الأحد، 5 سبتمبر 2010

Home – Accueil

TUNISNEWS

10ème année, N°3757 du05. 09 .2010  

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادق شورو

وللصحفي الفاهم بوكدوس

ولضحايا قانون الإرهاب


كلمة:رفض شبابي للتمديد أو التوريث

بعد رجاء مرسل الكسيبي : الشيخ عبد الوهاب الكافي ينصح تلميذه الدكتور القديدي

القدس العربي:تونسية تقاضي أربعة مطربين على خلفية مشاركتهم في حفلات بإسرائيل

كلمة:قطاع الخياطة والنسيج والإلكترونيك أكثر القطاعات تضررا من الأزمة

الصباح:استعدادا للمفاوضات الاجتماعية القادمة اتحاد الشغل يطالب بـ10 بالمائة كسقف للتفاوض

الحبيب بوعجيلة :اتحاد الشغالين و استحقاقات المرحلة الانتقالية

الصباح:في إجراء مفاجئ أثار غضب الأولياء:بلدية تونس تقرر خوصصة رياض الأطفال وإحالة المروضات على العمل الاداري

الصباح:بسبب ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء رمضان « يستنزف » اللحوم البيضاء ومخاوف من ارتفاع أسعارها بعد العيد

الصباح:من بين 78 ألف مترشح قبول 6272 مطلبا للحج

 

د.خــالد الطراولي:عندما  تسير الضحية في جنازة الجلاد!

الامجد الباجي:غصة الدراما

د.رفيق عبدالسلام :بين المشرق والمغرب

بحري العرفاوي: »الخطابُ الحداثوي » في تونس من الخيبة إلى « التكفير »!!

غازي التوبة :تهديد هوية أمتنا قديما وحديثا

جهاد الخازن:عيون وآذان (دموع التماسيح)

بلال الحسن:عودة فلسطينية إلى وهم «اتفاق المبادئ»

د. فهمي هويدي:بشرط أن تخسر نفسك

علي الظفيري:ماذا يحقق الرفض!

عدي الزيدي رئيس الجبهة الشعبية لإنقاذ كركوك :م / دعوة لمقاطعة التعداد السكاني

رويترز:عباس يصل تونس في مسعى لحشد الدعم للمفاوضات المباشرة مع اسرائيل

العرب:البرادعي يتهم السلطات المصرية بالسعي لتشويه صورته

العرب:معظمهم من الحزب الحاكم مصر: النائب العام يطلب رفع الحصانة عن 14 نائباً بالبرلمان

البنك الدولي يُجهز لتسريع عضوية « جنوب السودان » في حال الانفصال

الديمقراطية والسلام والوحدة:الأمم المتحدة والاستفتاء

الحياة:حضور أكبر لرمضان في تركيا يكشف حجم التغيير الحاصل

الخليج:بلير يلحق ببوش رشقاً بالحذاء والبيض

القدس العربي:ملكة بريطانيا ترفض منح بلير وسام شرف بسبب مذكراته

الجزيرة.نت:تزايد العنوسة في السعودية


Pourafficherlescaractèresarabes suivreladémarchesuivan : Affichage / Codage / ArabeWindows)Toread arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

جويلية 2010

https://www.tunisnews.net/22Out10a.htm


رفض شبابي للتمديد أو التوريث


حرر من قبل التحرير في السبت, 04. سبتمبر 2010 أعلنت الأمانة الوطنية للشباب الديمقراطي التقدمي في بيان لها صدر الجمعة 3 سبتمبر عن رفضها القطعي لأي تلاعب جديد بدستور البلاد تمهيدا لتمديد الحكم للرئيس الحالي أو توريثه لأحد أقربائه. وأكدت على مواصلة النضال بكل الوسائل الشرعية دفاعا عن حق شباب تونس في الانخراط الفاعل في العمل السياسي.   واستنكرت ما يتعرّض له شباب الحزب من مضايقات ودعاوي تهدف للتشفي من الخصوم.  كما ينظم مجموعات من الشباب التونسي حملات على المواقع الإلكترونية من أجل التصدي للرئاسة مدى الحياة أو التوريث الذي تعمل مجموعات من داخل السلطة على فرضه بطرق اعتبرها كثير من المواطنين والشباب التونسي محاولات انقلابية جديدة على الدستور وإرادة المواطنين. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 04 سبتمبر 2010)


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله بعد رجاء مرسل الكسيبي : الشيخ عبد الوهاب الكافي ينصح تلميذه الدكتور القديدي


إلي ابني الروحي مرسل أستسمحك في تعقيب مختصر على مقالك الأخير في موضوع تسمية الدكتور أحمد القديدي سفيرا لتونس في قطر . انطلقتَ في رسالتك للدكتور القديدي من موقع الصداقة التي تجمعك به ( أدام الله صداقتكما على أساس التعاون على البر والتقوى إن شاء الله ) . ومن البر النصح الخالص للأخ والصّديق ، والحمد لله  فقد وفقك الله  فقدمت له نصيحتك بحكمة بالغة : ( ومن منطلق ما ذكرت فانني أترجاه رجاء أخويا ،  بألا يختم عمره ومسيرته السياسية بدور مشبوه يهدف الى تلميع صورة الديكتاتورية والفساد , اللذان يعلم القاصي والداني من التونسيين حقيقتهما حق العلم …)

فهل من مجيب ؟

ومن جهتي أضيف لما تفضل به ابني مرسل أني خبرت الدكتور القديدي  منذ أوائل الستينات تلميذا في المعهد الثانوي بالقيروان . كان على خلق يميزه على كثير من أقرانه لما له من الثقة بالنفس دون تكبر ولا غرور وذا  طموحات مشروعة لما كان له – مند شبابه – من مقدرة فائقة في اللغة العربية كما كان يتقن الفرنسية أكثر من زملائه وذلك ما أهله أن يكون -كما نعرفه اليوم- أديبا لامعا ومفكرا متمرسا .

وأذكر أني كنت ألمس في الرجل  – مدة إدارته لجريدة العمل –  نَفَسا إسلاميا رغم سعيه الفاشل لتبرير مواقف رئيسه المثيرة للكثير من الجدل التي صادمت هوية شعبه وتطاولت على مقدسات دينه احترامي لنَفَسه الإسلامي – رغم إشفاقي عليه من خطورة الموقع الذي وضع نفسه فيه – شجعني على صياغة  مقال يقارن بين موقف الرئيس الهندي – آنذاك -(غاب عني اسمه) الذي أصدر قرارا بمنع بيع الخمر –  ولم يكن مسلما – وبين الموقف في تونس – البلاد المسلمة – التي تكاثرت فيها الخمارات بشكل غير مسبوق في ظل دولة  » الاستقلال  » ، أرسلته لجريدة العمل ، وأذكر باحترام أن الدكتور القديدي نشر مقالي رغم أنه عقب عليه برد أقدر أنه كان متهافتا .

وأسجل اليوم أني ما زلت أحتفظ لابني وتلميذي الدكتور أحمد القديدي بكثير من الاحترام والتقدير رغم موقفه الأخير الذي صدمني واعتبرته انتكاسة في مسيرة الرجل ، موقفه الذي أيد فيه سن النظام في بلدنا لقانون يجرم ويخون من يتعاون مع الجمعيات الحقوقية بالخارج .

من أجل ذلك أجدني اليوم وقد فجعت بما يتواتر من أخبار تسمية الدكتور القديدي سفيرا لدى قطر أتوجه إلى ابني وتلميذي الذي توسمت فيه – ومازلت – كل الخير بالسؤال الحارق :

كيف يقبل تلميذ الشيخ المرحوم عبد الرحمان خليف – رحمه الله – في رحاب جامع عقبة والفرع الزيتوني وبعد تجربة طويلة وثرية في الميدان الفكري والسياسي وفي مثل سنه وخبرته الرّكون إلى الذين ظلموا ؟؟

من صميم قلبي أدعو من هو بمثل خلق الدكتور القديدي وحكمته ألا يبيع آخرته بدنياه . والله الموفق والسلام على الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .

والله الموفق عبدالوهاب الكافي أستاذ في العلوم الطبيعية متقاعد وسجين سياسي سابق


تونسية تقاضي أربعة مطربين على خلفية مشاركتهم في حفلات بإسرائيل 


تونس- تقدمت مواطنة تونسية بدعوى قضائية جزائية ضد أربعة مطربين تونسيين على خلفية مشاركتهم في حفلات فنية بإسرائيل. وذكرت صحيفة (التونسية) الإلكترونية الأحد، أن هذه المواطنة التونسية التي تذكرها بالإسم، إعتبرت في الدعوى القضائية التي تقدمت بها أن الفنان هو سفير وطنه إلا أن المطرب محسن الشريف قد إرتكب جريمة لما غنى بإسرائيل وهو يرتدي اللباس التقليدي التونسي. وأضافت إن الفنان التونسي محسن الشريف، عوض أن يهتف بحياة رئيس تونس هتف بحياة (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين) نتنياهو ليبيع أصالته التونسية وضميره بثمن رخيص. كما طالبت المواطنة في دعواها بسحب الجنسية من هذا المطرب وكذلك من المطربين نور الدين الكحلاوي وعبد الوهاب الحناشي وسليم البكوش ومحاكمتهم بسبب إحياء حفلات بإسرائيل. وإعتبرت أن ما أقدم عليه هؤلاء الفنانين هو تحريض واضح على القضية الفلسطينية ونيل من سمعة تونس المساندة لها، كما أنهم جنوا المال أما التونسيين فقد جنوا العار جراء سلوكهم. وكان شريط فيديو قد إنتشر خلال أغسطس/ آب الماضي على الإنترنت، يظهر المطرب التونسي محسن الشريف وهو يهتف بحياة نتنياهو خلال حفل فني يعتقد أنه أقيم بمدينة إيلات الإسرائيلية. وقد ألقى هذا الشريط الذي وُصف بـ(الفضيحة) بظلال كثيفة على فعاليات مهرجان قرطاج الدولي، حيث أعلن الفنان التونسي سليم البكوش الذي ورد إسمه في قائمة بعض الفنانين التونسيين الذين غنوا في حفلات معظم جمهورها من اليهود، اعتذاره عن إحياء حفل غنائي بعنوان (نورانيات) الذي كان من المقرر إقامته ضمن فعاليات الدورة 46 لمهرجان قرطاج الدولي. كما أثارت هذه الفضيحة ردود فعل عنيفة منددة بالفيديو الذي أظهر المطرب التونسي محسن الشريف يهتف بحياة نتنياهو، واستياء وسخط العديد من التونسيين، حيث تشكلت مجموعات على موقع فيسبوك الاجتماعي تطالب بسحب الجنسية التونسية من هذا الفنان ومقاطعة كل حفلاته ومنعه من الظهور على شاشات التلفزيون التونسية الحكومية والخاصة. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 سبتمبر 2010)


قطاع الخياطة والنسيج والإلكترونيك أكثر القطاعات تضررا من الأزمة


حرر من قبل التحرير في السبت, 04. سبتمبر 2010 أظهرت دراسة صدرت مؤخرا عن « قسم التشريع والدراسات » التابع للاتحاد العام التونسي للشغل أن قطاعات الخياطة والنسيج والإلكترونيك أكثر القطاعات المتضررة من انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية على تونس وهو ما تسبب في إحالة 4217 عاملا على البطالة إلى حدود مارس 2010 وتقليص ساعات العمل في 195 مؤسسة.

وأثبتت أن المؤسسات الفرنسية والإيطالية المنتصبة بالبلاد تصدرت قائمة المؤسسات الأكثر تضررا بعد تفاقم التراجع المسجل في حجم الطلبات خاصة من طرف بلدان الاتحاد الأوروبي وعدم توفر المواد الأولية.

أما بقية المؤسسات خاصة التونسية منها فلم تسجل تراجعا على مستوى الإنتاج والمداخيل نظرا لعدم اعتمادها منذ بعثها على آلية التصدير الكلي والتعويل على السوق الوطنية في ترويج سلعها.

وأشار أصحاب الدراسة إلى أن القانون عدد 37 بتاريخ 20 ديسمبر 2008 الذي أملته الأوضاع الظرفية للاقتصاد التونسي وتضمّن جملة من الإجراءات تمثلت بالخصوص في تكفل الدولة بنسبة من مساهمة أصحاب المؤسسات في النظام القانوني للضمان الاجتماعي بالنسبة للعمال الذين شملهم إجراء التخفيض في ساعات العمل أو الإحالة على البطالة، لم تتجاوز نسبة نجاحه 60 بالمائة في تطويق آثار الأزمة الاقتصادية بسبب اتخاذه من جانب واحد دون الأخذ بالاعتبار مواقف الأطراف المعنية خاصة إتحاد الشغل الذي وقع تغييبه عن أغلب جلسات التشاور المتعلقة بالموضوع على حد ما ورد في الدراسة. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 04 سبتمبر 2010)


استعدادا للمفاوضات الاجتماعية القادمة اتحاد الشغل يطالب بـ10 بالمائة كسقف للتفاوض


 

من المتوقع أن يطالب قسم الوظيفة العمومية بالاتحاد العام التونسي للشغل خلال الجولة التفاوضية القادمة في جولتها الثامنة بسقف تقدر نسبته نحو 10 بالمائة في الزيادة في الأجور وذلك بزيادة ثلاث نقاط مقارنة بالجولة السابعة. وقالت مصادر نقابية من داخل الاتحاد  » أن هذه النسبة ستاخذ بعين الاعتبار كل المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية للبلاد وذلك قصد ضمان الاستمرارية في التفاوض واستثمار منجزات الجولة السابعة رغم الصعوبات العالمية والمحلية ، حيث تم التوصل  إلى تعديل القدرة الشرائية لكافة الأجراء بل إلى تحسينها ».

وفي ذات السياق اكدت المصادر ان « الاستثمار الحقيقي يظلّ في الموارد البشرية مع مراعاة قدرة المؤسسسات على المنافسة في ظل التكتلات الاقتصادية ». ومن ابرز الملفات التي من شانها ان تمثل مرتكزا للتفاوض خلال الجولة الثامنة  إلى جانب ملف الزيادة في الأجور نذكر ملف تنقيح النظام الأساسي للوظيفة العمومية والذي يهم ثلاث محاور اساسية هي نظام العطل ونظام التاديب ومسالة الانتداب في الوظيفة العمومية.

أما بخصوص القطاع الخاص فستتضمن توصيات الجولة القادمة من المفاوضات الاجتماعية التركيز على قضية الحد من السمسرة باليد العاملة وتحسين أصناف الجباية وتحديث التصانيف المهنية للعمال حسب التطورات التكنولوجية الحاصلة في مختلف القطاعات.

ويذكر ان قسم القطاع الخاص والتشريع والدراسات قدم الى مختلف الوفود التفاوضية خلال شهر جويلية استبيانا في قسمين، تعلق الأول بتقييم الجولة السابعة من المفاوضات الاجتماعية في حين خصص القسم الثاني لأهم الأولويات في الجولة القادمة وقد برزت في التقييم جملة المكاسب التي حققها الاتحاد في الجولة الفارطة خاصة في ما يتعلق بالحق النقابي وتوسيع مجال حماية المسؤول النقابي ووضع حواجز أمام «التلاعب» بتطبيق الفصل 4-6 من مجلة الشغل من خلال إقرار مبدإ أولوية الانتداب للعمال الذين عملوا في المؤسسة بعقود محدودة عند انتهاء العقد.

خليل الحناشي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 05 سبتمبر 2010)


اتحاد الشغالين و استحقاقات المرحلة الانتقالية


بقلم الحبيب بوعجيلة

تعيش الساحة النقابية منذ فترة طويلة على وقع جدل عميق يمتد من قاعات المؤتمرات إلى مواقع الشبكة العنكبوتية وصولا إلى الصحافة المكتوبة خصوصا بعد تفاعل قيادة المنظمة النقابية في أعلى المستويات مع ما يطرحه الجدل من إشكاليات .

و تحتل المسالة الديمقراطية داخل الاتحاد و هاجس الهيكلة وأساليب التسيير صدارة الاهتمام من خلال ما يبديه البعض من تخوفات حول  » مصير الفصل العاشر  » الذي تم إقراره في مؤتمر جربة الاستثنائي .و مما لا شك فيه أن  » سخونة الأجواء  » واحتقانها أحيانا حول هذا الموضوع مرتبطة بطبيعة الحال بحجم التحديات التي تواجه المنظمة العتيدة في هذه الفترة الدقيقة والانتقالية والحاسمة من تاريخ البلاد .ذلك أن الجدل حول  » الفصل العاشر  » هو في جوهره التعبير الظاهر عن انشغالات الأسرة النقابية بما سيكون عليه أداء الاتحاد العام التونسي للشغل في  خضم الاستحقاقات الاجتماعية و السياسية التي تنتظر بلادنا في الأشهر القليلة القادمة . ولا يبدو هذا الجدل « النقابي /النقابي  » شانا داخليا خاصا بمنظمة الشغالين بل من الواضح انه موضع متابعة و مراقبة من أطراف عديدة بداية من السلطة وصولا  إلى أطياف المعارضة بتوجهاتها المختلفة و  ذلك بحكم تنوع منخرطي الاتحاد ومناضليه الذين يمثلون قرابة ال65 بالمائة من مجموع السكان النشطين  بالإضافة إلى أن منظمة الشغالين كانت منذ نشأتها متجاوزة لطابعها المهني ألمطلبي لتكون في صلب الأحداث العامة في البلاد تأثيرا و تأثرا .

ويبدو على العموم أن الصفة الغالبة على الجدل لحد الآن عل الأقل   قد بقيت بين الأطراف والقوى  » المسؤولة  » في حدود « النبرة المعقولة  » و يهمنا في هذا الصدد أن نسجل بايجابية تفاعل المركزية النقابية مؤخرا مع هذا الجدل بتصريحات مهمة و « جريئة » لبعض قياداتها و  بقطع النظر عن حجم الاختلاف أو الاتفاق معها  فان هذه التصريحات تعد ترجمة علنية للاحترام الذي تكنه قيادة المنظمة لمنظوريها مهما اختلفت توجهاتهم كما تؤكد أن الجدل الذي يدور في البلاد وفي الهياكل الوسطى والأساسية للاتحاد يجد صداه بطبيعة الحال لدى القيادة التي لا شك أنها تدرك تماما جدية الإشكاليات المطروحة على راهن المنظمة ومستقبلها المنظور وان كانت هذه الملاحظة لا تمنعنا من الإشارة إلى منسوب « التوتر » الذي تتجه إليه بعض المماحكات التي تميل إلى « المنطق العدمي  » و « شخصنة الصراعات « و الإمعان في التجريح و الاتهامات مما يجعل أصحابها خارج مجال التأثير الذي لن يتأتى إلا بصياغة قراءة واقعية لواقع الاتحاد والبلاد من اجل « اقتناص » المشترك في خطاب جذاب قادر على الفعل في مجريات الأحداث وتدعيم الثقة في المؤسسة النقابية و طاقاتها النضالية المتجددة مهما كان موقفنا من الراهن .

فترة التسعينات : ما لها و ما عليها

من المؤكد أن حجم التراجعات الاجتماعية التي هزت المقدرة الشرائية للشغالين و أصبحت تقضم باطراد مكاسبهم السابقة بالإضافة إلى مظاهر الاحتقان السياسي وتعطل مسارات الإصلاح وإجراءات التضييق على الحريات هي عوامل تعمق حالة الغضب و التوتر مما يدفع في أحيان كثيرة إلى استخلاصات متشائمة تلخص مسار المنظمة الشغيلة في العشريتين الأخيرتين في مربع الارتهان و الاستسلام  باعتماد نظرية المؤامرة و الاتهام  » المشخصن  » بالفساد والعداء لمصالح الطبقة العاملة . غير أن قراءة واقعية  لمجريات الأحداث التي مرت بها بلادنا منذ ما يقارب العقدين تؤكد أن تعقيدات الوضع الداخلي والإقليمي والعالمي تدفعنا إلى تنسيب هذه المواقف « القاسية  » في تقييم تمشيات قد نختلف في تقييم نسب نجاحها و لكننا لا نستطيع أن ننكر ما حققته في حماية المنظمة والحفاظ على  الحد الأدنى من مكاسب منظوريها  وسط عواصف « الاستقطاب السياسي الحاد » الذي شهدته البلاد أوائل التسعينات و في خضم التحولات الدولية « الدراماتيكية  » بداية من انهيار المعسكر الاشتراكي و استفراد العولمة الليبرالية المتوحشة بمقدرات العالم وصولا إلى تداعيات حرب الخليج الثانية .

