TUNISNEWS
7 ème année, N° 2176 du 07.05.2006
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ــ فرع بنزرت : بيــأن للــرأي العــام الشبكة العربية لحقوق الإنسان: تونس: مفارقة الترشيح لمجلس حقوق الإنسان مع الاستمرار في التحرشات بنشطاء حقوق الإنسان الجزيرة نت: « قناة الحوار » .. صوت آخر يخاطب التونسيين من روماالجزيرة.نت: إرجاء محاكمة المشتبه به في هجوم على كنيس بتونس الاتحاد العام لطلبة تونس: بيـــان مشتركلجنة ألمانيا لمساندة حركة 18 أكتوبر: مجزرة 8 ماي بالجامعة التونسيةالقتل العمد سياسة ثابتة عند دولة التغيير في تونس الحبيب مباركى: شهادات ميلاد الاستبداد..على يد النظام التونسىفاكرعبد الصمد: بعد هيئة 18 اكتوبر القضاة يصرخون :الجوع …..ولا الخضوع محمد العروسي الهاني: الإعلام لغة العصر وسلاحه ومرآة لتقدم المجتمعات والشعوب وهو مفتاح القلوب والعقول الهادي بريك: مهلا قافلة العودة .. الوطنية غريزة وجهاد الظلم فضيلة بوعبدالله بوعبدالله: الكذب حرام يا صديقي الذي لا اعرفهأبو عبد الله: قـصـة للـعـبـرة عبدالحميد العدّاسي: وقفة مع الملّوليعيدالله الـزواري: حماس…الأنظمة العربية… وورقة التوت رشيد خشانة: تونس – فرنسا: هل تُـصْـلـح الزيارات ما أفسدته الصفقات؟محمد الأشهب: الإسلاميون في المغرب محمد ماضي: الفزّاعة الإسلامية.. والمسيرة الديمقراطيةد. الطيب زين العابدين: مجمع الفقه ومقتضيات التعايش الجزيرة.نت: كاميرا هاتف نقال صورت جريمة قتل الزميلة أطوار
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
بيــأن للــرأي العــام
الاحد 7 ماي – أيار 2006 أقدمت السلطة الأمنية ببلادنا صبيحة هذا اليوم الأحد 07 ماي 2006 على تطويق الحي الذي يقطن به الأخ أنور القوصري عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ووضعت حاجزا بسيارتين أمام باب منزله بهدف منعه قسريا من التحول إلى مدينة قعفور أين دأبت الحركة الديمقراطية التونسية منذ حوالي عقدين على الاحتفال باليوم الوطني لمناهضة التعذيب في ذكرى استشهاد المناضل نبيل بركاتي.
والمعلوم أن مقر فرعنا محاصر بالبوليس بصفة دائمة منذ أوائل شهر سبتمبر 2005 ويمنع الدخول إليه حتى على أعضاء هيئة الفرع كما يمنع على هؤلاء الوصول والدخول إلى المقر المركزي للرابطة كلما تحولوا إلى تونس.
إن هذه الحركة البوليسية الاستباقية تحاول الإجهاض على المجتمع المدني وعن حقه في الوجود العلني. إن هيئة فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إذ تندد بشدة بهذا الاعتداء الصارخ على الحقوق الأساسية للأخ أنور القوصري والمتمثلة في حقه في التنقل بحرية وحقه في حياة آمنة تنبه السلطة إلى خطورة ما أقدمت عليه وتطالبها باحترام دستور البلاد والمواثيق الدولية والقوانين كما تدعو بقية مكونات المجتمع المدني إلى تطوير أشكال النضال في ضل تمادي السلطة الأعمى في نهجها القمعي عن هيئة الفرع الكاتب العام علي بن تغرويت (المصدر: موقع لجنة ألمانيا لمساندة حركة 18 أكتوبر بتاريخ 7 ماي 2006 )
تونس
مفارقة الترشيح لمجلس حقوق الإنسان مع الاستمرار في التحرشات بنشطاء حقوق الإنسان
القاهرة في 7 مايو 2006، أدانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان اليوم إقدام أجهزة الأمن التونسية على توقيف الصحفية و الناشطة الحقوقية التونسية نزيهة رجيبة » أم زياد » بمطار تونس بعد عودتها من القاهرة ،عقب مشاركتها في الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي نظمته بعض المؤسسات الحقوقية في مصر، لمدة أربعة ساعات، ومصادرة بعض الوثائق الشخصية ودراسة للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان .
وكانت أم زياد قد شاركت في الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة الأربعاء الماضي الثالث من مايو الذي نظمته المنظمات الأعضاء في شبكة ايفكس بمصر وهي كل من » المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ولجنة حماية الصحفيين بنيويورك ، بالاشتراك مع نقابة الصحفيين المصرية ، تحت عنوان « ماذا يخسر العرب من استمرار الحبس في قضايا النشر » وعند عودتها إلى تونس مساء الخميس 4 مايو، قامت أجهزة الأمن التونسية بتوقيفها في المطار لمدة أربعة ساعات في محاولة لمصادرة كتاب مانديلا « قصة حياة نيلسون مانديلا » ودراسة أعدتها الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عن تلفيق القضايا الجنائية للصحفيين والنشطاء في مصر وتونس والبحرين ، فضلا عن بعض الوثائق الشخصية ، وأسفرت المشادة عن قيام أجهزة الأمن بمصادرة والاستيلاء على الوثائق الشخصية لأم زياد ودراسة الشبكة العربية .
وقالت سالي سامي ، منسقة البرامج بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان » انه أمر مثير للسخرية والاستنكار أن تقوم الحكومة التونسية بترشيح نفسها لعضوية مجلس حقوق الإنسان الجديد الذي سيتم التصويت عليه بالأمم المتحدة بعد عدة أيام ، في 9 مايو الحالي ، في نفس الوقت الذي تواصل فيه التحرشات بنشطاء حقوق الإنسان ومصادرة أوراقهم الخاصة » وأضافت سامي » على المجتمع الدولي أن يعمل على محاكمة الحكومة التونسية جراء ممارستها البوليسية ضد الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان ، بدلا من منحها مقعدا في مجلس حقوق الإنسان » .
جدير بالذكر أن الصحفية والناشطة الحقوقية نزيهة رجيبة « أم زياد » هي أحد أعضاء الهيئة الاستشارية للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، وإحدى ضحايا العمليات القذرة لأجهزة الأمن التونسية التي تتمثل في محاولة تشويه السمعة ، وكان أخر هذه العمليات عملية تستهدف أسرة أم زياد .
(المصدر: موقع الشبكة العربية لحقوق الإنسان بتاريخ 7 ماي 2006)
وصلة الموضوع: http://www.hrinfo.net/press/2006/pr0507.shtml
الهيئة الوطنية للمحامين بتونس قصر العدالة ~ تونس الحمد لله وحده، تونس في : 06/05/2006
إعلام بجلسة عامة إخبارية
يتشرف عميد الهيئة الوطنية للمحامين بتونس بدعوة كافة الزميلات والزملاء لحضور الجلسة العامة الإخبارية حول :
احتجاز
احتجز أعوان أمن من فرقة الارشاد بصفاقس عددا من الجمهور الرياضي من بينهم أساتذة تعليم ثانوي أثناء متابعتهم لمقابلة في كرة القدم بملعب الطيب المهيري وتم حرمانهم من متابعة الشوط الثاني وجلبهم إلى منطقة الأمن بعد المقابلة والتحقيق معهم والسبب هو مسكهم متلبسين بأداء صلاة العصر بين الشوطين.
مضايقات
يتعرض السجين السياسي السابق صابر الحمروني الذي قضى 15 سنة سجنا إلى عدة مضايقات منذ خروجه من السجن في 25 فيفري الماضي. وقال الحمروني أن بيته تعرض لعدة مداهمات في ساعة متأخرة من الليل مما تسبب في ترهيب أسرته وذلك بلا موجب. وطلبت منه الأجهزة الأمنية عدم مغادرة المنزل إلا بإذن والإمضاء على وثيقة بهذا الخصوص ولكنه رفض هذا الإجراء غير القانوني.
أحكام مكررة
طالبت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين السلطات بفتح ملفات سجناء الرأي الصادرة في حقهم احكام مكررة من اجل نفس التهم المنسوبة إليهم. وتخص هذه الاحكام السجناء حمادي العبيدي وعبد الرؤوف البدوي والهاشمي بكير وخالد الدريسي ومنذر البجاوي وسامي النوري والصادق العكاري وزهير بن حسين وماهر سلمان وفرج الجامي ودانيال زروق وحسين الغضبان وصفي الزغلامي ومحمد بوعزة وعبد الكريم بعلوش ونبيل النوري وفريد الرزقي وشكري العياري وحمادي عبد الملك وعادل بن عمر وعبد الباسط الصليعي وتوفيق الزايري وعلي الغضبان وعبد الله ادريسة والبشير اللواتي و لطفي السنوسي والشاذلي محفوظ وأنور بن للح وأحمد البوعزيزي ومحمد القلوي.
في جمعية القضاة
تقابل أعضاء المكتب الشرعي لجمعية القضاة التونسيين مع وفد عن شبكة » ايفيكس » يضمّ كلا من السيد مارك بنش والسيدة سالي سامي مديرة برامج الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان. وقد تمّ عرض تداعيات الازمة التي لازالت تعيشها جمعية القضاة. وعبر الوفد الحقوقي عن تعاطفه مع المكتب الشرعي للجمعية وأكدوا انهم سيراسلون وزير العدل في الغرض قريبا. من جهة اخرى مثل السيد احمد الرحموني رئيس الجمعية هو الآخر أمام التفقدية العامة بوزارة العدل وتمّ اعلامه بأن هناك شكوى ضدّه من قبل تسعة قضاة من المحكمة العقارية تعود إلى ما قبل سنة ونصف. ولم تكشف التفقدية لا عن هذه الوثيقة ولا عن أسماء المدّعين. وهذا مثال آخر على سعي
ذكرى
دعت لجنة إحياء ذكرى استشهاد المناضل نبيل بركاتي عدة أحزاب وشخصيات ديمقراطية إلى تظاهرة يوم الأحد 7 ماي الجاري في مدينة قعفور حيث دُفن الفقيد. وهذه هي الذكرى التاسعة عشر لرحيل بركاتي الذي قضى نحبه في زهرة العمر بسبب التعذيب.
ديوان جديد لبحري العرفاوي
صدر للشاعر التونسي بحري العرفاوي ديوان جديد تحت عنوان « أختلف » عن المركز المغاربي للبحوث والترجمة » بلندن. وجاء في تقديم الديوان بقلم الشاعر أن البشرية اليوم على حافة » الموقد الكوني يؤجج لهيبه الجهلة والمرضى نفسيا، مدججين برأسمال وتكنولوجيا الخراب. وفي هذا المشهد الخرب، لا يكفي ولا يجدي لعن الظلمة ألف مرّة، ولكن على مثقفي الحياة الاستماتة في مواجهة » ثقافة الموت »، وربّ كلمة كانت نبتة طيبة. يذكر أن للشاعر خمسة دواوين سابقة هي النزيف وفلسطين وشرايين الصدى والرفض وسنابل الشتاء والأبابيل.
رفع سعر البنزين
رفعت الحكومة التونسية سعر البنزين بنسبة 5% لخفض العجز في ميزانية الطاقة إثر الارتفاع القياسي في أسعار النفط العالمية حيث بلغ سعر الخام خلال الشهر الحالي 75 دولارا للبرميل لأول مرة. وكل ارتفاع بدولار واحد في سعر البرميل يؤدي إلى عبء إضافي في ميزانية الدولة يبلغ نحو 35 مليون دينار (26 مليون دولار). وقال مسؤولون إن سعر البنزين الخالي من الرصاص والبنزين الممتاز ارتفع إلى 1.050 دينار للتر. وهذه ثاني زيادة في أسعار البنزين خلال ثلاثة أشهر. وقالت الحكومة إن الزيادات الأخيرة في أسعار البنزين لا تمثل سوى 20% من الدعم الذي تخصصه لخفض العجز في ميزانية الطاقة. وتطلق تونس حملة واسعة لترشيد استهلاك الطاقة وتوسيع استغلال شبكة الغاز الطبيعي واللجوء للطاقات المتجددة بعد الارتفاع المستمر في أسعار النفط العالمية وتضاؤل إنتاج البلاد من النفط نتيجة تقادم الحقول.
جلسة عامة
دعت الهيئة التنفيذية للفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية كل المنخرطين إلى حضور الجلسة العامة السنوية للفرع التي ستنعقد يومي السبت 20 والاحد 21 ماي. وستتولى هذه الجلسة انتخاب هيئة تنفيذية جديدة.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 358 بتاريخ 5 ماي 2006)
الاسم واللقب |
الصفة |
عن المؤتمر |
أيوب الغدامسي نائب أمين عام 24
طه الساسي عضو مكتب تنفيذي التصحيح
صابر العبيدي عضو مكتب تنفيذي التصحيح
شاكر العواضي عضو مكتب تنفيذي 24
العائش عمامي عضو مكتب تنفيذي التصحيح
وسام السعيدي عضو هيئة إدارية 24
رضوان النصيبي عضو هيئة إدارية التصحيح
طارق السعيدي عضو مكتب تنفيذي 24
عدنان النعيمي عضو مكتب تنفيذي التصحيح
سمير فوراتي عضو هيئة إدارية 24
صبري الزغيدي عضو هيئة إدارية التصحيح
خالد القفصاوي كاتب عام ك.آداب منوبة مسار التصحيح
حسام القليل عضو هيئة إدارية 24
شريف السليطي عضو مكتب تنفيذي التصحيح
حفناوي بن عثمان كاتب عام ك.آداب القيروان مسار التصحيح
بيرم العيفة عضو هيئة إدارية 24
جابر المسكيني كاتب عام م.ق.مهندسين مسار التصحيح
مالك الصغيري عضو هيئة إدارية التصحيح
عصام السعداني عضو هيئة ادارية 24
علي فلاح نائب الأمين العام التصحيح
« قناة الحوار » .. صوت آخر يخاطب التونسيين من روما
لطفي حجي (*)- تونس
تبدأ اليوم قناة « الحوار » التونسية الجديدة البث من العاصمة الإيطالية روما لأربع ساعات أسبوعيا، في محاولة لتنويع المشهد الإعلامي السمعي البصري بتونس.
واعتبر مؤسسها الطاهر بن حسين أن القناة مساهمة في نضال القوى الديمقراطية الوطنية لإرساء حرية التعبير وحقوق المواطنة, ودعا السلطات التونسية لتحمل أربع ساعات من البث الحر في الأسبوع.
وتأتي قناة الحوار بعد مبادرات سابقة قام بها إعلاميون وسياسيون تونسيون لم تعمر طويلا.
تجارب قصيرة
فقد سبق للإعلامي التونسي المهاجر محمد الهاشمي الحامدي صاحب قناة المستقلة التي تبث من لندن أن خصص ساعتين كل أحد لنقل أخبار المعارضة ووجهات نظرها بمختلف القضايا التي تهم المجتمع التونسي، ولقيت القناة صدى واسعا لدى التونسيين، لكنها لم تواصل بنفس الاتجاه، إذ سرعان ما غير صاحبها خطها السياسي لتصبح أكثر قربا من السلطة بل وتتهمها المعارضة بالدعاية لها والصمت عما يحدث من تجاوزات في تونس.
وكان الحامدي اشتكى في تدخلاته بالقناة ضغوطا مورست عليه وأفراد عائلته المقيمين بتونس ربما تكون قد دفعته لإبرام صفقة مع السلطات التي أدركت مدى تأثير القناة على الرأي العام التونسي, حسب عناصر من المعارضة التونسية.
كما عاش التونسيون تجربة أخرى مع قناة « الزيتونة » التي أدارتها من لندن حركة النهضة الإسلامية المحظورة في تونس ولقيت إقبالا من الجمهور التونسي المتعطش لإعلام مختلف في ظل سيطرة الحكومة على مضامين الإعلام السمعي البصري, رغم طابعها الحزبي.
غير أن تجربة الزيتونة لم تدم طويلا, إذ ألغت شركة البث العقد بعد أن تدخلت السلطات التونسية وأقنعتها بان القناة معادية للسامية, حسب المشرفين عليها, إثر حوار أدارته حول تطبيع السلطات التونسية مع إسرائيل.
طوق السلطة
وجاءت التجارب الثلاث محاولة من القوى السياسية والمدنية لكسر طوق السلطة على الإعلام الذي تصفه المعارضة بأنه أحادي يكتفي ببث النشاط الرسمي وتغييب القضايا الأساسية للمجتمع، ما دفع المشاهدين التونسيين إلى الهجرة نحو الفضائيات العربية والفرنسية التي يقبلون عليها بكثافة.
في المقابل تقول السلطات التونسية إنها ساعية لتغيير المشهد السمعي البصري وانطلق مسعاها في ديسمبر/ كانون الأول 2003 حين سمحت بإنشاء أول إذاعة خاصة لتتلوها تلفزة خاصة وإذاعة ثانية, في محاولة لمواكبة الانفجار الإعلامي الحاصل والضغوط المحلية والدولية التي تمارس عليها لتغيير المشهد الإعلامي السمعي البصري.
غير أن مسعى الحكومة يلاقي نقدا حادا من الإعلاميين المستقلين والسياسيين المعارضين الذين يرون أنها تسند رخص الإذاعات والتلفازات إلى المقربين حتى تحكم السيطرة عليهم، ولتعويم مطلب أساسي يتعلق بحرية التعبير، وتستدل على ذلك بغياب كراس شروط تنظم القطاع السمعي البصري وتسمح للمستقلين عن الحكومة باقتحام الميدان الجديد.
(*) مراسل الجزيرة نت
(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 7 ماي 2006 نقلا عن « وكالات »)
إرجاء محاكمة المشتبه به في هجوم على كنيس بتونس
أرجأت المحكمة الابتدائية في تونس السبت محاكمة الشريك المفترض الوحيد لمنفذ الهجوم على كنيس في جربة جنوبي تونس عام 2002، إلى 13 مايو/أيار القادم.
ومثل بلقاسم نوار (43 عاما) لبضع دقائق أمام الدائرة الجنائية الرابعة في المحكمة برئاسة القاضي طارق برهام الذي أرجأ النظر في القضية بناء على طلب وكلاء الدفاع.
وخلال الجلسة، طلب المحامي سمير بن عمر عرض موكله على الفحص الطبي باعتبار أنه تعرض للتعذيب وذلك لمعاينة أضرار بدنية لقحت به.
ووجهت إلى بلقاسم نوار تهمة « التواطؤ بهدف القتل العمد » مع قريبه نزار نوار، الانتحاري الذي قضى احتراقا في الشاحنة الصهريج التي فجرها يوم 11 أبريل/نيسان 2002 أمام كنيس الغريبة في جربة.
واعتقل نوار المتهم بمساعدة قريبه على وضع صهريج فوق الشاحنة غداة العملية الانتحارية التي أسفرت عن مقتل 21 شخصا هم 14 ألمانيا وخمسة تونسيين وفرنسيان.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 6 ماي 2006 نقلا عن « وكالات »)
مجزرة 8 ماي بالجامعة التونسية
القتل العمد سياسة ثابتة عند دولة التغيير في تونس
تمر علينا غدا ذكرى مجزرة 8 ماي1991 بالجامعة التونسية، و لم نبتغي أن تمرّ هذه المأساة دون أن نتوقف عندها، تأكيدا لطبيعة هذا النظام الشرسة – الذي لم يمارس القتل العمد و البطيئ الا في السجون التونسية فقط و إنما في رحاب الجامعة منارة العلم و المعرفة -، و حفظا للذاكرة الوطنية، و تذكيرا لمرتكبي جرائم القتل و التعذيب من عتاة وزارة الداخلية التونسية بأن الذين اغتالوهم من الطلبة وغيرهم لا تزال قضاياهم حية تصفعهم صباحا مساء.
انطلقت الحملة على الطلبة بإتخاذ عبدالله القلال (الذي لم يمض على تعيينه وزيرا للداخلية إلا فترة قصيرة) بتنسيق مع وزير التربية و التعليم آنذاك يوم 29/03/1991 لقرار بتعليق نشاط المنظمة الطلابية « الاتحاد العام التونسي للطلبة » بدعوى أنّها حادت عن الأهداف المرسومة لها و خرقت بنشاطها أحكام قانون الجمعيّات.
