الأحد، 8 أبريل 2007

Home – Accueil الرئيسية

 

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2511 du 08.04.2007
 archives : www.tunisnews.net


 

عبدالله الـزواري: حـصـاد الأسـبـوع نـواة: حوار مع القيادي الإسلامي المهندس علي لعريض الوطن: بعد ركود دام 15 عاماً، قطاع الأعمال ينشط من جديد بين سورية وتونس مرسل الكسيبي: تونس: 18 أكتوبر من مشروع وطني للحريات الى مشروع ضيق للأيديولوجيات  عدنان المنصر: واحد وخمسون عاما على دولة الاستقلال.. متى تقوم دولة المواطنة؟ عبدالحميد العدّاسي:علم من بلادي بوشوشة نورالدين الخميري : دعاية مجانيّة لنظام جائر مهاجر: الرد على الاخ الهاشمي الحامدي و على ربيعه و زيتونه د.منصف المرزوقي: لا للقوائم السوداء

محمد العروسي الهاني: إحياء ذكرى وفاة الرمز الخالد الزعيم الحبيب بورقيبة يوم 06 أفريل 2007 موقع إسلام أون لاين.نت:إسلاميو موريتانيا: سنشارك فى الحكومة المقبلة موقع إسلام أون لاين.نت:بين المغرب والجزائر.. حدود مغلقة فتحها المهربون توفيق المديني :غليان أعقب كشف لوائح المرشحين… والأمازيغ يبتعدون عن حزبيهما التقليديين …خريطة الأحزاب الجزائرية على عتبة انتخابات أيار التشريعية صحيفة « المستقبل:الإتحاد على قاعدة الموت في دول المغرب العربي؟ صحيفة « الحياة » :مصر: «الإخوان» ينافسون على ربع مقاعد الشورى موقع إسلام أون لاين.نت:الإخوان: لا حوار مع أمريكا برغم لقاء برلماني محمد الحداد: في أنه عقل إنساني واحد…  أحمد الخطيب: إغلاق نهائي لملف الجماعة الإسلامية بعد الإفراج عن آخر ٤٠ معتقلاً من كوادرها الشرق: بعد 4 سنوات من الاجتياح الأمريكى – البريطاني ..الحرية تبخرت.. ولم يبق إلا الضياع والحرب الأهلية  «الشرق الأوسط»: عراقيون بعد 4 سنوات من نهاية صدام: ضاعت أحلامنا مع العهد الجديد  «الشرق الأوسط»:اليونيسيف: 5 ملايين يتيم في العراق.. معظمهم يواجه الحرمان  الجزيرة.نت : قائد الحرس الجمهوري قال إن الكل قاتل حتى الموت: الأميركيون استعملوا قنابل نيوترونية بمعركة مطار بغداد الخليج: اليوم الذكرى السنوية لاستشهاد قائد معركة القسطل صحيفة « الحياة » :أدب النصائح في العصر العثماني … رسالة ابن علون إلى السلطان سليم عبد اللطيف الفراتي: حساب الأرباح والخسائر في زيارة بيلوسي للشرق الأوسط عبد الرحمان الراشد: لنعترف بالإسلاميين إذا


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


حـصـاد الأسـبـوع: الإثنين 08 أفريل 2007

E-Mail : info@alhiwar.net Site : www.alhiwar.net بسم الله الرحمان الرحيم

علمتُ:
دفتر العلاج… و اشرب ماءه
تعسرت ولادة زوجة سجين سياسي سابق فاضطر إلى نقلها إلى المستشفى الجهوي في مركز الولاية بالجهة، و لم يكن تشخيص الحالة من قبل الزوج حتى يمكن رميه بالمبالغة في وصف الحالة بالمتأكدة     و الاستعجالية بل كان نقل المرأة قرار الطبيب المباشر في المستشفى المحلي… و سجيننا هذا كالآلاف من المساجين السياسيين السابقين محروم من مجانية العلاج و من كل أنواع التغطية الاجتماعية و كأنه لم يقض زهرة شبابه في الوظيفة العمومية… و في الحالة تلك و قبل أن يدور محرك سيارة الإسعاف التابعة للمستشفى المحلي و الممهورة بلافتة مكتوبة بالبنط الغليظ  » هدية من رئاسة الجمهورية  » طلِب السجين بدفع معلوم 20 دينارا ( 12 اورو تقريبا) بعدما دفع معلوم الكشف الطبي ( 7 دنانير) و عند سؤاله عن سبب دفع العشرين دينارا أخبر بأنها  معين كراء سيارة الإسعاف التي ستنقل الزوجة المسكينة إلى المستشفى الجهوي… و أضاف المسؤول بأن هذه تعليمات صريحة لا يمكن تجاوزها… و تدبر السجين السابق أمره إنقاذا لشريكة حياته مما يمكن أن ينجر عن التأخر في إسعافها…
و لا يذهبن بالبال أن سيارة الإسعاف هذه مجهزة بأي شيء من ضرورات الإسعاف الأولي بل هي عبارة على أي سيارة من السيارات المستعملة على الطرقات مثل  » البرلنكو » أو « كامبو » أو  » البارتنر »…
و لو لم تكن الحالة الاستعجالية لاكتفى صاحبنا بكراء أي سيارة أخرى أو شاحنة من السيارات  و الشاحنات المتواجدة( و بالعشرات أحيانا ) بالساحات العمومية في مختلف المدن و القرى و لكانت تكلفة النقل اٌقل… 
و في المستشفى الجهوي، و في انتظار إتمام اجراءات قبول السيدة الحامل استمع صاحبنا إلى تعليقات شتى بخصوص مجانية العلاج و لعل أبرزها ما رواه أحد الحاضرين من كونه استظهر بدفتره للعلاج المجاني فرد عليه أحدهم ( من موظفي المستشفى) بكلام لا لبس فيه: دفتر العلاج « بلو و اشرب ماه » و  من المفيد التذكير أن دفتر العلاج المجاني  لا  يعفي صاحبه من دفع معلوم التسجيل و لا من شراء الأدوية التي يصفها الطبيب فصيدلية المستشفى لا توفر إلا ما قل و ندر من الأدوية من نوع اقراص الأسبرين و ما لف لفها…. و السير حثيث و لا شك إلى التخلص من مجانية العلاج  كما هو الشأن للتعليم و …. 2) تدبّرتُ:
 » شخصان يستحقان الاحترام: شخص ينشر الحقيقة لأنه يعرفها، و شخص يبحث عنها لأنه لا يعرفها »
3) سمعتُ:
  أحد وجهاء جرجيس من المستثمرين في قطاع النزل و السياحة أهدى بمناسبة عيد ميلاد(؟؟؟؟) سيارتي رينو كليو كلاسيك جديديتن إلى مسؤوليين أمنيين بالجهة… ومع ذلك عرف السجن في قضية لا تزال بعض خيوطها غامضة…..
4) رأيتُ:
على بعد بضع عشرات من الأمتار عن الساحل رأيت عددا من سفن الصيد الكبيرة  على غير العادة، فسألت صيادا عن سببها رسوها على مثل هذا القرب من الشاطئ فقال: « حوت يأكل حوت » فاستفسرته عن مغزى كلامه، فأجاب هذه سفن صيد من المفروض أن تعمل في المياه العميقة… لكن أعين الرقابة لا تراها… لذلك قدمت متسترة بنور الشمس و أغلى أصناف الحوت، قدمت إلى الشاطئ تتبع سربان من جراد البحر… و بذلك تحرمنا نحن صغار الصيادين من اصطيادها لكن ربنا رحيم و اسمه الرزاق…
5): قرأتُ:
يقول جو نافارو و هو من أعوان ف. ب. إ. المتعاقدين و قاد آلاف التحقيقات، يقول  في شأن التعذيب : » إنه لم يقد أبدا إلى الحقيقة، إنما قاد إلى الآلام، و في أفضل الحالات يقول لك المحقق معه ما تريد أن تسمعه منه، و في أسوئها لن تتحصل على شيء. »
6) نقلتُ:
 » من حفر دستورا لأخيه وقع فيه » الدكتور محمد جمال حشمت …………………………..
* قابلت كثيرا من الموظفين الذين انتدبوا للعمل رؤساء لجان فى الاستفتاء الأخير وسمعت منهم عجبا ! الأغلبية اتفقوا على أن عدد الحاضرين حتى الساعة الخامسة أو السادسة لم يزد عن عشرة فى كل لجنة وهنا دخل ضباط أمن الدولة والمباحث على اللجان ومعهم المخبرون نظرا لكثرة عدد اللجان وقلة عدد الناحبين الذين حضروا !! وطلبوا ملء الصناديق بمتوسط 250 بطاقة تنطق بنعم !! ومن رفض اتهموه أنه من الإخوان المسلمين وأنهم محتاجون يقعدوا معاه بعد الاستفتاء !! ولا أدرى بأى خلق فعلوا هذا وبأى قلب أقدموا على التزوير فى دستور سيدفع الجميع ثمن تمريره بمثل هذا الفجور دون وازع من دين أو خلق !! إخْص عليكم ! سينالكم عار ما اقترفت أياديكم عاجلا او آجلا ولا أظن أن وزير الداخلية فعل هذا وأصدر تعليماته من وراء الباب العالي فالكل شارك فى التزوير بدءا من شيخ الأزهر الذى صوت دون أن يقرأ أو يفهم وأوضح حكم كاتم الشهادة ولم يتحدث عن حكم مزور الشهادة ! !! حتى المخبر الذى استعرض فتونته على رئيس اللجنة  » لما غاب القاضى لعب الواطى » لقد لوث هذا النظام كل من اقترب منه أو شارك معه أو عمل فيه ! فهنيئا لهم لوثة اليد والعقل والشرف مهما كانت مناصبهم أو حاز سلطانهم أو ملكت أيديهم !!لأن جميعهم من الحزب الوطنى !! * بعض المدافعين عن التعديات الدستورية التى مررها الحزب « المزوراتى » صمتوا صمت القبور بعد الاستفتاء ربما خجلا أو ندما وهنا تذكرت الزوجة التى تصر على الطلاق دون أسباب معقولة أو شرعية وهى تصيح وتهلل حتى إذا وقع الطلاق صمتت وخسئت وندمت وهو إحساس على كل حال متقدم وجيد ويدل على أن هؤلاء كانوا قبل الندم من الحزب الوطنى !! أثار انتباهى جزار يتحدث بصوت عال مفسرا ما فهمه من التعديات الدستورية « يعنى لو مخبر ماعجبهوش شكلى ممكن أبقى إرهابى !! ولا حد منهم تعجبوا مراتى ألاقيه فى بيتى من غير إحم أو دستور!! (طبعا هو لا يعلم أن كل ذلك صار من الدستور!) على النعمة لادبحهم واحد واحد وياروح ما بعدك روح  » طبعا ده فهم راقى لمغزى التعديات ببساطة ودون تفعيص المثقفين ! وهو أمر وارد خاصة إذا فقه رجال الداخلية بكل تصنيفاتهم هذا الأمر على أنه حق لهم واستغلوه استعباطا أو ابتزازا أو إجراما وهو ما ينذر بمواجهات لا يعرف أصحابها الصبر أو الاحتساب قد تضر باستقرار المجتمع الذى يحرص عليه الحزب الوطنى دون حراك أو غضب ! وهذا على كل الأحوال من بشائر ما تعودنا عليه  » فمن حفر لأخيه دستورا وقع فيه » اللهم آمييييييين * الآن فلنطوى صفحة التعديات نظريا لنراها ونرقبها عمليا ربما حرك ذلك الشارع المصرى حين يصير الوطن بمن فيه مستهدفا بنصوص دستورية وتعديلات قانونية يظن البعض أنها نجاة وانقاذ لعصابة استولت على الوطن وساعدها على ذلك خوف الخائفين وصمت الصامتين باسم الشرعية الدستورية مما يجعلنا ندعو من أعماق قلوبنا لولد فال ومن قبله سوار الذهب فى موريتانيا والسودان !!! ولا تستغرب ذلك لأنهم رضعوا من الحزب الوطنى منذ نعومة أظافرهم !! لقد أراد الحزب الوطنىأن يقول لنا نحن الذين لا نفهمه أن الشعب المصرى خرج بأعداد أكثر ممن شاركوا فى الإنتخابات البرلمانية الأخيرة بكل ما فيها من منافسات وحشد وانفعال !! مما يدل على وعى الشعب بما صنعت يد الحكام ورغبته فى انتهاك حرماته من أجل الحفاظ على الحزب الوطنى كابسا على أنفاس ابناء مصر !! لقد وصلت الرسالة مكللة بالعار والفضيحة ولا مهرب لأصحابها سوى الانتحار أو الهروب أو الإستسلام فالمكان محاصر من كل جانب ولما ضاقت و استحكمت حلقاتها فرجت وكنا نظن أنها لا تفرج ، لقد حفروا قبورهم بأيديهم دون أن يعوا نتيجة التغول والتوحش والنهم الذى أصاب العصبة الحاكمة التى صار الدستور معبرا عنها فقط من دون الشعب ولكن صدق الله العظيم «  »ان مع العسر يسرا* ان مع العسر يسرا » »
«  »والله يعلم وأنتم لا تعلمون » ». 
7) دعـــــــــــــاء
 » إلــــــهي، لا تغضب علي، فلست أقوى على غضبك، و لا تسخط علي فلست أقوى على سخطك يا رب قد أصبت من الذنوب ما عرفت و أسرفت على نفسي بما قد علمت فأجعلني لك أمة إما طائعه فتكرمها و إما عاصيه فترحمها  »  من دعاء فتاة و إلى اللــقاء  عبدالله الـــزواري جرجيس في 05-04-2007

(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 8 أفريل 2007)


حوار مع القيادي الإسلامي المهندس علي لعريض

حاوره: فوزي الصدقاوي

 

القيادي الإسلامي والناطق الرسمي باسم حركة النهضة سابقاً، المهندس علي لعريض هو من مواليد1955، صدر في حقه حكم بالإعدام سنة 1987، كما قضت المحكمة في حقه بالسجن لمدة خمسة عشر سنة خلال حملة التسعينات التي شنتها السلطات التونسية ضد حركة النهضة ، أمضى خلالها إثنى عشر سنة في عُزلة إنفرادية وقضى من محكوميته تلك أربعة عشرة سنة قبل أن يُطلق سراحه سنة 2004. هو الآن عضو في هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات، لكنه ممنوع من الحضور و المشاركة في التظاهرات السياسية القليلة في تونس التي غالباً هي أيضاً ما يُمنع عقدها. عليه جبر إقامة في تونس العاصمة حصراً وممنوع عليه مغادرتها إلا بإذنٍ من السلطات الأمنية، وهو في الغالب، إذنٌ لا يُمنح. لا تتوقف السلطات الأمنية عن تهديده بإرجاعه إلى السجن إن هو لم يُقلع عن محاولاته المشاركة في فعاليات سياسية وحقوقية وثقافية عامة، إن قدر لتلك الفعاليات أن يُخلى بينها وبين الناس. ولأن الجدال الفكري والسياسي حول الحركة الإسلامية في تونس والقضايا الحافة بها لاتزال تثير لدى السياسيين والمفكرين والحقوقيين إشكاليات هي اليوم بينهم محل تأملات عميقة ، طرحنا على السيد علي العريض عدداً من الأسئلة تلخصت في محورين :محور سياسي عام يتعلق بالحركة الإسلامية في تونس بين مقاصد وجودها و مكاسب تصفيتها .ومحور نظري يتعلق بالرؤية التي يقترحها الإسلاميون في إستلهام القضايا المعاصرة للمرأة.

 

وقد آثر السيد علي لعريض بعد الإطلاع على الأسئلة أن يوافينا بالإجابة عنها كتابياً .فكان هذا نص إفاداته .

 

بسم الله الرحمان الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

قبل الإجابة عن الأسئلة ذات الطابع الفكري والشرعيّ أود الإشارة إلى أنه مهما كانت أهمية المسائل النظرية وهي هامة- فإن قضيتنا الأساسية في تونس اليوم هي النضال من أجل الإصلاح الديمقراطيّ ففي مراحل النضال الديمقراطي قد يكون التركيز على الاختلافات الفكرية نوعا من الترف إلا ما كان منها تقوية للنضال وتوسيعا لآفاقه كما ألفت الانتباه إلى أني لست مختصا في علوم الدين وإنما أنا مسلم يُلم بطرف من دينه ويعيش واقع بلاده ويسعى لفهم تحديات عصره.

 

** كثير من « الديمقراطيين » كانوا يعتقدون أن تصفية الحركة الإسلامية قد توفر لهم توازن الساحة السياسية،في ظل ما كانت الساحة التونسية قد عرفته من استقطاب سياسي بين حركة النهضة والسلطة، لكن كثيرون أيضاً اليوم أدركوا أنه بضرب الحركة الإسلامية خسر الجميع ؟ فماذا خسر التونسيون فعلاً بغياب الحركة الإسلامية في تقديركم ؟

 

– أكبر خسارة في تقديري هي أن مجتمعنا قد افتقد حراكا ثقافيا وسياسيا كان استمراره وتأطيره سيدفع بلادنا أشواطا كبيرة في مسار الديمقراطية باعتباره سيفضي إلى اتفاق طوعي حول الأرضية المشتركة وسيرسي تقاليد سياسية تكرس التعددية والوطنية والواقعية وسيساهم في التعبئة العامة لتحقيق رهانات البلاد ويحاصر عوامل الفرقة أو التصدع واللااستقرار كما سيزيد الثقة في المسار ووضوحه ويدعم الشعور العام بتساوي الفرص والمشاركة الاجتماعية والسياسية وبصفة عامة فانه سيعيد للعمل السياسي معناه النبيل.

 

كما خسرنا حركة تربوية وسطية كانت تؤطر وتوجه جموعا من المواطنين لا سيما منهم الشباب وكان يمكن لو بقيت أن تحاصر الجريمة وانحدار القيم وهي من اكبر المخاطر وعوامل التخلف في كل مجال تستشري فيه. إلى ذلك فان الحركة الإسلامية قد عرفت -وما تزال- بجهودها في تجديد الفكر الإسلامي وجعلت من أول أهدافها دعم محاولات وجهود التجديد وعيا منها بالمسافة التي تفصل الواقع المتطور أبدا والفكر الإسلامي الساعي إلى ملاحقته واستيعاب تعقيداته لا سيما وقد تكاثر الخلط بين مصادر الدين الإسلامي الأصلية القران والسّنة وبين تجارب المسلمين التاريخية وجهودهم الفكرية التي هي ثروة كبرى ورصيد يتعاظم بالإضافة إليه والتفاعل معه دون التقيد به إذ لكل إنتاج تأثر بخصائص عصره وحاجاته وتلك سنة الحياة.إلى ذلك وزيادة على ما تعانيه شريحة كبيرة من مجتمعنا, المساجين وعائلاتهم, المضيق عنهم بعد الإفراج عنهم وعائلاتهم, المهجرون وعائلاتهم, إلى ذلك فقد كان وجود طرف سياسي مثل الحركة الإسلامية يمثل عاملا رئيسيا مع بقية الأطراف لتخفيف هيمنة طرف على كل شؤون المجتمع وللضغط باتجاه التحرر والعدالة الاجتماعية وبضرب حركة النهضة ، ازداد اختلال التوازن بين السلطة والمعارضة وسهل محاصرة من تبقى والتراجع عن الخطوات التحررية.فكان ضرب الحركة الطلابية ومصادرة الصحافة والإعلام ومحاصرة كل قوى المجتمع المدني وضرب استقلالية هيئاته النقابية منها والحقوقية والسياسية .

 

وكان يمكن أن تكون بلادنا في مقدمة الدول العربية التي تتوفق إلى استيعاب وتاطير تياراتها الاجتماعية الإسلامية والقومية واليسارية والعلمانية الليبرالية ليتجه التنافس بخطى حثيثة نحو البرامج وتلك أهم مكاسب الديمقراطية وتذوب تدريجيا بعض الخلافات التي يخشى منها كسر المجتمع أو إحداث تصدعات مدمرة فيه, وهي تخوفات افهمها وأتفهمها ولكن علاجها يكون بالحرية واستحثاث الخطى بهذا الاتجاه بحكمة.

 

** شنت السلطة التونسية ضد حركة النهضة حملة تصفية واستئصال إستمرت إلى حد اليوم ستة عشر سنة ، ماذا كسبتْ السلطة و ماذا خسِرْتم؟

 

– بالمعايير الوطنية لم يربح احد فقد خسرت البلاد كما أسلفت الحديث وخسرت كل الأطراف السياسية المعارضة وخسرنا كلنا ثقة الشعب أو كثير منه في العمل السياسي والشعارات السياسية وما أعظمها من خسارة وما أخطرها وما أعسر عمل السلطة والمعارضة وكل الهيئات والمثقفين في مثل هذه المراحل. أما بالمعيار النفعي أو الانتهازي فقد ربح من له مصلحة في الاستئصال أو في الانغلاق السياسي أو في تجاوز القانون حيثما كان موقعه.

 

** ما الذي يستدعي وجود حركة إسلامية في تونس، فالتونسيون مسلمون جميعهم وربما لن تضيف الحركة الإسلامية للإسلام في تونس، كما يرى بعضهم، غير شيء من السياسة وكثير من الشغب ؟

 

– أولا: إن التيارات الفكرية والاجتماعية يفرزها المجتمع كتعبير عن حاجاته ومشاكله وطموحاته ويغذيها ويوفر لها أسباب النماء والبقاء طالما كانت ملبية لحاجاته وقضاياه أما إذا فقدت علاقتها بمتطلبات المجتمع المادية والمعنوية فإنها تؤول إلى تاريخ وتراث. والحركة الإسلامية المعاصرة ظهرت في البلدان العربية كحركة ثقافية سياسية اجتماعية وكرد فعل على الاستبداد السياسي وعلى نسيان الإسلام أو استنقاصه أو حتى التحرش به حسب البلدان, الإسلام الذي صار إسلام موظفين في الدولة وظهرت أيضا كرد فعل على التغريب الذي توغلت فيه حكومات أو قادة دول « وكرد فعل ضد علمنة كثيفة وتصفية إسلامية لم تكن تتجاسر دائما على البوح بحقيقتها » وكرد فعل على التفاوت الاجتماعي الخ. فكل هذه العوامل كان لها تأثير في ظهور الحركات الإسلامية وطالما استمرت هذه العوامل فستستمر الحركات الإسلامية وقد تولد حركات متنوعة لا سيما إذا استمر الانغلاق والإقصاء.

 

ثانيا: بلادنا تعترضها تحديات حقيقية لا ينكرها احد تقريبا التحدي التنموي في ظل رأسمالية بلا حدود وعولمة مستعرة وبلا ضوابط والتحدي الديمقراطي حيث يتطلع التونسيون ككل شعوب الدنيا إلى حكم رشيد يحترم قيم الحرية وحقوق الإنسان والتعددية وحرية الإعلام والتفكير والتنظم واستقلال القضاء وتحدي الهوية المتمثل في الارتقاء بقيمنا وثقافتنا الوطنية بما يحقق لأجيالنا الشعور بالاطمئنان والانسجام بين مقومات هويتنا العربية الإسلامية وقيم العصر ومتطلباته وهذا تحد فكري عميق يتطلب اجتهادا وتجديدا وأمانة لان من المخاطر الكبرى أن يسود أجيالنا الانفصام والتناقض بين الأصل والعصر فهذا موقع انكسار خطير لا قدر الله.

 

هذه التحديات الثلاثة تحتاج إلى كل الجهود والمقترحات والمبادرات لتستفيد من بعضها وتثري بعضها بعضا والتيار النهضوي كغيره من المكونات يقدم مقترحاته وحلوله وبالتالي فوجوده ووجود غيره ضروري لتتفاعل الحلول والمقترحات لمصلحة المجتمع كله.

 

إنّ التيار الإسلامي ابن شرعي للمجتمع التونسي وحراكه في كل جهاته وفئاته فما معنى التساؤل عن حق وجوده. إن السؤال الذي يستحق الإجابة عنه حقّا هو لماذا يقصى الإسلاميون من حقهم في العمل السياسي والثقافي والاجتماعي في كثير من الدول العربية ومنها تونس. فرغم تأكيد حركة النهضة باستمرار أنها تقدم مقارباتها وفهمها للإسلام ولقضايا البلاد وعلاجها ولا تدعي أنها تحتكر الدين أو فهمه أو النطق باسمه ورغم تأكيدها المستمر أن التونسيين بحاجة إلى الإحساس بالاطمئنان في تدينهم وبالحرية في اختيار ما يناسب ظروفهم وعصرهم في فهم دينهم دون مضايقة لهم في أداء شعائرهم وسائر ما له صلة بهويتهم سلوكا ومظهرا واحتفالا رغم تأكيدها كل هذا فإنها طوال مسيرتها تتعرض للإقصاء وكل أنواع المحن كما تتعرض لرفض بعض الأطراف الاعتراف بحقها في العمل والمشاركة في تطوير البلاد وخدمة شعبها. وإذا كنت أفهم مواقف بعض المترددين في دعم حقوق الحركة كطرف وطنيّ بالبلاد تأثرا بحملات التشويه التي تكال ضدها من كل جانب وعدم قدرتها على نشر أطروحاتها ومزيد بلورتها والرد على تلك الحملات في ظروف الحصار والفرقة والمحن وتأثرا بما حصل لتجارب إسلامية أخفقت أو أثارت عداء دول عظمى… فإن الكثيرين من الذين يقصون حركة النهضة ويتحالفون مع قمعها واستئصالها ينطلقون غالبا من هذه الاعتبارات أو من بعضها : إما أنهم يعتبرون أطروحاتهم هي المعبر الشرعي والوحيد عن مقومات شعبنا وخصائصه وطموحاته أي أنهم يحتكرون فهمها وتمثيلها -أو يستنقصونها- فيلجؤون إلى إقصاء هذا الطرف الذي يخالفهم الرأي والتقدير وخنق صوته وإما أنهم حرصا على مصالحهم ومواقعهم يعادون كل طرح ينشر روح التطوير والتغيير والإنصاف لاسيما إذا تشكل في حزب أو حركة يناضل من اجل الحرية والتنمية العادلة.