لقد اختار الخط السائد في المنظمة النقابية على امتداد عشرية « التسعينات » اعتماد « عقد وفاقي » على قاعدة الكسب المتبادل في اتجاه الحفاظ قدر الإمكان على الوظيفة « الرعائية  » للدولة و ضمان إعادة توزيع للثروة يضمن اقل ما يمكن من مظاهر الإجحاف ويمنع  المس قدر المستطاع  من الوضع المستقر عموما للطبقة الوسطى وانطلاقا من « فلسفة اجتماعية  » تعتبر المرحلة لحظة دفاع في مواجهة « العولمة الزاحفة » و تحدد التناقض الرئيسي بين « المؤسسة الاقتصادية الوطنية  » و  » المؤسسة الأجنبية  » .و قد كان هذا الاختيار مترجما سياسيا في الانحياز إلى جانب الدولة والنظام في صراع أوائل التسعينات  . كما تمت ترجمة « خيار العقد الوفاقي  » اجتماعيا من خلال خيار السلم الاجتماعية عبر مفاوضات تمنح الدولة هامشا لإعادة التوزيع والهيكلة بمهلة تمتد إلى 3 سنوات متجددة و هي العوامل التي ساهمت بطبيعة الحال في مجمل  » النجاحات  » التي تتباهى بها السلطة في أدائها الاقتصادي والاجتماعي .

ليس من العسير طبعا تفسير هذا الخيار « البراغماتي  » فالمنظمة الشغيلة تعتبر على امتداد تاريخها الطويل أن الدولة هي المخاطب الرسمي والمفاوض الأساسي للاتحاد بحكم التركيبة الاجتماعية لمنخرطيه ..كما إن الاتحاد ظل باستمرار يختار جانب السلطة في فترات الاستقطاب الكبرى خصوصا حين يكون « بريق شرعيتها  » ضامنا لقوتها في مواجهة خصومها (موقف الاتحاد في الصراع اليوسفي البورقيبي – موقفه في صراع المتشددين مع التحرررين بقيادة المستيري أوائل السبعينات – قبوله بتجميد الأجور من 1957الى 1963 …الخ) وعلى العموم وبعيدا عن المزايدة – بمفعول رجعي – فان هذا الخيار الوفاقي ظل على العموم محل إجماع اغلب التيارات النقابية والسياسية ضمنا أو علنا على امتداد عشرية التسعينات .

المستقبل و البناء على المشترك

غير أن ما سبق من ملاحظات لا يمنع اليوم مشروعية المطالبة بإعادة النظر في هذه التمشيات بحكم التحولات الجوهرية التي طرأت على المشهد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي بالبلاد . والحقيقة أن مطالب المراجعة الجذرية لوضعية « التعاقد الاجتماعي بالبلاد  » قد بدأت في الظهور منذ بدايات الألفية الثالثة مع ظهور أعراض « الوهن  » في نموذج التنمية المعتمد و وصول « المنظومة السياسية  » القائمة إلى حدودها مما جعل الإصلاح الشامل مطلبا شرعيا لتجاوز حالة الجمود و وضعيات الاحتقان الاجتماعي و تجديد قدرات البلاد على مواجهة الاستحقاقات والتحديات الجديدة التي تنتظرها . لقد بات من الواضح أن التحولات الجذرية التي شهدها الوضع الاقتصادي في البلاد تبين باطراد  أن الدولة لم تعد قادرة على الاضطلاع بمهامها التقليدية في المجالات الاجتماعية المتنوعة كما إن نفوذ المجموعات وأصحاب المال الجدد أصبح يتزايد باستمرار و في سياق التحولات العالمية والداخلية تشهد البلاد بروز صراعات جديدة وفرزا اجتماعيا وسياسيا مختلفا يعمق صراع المصالح وتمايزها مما يدفع باستمرار نحو « اكراهات » تجديد بنود  » العقد السياسي والاجتماعي بين  » الدولة والمجتمع بفئاته وتياراته المختلفة . ولقد بات واضحا منذ مؤتمر « جربة » في 2002 أن الاتحاد العام التونسي للشغل كان واعيا بهذه « الاكراهات » التاريخية فبدا الحديث داخل المنظمة على ضرورة مراجعة مبادئ العقد الاجتماعي وبرز خطاب « التصحيح  » من أعماق القيادة نفسها في اتفاق واضح مع قواعدها لإعادة النظر في « أسلوب التفاوض الاجتماعي وغاياته  » و لتأهيل  » الهيكلة الداخلية  » للاتحاد بما يتيح للمنظمة استعادة دورها كاملا  » للمشاركة  » في الصياغة الإستراتيجية لمصير البلاد على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي بل إن « أدبيات » الاتحاد منذ أوائل الألفية الثالثة قد استعادت خطاب  » الحريات  » و المطالبة بالعفو التشريعي العام و « تعزيز الديمقراطية  » و « حقوق الإنسان  » من منطلق قناعة راسخة بان الدور « التعديلي » للاتحاد ومهمته في حماية مكاسب « الدولة الحديثة  » و الدفاع على عموم منظوريه لا يمكن أن يتم إلا في إطار مجتمع ديمقراطي قائم على تعددية فعلية ومجتمع مدني قوي يمثل الاتحاد  » العصب الرئيسي » داخله و لعل هذا ما أعاد للأذهان الدور الرائد الذي لعبته المنظمة أواخر السبعينات . و رغم تعثر هذا الخطاب بحكم أحداث داخلية ودولية مرة أخرى (أحداث سبتمبر – غزو العراق – إستراتيجية الحرب على الإرهاب و ضمور المطلب الديمقراطي ) فانه يعود اليوم

 

بشدة في الأوساط النقابية والسياسية و أتصور أن هذا الجدل سيكون مثمرا على مستقبل المنظمة والبلاد إذا ارتبط بجملة من الاتفاقات المبدئية أجملها في ما يلي : 1/ الإقرار بنهاية عهد الدولة ذات النزعة المركزية والبيروقراطية التي تصر على اعتبار المنظمات مجرد وسائط لاختراق المجتمع والسيطرة عليه و الاعتراف بان العلاقات الزبائنية القائمة على طلب الولاء والسكوت عن المطالب الاجتماعية والسياسية مقابل المكاسب لم تعد ممكنة فالتحولات الاقتصادية بالبلاد تؤكد تآكل القاعدة « الزبائنية  » للدولة بالإضافة إلى أن هذه التحولات تؤكد حاجة المجتمع إلى منظمات تمثيل حقيقي تتفاوض من خلالها فئات المجتمع و تتعاقد و تنجز التسويات الضرورية على أساس الشراكة الفعلية في تقرير المستقبل الاستراتيجي للبلاد و في جو من الديمقراطية الفعلية بما هي آلية معاصرة في إدارة الصراع الاجتماعي .

 

وفي هذا الإطار وحده يمكن تدشين تفاوض حقيقي وغير مغشوش حول « منوال التنمية  » المنشود الذي يمكننا من مواجهة المصاعب القادمة لا محالة . 2/ إن تطوير الهيكلة الداخلية للاتحاد بما يتيح لمناضليه هامشا اكبر في تحديد الاختيارات والمسارات أصبح مطلبا لا مناص من الاعتراف به و بقطع النظر عما يثيره الحوار حول الفصل العاشر من تشنجات أو تجاذبات  » شخصانية  » أو « فئوية  » فان تطوير المنظمة يمكن أن يكون محل تسوية ممكنة إذا تحملت كل الأطراف مسؤولياتها في إطار قراءة واقعية لموازين القوى و في إطار اعتبار مصلحة الاتحاد كمكسب وطني لا يجوز انهاكه بتوترات غير محسوبة النتائج 3/ إن الحركة الديمقراطية والنشطاء في مجال الإصلاح السياسي يمكن أن يساهموا في إعادة ترتيب العلاقة بين الاتحاد و الحركة السياسية بصياغة خطاب واقعي قادر على إقناع النقابيين  وتعبئتهم في معركة التنمية السياسية باعتبارها جزء لا يتجزأ من معركة الرقي الاجتماعي والتنمية الشاملة والمستديمة  مع الأخذ بعين الاعتبار لطبيعة المنظمة النقابية وتركيبتها و تاريخها بعيدا عن أوهام  » الحياد السلبي » للمنظمة الشغيلة أو إمكانية حشرها في « الأجندة  » الخاصة لهذا الطرف أو ذاك …   


في إجراء مفاجئ أثار غضب الأولياء بلدية تونس تقرر خوصصة رياض الأطفال وإحالة المروضات على العمل الاداري


تفاجأ بعض الأولياء الراغبين في ترسيم أبنائهم في رياض ومحاضن الأطفال التابعة لبلدية بتونس العاصمة برفض القائمين على هذه المؤسسات لعملية الترسيم باعتبار إمكانية تحول بعض هذه الرياض إلى مؤسسات خاصة بعد أن يتم التفويت فيها بالتسويغ. وهو ما أثار قلق واستياء الأولياء باعتبار ما عرف سابقا عن هذه الرياض من خدمات جيدة وأسعار معقولـــــة مقارنة برياض الأطفال الخاصة. وعلمت « الصباح » أن بلدية تونس تقدمت بطلب عروض لتسويغ 9 من رياض الأطفال التابعة لها وتعد حوالي 14 روضة وبحث إمكانيات التفويت في هذه الرياض لمستثمرين خواص. وفي اتصال ببلدية تونس،أكدت مصادر مسؤولة الشروع في إجراءات الخوصصة عبر نشر إعلان طلب عروض في الصحف. وأن التسويغ سيكون سنويا وفي صورة الحال سيكون تسوغ عقارات البلدية لاستغلالها كرياض أطفال ومحاضن بداية من 1 نوفمبر إلى موفى شهر أكتوبر 2011. وأكدت مصادرنا أن الرياض المعنية بالتسويغ هي المنزه- حي الخضراء- العمران الأعلى- العمران- حي التحرير-لاكانيا- منفلوري- المنتصرية والحفصية.. والغريب أن طلب العروض صدر في الصحف خلال هذا الأسبوع وحدد آخر اجل لقبول المطالب يوم 30 سبتمبر 2010 وهو ما يعني أن فتح رياض الأطفال والمحاضن التي كانت تتبع البلدية لن يتم قبل شهر نوفمبر القادم خاصة بعد إحالة القائمين على شؤون هذه الرياض على المصالح الإدارية وإلحاقهم كموظفين في البلدية.الإشكال يظل قائما كذلك بالنسبة إلى عائلات عدلت ميزانيتها العائلية على تعريفة الرياض البلدية وهي تعريفة بعيدة كل البعد عن التعريفة المعتمدة من قبل رياض الأطفال والمحاضن الخاصة. وفتح هذه الرياض والمحاضن بعد أكثر من شهر ونصف من العودة المدرسية يطرح كذلك إشكاليات فيما يتعلق بمصير الأطفال الذين ينتظر أن تحتضنهم هذه المؤسسات ومصير عائلاتهم خاصة الذين يشتغلون. كما أن التسويغ المنتظر والذي ينتهي موفى أكتوبر 2011 يعني تعطيل إضافي في السنة القادمة وتأخير مؤكد في فتح رياض الأطفال المعنية خاصة في صورة تسويغها من طرف مستثمرين جدد. وإضافة إلى غضب المربيات والمنشطات وأيضا العملة التابعين لهذه المؤسسات،فقد أغضب الإجراء المفاجئ بالتفويت في رياض ومحاضن الأطفال البلدية إلى الخواص مئات العائلات المنتفعة بخدمات هذه الرياض المنظمة إذ كان من المفروض اتخاذ مثل هذه القرارات بعد الأخذ بعين الاعتبار لعديد العوامل وقبل العودة المدرسية بأشهر. كما سيمثل إحالة المربيات داخل رياض الأطفال والمحاضن البلدية على مهام إدارية في البلدية خسارة لكفاءات مختصة أغلبهن من خريجات معاهد إطارات الطفولة بقرطاج درمش وبئر الباي وخريجي مراكز التكوين المهني (حي الزهور) تكونّ وعملن لسنوات في مجال بيداغوجية وتدريس وتعليم الأطفال ليجدوا أنفسهم اليوم وسط الوثائق والأعمال الإدارية. ويذكر أن المجلس البلدي لبلدية تونس قرر في شهر جوان 2009 الترفيع في المعاليم الموظفة برياض الأطفال. وشملت تلك المعاليم، الترسيم والمعلوم البلدي ومعلوم الحراسة… سفيان رجب (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 05 سبتمبر 2010)


بسبب ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء رمضان « يستنزف » اللحوم البيضاء ومخاوف من ارتفاع أسعارها بعد العيد


تمكن قطاع الدواجن خلال الشهرين الأخيرين، اللذين تميزا بحلول موسمي السياحة وشهر رمضان معا، من تغطية الحاجيات الاستهلاكية من اللحوم البيضاء، خاصة في ظل ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء التي حلقت عاليا لتستفر بين 13 و15 دينارا للكلغ الواحد.

ولئن كانت الاستعدادات مكنت من توفير مخزون هام من اللحوم البيضاء قبل موسمي السياحة ورمضان بلغ 13 ألف طن، مع تواصل الإنتاج، فإن أوساطا مطلعة من داخل القطاع باتت لا تخفي تخوفها من صعوبة مجابهة الطلب الذي يبقى هاما خلال الفترة القادمة، مع عودة العمل الإداري بالحصتين ونشاط المطاعم ونقاط بيع الأكلة الخفيفة، وكذلك فتح المطاعم الجامعية والمبيتات بالمعاهد الثانوية وبقية المؤسسات الأخرى التي لها مطاعم خاصة.

وتشير هذه المصادر أن ذروة الاستهلاك التي حصلت خلال الموسم السياحي ورمضان قد تضاعف فيها الإقبال على اللحوم البيضاء بكل أصنافها، وقد سجلت نسبة استهلاك بما يضاهي ضعف الاستهلاك العادي المقدر بما بين 5 إلى 7 أطنان من هذه اللحوم في اليوم داخل تونس الكبرى فقط.

كما لم تخف هذه المصادر بعض الصعوبات التي عرفتها المداجن التقليدية جراء موجات الحرارة التي عرفتها البلاد خلال هذا الصيف، حيث أثرت على نوعية البيض المعد  » للتفقيص » وكذلك الدواجن المعدة للتربية والتسمين.

ويشار في هذا الجانب أن القطاع يوفر أكثر من 9 ملايين من دجاج البيض وقرابة 8 ملايين دجاج لحوم ويتوزع على مداجن تقليدية وأخرى عصرية. غير أن عددا هاما من المداجن التقليدية تعرضت إلى أضرار خلال هذا الصيف نتيجة ارتفاع حرارة الطقس مما حدا بالإنتاج إلى التراجع، خاصة خلال النصف الثاني من شهر جويلية وأوت الماضيين، وهو ما قد يؤثر على مستوى العرض خلال الفترة القادمة، ويؤشر على ارتفاع أسعار اللحوم البيضاء.

وبخصوص إنتاج اللحوم البيضاء تشير الأرقام إلى أن القطاع يوفر 101 ألف طن من لحوم دواجن و39 ألف طن لحوم ديك رومي وقرابة ألفين طن لحوم أرانب.كما كما بلغ انتاج القطاع 160 مليون بيضة.

ولئن تؤكد هذه الأرقام تطور القطاع واستجابته الكافية للحاجيات الاستهلاكية سواء منها اليومية أو الموسمية، فإن ارتباكه وحساسيته تبقى متواصلة على مدى السنوات الأخيرة نتيجة بعض العوامل سواء منها المتعلقة باستقرار الإنتاج أو بالعوامل المناخية التي تحيط بوحدات انتاجه التقليدية.

وهذه العوامل تنعكس باستمرار على آداء القطاع لتؤثر بين الحين والآخر على الأسعار التي تبقى غير مستقرة خاصة في فترات ما بعد ذروة الاستهلاك، أو من خلال عوامل ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء. علي الزايدي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 05 سبتمبر 2010)


من بين 78 ألف مترشح قبول 6272 مطلبا للحج


علمت «الصباح» أن نسبة الاستجابة لمطالب الترشح لأداء مناسك الحج لهذه السنة بلغت 8.15 بالمائة من بين 78.461 ألف مترشح يتوقون إلى أداء مناسك الفريضة الخامسة أي ما يقارب 6272 مطلبا فقط تمت الاستجابة لها… مع العلم أن عدد بقاع حجاج الفرزبلغ 6400 مقعد.

وقد تم الإعلان عن قائمات الحجيج في مختلف المعتمديات الذين خضع المترشحون للفحوصات الطبية اللازمة للقيام بهذه الفريضة على أن يتم لاحقا ضبط مواعيد إجراءات السفر وموعد إقلاع أول طائرة. من جهة أخرى يجرى العمل حاليا صلب وزارة الشؤون الدينية على الاستعداد المحكم لانطلاق اللقاءات التوعوية للحجاج لتأهيلهم بمختلف مراحل الفريضة الخامسة من ذلك طريقة أداء المناسك…

يذكر أن ضبط عملية الترشح للحج تتم وفق جملة من المقاييس من بينها أقدمية مطلب الترشح ومراعاة عامل السن سيما أن ثلث البقاع مخصصة لمن بلغوا 80 سنة فما فوق. وإذا ما تجاوز عددهم النسبة المذكورة فان الأولوية يحددها عامل السن.

وتجدر الإشارة إلى أن كلفة الحج هذه السنة قدرت ب 5626 دينارا للفرد الواحد بزيادة قدرها 60 د مقارنة بالسنة الفارطة مع العلم أن إقامتهم ستكون في حدود 24 يوما تؤمنها 39 رحلة جوية.

منال حرزي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 05 سبتمبر 2010)


عندما  تسير الضحية في جنازة الجلاد!


د.خــالد الطراولي ktraouli@yahoo.fr   … إنه « كان مخلصًا لدينه ووطنه لتحقيق هذه المصالحة التي أصبحت نموذجًا يحتذى في كل البلاد العربية.. وكان سببًا في الإفراج عن آلاف المعتقلين…، في الوقت الذي كانت الدول الأخرى تشحن الإسلاميين إلى السجون بعد 11 سبتمبر…نقول هذه الكلمات عرفانًا بفضله ووفاءً لعطائه وتذكرًاً لجميله.. فقد كان فذًا وسابقًا لأقرانه في كل شيء ».

كلمات من ذهب، تأبين في أعلى مستويات التكريم والاعتبار، اعتراف جميل ونياشين مباركة ورضا، يحملها هذا الخطاب البسيط… أحرف تتراكم وتتزاحم لتبني فكرة تلامس الأسطورة، في زمن خلا في الكثير من أيامه من منظومة القيم وحقوق الفرد والرعية..، في زمن تعالت فيه أصوات الذئاب وغابت فيه أو خمدت أصوات العقل والفضائل والخلق الحسن…

ليست هذه الكلمات من أخ كريم التاع من وجع الفراق، ولا من صديق حميم فقد السند والعون، ليس هذا الخطاب بروتوكولا يُلقى في مثل هذه المناسبات الحزينة دون لون ولا طعم ولا رائحة!