و إثر صدور القرار المذكور تعمّدت السلطة تصعيد الأوضاع في الجامعة بإقدامها على محاصرة أنشطة الإتحاد و تتبّع قياداته و كوادره و تكثيف وجود البوليس بالحرم الجامعي و التضييق على التحرّكات و الأنشطة الطلابيّة و منع الإجتماعات العامّة و قد استغلّت السلطة تنظيم الطلبة لتجمّعات عامّة في المركّب الجامعي يوم 8/05/1991 احتجاجا على قرار تعليق نشاط الإتحاد و على حصار الكليّات لتدفع بالمئات من الأعوان المدجّجين بالأسلحة و الآليّات و الكلاب المدرّبة لمهاجمة الكليّات و إطلاق الرصاص على الطلبة و في أماكن قاتلة في سابقة لم تعرف لها الجامعة التونسيّة مثيلا و قد تسبّب الهجوم المذكور في استشهاد طالبين أصيبا بالرصاص على مستوى الرأس و القلب و هما الشهيدان عدنان بن عبد الرزاق بن سعيد المولود في 19/05/1970 بفطناسة من ولاية قبلي و الذي كان تاريخ الواقعة يزاول تعليمه العالي بالسنة الأولى بكليّة العلوم بتونس و أحمد العمري من مواليد 23/01/1966 بقلعة سنان من ولاية الكاف و الذي كان يزاول تعليمه بالسنة الرابعة بالمدرسة القوميّة للمهندسين كما تسبّب الهجوم المذكور في إصابة العشرات بالرصاص إصابات متعدّدة و في أماكن قاتلة مما استوجب نقلهم لأقرب المستشفيات مثلما هو الحال بالنسبة للطالب بوبكر القلالي (من مواليد 1968) و مراد البدوي (من مواليد 1970) و سالم المهيري ( من مواليد 1968) الذين احتفظ بهم في قسمي الإنعاش بمستشفى شارل نيكول و المعهد القومي لجراحة الأعصاب لإصابتهم بالرصاص في الرأس و العين و قفص الصدر… و غيرهم كثر كما تسبّب الهجوم المذكور في إيقاف المئات من الطلبة و حرمانهم من حقّهم في الدراسة و إجراء الإمتحانات علما و أنّ السلطة التونسيّة حاولت لتبرير الهجوم المذكور بادّعاء أنّه كان ردّا على هجوم مسلّح استهدف مراكز الأمن الجامعي.
و يروي الشهيد الحي بوبكر القلالي المجزرة كما عاشها في كلية العلوم بتونس: » بقدر ما كان القمع قويا، كان رفضنا للقرار أقوى. انبرينا نقاوم عبر نضال مدني مشروع، كان سلاحنا صدورنا العارية المفعمة بإيماننا بحقنا في التنظم و العمل القانوني و كانت الحجارة في أيدينا أقوى من عصيهم و دروعهم وحتى رصاصهم. يوم 8 ماي 1991 عززت قوات القمع وجودها في الجامعة بشكل فاضح و استفزازي، تنادى طلبة الاتجاه الإسلامي في الجامعة إلى اجتماع عام في ساحة الكلية لتدارس الوضع. لم تنتظر حشود البوليس المتمركزة في بهو الجامعة طويلا و أمطرت الطلبة بوابل من الرصاص الحي. لم يتفرق الطلبة هاربين ولكن تفرقوا متصدين لهذه الهجمة بالهتاف و الحجارة، أصابني شرطي برصاصة غادرة في جبيني التي اخترقت عيني اليسرى و مرت تحت أنفي لتستقر في خدي الأيمن. بعد أن سقطت أرضا سارعت مجموعة من البوليس إليّ و جروني على الأرض أكثر من عشرين مترا وانهالوا عليّ بالضرب و الركل رغم وجودي بين الموت و الحياة و جرحي الذي كان ينزف بقوّة. مما زاد في آلامي سماعي للبوليس الذي أصابني يفتخر أمام زملائه » انظروا كيف أسقطته كالعصفور ». كان في الجهة الأخرى مجموعة من الطلبة تتقدم نحوي لإنقاذي غير عابئة برصاص البوليس، كان في مقدمتهم الأخ الشهيد البطل عدنان عبد الرزاق سعيدالذي فاجأته مجموعة من البوليس و ألقوا عليه القبض ثم انهالوا عليه بالضرب و الركل و الرفس. لكن عدنان لم يبقى مكتوف الأيدي بل دافع عن نفسه فضرب أحدهم و أسقطه أرضا. قام الشرطي المهزوم واقفا، وجه سلاحه إلى رأسه، و أطلق عليه النار بكل برودة دم، فأرداه شهيدا ».
و الغريب أنّ محاضر الحجز المحرّرة من طرف أعوان الأمن كشفت حقيقة الموقف إذ انحصر ما ادّعى أعوان الضابطة العدليّة حجزه في عدد من قضبان الحديد و قطعة من الخشب و سطل قديم مملوء بالحجارة و عدد 3 بلوزة بيضاء و جمازتان و مريولان و جيب للنساء و فولارة و زنار فلسطيني و محفظات مدرسيّة و 3 قوارير بها بقايا مواد حارقة و فتيل زجاجة مولوتوف و لكلّ عاقل أن يقدّر خطورة ما يمكن أن يرتكبه الطلبة بمثل ذلك المحجوز ضدّ المئات من أعوان البوليس المدجّجين بالأسلحة و العتاد و الكلاب المدرّبة كما أنّه لكلّ عاقل أن يستنتج ما يجب إستنتاجه من نوعيّة المحجوز (محفظات بها أدوات مدرسيّة… زنار فلسطيني… جمازات… بلائز بيضاء يرتديها الطلبة عند دخول المخابر… جيب للنساء… فولارة غطاء للرأس…) كما أنّه لكلّ عاقل أن يقدّر خطورة مثل هذه الأدوات و الأسلحة لو استعملت فعلا ضدّ السيارات المصفّحة و فرق حفظ النظام (Bop) و التدخّل السريع (Big) و لكلّ عاقل أن يتساءل عن مصداقيّة ما روّجت له وسائل إعلام السلطة و رموزها و التي برّرت عمليّات القتل بالرّصاص الحيّ في ساحات الكليّات و مدارج العلم باتّهام الطلبة بشنّ هجوم مسلّح على مراكز الأمن الجامعي كما أنّه لكلّ عاقل أن يبحث في أيّ صنف من الأسلحة الفتّاكة يمكن إدراج محفظة الطالب و أدواته المدرسيّة و غطاء رأس الطالبة و الزنّار الفلسطيني…؟؟؟
الحقيقة هي أنّ لنظام بن علي تقاليده العريقة في التعامل مع المنظمات الطلابية المستقلة في الجامعة التونسية منذ إعتلائه كرسي الحكم في أواخر ثمانينات القرن الماضي،فحينما جاء الى الحكم كانت الجامعة التونسية خليط من المنظمات الطلابية المستقلة ابتداءا من الفصائل اليسارية ونهاية بتصنيفات الإسلاميين ومرورا بالإتجاهات القومية ويحصي الملاحظون في هذا الإطار في الجامعة آنذاك ما يربو عن سبعة عشرة فصيلا فكريا وسياسيا لم يبقى اليوم منها الاّ هيكل مأزوم يسمى الإتّحاد العام لطلبة تونس.
هذه هي باختصار حقيقة دولة التغيير في تونس، قتل عمد ، تعذيب ، ترهيب ، تشريد ، تجويع، و نشر ثقافة العري و الفساد بين الشباب التونس.
اعتمدنا في مقالنا هذا بشكل رئيسي على تقرير الجمعية التونسية لمساندة المساجين السياسيين لسنة 2004 و رسالة خطية وجهها لنا السيد بوبكر القلالي مشكورا.
(المصدر: موقع لجنة ألمانيا لمساندة حركة 18 أكتوبر بتاريخ 7 ماي 2006 )
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شهادات ميلاد الاستبداد..على يد النظام التونسى
مواقف من محنة الإسلاميين فى تونس
والكفر البواح من أفواه البوليس التونسى:انتهاك حرمة القران الكريم
فى دولة الجنرال بن على أصبح عون الأمن البسيط ملكا تدين له رقاب العباد, يتصرف مع المواطنين بتفويض يستبيح به دينهم و كراماتهم وأموالهم وأعراضهم بدون واعز من دين أو خلق أو قانون ولا من معقب على هذه الحصانة التى أطلقت يد الظلم تعبث بحياة الناس كيف تشاء..ليس سلوكيات البوليس الشائنة تصرف فردى كما يروج البعض ولكنها سياسة رسمية معتمدة من أعلى هرم فى السلطة…
ونتناول اليوم مواقف حدثت للأخ بوكثير بن حسن بن عمر والمقيم الآن بسويسرا, ننقلها بتصرف, سجلها فى حينها شكوى فى رسالة أرسلها إلى رئيس الجمهورية والوالي ووزبر الداخلية ورئيسي منطقة الشرطة والحرس وهى بين أيدينا شاهد, ولكن, ناديت لو أسمعت حيا * ولكن لا حياة لمن تنادى.
لقد حرر الأخ بوكثير بن حسن بن عمر شكوى بخصوص مساعد رئيس مركز الحرس الوطنى بشربان المدعو صالح بوذريو أصيل منطقة الوطن القبلى إليكم مضمونها…لقد سبق أن حوكمت 1987سنة بعام وشهرين سجنا من أجل الانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها قضيت منها ستة أشهر خرجت على إثرها متمتعا بالعفو الرئاسى سنة 1987 وبعد حوالى سبع سنوات وفى نوفمبر 1994 وأنا مقيم بمدينة سوسة خضعت للمراقبة الإدارية لأسباب إحترت فى تفسيرها فأرسلت فى شهر ماى 1995برسالة لرئيس الجمهورية وكذا إلى والى سوسة , و لم تكن سيرتي خافية على أحد منذ 1987سنة إلى سنة 1994 إذ أنني بفضل الله تعالى أحفظ القرآن الكريم كاملا و قد شاركت في عدة مسابقات جهوية و قومية كما ترشحت لمسابقة عالمية (حرمت منها بسبب سحب جواز السفر)و لم أكن أدري أن حضوري لتجويد القرآن في سهرة عامة سنة 1987 سأحاكم بسببه من أجل الإنتماء إلى جمعية غير مرخص فيها , وأنا الآن أخضع لمراقبة أمنية فقدت بسببها عملي و أنا العائل الوحيد لأربعة أطفال وأمهم , وقد بلغت عائلتي حالة الخصاصة و الحرمان
و حدث أن عدت مرة إلى مسقط رأسي بشربان بمناسبة عيد الإضحى و حضرت بمركز الحرس الوطني لإعلامهم بوصولي و قمت بتسليمهم الإستدعاء الذي سلمته لي فرقة الأبحاث و التفتيش بسوسة و قد كان حضوري بمركز الحرس بشربان كما نص عليه الإستدعاء باليوم و الساعة , وقد راعني سلوك أحد أعوان المركز الذي أخذ الإستدعاء من يد زميله دون أن يتثبت فيه مليا ورماه جانبا ثم توجه إلي بالصياح و بألفاظ بذيئة (وقد وردت فى الرسالة الألفاظ الذى تلفظ بها عون الحرس) و لم يترك لي المجال حتى للحديث , ثم شرع في تفتيشي وأنا مندهش لما يحدث , فسألته : ألم أحضر في الموعد المحدد فى الإستدعاء ؟! فأسمعني سيلا من الكلام البذيء و طلب من زميل له أن يحرر في شأني محضرا لما إدعى أنه تأخير مني عن الموعد بيوم كامل عن التاريخ المثبت بالإستدعاء فإزداد عجبى من قوله هذا , فالتاريخ في غاية الوضوح و أنا كنت في اليوم و الساعة اللتين حددهما الإستدعاء و لم يكن مني تأخير عن الموعد. دفعني إلى الداخل و هو لم يكف عن بذيئ القول و قد كان نص المحضر باطلا و عون الأمن يعرف ذلك وقد أعلمت فيما بعد رئيس المركز عن هذا التصرف فلم يجبني كما أعلمت شفاهيا رئيس فرقة الأبحاث و التفتيش بسوسة للحرس الوطني ولكن بدون جدوى.
و فى موقف آخر مع هذا العون , حدث أن عدت لشربان يوم 08.08.1995 بمناسبة المولد النبوي الشريف و عند وصولي توجهت إلى مركز الحرس الوطني لإعلامهم بوصولي فأخذ مني رئيس المركز الاستدعاء و أثناء قيام العون بالإجراءات سألني قائلا :ماذا تشتغل الآن؟ , فأجبته بأنني أعمل في « المرمة » أو « الدهينة » و قد عبرت له بأن الإمضاء الذي فرض علي قد حرمني فرص عمل كثيرة فقاطعني نفس الشخص والذي تبينت فيما بعد أن إسمه صالح بوذريو أصيل منطقة الوطن القبلي و هو مساعد رئيس المركز الذى قطع حديثي مع رئيس المركز بنفس الأسلوب قائلا : »إنتم الخوانجية نعرف ربكم مليح » ثم سبني و شتمني ثم أردف قائلا : »فرشناكم في القاعة و نحنالكم سراولكم و…و…وعملنا فيكم إلى نحبوا ونهار الى تشدوا الحكم أعملوا فينا اللى عملناهولكم » وقد عجبت من حديثه وحاولت الرد عليه فلم يترك لي الفرصة و لكنني رغم ذلك قلت له « يا أخي أنا خاطيني .. أنا مظلوم و أنا إنسان أحفظ الستين حزب » فقاطعني بسخرية بالغة و بجرأة على الله تعالى وقرآنه العظيم قائلا : »تحفظ ستين حزب,تحفظش سورة الوبنة » فصعقت من قوله ثم كررها مرات كثيرة و أردف: » ماتعرفهاش سورة الوبنة فين تجي في الستين ,ماقريتش , ماتحفظش سورة الوبنة » و قد أعادها ثلاثة مرات فأصابني منها ذهول لم أستطع معه الحديث و قد كان هذا الكلام على مرأى و مسمع من رئيس المركز و عونين أخرين و أنا مستعد للمواجهة حول كل ما ذكرت و أقسم بالله على ذلك و أتحمل مسؤليتي في كل ما قيل.
هل يعقل أن يصدر هذا الكلام من طرف عون أمن يسهر على تطبيق القانون و إشاعة الأمن بين الناس , فحتى لو كنت عبدا أو يهوديا هل يحق له التطاول علي و على كلام الله و دينه!؟ إنتهى
يعجز حقا اللسان وتضيع العبارة فى وصف هذه الحثالة من البشر والتى وجدت فى هياكل الدولة التونسة الرسمية مرتعا تصول فيه وتجول وتعبث فى أمر الناس ودين لله تعالى بدون رادع بل وبمباركة حامى الحمى والدين والذى ما يزال البعض يراهن عليه , فمن لا يعرف النظام التونسى فهذه صور تختزل طبيعته , فهل يكون الرهان على هذا الخسران المبين ؟؟؟
الحبيب مباركى: سويســرا
بعد هيئة 18 اكتوبر القضاة يصرخون الجوع …..ولا الخضوع
بسم الله الرحمان الرحيم
و الصلاة والسلام على اشرف المرسلين
تونس في 4 / 5 / 2006
شكر خاص لموقع تونس نيوز (الحلقة الثانية)
يوم 3 ماي عييد الصحافة العالمي
الإعلام لغة العصر وسلاحه ومرآة لتقدم المجتمعات والشعوب وهو مفتاح القلوب والعقول
بقلم محمد العروسي الهاني- مناضل دستوري
على بركة الله أواصل الحديث حول رسالة الإعلام ودوره الفاعل على الساحة الوطنية. وبعد أن ذكرت في المقال الأول بمناسبة عيد الصحافة العالمية بعض النقاط التي عشتها في العشرية الأخيرة في مجال الإعلام وشرحت بعض العينات التي حصلت لي شخصيا وهي عينات تحصل لكل مواطن له رأي حر وتصور ديمقراطي لحرية التعبير وذكرت في المقال المشار إليه المعاناة التي يعانيها طالب الرأي الحر كما تحدثت عن الصعوبات التي تعترض نشر الرأي المخالف لما هو سائد وأشرت إلى عدد المقالات التي تفوق الـ 163 التي لم يصدر منها سوى 60 أما ال103 مقالا الباقية فرميت في سلة المهملات …
تلك هي حرية التعبير في بلادنا وأشير هنا إلى بعض المقالات التي لم تحظ بالنشر منها مقال أردت نشره بمجلة الملاحظ ردّا على استفتاء أجرته المجلة مع نخبة من المثقفين في تونس. قال صاحب المجلة أن الاستفتاء حول أهم شخصية في القرن العشرين أو أهم شخصية تونسية لها مواصفات القيادة والإشعاع والنجاح والتألق والخصال وحصلت على رضى الناس… من ابن خلدون إلى اليوم مرورا بالزعيم بورقيبة.. قال الاستفتاء أن الزعيم بورقيبة جاء ترتيبه الثاني …وبعده أعلام وعلماء وقادة . وحاولت الرد على الاستفتاء وقبل الدخول في عمق الرد أقول انه لا تصح تسمية سبر الآراء بالاستفتاء الذي هو أعمق من ذلك ثم قلت والله اعلم أول شخصية تونسية منذ قرون وعلى امتداد التاريخ المعاصر لهذا البلد ومنذ القرن الحادي عشر لم تر تونس زعيما عملاقا مثل الحبيب بورقيبة . لكن الرد لم ير النور. كذلك عديد الردود الأخرى لم تر هي أيضا النور حتى في صحيفة الحرية وكان من المفروض أن تتحمس صحيفة الحزب الحاكم..حزب بورقيبة لهذا الرد وفاء لروح الزعيم الذي أسس الصحيفة المذكورة سنة 1932 …ونفس الأمر كان مع الشروق .
الإعلام وسيلة للإصلاح لا للتشفي وهتك الأعراض
إن الإعلام في كامل أنحاء العالم هو وسيلة هادفة للخطاب السياسي وهدف أسمى للإصلاح وحوار هام لكشف الحقائق و التجاوزات وسلاح حاد للرد على الافتراءات بموضوعية وشفافية وأخلاق عالية ولسان دفاع عن الحق ورفع المظالم ومحاميا متحمسا لإبراز الحقائق وكشف المظالم وكما يقولون فالإعلام الحر هو مؤشر على تقدم الامم والشعوب وفي مثال آخر الصحافة هي السلطة الرابعة .
هذا المفهوم مطبق بفرنسا وفي الغرب عموما وقد سمعنا يوم 2 ماي 2006 في فرنسا الديمقراطية بالفضيحة التى تدور حول شخص الوزير الأول رئيس الحكومة ووسائل الإعلام لم تصمت و في اقل من 24 ساعة سمع العالم كله وتابع أطوار القضية وأسبابها بفضل الإعلام الفرنسي الحر الذي لا يتجاهل المواطن ولا يساوم بالقضايا الوطنية ولا يخفي الحقيقة مهما كان الشخص الذي قام بذلك ذلك هو الإعلام الحر .
وفي أمريكا هناك شرفاء نددوا بأعمال القمع والتعذيب في سجن أبو غريب..وفي بريطانيا نددوا بأعمال التعذيب في العراق وفضحوا رئيس حكومتهم وتكلموا في الصحافة وفي البرلمان وفي وسائل الإعلام العالمية …المواطن يتكلم بحرية والصحف مفتوحة للجميع والصحفي حرّ في نقل الأخبار ويتحمل في ذلك مسؤوليته دون رقابة ذاتية تلك صحافتهم وإعلامهم وحتى إذاعة العدو الصهيوني الإسرائيلي نسمع فيها أخبارا حتى ضد نجل أريال شارون ومحاكمته.. نعم هو ابن شارون ولكن عندما يتجاوز القانون يحاكم هذا في الدولة العبرية الصهيونية اليهودية أما في دولنا إلا ما رحم ربك …الكلام فيها ممنوع حتى لو كان الكلام صحيحا وصادقا وواضحا وضوح الشمس فالكلام ممنوع وحرام وخطوط حمراء كثيرة تقف أمامه …وهذا ينطبق على العائلة الكبرى للحزب أما أن تصمت أو تقول الكلام الذي يعجب المسؤولين وإلا فانك غير منضبط وغير ملتزم ومشاكس وغير ذلك من النعوت ويحرم من حضور الاجتماعات كمرحلة أولى من العقاب وهو ما حصل معي يوم 27 / 3 / 2001 قد شرحت ذلك في مقالي السابق عندما قلت أني دفعت الضريبة وفي مقال آخر حول مطلب العفو التشريعي العام وأشرت إلى مقال كتبه الأخ منصف بن مراد مدير جريدة أخبار الجمهورية وأيدته في ما قاله فقامت الدنيا ولم تقعد وصاح الجميع من كل اتجاه كيف تكتب مثل ذلك الكلام وأنت مناضل دستوري وأصبحت محجوجا مطلوبا وكأني خرجت عن الإجماع …
هذا ما حصل عام 2003 وكان الصمود والصبر والشهامة والعزيمة والإيمان وقوة الشخصية أقوى وأسمى وفي الحقيقة هذا نوع من أنواع الترهيب مع أنواع الترغيب …لكن الشرفاء لا يخافون الترهيب ولا يقبلون الترغيب. هذا ما حصل في مستويات متوسطة وبعد أن تأكد الجميع من أني لا أباع ولا اشترى وان الروح الوطنية متغلغلة في عروقي ولا اعرف الخوف ولا الطمع ولو كنت من هذا النوع الأخير لكان الوضع المادي الذي أعيشه أحسن بكثير والجلوس في المقاهي الرفيعة …القهوة فيها بخمسة دنانير فانا لا املك سيارة ولست من الذين كل يوم في سفر ولا ولا ولا …
الإعلام المنشود في بلادنا
نريد إعلاما حرا نزيها محايدا خادما للشعب معبرا عن طموحاته ومشاغله وهمومه وقضاياه الحقيقية ونريد تلفزة مفتوحة للجميع لأنها ملك الجميع كل مواطن يساهم فيها من ماله الخاص مساهة إجبارية عن طريق فاتورة الكهرباء ومن المفروض أن تكون الفضائية التونسية مفتوحة للجميع وتحاور الجميع وتسمع الرأي والرأي الآخر وتفتح الأبواب للحوار الحر الديمقراطي دون إقصاء وتهميش على الهواء ودون اختيار الأشخاص والوجوه وتفعل كما يقال مثل الطير الذي يغني وجناحه يرد عليه ليس هذا هو الحوا المطلوب الحوار الديمقراطي وكما قلت في حديثي السابق إن 65 في المائة من التونسيين هجروا التلفزة التونسية نتيجة هذا الاحتكار والبرامج التي لا تستجيب لطموحات المواطنين وكذلك الأمر بالنسبة للإذاعة الوطنية فالأمر أصبح بعيدا عن الدور الأساسي لإذاعتنا الوطنية التي عرفناها في عهد الاستقلال إذاعة نوعية وتثقيف وغرس الروح الوطنية والدينية والأخلاقية و الوضع الإعلامي يتطلب مزيد العناية والاهتمام ونعتقد أن الجميع يدرك ذلك وذات مرة قال الدكتور حامد القروي انه شخصيا غير راض عن دور الإعلام في تونس قال هذه الملاحظة سنة 1998 في لجان مؤتمر الامتياز عام 1998 وصفقنا يومها على هذه الصراحة والنقد البناء دون مركبات.
