TUNISNEWS
8 ème année, N° 2867 du 30.03.2008
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: عشرات الشبان يحالون على القضاء بتهمة الإرهاب ..: و تخفيض بعض الأحكام..! الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: الإفراج عن طلبة سوسة : خطوة أخرى صغيرة ، و متأخرة .. في الإتّجاه الصحيح ..! الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: قاضي التحقيق يقرر عرض علي بن سالم على الفحص الطبي ..بعد 3 أشهر من سماعه .. و 7 سنوات من تقديمه للشكاية..! لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس:التحقيق مع السيد جمال الرحماني على خلفية قضية المحجبات في تونس طلبة:قانون الإرهاب و الطالب التونسيّ حفناوي بن عثمان: أخبــــــار الحوض المنجمي واس: جزيرة قطعاية التونسية الصباح: كواليس المشهد الحزبي الشرق الأوسط: مصادر فرنسية ترجح اختيار تونس مقراً للاتحاد المتوسطي صحيفة « الشرق »:اليابان تقرض تونس 93 مليون دولار سي أن أن :أسبوع حاسم في ملف الرهينتين النمساويين صلاح الدين الجورشي:مصيرُ النمساويـيْن وخلطةُ الحسابات الإقليمية عبدالباقي خليفة: انهيار الدولة في ظل حكم ديكتاتوري أخطر من إلقاء قنبلة ذرية على البلاد – بن علي وسياسة الأرض المحروقة محمـد العروسـي الهانـي:صورة عليسة حاضرة في الدينار وصورة الرمز الخالد غائبة في ذكريات مجيدة وأعياد وطنية خالدة في بلادنا توفيق المديني: هل أصبح تعديل الدستور بديلاً لبناء دولة القانون؟ منصف المرزوقي: ظلال على حقوق الانسان عبد اللطيف الفراتي : تنوع المكاييل صالح بشير: النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي بوصفه «دفعاً إلى الطبيعة» … فاتَنا صحيفة « مواطنون »:حواريّة بين الجدّ والهزل: قراءة لكتاب: » وصل المفصول في ما يبقى وما يزول » صحيفة « مواطنون »: ربيع قفصة 2008 تجذير لثقافة الزّرد صحيفة « مواطنون »: رأي:الهوية والدولة والديمقراطية جريدة « الصباح »:المناداة بهوية تونس القرطاجنية الفينيقية في الميزان جريدة « الصباح »:الطيب البكوش رئيس المعهد العربي لحقوق الانسان لـ »الصباح »:الحكومات العربية تتفاعل مع برامجنا الموجهة للشرطة والقضاة … جريدة « الصباح »:بين الطّالبي والشّرفي:«الحقيقة والمنهج»* أصل الإشكالية وطبيعة أبعادها المعرفية (1 من 2) موقع الجزيرة.نت :المغرب يضيق الخناق على الإسلاميين موقع إسلام أونلاين.نت: »المفتنون ».. رد « حضاري » على فتنة فيلدرز موقع إسلام أونلاين.نت:مفكر إسلامي فرنسي: « فتنة » سخافة لم تقنع الغربيين صحيفة « الراية »:حرب العلمانية الرجعية و الإسلام الديمقراطي ! صحيفة « الخليج »:تركيا.. الضحية والأغنية
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين
21- رضا عيسى
22- الصادق العكاري
23- هشام بنور
24- منير غيث
25- بشير رمضان
|
16- وحيد السرايري
17- بوراوي مخلوف
18- وصفي الزغلامي
19- عبدالباسط الصليعي
20- لطفي الداسي
|
11- كمال الغضبان
12- منير الحناشي
13- بشير اللواتي
14- محمد نجيب اللواتي
15- الشاذلي النقاش/.
|
6- منذر البجاوي
7- الياس بن رمضان
8- عبد النبي بن رابح
9- الهادي الغالي
10- حسين الغضبان
|
1- الصادق شورو
2- ابراهيم الدريدي
3- رضا البوكادي
4-نورالدين العرباوي
5- الكريم بعلوش
|
“ أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين “ “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 29 مارس 2008 كشف الحساب..لقضاء .. » يكافح الإرهاب « :
عشرات الشبان يحالون على القضاء بتهمة الإرهاب ..: و تخفيض بعض الأحكام..!
* نظرت الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي محرز الهمامي اليوم السبت 29 مارس في : * القضية عدد 15041 التي يحال فيها كل من : منير الوشتاتي و زياد المعموري و محمد العطوي و رمزي الرمضاني و صفوان العموري ( بحالة إيقاف ) ، و كل من كريم العرفاوي و الشاذلي اللموشي و شكري البوغديري و سامي الهويملي ( بحالة سراح ) ، و كل من ياسين الفرشيشي و رياض البرهومي و سامي الصيد و قيس المليتي و صفوان العياري و رضا اليحياوي ( بحالة فرار ) بتهم الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية و استعمال اسم و كلمة ورمز قصد التعريف بتنظيم إرهابي و الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية و الإنضمام إلى تنظيم اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و الإنضمام داخل تراب الجمهورية و خارجه إلى تنظيم إرهابي و استعمال تراب الجمهورية لانتداب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخله و خارجه و إعداد محل لاجتماع و إيواء أعضاء وفاق و أشخاص لهم علاقة بالجرائم الإرهابية و المشاركة في الإنضمام خارج تراب الجمهورية إلى تنظيم اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و تلقي تدريبات عسكرية خارج تراب الجمهورية بقصد ارتكاب جرائم إرهابية داخل تراب الجمهورية وخارجه ، و قد حضر للدفاع عنهم الأساتذة أنور أولاد علي و سمير بن عمر و شكري بلعيد و بعد المرافعات قرر القاضي حجز القضية للمفاوضة و التصريح بالحكم إثر الجلسة ، و كانت الجلسة السابقة ( يوم الإربعاء 26 مارس 2008 ) شهدت مشادة حادة بين القاضي و المتهم رمزي الرمضاني الذي توجه للسيد محرز الهمامي قائلا : » أنت مجرد أداة طيعة في يد أعوان أمن الدولة و قد حكمت علي بالسجن في قضية سابقة ظلما و بهتانا .. حسبي الله و نعم الوكيل .. » . * كما نظرت الدائرة الجنائية 13 بمحكمة الإستئناف بتونس برئاسة القاضي الطاهر اليفرني اليوم السبت29 مارس 2008 في : – القضية عدد 10901 التي يحال فيها كل من : أشرف التونسي ( بتهمة الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى تنظيم إرهابي اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و توفير متفجرات لفائدة تنظيم له علاقة بالجرائم الإرهابية ) ، و مهدي بالرايس ( بتهمة عدم إشعار السلط ذات النظر بما أمكن له الإطلاع عليه من أفعال و ما بلغ إليه من معلومات أو إرشادات حول ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية . و قد ترافع عنهما الأستاذ سمير ديلو علما أن الدائرة الثانية بالمحكمة الإبتدائية بتونس كانت أصدرت بتاريخ 06 ديسمبر 2007 حكما بسجن مهدي بالرايس مدة عام واحد و سجن أشرف التونسي مدة 10 سنوات مع إخضاع كل منهما للمراقبة الإدارية لمدة 5 سنوات . و قد قرر القاضي إثر المفاوضة إقرار الحكم الإبتدائي بحق مهدي و تخفيض الحكم بحق أشرف إلى 8 سنوات . – و القضية عدد 15127 التي يحال فيها كل من : جمال قدري و بلال الجلالي و الطاهر عاصي و منعم الرابحي و هشام المنافقي و محمد الصغير العمري و ماهر العمري و رياض العمري و رمزي البكاري و الجنيدي رابحي و الطاهر زويدي و رياض زويدي و سامي الربعاوي بموجب قانون 10 ديسمبر 2003 » لمكافحة الإرهاب » ، و قد حضر للدفاع عنهم الأساتذة رفيعة المديني و سعيدة العكرمي و سمير بن عمر و قد قرر القاضي النظر إثر المفاوضة في مطالب الإفراج و تحديد موعد الجلسة المقبلة . * وكانت الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي عبد الرزاق بن منا نظرت يوم الخميس 27 مارس 2008 في : – القضية عدد 14877 التي يحال فيها كل من : صابر الحامدي و رضوان الحمايدي و حيدر النصري و يسري الحامدي و مجدي الغربي و خليل البوخاري و جاسم الماكني و عبد الرؤوف فريد بموجب قانون 10 ديسمبر 2003 » لمكافحة الإرهاب » ، و تضمنت لائحة الإتهام تهم الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى تنظيم إرهابي اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و تلقي تدريبات عسكرية بالبلاد التونسية و خارجها بقصد ارتكاب جرائم إرهابية داخل تراب الجمهورية و استعمال تراب الجمهورية لانتداب و تدريب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخل تراب الجمهورية و توفير أسلحة و متفجرات و ذخيرة و غيرها من المواد و المعدات و التجهيزات المماثلة لفائدة تنظيم له علاقة بالجرائم الإرهابية ووضع خبرات على ذمة تنظيم له علاقة بالجرائم الإرهابية و توفير معلومات لفائدتهم بقصد المساعدة على ارتكاب جرائم إرهابية ، و قد حضر للدفاع عنهم الأساتذة عبد الفتاح مورو و أنور أولاد علي و و أنور القوصري و راضية النصراوي و عبد الرؤحمان كريم و نور الدين البحيري و سمير بن عمر ، و قد قرر القاضي إثر المفاوضة رفض مطالب الإفراج و تأجيل النظر في القضية لجلسة يوم 17 أفريل 2008 . – و القضية عدد 15127 التي يحال فيها كل من : جمال قدري و بلال الجلالي و الطاهر عاصي و منعم الرابحي و هشام المنافقي و محمد الصغير العمري و ماهر العمري و رياض العمري و رمزي البكاري و الجنيدي رابحي و الطاهر زويدي و رياض زويدي و سامي الربعاوي بموجب قانون 10 ديسمبر 2003 » لمكافحة الإرهاب » ، و قد حضر للدفاع عنهم الأساتذة رفيعة المديني و سعيدة العكرمي و سمير بن عمر و قرر القاضي إثر المفاوضة رفض مطالب الإفراج و تأجيلب النظر في القضية لجلسة يوم 24 أفريل 2008 . * كما نظرت الدائرة الجنائية الخامسة بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي التهامي الحافي يوم الخميس 27 مارس 2008 في : القضية عدد 15169 التي يحال فيها كل من : خالد الدريدي و حسين القماطي و نزار العسكري و كريم الخروبي ( بحالة إيقاف ) و حسن بوجنيح و الأمين الزياني و سالم الدريدي و العياشي الخالدي و سهيل الدريدي و بوبكر بن مغرم و عصام بن عيسى بتهم الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى تنظيم إرهابي اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و تلقي تدريبات عسكرية بالبلاد التونسية و خارجها بقصد ارتكاب جرائم إرهابية داخل تراب الجمهورية و استعمال تراب الجمهورية لانتداب و تدريب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخل تراب الجمهورية ، و قد حضر للدفاع عنهم الأساتذة سمير بن عمر و كلثوم الزاوي و حاتم بالأحمر . و قد قرر القاضي تأخير النظر في القضية لجلسة يوم 10 أفريل 2008 . * كما نظرت الدائرة الجنائية 12 بمحكمة الإستئناف بتونس برئاسة القاضي رضا الدرويش يوم الخميس 27 مارس 2008 في : * القضية عدد 10619 التي يحال فيها كل من : محمد الأمين الأطرش و طارق عيسى و الشاذلي محجوب و محمد وسيم بلحاج و غسان بوعمرين و نزار رزق الله ، بتهمة الانضمام إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و التبرع بأموال مع العلم بأن الغرض منها تمويل تنظيم له علاقة بالجرائم الإرهابية . علما بأنهم قد حوكموا ابتدائيا بـ 5 سنوات سجنا ، و قد كان رافع عنهم الأساتذة عبد الفتاح مورو و سمير بن عمر و راضية النصراوي و شكري بلعيد و ثريا بوحجر و سليمان الجلاصي بجلسة يوم 03 مارس 2008 غير أن هيئة المحكمة قررت حل المفاوضة للإطلاع على حكم جنائي له علاقة بالقضية ، و قد تمسك المحامون في جلسة اليوم بمرافعاتهم السابقة ، و قرر القاضي إثر المفاوضة تخفيض الأحكام بالسجن من 5 إلى 3 سنوات و حذف حكمي المراقبة الإدارية و الخطايا المالية . عن لجنة متابعة المحاكمات الكاتب العام للجمعية الأستاذ سمير ديلو
“ أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين “ “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 29 مارس 2008
الإفراج عن طلبة سوسة : خطوة أخرى صغيرة ، و متأخرة .. في الإتّجاه الصحيح ..!
