الأربعاء، 10 يناير 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
 ème année, N° 2424 du 10.01.2007

 archives : www.tunisnews.net


المجلس الوطني للحريات بـتونس: تزايد التجاوزات من قبل الأجهزة الأمنية أهـالي مدينة سليمان يستغيثون كلمة: تحويرات منتظرة في وزارة الداخلية طلبة تونس: أخبار الجامعة رويترز: تونس تنفي عـرض جزيرة بجنوب البلاد للبيع قدس برس: طهران ترفض منح الغنوشي تأشيرة دخول ضمن وفد من المؤتمر القومي الإسلامي الشيخ راشد الغنوشي في حوار مع الشرق القطرية: المواجهة الأمنية في تونس بوادر للقاعدة وليست مع جماعة إجرامية علي بوراوي: ووقعت الواقعة في تونس – عشرة أيّام . . . مطاردة ورصاص وقتلى محمد القوماني: هل تشكل الاشتباكات الأخيرة بالضاحية الجنوبية – محطة فارقة في المشهد السياسي التونسي؟ ! جورج الراسي: تونس: معركة الحجاب تحجب معركة الإرهاب عبد المجيد المسلمي: تحصين مجتمعنا ضد العنف سامي البنزرتي: ملاحظات على هامش أحداث العنف الأخيرة نبيل الرباعي: عربي والباي عطاه حصان الامين محمد: بعد مؤتمر اتحاد الشغل – من المستفيد من التهجم على علي بن رمضان؟ صابر التونسي: ســواك حار (12) مواطــن: أجنـدة (1/2) عبدالحميد العدّاسي: وقفة وتعليق عبدالباقي خليفة: باعُـوك يا وطـني الشــاذليٌ العيٌـادي: رسالة مـفتوحة إلى  السيـٌد رئيس وزراء السويد رويترز: نص إجابات خالد مشعل على الأسئلة في المقابلة مع رويترز إسلام أون لاين: المفكر الإسلامي محمد عمارة يعتذر للأقباط الشرق القطرية: أسرار اللقاء الأخير بين صدام ورامسفيلد بالمنطقة الخضراء …الأطماع الأمريكية الخطيرة في المنطقة هي سبب التعجيل بإعدام صدام


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


 
المجلس الوطني للحريات بـتونس تونس في 10 جانفي 2007

تزايد التجاوزات من قبل الأجهزة الأمنية

 
     يعبّر المجلس الوطني للحريات بتونس عن عميق انشغاله من تزايد التجاوزات من قبل الأجهزة الأمنية منذ إعلان السلطات التونسية عن المواجهات المسلّحة التي حصلت جنوب العاصمة بين يومي 23 ديسمبر 2006 و3 جانفي 2007 والتي خلّفت عددا من القتلى والمصابين من الجانبين.  وقد أعلنت وزارة الداخلية التونسية رسميّا يوم الأربعاء 3 جانفي أنّ أعوانها اعتقلوا 15 شخصا في علاقة بالمواجهات المذكورة.  والمجلس إذ يسجّل انقضاء الآجال القانونية للاحتفاظ بالنسبة لهؤلاء الأشخاص (6 أيام مثلما ينصّ عليه الفصل 13 مكرر من مجلة الإجراءات الجزائية). وعدم عرضهم على القضاء، فهو يطالب السلطات التونسية بالكشف عن مصير الموقوفين المحتفظ بهم ويعبّر عن خشيته القوية من تعرّضهم للتعذيب. كما يذكّر المجلس بما كان قد سجّله في بيانه الصادر يوم 4 جانفي 2007 من إقدام البوليس السياسي خلال الأسابيع الماضية على اختطاف عدد من الشباب التونسي في عديد المدن التونسية(في سيدي بوزيد وتونس و سليمان و الكاف وقبلّي والقصرين و تبربة…) والاحتفاظ بهم خارج أي إطار قانوني في مصالح وزارة الداخلية. والمجلس الوطني للحريات إذ يذكر بإدانته المطلقة لجميع أشكال العنف، فهو في الوقت ذاته: –       يعبّر عن خشيته من توظيف السلطات التونسية لهذه الأحداث المؤلمة لتبرير مزيد من الانتهاكات للضمانات القانونية وتعمّد الخلط بين ما يعتبر أفعالا إرهابية وما هو من قبيل حرية الرأي كما يخشى المجلس شروع السلط في فرض مزيد الانغلاق ومزيد التعتيم على الشأن العام. –       يطالب بتقديم الموقوفين فورا للقضاء وباحترام الإجراءات القانونية وخاصة تلك المتعلقة بالسلامة الجسدية للمشتبه فيهم وتوفير الضمانات الكاملة لمحاكمة عادلة. عن المجلس الناطقة الرسمية سهام بن سدرين  


 

أهـالي مدينة سليمان يستغيثون

إثر الأحداث الأخيرة التي جدت بضواحي ا لعاصمة الجنوبية قامت السلطات في سليمان وباقي المدن بحملات إعتقال واسعة شملت الشباب المتدين ومنذ  بداية إطلاق النار في 23 ديسمبر الماضي تم اعتقال أغلب الشباب المتدين في سليمان حيث داهموا المنازل وقاموا بتعنيف المعتقلين وضربهم بالسوط والأقدام  والأيادي بواسطة أعوان أمن غريبين عن المنطقة قيل إنهم من سلامة أمن الدولة وقد أعلمنا أحد المعتقلين أن الأمن قام بوضع غطاء على رأسه مثل ما يحدث في معتقل أبو غريب وانهالوا عليه بالضرب وقال نفس الشخص إن الأعوان قاموا بتعرية آخر وتجريده من ثيابه تماما. كما قام الأمن منذ ذلك التاريخ باعتقال

الفتاة الطالبة سندس الرياحي

التي لا تزال إلى حد الآن رهن الاعتقال بين قمع وتنكيل رجال البوليس ولقد علمنا أن

والدها صالح الرياحي

توجه إلى رجال الأمن للاستفسار عن مكان ابنته وحالها فما كان من احد رجال الأمن إلا أن صفعه على خده وطالبه بنسيان أن له ابنتا تدعى سندس. ولا يزال أبناؤنا بمدينة سليمان الآتي ذكرهم: سندس الرياحي و التلميذ بالسنة السادسة ثانوي احمد بشكوال و إبراهيم الواعـر و جوهر(لم نحصل على لقبه بعد) معتقلين في مكان مجهول. فيما اقتيد الإخوة

كمال وهشام ومحمد الحميدي

و زبير العربي إلى الاعتقال ليلة عيد الأضحى و لا يعلم أي  فرد من أهالي سليمان مصيرهم. ويجدر التنبيه إلى أن الإخوة الحميدي وأحدهم يعمل

أستاذ تعليم ثانوي

و

إبراهيم الو اعر

متزوجون ويعول كل واحد منهم عائلته و لا زلنا كأهالي سليمان نشاهد خراف العيد التي لم تذبح إلى اليوم شاهدة على مأساة أبناءنا. و نحن كأهالي سليمان و باعتبار المعتقلين فلذات أكبادنا وأبناءنا الذين يشهد لهم بحسن الخلق وطيب المعشر نناشد جميع المسئولين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي في أعلى هرم السلطة التدخل لإطلاق سراح أبناء سليمان الذين لم يكن لهم يد في ما جد من إطلاق نار سواء في الضاحية الجنوبية للعاصمة أو في مدينة سليمان بتاريخ 3 جانفي حيث كانوا معتقلين ولا ذنب لهم سوى ارتيادهم المساجد ولباس سندس الرياحي المتمثل في الخمار والجلباب الطويل. كما نرجو كافة المسئولين إيقاف حملات الترويع التي قام بها بعض أعوان الأمن من اقتحام منازل وتعنيف مادي و لفظي لأبناء مدينتنا وخاصة بعد ما شهدته المدينة من أحداث أثارت الفزع بين المواطنين تعاظمت بإطلاق الشرطة للقنابل المضيئة في أطراف مدينة سليمان واستنجادهم بدبابة أقضت مضاجع المتساكنين بطلقاتها. كما نرجو كافة هياكل المجتمع المدني بالتدخل لصالح أبناءنا. من طرف أهالي مدينة سليمان. (ملاحظة: تلقت « تونس نيوز » هذه الرسالة عبر البريد الالكتروني يوم 10 جانفي 2007)

 

إعتقال الأخت وسام العيساوى

 
وقع إعتقال الأخت وسام العيساوى ليلة البارحة 09/01/2007 من قبل فرقة أمن الدولة بتونس دون إبداء أي سبب , كما حملوا معها حاسوبها المحمول , هذا وقد إعترض والدها بجسده سيارة البوليس التى حملتها غير أن أعضاء الفرقة المذكورة أزاحوه بالقوة , والأخت وسام العيساوى طالبة سابقة بكلية الحقوق بتونس إنقطعت عن الدراسة منذ سنة 2005 بسبب منعها من إرتداء الحجاب , وهي تقطن بولاية إريانة منطقة العوينة حي السلامة , وقد تقصّى والدها أخبارها لدى مصالح وزارة الداخلية غير أنه لم يظفر بأي إجابة ولا حتى عن مكان إحتجازها , وإلى حد كتابة هذا الخبر لم يقع إطلاق سراحها ولا توفر معلومات عن ظروف إعتقالها في الوقت الذى تعيش فيها عائلتها حالة من الإنشغال والقلق الشديدين
 
ونحن إذ خبرنا ممارسات البوليس التونسى المتفلتة من عقال القانون وواعز الخلق نحذره من المساس بالأخت وسام العيساوى كما نحمل النظام التونسى أي مكروه يصيبها , كما نهيب بكل المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية المدافعة عن حقوق الإنسان وكذلك الأحزاب والهيئات السياسية التونسية التدخل من أجل إطلاق سراحها..والشكر موصول للجميع
مراسلة خاصة من تونس

ندا للإمضاء على عريضة 

من  أجل إعلام حر

وبالعمل من أجل  تجسيد إرادة و نضال كل مكونات الشعب التونسي .ووفقا للأحكام الدستورية والإتفاقيات الدولية المتعلقة بصيانة و إحترام الحريات. ولأن تعطيل المسار الديمقراطي هو دفع بالأجيال الجديدة للصراعات المدمرة التي لا طائل من وراءها   . نحن الممضين أسفله نطالب بفتح حوار وطني تشارك فيه كل الأطراف بدون أي إقصاء أو تهميش لأي كان . لوضع إستراتيجية للنهوض بالإعلام. للتوقيع إرسل  الإسم و اللقب إلى Adnen_hasnaou@yahoo.fr


تحويرات منتظرة في وزارة الداخلية

لطفي الحيدوري ينتظر أن تشهد وزارة الداخلية تعديلات قياديّة هامّة تكون بمثابة التقييم للمواجهة المسلّحة التي حصلت في الأيّام الأخيرة بين المجموعة السلفية المسلّحة والدولة التونسية. ومع ترديد بعض السياسيّين لإمكانية عودة مدير الأمن السابق محمد علي القنزوعي الذي عيّن منذ أسابيع سفيرا بمالطا، برز اسم عبد الرحمان حاج علي من أمن الرئاسة مرشّحا لمنصب مدير الأمن الوطني أو وزيرا للداخلية. تلك التحويرات ستكون نتيجة للامتحان الأمنيّ القاسي الذي برهن على قصور كبير في التوقّي منه. لطالما رددت الحكومة التونسية بصيغ مختلفة أنّها « قضت على بؤر الإرهاب بسياسة متكاملة أنجزت في الإبّان قبل أن يصبح الإرهاب معضلة دولية ». هذا الشعار يردّده الخطاب الرسمي منذ 15 سنة تقريبا. رغم ذلك كانت مجموعة من الشباب التونسي المتديّن تتدرّب على مهارة استعمال السلاح خارج القانون في طمأنينة كاملة وفي وضح النهار. ثم أوقعت خسائر غير منتظرة في جانب الدولة. وسواء قيل إنّ الكمال ليس من صفات الأمن التونسي أو قيل إنّه كان يرفع تقارير كاذبة فقد برهن على تقصيره الفادح ثم على فشله. فكيف سيشفى النظام التونسي من هذه الصدمة ؟ لا شكّ أنّ أسرى المعارك التي دارت أخيرا هم الذين سيحمّلون النصيب الأكبر ثم ستضاف إليهم أطراف خارجية. ولكن لابدّ للدولة أن تعالج أيضا الفراغ الذي مرّ منه هؤلاء عبر التخلّص ممن لم يقدر على سدّه والبحث عن جدار عازل غير كاذب. لقد طمأنت الأجهزة رؤساءها ومواطنيها في بداية الأمر يوم 23 ديسمبر 2006 بتوقّف الأمر على عصابة مخدرات لم تنج أمثالها من قبل. وكانت تلك الأجهزة قد ادّعت أيضا منذ سنوات لزوم الطمأنينة يوم 11 أفريل 2002 إثر تفجير كنيس الغريبة في جزيرة جربة لوقوع حادث طريق مريع سقط 19 سائحا ضحيّته. فعُزل آنذاك وزير الداخلية ومدير الأمن الداخلي وقيل عزل أيضا مدير الأمن الخارجي. فمن سيسقط اليوم ومن سيصعد أو من سيعود ؟ لقد عُهد لفرقة أمن الدولة بكلّ الصلاحيات لاستباق ظهور أيّ تنظيم يستخدم السلاح فظهرت تلك المجموعات وارتفع صوت السلاح. إنّ سرعة اعتقال شبان ربما يفترض صلتهم من قريب أو بعيد بالمشاركين في ميدان المعركة تدلّ على أنّ سجلاّت الجميع مكشوفة في وثائق وزارة الداخلية. فكان التقييم خاطئا لنوعية الأشخاص. هل كانت هناك تقارير عن نشاط هذه المجموعة أو تقارير عن افتراض نشاطها ووقع الاستخفاف بما جاء فيها ؟ كيف أفلتت تحركات شخص معروف في مساجد مدينته بتبنّيه لفكر تنظيم القاعدة عن عين الأمن الساهرة ؟ كيف يقع السلاح والذخيرة بطريقة غير قانونية في أيدي مجموعة من الأشخاص في وقت يصطفّ فيه الصيّادون التونسيّون طوابير محروسة بعناصر الأمن في المحلات النادرة لبيع الذخيرة في يوم محدد لاقتناء مقادير معلومة لا يمكن تجاوزها مع الاستظهار ببطاقة الهوية ورخصة السلاح ؟ وفي الأخير هل كان أداء الأجهزة بمختلف أنواعها بما فيها الجيش الوطني عند إدارة المعركة طيلة 12 يوما خاليا من الأخطاء والثغرات ؟ هذه كلّها أسئلة لابدّ أنّها ستمثل محاسبة محرجة لجهاز الأمن أمام رئيسه.
(المصدر: مجلة « كلمة »، العدد 49 – جانفي 2007)

 

طلبة تونس WWW.TUNISIE-TALABA.NET

أخبار الجامعة

 المواجهات المسلحة الأخيرة و تداعياتها  اعتقالات في صفوف التلاميذ و الطلبة :

شهدت العديد من مناطق البلاد حملة واسعة من الاعتقالات و الايقافات و الاستجوابات و المداهمات طالت المئات من التلاميذ و الطلبة لمجرد الاشتباه في أمرهم أو بسبب وجود صلة قرابة أو صداقة أو زمالة مع أحد الموقوفين السابقين أوممن تم القبض عليهم في الأحداث الأخير وقد حصلت الايقافات أمام المساجد أو بمداهمة المنازل خاصة التي يسكنها شبان عزاب

و لعل أهم اسم تناقلته ألسن المواطنين و تداو لته وسائل الإعلام هو الطالب ربيع باشا أصيل جهة سليمان  و البالغ من العمر22 سنة وهو يدرس بالمعهد الأعلى للدراسات التكنولوجية بسيدي بوزيد و قد قتل فوق سطح منزله برفقة مواطن موريطاني بعد مطاردة شرسة وتعتبره الروايات المتداولة الرجل الثاني في المجموعة المسلحة بعد زعيمها لسعد ساسي

 

 مناظرات إعادة التوجيه الجامعي : دورة 2007

تنظم مختلف الجامعات مناظرات لإعادة التوجيه لفائدة الطلبة التونسيين المسجلين بالسنة الأولى الجدد منهم و المستمرون مرة واحدة في المرحلة الأولى بمختلف شعب التعليم العالي

و يمكن للطالب أن يترشح لمناظرة واحدة أو لعدد غير محدود من المناظرات المفتوحة بجامعة واحدة أو بعدة جامعات في حدود ما تسمح به رزنامة إجراء الاختبارات

كما يسمح للطلبة المسجلين بالسنة الأولى دون سواهم و المحرزين على باكالوريا 2005 أو2006 أو شهادة مشهود بمعادلتها و متحصل عليها خلال أحدى السنتين المذكورتين بالترشح لمناظرات إعادة التوجيه سواء كانوا مسجلين بإحدى الجامعات التونسية أو بالخارج أو تحصلوا على تأجيل ترسيمهم

و تستثنى من مناظرات اعادة التوجيه الشعب و المعاهد التالية

– المراحل التحضيرية للدراسات الهندسية

– المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية

– المعاهد العليا للرياضة و التربية البنية

– المعهد الوطني للعلوم التطبيقية و التكنولوجيا

– الأستاذية في الصحافة و علوم الأخبار أو في علوم الاتصال

– تقني سامي في الخدمة الاجتماعية بالمعهد الوطني للشغل و الدراسات الاجتماعية

– معهد النهوض بالمعاقين

– المعهد الأعلى للتوثيق

و من المعلوم أن الاختبارات الكتابية لمناظرات إعادة التوجيه الجامعي لدورة 2007 تجري في الفترة المتراوحة بين 1  مارس و15 أفر يل  2007

و يمكن الحصول على مزيد من المعلومات و الإرشادات بالدخول إلى موقع وزارة التعليم العالي

  و المواقع الخاصة بكل جامعة                        www.mes.tn

 

 للدراسة بفرنسا :  موقع الكتروني جديد

لتسهيل عمليات الترسيم و الدراسة بفرنسا قام المركز الفرنسي للدراسات بإحداث موقع الكتروني يقدم كافة المعلومات و الإرشادات حول إمكانيات و آفاق الدراسة في فرنسا و الإجراءات الواجب إتباعها و من ضمن ذلك تقديم مطالب الترسيم الأولي للتسجيل بالمرحلة الأولى للتعليم الجامعي أو بمدارس المهندسين بفرنسا للسنة الجامعية2007-2008  و كذلك للقيام بالإجراءات الخاصة بالحصول على التأشيرة

أما عنوان الموقع فهو        

   www.tunisie.campusfrance.org

  المنح الجامعية:

سيقوم ديوان الخدمات الجامعية للشمال انطلاقا من يوم الاثنين15 جانفي 2007 بصرف القسط الثاني من المنح الجامعية عبر المنظومة البريدية الخاصة بالحوالات الالكترونية و المتوفرة بكافة مكاتب البريد المجهزة بالإعلامية و للتأكد من ذلك يمكن زيارة الموقع الالكتروني 

www.ooun.rnu.tn 

 

 جندوبة:  مقتل طالب في المعهد العالي للعلوم الانسانية

شهد المعهد العالي للعلوم الإنسانية بجندوبة يوم السبت 6  جانفي 2007 حصول جريمة قتل كان ضحيتها أحد الطلبة الدارسين بالمعهد و ذلك على اثر خلاف وقع بينه و بين زميلة له اشتكته الى عائلتها فما كان من شقيقها إلا أن عمد إلى الانتقام بطريقته الخاصة من الطالب المذكور حيث اتجه يوم الواقعة الى مبنى المعهد و حاول الدخول من الباب المخصص للطلبة و لما تم منعه عمد إلى الدخول من باب الإدارة و أخذ في البحث عن ضحيته و بمجرد رؤيته استل سكينا و وجه له عدة طعنات ثم لاذ بالفرار في حين بقي الطالب ينزف و رغم المحاولات الجادة لإنقاذه من خلال نقله إلى المستشفى القريب من المعهد إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة

و من تداعيات هذه الجريمة تعمد الطالبة سالفة الذكر إلى إصابة نفسها بآلة حادة ولكن تم إنقاذها بمجرد نقلها إلى المستشفى

و قد تجمع عدد كبير من الطلبة يوم الاثنين 8 جانفي 2007 بساحة المعهد للاحتجاج على الجريمة التي وقعت بمِؤسستهم و مطالبين في نفس الوقت بالتحقيق في ظروف دخول مرتكب الجريمة إلى الحرم الجامعي

وتبعا لكل ذلك تم إيقاف الكاتب العام عن العمل و عزله في انتظار تحديد المسؤوليات حول ظروف اقتحام المعهد من طرف شخص غريب عن الوسط الطلابي و بالذات خلال فترة الامتحانات

 

 اعدام صدام حسين:   اضراب جامعات الموصل  

تشهد جامعات الموصل ثاني أكبر مدينة قي العراق (3 ملايين ساكن)  بعد العاصمة بغداد احتجاجات و تظاهرات متواصلة للأسبوع الثاني على التوالي للتنديد بإعدام الرئيس العراقي صدام حسين و قد ارتدى الطلبة « الشماغ الأحمر » وهو تعبير سائد في العراق يرمز إلى الحزن ورفع المتظاهرون صور صدام حسين ولافتات تندد بالحكومة العراقية الصفوية العميلة للاحتلال و إيران

 

 (المصدر: «  أخبار الجامعة » من موقع طلبة تونس – السنة الأولى، العدد رقم 14 الأربعاء 10 جانفي 2007)


تونس تنفي عـرض جزيرة بجنوب البلاد للبيع

تونس (رويترز) – نفت تونس يوم الاربعاء ما تردد حول عرض جزيرة (قطعاية) المجاورة لجزيرة (جربة) السياحية بجنوب البلاد للبيع. وقال مصدر بوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية في تصريحات نشرت اليوم ان الخبر الذي أوردته مواقع مختصة في بيع الجزر على الانترنت ونشرته صحف عالمية « لا أساس له من الصحة وقد يكون عملية تحيل. » ونشرت على الانترنت صور ملتقطة بالاقمار الصناعية لجزيرة قطعاية التي تبلغ مساحتها 120 هكتارا وقالت انها للبيع. لكن المسؤول التونسي قال « كل الجزر التونسية ملك عمومي لا تباع ولا تشترى وكل الجزر الصغيرة في البلاد موضوعة على ذمة وزارتي البيئة والدفاع التونسيتين. » وقالت شركة مملوكة لرجل أعمال ايراني عرضت الجزيرة للبيع على الانترنت ان قطعاية أغلى جزيرة متوسطية لخصائصها الطبيعية والجغرافية والمناخية وان سعرها بلغ 18 مليون دولار. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 10 جانفي 2007)  


مساوئ خضوع البنك المركزي التونسي لسلطة وزارة المالية

توفيق فخري، سوسة كان البنك المركزي التونسي عند نشوئه مؤسسة مستقلة عن سلطة الحكومة و بصورة خاصة عن وزارة المالية مثل ما هو معمول به في البلدان التي تبنت سياسة الفصل بين السلطات و منها السلطة النقدية و خزينة الدولة. و قد مكنت الاستقلالية التي تمتع بها البنك المركزي من تفادي أزمة مالية قد تكون كارثية خلال الستينات عندما اتخذت السياسة الإقتصادية المنهج الإشتراكي و عدم الاكتراث بالمعايير المالية و توازناتها. و قد دافع البنك المركزي في تلك الفترة ضد الانقلاب و الحلول السهلة وأقر الانضباط و احترام حسن التصرف في المجال النقدي و الاقتراض. و منذ الثمانينات أصبح البنك المركزي التونسي تحت نفوذ وزارة المالية التي يمثل موظفوها الأغلبية في مجلس إدارة البنك. فمهما كانت حسن النية للتصرف بأحسن وجه و الشعور بالمسؤولية لهؤلاء الموظفين فإنه من المجحف أن يكون صاحب القرار في بعث النقد هو نفسه صاحب قرار التسديد و إصدار النقد و أن يكون حكما ولاعبا في نفس الوقت. هذه الوضعية تؤدي إلى تقليص نفوذ البنك المركزي و خاصة مسؤوليته في مراقبة النظام البنكي و اقتراض الخزينة العمومية و تطبيق معايير فعالة فيما يخص الديون. لقد أدى خضوع البنك المركزي إلى نفوذ وزارة المالية إلى تضخم ديون الدولة في السوق المالية و تكاثر الديون الغير مستخلصة و هذا ما يمثل خطرا على توازن البنوك التي تشكو من قلة أموالها الذاتية مقارنة بحجم التزاماتها المالية و هو ما يؤثر سلبا على مصداقيتها. و يؤدي تداين الدولة لدى السوق النقدية إلى تستر عجز الميزانية بغطاء الأساليب النقدية العصرية و كانت الحكومة قد رصدت مباشرة للخزينة العمومية الأموال الطائلة التابعة للصناديق الاجتماعية التي كانت تودع في الجهاز البنكي الذي كان يشكو حينئذ عجزا في السيولة. (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 9 جانفي 2007)  

تحدث عن تعاون إيراني تونسي لنشر التشيع في المغرب العربي

طهران ترفض منح الغنوشي تأشيرة دخول ضمن وفد من المؤتمر القومي الإسلامي

الأربعاء 10 كانون ثاني (يناير) 2007 لندن – خدمة قدس برس
وصف زعيم حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي رفض السلطات الإيرانية السماح لوفد من المؤتمر القومي الإسلامي بزيارتها بسبب وجوده هو شخصيا فيه، بأنه موقف « انتهازي وغير مبدئي ».
وقال الغنوشي في تصريحات لـ »قدس برس » إنه كان يعتزم زيارة طهران ضمن وفد يضم في عضويته الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور محمد سليم العوا، والمنسق العام للمؤتمر القومي الإسلامي منير شفيق.
وقال زعيم النهضة التونسية إن الوفد « كان يحمل رسالة إلى القيادة الإيرانية بشأن الوضع في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما ما يتعرض له العراق من احتراب وعنف أهوج، إلى جانب الضغوطات التي تمارس على طهران نفسها في إطار إصرارها على مشروعها النووي ». وذكر أن الوفد « كان يريد أن يطلب من طهران أن تلعب دورا إيجابيا في العراق، لا ينحاز لجهة أو طائفة على حساب الأخرى، خصوصا أن الكثير من العراقيين يؤكدون الدور الإيراني المتحيز في بلادهم ».
كما أشار الشيخ الغنوشي إلى أن الوفد « كان يريد أن يحذر إيران من أنها مستهدفة من النظام الدولي، وأن لا غطاء لها ولا حماية إلا أن تكون في حضن الأمة العربية والإسلامية ».
شرط للعلاقات التونسية الإيرانية وغطاء لنشاط مريب
وفسر الشيخ الغنوشي رفض السلطات الإيرانية السماح له بدخولها بأنه يأتي في إطار العلاقات التونسية الإيرانية، التي يشترط فيها النظام التونسي على نظيره في طهران عدم السماح للغنوشي بدخول إيران. وانتقد الموقف الإيراني واصفا إياه « بغير المبدئي، ويعطي الأولوية لعلاقة مع نظام ديكتاتوري ومنتهك للحريات وحقوق الإنسان، على مصلحة أعم كان هو يحملها ضمن هذا الوفد، وتتعلق بحقن دماء المسلمين في العراق ».
واعتبر أن « الرهان على نظام ديكتاتوري هو انتهازية، وموقف متحيز يقدم غطاء للمحاولات الإيرانية لنشر التشيع في تونس. وهو بهذا المعنى رشوة يقدمها النظام الإيراني للنظام التونسي مقابل نشر الفكر الإيراني »، على حد تعبيره.
وتحدث الغنوشي على أن هناك تقاربا غير طبيعي بين النظامين الإيراني والتونسي، كما أن هناك بعض الرموز المحسوبة على التيار الشيعي في تونس تقوم بزيارات منتظمة إلى طهران، إلى جانب ذلك هناك تأكيدات بأن النظام التونسي يسمح بدخول العديد من الكتب الشيعية إلى البلاد، لا سيما في إطار معارض الكتاب، بينما يحظر كل الكتابات التي تحسب على تيار الاعتدال الإسلامي مثل كتب الشيخ يوسف القرضاوي أو محمد الغزالي أو غيرها، مشيرا إلى أنه يرفض حظر أي كتاب، وبالتالي عدم التحيز لجهة محددة.
وحذر من أنه من خلال نشر وتشجيع التشيع مقابل محاصرة التيارات الإسلامية الأخرى، تكون السلطة في تونس تشجع على الفتنة، إذ أن تونس عرفت طيلة تاريخها انسجاما مذهبيا، من شأن مثل هذه النشاطات أن تمثل خطرا على هذا الانسجام، الذي لا داعي للمس به أو اختراقه.
المواجهات المسلحة: أحداث مؤلمة
وبشأن بالتصعيد الأمني الخطير الذي عرفته تونس خلال الأسابيع الأخيرة، ووصل حد المواجهات المسلحة بين مجموعات لا تزال غير معروفة الهوية وقوات الأمن، بحسب رواية السلطة، اعتبر زعيم النهضة، الذي يعيش في المنفى منذ العام 1989، أن « الأحداث مؤلمة ومؤسفة، ولكنها منتظرة لكل من يتابع الساحة التونسية خلال الأعوام الأخيرة، إذ خلت وأفرغت البلاد من المراجع الإسلامية الوسطية، واستهدفت حركة النهضة رغم اعتدالها ورفضها المبدئي للعنف، ففُتح المجال شيئا فشيئا لتيارات أخرى اختار بعضها العنف، لا سيما في ظل خنق الحريات، والمظالم الاجتماعية، وانفصال البلاد عن هموم أمتها ».
ويقول الغنوشي :في مثل هكذا أوضاع برزت هذه الظواهر السائدة حاليا، وبعضها مجموعات حاولت أن تلتحق بالعراق ومناطق أخرى كتعبير عن التحامها بقضايا الأمة، فتعرضوا للتنكيل والسجن، فإذا بهم يستديرون لما يليهم، بحسب تعبيره. بيد أن الشيخ الغنوشي يشدد على أن مثل هذه الأحداث لا يمكن أن يفرح بها أحدا، وقال « أدعو الشباب التونسي لأن يراجع مساره، وأن يعود عن هذا الطريق قبل فوات الأوان، فقتل التونسي للتونسي لا يمكن أن يكون سبيلا للتغيير، بل على العكس من ذلك قد يوفر فرصة للديكتاتورية في بلادنا ممارسة مزيد من القمع »، على حد تعبيره.