إن الفقيد رجل أمن ومخابرات، رجل كان ولعله لا يزال في صف الجلاد أو لعله الجلاد نفسه! والمؤبّن أحد قيادي الحركة الإسلامية! عجيب أن تلتقي الضحية والجلاد دون قضبان وهراوة، دون جور وبغي وظلمات، غريب أن يجتمع القوم بأوجاعهم وخلافاتهم، بأيامهم السوداء وكهوفهم ودهاليزهم، بآهات ودموع ودماء، أن تجمعهم ورقة بيضاء حالمة وإن كانت حزينة…وإن كانت المنازل مقبرة مفتوحة على أبواب السماء، وإن كان لقاء الأحياء بالأموات!!!

نعم الإطار جنازة والمتوفى ضابط كبير في المخابرات المصرية، وصاحب الخطاب التأبيني قيادي في الجماعة الإسلامية في مصر!!! من هنا تبدأ قصة وتنتهي أخرى، من هنا مرت غربان سود، أعقبتها حمائم بيض تغرد داخل السرب وتحلم بغير السراب…

لقد كانت المواجهة عنيفة وقاتلة بين الجماعة الإسلامية في مصر والنظام القائم، وسالت دماء بريئة، ونال القوم من بعضهم في سنين طوال دامية عجاف، مات من مات ودخل السجن الآلاف، وبقيت الحالة متدهورة ومفتوحة على المجهول، حتى لاحت في الأفق مفاتيح لأبواب كانت موصدة، وثنايا حبسها الظلام عن ارتيادها، فكانت المراجعات الفقهية التي طرحتها الجماعة الإسلامية سنة 2002 فاتحة خير وبركة للخروج من الأزمة ومعانقة الصلح والمصالحة بين الجميع، فتم إطلاق سراح الآلاف من المساجين وقد مضى على بعضهم أكثر من عقدين…

كان وراء ذلك رجل من الضفة الأخرى، لعله كان مغمورا ولا يصيح من فوق صومعته..، اللواء أحمد رأفت نائب رئيس جهاز أمن الدولة في مصر، تبنّى المراجعات وكان كما تقول الجماعة الإسلامية  » الرجل الفذ الذي رحم الفقير وعطف على المعتقل.. ورحم أهالي المعتقلين من ويلات وويلات لا يعرفها إلا من ذاقها.. وهو أول من أعاد للمعتقلين الإسلاميين كرامتهم الدينية والإنسانية المفقودة.. وهو الذي غامر بمنصبه ومجده الشخصي والوظيفي تقديمًا لمصلحة الوطن على مصلحته الشخصية.. فقد جعل منصبه على محك نجاحه في تجربة المبادرة  » ، منهيا بذلك سنوات من الجمر والمعاناة، وفاتحا لباب خير وأمن وأمان.

ما يستوقفنا في هذه الحالة مجموعة من المضارب التي نراها تمثل نموذجا شاذا ومنهجية لقاء وبناء، وفصول كتاب وردي نود أن يعم بلاد المسلمين، وهي تشكل مسارات نحلم أن تخط آثارها على رمال، وإن كانت متحركة، نحو الأفضل والأسلم، من أجل مواطنة كريمة دون إقصاء أو تهميش أو استبداد :

* ليست ضفة الحاكم كلها سواد فأماكن النور متواجدة وأهل الخير والوفاء ليسوا حكرا على منازل المعارضة وثناياها.

* ليست خيمة الحاكم وحدة متجانسة، وإن كان الاستبداد يسعى غالبا إلى نحت صورة الولاء الأعمى والحب الجنوني والظهور بصورة الكتلة المتلاحمة التي لا تشوبها شائبة، فليست كل أبواب القصر ذات لون واحد، ولا نوافذه بنفس الحجم والقدرة لعبور الريح والنسيم العليل.

* المراهنة على الاستبداد خطأ، ودخول خيمته منحنيا ليس من الشيم، ولكن المراهنة على الخير صواب، والاقتراب أو اللقاء مع أهل الفضل والمروءة من أجل الصالح العام جميل ومرتقب.

* إن هناك فصلا بين النظام والدولة وإن كانت السلطات عندنا تسعى إلى تعويم الثانية في أوحال الأول، وأعوان الدولة أناس يغلب على أكثرهم الفعل الحسن والعمل من أجل خير البلاد، فلا يجب الخلط ورمي الرضيع بآنية الغسل، ولكن يجب السعي إلى تجنيب هؤلاء ويلات أي اختلاف أو خلاف، وكسبهم إلى مواطن الكرامة وحقوق الإنسان.

* إن الجماهير إجمالا ليسوا على قلب رجل واحد، وليسوا من معدن واحد، وهذه الحقيقة البديهية ولعلها كثيرا ماتنسى، لا يجب إغفالها ولكن اعتمادها كمعطى واقعي يؤكد على أبعاد البراغماتية غير المنعزلة عن القيم والتفهم الواعي، وعلى قيم العفو والرحمة بين الناس. ختاما فإن فكر المصالحة وممارسة المصالحة عناوين لمنهجية تغيير ونهضة أثبت التاريخ البعيد والقريب جدواهما، ولقد عزز مقدسنا القولي والفعلي من آليات العفو والرحمة والصلح والتصالح ودعا إليها بكلمات من نور. ولن يكون للفرد والمجموعة من نجاح وفلاح في مستوى الوطن أو الأمة إلا عبر تشكيل عقلية المصالحة في مقابل عقلية المواجهة وتكوين فكر المصالحة وآلياته في إطار من قيم العدل والحرية والمواطنة الكريمة، بعيدا عن الاستبداد ومنازله ورواده.

 

www.liqaa.net أوت 2010. رمضان الخير 1431


غصة الدراما


باسم الفن وتحت عنوان  حرية الفنان خرج بعضهم علينا في هذه الايام  للدفاع عن الاعمال الدرامية المبتذلة التي تارة تتهجم على المقدسات واخرى  تكسر حاجز الحياء  وتعرض علينا العهر كانه شئ يمكن ان نجد له تبريرا .

باسم الفن وعظيم الفن قرر بعضهم مما لا علاقة لهم بالفن ولا يعرفون ما الفن اصلا  ان يرفعوا  اصواتهم  للدفاع على هذه الرداءة التي غمت تلفزاتنا في هذا الشهر الرمضاني الفضيل الذي حولوه الى شهر اشهاري  يصطف فيه التجار خلف الفجار كما لا يمكن لهم ان يفعلوه  وبعد ان  انهارت دولتهم  المقيتة امريكيا  وكسد سوق غربهم الموحش الصفيق  وبدا البور يغزوا حياتهم اللعينة.

لقد رفعت اصوات  باسم كلمة حق اريد بها باطل. نعم من حق الفن ان يهاجم كل شئ. وان لا يترك مكانا شاغرا لا يفعل فيه معول شكوكه وان يرفع لنا  بيانات  اعتراضه على كل ما يراه لا يناسب  انسانية الانسان ولا حرمته ولا رفعته في الكون حتى وان لامس في المقدس ما يعرض مكانة الانسان في الكون. هذا الفن.

اما هذه المسلسلات التي لا علاقة لها بالفن.وصنعت في قنوات تلفزية تقودها في معظمها  خلايا استخبارات اسرائيلية وامريكية  او انها صنعت بفكرة  نسخ روح هوليود  وفاتورة الاستهلاك الدرامي الهوليودي نقل بلا عقل  .تبرج نسوة في مراة فاجرة . تسلسل  لصور  رتبت الكذب والتلفيق  والابتذال  حتى وان كانت نواياها جيدة  فلن تكون جيدة ولا عذر  يحميها من هبوطها الى الكدر  .

عن اية فن يتحدثون؟؟

مسلسلات  بدت منذ الجنيريك  تعلن انها  اعمال كوميدية تريد ان تنتزع منا الضحكة ولكنها مسلسلات حزينة ثقيلة الضل  زئبقية الدم. شخوصها لا ترقى الى مستوى شخوص تامة الشروط انها عناوين مبسطة  لمهنة او موقع اجتماعي  لا يلخص حتى  طبع ملامحها

و حواراتها  فيما بينها  هي عبارة على  اكداس من الابتذال  جمل تبدوا منقولة بحذافرها من الشارع ولو تفطنوا ربما وجدوا في الشارع ما هو اكثر ثراء  واكثف معنى.وضعيات درامية لا تؤسس لاية  لحضة يمكن ان ينفجر فيها الضحك حتى ولو كان ضحكا من ذلك الابتذال  والارتجال  الممجوج الذي ورطونا فيه.ارادوا السخرية من شخوصهم ولكنهم تحولوا الى مسخرة لا تضحك احد.

ممثلين لا علاقة لهم بالضحك والاضحاك. اناس تعودوا داخل هذه الاجهزة الجبارة للانتاج الدرامي على  تسويق صورة مغايرة لانفسهم . ولكنهم اقحموا  عضامهم الثقيلة  فيما لا علم لهم به .

اخراج تلفزي لمخرجين لا يعرفون شيئا عن بناء الفكرة بالصورة فاكتفوا بهذا الاسلوب الاذاعي الذي يهيمن على كل مجال الانتاج الدرامي في الوطن العربي. في تونس تعاني الكوميديا معاناة   لم تتوقف منذ نشاة الفنون الدرامية في بلادنا. مبدا السخرية  واستعماله في الفن لم يتمكن يوما من فرض كيانه المستقل  بعد ان استولت عليه  قوى عنصرية  ودمرت له كل مصداقية حقيقية.

عانت الكوميديا  في تونس ولا تزال تعاني من سطوة العنصريين  وارادة العنصريين على  المساحة الاديولوجية  المتوفرة في المنابر الفنية.

والازمة الاخيرة التي  تكونت بين الصفاقسية وقناة اليهود نسمة  تعطي فكرة على  الدمار والضيق الذي تعاني منه الكوميديا في تونس.

غضب  بعض الصفاقسية من  تقمص منى نوالدين  لشخصية امراة صفاقصية ثقيلة الدم  وثقيلة الخطوة   رفع الى الراي العام  حقيقة  الحدود التي  سادت وتسود  احقية  الفن في استعمال  السخرية.

منذ مائة سنة يسخر التونسين من لهجة  الكاف ولكن لا احد رفع شكوى حتى يكف المسرحيين و صناع الدراما من  صنع شخوص مسرحية ودرامية   من ريف الكاف   هاجت  حولها الجماهير وماجت من الضحك  والسخرية. تصوروا لو ان اهالي الكاف اشتكوا الى السلطات لايقاف  هذا التمشي  فماذا كان سيبقى لنا من الكوميديا في تونس.

فرقة بوليسية  مدينة تونس  بقيادة على بن عياد  اخرجوا مسرحية الماريشال   وضلت هذه المسرحية التي تسخر علنا من لهجة الكافية وتحقر من  الكافية   بقيت في  واجهة الاعمال الناجحة  تقريبا  اربعة عقود.

ولم يتقدم اهالي الكاف بشكوى ولم يوقفوا نزيف احتقار الكافية ولا السخرية منهم.

اهالي الكاف هم اقدم شعوب تونس انتماء للحضارة. مدينتهم هي اول عاصمة للبلاد. وعندما دمر بنو هلال الحضارة انكفات البلاد على فريقا على الكاف وابقى اهالي الكاف على اديم الحضارة على مدى خمسمائة سنة .  الكافية يعرفون  ان هذه موجة عنصرية عابرة.وان القافلة تسير. وبورقيبة الذي رسخ هذه العنصرية  تجاه  الكافية هو الان  جيفة تحت التراب. و حسب رايهم  اذا كانت لهجتهم  تسعد الناس وتجعلهم يضحكون  فاين العيب؟ فليضحك الشعب.

لهجة الرائعة الخالدة صليحة   هي لهجة ولكنة  ذلك الكرم  والسخاء الذي

من اسمها خرج اسم  قارة باكملها.ورغم انه لا يوجد مكان يمكن ان تتنفس فيه الفن مثلما يحدث لك  في الكاف فان  التعتيم  العنصري  الذي مارسته اجيال من السفلة  تحت غطاء التمثيل والمسرح الهزلي  تجاه لهجة الكافية  حولت  مدينتي العظيمة  الى ركام غبار  بدا يرحيه النسيان. ورغم هذا . اين هي تلك الاعمال الكوميدية  الساخرة الكبيرة؟

كلها زبالة بما فيها  زبالة مسرحية الماريشال  التي عرف فيها الناس  منى تورالدين وهي تمثل دور عجوز منذ اربعين سنة خلت. كدليل على ان سيدة  التمثيل التونسي  الاولى  كانت ولا تزال سيدة حجيرا ت المخلة وكل مشاريع  السخرية من  الاخرين اذا توفر لهم ذلك.

ولكن الصفاقسية  كما عادتهم  تفطنوا لحسبتها.ودققوا  في الثمن الذي سيدفعونه لو سمحوا لبورجوازية العاصمة ان يحولوهم الى كاراكوز.

هذا المسلسل التافه الذي عرضته  تلفزة اليهود نسمة  هو ليس حتى مسلسل كوميدي حقيقي .انه استعراض  لكائنات  سمينة   معطلة بالشحم كل ما يضحكنا فيها هي انها مسخرة الانسانية . ثقيلة الدم ثقيلة المشية.

في ظروف اخرى وحياة  اخرى كنا سنجتمع حولها ونذرفها دموعا لا تتوقف من شدة ماساتها .

ولكن  تقنية  وثقافة الاستخفاف  بكل شئ حولتها في نظر شعوب مقهورة الى  كائنات خفيفة  لان  وضعها المتثاقل بالشحوم  يبدو اخف وزنا من هموم الناس  الحالية. لا يوجد ضحك ولا سخرية حقيقة  من داخل هذا العمل .كل ما يوحي بالضحك هي اشارات من بعيد لوضعيات  وكليشيات  اما اننا رايناها في اعمال سابقة او انها كليشيات اجتماعية  توحي  بالاضحاك.

لا يوجد فن كبير في هذه الاعمال .لهذا قامت وزارة الداخلية بدعوة من هب ودب لكتابة النصوص  واعداد  الممثلين وادارة هذه الاعمال.

المسلسل الكوميدي الاخر الذي  تبثه تلفزتنا الوطنية  وهو مسلسل يدعي انه بحري وانه يصور احداثه في الصيف اخطا فصله لانه  في الحقيقة تشع منه  نسائم البرد القارس الاتية من شهر ديسمبر.

برود هذا العمل  لا مثيل له. نصه اخراجه تمثيله  يبدو  خرج للتو من بيت الموتى  في مستشفى الرابطة. شخصياته  هي اشباح  شخوص درامية.ونص حواري يكاد  ينفجر غصة وبكاء. عمل مغصوص مدسوس  صنع في  براد  اربعين درجة تحت الصفر.

في هذا المسلسل  اناس جربوا الفن الكوميدي ولم يتعرف عليهم احد كممثلين  كوميديين.ليس لانهم لم ينجحوا  جماهريا في ذلك .النجاح الجماهيري  هذه مسالة ليست معيارا  يثبت قيمة  الممثل الحقيقية.

النجاح الجماهيري في تونس يتعلق اكثر  بوقوف النظام الى جانبك.

هؤلاء لم يثبت حتى انهم ممثلين .اناس غرباء عن هذه المهنة  ولا علم لهم بخفاياها. مثل لطفي الدزيري هذا .منذ سنوات وهو يجرب تقريبا كل شئ.ولكن ينتهي به المطاف الى نفس النتائج. انه وجه من وجوه هذا الاستخفاف بذكاء الناس  وذوق الناس .

جيوش الجهلة الذين سمحت لهم اجهزة الامن  باقتحام ميدان الفن وافرغت لهم الساحة من كل الاصوات الحرة الحقيقية  حتى يعبثوا بهذا الميدان ويقوموا بتلطيخ الدراما الى ما وصلوا اليه اليوم. لا يعرفون اصلا ما هي الحدود المرسومة  داخل فن الكوميديا. وانها في الدرامة هي اصعب انواع التدخل والابداع. انها اسلوب المفارقة القصوى وبلاغة

المتناقضات.واقلية هم من بلغوا  سمو مجدها. وهي فن السخرية  ومعناها عمل جاد وصعب في اضحاك الناس من العيوب والاعوجاج.وهي لا تعني التحقير وانما  وضع كل شئ على نفس قدر البشر.لذلك يهابها الحكام  الذين يمارسون ترويع الناس. فهي عندما تتمكن منهم تعيدهم الى مرتبة البشر.ولكن كوميديا الابتذال في التلفزة  تمارس عكس ما هو مطلوب  وتبحث على  اضحاكنا من شخوص مقهورة  مستضعفة  مهانة وتزيد من تشويههم عيوب هذه الكتابة  المبتذلة  التي لا ترقى الى اوساخ القلم. لقد مكنتهم  السياسات الامنية وسطوة البوليس على التلفزات من القاء هذه القمامة علينا في رمضان.

نجوم الليل هذا مسلسل اخر للنسيان صاحبه خرج من مصنع القوة الامنية ليبيض مسلسلا  هستيريا  مكونا من  مئات الشخوص المركبة  المعلبة وعلى مدى ثلاثين حلقة سمح لنفسه بان يحكي كل ما يحلو له بالطريقة التي  بدت له  عسلا صافيا. قصة حب داخل بولار بوليسي داخل حمص اجتماعي  داخل ضرب لغة  مزودي . رفع للاثقال ذبابي. خلط ورفش وبيع كمن فتح دكانا في سوق العصر.كل ما في المسلسل مسروق ماخوذ من مشاهد رايناها.فقط عنوان المسلسل تغير وتركيبه.ولكن لا يوجد شئ جديد .ولا فكرة تقود  نظام الدراما. وحتى الاخراج  كدت مرات اميل الى الهذيان من كثرة  التصوير الفوقي الذي مارسه صاحب الة التصير كانها كاميرا علقت  في سقف  متجر لبيع  البهارات  وانواع التوابل.

هم معجبون بالمسلسلات الهوليودية  . هذا واضح مثلهم مثل اخواننا المصريين والسوريين  وحتى الايرانيين. ولكنهم لا يسالون حتى كيف تبني تلك المسلسلات نجاحاتها.ويهرعون للتقليد. وتراهم يقلدون  ويقلدون.ويلبسون قبعات  المخرجين كما يلبس مخرجوا هوليود اليهود قبعات .ويحركون الكاميرات كما يفعلها  مديروا  تصوير هوليود.ولكن النتيجة  هي نسخ باهتة لاعمال لا يعلمون اصلا انها لا تقلد. لانها ليست اعمال اسلوبية. هوليود يطغى عليها اسلوب واحد وطريقة واحدة للسرد. من يريد تقليد عمل درامي في هوليود عليه ان يضرب بقوة. هذه هي خلاصة هوليود. والضرب بقوة في هوليود هو تبذير الاموال  وصرف ميزانية  اكبر من الاعمال التي سبقته .والاستثمار في التقنية الى ابعد ما يتصوره العقل.

هوليود ليست مرجعا للفن .ولا مدرسة يمكن ان نتعلم منها  فن الاسلوب.

ولا مكمنا للالهام. انها نقطة قذارة في وجه الروح الانسانية. سفينة  سكرى بالاموال  المسروقة من النهب المنظم ولا يوجد عاقل وكائن يمتلك ضميرا يحلم بان يقلد ما تصنعه هوليود.

اخواننا في الشرق لا يختلفون عن وضعنا كثيرا. هم لا يعرفون ان ضعف الاسلوب  هو  ضعف الرسالة.  هم ايضا  ينتجون الابتذال على اوسع نطاق. مسلسل  سياسي  كيدي  معلن كيديته   منذ  ان وضعت فكرته الاولى  كمسلسل الجماعة  لا تختفي الكيدية فيه حتى على مستوى انشائيته.هذا المسلسل كتبه مؤلفه  كما تكتب الملصقات الحائطية  المدعومة بالصورة. انه تلاحق للصورة  مؤثثة بالتعليق عليها. خوف اصحاب العمل من الصورة  ومعرفتهم مسبقا  بانهم ليسوا في مامن منها جعلهم كلما  تقدموا  في مشهد وضعوا له  سدا منيعا من التعليقات الاضافية.