علمت الجمعية أنه تم بعد ظهر اليوم السبت 29 مارس 2008 إطلاق سراح الطالبين السجينين رشيد عثماني وفوزي حميدات بعد أن تم بالأمس الإفراج عن كل من كريمة بوستة، وائل نوار، أحمد شاكر بن ضية، ومحمد أمين بن علي من السجن المدني بالمسعدين ، و الجمعية إذ تسجل بارتياح انتهاء المظلمة المسلطة على هؤلاء الطلبة الذين لم يرتكبوا أي جرم سوى اللجوء لأساليب احتجاجية ألفتها الحياة الجامعية طيلة عقود طويلة ، فهي تتوجه بالشكر لكل من سجل موقفا مشرفا في الدفاع عنهم و خاصة اللجنة الوطنية لمساندة طلبة سوسة . كما تجدد الجمعية التأكيد على أن التعامل الأمثل مع الشباب من الطلبة و التلاميذ هو الحوار لا المحاكمات الظالمة و الزنزانات المظلمة ..! عن الجمعية الرئيس الأستاذة سعيدة العكرمي
» أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين » « الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري »
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 30 مارس 2008
قاضي التحقيق يقرر عرض علي بن سالم على الفحص الطبي ..بعد 3 أشهر من سماعه .. و 7 سنوات من تقديمه للشكاية..!
وجه قاضي التحقيق العاشر بالمحكمة الإبتدائية بتونس يوم السبت 29 مارس 2008 الدعوة لشيخ الحقوقيين علي بن سالم لعرضه على الفحص الطبي بوصفه متضررا في القضية عدد 8696 ، و لم يصدر القاضي أي مكتوب في الغرض بل اكتفى بالإتصال بمحامييه الأستاذين سمير ديلو و شكري بلعيد ..،علما أن وقائع الشكوى ( كما تعرضت لها الجمعية في بيانها المؤرخ في 08 جانفي 2008 ) » تعود إلى يوم 26 أفريل 2000 بمناسبة توجه علي بن سالم ( 70 سنة إبّان الإعتداء ..! ) لزيارة الصحفي توفيق بن بريك ( الذي كان يخوض إضرابا عن الطعام ) فتم اعتراضه من قبل مجموعة من أعوان البوليس السياسي قاموا بالإعتداء عليه باللّكم و الضرب و طرحوه أرضا ثم قاموا بجره إلى مركز المنار 1 حيث قام أعوانه بقيادة رئيس المركز بتعنيفه و الدّوس عليه بالأقدام و تركه لمدة ساعات ملقى على الأرض دون أي إسعاف ( رغم إصابته في ضلوعه و رأسه و أسفل بطنه و تبوّله الدم ..) ، و بعد ساعات من الإغماء تم إلقاء علي بن سالم في مكان مقفر ( كرش الغابة ) حيث نقله بعض المواطنين إلى مستشفى شارل نيكول أين تلقى الإسعافات الأولية و سلمت له شهادة طبية تثبت الإضرار الحاصلة له في مستوى الجمجمة و الكتفين و الضلوع و توصي بإجراء تدخل جراحي عاجل في مستوى العمود الفقري » . و إذ سبق للجمعية أن أبدت في ذات الوقت ارتياحها لتعهد القضاء التونسي بقضية أخرى تهم التعذيب الذي تمسكت السلط دوما بإنكار وقوعه وأسفها لتأخر النظر في شكوى السيد علي بن سالم مدة ..7 سنوات .. ( مما جعل الأمم المتحدة تتدخل بعد معاينة تقاعس القضاء الوطني لتصدر لجنتها لمناهضة التعذيب القرار2005/269 بتاريخ 22 نوفمبر 2005 الذي قضى بأن ما تعرض له المتضرر يمثل خرقا للفصول 1 و 12 و 13 و 14 من اتفاقية مناهضة التعذيب و تدعو السلطات التونسية إلى تتبع المعتدين و إعلامها في ظرف 90 يوما بالإجراءات المتخذة في الغرض ) ، فإنها تجدد الدعوة لـ : – مقاومة ثقافة الإفلات من العقاب و فتح ملف كل الإنتهاكات و ممارسات التعذيب التي شهدتها عشرية التسعينات السوداء و محاكمات ما يسمى » مكافحة الإرهاب » . – تمكين السيد على بن سالم من حقه القانوني في العلاج بوصفه من قدماء المقاومين ضد الإحتلال الفرنسي ، و تعويضه عما لحقه من أضرار جراء القرار الظالم للوزير الأول لمنعه من بطاقة العلاج المجاني ( و هو القرار الذي أبطلته المحكمة الإدارية عدد 15652 ) ، كما تعبر الجمعية عن خشيتها من أن يكون هذا التحريك الفجئي ، و المتأخر ..، لملف السيد علي بن سالم مجرد حركة استباقية لمناقشة الملف التونسي أمام لجنة حقوق إنسان بجنيف يوم 08 أفريل 2008 ..! عن الجمعيـة الرئـــــــيس الأستاذة سعيدة العكرمي
بسم الله الرحمان الرحيم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تونس في30.03.2008
التحقيق مع السيد جمال الرحماني على خلفية قضية المحجبات في تونس
علمت لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس أنه تم الجمعة 28 مارس 2008 استدعاء المناضل السياسي والحقوقي وعضو الحزب الديمقراطي التقدمي السيد جمال الرحماني الي مقر فرقة الأمن المختصة وأيضا الى مقر فرقة الإرشاد بجهة سيدي بوزيد الواقعة بالجنوب الغربي للبلاد التونسية , عبر إتصال هاتفي يطلب منه الحضور وذلك على خلفية دفاعه عن المحجبات , وعند حضوره تواصل التحقيق معه ما يناهز الثلاث ساعات وطُلب منه الإلتزام الخطي بعدم الدفاع عن المحجبات وعدم التعاون مع لجنة الدفاع عن المحجبات وعدم الإتصال بأي من الحقوقيين أو السياسيين أو الإعلاميين للغرض المذكور فرفض الإمضاء على نص الشروط . وقام البوليس قبل ذلك بحملة تفتيش وبحث لمدة أسبوع قصد ترويع عائلته وأقاربه . ولجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تدين بشدة سياسة الترهيب والتهديد التى تعتمدها الجهات الأمنية تجاه السيد جمال الرحماني وتطالبها بالتوقف عن ملاحقته ومضايقة أهله وأقاربه , كما ترفض مجددا محاولاتها الرامية إلى الحؤول دون تعامل المواطنين مع اللجنة في متابعة الإنتهاكات