واليوم ونحتفل بعيد الصحافة العالمي ينبغي أن نذكر بان البون ما زال شاسعا وأن طموحاتنا ما تزال دون المطلوب ولن نرضى ونطمئن إلا بعد تحقيق الطموحات المنشودة في أن نرى إعلامنا يتطور مواكبا الأحداث العالمية ومواكبا لحرية التعبير وحرية الرأي الآخر وفتح قنوات الحوار دون احتكار لجهة معينة أو أشخاص على حساب المجموعة . مع توسم الخير في كل أبناء الوطن الواحد دون تخوين أو تسخير أقلامهم للرد و التهجم و التخوين لمجرد الاصداع بالرأي أو التصريح بموقف … الديمقراطية هي الاختلاف في الرأي عند الامم المتحضرة والشعوب الراقية التي تحترم الرأي و الرأي الآخر .
وفي اعتقادي أن أسلوب الردود والمهاجمة والنعوت وغسل ونشر الافتراءات والرشق بالكلام الجارح والفارغ لا يخدم مصلحة الوطن وبالتالي مصلحة المجموعة الوطنية وعلينا أن نتعلم الحوار وأسلوب أداء الرسالة الإعلامية التي هي رسالة سامية بعثت للبناء لا للهدم وتوحيد الصفوف لا تمزيق الشمل وتصفية الأجواء لا إشعال نار الفتنة لغايات معروفة والكسب المادي الرخيص والسمسرة إلى حين وعلمنا التاريخ أن العمل بمقابل نهايته الزوال لأنه ليس مبني على قناعة وعلى ثوابت ومبادئ وأعطي مثالا على ذلك عندما تعلق الأمر بالإساءة إلى الزعيم الحبيب بورقيبة أقلام الأحرار وثوابت الأوفياء وقيم الأحرار تحركت وتحمست دفاعا عن الشرعية التاريخية والشرعية النضالية للزعيم الراحل ولو كان الأمر غير ذلك ومبني على الطمع لهرولت الأقلام لتمجيد الحاضر وتجاهلت الماضي ولكن كما قال الشاعر :
إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام
و الحمد لله أن كنا من هذه الشريحة المؤمنة بقيم الوفاء بعيدا عن المادة وكما يقال تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها…
فاذا كانت هذه انجازات الزعيم لماذا كل هذا التجني عليه وعلى من يدافعون عن انجازاته سواء بمقال في جريدة أو موقع للانترنت . وكان من الأفضل فتح قناة التلفزة بحرية وشفافية ليشارك الجميع فيها على قدم المساواة وننشر الغسيل بيننا حتى لا نضطر لنشره عند الآخرين …فبورقيبة غيّب تماما عن التلفزة ولم نسمع له خطابا واحدا حتى خطاب أريحا… لماذا هذا الاحتكار؟ بينما نرى في الجزائر مثلا أن التلفزة هناك تبث مقتطفات من خطب الزعماء الذين رحلوا وفي فرنسا دامت إحدى الحصص التي تروي مناقب الزعيم السابق 3 ساعات دون عقد ولا مركبات ..ومما يذكر انه لا يذكر بورقيبة في كل الدول العربية إلا بخير ويكبرونه ويحترمونه الا في تونس تسمح مجموعة لنفسها ان لا تنظر إلى ما فعله بورقيبة إلا بعين سوداء وتتغافل عن 90 في المائة من الايجابي و المكاسب لا ينكرها إلا الجاحد .
ومع الأسف الشديد فان ثقافة الخوف السائدة جعلت الأفواه صامتة و الأقلام في إجازة طويلة ولا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم .
وختاما أقول ان عناصر عديدة كانت في المعارضة وأصبحت في الحكم من الإمام الخميني إلى عبدو ضيوف بالسينغال الى السيد جلال الطالباني في العراق وتلك سنة الله في خلقه وتلك ارادة الشعوب . أقول هذا حتى لا نغرق في السب والشتم لمجرد فكرة أو رأي وعلينا توسم الخير في بعضنا والقبول بالرأي الآخر مثلما عشنا في سنوات 1976 إلى 1984 مناخا إعلاميا وتنوعا في الآراء و الصحف وكانت بعض الأسماء الموجودة الآن في الساحة تكتب و « بالبنط العريض » وكان المناضلون الدستوريون صابرون وكانوا في مستوى عال وروح رياضية كما بقولون فلماذا اليوم لمجرد اسطر تكتب هنا او هناك يكثر الشتم والسب والتهميش؟ …في الوقت الذي نقول أن هناك خطوط حمراء للصحافة فهل الخطوط الحمراء فقط عندما يكون الكلام باتجاه معين ؟
وللتاريخ أقول أن الرئيس بن على منذ أن تولى مهام رئاسة البلاد لم نسمع منه كلمة واحدة جارحة لأي طرف وهذا للتاريخ…. ولم نتعرض طيلة حكمه لإساءة أو لوم بسبب كتابة وكما أسلفت في مقالاتي في اوت 2005 حول ثقافة الخوف فان كل ما يجري ناتج عن اجتهادات شخصية في مستويات مختلفة وتبريرات لمصالح حينية ومصالح ذاتية لم تتحقق لهم إلا بالأساليب البالية . وكما قال الرئيس في 3 ماي 2000 على مراد الله هناك عقليات ما زالت تنظر وتمارس أشياء تجاوزتها الأحداث واعتقد أن الضريبة المعنوية و المادية التى دفعتها هي ناتجة عن هذه العقليات التي تصدم مع كل الشرفاء حتى في خبزتهم حتى أن احدهم يعيش الآن بثلث التقاعد نتيجة رأي وحتى انه فكر في نشر كتاب يروي محنته فلم ير النور مثل عدد من الكتب الأخرى. وأنا انوي بحول الله إصدار كتاب حول حياتي وأرائي أرجو أن يجد طريقه إلى النشر ولا يكون مصيره كما حصل لشقيقه كتاب البودالي المناضل الصامت إبن الكاف معذرة اقصد البودالي الاصغر ….
والسلام
محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري – تونس
—————————————————————
توضيح ورد من هيئة تحرير « تونس نيوز »
نشرنا في عدد الأمس مقالا للسيد محمد العروسي الهاني توجه فيه مشكورا بعبارات بالتهنئة والتقدير للقائمين على موقع « تونس نيوز » بمناسبة مرور 6 أعوام على تأسيسه وتضمن بعض النصائح والتوجيهات دعا فيها إلى « أن تتحرى أسرة الموقع الممتاز لبعض العناصر الدخيلة على الأعلام وعلى الأسلوب الحضاري لمفهوم الحوار الإعلامي »، ورجا فيها « أن تتفطن أسرة الموقع إلى أن هناك عناصر غايتها التشويه والابتذال والسفاسف والكلام الفارغ الذي لا يليق.. وصب غضبها وحقدها بواسطة الموقع على الشرفاء والرموز والزعماء والأبطال وأصحاب القرار.. دون ضوابط أخلاقية حددها قانون الصحافة... » واستغرب السيد العروسي الهاني من أن « هؤلاء الأشخاص .. يكتبون ويصبون جحيم غضبهم وحقدهم على الرموز والزعماء وأصحاب القرار دون أن تكون لهم الشجاعة لذكر أسمائهم الحقيقة.. ويستعملون أسماء مستعارة.. »
كما اعتبر السيد الهاني أن الهجمات .. « التي بلغت ذروتها في الإساءة للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الذي هو غابة مكثفة بالأشجار لا تغطيها شجرة صغيرة لا تثمر.. وبعض الرموز الوطنين وحتى رئيس الدولة الحالي الرئيس زين العابدين بن علي لم يسلم من أذاهم.. وهذا حرام وغير لائق.. و7000 ألف رئيس شعبة دستورية يعملون في اعرق حزب سياسي له بصماته وانجازاته الكبرى واضحة هؤلاء الأسود – ينعتون بنعوت غير دقيقة ككلمة « قواد الحومة ».. كلمة ثقيلة منافية للأخلاق والقيم الاسلامية.. «
أخيرا اقترح صاحب المقال أن يتم في المستقبل « طلب نسخة من بطاقة التعريف لمعرفة هوية الكاتب وسيرته كما هو معمول به في كافة صحف العالم.. و هو الأسلوب المسؤول الذي اعتمدته جريدة الموقف الغراء.. » واختتم بالقول « إن الشجعان والأحرار هم الذين يذكرون أسمائهم.. أما النوع الأخر فهو يخاف لأن حجته معدومة.. وعندنا في المثل الشعبي والريفي: الذي لم يذكر اسمه هو « حاوي ».. أي باللغة العربية « جبان ».. »
هذه المراسلة من السيد العروسي الهاني تعتبر تفصيلا وتكرارا وتكثيفا للعديد من الرسائل المشابهة التي تلقيناها (ولا نزال) على مدى السنوات الأخيرة في نفس السياق. ويمكن القول أن المعاني الواردة فيها (مع اختلاف الشخص أو الجهة الحزبية أو الفكرية أو الجمعوية المعنية) تتلخص في أن موقع « تونس نيوز » يُخطئ مهنيا وأخلاقيا عندما ينشر من حين لآخر مداخلات لأشخاص مجهولي الهوية أو حتى مقالات موقعة بأسماء أصحابها تتضمن ما يرون فيه شتما أو ثلبا أو تهجما أو انتقادات غير مقبولة لشخصيات سياسية أو حقوقية أو لهيئات تونسية مختلفة.
ومن أجل وضع الأمور في نصابها وتبديدا لكل الأوهام يهمنا أن نوضح للسيد محمد العروسي الهاني ولكل مشتركينا وقراءنا داخل الوطن وخارجه المسائل التالية:
1- إن هيئة التحرير التي تتلقى يوميا عشرات الرسائل حريصة أشد الحرص على التثبت والتحري قبل النشر لكنها تعترف بأن ضيق الوقت والعدد المحدود جدا للعاملين فيها يؤدي في بعض الأحيان إلى تسرب بعض المقالات التي تشتمل على مزاعم أو معطيات غير دقيقة. وهي حريصة على تصحيح الخطإ في كل مرة كما أنها لم تتردد بالمرة عن الإعتذار كلما ثبت لها ذلك.
2- تحدث السيد محمد العروسي الهاني في مقالته عن تجاوز البعض لما أسماها « ضوابط أخلاقية حددها قانون الصحافة ». ونحن هنا نرى لزاما علينا أن نوضح للجميع أننا لسنا مؤسسة صحافية بالمعنى التقليدي للكلمة ونحن لا نعتبر أنفسنا – إلى حد الساعة – صحافيين بالمعنى الحرفي والمهني للكلمة. فنحن في الواقع مجموعة من المتطوعين الذين قرروا كسر جدار الصمت الذي كان يلف بتونس في التسعينات (و لا يزال) عن طريق تجربة مبتكرة تتمثل في إعداد نشرية يومية مكثفة توفر مادة إعلامية متنوعة وبلغات متعددة (تشمل الخبر والتحليل والتعليق والمقال التحليلي والرأي والدراسة والصوت والصورة والفيديو وكل ما يمكن الحصول عليه من مواد) ننقلها للمشتركين داخل البلاد التونسية مباشرة عن طريق البريد الالكتروني من أجل مساعدتهم على فهم ما يحدث في بلادهم ولإطلاعهم على أحدث المعطيات المتداولة ومن أجل تعريفهم بما في الطيف التونسي من ألوان وتعددية واقعية. لذلك وبالعودة إلى قانون الصحافة التونسي (الذي يُجمع المهنيون المستقلون منذ فترة طويلة على ضرورة تغييره واستبدال العديد من بنوده الزجرية والقمعية) فنحن – وبكل بساطة – لسنا معنيين به بالمرة ولا يُلزمنا في شيء. لكن هذا لا يعني أننا لا نلتزم بأية ضوابط بالمرة. فنحن مواطنون تونسيون عرب ومسلمون نحرص على الإلتزام بالكثير من الأخلاق الرفيعة والقيم الأصيلة كما أننا نقيم في بلدان متقدمة يحكمها القانون توفر تشريعاتها سقفا عاليا لحرية التعبير والتفكير والرأي وتحظر في نفس الوقت الكثير من التجاوزات التي تتعلق بخصوصيات الحياة الشخصية وأعراض الناس لكنها لا تضع أية حدود على انتقاد أداء الحكام الحاليين والسابقين والمسؤولين والشخصيات العمومية وكل من يتصدى للشأن العام على أي مستوى كان.
3- إن « تونس نيوز » حرصت منذ اليوم الأول لانطلاقتها على فتح المجال أمام التونسيين – كل التونسيين – للتعبير عن آراءهم بأقصى قدر من الحرية وفي إطار البعد عن الثلب والشتم وانتهاك الأعراض. لذلك كان من الطبيعي أن تتغاضى هيئة التحرير – في سعيها لرفع سقف الحوار بين التونسيين إلى أقصى حد ممكن – عن بعض « التجاوزات الطفيفة » التي لا تخلو منها المساهمات الواردة عليها نظرا لما يسود البلاد من انسداد لسبل الحوار وكبت فظيع للأفكار وتجريم للرأي الآخر ورفض مرضي مزمن ومتخلف للآراء المعارضة بكل توجهاتها.
4- لا بد من الإعتراف – يا سي العروسي الهاني ويا قراءنا الكرام – أن المجتمع التونسي يموج اليوم في العشرية الأولى من الألفية الثالثة بالأفكار والرؤى والتوجهات وأن جملة من الخلافات القائمة بين مكونات نخبته وبين أبنائه وبناته حقيقية وحادة وجوهرية وهو واقع لا مجال لإنكاره أو التعامي عنه أو القفز عليه. وقد حاولنا – ولا زلنا نحاول يوميا – في تونس نيوز أن تتسع صدورنا للجميع من أجل أن يتعرف التونسيون على بعضهم البعض ومن أجل أن يفهم التونسيون آراء وأفكار بعضهم البعض ومن أجل أن يتدرب التونسيون على تحمل بعضهم البعض تمهيدا لإقرار أجواء ومواثيق التعايش السلمي بين جميع مكونات هذا الوطن الذي ليس لنا غيره. لذلك نشرنا – ولا زلنا ننشر – للتونسيين جميعا .. للشيوعيين وللسلفيين وللإسلاميين ولليبراليين وللدستوريين وللوطد وللنقابيين بمختلف توجهاتهم وللعلمانيين وللرابطيين وللقوميين بمختلف أصنافهم وللتجمعيين وللتحريريين وللحركات النسوية وللنهضويين وللشيعة ولليوسفيين ولأقصى اليسار وللأحزاب والجمعيات المعترف بها وللأحزاب والجمعيات المحظورة ولأي مواطن ومواطنة عادي لا نعت ولا صفة له.
5- إن إشكالية عدم التوقيع بالأسماء الحقيقية على عدد من المواضيع المنشورة في نشرتنا اليومية لا زالت مثيرة للجدل والخلاف. أولا، لا بد من أن يقر الجميع بحق كل تونسي (مهما كانت نواياه الحقيقية) في ظل أوضاعنا الحالية من أن يكتب ويعبر عن آراءه وأن يشارك في السجالات الوطنية وأن يدلي بدلوه في كل ما يهم بلاده ووطنه وشعبه. ثانيا، لا بد من التذكير مرة أخرى بأنه عندما نقرر النشر لأي شخص أو جهة (مهما كان التوجه أو الصفة)، فنحن – في هيئة التحرير – لا نتبنى ما يقال في النصوص المنشورة ولا نؤيد ما يرد فيها من مزاعم أو اتهامات أو ما شابه بل إن هدفنا الثابت يتمثل في الحرص على رفع سقف الحرية في بلادنا ولمواطنينا وعلى تمكين أصحاب الآراء والأفكار (مهما تباينت) من عرض ما لديهم على التونسيين والتونسيات في ظل التصحر الرهيب للساحة الوطنية. ثالثا، لا يجب أن يتم التغافل عن مفردات الواقع التونسي الأليم والرهيب الذي يسمح فيه نظام سياسي قمعي لنفسه بخنق أنفاس شعب متطور والإصرار على حرمانه من أبسط حقوقه في التعبير والنقد والرفض وما مأساة الأستاذ محمد عبو (فرج الله عنه وعن جميع مساجين الرأي والسياسة في تونس) وعشرات الشبان من جرجيس وأريانة وبنزرت وغيرها عنا ببعيد.
6- أخيرا وحتى لا نطيل على السادة القراء، نرجوكم لا تُـحـمّـلـوا « تونس نيوز » ما لا تطيق. فنحن لا نعمل في ظروف إعلامية عادية علنية ونحن لسنا متواجدين في داخل وطننا وضمن أطر شفافة وقانونية واضحة. نحن متطوعون قليلو العدد نجتهد – بما أوتينا من معرفة وهي محدودة .. وبما لدينا من إمكانيات وهي شحيحة – من أجل أن تتاح الفرصة لكل تونسي لكي يتمكن من التعبير عن رأيه في حدود المعقول وفي ظل الإحترام المتبادل (وهو مجال واسع رحب لا نريد تضييقه). لذلك ندعو الجميع إلى تجنب الحساسية المفرطة ووضع الأمور في نصابها الحقيقي. فنحن نعتقد أن الإنتقادات – مهما كانت حدتها أو شططها – أفضل من النفاق المتبادل الذي لا يؤدي إلا إلى تعفن الأوضاع .. والنظر في المرآة لمشاهدة الواقع بدون مكياج أو تزييف أفضل من أي شكل من أشكال المداهنة.. وتصارع الأفكار والآراء (ولو احتد الصراع أحيانا) أفضل مليون مرة من التقاتل وسفك الدماء.. وحصول بعض ما يعتبره البعض « تجاوزات » اليوم أفضل من اللجوء إلى العنف أو السلاح لا سمح الله لحسم النقاشات والخلافات والعداوات المتراكمة غدا..
وفي الختام، شكرا جزيلا لكم على مطالعتكم لنا وعلى دعمكم وتفهمكم لظروفنا.
فريق « تونس نيوز »
7 ماي 2006
مهلا قافلة العودة .. الوطنية غريزة وجهاد الظلم فضيلة
كلمات قصيرة يسيرة أسوقها بين يدي الناس بمناسبة عودة التبشير بقافلة العودة إلى تونس من لدن بعض من نفتهم عصابة الفساد والسلب قبل عقد ونيف .