 

في 10 جانفي 2007 على الساعة السادسة مساء نشر عماد الدين الحمروني التعليق التالي على هذا التقرير في منتدى تحت السور بموقع نواة

 

بسمه تعالى

 

يواصل الغنوشي افتراءاته على الجمهورية الاسلامية بايران و يحاول تصوير الوجود الشيعي بتونس هو ثمرة لتعاون الجمهورية التونسية و جمهورية ايران الاسلامية و اظهار الحالة الشيعية كحالة غريبة عن عقيدة و ثقافة الشعب المسلم في تونس

 

ان مدرسة اهل بيت النبوة عليهم السلام هي مدرسة متاصلة في تونس منذ الاف السنين فلا داعي للتجني على ايران في ربط علاقتها المتميزة ببلادنا تونس بشرط نشر مدرسة اهل البيت فليعلم الغنوشي ان شيعة تونس هم جزا لا يتجزء من شعبهم و تاريخه و تراثه

 

ان مواقف الغنوشي المتبدلة و غروره و ارتباطاته المشبوهة على مدى اكثر من ربع قرن و دوره في جر الحركة الاسلامية في تونس الى مستنقع الوهابية و ارتباطه العضوي بالجماعات القومية الفاشية

و تحالفاته مع جماعات اليسار المتفرنس هي السبب في عدم منحه تاشيرة دخول للاراضي الايرانية

 

نرجوا من ابناء الحركة الاسلامية الغيارى على دينهم ووطنهم ان يحاسبوا من وضعوا انفسهم اوصياء على العمل الاسلامي وهم الذين جروا البلاد و العباد الى ما نحن فيه من ضياع و حيرة و بلاء

 

ليعلم الغنوشي ان النهضة و النهضويون افل نجمهم و ظهر فشلهم في بلادنا و لا ينفعهم تحالفهم مع بقايا الستالينية و الوجودية و القومجيين انصار الفاشية و حتى سفارات امريكا وبريطانيا لا تستطيع اغاثتهم و لا صولات البهلوان منصف المرزوقي تفيدهم في شيء

 

انه من السهل التحريض على الآخرين الذين لم يبيعوا دينهم بدنيا غيرهم ووصف العلاقة بين الدول بانها قائمة على الرشوة

 

انه الافلاس بعينه ولا حول و لا قوة الا بالله

 

الرابط:

http://www.nawaat.org/forums/index.php?s=27927f80cb6f7728b04863a8d3f3a78c&showtopic=13292&st=0&p=39414&#entry39414

 

الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية في حوار مع الشرق القطرية:

المواجهة الأمنية في تونس بوادر للقاعدة وليست مع جماعة إجرامية

   

** التنظيم ردة فعل شبابية على قمع المعارضة السلمية والتدين المعتدل ** صدام يبعث يوم القيامة وبيده شهادة العالم كله على إسلامه قبل إعدامه ** أقول للشباب: العنف طريق مسدود سارت فيه جماعات مصرية وجزائرية وسورية وتراجعت عنه ** قابلت صدام ثلاث مرات ونصحته بالانسحاب من الكويت لكنه راح ضحية سوء التقدير أجرى الحوار- طه حسين : شهدت الساحة التونسية الهادئة دوما في محيط عربي يموج بالمواجهات المسلحة، حادثا غريبا على المجتمع التونسي المسالم تمثل في مواجهة مسلحة بين السلطات وجماعات قيل انها عصابات تتاجر بالمخدرات وانها عصابات اجرامية، لكن رواية اخرى تؤكد انها مواجهات مع جماعات تبنت العنف وسلكت الطريق المسدود وتشكل ارضية لتنظيم القاعدة الذي يتمدد في شمال أفريقيا في ظل محاربة الانظمة للتدين وسائر الحريات العامة والخاصة خاصة لحركة النهضة في تونس كما يؤكد زعيمها ومؤسسها الشيخ راشد الغنوشي محذرا من عمليات التضييق والمطاردات للاسلاميين التي تقود الى مثل هذه النتائج.. الغنوشي وفي حوار مع الشرق لا يؤيد هذه الجماعة في مسلكها ويرى أنها تسير في طريق مسدود سبق ان سارت فيه جماعات مصرية وسورية وجزائرية وتراجعت عنه، لكنه يطالب الدولة بمعالجة شاملة للملف تتجاوز المعالجة الامنية التي يرى أنها حق للسلطات، مؤكدا حرمة الاقتتال بين المسلمين وبين ابناء الوطن الواحد، وفي الحوار تطرق الغنوشي إلى الوضع في العراق والطائفية وسبل معالجتها مثلما تطرق الى الحديث عن إعدام الرئيس صدام حسين، وفيما يلي نص الحوار: ** المواجهة الامنية التي وقعت مؤخرا تنذر بأن الامر أكبر من مجرد ضبط لمجموعة اجرامية واننا ازاء تنظيم يبدو غريبا على الساحة التونسية فما هي دلالات هذا الحادث وانعكاساته على الوضع في تونس وعلى الحركة الإسلامية؟ – الرواية الرسمية للاحداث الاخيرة ليست دقيقة ويمكن التقاط الحدث من مصادر كثيرة، لان الدولة لم تصف الحدث إلا بأنه مجموعة اجرامية خطيرة بدأت مواجهتها يوم 23 ديسمبر وقتل منها اثنان وظل الامر معتما الى الرابع من الشهر الحالي، حيث اعلنت الدولة انها قضت على هذه المجموعة وانها قتلت اثنى عشر منها واعتقلت خمسة عشر، اما الروايات الاخرى فترتفع بعدد القتلى إلى 25 والمعتقلين الى المئات، وذكر مجلس الحريات مثلا بانه في مدينة واحدة من مدن الجنوب وهي سيدي بوزيد اعتقل 50 مواطنا واعتقل عدد من الشباب في المساجد في الكاف ومدن بالشمال ونحن نعلم انه في احداث اقل من هذه ان الامن التونسي يعتمد الاعتقال العشوائي ثم يجري التحقيق بين قوسين اي التعذيب عسى أن يجري الكشف عن المتهم وتكفي اي شبهة لاعتباره مدانا وتقديمه الى المحاكمة لتصدر عليه أغلظ الاحكام، وهؤلاء الشباب الذين لم يوصفوا إلا بأنهم مجرمون خطرون تؤكد الروايات انهم شباب إسلاميون وليسوا مجموعة مهربي مخدرات ولكننا ازاء عنف سياسي. الرواية الواقعية ** نحن إذن ازاء مواجهة امنية كالتي تقع بين السلطات في عدد من البلدان وبين تنظيمات تنتمي للقاعدة فهل ستشهد تونس بالفعل مثل هذه الحلقات؟ – نحن بالفعل ازاء مواجهة مع مجموعة كانوا يلتجئون الى جبل في الضاحية الجنوبية ويبدو انهم كانوا يتدربون فيها على الاسلحة ولم يكشف امرهم إلا من خلال احدهم الذي كان يجلب لهم الخبز ولفت ذلك نظر الخباز بعدما اشترى كمية كبيرة من الخبز فأوعز الى الشرطة بذلك فتتبعوه حتى وصلوا الى مركز تدريبهم وبدأت المواجهة يوم 23 ديسمبر وتمكنت هذه المجموعة رغم شدة المحاصرة بالجيش والهليكوبتر من النزول من الجبل وتسربوا الى المدينة المجاورة الصغيرة «مدينة سليمان» وهناك وخلال 10 ايام جرت مواجهات انتهت في الثالث من يناير بقتل هذا العدد بعد استخدام الاسلحة الثقيلة، ومن طرف هؤلاء الشباب استخدموا حسب الروايات الكلاشينكوف والراجمات والآر بي جي، ونزل الجيش وهو في العادة لاينزل إلا في الاحداث النادرة، إذ ان عدد أفراد الشرطة في تونس ليس قليلا وهو يربو على 150 ألفا، فان احتاج الامر الى الجيش فنحن إذن ازاء حدث جدي ولا تعطي الدولة معلومات حوله إلا بالقطارة بما يجعل الامر مثاراً للشائعات ولمختلف التأويلات. ** هل كل المجموعة تونسية؟ – هؤلاء الشباب حسب الروايات كلهم تونسيون إلا طالبا قيل انه موريتاني يدرس في تونس وتبين انه تونسي يحمل جواز سفر مزيفا والبقية من الطلبة التونسيين صغار السن تتراوح اعمارهم بين 18 و25 سنة. ** تنبأت في حوار سابق مع الشرق بان التدين العشوائي والتضييق على حركة النهضة وبرنامجها سيقودان الى انحراف في الفكر والى اتساع رقعة القاعدة فهل هذه هي النتيجة؟ – نحن كثيرا ما نبهنا الى السياسة التي سلكتها الدولة ازاء الحريات حتى الآن مثل حرية التعبير والتدين وتكوين الجمعيات والاحزاب وهذا الكبت الذي شمل الاسلاميين وغيرهم وكان حظ الاسلاميين فيه الاكبر، هذه السياسة التي لا تميز بين من سلاحه الكلمة ومن سلاحه الرصاصة وعمدت الى الخلط بين السياسة والارهاب واعتبرت حركة النهضة- وهي التي ظلت ابدا رافضة للعنف السياسي مصرة على سلاح الكلمة وداعية الى السلم والتعاون بين مختلف الفرقاء السياسيين- مع كل ذلك اعتبرتها حركة ارهابية، هذه السياسة ليس من شأنها إلا ان تقود الى العنف وهذا ما حدث حيث ظل النظام ومنذ بداية التسعينيات يمارس سياسة تجفيف الينابيع والاستئصال ويبشر بها في المحافل الدولية مصرا على اعتبار الحركة ارهابية رافضا اي تمييز بين الحركات الاسلامية، والآن نأسف لان هذه بلادنا ولا نريد لها هذا المصير لان هؤلاء الشباب تونسيون والشرطة تونسية وان يقتل التونسي شقيقه فهذا ما نرفضه، ونحن ننادي بحرمة الدم التونسي، ونحزن على اصابة شاب كما نحزن على اصابة شرطي، ولكن العواطف لا تفيد شيئا، والمشاعر النبيلة التي يعبر عنها التونسيون اليوم بانهم يأسفون ويحزنون ويدينون العنف هذه لن تفضي وحدها الى شيء ما دامت الاسباب التي ادت الى الكارثة موجودة. وهؤلاء الشباب ليسوا كما يقول برهان بسيس بان القصة صغيرة وبسيطة ونحن لسنا ازاء قصة بسيطة بل إن هذا مؤشر على بداية لتحول تونس الى أرضية للقاعدة، وللأسف فان الشمال الافريقي معرض لان يكون ارضية للقاعدة بسبب سياسات خاطئة تقصي الاطراف الإسلامية الرئيسية، والتيار الإسلامي المعتدل بما يفتح طريق جهنم على هذه البلدان. هؤلاء الشباب ليسوا ظاهرة معزولة بل هم جزء من تيار شبابي واسع في البلاد يسمى السلفية الجهادية وهو تيار منتشر في المنطقة وله مبشروه، ووسائل اعلامه وقادته ولم يظهر مبكرا في تونس بسبب وجود حركة النهضة التي عملت جهدها لتجنيب البلاد مثل هذا المصير، وما تعرضت له من قهر إذ سجن منها في بداية التسعينيات حوالي 30 ألفا وقتل تحت التعذيب مالا يقل عن 50 من افرادها نحتسبهم شهداء عند الله وشرد حوالي 2000 من كوادرها وزعمائها، ومع ذلك رفضت الاستدراج للعنف وظلت تدعو الى الصبر والمصابرة على اعتبار ان العنف ليس دواء وانما هو الداء في الحقيقة. وهؤلاء الشباب حجتهم الاساسية ان جماعة النهضة المسالمة الديمقراطية مواجهة بتساؤل هو الى أين أوصلتكم ديمقراطيتكم، فالحجاب ممنوع ويطارد والمصحف الشريف تم تدنيسه من جانب مدير سجن ولم يتعرض لاي عقاب والمساجد محاصرة واصوات المتدينين مكممة. ويتهمون الحركة بالتفريط في امر الاسلام وبالتالي يقولون دعونا نحن نفعل ما عجزتم عنه، وحتى بعض ابناء حركة النهضة أذكر منهم الاستاذ فاضل البلدي الذي كان رئيس مجلس الشورى في حركة النهضة وفي بداية المحنة سنة 91 استقال من الحركة بعد اتهام النهضة بالعنف زورا وباطلا فانسحب ومعه عدد من القيادات الذين ظلوا مطاردين من قبل السلطة، واحد ابناء البلدي واسمه سهل هو الآن في السجن متهما بانه ذهب هو ومجموعة من الشباب الى الجزائر ليتدربوا مع السلفية الجهادية الجزائرية، وتم تسليمه من طرف السلطة الجزائرية، وكأن هذا الشاب يدين والده ويقول له ان حركتكم المسالمة لم تستطع ان تحقق لنا حتى ابسط ظروف العيش ونحن ندرك ان ما يقع هو ردة فعل شبابية ولن تحل مشكلة البلاد. ** وما موقف النهضة من هذه الحركة المحاصرة امنيا وهل هي حركة جهادية أم إرهابية خارجة على القانون ومن حق الدولة مطاردتها؟ – النهضة ادانت كل اعمال العنف داخل تونس وخارجها، وهذه أول احداث اطلاق نار بين الدولة وفريق معارض منذ ربع قرن وأول احداث عنف باسم الإسلام، وقد وقعت في بداية الثمانينيات احداث عنف في قفصه باسم التيار القومي وابيدت المجموعة التي صدرت عنها هذه الاعمال ونحن نرفض العنف سبيلا للوصول الى السلطة أو التمسك بها لان العنف داء وليس الدواء، ونحن رفضنا كل اعمال العنف التي جرت في مصر من قتل للسياح أو اغتيالات أو جرت في السعودية أو لندن أو الولايات المتحدة الامريكية، فإذا ادنا احداث العنف خارج بلادنا فمن باب اولى ندينها في بلادنا. ** إذن انت تطالب بمعالجة سياسية وليست امنية لهذا الملف؟ – نعم لاني متأكد انه يوجد عشرات الآلاف من الشباب يحملون نفس الفكر والامر يحتاج الى معالجة سياسية فكرية اقتصادية، فهناك مشكلات بطالة تجعل آلاف الخريجين لا يجدون عملا، فالحدث ليس معزولا عن البيئة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تحتاج الى معالجة شاملة وليست معالجة امنية تستخدم السوط. تداعيات ** كيف ترى تداعيات هذه النزعة المتطرفة على الحركة مستقبلا؟ – هؤلاء الشباب متدينون صالحون ولكن بسبب ظروف القهر الداخلي والخارجي تحولوا الى التشدد وغدوا يمثلون تهديدا لا للنظام فقط ولا للسلم الاجتماعي وانما لحركة النهضة ومشروعها الرامي الى تطور تونس باتجاه اسلام معتدل، هذا المشروع مهدد اليوم ونحن نريد ان نرتقي بمستوى التدين في تونس ولا نقول ان الشعب غير مسلم ولكن نريد التطور التدريجي به نحو تدين جاد معتدل. ** وماذا تقول لهذه الفئة من الشباب؟ – أحب ان اوجه نداء إلى ابنائنا ونقول لهم يا أبناءنا الاعزاء لا تمعنوا السير في الطريق المسدود، فهذا الطريق الذي تسيرون فيه طريق مغر، ويوهم بانه الحل ولكنه جري وراء السراب وضرب في التيه وامعان في تأزيم الاوضاع واعطاء مزيد من الفرص لقوى القمع وللتطرف العلماني ان يسد اي سبيل الى الاصلاح وهذا الطريق سلكته حركة الجهاد في مصر وبعد سنوات طويلة راجع زعماؤها الكبار هذا الطريق واعتبروا انهم اندفعوا اليه نتيجة ردود افعال ونتيجة ضعف في التكوين وضعف الفقه السياسي وفقه الشريعة، وسلكته الجماعات في الجزائر ومعظمها تراجع عنه، وسلكته جماعات في سوريا وتراجعت عنه، لانه لا يفضي إلا إلى كوارث، وانصح ابنائي الشباب ان يراجعوا انفسهم قبل فوات الاوان وان يعتبروا ما حصل سقطة ينبغي ان يفيئوا منها إلى الرشد، وألا يمعنوا في الخطأ، وعلى الدولة ان تعالج هذا الملف معالجة شاملة والامر ليس داخل تونس فقط فهناك ما لا يقل عن 5% من العناصر الاجنبية التي تقاوم في العراق تونسيون، واحداث العنف الكبرى ساهم فيها شباب تونسي وهناك شبكات دولية عنيفة تجتذب الشباب التونسي، والامر كما تقول المناضلة أم زياد انه في تونس معارضة مسلحة لان نظامها لم يسمح بالمعارضة السلمية ولانه يتجاوز جميع الحدود في احتقار مواطنيه وكبت تطلعاتهم، والعبث بمقدساتهم وكان حتميا ان تبرز معارضة في مثل شراسته تتكلم اللغة الوحيدة التي يستعملها وهي لغة العنف والغلبة.. وسبيل التحصن من العنف ألا تخلق في الناس الحاجة إلى حمل السلاح، والمشكلة ليست في هذه الجماعة المسلحة ذاتها بل في الاسباب الحقيقية وراء تشكلها وتونس ليست بمنجاة من الهزات ما بقي نظام الاستبداد والسماسرة الذين شاركوه في الترويج لاستقرار مغشوش ولا استقرار حقيقيا إلا في ظـل العدل والحرية، والامر كما ذكر الاستاذ النجار «ياويح الخضراء من ايام حمراء ما لم يتعظ النظام». العراق ** قلت إن الدولة استقالت من قضايا امتها ودعنا نقترب من اكثر القضايا إلحاحا وهي القضية العراقية كيف ترون تداعياتها وسبل العلاج؟ – ما يحدث في العراق خطير جدا على مصير وحدة الامة لاسيما بين المكون السني والشيعي وهناك ما يشبه الاجماع على أن الدور الايراني في العراق دور سلبي واذا كان لايران دور ايجابي في القضية الفلسطينية في دعم حركات المقاومة، وفي دعم حزب الله فان دورها يبدو سلبيا في العراق، فهي تتدخل لصالح أحزاب وميليشيات معينة أو في الاقل لا تمارس نفوذها الثابت على هذه الجماعات والميليشيات التي تعمل تقتيلا في مخالفيها من السنة وتمارس ما تمارسه اسرائيل من تهجير، وهناك اجماع على أن الاحياء السنية في بغداد يتم قصفها بالهاونات وبان جزءا من الاسلحة المستخدمة مصنوع في ايران، وما كان لهذه الاحزاب والميليشيات الشيعية ان تفعل شيئا بدون الدعم الايراني، ولا يمكن ان نصدق بان ميليشيات بدر لا سلطة لايران عليها، وهي تأسست في ايران وتدفع رواتبها، ولا يمكن ان نصدق انها عراقية صرفة. ونحن ندين القتل على الهوية كما ادنا من قبل تصريحات لجماعة الزرقاوي بتكفير الشيعة والتفجير في اسواقهم وحسينياتهم وجنائزهم، والقتل العشوائي ليس من الاسلام في شيء حتى وإن كان المقتول غير مسلم، فضلا عن جريمة قتل المسلم لاخيه المسلم لان هذه جريمة اكبر، والشيعة في عمومهم جزء من اهل القبلة، ولكن اليوم فان معظم القتل يحدث من الشيعة للسنة ووصل الامر الى حد التهجير وفك الروابط الزوجية بين الشيعة والسنة، ونحن نؤكد انها زيجات شرعية لانها بين مسلمين وكل من يشهد ان لا إله إلا الله محمد رسول الله فهو مسلم، وايران لها نفوذ كبير في العراق ولا تمارسه بطريقة ايجابية تدفع نحو تماسك العراق، وانما تتدخل لصالح طرف معين حتى يستولي على العراق. خطأ شنيع وإيران تخطيء خطأ شنيعا في هذا لانها قد تربح العراق، ويكون هدية مسمومة ولكنها تخسر الامة لاسيما وهي معرضة للعدوان الدولي الامريكي الصهيوني ويوم ان يعتدى عليها لن تجد غير الامة، والامة في عمومها امة سنية والشيعة اقلية ولا ينبغي ان تتصور الاقلية ان تتحدى الجماعة، ومن مصلحتها ان تحترم هذا الوضع كما ان السنة ينبغي ان تفهم ان الشيعة ليست مليونا أو مليونين وان هذا التكوين الذي مضت عليه القرون الطوال استقر وتعايشت الامة معه ولا يمكن نقضه ولا تتصور مصيراً للأمة بلا شيعة أو بلا سنة. والقفز فوق هذه الحقيقة لن يعود إلا إلى حرب الكل ضد الكل ويومها ستخسر الشيعة أكثر مما تخسر السنة باعتبارهم أقلية. ** لكن الشيعة في إيران والعراق ليسوا أسوأ بل أكثرية قوية مؤثرة استطاعت أن تصل إلى رقبة صدام؟!. – وبعض اخواننا الشعية قد يشعرون اليوم بنوع من النخوة أو النشوة أو بنوع من النصر أفقدهم التوازن وجعلهم يجترئون على الجماعة سواء بالسعي إلى نشر التشيع أو بتهجير السنة. والسنة برهنت انها ليست طائفية فيوم أن انتصر حزب الله خرجت مظاهرات من جاكرتا إلى المغرب تحمل صور حسن نصر الله ويوم أن قامت الثورة الإسلامية في إيران دعمتها الجماعات السنية وفي طليعتها حركة النهضة وحوكمت قياداتها بسبب ذلك عامي 81 و1987 وصودرت مطبوعاتها، ولكن إيران تتصرف في بعض سياساتها من منطلق طائفي مثلما يحصل في العراق، ولذلك فكر اتحاد العلماء في تشكيل وفد يذهب إلى إيران ليضعها أمام مسؤوليتها ويتعرف على حقيقة موقفها ويحذرها من التمادي في هذه السياسة لأنها ستفقدها الأمة، والدول الغربية لا تفكر بمنطق سنة وشيعة ولكنها تخطط على مستوى خريطة العالم الإسلامي كله بلا تمييز، وتسعى إلى مزيد من التمزق لهذه المنطقة وتمنع عنها التقدم التقني السلمي والحربي، وتفرض عليها إسرائيل قوة مهيمنة وتبتز ثرواتها. وصدام قتل ليس لأنه ديكتاتور، ولكن لأنه حاول تجاوز الخط المسموح من التطور التقني وتطور السلاح وتجرأ على ضرب الطفل الغربي المدلل «إسرائيل» وكون إيران تسعى لكي تكون قوة إقليمية هذا ممنوع ورغم أنها أسهمت في غزو أفغانستان والعراق وإذا أجل هذا العدوان عليها لكن ذلك لن يكون للأبد، والغرب مصمم على منع إيران من تطوير تقنياتها النووية السلمية والحربية. ولكن فوجئنا باعتراض إيران على وجودي في الوفد وهو أمر غريب تجاه حركة النهضة التي كانت أول حركة سنية تعلن تأييدها الكامل للثورة الإسلامية في إيران ودعت العالم السني للتعاون الإيجابي معها لكن تطور الأمر وأصبحت العلاقة مع النظام التونسي ذات أهمية عن علاقتها براشد الغنوشي وحركة النهضة، وبماذا تسمى، هذا غير أنه ضرب من البراجماتية أو النفعية السياسية التي تعطي أولوية للمصالح القريبة مع الدول عن المصالح البعيدة مع الشعوب والحركات. واعتذرت بأن استقبالي في إيران سيغضب النظام التونسي، وربما أن هذه العلاقة تمثل اليوم غطاء لنشر التشيع في تونس؛ فهناك هبات وقروض إيرانية لتونس لا أحسب أن أهدافها اقتصادية بقدر ما هي أهداف ثقافية تعطي غطاء لدعم مجموعات معزولة من الشيعة وتعطي إيران، أولوية لهذا عن علاقاتها بحركة النهضة وبالإسلام ومصيره في تونس، المهم أن تضمن غطاء مع السلطة يعطي المزيد من الفرص لنشر التشيع ورأينا ذلك في معرض الكتاب الأخير بتونس حيث عرضت كتب التشيع بينما حظرت كتب القرضاوي والغزالي وسائر أدبيات الوسط الإسلامي. ** وهل هذه البراجماتية إذا سلمنا بوجودها تنطبق على الحالة العراقية من حيث تقاطع المصالح بين إيران وأمريكا وحرص إيران على بقاء العراق ساحة المواجهة المؤجلة مع أمريكا؟. – هناك تقاطع مصالح فغزو العراق وأفغانستان حقق مصلحة إيران في التخلص من نظامين معاديين لها وذلك بيد عدو لها «أمريكا» وكان ذلك من الذكاء الإيراني ومن الحماقة الأمريكية. لكن من قصر النظر أن تعطي إيران أولوية لعلاقاتها مع جماعات شيعية بالمنطقة عن علاقاتها بالعالم الإسلامي السني. ** ألا ترى في مهمة الوفد ان تمت الزيارة تصعيداً للهجة الخطاب وتأجيجاً للطائفية وأن إيران ليست بحاجة إلى هذه النصائح حتى تراجع سياستها في العراق؟. – للأسف فإن إيران فرضت علينا أن نتحدث لغة ظننا أن الحركة الإسلامية منذ الأفغاني ومحمد عبده والبنا قد تجاوزتها أن الأمة تجاوبت لغة الطائفية وأصبحت تتكلم عن الإسلام وعن اقتصاد إسلامي، وعن الدولة في الإسلام ولكن اليوم صرنا نتحدث بلغة ما قبل الحركة الإسلامية، ودفعتنا إيران نكوصاً إلى الوراء. والذي أغرى إيران بالتطاول على السنة هو أننا نعيش حالة يتم، فالدول السنية الكبرى ليست حاملة لقضية الأمة والدولة الرئيسية وهي مصر يتمحور تفكيرها حول التوريث وانتقال الحكم، ولذلك إيران تشعر بنخوة وتطمح إلى زعامة الأمة التي أصبحت بلا زعماء وبلا دور يذكر في العراق، وانشغلت كبرى دول مغرب الأمة بجرثومة الصحراء بالخلاف بين الدولتين الرئيسيتين الجزائر والمغرب حول هذا الجرثوم الذي لوث الجسم المغاربي ومنعه من أي قدرة على التوحد، وبالتالي وفي ظل هذه المأساة المشرقية والمغاربية لن يلام الفلسطينيون ان ارتموا في أحضان الدعم الإيراني. ** لكن إيران ساندت قضية فلسطين دون أن تكون لها أجندة شيعة ألا أتحدث عن براءة سياسية، والسياسة ليست طبيعتها البراءة أو ابتغاء وجه الله دائماً بل مدارها المصالح، فإيران لها مصالح في فلسطين تلتقي مع مصالح الأمة، لكن هي في العراق تدعم الاحتلال والأحزاب الداعمة للاحتلال وهذا من قصر النظر السياسي والنفعية السياسية. ولماذا لا تسمي هذا بعد نظر من حيث إن وجود دولة شيعية في إيران ودولة شيعية في العراق ودولة شيعية في لبنان إن جاز التعبير وتجمعات شيعية قوية بالمنطقة كل هذا من شأنه تكوين هلال شيعي يضيق الخناق على إسرائيل وعودة فلسطين لأهلها؟ وهي قضية الأمة كما تقول؟ علما أن الهلال السني – دول الطوق – لم تحقق نصراً؟ – لا يمكن أن يتحقق النصر للأمة في غياب أغلبها وأنت تريد أن تحل مشاكل الأمة في غياب إجماعها، وإيران لا تملك حل قضية فلسطين بعيداً عن مصر وعن السعودية وعن الخليج وعن تركيا، والمشكلة أن الانتصارات اللحظية أوجدت لديهم نشوة جعلتهم يتجاهلون حقيقة موازين القوى في الأمة الإسلامية. ضحية ** في إعدام صدام حسين ماذا ترون في القول باستشهاده؟ – إعدام صدام حسين مثل صدمة للأمة لا لأنه كان حاكماً عادلاً أو حتى إسلامياً، لكن أن يتم اعتقال الرجل بيد الأمريكان، وان يحاكم تلك المحاكمة المصطنعة في ظل الاحتلال ويقدمه المحتل لأعدائه ليشبعوا فيه أحقادهم وأن يقتل بتلك الطريقة فهذا هو مثار الاستفزاز، وإعدام صدام كان عملاً مخزياً ولم يكن فروسية أو بطولة، كونه بيد الاحتلال وفي يوم عيد للمسلمين، وبتلك الطريقة الشائنة المخزية، التي كانت جزءا من هذه النخوة أو النشوة التي أصابت الطائفيين الشيعة لدرجة أنهم لا يبالون باستفزاز 90% من الأمة. ونحن لا ندافع عن صدام ولكن لا أحد يستطيع أن ينكر أنه مات مسلماً بل ربما لم يحدث لإنسان قبل صدام على مر التاريخ الإنساني كله أن يشهد شهادة الإسلام ويشهد العالم كله على إسلامه وسيأتي يوم القيامة، وقد أشهد العالم كله على إسلامه. ** نعلم أنك كانت لك مواقف ضد صدام وكنت تراه معادياً للإسلام؟ معظم الحركات الإسلامية منحازة إلى إيران في حربها مع العراق ليس بمنزع طائفي كما يتعامل بعض الشعية اليوم ولكن بمنزع إسلامي، ويوم أن حوصر العراق انحزنا، إلى جانبه وقابلت صدام ثلاث مرات مرة مع الوفد الإسلامي، ومرة مع الدكتور الترابي ويوسف ندا والثالثة قابلته بمفردي قبل الحرب لإخراجه من الكويت بثلاثة أيام، ونصحته بالانسحاب من الكويت وقلت له إذا كنت تريد أن تلقنهم درساً فقد لقنتهم وعليك أن تنسحب وتدخر الجيش في معارك الأمة الكبرى ولكن الرجل -رحمه الله- يبدو أنه لم يكن يرى أن هناك نية جادة في الحرب وإنما يمارسون فقط الضغط عليه للانسحاب وانهم سيصيرون إلى مفاوضة لكن هذا التقدير كان خطأ وكان ضحية سوء التقدير للموقف.  (المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 10 جانفي 2007) الرابط: http://www.al-sharq.com/DisplayArticle.aspx?xf=2007,January,article_20070110_93&id=worldtoday&sid=arabworld
 

 