 

فهذه تقريبا الاعتبارات التي ينطلق منها أو من بعضها اغلب من يقصون تيار النهضة أو غيرها من الأحزاب الوطنية من حقوق المواطنة وحقوق العمل السياسي والثقافي والاجتماعي وكما ترى فان مشكلتهم الحقيقية هي مع مبادئ الديمقراطية أو مع الهوية العربية الإسلامية أو مع العدالة الاجتماعية وتساوي الفرص.

 

نعم إن على النهضويين -كما على غيرهم- أن يوضحوا أطروحاتهم ومقارباتهم وأن يجددوا فيها وأن يعتبروا من تجاربهم وتجارب غيرهم وأن يصدروا تقييماتهم ونقدهم الذاتي وقد فعلوا ومازالوا يفعلون ذلك رغم ظروفهم ومحنتهم التي لا تعرف النهاية.

 

** المرجعية العلمانية( اليعقوبية) للسلطة التونسية تضع الظاهرة الدينية تحت تصرف السياسي ، إما بطريق الاحتواء( التدين التقليدي و الطرق الصوفية وبعض خطوط الدعوة والتبليغ و تيار السلفية التقليدية) أوبطريق التصفية( حركة النهضة وحزب التحرير و السلفية الجهادية والتيار الشيعي على خط الإمام) ، وفي الحالتين فإن إمكانية التخاطب مع سلطة هكذا مرجعيتها الإيديولوجية وهكذا نهجها السياسي، سواء معكم كحركة النهضة أو مع غيركم من الحركات الإسلامية ، إما أنها ستصبغ علاقة السلطة بالحركة الإسلامية بطابع التوتر الدائم ومواجهتها بنهج الإستئصال أو أنها إن إستطاعت، ستحوّل الحركة الإسلامية إلى رصيد تكتيكي للسلطة؟ فكيف ترون على ضوء تجربة الربع قرن التي عاشتها الحركة، حدود العلاقة الممكنة و الصحية بنظركم مع السلطة ؟

 

1- إذا كانت السجون لم تُفرغ من الإسلاميين منذ الثمانينات إلا لفترات قليلة هي بالذات تلك التي شهدت فيها البلاد انتعاشة في مجال الحريات غذت الأمل في أن يستوعب النظام تواجد كل التيارات على الساحة ويؤطرها بدل سجن بعضها وضرب بعضها ببعض.

 

وإذا كانت كل حملة على الاتجاه الإسلامي-وهي لا تكاد تنقطع منذ الثمانينات- مصحوبة أو متبوعة بتوغل البلاد في الانغلاق ومحاصرة الأحزاب والجمعيات لا سيما منها المستقلة واضمحلال الحياة السياسية حتى غدت حالة التيار الإسلامي بالبلاد هي مقياس لحالة الديمقراطية والحريات تقريبا.

 

إذا كان ذلك كذلك فان مثل هذه السياسات فشلت في اجتثاث التيارات والأحزاب طالما كانت شرعيتها مكتسبة من الشعب منه تتغذى وعن قضاياه وطموحاته أو بعضها تعبر.

 

2- لا غرابة أبدا أن يظهر في كل شعب عربي مسلم أربع تيارات، مهما بلغ عدد التنظيمات الحزبية، يؤكد كل تيار منها على خاصية قد يزيد فيها عن غيره فيوسم بها على وجه التغليب لا على وجه الاحتكار فتجد التيار الإسلامي والتيار القومي والتيار اليساري والتيار الليبرالي فلماذا يصرون على استئصال التيار الإسلامي واستهدافه دون سواه أو أكثر من غيره بينما وجود هذه التيارات الأربعة إفراز طبيعي لحراك المجتمع. وحوارها وتنافسها يؤوّج ( optimise) نتائج هذا الحراك وثماره الوطنية.

 

3- لا أظن ولا أريد أن يكون قدر بلادنا تأبيد هذا الصراع والتنافي أو التآكل بل الوطنية تقتضي الإقرار بحق الاختلاف وتعدد المقاربات والتعايش و التعاون وهذا هو مقياس التحضر والوحدة الوطنية والحصانة أمام غوائل الدهر والوفاء لتاريخنا والفعل في حاضرنا والتفاؤل بمستقبلنا وإلا ذهبت ريحنا بما فعلته أيدينا وذكته أيدي الأعداء.

 

ولذلك فأنا أتطلع إلى اليوم الذي يتغلب فيه العقل على العاطفة ومصالح البلاد على المنافع الخاصة وقيم التعايش والمشاركة على الأنانية والاحتكار واحترام بعضنا بعضا ليحترمناالآخرون. كما إني على ثقة بان شعبنا لا يضيق بالتيارات الفكرية والسياسية والاجتماعية التي يفرزها لأنها علامة صحة تفاعله وحراكه الخاص ولا يعجز عن تأطيرها في صعيد وطني واحد مهما تعددت مواردها الفكرية بل إن الحرية وما يصحبها من حوارات ومنافسات هي التي تدفع كل طرف إلى مزيد من المراجعات وإلى مزيد من الوسطية والوطنية . والحرية هي التي تؤدي إلى توسيع المشتركات وتضييق التباينات واتجاهها إلى أن تكون حول البرامج لا حول مقومات المجتمع وأسسه وعلاج هذه التخوفات يكون بالتوغل في الحرية لا بمصادرتها وفي أحوال الشعوب عبرة.

 

4- التيار النهضوي تيار وطني ليس اقل وضوحا من غيره ينمو فكريا وسياسيا باطراد يجدد نفسه وتجدده المحن والظروف وتجاربه وتجارب الآخرين لا يستنكف عن تعديل مقارباته واستخلاص العبرة من أخطائه وأخطاء غيره. ليس هو بتيار منطو على نفسه أو متجه إلى الماضي ولا هو تيار يعادي ابتداء أو يكفّر أو يبحث عن الصّدام ولا هو يطرح أماني تتجاوز احتمال الواقع. جماع ما يطرحه يمكن تلخيصه في مبادئ كبرى هي:

 

– احترام الهوية العربية الإسلامية لشعبنا باعتبارها روحه وأخلاقه ومزاجه وحصانة له وعامل استنهاض وتعبئة في معارك دعم الاستقلال والبناء والتنمية وعامل اطمئنان.

 

– ديمقراطية جوهرها احترام الإرادة العامة وضمان الحريات والتعددية واستقلال القضاء وحرية الإعلام والنقد -الوليد الشرعي للديمقراطية-.

 

– تنمية اقتصادية تشمل كل الجهات والفئات والمجالات وتحترم حقوق الأجيال القادمة والبيئة… وعدالة اجتماعية بسياسات تحاصر عوامل الصراع والتهميش والإقصاء لأي فئة أو جهة وتقاوم الأثرة والمحسوبية وتتصدى للرشوة وانحدار القيم وضمن هذه المبادئ العناوين يمكنه أن يقدم تفاصيل مقارباته التي تلتقي في كثير منها مع غيره فعلام الإقصاء .

 

مطلوب من مناضليه مزيد بلورة رؤاهم والوعي بتحديات الحاضر والمستقبل وتشابكها ومزيد الإلمام بمنجزات البلاد ومكاسبها والحفاظ عليها ودعمها ولكن كل هذا مطلوب منه ومن غيره فعلام الاستثناء. إن القضية في البلاد ليست قضية التيار النهضوي وحده وإنما هي قضية الإصلاح الديمقراطي الذي عانت بلادنا بغيابه محنا وتآكلا داخليا وأضاعت وقاتا ثمينة ولا تزال.

 

لقد طالبت حركة النهضة -وأطراف عديدة أخرى- بحوار جديّ لا يستثني أحدا حول أمهات القضايا بالبلاد قضايا الحريات والإصلاح السياسي وقضايا الإسلاميين ولكنها جوبهت حتى الآن بالرفض واستمرار ذات السياسة سياسة الصدّ والإقصاء والحصار.

 

إن النضال بكل الوسائل السلمية المشروعة اختيار استراتيجي لم يتخل عنه النهضويون والأطراف الوطنية من اجل تعديل ميزان القوى لصالح المجتمع والضغط لتحقيق الإصلاح الديمقراطي كما إن الحوار داخل الحركة ومع غيرها خيار وسياسة عامة تضبطها مصلحة البلاد في انتقال ديمقراطي حقيقي.

 

** بمناسبة النقاش الدائر حول قضايا المرأة في منتدى الحوار لهيئة 18 أكتوبر أكدتم في مداخلتكم على المساواة بين المرأة والرجل هل من مزيد التوضيح لهذه المسالة من الناحية النظرية ؟

 

– المرأة في دين الله عز وجل كالرجل ، كائن إنساني قائم بذاته فهي موضع للتكليف، والخطاب موجه إليها مباشرة وهي مسؤولة عن كل أفعالها كالرجل تماما. والدخول في دين الله قرار فردي لا نيابة فيه من احد على احد و قد أخذت البيعة كما الرجل وهي مكلفة بذات العبادات كما يتعين عليها من عملها الجزاء ذاته. وليست الأسرة وحدة حساب ولا المجموعة بل وحدة الحساب هي الفرد رجلا كان أو امرأة فالناس سواسية في حساب الله عز وجل. ثم إن المساواة بين الناس صادرة عن خلق بعضهم من بعض والذكورة والأنوثة لا يختارها الإنسان فلا تفاضل بهما. فالمساواة تامة في القيمة الإنسانية وهي مساواة لا تمنع تنوع الأدوار وتكاملها وتغيرها من مرحلة إلى أخرى تبعا لتطور الأجيال. وقد أوضح هذه المعاني علماء ومفكرون كثر منهم الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ راشد الغنوشي والشيخ حسن الترابي وأما الأدلة من آيات الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فهي كثيرة جدا. وإذا تساوت المرأة والرجل عند الله تعالى فلا تصح أن تكون غير مساوية له عند البشر وإنما يحصل ذلك إفرازا للواقع لا لقيم الإسلام و تعاليمه.

 

ومن ناحية أخرى فان الإسلام دين الفطرة وقد قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في معرض حديثه عن المساواة بين الناس كافة -وليس بين الرجل و المرأة فقط ( ( قررنا أن الإسلام دين قوامه الفطرة فكل ما شهدت الفطرة بالتساوي فيه بين الناس فالإسلام يرى فيه المساواة. وكل ما شهدت الفطرة بتفاوت المواهب البشرية فيه فالإسلام يعطي ذلك التفاوت حقه بمقدار ما يستحقه. إن المساواة معتبرة من أصول الشريعة الإسلامية في نواحي الاجتماع لكن ذلك معلول لوجود أسبابها الحقة وانتفاء موانعها الحقة )) وقال أيضا (( وبناء على الأصل الأصيل وهو أن الإسلام دين الفطرة فكل ما شهدت الفطرة بالتساوي فيه بين المسلمين فالتشريع يفرض فيه التساوي بينهم وكل ما شهدت الفطرة بتفاوت البشرية فيه فالتشريع بمعزل عن فرض أحكام متساوية فيه …)) والفطرة يكاد يكون معناها العقل السويّ. فالمساواة في التشريع أصل لا يتخلف إلا عند وجود مانع فلا يحتاج إثبات التساوي في التشريع بين الأفراد أو الأصناف إلى البحث عن موجب المساواة أما بعض الحالات الاستثنائية فهي العوارض التي إذا تحققت تقتضي إلغاء حكم المساواة لظهور مصلحة راجحة في الإلغاء أو لظهور مفسدة عند إجراء المساواة وقد أوضح الشيخ ابن عاشور كيفية اعتبار هذه الموانع فقال ( ( فحقيق بالمشرعين وولاة الأمور أن يراعوا هذه الموانع فيعملوا آثارها في المساواة بعد تحقق ثبوتها فإذا اضمحلت اضمحل أعمالها لاسيما ما كان تعلقه بالجبلة ضعيفا وعلى مصلحي الأمة أن يسعوا جد السعي لإزالة ما عسى أن يكون منها ناشئا على تقاليد قديمة أو عوائد ذميمة حتى اشتبهت بالجبلة بطول عهدها في أصحابها..)) . ويدل كلامهم أن المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات أصل ومقصد من مقاصد الإسلام وأنها تمثل الاتجاه العام في التشريع وان المساواة لا تتخلف إلا إذا تعارضت مع العدل الذي هو أيضا مقصد عام بل إن مقصد العدل يتضمن مقصد المساواة ولعل هذا ما يفسر جزئيا عدم شيوع مصطلح المساواة في الثقافة الإسلامية خلافا لقيمة ومصطلح العدل . فلك أن تقول أن المساواة أصل لا يتخلف إلا إذا تعارض مع العدل وبمقدار تحقيق العدل ومقدار دوامه وإذا زالت الموانع رجعت الأمور إلى أصلها.

 

إن الإسلام يحرم الظلم ويوجب رفعه سواء نتج الظلم عن عدم المساواة و هو واضح أو عن المساواة وهو الاستثناء للأصل وأحكام الحقوق مبنية على الحقيقة في الواقع لا على الوهم أو مجرد الانسجام الظاهري مع الوحي. ولذلك تلغي عند علماء الإسلام أحكام التصرفات التي تعود على مقاصد الإسلام بالأبطال وضرب العلامة محمد الطاهر بن عاشور مثالا لذلك الآية 231 من سورة البقرة (..ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزؤا). فهذا الذي راجع امرأته استعمل ما أبيح له ولكنه لم يستعمله في المقصود منه بل على العكس من ذلك سمّي فعله هزؤا بآيات الله . وأضاف ( ( ولاشك أن الفطرة لا تطمئن لغير الحقائق والمعاني دون الأوهام و الصور …انتهى كلامه)) .

 

فكل ظلم أو ضرر تتعرض له امرأة أو رجل توجب قيم الإسلام ومقاصده إزالته واتخاذ الحلول التي تعيد الحقوق إلى أصحابها وقد يقتضي ذلك اجتهادات جديدة في التنزيل أو حتى في فهم م تجدد. ورحم الله ابن القيم الجوزية إذ قال ((فكل ما خرج من العدل إلى الظلم ومن المصلحة إلى المفسدة ومن الرحمة إلى ضدها فليس من الإسلام في شيء . فهو عدل كله ورحمة كله. فكل ما ثبت انه عدل ورحمة فهو من الإسلام وان لم يرد في نص مخصوص إذ المدار على عدم المخالفة )).وينسب للشيخ الفاضل بن عاشور رحمه الله قوله(( كل ما قضى العقل السويّ بمصلحته هو من الشرع)) . وبين الجانب النظري والواقع جدلية يبذل كل الوسع حتى يكون اتجاهها تحقيق أفضل الممكن والرقي المطرد. فالساعي إلى الإصلاح في أي مجال يفعل ما يستطيع لا ما يريد. بقي أن أشير بعد تعرضي إلى ما فهمته من روح الإسلام في هذه المسائل إلى:

 

أولا : إن العدل كقيمة ومقصد مركوز في الوعي والثقافة الإسلاميين فالآيات والأحاديث الشريفة الحاثة عليه بالنص أو بالمعنى تفوق الحصر ورصيدنا كمسلمين يعبق بهذه الكلمة الجامعة وبعدل عمر بن الخطاب رضي الله عنه كعلامة في التاريخ الإنساني كله ومع ذلك فان هذه القيمة تتطور في بعض أبعادها تبعا لتطور الحضارة وقيمها. أما قيمة المساواة بين سائر البشر فلم تكتمل إلا مع العصر الحديث الذي بلور المشترك بين كل البشر وهو الكرامة التي يولد عليها كل إنسان وهذا سمو بالإنسان دفعت من اجله البشرية ثمنا باهظا من الثورات الاجتماعية والفكرية والتجارب والحروب.

 

ثانيا: إن القيم الرفيعة تشق طريقها وتعم بناء على وجه الخير والجاذبية فيها بقطع النظر عن أصلها. وكما أشار إلى ذلك هشام جعيط لا يمكن تفنيد وجاهة القيم الأساسية للحداثة متذرعين بعدم استعدادنا أو بفوضى قد تجلبها أو بسبب مساسها ببعض المواد التاريخية المساهمة في تركيبة الهوية. ((وهذه القيم الكبرى تجد معتمدا وضمانا في تراثنا الديني كما أن الحداثة استوحتها من التراث المسيحي إلى حد كبير)) وكان الشيخ راشد الغنوشي وبعد أن أشار إلى أن الديانات جاءت لمصلحة الناس إقامة للعدل ودفعا للتظالم وبسطا للتراحم بينهم باعتبارهم عائلة واحدة متساوين لا يتمايزون إلا بأعمالهم وخلقهم خلص إلى (( أن شرائع حقوق الإنسان مهما اختلفت مرجعياتها لا يمكن إلا أن تكون في لقاء حميم مع الديانات وبالخصوص مع الدين الذي يقدم نفسه خلاصتها وختامها: دين الإسلام)) . وحقوق الإنسان الأساسية قبلت عالميا أو في طريقها إلى ذلك وهو دليل توق البشرية وكدحها نحو المثال.

 

ثالثا: الحرية والعدل والمساواة… مقاصد وقيم رفيعة أصلية كل واحدة منها تتسع باستمرار عبر حقب التاريخ أي أنها تكتسح مساحات ومجالات جديدة في حياة الفرد والمجتمع لم تكن دخلتها من قبل وتترسخ في أخرى كانت فيها مجرد ظل أو « إحسان » لا حقّا أصيلا. فالحرية مثلا يزداد اتساعها في علاقة الحاكم والمحكوم وفي العلاقات والمواقف الفردية في المجتمع وحتى في العلاقات الأسرية وقس عليه مسار قيمة المساواة وقيمة العدل.

 

إلى ذلك يجدر التنبيه إلى أن المساواة المطلوبة والمأمولة ليست مساواة في المنزلة الإنسانية المطلقة فقط وهي المساواة التي تتكرر في كثير من الأدبيات عند الحديث عن المرأة والرجل أو عن الغنى والفقر وإنما وبنفس الحرص المساواة في المنزلة الاجتماعية المحسوسة. ومازال البعض يجادل في الشطر الأول من المساواة وتعثر اخرون في شطرها الثاني. ومن أهم أسباب ذلك ضعف التأمل في العلاقات الاجتماعية وحراكها ومواقع العدل فيها ومفاصل الظلم أو الاستغلال وآليات التأثير فيها ومن الاسباب ايضا تغليب النظر في تناسق الهندسة الداخلية للآراء المجردة مع غفلة أو ربما قصور عن النظر في مدى التطابق بين تلك الآراء والواقع المتزايد التركيب والتعقيد والتغيّر باطراد.

 

** منذ ثلاثينات القرن الماضي يستمر الجدل حول مسألة تعدد الزوجات دون أن يُحسم القول في بابها، فكيف قرأتم المسألة، وكيف فهمتم الخلاف حولها ؟

 

– في الفكر الإسلامي وفي حدود اطلاعي توجد آراء في هذه المسالة تتفق تقريبا على جواز التعدد ولكنها تختلف حول شروطه وبالخصوص حول ضبط التعدد أو منعه وقد يحق تلخيصها على الجملة كما يلي:

 

1- رأي يؤكد على الإباحة الأصلية لحق التعدد وعلى شرط العدل بينهن وفي مضمون العدل تفاصيل- ولكنه لا يرى لجهة الحق في منع احد من التعدد. فشرط العدل هنا يرد كحق يوعظ به الرجل وبتبعات الإخلال به أمام الله تعالى.

 

2- رأي يؤكد على شروط العدل بين الزوجات ويربط بالتالي السماح لرجل بالتعدد بشروط الاطمئنان على توفر العدل فيه. فهذا الرأي يضيق في جواز التعدد وربما يوجد له آلية لدراسة حالة الطالب للتعدد من جهة العدل بالخصوص ويمكن اعتبار الشيخ محمد عبده من أصحاب هذا الرأي وان كان لا يكتفي بشروط العدل بل يتجاوزه للتركيز على المشاكل التي تحصل بين العائلات مما يمكن القول معه انه يضيق إلى أقصى مدى في السماح بالتعدد دون الوصول ربما إلى منعه بصفة عامة.

 

3- رأي يعتبر بعد تأكيده ضرورة الإقرار بإباحة الشرع للتعدد- إن من حق وليّ الهيئة الاجتماعية أي وليّ الأمر أن يمنعه إذا رأى سوء استعماله وبالتالي كثرة أضراره وممن ينسب لهم هذا الرأي الشيخ محمد الطاهر بن عاشور.

 

4- علال الفاسي الذي يمكن القول أن موقفه هو توقيف العمل بتعدد الزوجات. وبما أن في رأيه بعض التأرجح في درجات المنع فإني أورد بعضا من كلامه. فقد قال في كتابه « مقاصد الشريعة ومكارمها » ( ( وذكر السيد رشيد رضا أن الأستاذ محمد عبده اعتبر هذه القاعدة [ يقصد قاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ] في منع تعدد الزوجات إذا كان التعدد مثار المفاسد في الأزواج والأولاد وعشائر الزوجين وقد أخذنا نحن مبدأ توقيف العمل بتعدد الزوجات في العصر الحاضر بناء على أمر إرشاد المسلمين أن يواصلوا ما بدأه الشرع من تقييد التعدد كلما خافوا عدم العدل ولم نحمل العدل المذكور في الآية على العدل في القسم بين الزوجات كما حمله عامة الفقهاء وهو الذي ملك مناط تفكيرهم حتى المصلحين منهم مثل الشيخ محمد عبده وإنما حملناه على العدل العام وهو ما يدفع الإضرار بالطائفة الإسلامية وعليه فيكون اجتهادنا في هذه المسالة مبنيا على القاعدة الأولى [ من قواعد تقييد المصلحة وهي تقديم الضرر الخاص على الضرر العام] ولا شك أن منع الأفراد من تعديد النساء إضرار بهم لأنه منع لهم من إرضاء حاجاتهم وعاداتهم ولكنه [ يقصد التعددّ ] إضرار في العصر الحاضر بالمسلمين عموما لما يحدثه من مشاكل لا تحصى كما أنه إضرار بالإسلام نفسه لأن تطور المرأة وصل إلى درجة لا تقبل معه مثل ذلك النظام الذي كان سائدا في ببعض عهود الحضارة وتحميلها ذلك يؤدي بها إلى الطعن في الدين أو الالتجاء إلى المطالبة بتشريعات منافية للدين وقد أمرنا الشارع أن نبشر لا أن ننفر وقد تبين من تقييد الزواج بأربع في العصر النبوي… أن قصد الشارع دفع الضرر على النساء عموما لا على المتزوجات منهن, وإقامة العدل في علاقة الرجال بالنساء في المجتمع لا في الأسرة فقط وحينما قال سبحانه (فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) أرشدنا إلى التبصر في كل وقت بما يناسبه فان كان التعدد غير مضر بالدين ولا بالمجتمع الإسلامي أقررناه وإلا أوقفنا العمل به دفعا للضرر العام…)) وقال في موقع أخر (( والفرق بين نظرنا ونظر الشيخ محمد عبده من وجهتين : أولا وهو الأهم إننا نعتبر توقيف العمل بتعدد الزوجات عاما ولا يرفع إلا إذا زال السبب الذي ذكرناه للتوقيف بينما يرمي الشيخ عبده إلى اعتبار قضية كل أسرة على حدة … وحجتنا أن التقييد بأربع كان عاما وبناء على سبب عام. وثانيا أننا نعتبر دفع الضرر العام بينما يعتبر عبده دفع الضرر العائلي ومن وجهة الدليل نستعمل أمر الإرشاد الذي نعتبره أصلا من أصول الشريعة ومن وسائل تطورها ولا نظن أحدا سبقنا إليه بهذا المعنى)).

 

وأضاف في موقع آخر (( ومن الأمثلة لأمر الإرشاد في نظرنا قوله تعالى في تعدد الزوجات بعد أن حصره في أربع  » فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة  » فقد ارشد الشارع إلى الاكتفاء بالواحدة عند الخوف من عدم العدل وهو على ما نرى أمر للأمة جمعاء ليستكملوا ما قصد إليه الشارع من إبطال التعدد مطلقا )) ويمكن إضافة رأي بعض الباحثين المحدثين الذين يلتقون تقريبا مع رأي الشيخ علال الفاسي بصيغة أو أخرى.

