه الجمهورية الخامسة أو حتى السادسة … لماذا نحن في تونس بعد أن هبّ الشعب على بكرة أبيه يوم غرة جوان 1955 لاستقبال قائده في يوم مشهود.. كيف نتخلى على هذا اليوم.. وكيف نتخلى على يوم 18 جانفي 1952 عيد الثورة .. ولماذا لم يصدع مناضل أو مقاوم من المجلس الأعلى للمناضلين ويدلي برأيه حول إعادة الاحتفال بهذا العيد المجيد ولماذا لم يتكلم مسؤول من التجمع اليوم ويقول : « والله حرام عليكم حذف أعيادنا الوطنية » وطمسها وتجاهلها وأصبحنا نحتفل مرة واحدة بمرور نصف قرن على عيد الثورة في 18 جانفي 2002 .. وبعدها الصمت الرهيب سياسيا ووطنيا وإعلاميا.. وحتى المناضل الذي يريد أن يكتب ليحي الذاكرة لم ينشر له مقال إلا بموقع الانترنت والفضل يعود للانترنت تونس نيوز.. هذا الموقع الممتاز حقق مطامحنا غي التعبير وحرية الرأي وهو موقع بحق ديمقراطي رفع الضيم عن المناضلين المتعطشين لتاريخ . موقع هام جعلنا نطلع على كل ما يجري من حولنا وفي دولنا العربية بفضل هذا الموقع أصبحنا نقرأ كل المعطيات والمعلومات والرأي والرأي الآخر وليس هناك انحياز واضح لموقف معين وتلك رسالة الصحافة السامية.. والحمد لله بفضل الانترنت أصبحنا نكتب على عيد النصر المجيد غرة جوان 1955 – هذا العيد الذي حذف في بلادنا ولا يسمح بالكتابة عنه ولو أسطر لأن التعليمات واضحة مثل كل الخطوط الحمراء…. الأخرى.. والصحافة أصبحت معروفة والاتجاه واضح.. المدح التنويه الحاضر فقط أما التاريخ فحدث ولا حرج… إلا إذا كان فيه تشويه وإساءة . الاساءة والتحامل هو الحل الوحيد المسموح به إذا أردت أن تهاجم بورقيبة وتتحدث على الخلاف والفتنة وتكون مع الجانب الثاني مرحبا بك بقلمك الشجاع السيال الهام وأنت من الفرسان الشجعان.. أما أنك ترد وتصحح وتوضح فالصحافة مغلقة وصامتة ولا تسمح لك بذلك.. تلك هي صحافتنا.. ونقول في المناسبات التواصل موجود وأحيانا لذكريات وطنية متواصلة.. لكن في الحقيقة كلام غير مطبق في الواقع.. ومناسبة عيد النصر المجيد غرة جوان 1955 أكبر دليل على التعتيم الإعلامي.. لماذا هذا الصمت.. لماذا هذا الخوف.. لماذا هذا التنكر الملحوظ.. لماذا هذا التجاهل للتاريخ .. بذرة الخير مازالت موجودة والخير في الدنيا في عام 1979 عندما أصدرنا في شعبة الصحافة الحزبية مجلة الوفاء في جوان 1979 وأطلقنا عليها اسم مجلة الوفاء.. كان البعض القليل يقول لنا إن شاء الله يتواصل الوفاء.. ولم نعرف ما يقصد وقتها هؤلاء.. واليوم فهمنا المقصود.. والحمد الله بعد 27 سنة مضت على إصدار مجلة الوفاء.. واليوم أصدرنا كتاب الوفاء.. ولو مازال بين رفوف المكتبة الوطنية بوزارة الثقافة.. ولكن الرسالة وصلت والكتاب اطلع عليه أحرار النضال . أول عدد من مجلة الوفاء بقى الوفاء راسخا في أذهاننا وفي وجداننا وفي قلوبنا وعقولنا.. ولم ولن نتغير أو نتنكر للثوابت.. وكما قال المناضل الحسين المغربي مدير جريدة بلادي في حفل تكريمه في إطار شعبه الصحافة الحزبية عام 1981 بعد التحويرات التي أدخلها الحزب على صحفه بعد تعيين مدير الحزب الجديد المنجي الكعلي آنذاك.. قال أخونا الحسين المغربي كلمة خالدة مؤثرة جاء فيها : أن المناضل يتحمل مسؤولية ظرفية تسند إليه وتنتهي وتلك سنة الله في خلقه. وهناك صفة أبدية في المناضل موهوبة يمنحها الله تعالى ويصقلها الإنسان.. هي المسؤولية الذاتية النضالية الوطنية التي لا ينزعها منك أي إنسان.. ولا يفتكها أي نظام سياسي.. لأنها مسؤولية شخصية مبنية على قناعة وإيمان.. ولا تسند ولا تهدى من طرف أي أحد.. وليس لأي أحد فضل في إسنادها.. فهي موهوبة من الله.. وباطنية وأخلاقية.. هذه الصفة النضالية لا تنزع لمجرد قرار إداري أو عزل أو بمجرد وشاية .. أو هذا متعنا والأخر ضدنا كما قال أحدهم مؤخرا : »هذا ضدنا لأنه يقول الحقيقة « .. والحمد الله هذه الصفة التي أشار إليها أخونا الأكبر الحسين المغربي هي التي فعلت فعلتها لتجعلنا من صف الأوفياء لهذه القيم والثوابت والمبادئ جمعية الوفاء للمحافظة على تراث زعيمنا هي مدرسة أخلاقية مستمدة من مدرسة حزب التحرير، لن ولم نتخلى عنها.. وإحيائنا لذكرى عيد النصر المجيد غرة جوان 1955 يندرج ضمن هذا المفهوم.. ولن نتجاهل ذكرى عيد الثورة المباركة 18 جانفي 1952 ..وستبقى هذه الذكرى النبراس والضمير الحي دوما لإيقاد هذه الشعلة النضالية. وإن الجمعية الفتية التي تأسست على وجه التحديد يوم 29 ماي 2005 تقدمت يوم غرة جوان 2005 الذي يصادف الذكرى الخمسين لعيد النصر.. وأحيت الجمعية هذه الذكرى الخالدة بالتوجه إلى المنستير وتلاوة فاتحة الكتاب على روح الزعيم رحمه الله ، ثم أرادت الجمعية أن تقدم الملف القانوني للحصول على التأشيرة في غرة جوان 2005 الى مقر ولاية تونس دائرة (الشؤون السياسية) وحسب قرار الهيئة التأسيسية التي كلفت السيدان محمد الصغير داود رئيس الجمعية والحاج محمد العروسي الهاني الكاتب العام للجمعية لتقديم الملف الى الولاية في يوم عيد النصر. ولكن مع الأسف حصل ما لم يكن في الحسبان في دائرة الشؤون السياسية.. ولمسنا عدم الجدية ونوع من المماطلة.. واستغربنا من هذا التصرف الذي لا يليق مع جمعية تحمل اسم رمز الوطن وباني الدولة.. وتذكرنا أن سلك الولاة الذي تأسس يوم 23 جوان 1956 كان بدعم وحس من الزعيم بورقيبة.. كيف اليوم هذا الجهاز الإداري الهام لم يتحمس لبعث جمعية تنفع ولا تضر. وقد أشرت في المقال الصادر يوم 24-05-2006 بموقع الانترنات كل التفاصيل بأمانة حول ما جرى يوم غرة جوان 2005 وأفراد الجمعية ومكتب المتابعة المتركب من السادة محمد الصغير داود ومحمد العروسي الهاني وعمر بن حامد والدكتور المختار الرابحي وعبد الحميد العلاني.. كان هذا المكتب يتابع ويأمل في الاستجابة لطلب التأشيرة.. خاصة وكما أسلفت الملف الآن برئاسة الجمهورية منذ يوم 13 جوان 2005 على إثر إعادته من الولاية .. ونحن في حالة انتظار.. والأمل في شخص رئيس الجمهورية وكريم عنايته ودعمه لبعث الجمعيات وخطابه الأخير في يوم الجمعيات يؤكد هذا الحرص الرئاسي البالغ وان عزيمة الرئيس أقوى من عزيمة ونوايا الآخرين الذين يريدون طمس الماضي وحذف التاريخ مثل عيد النصر.. الذي سيبقى راسخا في أذهاننا وعقولنا ووجداننا.. ولن يفلح أي متنكر أو جحود أن يمحي هذه الذكرى من قلوبنا.. والله ولي التوفيق . سامح الله من كن سببا في حذف أعيادنا.. وأحدهم ما يفتأ اليوم يعبر عن ندمه.. قال الله تعالى : » من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. » صدق الله العظيم محمد العروسي الهاني كاتب عام جمعية المحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة 22022354
اسطول الحرية.. مؤشرات ودروس
راشد الغنوشي كثير من الأحداث التي مثلت منعطفا حاسما في تاريخ جماعة أو بلد أو منطقة وحتى أوسع من ذلك لم يكن بالضرورة صانعوها على وعي كامل بأهمية وخطورة ما يفعلون، ولكن تثبت الوقائع أنها كانت حاسمة. تقديرنا أن المنازلة التي حدثت في نهاية مايو/أيار المنصرم بين بضع مئات من نشطاء السلام منتمين إلى بلاد وديانات وألوان مختلفة، وبين الآلة العسكرية الصهيونية ممثلة بوحدات نخبة بحريتها العتيدة، هي بحق من هذا الصنف، حيث خاض نشطاء السلام معركة غير متكافئة، ولكنهم حققوا فيها نصرا مؤزرا، يعيد للأذهان -من بعض الوجوه- خروج النبي وصحبه لملاقاة عير قريش، ولكنهم وجدوا أنفسهم يخوضون معركة ضد قوتها العسكرية الصلبة، فحققوا نصرا غيّر جملة موازين القوة في المنطقة ووضع سلطة قريش على طريق النهاية، فما مؤشرات مثل ذلك؟ وما الدروس المستقاة؟ أولا: مؤشرات 1- مقارنة بسيطة بين خطاب طرفي المنازلة تكشف بوضوح المنتصر من المنهزم. مقابل شعور العزة والنصر الذي يطفح به خطاب كل أبطال أسطول الحرية -رغم ما لاقوه من أهوال- ثم ما حظوا به من استقبالات جماهيرية، وإجماعهم على التعبير القطعي أنهم سيعيدونها جذعة، فهم غير خزايا ولا ندامى بل فخورون، بما أنجزوا، وحتى زوجة الشهيد التركي التي كانت بجانبه أكدت أنها لم تكن تبكيه حزنا عليه، وإنما حزنا أنها لم تصاحبه في رحلته الأبدية، ولم تظفر بالشرف الذي ظفر به. مقابل ذلك فلا تكاد تسمع في معسكر الغطرسة والغرور غير العويل والتلاوم وتدافع المسؤولية عن الكارثة التي أحلوها بأنفسهم، والشكل المناسب لتكوين لجان تحقيق، بما يذكّر بلجان سابقة ظلوا يشكلونها على إثر كل حرب خاسرة خاضوها، بدءا بحرب العبور 1973 إلى انسحابهم الذليل من لبنان تاركين أسلحتهم وعملاءهم لائذين بالفرار بليل كالجرذان هربا من بضعة مئات من المليشيات، ثم هزيمتهم النكراء في لبنان أيضا سنة 2006 في مواجهة نفس المليشيات، ولم يكن حظ هجومهم على غزة السنة الماضية بأحسن حال، فهم باختصار كان آخر عهدهم بالانتصار سنة 1967، وهو تاريخ بعيد جرت بعده تحت قناطرنا وقناطرهم مياه كثيرة، وكان ذلك على يد جيل من آبائهم قد انقرض. 2- صحافتهم وهي تنطق باسم رأيهم العام بلغ تعبيرها عن مرارة الهزيمة والإخفاق وصفها بالانتحار (هآرتس 4/6) وبأن إسرائيل تبحر إلى الهاوية (هآرتس 7/6) وجعلت إسرائيل بلدا منبوذا أبرص (أسرة تحرير هآترس 6/6) ونقلت الحصار من غزة إلى دولة الكيان، وأنه لا سبيل للخروج من هذا الحصار إلا بالتحقيق فيما حدث ورفع الحصار عن غزة (نفس المصدر)، وجعلت مواطنيها يشعرون بعار الانتساب إليها وأن ما حدث نصر لحماس (نفس المصدر 10/6). 3- ضيق أصدقائهم وأوليائهم بحماقاتهم وبالحصار الفضيحة الذي جروهم إليه. لقد تمزق جدار الحصار الظالم على غزة شر ممزق حتى لم يبق أحد في العالم لم يطالب بإزالته أو تخفيفه شعورا بوطأته، وضيقا به، فما من أحد يريد أن يكون شريكا فيه، حتى حماة هذا الكيان من جماعة أوباما لم يقووا على مغالبة رياح النصر ولم يملكوا إلا أن ينحنوا للعاصفة داعين إلى تخفيفه، معترفين في ضيق أن الحصار على غزة لم يعد يحتمل. أما بناة الجدار الفولاذي الذين طالما دافعوا عنه في استماتة بعد أن جفت وجوههم من ذرة حياء، فقد سارعوا إلى إعلان فتح المعبر إلى أجل غير مسمى. ما الذي تغير؟ إنها رياح النصر. لقد حقق أسطول الحرية المجيد من النصر ما لم يكن أحد من أبطاله يحلم به أن يتحقق وبهذه السرعة. 4-عودة مظلمة فلسطين إلى تصدّر المظالم والقضايا التي تشغل الرأي العام، إن في المستوى الإعلامي أو في مستوى المنظمات الدولية واللقاءات الإقليمية أو في مستوى حركة الشارع حيث لم يكد يبقى بلد لم تندلع فيه مسيرات تضامنية مع قضية غزة مع أسطول الحرية، بما تحوزه هذه القضية من أبعاد دينية وإنسانية، وبما أتاح لقوى التغيير و » »للأصوليين » من فرص ثمينة قادرة على تشكيل إجماع حولها، مقابل ما غدت تمثله حماقات الاحتلال من أخطار متزايدة على استقرار الأنظمة العربية الصديقة له. 5- انضمام قوة إقليمية معتبرة مثل تركيا إلى صف الدول القليلة الحاملة لقضية غزة في الحملة على الحصار الظالم، على نحو لا يضاهى في حرارته، وكان من ثمرة ذلك الاصطدام بتراث العلاقات الوطيدة مع الكيان الصهيوني والمصالح الكبرى الجامعة، وقاد ذلك إلى أن قبلت الحكومة التركية أن تنطلق أهم وحدات أسطول الحرية وأبطاله الأشاوس من أرضها حاملة علمها. وكان أن تورط الصهاينة في الإقدام على القيام بمذبحة انصبت على المجموعة التركية تعبيرا عن انفراط أعصاب الصهاينة غضبا من الموقف التركي بما حفر أخدودا لا يردم في العلاقة الصهيونية التركية. وبذلك ينضم إلى صف قضية فلسطين المباركة فارس آخر مغوار بعد أن كان تعزز بالفارس الإيراني، في وقت تخلى عنه العرب الكبار، بما يعيد للذاكرة التاريخية دخول العنصر التركي للذب عن الأمة بعد أن وهن عزم العرب في نهايات دولة بني العباس، كما ألمح إلى ذلك المؤرخ الكبير عبد الرحمن بن خلدون في هذا النص البديع في تاريخه « ‘حتى إذا استغرقت الدولة العربية في الحضارة والترف، ولبست أثواب البِلاء والعجز، ورميت الدولة بكفرة التتر الذين أزالوا كرسي الخلافة وطمسوا روانق البلاد، وأدالوا بالكفر من الإيمان، بما أخذ أهلها عند الاستغراق في التنعم والتشاغل في الملذات والاسترسال في الترف، من تكاسل الهمم والقعود عن المناصرة، والانسلاخ من جلدة البأس وشعار الرجولية، فكان من لطف الله سبحانه أن تدارك الإيمان بإحياء رمقه، بأن بعث لهم من هذه الطائفة التركية وقبائلها العزيزة المتوافرة، يدخلون في الدين بعزائم إيمانية وأخلاق بدوية لم يدنسها لؤم الطباع، ولا خالطتها أقذار اللذات، ولا كسر من سورتها غزارة الترف ». 