ووقعت الواقعة في تونس

عشرة أيّام . . . مطاردة ورصاص وقتلى

علي بوراوي
و أخيرا وقعت الواقعة في تونس. معارضة جديدة تظهر إلى العلن لأوّل مرّة، فتنطق رصاصا قاتلا في أحياء تعجّ بالنّاس والحياة. هذه المجموعة التي يجهل التونسيون إلى اليوم اسمها وهويتها، ولم يسبق للمتابعين للشّأن السياسي ولا للمختصّين في التنظيمات السريّة أن عرفوا أو حتّى سمعوا عن واحد من رموزها، تطلع إلى  السّطح بلون الدّم ولغة الرّصاص. لذلك، فوجئ الجميع بالأمر، فوقفوا مشدوهين يتابعون ما يجري، أو بالأحرى يفكّون رموز الكلمات المعدودة التي نطق بها « مصدر حكومي » أو تمتمت بها صحيفة قريبة من السّلطة.
الحكومة اكتفت ببلاغ قصير أصدرته وزارة الدّاخلية يوم 24 ديسمبر، تحدّث عن « تبادل لإطلاق النار بين رجال الأمن وعصابة خطيرة تنشط في تهريب المخدّرات، تمكّنت من تهريب كمية من السلاح بطريقة غير شرعية ». وقال البلاغ إنّ الحادث أسفر عن مقتل اثنين من عناصر المجموعة، واعتقال عنصرين آخرين!!!  لكنّ النّاس فهموا أن الأمر خطير، عندما شاهدوا إنزالا أمنيا مسلّحا غير مسبوق، شمل معظم أنحاء البلاد، وحواجز أمنية لا تحصى، غطّت شبكة الطّرقات، صحبتها عمليات تفتيش دقيق للسيارات، وحملات تمشيط في العديد من المدن، واعتقالات في صفوف الشباب المتديّن. وتواترت الأنباء عن مطاردة انتهت إلى مواجهة مسلّحة بين قوات الأمن وعناصر مجموعة مسلّحة، استعملت فيها أسلحة مختلفة، وشاركت فيها عدة فرق أمنية وعناصر من الجيش، استعان فيها الجانب الحكومي بمروحيات عسكرية. ثمّ جاء بلاغ وزارة الداخلية الذي تحدّث عن مطاردة قوات الأمن لـ »مجموعة إجرامية » انطلقت يوم 23 ديسمبر إثر تبادل لإطلاق النار، انتهت يوم الإربعاء 3 يناير بقتل 12 من أفراد المجموعة، واعتقال 15 المتبقين ». ولم يشر البلاغ بأيّ حرف إلى حقيقة المطاردة التي امتدّت عشرة أيّام كاملة، بين مدينة حمام الأنف (15 كيلومترا جنوب العاصمة) وجبل الرصاص ومدينة سليمان (35 كيلومترا جنوب العاصمة)، ولا عن دواعي الحضور المسلّح للجيش ومختلف قوات الأمن، وكأنّ البلاد في حالة طوارئ غير معلنة. كما لم تتحدّث الحكومة عن الخسائر البشرية في قوات الأمن والجيش.
ورغم أنّ هذه الأحداث فاجأت التونسيين، فإنّ المفاجأة كانت في التّوقيت والشّكل، وليس في ظهور الحالة أصلا، على خطورتها. فالعنف والجماعات المسلّحة أصبحت ظاهرة عالمية لا تعرف الحدود، ولا تحدّ من انتشارها الإجراءات الأمنية المشدّدة. فكيف في بلد أوصدت فيه منافذ الحوار، ومنعت فيه مختلف وسائل التعبير، وأدمنت سلطاته المعالجة البوليسية مع مختلف التيارات وفي شتى القضايا. ورغم ذلك، ظلّت عدّة أسئلة مطروحة بإلحاح. فكيف يتسنّى لمجموعة دينية معارضة أن تنجح في تهريب كمية هامة من الأسلحة المختلفة والمتطوّرة إلى البلاد، بل تصل بها إلى ضواحي العاصمة، دون أن تكشف الأجهزة الأمنية حركة نقلها وتحرّكات عناصرها، واتصالاتهم؟
تبدو هذه الأسئلة ساذجة لمن لا يعرف تونس، لكن الذين يعرفونها يلحّون في طرح أسئلة كثيرة من هذا القبيل، لأنّ لأجهزة الأمن عيونا لا تنام وتجهيزات لا تتعطّل، تحصي على الناس، كل الناس، كلّ شاردة وواردة. أجهزة ومعدّات ضخمة كلّفت ميزانية الدولة مئات الآلاف من الدولارات، لرصد حركة الشّارع، وإحصاء أنفاس كلّ من يشكّ في ولائه للحزب الحاكم، بل حتّى السياح العابرين، مع تركيز خاص ودقيق على من تشتمّ منه رائحة التديّن. ومراقبة وتسجيل لجميع المكالمات الهاتفية وخطوط الإتصالات، حتّى أصبحت أجهزة الهواتف النقالة ـ  بما اقتنته وزارة الداخلية من تكنولوجيا التصنّت ـ إلى ناقل لما يجري حول حامليها ولو كانت مغلقة في عتمة ريف مهجور.
تساؤلات كثيرة ملحّة تطرح عند الحديث عن هذه المجموعة وأسلحتها، وأظنها ستبقى بدون جواب مقنع، إلاّ إذا اخترنا أن نجعل من الصّدفة فاعلا رئيسا في هذه الأحداث. أترك هذه الأسئلة، وأسئلة أخرى كثيرة، إلى فرصة أخرى، لعلّ الأيام القادمة تأتينا بما يساعد على فكّ ألغازها. وأعود إلى جانب آخر أعتبره أهمّ في فهم ما جرى، وهو يتعلّق بالأرضية السياسية والدينية للبلاد التي أصبحت مواتية لظهور التطرّف الديني المسلّح. فقد حوّلت السياسات الحكومية أرض تونس إلى مناخ جدّ مناسب لانتشار الفكر الديني المتشدّد والمغالي. تضاف إلى ذلك رياح التكفير والعنف الأعمى التي هبّت بقوّة، واجتاحت مشرق الأرض ومغربها، فكان طبيعيا أن تأخذ تونس حظّها من ذلك. ولقد تأخّر ظهور هذه الجماعات الإسلامية في تونس مقارنة بالدول الأخرى، لعمق تأثير جامع الزيتونة وإشعاع رجالاته، وما نشروه من ثقافة دينية لا تعرف الغلوّ، ولا تفسح مجالا لفقه الإقصاء والتكفير، ثم لقوّة عود حركة النّهضة، في تنزيل التدين السّمح وإشاعة ثقافته في صفوف المتعلّمين.
لقد نهج الحكم في بلاد جامع الزّيتونة، ومنذ الأيام الأولى لخروج المستعمر الفرنسي من تونس، سياسة تصرّ على تهميش الدين وتستفزّ علماءه، بل عموم المتديّنين، حتى أصبحت صفة ملازمة ومميّزة له، في نظر العامة على الأقل. فقد عمد الرئيس بورقيبة منذ أن تولّى الحكم، إلى إغلاق جامع الزيتونة، وإلغاء المحاكم الشرعية وكذلك الأوقاف وإلحاقها بأملاك الدولة، وإقرار عدة قوانين وإجراءات تلغي دور الدين من الحياة الجماعية للتونسيين. ثم جاءت دعوته في الستينيات إلى إفطار رمضان، وسخريته في منتصف السبعينيات من القرآن، في محاضرة له بمعهد الصحافة، نقلها التلفزيون ومختلف وسائل الإعلام. فزاد ذلك في تعميق الشرخ بين السلطة السياسية الحاكمة، والشارع الإسلامي المتديّن، الذي كان في معظمه ومنذ البداية منحازا إلى الشيخ الثعالبي وصالح بن يوسف  اللذين انقلب عليهما بورقيبة في قيادة الحركة الوطنية. السّياق العام الذي تمّت فيه تلك الإجراءات، لم يستوعبه نسق الإجتهاد الديني الشائع، ولا السلوك الديني العام للسلطة الذي نهجته معظم الدول الإسلامية، لأنّه لم يتعامل مع الإسلام كعنصر فاعل في هوية الدولة، وإنما كموروث تاريخي سلبي، يحسن التّخلّص منه والإنفصال عنه. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال حضور الدين في حياة بورقيبة ورؤيته للدولة، وحتى من خلال علاقته بالعالم الإسلامي لغة وثقافة وحضارة وسلوكا. فالمناسبة الوحيدة التي كان يدخل فيها بورقيبة إلى المسجد، هي ذكرى المولد النبوي الشريف. وكان لا يذهب إلاّ بعد انقضاء الصّلاة، حتّى لا يتورّط في سجود أو ركوع، ليلقي خطابا، ثم يخرج كما دخل بسرعة. تلك الإجراءات التي تجاوزت حتّى ما أقدمت عليه تركيا أتاتورك، وانفردت بها تونس دون غيرها من البلاد الإسلامية، عزّز فهم قطاع واسع من التونسيين وغير التونسيين من المسلمين، بأن ذلك تمّ بخلفية احتقار الدين وإقصائه عن حياة الناس.
وجاء نظام الرئيس بن علي ليرث علاقة متوتّرة بين الدولة من جهة، والدين والمتديّنين من جهة أخرى، لم تزده طموحات المتعطّشين إلى السلطة في الداخل، والتطورات الدولية المتسارعة في الخارج، إلاّ شحذا لسكين كانت معدّة للإسلاميين بعناية. فانطلقت الحملة على الصّحوة الإسلامية، تضرب بقسوة كلّ من يعترض طريقها. انطلقت بضرب حركة النّهضة كتنظيم حركي وسياسي، ولم تسلم منها جماعة التبليغ وحزب التحرير، وحتى بعض المجموعات الصوفية. وامتدّت إلى ملاحقة التدين الفردي ومحاسبة الناس عليه، وانتهت إلى الضّرب بعنف لكلّ من يحمل نفسا معارضا، بل كلّ متعلّق بالإستقلالية عن الحزب الحاكم. وإذا كانت الحريات العامة هي المستهدف، فإنّ الحرية الدينية نالت الحظّ الأوفر من الملاحقة والمصادرة، طيلة الستة عشر عاما المنقضية.
فلئن صدر مرسوم منع الحجاب منذ سنة 1982، فإن السلطة كانت صارمة في مطالبة مسؤوليها بتطبيقه في عهد الرئيس بن علي. وقد بلغ الأمر بإدارة الجامعة الزيتونية في منتصف التسعينيات، إلى منع عدد من الطالبات الجزائريات حتى من استلام وثائقهنّ الإدارية، ليعدن إلى بلادهنّ دون اجتياز امتحانات آخر السنة، لأنّهنّ رفضن التخلي عن الحجاب. ولم يستعدن وثائقهنّ إلاّ باللجوء إلى وزارة التعليم العالي الجزائرية. كما منع تقديم أي درس أو محاضرة في المساجد، إلآّ بترخيص مسبق لا يمنح إلاّ لعناصر الحزب الحاكم. وأغلقت جميع المساجد والمصليات في مختلف الجامعات والمؤسسات التعليمية والإدارية، وكان أوّل مسجد أغلق في هذه الحملة، مسجد الجامعة الزيتونية، الجامعة الوحيدة المتخصّصة في العلوم الإسلامية. وأنشئ في مقابل ذلك ناد لسباحة الفتيات في هذه الجامعة، تولّى تدشينه وزير الشؤون الدينية آنذاك الدكتور علي الشابي. وبلغ الأمر إلى منع الصلاة جماعة حتّى على المساجين، وخصوصا الإسلاميين منهم، فنال كلّ من وجد منهم متلبّسا بجريمة الصلاة جماعة، حصّته الإضافية من التّعذيب. وتمّ التنكيل بزوجاتهم وأبنائهم وكل من يهمّ حتى بتقديم المساعدة الإنسانية لهم. وقد قضى رجل ستيني ثلاث سنوات في السجن عقابا له على مساعدة أسرة سجين بخمسة دنانير نقدا (نحو أربعة دولارات). بل إن التضييق شمل حتى المتدينين من رجال الحزب الحاكم. وتحضرني هنا حالة الشيخ محمد الشاذلي النيفر رحمه الله، وهو الذي لم يغب عن عضوية مجلس الأمة (مجلس النواب) نائبا عن الحزب الحاكم، منذ استقلال البلاد إلى وفاته في نهاية التسعينيات، إلاّ مرّتين اثنتين فقط. فقد رغب الرجل في التبرع بمكتبته الثرية جدا بالمخطوطات والمؤلفات، فاقتطع لها جانبا من مسكنه بحي منفلوري بتونس العاصمة لتستقبل الباحثين، وسماها « المكتبة الإسلامية ». فجاءه المنع بسبب الإسم الذي اختاره لها، ولم يرخّص له بفتحها إلاّ بعد أن غيّر اسمها إلى « مكتبة آل النيفر ». وكانت صدمته الكبرى عندما تمّ منع التدريس بجامع الزيتونة سنة 1990، بعد استئنافه بسنة واحدة. وبذل الرجل كلّ جهده رحمه الله لأن تعود الدروس إلى الجامع، إلى أن جاءه الموقف الرسمي صارما جازما بألاّ مجال لذلك، وأنّ عليه أن يلزم بيته، وبقي يحمل غصّته إلى أن اختاره الله إلى جواره. 
هذه ليست سوى عينات قليلة جدا مما عرفته ومازالت تعيشه الحياة الدينية في تونس، والذي تفاعل بقوّة مع ما جرى ويجري في أفغانستان والعراق وفلسطين، فماذا تراها تولّد في أنفس المتديّنين من أبناء البلاد؟ ألا تبذر هذه السياسة المتطرّفة، تطرّفا دينيا يمكن أن يأتي على الأخضر واليابس، ويمكن أن يتجاوز المصطلين بناره إلى أرض بعيدة لمجرّد السّماع به أو القراءة عنه؟
إنّه بغضّ النّظر عن الجهة التي تقف وراء المواجهة المسلّحة التي حصلت مؤخرا في تونس، فإنّ كلّ المؤشرات تشير إلى أنّ المناخ مناسب لبروز تيار ديني عنيف، يكفر بالحوار، ويكفّر الرّأي الآخر، ويتعبّد بزرع الموت وسفك الدّم. وقد قدّمت سلطات البلاد لهذا التيار، من خلال سياستها للحقل الديني، كلّ ما يغذّيه ويقوّي عوده. وسيجد هذا التيار بدون شكّ من يتلقّفه ويقدّم له مختلف أشكال الدّعم، سواء ممن يقاسمونه الرؤية وطرق التفكير، أو من أجهزة الإستخبارات العالمية التي لا تتردّد في استخدام هؤلاء لأغراض شتّى.
المشكلة أنّ العقل السياسي المتنفّذ في تونس، عقل أمني، بالمعنى البوليسي المتطرّف جدا للكلمة. يعتقد أنّ عصا الشرطي وبطشه، يكفي لتكميم الأفواه وتكبيل الأيدي وشلّ إرادة التغيير لدى الناس، وقادر على صياغة واقع ورسم حياة. ولكنّها حياة بطعم الدّم والرصاص الذي عاشته مدينتا سليمان وحمام الأنف، ليبقى القاتل والمقتول، رجل الأمن المسكين، والمتمرّد المسلّح، ضحيتان لمأساة واحدة، يحقّ فيها لكلا طرفي المواجهة الفضيحة، تلقّي العزاء. abouraoui@yahoo.fr صحفي تونسي


هل تشكل الاشتباكات الأخيرة بالضاحية الجنوبية محطة فارقة في المشهد السياسي التونسي؟ !

محمد القوماني في ظل التعتيم الإعلامي الرسمي والضعف الفادح في إعلام المعارضة والمصادر المستقلة والتهويلات والتناقضات البادية في الروايات الشعبية، يظل الغموض يكتنف الأحداث الأخيرة التي عرفتها الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة ما بين 23 ديسمبر 2006 و 3 جانفي 2007 والمتمثلة في اشتباكات مسلحة جرت بين قوات من الأمن والجيش من جهة وبين عناصر وصفت « بالمجرمين الخطرين » حسب المصادر الرسمية التي أكدت وجود قتلى وجرحى وموقوفين في تلك الأحداث. ومع الإقرار بأهمية المعلومة الصحيحة والدقيقة في فهم ما يجري وتحليل الأسباب والتداعيات المستقبلية، احسب أن ما تأكد من معلومات، على شحّتها، إلى حد كتابة هذا المقال، وما سجل من تفاعلات، وما يتوفر من معطيات سابقة حول المشهد العام ببلادنا، عناصر كفيلة بإتاحة الاستخلاصات والملاحظات والتساؤلات التالية: 1 – إن حمل السلاح خارج إطار القانون واستعمال العنف لأهداف سياسية أسلوب مرفوض وممارسة مدانة من الناحية المبدئية. ولعل النتائج المدمرة على مختلف المستويات لمثل هذه الخيارات في بلدان أخرى عززت ميل عموم التونسيين إلى نبذ مثل هذه الأساليب، فجاءت مواقف الأحزاب والجمعيات والنخب الصادرة إلى حد الآن مستنكرة ومحذرة من مغبة السير في هذا الطريق وأبدت حرصا واضحا على حرمة دماء التونسيين وتجنيب مجتمعنا مخاطر هذا الانزلاق وتثمين نعمة السلم الأهلية التي تتمتع بها بلادنا. كما لم يجد المسلحون تعاطفا يذكر في أوساط الرأي العام. وهذه النتيجة المبدئية في حد ذاتها مكسب يثمّن عاليا ويحتاج من مختلف القوى الفاعلة وفي مقدمتها القوى الماسكة بدواليب الدولة تسجيله وتنزيله المكانة التي يستحق والبناء عليه في رصد التداعيات المستقبلية والمعالجات المطلوبة. 2 – إن التعتيم الإعلامي الذي حف بهذه الأحداث واستنكره الإعلاميون وأطراف المعارضة والمجتمع المدني والمتابعون في الداخل والخارج، أكد النهج الانغلاقي للسلطة وأدى إلى نتائج عكسية من ناحية الجدوى، إذ فسح المجال للإشاعات والتهويلات والتخمينات وهضم حق التونسيين في معرفة الحقيقة وأضر بسمعة السلطة وقد تكون نتائجه وخيمة على مستقبل السياحة وصورة تونس، إضافة إلى غبط مكانة قوات الأمن والجيش وهضم حقوق من أصيب منهم في هذه الاشتباكات أثناء القيام بواجبهم. وقد يكون من أهم دروس هذه الأحداث الاستثنائية مراجعة المشهد الإعلامي ببلادنا الذي ظل محل انتقادات عديدة ولم تغير الإجراءات المعلنة على هذا الصعيد من جوهره. 3 – إن الاشتباكات المسلحة الأخيرة بحجمها وطبيعتها ومكانها وتوقيتها وسياقها قد تشكل محطة فارقة في مستقبل بلادنا. فأحداث قفصه في بداية الثمانينات مع اختلاف طبيعتها وملابساتها سبق وأن غيرت المشهد السياسي وكانت احد بواعث ما عرف بسياسة الانفتاح وإقرار التعددية السياسية. صحيح أن العنف والإرهاب اليوم من الظواهر  العالمية التي تتغذى من مناخ دولي وظروف إقليمية إضافة إلى العوامل المحلية. وصحيح أن بلادنا استطاعت إلى حد الآن أن تنأى بنفسها عن موجات العنف القريبة والبعيدة التي تجتاح منطقتنا. لكن الصحيح أيضا أن المعالجات الأمنية كشفت محدوديتها وان مراجعات كبرى صارت متأكدة وان السلطة مدعوة إلى الانتباه إلى أن ناقوس الأحداث الأخيرة والى الاستماع إلى الأصوات العديدة التي طالما حذرت من عواقب الاحتقان السياسي والاجتماعي وطالبت بالانفراج والإصلاح. وان معالجات ناجعة للتحديات وتحصينا حقيقيا للمجتمع ضد العنف والإرهاب مهما كانت دوافعه وأيا كان الداعون إليه، تحتاج إلى إشراك حقيقي للقوى الحية وفي مقدمتها الأحزاب و الجمعيات وفتح حوار وطني دون إقصاء حول مختلف القضايا والتحديات، بعيدا عن الاستمرار في أخطاء الماضي ونهج الانفراد والانتقائية السياسية القائمة على الولاء. 4 – إن عمر ربيع الباشا الذي وصف بأنه نائب قائد المجموعة المسلحة لم يتجاوز 22 سنة وهو من أصيلي مدينة سليمان، و ميل المصادر الإعلامية المحلية التي بدأت تتحرر باحتشام من التقيد بالرواية الرسمية المعلنة، في نسبة المسلحين إلى « السلفية الجهادية » التي يغلب على المنتمين إليها عناصر شبابية، إذا اعتمدنا هذا المعطى كأحد المعطيات الأساسية وربطناه بسياق من شملتهم الاعتقالات خلال السنتين الأخيرتين والمحالون على القضاء بتهم « تتصل بقانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال » والتي تشير مصادر المحامين والحقوقيين أنهم مئات من الشباب أساسا، هذا المعطى العمري يجعلنا حقيقة أمام أسئلة محيرة تخص هذه الشريحة من التونسيين… أسئلة تتصل بدوافع اتجاه هذا الشباب إلى الفكر السلفي وأسباب تكاثرهم في فترة يفترض أنها قامت على مراجعة للسياسة التعليمية والثقافية والدينية التي أطلقت في بداية التسعينات بغاية استئصال التطرف و »تجفيف منابعه »، وعقب سياسة حكومية تعلن أولوية الاهتمام بالشباب ومشاغله وتامين مستقبله. وأخرى  تتصل بآفاق الشباب واحتياجاته من رواد المساجد، وممن يركبون قوارب الموت للهجرة إلى الخارج وممن ضعفت فيهم بواعث الدراسة ومواصلة المشوار التعليمي وممن استسلموا لللامبالاة و المخدرات واستهوتهم مسالك الانحراف والجريمة. وأسئلة أخرى تتصل بتأطير الشباب في الأحزاب والجمعيات في ظل المؤشرات العالية على عزوف الشباب عن مثل هذه الأعمال وانشدادهم إلى الفضائيات ومصادر الإعلام الخارجي عبر الانترنت، بعد أن صاروا في قطيعة مع الإعلام الداخلي. وتبقى الأسئلة الأكثر إحراجا تتصل بقنوات تأطير الشباب في جماعات مسلحة، ومصادر التمويل والدعم اللوجستي لهم، وعدم معرفة هؤلاء الشباب لا من قبل الأوساط السياسية ولا الأمنية ومدى نضجهم، لرسم أهداف سياسية والعمل على تحقيقها بالقوة المسلحة. هذه الأسئلة وغيرها مما لا يتسع له المجال يعد طرحها والإجابة الضافية عليها من أهم دروس الأحداث الأخيرة. 5 – لئن كانت المعالجة الأمنية في مثل هذه القضية من جنس الموضوع، فان الاهتمام ينصرف على هذا الصعيد إلى الخشية من النتائج العكسية للمقصود. فمن جهة تبدو الصرامة و اليقظة مطلوبين في هذه الحالة، لكن الخشية التي عبرت عنها أوساط حقوقية وسياسية من التذرع بالظروف الأمنية لتشديد القبضة على المجتمع وتكثيف المضايقات   على الحريات والأشخاص وتبرير مزيد من الانغلاق في الحياة العامة،تبدو مشروعة لان ذلك مما يعمق الاحتقان و يبعدنا أكثر عن الانفراج السياسي المتأكد ولا يضع الأمور في سياق الإصلاح المطلوب لتحصين المجتمع ومحاصرة نزعات العنف. ومن جهة ثانية دلت تجارب بلدان عديدة على أن الإساءة البالغة للمورطين في هذه الأحداث والمعتقلين المشتبه بهم وانتهاك حقوقهم أو تسليط عقوبات جماعية على عائلاتهم أو جهاتهم أو سد أبواب الحوار في وجوههم، وعدم إرفاق المعالجة الأمنية بمعالجات فكرية واجتماعية وسياسية لاحتواء مثل هذه النزعات وإعادة إدماج من اخطأ الطريق منهم، مثل هذه السياسيات تأكد فشلها في استئصال العنف، بل ربما ساهمت في تغذيته وتحويل وجهته من الخارج إلى الداخل. فالي طبيعة المعالجة واتجاهتها يرتهن جانب هام من تداعيات هذه  الاحداث التي نأمل أن تكون الأخيرة ونسال الله أن يجنب بلادنا آثارها المدمرة. 6 – حين تفشل المذاهب الدينية في كبح النوازع الحيوانية في الإنسان، ويصبح الفكر الديني منبعا للعنف و التحريض على القتل وسفك دماء الأبرياء، وحين يرتد الفكر الإسلامي إلى دوائر السلفية والاحتراب الطائفي بعد كل جهود المصلحين في القرون الأخيرة، وحين تفشل سياسات التحديث في تطهير  الإدارة من الفساد والرشوة وفي تامين علاقات سياسية واجتماعية قائمة على احترام القانون وضمان حقوق الإنسان وصون السلم الأهلية، تكون الأحداث الأخيرة، على غرار ما يحدث في بلدان عديدة، مشكلة معقدة اكبر من أن تحل بمعرفة هوية المجموعة المسلحة وإدانة هذا الطرف أو ذاك.

 


ملاحظات على هامش أحداث العنف الأخيرة

سامي البنزرتي في البداية نقول إن ما حدث محزن وخطير ولا يسر أي تونسي مهما كان رأيه:فالعنف أعمى ولا يفرق بين مخطئ ومصيب ومتهم وبريء، والعنف بدايته سهلة وإيقافه صعب، والعنف لا يحل مشكلا بل هو مشكل في حد ذاته. و أما قتل النفس من طرف أي كان وتجاه أي كان وإزهاق الأرواح وسفك الدماء فهو محرم دينيا و خط أحمر وطنيا.وفي القرآن الكريم (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) (المائدة:32) وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما). واستهجان ما وقع و التنديد به مع كونه ضروريا إلا أنه غير كاف، لأن ما حدث يعتبر حدثا نوعيا وخطيرا بكل المقاييس، وبالتالي لا تجوز فيه المجاملات أو المداهنات أو الحلول الشكلية والرمزية حسب السياسة المتبعة، ومن ثم وجب التوقف عنده واستخلاص النتائج ووضع الحلول الجذرية والقطع مع سياسات الماضي حتى لا تتكرر المأساة. وهذه ملاحظات حول ما حدث. تكلم بعض المعارضين وحللوا ما جرى وقدموا تصورات للحل فقال الإعلام الخشبي إنها « شماتة » أو « توظيف سياسي ». والحديث عن الشماتة حديث انطباعي عن أمور نفسانية هو أقرب إلى حديث ربات البيوت في مجالسهن المعروفة وليس له علاقة بمجال السياسة ومعالجة أوضاع البلاد-مع كامل الاحترام لأمهاتنا وأخواتنا-.وهو حديث أبعد ما يكون عن العقلانية والحداثة -التي يتشدق بها بعض أبواق السلطة – وهي التي من المفترض أن تظهر الآن عند حدوث الأزمات وفي طريقة مواجهة الأحداث وإيجاد الحلول.فالمعارضون يطالبون بالمعالجة العميقة والحقيقية لمشاكل البلاد مع تأكيدهم على استهجان أسلوب العنف الذي قامت به هذه المجموعة المسلحة: فأين الشماتة في ذلك؟.أما حديث بعضهم عن التوظيف السياسي فهو مغالطة هزيلة وهزلية لأن الاعتراض على جهات سياسية بأنها توظف الأحداث سياسيا يقتضي الاعتراف بتلك الجهات بكونها سياسية ويقتضي وجود منظومة سياسية ويقتضي وجود تنافس سياسي ورزنامة سياسية وإعلام سياسي وغير ذلك!!فهل يوجد شيء من ذلك في تونس؟ بل هل توجد سياسة في تونس حتى يتحدث المتملقون عن « التوظيف السياسي »؟يأيها الأبواق انتقدوا موت السياسة قبل انتقاد التوظيف السياسي للأحداث!أعيدوا السياسة المغتالة إلى الحياة وبعدها يمكنكم تقييم الأداء السياسي ونقد التوظيف السلبي لها!. وما عبر عنه بعض المعارضين من آراء ومقترحات – إن لقيت حياة لمن تنادي – فهي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل الانهيار والفوضى لا قدر الله. وقد سكت بعض المعارضين جهلا بتفاصيل ما يحدث وطلبا للمعلومة وانتظارا لما ستسفر عنه الأوضاع فقال الخشبيون « إن مهمة حماية الوطن مهمة الجميع وليست مهمة قوات الأمن وحدها »!!! وكيف لسجين حالي أو سجين سابق ملاحق أو من هو تحت العقاب الإداري أو من هو ممنوع من طلب الرزق أو ممنوع من الكلام أو ممنوع من التنقل داخل بلاده أو ممنوع من الإنترنت أو ممنوع من السفر أو ممنوع من جواز السفر أو ممنوع من عقد اجتماع في رابطة حقوق إنسان معترف بها أو ممنوع من العمل في حزب معترف به لكنه حزب « مشاغب » من وجهة نظر الحكومة أو ممنوع من التصرف في لحيته الشخصية أو ممنوعة من وضع قطعة قماش فوق رأسها الشخصي أو ممنوع من العمل وهو متخرج وصاحب شهادة أو منفي خارج البلاد ممنوع من العودة إلا إلى الحبس :كيف لكل هؤلاء وهم ألوف وعائلاتهم بعشرات الألوف وأصدقاؤهم ومعارفهم بمئات الألوف كيف لكل هؤلاء أن يساهموا في حماية وطن لا يوفر لهم أدنى مقومات الحياة والكرامة الإنسانية وليس لهم أي أطر يعملون خلالها لهذا الوطن؟خربتم النسيج الاجتماعي والثقافي والسياسي طيلة السنوات الفائتة ثم جئتم الآن تطلبون المساهمة في حماية أمن الوطن؟ ماذا تركتم في هذا الوطن يمكن المساهمة من خلاله في أمنه وتنميته ولم تقوموا بتخريبه وإفساده؟؟؟. المعارضون الذين قدموا تصورات للحل ما زال فيهم الخير لأنهم لم ييأسوا بعد من الإصلاح، وليسوا مثل قطاعات واسعة من الشعب التونسي الذين هم إما غير مبالين لا يهمهم ما حدث ما دام لا يمسهم مباشرة على منوال المثل الشعبي: « اخط راسي واضرب »، وإما متضررين من الوضع ومن جموده وينتظرون أي شيء يحرك المياه الراكدة ،أو -مثل قطاعات واسعة من الشعوب العربية- متعاطفين مع ما يقوم به « تنظيم القاعدة » في الخارج وربما ينقلون تعاطفهم إلى الداخل بعد نقل القاعدة لعملياتها إلى شمال إفريقيا وتونس ؟. وعلى كل حال فليس من مصلحة السلطة حاليا تشريك هذه القطاعات في مواجهة مثل هذه الأحداث إذ قد لا يختارون جهة الحكومة للاصطفاف خلفها، وبالتالي فالأحسن لها أن يبقوا متفرجين على ما يحدث كما عودوا شعوبنا دائما وكما تفرج العراقيون على سقوط صدام!! الحديث عن أن « تونس دخلها الإرهاب مثل بقية البلدان وأن تونس مثل غيرها في ذلك » حديث صحيح ولكنه يعتبر تجاوزا عمليا للشعارات المضللة التي وضعوها بأنفسهم والتي تتحدث عن « المعجزة التونسية » و »النموذج التونسي في القضاء على الأصولية »…فالتواضع جميل لأنه صادق وموضوعي. والرفع من سقف (التزيين الوهمي للذات) يوقع أصحابه في الورطات والمآزق عند أول حدث صغير فما بالك إن كان حدثا من العيار الثقيل مثل الذي نحن بصدده فعندها الانكشاف والفضيحة ..فالحقيقة بحلوها ومرها هي أحسن وسام يعلقه الوطن على صدره وهي أحسن مدخل للتعرف على المشاكل ومن ثم حلها.وليس هناك بلاد تخلو من المشاكل أو الأزمات، فلا تراهنوا مجددا على التدليس والكذب والتضليل برسم صورة أفلاطونية لتونس وكأنها ( الجمهورية الفاضلة).نتمنى أن يواصل الإعلام الرسمي في هذا التواضع وألا تعود حليمة سريعا إلى عادتها القديمة. وعلى ذكر مقولة »النموذج التونسي في القضاء على الأصولية »فهي مقولة صحيحة 100% ! فقد نجحت السلطة في « القضاء » على الأصوليين واستبدلتهم بالإرهابيين !!!إنه إنجاز رائع ونموذج فريد ولا شك وقابل للتصدير تحت العلامة المميزة: made in tunisia!لقد ضرب العهد الجديد الأصوليين المسيسين المثقفين السلميين لينتج إرهابيين مسلحين مدربين انتحاريين!!!فهل تسعى السلطة بذلك لإثبات المقولة التي ترى أن كل سلطة تخلق بأفعالها وسياساتها المعارضة التي تستحقها؟؟.الحقيقة الواضحة –بعيدا عن الكوميديا السوداء- هي أن السلطة فشلت في القضاء على « الأصوليين القدامى » لكنها نجحت في خلق « أصوليين جدد » يتميزون بشدة الفتك والشراسة فصار همها همين ومصيبتها مصيبتين،و انطبق عليها قول القائل: »كالمستجير من الرمضاء بالنار » و المثل التونسي: »هرب من القطرة جا تحت الميزاب ». لقد فشلت السلطة فشلا ذريعا في مخططها الاستئصالي للتيار الإسلامي ولكل مظاهر التدين الذي عبرت عنه « خطة تجفيف الينابيع ».فبعد عشرية ونصف من العمل الدؤوب على هذه الخطة الشيطانية وبعد أن ظن القائمون عليها بأنهم قد حققوا أهدافهم وحان قطف الثمار جاء حصادهم مرا وهشيما تذروه الرياح.لقد مجدت السلطة نفسها في آخر المطاف مضطرة لشن حرب جديدة على الحجاب لكن هذه المرة ضد أعداد هائلة من المحجبات البعيدات كل البعد عن السياسة صغيرات السن لا يعرفن التنظيمات أوالجماعات! وهي حرب خاسرة ولا شك لأن الحرب الآن ضد حركة اجتماعية وليست سياسية، وضد جسم عريض منساب في المجتمع لا يملك حدودا واضحة، وليس ضد هيكل معروف وواضح المعالم. والمرارة في موضوع الحجاب وعودة الشباب للدين وامتلاء المساجد وكل المظاهر الدينية هي فقط مرارة في حلوق الاستئصاليين المعادين لأي رائحة للتدين. لكن التدين أمر عادي ومتوقع عند كل تونسي موضوعي يفهم طبيعة النفس البشرية والمجتمع الإنساني ويتابع الصحوة الدينية العارمة التي تشهدها المنطقة العربية والعالم الإسلامي، وتونس لا يمكن أن تكون في معزل عن محيطها الطبيعي.أما المرارة التي يجنيها الجميع الآن وبلا استثناء فهي هذه المجموعة المسلحة وما قد تخبئه الأيام من أمثالها. فهذه المجموعات – وحسب خبرات البلدان العربية في التعامل مع المتعاطفين مع أسلوب القاعدة مثل ما حدث في سيناء في مصر وفي المغرب- ليس لها تنظيم محدد مركزي يجمعهم بل هي مجموعات من الشباب يتبنون العنف ويسمونه جهادا، ويلتقون في مجموعات تلقائية من الأصدقاء ، ويتصرفون بمزاجهم وإمكانياتهم لا تحركهم خطط ولا برامج سياسية ولا تحليلات ولا مواقيت مناسبة أو غير مناسبة، وكل هدف عندهم يجوز ضربه مادام سهلا وقريبا منهم ويشفي غليلهم الملتهب والمتطرف، ويبحثون عن الأسلحة فإن لم يجدوا فمن الممكن أن يستعملوا الوسائل البدائية المتاحة، المهم عندهم أن يعملوا شيئا. فأعمالهم مشتتة ومحلية جدا في الغالب وبالتالي فهي مباغتة وغير متوقعة ولا تخضع لمنطق محدد.فهؤلاء كيف السبيل للسيطرة عليهم ولا تنظيم يربطهم ولا قيادات ولا مراجع توجههم وتحكمهم إلا شخصيات شبحية افتراضية على الانترنت أو شخصيات فضائية على القنوات ؟ هل الحل في اعتقال كل من يحمل هذا الفكر وتركهم في المعتقل إلى الأبد؟هذا غير ممكن بطبيعة الحال.والحلول في هذا المجال ليست سحرية بل تنطلق من قناعة من أن هذه الظواهر موجودة في كل المجتمعات لكنها تبرز وتستفحل وتأخذ أشكالا شرسة ومتوحشة عند الأزمات والضغوط الجنونية وانعدام المتنفسات.وبالتالي فالمطلوب واقعيا ليس القضاء على هذه الظواهر نهائيا -فذلك قد يكون صعب المنال- بل الأمر الممكن هو محاصرتها والتقليل منها بحزمة من المعالجات الشاملة تمتد من العدل الاجتماعي إلى المساواة في الفرص إلى مقاومة الرشوة والمحسوبية والفساد إلى حرية الإعلام إلى المشاركة السياسية الواسعة إلى الحريات الشخصية والعامة إلى علوية القانون إلى استقلال القضاء إلى التحصين الثقافي والفكري إلى الاعتراف بالتدين إلى فتح الساحة على مصراعيها للحوار والحراك الاجتماعي والسياسي والثقافي والديني…. وإلا فإن هذه الأحداث قد تتكرر- لا سمح الله- مادامت أسبابها قائمة وستجلب الكوارث وراءها.هذه هي الوصفة الممكنة لتحصين المجتمع والدولة من الانهيار والفوضى.وهي حلول معروفة ومركبة وكل حل تبسيطي واستسهالي مصيره الفشل وتعقيد الأزمة. والأمثلة على ذلك موجودة أمامنا: النظام العراقي السابق انهار بسرعة أمام أول اختبار جدي وهو التدخل الأمريكي بالرغم مما كان يمتلكه من الترسانات العسكرية والأمنية، في حين أن بلادا ضعيفة مثل لبنان صمد نظامها وحكومتها لأكثر من شهر من الدمار والتخريب الإسرائيلي. بل إن الحكومة اللبنانية لم تصنع شيئا عسكريا للدفاع عن نفسها واكتفت بالحركة السياسية والدبلوماسية وانتظرت مطمئنة حتى انتهت الأحداث لتعود بصفة تلقائية إلى موقعها الطبيعي في الحكم.ولم يكن ذلك ليحصل لولا أنها مطمئنة لشعبيتها وشرعيتها وأنها حكومة منتخبة وبالتالي فهي ليست مستهدفة من أحد وليس لها بديل متربص.أين من ذلك ما حدث في تونس حيث استطاعت مجموعة من30 شخصا إحداث كل تلك البلبلة وإدخال البلاد في حالة طوارئ!هل تثق هذه الحكومة في نفسها وفي قوتها وشرعيتها؟؟. قال سفير كسرى لما رأى « الحاكم » عمر ابن الخطاب نائما تحت شجرة وهو الذي توقعه قابعا في القصر وسط الحراسة: « عدلت فأمنت فنمت ». أما حكومتنا الغراء فالشعار المناسب لها الآن: »لا نوم بعد اليوم » بعد أن رفعت ذات سبعة نوفمبر شعار: »لا ظلم بعد اليوم ». (المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 10 جانفي 2007)  