لا ريب في كون حرية الرأي في مثل هذه المواضيع هي خير ما تترصع به الجباه الحرة حتى لا نستجير من نار التكفير الديني برمضاء التخوين السياسي ولا يخفى على عاقل بأن قيمة الحرية مكرمة تنضح بها الافئدة الحرة وكفى الحرية فخرا أن ولي النعمة العظمى سبحانه أناط بها رسالة وجودنا في هذا الكون الفسيح وكفى الانسان عزا أنه حر حتى حيال مالكه وصانعه وليس بعد ذلك أبلغ من أن التحرر رسالة الانسان طرا أبدا وأن عقابيل التحرر حتى من هوى النفس أولى بالدك دكا دونه الحياة الدنيا في يم زينتها إذ عندها فحسب يكتمل إمتحان التحرر ليفضي إلى حلاوة العبادة فلا شيء يصنع العبادة كالتحرر ولا شيء يصنع التحرر كالعبادة ولا شيء يصنع الانسان كإجتماع التحرر بالعبادة . من أدرك ذلك فهو الحي المؤهل لادراك كيف يموت الحر نشدانا لحلاوة الحرية وكيف يعيش العبد ولهانا بسعره في سوق النخاسة .
مهلا قافلة العودة … الوطنية غريزة : معلم الوطنية الاكبر هو سيد الاحرار وإمام العباد
كثيرا ما تكون كلمات جميلة تحمل قيما سامية تهذب ذوق الانسان وتند به عن شراهة العجماوات فسرعان ما تشغب عليها الشاغبات فتخرم أصلها وتغتال أمها وتحتال على الناس بها وليس بعيدا عن ذلك قيمة الوطنية . داء آخر وبيل كثيرا ما يطغى فينا حيال تلك القمية أو هذه وهو داء صرم حبال التكامل بين الاشياء لصالح نظرة موضعية جزئية تقول دوما » أنا » ولا شأن لي بعد ذلك .
أظن أنه سبحانه أسكن نطفتنا الادمية الاولى الجنة لغرس غريزة الشوق إليها دوما سيما أنه يعلم سبحانه أن الارض ستكون بعد ذلك مثوانا . أول وطن للانسان إذن هو الجنة إلا أن يهرف مع الهارفين بقرودية أصله فذلك يولي نفسه ما تولى . أين موطنك في الارض ؟ غلب على الناس القهر فلم يعد الانسان مكرم بقوله » وحملناهم في البر والبحر » فدالت الدول وإنتصبت الحكومات وتنزلت التشريعات وأصبح الولاء لدولة يغتصبها واحد من الناس فيحل فيها وتحل فيه ويعبد الناس لقطعة أرض وإسم وعلم ونشيد وطائفة تخدم الزعيم القائد ثم يجار على قيمة الوطنية فتبتسر شر إبتسار فإذا هي قومية قذرة تناصب الناس العداء . ولم تكن التجربة البورقيبية وهي تذرر الرابطة الاجتماعية للناس وتلحقهم بمفهوم المواطنة وقيمة الوطن خير الاوطان سوى عملية إغتصاب لقيمة الوطنية ضمن أبعادها الاسلامية والانسانية الصحيحة . ورثنا نحن ذلك وظننا أن إخواننا في الخليج والشام فضلا عن سائر العرب والمسلمين من غير طينة الصلصال ذي الحمإ المسنون . والنتيجة الثقافية هي أن قيمة الوطنية فينا تعرضت لعملية إغتصاب شنيعة إذ إنفصلت عن أصلها الانساني الرحب وغدت مذنبا تائها ولعل أكثر ما تجلى ذلك في المباريات الرياضية سيما في مقابلات كرة القدم حيث يتأجج ما شأنه تهذيب الارواح وتشذيب الاذواق حاكيا حروب الجاهلية الاولى .
إذا كانت الوطنية تعني في مفهومها الاول المؤسس لها ذلك الشعور الباطني المؤجج لحب ما ألفه الانسان في سني صباه الاولى من مكان وزمان وأهل وأطلال فإن الوطنية غريزة جبل عليها الانسان جبلة كسائر المشاعر الذي خلق عليها وليست تلك الغرائز سوى لحكمة وضعها الباري يدركها من سلم للباري في ملكه ومنها أن غريزة حب الموطن الاول بكل معالمه من لدن الانسان خادم لاكبر وأقوى غريزة إنسانية طرا مطلقا وهي غريزة حب البقاء إذ لولا غريزة حب البقاء بحب الموطن الاول والميل الفطري جنسيا من الزوجين ـ لغة لا شرعا ـ لانتفت إرادة الرحمان سبحانه في الخلق والابتلاء والعبادة والاخرة وهل يملك مغرور تعطيل تلك الارادة ؟
الوطنية إذن فطرة مجبولة ولم تكن أبدا ـ عند الانسان والحيوان معا ـ قيمة مكتسبة وحكمة الحكم منها : صلة الرحم كونا وأرضا ورسما وأكبادا حرى بالحب ثملى . ومن ذا يتولد شعور الانسان بفريضة حب الخير لرحمه والدفاع عن موطنه وكل ذلك مغروز فينا فطرة مفطورة كما فطرنا على كره من أساء إلينا وعلى الاكل تسكينا للجوع والشرب إحتماء من أذى الظمإ وإتيان النساء نشدانا للبقاء والذكر وإشباعا للذة .
سل نفسك هذا السؤال : لو كنت ماليزيا أو أمريكيا ألست أكون أمريكي أو ماليزي الهوى الوطني؟ سل نفسك سؤالا آخر : أنا تونسي مولدا ونشأة كابرا عن كابرا ولد لي ولد بفرنسا مثلا وبها نشأ وترعرع وشب أليس أكون تونسي الوطنية في حين يكون ولدي فرنسي الوطنية ولا تثريب على أحد منا رغم صلتي به وصلته بي ؟ النتيجة هي : لست أنت من أخترت وطنيتك التي تجعل منها اليوم قيمة مكتسبة ولكن أباك ـ لغة لا عرفا ـ هو من أكسبك وطنيتك كما أكسبك مشروعية وجودك أصلا .
لا يعني ذلك أن الوطنية قيمة سلبية ولكنها قيمة إيجابية تخدم مقاصد صلة الرحم والرجوع إلى الاصل وحب الاوطان والذب عنها ـ لا عمن إغتصبوها قهرا ـ ولكن ذلك يعني أن الوطنية قيمة فطرية لانها غريزة لم يكدح واحد منا لنيلها ولكنها رحمة مهداة ونعمة مسداة ومن ذا تكون الوطنية قيمة إسلامية ضمن بعدها الانساني الرحب الفسيح والنتيجة أن الوطنية مسؤولية مفروضة حملها الانسان ـ كل إنسان أبدا مطلقا ـ فهو مسؤول عنها يومين : اليوم وغدا حين يكلمه الرحمان سبحانه ليس بينهما ترجمان .
إذا كان ذلك كذلك فإنه لا مجال لتهمة الخيانة الوطنية إلا في حالات محدودة جدا لا تنطبق بالتأكيد على واحد من التونسيين ـ تونس مثالا ـ إلا فيما ندر جدا بل قد نسمي العمل خيانة وطنية ولا نسمي صاحبه خائنا كما هو معلوم في فقه الاجتهاد القضائي تمييزا للفعل عن الفاعل ودرء للحدود بالشبهات وتكريما بالنتيجة للانسان .
هل تقبل أن يكون إسوتك الحسنة في الوطنية الاسلامية محمد عليه السلام ؟
كنت بالامس بالمناسبة أستمع إلى الدكتور مصالحة الممثل الاسبق لفلسطين لدى منظمة اليونسكو والمسكين يقول بالحرف الواحد لفرط جهله » أنا مسلم دينيا وليس سياسيا » . ملأني الاسف الاسيف ورب الكعبة حقا فقلت في نفسي لو طلع علينا من يقول » أنا مسلم دينيا وليس إقتصاديا » وآخر » .. وليس فكريا » وآخر » .. وليس وطنيا » وآخر وآخر .. ثم نجتمع ضمن شعب أو أمة هل ترانا نقيم دينا أو نعمر دنيا ؟ لا بد من الاقرار بأن حركة التغريب والعلمنة نجحت نجاحا باهرا في غرس مباضعها الاليمة في جسدنا الجمعي ولابد من الاقرار بأن أولى المواجهات بالاعلان إستعادة لمشروعيتنا وإسترجاعا لسلطتنا هي المواجهة الثقافية التي ما ينبغي تأخرها حتى وطعن القنا يدمدم وخفق البنود يحمحم . الانسان كائن ثقافي أو لايكون كما قال الحكماء.
ما شأن محمد عليه السلام بالوطنية ؟ ذلك وهم عابر شغب به الحداثيون . ما الذي جعله يذرف دموع الفراق على مكة التي حاربته وقتلت النساء على دربه وسجنته وشردت أصحابه ثم شردته وطردته شر طردة ؟ أليس ذلك أبلغ دليل على قولي بأن الوطنية غريزة فطرية آدمية لا شأن لها بكفر ولا بإيمان ؟ لو لم يزود الانسان بتلك الغريزة لانتسب لغير أهله ولتحالف مع عدو أهله بغير حق . مكة يومها كانت وطنا بتعبيرنا المعاصر وليست مجرد موطن محلي وكذا كانت يثرب لابل كانت القبيلة يومها دولة تتمتع بما تتمتع به الدولة اليوم : الشرعية والسيادة . وظاهرة الشعراء الخارجين عن القبيلة يومها أبلغ دليل على ذلك وكذا نظام العاقلة التأميني الاجتماعي الذي أقره التشريع الاسلامي بعد ذلك .
ذرفت عيناه الكريمتان دموعا حرى بالحب لمكة وأهلها أطلالا ورحما ورسما ثملى وبذات الدموع إغرورقت عيون الاصحاب المهجرين حتى تهدجت الحناجر وإنقدحت بالشعر الوطني القرائح ولم تسكن تلك العواطف الجياشة سوى حنينا لامل ظل يبثه القائد العظيم المعلم عليه السلام في أن كل خطوة من خطوات الهجرة تنسج حبلا من حبال سفينة العودة .
كل خطوة من خطوات السيرة بعد ذلك كانت تحمل في أحشائها بذرة عمل على درب العودة بدء من فداء أسرى بدر الذين قال فيهم الصديق » هم أهلك » وإنتهاء بصلح الحديبية والتحالف مع غطفان ذلك التحالف الذي كان سببا لفتح مكة بالسلم والعفو والصفح ولم الشمل ومنح الاجارة وصلة الرحم الكافر .
خطط إذن عليه السلام للعودة فعاد بإذنه سبحانه منتصرا فاتحا لم تزده السفاهات إلا حلما .
سؤالي المحرج جدا لا يتعلق بما أنف ذكره بل هو : أي وطنية إسلامية تجعل محمدا عليه السلام يعود بعد فتح مكة مباشرة إلى مهده الثاني يثرب ؟ كيف يخطط للعودة فلما عاد مظفرا آثر غير أهله على أهله وغير رحمه على رحمه ؟ ألكونه مرتبطا مع الانصار بمعاهدة العقبة ؟ ألذلك فحسب ؟ أخطأ الحساب إذن ؟ لم يكن يحلم يوم العقبة بعودة إذن ؟ نبوة لا ترعاها سماء إذن ؟
فجأة ماتت فيه عليه السلام فطرة الوطنية وغابت غريزتها إذن ؟ أم تراه جامل الانصار ؟ لم لم يوص على الاقل بدفنه في مكة إكراما لرحمه وأهله ؟ ألم أقل لك بأن السؤال محرج جدا ؟
قال قائل : لا حرج كلما إختار عليه السلام موطنا ينتمي لدولته حتى لو لم يكن وطنه الاصلي .
قلت : ذاك مفهوم إسلامي للوطنية لا يتاح لكل من هب ودب توشحه . مفهوم يغلب الهوى حتى لو كان الهوى إسلامي الهوى قحا حرا أصيلا . ذاك مفهوم للوطنية يجعلها حلقة هادئة في سلسلة من الوطنيات والولاءات طويلة عريقة . ذاك هو المفهوم الروحي للوطنية حين تأبى الاوطان الاصلية مجرد الاذن لدفن جثة معارض مات منافحا عن وطنه بينما تقلد أدعياء الوطنية ملاءتها ليكيدوا لها كيدا غافلين عن كون الظالم الجائر لا يكون وطنيا أبدا سوى أن ذلك مؤجل ليوم تشخص فيه الابصار .
إذا كنت وطنيا على درب محمد عليه السلام إذن فإن طريق العودة إلى الوطن طريق محفوف بأعلام العزة مفروش بزرابي الكرامة وأنت تعلم أن العزة والكرامة يولدان من رحم الحرية .
وأنت تعلم أن حريتك الشخصية فضلا عن التعبدية الخاصة حتى لو تحققتا اليوم فإنهما لا يساويان شيئا أمام حرية شعبك وكرامة أهلك فلمن تحيا أنت ؟ ألنفسك ؟
الوطنية الاسلامية على درب محمد عليه السلام تنطق بأن مهمة التحرير مقدمة على مهمة العودة حتى لوكانت عودة جماعية فإذا تحررت البلاد فعندها قل أرض الله واسعة وكرم نفسك بما كرمك به ربك » وحملناهم في البر والبحر » بما تملك من جواز سفر لا تحجز عنها تأشيرة شرقا أو غربا .
مهمة التحرير مهمة جماعية تضامنية بين كل الاطراف والاطياف لا يقصى عنها مشارك ولا ينأى بنفسه عنها سوى يائس من الله وقانط من قيمة الانسان ومثل الحرية ومعنى الجماعة لغة لا عرفا . مهمة التحرير لا تكتمل أبدا ولكن العبرة بالعمل على دربها دوما والناس هم من يتواضعون على كون مهمة التحرير بلغت حدا أدنى يسمح بالعودة أم أن العودة لا تعدو أن تكون يأسا وإلقاء لسلاح الكلمة أو إشباعا لهوى حتى لو كان مشروعا . من هم أولئك الناس : محيطك الذي تتعامل معه أي ذلك الجزء من وطنك المهجر أما المروق عن ذلك فلا يسمى عند العقلاء حرية رأي ولكن يسمى عندهم خرقا لسفينة الاجماع التي أوصانا بها عليه السلام في ما عرف بحديث السفينة .
مهلا قافلة العودة ..جهاد الظلم فضيلة : أقبح القبح نقض غزل
كاد يقر في قلوب كثيرة فينا بأن ملحمة الجهاد ضد الطغيان السياسي قبل عقود في تونس كانت عبث أطفال صغار يلهون . إنطلقت القضية حين أخلد الناس إلى تقويم الماضي إخلادا لا محيص عنه لعمل فتباينت الاراء وتضاربت وخلص كل فريق إلى حصائل يشتركون فيها مع هذا ويختلفون فيها عن ذاك وظللنا كذلك نلوك الماضي ونتقاذف بالتهم ثم إنصرف كل واحد منا إلى شأنه والقلوب متفرقة والعصبيات للاراء مستحكمة وكان جديرا بنا يومها بالذات أن نتحاور فلم نفعل ولم يسع بعضنا إلى بعض إلا قليلا . في أثناء ذلك وبعده زرعنا في أنفسنا ثقافة قولية وعملية مفادها أن المقومات الاولى لعملنا الاسلامي قبل ثلاثة عقود لم تكن خالصة بالحكمة المطلوبة فما كان ينبغي مثلا أن نهتم بالشأن السياسي إلى حد الانضواء تحت حزب سياسي وما كان ينبغي لذلك الحزب أن يؤخر شؤون الدعوة والثقافة والفكر والاجتماع وما كان ينبغي له أن يدخل في مواجهات مع السلطة الحاكمة ولو إضطرارا وغير ذلك مما رسخ قناعة عند بعضنا بأن التجربة بأسرها حتى في منطلقاتها الاساسية وثوابتها العامة معرضة للمساءلة ورغم أن ذلك مشروع ومطلوب عقلا وفطرة وشرعا ومصلحة فإن عاملين لم يكونا ليصححا وضعه وهما : التقويم الشامل الذي يسائل المرتكزات الكبرى لا يكون ساعة تفرق الشمل سيما بين سجين وشريد ولا ساعة إطفاء الحريق وثانيهما هو أن ذلك التقويم حتى لو أتى على تلك الاسس العظمى فإنه ما ينبغي له أن يبرر أبدا مطلقا وفي كل الاحوال حالة تشتت غير معلنة سيما من لدن الرواحل الذين كانوا بالامس القريب وقود ذات المرحلة موضع المساءلة والمحاكمة . وليس يعني ذلك عدم الاعتراف بالتعدد الحزبي داخل الدائرة الاسلامية الواحدة ـ الوسطية مثلا ـ وفق أي الاسس كان ذلك كلما تحمل الرجال مسؤولياتهم حيال : هوى النفس المحرض دوما على الفرقة من أجل التمكن بالقهر وإحداث التنوع المخصب دعما للتخصص مثلا . لا بل ربما لا يتناسب وضع أمة ممزقة الاوصال حتى وهي تحاول النهوض سوى بتعدد إسلامي ومعارض عام حتى إشعار آخر في طور آخر ووضع آخر أكثر مناسبة لثقافة الجماعة والوحدة والتعاون .
تناسى كثير منا في غمرة تلك التقويمات والاختلافات والتفرقات بأن قيمة الجهاد ضد الصلف والعدوان فضيلة تأتيها الفطر السليمة والعقول الحكيمة فضلا عن كون الاسلام دين لغته الاصلاح وجنة دنياه التغيير ورأسماله الانسان وأفضل التوبات طرا توبة الساكت عن الحق ولو تتبعت آيات التوبة والاوبة في الذكر الحكيم لالفيت عجبا ألفيته بنفسي وهو أن جل أعمال التوبة مقرونة بالاصلاح فكأن التائب الذي لا يصلح في قادمات لياليه ليس له من توبته سوى الدعوى أو لكأن التوبة بالصلاح غير كافية لجب ما قبلها ولكنها بالاصلاح كفيلة بتبديل السيئات حسنات كما قال الامام الشعرواي عليه الرحمة والرضوان .
غفل كثير منا على كون الجهاد لتحرير الانسان من نير الاستعباد في تونس هو مراد الاسلام ومقصده الاسنى وأن فرسان ذلك الجهاد ـ سيما أنه كان جهادا مضبوطا بسورة الحج » في الله » و » حق الجهاد » أي مخلصا وفي موضعه المناسب ـ هم أولياء الله وأصفياؤه من خلقه وأكثر التونسيين وطنية وحبا للوطن وغيرة عليه .
إسأل نفسك : لو كنت مخلصا في عملي ولكني أخطأت السبيل جزئيا لسوء تقدير فيما يختلف فيه الناس عادة هل أحرم ثوابا بسبب ذلك ؟ طبعا لا وقصة المتصدق على سارق وزانية وغني أبلغ دليل وغيرها كثير لا يحصى وليس يعني ذلك حطة قيمة الحكمة والسداد والاتقان والاحسان في التقدير والعلم والمشورة ولكن ذلك يعني أن العمل لا تحبطه سوى الطوية الفاسدة أبدا . إذا كان ربك سبحانه لفرط رحمته السابقة على غضبه يبدل فجور راقصة بغي لعقود طويلة حسنات تطاول الراسيات الشامخات لو تابت فكيف لا يبدل عملك الاسلامي المخلص لوجهه على خطئه الثقيل العظيم إفتراضا منا ومنك حسنات مذخورة ؟ ألا تقيس الامور ؟
نحن قوم نبالغ كثيرا في نقد أنفسنا إلى حد الجلد الذي سرعان ما ينقلب إلى ضده حين يبلغ حده وليست تلك فضيلة حتى لو قارنتها بمن يجد عن نفسه الرضى دوما فيضحى النقد الذاتي بدعة مكروهة إنما الفضيلة دوما هي في ما قال الامام علي » منهج عدل وسط يلحق به التالي ويفيئ إليه الغالي « .
أكثر القيم المسؤولة عن تشتت صفنا : المصالحة
أخطأنا في التجربة السابقة قطعا ولكن تلك الاخطاء على كثرتها وثقلها أحيانا تظل دوما جزئية صغيرة . لم ؟ أولا لانها ليست أخلاقية متعلقة بالمال العام ولا بالوطنية بل ربما كانت مناسيب ذلك فينا مغلظة إلى حد بناء عقلية مثالية حالمة . ثانيا لان تلك الاخطاء لم تأت على الاسس التي أنطلقنا منها سيما : الصفة الاسلامية والصفة السياسية والصفة السلمية . كانت أخطاؤنا إذن عملية إجرائية تنزيلية والاجدر من ذلك كله هو كون تلك الاخطاء كانت مثار حوارات مطولة معمقة موسعة جدا جدا شارك فيها شباب يافع لم يكن الواحد منهم قد بلغ الحلم يوم كانت تلك الاخطاء ترتكب ثم هي موثقة في كتب منشورة معروفة معلومة ومتبناة من لدن الجهة الرسمية .