6- موقف الإجرام المتغلغل في طبيعة الكيان الصهيوني وما أنضاف إليه من حماقة وغرور وضحالة الحس التاريخي لدى الطبقة السياسية الحاكمة اليوم ووعيها بالزمن، وهو ما تجلى في أسلوب تعاملهم مع أسطول الحرية، بدافع تكريس الحصار، فما فعلوا غير توهينه إلى حد الانهيار واضعين كل أصدقاء الكيان وحماته في حالة شديدة من الضيق، وأمام خيارات صعبة بين أن يصطدموا بغضب شعوبهم وبين أن يسايروا غضبتها وفاء بعهدهم للأميركان. « إن إسرائيل في عماء عن التطورات التي تحصل في العالم وأن حصار غزة زاد من عزلة إسرائيل الدولية وأن الأتراك نجحوا في إحداث هزة أرضية تغير بعض قواعد اللعبة في المنطقة وأن الحصار في صيغته الحالية يوشك أن ينتهي وأن فرص إسرائيل في الاستمرار فيه أخذت تفلت » (يدعوت أحرونوت 13/6/2010). ثانيا: دروس وعبر 1-انتصار المجتمع المدني الإنساني على المجتمع العسكري الإسرائيلي وحليفه الدولي والإقليمي: في منازلة نموذجية ظهر فيها شر الاحتلال في أجلى وأبشع صور غطرسته وغبائه وهو يهجم بأحدث وأفدح ما يملك من وسائل بطش جادت عليه بها في سخاء غير مجذوذ إدارة أميركية أشد منه عراء من كل حس إنساني (بمعدل ثلاثة مليارات دولار، مساعدة عسكرية)، يهجم بلا هوادة على سفن لم تنطلق منها رصاصة واحدة ولا هي تملكها أصلا، ولا لها فيها متسع، فهي مشحونة بأسلحة أخرى: أغذية وأدوية ولعب أطفال، يحملها إلى أهل غزة المحاصرين من سنوات مئات من النشطاء والناشطات من كل ملة ولون قادمين من أنحاء الأرض، صحفيين وكتابا وحقوقيين. لا يجمعهم غير إيمان عميق طافح بحرية الإنسان وكرامة الإنسان وحقه في الحياة ونمو الشخصية، إيمان بوحدة الجوهر الإنساني وحق الإنسان على أخيه الإنسان، وبالتعلق المطلق بقيمة العدالة والبغض المطلق للظلم والجبروت وللطغيان بلا حدود الذي يمارسه الكيان الصهيوني على أضعف وأفقر مدينة في العالم مدينة غزة، في تواطؤ أثيم مع نظام دولي بلا قلب ونظام إقليمي بلا سيادة ولا كرامة ولا شيء من ذرة من نخوة معتصم. لقد أمكن للمجتمع الإنساني الدولي بما يحمل من إيمان عميق بالعدالة الإلهية وبالقيم الإنسانية ممثلا بمنظمات إغاثية وصحافة تحررية وثقافة وآداب تعلي من قيمة العدل وتناضل ضد الظلم والظالمين أن تصنع هذا الحدث التاريخي وتلحق الهزيمة النكراء بالمجتمع العسكري الإسرائيلي الغبي المتغطرس شأن كل الدكتاتوريات، وأن يضع مظلمة غزة وفضيحة النظام الدولي والإقليمي فيها في قلب المشهد الدولي سافرة عفنة بغيضة نتنة بلا أدنى مساحيق، وهو ما يعطي أملا للمستضعفين في أن النصر على قوى الغطرسة والاستكبار ممكن إذا حاصروهم بقوى الإيمان بالحق والعدل والإصرار والثبات على ذلك ونجحوا في تأليب الجماهير ضدهم وعرّوهم من كل غلالة من حق يتوارون وراءها. غزة هي يوسف هذا الزمان الذي رمى به إخوته في الجب، بينما هو أملهم ووسيلتهم إلى حياة عزيزة كريمة لو كانوا يفقهون « يا بنيّ اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ». يوسف/87 2- أجيالنا وأجيالهم تتطور في اتجاه متضاد: كشفت المنازلة التاريخية بين أسطول الحرية، أسطول الإيمان بالعدالة الإلهية، الإيمان بالقيم الإنسانية الرفيعة، وبين القطعان الصهيونية الهائجة المفترسة بل المرتعبة وهي المسلحة حتى الأسنان، كشفت عن مفارقة مهمة جدا في اتجاهات التطور بين نوعية أجيالنا وأجيال الصهيونية وحماتها من قوى الاستكبار. لم يكن معتادا ولا منتظرا بأي صورة أن ينجح بضعة رجال من حراس سفينة مرمرة، من الأتراك الأبطال -وهم لا يملكون ولا مسدسا ولا رصاصة ولا أكثر منها- أن ينجحوا لعدة ساعات في صد وحدات النخبة الإسرائيلية عن اقتحام السفينة، بما اضطر القطعان المرتجفة إلى إطلاق سيل من الرصاص والقنابل من الجو حتى يتمكنوا من الإنزال، ومع ذلك أمكن لأولئك الحراس الأبطال أن يؤسروا عددا من وحدات النخبة ويفتكّوا منهم سلاحهم، ممتنعين بوعي وضبط نفس عجيبين من استخدامها ضدهم، وإلا لأوقعوا فيهم مذبحة، مكتفين بإلقاء تلك الأسلحة في البحر، لأنهم كانوا مصممين على ألا يفسدوا المشهد بدم صهيوني، حتى يحرموه من ذريعة يبحث عنها ليدعي أنه في حرب مع « القاعدة »، وليس مع نشطاء إنسانيين، بما دل على مستوى عال من شجاعة أولئك الحراس الأسطورية ومدى ضبطهم لأعصابهم وفدائيتهم واحتقارهم لأعدائهم، فاستحقوا الشهادة بامتياز إن شاء الله وسجلوا باسم المجتمع الإنساني الدولي نصرا على المجتمع الهمجي الدولي العسكري، شاهدين في الوقت ذاته على ما تتوفر عليه الأجيال المسلمة الحديثة من مستوى عال من الذكاء والوعي والحكمة، تعزز بمستوى رفيع جدا من الفدائية والإقبال على الموت في شوق وثبات قلب لا يتزعزع، وهو مستوى من الفدائية لم تبلغ مثله أمتنا منذ أجيال، حتى لو أن الطريق إلى القدس فتح لألفيت الملايين من الشباب المسلم يتزاحمون على الشهادة على أسوار الأقصى المبارك. ومقابل ذلك شهدت مرمرة مشاهد تدهور مريعة في مستوى وعي وفدائية الجندي الصهيوني، تدهورا بلغ حدّ أن يفتكّ منه سلاحه ويؤسّر من قبل مدنيين لا يملكون أي نوع من السلاح، فأي مستقبل لكيان هذا مستوى رجولة وحدات نخبته وذكاء جنوده وقادته وهمتهم في الحرب؟؟، لا شك أن مستوياتهم ليست متدهورة بالقياس إلى فدائية أجيالنا المتصاعدة بل هي متدهورة بالقياس إلى مستويات العصابات المؤسسة لمشروعهم. منازلة مرمرة الماجدة تكشف عن اتجاهين واضحين للتطور في أجيال أمتنا وأجيالهم لا تخطئها عين: اتجاه صاعد وآخر يتسارع تدهوره بتسارع وتائر العلمنة والتعلق بالنعيم الفاني، ولا يمسكه غير العكاز الغربي المتوحل هو بدوره في تورا بورا . مقابل تصاعد وتيرة الصحوة والتعلق بما هو خير وابقى. والمسالة مسألة وقت، تنجح فيه أمتنا في إنتاج حكام منها. ويسدل الستار. 3- الجريمة التي لا تغتفر: لقد جاء أسطول الحرية بخير وفير لم يكن لغير الله سبحانه أن يقدّره، بما جعل هيّنا ما تعرض له كل المشاركين فيه من أهوال بدت على كل وجوههم وكأنهم عائدون من الجحيم، وبلغ أمر الجبن الإسرائيلي والحقد والشر الذي يملأ كيانهم حد الاستهداف المباشر من قبل القطعان المرتعبة، تصويبا للرصاص على جباه عدد من النشطاء انتقاما من ثباتهم وتصديهم لتلك القطعان المرتعبة، بصدور عارية ولكنها عامرة بالإيمان، ما أوقع عددا من الشهداء والجرحى في صفوف النشطاء، إلا أن المحصلة من هذا البلاء كانت عظيمة: إذ كشفت الملحمة بشاعة الحصار والاحتلال على رؤوس الاشهاد، وجعلت كل حلفائه محاصرين بأشد الحرج من قبل رأيهم العام ذاته، ودفعت عددا من الدول إلى قطع علائقها مع الكيان الصهيوني أو سحب سفرائها وحركت المؤسسات الدولية ميتة الضمير إلى التلاقي والإدانة وحركت شارعا إنسانيا في أرجاء الأرض نصرة لغزة. وأهم من كل ذلك نجاح أسطول الحرية العتيد في شق خندق واسع وعميق من الدم بين الكيان الصهيوني وأهم حلفائه في المنطقة أعني أمة الترك القوية ودولتهم الذكية الجريئة سليلة الحركة الإسلامية والمجد العثماني التليد، خندق لا يمكن أن يردم بل هو مفض لا محالة إلى قطع العلاقات وانضمام تركيا إلى معسكر المقاومة والممانعة إن لم تقده وتتولى حماية المنطقة كما فعلت القرون الطويلة. هل سيؤدي ذلك إلى تحريك جلاميد العرب واستفزازهم فيلتحقون بالصف التركي الإيراني السوري البرازيلي، ويجعلون من زيارة عمرو موسى لغزة -بعد ثلاث سنوات من الحصار زار غزة خلالها زوار كثيرون بمن فيهم الأمين العام للأم المتحدة- منطلق تحول، رغم أن ذلك لا يطرد السؤال الملح لماذا تذكر غزة الآن فقط؟ أم سيقعد بحكام العرب الجبن حتى يجتاحهم التيار العاصف الذي يمتد من البرازيل إلى موريتانيا مبشرا بخريطة جديدة للعلاقات الدولية تنتهي فيها للأبد مركزية الغرب القيادية للعالم وتهميشه للإسلام ولمعظم سكان المعمورة، تأكيدا لحقيقة أن كل ما في العالم متعدد وأن ليس من واحد أحد إلا الذي في السماء، الذي يغفر كل جريمة إلا جريمة التأله في الأرض وهو ما تقترفه السياسات الإمبريالية الأميركية الصهيونية. وجاء أسطول الحرية ليزلزله زلزالا، مبشرا ومنذرا بوضع حد لا للحصار فقط بل لمصدره الاحتلال والتجزئة، وتلك من بركات غزة والقضية الفلسطينية. قال تعالى: « إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ». النساء/47 (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 15 جوان 2010)
أوروبا وحقوق الإنسان بعد قافلة الحرية
هيثم مناع بعد 1975 بدأ العالم يكتشف منظمة « أطباء بلا حدود » كمنظمة إنسانية من نمط جديد يقوم على الاستقلالية والموضوعية ويرفض أن يكون معنى الحياد في الصمت عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية والمساواة بين الضحايا والمتسبب في مأساتهم. وقد تلقفت المنظمة بأول متطوعيها للاجئين الخمير من كمبوديا عبر نقطة ارتكاز لها في تايلاند تمكنت عبرها من إنقاذ عدد كبير من الفارين من مجازر الخمير الحمر. ومنذ ذلك التاريخ بدأ الربط بين العمل الإنساني والخيري والمبادئ الأولية للكرامة والحقوق الإنسانية تتقارب في عدة فلسفات بعضها ربطها بضرورة توفر القوة الحكومية الضرورية (حق التدخل عند كوشنر وشركاه) والبعض الآخر أكد على ضرورة حق التضامن الإنساني المدني بغض النظر عن الدين أو اللون أو القومية أو الجنسية، باعتبار هذا الحق (والواجب بكل المعاني) هو الأساس لمد جسور الثقة بين عوالم فرقتها إستراتيجيات الهيمنة ومبادرات المصالح والتوظيف المتعدد الأشكال. لم يلبث جيل « أطباء بلا حدود » أن دخل في قواعد لعبة تمرد عليها، فأعطى وزراء وخبراء ومنظمات محترفة، لكن لم تعد الروح الخلاقة المؤسسة لهذا التوجه قائمة، خاصة وقد تحول مفهوم التدخل إلى مجلس الأمن ليفقد علاقته بالضحايا بوصفهم كذلك وليعاد تعريفه وفق مصالح الكبار، ونجم عن سوء استخدام التدخل في شؤون البلدان تحول قسم من العاملين الإنسانيين لمرافِقين لجيوش أو مرافَقين من شركات أمنية. بل واضطرت منظمة أطباء بلا حدود لمغادرة أربع مناطق نزاع في السنوات الأخيرة حرصا على سلامة أعضائها. في هذا الزمن بالذات، وبعد سقوط جدار برلين ومحاولات ترتيب أوضاع الهيمنة في نظام عالمي قديم-جديد، بدأ جيل جديد من المقاومين للأوضاع البشرية بالتكون في أميركا اللاتينية وأوروبا وبعض الدول الإسلامية، هذا الجيل سأم كل أشكال التأقلم والتدجين للمجتمع غير الحكومي وانطلق من كلمة بسيطة (قاوم)، قاوم لأن المقاومة أرقى شكل من أشكال رفض عالم ظالم، قاوم، لأن المقاومة هي الصيغة الأفضل لخلق وسائل نضال جديدة مبتكرة، قاوم لأن العدالة تركع أمام القوة في مجلس الأمن والناتو والبنك الدولي وغيرها من المؤسسات المسخرة لتعزيز التفاوت