 

وأنا أوردت هذه الآراء وكل رأي يؤخذ منه ويردّ للفت الانتباه إلى:

 

أولا: ثراء الفكر الإسلامي وتراكم مدوناته وتوسعها المطرد بإضافة الخالف للسالف واعتمادهم في اجتهاداتهم على المقاصد وعلى النظر في مآلات الأفعال في الواقع الذي يعالجونه وحتى ابعد من ذلك لا الوقوف على ظاهر النصوص وحدها. قال عز الدين ابن عبد السلام ( ( كل تصرف تقاعد عن تحصيل مقصوده فهو باطل )) وقال الشاطبي (( النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا كانت الأفعال موافقة أو مخالفة وذلك أن المجتهد لا يحكم على الفعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل))

 

ثانيا: إن العالم منهم رغم كونه محكوما بظروف بيئته فانه لا يقدم آراءه مطلقة منغلقة على نفسها طاردة لكل إضافة إليها وإنما هي منفتحة على الزيادة دائما. كانت هذه الآراء قبل قرن وبعضها قبل نصف قرن. فأين منها بعض الآراء التي تطل علينا اليوم في أكثر من منبرقاطعة لا تعرف النسبية، منقبضة طاردة لغيرها لا تعرف التعايش، ضعيفة الوصل بالحاضر بله المستقبل، مطلقة، كأنها النهايات.

 

في القضايا الحقوقية المتعلقة بالمرأة لم يعد كافٍ القول أن الإسلام ساوى بين المرأة والرجل كما لم يعد القبول بولاية المرأة كما تأكد بعض الأدبيات الإسلامية المعاصرة فتحاً عظيماً ، اليوم نظراءكم السياسيين يدعونكم للقبول بالمساواة بين المرأة والرجل في الميراث وهي من القضايا التي تُعدُ في علم الأصول من الأحكام قطعية الدلالة قطعية الثبوت ، فكيف تفهمون هذه المسائل؟

 

إن معرفة حكمة المواريث غير ممكن باجتزاء مناب المرأة والرجل فقط لان الأمر يتعلق بنظام كامل للمواريث يشمل عددا كبيرا من الورثة هو بدوره جزء من نظام إعادة توزيع الثروة الذي هو بدوره فرع من نظام اجتماعي عام كما له علاقة وثيقة بالجوانب الوجدانية للمسلم من حيث اطمئنانه إلى طاعة الله تعالى ومن حيث الحرص على الكسب والادخار تأمينا لورثته. والنظرة التجزيئية الانتقائية تجانب الصواب في هذا المجال الحساس ذي الأبعاد التعبدية والاجتماعية.

 

1- وفي تقديري فإن كل المسائل التي لها علاقة بالدين الإسلامي في نصوصه ومقاصده يجب تناولها عند طرحها بمنهجية علمية وواقعية تعتمد على أهل الاختصاص في علوم الدين والاجتماع والاقتصاد والقانون الخ. حتى يتيسر الوصول إلى حلول تربطنا بالأصل وتعالج قضايانا في هذا العصر فالتونسي يبحث على مثل هذه الحلول التي تحترم دينه وخصائصه وتستجيب لمقتضيات عصره وهذا هو معنى الأصالة فهي التجذر في الأصل والعصر.

 

2- لاشك أن وضع المرأة الاجتماعي قد تغير كثيرا فهي تعمل باجر وتساهم في نفقات العائلة ومقتنياتها وهذا الوضع يختلف كثيرا عما كان سائدا في عهود سالفة من وضوح واستقرار في تقسيم الأدوار والمسؤوليات والممتلكات وهذا الوضع استوجب ويستوجب قوانين واجتهادات تحايث تطور المجتمع وتكرس منظورا يحقق العدالة الاجتماعية للمرأة وينصفها وفي هذا الإطار يمكن إدراج قانون الاشتراك في الملكية بين الزوجين في تونس وغيره من المبادرات الممكنة بل إن الإنصاف يقتضي كذلك تثمين جهود المرأة في شؤون المنزل والتنشئة فهو يساوي قيمة العمل المأجور. وبمعنى أخر فان ما يحصل عليه الرجل من اجر أو دخل ما كان ليكون ويستمر لولا تحمل المرأة في غالب الأحوال-حتى المرأة العاملة- الشطر الآخر من العمل اللازم للعائلة وهو شؤون المنزل والتنشئة, فتأمل درجة التداخل والشراكة في موارد الأسرة وفي القيام على شؤونها وحجم ما تقتضيه من تعامل بالمعروف والإحسان ومن تضحيات متبادلة وكذلك من قوانين عادلة.

 

3- إن النظم الاجتماعية تقاس بنتائجها وبما تعود به على الناس من الإنسانية والكرامة والاطمئنان. والعلاقات الأسرية جزء من النظام الاجتماعي فكل رؤية لا تراعي حقائق الواقع ومختلف المسؤوليات شرعية كانت أو قانونية وقاعدة « السلطة بالمسؤولية » لا يتقبلها المجتمع و بالتالي لا تناسبه. كما أن كل رؤية تتخلف عن مراعاة تغير البنى الاجتماعية والعقليات ولا تتجاوب معها تحال على التقاعد والتراث.

 

عودة اللباس الإسلامي (الخمار) إلى مظاهر الحياة اليومية في تونس أزعج السلطات التونسية وهي اليوم ( منذ بداية السنة الدراسية الجديدة2006-2007) تهيأت لمكافحته بكل قوة وفي جميع المواقع بالمعاهد والجامعات والمؤسسات العمومية وفي الطريق العام أيضاً ، كيف تفسرون الهوس التي تعيشه السلطة التونسية إزاء مظاهر الحياة الخاصة وكيف تجدون بحسب رأيكم سلطة تشغل نفسها بوضع ضوابط محددة للباس الإسلامي ،فتهتم بغطاء الرأس إن كان مشدود بدبوس أو هو معقود من أطرافه وإن كان شعر الرأس مغطاً كله أم أن شعر الناصية بائن..!!

 

هذه القضية ما كان لها أن تكون لو ساد التعقل فاللباس شأن شخصي تدخل في تحديده عند كل شخص قيمه وعاداته وسنه وذوقه واغلب هذه العناصر متغيرة في الزمان والمكان بل وحتى متقلبة. وبصفة عامة إن اللباس يفترض فيه مراعاة الآداب العامة والأمن العام وفيما عدا هذين الاعتبارين فكل مواطن حرّ في لباسه سواء لبسه اعتقادا أو وراثة أو مجاراة . وفي تونس تغير لباسنا مرات عدة فما نلبسه اليوم رجالا ونساء كثيرا منه مقتبس ولكن لطول عهدنا به صار جزءا من مزاجنا وثقافتنا وأعرافنا أو هو آيل إلى ذلك. والجديد دائما يغلب القديم وان طالت مقاومته أو يفرض عليه التكيف. وارتداء الخمار لا مساس له بالأمن العام ولا بالآداب العامة بل هو أكثر الألبسة احتراما لكل ذلك فلماذا المنع والتعسف في المنع أليس في ذلك اعتداء على الحرية الشخصية أولا وعلى حرية المعتقد ثانيا. وفي فهمي للدين الإسلامي انه لم يحدد ألبسة بعينها للمسلمين والمسلمات فالرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم كانوا رجالا ونساء يلبسون لباس قومهم وعصرهم وإنما حدد الإسلام قيما ومقاصد وشروطا- لعلماء الاسلام فيها تفصيل- وآدابا تشمل السلوك والهيئة وكل مسلم ومسلمة يقترب منها أو يبتعد عنها تبعا لقناعاته وهمته وأحواله فالإسلام يريد من أتباعه رجالا ونساء:

 

– حسن السمت والمقصد والبعد عن الخيلاء والإسراف.

– التحشم والبعد عن الشّبهات والإثارة دعما لوقاية المجتمع وسلامته.

– الاندماج في المجتمع لئلا يظهر الفرد استثناء أو نشازا فالاندماج هنا نوع من التحشم والحضور العادي غير المثير.

  الجمال والطهر في الباطن والظاهر غير المتعارض مع ما سبق.

 

وفي ضوء ظروفه يسعى المسلم أو المسلمة أن يقترب من هذه المقاصد والشروط والآداب على قدر الوسع، ولكل نفس ما نوت وما كسبت وعليها ما اكتسبت. وفي الخير الحسنة بعشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء, وأما في المعاصي فان الجزاء على قدر الذنب وعلى قدر انتفاء العذر وهذا المبدأ هو الناظم لفلسفة الجزاء في الإسلام في الدنيا والآخرة والله يغفر لمن يشاء وهو الغفور الرحيم. ومن المخجل أن تصير في تونس قضايا من نوع هل يحق للمرأة وضع غطاء فوق شعرها ؟ وإن نعم فكيف؟ فهل يطوى هذا الملف وأمثاله نهائيا وهل تفتح الأبواب والنوافذ ليتنفس المجتمع والمواطن ملئ رئتيه وهل ينتصر التحلي بالموضوعية. والوسطية ولن يحصل التنميط في ظل الحرية, ولا الفوضى والتفرقة في ظل العدل, لن تضيع عروبتنا ولا إسلامنا ولا خصوصياتنا الوطنية لأنها روح الشعب وضميره ومزاجه وإنما ستثرى وتتجلى وتزداد حصانتها أمام أعاصير التفلت ومضايق التزمت.

 

** أثار البيان الذي أصدرته هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات، ردود أفعال متباينة في أوساط الإسلاميين وغير الإسلاميين، فما تعليقكم على تلك الردود ؟

 

– لم اطلع على كل الردود. استفيد مما نشر في بعض المقالات من نقد وتقييم وتثمين ونصح وليس معنى ذلك اقتناعي بأي رد مهما غالى أو تعالى، إن إحلال الإيديولوجيا محل العلم أو الواقع يقود إلى خطإ التحليل والتعليل ، كما أن التشكيك أو التركيز المشحون على ما يقسّم أو يفرّق وتضخيمه بدل مد الجسور وتوسيع المشتركات لا يقدم شيئاً لقضايا بلادنا. هذا البيان ينتظر أن تتبعه نصوص أخرى تتعلق بأسس النظام الديمقراطي وغيرها من المسائل فليس من الحكمة تحميله أكثر مما يتحمل فليس هو كل شيء، فهيئة 18اكتوبر للحقوق والحريات عملت ومازالت تعمل من اجل المطالب الأساسية التي تأسست عليها وكذلك في مجال الحوار الفكري وكل ذلك في ظروف صعبة جدا لان خيار السلطة هو إفشال هذا العمل المشترك بكل السبل. هذه التجربة الصامدة عمل وطني يستحق دعم كل المناضلين لانها تجسد قدرة بلادنا على احتضان كل مكوناتها في تنافس على خدمتها لا احتراب معه ولا ظلم، لو تستجيب السلطة لتطلعات الشعب للديمقراطية.

 

– السيد علي لعريض ، نشكر تفضلكم الإجابة على أسئلتنا ونرجو أن تُرفع التضييقات عنكم وعن غيركم من التونسيين لتعودوا جميعاً لإحياء العمل السياسي في تونس.

 

(المصدر: موقع نـواة بتاريخ 7 أفريل 2007)

الرابط: http://www.nawaat.org/portail/article.php3?id_article=1216

 


تونس: 18 أكتوبر من مشروع وطني للحريات الى مشروع ضيق للأيديولوجيات

 
مرسل الكسيبي (*) سبق وأن دعوت في مقالات عدة كتبتها بمناسبة أشهر إضراب جوع عرفته تونس أيام انعقاد قمة مجتمع المعلومات الى تحويل حركة المضربين عن الطعام من تحرك احتجاجي مطلبي مؤقت ومحدود الأفق الى تحرك ذي أفق سياسي يحتضن العمل الوطني المعارض باتجاه مطالب ومحاور استراتيجية تفرض على السلطة أجندة حقيقية شاملة للإصلاح الجاد. شاءت الأقدار بعدها وفي ظل تظافر الدعوات والنداءات من أجل التأسيس لعمل وطني جامع منطلقه وأساسه أهداف القادة المضربين عن الطعام أن تظهر الى الوجود الهيئة التنسيقية للحقوق والحريات ,غير أننا فوجئنا بعدها وفي مراحل النشأة بانسحاب واحد من أبرز قادة التحرك وهو القاضي المختار اليحياوي ,الذي يبدو أنه اقتنع في مراحل متقدمة بفشل المشروع نتيجة استحالة التوفيق بين طروحات اليسار اللائكي في تونس وأنصار المشروع العربي والاسلامي . في تطور لاحق ومع الاعلان في ندوة صحفية قبل سنة ونصف عن تأسيس هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات, فوجئ بعض المؤسسين للهيئة عن تراجع بعض العناصر القيادية في حركة النهضة عن الاعلان عن أنفسهم داخل الهيئة بصفتهم الحزبية المسؤولة, وهو ماجعل البعض من المراقبين يؤول الأمر على أنه تعبير واضح من هؤلاء عن غياب هيكلة واضحة للنهضة بعد ما تعرضت له من تصفية أمنية منذ بداية التسعينات ,في حين ذهب البعض الآخر الى تأويل الأمر على أنه كبح غير معلن من قيادة المهجر في ظل حرصها المستمر على الظهور بصفة الممثل الشرعي والوحيد لجسم النهضة في الداخل والخارج … سجلت هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات الاعلان عن تشكيلتها الأولية من خلال ماأدلت به من مواقف في ندوات صحفية قليلة تعرضت للمحاصرة والمضايقة من قبل السلطات التونسية , وذلك لما شكله حدث التقارب بين الاسلاميين والعلمانيين داخل الهيئة من احراج كبير أزعج السلطة نتيجة جلسات استماع سجلتها بعض العواصم الأوربية أثناء استقبالها لبعض قياديي الهيئة. كان من الواضح جدا بأن الهيئة مازالت بعيد مالقيه اضرابها من صدى عالمي تحت أضواء الاحتفال بنقاط اعلامية وسياسية سجلتها في مرمى الجهات الرسمية ,غير أن هذا الاحتفاء سجل تراجعه المركزي أسابيع قليلة بعد انتهاء الاضراب وذلك في ظل حرص الأطراف اليسارية على الهيمنة على المشروع داخل الرقعة الجغرافية للبلاد التونسية ,كما حرص النهضة على تحزيب اللجان المهجرية المساندة للتحرك واخضاعها لبرنامج تحركها السياسي والاعلامي على مستوى مناطق مهجرية عدة . بالتوازي مع هذه المعطيات نشطت الالة الأمنية للسلطة لقمع العناصر التي ساندت التحرك داخل البلاد لتسجل بذلك اعتداءات على عناصر نشطت من أجل تحفيز المشروع وتنشيطه من منطلق وطني داخل الجهات ,وضمن هذا الاطار تواصلت نفس الخطوات عبر منع لقاءات الهيئة المعلن عنها أو عبر قمع تحركات احتجاجية نادرة نظمتها في وقت لاحق ,غير أن أبرز ماعمدت اليه السلطة من توجهات قبالة تشكيلة الهيئة كان اثارة القضايا الخلافية ذات المنزع الايديولوجي على مستوى وطني,حيث برزت بعد فترة قليلة تصريحات استفزازية لمسؤولين رسميين كانت محاورها قضية الحجاب والمرأة وغير ذلك من قضايا كثيرا ماشكلت عنصر نزاع فكري وسياسي بين النخب التونسية. أصابت عدوى هذه التصريحات مشروع هيئة 18 اكتوبر للحقوق والحريات لتتحول موضوعاتها الى ملفات نقاش فكري وايديولوجي داخل منتدياتها,وعوض أن تفوت الهيئة الفرصة على السلطة بعدم الخوض في هذه القضايا الخلافية والتركيز فقط على تحقيق الأهداف الثلاثة المعلنة للمشروع : – حرية التنظم + حرية الاعلام + اطلاق سراح المساجين السياسيين وسن العفو التشريعي العام , فان الأطراف اليسارية المتواجدة بالهيئة أصرت على اقحام العناصر الاسلامية والنهضوية  في مربع تقديم التنازلات الفكرية والدينية التي من شأنها اضعاف الصف الداخلي للحركة ومن ثمة فض روح الوفاق داخلها ,تمهيدا لتحويل هيئة 18 أكتوبر الى هيكل ميت ومعزول عن عمقه الجماهيري . أمضى الاسلاميون على بيان مشترك أشار اليه الزميل صلاح الدين الجورشي باحتفاء في تقريرين سابقين ,وتناسى هؤلاء بأن مطالب الشعب التونسي هي بدرجة أولى تحقيق واقع سياسي واقتصادي واجتماعي أفضل يرقى الى تخليص التونسيين من الكبت والقهر الذين صاحبا دولتهم الحديثة ,كل ذلك في كنف احترام عقيدة الشعب وثوابته الحضارية الأساسية والتي لم تكن يوما ما محل خلاف بين شهداء معارك التحرير ولا محل جدل بين عشرات الآلاف من الذين توافدوا على السجون التونسية منذ الإعلان عن تأسيس دولة الاستقلال … يجد اليسار التونسي اليوم نفسه محاصرا من جديد بموجات التدين الواسعة التي تشق المجتمع التونسي ,وهو ما يجعل بعض اطرافه غير الجادة في طلب الحرية والديمقراطية تتهافت على تقويض أي أفق سياسي أرحب يكون الاسلاميون فيه طرفا طبيعيا في الحياة العامة , ولعل الإلحاح على توريط النهضة في إمضاءات غير ممثلة لقواها الحية الحقيقية في ظل واقع التشرذم بين السجن الضيق والسجن الأرحب وواقع المنفى ,يشكل في نظرنا مسمارا في نعش الهيئة المذكورة أو سقطة سياسية لن تغتفر للإسلاميين التونسيين الذين يقدمون أنفسهم للعالم مزيجا من التمسك بالثوابت ومشروعا للتشبث بمعايشة قيم العصر . يبدو أن واقع الحال يقول بأن هيئة 18 أكتوبر التونسية قد تحولت من مشروع وطني للحريات الى مشروع ضيق للايديولوجيات ,فهل يكون هذا اعلانا رسميا عن وفاتها ؟,أم أن مطلب الحرية سيغلب على أجندة مؤسسيها لتحافظ على تشبثها بمشروع وطني عربي واسلامي منفتح يضمن لها تدفقا سلسا داخل شريان الحياة ؟ (*) رئيس تحرير « الوسط التونسية » (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » الألكترونية (ألمانيا) بتاريخ 7 أفريل 2007)


واحد وخمسون عاما على دولة الاستقلال.. متى تقوم دولة المواطنة؟

 
عدنان المنصر، أستاذ بجامعة سوسة amansar2002@yahoo.fr تمر هذا الأسبوع الذكرى الواحدة والخمسون على نيل تونس « استقلالها التام »، ففي يوم 20 مارس 1956 قطعت البلاد خطوة إضافية، ولكنها لن تكون الأخيرة، في سبيل الإنعتاق من الهيمنة الاستعمارية الفرنسية، تلك الهيمنة التي استمرت 75 عاما. وقد جاء إمضاء بروتوكول الاستقلال التام ليضع، بشكل رسمي، حدا لواقع ازدواجية السيادة التي أسستها اتفاقيات الاستقلال الداخلي حيث كان للفرنسيين إلى حد ذلك التاريخ القول الفصل في معظم الميادين الحساسة. لا شك أن الحدث كان هاما بالنسبة لمن عاش تلك الفترة، ولا شك أنه يبقى ذا قيمة هامة أيضا لنا اليوم، غير أن ذلك ليس داعيا لتقديسه إلى الحد الذي ينسينا ما رافقه وتلاه من مآس لازلنا نتجرع مرارتها إلى اليوم. فبين الحدثين حصلت أعمال رهيبة من القتل والترهيب في إطار ما سمي « بالفتنة اليوسفية » ، وغاصت البلاد في هوة التقاتل الأهلي زمنا ليس بالقصير، وتواجه رفاق السلاح السابقين في معارك طاحنة سخر لها كل طرف ما استطاع من حلفاء ومساندين، تحت قيادة إخوة أعداء فرقتهم سبل السياسة . لن نتوقف هنا عند مراحل هذا الصراع الذي كتب وسيكتب حوله الكثير، ولن نضع نصب أعيننا تحميل المسؤولية عنه إلى طرف دون غيره، فالجميع كان مسؤولا وإن بدرجات متفاوتة. إنما همنا هنا أن نؤكد على أن حدث الاستقلال لم يكن الحدث الذي نعتقد اليوم أنه كان، فقد غطت عليه آنذاك أخبار المداهمات والاختطافات والاغتيالات والمحاكمات والإعدامات… وأن الوضع الذي ستنشأ في خضمه دولة الاستقلال سيكون محددا أساسيا لطبيعة السلطة الجديدة. لقد كانت سلطة نشأت في خضم الصراع الأهلي، على يد زعامات مؤمنة شديد الإيمان بأنها مهددة في صميم دورها التاريخي بل وفي وجودها المادي. وغني عن التوضيح هنا أن التهديد اليوسفي الذي كان جديا إلى أبعد الحدود قد استعمل من الجانب البورقيبي « كفزاعة » لإقناع الفرنسيين بتجنيد أكبر جهد ممكن لمقارعة الخصم المشترك، مما يجعل من « اليوسفيين » ضمنيا شركاء في تحقيق « الاستقلال التام ». غير أن ما سيحدث لاحقا كان مختلفا. فقد اعتبر اليوسفيون مغلوبين يجدر الانتقام منهم والتنكيل بهم، فتواصلت المحاكمات والتتبعات بل والإعدامات والاغتيالات، وكانت تلك فرصة استغلها بعض الأتباع للإفصاح عن مهاراتهم المكنونة. من هنا لم يكن هناك بد من اعتبار البورقيبيين أنفسهم منتصرين، فشرعوا في بناء الدولة الجديدة بكثير من التشفي قي خصومهم الحقيقيين والمفترضين. وليس من الوارد هنا أن ننكر وطنية الزعامات التي وضعت على عاتقها مهمة بناء الدولة كما مهمة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، فهذه الزعامات وبخاصة بورقيبة ظلت تعتقد أن الاستقلال التام مجرد مرحلة على طريق بناء بعيد المدى سخرت له كل إمكانيات الكيان الفتي. كان التحديث هو الهدف النهائي لهذه النخبة الوطنية، وكان سعيها نحو هذا الهدف حثيثا، في إطار حماس شعبي فياض. كان التحديث يهدف إلى إنشاء إنسان جديد في وطن جديد، فكان إصلاح التعليم وإصلاح القضاء والأحوال الشخصية… إلى غير ذلك مما نتنعم اليوم ببعض ثماره. غير أن هذا التحديث لم تصاحبه حريات حقيقية تسمح للتونسيين بهامش ولو ضيق من الاختلاف مع الإيديولوجيا المنتصرة. فحكمت النخبة الجديدة على « الثقافة التقليدية » بالزوال، واستحوذت على صلاحيات كانت باستمرار عصية على الحاكمين، فنصب بورقيبة نفسه مفتيا ومعلما وإماما بل ورسولا. وبالموازاة مع ذلك انطلق مسار من التأليه لبورقيبة ستسخر له إمكانيات الدولة جميعها، كما ستسخر له ماكينة حزبية فعالة. ولن تعيق عملية بناء المؤسسات الجمهورية، بما في ذلك الدستور والبرلمان، هذا المسار، حيث نجح بورقيبة في بناء نمط من النفوذ يخترق كل المؤسسات، بل نجح في إقناع جانب من التونسيين بأن وجوده ضمانة لحسن سير المؤسسات. لذلك فقد كان التونسيون مستعدين ليغفروا له هفواته، فقد كان أباهم الذي على الأرض. لذلك فلم يكن من الصعب عليه أن يقنعهم أن وجودهم وفرحة حياتهم مرتبطة به، وأن « القائد في الكفاح هو الضامن للنجاح ». كانوا سيصبحون أيتاما لو قيض لبعض « المعتوهين » أو « المارقين » أن يضعوا حياته تحت التهديد. وفي المقابل كان هو يحسن استغلال الفرص للتخلص من مزيد من المناوئين. ففي أواخر 1962 أكتشف أمر المحاولة الانقلابية الشهيرة التي دبرها بعض قدماء المقاومين وبعض العسكريين بتعاون مع بعض اليوسفيين. كانت الفرصة مواتية للقضاء على آخر قلاع المعارضة للبورقيبية وإحكام السيطرة على المجتمع وعلى الفضاء السياسي بالخصوص عن طريق احتكار النشاط السياسي الشرعي وإخراج ما بقي من تنظيمات مستقلة من دائرة الشرعية (حل الحزب الشيوعي). كما مكنت المناسبة من تصفية اللوبي الذي كان يشكله المقاومون القدامى حيث سيصار إلى إقصائهم المنهجي من التاريخ الرسمي. لقد ولدت الدولة الوطنية، دولة الاستقلال، من رحم إيديولوجيا تحديثية لا تستند على المؤسسات مثلما تقتضي ذلك الحداثة، بل على وجود زعيم مفعم بالنرجسية. وبديهي أن تكون لهذه الولادة المشوهة لمشروع الدولة الوطنية انعكاسات بعيدة المدى على مسارها. لقد اعتقد بورقيبة باستمرار أنه الروح التي نفخت في جسد اسمه الشعب التونسي، وأن خروج الروح من الجسد يتبعها موته وتحلله لا محالة. وقد قيض له أن يجد من يسانده في تثبيت هذه الفكرة، خوفا أو طمعا. من هنا فقد ظل هو والمؤمنون به يعتقدون في قصور هذا الشعب الذي يفترض أنهم المعبرون عن إرادته الحرة، فأصبحوا من حيث يشعرون أو لا يشعرون يفكرون ويقررون ويحلمون عوضا عنه، يدركون مصالحه ويعطفون عليه أكثر منه. أما المارقون العاقون ، رؤوس الفتنة والمغرر بهم، فإلى المحاكم والسجون والمنافي يقادون، ومن الأمة يقصون. لم يكن غريبا أن يؤدي هذا المسار إلى مزيد من انغلاق الحكم وفساد وتكلس المؤسسات وترهل الدعاية وتهرم الزعامة، في مواجهة هدير الفئات الجديدة المثقفة والمتعلمة والجائعة والمتنمرة لتحقيق إنسانيتها ومواطنتها. بل إن ما كان بالإمكان تقديمه كذريعة للتأمل ثم الانفتاح فالتجدد (1968، 1969، 1972، 1978، 1981، 1984)، لن يكون في الحقيقة سوى مناسبة لزيادة التقوقع ودس الرأس أعمق في الرمل. قد نختلف في معنى الاستقلال وتعريفه وقد نتفق، قد يرى البعض أنه لم يعد له من معنى في عالم اليوم المفعم بالعولمة وقد يصر البعض الآخر على أن في العولمة من الحسنات ما يغطي على السيئات. ولكن أين الإنسان من كل ذلك؟ أليس مفترضا أن يكون هو أصل الأشياء وغاية العمل؟ لقد كان هدف الاستقلال بناء دولة وإنشاء أمة، غير أن ذلك تم على غير النحو المراد وبإتباع أيسر السبل، فأصبحت الدولة هي الغاية وما عداها الأداة. وإمعانا في الاختزال أصبح الحكم هو الدولة، وأصبحت للحكم مسالك معينة لا يقوى على الخروج منها. وفي المقابل حافظت المؤسسات على الخطيئة الأصلية، لقد أنشئت لتعاضد الحكم لا لتبني دولة الحداثة، أما الإنسان فكان يتوجب عليه أن يتجمل دوما بصبر لا ينفذ، أن ينتظر دوره على لائحة أهداف الدولة الوطنية، وأن يزيد إيمانا بأن الأهم يسبق دائما المهم، وبأنه ليس الأهم. لقد أسست نرجسية بورقيبة وتزلف الذين في قلوبهم مرض لواقع لن يكون تجاوزه هينا: واقع أن « المواطن » أفضل بدون المواطنة. لكن التاريخ، قريبه وبعيده، ماثل أمامنا ليعلمنا أن دولة لا تقوم على المواطنة مشروع تعوزه أهم عوامل الاستمرار. (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 398 بتاريخ 23 مارس 2007)
 