أظن أن المنهج العلمي الاقوم لو طوقنا به تجربتنا تلك لقال بصريح العبارة بأن التجربة كانت إيجابية في محصولها العام فكرا وعملا رغم الاخطاء الكثيرة التي صاحبتها أما التفسير الاحادي الذي يفسر الظواهر المعقدة بعامل واحد فذلك أبسط من أن يزج بنفسه في حوارات التفكير فإذا كانت مثلا ظاهرة الاستبداد السياسي وربما حتى ظاهرة تجفيف منابع التدين في تونس مثلا سببها الواحد الاوحد هو قيام حركة إسلامية سياسية سلمية مقاومة فإن الحل عندها لن يكون بكل بساطة وسذاجة سوى حصد تلك الحركة وإستئصال شافتها وبمعرفة السبب يبطل العجب كما قالت العرب ولكن ألا ترى معي بأن ذلك هو عين ما تم التخطيط له غير أن النتيجة أظهرت أن الامر لم يزد الاستبداد إلا ظهورا والتدين إلا بروزا ؟ علاج الظواهر الاجتماعية يتخذ له ذات منهج الظواهر العضوية فكن طبيبا في الحقل الاجتماعي أما الجزئية فمن شأن المتطببين .
ربما يكون أغلب ما يختلف حوله الناس اليوم هو موقف تلك الحركة من موضوع المصالحة مع السلطة الحاكمة وهو في تقديري أكبر موضع حواري ينقسم حوله الناس فمنهم من ينحو ذات اليمين مدا بعيدا إذ يرى أنه لم يكن ثمة داع أبدا للاهتمام السياسي سيما بالشكل الذي ظهر عليه ذلك الاهتمام في بداية الثمانينات ومنهم من ينحو ذات الشمال مدا أبعد إذ يرى أن القوة المادية هي الفيصل بإختصار شديد . الفريق الثالث وهو الاوسع في كل موقع يرى في منطقة عدل بين ذلك سوى أنه ينقسم في شأن المصالحة فمنهم من يرى بأن الحركة لم تدخرا جهدا لاعلان القطيعة قولا وعملا مع السلطة الحاكمة ومنهم من يرى عكس ذلك ولعلي لا أجانب صوابا لو إدعيت بأن الكم الاكبر يتوسط بين ذلك سواء بالقول بأن المصالحة لم تكن غريبة عنا يوما ولو حصل ما يشبه التقصير فيها أو بأنها كانت تصبحا وتمسينا حتى رهنا كل شيء لها والحقيقة التي لا مراء فيها بأن المصالحة ـ وقد فصلت فيها تفصيلا في مقال سابق أثار الذي أثار ـ كانت ديدننا على مدى عقد ونصف كامل غير أننا أردناها مصالحة فيها قدر من الكرامة لاننا نقيم أنفسنا على أساس أننا فرسان ملحمة التحرر في تونس مع شركائنا ولسنا مجرمي حق عام كما أردناها مصالحة حركة سياسية لها ميراثها وأسسها وليست مصالحة أفراد زلت بهم القدم فلجؤوا إلى طرق الخلاص الفردي الذي كان دوما مفتوحا ولم يغلق يوما حتى في أشد ساعات عصابة البغي بغيا وعدوانا . والابهر من ذلك أننا أردناها مصالحة شاملة بين مجتمع مقهور وبين دولة تدك أركانه دكا مريعا على مدى نصف قرن كامل . ذلك هو ذنب مصالحتنا الوحيد . لا يلام طبعا الطرف المقابل على رفض كل ذلك بحكم كونه المنتصر المتحكم القوي في يوم إندحر فيه المعسكر الاشتراكي إندحارا وتربعت فيه أمريكا المتصهينة على مقدرات الدنيا . لا يلام بالمعيار الانتهازي المادي لان كذبة السيادة الوطنية كذبة وقحة في إثر معطيات دولية معلومة فرضت الالحاق والتبعية علينا فرضا ولم يكن واحد منا يملك بديلا في ظل الانقسام العربي والتشتت الاسلامي .
التفاعل مع المصالحة إذن شتت بعض صفوفنا وكان الاولى وضع مبدإ لا نحيد عنه أبدا وهو أن المصالحة عمل جماعي وليس فرديا ومن شأن الاعمال الجماعية أن تعبر عنها أطر ومؤسسات حتى تكون سياسية رسمية تكتسب وزنها وثقلها وكان الاولى بتلك المؤسسات أن تجمع إليها كل الناس وكان الاولى بكل الناس أن يؤثروا فيها حبا وكرها وتلك هي مقتضيات التدافع الاسلامي الاسلامي أم هي سنة لا مجال لها فينا ؟
كانت النتيجة إذن هي أن فتحت أبواب المصالحات الفردية على أساس الخلاص الفردي وتسوية الاوضاع الشخصية وهو مشروع تجندت له الدولة ذات يوم بالكامل وجندت له منا من جندت ولن تزال بالتأكيد فيما يرشح هنا وهناك ولا لوم على سلطة باغية تفعل ذلك .
سؤال محرج جدا :
إذا كان طريق المصالحات الفردية وتسوية الاوضاع الشخصية طريقا مأمون العواقب أفلم يكن المساجين أحق بها وأولى ؟ لقد جربوا هذا في السنوات الاولى بعيد المحاكمة العسكرية في بداية التسعينات مع الشيخ العكروت في مسرحية هابطة عابثة إذ أخذوه في سيارة فارهة يقطعون به شوارع العاصمة وما حولها متخيرين بعض الانجازات المادية من طرقات ومستشفيات مصرحين له بلسان الحال والمقال معا بأن الاوفق به وبمن معه من مساجين الصبغة الخاصة طلب العفو من رئيس الدولة ولو بإشارة غامضة أو إيماءة غير مفهومة أو إدانة للعنف حتى لو كان المقصود به عنف البعوض وبذا يتم تسريحهم وطي هذا الملف . لم يكد قيادي واحد تقريبا يسلم من عمل مماثل ولو إختلفت صور الترغيب وإسألوا من خرج منهم وسيخبركم من سيخرج منهم بإذنه سبحانه .
لو كان واحد من المساجين يقدر مجرد تقدير بأن خروجه من السجن الذي يموت فيه إخوانه بمعدل جثة كل ثلاثة أشهر تقريبا أنفع للدعوة وأصلح للحركة وأوفق للبلاد وأدعى للمصالحة هل كان يتأخر يوما واحدا ؟
لا يصدق كثير منا اليوم بأن كل من جرت معهم تلك المحاولات تقريبا تواضعوا دون سابق إتفاق بينهم سوى ما توارثوه من أدب العمل الجماعي وفضيلة الوفاء وعزيمة الشورى على قول » هذا الامر من مشمولات مؤسسات أنتم أعلم بها وبوجودها وليس عليكم سوى التوجه إليها . «
مهلا قافلة العودة ..أنظرونا قليلا لعل سفينتكم يثقل الله حملها بنا جميعا
ما أريد ورب الكعبة أن أسيء إلى أحد هنا ولا خارج هذا النطاق حتى لو زل القلم بكلمة نبأت عن الخلق القويم أو ندت عن الكرم السليم غير أني لا أقدر أن شرطا واحدا من شروط العودة بدأ ينضج وأسلم للناس جميعا بمثل ما أريد منهم أن يسلموا لي بمطلق الحق في رؤية الاشياء وتقويم الامور حوارا فكريا هادئا أديبا أريبا بعيدا عن التكفير والتخوين إذ ربك سبحانه أعلم بمن تزكى.
ماهي شروط العودة ؟ هي بإختصار شديد توفر حد أدنى من الحريات الخاصة والعامة في تونس تسمح بالتعبير عن الرأي ولو خالف هوى السلطة الحاكمة في كل مجال وميدان سيما من لدن صوت إسلامي يقول عن نفسه أنه كذلك ولا شأن للناس بصحة دعواه .
العودة مشروطة بحد أدنى من الحرية . وأمامنا أمران لا بد من الجدال فيهما : أولهما كيف يعود محاكم بالسجن وثانيهما ماهو أصح توصيف لحالة الحرية في تونس ؟
أظن أنه لا يتسنى لمحاكم بالسجن غيابيا أن يعود إلى بلاده دون تسوية وضعه ولا يكذب علينا كاذب بالقول بأن تسوية الوضع في تونس اليوم ضمن قضية سياسية هو شأن قضائي . إذا كذب كاذب بفرية مماثلة فإن الحوار آن له أن ينقطع وآن لابي حنيفة أن يمد رجليه . رجع بعض إخواننا على حد علمي رغم أن عددهم ربما لا يصل عدد أصابع اليد الواحدة فلم يقف واحد منهم أمام قاض ولكن سويت القضية بينه وبين السفارة أو القنصلية أولا ثم مكن من جوازه وجرى معه تحقيق ولو مخفف في بعض مصالح الامن ثم حفظت القضية وسويت الوضعية . لا أعلم عن تفاصيل تلك التحقيقات والمراسم ولكن الذي لاريب فيه هو تنازل الاخ عن حقه في الانتماء السياسي مثلا وربما عن حقه في العمل السياسي أو إدانته لهذا الطرف أو ذاك . المهم أنه الحلقة الاضعف الذي يطلب منه التصديق على جملة أمور تتناقض مع حريته الشخصية . لا ريب كذلك في كون كل ذلك يمكن في ميزن المصالح والمفاسد أن يجد له مكانا لو رجحت المصالح بالمفاسد ولكن بودي حقيقة أن أستمع إلى بعض من تلك المصالح التي يحققها الرجل وهو يخضع للضغط ويقبل بالتنازل عن حقه . هل يصدق عاقل بأن السلطة تقبل بقولي : تبت عن الماضي وكفى الله المؤمنين القتال ؟ ولو قبلت بذلك كيف أقبل أنا به ؟ أنا في نفسي واحد من فرسان الحرية ولست السجين الاول ولا المشرد الاخير في هذا الكون بسبب إختياري الحر. إختلفت مع أصحابي ورفقاء دربي فكيف أختلف مع المبادئ التي آمنت بها ؟ لو كنت مسلما لنظرت إلى سمية ومن معها ولو كنت وطنيا نظرت إلى مانديلا ولو كنت هذا وذاك لنظرت إليهما معا . هل أريد نمطا من الكفاح السياسي خاصا بي دون غيري من الناس في الغابر واللاحق ؟
أليس علي بعد ذلك أن أجيب عن سؤال : هل الحرية المتاحة اليوم في تونس تسمح لي بحد أدنى من كرامتي ؟ نختلف في ذلك قليلا أو كثيرا ولكن المؤكد أن الانسان اليوم لا يأمن على نفسه حتى في عباداته الشخصية ذكرا كان أم أنثى ويشتد الامر ضراوة إذا كان قد حوكم لاجل ذلك من قبل ضمن تنظيم إسلامي . هب أنني وفقت إلى أداء عباداتي الشخصية فكيف أتعامل مع رسالتي في الاصلاح والتغيير ؟ أؤجلها أم ألغيها ؟ كيف أحيا في بلد لا آمن فيه على زيارة صديق معارض ؟
هل أقارن وضعي هنا بمن خرج من السجن لتوه أو منذ سنوات ؟ طبعا لا . لان السجين قضى عقوبته والسلطة الان تتعامل معه بما تيسر لها . أما أن أفر من جو الامان ومناخ الحرية إلى السجن والتعذيب مختارا فذلك أمر لولاه لما كانت هجرة وحديبية وفتح .
هل تجد لي جوابا واحدا عن علة هجرته عليه السلام بأصحابه مرتين إلى الحبشة ومرة إلى الطائف ومرة إلى المدينة سوى أنه يبحث لدعوته عن الحرية ؟ يبحث لدعوته وليس لدينه . لو رضي بالتدين مع من آمن من أصحابه في مكة دون دعوة في صفوف قريش لما أخرج . كيف أفصل بين الاسلام وبين دعوته ؟
سلمنا مع من يسلم ـ رغم أني لن أسلم ـ بأن للسلطة بعض المنجزات المادية ولكن هل حققت إنجازات في الحريات ولو صغيرة جدا حتى أبتهج بها وأعود بسببها ؟ سلوا الناس من حولكم من كل طائفة وفرقة ولون كانوا حول تونس وموت السياسة والحريات فيها .
إذا كنت تسمع عن العجب العجاب فهذه واحدة منه .
مهلا قافلة العودة …
لا تغلوا في قيمة الوطنية كثيرا فتظل حكرا على هذا فاحشة في حق ذاك
الوطنية غريزة في كل ذات كبد حرى وهي فطرة لا تكتسب ولكنها جبلة وزعها الخلاق الكريم سبحانه على الناس سواسية حتى يكونوا مسؤولين عنها في الدنيا والاخرة وخير من يعلمنا الوطنية الاسلامية هو إمام المرسلين عليه السلام
مقاومة الظلم من لدن أهله يظل دوما فضيلة ما أخلصوا دينهم له سبحانه كائنا ما كانت أخطاؤهم فإذا عد ذلك يوما رذيلة تستوجب الاستتابة فيا موت زرني وسيري يا أميمة بعد موتي إلى قبري بزهر كلليني
نداء العودة أولى به أن يكون مشروعا سياسيا تتداوله العقول وتتطارحه الاقلام يبنى على ما تبنى عليه كل المشاريع الكبيرة إذ يستأمن الانسان بقدر عقله وفقهه لاحوال الدنيا والناس
المصالحات السياسية أعمال كبرى تتولاها المجموعات وتظل مشروعياتها دوما مبناها المصالح والمفاسد ومصلحة الجماعة ـ لغة لا عرفا ـ دوما مقدمة على مصالح الافراد
العودة مشروطة بالحرية وليس على وجه البسيطة فطرة وغريزة دون علم ولا تعليم كائنا ولو كان مخبولا يكره أن يعود إلى موطنه الاصلي ويقف على أطلال صباه متدثرا بأسمال الشوق البرئ
ليس منا من يكره تقبيل خد أمه قبل أن يطوي الموت أحدهما طيا
ليس منا من يكره النهل من نهر بر الوالدين سبيلا إلى جنات عدن وكل واحد منهما يحتاج إلى من يكون ربما وحيده حاجة الاعمى إلى عصاه
ليس منا من يكره أن يمرغ وجهه في تراب مقبرة ضمت أضلع من رباه وعلمه وآواه
والذي نفسي بيده عشرا ثم عشرا كلما أطرقت أفكر في تونس على مدى يناهز نصف دقيقة فحسب خضلت دموعي شيبة كلحت وجهي وأشعلت به لهيبا
والذي نفسي بيده عشرا ثم عشرا كلما ذكرت تونس زفرت زفرات أليمة أجد لصدري بها تصدعا
لست بدعا من كل مشرد مهما كان سبب تشريده ولو منفى إختياريا
لو كانت مبادرة العودة فيما مضى من السنوات وسلف من الاعوام ربما نظرت فيها الانظار أما أن أدعى إلى العودة عبر سفارة السلطة ـ وليس من مجال آخر لذلك ـ مدعوا إلى الاستتابة عن قول الحق فإن ما تركت لي الايام العجاف من إباء يأبى علي إلا اللواذ بكلمة الحق لسبب بسيط جدا وهو أني لا أملك نفسي بل هي عارية عندي وأخبرني مالكها بأن علي ألا أركع لغيره وألا أسجد لسواه كما أخبرني بأني إذا فعلت ذلك حررت نفسي وكنت أهلا لرحمته بعد موتي وإن أبيت خوفا من ضيق رزق أو موت زؤام فإن لعنته تلاحقني حيا وميتا .
أنا رضيت بأن أكون عبدا حرا وتعلمت بأن حريتي في عبادتي وعبادتي في حريتي .
مهلا قافلة العودة … صبرا جميلا وإملؤوا أنفسكم أملا في أن عصابة السوء في تونس في عد تنازلي منذ سنوات قليلة وغدا نعود جميعا مجتمعين كما أخرجنا جميعا مجتمعين في سفينة واحدة فنمرغ الانوف في ربوع تونس الجميلة ونطوف بأطلالنا ونزور مقابر شهداء الحرية ونبدأ عهدا جديدا عنوانه : مواصلة الجهاد على درب الحرية .
مهلا قافلة العودة … أقوانا أصبرنا وليس أجرؤنا وأصبرنا أصبرنا على الناس وأجرؤنا أجرؤنا على الظالمين فلا تركنوا إلى الذين ظلموا ولو بإيماءة طرف فإنهم يألمون بأشد ما تألمون.
مهلا قافلة العودة … لا يملك واحد منكم نفسه ولكن تملكه قضية من أجلها أزهقت أرواح وسالت دماء وشردت أسر وطمست مآذن .
مهلا قافلة العودة … ليس في قضيتكم : قضية حرية شعب أبي عظيم كريم ثمالة من عار ولا شنار حتى تشرونها رخيصة في أسواق تجفيف منابع التدين في بلد أعرق مسجد بعد الحرمات الثلاث : الزيتونة
الهادي بريك ـ ألمانيا
بسم الله الرحمن الرحيم
الكذب حرام يا صديقي الذي لا اعرفه
كان ردي على المقال الذي كتبه الأخ محسن الجندوبي دفاعا على حق العودة وخاطبت الأخ محسن على اساس انه من قيادات الحركة وليس بصفته الفردية ووجهة له اللوم في مسالة موقفه من العودة , وانا احترم موقفه وعليه ان يحترم مواقف الآخرين من دون همز او لمز. وضربت امثلة على اختلاف المطالب باختلاف المواقع والوضعيات [ ففي فترة واحدة المساجين داخل السجن يطالبون بحق رؤية الزوجة والأبناء والأهل والإخوة في الخارج يطالبون بحق التحاق زوجاتهم بهم ] وهذا اساس ما قصدته.
فهي حقوق, اي من حق الأخ ان تلتحق به عائلته ومن حق السجين ان يرى اهله ولكن العيب ان يتحول الإختلاف في المطالب – عند غياب وحدة الصف – الى اتهامات.
احد الذين اطلعوا على مقالي هذا وادعى انه صديق لي ولم يكلف نفسه حتى تعريف القراء بذاته فهو عندي الى حد هذه الساعة نكرة وان ادعى الصداقة لأن من اصول الصحبة ان تكشف عن نفسك لصاحبك وان تحاوره , وهو ايضا عند القراء نكرة , والأفضل عندي ان يعرف صاحب المقال بنفسه حتى يعرفه الآخر وهذا اراه من الأدب في التعامل, موضوع العودة يا صديقي محل اختلاف وفيه العديد من وجهات النظر , انت ايها الصديق ترفض العودة من خلال الملحق الأمني او الداخلية او قد تكون ترفض العودة مطلقا, اما رأيي انا الخاص بي في هذه المرحلة ارحب باي عودة للوطن سواء كانت من خلال وزارة الداخلية او وزراة السياحة او وزارة الفلاحة . موقفي قد تكون فيه سلبيات وموقفك ايضا كذلك لكن الحكيم يبحث عن الحكمة لا غيرها –قد لا تفهم كلامي فاعذرني فالمجال لا يسمح لمزيد من التفصيل.
انت كذبت عليا ايها الصديق الذي لا اعرفه كثيرا وهذا افرحني لأنه اكد لي مجددا موقفي من المسالة الأخلاقية وابتعاد جزء منا عن قيم الدين . اما علمت ايها الصديق ان الكذب حرام ؟
لقد قلت: وأنت اليوم لست إلا مسوقا لبضاعة بن على ماهي بضاعته الظلم والإستبداد هل ظلمت احدا او اعتديت على عرض احد . انت شخصيا – ان كنت موجودا – هل اسات اليك ؟ هل سمعت مني مدحا او مناصرة للسلطة ؟ . فبالأمس القريب نعقت بمواقف كيف لك أن تدانيها اليوم بعد أن زلت بك قدم التنازل والذل والهوان نعقت فهمتها والرد عليها استحي ان يطلع عليه غيرك, اما ما بعدها لم افهمه فانت الظاهر انك من طراز خاص وقد تكون امي. ولكنك وجدت نفسك معنيا بحديثه لأنك تشعر بخزي الدرن الذي ألحقته بنفسك بانسياقك وراء أوهام النظام في العودة نعم انا وجدت نفسي معنيا في جزء من حديث الأخ محسن وان لم يذكرني بالإسم , ويوم عودتي لتونس ماشعرت الا بالعزة فهذا وطني واحبه اكثر منك ايها الصديق , اما انسياقي وراء اوهام النظام في العودة فانا لا اعرف هذه الأوهام التي تتحدث عنها ولعلك اكثر مني اطلاعا . اما ان تبيع نفسك للرد علي بتهكم من دون ان تفقه شيئا, فانت في نظري جاهل لا تعرف ما تقول. قد تتخذ لنفسك من التنظيم مسافة أو موقفا فهذا لا يعفى الحر من الثبات على موقفه وعدم التسليم للظالم إذا كان للرجولة عنده مكان , العودة لا تعني ابدا التراجع عن مبادئ الإسلام او صفتي الإسلامية , قد تكون انت رجل التنظيم القوي , والمجاهد الأكبر والمناضل الأوحد , وفي قمة النضال. اما انا فاقر اني عبد ضعيف كنت بين جماعة اقوى مني واصلب عودا ودواما على النضال والبذل والعطاء وافهم مني للواقع , اكتشفت انه لا دور لي خارج الوطن ولا استطيع ان اقدم اي عمل لإخوان لي في الداخل يعانون المحنة فانسحبت حتى لا يظنون اني اجاهد واناضل في سبيلهم , وتركت المكان لك ولأمثالك فانت الذي في الخارج تجاهد ليلا و نهارا في سبيل القضية . أنا انسحبت حتى لا اكون عبءا على القضية ولا اعطل مسيرتك الجبارة . اما مسالة الثبات على المواقف فاني اسال الله تعالى ان يثبت قلبي على دينه .