التى تمارس ضد المواطنات المحجبات في تونس . تعبرعن إنشغالها لما يمكن أن تمثله هذه الرغبة لدى السلطات التونسية في التعتيم على التجاوزات التى ترتكبها بحق المرأة التونسية المحجبة من مقدمات لحملات أكثر شراسة وعدوانية ضد المحجبات وتحذرها من مغبة التمادي في هذا الطريق المسدود والسياسات المنتهكة للحريات الفردية التى لا تراعي حقوق المواطنات المحجبات التى يكفلها الدستور التونسي والمواثيق التى وقعت عليها السلطات الرسمية , وتحملها النتائج الكاملة لما يمكن أن يترتب عن ذلك . تطالب المنظمات والهيئات والشخصيات الحقوقية المحلية والعربية والدولية بالتدخل من أجل رفع المضايقات الأمنية التى يتعرض لها السيد جمال الرحماني وعائلته وأقاربه . عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس البريد : protecthijeb@yahoo.fr
بسم الله الرّحمان الرّحيم
قانون الإرهاب و الطالب التونسيّ
في الوقت الّذي تدّعي فيه الدولة فتح حوار شامل مع الشباب،و في الوقت الّذي يمنّي فيه الطالب التونسيّ النّفس بواقع أكثر إنفراجا، كان الأمر على العكس تماما فسياسة الملاحقة و الترهيب الأمني ظلّت الصورة الأكثر تواترا ضمن مشهد الحريّات في تونس ويبدو أنّ المقصود أنّ الحوار مع الشباب سيكون في مقرّات الأمن و الشرطة. فمنذ صدور ما يسمّى بقانون الإرهاب و الطالب التونسيّ خصوصا يعيش في جوّ مشحون عزّز حالة الخناق الّتي تشهدها البلاد ،و كان أن استُغلّ هذا القانون من طرف السلطة لإرغام كلّ شخص معارض لسياساتها لدخول بيت الطاعة. في هذا الإطار تعرّض الطالب زياد بومخلاء و المرسّم بكليّة العلوم بتونس إلى جملة من المضايقات الأمنيّة المتكرّرة كان آخرها إستدعاؤه يوم الإثنين الماضي 24 مارس 2008 لتحقيق بمنطقة الأمن بتطاوين،وجّه فيه له تهديدا رسميّا ككلّ مرّة بضرورة التخلّي عن نشاطه النقابيّ وخاصّة منه الدفاع عن المحجبّات. وأمام كلّ هذه الممارسات البولسيّة القمعيّة الهادفة إلى إخراس كلّ صوت حرّ و الإبقاء على حالة الموات الّتي تشهدها الجامعة التونسيّة منذ سنوات،نؤكد على: 1- رفض كلّ سياسات الترهيب الأمني الّتي تطال كلّ طالب تونسيّ. 2- حقّ كلّ طالب في النشاط النقابيّ باعتباره حقّ دستوريّ يكفله القانون. 3- دعوة كلّ الحقوقيين الشرفاء لتصدّي لكلّ هذه الممارسات الخارجة عن القانون. طلبة
أخبــــــار الحوض المنجمي
1– تجمع نقابي
بدعوة من لجنة التفاوض تجمّع عدد كبير من النقابيين والعاطلين عن العمل بمقر الإتحاد المحلي للشغل بالرديف صباح يوم 24 مارس 2008 وقد تدارس فيه الجميع الوضع الإجتماعي والنقابي في الجهة وبطء عملية التفاوض مع السّلط المحلية كما تم التّطرق إلى مسألة تجميد الأخ عدنان الحاجّي كاتب عام النقابة الأساسية للمعلّمين ،ويُذكر أن هذا التجمع كان حماسيا للغاية حيث رُفعت فيه شعارات مندّدة بتجاوزات الكاتب العام للإتحاد الجهوي بقفصة السّيد عمارة عبّاسي من قبيل « يا عمارة يا جبان المناضل لا يُهان» «النّضال من جديد حتّى يُرفع التّجميد»
2- لجنة نظام
وجّهت لجنة النظام الجهوية دعوة إلى الأخ عدنان الحاجّي لحضور الجلسة الختامية للجنة النظام وذلك يوم 25 مارس 2008 وبمجرد انتشار الخبر أصرّ مناضلوا الجهة على حشد كل الطّاقات للتوجه صباح اليوم المذكور إلى مقر الإتحاد الجهوي بقفصة ،حيث نُظّم تجمع حاشد بساحة الإتحاد الجهوي رُفعت فيه شعارات مندّدة بسلوكات عمارة العبّاسي وتجاوزاته لقوانين المنظمة ويّذكرأن الشعارالأبرز في هذا التجمع عبّرت عنه اللاّفتة التي رفعها مناضلو الرّديف « منخرطو الإتحاد العام التونسي للشغل بالرديف من أجل رفع التجميد على الأخ عدنان الحاجّي » .ويُذكر أن الكاتب العام الإتحاد الجهوي كان المتغيب الأبرز حيث ادّعى مسؤول النظام الداخلي الأخ محمد الصغيّر ميراوي بأنه بالعاصمة بينما ذكر شهود عيان أنه كان بالجهة وغير بعيد عن مقر الإتحاد؟ يُذكر كذلك أن قسم النظام الداخلي لم يستطع البتّ في قرار التجميد أو التراجع عنه على الرّغم من أن التهم الموجهة إلى الأخ عدنان الحاجّي كيدية وملفقة بل كانت بقرار سياسي من الوالي المخلوع وأمين عام التجمع كذلك تجدر الإشارة إلى خلو الملف من أي وثائق داعمة لما وصفه الكاتب العام للإتحاد الجهوي بالتجاوزات المتكررة إلا إذا استثنينا تقريرا لنقابتي المناجم يصفان فيه المناجم على سبيل المغالطة تعدّي نقابيي الجهة على مقر الإتحاد المحلي وفتحه للعاطلين وأصحاب الشهائد العليا كي يصبح مقرا للإعتصامات وإضرابات الجوع ونحن بدورنا نسأل عن جدوى دورالإتحاد إذا ما لم تنتصر لقضايا الشعب العادلة؟
3- مفاوضات
تولّى الأخ « بشير عبيدي » المفاوضات مع مسؤول النّظام الداخلي الجهوي بشأن ملف التجميد واقترح عليه رفع التجميد وإحالة الملف إلى لجنة النظام الوطنية باعتبار الإتحاد الجهوي طرفا في المشكل ولا يعقل أن يكون الخصم والحكم في نفس الوقت ويّذكر أنه أثناء المفاوضات تعرّض الأخ « عدنان الحاجي » في خطابه أمام النقابيين الموجودين في ساحة الإتحاد الجهوي إلى بطلان عقوبة التجميد ،بالإضافة إلى تجاوز لجنة النظام ذاتها لقوانين المنظمة :
* عدم دعوة الأخ عدنان الحاجّي إلى المثول أمام لجنة النظام وتمكينه من الدفاع عن نفسه.