علم من بلادي بوشوشة

 
مَنْ مِنْ سجناء الرّأي ومن الإسلاميين على وجه الخصوص لا يُبغض سماع هذا الاسم: بوشوشة. إنّه الدّلالة على القهر والظلم والتعذيب الوحشي، حيث تتخذ وحدات الدّفاع الهمجي عن اللاّشرعية ضدّ الأحرار المتنوّرين من حملة الفكر ومتّبعي الحقّ ودعاته مقرّا لها، وحيث تقف بناية ما كان ما يُعرف بمحكمة أمن الدّولة التّي خاط قضاتُها سرابيل لهم من قطران يلبسونها في نار جهنّم بمشاركتهم في قتل الأبرياء من أبناء تونس، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  » من أعان  بباطل ليدحض به حقا فقد بريء من ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم  » 

بوشوشة، اسم أفسد عليّ قراءة سيرة طيّبة في كتاب « أعلام تونسيون »، وهو من تعريب وتقديم حمّادي الساحلي، فقد خرجت من الكتاب لأقف عند جرم قوم فاسدين ساقطين اتّخذوا من أسماء آبائهم وأجدادهم الفاضلين عناوين لإشاعة الرعب والإرهاب بين صفوف الأحفاد الصالحين… إنّها الدّناءة التي لم يعد لها مجال للغوص بعدما لامست سفح القاع… إنّه العقوق: عقوق الأجداد والآباء والأمّهات… إنّه الهروب من الذات وعدم الاعتزاز بالهوية… إنّه التنكّر للمعروف… وقد رأيت تعديل الصورة وتطهير الاسم وتقريبه من الأنفس بالحديث اليوم عن المزارع الصحافي، الوطني الغيور العامل النّجيب المرحوم علي بوشوشة، فقد ولد سنة 1859 في عائلة ماجدة من مدينة بنزرت الشمالية الساحلية (مدينة الجلاء). بثّ فيه أبواه المزارعان حبّ الأرض منذ نعومة أظفاره، فأحبّها واشتغل بفلحها، فتعلّم منها الصلابة والمثابرة. حبُّه ذلك لم يصرف والديه عن دعوته إلى التعلّم فبكّر بالكتّاب وثنّى بالجامع ليلتحق فيما بعد بالمعهد الصادقي عند افتتاحه. وهناك نبغ في دراسة اللغات الثلاث العربية والفرنسية والتركية مع احتفاظه على تفوّق دائم حتّى على رفقائه المتقدّمين عليه في اللغة الفرنسية. عيّن علي بوشوشة لإتمام الدّراسة في أروبا فغادر البلاد إلى انقلترا حيث قضى بها ثلاث سنوات، حذق خلالها اللغة الإنقليزية ثمّ عاد إلى البلاد سنة 1881 (التاريخ الرسمي لبدء الحماية الفرنسية في البلاد)*. لم تستهو عليّا – رحمه الله – المناصبُ الفارهةُ التي توفّرها له كفاءتُه، فتوجّه إلى العمل الحرّ فعاد إلى أمّنا الأرض يبثّها حبّه القديم كما أظهر ميلا إلى الصحافة سيّما وقد لمس فيها الأداة المُثلى لخدمة بلاده. وبناء عليه فقد أسّس – رحمه الله – بالتعاون مع ثلّة من الشبّان المثقّفين المتحمّسين، جريدة « الحاضرة » سنة 1888 م، وجعل فضاءها مساحة لبسط أفكار النخبة التونسية الناطقة بالعربية. فكان الخوض حرّا في كلّ ما يتعلّق بالجوانب الاجتماعية والثقافية والأخلاقية والسياسية بالبلاد. وقد كان مِن أوّل مَن لبّى دعوته إلى الانضمام إلى أسرة التحرير محمد بن الخوجة وعلي الورداني ومحمد الحشايشي ومحمد الأصرم وحجّوج ومحمد الجنّادي وعمر بوحاجب، وعلى وجه الخصوص البشير صفر، ثمّ اشتغل بالصحيفة لاحقا عدد كبير من مدرّسي جامع الزيتونة المعمور (**) وبعض المثقّفين من ذوي التكوين العصري من أمثال: حسن حسني عبدالوهّاب وعبدالجليل الزوّاش وأحمد الغطّاس. وهو إلى ذلك أحد أنشط مسيّري الجمعية الخلدونية التي تأسّست سنة 1896.

ساعدته مصاهرته، حيث تزوّج مرّتين (الثانية بسبب موت الأولى) من اسطنبول، على ربط علاقات ودّية مع الأتراك… وبعد حياة حافلة بالعلم والثقافة والإجتتماع والمقاومة التحق علي بوشوشة – رحمه الله – إلى جوار ربّه يوم 18 أوت 1917 م. ليأتي مِن بعده اليوم قوم أضاعوا الصلاة واتّبعوا الشهوات وفرّطوا في أسباب النهضة التي كان يعمل من أجلها، وجعلوا من اسمه مصدرا للعنة… فحسبنا الله ونعم الوكيل…   ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ *: يمكن اعتبار 1865 (تاريخ شراء هنشير النّفيضة من طرف بعض الفرنسيين) التاريخ الاوّل للحماية: رأي منّي لست متأكّدا من تماسكه. **: لم تعجبني كلمة استعملها المؤلّف (ولقد أسهم في هذا العمل التجديدي عدد كبير من مدرّسي جامع الزيتونة المتطوّرين)، ما يجعلني أتوقّف كثيرا عند نظرة المؤلّف إلى هيأة جامع الزيتونة ودوره في البلاد، وما يجعلني كذلك أنقل المعلومة من هذا الكتاب بشيء من التحفّظ. ولكنّه مع ذلك يبقى من المصادر الطيّبة (سيّما إزاء الشحّ في المصادر التونسية) المتوفّرة التي تفتح لنا نافذة على أهلنا السابقين الأفاضل. عبدالحميد العدّاسي: تلخيص بتصرّف لما جاء في كتاب (أعلام تونسيون). 


 

دعاية مجانيّة لنظام جائر
 

أطلعت على ما كتبه أحد الدّكاترة المحترمين ـ الذي غاب عن المشهد السيّاسي التّونسي منذ زمن طويل  رغم تطوّر الأحداث بالبلاد  ـ في موقع تونس نيوز بتاريخ 2007.04.06 تحت عنوان :      » الرّبيع والسيّاحة وزيت الزّيتون  » وما احتواه المقال من أحاسيس صادقة وشعور نبيل  لتونس الحبيبة كما  تحدّث فيه عن مغادرته لها منذ  اثنين وعشرين عاما دون الإشارة إلى زيارته لها منذ سنوات قليلة ولمدّة وجيزة عندما يسّر له اللّه عزّ وجلّ  ملاقاة رئيس جمهوريتها والتّواصل معه لعدّة مرّات من أجل مهمّة اللّه وحده أعلم بخفاياها .

لكنّ الذي يهمّنا في كلّ ذلك ما جاء في المقال من إبراز تونس كدولة خضراء مع تجاهل تامّ لأوضاع الحريّات وحقوق الإنسان ، ومن دعوة صريحة للمساهمة في حملة طوعيّة لدعوة السيّاح العرب لزيارة تونس كما جاء ذلك حرفيّا في نصّ المقال :  » وأظنّ أنّ من واجب المواطنين التّونسيّين في الخارج المساهمة الطّوعيّة في هذه الحملة بحماس ، لأنّ إقبال السوّاح العرب على بلدنا فيه منفعة أكيدة لهم ومصلحة لإقتصادنا الوطني «  واعتبار تونس في فقرة أخرى من المقال وكأنّها دولة نموذجيّة في منطقتنا العربيّة حيث جاء : وتذكّرت هنا مديح كثير من العرب لبلادنا وتساءلت ، هل بالإمكان بذل المزيد من الجهد لتسويق تونس كوجهة أساسيّة للسّائح العربي ؟؟

وهو ما دعانا للردّ باعتبارنا أحد المواطنين التّونسيّين المغتربين عن تونس بحكم دولة البوليس فيها لبيان الحقيقة بدون تكلّف ولا تزلّف .

إنّ ما ترتكبه سلطة 7 نوفمبر يا سعادة الدّكتور من مجازر في حقّ المآت إن لم نقل الآلاف من خيرة شباب تونس ولعلّ المشاهد المؤلمة لصورة الشّهيد الهاشمي المكي وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة نتيجة التّعذيب الوحشي وحالات الإهمال التي تعرّض لها داخل السّجون التّونسيّة ومعاناة نزلاء الحريّة بسجون تونس وأخبار المعتقلين ولعلّكم قد اطّلعتم  على نبأ فقدان السّجين السيّاسي وليد العيوني لمداركه العقليّة نتيجة التّعذيب الوحشي الذي تعرّض له ومحاولة الإنتحارالتي أقدم عليها أحد المساجين في فيفري الماضي من الطابق العلوي لمكتب حاكم التحقيق يدفعنا بشدّة  لمواصلة النّضال الحقوقي والإعلامي من أجل إطلاق سراحهم عوضا عن الدّعاية المجانيّة الواهية  التي تمثّل وسمة عار وخيانة في حقّ مساجين الرأي والوطن ، كما هيّ إقرار بحقّ السّلطة في الإعتداءات على الحرمات والمقدّسات الإسلاميّة وما حالات تدنيس  القرآن الكريم والعمل بمنشور 108 سيء الذّكر وتصريحات مسؤولي الدّولة في هذا الخصوص إلاّ شواهد حيّة على جرائم  السّلطة  واعتداءاتها على المقدّسات  والأشخاص وانتهاك واضح وصريح للأحكام الشّرعيّة .

إنّها أمانة يا دكتور وأنتم تملكون وسيلة إعلاميّة قادرة على تخطي حاجز الخوف للحديث عن مآسي  الوطن .. عن صعوبة الأوضاع المعيشيّة وحالة الإختناق التي تعيشها البلاد …. عن آهات المعذّبين وأنين المحرومين … عن اتّساع فظاءات التّهميش الإجتماعي والإقتصادي … عن ارتفاع نسبة البطالة  أمام حاملي الشّهادات العليا … عن قوارب الموت التي يلجأ إليها شبابنا بحثا عن حياة آمنة في أوروبا ….عن ارتفاع نسبة الجريمة وتفكك الروابط الأسريّة …. عن مصير المعتقلين في وطننا العزيز لإعادة الموضوع التّونسي  لإهتمامات السّاحة الوطنيّة  والعربيّة عوضا عن تلميع استبداد دولة البوليس في تونس والتركيز عن الصيغ المثلى  لتصدير زيت الزّيتون الذي يحرم منه المواطن التّونسي  .

 ولكم آلمني  جدّا انخراطكم  في مشاريع دعائيّة مجانيّة متجاهلين ما وصلت إليه أوضاع البلاد ، لذا يؤسفني القول أن أقول لكم  كفى … كفى …. لقد بلغ السّيل الزّبى

مغترب بفعل قانون الغاب بتونس

     نورالدين الخميري

       2007.04.08


 

الرد على الاخ الهاشمي الحامدي و على ربيعه و زيتونه

بسم الله الرحمان الرحيم:

فقط اردت ان ارد على الاخ الهاشمي الحامدي و على ربيعه و زيتونه فاقول له: يا اخي لتنظر الى شتاء المساجين ظلما و الى خريف الارامل و اليتامى و المحرومين من اهاليهم في الداخل و الخارج. تذكر قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم لتقل خيرا او لتصمت. من منا لا يعرف طقس تونس و جمالها؟! و ان كنت تحبها لدرجة انك لا تستطيع الاستغناء عنها فعد اليها فالاكيد ان توني بلير لن يستجديك للبقاء في لندن. و الاكيد ايضا ان التونسيون لن يمانعوا في ان تبث برامج المستقلة من ارض الخضراء. فانت تعشق كما قلت الهواء النقي و هواء تونس كله حرية و انعتاق كما تسوق له. و بما انك تقرا القرآن الكريم كل يوم فلما لا تسال الشيخ عائض القرني عن رايه في السياحة العربية الى تونس؟ و هل يجوز ان يدخل اصحاب القمصان البيض و الملتحون الى تونس الآن بعد ان شبههم اساتذة الدين الاسلامي في تونس بالقادمين من العصور الوسطى و عصور الظلام؟ و الدليل مقال الشيخ موسى الشريف الداعية المعروف و قائد الطائرات(ان غابت عنك مهنته) و الذي عان الامرين و هو في زيارة رسمية فما بالك لوانه قدم الى تونس في سياحة؟
يا سيدي ان كنت تسوق للسياحة في تونس كما تسوق للحرية للجميع في قناتك فانصحك ان لا تجعل من تونس مرقصا و ماخورا لمن لا دين لهم و لا اخلاق. و اعلم انك تقرا كتاب الله كل يوم و لذا فانت محاسب على ما تقول. و لا يكمل ايمان احدنا حتى يطابق قوله فعله. لقد استفاق التونسيون لا بفضل قناتك (التي كشفت كل ما يجري في البلاد الاسلامية من خير و شر و غضت الطرف على معاناة بلادك و ماساتها منذ عشرات السنين و اكتفت بالعكس بالتهليل و التحميد لولي امرك فلمن تهلل و تحمد يا ترى لو خلص الله البلاد من ظلم زبانية العذاب؟ )و لكن بفضل قنوات الخير التي عمت الخير و صح عليها القول فعلا انها « قنوات تدخلك الجنة » فانصلح بها عامة الشعب و تفقهوا الى حد بعيد في دينهم الذي ظن ولي امرك انه سيجتثه منهم. « و الله غالب على امره »
والله اخوتنا العرب على الرحب و السعة فقط عندما تكون الزيارات في الله و الاخوة في الله و لكن عندما ياتينا « المتمسلمون »ليعبثوا في ارض الزيتونة و يتصابوا بحثا عن الشرب الحرام و اللذة الحرام و الاكل الحرام فيا اخي لتحتضنهم اوروبا و امريكا فلا حاجة لنا بهم. شعبنا ابي و بالرغم من الاستكانة و الهوان الذي هو فيه فان الله سيمكن لهم دينهم طال العمر او قصر وعندئذ ابحث لك عن ولي امر جديد في العراق او السودان او في اخوانك الذي تلعب معهم كرة القدم….و اخيرا ارجو لك الخير اينما كنت ولا تنسى دعائك بانفراج ازمةلمقهورين,و المظلومين و الاسرى و الموتي كمدا و الذين هم كذلك في حاجة الى ان يخرجوا الى تونس في سياحة بعد ان طال بهم المقام في السجون او الغربة فنسوا معالمها, . و اما عن اولياءامرك فنرجو لهم كما رجا لهم احد الشيوخ الاجلاء اما ان يهديهم الله او ان يريحنا منهم. و عطلة سعيدة في تونس
مهاجر في ارض الله
(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 7 أفريل 2007)


لا للقوائم السوداء

 
د.منصف المرزوقي
رسالة مفتوحة إلى الإخوة المشرفين على موقع البصرة net.www.albasrah نشرتم  على موقعكم بتاريخ 7-4-2007 مقالا بعنوان « حملة فضح المثقفين العرب الذين لبوا دعوة الطالباني «  وتشيرون فيه إلى المؤتمر الثقافي السنوي الذي يعقد بأربيل والمزمع عقده هذه السنة لمدة أسبوع انطلاقا من 22 أبريل .  كما نشرتم ضمن هذا المقال قائمة طويلة بأسماء المثقفين العراقيين والعرب الذين قبلوا الدعوة السنة المنصرمة  » لإدانتهم وفضحهم أمام الشعب العراقي والأمة العربية ». ويتصادف أنني تلقيت منذ أسبوع دعوة لحضور هذا المؤتمر وبادرت بالاعتذار لأسباب بدت لي بديهية كما تصادف أنني اتصلت هاتفيا بالدكتور هيثم مناع نفس اليوم  لمشاكل تهم اللجنة العربية لحقوق الإنسان فأخبرته بالدعوة ورفضي لها فأعلمني أنه هو الآخر تلقى نفس الدعوة السنة المنصرمة ورفضها كذلك. وعندما ينظر المرء لطول قائمتكم، يبدو كأن الأسباب التي حدت بي وبرفيقي في اللجنة العربية  ومجموعة ابن عقل لرفض المشاركة ، لم تكن بنفس البداهة بالنسبة للكثيرين. هدف هذه المراسلة الأول  هو الاحتجاج على نشر هذه القائمة رغم اختلاف موقفي  في قضية الحال مع المضمنين فيها. إن تاريخ القوائم السوداء المظلم في كل المجالات سبب كاف لإدانة هذا الأسلوب . لكن رفضي له ناجم عن قناعة مطلقة بلافعاليته  وبمضرته وخاصة  بتجنيه على البعض . فداخل هذه القائمة يوجد بالضرورة  ثلاثة أصناف لا يجوز الخلط بينها  حيث يجب التفريق بين  المثقفين المتأمركين خالصي الأجر، وبين المثقفين  » الغلابة » الذين تمثّل أي ندوة بالنسبة لهم فرصة للتعريف بأنفسهم ، والمثقفين من أصحاب النوايا الطيبة الذين قبلوا الدعوة إيمانا منهم بضرورة  التواصل مع إخوتنا الأكراد لطرح المشاكل الخطيرة المتفاقمة  التي تهدد الأخوّة  العربية الكردية . لهؤلاء فقط يجب التوجّه لا بمنطق القوائم السوداء ،التي يمكن أن تكون الخطوة الأولى لا قدّر الله للتصفية الجسدية أو العزل الاجتماعي ،ولكن بالحجج وهي لا تعوزنا. بوسعنا القول  لا تذهبوا يا أصحاب النوايا الطيبة لمثل هذا التجمع فهو خدعة سلام  ، مهمته توظيف الثقافة في مصلحة نقيضها المطلق وتحقير المثقفين العرب وإذلالهم  وإحداث الفرقة بينهم وخاصة التشريع للاحتلال لكن نعم ، لا بدّ من التواصل كمثقفين وكنشطاء حقوق إنسان وكسياسيين مع أخوتنا الأكراد لطرح تواطؤ  ممثليهم مع السياسة  الأمريكية الحمقاء والتعاون مع إسرائيل واعتبارهم العرب العراقيين المقيمين في كردستان شبه أجانب، وما يمكن أن ينجرّ عن هذا التوجه من توسيع فجوة نحن بأمس الحاجة لتضييقها. نعم يجب المصارحة في كل مآخذ الأكراد على العرب ومنها مأساة  حلبجة ، التي ربما لا يعلمون أن مجموعتنا أدانتها  عند حدوثها  واعتبرتها وصمة عار في جبين الأمة العربية وأنه يجب علينا كعرب وحدويين أن نذهب يوما لوضع باقة زهور على ضريح ضحايا . نعم ثمة ضرورة لمثل هذا الحوار ، لكن ليقع في مكان محايد بين مثقفين مستقلين عرب من العراق ومن كل أقطار الوطن العربي خارج أي تفويض رخيص للثقافة  من قبل سياسيين  جاءوا السلطة على ظهر الدبابات وهم اليوم ألدّ أعداء العرب والأكراد على حدّ السواء. . باريس 8-4-2007


 

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين تونس في: 08/04/2007 بقلم محمد العروسي الهاني مناضل دستوري رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا الرسالة 217 على موقع الانترنت تونس نيوز

 

 

بمناسبة ذكرى عيد الشهداء

إحياء ذكرى وفاة الرمز الخالد الزعيم الحبيب بورقيبة يوم 06 أفريل 2007

 

 

في جو من التأثر والخشوع إحياء المناضلون الدستوريون وكل شرائح المجتمع التونسي ذكرى وفاة زعيمهم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله وقد أشرف على إحياء الذكرى الخالد سيادة الرئيس زين العابدين بن علي شخصيا وفي تأثر بالغ وخشوع أمام ضرع المغفور له المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة . تلاة فاتحة الكتاب على روح الطاهر الزكية . جمعية مرافقيه من أعضاء الديوان السياسي للتجمع و أعضاء الحكومة و رئيس مجلس النواب و المستشرين و ثلثه من إطارات الأمة و المسئولين وأعضاء المجلس الأستثناري للمناضلين و المقاومين و أما مدخل الروضة كانت الجماهير الفقيرة في الاستقبال الرئيس بن علي تهتف بحياة تونس الرئيس و امتلأت ساحة الروضة التي تسمى التربة  بعدد هام من الشباب والنساء والأطفال و في كل أرجاء التربية عشرات اللافتات كلما تعبر على الحاضر و المستقبل .

هذه الجولة الأولى من أحياء الذكري التي لم تخلو من مظاهر البهجة و الزينة  و الفلكلور الشعبي و ضرب البنادر والطبل و المزمار والطار حتى إني تأثرت و قلت لقائد إحدى الفرق كف على ضرب البندير فالساعة ساعة خشوع و تلاوة فاتحة الكتاب على روح الزعيم الأكبر. أجابني المندوب الثقافي أعطنا تعليمات بذالك ونحن مؤمرين… قلت له سامح الله المندوب الثقافي ومن معه. أما الجولة الثانية للذكرى الخالدة فقد امتازت بحضور السيد الحبيب بورقيبة الابن نجل الزعيم الراحل. وقد كان مرفوقا بحرمة ونجله مهدي بورقيبة وكانفي استقباله السادة محمد الصياح واحمد قلاله وعبد الله بشير ومحمد بن نصر و الحبيب الورداني لطفي بن جنات و محمد العروسي الهاني كاتب عام جمعية الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة وعبد الحميد العلاني الكاتب العام المساعد للجمعية الذي أهدا بالمناسبة نسخة للسيد الحبيب بورقيبة الابن ونسخة ثانية لنجله مهدي بورقيبة . كما حضرت الاستقبال السيدة هاجر بورقيبة . و بعد التحية الحارة و استعراض بعض الذكريات حول مناقب الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله .     

و استعراض بعض الجوانب من الحوار الذي دار في 3 حلقات بقناة العربية مشكورة على هذا المجهود الجبار والعمل الإعلامي الهدف و الصادق و النزيه دون تعتيم حقا كانت حلقات ممتازة. و قد أعطان السيد محمد الصياح لمحة عن الحوار التلفازي مما زاد في إعجابنا و أكبارنا بمجهود قناة العربية… وقد علفت على ذالك و قلت لو يفتح الله بصابر إخوتنا في إدارة التلفزة الوطنية التونسية . و تشرع في إعداد حلقات على خصال و مناقب و المسيرة النضالية الوطنية و المعجزة الكبرى والملحمة البورقيبية الرائعة مثل ما قامت به قناة العربية المشكورة … مؤخرا و لازالت مواصلة الحلقات القادمة إن شاء الله وبعد هذا الاستعراض السريع الخاطف و الشيق و الرائع… دخلنا الروضة لتلاوة خاتمة الكتاب على روح الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة في جو من التأثير البالغ و الإكبار لعظمة هذا الرمز الذي أفنى عمره و شبابه من اجل تونس و شعبها و قرأ, سمعنا بكل خشوع إلى الدعاء المؤثر للغاية الذي كرمه الأخ محمد بن نصر و إلى المنستير سابقا و الذي ابتهل فيه إلى رب العالمين رب العزة . أن يتغمر الفقيد العزيز الكبير المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة وأن يجزيه الله خير الجزاء على ترمه من تضحيات جسام لفائدة الشعب التونسي وما حقّقه لفائدة الوطن و ابتهل إلى الله أن ينتصر بلادنا وأن يسبغ على شعبها نعمه وأن يكلل جهودها بالنجاح والتوفيق.