إذا كنت صادقا في دعواك مؤمنا بنصيحة الشيخ الحبيب اللوز بالمكوث في تونس وتفضيل السجن على الخروج فلماذا ناقضت نفسك ولم تعمل بالنصيحة انا ايها الصديق- الذي لا اعرفه- قد صرحت اكثر من مرة لأصدقائي اني نادم على مغادرة البلاد , وواعلمك واصارحك ان اوروبا اليوم هي في نظري مجرد مورد رزق ولن تكون غير ذلك . ومن يريد النضال عليها ان يعرف اولا ما هي لوازم وادوات النضال التي يحتاجها حتى لا يستجدي غيره في ساعة العسرة . اما انا فقد اكتشفت عند عودتي ان ابناء تونس في الداخل قد تجاوزوني بسنوات عدة في التفكير والنظرة للحياة فهم اكثر مني علما وتعلما وفقها وتفقها وجهدا وجهادا واتشرف ان اتعلم منهم وعلى ايديهم كيف نواصل المشوار.
اما قولك : لقد ذكرت يا بوعبد الله أنك خلال سنة 1994 كنت مع الشيخ الحبيب اللوز وذكرت بعض حديثك معه ولكنني أضيف ما زهدت فيه وهو أنك مكثت أيضا مع الواشي المدعو مصطفى الفطناسى وإني أستنتج أن ما تصرح به اليوم هو ما كان ذاك الواشي يدعو إليه والذي جندته الداخلية كى يتلصص على الشيخ الحبيب اللوز ولعلمك فقد كنت بالغرفة رقم 6 بالكراكة وقد مكث معنا فترة وإني أعرفه من يكون وما الدور الذي جند له.كلامك هذا عفوا كذبك هذا مضحك ثم انت حر في استنتاجك, انا بقيت صحبة الشيخ اللوز في الغرفة المعزولة لوحدنا مدة طويلة ثم التحق بنا الأخ العجمي الوريمي و لم يكن معنا اي سجين حق عام لكن حتى لا احرجك اكثر قد يكون هذا السجين بقي مع الشيخ بعد نقلتي انا والأخ العجمي من هذه الغرفة. وان كنت انت من نزلاء برج الرومي فقد تكون اكثر مني احتكاكا بمساجين الحق العام لأني في هذا السجن كنت معظم المدة في عزلة . ثم ماهو الأمر الذي صرحت به انا اليوم -2006- وقد دعا اليه الواشي مصطفى -1994؟؟؟؟ .بصراحة هذه الفقرة بعد ان تكشف للقراء عن اسمك تحتاج منك الى توضيح لأني لم افهم القصد منها.
ولماذا أنت عائد إلى سويسرا بعد عودتك المظفرة إلى تونس أم أن شأن الدنيا ما يزال يشدك إليه الدنيا تشدني وانت لا تعرف مكانتها عندي لأنك من الزاهدين ومن التقاة الذين هجروا الدنيا للاخرة , وتركوا متاع الدنيا لأنه يتناقض مع صفة الجهادية , فكيف لمثلك من جعل كل وقته جهادا ان يعرف الدنيا, فالدنيا ليس لها مكان في قلبك , اما انا فضعف ايماني وقلة حيلتي جعلني اقتاة من هذا البلد لذلك عدت للإسترزاق هل هذا حرام او ممنوع او عيب او ماذا ؟فانت مجاهد وانا قاعد ولمثلك تركت الساحة ايها البطل الذي لا تشده الدنيا حتى لا اشغله عن جهاده .
أم أن الصحوة دعتك للعودة لتقودها ولتعقد لها ألوية. أميّ الحبيبة هي التي دعتني للعودة وليست الدعوة يا صديقي , وانا لست اهلا لقيادة دراجة فكيف اقود صحوة, وهذه الصحوة اكبر مني واكثر علما واطلاعا فانا اتشرف ان اتعلم منها, ثم ما دخلك انت بهذه الصحوة ومن ادراك بانها صحوة ام انك تردد اقوال غيرك.؟
لقد كانت عودتك مذلة ودليل ذلك إعراض كل أبناء جهتك عنك لما عدت عودتي عزة وليست ذلة والذلة هي الكذب .الا تستحي عن نفسك وانت تكذب وتدعي انك مسلم انت عار حتى على الجماعة التي تنتمي اليها ان كانت لك جماعة, وانت تحقر من نفسك ان ادعيت باطلا وزورا على غيرك , لو كنت صادقا في قولك هذا لذكرت اسمك , وستصلك الردود من ابناء بلدي يردون عليك كذبك هذا , والكاذب هو الذي يخفي اسمه على القراء فتشجع واذكر اسمك للقراء وسترى كيف سيكون رد فعل ابناء بلدي عليك قولا وفعلا ايها الكذاب. انا قابسي وابن قابس وتربيت على ايادي قابسية وانتميت على يديها للحركة واني اتحداك ان تذكر للقراء اسم شخص واحد اعرض عني من ابناء بلدي , والعديد منهم متواجد في سويسرا ان كنت من سكانها فاعطني اسم شخص واحد, لماذا تحمل نفسك وتدفعها او يدفعونك للكذب فتتحمل هذا الوزر . الا تستحي من الكذب بل تكذب ومن وراء ستار. انا لا اريد ان اعرفك لكن عرف القراء بنفسك . ولعلمك وللرد على امثالك, والله العظيم رغم قصر المدة التي قضيتها بالبلاد كان عدد الزوار لبيتي اكثر منهم عند خروجي من السجن وبيتي يضم الزائرين حتى ساعة متاخرة من الليل. فانا احبهم ويحبونني فهم اهلي واخواني والذي بيننا هو الحب في الله – قد تفتقده انت وامثالك الذين لم يذوقوا طعم الحب في الله -, وستحمل وزر هذا الكذب لتلقى به ربك يوم الدين.
وقد تابعت أخبار العار الذي لحقك ومصداق ذلك قول أحد الإخوة أنه لا يتشرف بمصافحتك وإلقاء السلام عليك وقد علق أخ آخر منكرا عليك سلوكك : لقد تجاوزنا عن عودة النساء فإذا بالرجال تقتفى أثرهن انت كذاب كذاب كذاب ما لم تذكر للجميع اسماء هؤلاء ثم من انت حتى تتبع اخباري ومن كلفك بهذه المهمة الحقيرة التي ارتضيتها لنفسك ؟
وهذه المواقف لم يوضع فيها الأخ محسن الجندوبى وعلاقاته بالداخل على أحسن ما يكون انا لم اذكر هذا في مقالي ولم اتهم الأخ محسن في علاقته بالداخل فلماذا هذا الكذب. ثم قل لي لمصلحة من هذه الأباطيل وماذا تريد من وراءها؟ والأخ محسن الجندوبي لمته فقط في الكلمات التي قالها حول دعاة العودة وكان خطابي له اساسا على اساس انه من القيادات , له الحق ان يعارض لكن من دون لمز او تشهير , اما مطلب التحاق الزوجات بازواجهن فهذا سقته كمثال لتناقض المطالب وليس للحديث عن الأخ محسن فقد يكون هو منهم وقد لا يكون , فليس هو المعني وانما المعني هو ضرب مثل على تناقض المطالب فافهم الكلمات والجمل.
ولكن يبدو يا بوعبد الله أن من مر بالغرفة رقم 9 والمشهورة في برج الرومي بالمنطقة زرعت فيه روح الهزيمة والتخاذل وتخذيل الآخرين هذا الكلام فيه جرح للعديد من ابناء الحركة المسجونين ولا يصدر الا عن حقير انا مضطر لهذه الكلمة لأنه بكلامك هذا قد تجاوزت ذاتي لتقدح في عدد من اخواني الشرفاء الأبطال من ابناء الحركة , فان تجمع بين الكذب والحقارة فانت مأجور ولغاية مشبوهة وجهلك اوقعك في ما لا تحمده عقباه مع العباد ورب العباد ولن تحقق مرادك باذن الله . هذه الغرفة التي كانت مركز للتحقيق والتنكيل داخل سجن برج الرومي تعرف من كان معي فيها؟ في تلك الفترة الأخ عبدالله زواري, سمير ديلو , سمير ساسي , عبد اللطيف الوسلاتي وحوالي 3 اخوة اخرين من العسكرية هل هؤلاء زرعت فيهم روح الهزيمة والتخاذل .انت ماجور وكذاب لأن هؤلاء الرجال وشجعان ومن دعاة عدم الركون, ولعلمك غرفة رقم 9 هذه كانت خصيصا لمن ازعجوا السلطات ياخذونهم اليها وبعدها دائما تاتي العقوبة , ثم تات انت لتقول للناس من مر بها تزرع فيه روح الهزيمة والتخاذل.
ختاما ليس لي عليك تمنى ولكن عليك يا بو عبد الله أن تذكر الرجال الذين قاسمتهم السجن وخاصة الأخ جبران جبران المرابط إلى اليوم في تونس , فهل لديك الشجاعة أن ترفع عينيك فيه اولا هو ليس جبران جبران وانما اسمه فتحي جبران هذا اخي ورفيق محنة وعشرة طويلة زادها الحب في الله متانة ليوم الناس هذا فما بيني وبين فتحي ومحمد وفوزي اقوى من ان تفهمه انت ولا الف من امثالك, فما بيننا اقوى واكثر مما تتصور, نعم انا استحي ان ارفع عيني في وجهه فانا احترمه واقدره ولا اسمح لنفسي حتى بالمشي امامه احتراما له ولشهامته, وانا ما نسيت احدا من اخواني ولن انساهم باذن الله تعالى , والظاهر انك انسان منبت جاف لم تعرف الأخوة والحب في الله ولعلك من الذين اكتشف الحياة الجماعية خارج الوطن لذلك لا تعرف ما تقول في هذا الأمر.
وكان توقيعك في اخر مقالك الآتي : الآضاء صديقك الذى يعرفك وتعرفه جيدا وسيكشف لك هويته فى الوقت المناسب
اصدقائ بحمد الله كثر لكن ليس فيهم من اسمه اضاء . والله العظيم لم اعرفك اصلا فكيف اعرفك جيدا. وانسب وقت للتعريف بهويتك للقراء هو الآن لتؤكذ لهم صحة كلامك و لتنقذ نفسك من جريمة الكذب . واذكرك ان المؤمن -ان كنت مؤمنا- لا يكون كذابا لآن الكذب حرام وستحمل وزر ما قلت وادعيت ان لم تقدم للقراء البينة بعد ان تعرف بنفسك طبعا .
بوعبدالله بوعبدالله
قـصـة للـعـبـرة
بقلم: أبو عبد الله
تابعت كغيري من التونسيين , عبر موقعي تونس نيوز وحوار نت , شجار أبناء الوطن الواحد , والهدف الواحد , والمصير الواحد , تألمت للاتهامات والتخوينات المتبادلة , التي خط بدايتها قلم الأخ محسن الجندوبي , وتواصلت بالأمس بقلم مجهول , لهؤلاء جميعا ومن هوعلى شاكلتهم , أقول لقد جانبتم الصواب .
إن كانت الاجتهادات السياسية فرقتكم فحذاري من الانزلاق في متاهات الظنون والشكوك , فالأخوة في الله مقدمة على الشعارات الأخرى .
وللعبرة أسوق هذه القصة , التي إطلعت عليها بتفاصيلها من كثير من الأخوة .
الأخ عبد الحميد الحمدي , أحسبه والله حسيبه , أخ طيب وصاحب نية صادقة وإن ساقته هذه النية في بعض الأحيان إلى ركوب موجات قد تسيء إلى هدوءه ورصانته, وهو الحافظ لكتاب الله .
هذا الأخ الكريم: وإن استشف من كلماتي عتاب خفيف له , فإني أحترمه وأقدره , لدثامة أخلاقه ولوفائه لاخوانه وإن إختلف معهم في بعض الاجتهادات.
في عام 1998 كان ضمن المجموعة التي تمتعت بعفو رئاسي , بما سميت آنذاك بمبادرة الحامدي , لكنه حين علم فيما بعد أن العفو منقوص ولايشمل الجميع , حز في نفسه أن يعود إلى أ رض الوطن وإخوانه بين مشرد وسجين , فكان قراره الذي ألزم به نفسه حرمانه من العودة .
لكن الموضوع لم ينته برفض العفو والعودة . النظام التونسي منتقم جبار, أذاقه من بطشه وجبروته ما لا تتحمله الجبال الراسية. عادة الضربات حين توجه إلى جسم الشخص المعني تنتهي ببرء الجرح, لكن في هذه القصة الانتقام مختلف .
لما كان الأخ بعيدا عن أعين زبانية النظام , يعيش في المهجر , وله أهل في البلاد , تعامل النظام مع عائلته كرهائن للضغط عليه والانتقام منه .
بدأ بطرد أخته من التدريس كأستاذة مناوبة لم تترسم في العمل بعد.
ثم بعدما زاره والده بعد سنين طوال لم يره , بعد عودته فوجئ بقرار وزاري يقيله من شغله , ويحرمه من أي حق بعد عمل ربع قرن , المشكلة لم تنته بالطرد , وإنما ترتب عن ذلك مزيدا من الانتقام , فضيق عليه الخناق لدرجة أن أي أحد يقترب منه يعرض نفسه للمساءلة , له ابن آخر يستعين به على شدة الأيام القاسية وهو بعيد عن السياسة وبلاها سجنوه من ذاك التاريخ إلى يومنا هذا.
والد أخينا رجل صالح بشهادة من رآه, حين أحس بالمطاردة المستمرة والضغط المتواصل , أخذ عائلته وفر بهم إلى العاصمة خوفا من مزيد التنكيل وبحثا عن رزق جديد , يستعين به على لؤم الأيام ويعيل عائلته المكلومة في إبنيها .
نظرا لحب الناس له وتعاطفهم مع قضيته الانسانية , أوجدوا له عمل, إمام مسجد ومدرس للقرآن بحي شعبي بعيد عن أعين المخبرين , لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.علم نظام الانتقام بمكان وجوده , فجاءه الزبانية مسرعين بعد منتصف الليل , ورموا به وعائلته وأدباشه خارج البيت وأمروه بالمغادرة الفورية في ليلة ظلماء مخيفة , والعائلة المسكينة المسالمة تئن من شدة البرد والخوف من رجال بن علي .
ظل هذا الرجل الفاضل التقي النقي صحبة عائلته المغلوبة على أمرها حتى الصباح إلى أن جاءهم من حملهم عائدا بهم إلى قريتهم البعيدة , ومن تلك الرحلة المرة التي صاحبها ضغط نفسي ومعاملة قاسية من قلوب أشد قساوة من الحجارة , دب المرض في جسم والدة الأخ عبد الحميد, وانتشر السرطان بها بسرعة ,ففارقت الحياة راضية مرضية , وفي القلب لوعة , غادرت الحياة محرومة من فلذة كبدها , أمنيتها الوحيدة أن ترى ابنها قبل الرحيل لكن القدر أسرع , على علمي الأخ يحب والدته حبا جنوني لدرجة أن الحزن عليها أخذ منه مأخذه ,ففي سنة واحدة من رحيلها إشتعل رأسه شيبا وسكنه الهم .
(فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) – صدق الله العظيم
حماس…الأنظمة العربية… وورقة التوت
عيدالله الـزواري
كثيرا ما سمعنا أنظمة عربية من هنا و هناك تردد في أيما مناسبة بأن لا دخل لها في الشأن الداخلي الفلسطيني وأنهم مساندون لما يرتضيه الشعب الفلسطيني و أنهم لا يمكن أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك في نهاية المطاف…و أنهم ملتزمون بالوقوف معه… إلى خير ذلك من الشعارات.. حتى تباهوا باختلاط « الدم الفلسطيني بدم أبناء البلد » و فاتهم أن ذلك الدم الفلسطيني ما اختلط بدم أبناء البلد إلا من باب » مكره أخاك لا بطل »، و قلما كان اختلاط هذه الدماء عن عمد وإضمار و سابق إصرار، و إن كان المرء لا ينفي عن ذلك الاختلاط بقية من الوطنية…
كررت الأنظمة تلك الشعارات في العلن، و إن كانت في الكواليس تسعى جاهدة لحمل القيادات الفلسطينية على الاصطفاف في طابور الخانعين الخاضعين المنتظرين للإشارات الأمريكية، و لعل من باء بوزر هذه الحالقة ووزر كل من عمل بها أو سيعمل بها من بعده ذلك » الرئيس المؤمن » الذي لم يستنكف من التصريح عاليا أن تسعين في المائة من أوراق اللعبة لدى الأمريكان، فكم تراه أسند لعجوز الاستعمار و كم تراه أعطى » أم الدنيا » من الأوراق في زمن لا يزال العالم متعدد الأقطاب و يشهد صراع نفوذ بين القوتين الأعظم؟؟ و كم تراه يعطي الأمريكان إن عاش تفرد
بلادهم بقيادة العالم و توجيهه حيث تشاء؟؟؟
و أكره الفلسطينيون كما أكره العرب- بطرق شتى- على خفض سقف مطالبهم و لا يزالون يتنازلون إلى أن بلغوا درجة تستوجب جرأة مثل التي توفرت لدى أحدهم في نهاية السبعينات من القرن الماضي حتى تراه يقدم على خطوة نوعية تزيد الأمة ضياعا و تخبطا، خطوة تزيح آخر الحواجز النفسية الرافضة للظلم و الخنوع للمحتل المغتصب…
و لكن لكل مجال سننه و قوانينه، و من رحم المعاناة المستمرة و القمع المباشر في قطاع غزة و الضفة الغربية ولدت الفصائل الأشد تجذرا في الوقت الذي نأنأ كاهل القيادات الفلسطينية التاريخية التي كان لها شرف السبق إلى النضال و المقاومة و لم شتات الفلسطينية عن حمل الأمانة: أمانة الأقصى و القيامة و الحسيني و القسام وكل الشهداء البررة الذين ارتقوا الدرجات العلى في ضمير الأمة…
إن كل الشعوب التي سيمت الهوان و الإذلال في لحظات ضعفها و هزيمتها و تردي أمرها لم تفتأ أن نهضت من جديد لتقتص من الذين أهانوها و مرغوا كرامتها وعزها في الوحل، و لعل عزوف المنتصرين في الحرب الكونية الثانية عن معاملة ألمانيا المنهزمة بمثل ما عاملوها بها في الحرب الأولى هو الذي جنب البشرية حربا ثالثة عل نفس الميدان وباشتراك نفس اللاعبين بتصرف طفيف…إن الإهانة و الإذلال التي يتجرعها الفلسطينيون صبح مساء على أرضهم السليبة لا يمكن إلا أن تشحذ همم الأسوياء من أجل استعادة عزهم و كرامتهم و لن يكون ذلك إلا باستعادة أرضهم و مقدساتهم، إن إصرار المغتصبين على إذلال الفلسطينيين شعبا و قيادة في المعابر و المقابر و المعابد و في مؤسسات السلطة وفي كل مكان إنما هو الحافز الأبرز على إعادة النظر في أوراق اللعبة بل في قلب الطاولة على أصحابها الذين لم يستطيعوا الإيفاء بوعود يعاد النظر فيها مع كل تغيير حكومي للمحتلين…
اختار الشعب الفلسطيني ممثليه على ضوء برنامج سياسي محدد يعيد النظر في قواعد لعبة سئمها الفلسطينيون وأدركوا عبثيتها كما سئمتها الشعوب العربية و طلائعها و لم يبق متشبثا بها غير طغم حاكمة منبتة لا بقاء لها على عروشها التي تربعت عليها رغم أنوف شعوبها إلا بمباركة و تزكية أمريكية و غربية… بحيث أصبحت هذه الأنظمة مرتهنة في وجودها و استقرارها على قدرتها في تمرير المشاريع الأمريكية و البحث لها عن مسوغات تتقبلها شعوبهم… لذلك ترى الأنظمة التي تحظى برضا الأمريكيين هي تلك التي تسعى بالليل و النهار على ترويض الفلسطينيين و الضغط عليهم كي يقبلوا بقواعد لعبة حرمتهم كل ما أعطتهم إياه المواثيق الدولية و قرارات « الشرعية الدولية » على ما أنزلته بهم هذه الأخيرة من مظالم…و ليت الأمر وقف عند هذا الحد…. بل انصبت كل جهود الدول الشقيقة و الصديقة (شقيقة من؟ و صديقة من يا ترى؟)، و بدرجات متفاوتة، على العمل بكل قوة وبأسرع ما يمكن على إفشال هذه الحكومة و حشرها في الزاوية عساها ترفع الراية البيضاء معلنة إفلاس مشروع و وأد أمل لا يزال يدغدغ جماهير الأمة…
إن هذه الأطراف تعلم أن الزمن قد يكون عاملا مساعدا على تحقيق نجاحات صغيرة عجز عنها من سبقهم لذلك تراهم – و لا حاجة لهم لإيعاز أمريكي، فاللبيب بالإشارة بفهم – يشحذون أسلحتهم لتعطيل مسيرة حماس لأن في فشلها وسقوطها سقوط لحركات أخرى ترشحها عوامل عديدة على أن تكون من أبرز الحركات و الأحزاب التي يمكن أن
تصل إلى سدة الحكم لا اغتصابا أو انقلابا بل إثر تنافس انتخابي مشهود له بالنزاهة و الشفافية وغيرهما من سمات الديمقراطية…
إن » جبهة العمل الإسلامي » في الأردن أو » الإخوان المسلمون » في مصر ليستمدان من نجاح حماس مددا و قوة وزخما لا يتجاهله إلا معاند… إن نجاح حماس في وضع حد للفساد ( الرشوة، المحسوبية، التلاعب بالمال العام و تبذيره، استغلال النفوذ….) أو احترامها للحريات ( لن تكون بحال من الأحوال أسوأ من الأنظمة الحاكمة حاليا) لكفيل بأن يزيح عن الحركات الإسلامية أو الإسلام السياسي شبهات كثيرا ما استعملها مناوئوها في معرض تأليب الغرب و الحكام والشعوب على هذه الحركات… و بالتالي فقد تقدم نموذجا ينير الدرب أمام هذه الشعوب التي لن تتخلف عن ركب من وجدت لديه ما لم تجده عند أحزاب لم تعرف إلا بالفساد و التقصير والإهمال فانفضت عنها… و هذا ما تخشاه أنظمة الجور في البلاد العربية…
لو جاءت ساعة الحقيقة للتعبير عن التضامن الفعلي مع الشعب الفلسطيني و انتهى عصر الشعارات الجوفاء.. إن ادعاء مؤازرة الشعب الفلسطيني و الوقوف معه و التأييد المطلق له و الرضا بما ارتضاه هو لنفسه، يقتضي كل ذلك فتح خزائن الدولة كما يعني السماح للراغبين في التبرع بما طابت به النفس… فمن تراه فعل ذلك؟؟؟؟
قيل أن حاجة السلطة الفلسطينية تقدر ب 190 مليون دولار شهريا، و ذكرت الشعار الذي رفعته بعض اللويبات الصهيونية قبيل حرب 1967 و أثناءها دعما للمجهود الحربي الصهيوني » ادفع دولارا تقتل عربيا »، هكذا سولت ثقافة الموت و الحقد لنفسها، فهلا نرفع شعار الحياة » ادفع دولارا تحيي فلسطينيا »، و لن نتحدث عن مليار و نيف مسلم بل نكتفي بتعداد الشعب العربي، دولار واحد يدفعه كل عربي شهريا يؤمن حاجة الفلسطينيين و زيادة… أما إذا خصصت دولة مثل السعودية دولارا واحدا عن كل برميل نفط تبيعه هذه الأيام لاكتفى الفلسطينيون
بما يأتيهم منها وحدها…
وجاء الضغط الأمريكي على البنوك لتمتنع عن إيصال الأموال إلى السلطة و تنفس كثير الصعداء، و لسان حالهم بقول كنا ننوي التبرع لإخواننا في فلسطين بمقدار هام، كما كان في الحسبان إصدار الأوامر الترتيبية للشروع في حملة وطنية لجمع التبرعات لإخواننا المجاهدين في فلسطين و أنتم تعرفون أننا في دولة القانون و المؤسسات لا يمكن أن تتم هذه الأعمال دون شفافية مطلقة، و كنا نود أن نتمكن من إيصال الأموال إلى إخواننا،، لكن لا طاقة لنا بتحدي الأمريكان، نحن قمنا بما نستطيع، لكن و قد بلغ الأمر إلى ما وصل إليه فإننا ننصح حماس بأن لا تلقي
بنفسها إلى التهلكة، أليس هذا قول الشريعة الإسلامية و نص القرآن الكريم، أليس في تجويع شعبنا في فلسطين ضرر بالغ نهانا ربنا عن إتيانه، لكن إن أصرت حماس على برنامجها و لم تستجب لصوت الحكمة و نداء العقل فإن تجويع شعب واحد أفضل من تجويع شعبين…. وقديما قيل إنما تعرف الإخوان عند الشدة..