* يُذكر أن هذه اللجنة بعثت بقرار العقوبة قبل مثول المعني بالأمر أمام اللجنة .
* إدّعاء مسؤول قسم النظام الدّاخلي للإتحاد العام التونسي للشغل الأخ « علي رمضان » بحل الإتحاد المحلي بالرديف نظرا لتجاوز مدّته القانونية.
* مطالبة نقابي الجهة بفتح تحقيق ومحاكمة رموز الفساد إبتداء بعمارة العباسي إذ لا يُعقل أن تكون لجنة النظام سيفا في يد الفاسدين يُسلّط على النقابيين الأحرار.
وانتهى التفاوض بقرار رفع الملف بعقوبته إلى لجنة النظام الوطنية
4- مضايقات
في صباح يوم 25 مارس 2008 شوهد عدد كبير من أعوان الأمن بالزّي المدني يراقبون تحركات المناضلين المتوجهين إلى قفصة بداية من مدينة الرّديف حيث أوقف أعوان الأمن معظم السّيارات في الطّريق والتثبت من هوية الرّاكبين وتسجيل أسمائهم بالإضافة إلى تسجيل الأرقام المنجمية للسيارات واستمر الأمر كذلك بمنطقة أم العرائس والمداخل المؤدية إلى قفصة وكذلك تجمع عدد غفير جدا من أعوان الأمن وعلى رأسهم مدير الإقليم ورئيس المنطقة لمحاصرة المناضلين بقر الإتحاد الجهوي بقفصة.
5- إن لم تستح فافعل ما شئت
تصرالسلط الجهوية بقفصة على الإستهتار بقضايا المواطنين وغضّ الطرف عن استفحال الأزمة الإجتماعية بالجهة نظرا لتفاقم الفقر والبطالة وغياب مشاريع التنمية البديلة ،وتقيم في هذه الوضعية التي يشوبها الإحتقان والغضب مهرجانا لطهي أضخم أكلة بركوكش في تونس كما يذكر أن هذه الظاهرة قوُبلت بسخرية المواطنين ولامبالاتهم حيث تساءل العديد : أليس من الأجدر أن توظّف ملايين الدينارات في حل مشاكل الشباب عوضا عن المهرجانات الفاشلة؟
6- مسؤولين
علمنا مُؤخرا بأن مصالح وزارة الداخلية والوزارة الأولى أقالت والي قفصة وكاتب عام لجنة التنسيق وقامت بنقلة كل من معتمد الرديف وأم العرائس والمتلوي والمضيلة نظرا لفشلهم في احتواء احتجاجات الحوض المنجمي ولكن يقي السؤال مشروعا : هل الحل في إقالة المسؤولين؟ نحن مع معاقبة رؤوس الفساد ولكن نحن أيضا مع الإصغاء لمطالب المحتجّين والتفكير في إيجاد حلول جذرية تُنهي مظاهر الأزمة رغم أننا مُتأكّدون من أن السلطة وفيّة لنهجها القديم في تهميش قضايا مواطنيها.
حفناوي بن عثمان
جزيرة قطعاية التونسية
تونس – (واس) – جزيرة // قطعاية // التونسية جزيرة حالمة تقع على بعد كيلومتر واحد من جزيرة جربة الشهيرة في الجنوب التونسي وتعد من أجمل جزر المتوسط بمناخها المعتدل ومناظرها الطبيعية الخلابة .. هذه الجزيرة معروضة للبيع مقابل 18 مليون دولار وفق إعلانات دأبت على نشرها بعض المواقع الإلكترونية والصحف غير أن المصادر الرسمية التونسية أكدت بشكل قاطع أن الجزيرة ملك عام للدولة وبالتالي لا يمكن بيعها . وقد كشفت مصادر صحفية تونسية مؤخرا أن مواطنا تونسيا يدعى ملكيته للجزيرة وذلك منذ حقبة الاستعمار الفرنسي غير انه نفى نية بيعها وأبدى رغبة فى تأجيرها لأحد المستثمرين الأجانب. (المصدر: وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 30 مارس 2008)
كواليس المشهد الحزبي
جمعها: صالح عطية البحث عن العضوية الكاملة لا يستبعد أن يحصل الحزب الاجتماعي التحرري على العضوية التامة ضمن الأممية الليبرالية التي يعدّ الحزب أحد أعضائها غير كاملي العضوية منذ فترة بعيدة.. وسيتم البتّ في هذا الموضوع، خلال المؤتمر القادم للأممية المقرر في شهر ماي من العام الجاري.. الجدير بالذكر، أن الشبكة الليبرالية العربية، التي تضم الأحزاب الليبرالية في العالم العربي، ستعقد مؤتمرها القادم في الصائفة المقبلة، ومن غير المستبعد أن تحتضنه تونس.. صحيفة جديدة يتهيأ حزب الخضر للتقدم، لإصدار صحيفة ناطقة باسم الحزب تقرر أن تحمل عنوان « الربيع »، تماشيا مع توجهات الحزب ذات المنحى البيئي.. ومن المتوقع أن تصدر الجريدة في غضون الأسابيع القليلة المقبلة.. لكن دورية صدورها لم تتحدد بعد، حيث لم تقرر قيادة الحزب ما إذا كانت ستصدر نصف شهرية أم أسبوعية.. ترشحات.. لم تتضح بعد اتجاهات الأمور صلب حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بخصوص المرشحين لمنصب الأمانة العامة، باستثناء عزم السيد إسماعيل بولحية، الأمين العام للحركة، على الترشح مجددا لهذا الموقع.. ورغم الأنباء التي تتردد عن إمكانية توفر منافس له ممثلا في شخص السيد الطيب المحسني، إلا أن الرجل لم يبد إلى الآن نية واضحة في ذلك.. لكن كواليس الحركة، تشير إلى توقف هذا الترشح على وفاق مسبق مع ما يعرف بـ « مجموعة مواعدة » التي باتت رقما مهما في معادلات الحركة، ليس من اليسير القفز عليه، وهو ما يدركه المحسني، وقد يكون يحرص عليه « خلسة ».. من داخل الـ «بي.دي.