وأن يرعى ويصلح ويحفظ نجله الحبيب بورقيبة خالدا وأثره الدعاء وتلاوة الفاتحة توجه الجميع روضة البورقيبة لتلاوة الفاتحة على أرواحهم وبعد ذلك قام الأخوة الذين حضروا الذكريات مع نجله بورقيبة الابن بالتجول في المتحف الذي تخلد بعض الذكريات المؤثرة. من ذالك ملابسه المتواضعة وأدوات العمل وبعض الصور والرسائل طيلة الحركة الوطنية والمقالات الصحفية و غيرها. وغادر الجميع الروضة التي تسمى التربة بمقبرة البورقيبة وكلهم تتأثر بهذا المشهد الخالد والزعيم الرمز الذي خلد التاريخ ذكره وبالمناسبة لا بد من بعض التعاليق حول الذكرى الخالدة في المقال الصادر يوم 4.4.2007  الموقع تونس نيوز حول إبرار مظاهر الزينة والطار … ولكن لم يفع العمل بهذا النداء الصادق…

التصفيق في الروضة لا يتماشى مع الخشوع و التأثر والاستحضار عظمته الزعيم و الخشوع إلى الله واحترم الأموات و احترم الزعيم و هو مبيت .

يوم الذكرى من الخالده المؤثرة تنشر جريدة الصباح الجريدة الوطنية التونسية العريقة على امتداد 57 سنة تنشر بكل أسف وبكل لوعة و بكل مرارة تدخلات بعض المتدخلين والمؤرخين في منتدى التميمي وخاصة شهادة المؤرخ الحناشي الذي

عودنا على الإساءة والتحامل والنظر إلى الأمور بمنظار أسود لا يعرف إطلاقا البياض كل شيء عنده أسود لا يتعرف بتضحيات الزعيم ولا يتعرف بنضالاته وصولاته وجولانه ونجاحاته وانتصاراته وكأنه في الكون وحده واعتقد أن للإساءة

حدود وللحوار حدود وللتحامل حدود للأحقاد حدود فالرجل لم يستوعب الدرس من فرنسا الوافية للزعيم الراحل ولم يفهم القصر من إقامة ساحة كبرى بسبابين للزعيم الخالد عام 2004 ولم يستوعب الدرس من إقامة متحف لبورقيبة بمصر مؤخرا ولم تستوعب الدرس من الحلقات التي نظمتها قناة العربية مشكورة ولم يستوعب الدرس من تدخلات وزيراتي عهد بورقيبة قالوا كلمتهم بكل صدق ولم يستوعب الدرس من شهادة المؤرخ أحمد المحجوبي النزيه زميله التونسي … ولم يستوعب الدرس من مقالات الأخ المنصف بن فرج ولا مقالاتي عبر الإنترنت 75 مقالا ولا ينفع معه معوضه ودرس فالرجل حاقد ولله يشفي الحاقدين من حقدهم كما أدعو جريدة الصباح أن تحترم مشاعر المناضلين الدستورين إصرار الوطنين ومشاعر البورقيبيّن وان تفسح المجال لهم للرد عن الافتراءات وإذا كانت الصباح نزيهة صادقة لتريد أثارة البلبلة ونشر الافتراءات والفتنة لماذا لم تفتح أعمدتها للرأي المناضلين البورقيبة لماذا لم تنشر مقالاتي وقد حاولت نشرها في الصباح لست أدري لماذا هل هناك تعليمات أم أحبتها ذات أم كل كلام في صالح التاريخ وفي ميزان بورقيبة لم يعجب الجريدة ربي يهديهم أخواننا في الصباح وربي يهديهم للخير حتى يدركوا انه ليست في صالح الجريدة الإساءة لبورقيبة لان كل البورقيبين قاطعون الجريدة وقاطعوا مقالاتها لأنها أصبحت تسعى لإثارة الفتنة والذي قال في شأنها الزعيم الخالد عفا لله عما سلف لماذا يحلوا للجريدة مواصلة نشر الماضي التشجيع على دعم أقلام أصحاب الإساءة وتعطيهم كل الأدوية في الكتابة ولكن كما قال الأخ  عبيد المؤخر بورقيبة ليبقى الرمز بإنجازاته وبصماته وتاريخه الطويل قال الله تعالى: يا أيها اللذين آمنوا أتقو الله و قولوا أقوالا سديدا .صدق الله العظيم .

محمد العروسي الهاني


إسلاميو موريتانيا: سنشارك فى الحكومة المقبلة

 
سيد أحمد ولد باب نواكشوط- وسط توقعات بأن يسعى الرئيس الموريتاني المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله لإشراك الإسلاميين في الحكومة المقبلة، أعلن قيادي بارز فى التيار الإسلامى الموريتاني عن استعداد التيار الإسلامي الوسطي للمشاركة في تلك الحكومة إذا عرض عليهم ذلك. يأتي ذلك فيما أعلنت 3 أحزاب معارضة عن موافقتها مبدئيا على المشاركة في الحكومة المقبلة، في ضوء دعوة ولد الشيخ  قوى المعارضة لشراكة سياسية عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية الموريتانية في مارس الماضي. وقال محمد غلام ولد الحاج الشيخ القيادي في التيار الإسلامي في تصريح خاص لإسلام أون لاين.نت اليوم السبت: « إن منسقية الإصلاحيين الوسطيين أعربت مساء الجمعة الماضية عن استعدادها المبدئي لدخول الحكومة القادمة إذا طلب منها ذلك رسميا ». وأضاف: « إن الإسلاميين خلصوا بعد مداولات موسعة إلى أن تشكيل حكومة وحدة وطنية هو الحل الأمثل فى الفترة الحالية للبلاد »، مشيرا إلى أن هناك عددا من الملفات الشائكة تحتاج لتضافر جهود جميع القوى السياسية الجادة للتعاطي معها بفاعلية ونجاح. ولم يوضح ولد الشيخ ما إذا كان الرئيس الموريتاني طلب رسميا من الإصلاحيين الوسطيين –الاسم الذي خاض به التيار الإسلامي الوسطي الانتخابات الماضية- المشاركة في حكومته القادمة أم أن الأمر مجرد قرار مبدئي اتخذه الإسلاميون على غرار باقي تشكيلات الائتلاف التي اتخذت قرارات سابقة بهذا الشأن برغم عدم وجود اتصالات أو دعوة من ولد الشيخ عبدالله. وتتوقع بعض الأوساط السياسية أن يطلب الرئيس المنتخب من الإسلاميين المشاركة بالحكومة. ويشارك التيار الإسلامي في البرلمان الجديد بـ6 نواب و3 شيوخ، كما يسيطر على 10 مجالس محلية بينها 4 فى العاصمة من إجمالي 2166 مجلسا في أنحاء البلاد. موافقة مبدئية ويأتي قرار الإسلاميين بعد يومين من إعلان 3 أحزاب تمثل المعارضة السياسية سابقا مواقف مشابهة من حكومة ولد الشيخ عبد الله القادمة، بحسب مراسل إسلام أون لاين.نت. ونقلت مصادر إعلامية وسياسية فى العاصمة نواكشوط عن زعيم المعارضة السابق السيد أحمد ولد داداه، ورئيس حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني صالح ولد حننا، ورئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود، موافقتهم المبدئية على المشاركة في الحكومة القادمة وفق بعض الشروط. ولم تعلن تلك الأحزاب مواقفها رسميا حتى الآن، غير أن مشاورات مكثفة تجري وراء الكواليس بغية معرفة الحقائب المخصصة لها فى التشكيلة الوزارية القادمة والضمانات الممكن إعطاؤها للشركاء السياسيين من أجل التعامل مع بعض الملفات العالقة منذ سنوات وعلى رأسها أزمة المبعدين والمعتقلين السلفيين وقضية الرق التي تثار من وقت لآخر في البلاد بالإضافة إلى مكافحة الفساد. أنصار الطايع غاضبون وفي المقابل رفضت جماعة « الميثاق » التي تمثل أنصار الرئيس السابق معاوية ولد أحمد ولد الطايع مساعي ولد الشيخ لتشكيل حكومة وحدة وطنية ربما تتولى قيادتها شخصية مستقلة. واعتبر مصدر مقرب من « الميثاق » أن البلاد ليست في حالة « أزمة » لتشكيل حكومة ائتلافية،  لافتا إلى أن كتلة « الميثاق » لديها أغلبية مطلقة فى البرلمان الموريتاني الجديد بما يمكنها من  إدارة البلاد دون شريك، بحسب ما نقلته وكالة أنباء « الأخبار » المستقلة. وعن رد فعل ولد الشيخ على موقف جماعة « الميثاق »  قال المصدر: « إن الرئيس الجديد أعرب للميثاقيين عن استهجانه لتسرعهم وبنائهم لمواقفهم السياسية على الشائعات دون تحقق. ونقل المصدر عن ولد الشيخ عبد الله قوله: « أنا لم أعط التزاما واحدا لجهة سياسية داخل البلاد، وكل القوى السياسية الآن على مسافة واحدة مني.. صحيح أنكم دعمتموني فى الانتخابات وأبليتم بلاء حسنا لكن تلك مرحلة انتهت ونحن الآن فى مرحلة جديدة ». ويرى مراقبون محليون أن موقف أنصار الرئيس السابق من المعارضة السياسية هو موقف تقليدي خوفا من إثارة المشاكل لها في الحكومة المقبلة أو إجبار الرئيس المنتخب على فتح بعض الملفات التي يحمل البعض مسئوليتها لقوى السلطة السابقة. من جهة أخرى لا يزال موقف الزنوج من الحكومة المقبلة غامضا حتى الآن، حيث يعكف المرشح في الانتخابات الرئاسية الماضية والزعيم الزنجي صار إبراهميا على تشكيل حزب سياسي خاص بالزنوج لأول مرة فى تاريخ البلاد، يجمع شتات الفئة الأكثر حضورا فى الإعلام خلال العقدين الماضين. مشاركة أمريكية وفي سياق متصل أكد بيان للسفارة الأمريكية بنواكشوط نشرته الجمعة 6 -4-2007 أن جون نيجروبونتي نائب وزيرة الخارجية الأمريكية سيقوم يوم 18 إبريل الجاري بزيارة عمل لموريتانيا تدوم يومين. وسيمثل نيجروبونتي، الرئيس جورج بوش في مراسم تنصيب الرئيس الموريتاني الجديد المقررة يوم 19 من إبريل الجاري. وأكدت السفارة الأمريكية أن تلك الزيارة ستكون فرصة لنيجروبونتي لكي يستعرض مع الرئيس الجديد للجمهورية الإسلامية الموريتانية, العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها لمواكبة التطورات الإيجابية على المستويين السياسي والمؤسساتي التي عرفتها موريتانيا مؤخرا. كما سيلتقي المسئول الأمريكي رئيس المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية ورئيس الدولة السابق العقيد إعل ولد محمد فال، والعديد من رؤساء الوفود الأجنبية المشاركة. وكانت وزارة الداخلية الموريتانية أعلنت يوم 26 مارس الماضي فوز ولد الشيخ عبد الله المدعوم من الأغلبية الرئاسية السابقة بمقعد الرئيس في جولة الإعادة، حيث حصل على 52.89% من الأصوات مقابل 47.11% للمعارض السابق أحمد ولد داداه.  وعقب إعلان فوزه دعا ولد الشيخ عبد الله كافة القوى السياسية الموريتانية « لشراكة سياسية » في البلاد، متعهدًا بالتزام المسار الديمقراطي الذي أوصله لسُدة الرئاسة.         (المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 7 أفريل 2007)

بين المغرب والجزائر.. حدود مغلقة فتحها المهربون

 
أحمد حموش وجدة (شرق المغرب)- إذا كانت الحدود المغربية الجزائرية قد أغلقت عام 1994 نتيجة للخلافات السياسية بين البلدين فقد أعيد فتحها من جديد، ولكن هذه المرة ليس بقرار سياسي!. « لقد نجح المهربون في إصلاح ما أفسدته السياسة وفي فتح الحدود بين المغرب والجزائر ».. هكذا يقول متهكما عبد المؤمن الذي يعمل في مجال تهريب المحروقات بين المغرب والجزائر. وفي حديثه لـ »إسلام أون لاين.نت » يلخص وضعية التهريب بالمنطقة الشرقية للمغرب الممتدة من مدينة الناظور على البحر المتوسط شمالا، وحتى مدينة فكيك في الداخل الصحراوي جنوبا، بمحاذاة الحدود الجزائرية. ويقول: « على طول هذا الخط الحدودي، كل شيء يتم تهريبه، ما يؤكل، وما يلبس، وما يشرب، وما يركب بفضل تعاون وثيق بين السكان في الشرق المغربي والغرب الجزائري ». ويرجع عبد المؤمن أسباب انتشار تلك التجارة غير القانونية بين سكان شرق المغرب للأوضاع الاقتصادية، قائلاً: »لم تعد أي جهة بعيدة عن هذه التجارة التي لم يجد أبناء المنطقة بديلا عنها. ولم يقف إجراء إغلاق تلك الحدود بين البلدين عام 1994 في وجه هذه التجارة التي يعيش من ورائها آلاف العائلات ». ويشدد على أن « البطالة ضاربة جذورها، ولا توجد مصانع أو معامل تكفي لسد حاجيات الشباب في إيجاد فرص شغل، كما أن المنطقة محرومة حتى من أبسط المؤسسات الإدارية؛ إذ يضطر الناس للسفر إلى العاصمة الرباط لإتمام أوراقهم الرسمية ». تهريب بالجملة وحيثما تجولت في الشرق المغربي بمدن « وجدة »، أو « بركان » أو « جرادة » أو السعيدية » أو « بني درار » تجد المواد المعروضة للبيع داخل المتاجر مهربة، إما من الجزائر أو مليلية الموجودة تحت الاحتلال الإسباني. فمن الملابس الشتوية والصيفية إلى الثلاجات والغسالات ومكيفات الهواء وأجهزة التلفاز وباقي أنواع الرقميات، إلى مشتقات الحليب والعجائن، تتنوع المهربات التي تجد طريقها إلى المستهلك في شتى المدن والقرى بأثمان بخسة. ويبقى الوقود أهم بضاعة مهربة يقبل عليها الزبائن، حيث يباع بحوالي 4 دراهم للتر الواحد. ويساعد في انخفاض ثمنه كون الجزائر من البلدان المصدرة للبترول، حيث تعمل شبكات تهريب البنزين على تزويد السوق السوداء بهذا المادة دون انقطاع. « المقاتلة » هي الوسيلة المفضلة لدى المهربين لنقل بضائعهم ويقبلون على شرائها، وتطلق هذه الصفة على السيارات من نوع « رينو 18″ و »بيجو 505 » أو المرسيدس لسرعتها. وسط بلدة بني درار، شمال مدينة وجدة الحدودية، يعلق « أحميدة » سائق سيارة أجرة كبيرة على « مقاتلة » تمر مسرعة وهي ملأى بعبوات البنزين المهرب قائلا: « مثل هذه المشاهد تبقى عادية بالنسبة لسكان مدن الشرق وخاصة بني درار ووجدة وأحفير، وهي المدن الملتصقة مع الحدود الجزائرية؛ فسكان المنطقة الذين يعانون من البطالة يشترون المقاتلات خصيصا لنقل البنزين المهرب وتوزيعه على نقاط البيع المتحركة بالمدن ». ويوضح السبب: « مساحتها الخلفية تسمح بتخزين أكبر عدد من العبوات والسلع، كما أن الأمن لا يلحق بها لسرعتها الفائقة؛ وهو ما يشجع المهربين أصلا على عدم الامتثال لرجال الأمن بالوقوف ». ويلفت إلى أن « حوادث مميتة وقعت على الطرق التي تربط بين البلدات الحدودية المغربية في الشرق بسبب محاولة بعض رجال الشرطة توقيفها وهي مسرعة محملة بالسلع ». لكن داخل المدن، يستطيع الزائر أن يرى هذه « المقاتلات » تحمل بضاعتها آمنة مطمئنة في وقت تغيب فيه دوريات رجال الأمن، ويشير « أحميدة » إلى أن « بعض عناصر الشرطة متورطون في تسهيل مأمورية المهربين؛ إذ يسمحون بمرورها مقابل مبالغ معينة ». المخدرات أيضا ولا تكون المواد المهربة كلها مخصصة للاستهلاك العادي، بل إن نسبة مهمة من تلك المواد تكون من المخدرات وخاصة حبوب الهلوسة التي يصطلح عليها محليا بـ »القرقوبي ». وتؤكد إحصائيات رسمية أن عدد عبوات هذا المخدر التي تم ضبطها عام 2005 بمدينة وجدة وحدها تجاوز 600 ألف عبوة، وسرعان ما تجد هذه المادة طريقها إلى المدن المغربية الرئيسة مباشرة بعد دخولها من الجزائر. ومما يسهل انتشار هذه المادة وسط الشباب رخص ثمنها، حيث تباع العلبة الواحدة منها بما يعادل نصف دولار. ويؤكد الأمن المغربي وخبراء أن « القرقوبي » يتسبب في حدوث جرائم مروعة ما يلبث عددها يرتفع يوما بعد يوم. على جانب آخر، تتخوف السلطات من أن تدخل المتفجرات إلى قائمة المواد المهربة، خاصة مع التحولات التي تعرفها منطقة جنوب الصحراء التي أعلنت فيها الجماعة السلفية للدعوة والقتال انضمامها إلى تنظيم القاعدة في سبتمبر الماضي. تجارة رائجة ورغم تكثيف التواجد الأمني على جانبي الحدود، وتواتر الحديث عن بدء تنسيق أمني جزائري مغربي هناك، فإن كل ذلك لم يُجْدِ نفعا في وضع حد لظاهرة التهريب. وتذكر إحصائيات غرفة الصناعة والتجارة بمدينة وجدة أن حوالي 422 منتجا مهربا يباع في أسواق مدن شرق المغرب، معترفة في الوقت ذاته بأن الرقم الحقيقي هو أكثر بكثير مما تم إحصاؤه، وبأن إمكانيات الدولة في المراقبة والضبط تبقى غير كافية. وفي محاولة منها لحصر الظاهرة ومعرفة نمط اشتغالها أنشأت الغرفة « مرصدًا للتهريب »، يُعنى بتتبع تطور الظاهرة بالمغرب والجزائر، وإيجاد حلول لها. ويقول المستشار الاقتصادي بلقاسم بوطيب لـ »إسلام أون لاين.نت »: « لقد تجاوز رقم معاملات الظاهرة المليار درهم سنويا (125 مليون دولار)، ويبقى هذا الرقم مجرد تقدير من طرف خبراء الاقتصاد في المنطقة الشرقية؛ إذ إن الكل مقتنع أن الحقيقة أكبر بكثير ». أضرار بالجملة ويضيف: « والمؤسف حقا هو أن أضرار التهريب ظهرت بقوة في السنوات القليلة الماضية مع تنامي الظاهرة، فبسببها أغلقت كثير من المصانع الصغيرة والمتوسطة أبوابها في الحي الصناعي الوحيد بمدينة وجدة -عاصمة الشرق وأكبر مدينة في المنطقة- التي لا تستطيع منافسة السلع المهربة رخيصة الثمن، ونتج عن ذلك انضمام مئات المغاربة لصفوف العاطلين ». ويوضح محمد -صاحب متجر لبيع الملابس بمدينة وجدة- لـ »إسلام أون لاين.نت » أن « ظاهرة التهريب المتزايدة وجهت ضربة قاضية لكافة الاستثمارات بالمنطقة الشرقية عموما، حيث اضطر أصحاب الشركات المتوسطة والصغرى وأصحاب الدكاكين أيضا إما لإغلاق مؤسساتهم أو تغيير نشاطهم ». وقال محمد: « أكثر من ذلك، شرع أصحاب المتاجر في شراء المواد المهربة عوضا عن المواد المسوقة قانونيا، وبالإمكان رؤية محطات الوقود تشتري هي كذلك البنزين الجزائري المهرب وبيعه لأرباب وسائل النقل ». ويشرح توفيق بودشيش مدير برنامج تنمية المنطقة الشرقية لـ »إسلام أون لاين.نت » كيف أن شباب الجهة في ظل انعدام فرص الشغل وغياب الاستثمارات المنتجة، اتخذ وجهته إما نحو أنشطة التهريب أو نحو أوروبا، وتقدر الإحصائيات نسبة الشباب المهاجر بحوالي 30% من عدد السكان. حلول نسبية وعن دور الدولة، يقول المتحدث نفسه: « تتحرك الدولة في اتجاهات ثلاثة: أولها محاولة محاصرة التهريب لإعادة الأمل للشركات والتجار، وثانيها تشجيع المستثمرين وخاصة من شباب المنطقة المهاجرين للعودة برؤوس أموالهم إلى الجهة وخلق مقاولات اقتصادية تفتح فرصا للشغل أمام الشباب العاطل، فيما يتمثل الحل الثالث في استغلال مؤهلات المنطقة الطبيعية لتشجيع السياحة وفتح مؤسسات تعنى بهذا القطاع ». غير أن عبد المؤمن الذي يشتغل في مجال تهريب المحروقات يعلق على هذه الحلول « الرسمية » قائلا: « بصراحة سمعنا أشياء كثيرة من المسئولين، لكن للأسف لم نر تلك الوعود تطبق على الواقع، وهذا من شأنه دفع الآلاف للارتماء في حضن التهريب الذي يبقى الحل الأوحد أمام أفواج شباب شرق المغرب الذي يعاني من آثار البطالة القاتلة ». (المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 7 أفريل 2007)

غليان أعقب كشف لوائح المرشحين… والأمازيغ يبتعدون عن حزبيهما التقليديين … خريطة الأحزاب الجزائرية على عتبة انتخابات أيار التشريعية