فلتمض حماس إلى برنامجها، و إن الذين تعلموا أن طعام الواحد يكفي اثنين و طعام الاثنين يكفي ثلاثة قادرون على تجريد كثير من ورقة التوت التي تستر سوءاتهم و ليمضوا تتبعهم لعنات الجوعى والمرضى و الرضع والشيوخ وكل فلسطين بسكانها و بشجرها و مدرها…. في انتظار كردي أو فارسي أو أفغاني أو… ولعله يكون قريبا…..
7 مـاي 2006
وقفة مع الملّولي
كتبه عبدالحميد العدّاسي
بعد قراءتي مقال المسمّى رضا الملّولي الوارد على صفحات تونس نيوز بتاريخ 6 مايو 2006 نقلا عن القسم العربي لمجلّة حقائق التونسية، رأيتني بحاجة إلى ملاحظة ما يلي:
– أقرّ بأنّني لم أفهم ما عناه الكاتب بجماعة سحب البساط، ربّما لكثرة الذين يسحبون البساط في تونس ولتنوّع البُسط كذلك، وقد كان عليه على الأقلّ إلحاق صفة إضافية بالموصوف لتوفير إمكانية التصنيف لدى القارئ خاصّة ممّن بعدت به الشقّة ونأت به عن الساحبين.
– أشهد بأنّ واقع تونس قبل سنة 1987 هو أحسن بكثير، كثير، ممّا هو عليه بعدها. ولا أخفي سرّا إذا قلت بأنّني صرت أتردّد اليوم على موقع بورقيبة. كوم، كي أسمع خطبه القديمة لألحظ بعدَ نظره في الكثير من القضايا. فهو، وإن حارب الدين ومظاهر التديّن في البلاد، يظلّ أوّل وآخر رئيس في عهد الاستقلال ( على الأقلّ إلى حدّ الآن ) لأنّ من جاء بعده اكتفى برئاسة ميليشيا فاسدة ونأى بنفسه عن رئاسة بلاد هي في حاجة ماسّة إلى الضبط ونظافة الأيادي.
– لا أعلم كم مضى من سنّ الكاتب الآن، غير أنّ حديثه عن الأجواء السائدة قبل 1987 قد يوحي بتقدّمه في السنّ، والسّؤال ما الذي منعه من الكلام قبل هذا التاريخ؟ أهو الجبن أو الخوف من » الإرهابيين » و « الرشّاشين »، أم أنّ سياسة سحب البساط التي كتب حولها تقتضي منه هذا التريّث؟ أمّا إذا كان حدثا قبيل 1987 ثمّ استوى عوده بعدها فتسمّعت أذنه لما يساعد على المكوث بسلامة في جمهورية التغيير، فإنّ أيّ نقل – باستثناء الكتاب والسنّة – لا يخلو من زيادة أو تحريف أو نقصان، سيّما إذا كان السامع أو المتلقّي فاقد العدالة، كثير الكذب والتدليس.
– لعلّ الوقت لم يحن بعد للحديث عن مجموعة، دخلت التاريخ من الباب المشرّف، لم يقصّر كلّ قصير قامة أو فاقد همّة كصاحب المقال ( الذي أنا بصدد التوقّف عنده ) في النيل منها ومن الأفراد الذين كوّنوها. وفي انتظار الوقت والشخص المناسبين للمنافحة عن المجموعة الأمنيّة، أقول بأنّها ضمّت – رغم مظاهر الضعف عند بعض المنعطفات – وجوه المجتمع ورجالاته وبأنّها كانت حكيمة زاهدة في الحكم وفي الدماء، وإلاّ فحراسة صاحب » التغيير » في أيّامه الأولى، قد كانت مُحقّقة من طرف ثلّة أمينة قادرة مقتدرة من أبناء تلكم المجموعة. ولو فقدت المجموعة وطنيتها أو التزامها بخلقها السامي لحظة، ما كان لأمثال الملّولي وغيره من الرّعاع الولوغ في أعراض النّاس.
– لا غرابة في أن يعتبر هذا الملّولي ما قام به صاحب التغيير هو عين الديمقراطيّة في الحين الذي يصف فيه أيّ عمل خلافه بالإرهاب ويصف مقترفيه بالإرهابيين، فإنّ الذي يفقد الخوف من الله لا بدّ أن يتملّكه خوف من الخلائق يُفقده لذّة التمتّع بنعم الله المسبغة على عباده. ولكنّه، وهو يتحدّث عن إعداد القوم أنفسهم للانقضاض على السلطة، بيّن أنّ ذلك تمّ بمباركة الإسلام الرسمي. في إشارة منه إلى أنّه سيظلّ ضدّ كلّ شيء لامس من قريب أو من بعيد هذا الدين – الإسلام – ليؤكّد ما ذهب إليه بعضُ التونسيين ( منهم الأستاذ الدكتور منصف بن سالم والفقير إلى ربّه ) من أنّ القضيّة في تونس ليست سياسية، وإنّما هي دينية تتمثّل في كره » المغيّرين » للدين وأهله. على أنّ المثال الذي ساقه لإثارة عناصر الاستصغار والاشمئزاز (ربّما) حول من سمّاهم بجماعة الإسلام الرسمي، فإنّه لا يعدو أن يكون إلاّ دليلا على ما أصاب المجتمع من أمراض اجتماعية وأخلاقية ونفسية تبرّر قيام حركة سياسية إسلاميّة ناضجة تساعد على فهم معاني الدين والالتزام بتعاليمه. على أنّ من التجأ – ضرورة – إلى الاستمناء باليد، يظلّ أرفع قيمة وأقلّ خطرا ممّن يعرّي المرأة باسم الحريّة ليغتصبها فيما بعد باسم التربية الجنسية!
– » لقد كان السيد الرئيس مدركا ومنذ سنوات طويلة أنّ الخطر الذي يتهدد الكون برمّته، وخصوصا في بيئة العرب والمسلمين هو خطر التطرّف الديني المصحوب على الدوام بالعنف وتكفير الآخر وتشريع القتل » بالله عليك – إن كنت تؤمن بالله – من الذي أطلعك على مدارك الرّئيس؟ أهو هو؟ وبأيّ مناسبة؟ ولماذا أنت وليس غيرك؟ ووالله، لقد كنت في نفس الساحة التي كان يعمل بها رئيسك، ولم أعلم عنه إلاّ القليل النّادر، ورغم تلك القلّة لم أجد وغيري من الشرفاء ما يرغّب في اتّخاذه صاحبا!
– يبيّن الكاتب، في هذا المقال وغيره، أنّه من المتردّدين على ساحات الثقافة ودورها. وقد حدّثنا هنا عن زيارته الأخيرة إلى معرض تونس الدولي للكتاب وعن ذعره ( ما يرجّح صغر سنّه أو جبنه ) من هول ما رأى. وقد رأى شبابا غريبا عن البلاد وتقاليدها، ما يذكّر ربّما بذعره ( لم يحدّثنا هو عن ذلك ) من تواجد الصليب على بعض الصدور العارية للبنات المرابطات ببناية الإذاعة والتلفزة التونسية بشارع الحريّة التي منعت أحوازها أخيرا عن السياسيين المعارضين، أو من النجمة السداسية عنوان الصهيونية العالميّة، أو من المدارس التبشيرية بالبلاد. على أنّ خوفه كان كذلك بسبب تهافت النّاس على هذه الكتب الصفراء المذكّرة بالآخرة – والرجّل فيما يبدو يكره الآخرة – والحال أنّ الجميع يتكلّم عن الدنيا ويبنيها بالخراب ويعمرها بالتّباب.
– والسؤال الذي لن يقدر عليه المنافقون هو: لماذا هذه الكتب الصفراء، من الذي سمح بها وتونس تمنع تداول بعض تفاسير القرآن وبعض كتب السنّة والسيرة والفكر؟! ولماذا تكون مجانية؟! ومن يؤمّن الموزّعين لها ضدّ أجهزة » التغيير » الذين منعوا الشرفاء حتّى من إيصال نظرة وداع لجثامين أقربائهم؟! بل ومن الذي سمح بهذه الألبسة » الغريبة » والحال أنّ » المغيّرين » قد قتلوا وشرّدوا ومنعوا منّا الكثير من العمل والدراسة والتداوي بسبب ما نلبس؟! وهذا البلد الآسيوي الذي كان ذات يوم سببا في إيذاء الإسلاميين بنسبتهم إلى فكره صاحب الثورة فيه ( تشجّع ألست تعني إيران؟! )، من الذي سمح له باستقطاب الشباب في تونس؟! ولماذا جعله يفعل ذلك؟! قاتلهم الله أنّى يؤفكون!
ما هذا الكذب وما هذا النّفاق؟! ما هذا الغموض؟! ما هذا البُغض للدين؟! ما هذا الكُره لتونس؟!
كلمة واحدة أخيرة: لا بدّ من مراجعة ذواتنا كي لا يَكلنا الله لأنفسنا ولا يؤاخذنا بما يفعله السفهاء منّا. والسّفهاء يبرهنون متململين أنّهم كثر…
الإسلاميون في المغرب
محمد الأشهب
تميل نزعة تقديرية الى تحويل المغرب مختبر تجارب في التعاطي والمسألة الإسلامية. ولا يحيد الجدل الدائر حول تداعيات استطلاع للرأي منح حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي حظوظاً وافرة في انتخابات العام المقبل عن هذا السياق، كون الاستطلاع مصدره معهد أميركي وخلاصاته مجالها بلد عربي، والنقاش حولها يتفاعل بين الشركاء السياسيين في الغالبية الحكومية والمعارضة البرلمانية.
وما يزيد في احتدام الجدل أن الفارق بين الديموقراطية التي تأتي من الداخل وتلك المفروضة بضغوط خارجية يصعب تبيانه، طالما أن الموضوع لا يطول التوازن بين السلطات المستندة الى منطوق الدستور، وإنما النموذج الذي ينبغي أن يسود وينمو من دون الاخلال بقواعد الالتزامات. غير أن الطريق الى الديموقراطية كنظام للحكم يكتنفه التناقض.
وما يبدو مقبولاً في المغرب أو تركيا كان مرفوضاً في الجزائر ولايزال، كذلك في أراضي السلطة الفلسطينية. والبعض ممن رددوا أن الديموقراطية تفرض من خلال صناديق الاقتراع، إذ تجسد إرادة الشعوب في الحرية والنزاهة، يعترضون على حصيلة التجربة بمنطق الوصاية. غير أنه في مقابل مظاهر القصور التي اعترت مشروعات الاصلاح الدستوري والسياسي في البلدان العربية كانت الاستجابة المغربية الى ضرورة اشراك المعارضة في الحكم منذ عام 1998 سابقة في الاذعان الى مفهوم التداول على السلطة. ومع أن الامتداد الجغرافي للتجربة أفقياً بقي محدوداً، فإن القوى السياسية والاجتماعية التي اعتقدت في بلوغ نهاية المطاف تجد نفسها اليوم عائدة الى نقطة الانطلاق.
والجدل السياسي الذي كان يدور في نهاية العقد الأخير من القرن الماضي حول حدود مجالات اشراك المعارضة في الحكم، يتجدد اليوم بصيغة السؤال حول نمط وضرورات اشراك الإسلاميين في حال منحتهم «الثورة» الديموقراطية الصادقة ثقة الناخبين. غير أن هذا الجدل لا ينطبع بوجود أزمة داخلية أو أزمة حكم ما دام التزام قواعد اللعبة السياسية قائماً. ولكن نتائج اخفاق من نوع آخر مصدره تعثر الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، بمعنى ان ما يرغب الجمهور في تحقيقه بوتيرة أسرع هو ما يجب ان يؤخذ في الاعتبار، وليس الصيغة الجاهزة حول امكان وصول الاسلاميين الى الحكم أو عدمه. لأن التدخل في تكييف الميول الانتخابية أكان داخلياً أو خارجياً قد ترتب عليه أزمات.
من حق فاعلين سياسيين في المغرب ان ينظروا بحذر الى نتائج استطلاع رأي أميركي، ولو ان الاستقواء بالأجنبي تحول تقليعة سياسية. ومن حق الاسلاميين المشاركين في اللعبة الديموقراطية ان يقللوا من تأثير ذلك الاستطلاع وانعكاساته، حتى وإن كانت تحذوهم الرغبة في التطبيع مع الاميركيين، ففي منظور واشنطن للحرب على الارهاب احتلت الحركات الاسلامية مركز الصدارة ولا شيء يحول «العدالة والتنمية» في المغرب من تأكيد التزامه ضوابط العملية السياسية. وقد أحسن صنعاً عبر اشاراته المتكررة انه حزب سياسي ذو مرجعية دينية وليس حزباً عقائدياً بأهداف سياسية. وأياً تكن اسباب انزعاج الخصوم السياسيين، ففي التجربة ان «العدالة والتنمية» ذاته كان يساند حكومة رئيس الوزراء المغربي السابق عبدالرحمن اليوسفي، وان «الاستقلال» اهتم بعد انتخابات 2002 باستمالة «العدالة والتنمية» الى تحالف كان يريده لتشكيل غالبية نيابية تنتج عنها غالبية حكومية. وربما كان مصدر الانزعاج في دخول الأميركيين على الخط، إلا ان ذلك لا يفترض ان يقود الى حدوث أزمة، فقد احتاجت الجزائر الى فترة أطول لتضميد جراحات ما بعد تعطيل العملية الانتخابية. والاتجاه العام نحو الانفتاح على التيارات الاسلامية لا يناقض التوجه الديموقراطي. وأفضل للمغرب ان يكون حقل تجارب مستمدة من واقعه بدل ان يتحول الى بيئة تجارب خارجية.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 7 ماي 2006)
الفزّاعة الإسلامية.. والمسيرة الديمقراطية
مجمع الفقه ومقتضيات التعايش
د. الطيب زين العابدين
أصدر مجمع الفقه الاسلامي التابع لرئاسة الجمهورية بياناً بعنوان «عقيدة التوحيد تقوي التعايش الديني» (الصحافة 3/5/2006)، رداً على مقالي «مجمع الفقه والتعايش الديني» الذي نشر بصحيفة (الصحافة فى 22/4/2006)، جاء فى البيان المذكور:
1- أن الفتوى ليس المقصود بها أصلاً أهل الكتاب بقدر ما هي تصحيح لمقولات الدكتور الترابي التي تنكر كفر أهل الكتاب. استشهد البيان على كفر أهل الكتاب بالآية الكريمة «لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة…» (المائدة73).
2- وأن القرآن يقر اختلاف العقائد بين الأديان «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة…».
3- وأن الله يدعو المسلمين الى البر والقسط في معاملة غير المسلمين ما داموا لا يعتدون على حقوق المسلمين، ويدعوهم لمجادلتهم بالتي هي أحسن «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن…».
4- وأن النصارى لهم معاملة أخص «ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون» (المائدة 82).
5- ويخلص الى أن بيان مجمع الفقه «الذى يكفر أهل الكتاب ويكفر من لا يكفرهم من أمثال الدكتور الترابي» يجئ بسبيل تقوية التعايش الديني لأنه يعطي الرؤية المتكاملة للاسلام كعقيدة ومعاملة، وذلك حتى لا يثير المساس بالعقيدة الاسلامية إزاء العقائد الأخرى الفتنة والبلبلة وهما اللتان تهددان هذا التعايش.