تحصين مجتمعنا ضد العنف

عبد المجيد المسلمي أصبح من شبه المؤكد رغم تواصل التعتيم الإعلامي أن قوات الأمن و الجيش الوطني تمكنت خلال الفترة بين 23 ديسمبر 2006 و 3 جانفي 2007 من القضاء على مجموعة مسلحة تنتمي إلى التيارات التكفيرية المتشددة المتبعة لخط تنظيم القاعدة كانت تتدرب عسكريا منذ مدة استعدادا على الأرجح للقيام بعمليات مسلحة ضد منشآت تونسية كانت ستؤدي إلى خسائر مادية و ضحايا بشرية في صفوف التونسيين وضيوفهم من الأجانب. و تدل ضراوة المعارك التي تواصلت على مدى ما يقارب 10 أيام و سقوط العديد من الضحايا في صفوف قوات الأمن و الجيش الوطني على القوة التسليحية والتدريبية لهذه المجموعة و مدى الخطر الذي كان يحدق بالمواطنين و بالمؤسسات الوطنية و بسمعة البلاد. وفي هذه المناسبة الأليمة نترحم على أرواح أفراد قوات الأمن و الجيش الوطني الذين قضوا نحبهم في المعركة ضد هذه المجموعة المسلحة و نتقدم لأهلهم و ذويهم بأحر التعازي راجين من الله أن يرزقهم جميل الصبر و السلوان. و ليس هنالك أي خجل في الإصداع بأن بلادنا للأسف الشديد أصبحت من أهداف للمجموعات الإرهابية مثلما بين ذلك الاعتداء على الكنيس اليهودي في جربة أو اكتشاف هذه المجموعة المسلحة. فعديد العواصم العربية و العالمية و مهما كانت تحصيناتها من الرياض إلى الدار البيضاء و لندن و مدريد و نيوورك أصابتها ويلات هذا الإرهاب الأعمى العابر للأقاليم و القارات. و لكن هذا التهديد يطرح على كل القوى الوطنية و القوى الديمقراطية و التقدمية بالخصوص مسؤوليات جسام في التصدي له لأن هذا الوطن هو وطن الجميع و مكاسبه هي مكتسبات الجميع. و أول هذه المهات إدانة أسلوب العنف المسلح الذي تلنحئ إليه هذه المجموعات الإرهابية في الصراع السياسي باعتباره خطا احمر يمنع تجاوزه. لقد التجأت الحركة الوطنية التونسية إلى أسلوب الكفاح المسلح ضد المستعمر الفرنسي الغاصب شأنها في ذلك شأن كل حركات التحرر الوطني في العالم. أما الخلافات و الصراعات السياسية و الفكرية و الاجتماعية بين التونسيين مهما كانت مواقعهم أو مشاربهم فيجب أن تحتكم إلى أساليب النضال السلمي و المدني و الآليات الديمقراطية و أرقاها أسلوب الانتخاب حتى نحمي وطننا و شعبنا من ويلات الصراع الأهلي الذي للأسف اكتوت بناره الحارقة و لا تزال عديد الشعوب الشقيقة في لبنان و الجزائر و حاليا في العراق و خطره لا يزال محدقا في فلسطين المحتلة بين الإخوة . فشعبنا بمختلف تياراته الفكرية و السياسية بما فيهم الإسلاميين الذين تعرضوا لأقسى المحن خلال فترة التسعينات حافظ على إجماع وطني متين و متماسك يتأكد باستمرار بالالتزام بأشكال النضال السلمي والمدني في الخلافات الأهلية بين التونسيين رافضين أسلوب العنف و متصدين له و معتبرين أن الحوار بينهم مهما كانت مشاربهم و اتجاهاتهم هو الأسلوب الوحيد الأوحد لحل الخلافات فيما بينهم. من جهة أخرى فإن من شأن أعمال العنف التي تقوم بها هذه المجموعات أن تحرف نضالات شعبنا وقواه الوطنية و التقدمية عن قضاياه الحقيقية و عن مساره الصحيح المتمثل بالنضال من أجل الإصلاح السياسي و الإجتماعي و الاقتصادي في بلادنا كما من شأنها أن تغذي النزعات المتطرفة التي تدعو إلى المزيد من الانغلاق و كبت الحريات و إحكام القبضة الأمنية باسم محاربة الإرهاب. إن إدانة ورفض أسلوب العنف المسلح الذي تلتجئ له مثل هذه المجموعات من الضروري أن يقترن بالنضال ضدها دون هوادة على جميع الواجهات الفكرية و الثقافية و الدينية و السياسية….. فهذه المجموعات التكفيرية تمثل تيارا قروسطيا موغلا في الرجعية يسعى إلى نسف كل المكتسبات المدنية و التقدمية والحداثية التي تمكنت منها شعوبنا في دعوة صريحة يائسة و بائسة إلى عودة مجتمعاتنا قرونا إلى الوراء. و إذا كانت العمليات المسلحة التي تقترفها هذه المجموعات ضد مصالح غربية و أمريكية تستهوي و تغري العديد من الشبان بل حتى بعض الحساسيات التقدمية فإنه وجب التأكيد على أن مضار الأفعال التي يرتكبونها تعود بالوبال على قضايانا القومية في التحرير و التنمية و الديمقراطية لا بل تؤلب علينا القوى الكبرى التي تبرر عدوانها على شعوبنا باسم مقاومة الإرهاب إضافة إلى إساءتها للشعوب العربية و الإسلامية التي أصبح البعض يتهمها بالعنف و الإرهاب و إساءتها للإسلام الذي لم يكن دين عنف و كراهية و إنما دين تسامح و سلام و عقلانية. إن بروز هذه المجموعات المتشددة في بلادنا يعود إلى عوامل عديدة داخلية و خارجية منها حالة الانغلاق السياسي و الفكري و كبت الحريات و مظاهر الحيف الاجتماعي إضافة إلى الأوضاع الإقليمية المتفجرة و خاصة غزو العراق و احتلال فلسطين و الاعتداء الصهيوني على لبنان و ما يفجره من غضب ونقمة لدى الشباب و تنامي تأثير التيار التكفيري المتشدد بعد التفجيرات الإرهابية في 11 سبتمبر وغزو العراق و الفراغ الثقافي و تراجع تأثير الفكري الديني المستنير…..وإن تحصين مجتمعنا ضد هذه التيارات الهدامة و إن كان يتطلب نضالا طويل الأمد على المستويات الثقافية والسياسية و الاقتصادية و الإجتماعية…..فإنه يتطلب في المقام الأول إنهاء حالة الانغلاق والاستبداد وإرساء مناخ للحرية و الديمقراطية حتى تتمكن كل الطاقات الوطنية من بناء غد أفضل للتونسيين والتونسيات. (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 9 جانفي 2007)  

تونس: معركة الحجاب تحجب معركة الإرهاب

جورج الراسي (*) العام 2007 تونس على موعد مع حدثين: الأول هو العيد الخمسين للاستقلال، والثاني هو العيد العشرين لتسلم الرئيس زين العابدين بن علي مقاليد السلطة. وقد ترافق احياء هذه الذكرى للمرة الأخيرة في 7 تشرين الثاني المنصرم ـ العيد 19 ـ مع الدعوة التي اطلقها معظم قادة « التجمع الدستوري الديموقراطي » الحاكم لكي يصار الى اعادة ترشيح الرئيس بن علي لولاية جديدة مدتها خمس سنوات عند انتهاء الولاية الحالية عام 2009، حتى يبقى في السلطة حتى عام 2014. وليس هنالك اي عائق دستوري يحول دون ذلك، منذ التعديل الذي اجري عام 2002 وألغى تحديد عدد الولايات، مع العلم ان المانع الوحيد الباقي، وهو ان لا يتجاوز المرشح سن الخامسة والسبعين لا ينطبق على الرئيس لأن عمره عام 2009 سيكون 73 سنة. وكان التعديل الشامل الذي أدخل على الدستور وعرض على استفتاء شعبي قد ألغى سقف الولايات الرئاسية التي كانت محددة بثلاث، ما اتاح للرئيس الفوز بولاية رابعة العام 2004. وقد أكد هذا التوجه الناطق باسم الرئاسة التونسية عبدالعزيز بن ضياء، وهو مستشار خاص للرئيس برتبة وزير، اذ اعلن امام الغرفة الثانية التي انشئت العام 2005 ـ مجلس المستشارين ـ موافقة الرئيس على اعادة الترشيح. لكن حديث تونس اليوم هو الظهور الارهابي المسلح الذي لم يسبق له مثيل منذ عقدين. ففي الفترة الممتدة بين 23 كانون الأول الماضي، والرابع من كانون الثاني الجاري، جرت مواجهات مسلحة بين عناصر مجموعة ارهابية وقوات الأمن انتهت وفق بيان رسمي الى قتل 12 مسلحاً واعتقال 15 آخرين. وقد توزعت المواجهات بين بلدة سليمان، 30 كلم جنوبي العاصمة ـ يقطنها ما بين 15 الى 20 الف نسمة ـ وبلدة حمام الأنف على بعد 20 كلم عن العاصمة. وهي بلدات محاذية لمنطقة الحمامات السياحية ولمدينة نابل وجبال بوقرنين. وقد راوحت التفسيرات بين القول ان المجموعة تنشط ضمن عصابة دولية تتاجر في المخدرات وتمكنت من ادخال كمية من السلاح بطريقة غير شرعية وقد قتل من بين افرادها اثنان « من المجرمين الخطيرين والمطلوبين أمنياً »، وهذه رواية مصالح الأمن، ومعلومات أخرى تقول اننا امام حركة اسلامية جهادية جاء عناصرها من الجزائر عبر الجبال. ومن المعروف ان الحدود المشتركة بين البلدين تمتد على مسافة تتجاوز الألف كيلومتر، وتغطي مناطق جبلية وعرة المسالك، طالما كانت مرتعاً لكل انواع التهريب، فإذا صحت هذه النظرية الثانية ـ وأظن انها اقرب الى التصديق ـ نكون امام دليل حسي على وحدة الحركات الارهابية على امتداد المغرب العربي برعاية « الجماعة السلفية للدعوة والقتال » الجزائرية التي اصبحت منذ عامين الممثل « الشرعي والوحيد » لتنظيم القاعدة في المغرب العربي. وكان التنظيم قد مهر بتوقيعه تفجير كنيس جربة اليهودي عام 2002 ما أوقع حينها 22 قتيلاً بينهم 14 سائحاً ألمانياً، كما سبق لقوات الأمن الجزائرية ان ألقت القبض على العديد من التوانسة الذين قدموا الى الجزائر للالتحاق بقواعد الجماعة السلفية، وأعلنت السلطات الأمنية المغربية مراراً عن وجود روابط وثيقة بين الحركات الجهادية هنالك والمجموعة الجزائرية. وقد تأكد الأمر مرة أخرى عندما شنت مجموعة مسلحة موريتانية هجوماً دموياً على قاعدة لمغيطي العسكرية قبيل الانقلاب الذي اطاح بولد الطايع في 3 آب 2005. هذه العناصر مجتمعة توحي بأن التنظيم المركزي في الجزائر قد غير استراتيجيته باتجاه توسيع نشاطه في بقية اقطار المغرب العربي، وفي مناطق الصحراء الكبرى، بخاصة بعد نجاح الجيش الجزائري في تضييق الخناق عليه. لكن اللافت في الحدث التونسي الأخير أنه ترافق مع إطلاق مشروط لعدد كبير من القادة الإسلاميين المحكومين منذ العام 1992 بتهمة الإعداد لمؤامرة. فعشية الاحتفالات الأخيرة بالسابع من تشرين الثاني صدر عفو رئاسي عن 55 منهم، كان من ضمنهم بعض قادة « النهضة » مثل حبيب اللوز ومحمد عكروت، وعبدالوهاب مسعودي المحكومين بالسجن المؤبّد، وقد أمضوا 15 سنة وراء القضبان. ومعروف أن زعيمهم راشد الغنوشي يعيش في منفاه الاختياري في لندن. وقد ألمح الرئيس في خطابه الأخير في 7 تشرين الثاني الماضي الى احتمال عودة الروح لـ »الميثاق الوطني » الذي جرى إقراره عام 1988 بمبادرة منه غداة توليه السلطة، واعتمدته الأحزاب والمنظمات الجماهيرية ومُمثلي الحساسيات السياسية كافة، ووقّعه آنذاك بصفة شخصية أحد قادة « النهضة ». لكن حظر هذه الحركة عام 1990 جمّد العمل به حتى اليوم. في هذه الأجواء كلها، ثارت زوبعة الحجاب حين قررت الحكومة التونسية منذ أواسط شهر تشرين الأول الماضي شن حملة شعواء على انتشار ظاهرة الحجاب الإسلامي الذي اعتبرته « زياً مُتعصّباً ودخيلاً ». وهاجم وزير الخارجية عبدالوهاب عبدالله في اجتماع للحزب الحاكم « الخطر الذي يُشكّله الزيّ المتعصب والدخيل على بلادنا وثقافتنا وتقاليدنا »، واعتبره مجرد « شعار سياسي ترفعه مجموعة صغيرة تختفي وراء الدين لتحقيق أغراض سياسية ». وكان الرئيس بن علي قد دعا الى « التفريق بين الزيّ الطائفي الدخيل واللباس التونسي الأصيل، عنوان الهوية الوطنية ». وذهبت بعض الصحف الى أبعد من ذلك، حين كتب عبدالعزيز الجريدي في مجلته « الحدث » أن الحجاب « زيّ طائفي » و »عنوان للتطرّف السياسي ». وجاء في مقال آخر في المجلة ذاتها « إن الحجاب دخيل على الإسلام وهو زيّ المومسات والعاهرات والوثنيين ».. وأضافت المجلة « أنه مصدر الأوساخ والأمراض »، وأنه « حتى بعد الفتح الإسلامي لتونس كانت نساء القيروان يخرجن الى الأسواق في مجموعات ويتباهين بطول شعورهن دلالة على تحرر المرأة الإسلامية ». (المصدر: صحيفة « المستقبل » اللبنانية الصادرة يوم 10 جانفي 2007) الرابط: http://www.almustaqbal.com/stories.aspx?StoryID=213077

عربي والباي عطاه حصان

(مثل شعبي تونسي)

بقلم نبيل الرباعي*   في مساء يوم الأحد الموافق للسابع من شهر جانفي 2007 وعلى الساعة التاسعة ليلا بينما كنت عائدا لمنزلي الواقع في قلب العاصمة وفي شارع رئيسي كثيف الحركة صحبة ابنتي البالغة من العمر أربعة سنوات ولما هممت بفتح الباب مرت بجانبي سيارة شرطة من نوع 4 × 4 كتب عليها شرطة النجدة حاملة للرقم 18765 والراجعة إلى شرطة النجدة بساحة علي البلهوان بباب الخضراء تونس تجاوزتني ثم عادت إلى حيث أقف وفتحت أبوابها وقد كان بداخلها ثلاثة أعوان أرعبتهم لحيتي فطالبوني بالاستظهار ببطاقة هويتي فقمت بتسليمها مخاطبا إياهم « بتفضل » فما كان منهم إلا أن ترجلوا من السيارة شاهرين السلاح وخاطبوني بلهجة تهديد متوجهين نحوي بالعديد من الأسئلة ومنها سبب إطالتي لشعر ذقني وسبب وجودي في هذا المكان كما أن أحدهم قال لي بالحرف الواحد « شنوة معناها اتفضل » فأجبتهم بأنه منزلي وقد كنت بصدد فتح الباب للولوج إليه وفي الأثناء خرجت زوجتي وباقي أبنائي وهم جميعهم قصر حيث لا يتجاوز عمر كبيرهم الأربع سنوات فما كان من أحد الأعوان إلا أن طلب منها الدخول ولما حاولت الاستفسار عن الأمر قام بشتمها وسبها والتفوه نحوها ببذيء الكلام أمام أطفالها ثم قاموا بدفعي داخل السيارة من الخلف شاهرين أسلحتهم في وجهي دون مراعاة لمشاعر أطفالي الذين كانوا يمسكون بملابسي والشيء من مأتاه لا يستغرب وتلفظوا نحوي بالعديد من الشتائم وقال لي كبيرهم الذين علمهم العجرفة « شبيك ماكش في الجبل إنت من الجماعة » وهناك فهمت أنه يقصد السلفيين وقاموا باقتيادي إلى مركز الأمن بباب سويقة مستفسرين عن عون الإرشاد حيث لم يقع العثور عليه (عون الإرشاد نسبة إلى فرقة الارشاد المهتمة بالمسائل السياسية بالمنطقة الراجعة لها بالنظر) الذي كان متواجدا بمركز الأمن بالحفصية فقاموا بنقلي إلى هناك. ولما عرضوا عليه الأمر على نحو مغاير للحقائق حيث ادعوا أني قمت بمخاطبتهم بطريقة فضة وغير ملتزمة تليق بمقامهم كأعوان أمن وهنا تدخل عون الإرشاد لسماعي ثم قام بتهدئة الأجواء وخاطبني بكل لباقة ولياقة وحاول شرح الأمر حيث أن الظروف التي تمر بها البلاد في هذه الفترة وبعد الأحداث الأخيرة فإن الأعوان كانوا في حالة توتر مما ساهم في حصول سوء تفاهم وطلب مني المغادرة صحبة عائلتي التي لحقت بي إلى مركز الأمن.
وخلاصة القول أنه من غير الجائز تكليف أشخاص غير مؤهلين في الحقيقة هم من بقايا البورقيبية متخرجين من مراكز محو الأمية الراجعة إلى محاضن أطفال بورقيبة وإقحامهم في ملفات كهذه خطيرة وهم غير قادرين على التعامل معها بشكل حضاري وتعودوا أن أعمالهم تنحصر في التدخلات العضلية لفض المعارك بين المنحرفين والنشالين وجمع الغنائم من الانتصاب الفوضوي والتستر على النشالين لتقاسمهم كل ما يغتنمه هؤلاء  فمن غير المعقول أن يقوم أشخاص بهذه المواصفات بإلقاء التهم جزافا على المواطنين الأبرياء وجرهم إلى مراكز الأمن بدون وجه حق مما ينجر عنه شحن الضغينة والحقد وقد يؤدي هذا الوضع إلى ما لا تحمد عقباه وإدارتهم المشرفة عليهم « عزوزة ما يهمها قرص » أي إدارة الأمن العمومي الراجعة بالنظر إلى الإدارة العامة للأمن الوطني بوزارة الداخلية التونسية.
وختاما أسأل الله أن يكون في يوم من الأيام على موعد مع أحد السلفيين الحقيقيين وأن يتصرف معه بمثل ما فعل معي وعندها سيتلقى الرد المناسب. حرر بتونس في 10/01/2007 ——————– * سجين إسلامي سابق ، قاطن 4 نهج أحمد بيرم باب سويقة تونس 1006 ، الهاتف : 361.487 98  
 

بعد مؤتمر اتحاد الشغل من المستفيد من التهجم على علي بن رمضان؟

 

 
الامين محمد يريد هذا المقال رفع بعض المغالطات التي حررتها بعض الأقلام التي كتبت عن مؤتمر اتحاد الشغل بالمنستير وحملت تشويها مجانيا وغير مبرر لعضو المركزية النقابية الأخ علي بن رمضان. يهمّني كنائب في المؤتمر (واكب كامل الأشغال) أن أصحّح بعض المعطيات آملا في أن يكون ما وقع اعتماده في تلك المقالات مجرد خطا في التدقيق في صحّة المصادر الإعلامية. وقع الاستناد في « تجريم » علي بن رمضان واتهامه بأنّه « مصرّ على افتكاك قسم النظام الداخلي » وبأنّه »سيشنّ حملة تصفية ضدّ كلّ الذين وقفوا في وجهه قبل مؤتمر المنستير » إلى مجرد » تصريح لنقابي من جهة صفاقس » (بقي صاحبه نكرة) ولانطباعات (نسبها لبعض النقابيين!!) من قبيل: « إنّ إحساسا عامّا ساد لدى النقابيين بأنّ أمرا ما يجري فعلا لتوريث القيادة في القراقنة ». وهو ما يؤكد تناغم هذا المقال مع الحملة التّي قادها عناصر حزب العمّال ضدّ السيّد علي بن رمضان والتي برزت عناوينها داخل المؤتمر وعلى هامشه من خلال تصريحات و نقاشات هؤلاء ومن خلال تحالفاتهم ومن خلال الشعارات التي اشتركوا في رفعها (مع المحسوبين على السلطة وبعض المنتسبين لفصائل اليسار المراهق) من قبيل « حركتنا مستمرة والسيستاني على برّة ». إنّ هذه الحملة تذكرنا بنفس الحملة التي خاضها هؤلاء إبّان مؤتمر سوسة ضدّ السيّد علي بن رمضان بوصفه « خوانجي » وبانحيازهم في المقابل لقائمة السحباني وبتقدم أحد عناصر هذه المجموعة (حمادي بن ميم) في مؤتمر الاتحاد الجهوي بتونس ضمن نفس القائمة مع عبد العزيز الجعايدي (« الشريف »). لقد فشلت السلطة على امتداد أكثر من 15 سنة في إثبات تهمة الانتماء على علي بن رمضان لتيارات الإسلام السياسي (و إلاّ لما كانت تغاضت عنه وتركته خارج السجن) ونجحت مخابرات هذا الحزب ومحاكم تفتيشه في اكتشاف هوية وانتماء هذا النقابي. ولنفرض جدلا بانّ علي بن رمضان هو بالفعل « اخوانجي » فما الضرر من ذلك وزعيم حزب العمّال ينسق علانية مع مناضلي حركة النهضة و » يوحّد معهم الممارسة من أجل مقاومة الاستبداد »؟ وإذا كانت أولية الحزب تتمثل في مقاومة الاستبداد لماذا اختار السيّد الجيلاني الهمامي التواجد على نفس القائمة مع توفيق التواتي ومحمد الشابي وسليمان الماجدي والهادي الغضبان ورضا بوزريبة؟ أليسوا جميعهم من عناصر السلطة داخل الاتحاد ويمثلون ركائز أساسية لدعم الاستبداد؟ ثمّ كيف لهذا الحزب أن يدّعي الغيرة على وحدة الحركة النقابية ويتوجس من « تصدعها وانقسامها » والعديد من مناضليه كانوا ضمن قائمة مؤسسي « الكنفدرالية النقابية » ولم يفكروا وقتها في وحدة الحركة وخطر تقسيمها؟ كذلك اعتمد المقال على جملة من الأكاذيب ليوهم القارئ بمصداقية مصادره الإعلامية وبجدية بحثه وتحليله فادّعى مثلا  » أنّ نور الدين الطبّوبي انتخب منسقا للجنة النظام الوطنية وهو ما يؤشر حسب رأي الكاتب بأنّ حملة التصفية آتية لا ريب فيها » وادّعى أيضا بأنّ النقابيين رفعوا شعار « لا توريث ولا تمديد و العزيمة من حديد » عند طرح نقاش نقطة دورتي المسئولية في المكتب التنفيذي »!!! وهي مجرد أحلام يقظة تفتقت عليها مخيلة الكاتب. في حين أنّ الحقيقة التي يمكن أن يشهد بها الجميع هي أنّ هذه المسألة لم تطرح للنقاش بالمرة وأنّ الخلاف قد حصل حول مشروع الهيكلة وحول ضرورة حسمه في مؤتمر المنستير أم إرجاؤه لمجلس وطني لاحق. كذلك ادعى صاحبنا بأنّ « بعض الأعضاء طلبوا من حسين العبّاسي الترشح لتولي مسئولية قسم الإدارة والمالية أو قسم التشريع والنزاعات فرفضهما » والحال أنّ الجميع يعلم بأنّ العبّاسي قد تولى فعلا مسئولية قسم التشريع، فهل لا يستحي صاحبنا من كذبه المكشوف؟ ثمّ ورد في النقطة الأخيرة بأنّ علي بن رمضان « قام يوم 26-12-2006 بجولة تفقد لمكاتب بعض الجامعات والنقابات العامة للإطلاع على ظروف عملها فعلق البعض على ذلك بأنّ علي بن رمضان بدأ يتصرف كأمين عام للمنظمة » والحقيقة هي أنّ علي بن رمضان قد قام فعلا بمثل هذه الزيارة وذلك قصد متابعة وضع التفرغات النقابية وللوقوف على مدى التزام المتفرغين بتوظيف أوقات تفرغهم لخدمة الشأن النقابي ولإحصاء البعض الآخر من هؤلاء الذين يستغلون تفرغاتهم للسفر للخارج ولممارسة « تجارة الشنطة » أو ليمارسوا التدريس في مؤسسات التعليم الخاصة أو ليقوموا بأنشطة أخرى لا علاقة لها بالعمل النقابي، وهو عمل يدخل بكلّ تأكيد ضمن اهتمامات قسم النظام الداخلي الذي يشرف عليه السيّد علي بن رمضان وإنّي بالمناسبة أدعوه بكلّ إلحاح ليقدم على تصفية هذا الملف بكلّ شجاعة وبكامل الجرأة التي يتطلبها إصلاح قسم النظام الداخلي ووضع حدّ لمخلفات الارشاء والإفساد التي مارسها المسئول السابق عن هذا القسم. إنّ مصادر الإعلام المشبوهة ( « تصريح النقابي الصفاقسي »، و »إحساس النقابيين ») إلى جانب كثرة المعلومات الخاطئة التي استند عليها صاحب المقال كلها تؤكد عدم نزاهته وتكشف رغبته في التحامل على السيد علي بن رمصان بوصفه يمثل رؤية نقابية تخالف رؤية صاحب المقال وبقية الأطراف التي تحالف معها لذلك نجده يتغزل بردود حليفيه (رضا بوزريبة والمنصف اليعقوبي)ويضخم الخلافات داخل البيت النقابي بين علي بن رمضان (صاحب مشروع وفكرة التوريث والمتطلع لتصفية الذين وقفوا في وجهه وبين باقي مكونات الحلف الذي وقف ضدّه من كتلة الشمال وخاصة الاتحادين الجهويين في كلّ من تونس وبنزرت بوصفهم رأس الحربة « للطرف المناوئ »وباعتبارهم بدؤوا الاستعداد لمواجهة الحملة المتوقعة وشرعوا في الهجوم المضاد للإعلان على بدئ المعركة بصورة مبكرة.ثمّ ينتقل بعد كلّ ذلك ليعبّر عن مخاوفه من خطر « تصدع الاتحاد وانقسامه »ومن تلهية النقابيين واستنزاف جهودهم على حساب العناية بالملفات النقابية وعن خشيته من إهمال كلّ القضايا ذات العلاقة باهتمامات النقابيين. فهل ثمّة فتيلا لإذكاء نار الصراع ولبث الفتنة أكثر نجاعة من مقال كاتبنا هذا؟ وهل ثمّة تحريضا ودسا بإمكانهما أن يوغرا القلوب ويؤلبا النقابيين بعضهم ضدّ بعض ويكونا أكثر فاعلية من التحريض الذي أتى به مخبر « موقع البديل » ؟ وهل مازال مجالا للحديث عن تأثيرات نوايا علي بن رمضان -إن صحت- أمام « استنتاجات وتصريحات وأحاسيس » النقابيين الذين استند إليهم صاحب المقال وأمام استعدادات أطراف التحالف المناوئ لبن رمضان واستعدادهم للمواجهة وللشروع بالهجوم المضاد. إنّنا نخشى فعلا أن يؤدي شعور الإحباط لدى الإخوة في حزب العمّال (جرّاء تراجع تأثيرهم في الاتحاد العام التونسي للشغل ونتيجة لتهميش دورهم على مستوى هياكله المسيّرة وهيأت القرار فيه إلى العودة بهم لتحالفاتهم ولصراعاتهم القديمة(بداية التسعينات) ونخشى تبعا لذلك على صديقنا علي بن رمضان (لا سمح الله) من التعرض لما سبق أن تعرض له خصوم « البوكت » في تلك الفترة. _______________________________ شواهد هذا المقال من موقع البديل بتاريخ 27-12-2006، مقالان أولهما بعنوان « الاتحاد العام التونسي للشغل: معركة الخلافة ومخاطرها » والثاني بعنوان « أصداء الساحة النقابية بعد مؤتمر المنستير ». وحيث لم يحمل المقالان توقيعا فمن الأرجح أن يكونا يعكسان وجهة نظر الطرف -أو جزء من الطرف- السياسي الذي يتولى الإشراف عل هذا الموقع أي حزب العمّال الشيوعي التونسي.
 