والمظالم. السلطة المضادة تتحول خلال سنوات من تكوينات قومية أو قارية إلى مقاومة مدنية عالمية، وفي خضم تكونها، تلتقي بأشكال المقاومة الصاعدة في أميركا اللاتينية وجنوب إفريقيا والعديد من الدول الإسلامية. وفي هذا الوقت بالذات، خاضت منظمة (إنساني يارديم فاكفي IHH) التركية أولى أنجح معاركها الميدانية في البوسنة، ليدخل جيل من الجمعيات الإنسانية الإسلامية بدم جديد واحدة من أكثر الأوضاع الأوروبية دقة وحساسية. بعد ذلك، وفي خضم « الحرب على الإرهاب »، اجتمع في باريس في 10 يناير/كانون الثاني 2003 قرابة 200 مشارك ومنظمة إنسانية في مؤتمر للجمعيات الإنسانية للرد على الهجوم الأميركي على الجمعيات الخيرية الإسلامية أعطى « المكتب الدولي للجمعيات الإنسانية والخيرية » أول كونفدرالية للجمعيات الإنسانية تضم أكثر من 160 جمعية من أربع قارات. لم يعد التاريخ يكتب وحسب بأحرف لاتينية، فالمبادرات الجديدة تأتي من خارج الكنائس التقليدية للجمعيات الإنسانية. وإن أرخ 31 مايو/أيار 2010 لشيء، فقد أرخ لبداية حقبة جديدة للمقاومة المدنية العالمية في قافلة لم تطلق الحكومات الغربية على مناضل واحد لحقوق الإنسان أو العمل الإنساني منها هذه الصفة، بل وصفته بالمناصر للقضية الفلسطينية. ولم تجرؤ معظم الصحف الغربية على تسميتها بالاسم الذي أطلقته على نفسها (قافلة الحرية)، وكأن الحرية ماركة غربية مسجلة لا يجوز لمواطني 42 جنسية استعمالها إلا بترخيص من الكريف أو الأيباك!! لقد انهارت واحدة من أهم الأساطير المعاصرة التي تربط حقوق الإنسان والعمل الإنساني بالمبادرات الغربية لحظة أطلق الجنود الإسرائيليين النار بكل جبن على مناضلي سفينة مرمرة الذين حملوا جنسية الإنسانية وتوجهوا إلى غزة لرفع الحصار الجائر عنها، ووضعت أوروبا الرسمية نفسها في خندق المتواطئ. لا، لسنا من السذاجة بحيث نصدق بأن حقوق الإنسان والعمل الإنساني قوة محدِدة للعلاقات الأوروبية العربية أو العلاقات الإسرائيلية الأوروبية. لكن لم يكن بإمكان أحد أن ينكر أهمية الحقوق الإنسانية في صورة ومصداقية أوروبا في العالم منذ الثورة الفرنسية. بل أكثر من ذلك، دور حقوق الإنسان والعمل الإنساني والتبشير في إستراتيجيات المصالح الأوروبية والتصور السياسي الأوروبي للعالم. هذا التوظيف « اللطيف » أعطى الأوروبيين قوة أخلاقية فعلية وإن لم يكن النهج الأوروبي الرسمي يستحق هكذا هدية. وعلينا بالفعل انتظار التعبيرات الأولى للسلطة المضادة والمجتمع المدني المقاوم لكي نرى حكومات أوروبية تقبل بإعطاء حقوق الإنسان قوة حضور من وقت لآخر في علاقاتها الخارجية. ولعل أول تثبيت للحقوق هذه في اتفاقيات إستراتيجية كان في مؤتمر هلسنكي (1975) الذي أقر هنري كيسنجر المحاور الأميركي وقتئذ، في مقالة له عام 2001، أن « حقوق الإنسان كانت بالنسبة لنا سلاحا دبلوماسيا جبارا ضد الشيوعية ». أما محاولة الاستقطاب الثانية، والتي لم تكن بقوة وحضور هلسنكي، فكانت في عودة البناء الأوروبي بعد الحرب الباردة وفي غياب إيديولوجية مشتركة للطبقة السياسية الأوروبية. هنا تم التصديق على عدد من بروتوكولات الملحقة بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ووضعت فقرة خاصة بهذه الحقوق في اتفاقية الشراكة الأوروبية المتوسطية (1995). إن كانت نهاية القرن العشرين قد سجلت بعض المواقف الأوروبية غير المتطابقة بالضرورة مع الإدارة الأميركية في مواضيع حساسة مثل تشكيل مفوضية سامية لحقوق الإنسان، تكوين مجلس لحقوق الإنسان، تشكيل المحكمة الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة وولادة المحكمة الجنائية الدولية، فإن القرن الواحد والعشرين قد بدأ شاحب الوجه قاتم المعالم مع ثلاثة أحداث لعبت دورا مركزيا في تهميش حقوق الإنسان في الخطاب الأوروبي: 1- توسيع الاتحاد الأوروبي ووصول دول لا تشكل حقوق الإنسان عندها قضية تستحق التوقف كثيرا أمام مشكلات التحول في نظامها الاقتصادي والسياسي. 2- ابتكار الإدارة الأميركية للحرب على الإرهاب وعولمة الحالة الاستثنائية مع كل ما حمل ذلك لأوروبا من سجون سرية وقوائم سوداء وقوانين وقضاة لمناهضة الإرهاب يعملون بالأدلة السرية مع نظرة مانوية للعالم: من ليس معنا فهو ضدنا. 3- تعزيز صورة الإسلام كعدو للحضارة الغربية في وقت التدين العام فيه ظاهرة عالمية وليس ظاهرة إسلامية أو مسيحية أو يهودية وحسب. في السنوات الأخيرة، أنفق الاتحاد الأوروبي مئات ملايين الدولارات في برامج من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان. ماذا أعطت هذه البرامج وماذا بقي منها وهل نالت هذه المساعدات الأطراف التي تعمل باستقلالية وأمانة وعلاقة مباشرة مع مواطني شعوبها أم أعطيت لعرب وأفارقة الخدمات؟ هل يمكننا الحديث عن نتائج ملموسة للمجتمعات المعنية خارج نطاق سياحة مؤتمرات حقوق الإنسان و »السلام » التي عززت وجود نومنكلاتورا (مجموعة مقاولين مستفيدين) تعيش من حقوق الإنسان أكثر منه من أجل حقوق الإنسان؟ ألم يتم دعم كل ممارس للتبعية والترويج والرضوخ للشروط الغربية ولممارسات تتعارض أحيانا مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان؟ كم صُرِف من مساعدات في فلسطين المحتلة دمرتها القوات الإسرائيلية دون حساب أو حتى مجرد عتاب؟ من استطاع من المراكز العربية الممولة أوروبيا أو المنظمات الشمالية المسماة بالدولية الوقوف بحزم ضد قرار وقف المساعدات الأوروبية عن الحكومة الفلسطينية المنتخبة ديمقراطيا؟ من استطاع تفعيل قرار تجميد الشراكة الأوروبية المتوسطية مع الحكومة الإسرائيلية؟ لماذا يحق للحكومة البريطانية مطالبة الأمين العام لائتلاف الخير بالاختيار بين منصبه وقيادة جمعية أنتربال البريطانية في حين تسكت الحكومة نفسها عن مساعدات بلا فواتير وصفقات تحت الطاولة و »تمويل كاش » لمنظمات أيدت سياسة توني بلير العدوانية التي أثبتت فشلها على كل الأصعدة؟ « إنها واقعة محزنة واستنتاج أليم أن نقول بأن أوروبا فشلت في أكبر اختبارات علاقتها بالعالم العربي » يقول النائب الفرنسي جيرار بابت في مداخلة له في ندوة « العالم العربي والاتحاد الأوروبي: خلافات وتقاطعات! ». لكن هل يمكن توجيه التهم للمؤسسات الأوروبية ونسيان الحكومات والبرلمانات؟ خاصة وأن العالم العربي قد شهد في العقد الأخير أحداثا في غاية الأهمية ليست أوروبا بعيدة عنها بحال من الأحوال، لنستعيد للمثال لا للحصر: – الانتفاضة الثانية والدعم الأوروبي للحكومة الإسرائيلية بالرغم من مجازر مخيم جنين وبيت لاهيا وتهويد القدس ونقاط التفتيش القاتلة والبناء المتسارع للمستوطنات وبناء الجدار العازل وحصار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات واغتيال قادة المقاومة الإسلامية خارج القضاء. في حين أصدر البرلمان الأوروبي في 2003 قرارا صارما يصنف أهم منظمات المقاومة الفلسطينية في قوائم الإرهاب ويطالب السلطة الفلسطينية بتصفيتها!. – احتلال العراق بمشاركة عدد من الدول الأوروبية الأمر الذي مزق صورة أوروبا معتدلة قادرة على الفعل في وجه تطرف الإدارة الأميركية. – الموقف الهزيل من العدوان الإسرائيلي على لبنان في 2006 والمواقف الأوروبية المتواطئة التي لم تترك آثارها السلبية على المنطقة وحسب، بل انعكست على حلفاء الغرب في لبنان أنفسهم ! – غياب أية إدانة واضحة لعلمية الرصاص المسكوب ضد قطاع غزة في ديسمبر/كانون الأول 2008 /يناير/كانون الثاني 2009 والتي ارتكبت فيها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في وضح النهار. ويمكن القول أن التواطؤ الأوروبي مع الإسرائيلي يشمل المستويات الدبلوماسية (ترقية علاقات وتغطية جرائم) والإنسانية- المدنية (دعم استمرار حصار غزة مباشرة أو بشكل غير مباشر) والاقتصادية (التحايل لشراء منتجات المستوطنات وبناء مترو الأنفاق في القدس) وقضائيا (عبر تراجعات في القضاء الإسباني والبلجيكي ومشروع تراجع فرنسي وربما بريطاني لحماية مجرمي الحرب الإسرائيليين). – الغياب الكامل لأي موقف مشرف في كل ما يتعلق بالسياسة الإسرائيلية في مجلس حقوق الإنسان منذ ولادته في 15 مارس/آذار 2006 وحتى اليوم. حيث كانت مواقف الأغلبية الساحقة لدول الاتحاد غالبا الامتناع عن التصويت أو تأييد الموقف الإسرائيلي. – هيمنة الصورة السلبية للعربي (في 12 شهر الأخيرة ازداد من يربط بين العرب والجانحين من 12 % إلى 27 % في فرنسا مثلا) والمسلم (ازدادت الاعتداءات ذات العلاقة بالإسلاموفوبيا عدة أضعاف في عشر سنوات في أوروبا) هيمنة هذه الصورة السلبية في المجتمع المشهدي الأوروبي التي تسيطر عليه مجموعات ضغط موالية للإسرائيليين ولوبيات العداء للمهاجرين والثقافات غير الأوربية. – يزيد الطين بلة، الدعم غير المشروط للحكومات الأوروبية لدول غير ديمقراطية وتنقصها الشرعية السياسية والدستورية لمجرد تبعيتها للسياسات الغربية. في هذا الدرك المظلم على الصعيد الأوروبي الرسمي، جاءت حملة التضامن الدولية مع غزة لتكشف كل عورات الوضع المأساوي لاتحاد أوروبي لا يمتلك سياسة خارجية موحدة. وفي غياب موقف موحد له، كانت مواقف معظم حكوماته بائسة وملحقة بالموقف الأميركي حول الصراع العربي الإسرائيلي. ووضعت الحملة الدولية لملاحقة مجرمي الحرب القضاء في بلدان أوروبا الغربية أمام المصداقية التي يتحدث إلى العالم بها، وكشفت الحملة المدنية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية التواطؤ الأوروبي الرسمي مع السلطات الإسرائيلية . القضية الفلسطينية هي التي تضع اليوم الاتحاد من أجل المتوسط والشراكة الأوروبية المتوسطية والخطاب الأوروبي عن حقوق الإنسان والعمل الإنساني الأوروبي في بلدان الجنوب أمام حصادهم البائس وفي أهم اختبار لهم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية: هل تنحصر العلاقة السليمة بين العالم العربي وأوروبااليوم بمبادرات المواطنة والمقاومة المدنية المشتركة؟ هل تقزمت أوروبا الرسمية في موظفين تعيد انتخابهم جماعات الضغط المناهضة للعرب والمسلمين؟ هل انتهى دور أوروباتشرشل وديغول وبدأ عصر « المماليك »؟ أم مازال بإمكان دول الإتحاد الأوروبي ومؤسساته أن تكسر قيود مجموعات الضغط الموالية لإسرائيل والولايات المتحدة والعودة إلى حوار بناء ومتكافئ بين العالم العربي وأوروبا يقرأ المعطيات الجديدة وينفض عن خلاياه الدماغية غبار حقبة انتهت؟. هذا هو التحدي الذي وضعته قافلة الحرية أمام أوروبا اليوم. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 16 جوان 2010)
تقرير من إعداد الدكتورة لقاء أبو عجيب المدير التنفيذي للمكتب الدولي للجمعيات الخيرية والإنسانية هل نجحت إسرائيل في كسر مفهوم المقاومة المدنية؟
« يلف عقرب الساعة معلنا لحظة الاستشهاد.. ولكني اشتقت إليك يا أماه.. ولست حتى الآن متأكدا من الاستشهاد فهذا في علم الله.. أختارك أنتِ أم أصبح شهيدا عند الله .. وفرغت القاعة للتو, واخذ الحماس يملأ قلوبنا حين علي دوي رصاص الأعداء في السماء معلنا لنا هجومهم علينا ». فرقان دوغان تركي الأصل، أمريكي الجنسية، مواليد نيويورك عمره 19 عامًا, وكان طالب في الصف الأخير في مدرسة حصار جيك الخاصة بمدينة قيصري. وكان أول من استشهد على متن السفينة بالرصاص الصهيوني، ولم يكتفِ المجرمون الصهاينة بقتله برصاصة واحدة، بل أطلقوا أربع رصاصات على رأسه ثم رصاصة على صدره، وكان أصغر شهداء الأسطول التسعة. هذه الكلمات آخر ما خطته أنامل هذا الشاب قبل أن يخترق الرصاص الإسرائيلي جسده ويجرح الإنسانية بأكملها.