بي» أصدر السيد فتحي التوزري، عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي، نصا تلقت « الصباح » نسخة منه، تضمن تقييما للخطاب الرئاسي بمناسبة ذكرى عيدي الاستقلال والشباب.. واعتبر التوزري، أن كلمة رئيس الدولة، تحمل عناصر إيجابية وواعدة وبناءة تعمل بجاذبية الديمقراطية، على حدّ تعبيره.. وقال التوزري الذي يعدّ أحد عناصر المجموعة التي أصدرت قبل بضعة أشهر وثيقة سياسية حول سبل تطوير المشهد السياسي، أن العناصر التي تضمنها الخطاب الرئاسي، تندرج صلب الدعوات الملحة لدفع مسيرة الإصلاح السياسي التي تدعو إليها عديد الأطراف لحاجة البلاد لتحسين قدرتها للتكيف مع التحولات الجارية.. ولم يخف التوزري، كون الإجراءات الرئاسية المتعلقة بتوسيع إمكانيات الترشح لرئاسة الجمهورية، « تشكل انفتاحا حقيقيا على أحزاب كانت مقصية من هذه المشاركة، داعيا إلى التعامل مع هذا القرار بإيجابية مع هذا التوجه.. ولا تستبعد بعض الأوساط القريبة من مجموعة « التوزري ـ قوماني »، أن تصدر المجموعة نصا معمقا تقرأ فيه المشهد السياسي واستحقاقات المرحلة المقبلة، في ضوء التوجهات الجديدة للسلطة.. تـوقـعـات.. يتوقع المراقبون للحياة السياسية في بلادنا، أن يشهد تحالف 18 أكتوبر، تباينات كبيرة وجدلا واسعا، ربما بلغ درجة التناقضات بين بعض مكوناته، وذلك على خلفية تصريحات السيد نجيب الشابي، عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي، التي انتقد فيها أحد أطراف التحالف وطالبه بتحديد موقفه من الشروط التي حددتها الحكومة للترشح للانتخابات الرئاسية.. مجلس وطني قرر المكتب التنفيذي للاتحاد الديمقراطي الوحدوي، الذي يضم أعضاء المكتب السياسي والكتاب العامين لجامعات الحزب، عقد مجلسه الوطني في نهاية شهر أفريل المقبل.. وأوصى المكتب التنفيذي للحزب في أعقاب أشغاله التي استمرت لبضع ساعات، بضرورة التحرك الفعلي والجدّي استعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.. كما أوصى بضرورة متابعة استكمال البناء التنظيمي للحزب في جهات القيروان وزغوان وسليانة.. مبادرة وحدوية.. ما تزال التيارات الوحدوية والقومية في تونس، تتفاعل مع مبادرة الاتحاد الديمقراطي الوحدوي، التي كانت دعت إلى الحوار بين مختلف مكونات الحركة القومية والوحدوية في تونس… ولئن لم تبرز إلى الآن أنباء عما وصل إليه الحوار، إلا أن نية الحزب في توسيع دائرته لكي يشمل مختلف الأطراف والجهات المعنية بذلك، يؤشر لوجود نجاح لهذه المبادرة الأولى من نوعها في تونس منذ أكثر من خمسة عشر عاما.. ندوة غرامشي.. عقدت حركة التجديد يوم الجمعة، ندوة فكرية مهمة حول فكر غرامشي، حاضر فيه عدد من الأساتذة الجامعيين ومن المثقفين، ودار حوار ثري بين الحضور، تناول فكر الرجل وجوانب الاستفادة منه بالنسبة للمشهد الثقافي والسياسي في تونس. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 مارس 2008)
بسبب خلافات المغرب والجزائر و«الوضع الخاص» لليبيا
مصادر فرنسية ترجح اختيار تونس مقراً للاتحاد المتوسطي
باريس – ميشال أبو نجم قالت مصادر فرنسية رسمية إن باريس «لم تحسم بعد أمرها» بشأن العاصمة المتوسطية التي يفترض أن تستضيف أمانة «الاتحاد من أجل المتوسط». وحسب هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن باريس متمسكة بأمرين أساسيين: الأول أن يكون مقر الأمانة في عاصمة تقع على الضفة الجنوبية للمتوسط، والثاني، أن يحظى هذا الخيار بإجماع الدول المعنية. وكانت هذه المصادر تعلق على الخبر الذي نشرته مجلة «لو نوفيل أوبسرفاتور» الفرنسية أمس وجاء فيه أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، صاحب مشروع الاتحاد المتوسطي، اختار العاصمة التونسية لتكون مقرا للاتحاد. وحسب المجلة المذكورة، فإن ساركوزي يريد بذلك أن «يكافئ» الرئيس التونسي زين العابدين بن علي على الدعم الذي قدمه للمشروع وبسبب العلاقات القوية القائمة بين الأجهزة الأمنية في البلدين في محاربة الإرهاب. غير أن الأوساط الفرنسية التي وصفت «اختيار» تونس إذا تأكد، بـ«الذكي»، ردت ذلك إلى رغبة باريس في «تمييز» الدول المغاربية عن طريق منحها مقر الاتحاد. وقالت المصادر إن تونس وحدها «يمكن أن تكون موضع إجماع بسبب الخلافات المستمرة بين المغرب والجزائر والوضع الخاص لليبيا» التي لا يمكن أن تختار عاصمتها مقرا للاتحاد كما أن موريتانيا «ليست دولة متوسطية بالمعنى الجغرافي للكلمة». وبسبب هذه المعطيات، فإن تونس قد تكون هي المقر. وإضافة إلى عاصمة المقر، فإن السؤال سيطرح بخصوص رئاسة الاتحاد، إذ أن المشروع ينص على وجود رئيسين للاتحاد، واحد أوروبي والثاني متوسطي، أي عربي متوسطي. وإذا كان أمر الرئيس الأوروبي «محسوما» كونه سيعود للرئيس ساركوزي صاحب الفكرة والمروج الأول لها، فإن الرئاسة من الجانب الآخر «ستطرح مشكلة» يتعين العمل على حلها بـ«التفاهم والحوار»، حسب المصادر الفرنسية ذاتها. (المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 مارس 2008)
اليابان تقرض تونس 93 مليون دولار