حتى شيطنة حسن البنا  وتحويله الى داهية  يخيط المناورات  وراء المناورات لم  تكن لترضي اضطرابهم  النفسي من خطر ان تتسرب صورة  ايجابية عن الاخوان  تحولهم الى ابطال دراميين.

لذلك  كلما  صور لنا مشهدا اخوانيا  يتبعه مشهد يكون بمثابة التعليق على المشهد السابق  يدينه ويطليه بالسواد.

كتابة لا علاقة  لها بالكتابة الدرامية . وغياب مسؤولية فنية  كانت تستوجب ان يحمي الفنان شخوصه ويدافع عنهم حتى لو كانوا من  نخب الاشرار.

هذه هي الاسباب التي بموجبها  نستبعد هذه الاعمال من الفن. لان الفن هو مسؤولية. ومسؤولية الفن تجاه نفسه قبل كل شئ  هو  ذلك الاحساس بكثافة العمل  الذي يبدو  في شكل ازاحة الالم كما يقول تلستوى. المسؤولية  الاولى هي عندما يصل الفنان الى استنفاذ  العالم.كل فكرة يجب ان يتم تقليبها مليون مرة.وكل جملة يجب ان  تفصل وتعاد لتصاغ مليار مرة. لا يحق لاحد ان يحدثنا عن الفن والبوليس يصب علينا هذه النفايات  واناس يزعمون انهم فنانين يلقون علينا قذارتهم هكذا باسم حرية الفن.

نحن اصحاب هذه المهن نعرف كيف تصنع هذه الاعمال.اخر ما تفكر فيه شركات الانتاج هو محتوى العمل. كل شئ في هذه الاعمال الدرامية يشتغل عليه عشرات بل مئات الاعوان الا نواة  الدراما وهو السيناريو. انه موكل لاناس لا يعرفون اصلا ما الكتابة.فما بالك بالكتابة الدرامية.

ثم ان البوليس بكل اشكاله وانواعه يتدخل لقضم كل ما يشوبه شائبة امنية سياسية بالدرجة الاولى. لذلك تصنع تلك الشركات للناس اعمالا باهتة ممضوغة  لا نكهة فيها ولا لون ولا طعم .

نعم من حق الفن ان يتهجم على من يريد.وحتى الاخوان السلمين ليسوا بمناى عن امكانية  مراجعة فنية لتاريخهم ومراجعة نقدية  غاية في الالم.

الفنان ليس رجل سياسة.لا يحق له ان يدخل الى غياهب النفس البشرية بنوايا مسبقة. تبنيه  لهذا المشروع كان يحتم عليه استقبال  الشخصيات التي كان سيعمل عليها  واحتضانها ومعرفتها  والاستعداد للدفاع عنها من اية مظلمة كانت او من اية حكم خاطئ. ومن خلال هذه المعرفة وهذا الاحتضان كان عليه ان  يقارع رؤيتها  برؤيته.وان يضعها في العالم الحقيقي الذي يعرفه هو وليس ذلك الذي يمليه  النظام  والقوة.ومن حقه بعدها   ان يرى عيوبها  بوضوح. بل من واجبه ان يسرد ما يراه وجهها الاخر.لانها تنظيم انساني فيه كل ما يعيب البشر.وكل محاسن البشر. ولا يحق لاحد ان ياله هذا التنظيم او يرفعه الى موقع العصمة. تماما يحق للفن اقتحام سيرة الانبياء والتعرف عليهم.ولكن الفن يعرف المغزى العميق الذي اسبعد فيه الاسلام  تشخيص الانبياء.

مسلسل يوسف الصديق  الذي انتجه الايرانيين يعطي فكرة  عن الاخطاء التي ترتكب  اذا ما تم تشخيص الانبياء.

استبعاد الصورة في الاسلام كان مصدره  معرفة الاسلام بضيق مساحة الصورة للتعبير وعجزها  في الاحتفاظ بالحقيقة.الصورة هي دائما مصدرا للتاويل والاختراع وحتى الكذب. وهذا المسلسل  اضاف اشياء كثيرة لم  يتاكد ورودها في النص القراني حتى يحشو مساحة الدراما .

ومهما  كانت  محاولته لفهم ما يعنيه القران عند وصفه  لحسن النبي يوسف  فان تقديمه  قي صورة  غلام مخنث  ليست بالضرورة صورة الحسن الذي يصفه بها القران. وربما يقف هذا المسلسل على نقيض الصورة الاصل التي لا وجود لها  في الحقيقة. وربما  يسهل على هذه الاجيال التي  تسبح في ملكوت التخنيث الكوني الذي فرضه الغرب على العالمين ان تقبل بصورة  النبي يوسف كما وضعها ذلك المسلسل ولكنها ربما لم تكن لتروق  للاجيال السابقة عما هو حسن الرجال. ومن حقنا ان نشدد قسوتنا على هذا العمل لو اكدنا ان هذا وجه من وجوه الثقافة السائدة التي تبت اصلا في تذوق الاشياء.وهو  ما لا يفيد الرسالة التي يريد ان يبعثها  لنا مسلسل ديني في زمن الحروب الاستعمارية الجديدة علينا.

لهذا السبب استبعدنا  الاسلام من وضع صور للانبياء واستبعدت  على مدى كل هذه العصور. اذ ليس من الصعب ان تنقلت معانيها بسهولة من ايدي صناعها  وتتحول الى  كارثة عليهم.

الفن في زمن الكابلوات هو شئ تقريبا مستحيل.هذا يحتاج الى ارادة مقاومة كبرى كتلك التي  فتحتها مقاومة العراق على الامريكان. وهي تبدا بفتح النار على الرداءة.

الامجد الباجي


بين المشرق والمغرب


د.رفيق عبدالسلام

 

يشتكي المغاربة مما يعتبرونه تجاهل أهل المشرق لهم وعدم الإحاطة بما يجري في أوطانهم من تطورات وقضايا، وذلك خلافا لمتابعتهم الثاقبة لما يجري على الجهة المقابلة من الرقعة العربية، فأهل المغرب العربي يعرفون ويتابعون جيدا ما يجري في بغداد ودمشق وبيروت والرياض، في مقابل ذلك لا يكاد يعرف المشارقة شيئا يذكر عما يدور في الرباط والجزائر وتونس وطرابلس الغرب. وتزداد هذه الشكوى مرارة حينما يقول المغاربة بأن أهل المشرق ينظرون إليهم بشيء من الدونية والتجاهل، وكأنهم عرب من درجة ثانية أو ثالثة.

إذا أمعن المرء في مثل هذا الحكم العام الذي يصدر من جهتنا نحن المغاربة، يتبين لديه أنه لم ينبن من فراغ، بيد أنه لا يخلو في الوقت نفسه من بعض وجوه المبالغة، أو في الحد الأدنى التفسيرات الخاطئة. فهذا الزهد في معرفة ما يجري في الرقعة المغاربية، لا يمكن إرجاعه دوما إلى سوء السريرة وإرادة التجاهل، بقدر ما يمكن تفسيره بكون القضايا السياسية الساخنة (ولك أن تقول هنا الزلازل السياسية الكبرى) تجري في منطقة المشرق العربي وليس في المغرب، من فلسطين إلى احتلال العراق إلى الاجتياحات المتكررة على لبنان وغيرها. في مقابل ذلك لا توجد قضايا كبرى تشد انتباه الجمهور المشرقي إلى المغرب العربي، اللهم إلا قضية الصحراء الغربية التي ضجر منها المغاربة قبل غيرهم، كما أن الانغلاق السياسي ولجم الإعلام والفضائيات العربية والأجنبية في بعض الدول المغاربية قد حولها إلى ما يشبه الدهاليز السرية المجهولة.

صحيح أن هناك بعض الصور النمطية الجاهزة عن المغاربة لا يمكن تبريرها بأي حال من الأحوال أصلا، وهنا يحضرني المشهد الدعائي (البرومو) الذي تبثه قناة «الجزيرة» للتعريف بنشرتها المغاربية، حيث تطل من الشاشة، وبشكل متكرر، صورة شخص أسمر السحنة وهو يرتدي جلبابا مغربيا، ويدير خيوط طربوشه الأحمر من فوق رأسه مثل الناعورة، ويحمل جرسين بين يديه الاثنتين، وهي صورة نمطية بامتياز للشحاذين والمشعوذين المغاربة الذين يجوبون الساحات العامة ويتعقبون السياح في مراكش وطنجة وأغادير. وكأن الذي التقط هذه الصورة هو أحد المستشرقين أو الرحالة الأوروبيين في القرن الثامن عشر أو التاسع عشر الشغوفين بالبحث عن كل ما هو عجيب وغريب في الأماكن القصية من العالم.

ولكن للإنصاف أيضا يجب أن نقول بأن هنالك على الجهة الأخرى صورا شائعة في أحاديث ومسامرات المثقفين المغاربة عن زملائهم المشارقة، ومن ذلك أنهم أهل ثرثرة وفهلوة ولا يحسنون التفكير المنهجي والعقلاني، وهي من دون شك مقولة من مخلفات النظرة الاستشراقية الفرنسية عن أهل الشرق عامة، ولكن المغاربة خيروا أن يرموا بها في وجه زملائهم العرب المشارقة، ليأخذوا هم مكان «المتأمل» الفرنسي، أو ربما تعويضا عن انعقاد ألسنتنا وقلق عبارتنا نحن المغاربة مقارنة بفصاحة زملائنا المشارقة، التي تبهرنا أحيانا وتثير ضيقنا وغيرتنا أحيانا أخرى.

وهنا يجب أن نشير إلى أنه حينما نتحدث عن الخطوط الفاصلة بين المشرق والمغرب، فإن المسألة ليست نهائية وقاطعة، بل هي في الحقيقة أقرب إلى ما يمكن تسميته بالحدود المتخيلة منها إلى الحدود الجغرافية المنضبطة والثابتة سلفا. فبلد مثل ليبيا، يظل في وضع قلق ما بين مشرق ومغرب، فهو مغربي أكثر من جهة طرابلس، ومشرقي من جهة برقة وبنغازي. مصر نفسها تتجاذبها الرياح المشرقية والمغربية على السواء، وهي إلى يومنا هذا تدخل في تصنيفات الغربيين ضمن ما يسمى بدائرة شمال أفريقيا، جنبا إلى جنب مع بقية الدول المغاربية، ولا نتحدث هنا عن السودان الذي لم يستقر على وضع محدد، وما هو بمشرق ولا بمغرب. كما أن الصلات بالمشرق العربي تتفاوت بدورها من بلد مغاربي إلى آخر، وإذا استثنينا المغرب الأقصى أو مغرب العمق كما يوصف غالبا، الذي احتفظ بشيء من الاستقلالية والبعد نتيجة وقوعه خارج المجال العثماني وثقل الأثر الأمازيغي فيه، فإن بقية الأقطار المغاربية ليس ثمة ما يميزها كثيرا عن الجوار العربي.

ومع ما ذكرناه سابقا عن ملابسات العلاقة بين المشرق والمغرب فإنه يمكن القول على سبيل الجملة، إن المشهد ليس سلبيا بإطلاق، والعلاقة ليست دوما في اتجاه واحد بين مشرق باث وغرب متلق. فالمغرب العربي، والأقصى منه على وجه الخصوص، يشهد حراكا ثقافيا وفكريا ملموسين أضحى موضع اهتمام ومتابعة من طرف النخب المثقفة في المشرق والخليج العربيين. ما كتبه المرحومان الجابري والطاهر وطار وما يكتبه عبد الله العروي وهشام جعيط وأبو يعرب المرزوقي وراشد الغنوشي وأحلام مستغانمي وغيرهم من الكتاب والأدباء المغاربة، بات يقرأ اليوم في القاهرة ودمشق والرياض وصنعاء والخرطوم، ربما أكثر مما يقرأ في الرباط وتونس والجزائر وطرابلس، بما يؤكد وحدة المجال الثقافي العربي الذي لا يمكن اختزاله في ثنائية مشرق – مغرب.

لا شك أن ثمة خصوصية مغاربية، وأخرى مشرقية ضمن اللوحة الثقافية العربية المتنوعة، لا ترتسم فقط على مستوى الأعراف الاجتماعية والعادات الشعبية فقط، بل تمتد إلى صعيد الفكر والنصوص المدونة، أو ما يسمى بالثقافة العالمِة، كان الكتاب الأندلسيون والمغاربة أنفسهم قد أشاروا إليها منذ وقت مبكر. بيد أن هذا الأمر يجب ألا يحجب عنا وحدة المجال الثقافي العربي بشقيه المشرقي والمغربي، الذي يتغذى من اللغة العربية ووحدة الثقافة والمشاعر العامة، على اختلاف التكوينات الإثنية في الرقعة العربية من عرب وبربر وكرد وغيرهم.

لقد حاول المفكر المغربي المرحوم محمد عابد الجابري أن يمنح هذه الخصوصية طابعا فكريا فلسفيا بين ما سماه عقلانية المغرب، مقابل بيانية وعرفانية المشرق، حيث تقف عقلانية ابن باجة وابن رشد في مواجهة إشراقية الفارابي وابن سينا، إلا أن مثل هذا التصنيف لا يصمد كثيرا أمام تشخيص واقع المغرب الأقصى الذي ينتسب إليه الجابري نفسه، قبل أن نتحدث هنا عن الأقطار المغاربية الأخرى. فقد ظل هذا البلد، وما زال إلى يومنا هذا، من أكبر مراكز التصوف والمتصوفة في العالم الإسلامي. محيي الدين بن عربي الذي يعد أحد أهم وأكبر أقطاب التصوف في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وأكثرهم تفلسفا، بدأ حياته الفكرية في الأندلس وانتهى في دمشق، وإلى يومنا هذا يحتوي المغرب على أكثر أحزمة التصوف انتشارا واتساعا في العالم الإسلامي.

ربما يلخص العلامة ابن خلدون الوحدة الثقافية للمجال العربي بشقيه المشرقي والمغربي، فقد بدأ الرجل ومشواره العلمي في الزيتونة بتونس، قبل أن تقذف به زلازل السياسة وتقلباتها ما بين المغرب الأقصى والجزائر والأندلس لينتهي به المقام في القاهرة، ولعل هذا ما يفسر التنازع الخفي إلى يومنا هذا على ادعاء وراثة الرجل بين التونسيين والمغاربة والجزائريين والمصريين والإسبان، وهو عند التحقيق يحمل كل هذه الأبعاد التي لا تقف عند الحدود الوهمية لدولة الاستقلال العربية، فقد كان ابن خلدون مثلما كانت مقدمته عابرا للحدود وحتى للقارات والثقافات.

الحديث عن خصوصية مغاربية وأخرى مشرقية أمر صحيح، ولكن ليس من قبيل الاختلاف الجوهري بين مشرق ثابت ومغرب محدد، الخصوصيات أو الاختلافات بين المشرق والمغرب ليست أوسع أو أكثر عمقا بالضرورة من الاختلاف بين المغاربة والتونسيين والجزائريين أنفسهم، أو من الاختلافات في المشرق بين مصر وبلاد الشام أو العراق والخليج العربي. وهنا أخلص إلى القول بأنه إذا كانت هناك خصوصية مغاربية فهي تنحدر أساسا من المؤثرات المحلية التي ما زالت فاعلة بدرجات متفاوتة في دول المنطقة، مثل الميراث البربري أو الأمازيغي بالغ الأثر في المغرب الأقصى ونسبيا في الجزائر، والأقل حضورا في تونس وليبيا، ثم من التأثيرات الأندلسية المرتسمة خصوصا في مدن الساحل المغاربي، بيد أن ما أعطى المغرب العربي شيئا من التمايز والبعد نسبيا عن المشرق العربي هو عمق التأثير الاستعماري الفرنسي الذي ترك بصماته القوية في شعوب المغرب عامة وأنماط حياتها ولهجاتها.

لقد كان المغرب العربي (الذي كان يسمى الغرب الإسلامي)، وحتى في أكثر مراحله ازدهارا، منجذبا إلى المشرق، وحتى المدن المغاربية الكبرى وهي في أوج تألقها وتفوقها على أخواتها المشرقيات، مثل قرطبة وأشبيلية ومراكش وفاس وتونس والقيروان، كانت مدفوعة بحلم إعادة إنتاج بغداد والقاهرة ودمشق والمدينة. ورغم أن خضوع الدول المغاربية للاستعمار الفرنسي، قد أحدث بعض التصدع في نسيج هذه العلاقة، فإنه لم يقطع أوشاجها المتينة بالفضاء المشرقي، وإلى يومنا هذا يمكن القول بأن ما يسمى صراع الفرنكفونية والتوجه العربي في أقطار المغرب العربي، هو في جوهره صراع بين الارتباط بالجناح المشرقي العربي، أي القاهرة ودمشق وبغداد ومكة، وبين الارتباط بباريس وروما ومدريد، ولست مبالغا إذا قلت إن وجود المغاربة على أطراف العالم العربي وعلى أبواب المتوسط، قد جعلهم عرضة لرياح الشمال بخيرها وشرها، مثلما جعل سؤال الهوية واللغة عندهم حادا وصاخبا.

بقي أن نقول في الأخير بأنه لدينا، نحن المغاربة مشكلة لا يمكن حجبها أو تجاهلها بل يتوجب علينا، مواجهتها بقدر من الجرأة، بدل قذف الكرة في وجه الآخرين، وهي مشكلة اللهجات القلقة التي تمثل عائقا أمام التواصل، ليس بين المغرب والمشرق بل أحيانا بين المغاربة أنفسهم، فبسبب تعثر حركة التعريب وثقل التأثير الفرنسي – البربري (في الجزائر والمغرب خصوصا) نأت اللهجات المحلية عن العربية الفصيحة، وأضحت خليطا هجينا، ولكن لحسن الحظ ساهم انتشار التعليم وطفرة الإعلام من تقريب اللهجات العربية من بعضها البعض، مثلما قلصت من المسافة الفاصلة بين العربية والعاميات، ولكن ذلك لا يعفي الحكومات المغاربية من مسؤوليتها عن هذا الاضطراب اللغوي والثقافي.

* باحث في الفكر السياسي والعلاقات الدولية


« الخطابُ الحداثوي » في تونس من الخيبة إلى « التكفير »!!


 بحري العرفاوي

1:خيبة خطاب الحداثويين

 يُخشى أن يكون « الحداثيون » قد انتهوا إلى خيبة مسعى بعد عقدين كاملين من الإشتغال على مفردات بارقة من مشتقات العقل والتقدم والنور… بعد مدة زمنية كافية لبناء دولة وتخريج أجيال عاقلة ومتمدنة ومستنيرة ومعتدلة ،انتهى الخطاب الحداثوي إلى « الصراخ » في ظلمة يقول أحاطت به … خطاب حداثوي  يعوي مستجمعا أهلهُ على خطة جديدة لمواجهة خطر عودة « الظاهرة الدينية »!!

نحن أمام أسئلة حقيقية لا يمكن تجاهلها ولا يمكن اختزال أجوبتها في صرخات فزع ولا في بيانات إدانة ولا حتى في تقارير أمنية:

ـ ما الذي أنجزه خطابٌ يقولُ حداثي بعد عقدين كاملين من النشاط مستقويا بذراع الدولة وغارفا من الخزينة العمومية ومتكلما بلسان طويل وبصوت جهوري وبنبرة ساخرة ومستعلية ؟

ـ كيف كانت محصلة الخطاب الحداثوي حالة من التشوه الحضاري واستفحال الجريمة والعنف وتفكك الأسرة والتمرد على المشترك من القيم وانتشار »عيادات » الروحانيين والفلكيين والراجمين بالغيب ومظاهر سلوكية لا علاقة لها بالعقل ولا بالتمدن ؟!