مقدمة
هل كان من الضروري أن يقتل عدد من نشطاء العمل الإنساني حتى تتحول الأنظار مرة أخرى إلى الوضع المأساوي لقطاع يعاني من حصار خانق قارب الأربعة أعوام؟ ألم تكن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة وتدمير وتشريد المجتمع المحاصر سلفاً بكافة مكوناته من البنيان إلى الإنسان سببا كافيا لتوجيه الأنظار والسعي الحثيث الذي نشهده الآن من الدول الكبرى من أجل محاولات لرفع الحصار؟ ألم تحرك التقارير الدولية من مختلف المنظمات الحقوقية والإنسانية ولجان التحقيق والرصد وشهود العيان من كافة دول العالم الضمير العالمي تجاه تلك البقعة من الأرض التي يمارس عليها كل أصناف الترويع والقتل والتجويع؟ وماذا إن نجحت جزئياً أو كلياً في رفع الحصار، ما مصير الاحتلال وإلى متى؟
لماذا لم يهتز المجتمع الدولي للانتهاكات التي استهدفت العمل الإنساني وطالت الآلاف من عمال الإغاثة (دوليين ومحليين) الذين قتلوا في شتى بقاع الأرض وهم يقومون بواجبهم (وقد تحدثنا عنهم في التقرير السنوي للمكتب الدولي) ولم يستطع أي قانون أو اتفاقية أو معاهدة على حمايتهم؟ وجُلّ ما حدث كان الإعلان عن اليوم العالمي للعمل الإنساني؟.
بالتأكيد، فإن الإعتداء الذي وقع على قافلة الحرية لم يكن يستهدف تلك الفئة بالتحديد وإن كانوا لسوء الحظ من دفع ثمناً غالياً وإنما كان يستهدف مفهوم العمل الإنساني بكافة أشكاله وردع روح التضامن والتكافل الذي حمله كل من كان على ظهر السفينة على اختلاف جنسياتهم هذا من جهة، ومن جهة أخرى كان تحدياً و رسالة إنذار بآن واحد لكل من يفكر أن يتحدى ما تفرضه الحكومة الإسرائيلية التي تعتبر نفسها فوق القانون وأن أفعالها مستورة مغفورة من عرابيها الذين يحمونها بمختلف السبل، وهذا ما شهدناه في العديد من الدول التي عملت على تعديل قوانينها ومبادئها لحساب حماية مجرمي الحرب الإسرائيليين بدءا من حرب غزة وحتى الآن ؟
تبقى أسئلتنا دون جواب (بغض النظر عن التحليلات أو المتاهات التي ليست مجال بحثنا هنا إضافة على عدم الجدوى من طرحها طالما هي سياسة أمر واقع أو قانون القوي) مادام القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة والفاعلين الرئيسيين في العالم يقبلون بدور حماية المعتدي للأسف، والتشهير والتهديد بالمعتدى عليه !.
لكن السؤال الذي نستطيع الإجابة عليه هو هل نجحت إسرائيل في كسر مفهوم المقاومة المدنية؟
إن النزعة الإنسانية المحبة لفعل الخير العاملة على نشر السلام كانت وماتزال تشكل النواة الصلبة لوجود مجتمع مدني مقاوم للظلم ومقاوم من أجل تحقيق العدل ، يجمع البشر على اختلاف جنسياتهم وإثنياتهم على حماية مفهوم الإنسان وحقه في حياة كريمة مصان الكرامة والوجود، الحق الذي توافقت عليه كافة الشرائع السماوية والفلسفات البشرية الكبرى و الذي جَهد ويجاهد مناضلي حقوق الإنسان والعمل الإنساني لتحقيقه. هذه النزعة الإنسانية تحمل في طياتها المفهوم الحقيقي لمعنى المقاومة المدنية، ذلك المفهوم الذي حاول المعتدون تكسيره وتهميش دوره بالعنف تارة (راشيل كوري مثلاً) وباختلاق الأكاذيب تارة أخرى ( طرد العاملين الأجانب ومنع دخول مواد الإغاثة بحجة تهريب السلاح) وبوسائل عديدة أخرى. إلا أن هذه المرة التي كانت الأعنف والأوقح على مرأى ومسمع العالم بأسره ووقعت في الفخ الذي نجت منه دائما بمساندة حلفائها ولاشك بأن الموقف التركي الذي وقف بقوة منذ حرب غزة مع الحقوق الفلسطينية، وردود فعل الرأي العام العالمي المجتمعي الرافض لهذه الفعلة، قد عززا أهمية ودور المقاومة المجتمعية المدنية، التي لم يرعبها القتل ولا التهديد ولم يجعلها تتراجع بل زادها إيماناً بعدالة القضية الفلسطينية، حيث تتالى الإعلان من مختلف الدول عن قوافل كسر الحصار باتجاه غزة. وتعالت الأصوات المطالبة برفع الحصار، ولم تنثني عزائم هذا المجتمع الذي كان ولايزال صمام الأمان على اختلاف الوسائل والطرق التي يعمل عبرها مؤسسياً كان أم عملاً فردياً. فالنصرة للإنسان أولاً وأخيراً وليس للعدوان.
لن ننسى راشيل كوري ، لن ننسى شهداء قافلة الحرية ، ولن ننسى الكثيرين غيرهم من المناضلين الشرفاء عمال إغاثة أو حقوقيين الذين يزرعون بمقاومتهم السلمية قيما وممارسات تليق بالإنسانية وكرامتها. . انتفاضة السفن:
بعد أن أغلقت جميع المنافذ البرية إمعاناً في سياسة الخناق العنصري الذي اتبعته الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجاه سكان القطاع، مع مشاركة حكومية مصرية سواء بإغلاق معبر رفح أو بقصف الأنفاق وأخيراً ببناء الجدار العازل،كان لابد من انتفاضة خارجية واعية مسؤولة من جميع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية والإنسانية التي تناضل بجد وتؤمن بقضايا وحقوق الشعوب المظلومة بعد خيبات الأمل من المواقف الحكومية المهادنة أو المتخاذلة، والتي فشلت في فك حصار غزة. هذه الانتفاضة المقاومة ولدت من رحم المجتمع البشري على اختلاف مكوناته وأطيافه، ولدت من روح التطوع وفكر ة التكافل الاجتماعي الذي يتخطى الدين والعرق واللون والانتماء المذهبي، كان لابد من مواقف أكثر فعالية من بيانات الاستنكار وصيحات التنديد أو وقفات التضامن،خاصة بعد أن بلغ الحصار أشده وتجاوز عدد ضحاياه 400 إنسان.
تلك الانتفاضة هي انتفاضة السفن التي حملت الحجر لتبني لا لترمي،حملت البشر لتشهد لا لتستشهد، حملت الأمل ووسائل العلم والعمل، والفكرة الأهم هي أن هذه السفن حملت فكرة المقاومة المدنية الرافضة لسياسة الحصار بالقدر نفسه التي حملت فيه روح التضامن الإنساني وفعل الخير لشعب يتّمه العنف وشرده العدوان. تلك المقاومة المدنية التي اتهمها الإسرائيليون بحمل الأسلحة والذخائر كانت مسلحة بروح الإنسانية.
انطلقت فكرة استخدام الممر البحري عبر مجموعة من نشطاء العمل الإنساني الذين طردوا من غزة إثر فرض حصار مشدد على قطاع غزة من قبل إسرائيل عام 2006، حيث تم تأسيس حركة غزة الحرة (The Free Gaza Movement) و ضمت الحركة مدافعين عن حقوق الإنسان وعاملين في المجال الإنساني وصحافيين من جنسيات مختلفة. و صمموا على العودة إلى غزة،عن طريق البحر، وشرعوا بتنظيم الرحلات وكان أولها في وصول زورق تضامن في آب/أغسطس 2008 .
هي المرة التاسعة التي تنظم فيها حركة « غزة الحرة » المنظمة المؤيدة للفلسطينيين إرسال سفن محملة بالتجهيزات والمساعدات إلى غزة وكانوا قد نجحوا في إيصالها خمس مرات، فيما فشلوا في الوصول إلى القطاع ثلاث مرات منذ أول رحلة قاموا بها في أب/أغسطس 2008 حيث أنها أرسلت زورقيْن لقطاع غزة و كانا أول القوارب الدولية التي وصلت للميناء منذ 41 عاما . و منذ ذلك الحين، كان هناك سبع رحلات بحرية أخرى كان على متنها برلمانيين و عاملين في مجال حقوق الإنسان وصحفيين وأدباء من كبار الشخصيات لمشاهدة آثار سياسات إسرائيل الوحشية على المدنيين في غزة. و قد قامت البحرية الإسرائيلية باعتراض الرحلات الثلاث الأخيرة بشكل غير قانوني عندما صدمت سفينة الكرامة في المياه الدولية في كانون الأول/ديسمبر 2008، وأعادت سفينة روح الإنسانية بالتهديد بإطلاق النار على كل من على متن هذه السفينة وقيامها بعد ذلك باختطاف السفينة في الأول من يوليو 2009 ومن ثم اختطاف الركاب و زجهم في السجن لمدة أسبوع إذ منعت إسرائيل بعد ذلك وصول أي سفن أخرى منذ هجومها العسكري على غزة الذي انتهى في يناير 2009. قافلة الحرية، وجهتنا فلسطين…حمولتنا المساعدة الإنسانية :
في نهاية شهر كانون الثاني أعلن كل من حركة غزة الحرّة و مؤسسة الإغاثة التركية (IHH) و بمشاركة العديد من المنظمات الأوربية من اليونان و أيرلندا و السويد بإرسال زوارق للانضمام إلى الأسطول مع حركة غزة الحرّة و تركيا، عن مشروعا مشتركا بتنظيم أسطول بحري يصل عدد مكوناته إلى 10 سفن ، إضافة إلى سفينتيْ شحن كجزء من الأسطول، أحدهما بتبرع من مؤسسة بيردانا الموجودة في ماليزيا و الأخرى من مؤسسة الإغاثة التركية محملتيْن بلوازم البناء والمولدات الكهربائية والمواد التعليمية التي تمنعها إسرائيل من دخول قطاع غزة منذ الهجوم الوحشي على السكان المدنيين العام الماضي. وذلك رغبة في فتح ممر لنقل المساعدات، وقد تم اختيار الممر البحري لأنه عن طريق البر يمكن إرسال شاحنة، اثنتان أو حتى عشرين شاحنة بحمولة ، 200 إلى 300 طن. لكن بواسطة السفن، يمكن في المرة الواحدة حمل خمسة آلاف طن من الحمولة. وكون غزة تعتبر منطقة أزمات فإن مالكي السفن والشركات الدولية العاملة في مجال السفن يرفضون تأجير سفنهم لأسباب اقتصادية وأمنية، ولهذا فقد تم شراء 3 سفن،(سفينتا شحن وسفينة ركاب) وهذكا تكون الأسطول من : 3 سفن من تركيا، 2 اليونان والسويد، 2 من إنجلترا، 1 من إيرلندا، 1 الجزائر، 1 من الكويت.
سفينة الركاب (مرمرة) تبلغ سعة السفينة التي تم شراؤها بالاشتراك مع بلدية إسطنبول الكبرى ومؤسسة حافلات إسطنبول البحرية، 200 طن من الحمولة، و 1080 راكب.
أما سفينة الشحن ( غزة ) فقد صنعت عام 1981بلغ سعر السفينة 850 ألف دولار، تبلغ سعتها 3150 طن ، وكلفتها مليون و 850 ألف ليرة تركية. و عملت هيئة الإغاثة و المساعدات التركية المنظمة للحركة من تركيا على تجهيز السفن بشكل يجعلها سالمة و آمنة لمثل هذه الرحلة، إضافة إلى تأمين كل الإجراءات الضرورية لحفظ حقوقها الإنسانية، القانونية، التقنية و السياسية. ». ستحمل 2 ألف و 104 طن من الإسمنت، 600 طن من حديد البناء و 50 طن من الطوب.
سفينة الشحن الثانية التي تحمل اسم » دفنة »، تحمل 150 طن من الحديد، 98 من مختلف أنواع المولدات، 50 بيت مسبق الصنع، 16 من معدات حدائق اللعب، و المعدات الطبية التي تضم : أجهزة الموجات فوق الصوتية، أجهزة الأشعة السينية، أسرة المرضى، وحدات طب الأسنان، أجهزة الإيكو، كراسي المقعدين، نقالات و غيرها من الأجهزة المهمة التي تحتاجها المستشفيات في غزة.