تونس – وكالة الأنباء القطرية (قنا) – حصلت تونس من اليابان بموجب اتفاقيتين وقعتا بينهما على قرضين يبلغ حجمهما الاجمالي 836ر9 مليار ين نحو (93) مليون دولار امريكي سيخصصان لتمويل مشاريع تهدف الى مراقبة الفيضانات في تونس الكبري (ولايات تونس العاصمة واريانة ومنوبة وبن عروس) وإعادة تشجير مساحات غابية . وسيخصص القرض الأول الذي تبلغ قيمته 808ر6 مليار ين لتمويل مشروع لمراقبة الفيضانات في تونس الكبرى ويتمثل فى انجاز مشاريع بنية تحتية لتعديل مستوى المياه بين سبخة السيجومي(غربي تونس العاصمة) وقناة مليان وكذلك في غربي تونس الكبرى ويهدف الى الحد من اثار وانعكاسات الفيضانات بهذه المنطقة ويسهم في النهوض باطار عيش السكان وبالتنمية المستديمة للاقتصاد الجهوى. أما القرض الثاني وقيمته 128 ر3 مليار ين فسيخصص لتمويل مشروع يعد استمرارا للمشروع الاول للتصرف المندمج في الغابات الذى انتهت اشغاله عام 2007 والذى أتاح تشجير 7 آلاف هكتار الى جانب النهوض بالفي هكتار من المناطق الغابية . وبهذين القرضين يرتفع عدد القروض التي منحها اليابان لتونس منذ عام 1977 الى 35 قرضا لم تحدد قيمتها الا انه ذكر انها منحت بشروط تفضيلية . (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 30 مارس 2008)
أسبوع حاسم في ملف الرهينتين النمساويين
تقرير: عمار بن عزيز دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) — مع اقتراب موعد السادس من أبريل/نيسان، آخر مهلة منحها تنظيم « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي » للسلطات النمساوية، يكون ملف الرهينتين النمساويتين قد دخل أسبوعه الحاسم. ورغم أنّ تردي الوضع الأمني في شمال مالي، حيث قالت تقارير إنّ الرهينتين موجودان هناك، بسبب التوتر بين متمردي الطوارق وسلطات باماكو، إلا أنّ مصادر ومحليين توقعوا أن يتمّ إطلاق سراحهما مقابل « فدية » مالية. غموض مطالب الخاطفين وبعد أن أعلن التنظيم أنه اختطف الرهينتين وهما وولف غانغ ابنر وأندريا كلويبر، في تونس ومن ثمّ نقلهما خارجها، أعلن أنه قام بذلك « ردّا على العمليات الإسرائيلية في قطاع غزة » قبل أن يقول في بيان ثان وزّعه على وسائل إعلام جزائرية إنه مستعد لمبادلة الرهينتين « ببعض أسرانا المعتقلين لدى تونس والجزائر. » وقال المختص في متابعة التنظيمات المتشددة الجزائري عبد الحق بنوحة في تصريحات لـCNN بالعربية إنّ الخاطفين خاطبوا سفارة النمسا في الجزائر برسالة خطية تتضمن مطالب بالإفراج عن مجموعة من المسلحين الجزائريين الذين ينشطون ضمن تنظيم « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي » وأيضا مجموعة تونسية معتقلة في السجون التونسية بزعامة أحد الناشطين الذين أوقفوا في اشتباكات ديسمبر/كانون الأول 2006 بإحدى المدن القريبة من العاصمة تونس خلال اشتباك مسلح مع قوات الأمن. وقال إنّ من أبرز من طالب التنظيم بالإفراج عنهم « الأمير السابق للمنطقة الخامسة في التنظيم المسلح عماري صايفي المكنى « عبد الرزاق البارا » وكذلك « عبد الفتاح أبو بصير » واسمه الحقيقي بودربال فاتح وهو أمير سرية العاصمة، الذي كان يشغل أيضا في السابق منصب المسؤول عن العلاقات في تنظيم « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. » وقال خبير الأمن الفرنسي، ريشار ديلافوان، الذي سبق له العمل ضمن هيئات استخبارية غربية في البوسنة وأفغانستان، في تصريحات لـCNN بالعربية إنّ التنظيم يعلم جيدا أنّه « سيكون من المستحيل تلبية هذا المطلب لاسيما في تونس، وحتى في الجزائر، حيث انتهت مهلة الرئيس (بوتفليقة) التي منحها للمتشددين. » المال هو الأساس وأضاف « من دون شكّ فإنّ التنظيم أضاف الشرط إلى تنديده بالعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، لأنه ببساطة لا يمكنه وهو الذي يريد تقديم نفسه على أنّه تنظيم فكري عقائدي، أن يعلن أنه يريد المال. » وأوضح « أنا متأكد أنّ التنظيم يريد المال لأنّ الإجراءات التي أقرت مؤخرا في كل دول العالم حول حركة الأموال، أثّرت كثيرا في إمكانياته تماما مثلما أثّرت في تنظيم القاعدة نفسه وهو ما أكّده الرجل الثاني فيه أيمن الظواهري مؤخرا. » واللافت أنّ أزمة مشابهة جرت في المنطقة نفسها قبل خمس سنوات، ونفّذها الجزائري عبد الرزاق البارا انتهت بدفع ألمانيا فدية ناهزت خمسة ملايين يورو لإطلاق سراح 32 سائحا، أغلبهم من رعاياها. ويوافق المحلل التونسي المقيم في فرنسا منتصر الخبوشي في تصريحات لـCNN بالعربية إلى حد بعيد مع توقعات ديلافوان. وأضاف الخبوشي قوله « عموما فإنّ التنظيم حقق الهدف الإعلامي من العملية، ولو كان يريد هدفا أكبر من الذي حققه لقتل الرهينتين على الفور لاسيما أنّ الرواية المتوفرة تشير إلى أنّه قطع بهما عدة مئات من الكيلومترات لنقلهما من تونس. » وأوضح « لذلك فإنّ الهدف من دون شكّ هو المال. ليس هناك أدنى شك في ذلك، السؤال الذي يبقى هو من سيتكفل بإيصال المال وتنسيق عملية الإفراج. » وكانت تقارير، نفتها طرابلس لاحقا، أشارت إلى منظمة ليبية يرأسها نجل العقيد الليبي، تتوسط لإيجاد نهاية سعيدة للأزمة. الرهائن.. والتيه ومما زاد من الغموض حول الجهة التي ربما تتكفل بدور الوسيط، كونها مرتبطة أيضا بمكان وجود الرهينتين. فقد أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية النمساوية أن بلاده وسعت اتصالاتها مع دول المنطقة: « فهناك اتصالات من فيينا في المنطقة، على المستوى السياسي