ـ كيف عادت الظاهرة الدينية من بين أنقاض حملات التجريف والتجفيف خاضها شركاء المصالح السياسية مذ عقدين كاملين؟

ـ كيف انتهى الخطاب الحداثوي من حالة العُجب والوثوق والإستعلاء إلى حالة توجس وتحصن « بالحيل الفقهية » وبالجهاز القضائي؟!

هل يمكن القول بان الخطاب الحداثوي لم يفلح في إنتاج حداثة طالما بشر بها واكتسب منها مشروعية « التسلط » معرفيا وماديا على المجتمع طيلة عقدين ؟

2: الذهاب إلى الظلمة!

 يردد العاقلون دائما الحكمة القائلة : »أن تضيء شمعة واحدة أفضلُ من لعن الظلمة ألف مرة » ولكن يُخشى أن يكون  حداثويون عديدون قد أعيتهم المواجهة بأدواتها المعروفة مع الظاهرة الدينية ـ في مختلف أبعادها السياسية والعقدية والثقافية ـ فقرروا اعتماد أساليب جديدة يظنونها أنجع وأسرع حسمًا لل »معركة »! ومن بين تلك الأساليب:

ـ الذهابُ مباشرة إلى الظلمة وإقامة طقوس الرثاء للحداثة والعقلانية والتنوير!! بحيث يستعيض المعنيون أولائك عن الخوض في الفكر الحداثي التنويري بالحديث عن الظلامية والرجعية بنبرات يمتزج فيها الخوف والتخويف والحقد  والتشنيع ـ مع إن مثقفين كثيرين ويساريين هم أكثر هدوءا وعقلانية ـ

ـ تجميع حطب المواقد وإقامة طقوس النار ودعوة الأصدقاء إلى الإسهام في التحريض والتحذير والتهويل .

ـ تحميل السلطة مسؤولية « الردة  » وعودة « التهديد الديني » إذ فسحت المجال السمعي البصري والمكتوب لخطاب يرونهُ غير حداثي!!

ـ وأخطرُ ما يستسهلُ هؤلاء اعتمادهُ هو : « تصنيع التكفير »!!… وهنا ننبهُ إلى أن مثل هذا السلوك يخرج عن الصراعات الإيديولوجية وعن التدافع الفكري الى استتباعات أمنية قد لا تكون هينة!!

« فتاوى التكفير » ليست تقاليد تونسية وليس ثمة منابت عقدية أو مذهبية أو عشائرية أو ثقافية  قد تسمحُ بإنتاجها… رُبّما نُعت بعض الناس بما نعتوا به أنفسهم من إلحاد أو لا أدرية أو لائكية .. ليس في الأمر « تكفيرٌ » حين يُدعى الفردُ بما أقرّه لنفسه فالقرآن ينادي الذين كفروا بصفتهم تلك معترفا لهم بهويتهم واستقلالية ذاتهم « يا أيّها الكافرون »… وأما اتهامُ الشخص بالكفر ولم يعلنهُ بسبب فكرة أو تأويل أو سلوك فليس ذاك من حق أحدٍ…. وإذا حصل على لسان أفراد ليس لهم سلطان مادي أو روحي أو شرعيّ فلا يكون من داع للفزع والتهويل إذ لا يخرج مثل ذاك القول عن كونه إقصاءً نظريا لشخص من حقل مُقدّس مشترك وهو لا يختلف في ذلك عن مفردات إقصائية من جنس الظلامية والرجعية والتخلف إذ تقصي ـ نظرياـ المستهدفَ من حقل التنوير والتقدمية  والحداثة.

وأما أن يكون هذا « التكفيرُ » صادرا عن مجموعة أو أفرادٍ ومتبوعا بتهديد بالتصفية المادية فهو ما لا يُقبل عقلا ولا شرعا ولا قانونا، مع إنهُ ـ وفي مثل هذه الحالات ـ يكون من اللازم التثبت من صدقية ما يُشاعُ وما ينشرُ .. وإذا كان للإشاعات أساليبها الحداثية جدا ، فللأمن أيضا أدواته الحساسة لا تنطلي عليه البيانات غير المُبينة! كما على من يحترمُ عقلهُ ألا يستعجل تأكيد سذاجة غير ضرورية حين يُصدق ما لا يُعقلُ وحين يشاركُ أسماءً نكراتٍ وهمها بأنها في دائرة التهديد التكفيري!

3: الظاهرة والأسباب

 ليس ثمة من ظاهرة بدون سبب ، ولعل من أوكد مهام العقل رصدُ أسباب الظواهر بحيث لا يربطها بنوايا تآمرية أو بمجرد رغبات عابرة أو حتى قرارات سياسية ـ وهنا يُعول على دور المثقفين وعلماء الإجتماع وعلماء النفس ودارسي الظواهر التاريخية والإجتماعية ـ

لماذا فشل الخطابُ الحداثوي في تحقيق الحدّ الأدنى من الحداثة؟ ـ نأملُ ألا يُزايد أحدٌ في الوهم وفي لوْك شعارات تستعمل كالزبيبة لتحْلية خطاب حداثوي!! لماذا لا يجدُ أنصارُ الحداثة من التأييد والإقتداء والثقة والتقدير ما يجدهُ إمامٌ خطيبٌ أو داعيةٌ أو مُفتٍ؟ لماذا كلما اصطدم مفكر أو كاتب بمعتقدات الناس عادُوهُ ونفروهُ وسدّوا آذانهم عن كلامه؟ لماذا فشل أنصارُ العقلانية في نصرة عقولهم؟ ولماذا فشل العلمانيون في تحشيد الناس حولهم؟ لماذا عجز « عسكر التجديد » عن اختراق المنظومة الفقهية والمسلمات في أصول الدين والتفاسير؟

رغم ما يتوفر عليه فكر اليسار من عمق فلسفي واجتماعي ومن قوة تحليلية.

أيّ عقلانية أو تقدمية أو حداثية يدّعيها من يُروّجُ خطابا استعلائيا ساخرا أو تحريضيا حاقدا تجاه أبناء شعبه من المتدينين إذ يعتقدون أنهم على صوابٍ وإذ يجدون سكينة واستقرارًا وراحة ضميرٍ في ما هم عليه من تمثل طقوسي وسلوكي لتصور دينيّ متوارث أو مكتسبٍ ؟!. لماذا يتعاطى بعضٌ من النخبة الحداثية مع الظاهرة الدينية تعاطيا « حربيا »؟! كما لو أنهم في مواجهة أعداء وافدين من خارج الحدود؟ـ( ولمن سيقول إن العداوة كامنة في الفكرة أقولُ: إن الأفكار لا تعالجُ بغير الأفكار ولا يُستفتى في أمرها القضاة ولا الجهات الأمنية!!تلك أساليب غير منسجمة مع مهابة المعرفة وهيبة العارفين )ـ.

العقلانيون أولائك يشككون في قدرة العقل حين يلجأون إلى أجهزة الدولة لمعالجة الأفكار أو حين يتصارخون منذرين بالويل والثبور متحشدين كما العسكر حول مدرسة بأسماء شتى ولكن…من غير بابٍ!

4:مبروك عليك التكفير( أو سُيّاح اليمن )

 العنوان يبدو كما لو أنهُ مزحة…ولكنهُ سيكون حقيقة إذا انطلت « الحيلة الفقهية » على البلاد. وإذا تهافت أناسٌ يناصرون المكفّرين أولائك ويلعنون التكفيريين كما لو أن تونس امتدادٌ لتورا بورا أو لوادي سوات أو الصومال!!

قد يكون مُجديا افتراضُ وجود من يسعى إلى إشاعة « صناعة التكفير » في البلاد لأهداف ذاتية لا علاقة لها بالتدافع الفكري أو بالصراع الإيديولوجي.

بعض النكرات من المستعجلين على الشهرة يودّون صدور أسمائهم في قائمة المتهمين بالكفر والمُهددين ـ افتراضياـ بالتصفية… يغضبُ بعض المغمورين ممن لم يذكر مع هؤلاء … يُباركُ بعضٌ لبعضٍ « شرف التكفير » ويتمنى لغيره من الأصدقاء شرف ما نال: « العاقبة لك » يقولُ من كُفِّرَ لمن لم يُكقرْ بعدُ!! تلك لعبة ٌ ساذجة ولكن مُؤذية معرفيا وأمنيا وعقديا واجتماعيا… ومؤذية للذين يغامرون بعرض أنفسهم للتجريب العبثي.

سألني صديق رأيي في المسألة فأجبتهُ بالكثير مما في النص ثم ذكرت لهُ حوادث السياح الغربيين في اليمن يختطفهم قطاع الطريق ،يغتصبون منهم من شاءوا ثم يطلبون الفدية من أهلهم لإطلاق سراحهم … بعض السياح الغربيين اشتهوا التعرض لما تعرض له غيرهم فتعمدوا الذهاب إلى الأماكن الخطرة مُتظاهرين بإضاعة الوجهة…فحصل اغتصابهم كما اشتهوا ودفع أهلهم الفدية!! ونالوا شهرة في الإعلام ووجدوا تعاطفا في « محنتهم » تلك !!

5: الضعف والخوف والعنف

 يقول البعض لماذا تضيق صدور المسلمين اليوم بوجهات نظر أو بتأويلات أو بمواقف وسلوكات، وقد شهدت الحضارة الإسلامية سابقا من الأقوال والأفعال ما لا يتسعُ لهُ صدرٌ اليوم؟ ماذا لو كتب شاعر اليوم ما كتب بشار بن برد أو المعري أو أبو نواس؟!

أعتقد أن الأقوياء هم المتسامحون إذ يستمدون من قوتهم الأمان والثقة بالنفس فلا يخشون من مختلف ولا يرتابون من بدعٍ ولا يخافون مَن خرج عن إجماعهم وانجذب لسواهم… الضعفاء يخافون،والخائف يضربُ في كل اتجاه ويحرص على أن يراهُ الآخرون عنيفا وقادرًا على الإيذاء!! ربما يقتنعُ بعض الشباب بأن المسلمين اليوم هم في أشدّ مراتب الضعف ولذلك يحرصون بحسن مقصد على حماية ما بقي من مكونات الأمة ،يخافون أن تفقد مقوماتها الأخيرة أمام مشاريع يعتقدون أنها خطرة ومهددة، ذاك الخوف وذاك الحرصُ وذاك الحبّ كلها عواملٌ نفسية لا يمكن إلا أن تنتج ردود فعل ليست من جنس الحوار ولا من إنتاجات العقل ولا حتى من طبيعة الإسلام نفسه.

على خطاب الحداثة أن يكون مسؤولا وأن يبدي التضحية النضالية وأن يكف عن لعب دور الضحية دائما!وبين « التضحية » و »الضحية » هُوّة ليست سطحية إنما عميقة وتاريخية وحضارية. الأنبياء والمصلحون والفلاسفة كانوا مُضحّين ومصطبرين ومتسامحين ومغالبين لغرائزهم الإنتقامية وللرغبات العقابية..لذلك انتصروا ولذلك حققوا تغييرات عميقة في الوعي وفي العواطف وفي التاريخ. كيف يمكن لنخبة متعالية ومتجبرة وحاقدة أن تجتذب إليها الناسَ أو أن تكون قدوة معرفية وعملية ؟! كيف يمكن أن يُسلمها الناسُ مصائرهم وتاريخهم ومدخراتهم من الثروة ومن التراث؟!

من أوكد مهام العقل ليس فقط البحث عن الأجوبة وإنما وأساسا طرحُ الأسئلة.

على المثقفين عامة وعلى مثقفي خطاب الحداثة تحديدا أن يستلوا الأسئلة من مفاصل « الجمل البارك »!! أيها الأصدقاء غشِيَنا نُعاسٌ ونحن جميعا في الظلمة! أيها الرفاق والإخوة والأصدقاءُ.. لقد « برك الجملُ » وكلّ مؤونتنا ووثائق هويتنا عليه… فتعالوا نتكلم في الطرائق والطريق.


تهديد هوية أمتنا قديما وحديثا


غازي التوبة إن التهديد لهوية الأمة لم يتوقف منذ أن كوّن محمد صلى الله عليه وسلم هذه الأمة العربية الإسلامية، وجاءت هذه التهديدات في مرحلة مبكرة، وخلال الخلافتين الأموية والعباسية.

وكان أبرز الحركات التي هددت الهوية ثلاث حركات:

الأولى، الحركة الشعوبية: هي حركة قامت على ازدراء اللغة العربية وبيانها، والتعالي على العرب واحتقار محصولهم الحضاري، وقد تولدت هذه الحركة في نهاية القرن الأول الهجري، وتضخمت في القرون العباسية الأولى.

وأبرز من قادها رجالات من العرق الفارسي، تولّد حقدهم على العرب والدين الإسلامي لأنهما استطاعا إسقاط الدولة الفارسية، وخير من تصدى لها الجاحظ في كتابه عن البيان وغيره من الكتب الأخرى.

الثانية، حركة الزندقة: وهي حركة تقوم على التشكيك في القرآن الكريم وتدّعي تناقض آياته الكريمة، وتباين بعض معانيه، وتقدم على ذلك بعض الأدلة من خلال استعراض بعض الآيات الكريمة.

وتقوم دعوة الزندقة أيضا على القول بأن العقل يكفي لهداية البشرية، وأنه لا حاجة لدعوة الأنبياء.

ومما يدل على خطورة حركة الزندقة هذه، وتهديدها للخلافة العباسية في بواكير نشوئها، تشكيل ديوان تابع للخليفة مباشرة لمحاسبة أولئك الزنادقة، وقد تشكل هذا الديوان في عهدي محمد المهدي وموسى الهادي ثالث ورابع الخلفاء العباسيين.

الثالثة، الحركة الباطنية: وهي حركة قامت على تأويل أحكام الإسلام وآيات القرآن الكريم تأويلاً باطنياً، واستندت في تأويلاتها تلك إلى المواريث الباطنية التي كانت قائمة في المنطقة قبل الإسلام.

وانبثقت عن الحركات الباطنية حركات سياسية في بعض الأحيان، وزعزعت هذه الحركات السياسية الخلافة العباسية في مناطق متعددة.

وكان أبرز هذه الحركات الباطنية الزنج والقرامطة وبابك الخرمي الذي استولى على شرقي الخلافة العباسية، وهدد العاصمة بغداد، ثم استطاعت الخلافة العباسية التغلب عليه ودحره بصعوبة شديدة في أيام الخليفة المعتصم.

كما تصدى علماء الأمة للشعوبية -وكان أبرزهم الجاحظ- واستطاعوا دحضها، كذلك تصدى علماء الأمة لأصول حركات الزندقة والباطنية، وكان أبرز من كتب في هذا المجال أحمد بن حنبل، وتصدى لحركتي الزندقة والباطنية، فألف كتابين هما: رسالة الرد على الزنادقة والجهمية، وكتاب الزهد.

ويعتبر هذان الكتابان من أهم الكتب التي واجهت هاتين الحركتين وأصّلا لمواجهتهما واعتبرا مرجعاً، واستفاد منهما عشرات العلماء في العصور الثانية من أجل مواجهة فروع هذه الحركات، ومن أجل التأصيل في مجال بناء العقيدة وبناء الباطن على أسس سليمة.

أما عن تهديد هوية الأمة حديثاً، فتتركز في حركتين:

الأولى، حركة التغريب: وجاء التغريب من الاستعمار الغربي الذي احتل معظم البلاد العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين، وحاول فرض نموذجه الغربي في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية… إلخ.

وبالفعل تأثرت طائفة من الأمة بهذا النموذج، وحملته ودعت إليه، واحتلت قمة الهرم السياسي والاجتماعي والثقافي في مجتمعنا، ورفضت طائفة أخرى تغريب الأمة، واحتدمت المعركة بين الفريقين.

وكانت الأمور خلال القرنين الماضيين بين مد وجزر، ولم تحسم لصالح طرف من الأطراف، وإن كانت هناك محطات بارزة في مسيرة التغريب في القرن التاسع عشر والقرن العشرين.

وأبرز هذه المحطات -التي نستطيع تسجيلها، والتي تعتبر انتصاراً للتغريب، والتي جاءت نتيجة ضغوط مادية ومعنوية من الدول الغربية على مختلف مكونات الأمة ومؤسساتها ورجالاتها- هي:

1- إصدار السلطان العثماني خط كلخانة عام 1839، الذي يعتبر بمثابة إعلان حقوق إنسان في الخلافة العثمانية، كما أصدر السلطان العثماني الخط الهمايوني الشريف عام 1856 الذي ألحق اقتصاد الخلافة العثمانية باقتصاد السوق كما أصدر السلطان العثماني دستوراً عام 1876 نص على وجود مجلس النواب وآخر للأعيان وعلى انتخابات تشريعية، وبالفعل جرت عدة انتخابات في أوقات متعددة… إلخ، كما أنشأت الحكومة نظامين من التعليم: أحدهما ديني والآخر مدني.

2- إسقاط الخلافة العثمانية عام 1924، وقد أدى سقوط الخلافة العثمانية إلى خضوع معظم البلاد العربية للاستعمارين الإنجليزي والفرنسي، ونقل هذا الاستعمار حركة التغريب من حركة ثقافية كانت تقوم على دعوة بعض الأفراد إلى حركة تقوم بها الدولة، وتفرض أحكامها بقوة التشريع والقانون وبقوة السلطة من وزارات وهيئات، وبهذا دخلت معظم الشعوب العربية التي كانت مستعمرة تحت معطيات التغريب الإجباري.

3- قيام إسرائيل عام 1948 في فلسطين بعد اقتلاع شعبها الأصلي وطردهم، ليصبحوا لاجئين خارج فلسطين، وقد مثلت إسرائيل قاعدة متقدمة للغرب، حضارياً من جهة وعسكرياً من جهة أخرى، يهدد بها كل من لا يخضع لسياساته ومخططاته، وقد حرص الغرب على أن تكون إسرائيل دائما هي الأقوى والأغنى في المنطقة. ثم جاءت مرحلة الاستقلال فاستقلت معظم الدول العربية بعد الحرب العالمية الثانية، ومن الجدير بالذكر أن الفكر القومي العربي والأحزاب القومية العربية، والشخصيات القومية العربية هي التي قادت التغريب في مرحلة الاستقلال، ونفذت ذلك من خلال المناهج التي صاغتها في مختلف المجالات الفكرية والتربوية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية… إلخ. وذلك بعد أن حكمت معظم الدول العربية بعد الحرب العالمية الثانية، ومن أبرزهم جمال عبد الناصر في مصر وحزب البعث في سوريا والعراق وهواري بومدين في الجزائر ومعمر القذافي في ليبيا وجعفر النميري في السودان وعبد الله السلال في اليمن… إلخ.

لكن الفكر القومي العربي وأحزابه وشخصياته خسرت قيادة الأمة إثر هزيمة عام 1967، حين احتلت إسرائيل سيناء والجولان والضفة الغربية، وبرزت الصحوة الإسلامية، يقودها التيار الإسلامي، وحاولت هذه الصحوة أن تدحض مشروع التغريب بشكل كامل، ولكنها لم تنجح إلى الآن وهي في معركة مستمرة معه.

الثانية القطرية: والقطرية هي التهديد الثاني لهوية الأمة، وقد جاء ذلك من خلال تجزيء الأمة إلى أقطار متعددة، كما حدث بعد الحرب العالمية الأولى فقد كانت بلاد الشام وحدة جغرافية واحدة، فتجزأت رسمياً إلى أربع دول هي سوريا ولبنان والأردن وفلسطين.

والأخطر في قضية القطرية هو تحويل هذه الأقطار إلى أمم مستقلة، وهذا ما يعمل عليه الغرب ودعاة القطرية، فهم يؤصلون لهذه القطرية في مختلف المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية… إلخ، لتصبح هناك أمة أردنية وهناك أمة عراقية وهناك أمة مصرية، وهناك أمة سورية… إلخ. ولتصبح الحدود القائمة بين هذه الدول حدوداً نهائية، كالحدود بين دولتي فرنسا وألمانيا مثلاً، وهذا ما تراهن عليه المخططات الخارجية من أجل إنهاء وجود هذه الأمة الواحدة.