سفينة شحن بتمويل كويتي ترفع علم تركيا والكويت وسفينة شحن بتمويل جزائري وسفينتي شحن أوروبية بتمويل من السويد واليونان وسفينة شحن ايرلندية تابعة لحركة « غزة الحرة »، سفينة لنقل الركاب، تابعة لـ « الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة »،باسم « القارب 8000 » نسبة لعدد الأسرى في سجون الاحتلال، ويحمل 10 آلاف طن من المساعدات التي تضم أدوية، أجهزة طبية، إسمنت، حديد، 100 منزل مسبق الصنع،500 كرسي كهربائي للمعاقين، ألعاب للأطفال وغيرها. و (578 ناشط) من 50 دولة و مشاركة 25 من النواب برلمانيون قادمون من أوروبّا والشرق الأوسط :
1 من الكويت، 10 من الجزائر، 1 من الأردن، 3 من اليمن، 1 من البحرين، 1 من المغرب، 2 من مصر، 3 من إيرلندا. والباقي من مختلف دول أوربا. الوفد الكويتي: مكون من 16 كويتياً وكويتية تقدمهم البرلماني الدكتور وليد الطبطبائى والناشطة سنان الأحمد الناطق الرسمي باسم الوفد وزوجها صلاح الجار الله وصاحبة فكرة سفينة « بدر » الناشطة هيا الشطي وأخيها والإعلامية منى شستر، والطالب عبد الله الإبراهيم أصغر المتطوعين « 18 سنة » ،اسامة الكندري، ،وليد العوضي، عبد الرحمن الخراز، عبد الرحمن الفيلكاوي، صلاح المهيني، احمد ومريم لقمان، نجوى العمر، مبارك المطوع الوفد البحريني: شارك بأربعة مواطنين هم الشيخ جلال الشرقي، خالد عبدالكريم، يوسف محمود وحسن مراد.
الوفد الجزائري: تجدر الإشارة إلى أن الوفد الجزائري يتكون من عدد من الشخصيات منهم 10 نواب جزائريين من مختلف الحساسيات وبعض المناضلين في القضية الفلسطينية من الولايات وبعض رجال الأعمال نساء ورجال ليصل تعداد الوفد 22 جزائريا.، وتحمل أزيد من 4400 طن من المعونات الهامة. الوفد الأردني : شارك بنائب وبلغ عدد المشاركين الأردنيين 24 شخصا وشارك ضمن الوفد الأردني صحفيان هما مراسل قناة الأقصى الفضائية حبيب أبو محفوظ، والصحفي في إذاعة حياة المحلية خضر المشايخ.
الوفد المغربي: أعضاء الوفد المغربي السبعة الذين شاركوا في قافلة الحرية البرلماني الدكتور عبد القادر عمارة، من حزب العدالة والتنمية، وثلاثة قياديين في جماعة العدل والإحسان، هم المهندسان: حسن الجابري، ولطفي حساني، بالإضافة إلى عبد الصمد فتحي، فضلا عن الصحافية وسيمة بن صالح، مراسلة «المساء» المغربية في تركيا، والبلجيكية من أصل مغربي، كنزة اليزناسني،
الوفد اليمني: شارك بثلاث نواب هزاع المسوري ومحمد الحزمي وعبد الخالق بن شيهون،
الوفد المصري : شارك بنائبين هم الدكتور محمد البلتاجي أمين العلاقات بالكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بمجلس الشعب المصري و الدكتور حازم فاروق عضو الكتلة وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب
الوفد الإيرلندي والأوربي: عضوا البرلمان الأيرلندي كريس اندرو واينجوس اوسنديج وعضو البرلمان الأوربي كرياكوس تريانتافيدليز، الزعيم السياسي البلغاري كيراك تسونوف النائب السابق فى مجلس الشيوخ الإيطالي فرناردو روسي ورئيسة حزب المصلحة العامة في إيطاليا مونا ببيتي والسياسي النرويجي المعروف ايرلنج فولكفورد، والكولونيل الأمريكي الأسبق آن رايت المعروف بمعارضته للحرب على العراق والصحفي الإسباني دافيد سيغارا بجانب عدد من النواب الأوروبيين والأتراك.
كما أن السفينة مزودة بتسعة أطباء, وممرضتين, واثنين من موظفي الصحة وعلى متن السفينة أيضا الشيخ رائد صلاح المعروف بحارس المسجد الأقصى،كما يشارك مع السفن 9 العديد من الكتاب و الصحفيين، إلى جانب العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان.
الاستعدادات التي سبقت الرحلة:
أطلقت هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية حملة جمع تبرعات من أجل شراء السفن في شهر كانون الأول 2009 من أجل شراء 3 سفن، وقد لقيت هذه الحملة تجاوبا واسعا داخل وخارج تركيا نورد بعضها:
دعم الشعب الفلسطيني في دينيزلي قام المتطوعون في دينيزلي بتنظيم مركز تبرع من أجل دعم الشعب الفلسطيني، الذي استمر مدة 3 أيام و عادت أرباحه لفائدة الشعب الفلسطيني. و شاركت في هذه الفعالية العديد من مؤسسات المجتمع المدني مثل جمعية التضامن، جمعية شفق يلديزي و غيرها، و تم التبرع بعائداتها لصالح الشعب الفلسطيني.
مركز تبرع في سيفاس من أجل دعم فلسطين فتح المتطوعون من أهل سيفاس مركز تبرع تحت شعار : حمل الحديد إلى فلسطين دعما لأسطول المساعدات المنطلق إلى غزة في شهر مايو الجاري تبرع العديد من الأندونيسيين بما يقارب 40.000 دولار لإنشاء مستشفى في منطقة بيت لاهية في غزة، بواسطة المؤسسة الأندونيسية التي سيشارك موظفون فيها في أسطول المساعدات الذي سينطلق إلى غزة شهر مايو 200 كيلومتر بالدراجة من أجل غزة : قطع شاب في إنجلترا مسافة 200 كيلومتر على دراجته ما بين لندن و نوتينغرام من أجل دعم غزة.
دعم غزة من بريستول: بدأت مجموعة من المتطوعين في بريستول، حملة لدعم حركة أسطول المساعدات وجهتنا فلسطين.. حمولتنا المساعدات الإنسانية، بهدف تأمين 1000 كيس من الإسمنت. شاركت مجموعة بريستول لدعم غزة في قافلة شريان الحياة بمبلغ 24.000 جنيه استرليني، إضافة إلى أجهزة طبية و مساعدات إنسانية أخرى.
تبرع لدعم غزة في ماتشكا : أقام متطوعون في منطقة ترابزون ماتشكا أيضا مركز تبرع من أجل دعم أسطول المساعدات المنطلق إلى غزة. يوم أحد ديناميكي من أجل غزة في لندن: نظمت مجموعة من النسوة في منطقة لادبروك غروب في لندن ، برنامجا من أجل جمع التبرعات لصالح شعب الفلسطيني. البرنامج الذي أطلق عليه إسم » أحد ديناميكي »، متطوعو إزمير يدعمون أسطول المساعدة: قدمت مجموعة من المتطوعين في إزمير الدعم لحركة الإسطول البحري الذي يهدف إلى تخفيف المعاناة عن سكان غزة، و كسر الحصار المفروض عليهم من قبل الإحتلال الإسرائيلي، وتواصلت الفعاليات و الأنشطة الهادفة لدعم هذه الحركة الإنسانية على قدم و ساق في مختلف مناطق الأناضول، و شارك في مركز التبرع في إزمير كل من عضو مجلس هيئة الإغاثة و المساعدات الإنسانية علي جيهانغير، الكاتب الصحفي عبد الرحمان ديليباك و الفنان عمر كارا أوغلو.
أهل ألانيا يلتقون من أجل فلسطين:نظم منبر التضامن التابع لمنطقة ألانيا برنامجا صباحيا من أجل تقديم الدعم لأسطول المساعدات وجهتنا فلسطين..حمولتنا المساعدات الإنسانية. و شارك ما يقارب ألفي شخص في هذا البرنامج قدم ممثل منبر التضامن معلومات عن الأنشطة التي يقومون بها، كما أفاد أن مبلغ 100 ألف ليرة تركية تم جمعه خلال أسبوع من مركز تبرع و هذا البرنامج.
مركز تبرع في كونيا: افتتح متطوعو هيئة الإغاثة و المساعدات الإنسانية في منطقة سيدة شهير في كونيا مركز تبرع لدعم الحركة الإنسانية وجهتنا فلسطين.. حمولتنا المساعدات الإنسانية. تمكن المتطوعون من جمع مبلغ 13 ألف ليرة تركية من التبرعات التي حصل عليها هذا المركز الذي استمر لمدة أسبوع، وقد قدم هذا المبلغ إلى هيئة الإغاثة و المساعدات الإنسانية، من أجل دعم أسطول المساعدات.
مركز تبرع لفائدة فلسطين في تشانكيري: فتحت مجموعة من المتطوعين في تشانكيري مركز تبرع من أجل جمع المساعدات لدعم أسطول السفن المنطلق إلى غزة و شارك في افتتاحه كل من نائب رئيس البلدية مدحت كيليتش، مساعد رئيس البلدية تونجاي هاسكيلجي، كوكسال بويوك الأستاذ في كلية الإقتصاد و العلوم الإدارية في جامعة كاراتيكين، و المسؤول عن متطوعي هيئة الإغاثة و المساعدات الإنسانية في تشانكيري حسن كالي، بالإضافة إلى عدد كبير من المواطنين.
مركز تبرع لفائدة فلسطين في بارتين: تم فتح مركز تبرع من قبل متطوعي هيئة الإغاثة و المساعدات الإنسانية في باترين من أجل دعم الشعب الفلسطيني، تباع في المركز العديد من الأطعمة و المنتجات الغذائية، التي سترسل أرباحها إلى أهل غزة. و أشار المتحدث بإسم متطوعي الهيئة في بارتين إلى أن هذا الأسطول هو أهم خطوة ضمن سلسلة الخطوات الهادفة لكسر الحصار عن غزة. دعم أسطول السفن في مدينة طوكات نظمت جمعية يدا في يد في مدينة طوكات أمسية جرت خلالها فعاليات لمساندة الحركة الإنسانية التي ستذهب لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
مركز تبرع خيري من أجل غزة في مدينة باتمان : نظمت جمعية التعليم و المساعدات ( بي- دير) بمدينة باتمان، فعاليات في مركزا للتبرع الخيري، دام 3 أيام، تم خلالها جمع 20 ألف و 250 ليرة تركية سترسل مع الهيئة إلى الشعب الفلسطيني.
التبرع بمدخول يوم واحد لفائدة فلسطين: قد قام شرف الدين توباش، صاحب مطعم ميس دونير و دعا شرف الدين الجميع، لتقديم كافة أشكال المساعدات من أجل دعم الشعب الفلسطيني، و قال : » أشعر بسعادة بالغة لأنني قدمت شيئا و لو بسيطا لمساعدة إخوتي في فلسطين. ». و قد لفت هذا اليوم الذي تم فيه التبرع لصالح الفلسطينيين، اهتمام العديد من المواطنين، الذين توافدوا على المطعم بعد أن عرفوا أن المدخول سيكون لفائدة الشعب الفلسطيني.
تسلق جبال لدعم غزة : قام 12 من أهل الخير من ويلز بتسلق جبل سنودون الذي يبلغ ارتفاعه 1113 متر، و بلغت الإيرادات 4 آلاف جنيه استرليني. تأتي هذه الفعالية ضمن الأنشطة التي تهدف إلى دعم حركة أسطول المساعدات المنطلق إلى غزة في شهر أيار / ماي، حيث سيتم جمع تبرعات من أجل شراء معدات الإذاعة التي سيتم إنشاؤها في قطاع غزة.
فلسطين في قلوب طلاب جامعة البوسفور: ساهم طلاب جامعة البوسفور الخاصة بمدينة إسطنبول أيضا في جمع التبرعات لدعم الأسطول البحري الذي سينطلق حاملا المساعدات الإنسانية إلى غزة، استمر مركز التبرع مفتوحا لمدة يومين، و باع خلالها الطلاب أطعمة صنعوها بأنفسهم، كتب، كوفيات، و منتجات أخرى. إلى جانب جمع التبرعات المادية، كان هدف الطلاب من إقامة هذا المركز، زيادة وعي الزوار بأهمية القضية الفلسطينية. و أكد الطلاب أنهم سيستمرون في دعم إخوانهم الفلسطينين.
نشاط تبرعي في نيكسار بضواحي طوكات: حيث تم إقامة معرض لصور تتعلق بموضوع فلسطين، و ألقيت العديد من الكلمات بالمناسبة، بالإضافة إلى توزيع منشورات و مجلات تتعلق بفلسطين.وأقيم برنامج باسم » ليلة الضمير » لذكرى الناشطة الحقوقية راشيل كوري التي دهستها دبابة إسرائلية، والشيخ الشهيد أحمد ياسين، عرضت خلاله مقاطع فيديو ورسائل بعثتها عائلة راشيل، كما عرضت صور تعكس فلسطين قبل و بعد الإحتلال و الحالة الإنسانية الدرامية التي يعيشها أهل غزة.
مسار الرحلة:
بعد الانتهاء من الأعمال التحضيرية التي دامت شهوراً نجح المتطوعين خلالها تدشين الطريق إلى غزة تحولت منطقة سراي بورنو إلى مكان تاريخي ضم في حناياه آلاف المودعين لرواد سفينة مرمرة الزرقاء.
انطلقت السفن التركية في 25 من مايو. في رحلة استغرقت 40 ساعة للوصول إلى أنطاليا، حيث انضم إليها قسم كبير من المشاركين، وكان من المقدر أن يصل الأسطول إلى غزة في 26 من مايو 2010.
بالنسبة لسفن الركاب: فقد انطلقت من كل من مدن إسطنبول، أنطاليا، غيرنة و غازي ماغوسا، عبر المياه الدولية لتصل إلى قطاع غزة. أما سفن الشحن المحملة بالمساعدات،فقد انطلقت من موانئ مدينتي إسطنبول و مرسين،حيث تم إضافة المساعدات التي تم جمعها في مدينة إسطنبول و الجزء الأناضولي إلى المساعدات التي تم جمعها في مرسين.
السفينة اليونانية(تشلنجر 2) لم تستطع الاستمرار في طريقها بسبب الأعطال التي لحقت بها،حيث كانت تحمل 15 راكبا. وتم نقل الركاب بشكل ناجح إلى سفينة مرمرة الزرقاء من نقطة قريبة من عرض بحر قُبرص. واستقبل النشطاء الموجودن على متن سفينة مرمرة الزرقاء، ضيوفهم اليونانيون بحفاوة، رافعين شعار لتحيا فلسطين. وبذلك ارتفع عدد الركاب إلى 778 راكبا. في حين أن بقي 8 ركاب على متن السفينة اليونانية .