 
توفيق المديني (*) تجرى في الجزائر في 17 أيار (مايو) المقبل انتخابات تشريعية، يتنافس فيها، ممثلون عن 22 حزباً سياسياً معتمداً. وهذه قراءة في خريطة أهم الأحزاب الجزائرية التي لها حظوظ قوية بالدخول إلى البرلمان، لا سيما حزب «جبهة التحرير الوطني» الذي يملك الغالبية البرلمانية، والذي يتبعه مباشرة حزب «التجمع الوطني الديموقراطي» بزعامة أحمد أويحيى رئيس الحكومة السابق، والحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم». وتشهد معظم قواعد الأحزاب الجزائرية المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة غلياناً كبيراً مع كشف قياداتها عن قوائم المرشحين للموعد المنتظر، وبلغت ثورة المقصيين أقصى درجاتها مع إعلان مئات الغاضبين شقهم عصا الطاعة على تنظيماتهم ومناصرتهم قوى سياسية أخرى، ما يهدد طموحات تشكيلات كثيرة نالت منها الفتنة، ويجعلها في مواجهة جبهة جديدة من المتاعب، بدلاً من التحضير الجيد للموعد الانتخابي الأول في الجزائر. 1- حزب جبهة التحرير الوطني: إنه الحزب الذي حكم الجزائر منذ استقلالها عام 1962 وحتى مطلع التسعينات من القرن الفائت، بصفته القوة السياسية الأولى في البلاد، حتى الانتخابات التشريعية التي أجريت في نهاية عام 1991 وبداية عام 1992، والتي فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ما أدى إلى حدوث انقلاب على العملية الديموقراطية أدخلت الجزائر في أتون حرب أهلية استمرت عقداً من الزمن. وشهد هذا الحزب أزمة كبيرة، عندما أعلن أمينه العام السابق علي بن فليس ترشيح نفسه رسمياً للانتخابات الرئاسية عام 2004. فاحتدم الصراع آنذاك بين مؤيدين لرئيس الجمهورية، كانوا يمثلون أقلية داخل الحزب، ولا يحتلون مواقع مقررة في الجهاز الحزبي، وبين مؤيدين لرئيس الحكومة بن فليس خصم بوتفليقة ومنافسه المعلن في الانتخابات. في غضون ذلك قام عبدالعزيز بلخادم الذي أظهر وفاءه المطلق للرئيس بوتفليقة، بـ «حركة تصحيحية» منعت «حزب جبهة التحرير الوطني» (الذي كاد أن ينشق خلال عامي 2003 و2004) من الاصطفاف على أرضية الخط السياسي لعلي بن فليس الأمين العام للحزب، وأعادت اللحمة إلى الحزب، فانتخب في 2 شباط (فبراير) 2005 أميناً عاماً جديداً في أعقاب المؤتمر الثامن التوحيدي. وفي أجواء الانتخابات التشريعية المقبلة، جاءت «جبهة التحرير» (الحزب الحاكم) في صدارة القوى التي نالت منها صيحات الاستهجان ونبرات التمرد، حيث يشهد الحزب الذي سيدخل معركة انتخابات الشهر المقبل بـ 525 مُرشحاً، بينهم 72 امرأة و35 مجاهداً و30 ابن شهيد و64 مترشحاً تقل أعمارهم عن 40 سنة، أجواء مأزومة بعد اتهام قطاع من القواعد قيادة الحزب بتفضيل من نعتوهم بـ «الديناصورات» وممارسة الإقصاء ضد محسوبين على جناح الأمين العام السابق علي بن فليس، بعدما جرى وضع نصف وزراء الحكومة على رأس القوائم. ويجد زعيم الجبهة رئيس الوزراء الجزائري عبدالعزيز بلخادم نفسه في وضع لا يحسد عليه بسبب الغليان المستشري في عموم المحافظات، ما سيلقي بظلاله على تحجيم حظوظ «الجبهة» في الاقتراع. 2- حزب التجمع الوطني الديموقراطي: من المعلوم تاريخياً أن «حزب التجمع الوطني الديموقراطي» هو انشقاق عن جبهة التحرير الوطني، عندما بدا أن المؤسسة العسكرية الجزائرية استعادت المبادرة في ظل رئاسة اليمين زروال في منتصف التسعينات، وعندما بدأت «جبهة التحرير» في ظل رئاسة عبدالحميد مهري تدعو إلى حوار مع «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المنحلة. فقد تأسس «حزب التجمع الوطني الديموقراطي» في شباط من عام 1997، وفاز في الانتخابات النيابية التي أجريت نهاية أيار من العام عينه – أي بعد ثلاثة أشهر فقط – قبل أن يحصد المجالس المحلية في الانتخابات التي تمت في تشرين الأول (اكتوبر) من السنة ذاتها، الأمر الذي أوحى للكثيرين أن عملية تزوير واسعة قد حصلت، وهذا بالضبط ما أشار إليه بلخادم قبل التغيير الأخير، معرباً عن خشيته من أن يتكرر الأمر في الانتخابات التشريعية المقررة عام 2007. وكان «حزب التجمع الوطني الديموقراطي» الذي يقوده أحمد أويحيى قد مني بخسارة كبيرة في الانتخابات التشريعية لسنة 2002 وضعته في الصف الثالث مع حوالى 48 نائباً، وذلك في الوقت الذي حصل حزب «جبهة التحرير الوطني» صاحب الأكثرية المطلقة في المجلس الوطني الشعبي على 210 مقاعد نيابية من 385، 16 وزيراً لجبهة التحرير في مقابل 5 لحركة «مجتمع السلم». ولم يسلم حزب «التجمع الوطني الديموقراطي» من الهزات الارتدادية لإعلان القوائم في الانتخابات التشريعية المقبلة، حيث ثارت حركات احتجاجية، قادها مقصيون رأوا أن الأمين العام أحمد أويحيى خذلهم وهضم حقهم في التمثيل الانتخابي. ولم تقتصر هذه الموجة من حالات التمرد على القواعد، بل امتدت إلى بعض الكوادر العليا التي رأت أن الأسماء المرشحة غير تمثيلية اطلاقاً. 3- حركة مجتمع السلم (حمس): مع إقرار التعددية في الجزائر عقب «انتفاضة» تشرين الأول 1988، اكتفى الشيخ محفوظ نحناح في البداية بتأسيس «الجمعية الوطنية للإرشاد والإصلاح» في اليوم نفسه الذي تأسست فيه «رابطة الدعوة الإسلامية» أي في 12 /11/1989، التي اعتبرها غير سياسية. وكان للنجاح الكاسح الذي حققته «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» في الانتخابات البلدية عام 1990 أثر عميق في دفع الشيخ محفوظ نحناح إلى تشكيل تنظيمه السياسي الخاص به. فأسس «حركة المجتمع الإسلامي» (حماس) بتاريخ 6 كانون الأول (ديسمبر) 1990، وانتخب رئيساً للحركة في مؤتمر تأسيسي عقد في 29 أيار 1991. تمثل حركة «حماس» الاتجاه الإسلامي المعتدل في الجزائر، وهي امتداد تاريخي لتنظيمات الإخوان المسلمين، واستقطبت جزءاً أساسياً من القاعدة الانتخابية لـ «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» التي قدمت لمحفوظ نحناح الدعم على أمل أن يُحقق لها جزءاً من أحلامها. وينادي الشيخ محفوظ نحناح باستراتيجية إصلاحية تأخذ بالتدرج في تحويل الدولة والمجتمع والسلوك الفردي في ضوء التعاليم الإسلامية، وعدم التعاطي مع المسألة الديموقراطية على أنها «كفر ووافدة غربية» بل انطلاقاً من الرؤية التي يتبناها تيار «الإخوان المسلمين» على النطاق العربي. وحاول نحناح أن يقدم صورة مغايرة لحركته تكون بديلة من «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، صورة حركة منفتحة، ترفع خطاب التسامح والحوار مع الديموقراطيين والعلمانيين. ولجأت حركة «حماس» إلى تغيير اسمها، فأصبحت تسمى «حركة مجتمع السلم»، لأن الدستور الجديد عام 1997 يحظر قيام الأحزاب على أساس ديني أو ثقافي أو جهوي أو لغوي أو جنسي أو مهني، وهي تأمل لكونها تمثل على الدوام الإسلام المعتدل غير المجاهد أن تكون حزب إسلام الدولة في المرحلة المقبلة. بعد أن توفي الشيخ محفوظ نحناح في عام 2003 عن عمر يناهز 61 عاماً، خلفه في رئاسة الحركة أبو جرة سلطاني، فتراجعت الحركة في عهده إلى المرتبة الرابعة بحصولها على 38 مقعداً، علماً أنها قدمت نفسها في يوم من الأيام بديلاً للجبهة الإسلامية للإنقاذ. لكن «حركة مجتمع السلم بزعامة أبو جرة سلطاني فضلت هذه المرة ترشيح وجوه جديدة على رأس قوائمها في مختلف الولايات وسط أزمة حادة في شأن جدوى إعادة ترشيح من قضى في البرلمان ولايتين، وهو ما تسبب في بروز مؤشرات تصدع في قواعد ناخبي هذا الحزب الإسلامي في بعض الولايات حيث غاب الإجماع حول «فارس» قائمة الحزب. وتعيش «حركة مجتمع السلم» هزة عنيفة بعد استبعاد أسماء كبيرة فيها عن الترشيح، وتنفيذ زعيمها أبو جرة سلطاني وعيده بحرمان نواب سابقين من الترشح لولاية جديدة. وطاولت الهزة نفسها «حزب العمال اليساري» المعارض الذي امتعض فريق من ناشطيه لتعيين زعيمته لويزة حنون 16 امرأة رئيسات لقوائم. 4- حركة الإصلاح الوطني في الجزائر: ينتمي الشيخ عبدالله جاب الله رئيس «حركة النهضة الإسلامية» إلى جيل الشباب داخل الحركة الإسلامية الجزائرية، ويمثل في الوقت عينه الوجه «الثقافي» لها. و قد ولد في وسط معدم إلى حد كبير في بوشتاته بولاية سكيكدة في 2 أيار 1956، وبدأ في دراسة القانون في جامعة عين الباي في قسنطينة عام 1974، ثم أكمل تعليمه بالسعودية، وعاد من هناك وسجن مرات عدة. وتشكل «الجماعة الإسلامية» التي تشكلت في قسنطينة العام 1974 نواة تاريخية لحزبه بعد ذلك بـ 15 سنة. وكانت الجماعة الإسلامية على علاقة وثيقة بتنظيم «الإخوان المسلمين» وتركز في نشاطها على التربية والتعليم والتوجيه. وفي عام 1988، تحولت «الجماعة الإسلامية» في عهد التعددية السياسية إلى «حركة النهضة للإصلاح الثقافي والاجتماعي» ثم أعلن عنها رسمياً في آذار (مارس) 1989 تحت اسم «حركة النهضة الإسلامية» بزعامة الشيخ جاب الله. وتعتبر حركة النهضة حزباً سياسياً إسلامياً معارضاً ينتمي إلى التيار الإسلامي الإصلاحي «العقلاني سياسياً»، وقد أصبح هذا الحزب مؤثراً داخل الساحة الإسلامية الجزائرية، بعد الانقلاب العسكري الذي حصل في أوائل 1992 ودخول الأزمة الجزائرية طوراً جديداً من الحرب الأهلية المدمرة. وشارك الشيخ عبد الله جاب الله زعيم حركة الإصلاح الوطني في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 30 أيار 2002، واحتلت حركته المرتبة الثالثة بحصولها على 43 مقعداً. وكان الشيخ جاب الله أخرج من النافذة عبر رفاقه في حركة «النهضة»، وعاد إلى العمل السياسي من الباب الكبير بعد الانتخابات الرئاسية ليؤسس حزبه الجديد «حركة الإصلاح الوطني» ويحقق فوزاً كبيراً اليوم. غير أن «حركة الإصلاح الوطني» شهدت أزمة سياسية كبيرة تفجرت في العام 2004 بعد انقسام قيادة الحركة إلى فصيلين: الأول أيد ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية أخرى بقصد الدخول في الحكومة، والثاني دعم جاب الله في سباق الرئاسة. ويغيب عن هذا الاستحقاق أيضاً الجناح المؤيد للشيخ عبدالله جاب الله ضمن الحزب الإسلامي «حركة الإصلاح الوطني»، الذي قرر مقاطعة الاستحقاق بعد قبول وزارة الداخلية اعتماد قيادة «الحركة التصحيحية» للحركة والتي انقلبت عليه في مؤتمر وطني نظم قبل أسبوعين في العاصمة لسحب الثقة من جاب الله. وتعتبر «حركة الإصلاح الوطني» الحزب الأول المعارض في البرلمان الحالي وغيابها يعني غياب المعارضة في البرلمان المقبل. وفيما فجر أنصار الزعيم الإصلاحي السابق عبدالله جاب الله مفاجأة مثيرة بمشاركته في المنافسة في الانتخابات التشريعية، تحت مظلة الحزب الصغير «الحركة الوطنية من أجل الطبيعة والنمو»، خاض محتجون رهان اللحظة الأخيرة، وشكلوا قوائم حرة موازية في الوقت الضائع، وترجمت حالات تذمر عبر المحافظات، بجنوح بعضهم إلى محاولة حرق مقرات، بعدما فضلت زعامات سياسية عدم الانصياع لمساومات هؤلاء، وارتضت وضعهم وجهاً لوجه أمام الأمر الواقع، ما أحدث استقالات وانسحابات جماعية. 5-  حركة العروش البربرية: وفيما يقاطع هذه الانتخابات حزب «جبهة القوى الاشتراكية» بزعامة حسين آيت أحمد الذي يعتبر أهم حزب بربري أمازيغي، تدخل «حركة العروش» البربرية غمار هذا الاستحقاق الانتخابي. وعقب تمرد الربيع البربري، الذي طغت عليه مناهضة النظام الجزائري الموسوم بالفساد والديكتاتورية، قام الشباب المتمرد في منطقة القبائل بتشكيل لجان القرى، وهي ظاهرة سياسية جديدة، ولكنها تندرج في إطار أشكال قديمة من الصراع. فلجان القرى تمثل منذ قرون الترجمة الملموسة للنسيج والروابط الاجتماعية المكثفة جداً بين السكان البربر. وتحدث هذه اللجان دينامية خاصة بالتعبئة، وتجمع في صفوفها العقلاء، ومن بينهم العديد من الشباب. من هنا جاءت فكرة العودة إلى نظام مجالس القرى و «العروش»، التي تمثل سلطة معنوية ديموقراطية منذ قرون… فتعين كل قرية ممثلين عنها بالتوافق لا بالاقتراع ويجتمع هذان الممثلان في «مجلس العرش» الذي يضم 114 عضواً يتم اختيار ستة منهم ليمثلوا هذا المجلس على صعيد ولاية تيزي أوزو. وقد تشكلت جميع «العروش» على هذا النحو في جميع الولايات الكبيرة الناطقة بالأمازيغية لتمثل المناطق الريفية. أما في المدن الجديدة فتحل مجالس الأحياء أو مجالس المقاطعات محل هذا النوع من التمثيل. ويعبر هذا النوع من التنظيم المبني على أساس التوافق عن قلق من الانقسام وعن رغبة في إعادة تأسيس أسطورة وحدة القبائليين في وجه السلطة المركزية. ويعتبر معظم أعضاء «العروش أن الحزبين البربريين أي «جبهة القوى الاشتراكية» و «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» الذي انخفضت نسبة مؤيديه كنتيجة لاشتراكه في الحكومة، لم يؤديا إلا إلى مزيد من الانقسام. (*) كاتب تونسي (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 8 أفريل 2007)  

الإتحاد على قاعدة الموت في دول المغرب العربي؟

 
ميلود بن غربي (*) مجرّد إقدام ليبيا على فرض تأشيرة الدخول على المواطنين من دول المغرب العربي باستثناء تونس، بحجة مكافحة الارهاب والهجرة غير الشرعية، هو مساهمة فعلية من هذه الدولة طال انتظارها ليس ليتبلور اتحاد المغرب العربي طبعاً، ولكن ليتأكد فشل اتحاد المغرب العربي، منذ أن أعلن قائد الثورة الليبية طموحاته الوحدوية مع دول افريقيا خلف الصحراء الكبرى، ومنذ أن قام المغرب والجزائر بإغلاق حدودهما البرية. فوفقاً لتصور المسؤولين الليبيين لا يتعارض ذلك الاجراء الذي تم التخلي عنه فجأة مع قوانين إنشاء اتحاد المغرب العربي، طالما أنه أتى على خلفية مكافحة الارهاب والهجرة غير الشرعية. ولعل العدول عنه هنا بهذه السرعة كان خشية العزلة الدولية وليس لأسباب أخرى، بعدما بدأت قضية البلغاريات تتخذ منحى سياسياً لا يمكن لتونس لوحدها، وإن أولتها الرعاية، أن تؤمن لليبيا قنوات الاتصال الضرورية التي تحتاجها في ظل تجاهل دور كل من مصر والجزائر اللذين كان لهما دور بالغ الأهمية في رفع الحصار عن ليبيا في وقت سابق. الأكيد أن الجزائر ومصر هما منبت مختلف التيارات الدينية المتطرفة والمعتدلة منها في شمال افريقيا، وهو ما حدا بالسلطات الليبية الى إعادة النظر في كيفية التعامل مع مواطني هذين البلدين بشكل خاص، وذلك للعمل على حماية نظام الحكم فيها من الضربات الارهابية التي قد تهز الاستقرار والأمن مثلما كادت أن تهز استقرار تونس في أحداث الكاف، وذلك بعدما غيّرت « الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر » اسمها ليصبح « قاعدة الجهاد ببلاد المغرب الاسلامي »، وتكرّس ولاءها لأيمن الظواهري الذي حمّلها بدوره شرف قيادة وتنسيق عمل القاعدة في بلاد المغرب العربي بعدما انضوت تحت لوائها باقي الجماعات الارهابية في البلدان المغاربية، والتي أجمعت على التكاتف والاتحاد! وبعدما قامت بأول تفجيراتها في عدة قرى في منطقة القبائل شرق الجزائر، مؤكدة أن الدور سيكون في المرة القادمة على دول الجوار وستكون الضربات موجعة أيضاً. لقد أدرك وزراء الداخلية في الدول المغاربية أن التهديد هذه المرة حقيقي وهو يلقي بتبعاته على جميع الأنظمة الحاكمة ولا يستثني أياً منها، وهو ما حفز المسؤولين العسكريين المغاربة والجزائريين لأن يجلسوا معاً للبحث عن مقاربة أمنية لمواجهة الارهاب في منطقة الساحل والصحراء، وهذا حدث في أكثر من لقاء آخرها كان في دكار، إذ اجتمع الى جانبهم أيضاً مسؤولون تونسيون وموريتانيون، وقد كان من أول تاللقاءات تلك التي استضافتها ليبيا برعاية أميركية وهي التي لا زالت ترعاها وتثمنها. وعلى غرار موضوع مكافحة الارهاب ولكن برعاية وتثمين أوروبي أكدت الدول المغاربية في مختلف اجتماعات وزرائها ومسؤوليها ضرورة التصدي للهجرة غير الشرعية، في المنتديات والملتقيات التي استضافتها وهران والدار البيضاء لإيجاد سبل لوقف موجة المهاجرين الأفارقة المتسللين الى هذين البلدين بغية بلوغ أوروبا بواسطة قوارب متهالكة يستقلها هؤلاء المهاجرون غير الشرعيين بمعية مواطنين من الدول المغاربية، راسمين بذلك أعظم صورة للاتحاد والتسامي للدخول الى أوروبا من دون تأشيرة. هذه الصورة التي لا يضاهيها إلا صورة تآزر الارهابيين في القاعدة، وإن انتهى أمر أولئك المهاجرين بالغرق والموت في عرض المحيط! إن شركاء الدول المغاربية في العالم المتقدم، في أميركا وأوروبا خصوصاً، يدعون هذه الدول لبلورة مشروعها الوحدوي لتوسيع السوق المغاربية وإدماجها في الاقتصاد العالمي والحد من أشكال التخلف والاقصاء التي غدت تهدد حدودهم الجنوبية من مد الارهاب القادم إليها، وليس لأن حلم المغرب الكبير تمليه حقائق التاريخ والجغرافيا واللغة والدين والثقافة والمصير المشترك. ومع ذلك يمكن القول ان المشاريع الاقتصادية توازي المشاريع السياسية لتصبح المنطقة شريكاً كاملاً في العولمة مع الاتحاد الأوروبي. وما تكريس الاتفاق المغربي الاسباني لمشروع حفر نفق تحت مضيق جبل طارق إلا ترسيخاً لهذا التوجه إذ سيشجع ذلك النفق حركة السياحة والتجارة، بين ضفتي البحر المتوسط ليرتفع عدد المسافرين الى خمسة عشر مليوناً في الاتجاهين في مقابل نحو أربعة ملايين حالياً. فتفعيل اتفاقيات البناء المغاربي بعد الجمود الذي أصابه منذ عام 1994 سيسهم في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويغلق أبواب الهجرة والأعمال الارهابية، هذه الأخيرة التي قد لا تكون الدول المغاربية مضطرة الى عقد مزيد من الاتفاقيات بشأنها لوجود إطار أعم للاتحاد يشمل فضاءات واسعة ومتنوعة سياسية واقتصادية وثقافية. (*) كاتب جزائري (المصدر: صحيفة « المستقبل (يومية – لبنان) الصادرة يوم 8 أفريل 2007) الرابط:  http://www.almustaqbal.com/stories.aspx?storyid=226387

مصر: «الإخوان» ينافسون على ربع مقاعد الشورى

 
القاهرة – الحياة     كشف قيادي رفيع في «الإخوان المسلمين» أن الجماعة قررت ترشيح 20 من كوادرها في انتخابات مجلس الشورى المصري (الغرفة الثانية من البرلمان) المقررة في حزيران (يونيو) المقبل، ما يعني أنها ستنافس على أقل من رُبع عدد المقاعد التي تجرى عليها الانتخابات. وكانت انتخابات مجلس الشعب التي جرت نهاية العام 2005 شهدت أكبر صعود لـ «الإخوان» بعد فوز 88 من أصل 130 مرشحاً بنحو خُُمس مقاعد البرلمان. وقال قيادي بارز في الجماعة لـ «الحياة» أمس إنها ستخوض الانتخابات بهذا العدد «باعتبار أن المشاركة هي الأساس لدينا، وليست مقاطعة الانتخابات». وأضاف أن مسألة الشعار الانتخابي لمرشحي الشورى «لم تحسم حتى الآن»، لافتاً إلى أن قيادة الجماعة تفاضل بين «النزول بشعارات فردية أو النزول بشعار موحد يتلافى الصدام مع التعديلات الدستورية» التي تحظر ممارسة أي نشاط سياسي على أساس ديني. وكانت مصادر في «الإخوان» قالت لـ «الحياة» إن الجماعة ستتخلى عن شعار «الإسلام هو الحل» في انتخابات الشورى «في إطار التعامل مع التعديلات الدستورية، خصوصاً ما يتعلق منها بالمادة الخامسة من الدستور التي تحظر ممارسة السياسة على أساس مرجعية دينية». ورأى الأستاذ في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور معتز عبدالفتاح أن خطوة «الإخوان» تأتي في إطار «انكماش متوقع للجماعة بعد توالي الضربات الأمنية والإعلامية والسياسية عليها»، مشيراً إلى أن «النظام أدرك خطورة الصعود الإخواني الأخير في انتخابات مجلس الشعب، خصوصاً أن الجماعة حققت نسبة نجاح تقدر بنحو 60 في المئة، وهي نسبة لم يحققها الحزب الحاكم». واعتبر أن «الجماعة رأت أن التراجع عن المواجهة مع الحكم هو البديل الأفضل، من خلال عدم التنافس على بعض المواقع والعودة إلى حال الانكماش الجزئي» التي أعرب عن اعتقاده بأنها «ستستمر طوال فترة حكم الرئيس حسني مبارك». من جهة أخرى، قضت المحكمة الإدارية العليا أمس بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الطعنين المقدمين من وزارة الداخلية والقيادي السابق في تنظيم «الجهاد» عبود الزمر، وأحالتهما على محكمة استئناف القاهرة للنظر فيهما أمام محكمة جنايات أمن الدولة العليا. وكانت محكمة القضاء الإداري قضت بإلزام وزارة الداخلية بالإفراج عن طارق الزمر وإخلاء سبيله من محبسه بعد قضاء فترة محكوميته في قضية اغتيال الرئيس أنور السادات، ورفضت طلباً مماثلاً من شقيقه عبود الزمر. وطعنت وزارة الداخلية أمام المحكمة الإدارية العليا في الحكم بإطلاق طارق الزمر، فيما طعن عبود الزمر في الحكم بعدم الإفراج عنه. إلى ذلك، أجلت محكمة في القاهرة محاكمة ثمانية طلاب من «الإخوان» إلى 21 نيسان (أبريل) الجاري في اتهامهم بالاعتداء على عشرة طلاب داخل جامعة عين شمس في أحداث شغب شهدتها الجامعة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، إثر اعتراض طلاب الجماعة على نتائج الانتخابات الطلابية. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 8 أفريل 2007)