(المصدر: مجلة « كلمة »، العدد 49 – جانفي 2007)
 

ســواك حار (12)

ســــواك: صابر التونسي أنت وين من.. زمان؟! » هكذا تحدث الكاتب الكويتي فؤاد الهاشم مخاطبًا الحبل الذي أعدم به صدام، وكتب في مقاله بصحيفة الوطن الكويتية « أتمنى لو أنني استطعت لمس حبل المشنقة الذي التف حول رقبة الديكتاتور المقبور، ثم أطبع قبلة على الحلقة التي كسرت رقبته » *
« هي هاي المرجلة؟؟!! » ( ترجمتها: »هل هذه هي الرجولة؟ ») هذه الأمنية يسعى رجل أعمال كويتي لتحقيقها حاليًّا، وبحسب وكالة قدس برس فقد طلب شراء الحبل الذي شنق به الرئيس المخلوع السبت 30-12-2006. ويقول الرجل الذي لم يكشف عن اسمه: إنه مستعد لشراء الحبل « مقابل أي مبلغ مهما كان للاحتفاظ بهذا الحبل لديه ».*
كثيرون هم الذين دفعوا أموالا طائلة في أشياء كانت سببا في هلاكهم!
الحبل مثار الصفقة موجود حاليًّا بحسب مصدر عراقي مطلع بحوزة الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر الذي ربطه بصدام ثأرًا…ومن غير المعروف كيف وصل الحبل ليد مقتدى الصدر،*
لعلّهُ كُتب لهذا الحبل أن يشنق زعماء آخرين ارتكبوا جرائم إبادة طائفية! كما كُتبَ للحربة التي قتلت حمزة (رضي الله عنه) أن تقتل مسيلمة الكذاب! والتشبيه للحبل بالحربة وليس لصدام بحمزة وأما بقية الأطراف فهي متشابهة!!
ويبدو أن هذا الثري الكويتي أراد أن يحتذي بكويتي آخر قام بشراء أجزاء من تمثال صدام حسين الذي حطمته القوات الأمريكية في ساحة الفردوس …إلا أن عملية الشراء تمت آنذاك عبر وسطاء أمريكيين، حيث قام المشتري بعرض رأس التمثال في ديوانيته الخاصة التي يرتادها المئات من الكويتيين.*
لو طلب هذا الثري الشهرة بشراسة مقاومته للإجتياح العراقي للكويت لكان جديرا بالإحترام! لقد تبين لنا تبعية النهضويين الكامل للفكر و المال السعودي وانهم لا يمثلون تطلعات الشعب المسلم في تونس.**
سبحان مغير الولاءات والأحوال فقد كانوا ينعتون إلى وقت قريب بالخمينيين!! اننا لا نباع و لا نشترى اما الصاق التهم الينا ورمينا تار ة بالعمالة واخرى بالكفر من طرف النهضويين فان الشئ من ماتاه لا يستغرب!**
صفة البضائع الفاسدة والدخيلة أنها لا تجد من يبيعها أو يشتريها! ليعلم الاخ الكريم ان اجدادي في الجنوب التونسي هم من شيعة ال محمد سلام الله عليهم قبل ان تصبح ايران شيعية في القرن السادس عشر ميلادي.**
كل الشعب التونسي « شيعة » لآل محمد (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) وهم أولى بهم من أصحاب اللطم والندب الذين أثبتوا أن العِرق دساس! إن المسلمين امة واحدة نبيها واحد و كتابها واحد اما المنافقين و الذين في قلوبهم مرض فهم تارة يتسترون تحت مسمى أهل السنةو أخرى السلف و القومية العربية و لكن سيفتضح أمرهم ولو بعد حين **
طبعا من لم ينتسب للشيعة فهو كافر كائنا ما كان الإسم الذي يحمله! و ما نعي حركة النهضة للمجرم صدام الا دليل على ارتهانها في احضان القوميين و الوهابيين و نست او تناست ان هذا العربيد لا يمثل شيئا من الاسلام لا سنة ولا شيعة و انه قتل الشرفاء و العلماء من السنة و الشيعة.**
إن صح النعي فقد صح الإرتهان! وإن كُذب فالشيئ من مأتاه لا يستغرب! لكن من المهم أن أشير الى تركيز الفريق الذي تَنتَمي (الشيعة، والخطاب لعماد الدين الحمروني) اليه في تونس على نقد الحركة الاسلامية المعتدلة في تونس (و هي سنية في معظمها) بشكل غير دقيق أحيانا مقابل مجاملة السلطة بشكل دائم*.
السيد الطاهر لسود يقول أنه باحث (مع احترامي) ولا يعلم أن أدعياء التشيع يوالون على الأسماء ويقتلون عليها أيضا! ألا تعلم ما يعنيه اسم (زين العابدين) واسم (عليّ) لأنصار المذهب الشيعي؟! لو كان حاكم تونس اسمه أبو بكر أو عمر لكان موقفهم مخالف! ويشتد الخلاف لو أن « سيدة تونس الأولى » اسمها عائشة وهذه عندهم أشرف من تلك!! …قد وجدت في تنفيذ حكم الإعدام ضد الطاغية صدام في تاريخه المذكور، وبالصورة التي نقلتها سائر وسائل الإعلام العربية والدولية، خطأ فادحا ينم عن غباء سياسي وعقل طائفي مريض وتلاعب خطير بالمصلحة الوطنية العراقية،***
على رأيه، السيد شوكات يبكي بحرقة الدكتاتور العراقي صدام حسين ويعيب على غيره!! (وهكذا يكون إخراج الكلام عن مسا قه) هذا وأشارت معلومات أخرى إلى تكرر عمليات الاشتباك بين هذه العناصر وعناصر من وحدات الأمن الوطني بمنطقة « المنيهلة » على مقربة من مدينة حمام الأنف-15 كم جنوب العاصمة-,حيث وقعت هذه المواجهات المسلحة بحسب نفس المصدر  المصدر بفارق يوم واحد تلى تاريخ اندلاع أول اشتباكات بمدينة حمام الأنف التونسية****.
 
يبدو أن مصادر السيد (مرسل الكسيبي) مصادر أجنبية عن تونس ف « المنيهلة » تقع شمال العاصمة تونس (على طريق بنزرت) ولا علاقة لها من حيث الموقع مع حمام الأنف أوالشعبية وبرج السدرية فهم فعلا جنوب العاصمة! (*) نقلا عن إسلام أون لاين (**) تونس نيوز عن نواة (***) تونس نيوز عن إيلاف (****) تونس نيوز عن الوسط  
 

أجنــــــدة (1/2)

 

الجــــزء الأول

 

 

أجنـــدة حكــامنا

صفراء فاقع لونها تسر الناظرين، فإذا فتحتها وجدت العدم يحمل وجودا… عنوان الصفحة الأولى استبداد وفقر وتخلف ومحسوبية، في الثانية تكالب على ثورات البلاد وتقاسم لجغرافيته وتاريخه، وبيع بالمزاد العلني لما تبقى من الفتات..، في الصفحة الثالثة طمس للحقائق وتكتم وتعتيم، وضحك على الذقون… في الظلام…، في الصفحة الثالثة مكرّر، أهازيج غير مسموعة وأفراح ومسرات وتحضير لأيام عرس طويلة من دعوات ومشروبات وكراء صالونات وشراء ذمم ووجوه وكذب وافتراءات… عنوان الصفحة عرس الوطن : توريث الحكم والاحتفال بجمهوريات الموز الجديدة… والموز منا براء، ونحن لا نصدر الموز ولا نقع في أدغال إفريقيا أو في غابات الأمازون…

 

أجندة حكامنا كتاب مقدس معصوم من الأخطاء  صُفِفت كلماته وسطوره في الخفاء، وأنزل من غير أبواب السماء، وتلقفته أياد قليلة على غير أرضها وفي ظلال قصورها، تحمل رأي رجل واحد وعناده وتعنته وخرفه، وكابوس الملايين.. كل الصفحات سواد في سواد مع دخان سميك ينطلق من ثنايا الصفحات لا تراه العين ولا تشمه الأنوف ولكنك تجده في كل جسدك يسري مسرى الدم في العروق، يكتب على مرمى من عينك قصة وطن جريح مكلوم عنوانها القهر والاستخفاف.

 

أجنـــدة المواطن

في الصفحة الأولى مواطنة… في الثانية مواطنة… في الثالثة مواطنة….، إحساس باللهث وراء المجهول، و بعض الحياء ينتابك..، بقية الأوراق بيضاء لا شيء فيها..! تتوالى دون ضجيج وكأنها تخاف اللمس والهمس… بعض الأوراق مبللة! أهو الأمل في العيون والبشرى التي تدغدغ المشاعر ونسمات صبح جميل تعلن انسياب دموع الفرح بغد أفضل؟ أم هي آهات الماضي لم تنته صداها، وحفريات في ذاكرة أيام سود تجدد اللقاء على ضوء فانوس خافت لا يكاد يضيء..، آلام الحاضر تتواصل في ظل مآسي وأنهار من دماء ودموع!

 

أجنـــدة الوطن

لا يريد وطننا أن يحمل أجندة، فكفاه حمل ماض ثقيل في بعض أيامه، وحاضر أثقل في كل أيامه… كل أجنداته السابقة لم تر النور أو انقطع مددها خارج القصر، دهس بعضها دبابة وطنية أو خارجية، وبعضها كان الخرف لها بالمرصاد، وبعضها الآخر حملت نعشها خيانة حليف وصديق العمر…

أجندة الوطن الأسير مواطن، أجندته كرامة، أجندته الإنسان شرقت أو غربت ينابيعه..، أجندته ليس فيها بداية وليس فيها نهاية، يجتمع فيها التاريخ والحاضر دون إقصاء وعلو، وعلى منابر من نور.. إن وُجِد المواطن الكريم وُجِد الوطن، وإن انعدم،  انعدم الوطن وانعدمت أجندته وحل البوار والعدم، فالوطن يعيش فينا قبل أن نعيش الوطن!

 

بقلم : مواطــن

المصدر: ركن خواطــر موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net

 

وقفة وتعليق
كتبه عبدالحميد العدّاسي
« … وتُحدّثنا كتب التاريخ عمّا جرى في بغداد عند دخول هولاكو فيها، فإنّه ارتكب أكبر مجزرة عرفها التاريخ، بحيث صبغ نهر دجلة باللون الأحمر لكثرة مَن قتل من أهل السنّة، فأنهار من الدّماء جرت في نهر دجلة حتّى تغيّر لونه فصار أحمر، وصبغ مرّة أخرى باللون الأزرق لكثرة الكتب التي ألقيت فيه. وكلّ هذا بسبب الوزيرين القيصر الطوسي ومحمد بن العلقمي، فقد كانا وزيرين للخليفة العبّاسي، وكانا شيعيين وكانت تجري بينهما وبين هولاكو مراسلات سريّة حيث تمكّنا من إقناع هولاكو بدخول بغداد وإسقاط الخلافة العبّاسية التي كانا وزيرين فيها، وكانت لهما اليد الطولى في الحكم، ولكنّهما لم يرتضيا تلك الخلافة لأنّها تدين بمذهب أهل السنّة، فدخل هولاكو بغداد، وأسقط الخلافة العبّاسية، ثمّ ما لبثا حتّى صارا وزيرين لهولاكو مع أنّ هولاكو كان وثنيّا. (*)
ومع ذلك فإنّ الإمام الخميني يترضّى على الطوسي والعلقمي ويعتبر ما قاما به يعدّ من أعظم الخدمات الجليلة لدين الإسلام… »
كلام مقتطف من كتيّب بعنوان  » لله ثمّ للتّاريخ « ، بيّن فيه كاتبه المرجع الشيعي الرّاجع إلى الله تعالى ( تقبّله الله وثبّته على الحقّ ووضع له القبول بين النّاس )، غلوّ قومه من الشيعة وعدم قبولهم بمَن يسمّون عندهم بالعامّة والنواصب ( أهل السنّة ) ومن يعتبرونهم حسب شهادته – أثابه الله – كفّارا أنجاسا شرّا من اليهود والنّصارى، أولاد بغايا، يجب قتلهم وأخذ أموالهم، لا يمكن الالتقاء معهم في شيء لا في ربّ ولا في نبيّ….
وإنّي إذ أتوقّف عند هذا الكتاب أو عند هذه الفقرة منه، فإنّ غرضي من ذلك ليس محاولة إقناع هؤلاء بالإقلاع عمّا هم فيه، إذ لعلّهم لا يعبؤون لـ » كافر  » مثلي، ولكنّي أتوقّف لكي أجري بعض المقارنات بين الأمس واليوم وربّما الغد. فقد أفلح الكاتب الرّاجع إلى الحقّ في جعل مقولة  » التاريخ يعيد نفسه  » محسوسة مشاهَدة، وأنت ترى الهولاكوات ( جمع هولاكو سالم ) تُستقدَم من بلاد رعاة البقر بذات الأسلوب و عن طريق نفس الأشخاص ولذات الغرض. فقد عمل جمع من أبناء العراق، ممّن ملء الحقدُ جوانبَهم على بعض أهل العراق من العامّة، على إيهام الهولاكوات الأمريكية والصهيونية باستعداد أبناء العراق  » البررة  » لاستقبالهم بالورود والبسط السندسية الحمراء الوارفة. وقد قبل الهولاكوات بذلك فقدموا ليغرقوا الشوارع بدماء المسلمين وخاصّة العامة منهم وبأشلاء أعراض النساء المغتصبة والرّجال الممنوعين من الدّفاع عن أعراضهم. ولم يكتفوا هذه المرّة بإتلاف الكتب وتغيير لون ماء النهرين بحبرها، بل سارعوا إلى إتلاف كلّ شيء، فسرقوا التحف والنفائس التاريخة وقبضوا العلوم بتغييب أصحابها وهرّبوا المال ورِقا وطاقة وأفسدوا الماء والتراب والهواء، وقضوا على كلّ البِنْيات، وأعاقوا المروءة وقتلوا الأمن والثقة بالنفس وبالجار وبالقريب. في حين سارع المستقدِمون (للهولاكوات) إلى أخذ أماكنهم في ترتيبة المتذوّقين للحم العامّة الرّخيص مكشّرين عن مخابئ صدورهم المقرّة باختلاف الربّ والنّبيّ والخليفة، وقد كان ذلك منهم واضحا خاصّة فيما أقدموا عليه صباح العيد الكبير ( عيد المسلمين )، من إعدام صدّام حسين آخر رمز عامّي رسمي (**)، فلا بارك الله فيهم ولا في هولاكواتهم …
وممّا يزيد الصورة بشاعة وجود تجمّع ضمّ الكثير من المناصرين للهولاكوات الساقطين أو لمستقدميهم التافهين، فعملوا باقلامهم على تزيين صنائعهم السود وإظهارهم بمظهر البطل الفاتح الذي لا يشقّ له غبار ولا يُعثر له على عار. وقدّموهم لنا كرساليين جاؤوا يعلّموننا المدنية والديمقراطية، فجمعوا بذلك سقوطهم وتفاهة مستقدميهم… الكثير منّا يرفض الخوض في مواضيع متعلّقة بـ »العامّة  » أوبنظرة الآخر لهم، في محاولة للإبقاء على بعض ما يجمع، غير أنّ سوادا قد تكون ساهمت في إيجاده الأحداث الأخيرة بتونس يدفعني إلى القول بإنّ إيقاف الأسباب المبالغة في إيذائنا نحن العامّة وأبناء العامّة ضرورة تقتضيها الحياة المدنية البعيدة عن التعقيدات الدخيلة التي ما نزلت أرضا إلاّ أفسدتها وجعلت أعزّة أهلها أذلّة…
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*): هذه المعلومة التاريخية، يُسأل عن صحّتها ودقّتها الكاتب، فقد تناول آخرون الموضوع من زوايا أخرى تختلف عن هذه الرّواية… (**): رأيي في الرّجل: أنّه إذا اشترك مع كلّ حكّام العرب في ظلمهم لرعاياهم، فإنّه قد امتاز عليهم في حيازة قسط كبير من الغيرة على الشؤون العربية الحسّاسة لعلّ أهمّها القضية الفلسطينية، والكثير يشهد له بذلك. (القضية الفلسطينية إسلامية ولكنّي استعرت صفة العربية لها مراعاة لبعض الحساسيات ).  
 

بـاعُــــوك يــــــــا وطـني

عبدالباقي خليفة باعوك يا وطني بدراهم معدودات بصفقة بجواز سفر بولائم الملمات باعوك يا وطني ولم يأسفوا على ما فات باعوك يا وطني باليورو والدولار بجلسة في حضرة السلطان بشيك عابر للحدود ومسمار ليدق في نعشك يا وطني باعوك باعوك ودموع الثكالى لم تجف ودماء الشهداء لم تجف وأبو جهل ينادي في الخندق أعل هبل بل نادوا أعل هبل ورمو بمنجنيق من حبر وورق تاريخ المجد والملحمة وحتى المستقبل والمرحمة باعوك يا وطني والحجاب يمزق والمصحف يمزق والدماء الطاهرة تولغ فيها الكلاب والذئاب الضامئة خانوك يا وطني يكذبون ليسوا من أهلنا ولا ملتنا من ولوا الطاغوت ظهورهم وغرسوا خناجرهم في خصرنا ليسوا إخوتنا من باعوا من ساوموا من انخرطوا في حربنا لجرنا لداحس و الغبراء في أرضنا في فكرنا في ديننا في عيشنا في حقنا لا لا ليسوا إخوتنا من تركوا الطاغوت واستهدفوا هدفنا من سلم منهم الطاغوت ونالوا من مفجر صحوتنا لم تسلم منهم دعوتنا باسم الاصلاح والاصلاح قدوتنا من بنى مجدا على حساب محنتنا من باع القضية بجواز سفر بهاتف من ( كابران شاف ) * بمسبتنا بجلسة على مائدة اللئام في قصر دولتنا ليسوا إخوتنا من سجنوا من غذبوا من داسوا على كرامتنا كلا ليسوا إخوتنا من حرموا إخوتنا نعمة الحرية في أرضنا من ولغوا في عرضنا من نزعوا الحجاب عن حرائرنا وأدمنو قهر الاحرار في ربوعك في نجوعك في سهولك في كل شبر من جسمنا باعوك يا وطني ونحن جزء من دمك من لحمك من عروقك كيف هنت عليهم يا وطني كيف دخلوا جرحنا كيف هان عليهم جرحنا ونحن بالامس كنا معا نحلم بوطن للجميع والانا للعدم هل هي الانا دفعتهم لبيعنا لبيعك بعد أن باعوا الدين والنفس والحلم الذي جمعنا ليتهم يعودون فنحن الامس ونحن اليوم ونحن الغد وما بعد الغد نحن هناك ونحن هنا (*) كابران شاف كلمة فرنسية تعني رقيب أول سواء في الجيش أو الشرطة أو المخابرات عبدالباقي خليفة في 8 يناير 2007
(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 10 جانفي 2007)


 

رسالة مـفتوحة إلى  السيـٌد    

Fredrik   Reinfeldt 

رئيس وزراء السويد

باريس،في 10 جانفي سنة 2007

 

بكل محبٌة، و بكل ما في الإنسانيٌة من معاني سامية أتوجه إلى دولة السويد،أرقى في نظري ما في المجتمعات السكندنافيٌة من حيث تقديس النفس البشريٌة و إحترام الجسد الآدمي . و الدولة شبه الوحيدة على وجه البسيطة التي تمقت الفكر الإستعماري وتحاول الإبتعاد عن العمل العنصري.

.

أتوجه إلى الشعب السويٌدي الكريم من خلال رئيس وزرائه قائلا و محذرا له بأن لا تنطلي عليه الأطروحة التي تُسوٌق الآن من طرف من لا تعرف الإنسانيٌة و إحترام النفس البشريٌة إليه سبيلا. تنسج على منوال الكراهيٌة المجٌانية و بخيط عملقة الدنيٌ من جهة و من ليس هوحقيق لها من جهة أخرى وتقزيم من إتخذ في حياته و جعل من خطه السياسي و الجمعياتي و الحقوقي من المحبٌة و إحترام الخصم قبل الموالي مسلاكا أساسيا في كل أعماله و صنائعة العلنيٌة منها والمبطنـة.

 

ليس الرئيس المخلوع ثم المعدوم صدام حسين لوحده الذي ينتمي للدكتاتوريٌة بل جل القادة العرب في الخاصة و اصيلي آسية الوسطى في العامة وإن الديمقراطيٌة بعيدة كل البعد عن النفسيٌة الآسيويٌة الوسطي و إنهم لا يعشقون إلاٌ قوٌة سواء كانت لهم أو عليهم من جهة و لا ينظرون إلا إلى ألهنة الذات و لا يعشقون إلاٌ من هو للتملق و السعاية و المصانعة خليلا.

 

إن إعدام صدٌام حسين يوم العيد،عيد فرضه علينا سيٌد الديانات السماويٌة « إبراهيم » . ما هو إلاٌ  لعبة قذرة تطبق على حد سواء من طرف الإمبرياليٌة الجديدة و المبدأ الفارسي القديم وذلك لتكريس و تعميق فجٌ الكراهيٌة بين ذٌّرية آدم و حوٌاء و تفعيل إقتتال دائم بين الجنس الواحد .

و إنٌ العالم المتحضر إذا دخل  في هاته اللعبة القذرة سوف يكون شريكا في تدمير أمٌة بكاملها، ينحدر منها كل الأنباء أصحاب الكتب المقدسة التي تحمل في طياتها من نصوص صريحة تبرز أن في التسامح صدر الإنسانيٌة وفي إحترام الغير من أبرز خصائل الإيمان بالله و أن افضل المخلوقات عند الله بعد الأنبياء من سلم الإنسان من شٌر يده و لسانه.

 

هنا،أقول، بكل ما في موسي من شجاعة و ليسوع من محبة و في محمد من أمانة ، للشعوب السكندنافيٌة في العموم و إلى الشعب السويدي   بالخصوص ،حذاري من وقوع في فخ أفكار دفينة في العقل الفارسي القديم الذي يرمي للسيطرة على كل اطراف الجزيرة العربيٌة بما فيها من موارد طبيعيٌة. و إنٌ في النفسيٌة الفارسيٌة ليس هناك  من بارز الأشياء يسمى بالوفاء للصداقة أو للجنس البشري دون من هو فارسي.

كما أن من أركان النفسيٌة الفارسيٌة منذ غابر الأيٌام و الأزمنة عدم إعتبار فضيلة الصداقة إلاٌ بما تدرٌ عليهم من منافع و كبر المقام أمام مختلف الأمم  و شعوب المنطقة و غيرها.

 

إذا،أصبح لزاما عليا أن أسدي من نصائح ما  أسداه والدي من حيث المضون سنة 1965 إلى أحد أركان الجمهوريٌة الفرنسيٌة الخامسة بما يرمز أنه يجب على رجالات السويد العمل بكل جديٌة على الحفاظ عن نقاوة النفسيٌة السويدية من كل تآكل أوإندثار ضمن العديد من النفسيات غير السويٌة الوافدة من خارج الأصول السويدية دون تفرقة عنصريٌة حتى لا تندثرالأسطورة السويدية المعروفة بإحترامها للنفس البشريٌة و الجسد الآدمي وعشقها لأركان بما يسمى بالديمقراطيلٌة.كما أقول من النصح لمن يهمه الأمر من مركزيٌة صنع القرار في دولة السويد ما نصحت به الولايات المتحدة الأمركية في ذات السيٌد  » وران  » أحد العناصر الرئيسة  بالسفارة الأمريكيٌة في تونس أثناء إسقاطات حرب الخليج الثانيٌة حتى يتم الحفاظ على ما تبقى من محبة و إحترام جل شعوب العالم لمبادي الحريٌة و إحترام حقوق من أختار له الله أن يواطن الأرض الأمريكيٌة الشماليلٌة.

وعندما لم يتم سماع النصيحة بإعاز من أحد أبرز رجالات النظام التونسي وقعت الولايات المتحدة في مطب لم تتملص منه البتة إلى نهاية الدهور و سيدفع احفادها الثمن في مستقبل العصور.

 

بالموازية لذلك وبكل أنفة وعزة نفس، ليس هكذا يعامل اللاجي السياسي لا من حيث الإنسانيّة و لا من حيث الوضع المادي في بلد  كالسويد، يعتقد و يتبجح بالحق أمام العالم بأنه يتربع على عرش إحترام سلالة « آدم » ويعتلي درجات عن غيره في رعايته للنفس البشريّة و السهر على تطبيق حقوق الإنسان في العامة و يمقت التفرقة الإجتماعيّة و العرقيّة.

 

   أغتنم الفرصة بالتوجة بصالح القول وبطيب نفس إزاء أنصاف الأشقاء بانه ليس هناك من هو مأهل قوميا و دينيا في منطقة الشرق الأوسط  بان يبني من الصروح الثابتة لتوفير الأمن و الأمان في المنطقة برمتها إذا إتبعت قياداتها سبل و طرق و المفاهيم الدينيٌة الصحيحة في نظري للدكتور أسعد أحمد عليٌ الذي  ٌلايمثل كما يزعمون البعض من أصحاب النفوس المريضة من الديانات السماويٌة من الأخطار على كل طالع ديانات المنطقة المقدسة إلا على من لا ينتمي للفكري الديني المستنير من الديانات الرئيسة و لا يفهم معنى الديانة الكونيّة التي تكرّم بني آدم تطبيقا لأمر الله الواحد الأحد. وإني من أصغر تلامذته و الحمد لله .

                

    الشــاذليٌ العيٌـادي   

 


 

نص إجابات خالد مشعل على الأسئلة في المقابلة مع رويترز

 

دمشق (رويترز) – فيما يلي نص اجابات خالد مشعل القيادي في حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في المقابلة التي اجرتها رويترز معه في العاصمة السورية دمشق التي يقيم بها..

 

– بالتأكيد نحن قلقون ولكن نعتقد اننا لن نذهب الى حرب أهلية داخلية نعتقد ان الوعي الفلسطيني سوف يمنع الذهاب الى حرب أهلية داخلية ولكن ينبغي الالتفات من هو المسبب لهذا التأزيم الداخلي هل هي الخلافات الداخلية الفلسطينية.. هي لها تأثير ولكن ليست العامل الاهم.. العامل الاهم هو التدخل الخارجي الاسرائيلي والامريكي.. محاولة فرض شروط.. محاولة تقوية طرف على حساب طرف بمده بالمال والسلاح والتدريب.. هذا التدخل الخارجي في الشأن الداخلي الفلسطيني هو الذي يصب الزيت على النار ويدفع الخلاف السياسي الى خلاف ميداني وصراع داخلي.

 

– أول هذه الخطوات ان نذهب الى حوار وطني فلسطيني بين جميع القوى وخاصة بين حماس وفتح الحوار هو الوسيلة الوحيدة للتفاهم الفلسطيني حتى نتجنب الصراع المسلح والامر الثاني ان نحتكم الى القانون وان نحترم نتائج الانتخابات. اذا احتكمنا الى القانون واحترمنا نتائج الانتخابات والى قواعد اللعبة الديمقراطية هذا سيجنبنا الصراع بالتأكيد والامر الثالث هو ان نحيد أنفسنا عن التدخلات الخارجية لانها هي التي تدفعنا نحو هذا الصراع.. وهذا الصراع لا يخدم الا اسرائيل والادارة الامريكية والقوى التي تقف ضد الشعب الفلسطيني.