السفينة الايرلندية « راشيل كوري » يذكر أن اسمها جاء تيمنا بالناشطة الأمريكية راشيل كوري التي قتلت قبل سنوات عدة عندما داستها جنازير جرافة عسكرية إسرائيلية ضخمة خلال محاولتها لمنع تدمير منزل فلسطيني في عام 2003 بمدينة رفح في جنوب قطاع غزة، فقد أبحرت منتصف الشهر الماضي من احد الموانئ في ايرلندا بتأخير استمر يومين وتحمل على متنها 1200 طن من المساعدات من ايرلندا وقد تأخرت عن أسطول الحرية وكانت الحكومة الايرلندية قد نقلت في الأيام الأخيرة رسالة حاسمة لإسرائيل، أكدت فيها بأنه إذا تمت السيطرة بالقوة على سفينة « راشيل كوري » ستمنع دخول الملحق العسكري الإسرائيلي، والموجود حاليا في العاصمة البريطانية، إلى دبلن.
عملية الاعتداء على القافلة:
بتاريخ 31-05-2010 اعترض القافلة ثلاث سفن تابعة لسلاح البحرية الإسرائيلي من ميناء حيفا. وانضمت إليها سفن دورية خرجت من ميناء أشدود وزوارق سريعة تابعة لقوات الكوماندو البحري إضافة إلى الإنزال الجوي. وتم الاستيلاء على 5 سفن وسحبها إلى ميناء أشدود وإنزال ركابها دون وقوع حوادث أما على سفينة الركاب فقد حدثت مواجهات عنيفة وتم قتل 10 من الركاب وإصابة عدد لايستهان به بجروح واستمرت طيلة ساعات النهار ومن ثم تمكن الإسرائيليون من السيطرة على السفينة وسحبها إلى ميناء أشدود وإنزال من بقي على قيد الحياة وأخذه للتحقيق، كانت حجتهم في هذا بأنه يتوجب تفريغ الحمولة في إسرائيل لتفتيشها ومن ثم يتولون توزيعها وعلى حسب الرواية الإسرائيلية تم أرسال نداءات للسفن بتغيير مسارها إلا أن أوامرهم قوبلت بالرفض وهذا ما لا تتحمله العقلية المتعجرفة لقادة إسرائيل .
بتاريخ 05-06-2010 وصلت السفينة الايرلندية المياه الدولية وعلى بعد خمسة وثلاثين ميلا من غزة حاصرتها قوات البحرية الإسرائيلية وسيطرت عليها دون مقاومة من الطاقم والركاب ومن الجدير بالذكر أن المتضامنين اقترحوا تفتيش السفينة بعرض البحر ومن قبل فريق محايد إلا أن إسرائيل رفضت واقتادتها إلى ميناء أشدود وأزلت الركاب وبعد التحقيق رحّل البعض عن طريق المطار والبعض بالطريق البري واحتجزت بعض جوازات الأردنيين.
ردود الفعل:
أثار خبر الاعتداء ردود فعل عالمية واسعة استنكرت فيه الدول والمجتمعات عملية القرصنة الوحشية، حيث استدعت العديد من الدول الأوروبية السفراء الإسرائيليين المتواجدين في عواصمها ليقدموا لها التوضيحات حول نتائج هذه العملية. وقد عقد مجلس الأمن المنبثق عن هيئة الأمم المتحدة جلسةً خاصة لمناقشة الأحداث ومناقشة كيفية الرد عليها. بينما ردَّت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا على هذا الحادث طالبة التحلي بضبط النفس النسبي. أما تركيا فقد وصفت الحادث بأنه إرهاب دولة غير إنسانية وأعلن نائب رئيس الوزراء التركي عن سحب السفير التركي من إسرائيل وسحب فرقة الشبيبة لكرة القدم التي تقيم في إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، فقد أعلن رئيس الوزراء التركي أيضاً عن إلغاء ثلاث مناورات عسكرية مشتركة كان من المخطط لها مع إسرائيل. قرار مجلس الأمن :صدر بلغة غامضة عامة تجنب فيه تسمية إسرائيل بالاسم كما استعمل عبارة تحقيق غير منحاز ولم يستعمل بوضوح دولي ومستقل بمعنى أنه موافقة مبطنة لتقوم إسرائيل بالتحقيق بذاتها، وكان مضمونه أن المجلس يدين الأعمال التي تؤدي إلى قتل مدنيين ودعا للإفراج الفوري عن النشطاء والسفن التي تحتجزها إسرائيل، وطالب بتحقيق فوري وغير منحاز وشفاف في الحادث.
قرار مجلس حقوق الإنسان : أشار القرار في بنده السابع إلى ضرورة « إرسال لجنة دولية مستقلة لتقصي الحقائق للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي المترتبة عن الهجوم الإسرائيلي على القافلة البحرية الحاملة للمساعدات الإنسانية » التي كانت متوجهة إلى قطاع غزة. وقد حظي القرار بموافقة مجلس حقوق الإنسان بأغلبية 32 صوتا مقابل معارضة 3 دول (الولايات المتحدة وهولندا وإيطاليا)، وامتناع 9 دول عن التصويت أغلبها من الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي التي لم ترغب في تجاوز ما أقره مجلس الأمن الدولي مساء الإثنين في نيويورك والإكتفاء بتحقيق تقوم به إسرائيل.
وفي 14/6/2010 شكلت القاضية بيلاي المفوضة السامية لحقوق الإنسان لجنة التقصي الدولية المستقلة من البروفسور كريستيان توموثات أستاذ القانون في برلين وماري ماكغوان ديفيس القاضية في المحكمة العليا في نيويورك والماليزي بارام كوماراسوامي المقرر الخاص السابق لاستقلال القضاء والمحاماة في الأمم المتحدة. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد استبقت التحرك الأممي بتشكيل لجنة إسرائيلية يرأسها قاضي سابق مع مراقبين غير إسرائيليين ليس لهم الحق في التصويت أو القرار. وهو الأمر الذي يتعارض مع أبسط قواعد التحقيق وتقصي الحقائق المعتمدة من قبل الأمم المتحدة. وقد رفضت المنظمات غير الحكومية جميعا هذه اللجنة وكذلك الرئيس عباس ورئيس الوزراء هنية والحكومة التركية ولم يرحب بها سوى الإدارة الأمريكية.
نبذة عن هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية :
لقد تأسست هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية على إثر مأساة القرن التي حدثت في قلب أوروبا في عام 1992 في البوسنة، فأهل الخير من الأتراك لم يبقوا مكتوفي الأيدي إزاء هذه المأساة، وقد تم تنظيم هذه النشاطات الخيرية من أجل دعم إخواننا البوسنيين الذين تعرضوا لإبادة حقيقية. وانتظمت هذه النشاطات في عام 1995 ضمن مؤسسة هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية.
لقد حرصت هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية منذ تأسيسها وحتى اليوم على تقديم جميع أنواع الدعم للمصابين والمظلومين في شتى أنحاء الأرض سواء بسبب الحروب أو بسبب الاحتلال أو بسبب الكوارث الطبيعية. ولم تتخلف هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية في القيام بالنشاطات الإغاثية اللازمة في مناطق كثيرة من العالم سواء في البلقان أثناء حرب البوسنة وكوسوفو، أو في القوقاز في الحرب الشيشانية وما لحق هناك بالشعب من مظالم، وسواء أيضا في إفريقيا بسبب ما تعانيه من أزمات سياسية وإقتصادية، أو في الشرق الأوسط بسبب الإحتلال الإسرائيلي والأمريكي أو في باكستان وكشمير وأندونيسيا بسبب ما حل من كوارث طبيعية.
إن هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية، وهي تقوم بنشاطات الإغاثة وأعمال الدعم تستصحب معها دائما معاني التعاون والتضامن، وفي هذا الاتجاه ساهمت في الكثير من النشاطات الاجتماعية والثقافية.
واهتمام هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية بتحقيق رسالتها في جميع أنحاء العالم حسب الأولوية كالتالي:
1 ــ مناطق الحروب والتأثيرات المترتبة عن الحروب. 2 ــ مناطق الكوارث. 3 ــ القيام بنشاطات في الدول التي تعاني من الفقر والخصاصة.
إن هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية تدرس إمكانية تنفيذ مشاريع دائمة بالمناطق الجغرافية التي تقوم فيها بنشاطاتها، وفي الوقت الحالي تقدم الهيئة مساعدات عاجلة إلى حوالي مائة وإثني عشر بلدا ومنطقة من مناطق العالم في مجالات الصحة والتعليم وغيرها من المجالات الاجتماعية.
تقوم هيئة الإغاثة و المساعدات الإنسانية عبر برنامج الأسر الكافلة، بالاعتناء بالأيتام الذين خلفتهم الحروب و الكوارث الطبيعية في العديد من مناطق العالم. و قد وصل عدد الأيتام الذين تعتني بهم الهيئة لحد الآن إلى 15 ألف و 555 يتيم. و قد بدأت الهيئة بدعم من المحسنين الأتراك عام 2008 برعاية 5 آلاف و 375 يتيم، ليصل هذا العدد عام 2009 إلى 15 ألف و 555. و قد أصبح البرنامج يشمل 25 منطقة و دولة بعد أن كان يشمل 14. وهي عضو في المكتب الدولي للجمعيات الإنسانية والخيرية.
دور المؤسسة داخل غزة بدأ منذ عام 2004 بإرسال الوفود والتعاون من خلال بعض مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية ، و بعد الحرب تم افتتاح فرع مستقل بشكل فعلي في فبراير 2009 ، فبعد الحرب كان الوضع على جميع المستويات يحتاج إلى تكاتف جهود الإغاثة في جميع المجالات، فكان التوجّه هو تقديم إغاثة للقطاعات المنكوبة والمحتاجة بشكل عاجل كأولوية، ولكن بعد مرور فترة الطوارئ أو الاحتياج العاجل؛ قامت المؤسسة بإنشاء مشاريع تنموية تساعد الشعب على صمود والبقاء ، وهي بالمناسبة مشاريع طويلة المدى، فأنشأت مراكز التدريب المهني وخاصة التدريب المهني النسائي، حوالي خمسة مراكز تدريب مهني نسائي، تمنح دورات خياطة وتطريز وكمبيوتر.
وكذلك تم التوافق مع مؤسسة تعليمية محلية على تحويل مدرسة تابعة لهذه المؤسسة التعليمية إلى اسم « المدرسة الفلسطينية التركية »، على أن تكون مدرسة ابتدائية، تفتح أبوابها العام الدراسي القادم. سيكون موقعها في منطقة المحطة بحي التفاح (بمدينة غزة)، وهي مدرسة تابعة لوزارة التربية والتعليم و سيتم تطويرها بحيث توفر للطلاب أحدث الوسائل والتقنيات التي تستخدم في الخارج ، وستتكفل هذه المدرسة بتعليم عدد من الطلبة الأيتام وأبناء الشهداء. أيضا في مجال الصحة هناك اتفاق على إنشاء مشفى وتجهيزه بشكل كامل في منطقة التفاح، وفي بيت حانون وفي الشجاعية حيث يوجد مشفى فارغ من أي تجهيزات تم الاتفاق على تجهيزه من الداخل بالكامل .
هذا بالإضافة إلى مشاريع الأضاحي وكفالة الأيتام وتقديم المساعدات المادية للمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة .
نبذة عن حركة غزة الحرة:
تعتبر الحركة من أولى المنظمات التي عملت على كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، إذ أنها أرسلت سفينتي « ليبرتي » و « فري غزة » إلى القطاع في 23 أغسطس وأكتوبر من العام 2008، وأشارت الحركة آنذاك إلى أن هدفها تسليط الضوء على الحصار المفروض على القطاع في وقت اعتبرت فيه المنظمات الدولية الوضع الإنساني في القطاع « الأسوأ » منذ نكسة حزيران. حركة غزة الحرة تأسست في سبتمبر (أيلول) 2006، على يد مجموعة من أنصار فلسطين، الذين منع معظمهم من معاودة الدخول إلى إسرائيل، يذكر أن جذور حركة غزة الحرة تمتد لحركة التضامن الدولي، وهي منظمة أخرى سعت لاتخاذ إجراءات مباشرة دفاعا عن الفلسطينيين، عبر إتباع استراتيجيات غير عنيفة لإعاقة الأعمال العسكرية الإسرائيلية داخل المناطق المحتلة، حيث اعتاد أعضاؤها العمل كدروع بشرية.ففي عام 2003، سحق بلدوزر للجيش الإسرائيلي شابة أميركية تدعى راشيل كوري كانت جاثية على ركبتيها لمنعه من تدمير منزل فلسطيني.
حاول أعضاء حركة غزة الحرة ابتداع طريقة عملية مميزة لدخول غزة ومساعدة أهلها، وبزغت فكرة الطريق البحري، إلا أن الأمر استغرق عامين لجمع الأموال اللازمة لشراء أول قاربي صيد وصيانتهما وتوفير الوقود لهما، وبعد رسو القارب الأول، سرعان ما تلقت المنظمة تبرعات كافية لشراء يخت صغير أطلقوا عليه اسم (الكرامة). مع توافر القارب الجديد، سمحت إسرائيل بدخوله إلى غزة أربع مرات. في المحاولة السادسة للدخول، ضربت سفينة إسرائيلية القارب ثلاث مرات حتى أجبرته على التراجع نحو لبنان. ولدى وصوله ميناء بقبرص، غرق في البحر.
وجمعت المنظمة مزيدا من الأموال عن طريق التبرعات، ونجحت في شراء مركب صغير بمقدوره حمل 30 راكبا، وأطلقت عليه (روح الإنسانية). وحاول التوجه إلى غزة ثلاث مرات أخرى من دون أن يحالفها النجاح. في المحاولة الأخيرة، في يوليو (تموز) 2009، شنت إسرائيل غارة ضد المركب واحتجزت الركاب والمركب ولم تعده.. وقد ساعد مسؤولين ماليزيين سابقين ومنظمة «بيردانا» للسلام العالمي، في جمع أموال كافية لشراء يختين وسفينة شحن.