في أنه عقل إنساني واحد…

 
محمد الحداد (*) لا يوجد دليل واحد يثبت أنّ العقول البشريّة مختلفة بطبيعتها، فإذا وجد اختلاف بين البشر فهو لا يرجع إلى الطبيعة ولكن إلى الثقافة، أي إلى الذاكرة الجماعيّة التي يرثها كلّ إنسان من المجموعة التي ينتمي إليها دون اختياره. وعمليّة الوراثة هذه تحدث حسب درجات متفاوتة من الوعي، تبدأ من مقولات وأفكار عديدة تُستبطن دون وعي من خلال اللغة التي تبدو مجرّد وعاء للتعبير. وهي تحمل في الحقيقة رؤية متوارثة للعالم، وتمرّ عبر ما يستبطنه الفرد من أفكار ومسلّمات يستقيها من محيطه منذ الصغر ويتواصل أثرها في نفسه إلاّ إذا سنحت فرصة المراجعة. وجزء من هذه المسلمات ضروريّ لضمان عمليّة التواصل بين الفرد والمجموعة المحيطة به، إذ المسلمات الاجتماعيّة يصعب بغيابها الكلّي إقامة تواصل حميمي بين الأشخاص. لكن لا شيء يحتّم على الفرد أن يذعن لها جميعا، فالإنسان قد وُهب القدرة على التفكير، والفكر غير الثقافة وهو ليس توارثا لكنّه جهد فردي يقوم على الإرادة وتحصيل الوسائل. ويكون الفرد فاعلا في المجموعة مفيدا لها إذا لم يقتصر على ترديد موروثها، بل مارس لفائدتها موهبة التفكير المزروعة فيه. ويترتّب على ذلك تمرّده على جزء من المسلمات الجماعيّة. والمجتمع الراكد هو الذي يعلي من قيمة الاتباع ويحقّر من قيمة التفكير الفردي. وتنتمي مجتمعاتنا إلى هذا الصنف لأنّها تنظر في الغالب إلى مساءلة الذات على أنّها خيانة أو على الأقلّ مغامرة غير محمودة العواقب، وتظنّ أنّ أفضل الطرق لحماية الذات الابتعاد عن كلّ بدع التفكير والممارسة، فلا يتعوّد الأفراد على التفكير الحرّ والنقد البنّاء وينقادون إلى الكسل الذهني وهم يظنّون أنّهم يحسنون بذلك صنعا. ثمّة إذاً عقل إنساني واحد وقيم كونيّة مشتركة يمكن للبشر أن يلتقوا حولها، ليس بالتخلّص من ثقافتهم وتقليدهم وتراثهم بل بتأويل ذلك تأويلا إنسانيّا منفتحا. فالذاكرات المتعدّدة هي التراث الإنساني الشامل. والعلاقة المتوترة بين العقل المفكّر والعقل الموروث هي التي تجعل الوجود الإنساني متميّزا، وتركيبة المزيج بين العقلين مختلف حسب الأفراد، ولا يوجد أفراد أو مجموعات تبدع كلّ أفكارها وممارساتها، لكن يوجد أفراد ومجموعات تقتل الفكر باسم الثقافة والتقليد، مع أنّ هذين ليسا في الأصل إلاّ أفكار أفراد سابقين ميزتهم أنّهم صاروا في عداد الموتى. والثقافات تنطلق من البنى الأساسيّة للعقل الإنساني المشترك ويمكن أن تصل إلى قيم كونيّة مشتركة عبر مساراتها الخاصة، أي من خلال تجاربها وذاكراتها ولغاتها وطرقها في رؤية العالم حولها، ولا توجد كونيّة في المطلق لأنّ السبيل إليها لا يكون إلاّ ثقافة ما. فالكونيّة لا تلغي الثقافات لكنها تجعلها منفتحة على الآخر ومتطلعة إلى المستقبل وقابلة للتطوّر، على خلاف الرؤية الجموديّة التي ترى الثقافة قيمة في ذاتها ولذاتها ووضعا أبديّا وأزليّا. ثقافة مجموعة معيّنة إنّما هي نوع من اللغة التي تعبّر بها عن ذاتها وما يحيط بها، وأداة التعبير وموضوعه يتداغمان لكنّهما ليسا شيئا واحدا مع ذلك، والمهمّ أن لا تتضخّّم الأداة ويضمر الموضوع. وقد يطرح أحيانا السؤال حول الحضارة هل هي واحدة أم متعدّدة، وهذه الصيغة في طرح السؤال مدخل إلى سوء الفهم لأنّ كلمة حضارة مبهمة وتحمل معاني شتّى. فإذا كان المقصود بها نقيض التوحّش وما يميّز الإنسان بصفته إنساناً، فهي بمعنى العقل البشري المشترك، لذلك نتحدّث عن التحضّر بمعنى الارتقاء في درجات تنظيم مجالات الحياة المختلفة، أو نقول إنّ الإنسان حقّق قفزة حضاريّة نوعيّة عندما اكتشف النار أو اللقاح، وهذه من المشتركات الكونيّة التي تلتقي حولها الثقافات المختلفة والمواقف المتباينة. وإذا كان المقصود بكلمة حضارة تراكم خبرات مخصوصة لدى مجموعة معيّنة، فهي تنتمي إلى حقل التمايز وتكون مرادفة للتراث والتقليد والثقافة ويمكن أن تنسب إلى مجموعة معينة (حضارة عربيّة، هنديّة، غربيّة…) دون أن ينفي ذلك المستوى الآخر أي مستوى الكونيّة. وهذه الازدواجيّة في دلالة كلمة حضارة هي مثل ازدواجيّة كلمة لغة، فهي تعني أيضا معنيين: معنى اللسان الذي تنفرد به مجموعة معينة (لغة عربية، حبشية، إنكليزية…) ومعنى القابليّة اللغويّة التي يشترك فيها البشر جميعا أي القدرة على التصويت والترميز. ننتهي بمثال طريف على التقاطع الفكري بين البشر نستمدّه من دراسة لباحث ياباني في تاريخ الأفكار، توشيهيكو إيسوتسو. يعلم المطلعون أنّ هذا الباحث هو من كبار المختصين في تصوّف محيي الدين ابن عربي، رغم بعد منشئه عن الموضوع، لكنّ الأهمّ أنّه كتب دراسة دقيقة عنوانها «التصوّف والتاويّة» بيّن فيها من خلال معارضة النصوص بعضها البعض أنّ التصوّف الإسلامي لابن عربي والفلسفة التاويّة الصينيّة يرتكزان على نفس المفاهيم الأصليّة. وقيمة المقارنة هنا تتمثّل في الغياب القاطع لأيّة إمكانيّة أن يكون ابن عربي قد اطلع على التاويّة (أو العكس طبعا). وهذا معناه أنّ التقاطع إنّما جاء نتيجة عقل واحد كان يتأمّل الوجود في فضاءين منفصلين تمام الانفصال، وقد عبّر كلّ متأمّل عن نتائج تأمّله باللغة السائدة حوله. لكنّ العقل الإنساني واحد من الأندلس إلى الصين. (*) كاتب وجامعي من تونس (المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 8 أفريل 2007)

الإخوان: لا حوار مع أمريكا برغم لقاء برلماني

 
محمد جمال عرفة القاهرة – نفت جماعة الإخوان المسلمين أن يكون لقاء جرى بين وفد للكونجرس الأمريكي ورئيس الكتلة البرلمانية للإخوان محمد سعد الكتاتني الذي كان ضمن وفد برلماني مصري، يعني فتح « حوار مباشر » بين الإخوان والولايات المتحدة، كما  ذكرت تقارير إعلامية اليوم السبت، وأكدت الجماعة على رفضها مثل هذا الحوار، مشيرة إلى أن الكتاتني حضر اللقاء البرلماني بصفته النيابية وليس ممثلا لجماعة الإخوان. وفي تصريح خاص لإسلام أون لاين.نت قال د.حازم فاروق النائب عن الجماعة في البرلمان إن: « ما جرى لا يعد فتحا لحوار بين أمريكا والإخوان، وإنما هو مجرد لقاء تم صباح الخميس الماضي ضمن لقاء الوفد البرلماني المصري الذي ضم 10 نواب من تيارات مختلفة، وكان بينهم الكتاتني ». وأضاف أنه: « لقاء عادي ولا يعتبر تنسيقا أو جلسات سرية أو جلسات حوار خاصة أو مباشرة بين الإخوان وأمريكا ». وأوضحت مصادر في الجماعة لـ « إسلام أون لاين.نت » أن الكتاتني حضر لقاءً آخر – مع الوفد البرلماني المصري – مساء اليوم نفسه في السفارة الأمريكية بناءً على دعوة وجهت لعدد من نواب البرلمان »، وأكدت أيضا أن الكتاتني لم يكن يمثل الإخوان في هذا اللقاء، وإنما ذهب بصفته نائبا ولم يكن مفوضا بالحديث عن الجماعة أو بصدد فتح حوار مع واشنطن؛ لأن الجماعة تتحفظ على مثل هذا الحوار ». من جهته نفى د. الكتاتني أن تكون تلبية دعوة السفارة الأمريكية بداية حوار بين الإخوان والأمريكان قائلا: « لم أكن أُمثل الإخوان، ولست مفوضًا بالحديث باسم الإخوان، ولم أحضر إلا بصفة نيابية »، وأكد أن الإخوان يتحفظون تمامًا على الحوار مع الأمريكان، بل إنهم يرفضونه نظرًا للسياسة الأمريكية الظالمة في المنطقة، خاصةً سياستها تجاه فلسطين والعراق والصومال ودارفور. وقال الكتاتني: إن الدعوة للقاء الكونجرس وجهت للبرلمان المصري، وإن الدعوة وجهت له ضمن الوفد المصري، ولباها بصفته البرلمانية، » وأشار إلى أن حفل الاستقبال بالسفارة الأمريكية مساء الخميس الماضي كان امتدادا للقاء آخر تم صباح اليوم نفسه مع وفد الكونجرس بمقر البرلمان. صمت عن المحاكمات العسكرية! من ناحية أخرى، قال موقع نواب الإخوان في البرلمان إن الكتاتني تساءل خلال اللقاء: « لماذا التزمت أمريكا- التي تدعي نُصرة حقوق الإنسان- الصمتَ عندما أُحيل عشرات الإخوان مؤخرا إلى المحكمة العسكرية في الوقت الذي اهتمت فيه بقضية أيمن نور زعيم حزب الغد الليبرالي الذي يقضي عقوبة السجن إثر إدانته بتزوير توكيلات حزبه؟ ».. وأضاف: « إذا كانت أمريكا كما تدعي أنها نصيرة الحريات فلماذا لم تتفاعل مع كل قضايا انتهاك الحريات؟ ». وأضاف الكتاتني – حينما سئل عن رأيه في التعديلات الدستورية التي تعتبرها المعارضة مقيدة للحريات – قائلا: « إن الإخوان المسلمين بما لديهم من تجارب في التعامل مع الأجهزة الأمنية يتخوفون من مزيدٍ من الانتهاكات ومصادرة الحريات بعد هذه التعديلات ». وشارك في وفد البرلمان المصري الذي التقى الوفد الأمريكي كل من د.فتحي سرور رئيس مجلس الشعب، د.عبد الأحد جمال الدين زعيم الأغلبية، د.محمود أباظة ممثل الهيئة البرلمانية لحزب الوفد. ومن الحزب الوطني الحاكم، شارك د.مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية، واللواء سعد الجمال رئيس لجنة الشئون العربية، ود.مصطفى السعيد رئيس اللجنة الاقتصادية، ومحمد أبو العينين رئيس لجنة الصناعة والطاقة، بجانب النائب المستقل محمد أنور السادات. ورأس وفد الكونجرس الذي تكون من 11 نائبًا ستيني هوير زعيم الأغلبية الديمقراطية بالمجلس والنائب عن ولاية ميريلاند، وضم 4 نواب من الحزب الجمهوري و7 نواب من الحزب الديمقراطي. وتصدرت قضايا الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص فلسطين والعراق ودارفور والتعديلات الدستورية التي تمَّت مؤخرًا في مصر حديث الطرفين. معا ضد أمريكا خارجيا وقد شهد اللقاء الصباحي داخل البرلمان المصري مع الوفد الأمريكي دفاعا من جانب فتحي سرور عن التعديلات الدستورية قائلا: « إنها تصحح المسار »، برغم رفض أحزاب المعارضة لبعض المواد المعدلة، فيما وجَّه الكتاتني انتقادًا عنيفًا للتعديلات الدستورية، وقال إن تعديل المادة الخامسة من الدستور والخاصة بحظر أي نشاط سياسي حزبي على أساس ديني « وُضعت خصيصًا من أجل إقصاء الإخوان المسلمين » عن الساحة السياسية. واتفق الكتاتني مع سرور في نقدهما للسياسة الأمريكية تجاه القضيتين الفلسطينية والعراقية، حيث وصفها سرور بـ »السياسة غير العادلة »، متمنيا لو كان الاحتلال الأمريكي للعراق على غرار الاحتلال الأمريكي لألمانيا؛ حيث أحدث الأمريكان تنمية في ألمانيا، وقامت في ذات الوقت بالدفاع عنها وحماية أمنها، وهو ما لم تفعله في العراق. وهو الكلام الذي أيده الكتاتني. أما حفل الاستقبال المسائي الذي نظمته السفارة الأمريكية في القاهرة، فقد شارك فيه الكتاتني وعددا من النواب بجانب شخصيات عامة مثل أحمد كمال أبو المجد، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، وهالة مصطفى، الخبيرة بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، وحافظ أبو سعدة، أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، والكاتبة إقبال بركة، إضافة إلى العديد من رجال الأعمال المصريين. « بداية » الحوار ونشرت صحيفة « المصري اليوم » في عددها اليوم السبت خبرا بعنوان « أمريكا تفتح حوارا مباشرا مع الإخوان المسلمين في القاهرة ». ونقلت عن « أحد الشخصيات العامة التي حضرت الحفل أنه تساءل عن سبب وجود الكتاتني، فأجابه نائب السفير الأمريكي في القاهرة، بأن هوير –رئيس الوفد الأمريكي – « طلب حضوره بالاسم » ، وردا على سؤال حول تأخر الولايات المتحدة في الحوار مع الإخوان، قال نائب السفير الأمريكي: « ها نحن قد بدأنا الحوار معهم ». وأكدت مصادر لـ »المصري اليوم »، أن أعضاء من السفارة الأمريكية اصطحبوا د.سعد الكتاتني من بين الحضور ودخلوا به قاعة، وقدموه إلى نائب السفير الأمريكي وأعضاء الكونجرس من الجمهوريين والديمقراطيين، الذين تحدثوا معه حول رؤيته للتعديلات الدستورية الأخيرة والأوضاع الراهنة في مصر، وأن اللقاء استغرق ما يقرب من 30 دقيقة، خرج بعدها الكتاتني مستأذنا في الانصراف. وسبق أن نفت جماعة الإخوان المسلمين رسميا قبل عامين تقارير إعلامية تحدثت عن وجود حوارات رسمية بينها وبين الأمريكان على خلفية مطالبة الإدارة الأمريكية بالإصلاح السياسي في العالم العربي ومبادرة الإصلاح التي طرحها الإخوان في مصر في مارس 2004. واعتبرت الجماعة أن ما نشر عن حوارات بين أعضاء في التنظيم العالمي للإخوان « فبركات صحفية » و »شائعات » غير صحيحة غرضها « البلبلة ». (المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 7 أفريل 2007)
 

 

إغلاق نهائي لملف الجماعة الإسلامية بعد الإفراج عن آخر ٤٠ معتقلاً من كوادرها

كتب أحمد الخطيب   أفرجت أجهزة الأمن عن ٤٠ من كوادر وأعضاء الجماعة الإسلامية المعتقلين يمثلون آخر أعضائها في السجون، فيما عدا نحو ٢٠ هم مجموع الباقين المحكوم عليهم بالإعدام، إضافة إلي المحكوم عليهم بالمؤبد في أعمال عنف وإرهاب خلال تسعينيات القرن الماضي. وقال قيادي في الجماعة لـ «المصري اليوم»، إن أجهزة الأمن تستعد لإغلاق ملف معتقلي الجماعة الإسلامية نهائيا بعد الإفراجات المتتالية منذ عام ٢٠٠٢، عندما أعلنت الجماعة بقيادة كرم زهدي وناجح إبراهيم مراجعاتها الفقهية الشهيرة، ليصل بذلك عدد المفرج عنهم لنحو ١٥ ألفا منذ اعتماد هذه المراجعات. وأضاف القيادي: التعامل الأمني مع ملف الجماعة كان جيداً للغاية.. وبذلت السلطات جهداً كبيراً لإنهاء أصعب فترات مرت علي مصر، المتمثلة في إشعال الصراع المسلح بين الجماعة وأجهزة الدولة. وكانت أجهزة الأمن قد أبرمت اتفاقا أوائل العام الماضي بالإفراج اليومي عن أعضاء الجماعة الإسلامية مقابل التزامهم بالمراجعات الفقهية التي أقرتها قيادات الجماعة داخل السجون، وهو ما قاد للإفراج عن آلاف المعتقلين. يذكر أن قيادات الجماعة الإسلامية كانت تجوب السجون من أجل إقرار كوادر وأعضاء الجماعة المراجعات، وأقامت دروسا طويلة في هذا الشأن. وقال قيادي الجماعة، إن قرار القيادات بإنهاء الصراع المسلح هو أعظم قرار للجماعة منذ نشأتها لأنه حقن دماء المسلمين التي هي أكبر عند الله من هدم الكعبة، إضافة إلي المراجعات الفقهية التي تؤكد صدق مرجعيتنا إلي الحق عندما نراه ونقتنع به. وأضاف: لقد ذهبنا للقتال ولم نخش أو ننافق أحداً والآن ذهبنا إلي السلم بنفس المبدأ أيضا، والقادر علي أخذ قرار القتال يقدر علي أخذ قرار السلم. من جانبه أكد مصدر أمني لـ «المصري اليوم» إغلاق ملف معتقلي الجماعة الإسلامية بالإفراج عن آخر كوادر وأعضاء الجماعة، فيما عدا المحكوم عليهم بالإعدام والمؤبد، في قضايا العنف والإرهاب خلال التسعينيات. وأضاف: عودة الجماعة للإسلام الوسطي الذي يدين به شعب مصر هي الضامن لعدم عودتهم للعنف. (المصدر: صحيفة « المصري اليوم » (يومية – مصر) الصادرة يوم 8 أفريل 2007)

 

بعد 4 سنوات من الاجتياح الأمريكى – البريطاني ..

الحرية تبخرت.. ولم يبق إلا الضياع والحرب الأهلية

بغداد – أ ف ب : بعد أربعة اعوام على سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين، يغرق العراق في دوامة من العنف المدمر الذي اوقع عشرات آلاف القتلى ويهدد توازن المنطقة. وفي التاسع من ابريل 2003، دخلت الدبابات الامريكية بغداد. والقت قوات المارينز الطوق على عنق تمثال صدام حسين البرونزي في ساحة الفردوس وانتزعته من مكانه. وبعد اربعة اعوام، اعدم الرئيس السابق وثلاثة من كبار معاونيه وحوكم ستة آخرون بجرائم حرب وابادة لكن العراق غرق في الفوضى. وفي بغداد، احتفل الكثيرون من السكان باسقاط التمثال وسط صيحات التهليل والابتهاج والتأييد للرئيس الامريكي جورج بوش. اما اليوم فقد حل محل كل ذلك هتافات « ليسقط بوش ». من جهة اخرى، اختارت الحركة الشيعية المتشددة بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر يوم الاحتفال بذكرى سقوط نظام صدام حسين لتنظيم تظاهرة حاشدة ضد الامريكيين. وفي نهاية مارس، سمح الرئيس العراقي جلال طالباني لنفسه بانتقاد الاحتلال بدون ان يذكر الامريكيين. وقال طالباني في خطاب خلال القمة العربية في الرياض ان تحرير العراق من جانب القوات الامريكية تحول « الى احتلال » مع « نتائج وخيمة » على البلاد. وقال طالباني في الجلسة الختامية للقمة العربية « تكفي الاشارة الى قرار تحويل العراق الى احتلال وما اقترن بذلك من رسائل ودلالات سلبية ونتائج وخيمة على الصعيد الداخلي ». واعتبر ان كل ذلك « جاء على خلاف ما كانت تخطط له الاحزاب والقوى الوطنية العراقية ». واضاف طالباني ان « ذلك ينطبق في المستوى نفسه على العديد من القرارات والتدابير التي تسرعت الادارة المدنية للاحتلال في اتخاذها بدون فهم وجهة نظر العراقيين والعواقب التي نجمت عن ذلك على مجمل العملية السياسية ». وهي المرة الاولى التي يستخدم فيها الرئيس العراقي كلمة « احتلال » ليصف فيها الوجود العسكري الامريكي في بلاده. واليوم يتفق بعض المسؤولين الامريكيين على ان أحد الاخطاء الرئيسية كان تفكيك الجيش والادارة « البعثية » (نسبة لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في ظل صدام حسين) الذي ادى الى تحويل آلاف العسكريين والموظفين الى اعداء بين ليلة وضحاها. وما بدأ كحركة تمرد سنية مناهضة للامريكيين تدعمها مجموعات مسلحة مثل تنظيم القاعدة، اصبح حربا اهلية بعد الاعتداء على ضريح شيعي في 22 فبراير 2006 والاعتداء الذي وقع في مدينة سامراء السنية (شمال) لم يوقع ضحايا لكنه كان العنصر الذي فجر عمليات قتل بين شيعة وسنة ادت الى مقتل اكثر من ثلاثين الف شخص في 2006. وفي محاولة اخيرة لوأد الفتنة واعمال العنف، انتشر ثمانون الف جندي عراقي واميركي في وسط بغداد ومحيطها منذ 14 فبراير. وبحسب الولايات المتحدة والحكومة العراقية، بدأت تظهر النتائج الاولى الايجابية لهذه الخطة الامنية لـ »فرض الامن »، لكن العمليات الدامية الواسعة النطاق لاتزال مستمرة. ومن الصعب تقدير عدد القتلى الاجمالي. وبحسب موقع على الانترنت، فان حوال 60674 مدنيا قتلوا منذ 2003 و3263 جنديا امريكيا على الاقل و140 بريطانيا و124 عنصرا من التحالف. وفر حوالى مليوني عراقي من البلاد و8،1 مليون نزحوا داخل بلادهم بحسب المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة. ويعيش ثلث السكان دون عتبة الفقر. ولم يعد العراق اليوم مجرد فوضى وحسب بالنسبة الى سكانه لكن النزاع قد يتحول الى ازمة اقليمية بين الدول العربية السنية التي تحاول تقديم المساعدة للسنة وبين ايران التي تتهمها واشنطن بتسليح الميليشيات الشيعية. واعتبر جوست هيلترمان مدير الشرق الاوسط في مجموعة الأزمات الدولية ان « التحدي الحقيقي اليوم هو استيعاب العنف الطائفي في العراق اكثر منه وقفه ». (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 8 أفريل 2007)  


حصيلة الاحتلال: 60 ألف قتيل ومليونا عراقي فروا.. ومثلهم نزحوا داخليا

عراقيون بعد 4 سنوات من نهاية صدام: ضاعت أحلامنا مع العهد الجديد

لندن: «الشرق الأوسط» تحول سقوط ساحة الفردوس في وسط بغداد حيث كان ينتصب تمثال الرئيس الراحل صدام حسين حتى التاسع من ابريل (نيسان) 2003، الى رمز لنهاية نظام وبداية تدهور الأوضاع بدل ان يشكل انطلاقة جديدة في العراق. وبحسب موقع على الانترنت، فان حوالي 60 ألفا و674 مدنيا قتلوا منذ 2003 و3263 جنديا أميركيا على الاقل و140 بريطانيا و124 عنصرا من التحالف. وفر حوالى مليوني عراقي من البلاد و8.1 مليون نزحوا داخل بلادهم بحسب المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة. ويعيش ثلث السكان دون عتبة الفقر. ويقول محمد مطر، 42 عاما، أحد العاملين في فندق «فلسطين ـ ميريديان»، حيث التمثال، مستعيدا ذكرياته «بعد دخول الجيش الاميركي ومحاولته رفع تمثال صدام وسحبه بإحدى دباباتهم، تجمعنا حول المكان لمشاهدة نهاية الطاغية». وأضاف «بعدما سقط التمثال سحبته دبابة اميركية فهرعنا لكي ننتقم لمعاناتنا عبر ضربه بالأرجل وسحقه بالأقدام». وأكد مطر الذي أعدم النظام السابق خمسة من عائلته لانتمائهم الى حزب الدعوة الشيعي «لم نكن نتجرأ على لمسه قبل ذلك اليوم الذي نعتبره ذكرى سقوط الاستبداد والظلم»؛ فقد تغير المكان حيث يوجد فندقا «شيراتون ـ عشتار» و«ميريديان ـ فلسطين» وساحة الفردوس اليوم بعد إبدال تمثال صدام بنصب أخضر اللون لفنانين شبان، فيما أصيبت الجدران المحيطة بالساحة ونوافذ المباني المجاورة بالدمار الذي خلفته انفجارات متوالية لسيارات مفخخة وعبوات ناسفة. فقد أغلق فندق «شيراتون ـ عشتار» أبوابه، وكان من أحدث فنادق العاصمة ويبعد عشرات الأمتار عن ساحة الفردوس إثر انفجار شاحنة مفخخة قرب مدخله، مما أدى الى اهتزاز ركائز المبنى وبات دخوله يشكل خطرا. لم تعد الساحة التي كانت رمزا لحاكم البلاد قبل أربع سنوات إلا دائرة تحاصرها نقاط تفتيش الشرطة والجيش للحد من أعمال العنف التي تستهدف المكان، حيث رفعت في احدى زواياه لوحة اعلان حكومية كبيرة كتب عليها «باخوتنا وقوتنا ندحر الارهاب». وأكد «نعيش كعراقيين اليوم دون أمن أو حرية فلا يوجد معنى للحرية من دون أمن». وتابع «أشعر بخيبة امل ازاء تدهور الاوضاع في البلاد، لا يقصد الساحة غير الجنود الأميركيين لالتقاط صور تذكارية». ويعتبر علي محمود أحد العاملين في فندق فلسطين ـ ميريديان، أن «الاميركيين مسؤولون عن تدهور الاوضاع في العراق وعليهم ان يرحلوا وبسرعة». وأكد ان «العراقيين اعتبروا سقوط تمثال صدام انطلاق الحرية في البلاد مع سقوط النظام البائد». وتابع «لكن بمرور الأيام اكتشفنا العكس، كانت أكذوبة، فالأمن منعدم والعدالة مختفية وضاعت أحلامنا مع النصب الجديد». (المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – الرياض، لندن) الصادرة يوم 8 أفريل 2007)  


الحكومة لا تستطيع تقديم خدمات لهم وتدرس للترويج لفكرة «كفالة اليتيم»