ليس لدي اختلاف مع النقاط 2و3و4 من بيان مجمع الفقه الاسلامي، ولكن ينصب خلافي على النقطة الأولى والنتيجة التي خلص اليها البيان في النقطة الخامسة. ودعوني أبدأ بتحرير موضع النزاع بيني وبين بيان مجمع الفقه الاسلامي قبل أن أبدأ في مناقشة النقاط الأخرى المذكورة آنفاً. لقد قصدت في مقالي السابق أن افشاء تهمة التكفير فى المجتمع «بين طوائف المسلمين أو بينهم وبين غير المسلمين» مما يؤثر سلباً على التعايش الديني في البلاد خاصة اذا صدر هذا التكفير من مؤسسة رسمية تتبع لرئاسة الجمهورية. وقد شهدنا ما فعلته فتنة التكفير فى بلد عريق متماسك مثل مصر وما فعلته فى بعض أجزاء العاصمة السودانية منذ سنوات وما تفعله الآن في العراق، لقد استحلت بعض الجماعات الاسلامية دماء اخوانهم المسلمين الذين لا يتفقون معهم فى بعض الأحكام أو في المذهب واستحلوا دماء السواح والأجانب من غير المسلمين. لقد اعتمدت تلك الجماعات في تكفيرها للآخرين على بعض مقولات الأستاذ الشهيد سيد قطب وانتهت بها الى إباحة دماء العلماء مثل الشيخ الذهبى وتنفيذ ذلك عملياً، وكذلك فعل الخليفي في مسجد الثورة، وهكذا يفعل القتلة من السنة والشيعة فى مساجد العراق. ولا أحسب أن سيد قطب قصد ذلك، ولكن تخطف بعض الشباب المتزمتين من غير أولي العلم أقواله ليصلوا بها الى تلك النتيجة المأساوية، ويمكن أن يحدث ذلك أيضاً في السودان نتيجة لتفشي تهمة التكفير التي يقودها مجمع الفقه الاسلامي ويدافع عنها على صفحات الجرائد ولن ينفع حينها أن يقول لنا مجمع الفقه إنه لم يقصد الى ذلك. ولقد استشهدت في مقالي السابق أن الله سبحانه نهى المسلمين عن سب الأصنام التى يعبدها الكفار، وقد كانوا يفعلون ذلك، حتى لا يسب أولئك المشركون الله انتقاماً لآلهتهم «ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم» (الأنعام 108)، فقد جاء النهي تنزيهاً لله من القبائح وحفظاً للمجتمع من الفتنة والاقتتال وأملاً فى أن يهتدي بعض أولئك المشركين. وإن جازت تلك المعاملة الربانية الحكيمة في حق المشركين من عبدة الأصنام فأهل الكتاب الذين أمرنا بالبر إليهم والقسط معهم وجادلهم بالتي هي أحسن أولى بذلك.
وأحسب أن معاملة الرسول «صلى الله عليه وسلم» للمنافقين كانت تهتدي بتلك الحكمة، فقد جاء تكفير المنافقين صريحاً فى القرآن الكريم «ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم…» «المنافقون 3»، «الأعراب أشد كفرا ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله» (التوبة 97)، «والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وارصادا لمن حارب الله ورسوله…» (التوبة 107)، «يقولون لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل…» (المنافقون 8)، ومع ذلك ما كان الرسول «صلى الله عليه وسلم» يخاطب المنافقين بأنهم كفار، وما أقام على أحد منهم حد الردة من الدين بل أخذهم بظاهر دعواهم وترك بواطنهم لله رب العالمين، رغم أنهم سعوا بالفتنة داخل صفوف المسلمين وتحالفوا مع أعدائهم من اليهود والمشركين. وقال حين دعاه عمر بن الخطاب لقتل شيخ المنافقين عبد الله بن أبى بن سلول الذى وصف المسلمين فى المدينة بأنهم أذلة وأنه سيخرجهم من المدينة عندما يرجعون إليها، قال له: كيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه؟ لم يكتف الرسول العظيم بعدم تكفير ابن سلول وبحمايته من القتل بل سماه من «أصحابه». صلى الله عليك وملائكته يا رسول الله وصدق فيك قوله «وانك لعلى خلق عظيم» (القلم 4)، لقد أراد الرسول حفظ تماسك المجتمع الإسلامى الوليد من الانقسام والتفكك ومن أقاويل الأعداء الذين يتربصون به فكانت تلك الخطة الحكيمة التى تعامل بها مع المنافقين. ولماذا لا يقتدى مجمع الفقه بذلك؟
ومن المعلوم أن أهل كل دين يرون غير المؤمنين بدينهم كفاراً، فإذا جاز لمجمع الفقه الاسلامي أن يصف أهل الكتاب بأنهم كفار من أجل اعطاء «الرؤية المتكاملة للاسلام كعقيدة ومعاملة»، فهل يعطي ذات الحق لأهل الكتاب في السودان أن يصفوا المسلمين بأنهم كفار وأن نبيهم ليس مرسلاً من عند الله وأن كتابهم ليس كلام الله؟! فإن أعطاهم ذلك الحق ليتصور شيوخ المجمع ماذا سيحدث في هذه البلاد من فتنة عمياء لا تبقي ولا تذر، وإن لم يعطهم ذلك يكون قد غمطهم حقهم في توضيح «الرؤية المتكاملة لعقيدتهم» كما فعل لنفسه. فموضع النزاع بيننا ليس في توضيح الرؤية المتكاملة للعقيدة، ولكن في تداعيات ونتائج تفشي تهمة التكفير في المجتمع بين أهل الدين الواحد أو بين أتباع الأديان المختلفة، وذاك باب اذا فتح دخلت منه شياطين الانس والجن واتسع حتى يصبح كل خلاف في حكم ديني مهما صغر مدعاة للتكفير بين الناس. وسداً للذرائع فإنى أدعو لسن تشريع برلماني يمنع التكفير بتاتاً لكل من اعتلى منبراً في مسجد أو كتب في مطبوعة أو تحدث عبر وسيلة اعلامية أو أفتى من خلال هيئة دينية، وإن كان لا بد من الحكم في هذا الأمر فليترك ذلك لمحكمة مختصة تسمع الدعوى والبينة والدفاع قبل أن تدلي برأيها في الأمر، وقد سبق لمجمع الفقه أن أفتى بذلك في حالة رئيس تحرير صحيفة «الوفاق» فما باله تراجع عن ذلك في هذه المرة؟
جاء في النقطة الأولى من البيان أن الفتوى ليس المقصود بها أصلاً أهل الكتاب بقدر ما هي تصحيح لمقولات الترابي التي تنكر كفر أهل الكتاب، وما شككت لحظة في أن المقصود فعلاً هو رقبة الدكتور الترابي التي استباحتها أجهزة الحكم في مستوياتها المختلفة، ولكنه عذر أقبح من الذنب، فمن أجل أن يصلوا الى رقبة الترابي وطئوا على رقاب كل أهل الكتاب دون أن يكون لأولئك ناقة ولا جمل في المعركة وصارت التهمة الرئيسة هي تكفير أهل الكتاب ثم تكفير من لا يكفرهم!
ورغم أني لا أريد أن أخوض في حكم التكفير لأهل الكتاب إلا أنى أتحفظ كثيراً في اطلاق الحكم على كل أهل الكتاب لأن القرآن يربط التكفير بمقولات بعينها مما يعني أنها لا تمس الذين لا يقولون بذلك، مثل الآية التي استشهد بها بيان مجمع الفقه «لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة…»، أو الآية «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم قل فمن يملك من الله شيئاً إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وأمه ومن فى الأرض جميعا» (المائدة 17)، فالذين لا يقولون بتلك الأقاويل من أهل الكتاب أو يفسرونها تفسيراً مختلفاً عما يخطر بالذهن لا ينطبق عليهم ذلك الحكم. يقول القمص فيلوثاوس فرج فى كتابه «المسيحية فى عيون المسلمين»، «وحديث المسيحية عن بنوة المسيح هو حديث عن بنوة غير جسدية وغير تناسلية… والأبوة والبنوة والروح القدس هي صفات للإله الواحد، هي حركة روحية داخل الله وليست ضد وحدانية الله»، وربما كان هذا الفهم هو الذى حدا بالبابا شنودة الثالث، رئيس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أن يدعو أتباعه لافتتاح الكلام بينهم وبين المسلمين بالقول: باسم الإله الواحد الذى نعبده جميعاً، بدلاً من تعبير: باسم الرب والابن والروح القدس. وهذه فضيلة للبابا شنودة من أجل العيش المشترك في بلد واحد مع أهل ديانة تستنكر الاشارة للتثليث.
وفي ذات السياق ورد في الحوار الاسلامي-المسيحي الذي عقده مجلس كنائس الشرق الأوسط مع بعض المفكرين المسلمين، ان «الايمان الابراهيمي هو ايمان التوحيد الخالص وهو إرث يشترك فيه جميع الموحدين…» أى المسيحيين والمسلمين. والقرآن يعضد ذلك المعنى «وقولوا آمنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون» (العنكبوت 46)، والقرآن يتحدث عن بعض أهل الكتاب وكأنهم مسلمون «ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين» (آل عمران 113- 114)، «إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون» (البقرة 62)، وقول بعض العلماء في تفسير هذه الآية ومنهم الدكتور أحمد علي الامام في كتابه القيم «مفاتح فهم القرآن» إن شرط ذلك هو الإيمان آخرا بمحمد «صلى الله عليه وسلم» ورسالته تأويل بعيد لأن من آمن بمحمد يسمى مسلماً ولا يسمى يهودياً أو نصرانياً أو صابئاً. ويقول القرآن بأن أتباع عيسى عليه السلام فى مكان رفيع الى يوم القيامة ويفرق بينهم وبين الذين كفروا «وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا الى يوم القيامة» (آل عمران 55).
وعلى كلٍّ فالحكم فى قضية الكفر والايمان شأن أخروي مرده الى الله سبحانه وتعالى يوم القيامة «وقالت اليهود ليست النصارى على شئٍ وقالت النصارى ليست اليهود على شئٍ وهم يتلون الكتاب، كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون» (البقرة 113). إذن لماذا الخوض فى مسألة التكفير أصلاً؟
أما النتيجة التى خلص اليها البيان فى النقطة الخامسة من أن بيان المجمع يجئ لتقوية التعايش لأنه يعطي الرؤية المتكاملة للاسلام كعقيدة ومعاملة حتى لا يثير المساس بالعقيدة الاسلامية إزاء العقائد الأخرى الفتنة والبلبلة وهما اللتان تهددان هذا التعايش فليست مقنعة. وماذا عن المساس بالعقائد الأخرى غير الاسلامية؟ ألا يسبب ذلك بلبلة وفتنة؟ وقد ذكرت في مقالي الأول ان الذي لفت انتباهي محتجاً على بيان مجمع الفقه الإسلامى هو أحد كبار القساوسة الأقباط. ولا أظن أن مجمع الفقه الإسلامي يستطيع أن يقنع واحداً من أهل الكتاب بأن تكفيرهم من هيئة دينية رسمية تابعة لرئاسة الجمهورية فى بيان منشور على الناس مما يقوى التعايش الديني في السودان. ولو جاءوني بشخص واحد فقط اقتنع بحجتهم تلك فإني مسلم لهم بما قالوا وإلا فإني أقول لهم كفوا لسانكم عن تقويض قيم التعايش الديني النبيلة في المجتمع السوداني وأنتم في عراككم السياسي لا تشعرون!
تأبي عقيدتنا تأبي شريعتنا
أن يصبح الناس أذيالاً وقطعانا
(*) محلل سياسي سوداني
(المصدر: جريدة « الصحافة » السودانية الصادرة يوم 6 ماي 2006)
وصلة الموضوع:http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147503418
الأفول الأوروبي في ضوء تأريخ اقتصادي مديد … الخروج من التصنيع ليس نهاية التاريخ
شريط حصلت عليه ذي صنداي تايمز (*)
كاميرا هاتف نقال صورت جريمة قتل الزميلة أطوار
حتى معايير القسوة الشديدة التي عرف بها العنف في العراق, فإن مقتل مراسلة قناة العربية -والجزيرة سابقا- أطوار بهجت قد تجاوزها بكل المعاني.
فالشريط الذي حصلت عليه صنداي تايمز وصور بكاميرا هاتف نقال رصد لحظاتها الأخيرة وهي تذبح ويمثل بها, ويظهر لأول مرة عمل فرق الموت العراقية في الميدان, لكن دون أن يعرف من يقف وراءها, رغم بعض الإشارات المتناقضة.
ومنعت الحواجز في 22 فبراير/ شباط الماضي الشهيدة أطوار من دخول مسقط رأسها مدينة سامراء لتتابع لتفجير مرقد الإمام العسكري, وقد بدا القلق واضحا في آخر تقرير لأطوار.
ما من مغيث
وفي ذلك اليوم اقترب رجلان على متن سيارة من جمع صغير من الناس وسألا عنها, واستغاثت أطوار بمن حولها, لكن ما من مغيث.
وقيل حينها إن أطوار قتلت رميا بالرصاص, مع مصورها وفني الصوت, لكن تبين الآن أن معاناتها كانت فوق ذلك.
وتظهر أطوار في الشريط بين يدي رجلين مفتولي العضلات في لباس عسكري, وقد أوثقت يداها خلف ظهرها, وتجمد الدم في وجهها ذعرا, وعندما بدأ التصوير, كانت عيناها قد عصبت بعصابة بيضاء, والدم ينزف من جرح في الجزء الأيسر من الرأس.
من الوريد إلى الوريد
يقترب رجل ضخم بلباس عسكري وجزمة وقلنسوة من أطوار من الوراء ويكمم فمها بيده اليسرى, وقد أمسك في يده اليمني بسكين كبيرة بمقبض أسود وشفرة طولها ثماني إنشات, ويبدأ في ذبحها من الوريد إلى الوريد, وتسمع صرخات أطوار تتعالى فوق صيحات « الله أكبر » التي يرددها حامل الهاتف النقال.
ومع ذلك فليست تلك نهاية أطوار, إذ يأتي رجل آخر يرتدي قميصا أسود ويضع جزمته اليمنى على بطنها ويدفع بقوة ثماني مرات لينزف الدم من جروحها, وهي تحرك رأسها من اليمين إلى اليسار, وحينها فقط يعود ذابحها ليكمل عمله, ويجز الرأس ويلقي به أرضا.
تفاصيل أخرى لم يلتقطها الفيلم, لكن احتفظ بها أحد أصدقاء بهجت لم يشأ ذكر اسمه, متحدثا عن تسعة ثقوب في يدها اليمنى وعشرة في اليسرى, وثقوب في رجليها وسرتها وعينها اليمنى.
إشارات متناقضة
وإذا كانت الملابس التي يرتديها قتلة بهجت هي ملابس الحرس الوطني العراقي فإنها لا تقيم دليلا قاطعا, لأنها قد تكون ملابس مسروقة من أجل التمويه، حسب الصحيفة.
كما أنه رغم أن المصدر الذي زود الصنداي تايمز بالفيلم أكد أن الهاتف عثر عليه مع عنصر من مليشيات « بدر » لقي مصرعه في اشتباك في بغداد, فلا سبيل إلى الجزم بأن المنظمة مسؤولة عن قتلها.
وتواصل الصحيفة « صحيح أنه يحكى في العراق أن المثقاب هو الطريقة المفضلة لدى عناصر بدر لتعذيب ضحاياهم, لكن قطع الرأس يحمل بصمات تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين, كما أن بدر حمت عائلة أطوار لحظة تشييعها من هجومين, قتل فيهما ثلاثة أشخاص ».
وقالت الصنداي تايمز إن كل ما هناك إذن إشارات متناقضة, والأكيد أن الطريقة التي قتلت بها أطوار شهادة على حالة الفوضى التي نزل إليها العراق, وشهادة على أن الانتماء لهذا الفريق أو ذاك لن يحميك, فأطوار كانت شيعية وسنية, في الوقت نفسه, لكنها جمعت في مقتلها عذابات الفريقين.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 7 ماي 2006)
(*) النص الحرفي لمقال الصنداي تايمز ليوم الأحد 7 ماي 2006
Part of me died when I saw this cruel killing
HALA JABER
EVEN by the stupefying standards of Iraq’s unspeakable violence, the murder of Atwar Bahjat, one of the country’s top television journalists, was an act of exceptional cruelty.
Nobody but her killers knew just how much she had suffered until a film showing her death on February 22 at the hands of two musclebound men in military uniforms emerged last week. Her family’s worst fears of what might have happened have been far exceeded by the reality.
Bahjat was abducted after making three live broadcasts from the edge of her native city of Samarra on the day its golden-domed Shi’ite mosque was blown up, allegedly by Sunni terrorists.
Roadblocks prevented her from entering the city and her anxiety was obvious to everyone who saw her final report. Night was falling and tensions were high.
Two men drove up in a pick-up truck, asking for her. She appealed to a small crowd that had gathered around her crew but nobody was willing to help her. It was reported at the time that she had been shot dead with her cameraman and sound man.
We now know that it was not that swift for Bahjat. First she was stripped to the waist, a humiliation for any woman but particularly so for a pious Muslim who concealed her hair, arms and legs from men other than her father and brother.
Then her arms were bound behind her back. A golden locket in the shape of Iraq that became her glittering trademark in front of the television cameras must have been removed at some point — it is nowhere to be seen in the grainy film, which was made by someone who pointed a mobile phone at her as she lay on a patch of earth in mortal terror.
By the time filming begins, the condemned woman has been blindfolded with a white bandage.
It is stained with blood that trickles from a wound on the left side of her head. She is moaning, although whether from the pain of what has already been done to her or from the fear of what is about to be inflicted is unclear.
Just as Bahjat bore witness to countless atrocities that she covered for her television station, Al-Arabiya, during Iraq’s descent into sectarian conflict, so the recording of her execution embodies the depths of the country’s depravity after three years of war.
A large man dressed in military fatigues, boots and cap approaches from behind and covers her mouth with his left hand. In his right hand, he clutches a large knife with a black handle and an 8in blade. He proceeds to cut her throat from the middle, slicing from side to side.
Her cries — “Ah, ah, ah” — can be heard above the “Allahu akbar” (God is greatest) intoned by the holder of the mobile phone.
Even then, there is no quick release for Bahjat. Her executioner suddenly stands up, his job only half done. A second man in a dark T-shirt and camouflage trousers places his right khaki boot on her abdomen and pushes down hard eight times, forcing a rush of blood from her wounds as she moves her head from right to left.
Only now does the executioner return to finish the task. He hacks off her head and drops it to the ground, then picks it up again and perches it on her bare chest so that it faces the film-maker in a grotesque parody of one of her pieces to camera.
The voice of one of the Arab world’s most highly regarded and outspoken journalists has been silenced. She was 30.
As a friend of Bahjat who had worked with her on a variety of tough assignments, I found it hard enough to bear the news of her murder. When I saw it replayed, it was as if part of me had died with her. How much more gruelling it must have been for a close family friend who watched the film this weekend and cried when he heard her voice.
The friend, who cannot be identified, knew nothing of her beheading but had been guarding other horrifying details of Bahjat’s ordeal. She had nine drill holes in her right arm and 10 in her left, he said. The drill had also been applied to her legs, her navel and her right eye. One can only hope that these mutilations were made after her death.
There is a wider significance to the appalling footage and the accompanying details. The film appears to show for the first time an Iraqi death squad in action.
The death squads have proliferated in recent months, spreading terror on both sides of the sectarian divide. The clothes worn by Bahjat’s killers are bound to be scrutinised for clues to their identity.
Bahjat, with her professionalism and impartiality as a half-Shi’ite, half-Sunni, would have been the first to warn against any hasty conclusions, however. The uniforms seem to be those of the Iraqi National Guard but that does not mean she was murdered by guardsmen. The fatigues could have been stolen for disguise.
A source linked to the Sunni insurgency who supplied the film to The Sunday Times in London claimed it had come from a mobile phone found on the body of a Shi’ite Badr Brigade member killed during fighting in Baghdad.
But there is no evidence the Iranian-backed Badr militia was responsible. Indeed, there are conflicting indications. The drill is said to be a popular tool of torture with the Badr Brigade. But beheading is a hallmark of Al-Qaeda in Iraq, led by the Sunni Abu Musab al-Zarqawi.
According to a report that was circulating after Bahjat’s murder, she had enraged the Shi’ite militias during her coverage of the bombing of the Samarra shrine by filming the interior minister, Bayan Jabr, ordering police to release two Iranians they had arrested.
There is no confirmation of this and the Badr Brigade, with which she maintained good relations, protected her family after her funeral came under attack in Baghdad from a bomber and then from a gunman. Three people died that day.
Bahjat’s reporting of terrorist attacks and denunciations of violence to a wide audience across the Middle East made her plenty of enemies among both Shi’ite and Sunni gunmen. Death threats from Sunnis drove her away to Qatar for a spell but she believed her place was in Iraq and she returned to frontline reporting despite the risks.
We may never know who killed Bahjat or why. But the manner of her death testifies to the breakdown of law, order and justice that she so bravely highlighted and illustrates the importance of a cause she espoused with passion.
Bahjat advocated the unity of Iraq and saw her golden locket as a symbol of her belief. She put it with her customary on-air eloquence on the last day of her life: “Whether you are a Sunni, a Shi’ite or a Kurd, there is no difference between Iraqis united in fear for this nation.”
(Source : The Sunday Times (Angleterre), le 7 mai 2006)
URL:http://www.timesonline.co.uk/article/0,,2089-2168496.html