تحولت الحركة إلى تحالف متنوع من منظمات ونشطاء، وحدث التعاون مع منظمات أخرى لتنظيم أسطول صغير يضم عدة سفن وكان باسم قافلة الحرية. من الجدير بالذكر أن غريتا بيرلين (69 عاما) التي شاركت في إنشاء المنظمة تنتمي في الأصل إلى لوس أنجليس. وتزوجت لمدة 14 عاما من فلسطيني، أنجبت منه طفلين، ثم تزوجت لـ14 عاما أخرى من أميركي يهودي. وتحب دوما أن تمزح بهذا الشأن وتقول إن هذا يجعلها أكثر الشخصيات المؤهلة لتهمة «العداء للسامية». القوافل البحرية التي انطلقت الى غزة:
23-08-2008 : وصلت سفينتان »ليبرتي » (حرية) و »فري غزة » (غزة حرة) تقلان 44 ناشطا مؤيدا للفلسطينيين إلى قطاع غزة بعد أن سمحت لهما إسرائيل بالدخول بالرغم من حصارها المشدد للقطاع الخاضع لسيطرة حماس، وأبحرت السفينتان الجمعة من قبرص وعلى متنهما ناشطون من 14 دولة بينها إسرائيل, ، وتحملان 200 قطعة من الأطراف الصناعية وخمسة آلاف بالون للأطفال 29-10-2008 : وصلت سفينة الحرية إلى قطاع غزة قادمة من ميناء لارنكا القبرصي في ثاني رحلة من نوعها، وحملت السفينة على متنها 27 متضامنًا من 11 دولة أوروبية وغير أوروبية ونصف طن من الأدوية ومعونات إنسانية أخرى.
07-11-2008 : سفينة الكرامة القطرية وحملت عل متنها بالإضافة للوفد القطري مجموعة من المتضامين الدوليين والحقوقيين ورجال الإعلام وكذلك طن من الأدوية والمستلزمات الطبية ومن ضمن أهم أهداف الرحلة الاطلاع وتقييم الوضع الصحي وكذلك إمكانية تأهيل وتطوير ميناء غزة لاستقبال السفن القادمة بالإضافة لمشاريع أخري في البنية التحتية. ونظمت رحلة القارب الحملة الفلسطينية الدولية لفك الحصار عن غزة، وحركة « غزة حرة » الأوروبية. 07-12-2008 : منعت إسرائيل سفينة العيد من الإبحار من حيفا الي غزة وجرتها من ميناء يافا إلى ساحل مدينة تل أبيب وصادرتها بما تحمله من مساعدات طبية وإغاثية وهدايا للأطفال، كماسيطرت على الشاحنات التي كانت تقف في الميناء استعدادا لشحن المواد الغذائية. سفينة العيد هي أول سفينة انطلقت من داخل الخط الأخضر وقد أشرف على تنظيمها « هيئة كسر الحصار »، وشاركت فيها القيادات السياسية والجماهيرية في أوساط فلسطينيي 48. 01-12-2009 : سفينة « المروة » الليبية ( أول سفينة عربية)،استطاعت دخول المياه الإقليمية الفلسطينية إلا انه بعد وصولها المياه الإقليمية منعتها زوارق الاحتلال من الاقتراب من شواطئ غزة، السفينة محملة بمواد غذائية وأدوية، وإنه يوجد على متنها 18 شخصا، هم ثلاثة صحفيين و14 من أفراد الطاقم البحري، وتحمل ثلاثة آلاف طن من المساعدات الغذائية 250 طن زيت ذرة،250 طن زيت صويا،، 250 طن خليب أطفال، 250 طن حليب مجفف، 250 طن حليب مكثف،1207 طن أرز، 500 طن دقيق،100 طن أدوية، وتقدر الشحنة بـ 15 مليون دولار 05-02-2009 : سفينة الأخوة اللبنانية « تالي »، وعلى متنها ثمانية أشخاص إضافة إلى طاقمها، وقد حملت أكثر من ستين طنا من المعونات الغذائية والطبية المقدمة من جمعيات أهلية لبنانية.وكان مقررا أن تبحر السفينة (ظافر) وعلى متنها 85 متضامنا، غير أن الرحلة شهدت إشكالات طويلة متعددة أدت إلى استبدال سفينة (تالي) بها. ومنعت السلطات اللبنانية إبحار (ظافر) بحجة أنها مصممة للشحن ولا يحق لها نقل الركاب بالعشرات. إلا أن رجال البحرية الإسرائيلية، صعدوا إلى متن واحتجزوا الموجودين على متنها، واقتادوهم إلى ميناء أسدود الإسرائيلي، حيث جرى استجواب 20 راكبا كانوا على متنها. وأطلق سراحهم في اليوم التالي 03-05-2009 : قافلة الأمل » انطلقت قافلة من ميلانو متجهة إلى مرفأ مدينة جنوه الايطالية حيث أبحرت باتجاه مصر بمشاركه مؤسسات إنسانيه وتضامنية وشخصيات عالميه منها ماريد ماغيور التي تبذ ل جهدا لحل النزع في شمال ايرلندا الذي اكسبها 1976 جائزة نوبل للسلام ولهيدي أبستين وكاثيا ماكيني ومن المقرر أن تصل القافلة إلى ميناء الإسكندرية ومنه عبر الأراضي المصرية إلى معبر رفح ومنها إلى قطاع غزه وتحمل القافلة المساعدات و الأدويه ومواد البناء ومعدات كهربائية للمستشفيات 03-06-2009 : زوارق حربية صهيونية تعترض طريق سفينة « روح الإنسانية » في المياه الدولية قبالة مدينة حيفا، أثناء محاولتها الوصول إلى شواطئ قطاع غزة، وكانت السفينة التي قادتها حركة « غزة حرة » البريطانية قد انطلقت من ميناء لارنكا بقبرص باتجاه غزة، محملة بـ20 متضامنًا عربيًّا وأجنبيًّا.
نورد فيما يلي أسماء الشهداء والجرحى حسب المؤسسة التركية لحقوق الإنسان والحريات والإغاثة الإنسانية, المنظمة الرئيسية لقافلة أسطول الحرية:
أسماء الشهداء
1- نجدت يلدرن (32 عاما )الذي يعمل في المؤسسة التي نظمت الأسطول. 2- جنغز آكيوز (41 عاما) من الأسكندرون جنوب تركيا. 3- علي حيدر بنغي (39 عاما) من ديار بكر جنوب شرق تركيا. 4- إبراهيم بلغن (61 عاما) مهندس كهرباء من مدينة سيرت جنوب شرق تركيا. 5- فرقان دوغان (19 عاما) أميركي من أصل تركي، وقد أظهر تقرير للطب الشرعي أنه قتل بإطلاق النار عليه من مسافة قريبة بأربع طلقات في رأسه وخامسة في صدره, حسب وكالة الأناضول. 6- جودت كلجلار (38 عاما) وهو صحفي مولود في مدينة قيصري وسط تركيا. 7- جنغز سنغر (47 عاما) من مدينة إزمير، وهي ميناء على بحر إيجا. 8- جتين تبجو أوغلو (54 عاما) بطل سابق لأوروبا في التايكوندو, عمل لاحقا مدرب الفريق الوطني لبلاده وكان يسكن بمدينة آدانا بجنوب تركيا. 9- فهري يلز (43 عاما) رجل إطفاء وأب لأربعة أطفال منحدر من المدينة الجنوبية أديامان, ونقلت وكالة الأناضول عن أخيه حبيب قوله إن فهري كان دائما يود أن يموت وهو يقاتل إسرائيل ليقتل شهيدا. أسماء الجرحى
İmdat Avli1– إمداد أفلي Mustafa Batıran2– مصطفى باطيران Rebeha Gümrükçü 3– رباحة جومروكتشو Cevdet Ökenek 4– جويد أوكينك Erkan Baycıdam 5– إيركان بايجيضام Muhyiddin Yıldırım 6– محي الدين يلضرم Osman Çalık 7– عثمان تشاليك Suat Koşmaz 8– سعاد كوشماز اسم رجل Şahin İbrahim Güleryüz9– شاهين إبراهيم جوليريوز Şükrü Peker شوكرو 10- بيكير Mehmet Murat Yıldırım11– محمد مراد يلضرم Canip Tunç جانيب 12- توتش Saadettin Furkan 13– سعد الدين فرقان M. Ali (Soy ismi belli değil) 14– علي اسم العائلة لم يعرف بعد Tuna Yücel 15– تونا يوجال امرأة ورداً على “المجزرة” الإسرائيلية التي ارتكبت بحق المتضامنين على متن سفن أسطول الحرية “ والتي شكلت دافعا كبيرا للأحرار في العالم من أجل دعم المزيد من الحملات الهادفة إلى كسر الحصار المفروض على قطاع غزة”. فقد أعلن عن تجهيز العديد من سفن المساعدات وإرسالها لغزة لكسر الحصار حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2010.
ويجري تنظيم هذه الحملات البحرية في لبنان والسودان وإيران وبريطانيا والنرويج وتركيا، ودول أوروبية أخرى. وقد تم إيصال رسائل إسرائيلية، إلى الاتحاد الأوروبي، تطالب العمل على منع تنظيم الحملات البحرية في القارة الأوروبية، ووقف انضمام المواطنين الأوروبيين إلى هذه الحملات بادعاء أن ذلك « يعني العمل ضد المصالح الإسرائيلية ».
1- فتحت الهيئة العربية الدولية لإعمار غزة ومقرها لندن باب الإسهام في تسيير « أسطول الحرية 2″؛ وذلك في إطار التحركات الحثيثة من أجل كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، لا سيما عقب قيام الاحتلال الصهيوني بارتكاب مجزرة بحق « أسطول « لحرية » أسفرت عن استشهاد وإصابة العشرات.حيث أن الأسطول المقبل سيركِّز بصورة أكبر على حمل المواد الأساسية لإعادة إعمار قطاع غزة
2- أطلقت “حركة فلسطين حرة” و”تجمع صحافيون بلا قيود” حملة “سفينة أطلقت عليها اسم سفينة ناجي العلي من أجل الصحافيين الاحرار” التي ستبحر من بيروت الى غزة في مؤتمر صحفي عقدته الحركة والتجمع في بيروت. وستبحر السفينة نحو غزة لنقل مساعدات ومواد تعليمية لاطفال فلسطين المحاصرين وصحافيين لتغطية الواقع الانساني تحت الحصار.
3- شرعت الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة في تجهيز سفينة سويسرية لتشارك ضمن “أسطول الحرية 2″ الذي بدأ ائتلاف أسطول الحرية بالإعداد له والمتوقع انطلاقه باتجاه قطاع غزة في الأسابيع القادمة.وصرح أنور غربي ممثل الحملة في سويسرا في بيان صحفي إن الإعلان عن تجهيز السفينة جاء في ختام أسبوع من الاعتصامات اليومية أمام ساحة حقوق الإنسان في مقر الأمم المتحدة بجنيف.
4- أعلنت جمعية الهلال الأحمر الإيرانية عزمها على إرسال ثلاث سفن وطائرة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة خلال الأسابيع المقبلة بينما حذرت إسرائيل من أنها ستمنع تقدم أي سفينة تحاول كسر الحصار. وقد صرح المدير الدولي للهلال الأحمر عبد الرؤوف أديب زاده لوكالات الأنباء: «نحن في طور استئجار سفينتين ستنقل إحداهما 70 عاملاً إنسانياً من ممرضين وأطباء، والثانية الأدوية والأغذية» إلى سكان غزة. وان العملية ستجري «بالتنسيق مع الحكومة التركية، كما سنرسل سفينة مستشفى إلى سواحل غزة في المستقبل القريب». وأضاف أن الهلال الأحمر الإيراني سيرسل «طائرة محملة 30 طناً من المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر مصر… ويمكن للمتطوعين الذين يريدون الذهاب إلى غزة ومساعدة شعب فلسطين المحتلة المستضعف تسجيل أسمائهم على موقع الهلال الأحمر».
5- انطلاق قافلة الحرية (2) من بورسودان قررت الحملة الشعبية لمناصرة « فلسطين » السودانية إرسال (قافلة الحرية) من ميناء بورسودان بعد جمع التبرعات الرسمية والشعبية. على صعيد آخر، فقد أعلنت «حركة غزة الحرة» التي تدعو إلى كسر الحصار عن إغلاق مقرها في قبرص احتجاجاً على عدم تعاون الحكومة القبرصية معها. وأعلنت المنظمة التي ساعدت في تنظيم «أسطول الحرية» أنها ستغلق مكاتبها وتنتقل إلى لندن في وقت لاحق. وكانت الحكومة القبرصية منعت عدداً من السفن والركاب من مغادرة الجزيرة والالتحاق بـ «أسطول الحرية» الذي توقف قبالة سواحل الجزيرة قبل أن يتوجه إلى غزة. استنتاجات وملاحظات في 13/6/2010، ألغى وزير الدفاع الإسرائيلي زيارة له إلى باريس لقيام اللجنة الخيرية لنصرة فلسطين، العضو في المكتب الدولي للمنظمات الخيرية والإنسانية عبر محاميتها ليليان غلوك واللجنة العربية لحقوق الإنسان عبر المحامي ويليام بوردون ولجنة الحماية المدنية للشعب الفلسطيني بإقامة دعاوى قضائية وإعداد ملف يطالب بتوقيف إيهود باراك بمجرد وصوله الأراضي الفرنسية (باسم سبع ضحايا فرنسيين وثلاث ضحايا إسبان وضحية سويدية وضحيتين من تركيا)، وقد ألغى الوزير زيارته خوفا من الإعتقال. وشكلت إسرائيل بنصيحة من مكاتب محامين أوربية لجنة تحقيق محلية يمكن أن تخلق التباسا قانونيا في قضية اعتقال أي مسؤول إسرائيلي بداعي وجود تحقيق لم ينته بعد.