ومن الجدير بالتسجيل أن هناك فرقين بين التهديدات القديمة والجديدة لهوية الأمة، وهما:

الأول: وجود علماء مطلعين على الدين الإسلامي بشكل عميق في القديم من جهة، ومطلعين على ثقافة الخصوم بشكل تفصيلي من جهة ثانية، وهو ما لاحظنا مثالاً دقيقاً عليه في أحمد بن حنبل الذي تصدى لأكبر هجومين على هوية الأمة وهما اللذان صدرا عن الزنادقة والباطنية، ورأينا أن العاملين اللذين ساعداه على النجاح في مواجهة تلك التهديدات ليس هذا فحسب، بل في التأصيل للمواجهة لكل العصور التالية، هما وعيه العميق بالإسلام من جهة، وإدراكه التفصيلي لمحتوى ثقافة الخصوم من زنادقة وجهمية وباطنية من جهة ثانية.

وهذا هو ما نفتقده في المرحلة الحاضرة، فتجد أن كثيرا من العلماء لديهم اطلاع على الثقافة الإسلامية، وليس لديهم اطلاع على الثقافة الغربية، وقليل من العلماء المعاصرين هم من توفر فيهم الاطلاع على الثقافتين الإسلامية والغربية.

الثاني: وجود تدخل دول وهيئات خارجية في توجيه التغريب وتشجيعه ومتابعة شؤونه وقيام دعم خارجي له بالمال والإعلام والسلاح إن اقتضى الأمر، وغياب هذا التدخل الخارجي في دعم الحركات المهددة لهوية الأمة قديما.

هذا التدخل الأجنبي الخارجي يزيد في خطر التغريب على هوية الأمة، فليس الأمر مقصورا على صراع طائفتين من أبناء الأمة على أمور فكرية وثقافية واجتماعية وسياسية… إلخ. وقد ارتفعت وتيرة التدخل الخارجي بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول بشكل صريح وعلني، فأصبح هناك تدخل على مستوى الدول الكبرى في المناهج الثقافية والتربوية للأمة.

فهناك طلبات بإلغاء مناهج دينية معينة، وحذف آيات وموضوعات معينة… إلخ. وهناك لجان من قبل أميركا من مثل مشروع « الشراكة الأميركية الشرق الأوسطية » للترويج لقيم الحرية وحقوق الإنسان بمفهومها الغربي… إلخ. وهناك مشاريع سياسية من قبل الدول الكبرى الصناعية من مثل « مشروع الشرق الأوسط الكبير » الذي يهدف إلى إيجاد هوية جديدة للمنطقة تكون إسرائيل إحدى دولها الرئيسية.

وهناك لجان تشكلت بقصد أن تراقب المجال الثقافي وتعاقب من يثير أي كلام تجاه اليهود، وهناك لجان إعلامية لمراقبة ومعاقبة من يثير مشاعر الكراهية تجاه الآخرين بالمعنى الغربي، وهناك لجان تسعى إلى نشر الإباحية والمثلية بدعوى حرية المرأة وتحقيق الحرية الجنسية للفرد… إلخ.

وهناك برامج لتوسيع دائرة اللغة الإنجليزية مع التراجع الواسع للغة العربية على مستوى الخطاب والتعامل… إلخ.

ومما يزيد في خطورة الوضع أن من لا يلتزم بهذه القرارات ستلحقه العقوبات عن طريق المؤسسات الدولية، كالبنك الدولي، أو الهيئات التابعة للأمم المتحدة، أو الدول الكبرى… إلخ.

عرضنا -باختصار- لما يهدد هوية أمتنا في المرحلة الحاضرة، وليس من شك بأن تلك الأخطار كبيرة وتشكل تهديداً حقيقياً لهوية أمتنا، ويأتي على رأسها -كما ذكرنا- خطر التغريب والقطرية.

ومما يزيد في وتيرة هذين الخطرين التدخل الخارجي السافر في كل شؤون حياتنا الثقافية والاجتماعية والتربوية… إلخ. ويقتضي هذا الوضع من أصحاب الفكر والرأي والعلماء الغيورين على هذه الأمة أن يتصدوا لهذه الأخطار بكل إمكاناتهم، وينبهوا الأمة عليها. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 05 سبتمبر  2010)


عيون وآذان (دموع التماسيح)


جهاد الخازن

بريطانيا كلها تتحدث عن مذكرات رئيس الوزراء الأسبق توني بلير التي حملت العنوان «رحلة» غير أن كتاباً آخر صدر في الوقت نفسه يستحق إشارة، فالدكتور بريان جونز وهو عالم من موظفي إدارة استخبارات الدفاع كان مسؤولاً عن متابعة أسلحة الدمار الشامل كتب عن تجربته مع الحكومة البريطانية عشية الحرب، وكتابه الذي يحمل العنوان «استخبارات فاشلة: القصة الحقيقية لخداعنا ودخول الحرب» هو الأخير في سلسلة لا تنتهي عن الكذب المتعمد وتزوير المعلومات وكتم غير المناسب منها لتبرير الحرب على العراق.

لا أعتقد أننا بحاجة الى كتاب آخر يقدم أدلة قاطعة على تآمر جورج بوش وتوني بلير لإقحام بلديهما في حرب غير مبررة قتلت أكثر من مليون عراقي، وأطلقت إرهاباً مستمراً، وتركت العراق بلداً مدمراً بنظام سياسي فاشل وبوضع أسوأ كثيراً مما عانى أيام ديكتاتورية صدام حسين رغم ما يبدو من استحالة ذلك. الدكتور جونز يحكي كيف شاهد الأدلة تزوَّر، وكيف طلبت منه الحكومة كتابة تقرير يثبت امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل ورفض، وكيف طلعت الحكومة بخرافة أن صدام حسين يستطيع إطلاق أسلحته في 45 دقيقة مهدداً الشرق الأوسط والعالم كله.

الكتاب «رحلة» هو مرافعة هيئة الدفاع عن توني بلير الذي يبدو كمن أخذته العزة بالإثم، فهو يقول إنه لو عاد الوضع الى بدايته فهو سيظل يؤيد حرباً على صدام حسين حتى وهو لا يملك أسلحة دمار شامل ولا علاقة له مع القاعدة، لأن وجوده خطر على المنطقة، بل ان توني بلير، في مقابلة مع تلفزيون «بي بي سي» للترويج لمذكراته، قال إنه يؤيد حرباً على إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي، فسلاحها سيكون خطراً على المنطقة والعالم، وسيجعل الدول العربية تسعى لامتلاك هذا السلاح، فهو على ما يبدو يريده لإسرائيل، ومن دون أن يعترف بأن اسرائيل الفاشستية المجرمة تملك ترسانة نووية وهي تحتل وتقتل وتدمر.

بلير كان من الوقاحة أن اتهم ايران بتمويل المسلحين الذين قتلوا جنوداً بريطانيين في العراق، مع أن من الواضح جداً أن هؤلاء الجنود ما كانوا ليُقتَلوا لو لم يرسلهم بلير الى العراق وأفغانستان… مرة أخرى لأسباب مزورة عمداً. الدكتورة روز ماري هوليس، وهي خبيرة في الشرق الأوسط من جامعة مدينة لندن أعرفها جيداً وأقدرها، ردت على بلير بالقول إن ألعاب الحرب التي أعدها الأميركيون أظهرت أن نتائج مهاجمة إيران وقتل مدنيين أخطر كثيراً من امتلاك إيران سلاحاً نووياً.

توني بلير مجرم حرب يجب أن ينتهي مع جورج بوش وعصابة الحرب كلها أمام محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي.

لست وحدي في اعتبار بلير مجرم حرب، فبعض الصحافة البريطانية الذي عرض مذكراته ردد التهمة، والصحافي البريطاني المشهور جون بيلجر زاد عليها ان بلير مسؤول عن الإرهاب الذي ضرب لندن في 7/7/2005 وقتل عشرات الناس لأنه كان رد فعل على جرائم حكومته. وتحالف معارضة الحرب الذي يضم بعض أبرز وجوه العمل السياسي والفكري في بريطانيا، يطالب بمحاكمة بلير كمجرم حرب منذ سنوات. وقد طالبت بمثل ذلك الحركة الإرلندية لمناهضة الحرب، وأعلنت فتح كتاب تعزية بضحايا حروب بلير. وكانت أسر كثيرين من الجنود البريطانيين الذين قتلوا في هذه الحروب طالبت بمحاكمة بلير كمجرم حرب. وعندما قال إنه يبكي على ضحايا الحرب قيل له فوراً إنها دموع التماسيح.

توني بلير سياسي انتهازي لا يزال رغم جرائم الحرب يجمع الفلوس حتى إن خصومه قدروا ثروته منذ ترك الحكم قبل ثلاث سنوات بحوالى 40 مليون جنيه، لذلك فهو عندما تبرع بأجره عن مذكراته، أو حوالى 4.6 مليون جنيه، للمصابين من الجنود قيل له فوراً إن الفلوس لن تغسل يديه من دماء الضحايا.

وهو بانتهازيته وضع مقدمة خاصة بالطبعة الأميركية من مذكراته، وجدتها قصيدة غزل في أميركا وسياستها وشعبها تضاف الى زعمه في المذكرات أن جورج بوش الابن الذي أجمع العالم على أنه أحمق وجاهل، لا يعرف الكلام بلغته الإنكليزية، وهو عبقري زمانه وذكي وشجاع.

الآن هناك تهمة جديدة تضاف الى سجل بلير الأسود هي أنه سعى لإطلاق عبدالباسط المقرحي المدان في إرهاب طائرة لوكربي، لتحصل شركة النفط البريطانية BP على عقود من ليبيا بحوالى خمسة بلايين جنيه، وهو كان زار ليبيا سنة 2007 عندما وُقعت العقود.

هل ينجو مجرمو الحرب من المحاكمة؟ أرجح ذلك فالضحايا، عرباً ومسلمين، هانوا على أنفسهم وعلى الناس.

khazen@alhayat.com

 (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 سبتمبر 2010)


عودة فلسطينية إلى وهم «اتفاق المبادئ»


بلال الحسن

لا نبالغ إذا قلنا إن المفاوضات المباشرة التي بدأت في واشنطن (2/9/2010) بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبرعاية أميركية، ومشاركة عربية (مصر والأردن)، هي أفشل مفاوضات تجري في مطلع القرن الحادي والعشرين. فكل من ذهب إلى واشنطن يعرف أن للمفاوضات أصولها، وأول الأصول أن يكون لهذه المفاوضات مرجعية وهدف، يتم الاستناد إليهما. في هذه المفاوضات لا توجد أية مرجعية، ولا يوجد هدف محدد متفق عليه، بل إن مبدأها الأساسي هو أنها مفاوضات من دون أية شروط مسبقة.

في هذه المفاوضات التي لا مرجعية لها ولا يوجد لها هدف محدد متفق عليه، يستطيع كل طرف أن يقول ما يريد، ويستطيع كل طرف أن يتحدث عن المرجعيات التي يريد، ويستطيع كل طرف أن يحدد المطالب التي يريد، ولكن كل هذا لا يعدو أن يكون كلاماً في كلام. نتنياهو يعلن أنه يريد البحث في الأمن أولاً، وعلى ضوء مدى الاتفاق في الأمن يحدد موقفه من موضوع الحدود. ويستطيع الرئيس محمود عباس أن يرفض هذا الموقف الإسرائيلي، وأن يطلب انسحاباً إسرائيلياً إلى حدود 1967، ثم يستمع إلى رفض نتنياهو لهذا المطلب. وبهذا يستطيع كل موقف أن يناقض موقف الطرف الآخر لأنه لا توجد مرجعية تحدد ما إذا كان هذا الطلب منسجماً مع المرجعية المعتمدة أم مخالفاً لها. وبسبب هذا يسود جو من التشاؤم، ويرجح كثيرون أن المفاوضات ستفشل.

ولكن المفاوضات قد لا تفشل، لأنه حين تغيب المرجعية، وحين يكون هدف المفاوضات ليس محدداً، فإن توازن القوى بين الأطراف يصبح هو المرجعية التي تفرض نفسها كأمر واقع، وتوازن القوى يتحدد هنا بأمرين: قوة الاحتلال الإسرائيلي، وقوة الوزن الأميركي. الاحتلال الإسرائيلي هو المسيطر، وهو الذي يستطيع بالتالي أن يقول لا ونعم. والوزن الأميركي ينحاز إلى جانب « إسرائيل » بالكامل، ويعطي للحلول التي تقترحها « إسرائيل » قوة الدولة العظمى، التي يتعامل الرئيس عباس معها على أنها قدر لا يمكن رده، ولا بد له من أن يتعامل معه، وإلا سيصبح خارج اللعبة السياسية كلها. ومع أن الرئيس عباس يحاول حتى الآن، وبطريقة يائسة، أن يجعل من القرارات الدولية، ومن خارطة الطريق، ومن بعض الجمل في بيانات اللجنة الدولية الرباعية، مرجعية سياسية له، فإن محاولته هذه لا تلقى قبولاً من الأطراف الأخرى، وهي بالتالي مجرد رأي شخصي، يستطيع أن يعلنه وأن يكرره، ولكنه رأي لا وجود «رسمياً» له على طاولة المفاوضات، حتى إن الاتحاد الأوروبي، وقد أدرك أن كل وزنه الدولي والسياسي والاقتصادي لم يتم الاعتراف به، ففضل أن يقاطع مفاوضات واشنطن، وألا يكون حاضراً مع الحاضرين في حفل الافتتاح. فالاتحاد الأوروبي يريد دوراً سياسياً، بينما ترفض واشنطن وتل أبيب ذلك، ويؤيدانه ممولاً فقط لخطط سياسية يحددها الآخرون. وإذا كان هذا هو حال الاتحاد الأوروبي، فإن وضع من يستند إلى مرجعيته (لحفظ ماء الوجه فقط) هو بالضرورة أسوأ من وضعه.

ولنا في تجارب التفاوض العربي – الإسرائيلي خير دليل في توضيح هذا الموقف النقدي من مفاوضات واشنطن؛ ولنبدأ بالمفاوضات المصرية – الإسرائيلية التي أدت إلى اتفاق سلام بينهما، فحتى تلك المفاوضات التي رفضها كثيرون، وأدانها كثيرون، جرت حسب الأصول الدولية للمفاوضات، ف »إسرائيل » لم تكن تسلم بالانسحاب الكامل من سيناء، ورفض السادات أن يذهب إلى المفاوضات إلا بعد أن أعلنت « إسرائيل » موافقتها على مبدأ الانسحاب الكامل. والمثل الثاني نجده في المفاوضات الإسرائيلية – السورية، فسورية تطلب إقراراً إسرائيلياً بالاستعداد للانسحاب الكامل من الجولان المحتل كشرط لبدء المفاوضات، وحين ترفض « إسرائيل » تقديم هذا التعهد تتعطل المفاوضات، كما حدث في واشنطن (مفاوضات 1991 – 1993) بعد مؤتمر مدريد، وكما حدث في المفاوضات غير المباشرة التي أدارتها تركيا مؤخراً.

أما في المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية الراهنة، فقد رفض نتنياهو تحديد هدف (الانسحاب الكامل)، وقبل الجانب الفلسطيني أن يذهب حسب هذه الصيغة (من دون شروط مسبقة)، ولذلك نقول إن هذه المفاوضات لن تكون إلا مفاوضات عرجاء، لا تحكمها أية مرجعية، وليس معروفاً لها أي هدف، وهنا يسود الهدف الوحيد المتبقي؛ ألا وهو توازن القوى، والغلبة هنا في توازن القوى هي للمحتل، وهي للراعي الأميركي غير النزيه المنحاز ل »إسرائيل » وعدوانيتها بشكل أعمى. ومرة أخرى نقول، إن المفاوضات على الرغم من كل هذا، قد لا تفشل، وإن الطرف الإسرائيلي سيعرض خطته التي تتناسب مع مصالحه ومع عدوانيته، وإن الطرف الأميركي سيضغط في اتجاه قبولها. وهنا سيتقدم الطرف الفلسطيني المفاوض ليضع بصمته.

ماذا يطرح نتنياهو؟

إنه يطرح البدء من نقطة الصفر. ونقطة الصفر تعني إنجاز «اتفاق مبادئ»، ثم يتفاوض الطرفان حول اتفاق المبادئ هذا لعشر سنوات قادمة، وقد أعلنت أميركا موافقتها على هذا التوجه (أعلن ذلك جورج ميتشل في مؤتمره الصحافي مساء يوم 2/9/2010)، وكذلك أعلن الرئيس عباس استعداده لقبول حل مؤقت يجري تطويره مع استمرار المفاوضات.

بهذا الموقف يتم إلغاء تجربة اتفاق أوسلو من أولها إلى آخرها، فاتفاق أوسلو (1993) كان اتفاق مبادئ، وتفاوض الطرفان حوله 17 عاماً، ثم وصلاً إلى ضرورة صياغة «اتفاق مبادئ» من جديد.

كتب الرئيس المصري حسني مبارك مقالاً في جريدة «نيويورك تايمز» الأميركية («الشرق الأوسط» 1/9/2010)، ودعا إلى نشر قوات دولية في الضفة الغربية كجزء من صيغة الحل. وقد يتحمس البعض لمثل هذا الحل، ولكن السؤال القانوني، والسؤال الدولي، والسؤال العسكري، الذي سيبرز في وجه هذا الاقتراح هو: أين ستتمركز هذه القوات الدولية؟ القانون الدولي يقول إن تمركزها يجب أن يكون عند خط حدود 1967 ليضمن الهدوء بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، أما إذا لم تتمركز هناك فلا جدوى منها، ولكن نتنياهو يرفض هذا الاقتراح، ويرفض أكثر من ذلك؛ يرفض البحث في حدود 1967، ولذلك، فإن هذا «الأمل» العربي سيتلاشى أمام مخطط نتنياهو، وأمام الدعم الأميركي له، ولا يبقى سوى «اتفاق المبادئ»، والتفاوض حول اتفاق المبادئ لعشر سنوات قادمة.

يتظاهر كثير من الفلسطينيين ضد هذه المفاوضات التي بدأت في واشنطن، ويتظاهر، حتى، المؤيدون للسلطة الفلسطينية ضدها أيضاً. ويقوم فدائيون فلسطينيون بعمليات فدائية ضد الاحتلال، وفي توقيت واضح الهدف والدلالة. والغريب أن السلطة الفلسطينية تعتبر كل ذلك موجها ضدها وليس ضد الاحتلال، فتنشط أكثر من قوات أمن الاحتلال في مطاردة المقاتلين والبحث عنهم. وبهذا يلتقي الانصياع السياسي مع الانصياع الأمني.. فماذا يبقى لهم؟ ماذا يبقى لهم؟   (المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 سبتمبر 2010)


بشرط أن تخسر نفسك


د. فهمي هويدي

فشلت في العثور على تفسير بريء للعبارة التالية: محورية الدور المصري في استراتيجية واشنطن بالمنطقة، ذلك أنها تتحدث عن استراتيجية واحدة هي الأمريكية، وهو أمر مفهوم ولا غضاضة فيه، إذ طالما أن واشنطن تدعى أن لها مصالح في الشرق الأوسط وأنها تعتبر أمن « إسرائيل » من أمنها القومي، فمن الطبيعي أن تكون لها استراتيجية تخدم تلك المصالح والأهداف، ويفترض في هذه الحالة أن تكون لمصر استراتيجيتها الخاصة التي تؤمن مصالحها العليا، بحسبانها بلداً كبيراً ومحورياً في العالمين العربي والإسلامي، لكن العبارة سابقة الذكر لم تتحدث عن تلاقٍ أو تقاطع بين الاستراتيجيتين الأمريكية والمصرية، لكنها ركزت على الأولى وتجاهلت الثانية، ليس ذلك فحسب ولكنها فاجأتنا بما هو أبعد بكثير، إذ اعتبرت أن الجهد المصري يؤدي دوراً محورياً في الاستراتيجية الأمريكية بالمنطقة، دون تبيان لطبيعة ذلك الدور، ومدى اتفاقه أو اختلافه مع المصالح المصرية العليا، وهو كلام لا يحتمل قراءات متعددة، ولم أجد له – للأسف – تفسيراً سوى تفسير واحد هو أنه يعني أن واشنطن تخطط وأن القاهرة تنفذ، وإذا بدا ذلك نوعاً من إساءة الظن، فإنني أرجو ممن لديه قراءة أخرى تساعد على إحسان الظن أن يدلني عليها.