اليونيسيف: 5 ملايين يتيم في العراق.. معظمهم يواجه الحرمان

بغداد – «الشرق الأوسط» بينت دراسة متخصصة لمنظمة اليونيسيف التابعة للامم المتحدة في بغداد، ان عدد الاطفال الايتام في العراق يقدر بنحو 4 ـ 5 ملايين طفل وانهم في تزايد نتيجة الاعمال المسلحة والوضع الامني غير المستقر. وطالبت الدراسة الاطباء والمستشفيات العالمية بان تخصص بعضا من مشاريعها الصحية لوضع برامج لمعالجة هذه الفئة الكبيرة من أطفال العراق. ودعا ممثل اليونيسيف بالعراق روجرت رايت الدولة العراقية الى تكثيف برامج خاصة للأطفال اليتامى والمشردين واحتوائهم في ملاجئ خاصة والا فان مصيرهم سيكون مجهولا. ويحظى عدد قليل من الايتام بخدمات من الدولة في دور اعدت لهم، لكن الكثيرين منهم لا تتوفر لهم مثل هذه الفرص. وكانت اعداد الايتام في حقبة التسعينات تشير الى مليون ومائة الف يتيم في العراق، لكن هذا الرقم تضاعف بشكل خيالي خلال السنوات الاخيرة نتيجة العنف الدموي. وزارة العمل العراقية اخذت على عاتقها تأمين العيش للمستفيدين من دورها فهي تتكفل بتربية الطفل من الايام الاولى لعمره حتى بلوغه السن القانونية وحتى انها تقوم بتقديم اكثر من ذلك للاناث، فكما هو معلوم ان أي بلد شرقي لا يسمح بترك بنت في الثامنة عشرة من عمرها في معترك الحياة لوحدها، وهنا تقوم الوزارة بتأمين فرص عمل لها داخل مؤسساتها كنوع من المساعدة خارج حدود الصلاحيات. كل ما يعرفه الايتام في هذه الدور ان اسمه فلان ولديه من الاخوة الكثير وأمه هي المسؤولة عن القاطع، ومنهم من يستغل الفرصة لإثبات وجوده في المجتمع حيث تخرج من دور الايتام رجال ونساء بشهادات عليا وهم يعيشون الان حياة كريمة والبعض الآخر يفضل الانتقام من المجتمع الذي اوجده كيتيم. مصدر مسؤول في دائرة الايتام قال لـ«الشرق الأوسط»، ان المسجلين لديهم بعد بلوغ السن القانونية «لا ينسلخون تماما بعد تخرجهم فيبقون على اتصال دائم بنا فنحن نيسر لهم كل شيء ونسهل اندماجهم بالمجتمع». واضاف «نقوم بدعمهم لتكوين اسر، فعادة يفضل الذكر الارتباط بزوجة تكون ايضا مستفيدة من دور الايتام فنوفر لهم العمل». وقال المصدر «نمدهم بالعون بكل صوره حتى يصل الامر الى تمثيل دور العائلة والعشيرة لهم اذا تطلب الامر»، وبين ان «مشاكل الحياة تجبرهم احيانا طلب العون من اشخاص يمثلونه كما هو معروف في المجتمع العراقي الفصل العشائري وغيره وهنا نقوم نحن بهذا الدور لاحساسنا بانه جزء منا.. وقمنا مؤخرا وفي دائرة الاصلاح بتنظيم حفلة زواج لاحدى المستفيدات في دار تأهيل الاحداث الاناث في الاعظمية داخل الدار وأعدت وجبة غذاء خاصة في حديقة الدار الخارجية». واضاف المصدر «ان الوزارة عقدت مؤخرا اجتماعا لمناقشة دراسة من قبل فريق متخصص للترويج لفكرة كفالة اليتيم او تبنيه ومدى امكانية مساهمة الجمعيات التعاونية الانتاجية في تقديم منتجاتها للمتزوجين من مستفيدي دور الدولة في ضوء استقلالها المالي والاداري، فكما هو معروف ان الظرف الذي يعيشه العراق الان نجمت عنه زيادة في اعداد الايتام وقسم كبير منهم تكفلهم نفس عائلاتهم، فيما يتم ايداع القسم الاخر في مؤسساتنا لكن القدرة الاستيعابية تجعل من الصعب استقبال ايتام هم في امس الحاجة للرعاية.. ولهذا كان لا بد من تفعيل خطة للترويج لكفالة وتبني الايتام». المواطن مصطفى مجيد اوضح لـ«الشرق الأوسط» انه يرعى الان خمسة اطفال ايتام وهم ابناء اخيه الذي فقد عام 2005 ولم يعرفوا مصيره لحد الان. واكد ان عاداتهم الاجتماعية لا تسمح بان يتخلوا عن اطفال اقاربهم مهما كانت الظروف. اما عن كيفية تدبر معيشتهم فاوضح ان «الله كفيل بهم وما انا الا سبب.. واحمد الله كثيرا لاني قادر على تأمين طعامهم وملابسهم ودراستهم، وهناك اطفال لا يجدون مثل هذه الرعاية وقد يجبرون على سلوك طريق الجريمة والانحراف». (المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – الرياض، لندن) الصادرة يوم 8 أفريل 2007)  


قائد الحرس الجمهوري قال إن الكل قاتل حتى الموت

الأميركيون استعملوا قنابل نيوترونية بمعركة مطار بغداد

قال القائد السابق للحرس الجمهوري العراقي الفريق أول سيف الدين الراوي إن القوات الأميركية استخدمت قنابل نيوترونية ضد الجيش العراقي إبان معركة المطار عام 2003. وقال الراوي لبرنامج ستبثه الجزيرة في الذكرى الرابعة لاحتلال بغداد، إن الأسلحة النيوترونية التي استعملها الجيش الأميركي تقتل البشر وتحرق الأجساد تماما, لكنها تبقي الأسلحة والأبنية سليمة. قنابل حارقة وأضاف القائد العسكري العراقي أن الجيش الأميركي استخدم أيضا في معركة المطار قنابل تزن تسعة أطنان وقنابل فوسفورية حارقة قادرة على إحراق منطقة عمليات بحجم سرية, إضافة إلى عوامل تشل القدرة. وأكد قائد الحرس الجمهوري العراقي أن الجنود العراقيين الذين قال إنهم كانوا من قوات النخبة، قاتلوا حتى الموت ولم ينج أحد منهم خلال تلك المعركة التي جاءت قبل أربعة أيام من استكمال القوات الأميركية احتلال بغداد. وكانت معركة المطار مرحلة فارقة في غزو العراق، وظلت تفاصيلها غامضة بعد أن تكتمت الولايات المتحدة على مجرياتها، فيما لم ينج أحد من العراقيين الذين شاركوا فيها ليروي أسباب الانهيار السريع للقوات العراقية خلالها. والقنابل النيوترونية سلاح ذري حراري وتكمن قوتها التدميرية في الكم الهائل من النيوترونات الحرة التي تولّد بواسطة تفاعل الهيدروجين, لكنها بدل أن تمتص يسمح لها بالنفاذ إلى الخارج, وقد جربتها الولايات المتحدة لأول مرة في صحراء نيفادا في 1962. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 8 أفريل 2007)  

« الهاجاناه » سرقت شبرية عبدالقادر الحسيني وجواز سفره ودبلته

اليوم الذكرى السنوية لاستشهاد قائد معركة القسطل

القدس المحتلة – وديع عواودة: تصادف اليوم الأحد الذكرى التاسعة والخمسون لاستشهاد قائد جيش “الجهاد المقدس” عبد القادر الحسيني الذي أصيب بعيارات قاتلة خلال معركة الدفاع عن القدس والمعروفة بمعركة القسطل وهو في الأربعين من عمره. وكان الشهيد الحسيني تولى قيادة جيش “الجهاد المقدس” طبقا لقرارات اتخذتها الهيئة العربية العليا برئاسة المفتي الحاج أمين الحسيني من منطلق معارضتها دخول جيوش عربية إلى فلسطين وبادر لتشكيل جيش فلسطيني كان عماده قادة ومقاتلي فصائل ثورة 1936 -1939. تخرج الحسيني في الكلية العسكرية في بغداد سوية مع ضباط فلسطينيين آخرين منهم حسن سلامة وذو الكفل عبد اللطيف وعبد الرحيم محمود وانضموا جميعاً لثورة رشيد عالي كيلاني عام ،1941 وما لبث أن ألقي القبض عليه بعد فشل الثورة المذكورة فيما نجا رفاقه وسجن سنتين وأفرج عنه بعد أن ساءت صحته وتدخل بعض الزعماء العرب فعاد لفلسطين عام ،1946 وكان نجله الراحل فيصل الحسيني قد ولد في بغداد في تلك الفترة. وبهذه المناسبة صدر أخيرا كتاب “إسرائيلي” جديد بعنوان “يسرائيل نيتح وطني إسرائيلي” يروي فيه كاتبه كيف انضم باسم مستعار للجهاد المقدس بتكليف من قبل قوات الهجاناة وشارك بمعركة القسطل ونهب الأغراض الشخصية للشهيد عبد القادر منها جواز سفره وشبريته لحظات بعد استشهاده. ويزعم الكاتب في كتاب سيرته الذاتية أنه انضم للهجاناه وانتحل اسما عربيا (إبراهيم السيد) قبل بدئه بأداء وظيفته باختراق فرق المجاهدين وجمع المعلومات الاستخباراتية عنها بمساعدة رجل مقدسي (يدعى محمود الحسيني) من مدينة يافا تم تجنيده في صفوف الهجاناة. ويشير في كتابه إلى أنه انتحل شخصية مصور صحافي من يافا واعتمر كوفية واحتاط على بطاقة هوية مزورة قبل أن ينضم لقوات الجهاد المقدس لالتقاط الصور لهم في تدريباتهم ومعاركهم. وأضاف “في1/1/1948 التقيت مع محمود الحسيني وانطلقنا في مهمة جديدة وكان معنا يعقوب نمرودي وشخص آخر يدعى حاييم بقاعي وقد نزلا في الطريق بالقرب من دير الخرسان باللطرون فيما توجهنا نحن للقدس طريق رام الله، التقينا عبد القادر الحسيني في اليوم ذاته. كان رجلا معتدل القامة ومهيباً. دخلنا صالون أحد المنازل فقال محمود مخاطبا عبد القادر: أحضرت لك مصورا فقال : وهل يخاف ؟ فقال: لا. . وعندها عرضت بطاقة انتمائي للنجادة فرع يافا الذي كان بجوار مخبز أبو العافية اليوم”. وأضاف “في اليوم التالي توجهنا لكفار عصيون بشاحنات وكان الثوار العرب يرتدون العباءات والكوفيات. هناك انقسم الثوار لمجموعتين واحدة من المقدسيين وأخرى من الخلايلة بقيادة عبد القادر الحسيني ومحمد علي الجعبري. لكن اليهود فتحوا نيرانهم علينا فاستغليت حالة البلبلة وألقيت قنبلة يدوية بين المقاتلين العرب فأصيب الكثيرون من بينهم أنا أصبت بخاصرتي ولا تزال بعض القطع المعدنية في بطني حتى اليوم. . وحلت الفوضى وصارت “طاسة وضايعة”. ويقول الكاتب إن نشره صور المجاهدين في الصحف الفلسطينية ساعدته في التقرب منهم وكسب ثقتهم وتعزيز مكانته بينهم حتى بات جزءا لا يتجزأ منهم لافتا إلى أنه كان يهتم أيام السلم بتصوير حواري القدس وتدريبات المجاهدين وتحصيناتهم فيها وإرسالها للهجاناه وأضاف “كان في القدس نحو 800 مجاهد بحوزتهم 350 بندقية ومسدسا ومدفعاً رشاشاً وقد أبلغت لاحقا أن المعلومات التي وفرتها ساهمت لحد بعيد في احتلال الطريق للقدس وانقاذ الأحياء اليهودية فيها”. وقال الكاتب إن المعركة انتهت على القسطل لصالح العرب لافتا إلى أن اليهود استغلوا مشاركة الكثير من المجاهدين في جنازة قائدهم باليوم التالي فاحتلوا القسطل مجددا وارتكبوا مذبحة دير ياسين. وأوضح أنه شارك في تلك الليلة بحثّ المجاهدين على ضرورة تكريم الشهيد بتشييع جنازته بالغد وذلك لتسهيل مهمة الهجاناه في احتلال المنطقة من جديد. وأضاف “وقد شاركت بنفسي بالجنازة وكنت أصّور تارة وأهتف تارة أخرى ضد اليهود. انطلقنا مع الجنازة عند الفجر مع السلاح ووسط حالة من الصراخ. وصلنا بالشاحنات للقدس القديمة عن طريق حي القطمون”. (المصدر: صحيفة « الخليج » (يومية – أبوظبي) الصادرة يوم 8 أفريل 2007)
 

لنعترف بالإسلاميين إذا

عبد الرحمان الراشد alrashed@asharqalawsat.com روى احد الدبلوماسيين الاميركيين في جلسة على هامش إحدى الندوات ان حكومة عربية حذرتنا من خطر الإخوان المسلمين ردا على مطلبنا بتطبيق المزيد من الإجراءات الديموقراطية، حريات وانتخابات. يقول: قلنا لها حذرتمونا من الشيء نفسه قبل عشرين عاما ولم يتحسن الوضع، بل ازدادوا عددا ونفوذا. يقول: اعترف مسؤول الحكومة، كنا في الماضي نقولها من قبيل التخويف، أما اليوم فنحن نعنيها لأن الإسلاميين على الأبواب. من تسلسل الأحداث نعلم أن الميكيافيلية العربية الرسمية استخدمت الخصوم من اجل كسب التأييد، أو الحصول على المساعدات، أو ضمان التحالفات الكبيرة. استخدمت الفزاعة الأصولية من اجل تقوية وجودها. رفعت مشاركتهم إلى درجة إيصالهم مقاعد برلمانية ومنحتهم جرعة من الحكم البسيطة لتخيف القوى الخارجية بما لا يهدد النظام المركزي، أو هكذا تظن. نرى حولنا كيف يتم تفضيل هذه الحركات الأصولية ومنحها حرية أكثر من غيرها، ثم محاصرتها، في لعبة مقلقة ومخربة للنسيج الاجتماعي السياسي لا للبلد الواحد بل وللمنطقة. وطالما أن الأنظمة العربية وجدت في الإسلاميين فزاعة للغرب فان المنطق يقول لماذا يقبل الغرب أن يخوف بالأصوليين؟ لماذا لا يكون التعامل مباشرا مع الحركات الإسلامية التي تعمل في الساحة السياسية بدل التعامل مع سجانيها؟ لا أود أن أقلل من تطرف الحركات الإسلامية السياسي وخطورة سلوكها المدني والعسكري، لكن طالما أن القائم حاليا ليس بالأفضل في تعامله مع الواقع فان المنطق يقول بان على واشنطن أن تعيد النظر وتتعامل مع الحركات الأصولية في كل المنطقة، ولتعطى الفرصة أن تحكم المنطقة. نقول هذا لأننا مللنا من أنظمة سياسية فاشلة ميكيافيلة وعاجزة عن الإصلاح البسيط المطلوب منها، وكل همها شراء المزيد من الدقائق. وهي تشتري الوقت بأثمان سياسية واقتصادية باهظة، وكل ما تحصل عليه انها تؤخر عقارب الساعة لكنها لا تمنع حتمية التغيير السيئ. كان المأمول ان تقوم الأنظمة السياسية العربية ببناء قواعد قانونية وهياكل حكم سياسية مماثلة للدول المتقدمة تمنح نفسها، أي الأنظمة الحاكمة اليوم، الفرصة لأن تكون أكثر شرعية وأكثر ديمومة ضمن عمل ديموقراطي يدخل المعارضة وينهي الاضطراب المستمر. إنما هذا الأمل تبدد مع ارتكاز هذه الأنظمة على فكرتين واحدة اختراع ديموقراطيات مزورة والثانية استخدام الحركات الأصولية لتخويف القوى الكبرى، بان البديل هي هذه التنظيمات المتطرفة. وطالما انها تهدد بالحركات الأصولية وهي لا تقل عنها سوءا فان التعامل مع الإخوان المسلمين او غيرهم يصبح مقبولا لتفريغ هذا التهديد من قيمته وسيمر وقت تخرج فيه الحركات الأصولية من حالة عدم التوازن إلى واقعية وبراغماتية الحكم. بكل أسف الأنظمة العربية لم تعمل على بناء هياكل سياسية تعبر عن القوى الداخلية وتخفف من الاحتقان لسبب واحد فقط هو إصرارها على كل الحكم والى الأبد، وهو أمر يستحيل استمراره. (المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – الرياض، لندن) الصادرة يوم 8 أفريل 2007)


أدب النصائح في العصر العثماني … رسالة ابن علون إلى السلطان سليم

 
مهند مبيضين (*) في بحثه حول التكوين التاريخي للأمة العربية تتبع المؤرخ العربي عبدالعزيز الدوري مظاهر الإحساس بالوعي العربي والهوية، خلال عصور الإسلام المتعاقبة، وأحسن الدوري بحثاً حين لفت انتباه القارئ إلى أهمية بحث موضوع الهوية والتكوين من خلال الشعر العربي، وفي دراسته تابع الدوري تطور مفهوم الهوية والانتماء العربي في شكل دقيق، وانتقل من العصر الأيوبي، إلى عصر التنظيمات العثمانية. وما بين العصر الأيوبي أو حتى المملوكي ثمة مسافة زمنية، كبيرة لم تخل من الوعي بفكرة الأمة. فتح الدوري بوعيه وجهده الرصين المجال للبحث، في هذا الاتجاه ولم يغلق بابه، ولم يشأ أن يضع أحكاماً مسبقة إيماناً منه بأن ثمة تراثاً عربياً لم ير النور بعد، ومن شأن الكشف عنه أن يعيد السؤال عن موضوع الهوية والاحتجاج ورفض مقولة سكونية العرب وقابليتهم للاستبداد، وتحريرهم على يد نابوليون، في حين عمد غيره ومن جاؤوا ليبحثوا في التكوين العربي وحركة النهضة إلى إقصاء المرحلة الممتدة من 1516 – 1798م. هذا الإقصاء انسحب في الدراسات العربية في موضوع العلاقات بين العلماء والسلطة أو دراسات الايدولوجيا السلطانية ومرايا السلاطين، على مجمل الحقبة العثمانية خلال السنوات 1516-1918م، وقلما ذهبت الدراسات على قلتها – نشير هنا إلى جهود قيمة لخالد زيادة ورضوان السيد وعبد الغني عماد – إلى العمق. وإذا كانت حقبة النهوض العربي تتحدد بالوعي العربي خلال القرن التاسع عشر وهو وعي طالب بالحرية ونبذ الاستبداد، فإن هذا خطأ تاريخي ناجم عن نقص في معرفة المصادر التي تعود الى الحقبة العثمانية. للتمثيل على مقولة الإقصاء، تخلو دراسته «العقل السياسي العربي» محدداته وتجلياته لمحمد عابد الجابري، في قائمة مصادرها عن أي مصدر أصيل مطبوع أو مخطوط يعود الى الفترة العثمانية. وهي تبدأ في دراسة فكرة الدولة والدعوة مع التركيز على الجانب السياسي، وتنتهي بالايدولوجيا السلطانية في القرن الخامس الهجري. ويخلص الجابري إلى أن نقد الفكر السياسي العربي يجب أن يبدأ من نقد الميثولوجيا ورفض مبدأ التسليم بالأمر الواقع، ولو عمَّق الجابري قراءته لوجد أن التسليم بالواقع لم يكن سمة المرحلة العثمانية. وما يزيد عمق الأزمة أن تحديد بدء عصر النهضة العربية، جاء بالاستناد إلى تحديد بداية الوعي بالتأخر، والحاجة إلى التغيير والرغبة بالتحديث كما أراد فهمي جدعان من الاستشهاد بمقولة الشيخ الأزهري حسن العطار حين قال بأن: «بلادنا لا بد من أن تتغير أحوالها…». السؤال هنا، هل أن الرغبة بالتغيير والحفاظ على الهوية العربية والارتقاء بالعرب كان كما حُدد له؟ وهل علينا أن نسير على خطى ألبرت حوراني وفهمي جدعان وغيرهما في تحديدها لتجليات التحديث والنهوض ورفض الظلم؟ ونبدأ النهضة، من بداية الوعي بالاقتباس من الغرب ولحظة الصادم معه وحسب. يرى الشيخ الصوفي عبد الكريم القشيري (ت:465هـ/ 1072م) المتأثر بأستاذه الصوفي الشيخ أبي علي الدقاق (ت:406هـ) أن «معظم الحرية في خدمة الفقراء»، وفي هذا السياق نقرأ تجربة شيخ صوفي من مدينة حماه السورية صاحب مخطوط «نصيحة الشيخ علوان إلى السلطان سليم بن عثمان» والذي يعود إلى القرن السادس عشر، وهو من آخر ما ظهر من أدب مرايا السلاطين في المشرق العربي، وهذا المخطوط يشير إلى رؤية جديرة بالدراسة نحو الإصلاح والتغيير، وهي دعوة مبكرة في الزمن العثماني الى رفع الظلم، ومثل هذا المخطوط، الكثير من المصادر التي لم تدرس في السياق الذي تم فيه التحقيب للنهضة العربية. تجسد رسالة الشيخ الصوفي الحموي علي بن عطية بن الحسن الحداد الحموي مؤسس أسرة علوان في حماه والمولود سنة (873هـ/ 1468م) والمتوفى سنة (936هـ/1530م) أول صيحة عربية يطلقها عالم عربي ذو ثقافة صوفية ضد استبداد السلطة وظلمها الرعية في الحقبة العثمانية. يبدأ ابن علوان رسالته مذكراً السلطان سليم بمسؤوليته تجاه رعيته مخاطباً إياه بضرورة تذكر سلوك الرسول (صلى الله عليه وسلم) في رعاية أحوال أمته، ثم يفرد فصلاً لمسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويبدو ساخطاً على ما كان سائداً في عصره من المنكرات وكما يقول: «… وفي هذا الزمان وذلك متعين على ولي الأمر دفعه وإزالته وإقامة حدود الله». يتمنى الشيخ على السلطان سليم بقوله: «ولو أن الله سخر مولانا السلطان وأزال هذه البدعة الشنيعة الموجبة لحلول غضب الله تعالى وسخطه على أهل تلك النامية ويكون ذلك في صحيفة حسناته». وهو يشكو للسلطان هنا انتشار عادة شرب الخمر والبغاء في زمانه وفساد الأحوال». ولا يبدو ابن علوان ممالئاً السلطة العثمانية الجديدة، وهو المتنقل بين دولتين، وعندما انتهى الحكم المملوكي للشام ومصر (1516م) لم يغير ابن علوان موقفه من الظلم وتعديات رجال الدولة، فأنكر على ولاة الأمر الجدد – العثمانيين – عنفهم وتعسفهم في إيذاء الناس واغتصاب حقوقهم وتوقيع العقوبات البذيئة والنفسية، وهاجم سلوك العسكر تجاه الرعايا وكان يعتبر أنه من المنكرات «ما يؤخذ من القرى والفلاحين ظلماً» وهو المال الذي كان يسمى «حماية». وكان يقدم شفاعات بالمظالم فقد أنشد شعراً ينتقد الإدارة الجديدة لبلاد الشام مع وصول العسكر العثماني. حادوا عن التنزيل والقـرآن / يـا أيها الملك المؤمر قـادة ما حل من جور ومن عدوان / هلا كشفت عن البلاد بكاشف هذا الوصف عمقه ابن علوان في رسالته في فصل حضَّ فيه السلطان على تغيير المنكرات وجاء فيه: «ومن المنكرات بخس الناس حقوقهم وأكل أموالهم وأخذها بغير طريق شرعي فإن ذلك ظلم والله تعالى يقول في بعض كلامه:﴿يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا﴾ وقال تعالى: ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾. ومن المنكرات التي ينبغي على ولي الأمر أدام الله له السعادة تغييرها وإزالتها بنهي الرسل المبعوثين من جنابه وحضرته نهى الولاة عن التعرض لأخذ دواب المسلمين غصباً وظلماً ومنعهم من ضربهم وشتمهم لا في الصحراء ولا في البنيان والعمران فإن ذلك واجب عليه أمام الله». يمضي ابن علوان في رسالته بالحديث عن المنكرات التي عاصرها أو كان يشهدها في زمانه ومنها: أخذ أهل الإسلام «إلى السجن بالضرب والإهانة» ولا يتوقف عند مجرد الإشارة الى أنواع الظلم السائد والفساد المنتشر، بل أنه يدعو السلطان إلى: «أن ينظر بعين اللطف في حال رعيته، ويبرز مراسيمه الشريفة بالمنع من مثل هذه المفسدة». وأخطر ما يشير إليه ابن علوان، ويدعو إلى رفعه عن الناس لأنه مخالف للشرع الإسلامي ومصادره قوله: «… ومن المنكرات هجم الطارقين من العسكر على بيوت الرعية والدخول على حريمه والنزل في ديارهم قهراً فإن ذلك من المخالفة للكتاب والسنة…». لم يكن نقد ابن علوان أحوال عصره متستراً وبعيداً من مرأى السلطة العثمانية. وهذا النقد استمر في رسالته المشار إليها كما أنه كتب العديد من المؤلفات التي تحوي إشعاراً ناقدة الحياة العامة في عصره. ظل هذا النقد مستمراً مع القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي)، في رسالة حسن كافي الآقحصاري (ت:1024 هـ/ 1615م) المسماة «أصول الحكم في نظام العالم» وهي رسالة تدعو الى الإصلاح والتغيير موجهة مباشرة إلى السلطان العثماني ووزراء السلطنة، ومع حلول القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي) مال أدب النصائح إلى التنديد بالظلم والدعوة الى العدل بحدة اكبر مما كان عليه من قبل. وخلال هذا القرن يمكن التمييز بين مستويين من العلاقات، أولهما علاقة العلماء مع السلطة العثمانية، وثانيهما علاقتهم مع العسكر وهي العلاقة التي تميزت بالنقد المباشر لتعسف العسكر. أنجزت قراءة العلاقة بين المثقف والسلطة عربياً، ولما كان فك عقال المرحلة العثمانية مع بدء التفكير بالانفصال عنها قبل مئة سنة وكانت الفكرة العربية قد أنضجت، قبل وبعد إعادة العمل بالدستور العثماني المعطل سنة 1908م، وجرى استثناء الحقبة العثمانية الأولى في دراسة الرفض ومقاومة الاستبداد، لأسباب جوهرها أن تراث تلك الحقبة ما زال مخطوطاً وبالتالي جرى استسهال الفكرة القائلة بإيقاظ مدفع نابليون للشرق ومع أفكار الثورة الفرنسية، وأُوتي بالكواكبي وخير الدين التونسي ورفاعة الطهطاوي ليمثلا لنا صورة المغيرين والرافضين الاستبداد فإن تك الفكرة استقرت وراقت لمحقبي النهضة، على رغم أن مصارعة الاستبداد ودفعه كانت شقت طريقها قبل هؤلاء بقرون. (*) أستاذ التاريخ والحضارة في جامعة فيلادلفيا الأردنية (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 7 أفريل 2007)

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.