وقد بادر التحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب والمكتب الدولي للجمعيات الإنسانية والدولية لتحضير دراسة قانونية تثبت عدم جدوى ومصداقية لجان التحقيق الإسرائيلية السابقة. ونحن نعتقد بأن مهمة رفع الحصار واجب إنساني على كل عمل خيري وإنساني في العالم دعمه، والاعتداء على مبادرات التضامن جريمة دولية في المياه الإقليمية يجرم عليها القانون الدولي في اتفاقيات 1958، 1982، 1988، وبروتوكول 2005 لقوانين الملاحة البحرية. إن ما يحدث اليوم هو ولادة جيل جديد من المنظمات الإنسانية هو في الحقيقة المتواجد الأكبر في مناطق الصراع والأزمات كالعراق وفلسطين ودارفور ، وهذا الجيل تمت مهاجمته ومحاصرته باسم الحرب على الإرهاب لكنه أثبت أنه الضمانة الأفضل لحماية المدنيين في مناطق النزاع وهو الأكثر فهما للمجتمعات التي تعاني من الإحتلال والأكثر قربا من الناس. لقد أرخ هذا الجيل لحقبة جديدة في العمل الإنساني في 31/6/2010 عندما قدم قافلة من الشهداء كرمز لتعانق 42 جنسية من أجل قضية إنسانية نبيلة. لذا يعلن المكتب الدولي عن تضامنه ودعمه لكل مبادرات رفع الحصار المدنية ويعتبرها في صلب مهمة منظماته العضو. تقرير من إعداد الدكتورة لقاء أبو عجيب المدير التنفيذي للمكتب الدولي للجمعيات الخيرية والإنسانية Web site: www.ibh.me Email: ibh@ibh.me T&F 0033 147 46 19 88 باريس في 16-06-2010
وزراء ومسؤولون عرب لا يعرفهم مواطنوهم
2010-06-16 إذا كان حال الوزراء والمسؤولين العرب مثل الأردن، فنحن أمام ظاهرة جديدة لا أدري إن كانت أردنية فقط، وإن كنت أعتقد أن كثيرا من الدول والمجتمعات العربية تواجه الظاهرة نفسها، وهذه الظاهرة هي أن الوزراء والمسؤولين يشغلون مواقعهم من غير أثر يذكره المواطن، ولا يكاد يعرف أسماءهم سوى نسبة ضئيلة من الناس. ويفترض أن انتخابات نيابية تجري في دول عربية عدة، ولكن لا يبدو ثمة علاقة بين الحراك النيابي والوزاري، وكأنهما عمليتان سياسيتان مستقلتان عن بعضهما، وكأن الانتخابات النيابية زينة غير ضارة، أو انتخابات جمعيات خيرية أو منظمات المجتمع المدني، ولا علاقة لها بالتشكيل السياسي وفريق الحكم والإدارة الذي يتشكل وفق مدخلات وعوامل واعتبارات بعيدة تماما عن البرلمان والنواب. وحتى في الانتخابات النيابية التي تجري بمقاييس الحكومات، وتتحكم فيها وفي نتائجها بنسبة كبيرة، فإن نسبة كبيرة من الوزراء والمسؤولين تتقدم إلى الانتخابات النيابية؛ لأنها (الانتخابات) لا تشكل مدخل اختيار المسؤولين، ولا تؤثر كثيرا في السياسات الحكومية، كما يجري في جميع بلاد العالم، ولأن معظم المسؤولين يدركون تماما أنهم لا يتمتعون بشعبية كبيرة تؤهلهم للمشاركة في الانتخابات العامة، ولا تمنح مصداقية لنجاحهم إن حصلوا عليه في انتخابات (نزيهة) بل إن نجاحهم في الانتخابات سيزيد حرجهم ويقلل من ثقة المواطنين فيهم؛ لأن الانتخابات نفسها لا تتمتع بنزاهة يثق بها المواطنون، وهكذا فإن العملية السياسية في الوطن العربي تمضي إلى مزيد من الضحالة، وتتمتع بلا مبالاة وسلبية كبيرة ومحيرة من قبل المواطنين. وقد يبدو ذلك مفرحا لكثير من الوزراء والمسؤولين العرب ومعظمهم، ولكنها حالة مقلقة، فهذه السلبية والعزلة التي تمارسها المجتمعات تجاه العملية السياسية والانتخابية وإن كانت تمنح الحكومات قدرا من الهدوء لم تشهده من قبل وتريحهم من (وجع الراس) والاحتجاجات التي دأبت على تنظيمها الحركات السياسية والاجتماعية، فإنها تنذر بحالة خطيرة من التحولات القادمة التي يصعب ترشيدها أو السيطرة عليها. في الأردن ستجرى انتخابات نيابية في الشهور القليلة القادمة، فكم من الوزراء وكبار المسؤولين والموظفين الحاليين والسابقين الذين يمكن أن يتقدموا للانتخابات النيابية؟ وما فرصتهم في النجاح؟ يبدو لدي (وهذا رأي علمي صحيح توصلت إليه ولا ينقصه سوى الدليل القاطع والدراسات الإحصائية) أن معظم الذين شغلوا مناصب وزارية أو قيادية مهمة في الدولة لن ينجحوا في الانتخابات لو تقدموا إليها، ويبدو لي أيضا أننا بحاجة إلى سياسة عامة تلزم أو تدفع كل من تولى منصبا رفيعا في الدولة ويرغب في الاستمرار بأداء دور سياسي أو تكرار العودة إلى الوزارة (للوزراء السابقين والحاليين) أن ينجح في الانتخابات النيابية، فالمسؤول الذي يشغل منصبا رفيعا لسنة من الزمان أو أكثر ثم يفقد ثقة المواطنين لا يجوز أن يستمر في شغل منصبه، فإذا كان متقبلا أن يُفرض مسؤول على المواطنين لفترة من الزمن فليس أقل بعد التجربة أن يخضع لاستفتاء شعبي، وإلا فيكفيه من الغُنم والحظ العظيم أنه حظي بفرصة كبيرة لينعم بضرائب المواطنين وليشغل موقعا لم ينافس على إشغاله بعدالة. والواقع أن عادة الفصل بين النيابة والوزارة التي دأبت عليها سياسة تشكيل الحكومات كانت لها أضرار بالغة بالسياسة العامة وبمستوى الثقة بالوزراء والحكومة بعامة، وأظن أنه من الحكمة أن يكون نصف أعضاء الحكومة على الأقل من النواب، فذلك يمنح أصحاب الولاية على البلد وموارده قدرا من المصداقية، ويجعل دوران النخب يملك فرصا من الحراك بحيث تكون مفتوحة في الاتجاهين، الدخول والخروج، ولا يحولها إلى ناد مغلق تماما، ثم يحول أصحابها إلى فئة لا يعرفها المواطنون ولا يثقون بها. اليوم تتشكل لدينا طبقة من الوزراء (سابقين ولاحقين) القادمين في كثير من الأحيان من غير تجربة سياسية أو مشاركة عامة، ولا يكاد يعرف المواطنون عنهم شيئا، بل وإن كثيرا منهم شغلوا مناصب وزارية وغادروها ولا يتذكرهم المواطن، وأظن (وربما يسهل على جهات استطلاع الرأي أن تختبر هذه المقولة) أن معظم المواطنين حتى من المشتغلين بالعمل العام والإعلام لا يتذكرون أسماء الوزراء، ولكنهم في الوقت نفسه يتذكرون بسهولة أسماء وزراء في حكومات طال أمد غيابها. وبالمناسبة فإن مشكلة الوزراء والمسؤولين هذه لا تحلها أساليب الإعلام والعلاقات العامة، ولكن بالأثر الذي يمكن أن ينشئه السادة الوزراء في حياة الناس وأعمالهم، وبمدى أهليتهم لشغل مواقعهم، والمصداقية التي يتمتعون بها، ودرجة ومستوى العدالة التي منحتهم هذه المواقع. كم وزيرا ومسؤولا كبيرا سنرى في قائمة المرشحين للانتخابات النيابية؟ وكم سينجح منهم؟ «وإن غداً لناظره قريب». ibrahim.gharaibeh@windowslive.com (المصدر:صحيفة « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 16 جوان 2010)
عميد السلفيّين على مشرحة النقد
ريتا فرج
في كتابه «نقد الخطاب السلفي ــ ابن تيمية نموذجاً» (دار طوى للنشر والإعلام، لندن)، يقدّم الباحث السعودي رائد السمهوري قراءة نقديةً لطروحات ابن تيمية الذي قسّم العالم إلى دار إسلام ودار حرب. لم يحدث في التاريخ العربي المعاصر أن احتلّ نتاج علمي أو فقهي موقع الصدارة في الجدال والنقد، كما حدث مع شيخ الإسلام ابن تيمية، الذي لقّبه راشد الغنوشي، الرأس المفكّر للإسلاميّين في تونس، بـ«أبو الصحوة الإسلاميّة». الاهتمام بعميد السلفيّين نابع من محورين أساسيّين: أولهما، ما تركته فتاواه التي يغلب عليها النهج التكفيري، من تأثير أفضى بعضها إلى تقسيم العالم إلى دارين: دار الإسلام ودار الحرب. والمحور الثاني هو قدرة نتاجه الفقهي على التغلغل في إيديولوجيات الحركات الإسلامية، وتحديداً السلفية، ما دفعها إلى توظيف هذا الإرث للتعامل مع التعدد الديني والمذهبي والفلسفي بمنطق الإقصاء والنبذ. في كتابه «نقد الخطاب السلفي ـــــ ابن تيمية نموذجاً» (دار طوى للنشر والإعلام ـــــ لندن)، يقدّم رائد السمهوري حواريةً نقديةً لأهم طروحات شيخ الإسلام ابن تيمية، عن الآخر غير المسلم، والآخر المسلم، والمرأة، وغير العرب، والفلاسفة، وقواعد التوحيد، والقدرية، وتقديم النقل على العقل. وعبر منهجية التاريخ المقارن، يقارع الكاتب السعودي بلغة نقديّة مبطّنة ابن تيمية، ويسأل: مَن هو الكافر؟ وكيف نتعامل معه؟ الآخر المختلف دينياً، مثّل أوْلى معارك ابن تيمية: فالذي لم تبلغه الرسالة المحمدية، هو كافر يستحق العذاب. والمتردّد يدخل خانة التكفير أيضاً. هنا، يلحظ الباحث السعودي عدم تمييز صاحب «مجموع الفتاوى» بين الشك المنهجي القائم على النظر والاستدلال، والشك الاعتباطي… ما دفعه الى إلحاق الفلاسفة بالمُشركين في الربوبية. وقد رأى شيخ الإسلام أنّ المشرك تجب معاداته «وإن أعطاك وأحسن إليك». هو القائل: «إذا رأيتُ النصراني، أُغمض عيني كراهة أن أرى بعيني عدوّ الله». لكنّ المفارقة عنده تنبع من الخلط بين المُشركين وأهل الكتاب، إذ لم يُقم تمييزاً بينهما. فيما أقام القرآن تفريقاً واضحاً، وحدّد مسار التعامل معهم على قاعدة المهادنة حيناً والصراع حيناً آخر، ونظرت النصوص التأسيسية في الإسلام إلى النصارى واليهود باعتبارهم في دائرة التوحيد، وإن وجدت ملامح الاختلاف في مقاربة الذات الإلهية والوجود وموقع الإنسان بينهما. يؤصّل ابن تيمية لمسائل كثيرة تتعلق بأهل الكتاب، بدءاً من وجوب إهانة غير المسلم، وصولاً إلى إذلال ما اصطُلح عليه بأهل الذمّة. تلك الفتاوى التي صاغها عميد التيار السلفي، أسّست للحراك الإسلامي الراديكالي، المنطلق من العداء للآخر غير المسلم. الهجمات الإرهابية التي شنّها الموالون لـ«القاعدة» وفروعها العابرة للقارات، أعدّوا تفجيراتهم وفقاً للتخريجة التيمية التالية «وليعلم أن المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك، والكافر تجب معاداته وإن أعطاك». والحال أنّ مسألة تقسيم الدنيا إلى دارين، أي دار الإسلام ودار الحرب، أتت عليها الاجتهادات الفقهية لاحقاً. هذا ما أكّده الإمام الشافعي، حين رأى أنّ الدنيا كلها في الأصل دائرة واحدة، ورتّب على ذلك أحكاماً على اعتبار أن تقسيم الدنيا إلى دارين أمر طارئ. للمرأة عند ابن تيمية حديث آخر، وهو العازف عن الزواج، والشاهد على أبرز التحولات التي شهدها الإسلام في القرون الوسطى. يحدّد السمهوري معيارين للرؤية التيمية عن المرأة، رأيه فيها من حيث الصفات، وأفكاره الفقهية المتعلقة بالجانب المدني. وفي تعقّبه لفتاوى شيخ الإسلام، يشير إلى أن المرأة عنده بحاجة إلى الوصاية. ويروي عنه حديثاً نبوياً لم يتحقق منه نصه «النساء لحم على وضم ـــــ الوضم هو الخشبة التي يوضع عليها اللحم ليقطّعه الجزار، وهي عبارة تطلق على من بلغ الغاية القصوى من الضعف ـــــ إلّا ما ذُبّ عنه»، والمرأة عند ابن تيمية ناقصة مقابل كمال الرجل. نهجه التكفيري وراء رفض التعدّد المذهبي والفلسفي العرب عند عميد السلفيّين هم أفضل الأمم، وأذكاها. أمّا العوامل المؤدّية إلى هذا الاصطفاء، فيوردها في مؤلفه «اقتضاء الصراط المستقيم»، ومن بينها فصاحة اللسان العربي بعد مقارنته بين خير أمة أخرجت للناس والقوميات الأخرى، نسأل: إذا كان الإسلام هو الذي أدخل العرب في التاريخ، فلماذا خرجوا من دائرته ولم يعودوا إليه؟ وإذا كان العرب أكثر أبناء الجنس البشري ألمعيةً، فأين هم اليوم من تطوّرات العلم؟ وهل تطوُّر العرب المسلمين في الأزمنة الغابرة يعود إلى سعة لغتهم، أم أن اختلاطهم بالأقوام الأخرى، وتعريبهم للفلسفة اليونانية من أبرز العوامل التي أطلقت عنان الفكر العربي؟ منهجياً، غيّب ابن تيمية القراءة التأويلية عن النص القرآني، فقال بحرفيته، ولم يجتهد في تفسيره بأسلوب يأخذ في الاعتبار أسباب النزول والقياس والمجاز، ومفهوم النسخ ووظيفته، وغيرها من آليات استنطاق النصوص المقدسة، للخروج بتأويلات جديدة تجيب في جزء منها عن الأسئلة التي يطرحها المسلمون اليوم، على ذاتهم وعلى العالم. لا شك في أنّ النصوصية التي دشّنها شيخ السلفيّين وورثته، أعطت دفعاً للقائلين بحرفية النص. حتى إن بعض الاتجاهات الغربية عدّت دين محمد «عصيّاً على التغيير بسبب نصوصيته». وحين طلب صموئيل هنتغتون من الكاتب فؤاد عجمي رأيه من موقع الإسلام في صراع الحضارات، طمأنه إلى عدم خطورته لتشرذمه وانهياره في وجه عواصف الحداثة… فهل تسعفنا فتاوى ابن تيمية في الرد على العجمي وأمثاله؟ (المصدر: صحيفة « الأخبار » (يومية – بيروت) الصادرة يوم 4 جوان 2010) الرابط http://al-akhbar.com/ar/node/192383
Home – Accueil – الرئيسية