 

– هناك حوارات تجري بيننا وفتح والاخ أبو مازن في السلطة صحيح ان محطات فشلت في الحوار ولكن نحن كفلسطينيين ليس امامنا الا الحوار.. صحيح ان المجتمع الدولي يضغط دائما نحو الحوار بين الطرف الفلسطيني والاسرائيلي.. فمن باب أولى ان يكون الحوار بين الطرف الفلسطيني والفلسطيني هناك فرص للنجاح بشرط ان نطبق العوامل التي ذكرتها قبل قليل وخاصة ان نتحاور على أصول فلسطينية وقواعد فلسطينية وان نحيد الضغوط الخارجية وان نحتكم لقواعد اللعبة الديمقراطية هناك فرصة للنجاح نحن الان نسعى الى اقامة حكومة وحدة وطنية تشارك فيها القوى والفصائل والكتل البرلمانية على قاعدة وثيقة الوفاق الوطني ثم نتباحث في بقية التفاصيل امل ان ننجح في الايام القادمة للوصول الى هكذا نتيجة.

 

– هناك أولا جهود تبذل من الاخوة في مصر اضافة الى جهود فلسطينية محلية لمحاولة احتواء التأزيم الداخلي والخلافات الداخلية رغم ان لا تزال هناك أجواء احتقان مؤسفة وهناك ايضا جهود اخرى في الجانب السياسي وايضا مصر لها دور ومنظمة المؤتمر الاسلامي لها دور واضافة الى اتصالاتنا المباشرة ونأمل ان نستكمل ما بقي من نقاط خلاف حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.

 

– لا اريد ان ادخل في التفاصيل فهذه اتصالات غير معلنة تسوي الخلافات المتبقية هناك جوانب تم تسوية الخلاف عليها وهناك جوانب لا يزال خلاف حولها.. على سبيل المثال اليوم سيأتي وفد من طرف البروفسور اكمل الدين احسان اوغلو الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي سيأتي الى هنا ويلتقي بنا وسبق ان التقينا بالدكتور اكمل الدين وبالتالي الجهود موجودة ولكن للاسف التأزيم على الارض كبير. هذا التأزيم بحاجة الى احتواء واهم شئ ان تتوقف التدخلات الخارجية.

 

– كان هناك مشروع للذهاب الى حكومة وحدة وطنية وليس تكنوقراط ولكن وزراءها هم من الكفاءات وكنا نبحث عن صيغة نتجنب فيها الرموز ولكن هذا المشروع فشل الان نحن قلنا نذهب الى حوار غير مشروط كل يطرح رؤيته ونحن في هذه المرحلة متمسكون بالذهاب الى حكومة وحدة وطنية برئاسة الاخ اسماعيل هنية رئيس الوزراء الحالي وعلى قاعدة وثيقة الوفاق الوطني ثم نتفاهم على كل التفاصيل المتعلقة بتشكيل الحكومة وكيفية عملها في هذه المرحلة لان هذه الحكومة معنية ان تواجه الحصار وان تنهي التأزيم الداخلي وان تخدم شعبنا الفلسطيني وهي طبعا من مسؤوليتها ان تتعامل مع المجتمع الدولي ومع المحيط الاقليمي والعربي والاسلامي.

 

– لقد قلت نحن نتحاور للوصول الى هكذا حكومة بالطبع كل له قناعاته لكن الحوار يذلل الفوارق ويقربنا من بعضنا البعض الشهور العشر الماضية منذ ان تشكلت الحكومة الفلسطينية ادرك الجميع ان سياسة افشال الحكومة والانقلاب عليها عبر الحصار والتجويع ومحاولات العزل ومنع ادخال الاموال والفوضى الامنية ونزع الصلاحيات وكل هذه الاجراءات اضافة الى العدوان الاسرائيلي المتصاعد على شعبنا وزيادة عدد المعتقلين الى اكثر من احد عشر الف واعتقال اربعين من اعضاء المجلس التشريعي وحوالي عشرة وزراء ورئيس المجلس التشريعي الدكتور عزيز كل هذا الكلام ثبت انه فشل في اخضاع حماس وفي اقصائها وفي الانقلاب غير القانوني وغير الشرعي على نتائج الديمقراطية الفلسطينية لذلك الجميع يدرك انه لا بديل عن الحوار ونحن نفتح قلوبنا وعقولنا للحوار مع الاخوة في فتح ومع الاخ أبو مازن ومع جميع القوى الفلسطينية ونرحب بأي جهد عربي او اسلامي يساعدنا على الوصول الى نتائج ايجابية.

 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 10 جانفي 2007)

 


المفكر الإسلامي محمد عمارة يعتذر للأقباط

 القاهرة – عادل عبد الحليم – إسلام أون لاين.نت اعتذر المفكر الإسلامي المصري الدكتور محمد عمارة عن اقتباس ورد في كتاب له صدر حديثًا يعود لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي « يبيح إهدار دم » المسيحيين واليهود، مرجعًا ذلك إلى « السهو والنسيان ». وأثار كتاب « فتنة التكفير بين الشيعة والوهابية والصوفية » موجة غضب بين أقباط مصر الذين اعتبروا الكتاب يدعو لإهدار دمهم واستباحة أموالهم. وقال عمارة عضو مجمع البحوث الإسلامية في بيان اعتذار أصدره يوم الإثنين 8-1-2007 الذي حصلت « إسلام أون لاين.نت » على نسخة منه: « فور صدور كتابي عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية فوجئت بهجوم شديد عليّ وعلى الكتاب، ومن رموز مسيحية على وجه الخصوص ». أثارت تلك الانتقادات دهشة دكتور عمارة؛ لأن كتابه لا علاقة له من قريب أو بعيد بغير المسلمين، ولم يتعرض لمسألة العلاقة بين الأقباط والمسيحيين، وأنه خصص لنقد « آفة التكفير بين المذاهب الإسلامية »؛ ولذلك أرجع عمارة ذلك؛ لكونه ربما خطأ طباعي، بحسب البيان. السهو والنسيان ولكن وقعت المفاجأة -على حد تعبير عمارة- فبعد مراجعته لمسودة الكتاب بعد تصاعد الانتقادات والاتهامات له بإهدار دم المسيحيين في كتابه، لم يجد خطأ طباعيًّا وإنما وجد عبارة « إباحة الدم »، لكنه أكد أن تلك العبارة ليست له وإنما نقلها ضمن تعريف الكفر لحجة الإسلام أبو حامد الغزالي في كتابه « فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة ». واعتبر عمارة أن هذه العبارة التي تهدر دماء غير المسلمين والتي وردت في كتابه « تحمل حكمًا غريبًا عن الإسلام، بل نقيضًا لموقف الإسلام من غير المسلمين والذي يحرم قتل غير المسلمين أو استباحة أعراضهم، ويعطيهم في الوقت نفسه كافة الحقوق المواطنة وواجباتها ». وعن كيفية وقوع ذلك الخطأ، أرجع الدكتور عمارة ذلك إلى « السهو والنسيان » وثقته المفرطة في آراء الإمام الغزالي، وقال: « لا يمكن أن يتضمن كتابه مثل هذا الحكم الغريب، لقد نقلت عنه تعريفا للكفر والإيمان دون حذر؛ لفرط الثقة التي أكنّها له والتي يستحقها هذا الإمام العظيم ». وأقر عمارة بأن نشر تلك العبارة ألحق الضرر بحق بالغير، وقدم في البيان اعتذارًا واضحًا وصريحًا قائلاً: « إننا مطالبون كمسلمين أن نحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبنا الآخرون.. لذا قد وجب الاعتذار لكل من آذته العبارة الخاطئة التي وردت في كتاب حجة الإسلام الغزالي والتي نقلتها عنه سهوًا؛ لفرط الثقة في هذا الإمام العظيم ». وفي معرض تفسيره لوجود ذلك التعريف الذي وصفه بالغريب في باب كتاب الغزالي الذي طبع عام 1907 ميلاديًّا، قال: « لا بد من أنه خطأ، قد حدث خطأً في طباعة الكتاب أو المخطوط الذي طبع عنه الكتاب »، مشيرًا إلى أنه سيقوم بالبحث في حقيقة ذلك الأمر. وبالإضافة لاعتذار الدكتور عمارة هناك محاولات جادة من وزارة الأوقاف المصرية لاحتواء الأزمة، وفي هذا الصدد صرح مصدر مسئول لـ »إسلام أون لاين.نت » أن هناك تدخلاً من شخصيات كبرى لإنهاء هذه الأزمة، وأن من ضمن من تدخلوا لاحتوائها الدكتور أحمد كمال أبو المجد باعتباره أحد أعضاء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الصادر عنه الكتاب. تحفظ قبطي وفي رد فعل أولي متحفظ على هذا الاعتذار الصريح، قال المستشار نجيب جبرائيل -محامي البابا شنودة الثالث بابا الكنيسة الأرثوذوكسية- وأحد مقدمي البلاغ ضد الدكتور محمد عمارة: « لم يصلنا اعتذار الدكتور عمارة بعد، وإذا وصلنا سنقوم بدراسته جيدًا، خاصة أنه قد سبق للدكتور عمارة أن أهان المسيحيين وتعرض لهم ولديانتهم ». ولفت إلى أن الأقباط قاموا من قبل بتقديم بلاغ ضد عمارة؛ بسبب مقالاته في جريدة الأخبار، وهذا يدعوهم للتريث في قبول هذا الاعتذار. وأرجع جبرائيل تحرك عمارة في هذا الوقت؛ لأنه في « الغالب هناك بلاغ وصل الدكتور عمارة من النائب العام »، وقال: « لم نكن نتوقع أن هذا يحدث في مصر ويصدر كتاب به إباحة لدماء الأقباط، ويقول إن هذا إجماع باسم المسلمين ». وتقدم محامي بابا الأقباط شنودة الثالث والقمص مرقص عزيز كاهن الكنيسة المعلقة بالقاهرة الخميس 4-1-2006 ببلاغ إلى النائب العام المصري ضد عمارة يتهمونه فيه بـ »ازدراء المسيحيين والمسيحية، والتحريض على الفتنة الطائفية واستباحة دمائهم » في كتاب له نشره المجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف المصرية، كما طالبوا بوقف تداول الكتاب في السوق المصرية. (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 10 جانفي 2007)  


نص اعتذار الدكتور محمد عمارة للأقباط

القاهرة – عادل عبد الحليم – إسلام أون لاين.نت قدم المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة اعتذارًا لأقباط مصر عما ورد في كتابه « فتنة التكفير بين الشيعة والوهابية والصوفية » الذي نقل خلاله عبارة الإمام أبو حامد الغزالي عن « استباحة دم » المسيحيين واليهود، وهذا نص بيان الاعتذار: فور صدور كتابي « فتنة التكفير بين الشيعة والوهابية والصوفية » عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية فوجئت بهجوم شديد عليّ وعلى الكتاب، ومن رموز مسيحية على وجه الخصوص، وحتى قبل أن يسألني الغاضبون والمهاجمون. وفي البداية تعجبت وتساءلت: ما الذي يغضب هؤلاء من كتاب مخصص كله لنقد آفة التكفير بين المذاهب الإسلامية.. ولا علاقة له من قريب أو بعيد بغير المسلمين؟! لكن استغرابي تزايد وتضاعف عندما سمعت وقرأت أن كتابي هذا فيه استباحة دماء غير المسلمين، من اليهود والنصارى والبراهمة والزنادقة، ولغرابة الاتهام فلقد ظننت أن خطأ قد حدث في الطباعة، فرجعت إلى مسودة الكتاب، فكانت المفاجأة.. لقد وجدت عبارة « إباحة الدم »، وهي ليست لي، وإنما نقلتها ضمن تعريف الكفر – الذي هو تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي لحجة الإسلام أبو حامد الغزالي في كتابه « فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة » المطبوع بمصر1907 ميلاديًّا ص 4، 5. ومع المفاجأة تساءلت: كيف وردت هذه العبارة في كتاب حجة الإسلام الغزالي، وهي تحمل حكمًا غريبًا عن الإسلام.. بل نقيضًا لموقف الإسلام من غير المسلمين؟! إن القرآن الكريم يعلن أن « من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا »، والرسول صلى الله عيه وسلم هو الذي أعطى غير المسلمين كامل المساواة في حقوق المواطنة، وواجباتها « لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين، وعلى المسلمين ما عليهم، حتى يكونوا للمسلمين شركاء فيما لهم، وفيما عليهم.. وأن أحمي دينهم وكنائسهم وأنفسهم، وأموالهم بما أحمي به نفسي وديني وأهل الإسلام من ملتي ». ولقد انعقد الإجماع الإسلامي -على امتداد تاريخ الإسلام- على أن الدماء والأموال والأعراض والعقائد لغير المسلمين لها نفس الحرمة المقررة للمسلمين، فكيف لإمام عظيم كأبي حامد الغزالي أن تدخل في كتابه هذه العبارة الغريبة عن روح الإسلام؟… لا بد أن خطأ قد حدث في طباعة كتاب الغزالي عام 1907 ميلاديًّا، أو في المخطوط الذي طبع عنه الكتاب، وهذه قضية تحتاج إلى بحث وتحقيق، أرجو أن يوفقني الله فيه.. لكن كيف نقلت أنا هاتين الكلمتين « إباحة الدم » دون التنبه لخطأ هذا الحكم وخطره؟! إنها بالقطع الثقة في أن إمامًا مثل الغزالي لا يمكن أن يتضمن كتابه مثل هذا الحكم الغريب.. لقد نقلت عنه تعريف للكفر والإيمان دون حذر؛ لفرط الثقة التي أكنّها له والتي يستحقها هذا الإمام العظيم!. ومع أن الأمر لا يخرج عن دائرة « السهو والنسيان » الذي أعفانا الله سبحانه من تبعاته.. لكن الضرر الذي لحق بالغير بسبب شر هذه الكلمات يستوجب مني الاعتذار الواضح والحاكم والصريح.. إننا مطالبون كمسلمين أن نحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبنا الآخرون.. ومن صفات المؤمن أنه أواب. ولقد كان سلطان العلماء العز بن عبد السلام رحمه الله أحد النماذج التي نتعلم منها هذا الخلق الإسلامي.. لقد أفتى فتوى، ثم تبين أنه خطأ قد وقع فيه، فما كان منه -وهو سلطان العلماء- إلا أن نزل بنفسه يطوف شوارع القاهرة، وينادي « من كان العز قد أفتاه بكذا وكذا فلا يعمل به؛ لأن العز قد أخطأ ». إن الحق أحق أن يتبع، ولقد وجب الاعتذار لكل من آذته العبارة الخاطئة التي وردت في كتاب حجة الإسلام الغزالي والتي نقلتها عنه سهوًا؛ لفرط الثقة في هذا الإمام العظيم. (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 10 جانفي 2007)  