العبارة المحيرة وردت في ثنايا تصريح لمصدر مصري مسؤول، كان قريباً من المحادثات التي أجراها الرئيس مبارك في واشنطن خلال الأسبوع الماضي، وقد استوقفتني صياغتها، خصوصاً أنها أبرزت ضمن عناوين الصفحة الأولى في جريدة «الشروق» (عدد 1/9)، وتحت العنوان نشرت الصحيفة تقريراً لمراسلها في واشنطن حول أجواء الزيارة المذكورة، ولا أعرف إلى أي مدى كان الكلام الذي نقل على لسان المسؤول المصري دقيقاً، ولذلك فإنني تمنيت أن أقرأ مراجعة أو تصويباً له طوال الأيام الأربعة الأخيرة، لكنني لم أجد أثراً لذلك الأمر الذي دعاني إلى افتراض صحته حتى إشعار آخر على الأقل.

لم يكن العنوان وحده الذي استوقفني (استفزني إن شئت الدقة)، وإنما كان مضمون التقرير مثيراً للانتباه أيضاً، ذلك أنه تحدث عن أن ما قامت به حكومة حزب العدالة والتنمية فيما يتعلق بالسياسة التركية في الشرق الأوسط أسهم في تأكيد أهمية ودور مصر المحوري بالنسبة لواشنطن فيما يتعلق بقضايا المنطقة، ذلك أن تصويت تركيا في مجلس الأمن ضد فرض المزيد من العقوبات على إيران، ومن قبله رفض الحكومة التركية التحذيرات الأمريكية والإسرائيلية من السماح لسفن أسطول الحرية بالإبحار نحو قطاع غزة وما ترتب على ذلك من آثار، زادا من التشكك الأمريكي في النوايا التركية، وهو ما دعا كثيرين في واشنطن إلى المناداة بضرورة التركيز على الحليف المصري المستقر، «الهادف لاستقرار صراع الشرق الأوسط والمعارض لطموحات إيران النووية والمعادي لحماس».

نقل التقرير عن مسؤول مصري لم تذكر اسمه قوله إننا استفدنا كثيراً من حادثة أسطول الحرية، التي أكدت أهمية الدور المصري المحوري، الذي يمكن الاعتماد عليه من قبل الولايات المتحدة، وذكر على لسان أحد خبراء معهد الشرق الأوسط (مايكل وان) قوله إن مصر تلعب دوراً في الاستراتيجية الأمريكية، وهو ذات المعنى الذي عبر عنه خبير آخر من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، (ديفيد بولاك) حين قال إن سلام مصر مع « إسرائيل » مازال حجر الأساس للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، كما أن معارضة مصر للطموح الإيراني وعنف المتطرفين (يقصد المقاومة الفلسطينية) ذات قيمة كبيرة لأهداف أمريكا.

ما معنى هذا الكلام؟، معناه أن واشنطن غضبت على تركيا لأنها تبنت سياسة مستقلة دافعت فيها عن مصالحها العليا، وعبرت عن تعاطفها مع الفلسطينيين المحاصرين في غزة، ووجدت في مصر بديلاً طيعاً مستعداً للاستجابة لما تريده واشنطن، من العداء لإيران إلى العداء لحماس، وهذا هو «الدور المحوري» الذي أصبحت تؤديه مصر الآن، الأمر الذي يضعنا أمام حقيقة مخزية، تجيب عن تساؤلات الذين يفتقدون دور مصر ويتحسرون على غيابها، ذلك أنهم يتساءلون عن مصر التي كانت بلداً محورياً في العالم العربي يرمز إلى عزته وكبريائه، ولا يريدون أن يصدقوا أن الزمن تغير، وأن الدور المحوري الآن أصبح يتم في إطار تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، في درس خلاصته أنك لكي تكسب الرضا الأمريكي لابد أن تخسر نفسك.   (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 5 سبتمبر 2010)


ماذا يحقق الرفض!


علي الظفيري 2010-09-05

الاختلاف في الآراء أمر مقبول ولا أحد يرفضه، مثل أن تختلف وشقيقك حول الطريقة المناسبة لاسترجاع ما قام جاركم بسرقته من منزلكم، أنت ترى اللجوء إلى الشرطة لاستعادة المسروقات ومعاقبة الجار اللص، وهو «انفعالي» بعض الشيء ويرى التوجه مباشرة لمنزله وتهشيم رأسه وتأديبه واستعادة ما سرقه منكم، هنا يحدث نقاش منطقي وعقلاني حول أنسب الطرق لعلاج المشكلة ومعاقبة الجاني وردعه، يدلل كل واحد منكم بحجج مختلفة على سلامة رأيه، وكلاكما مقتنع أن السرقة عمل سيئ ومرفوض واستعادة الحقوق واجبة، لكن أن يظهر من بين الإخوة من يدعو لقبول الوضع والتعايش معه والتسليم بالأمر الواقع وتناسي ما جرى، فهذا أمر آخر، إنها مشكلة أكبر من السرقة بحد ذاتها، وهذه ليست حالة نقاش أو اختلاف أبدا!

أنت مثلاً تعارض المفاوضات المباشرة، عليك إذاً أن تجيب على التساؤلات التالية: هل يحقق الرفض شيئاً، ماذا حقق الرفض لنا طوال العقود الماضية، ماذا لو قبلنا بالتقسيم، ماذا لو اعترفنا بإسرائيل بعد حرب 67 وقبلنا بها، ألا نسعى اليوم لتحقيق هذا الهدف الذي كان بأيدينا أصلا، لماذا لم نقبل بكل أطروحات ومبادرات السلام الماضية، ما هي الخيارات الأخرى التي تتوفر بأيدينا غير التفاوض والقبول بما يُعرض علينا الآن، هل من المنطقي عودة أربعة ملايين لاجئ إلى فلسطين؟! سيف الاستفهامات هذا يسلطه على رقبتك كـتّاب السلام العرب، هناك محاولة حثيثة لإقناع الرأي العام العربي بجدوى التفاوض المباشر مع الإسرائيليين، وتبييض المواقف الداعية لها، موقف أبومازن وفياض والرعاة الأميركيين والعرب من خلفهم، تجري عمليات جدية وممنهجة لانتزاع الشرعية عن أي وسيلة أخرى لإدارة الصراع وهدم كل المسلمات وقلب الثوابت في الصراع العربي الإسرائيلي، افتتاحيات صحف كبيرة تتحدث عن الثمن الصعب للتفاوض، اسحق رابين –مثلاً– دفع حياته ثمناً للسلام المنشود!، وقتْل المستوطنين الأربعة يضاعف من متاعب أبومازن ومهامه التفاوضية، لم ينتبه هؤلاء إلى أمرين رئيسين في هذه القضية: أن ما يقولونه خاطئ وغير منطقي أبداً، بمعنى أن البنية الأساسية لهذا التصور هشة وضعيفة تماما، الأمر الثاني أنه لا أحد يقبله في الساحة العربية بشكل عام، ومعدلات عدم قبوله واستهجانه في ازدياد وليست في تناقص.

أن نخسر في 67 قطعة أرض تعني مباشرة لدى هؤلاء القوم فشل الموقف الرافض بقبول والتسليم بنتائج ما حدث عام 48!، وهذا الاستنتاج فيه تسخيف لعقل القارئ ولجذر المشكلة والبناء على ظاهرها، بمعنى أن مطالبتنا اليوم بحدود العام 67 لا قيمة لها لو سلمنا بقرار تقسيم فلسطين بين العرب واليهود، والذي منح 56.5 بالمائة من فلسطين لليهود الذين كانوا يملكون ما لا يزيد عن 7 بالمائة من التراب الفلسطيني، وبعد هجرات منظمة إلى فلسطين وليس كوجود تاريخي!!، بمعنى أنه إذا تم السطو على جزء من منزلك ليس عليك الدفاع، بل القبول بالمتبقي خشية ضياعه نهائياً، هكذا يتحدث «الواقعيون» أصحاب الشرعية الدولية والقانون الدولي!!، لم يخبر أحدٌ هؤلاء القوم أن الناس لا تقاتل بفرضية واحدة، وأن الهزيمة لا تعني قبول نتائجها والرضوخ لها، وأن واحدة من مهام الهزيمة هي مضاعفة التمسك بما هزم المرء من أجله.

مصر دقت أسافينها في الأرض الفاصلة بينها وبين غزة بحجة السيادة والأمن القومي، وجلّ الخلافات العربية- العربية والحروب البينية بسبب قطعة أرض حدودية لا قيمة حقيقية لها، خسارة شبر من التراب الوطني في عرف الدول السيّدة المنيعة عارٌ لا يمكن القبول به، ويريدون منك أن تقبل بضياع فلسطين بأكملها!، القوة المحببة والشرعية في الحالات السابقة تغدو ضربا من العنف والإرهاب غير المقبول في حالة دفاع الشعب الفلسطيني عن حقوقه، تتحول حركة مثل حماس إلى إرهابية وعبثية لمجرد أنها تؤمن بفكرة بناء القوة –ولو كانت محدودة– لاستعادة الأرض المسلوبة، وهم يعيّرونها بأن صواريخها عبثية، دون أن يتمنوا العكس!!

بدل أن نجيب على سؤال ماذا حقق الرفض، علينا أن نجيب بوضوح عن سؤال التسوية، ماذا حقق المشروع السلمي الذي ضحى من أجله عرفات ورابين كما يقولون، كل القضايا الرئيسية تلاشت تدريجيا منذ أوسلو، وعرفات أخذوا منه ما يمكن أخذه وقتلوه، ويكون شجاعاً الرئيس الفلسطيني لو نطق كلمة (حق العودة) في أي جلسة مفاوضات مع الإسرائيليين، والذي تحول إلى «حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين»، هذا بخلاف قضايا الحل النهائي كالدولة والقدس والمستوطنات التي تشهد تغييراً يومياً على الأرض لا يمكن لأعتى المفاوضين المساس به أو تغييره، فما بالك إن كان المفاوض صائب عريقات!

لا أحد يحب الحرب والصراع والموت، ليست هذه فطرة البشر، لكن لا أحد يقبل الذلّ والهوان، وفرنسا تحررت بإرادة أقل من عشرة بالمائة من شعبها حين احتلها الألمان، في الوقت الذي قبل البقية الاحتلال وتعايشوا معه!، وهنا يسأل شاب في مطلع العشرينات قد تنطلي عليه أكاذيب أحاديث السلام: ماذا نفعل إذاً ونحن في هذا الضعف وعدونا في أفضل حالاته؟

من قال لك أيها الصديق إن هذا وقت الحسم؟ تدار الصراعات ولا تحسم أبداً، وضع القوة هو وقت الحسم، وهذا ما لم تحن مواسمه بعد. dafiria@yahoo.com     dafiria@yahoo.com    (المصدر: موقع صحيفة « العرب » (يومية – لندن) بتاريخ 5 سبتمبر 2010)


م / دعوة لمقاطعة التعداد السكاني


نظرا للظروف التي يمر بها العراق من احتلال وفراغ دستوري وتلاعب بمصيره من قبل السياسيين الذين جاءوا على ظهر الدبابة الأمريكية وخصوصا في شمالنا الحبيب , تحذر الجبهة الشعبية لإنفاذ كركوك السياسيين في المنطقة الخضراء من مغبة السير قدما في تنفيذ مآرب الأحزاب الكردية في تنفيذ خططهم ومشاريعهم التقسيمية وندعوهم إلى إلغاء أو تجميد التعداد السكاني المزمع أقامته في العراق و خصوصا في محافظات نينوى وكركوك وديالى وذلك نظرا للتغيير الديموغرافي والسكاني الذي حصل لهذه المحافظات منذ بداية الاحتلال ليومنا هذا وقيام الأحزاب الكردية بجلب مئات الآلاف من أكراد الدول المجاورة وتزويدهم بالجنسية العراقية وإسكانهم في مناطق عربية عراقية بحته وذلك استعدادا منهم لتغيير خارطة هذه المناطق فتارة بالاحتيال وأخرى بالاحتلال مثلما حصل لعدة أقضية ونواحي من محافظة نينوى ! ونحن هنا نضم صوتنا إلى صوت كل العراقيين الذين يرفضون هذه الخطوة التي ستجلب الويلات للوطن الغالي وخصوصا الإخوة في الكتلة اليزيدية الوطنية العراقية ومجلس رئاسة الطائفة اليزيدية في العراق والجبهة التركمانية العراقية الوطنية وكل القوة المناهضة للمشروع الصهيوني الذي ينفذ بأيادي الأحزاب الكردية ومن يساندها في المنطقة الخضراء والاحتلال الأمريكي ………                                                                                   عدي الزيدي                                                                رئيس الجبهة الشعبية لإنقاذ كركوك                                                                      بغداد المحتلة 5/9/ 2010


عباس يصل تونس في مسعى لحشد الدعم للمفاوضات المباشرة مع اسرائيل


تونس (رويترز) – وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس تونس يوم الاحد في جولة شملت ليبيا ايضا بعد الاجتماع الذي عقده مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن لاعادة اطلاق مفاوضات السلام.

وبدأ الزعماء الاسرائيليون والفلسطينيون يوم الخميس الماضي محادثات سلام مباشرة تحت رعاية امريكية واتفقوا على الاجتماع كل اسبوعين لمحاولة التوصل الى اتفاق خلال عام لانهاء صراع مستعر منذ ستة عقود.

ونقلت وكالة الانباء الفلسطينية (وفا) عن نبيل شعث عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو الوفد المفاوض ان زيارة عباس الى تونس « ستبحث في الاستراتيجيات والخيارات المتاحة لانجاح عملية السلام ».

وأضاف « هذه اللقاءات والاتصالات السياسية الهامة في هذه المرحلة الحرجة تساعد الجانب الفلسطيني في تنسيق المواقف وتهيئة المناخ مع الاشقاء العرب لكل الاحتمالات الممكنة لنتائج المفاوضات المباشرة الحالية. »

وسيلتقي عباس مع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ليطلعه على فحوى المفاوضات مع الاسرائيليين (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 5 سبتمبر 2010)


البرادعي يتهم السلطات المصرية بالسعي لتشويه صورته


2010-09-05 القاهرة – AFP 

اتهم الدبلوماسي المصري المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي أمس، السلطات المصرية بالسعي لتشويه صورته عبر نشر صور لابنته بلباس البحر.

وقال البرادعي في تصريح لصحيفة « الدستور » المصرية المستقلة تعليقا على نشر صور ابنته على موقع « فيس بوك » وقيام عدد من الصحف المصرية بإعادة نشرها إن « مثل هذه الحملة هي الإجابة الدائمة والوحيدة التي يرد بها النظام على من ينادي بالديمقراطية التي هي السبيل الوحيد للحرية والإصلاح الاقتصادي والعدل الاجتماعي ومعاملة المواطنين على أنهم بشر لهم حقوقهم الآدمية ».

وأضاف البرادعي بحدة « ربما يحتاج الأمر إلى مزيد من الوقت، إلا أن التغيير حتمي ولا يمكن أن يكون هناك نظام ينتمي إلى العصور الوسطى في القرن الحادي والعشرين ».

والصور التي نشرت هي لليلى ابنة البرادعي خلال حفل زواجها من بريطاني، وتظهر في إحدى الصور كؤوس من النبيذ على طاولة العشاء، وفي صور أخرى تظهر ليلى البرادعي بلباس البحر مع زوجها الشاب.

وكان البرادعي عاد إلى القاهرة في فبراير الماضي بعدما أمضى 12 عاما في فيينا على رأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأعلن استعداده للترشح إلى الانتخابات الرئاسية المصرية عام 2011 بشرط تعديل الدستور.

وباشر في أبريل حملة انتخابية، داعيا إلى إصلاحات سياسية، ورافضا التوريث، في إشارة إلى احتمال ترشح جمال ابن الرئيس حسني مبارك لرئاسة الجمهورية. (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 05 سبتمبر 2010)


معظمهم من الحزب الحاكم مصر: النائب العام يطلب رفع الحصانة عن 14 نائباً بالبرلمان


2010-09-05 القاهرة – العرب 

أخذت قضية العلاج على نفقة الدولة في مصر منحى جديدا بعدما أرسل النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود مذكرة إلى الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب (الغرفة العليا من البرلمان) وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى (الغرفة السفلى من البرلمان) يطلب فيها رفع الحصانة عن 14 نائبا بالبرلمان (12 من مجلس الشعب و2 من مجلس الشورى) معظمهم ينتمون للحزب الحاكم؛ لاستجوابهم بشأن التجاوزات في استصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة بالمخالفة للقوانين والقواعد المعمول بها. وأوضح بيان للنيابة العامة أن نيابة الأموال العامة العليا قامت بسؤال جميع المسؤولين في وزارة الصحة والمجالس الطبية المتخصصة وخبراء إدارة الكسب غير المشروع بوزارة العدل، وخبراء الطب الشرعي وضباط مباحث الأموال العامة وأعضاء هيئة الرقابة الإدارية، ومسؤولي المستشفيات التي تم تحويل قرارات العلاج إليها وبعض المرضى الذين صدرت إليهم قرارات علاج متكررة أو من لم يستلوا أجهزة تعويضية رغم صدور قرارات بتسليمها إليهم. وانتهت التحقيقات إلى أن تحريات مباحث الأموال العامة وتقرير خبراء الكسب غير المشروع أشارت إلى إصدار قرارات للعلاج على نفقة الدولة بالمخالفة للقواعد المقررة قانونا مما نتج عنه ضرر مالي يُسأل عنه بعض المسؤولين بالمجالس الطبية المتخصصة وأعضاء مجلسي الشعب والشورى الذين قاموا بتزكية تلك القرارات، وكذلك ما تضمنه تقرير الطب الشرعي عن إجراء عمليات جراحية لعلاج بعض الحالات التي كان يمكن علاجها بجراحات أخرى أقل تكلفة.

وكشفت تحقيقات نيابة الأموال العامة العليا عن وجود تزوير بطريق الاصطناع وإضافة بيانات غير صحيحة نسبها أحد أعضاء مجلس الشعب لأحد المستشفيات العامة. وكان المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات في مصر قد أصدر بيانا أكد فيه أن الجهاز قد انتهى من إعداد تقرير تفصيلي بأهم الملاحظات التي أسفر عنها فحص قرارات العلاج على نفقة الدولة بالداخل والخارج، متضمنا الأسماء وعدد قرارات العلاج وإجمالي قيمتها وبيانا تفصيليا بالمخالفات وتوصيات الجهاز. كما يتضمن التقرير وجود بعض المختصين بالمجالس الطبية المتخصصة ونواب من مجلسي الشعب والشورى ورد ذكرهم بالتقرير قد أساؤوا في استخدام الموارد المخصصة للعلاج على نفقة الدولة، ما ترتب عليه إهدار المال العام والتأثير على مستوى الخدمة وعدم الوصول بها إلى الفئات غير القادرة من أفراد الشعب.    (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 05 سبتمبر 2010)

 


البنك الدولي يُجهز لتسريع عضوية « جنوب السودان » في حال الانفصال


 

قال البنك الدولي إنه سيعمل على تسريع انضمام جنوب السودان إلى عضويته في حال اختار الإقليم الانفصال عن بقية السودان، مما سيفتح للكيان الجديد منافذ للحصول على التمويل الدولي . ونسبت وكالة “بلومبيرغ” إلى أوبياجيلي إزيكويسيلي، نائب رئيس البنك الدولي لإفريقيا، قوله في مقابلة جرت في جوبا، عاصمة جنوب السودان أمس: “في حال استقلت الدولة حديثاً فلدينا سابقة في كيفية تأهيل تلك الدولة لكي تصبح عضواً في البنك الدولي، أو صندوق النقد الدولي . لذا، فسوف نتبع نفس الإجراءات لمنح “جنوب السودان المستقل” عضويته في البنك” . وبمقتضى اتفاقية السلام لعام ،2005 يحق لجنوب السودان التصويت للانفصال عن بقية الدولة بموجب استفتاء مقرر في التاسع من يناير من العام المقبل . وأضاف إزيكويسيلي، وزير التعليم السابق في نيجيريا، ان جنوب السودان يضيع عليه مبلغ 100 مليون دولار سنوياً، عوضاً عن “قروض من غير فوائد” كان من الممكن أن يحصل عليها من هيئة التنمية الدولية، والتي تقدم الأموال للدول متدنية الدخل . وقال ان السودان نفسه غير مؤهل حالياً للحصول على أموال بسبب عدم تسديده للمتأخرات، موضحاً أن الدين الخارجي للسودان يبلغ حالياً نحو 36 مليار دولار، و70 في المئة منها مستحق للبنك الدولي . (المصدر:موقع صحيفة الخليج بتاريخ 5 سبتمبر 2010)


الأمم المتحدة والاستفتاء


حسب النبأ الذي أوردته وكالة الأسوشيتدبرس فإن الأمم المتحدة قد دشنت أول مكتب ميداني لها بجنوب السودان يوم الأربعاء الماضي في مقاطعة موندري بجنوب السودان وهو واحد من المكاتب التي تسعى المنظمة الدولية لفتحها في 79 منطقة هي مجمل المناطق الإدارية بجنوب السودان وذلك تمهيدا للإستفتاء على تقرير مصير الجنوب في 9 يناير من العام القادم 2011م. وحسب النبأ فإن الأمم المتحدة لها تجهيزات كبيرة أعطت المواطنين هناك انطباعا بأن المنظمة الدولية ما ضية قدما في أمر الإستفتاء حيث زودت المكان بعدد مقدر من صهاريج الوقود والمولدات الكهربائية والتجهيزات كما رفعت أعلامها في المكان وسارعت في الإتصال بالسكان المحليين للتعاون معها في إنجاز الإستفتاء الذي صار عملية حقيقية كما قال ممثل الأمم المتحدة بجنوب السودان ديفيد غريسلي . وهذا الانخراط الكبير للأمم المتحدة جاء بناءا على طلب القادة والمسئولين في حكومة الوحدة الوطنية الذين طلبوا من المنظمة الأممية القيام بهذا الدور وهو دعم الإستفتاء في الجنوب . وهذا ليس بالأمر الجديد فقد سبق لها أي الأمم المتحدة أن قامت بنقل صناديق الإقتراع لجنوب السودان في الإنتخابات العامة في أبريل من العام الحالي . ومن شأن الإيقاع السريع للمنظمة الدولية والجاهزية العالية التي تتمتع بها أن تجعل عملية الإستفتاء في الجنوب تجري في الموعد المقرر لها ومن غير تأجيل أو تأخير كما يعتقد البعض ، بإعتبار أن الجهة الوحيدة التي يمكن أن تقضي من الناحية العملية بالتأجيل هي الأمم المتحدة وذلك من خلال التقارير التي تصدر عنها بشأن العوامل الموضوعية التي من شأنها تأجيل العملية أوإ بطالها كأحداث العنف الطائفي أو العرقي أو الصعوبات اللوجستية أو الفنية أو عدم قدرة الأطراف المعنية بالعملية على الإتفاق حولها من الناحية السياسية . وكل هذه الأسباب غير واردة في الحسبان فالأمم المتحدة تمتلك طائرات هلكوبتر تستطيع الوصول لأي مكان في جنوب السودان مهما بعد هذا المكان وإن كانت هناك أحداث عنف قد لا تمثل عائقا أمام إجراء العملية في الوقت الحاضر وفي المستقبل القريب والمتمثل في إجراء الإستفتاء في موعده المضروب ، فوجود الفريق أتور المنشق عن الحركة الشعبية أو قوات جيش الرب المعارض للحكومة اليوغندية لا تمثل خطرا أمنيا على إجراء الإستفتاء كما يتصور بعض الناس وقد أكد النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة الجنوب الفريق أول سلفاكير ميارديت ذلك في حديثه الذي نشرته صحيفة الأحداث نقلا عن التقرير السياسي العالمي يوم الخميس 2سبتمبر الجاري . وإن كانت هناك مشكلات فهي ما ذكرته الأمم المتحدة نفسها وهو عدم إتفاق شريكي الحكم المؤتمر الوطني والحركة الشعبية حتى الآن على ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وتقسيم الموارد الأساسية مثل النفط . وهذه مشاكل حقيقية ولكن من السهل تجاوزها في ظل الحديث عن قطع شوط كبير في ترسيم الحدود وما تبقى مجرد عقبات يمكن حلها بواسطة مؤسسة الرئاسة وهذه المؤسسة في رأي سوف تؤول إليها كثير من القضايا المستعصية على اللجان الفنية في كافة المسائل ومن الممكن إحداث قدر من التفاهم لتجاوز كثير من المشكلات في ظل هذه المؤسسة ، مؤسسة الرئاسة ، بحيث لا يقع الضرر على أحد شطري البلاد في حالة الإنفصال كأن يقوم الجنوب بتغيير خط أنابيب البترول في إتجاه شرق إفريقيا بدلا من شمال السودان الذي بذل الغالي والنفيس للإستثمار في هذا الخط ومن موارده المحدودة قبل تصدير النفط ففي هذا عدوان صريح وربما يؤدي لحرب جديدة على القيادات في الجانبين أن يحرصوا على تجنبها والحال نفسه يمكن أن ينطبق على أبيي أو الحدود وهذا يتطلب تفاهمات تراعي العلاقات بين الشمال والجنوب تقوم على رؤية إستراتيجية تجعل من الإنفصال عملية دون نهاية المطاف بكثير وتوفر من الفرص للتلاقي والتعاون بين المواطنين ما يجعل الشعور بآلام عملية الإنفصال أقل بكثير مما كنا نتوقع ونظن . وبالتأكيد فإن غياب الحكمة والرؤية السودانية الواعية والمدركة سوف يجعل المجتمع الدولي يتدخل في الشأن السوداني أكثر وأكثر ونحن الذين فتحنا له الباب على مصراعيه وقبلنا أن يكون قيما على شئوننا وما نرفضه نحن اليوم سوف نقبل به غدا لأن المجتمع الدولي سوف يفرضه علينا بقوته وسلطانه وسوف تعمل الأمم المتحدة على إجراء الاستفتاء في موعده ولو عن طريق إصدار قرارات في هذا الشأن من مجلس الأمن الدولي ومن بعد ذلك تقوم بترسيم الحدود كما فعلت مع الحدود الإرترية الأثيوبية أو ما حدث بشأن أبيي الذي بتت فيه محكمة العدل الدولية بإتفاق الطرفين رغم أنفهما . و إذا لم تكتمل كافة الإجراءات المطلوبة لإجراء عملية الإستفتاء من ترسيم حدود وغيرها فلن يتحقق الإستفتاء النظيف والشفاف الذي ننشده جميعا وسيكون مصير كثير من القضايا التي نراها الآن في متناول أيدينا في أيادٍ أخرى لا قبل لنا بها. (المصدر:موقع الديمقراطية والسلام والوحدة بتاريخ 5 سبتمبر 2010) http://www.alsahafa.sd/details.php?articleid=13267&ispermanent=0


حضور أكبر لرمضان في تركيا يكشف حجم التغيير الحاصل


انقرة – يوسف الشريف تركيا…

بدا المشهد غريباً لعلي أوندار، أستاذ التاريخ في أحدى المدارس الحكومية بأنقرة، وهو يتابع على قناته الإخبارية المفضلة برنامجاً حوارياً لمناسبة « عيد النصر » عن آثار القائد الأول مصطفى كمال أتاتورك ودوره في حرب التحرير بعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى واحتلال اراضيها من قبل الأوروبيين. الغريب أن الأستاذ علي فوجئ بجرعة قوية غير معهودة من انتقاد اتاتورك وصلت الى حد وصف أحد الضيوف له بالدكتاتورية في فرض الرأي وتأخير العمل بنظام ديموقراطي في تركيا وتوريث أفكاره ومعتقداته لأجيال بعده. فليس في هذا ما يدرسه لتلاميذه في المدرسة عن تلك المرحلة من التاريخ الذي يعج بقصص البطولات والتضحية. ينتقل الأستاذ لمشاهدة القناة الحكومية الرسمية عله يجد ما اعتاد عليه من برامج في هذه المناسبة ليفاجأ هناك ببرنامج ديني عن الأحاديث النبوية وفضل صيام رمضان. وما ان ينتهي حتى يبدأ آخر عن التصوف والأخلاق الإسلامية. يدرك الأستاذ علي حينها أن لعيد النصر طعماً أخر في رمضان، وأن أجواء شهر الصوم هذه السنة أكثر حضوراً وتفاعلاً. فحتى القنوات الإخبارية التي كانت تتجاهل رمضان تماماً باتت تعد برنامجاً خاصاً قبيل الإفطار عن العادات الرمضانية وثقافة التسامح الإسلامية. بل إن الصحف الليبيرالية والعلمانية المعروفة بكتابها المناوئين للجماعات الدينية تتسابق في ما بينها على توزيع مصاحف وكتب دينية كهدايا في رمضان طمعاً في زيادة التوزيع. وحتى « حزب الشعب الجمهوري » نفسه، الوريث الشرعي لأفكار أتاتورك وتوجهاته والقلق دائماً على علمانية تركيا، بادر الى انشاء خيم الإفطار الرمضانية ولو من باب التكافل الاجتماعي لا الديني، فيما تحرص بلدياته على احياء ليالي رمضان بفعاليات جماهيرية. وفي الوقت نفسه تفشل شركات السياحة في اجتذاب السياح الأتراك الى الشاطئ، حتى في ظل موجة الحر غير المسبوقة، وعلى رغم عرض حسومات تصل الى خمسين في المئة ولا تغفل الإفطار والسحور المجاني. يحاول الأستاذ علي أن يتذكر متى كانت المرة الأخيرة التي شاهد فيها برنامجاً عن الاتحاد الأوروبي أو قرأ مقالة عنه وعن أوضاعه الداخلية، فيما يلاحظ أن عدد البرامج التاريخية والحوارية عن العهد العثماني في ازدياد، حتى بات لكل قناة أو صحيفة زاوية عثمانية تتحدث بفخر واعتزاز عن تلك الحقبة التي كانت في رأي الأجداد المؤسسين للجمهورية من « الكماليين »، حقبة سيطر عليها التخلف والفساد خصوصاً عهد السلطان عبدالحميد الثاني ومن تلاه. وهذا ما دأب على تدريسه في المنهج المدرسي قبل أن يرى السلطان عبدالحميد يتحول في الإعلام الى رجل كاد أن يشفي بحنكته وإيمانه « الرجل المريض » العثماني. يدرك الأستاذ مرة أخرى أن شيئاً ما قد تغير. ليس الشعب التركي بالتأكيد. فلا تزال غالبية الشعب على تدينها، تصوم رمضان وتواظب على التراويح خصوصاً في الأناضول والقرى، كما ان البقية الباقية تجاهر بإفطارها تحميها القوانين وفضيلة التعايش. ولا يزال رمضان في تركيا بعيداً من تخفيض ساعات العمل أو تغيير مواعيده. لكن الذي تغير هو أن النظامين الاقتصادي والإعلامي أضطرا الى مواكبة المشاعر الدينية التي تتعاظم في رمضان والتي طالما تجاهلاها سابقاً، لعوامل ايديولوجية أو سياسية. لكن اليوم، ومع حكومة رجب طيب أردوغان ورفاقه التي تتحكم في السياسة والاقتصاد معاً، وتنمي من كان مهمشاً من المحافظين والمتدينين في الأناضول، فإن شروط الدعاية والإعلان على الأقل تفرض على الإعلام مادة بعينها تخاطب ذلك المشاهد الذي بات اليوم صاحب مال ونفوذ وحضور، شأنه شأن شهر رمضان الذي يجد لنفسه عاماً بعد عام مساحة أكبر وحضوراً أوضح في بلاد أتاتورك.  (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 سبتمبر 2010)

 


بلير يلحق ببوش رشقاً بالحذاء والبيض


قالت شبكة البث الوطنية الإيرلندية الشمالية “آر .تي .إي”، إن 3 أشخاص اعتقلوا بعد أن ألقى محتجون البيض والأحذية على رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير لدى وصوله لتوقيع نسخ من مذكراته في متجر لبيع الكتب في دبلن، أمس، ولم يبلغ عن وقوع إصابات، ولم تصب المقذوفات بلير . واشتبك بعض من الناشطين البالغ عددهم 200 الذين تجمعوا خارج إيسون، وهي مكتبة في شارع أوكونيل الرئيسي في دبلن، بالأيدي مع الشرطة عند حاجز أمني . وشددت إجراءات الأمن في مراسم توقيع بلير على سيرته الذاتية بسبب المعارضة من قبل جماعة قومية إيرلندية تعارض السيطرة البريطانية على إيرلندا الشمالية، ومعارضين لقرار بلير المشاركة في حرب العراق . وقال محتج إيرلندي مناهض للحرب يدعى ريتشارد بويد باريت “جئنا إلى هنا لكي لنتحدث باسم ضحايا سياسات بلير وحروبه . العدد الذي لا يحصى . . عشرات الآلاف من العراقيين والأفغان الذين قتلوا نتيجة للحروب التي شنها، والأكاذيب التي قالها للعالم، وبالطبع الشعب الفلسطيني الذي ما زال يعاني على يد “إسرائيل” . وتوني بلير بصفته مبعوثاً للشرق الأوسط لا يفعل شيئاً لكبح جماح أو معاقبة “إسرائيل” . . إنه في واقع الأمر يوفر غطاء لأعمال “إسرائيل” . .” . وكان بلير، موفد اللجنة الرباعية الدولية حول الشرق الأوسط، قد اعتبر أن هناك “فرصاً جيدة للتوصل إلى اتفاق” سلام بعد استئناف المفاوضات المباشرة بين “الإسرائيليين” والفلسطينيين، وذلك في مقابلة أمس . ورأى في مقابلته مع صحيفة “لوموند” “للمرة الأولى منذ سنوات، لدينا فرص جيدة للتوصل إلى اتفاق” . (رويترز  أ .ف .ب) (المصدر:موقع صحيفة الخليج بتاريخ 5 سبتمبر 2010)


ملكة بريطانيا ترفض منح بلير وسام شرف بسبب مذكراته


2010-09-05 لندن- تعتزم العاهلة البريطانية الملكة إليزابيث الثانية الامتناع عن منح رئيس الوزراء الأسبق توني بلير وسام شرف، بسبب انزعاجها مما أورده من تفاصيل في سيرته الذاتية (رحلة). وقالت صحيفة (صندي اكسبريس) الأحد إن الوسام، الذي يُعد أرفع تكريم من نوعه في اسكتلندا، كان من المقرر أن يحصل عليه بلير، لكن التفاصيل الشخصية والخاصة التي كشف عنها في مذكراته وخاصة ما يتعلق بموقف العائلة الملكية من وفاة الأميرة ديانا، سببت خيبة أمل عميقة للملكة. وأضافت إن الوسام يحصل عليه تلقائياً الزعماء من أصل اسكتلندي بعد ترك مناصبهم، لكن تردد الملكة في منحه لبلير من المؤكد أن يسبب حرجاً لرئيس الوزراء الأسبق خلال جولاته على المسرح العالمي، كما أنه يأتي بعد قيام متظاهرين مناهضين للحروب برشقه بالبيض والأحذية والزجاجات الفارغة خلال توقيع مذكراته في دبلن عاصمة جمهورية ايرلندا. ونسبت الصحيفة إلى هوغو فيكرز كاتب سيرة العائلة الملكية البريطانية قوله: لن يكون من قبيل المفاجأة على الإطلاق أن تتضاءل فرص بلير في الحصول على الوسام الاسكتلندي بسبب التلميحات المغرورة التي أوردها في سيرته الذاتية عن الملكة والعائلة الملكية. وأضاف فيكرز إن بلير يحاول بيع كتابه بالرغم من أنه كشف عن نفسه كشخص غير لبق، والملكة كما معروف تقوم بتكريم أي رئيس وزراء بريطاني تحترمه، كما فعلت حين كرّمت مارغريت ثاتشر بعد فترة وجيزة من ترك منصبها. وكان بلير انتقد في سيرته الذاتية تعامل العائلة الملكية البريطانية في البداية مع وفاة الأميرة ديانا بحادث سير في العاصمة الفرنسية باريس عام 1997، ووصفه بالغريب. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 05 سبتمبر  2010)


تزايد العنوسة في السعودية


أكدت دراسة سعودية أن عدد الفتيات العوانس في المملكة مرشح للتزايد من مليون ونصف المليون فتاة حاليا، إلى نحو أربعة ملايين فتاة في السنوات الخمس المقبلة. وحذرت نتائج دراسة -أجراها الدكتور علي الزهراني عضو التدريس في الجامعة الإسلامية لصالح جمعية أسرتي- من ارتفاع كبير في نسبة العنوسة في المملكة بوجه عام، والمدينة المنورة على وجه الخصوص.

وأشارت نتائج الدراسة إلى أن 18 ألف حالة طلاق وقعت العام الماضي مقابل ستين ألف عقد زواج، وهو ما يشير إلى أن نسبة فشل الزواج تصل إلى 30%. وخلصت الدراسة إلى أن الحلول المقترحة للتصدي لمشكلة العنوسة في مجتمع منطقة المدينة المنورة -غربي المملكة- تحديدا تكمن في تعديل الاتجاهات السلبية التي أصابت شخصية الإنسان في مجتمع المنطقة.

وهذه الاتجاهات تعني إصلاح وتعديل بعض العيوب والاتجاهات السلبية التي أصابت تركيبة شخصية الفرد، بفعل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي أصابت مجتمع المدينة المنورة بعد عصر الطفرة، وتعديل الاتجاهات التي يتبعها تغيير في السلوك، والتي لا بد وأن تشمل الشباب الذي يرغب في الزواج، والفتيات اللاتي ينتظرن الزواج، والأسر التي تسعى لتزويج أبنائها وبناتها.

واستنادًا إلى إحصاءات وزارة الخدمة الاجتماعية فإن نسب العنوسة في السعودية تجاوزت النسب الطبيعية، وقال الشيخ خالد الهميش المسؤول عن موقع زواج على شبكة الإنترنت « لدينا مليون وثمانمائة ألف فتاة لم تتزوج. وهن تجاوزن سن الثلاثين »، محذرًا من خطورة هذا الوضع، وقال إنه يجب معالجته.

وحذر علماء اجتماع من تنامي ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي، والتي تصل إلى أكثر من 25% من حالات الزواج، بزيادة عن المعدل العالمي الذي يراوح بين 18% و22%.

وتشير سجلات وزارة الخدمة الاجتماعية إلى وقوع أكثر من 25 ألف حالة طلاق في العام 2009، مقابل 120 ألف حالة زواج في العام ذاته. وسجلت دراسة لوحدة الأبحاث في مركز الدراسات الجامعية ارتفاعا في معدل الطلاق في السعودية من 25% إلى أكثر من 60% خلال السنوات العشرين الماضية. المصدر:يو بي آي (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 05 سبتمبر  2010)

 

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.