أسرار اللقاء الأخير بين صدام ورامسفيلد بالمنطقة الخضراء …

الأطماع الأمريكية الخطيرة في المنطقة هي سبب التعجيل بإعدام صدام

** 6 شروط طلبها من أمريكا أولها البدء بالانسحاب فوراً وإطلاق المعتقلين العراقيين وتعويض العراق عما ألحق به من دمار. ** صدام: « لا أبحث عن طريق لإنقاذ رقبتي من حبل المشنقة التي نصبتموها للعراق كله… لم يبق لي سوى الشرف وهو لا يباع ولا يشترى ». ** الخطوة التالية في خطة أمريكا هي التخلص من مقتدى الصدر.. والهدف الأمريكي التالي هو إيران. كشف د.خير الدين حسيب مدير مركز دراسات الوحدة العربية اسرار اللقاء الاخير بين الرئيس العراقي السابق صدام حسين ووزير الدفاع الامريكي السابق رامسفيلد وذلك في حوار اجرته معه فضائية « إيه.إن.بي » وتطرق الحوار الي مستقبل العراق وطبيعة علاقاته مع جيرانه وماذا ستكون عليه نوعية العلاقات بدءا من الجارة إيران ومن ثم سوريا ومن دون ان ننسي الجارة الكبيرة المملكة العربية السعودية انطلاقا من الوضع العراقي المتفجر المرتبط عضويا مع الوضع في الشرق الاوسط وماذا سيؤول اليه ملف العلاقات الاميريكية – العراقية والايرانية؟ تجاذبات حاصلة بين طهران والمجتمع الدولي حول الملف النووي – العراق والعالم العربي … الي أين؟ جورج عون: كيف سيواجه العراق جيرانه وماذا ستكون عليه نوعية العلاقات بدءاً من الجارة إيران ومن ثم سوريا ومن دون أن ننسى الجارة الكبيرة المملكة العربية السعودية. انطلاقاً من الوضع العراقي المتفجر المرتبط عضوياً مع الوضع في الشرق الأوسط وماذا سيؤول إليه ملف العلاقات الأمريكية – العراقية والإيرانية؟ تجاذبات حاصلة بين طهران والمجتمع الدولي حول الملف النووي. العراق والعالم العربي… إلى أين؟ عنوان حلقة اليوم نناقشه مع مدير عام مركز دراسات الوحدة العربية الدكتور خير الدين حسيب. أهلاً وسهلاً بك دكتور. حسيب: أهلاً بك. جورج عون: دكتور حسيب، من المعروف اليوم أن عملية إعدام صدام حسين أخذت طابعاً مذهبياً إلى حد كبير، ففي رأيك لماذا تمت هذه العملية في هذا الوضع وفي هذا التوقيت؟. حسيب: أعتقد قبل أن أجيبك على الجانب المذهبي لعملية الإعدام، أحب أن أتكلم عن الإطار العام لعملية إعدام الشهيد الرئيس صدام حسين. أولاً، المحاكمة نفسها لم تكن قانونية وهي محاكمة تمت تحت الاحتلال. الرئيس صدام نفسه كان سجين حرب وفقاً لاعتراف القوات الأمريكية في المرحلة الأولى من الحرب. إجراءات المحاكمة من تعيين القاضي ثم عزله والضغط عليه للاستقالة، ثم تعيين قاضياً آخر أكثر شدة؛ اغتيال بعض محامي الدفاع؛ الإجراءات خلال المحاكمة إلخ؛ كانت كلها تشير إلى أن المحاكمة غير عادلة إضافة إلى أنها غير قانونية (1). ويمكن القول: إن الانتقام والحقد تغلبا على العدالة، هذا ما يمكن أنه تلخص فيه محاكمة الشهيد الرئيس صدام حسين. لماذا اختارت الولايات المتحدة في هذه المحاكمة موضوع الدجيل بالذات وليس مواضيع أخرى مهمة؟ إنّ أي كلام عن إعطاء دور لحكومة العملاء لتحكم العراق أو لرئيس الوزراء، هو كلام غير واقعي وغير صحيح، فمن يحكم العراق هو قوات الاحتلال ويوجد منها 140 ألفاً وهم الذين يديرون الأمور ويقررون ما يريدون. تمّ اختيار قضية الدجيل كأول قضية أولا ًلأنه لا يوجد فيها جانب خارجي وليس للأمريكان علاقة في هذه العملية حتى لا تُكشف أية أسرار. ثانياً، وأنا آسف لاستعمال مفردات طائفية ومذهبية لم يعتد لساني عليها ولكني مضطر أن استعمل بعضها لتوضيح الواقع، فان منطقة الدجيل هي مدينة شيعية، وجرت محاولة من مدينة الدجيل لاغتيال الرئيس صدام حسين وكان هذا عام 1983 أثناء الحرب العراقية – الإيرانية، وكانت هناك شائعات بان إيران كانت وراء هذه العملية. كما تم تنفيذ الإعدام في « الكاظمية » وهي منطقة شيعية. الهدف إذن هو إثارة قضية طائفية مذهبية في العراق ولها علاقة بإيران. هذا هو جزء من المخطط الأمريكي من البداية لإثارة القضية الطائفية في العراق حتى يقتتل العراقيون مع بعضهم بعضاً، وحتى يتفرقوا ويتمزقوا كي لا يتحدوا تجاه الاحتلال ومقاومة الاحتلال. لماذا تم الإسراع في عملية التنفيذ؟ من يعتقد أن نوري المالكي هو الذي قرر التنفيذ هو على خطأ. الأمريكان حاولوا، كما سأبين فيما بعد، بمختلف الوسائل، أن يعقدوا صفقة مع الشهيد الرئيس صدام حسين لإخراجه خارج العراق هو وعائلته وليعيش في بلد أوروبي، ومنحه كافة التسهيلات، مقابل أن يطلب من المقاومة وحزب البعث بالذات الدخول في العملية السياسية وقد رفض هذا العرض. وبعد قليل سأتكلم عن هذا الموضوع. إضافة إلى الملاحظات العامة التي ذكرتها حول الموضوع، أعتقد أن الشهيد الرئيس صدام حسين اُغتيل ولم يعدم.. لأن هذا الإعدام لا ينطوي على حكم شرعي. أما عن الإسراع في التنفيذ، فلأن الأمريكان لم يريدوا أن يتابعوا المحاكمة في قضية حلبجة والأنفال إلخ، لأنها ستكشف الجانب الأمريكي والجانب الأوروبي في تزويد العراق بالأسلحة الكيماوية ودور أمريكا في الحرب العراقية الإيرانية وهي تريد عدم كشف صدام حسين ذلك. وأرادت لكثير من الأسرار التي تشكل خطراً على الإدارة الأمريكية أن تموت مع الشهيد صدام حسين. جورج عون: دكتور، أنت إذن تتهم الولايات المتحدة الأمريكية بأنها وراء إعدام الرئيس صدام حسين، ولكن السفير الأمريكي في العراق تنصل من هذه المسؤولية وقال إنه نصح الحكومة العراقية بتأجيل موعد الإعدام على الأقل مدة عشرة أو خمسة عشر يوماً. إذن، لماذا برأيك أنت؟ حسيب: لم يعد من الممكن أن نُخدع بما يقوله الإعلام. فنحن نعرف مصادر الإعلام ومن يسوق هذه الأخبار. الشهيد صدام حسين لم يُسلّم إلى الحكومة العراقية إلا قبل ساعة من موعد الإعدام. وكان بإمكان الأمريكان أن يؤجلوا الإعدام لأنه كان تحت حراستهم وليس بإمكان الحكومة العراقية العميلة أن تنفذ حكم الإعدام إذا لم تستلمه من الأمريكان. فهذا الكلام مرفوض. ثانياً، نحن نعلم الآن أنه كانت هناك رغبة في دفنه في المنطقة الخضراء وأنه لم تتم الموافقة على نقله ودفنه في مسقط رأسه في العوجة في تكريت إلا بموافقة الرئيس بوش، لهذا أيقظوه من النوم وأخذوا موافقته. وفي المرحلة ثانية اضطروا لأخذ موافقة الرئيس بوش مجدداً عندما أرادت – ما تسمى – الحكومة العراقية أن تنقله في سيارة من المنطقة الخضراء إلى العوجة في تكريت ورفض رئيس العشيرة ذلك لأنه كانت هناك خطة لاختطافه في الطريق والتمثيل به إلخ، وأصرّ على أن يُنقل تحت الحماية والحراسة الأمريكية واضطروا لأخذ موافقة الرئيس بوش مرة ثانية ونُقل بهليوكوبتر. وكل الكلام الذي يقال عن المالكي وغيره ليس سوى محاولة لاستكمال ملف التحريض الطائفي، فنوري المالكي شيعي وحكومته أغلبيتها شيعية، وما قيل عن مقتدى الصدر والأمور الأخرى التي قيلت كان الهدف منها تكريس وتعميق الجانب الطائفي الذي بدأت فيه أمريكا والتي لا تزال تنفذه منذ تشكيل مجلس الحكم إلى الآن. أمريكا منذ أن احتلت العراق لم تتكلم عن شعب اسمه الشعب العراقي بل هي تتكلم عن شيعة وسنة، وتركمان وأكراد وعرب إلخ، فبالتالي أعتقد، وهذا ما تقوله الصحف الأمريكية والبريطانية والعالمية، أمريكا تتحمل المسؤولية. جورج عون: لكن دكتور إذا قلبنا الموقف، إذا اعتبرنا أن صدام حسين هو من يُحاكِم، هل تعتقد أنه كان سيسمح بإجراء محاكمة علنية بهذا الشكل كالتي حصلت فيه المحكمة؟ هل كان سيسمح لخصمه أن يأخذ حيزاً كبيراً من الإعلام؟ الحكومة الأمريكية أو الحكومة العراقية الحالية سمحت إلى حد كبير لصدام حسين أن يبرز ما يقوله وأعطته فترة طويلة من الأخذ والعطاء. حسيب: أولا ذكرت لك أن هذه محكمة غير شرعية وغير قانونية. والتساؤل عما كان صدام يفعله لو كان يُحاسِب، يسمح أو لا يسمح، فهناك بيت شعر ساخر يقول: إذا كنت تجزي الذنب منّي بمثله فما الفريق بيني وبينك يا رب فوقوع خطأ لا يبرر وقوع خطأ آخر وأنا أتكلم عن شيء اسمه قضية الشعب العراقي وقضية العراق ولا أتكلم فقط عن إعدام الشهيد صدام حسين. أنا أعتقد، إضافة لما قلته حول المحاكمة، سيكون صدام ميتاً أقوى منه حياً في التأثير في التطورات العراقية. صدام مهما قيل في بعض ممارساته، فإن التاريخ لا يحكم على الحكام في العالم من خلال جانب معين فقط من حكم هذا الحاكم، بل يأخذ مجمل إنجازاته وإخفاقاته وفي النتيجة يحكم عليه بحصيلة أعماله. فيما يتعلق بالديمقراطية والديكتاتورية قد يكون معظمها صحيح، ولكن بالنسبة إلى إنجازاته هناك أمامي الآن تقارير أمريكية وبريطانية وغيرها، تشير إلى إنجازاته خلال العقدين الأخيرين من حكمه، ويشير أحدها(2) إلى سياسته الخارجية القومية Pan Arab، كما يشير إلى أن منظمة الصحة العالمية تقول كان في العراق قبل الاحتلال نظام صحي هو أفضل نظام صحي في الشرق الأوسط. كما قام بمبادرات لتعبيد طرق العراق وبناء المستشفيات والمدارس وتعليم العراقيين القراءة، وربما من أهم إنجازاته أنه حافظ على العراق موحداً. وفي الثمانينيات من القرن العشرين أعطت اليونسكو جائزة للعراق كأول دولة نامية تقضي على الأمية. هذا إضافة إلى تطوير الجيش العراقي وتسليحه، وإنشاء قاعدة صناعية كبيرة، وتطوير قاعدة علمية وتكنولوجية مهمة جداً، وغير ذلك من الخدمات لشعبه. والأهم من كل ذلك تأميمه للنفط (شركات النفط الأجنبية في العراق) عام 1972. جورج عون: لكن دكتور هذا لا يكفي لأن نسامح صدام حسين؟ حسيب: أنا لا أتكلم عن مسامحة الرئيس صدام حسين، بل أنا أتكلم عما يقوله العراقيون وما يقوله الأمريكان. فلننظر أولاً إلى ما يقوله العراقيون: في أواخر نوفمبر الفائت (2006)، قام مركز العراق للبحوث والدراسات الاستراتيجية باستطلاع للرأي العام العراقي للوقوف على رؤية العراقيين حول مختلف الأوضاع في بلادهم بما فيها الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية(3). وشمل ثلاث محافظات هي بغداد والنجف والأنبار. ويبين هذا الاستطلاع، إضافة إلى أمور أخرى، إلى أي حد هناك انقسام طائفي في العراق كما يقولون: ففي هذا الاستطلاع سألوا الأشخاص الذين استطلعوهم عن دينهم ومذهبهم. وقد رفض خمسون بالمائة من الذين استجوبوهم أن يقولوا فيما إذا كانوا شيعة أو سنة، هذا رغم الظروف السائدة ورغم التعبئة الطائفية والمذهبية. سألوهم أيضاً هل ستصوتون لنفس الأشخاص إذا أعيدت الانتخابات؟ 47 بالمائة قالوا لا، 26 بالمائة قالوا نعم و20 بالمائة كانت اجاباتهم: لا أعرف، أي أن 20 بالمائة فقط أكدوا أنهم سينتخبون نفس الاشخاص. وعن السؤال عن مدى الثقة بأعضاء مجلس النواب الحالي؟ قال 64 بالمائة قالوا أنهم لا يثقون بأعضاء مجلس النواب الحالي، إما مطلقاً أو إلى حد ما. سألوهم عن الأوضاع الأمنية في العراق حالياً بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل الحرب، وكانت الإجابة 95 بالمائة قالوا: أن الأوضاع اليوم أسوأ. وعندما سألوهم عن الأداء الأمني للحكومة الحالية فان 90 بالمائة وصفوا الأداء الأمني للحكومة الحالية بالرديء. وعندما سألوهم عن التوقيت المناسب لمغادرة القوات المتعددة الجنسية، 51 بالمائة اجابوا: انسحاب فوري و20 بالمائة وفق جدول زمني. وحول رؤية العراقيين للعهد السابق، 90 بالمائة أجابوا: بأن الوضع الآن هو أسوأ مما كان عليه قبل الحرب. وسألوهم عن تقييمهم للوضع السياسي، 90 بالمائة أجابوا: أسوأ مما كان عليه قبل الحرب. وعن الوضع الاقتصادي أجاب أكثر من 79 بالمائة بأنه أسوأ. وعن دور الحكومة في معالجة الاحتقان الطائفي، 90 بالمائة قالوا إنه سيىء. هذه جوانب مختلفة لآراء عراقيين في استطلاع للرأي العام تم في العراق، وتم في بغداد التي تمثل حوالى ستة أو سبعة ملايين من مجموع 27 مليون نسمة (حوالي ربع السكان) إضافة إلى النجف والأنبار، والأولى شيعية والأخرى سنية. جورج عون: ولكن لنكن هنا منصفين وعادلين، هل تم سؤالهم: ما رأيكم بصدام حسين عندما كان رئيساً للجمهورية؟ طبعاً لم يسألوهم هذا السؤال. ولكن لو سألوهم هذا السؤال لربما يكون الجواب أنه أدخل العراق في حرب مع إيران وذهب ضحيتها آلاف الأشخاص. حسيب: هم يسألون عن الوضع الأمني والوضع الاقتصادي وسألوا عن مختلف الجوانب وكان الجواب أن الوضع الآن أسوأ من قبل الاحتلال. أنا لا أجادل فيما يتعلق بنظام الحكم وإلى أي حد كان ديمقراطيا أو ديكتاتورياً، أنا لا أجادل في كل ذلك. لكن كل ما يقال عن طائفية النظام فالذين جاؤوا بقضية الدجيل حتى يسقطوا النظام بهذا الشكل، فحتى السيد السيستاني عندما سألوه عما إذا كان نظام صدام حسين طائفيا، أجاب بلا، نظام صدام حسين لم يكن طائفياً بل كان ديكتاتورياً. أغلبية أعضاء حزب البعث كانوا من الشيعة، وأغلبية قيادة حزب البعث كانوا من الشيعة، وأول اثنين من الأمناء العامين لحزب البعث كانا شيعيين. جورج عون: لكن دكتور، هؤلاء الأشخاص لم يكونوا شيعة بالمعنى العام للكلمة، بل كانوا مستفيدين من النظام ومن البعث ومن الحكم. حسيب: لا تستطيع أن تعمم هذا، من الصعب أن تظلم مليونين أو ثلاثة ملايين، لا أعرف عدد الأشخاص المنتمين إلى حزب البعث، فمن الصعب أن تظلم الناس وتسميهم مستفيدين من حزب البعث، الشعب كله كان مستفيدا من الناحية الغذائية ومن الناحية الصحية وخدمات الكهرباء والتعليم والصحة وغيرها، وكان ذلك عكس ما هو موجود حالياً. جورج عون: صدام حسين جلب الأمريكيين إلى المنطقة، صدام حسين غزا الكويت، صدام حسين قام بعملية عسكرية لمدة ثمانية أعوام مع إيران. كيف يمكن أن نقول أن كل هذه العوامل أتت بمجرد الدخول إلى العراق، فصدام حسين هيأ الأرضية لكل هذه العناصر التي نتكلم عنها اليوم لحدوثها. حسيب: مرة أخرى أنا لا أناقش في الجانب الذي يتعلق بالحريات وديكتاتورية النظام إلخ. وقد أكون أنا، كما تعرف أنت، أحد ضحايا هذا النظام. فدعني أتكلم عن واحدة تلو الأخرى. فيما يتعلق بحرب إيران. ما دور أمريكا في حرب إيران؟ ما هو السعودية والكويت ودول الخليج في حرب إيران؟ من موّل حرب إيران؟ من جهّز العراق بالأسلحة الكيماوية وغيرها؟ هناك تقارير أمريكية، فالبنتاغون (وزارة الدفاع) بعد انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية أصدر تقريرا في (1200) صفحة يبين دور أمريكا في ذلك، ويبين أنه فيما يتعلق بحلبجة (وليس الأنفال) أن أول من استعمل الأسلحة الكيماوية كان الإيرانيين، وقد استعملوا أسلحة كيماوية غير موجودة لدى العراق. إعدام صدام كان لمنع كشف كل هذه المعلومات الخاصة، وسأتكلم عن جانب منها لاحقاً في هذه الحلقة. فيما يتعلق بالكويت، صدر مؤخراً كتاب ألفه مفكران ودبلوماسيان أمريكيان، هما جورج ماكغفرن الذي كان عضو الكونغرس والمرشح الديمقراطي للرئاسة والدكتور وليام بولك وهو دبلوماسي امريكي وأستاذ جامعي سابق، وعنوانه « الخروج من العراق: خطة عملية للانسحاب الآن »، وصدر في يوليو الفائت (2006) وقام مركز دراسات الوحدة العربية بترجمته ونشره قبل أسبوعين ديسمبر 2006 وإذا قرأت الكتاب، ترى كيف ان الأمريكان نصبوا فخاً للرئيس صدام حسين كي يحتل الكويت وأنا لا أبرر احتلال الكويت فأنا ضده، لكن دور الأمريكان في احتلال الكويت، ودور بعض الخليجيين في استفزاز العراق في زيادة الإنتاج من النفط وتخفيض الأسعار إلخ أصبح معروفاً وموثقاً. حرب الكويت لها ما قبلها وما بعدها، وأنا سبق أن تكلمت عن هذا الموضوع في مقابلات سابقة بالتفصيل. أحد الأسباب وراء هذا الاستعجال في الحكم على الرئيس صدام بالإعدام والإسراع في تنفيذ الحكم هو أن يذهب صدام مع ما لديه من أسرار ومعلومات وتذهب معه إلى القبر وتبقى مدفونة، هذا أحد أسباب الاستعجال. السبب الثاني للاستعجال، وسأكشف هذا الموضوع فيما بعد. كان يُعتقد أنه مادام الرئيس صدام حسين موجودا وحيّا حتى وهو داخل السجن، فإن المقاومة، خاصة حزب البعث منها، لن تدخل في المفاوضة مع الاحتلال والالتحاق بالعملية السياسية. جورج عون: لكن دكتور حسيب، هل يمكن تصنيف صدام حسين على أنه كان يتعاون مع الولايات المتحدة في حربه ضد إيران وفي دخوله إلى حد ما إلى الكويت، فماذا تقول؟ أنت تتول أنه تم إعدام صدام حسين على عجل لإخفاء الأسرار التي كانت بحوزته، فهل هذا يعني أن صدام حسين كان عميلاً للولايات المتحدة الأمريكية؟ حسيب: في اللغة الإنجليزية هناك تعبير يقول Contradiction In Terms » أي « تناقض في المصطلحات »، إذ كيف تعدم الولايات المتحدة عميلاً لها؟ أنا ذكرت الحرب العراقية – الإيرانية ولا يوجد مجال للتفصيل أكثر، واقترح على من يريد أن يرى أن يرجع الى خلفيات كيف دُفع صدام للدخول إلى الكويت. لكن هذا لا يبرر الحرب على الكويت، على الرغم من كل الاستفزاز ورغم تدخل دول الخليج ودعمه للعراق ليتخلصوا من الخطر الإيراني. في عام 1988 وبعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، عيّنت الولايات المتحدة الجنرال شوارزكوف قائدا عاما للقيادة المركزية، وكانوا يسمونها قوات التدخل السريع. وفي عام 1989 طلبوا من شوارزكوف أن يقدر المخاطر التي تواجه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وكانت الحرب الباردة تقترب من نهايتها. وكتب شوارزكوف بعد انتهاء حرب الخليج مذكراته وكان القسم الأول عن فيتنام والقسم الثاني عن حرب الخليج. وأول ستين صفحة تتحدث في هذا. وهو تحدث عن تفاصيل جولته وزياراته إلى الشرق الأوسط إلخ. وعاد في آخر عام 1989 وقدم تقريرا إلى الإدارة الأمريكية يقول فيه أن الخطر الأول والأساسي على الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ومصالحها هو العراق. واعتباراً من أول عام 1990 بدأت كل الحملة الإعلامية على العراق، عن المدفع الكبير وغيره والجاسوس مازوفت وإلخ، وكانت أمريكا خلال الحرب العراقية الإيرانية قد أعطت تسهيلات ائتمانية للعراق بقيمة عدة مليارات من خلال بنك الاستيراد والتصدير الأمريكي، وكان باقيا منها ملياران أو ثلاثة لم يتم استعمالها فألغتها إلخ. ونتيجة لذلك فإن قوات التدخل السريع التي لديها تمرين سنوي يُحدد فيه العدو وتجرى لمناورات لتدريبه على ذلك الأساس. في عام 1990، وخلافاً لكل السنوات السابقة التي كان فيها الاتحاد السوفييتي هو العدو وحيث إن الحرب الباردة قد انتهت، فكان التمرين في عام 1990 على أساس أن العراق هو العدو. ومن ثم يذكر شوارزكوف تفاصيل تحدد حتى الأهداف التي تقصف. والتمرين بدأ في يوليو 1990 وتداخل مع الحرب. فقضية التخلص من الرئيس صدام هي قضية سابقة، وموقف أمريكا من صدام هو موقف سابق لقضية الكويت، من عام 1989 وأول عام 1990 أمريكا وبريطانيا كانتا مصممتين على القضاء على الرئيس صدام حسين. والسؤال لماذا؟ العراق خرج من الحرب ولديه جيش تعداده حوالي مليون ولديه خبرة قتالية وأسلحة، كما تبين للأمريكان أن الرئيس صدام حسين لديه طموحات وحدوية خارج العراق. وتبين لهم كذلك أن الرئيس صدام حسين استطاع أن يطوّر قدرا من أسلحة الردع تؤثر على إسرائيل وتؤثر على استراتيجية أمريكا في المنطقة. كما أن موقف العراق من القضية الفلسطينية في ظل نظام الرئيس صدام حسين كان موقفاً لا يقبل المساومة، وأصلاً كان ضد قيام دولة إسرائيل. وهناك وثائق حول ذلك، ولكن ليس لدينا الوقت الكافي حتى نتكلم عنها. وعلى سبيل المثال فقط، في عام 1975 اجتمع هنري كيسنجر، عندما كان وزير الخارجية الأمريكية، مع الدكتور سعدون حمادي وزير الخارجية العراقي آنذاك، في باريس وكان الاجتماع سرياً، ونشرت الوثائق، ونشرتُ نص الوثيقة بالإنجليزية في كتابي الأخير عن « العراق: من الاحتلال إلى التحرير ». الخلاف الرئيسي بين كيسنجر الدكتور سعدون حمادي (وهو موقف رسمي للعراق وليس شخص للدكتور سعدون) كان حول الموقف من إسرائيل، وأن العراق لا يعترف بوجود دولة إسرائيل، وأن القضية ليست قضية استرجاع المناطق المحتلة في عام 1967 وبعدها زار عدد من الساسة الأمريكان العراق وكان يُثار هذا الموضوع دائماً. والعراق دائما ورغم أنه كان تحت الحصار كان البلد العربي الوحيد الذي يساعد مالياً الانتفاضة الفلسطينية التي بدأت عام 1987، رغم أنه كان تحت الحصار. جورج عون: لكن هناك من يقول إن هذه المساعدة أتت لأن صدام حسين كان على خصام مع كل الدول المحيطة به، وكانت هذه هي الورقة الوحيدة التي يلعبها في سبيل الوصول إلى هذه القومية. حسيب: هذا غير صحيح. بعض الأنظمة العربية الأخرى، مصر والأردن واليمن دخلت مع العراق في مجلس التعاون العربي. سمات النظام العراقي الرئيسية لم تتغير منذ أن وصل إلى الحكم حتى الغزو الأمريكي، فلماذا دخلوا معه في مجلس التعاون العربي إذا كانوا غير موافقين على طبيعة النظام؟ أجبني لماذا؟ بعد قليل سأبين لك دور الأنظمة العربية في اغتيال الشهيد صدام حسين وفي الحرب على العراق وهم مسؤولون عن كل ما حصل ويحصل في العراق، وهم مسؤولون أيضاً عن اغتيال الرئيس صدام حسين، وسأبين لك ذلك بالوثائق وبالتفاصيل. جورج عون: ولكن دكتور من المعروف أن صدام حسين لو كان لديه بعض العطف من العالم العربي ومن حكام العالم العربي ولم يقم بهذه الأعمال التي فعلاً آذت العالم العربي، فإذا اعترفنا بأن ما قام به في الكويت لا يمكن عمله، أنت تتكلم عن قومية صدام حسين فأين كانت قوميته عندما دخل الكويت واحتلها في 24 ساعة. حسيب: سبق أن ذكرت لك في البداية أنه لا يمكن للتاريخ أن يحكم على حاكم من خلال حادثة واحدة أو قضية واحدة. جورج عون: هذه ليست حادثة واحدة، بل هي بلد بكامله. حسيب: سبق أن قلت لك إنني ضد احتلال الكويت، فلا تعدني دائماً إليها وتترك كل ما أقوله لك وتعود لاحتلال الكويت. فأنا أعترف لك بدكتاتورية النظام وبالخطأ في احتلال الكويت. جورج عون: لكن أنت تدافع عن قومية صدام حسين. حسيب: صدام حسين ساعد الدول العربية بأكثر مما ساعدها أي نظام عربي آخر. في مؤتمر قمة في عمان عام 1980 العراق هو الذي اقترح برنامج مساعدات للدول العربية الفقيرة مثل الصومال وجيبوتي وموريتانيا وغيرها بخمسة مليارات دولار. جورج عون: لكن أين كان الشعب العراقي؟ وتحت أي ظرف كان الشعب العراقي عندما تبرع صدام حسين للدول العربية؟ أين كان الشعب العراقي؟ حسيب: مع اعترافي بما قلته لك سابقاً، نحن يجب ألا ننظر بعين واحدة، وعلينا ألا نفتح عينا ونغلق أخرى ودون محاولة لتبرير تجاوزات النظام السابق. فالشعب العراقي قد لا يكون هو الشعب العربي الوحيد غير الراضي عن حاكمه، فغالبية الشعوب العربية الأخرى غير راضية عن حكامها. قل لي أي شعب عربي راضٍ عن حكامه. وقد لا يكون هو الشعب العربي الوحيد الذي لم يختر حاكمه بحرية، والشعب العراقي قد لا يكون هو الشعب العربي الوحيد غير القادر على تغيير حاكمه. فلماذا نتحدث عن العراق والنظام العراقي ولا نتكلم عن الآخرين. جورج عون: لكن، هل هناك أحد من الحكام العرب نكّل بشعبه بقدر ما نكّل صدام حسين بالشعب العراقي؟ حسيب: سوف نرى بعد قليل من نكّل بالعراق ومن شجّع أمريكا وقدم لها التسهيلات لاحتلال العراق وما جرى في العراق. دعني أُكمل لك بعض النتائج، وأرجو أن أقرأ الآن محضر اجتماع السيد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي مع الشهيد صدام حسين في سجنه وما عرضه عليه، وسبق أن أشرت إلى هذا اللقاء في محاضرة لي في واشنطن نفسها في جامعة جورجتاون، ولم تجرؤ أية جهة أمريكية على تكذيب ذلك. وعندي الآن نص المحضر، وأريد المشاهدين أن يطلعوا على نص المحضر ليعرفوا ماذا تريد أمريكا. وهل حاولت دفن الأسرار مع الرئيس صدام حسين عن طريق عرض إرساله إلى الخارج لتكميم فمه وفشلت في ذلك، ولذلك لجأت إلى إعدامه، وهذا اللقاء تم بين رامسفيلد في زيارته للعراق خلال الأشهر الأولى من عام 2005 . جورج عون: أي أثناء محاكمة صدام حسين. حسيب: لا أذكر الآن متى بدأت المحاكمة. تفاصيل محضر الحوار بين صدام ورامسفيلد من مصادر أمريكية موثوقة وهذا هو نص المحضر (وانا اقتبس): « في بداية الحديث كان الرئيس صدام يبدو هادئاً للغاية، ربما يكون قد فوجئ بأن ضيفه هو رامسفيلد، إلا أنه لم يبد عليه أي توتر عصبي، بدأ رامسفيلد الحديث بالقول: ü رامسفيلد: لقد جئت للقائك لأتفاوض معك حول الموقف في العراق، لقد أجرينا اتصالات مع بعض أنصارك داخل وخارج العراق، وقد نصحونا بأن نستمع إليك. صدام حسين: وماذا تريدون؟ لقد احتلت قواتكم أرض العراق الأبي، وأسقطتم نظام الحكم دون سند من شرعية، واعتديتم على سيادة بلد حر مستقل ذي سيادة، وارتكبتم جرائم سيسجلها التاريخ ليكون شاهداً على حضارتكم المخضبة بالدماء، فماذا تريدون بعد كل ذلك؟ ü رامسفيلد (يحاول أن يكتم غيظه): لا داعي للخوض في الماضي لقد جئت خصيصاً لأعرض عليك عرضاً واضحاً ومحدداً، وأريد أن أسمع منك إجابة واضحة ومحددة. صدام حسين (ساخراً): أظنك جئت للاعتذار وإعادة السلطة للعراقيين. ü رامسفيلد: ليس هناك ما نعتذر عنه، لقد شكلت خطراً على جيرانك وسعيت لامتلاك أسلحة دمار شامل ومارست الدكتاتورية على شعبك وكان طبيعياً أن نمد أيدينا لشعب العراق لنخلصه من المخاطر التي واجهته على مدى أكثر من ثلاثة عقود. صدام حسين: أعرف أنك جاهل بالتاريخ، وأعرف أن رئيسك لا يقل جهلاً، ولكن يبدو أنكم ظللتم تكذبون حتى صدقتم أنفسكم، إذا كنت تقصد بجيراننا الكيان الصهيوني فنحن فعلاً كنا نشكل خطراً ونعد العدة لتحرير أرضنا المغتصبة في فلسطين، وهذه أمنية كل إنسان عربي وليس كل عراقي فقط. فهذه الأرض عربية وشعبها عربي والصهاينة هم الذين احتلوا الأرض وجاءوا إلينا من كل أنحاء العالم بمساندتكم أنتم وقوى الاستعمار القديم، أما إذا كنت تقصد الكويت، فأريد أن أسألك: هل انسحبتم من الكويت أم لا؟ ü رامسفيلد: هذه قضايا أمنية، ثم إنه بيننا وبين الكويت ودول الخليج الأخرى اتفاقات أمنية.. لقد جئنا بناء على طلب منهم، لحمايتهم من تهديداتك. صدام حسين: أليس مضحكاً أن يؤتمن الذئب على الخراف، إن شعب الكويت شعب عربي، والكويت هي أرض عراقية، ولذلك أدعوك أن تقرأ التاريخ جيداً، وإن كنت على ثقة أنك لن تستوعبه. ü رامسفيلد: دعك من هذا الهراء، أنا أعرض عليك… صدام حسين (مقاطعاً): قبل أن تعرض علي بضاعتك الفاسدة أنا أسألك: هل وجدتم أسلحة الدمار الشامل في العراق أم لا؟ ü رامسفيلد (مرتبكاً): لم نعثر عليها حتى الآن، لكن حتماً سنعثر عليها في يوم ما، هل تنكر أنه كانت لديك نوايا لصناعة قنبلة نووية؟ صدام حسين: لم تكن لدينا أسلحة دمار شامل منذ عام 1991 لقد كنا صادقين ونحن نتحدث مع بعثة التفتيش الدولية، وكنا صادقين في رسائلنا إلى كوفي عنان، وكنتم تعرفون هذه الحقائق، لكنكم كنتم تبحثون عن أية ذرائع كاذبة لاحتلال العراق وإسقاط سلطته الشرعية. ü رامسفيلد: لقد استقبلنا العراقيون بسعادة بالغة ورحبوا بنا، وكان السبب هو ممارسات نظامك الدموي على مدى كل هذه السنوات التي حكمت فيها العراق. صدام حسين: أرجوك يا سيد رامسفيلد.. كفاك كذباً، فأنتم الذين فجرتم شلالات الدماء على أرض العراق، لقد تآمرتم علينا وجئتم ببعض الخونة ليحتلوا السلطة على أرض العراق العظيم. ü رامسفيلد: من تسميهم خونة اختارهم الشعب العراقي كقادة له بطريقة ديمقراطية وانتخابات نزيهة لم تحدث في ظل حكمكم للبلاد. صدام حسين: لقد عرفت أنكم جئتم بجوقة الخونة وفي مقدمتهم الطالباني، (ضحك ساخراً)، العراق العظيم يحكمه الطالباني والجعفري، ألا يدعو ذلك للسخرية؟!.. ثم عن أي انتخابات تتحدث.. هل يجوز أن تجري انتخابات حرة كما تقول في ظل احتلالكم لبلدنا؟ يا سيد رامسفيلد لقد تعلمنا من التاريخ أن المحتل لن يأتي إلا بأعوانه وعملائه، ثم تريد بعد كل ذلك أن تقنعني بأن شعب العراق يتمتع بالحرية والديمقراطية، إنك حقا تهذي. ü رامسفيلد (يكتم غيظه بشدة): أنت معزول ولا تعرف حقائق ما يجري في الخارج، إن الشعب العراقي تحرر من ظلمك، ولو رأوك أنت أو أيا من رجالك في الشارع لفتكوا بك..!! صدام حسين: وأنا أراهنك إذا استطعت أن تعلن عن مكان وجودك في العراق، لو علمت المقاومة العراقية بمكانك لما استطعت أن تخرج حياً، إنني أريد أن أسدي نصيحة إلى رئيسك « الغبي »، عليك أن تبلغها له وهي أن ينقذ ما تبقى من جنوده، إن الموت يحاصرهم من كل مكان، والتاريخ لن يرحمه. ü رامسفيلد: لقد جئت للحديث معك حول عمليات « الإرهاب » التي يحرض عليها رجالك وينفذونها.. لقد قام رجالك مؤخراً بعملية دنيئة استهدفت سجن أبو غريب، حيث أصابوا وقتلوا أكثر من خمسين أمريكياً، كما أنهم قتلوا عددا من المقبوض عليهم بتهم مختلفة، إن رجالك يستعينون بالإرهابيين من كل أنحاء العالم وهم يهددون التجربة الديمقراطية في العراق, صدام حسين: وما هو المطلوب بالضبط؟. ü رامسفيلد: أنا أعرض عليك عرضاً واحداً وهو أن يفرج عنك وتختار لنفسك منفىً اختيارياً في أي بلد تشاء بشرط أن تظهر على شاشة التلفزيون لتعلن إدانة الإرهاب وتطالب رجالك بالكف عن هذه الممارسات. صدام حسين: وهل حصلت على موافقة رئيسك على هذا العرض؟ ü رامسفيلد: نعم هذا العرض تم الاتفاق عليه في جلسة شارك فيها الرئيس ونائبه ووزيرة الخارجية ورئيس جهاز الاستخبارات، وقد كلفت بإبلاغك بهذا العرض. صدام حسين: إنه ثمن بخس. ü رامسفيلد (بلهفة): مستعدون أيضاً لإشراك عناصر مقربة منك في الحكم. صدام حسين: وماذا أيضاً؟ ü رامسفيلد: سنقدم لك إعانة مالية محترمة وسوف يحفظ أمنك وأمن أسرتك في البلد الذي ستختاره. صدام حسين: هل تريد أن تسمع شروطي؟. ü رامسفيلد: يا حبذا. صدام حسين (بلغة فيها كثير من الغرور والتعالي): أنا أريد أولاً منك أن تحدد لي جدولاً زمنياً للانسحاب من العراق، وأن تلتزم به حكومتكم أمام العالم، وأن تبدأوا عملية الانسحاب على الفور. وأنا أطلب ثانياً.. الإفراج فوراً عن كافة المعتقلين العراقيين والعرب في السجون التي أقمتموها أو تلك التي قيدتم فيها حرية عشرات الألوف من شرفاء العراق. وأطلب ثالثاً منكم.. التعهد بتقديم التعويضات الكاملة عن الخسائر المادية التي لحقت بالشعب العراقي من جراء عدوانكم على بلدنا منذ أم المعارك في عام 1991 وحتى اليوم، وأنا أقبل بالاستعانة بلجنة دولية وعربية لتقدير هذه الخسائر. وأطلب رابعاً.. أن تردوا الأموال التي نهبها رجالكم من خزائن العراق ونفطه خاصة هذا المجرم بريمر وأزلامه من الخونة والمارقين. وأطلب خامساً.. إعادة الآثار التي سرقتموها وسلمتموها لمافيا الآثار، فهذه كنوز لا تقدر بمال الدنيا، لأنها تحمل تاريخ العراق وحضارته. صحيح أنكم لا تملكون حضارة ولا تاريخاً وأن عمر بلدكم لا يتجاوز بضع مئات من السنين، ولكن كل ذلك يجب ألا يبرر سرقاتكم وحقدكم على حضارة العراق وثروة العراق. وأطلب سادساً.. أن تسلموني أسلحة الدمار الشامل إذا كنتم قد عثرتم عليها وأن تعيدوا إلينا حياة كل الشهداء الذين أزهقت أرواحهم، وأن تردوا شرف الماجدات العراقيات الذي سلبتموه. ü رامسفيلد: هل هذا نوع من السخرية؟ صدام حسين: لا، بل هذه هي الحقيقة المرة، التي تعرفونها.. يا سيد رامسفيلد أنتم ارتكبتم أكبر جريمة في التاريخ ضد بلد عربي مسالم.. لقد التقينا معاً في الثمانينيات، هل تذكر عروضك؟ ü رامسفيلد: دعنا من الماضي، نحن بصدد إعادة تقييم مواقفنا منكم ومن العديد من القوى التي ناصبتنا العداء في الماضي، نحن قررنا أن نتحاور مع الإسلاميين المعتدلين، وليس لدينا مانع من وصولهم للسلطة عبر صندوق الانتخاب. بل الأهم من ذلك أننا قررنا أن نفتح قنوات للحوار مع منظمات « إرهابية » مثل حماس والجهاد وحزب الله الموالي لإيران، وأيضاً منظمات أصولية أخرى في العالم كله، بل حتى لدينا مشروع للاتصال بحركة طالبان في أفغانستان لدراسة مشاركتها في السلطة مقابل التخلي عن السلاح. صدام حسين: إذن بدأتم تعيدون التفكير في نهجكم الخاطئ؟ ü رامسفيلد: إنه التطور الطبيعي للأمور، نحن نسعى إلى نشر الديمقراطية في كافة البلدان والحركات الخاضعة للاستبداد. صدام حسين: أفلحتم إن صدقتم، أنا أعرف حقيقة أهدافكم، وإذا كنتم صادقين حقاً فعليكم أن تبدأوا فوراً أنتم وحلفاؤكم الانسحاب من العراق، وعليكم أيضاً أن تراجعوا موقفكم الداعم لإسرائيل. إنني أعرف أن رئيسك عنيد ومكابر وليس صادقاً. ü رامسفيلد: إنه رئيس ديمقراطي منتخب، وليس حاكماً دموياً مثلك. صدام حسين: الإرهاب صناعتكم والكذب أسلوبكم. ü رامسفيلد: إن هذا العرض هو فرصة تاريخية لكم، سنفرج عنك وسنتشاور معك في كل ما يخص شؤون الحكم في العراق، إذا رفضت هذا العرض فان الفرصة لن تعوض. صدام حسين : أنا لا أبحث عن الفرص، ولا أبحث عن طريق لإنقاذ رقبتي من حبل المشنقة التي نصبتموها للعراق كله، لو أردت ذلك لقبلت بالعرض الروسي وأنقذت ولديٌ وحفيدي من الشهادة، أنا لا أعرف ما هو مصير أسرتي وبناتي وأحفادي، ولكن ثق أنني مهتم بكل مواطن عراقي وبمستقبل العراق العظيم أكثر من اهتمامي بنفسي وأسرتي. لقد سبق أن عرضتم عليٌ قبل ذلك عن طريق رجالكم أن أقرٌ بأن أسلحة الدمار الشامل هربت إلى سوريا وقلتم إن الثمن هو الافراج عني، فرفضت وها انذا أكرر الرفض مرة أخرى. ü رامسفيلد: أنا لا أريد منك رفضاً، أنا أريد منك التفكير، نحن نعاود تقييم مواقفنا في الوقت الراهن، نحن نريد وقف الدماء التي تتدفق من كلا الجانبين، ولذلك يأتي عرضنا من منطق القوة وليس من منطق الضعف. لقد طلبنا من جلال الطالباني أن يدلي بتصريح ينفي فيه أية نوايا لإعدامكم كبادرة حسن نوايا منا، ونحن لدينا استعداد لمراجعة موقفنا كاملاً من العملية السياسية في العراق بأكملها وأن نتحاور معك ومع رجالك في هذا الأمر. صدام حسين : هل أنتم مستعدون للانسحاب أم لا؟ ü رامسفيلد: يمكن أن نبحث إعادة الانتشار، إن قواتنا أعدت قواعد للبقاء فترة طويلة يمكن أن ننسحب من الشوارع والمدن ولكن سنبقى في القواعد لفترة من الوقت. صدام حسين : إذن أنتم تريدون عميلاً جديداً يضاف إلى هذا الطابور من العملاء، لا يا سيد رامسفيلد.. لا تنسى أنك تتحدث مع صدام حسين رئيس دولة العراق. ü رامسفيلد: لكنك خسرت السلطة. صدام حسين : لم يبق لي سوى الشرف، والشرف لا يباع ولا يشترى. ü رامسفيلد: لكن الحياة لها قيمة لا تقدر. صدام حسين : لا قيمة للحياة بدون الكرامة، وأنتم سلبتم العراق كرامته عندما دنستم أرضه وسوف نسترد كرامتنا سواء بقي صدام حسين أو استشهد. ü رامسفيلد: إن أنصارك الذين تحاورنا معهم قالوا لنا إنك صاحب القرار الأول والأخير، هل كانوا يتوقعون رد فعلك؟ صدام حسين : بالقطع هم يعرفون أن صدام حسين لا يستطيع أن يتراجع على حساب وطنه وكرامته. ü رامسفيلد: التاريخ سيحملك مسؤولية الدماء التي تسال في العراق. صدام حسين : بل التاريخ سيحاكمكم على جرائمكم.. لقد حذرتكم من قبل وقلت لكم ستنتحرون على أسوار بغداد، وها أنتم تدفعون الثمن، أرجوك أن تذهب إلى لندن وتقرأ سجلات وزارة الخارجية البريطانية لتعرف بعضاً من ملامح كفاح الشعب العراقي في مواجهة أصدقائكم البريطانيين الذين تكررون أخطاءهم وتشركونهم معكم.. الشعب العراقي شعب عنيد ولا يخاف الموت.. والمقاومة أقوى مما تتصورون ولذلك أبشركم بالمزيد ». انتهى نص محضر الاجتماع جورج عون: يمكننا أن نعتبر هنا أن الولايات المتحدة أعطت فرصة لصدام حسين بأن يعفى عنه وأن تكون هناك صفقة إلى حد ما. دكتور حسيب، لقد تكلمت عن محضر اللقاء الذي حصل بين رامسفيلد وصدام حسين، ولكن اليوم بعد إعدام صدام حسين والملابسات الكثيرة التي حصلت خلال عملية الإعدام، يبدو أن بذور الانشقاق المذهبي كبيرة وانه بدأ يتجذر في العراق. هناك خريطة محيطة بالعراق وتنذر بالشؤم، وأنت كمراقب للحركة السياسية كيف ترى هذا الإعدام أو بالأحرى هذه الملابسات التي حصلت بعد الإعدام وتداعياتها على مستقبل العراق؟ حسيب: سبق أن ذكرت في مطلع هذه المقابلة أن إثارة الفتنة الطائفية والاثنية والعرقية هي مخطط أمريكي من البداية، منذ أن قام الحاكم الأمريكي للعراق بريمر بإنشاء مجلس الحكم على أساس طائفي ومحاصصة، وكل العملية بما فيها الانتخابات وقيام الحكومة، وحتى الدستور الذي أعد أصلاً من قانون الإدارة المؤقتة الذي أعد في واشنطن نفسها من قبل اثنين من الخبراء وكان أحد أهدافه القضاء على عروبة العراق. فالموضوع الطائفي كان هو أن يقتتل العراقيون فيما بينهم وتأتي أمريكا كما تفعل الآن لتقول أن المشكلة هي مشكلة العراقيين وليست مشكلتنا نحن، فالعراقيون يقتتلوا فيما بينهم طائفياً، لذلك اختاروا قضية الدجيل واختاروا حكاما من الأكراد، وحصل ما حصل. وبحسب القانون يجب أن يوقع رئيس الجمهورية ومجلس الرئاسة وهم ثلاثة يجب أن يوقعوا بالإجماع وواحد منهم كان لا يريد أن يوقع، فحملوا رئيس الوزراء على التوقيع، وفي ما يسمى « الدستور » هذه ليست مسؤوليته. ونشروا تفاصيل أنه أثناء الإعدام صرخوا مقتدى الصدر وما إلى ذلك ونُشرت روايات كثيرة، والغرض من كل ذلك هو إثارة وتعميق النعرة الطائفية. العراق، للأسف الشديد وبسبب غياب حرية التعبير تختلط فيه الإشاعات بالسياسة، فلا تعرف أي قدر من الإشاعات صحيح أم لا؟ العراق في عمره لم يشهد صراعاً طائفياً، وسبق أن ذكرت تفاصيل ذلك في مناسبات سابقة، فلا يوجد في العراق التقسيم الموجود في لبنان، أي أن يكون رئيس الجمهورية مارونيا ورئيس الوزراء سنيا ورئيس البرلمان شيعيا، فهذا ليس موجوداً في العراق. فقد كان هناك عدد من رؤساء الوزراء شيعة وعدد آخر كانوا أكراداً، وذكرت لك فيما يتعلق بحزب البعث. ولقد عشت تجربة الحرب الأهلية في لبنان، حين كانوا يسحلون الناس ويقتلونهم على الهوية، وليس فقط بين المسيحيين والمسلمين بل أيضاً بين المسيحيين أنفسهم حتى داخل الشيعة وفي المنطقة الغربية وغير ذلك. فما يحصل في العراق حصل في لبنان، لكنه يحصل في العراق على نطاق أكبر. هم نجحوا في إلهاب القضية الطائفية من خلال ما تم في سامراء وتدمير المرقدين الشيعيين، فمن دمر هذه المراقد؟ أتمنى أن يعلنوا نتائج التحقيق، وبعد هذا هم أشعلوا الفتنة الطائفية. والآن هم يتكلمون بأن العراقيين هم المسؤولون وهم يتقاتلون فيما بينهم. قبل عدة أشهر أُجري إحصاءان، الأول قامت به وزارة الخارجية الأمريكية مع باحثين مستقلين والآخر تم من قبل جامعة ميريلاند في الولايات المتحدة، وسألوا الشعب العراقي هل تريدوننا أن ننسحب أم لا؟ أكثر من 80% قالوا انهم يريدونهم أن ينسحبوا. وسألوهم هل نحن مصدر أمان أم لا؟ فكان الجواب أنهم هم أحد أسباب الوضع الأمني المتردي في العراق. جورج عون: إذا انسحب الأمريكان، ماذا سيحل بالعراق؟ هل هناك ثقة في الجيش العراقي الحالي الآن؟ حسيب: دعني أقول لك ما يعنيه القول الشعبي »تريدوها كبار كبار وتريدوها صغار صغار ». أمريكا تتحدث عن الديمقراطية. وحسب الاستطلاعين اللذين أشرت اليهما قبل لحظات، فان أغلبية العراقيين يريدون من الأمريكيين أن ينسحبوا ويقولون أن وجود القوات الأمريكية هو أحد أسباب الفتنة والبلاء في العراق. والأمريكيون أنفسهم، إذا أرادت أمريكا أن تتحدث عن الديمقراطية، يقولون في أغلبيهم أن الحرب كانت خطأ ويجب أن تخرج أمريكا من العراق. فإذا أرادوا الديمقراطية فهذا رأي العراقيين ورأي الأمريكان فأين هي ديمقراطية الإدارة الأمريكية؟ تسألني ماذا سيحدث إذا خرج الأمريكان من العراق؟ وهذه هي الحجة التي يقولوها. آخر تقرير قدمه البنتاغون للكونغرس وتاريخه 30 نوفمبر الماضي لكنه قُدم في النصف الثاني من ديسمبر يقول أنه خلال الفصل الأخير زادت عمليات المقاومة ويسمونها التمرد (Insurgency)، وليس الإرهاب، في العراق بنسبة 22%، وان68% منها موجه للقوات الأمريكية، وهذا يعني أنه إذا انسحبت القوات الأمريكية فإن نسبة 68% أي ثلثي هذه العمليات ستتوقف. كما أجمعت تقارير من مؤسسة استخبارية أمريكية على أن غزو العراق ساهم في زيادة الإرهاب في العالم. جورج عون: لكن قد تحكم العراق ميليشيات فأيهما أفضل؟ حسيب: الميليشيات الآن تحكم بوجود الأمريكان وبوجود الحكومة العميلة. فعلى الأقل سيتوقف الجانب الخاص بالمقاومة الذين يقولون هم أن 68 بالمائة من العمليات موجه للقوات الأمريكية وبالتالي سيتراجع العنف. جورج عون: لكن الشعب العراقي صوت على الفيدرالية في العراق، أي أن الشعب العراقي لا يريد أن يعيش مع بعضه البعض. حسيب: فيما يتعلق بهذه الانتخابات، يجب ألا نأخذ الأمور على ظاهرها. هناك، على سبيل المثال لا الحصر، تقرير أصدره مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في واشنطن لأنطوني كوردسمان، وهو من أهم المراكز الاستراتيجية في أمريكا، وهو عن الانتخابات في العراق وعنوانه « The True Meaning of The Iraqi Election: A « Trigger not a Turning Point »(14) « ، « المعنى الحقيقي للانتخابات العراقية » وهو يعطي تقييما حول مدى جدية وصدقية هذه الانتخابات. قانون الانتخاب عمله الأمريكان، واللجنة التي أشرفت على الانتخابات وضع قانونها الأمريكان وهم من قاموا بتعيين أعضائها، وفي كل محافظة في العراق هناك قنصلية أمريكية وأيضاً حاكم عسكري أمريكي وقد انفقوا ملايين الدولارات عليها. والأحزاب هي أحزاب العملاء. وقد سبق أن أشرت إلى الاستطلاع الذي قام به مركز العراق للبحوث والدراسات الاستراتيجية للوقوف على الرأي العام العراقي حول رؤية العراقيين حول مختلف الأوضاع في بلادهم، وكان من بينها « هل ستصوتون لنفس الأشخاص إذا أعيدت الانتخابات » وعن « مدى الثقة بأعضاء مجلس النواب الحالي »، وكانت الأجوبة واضحة حول رأي أكثرية العراقيين في تلك الانتخابات والنواب. جورج عون: لكن من المعروف يا دكتور حتى في ظل حكم صدام حسين كان للأكراد وضع خاص في العراق، وأيضاً الشيعة اليوم يطالبون بشيء يخصهم، وأنت ترمي بكل المسؤولية على الأمريكان والعملاء، وكأن العراقيين هم فعلاً يد واحدة وهم أصلاً مختلفون. حسيب: هناك أغلبية عراقية صامتة، أما هؤلاء الذين يتكلمون باسم الشيعة أو السنة فهم لا يمثلون كل الشيعة ولا كل السنة وهم عملاء جاء بهم الأمريكان إلى العراق. وعندما يترك الأمريكان العراق سيترك معهم هؤلاء العملاء. والأغلبية الصامتة سيتاح لها الفرصة للكلام. جورج عون: دكتور نتكلم عن أغلبية صامتة، لكن من المعروف اليوم أن هناك في العراق تدخلات خارجية، هناك تدخل إيراني موجود وفاضح في الجنوب العراقي، واليوم بدأ الهمس عن دعم معنوي من بعض الدول الخليجية للسنة في العراق، فكيف يمكن للعراقيين أن يلتحموا مع بعضهم البعض في ظل هذه الاصطفافات الخارجية حول العراق. حسيب: هذا هو المخطط الأمريكي الجديد، فهم يريدون الآن تغطية هزيمتهم في العراق بالتوجه نحو إيران وضرب إيران، وهم يهيئوا لضرب إيران، كما هيأوا لضرب العراق. واحدى الوسائل لذلك إشعال الفتنة بين الشيعة والسنة ليس في العراق فقط، ولكن في السعودية ودول الخليج الأخرى بشكل خاص أي تلك التي توجد فيها أقليات شيعية، لذلك بدأت مصر والسعودية والأردن بالحديث عن حماية السنة إلخ، وهم كانوا نائمين خلال السنوات الثلاث السابقة عما يحصل في العراق. وسأذكر لك بعد قليل ما كان دورهم في الاحتلال. فهم يريدوا أن يشعلوا القضية من جديد. أنا أقول أن تصرفات إيران في العراق خاطئة، قبل الاحتلال وأثناء الاحتلال وحتى الآن، ولها دور في تغذية هذه الفتنة الطائفية، وهي ناتجة عن لقاء مصالح بينها وبين أمريكا: لهم مصلحة في بقاء الأمريكان في العراق ليكونوا رهينة لديهم كيلا يضربوا إيران. وبينهما لقاء مصالح في حل الجيش العراقي، ولقاء مصالح في عدم قيام حكومة مركزية قوية في العراق. دور إيران في الضربة الأمريكية قادم ما لم تحدث تطورات جديدة. ولكن مهما كانت أخطاء إيران الحالية يجب أن ننظر إلى إيران في الأمد المتوسط والبعيد وليس الآن، كعمق استراتيجي إسلامي للأمة العربية، وأن نتعامل معها ونحاول أن نجعل منها صديقاً محتملاً وليس عدواً محتملاً بالرغم من أخطائها. جورج عون: لكن المشكلة اليوم هي مشكلة كيانات، فهناك الكيان الإيراني وهناك الكيانات العربية، فهل هناك فعلاً مخطط لسحب الهوية العربية من العراقي عبر الكيان الإيراني والأمة الإيرانية. حسيب: هناك مخطط فعلاً. فأحد أهداف الاحتلال نفسه هو سحب الهوية العربية عن العراق إضافة إلى موضوع النفط وموضوع إسرائيل، والذي بسببه تم حل الجيش العراقي وتم القضاء على الدولة وعلى كل مؤسسات الدولة. هذا صحيح. لكن هل كان هناك نفوذ إيراني في العراق قبل الاحتلال؟ يجب أن ننظر إلى السبب وليس إلى النتيجة. فسبب النفوذ الإيراني الآن في العراق هو الاحتلال، فلنركز على الاحتلال، ويجب على العراقيين أن لا يقعوا في خطيئة ومصيدة بعض الأنظمة العربية والأمريكان في الداخل التي تتصور أن العدو هو إيران الآن، وأن علينا أن نستعين بالأمريكان ضد الإيرانيين، فهذا هو بالتحديد المخطط الأمريكي الآن لإشعال فتنة مذهبية في الوطن العربي. جورج عون: هناك تخوف اليوم في الخليج من الهلال الشيعي الذي ينطلق من إيران ويمتد إلى لبنان، وما يحدث في لبنان ينطبق كثيراً على ما يحدث في العراق. حسيب: المقاومة في فلسطين، أي حركة حماس بالذات، هل هي شيعية أم سنية؟ وماذا عن المقاومة في لبنان، والمقاومة في العراق فكيف هو الهلال الشيعي؟ لماذا يقاطع الغرب والدول العربية الحكومة الفلسطينية الحالية، هل هي شيعية أم سنية؟ فإذا هم مع السنة لماذا لا يساعدونها؟ ولماذا لا يساعدون المقاومة في العراق؟ أن الحقيقة هي ان أمريكا تريد أن تخنق الحكومة الفلسطينية التي جاءت نتيجة انتخابات ديمقراطية باعتراف الأمريكيين، وهي ليست شيعية. جورج عون: لكن هناك اليوم محورين في العالم العربي، محور الاعتدال كما تصفه الولايات المتحدة وهو مصر والسعودية والأردن وبعض الدول الخليجية وبالمقابل هناك المحور المتطرف وهو إيران وسوريا وبعض التنظيمات التي تكلمت عنها. حسيب: يجب أن تكفوا أنتم وغيركم من وسائل الإعلام عن ترديد هذه الشعارات. هناك أربعة كتب أشير إليها، بوب وودوورد وهو الذي أسقط نيكسون بفضيحة ووترغيت نشر كتاب بعنوان « Plan of Attack » »خطة هجوم » وهناك كتاب آخر له بعنوان « State زof Denial » حالة انكار »، وهناك كتاب عن مذكرات تومي فرانكس الذي قاد غزو العراق كرئيس للهئية لمشركة لأمريكية القوات المسلحة الأمريكية اسمه سAmerican Soldier » جندي امريكي » وهناك كتاب صدر مؤخراً بعنوان « الخيبة » FIASCO. كتاب بوب وودوورد يتكلم عن دور السعودية والأمير بندر (الذي كان آنذاك سفيراً للسعودية في واشنطن) والأمير عبد الله (الآن الملك عبدالله) في احتلال العراق، ويتحدث في حول دور السعودية في الاحتلال الأمريكي للعراق، وعن الاجتماعات التي تمت بين بندر والرئيس بوش وشيني ورامسفيلد ورايس حول تفاصيل المواقف العربية من التحضير والتشجيع على الاحتلال. ويتكلم كذلك عن الدور الحقيقي لبعض الأنظمة العربية في التحريض على احتلال العراق وتصفية صدام حسين، وإذا لديك وقت أقرأ لك كل الأمور المذكورة كما لا ننسى دور الأنظمة العربية الخليجية التي قدمت التسهيلات اللازمة للقوات الاجنبية لاحتلال العراق. جورج عون: هذا موقف تأخذه على مسؤوليتك. حسيب: أنا لا آخذه على مسؤوليتي، ولكنني أتكلم من خلال وثائق موجودة ونصوص الاجتماعات التي عقدها بندر مع بوش ورسائل الملك عبد الله (وكان الأمير عبد الله في ذلك الوقت) إلى بوش يستعجلونه لاحتلال العراق و تصفية صدام وكان شرطهم ألا تتم أية تسوية مع الرئيس صدام، وأنه لا بد من تصفية الرئيس صدام وألا يبقى حياً. جورج عون: لأنه في تلك الفترة كان صدام حسين يشكل فعلاً خطراً على هؤلاء، صدام حسين دخل الكويت وكنت تقرأ الوثيقة التي يقول فيها رامسفيلد أنه دخل الكويت، كانت لدى صدام حسين أطماع في الوصول إلى كافة العالم العربي وإلى دول الخليج بالأحرى. حسيب: الحرب العراقية – الإيرانية من الذي شجعه عليها؟ جورج عون: هذا موضوع يجب أن نسأل فيه الأمريكان وصدام حسين معا. حسيب: هناك وثائق حول هذا الموضوع. المساعدات المالية والديون التي يتكلمون عنها الآن ما هي؟ هي مساعدات وديون قدمت إلى العراق أثناء الحرب العراقية – الإيرانية لتمكينه من محاربة إيران، ودور أمريكا معروف وكل هذه الأمور منشورة. جورج عون: الآن هناك سجال قائم بين الولايات المتحدة وإيران حول السلاح النووي الإيراني، فهل تعتقد أن ما يجري اليوم من تكبير حجم إيران هو في سبيل الوصول إلى تحسين دفتر الشروط من كلا الطرفين، أي من الطرف الإيراني والأمريكي، للوصول في المفاوضات إلى صفقة اجمالية Package Deal تتم على حساب الهوية العربية والمنطقة العربية. حسيب: لا تتحدث عن الهوية العربية والمنطقة العربية، فدور ما يسم« « الأنظمة المعتدلة » الآن فيما يتعلق بإيران هو دورهم نفسه قبل الاحتلال للعراق حيث كانت احد أهداف الولايات المتحدة، كما ذكرت سابقاً، القضاء على عروبة العراق. جورج عون: دعنا نخوض الآن في موضوع التغيير في الولايات المتحدة، من المعروف أنه اليوم تم التغيير ووصل الديمقراطيون إلى الكونغرس ومجلس الشيوخ، فهل تعتقد أن السياسة التي ستتبع هي سياسة التغيير لما كان حاصل في الفترة الماضية، وبالتحديد بعد تقرير بيكر هاملتون. حسيب: المعلومات التي لدي عن السياسة الجديدة والتي من المتوقع أن تعلن في 10 يناير الحالي، أن بوش ترك جانباً كلاً من تقرير بيكر – هاملتون وكذلك تقرير مجموعة الأزمات الدولية « International Crisis Group » جانبا وأخذ برأي جون ماكين John Maccain المرشح الجمهوري للرئاسة القادمة ، وأن الاتجاه سيكون إلى زيادة حجم القوات الأمريكية في العراق إلى ما بين 15-30 ألفا والتركيز على بغداد وربما الانبار أيضاً، وبعد ذلك يأملون بعد توفير الأمن وتدريب القوات العراقية الحالية أن ينسحبوا. فسياسة أمريكا قائمة على أن تنجح العملية السياسية وأن يكون لديهم حكومة عميلة وان يعقدوا معها اتفاقية عسكرية ويبقوا في القواعد لفترة طويلة، وبعد ذلك يدربون جيشاً وشرطة إلخ، فلا العملية السياسة نجحت ولا الجيش ناجح. والمرحلة القادمة سيبدأونها بتصفية مقتدى الصدر، وهم ماضون في سياسة ما يسمونه « طريقة القضم » معه حيث يبدأون تدريجياً بتصفيته ومن ثم يأتي دور الآخرين. وفي العراق، في الموصل بالذات، هناك تعبير يسمونه « ربيطة ». في الصيف يجلبون خروفاً ويسمنونه ويطعمونه إلى وقت الشتاء وعندئذ يذبحونه ويكبسون لحمه لاحقاً، وهم الآن يسمنون ضحاياهم. ويخطئ من العراقيين من يظن أن الاحتلال أو أمريكا هي صديق دائم، وهذا ينطبق على كل القوى المتعاونة مع الاحتلال بما فيها الأكراد، ولا أعني كل الأكراد، فالشعب الكردي هو شعب عظيم ولكني أتكلم عن القيادة الكردية. جورج عون: لكن دكتور هناك اليوم بعض الاتصالات التي تجري بين البعثيين والولايات المتحدة، فهل هذه بداية لاستيعاب صدمة صدام حسين، بل بالأحرى كان هذا الموضوع يحدث قبل صدام حسين. حسيب: هناك من قال للأمريكان أنه طالما الرئيس صدام حسين موجود حياً، فلا المقاومة ولا البعث يمكن أن يدخل في العملية السياسية، هناك مؤامرة كبيرة تجري الآن. فليسمعني جيداً الأخوان الذين في المعارضة السياسية في العراق. يوم 3 أكتوبر سنة 2006 وفي القاهرة، اجتمعت كوندوليزا رايس مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الستة بالإضافة إلى اثنين هما وزيرا خارجية مصر والأردن، وبعد هذا الاجتماع طلبت كوندوليزا رايس الاجتماع مع أربعة من هؤلاء هم الأردني والمصري والسعودي والقطري، وأرسلوا أحدهم إلى السعودية ورتبوا للقاء أحد القيادات العراقية التي كانت خارج العملية السياسية وتم اللقاء معه في السعودية، وبعد ذلك سافر إلى الأردن والإمارات، وطلب ستة شروط حتى يدخلوا في العملية السياسية. وبناء على هذه الشروط الستة الموجودة لدي، وليس لدي ما يكفي من الوقت الآن لأقرأها لك كلها، والتي لم يوافقوا عليها حتى الآن. وبعدما عرض عليهم الشروط الستة، ذهب ستيفين هادلي، مستشار الرئيس الامريكي لشؤون الأمن القومي، الشهر الفائت ديسمبر 2006) إلى منطقة كردستان واجتمع مع مسعود البرزاني وجلال الطالباني، وجلبوا المالكي أيضاً لمناقشة هذه الشروط الستة إلخ، ولم تنته العملية حتى الآن إلى نتيجة محددة. انهم ماضون في خطة زيادة القوات الأمريكي وبتصفية مقتدى الصدر وجيش المهدي، لكن في نفس الوقت نفسه يعتقدون أنه مع غياب الرئيس صدام حسين يمكن أن ينجحوا في مفاوضاتهم مع قوى المقاومة المسلحة والسياسية. وأنا أتمنى على كل العراقيين الوطنيين، بما في ذلك من التحق منهم بالعملية السياسية إذا كان فعلاً وطنياً ومخلصاً، أن ينسحبوا مما يسمى « العملية السياسية » وإلا « فسوف لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من اتى الله بقلب سليم ». كما أن مدة بقاء القوات الأجنبية في العراق سيعتمد إلى حد كبير على مدى الخسائر التي ستلحقها المقاومة العراقية بالقوات الأمريكية ومدى نجاحها بالقيام بعمليات كبيرة ضد القوات الأمريكية، ومدى نجاحهم في التنسيق فيما بينهم وتكوين قيادة موحدة، وعلى مدى سرعة انهيار الحكومة الحالية وفشل العملية السياسية. جورج عون: قبل ختام هذه الحلقة، دعني أسألك سؤالاً وأرجو أن تجيبني عليه باختصار، هل تعتقد أن هناك رابطا بين ما يجري في العراق الآن وما يجري في لبنان؟ حسيب: بالتأكيد هناك رابط. الهدف الآن، وحسب تقرير أحد الخبراء، يقول فيه ان الحرب في العراق كان فيها خصام بين عدوين هما صدام حسين وجورج بوش؛ صدام حسين مات وبوش هُزم، فالاثنان انتهيا بشكل من الأشكال، ولكن الأول دخل التاريخ كبطل والثاني سيدخل التاريخ كمهزوم. بالنسبة للعلاقة قلت لك ان الهدف الآن هو إيران، وجزء من المخطط الأمريكي إثارة فتنة طائفية في المنطقة وهذا ما يسميه بعض الحكام العرب « الهلال الشيعي ». وكان هناك تواطؤ مباشر مع الولايات المتحدة من قبل دول الخليج ابتداءً من الكويت وانتهاءً بمن لديهم قواعد. ولا أشك في أنهم سيكون لهم نفس الدور في هجوم أمريكا على إيران، عندما يتم ذلك. لكنني أريد أن أبين أن العراقيين الذين ماتوا حتى بسبب الحرب والذين قيل انهم بلغوا 650 ألفاً فإن دمهم هو في رقبة السعودية ومصر والأردن وبقية بلدان الخليج التي شجعت وسهلت احتلال العراق. جورج عون: نحن لا نستطيع أن نتحدث عن هذا لأنه لا يوجد لدينا أحد يمثل وجهة النظر الأخرى. حسيب: هذا الكلام عن دور الدول العربية سبق أن قلته على فضائيات عربية أخرى، وهو موثق في كتابيْ بوب وودورد وغيرها والتي أشرت إليها سابقاً. جورج عون: مدير عام مركز دراسات الوحدة العربية الدكتور خير الدين حسيب أشكرك جزيل الشكر. ü أجرت هذه المقابلة مع الدكتور خير الدين حسيب فضائية anb يوم 4/1/2007 وأجراها معه – في إطار برنامج « وجهاً لوجه » جورج عون. والآراء الواردة في هذه المقابلة تمثل وجهة نظره الشخصية ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر مركز دراسات الوحدة العربية. وقد تمت إضافة بعض الهوامش لها فيما بعد لتوضيح بعض النصوص وتوثيقها. (1) انظر مقالة هيفاء زنكنة في جريدة The Guardian البريطانية يوم 4 يناير 2007، وكانت مسجونة لبعض الوقت أثناء النظام السابق، حيث تقول: Haifa Zangana, A drop into the abyss. Saddam jailed me but his hanging was a crime. Iraq’s misery is now for worse than under his rule ومضاف بالعربية: « قطرة في اللّج [لا قعر له صدام سجنني ولكن شنقه كان جريمة. إن مأساة العراق الآن هي أسوأ مما كانت أثناء حكمه ». (2) انظر: Lionel Beehner. Saddam Hanged For Past Crimes. Council on Foreign Relations. December 30, 2006. (3) المصدر: برنامج « بانوراما » في فضائية العربية يوم 13/12/2006، من « موقع العربية نت ». (4) وإضافة إلى ما كشفه ذلك الاستطلاع، فإن جانباً مهماً لم يشمله الاستطلاع، هو مدى فساد الحكم القائم بعد الاحتلال. فحسب التقرير الأخير « للمنظمة الدولية للشفافية » كان العراق من أكثر بلدان العالم فساداً ولا يأتي بعد العراق في سلم الفساد إلا بلد واحد فقط هو « هاييتي ». انظر: New York Times. Iraq Rated Among Most Corrupt. November 7, 2006. انظر كذلك تقريراً أمريكياً آخر بيّن أن الفساد في العراق يكلف حالياً أربعة مليارات دولار: Julian Barger and David Pallister, Corruption: the « second insurgency » casting $ 4 bn a year. One third of rebuilding contracts under criminal investigation. The Guardian, December 2, 2006. (5) انظر: جورج ماكغفرن ووليام بولك، الخروج من العراق: خطة عملية للانسحاب الآن، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية،ديسمبر 2006. حيث يشير أنه « عند التمعن في أحداث تسعينيات القرن الماضي، تتضح بجلاء سلسلة من المحاولات العراقية إلى إدانة صدام حسين بأي شيء يبرر هجوماً على نظام حكمه ». ثم يمضي قائلاً (ص 58) « أن صدام كان قد اقتنع بأن أمريكا عازمة على تدميره مهما عمل أو لم يعمل… إلخ ». (6) انظر: Norman Schwarzkokf. It Doesn’t Take a Hero The Autoheography written Petre Petre (New York Bantom Books, 1992) PP. 267-308 (7) استمر العراق، رغم الحصار الإسرائيلي للتحويلات المالية إلى الضفة والقطاع ورغم الحصار الاقتصادي على العراق، بدفع تعويض مالي مجزٍ لعائلة كل شهيد فلسطيني، وعن كل منزل تدمره قوات الاحتلال كلياً أو جزئياً، ولكل جريح أو معاق نتيجة الانتفاضة، دون أي تمييز بين الأطراف الفلسطينية. (8) تم في المؤتمر تكليف الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي في الكويت بتنفيذ هذا القرار، ولكن العراق دخل بعد قليل من ذلك المؤتمر في الحرب مع إيران ولم يتمكن من تسديد حصته من هذا المبلغ، فكان ذلك حجة للأنظمة العربية الأخرى التي التزمت بمبالغ معينة من هذا المبلغ، لرفض دفع حصتها ما لم يدفع العراق حصته، وهي حجة حتى لا يسددوا حصصهم. (9) انظر: 1- Jonathan Steele, Iraqis Cannot be blamed for the chaos unleashed by invasion. The Guardian. December 15, 2006. 2- Thomas E. Ricks and Rahin Wright. As Iraq Deteriorates, Iraqis Get More Blame. Washington Post, Nobember 29, 2006. (10) حسب استطلاع وزارة الخارجية الأمريكية، خلال الفترة أواخر يونيو – أوائل يوليو 2006، فإن أغلبية كبيرة من العراقيين يريدون أن تنسحب القوات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة فوراً من العراق، ويقولون ان مغادرتهم السريعة ستجعل العراق أكثر أمناً وتقلل العنف الطائفي. ففي بغداد مثلاً، فإن ثلاثة أرباع المستطلعين فيها قالوا انهم سيشعرون بأمان أكثر إذا تركت القوات الأمريكية والقوات الأجنبية الأخرى العراق، وان (65 بالمائة) منهم يفضلون انسحاباً فورياً، حسب نتائج استطلاع وزارة الخارجية والتي حصلت عليها جريدة الواشنطن بوست الأمريكية. أنظر: State Department, Iraq Civil Was Fears Remain High in Sunni and Mixed Areas. (11) في الاستطلاع الذي أجراه برنامج اتجاهات السياسة الدولية في جامعة ميريلاند، وُجد أن (71 بالمائة) من العراقيين الذين تم استطلاعهم يريدون أن تطلب الحكومة من القوات الاجنبية أن تترك العراق خلال سنة، ويعتقد أغلبية هؤلاء العراقيين أن حكومة الولايات المتحدة سترفض هذا الطلب، وان (77 بالمائة) من الذين تم استطلاع رأيهم يقولون أن الولايات المتحدة تنوي الاحتفاظ بقواعد عسكرية دائمة في العراق. كما يبين الاستطلاع أن كثيراً من العراقيين في كل جزء من العراق يختلفون مع رأي حكومة المالكي وتصريحات السيد جلال الطالباني في الأمم المتحدة بأن على قوات الائتلاف أن تبقى في العراق حتى تكون القوات الأمنية العراقية « قادرة على وضع نهاية للارهاب والحفاظ على الاستقرار والأمن ». انظر: Amit R. Paley, Most Iraqis Favour Immediate U.S. Pullout, Polls Show. Leaders views out of Step With Public. Washington post. September 27, 2006, p. 22. (12) حسب نتائج استطلاع، نُشرت يوم 12/12/2006، قامت به جريدة الواشنطن بوست وشبكة اخبار ABC، وبين الاستطلاع ايضاً أن اكثرية الامريكيية (52 بالمائة) يعتقدون أن الولايات المتحدة تخسر الحرب، بالمقارنة مع (34 بالمائة) قبل عام، انظر: Peter Baker and Jon Cohen, Americans Say U.S. is losing war. Washington post, December 13, 2006 (13) انظر: التقرير الفصلي الأخير للبنتاغون المقدم للكونغرس حول قياس الاستقرار والأمن في العراق، نوفمبر 2006 . (14) C.S.I.S, December 15, 2005. (15) التي ذكر فيها أن حكام مصر والأردن أكدوا له قبل الحرب أنهم واثقون من أن العراق يملك أسلحة دمار شامل!! (16) هذا في حين أن هذه الأنظمة العربية كلها، التي شجعت أو سهلت الاحتلال، مفروض منها، حسب « اتفاقية الدفاع العربي المشترك » أن تحارب القوات الاجنبية الغازية للعراق وليس إلى تشجيع أمريكا على غزو العراق وتقديم التسهيلات لها لاحتلال العراق. (17) انظر: Bab Woodward, Plan of Attack. New York, London, Toronto, Sudney: Semon & Schuster, 2004. وعن موقف السعودية، أنظر: الصفحات 347-349، والصفحات 231-228 و263-269 و24-27. وعن دور مصر والمختبرات المتنقلة للأسلحة البيولوجية في العراق وغيرها، انظر: الصفحات 312-315. وعن موقف الأردن، انظر ص. 257. (18) كان هناك، حسب تلك التقارير ثلاثة خيارات أمام الرئيس بوش: الأول Go big أي زيادة عدد القوات، والثاني Go Long أي تمديد مدة الانسحاب، والثالث Go Home أي الانسحاب الفوري والعودة إلى أمريكا. انظر: Tom Baldwin. Bush’s Three Iraq Options: Go Big, Go Long, Go Home. The Times, November 21, 2006. (19) للوقوف على تفاصيل هذه الخطة: انظر: Conflicts Forum. Rici’s stillborn talks with the Iraqi resistane. January 4, 2007. (20) كما فعلت مساء يوم 10/10/2006، بالهجوم من ثلاث جبهات للمقاومة على القاعدة الأمريكية الرئيسية في بغداد والمسماة « قاعدة الصقر Falcon »، والتي دمرتها مع ما فيها من صلاح وبشر تدميراً كاملاً، واستمر الحريق والانفجارات فيها منذ الساعة العاشرة مساءً حتى الصباح. (21)Gideon Rachman. The president’s dilemma. Financial Times, January 1, 2007. (22) تقدر وزارة الصحة العراقية عدد الخسائر المدنية في العراق بـ (150) ألفاً. انظر: Associate Press. Iraq Official Estimates: Civilian Toll at 150,000. Los Angeles Times, November 10, 2006. (المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 10 جانفي 2007)

 


 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

13 mars 2005

Accueil TUNISNEWS 5 ème année, N° 1758 du 13.03.2005  archives : www.tunisnews.net الجمعية الدولية لمساندة  المساجين السياسيين: بـــلاغ حركة

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.