ومع مسؤولين حكوميين على غرار ليبيا. » ثمّ لم ينف السفير أنطون بروهاسكا، مبعوث السلطات النمساوية إلى باماكو عاصمة مالي، أن تطور المفاوضات مع خاطفي الرعيتين مرتبط بقدر كبير بتطورات الأحداث في الشمال بين المتمردين والحكومة المالية. ونقل عن بروهاسكا تفاؤله بعودة الهدوء إلى شمال كيدال في الساعات القليلة الماضية « للاستمرار في التفاوض دونما عوائق. » وأعلن بأن بلاده « لم تقطع الأمل بعد » و »تثق » في مالي للإفراج عن الرهينتين… نحن نثق في السلطات المالية للمساهمة في إطلاق الرهائن. » ووفقا للصحفي في قناة « العربية » التي تبث من دبي، التونسي محمد الهادي الحناشي، الذي قام مؤخرا بسلسلة تحقيقات في منطقة الساحل الأفريقي، فضلا عن تحقيقات سابقة له في أفغانستان، إبان حكم نظام طالبان، فإنّه لا يوجد أيّ تقرير دقيق بشأن مكان وجود الرهينتين. وفعلا فإنّ الصحف النمساوية نقلت عن والدة أندريا كلويبر « المختطفة » قولها إنّ « الرهينتين يحتجزان في منطقة حدودية بين شمال مالي والجزائر… لكن لا يوجد أي شيء يحدد الموقع بدقة. » وتعتقد أجهزة مخابرات أوروبية أن اشتعال فتيل التمرد، شمال مالي، مجددا بقيادة إبراهيم أغ باهنغا قد يكون ساعد في مغادرة الخاطفين لمواقعهم لمناطق صحراوية « قد تصل حتى داخل عمق التراب الجزائري. » لكن الحناشي، أضاف في تصريحات لـCNN بالعربية قوله إنّه يشكّ أصلا في كون الخاطفين نجحا في الوصول بالرهينتين إلى مالي أو النيجر أو حتى تشاد، حيث أنّ ذلك يستغرق زمنا طويلا يتعين خلاله قطع آلاف الكيلومترات، وهو ما لا يمكن تصديقه بالنظر لوعورة المنطقة. والغموض لا يكتنف مكان وجود الرهينتين فقط، وإنّما الظروف التي حفّت بعملية الاختطاف وكيفيتها ومكانها. الخاطفون؟ وقال تنظيم « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي » في بيان له، نقلته صحف جزائرية، إنّ عملية الاختطاف نفذها المدعو عبد الحميد أبو زيد واسمه الحقيقي حمادو عبيد وهو من مواليد 1965 بمنطقة زاوية العبيدية بدائرة تغرت ولاية ورقلة الجزائرية، وهو نائب أمير كتيبة « طارق بن زياد » أو ما يعرف إعلاميا بـ « كتيبة الصحراء » التي يقودها « عبد الحق أبو خباب » واسمه الحقيقي نقية محمد. وتقع ورقلة في أقصى الجنوب الشرقي للجزائر أي أنها مواجهة للحدود التونسية، لكنها بعيدة عنها كثيرا بالنظر لكبر مساحة الجزائر وصحرائها. وفي الوقت الذي بدت فيه بوادر أزمة صامتة بين تونس والجزائر بسبب نفي تونس أن تكون عملية الاختطاف قد جرت على أراضيها، قال وزير الداخلية الجزائري نور الدين يزيد زرهوني إنّ عملية الاختطاف جرت في تونس ولم تجر في الجزائر. غير أنّ ديلافوان قال « إنني أرى نفسي إلى جانب الرواية التونسية. التونسيون لم ينفوا أنّ السائحين دخلا البلاد ولكنهم أكّدوا أنه لا وجود لهما الآن في تونس. » وأوضح « تونس هي أكثر الدول التي تتمتع باستقرار أمني كبير. هي أفضل الدول أمنا ليس في المغرب العربي فقط وإنما في كثير من المناطق في العالم. كما أنّ مساحتها صغيرة بما يمكن السيطرة عليها. زد على ذلك أنّ الوجود الأمني مكثف جدا فيها. » ومن جهته، قال محمد الهادي الحناشي « الحدود الغربية لتونس مع الجزائر تمتد على أكثر من 1000 كلم، ومنذ أحداث (مدينة) سليمان في أواخر 2006، عزّز الأمن من وجوده على طول الحدود حيث تتولى فرق الأمن مراقبة الحدود في الشمال لمراقبة أنشطة التهريب والتسلل، فيما تمّ تكليف الجيش بالجزء الجنوبي المتاخم للصحراء الجزائرية والليبية، ويقوم الجيش بتنفيذ مهماته بكل صرامة بحيث من الصعب جدا أن يدخل شخص، ناهيك عن كونه متشددا، من دون علم الجيش، فما بالك بمجموعة أشخاص تختطف أناسا من داخل تونس وتغادر بهم بكل سهولة. » وأضاف « الجيش لا يسمح بمغادرة تونس إلا للأجانب السائحين فقط أو بطبيعة الحال لمن يبرر خروجه منها بوثائق رسمية لا يرقى إليها الشكّ. لذلك ففي اعتقادي أنّ السائحين كانا على متن سيارتهما ذات الدفع الرباعي وأنهما خرجا بصفة اعتيادية من تونس. » وعموما فإنّ الحادثة، أيا كانت نهايتها، تعيد إلى سطح النقاش، خطورة منطقة الصحراء والساحل الأفريقي في السنوات الأخيرة، لاسيما أنّ الحكومات لا تمارس سلطتها على أجزاء مترامية فيها. (المصدر: موقع سي أن أن بالعربية (دبي) بتاريخ 29 مارس 2008) الرابط: http://arabic.cnn.com/2008/middle_east/3/29/maghreb.austria/
مصيرُ النمساويـيْن وخلطةُ الحسابات الإقليمية
صلاح الدين الجورشي – تونس سواء نجحت السلطات النمساوية في إنقاذ السائحين المخطوفين أم لا، فإن هذه القضية قد زادت في حجم مخاطر استهداف تنظيم القاعدة للمصالح الحيوية التونسية. وبالرغم من أن الجهات الرسمية قد نفت بوضوح احتمال اختطاف السائحين من داخل التراب التونسي، فإن ذلك لم يقلل من احتمالات أن يجدد تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي محاولاته لتهديد الاستقرار الأمني والاقتصادي لتونس. تقاذفت كل من تونس والجزائر خلال الفترة الأخيرة المسؤولية عن اختطاف السائحين النمساويين قبل أكثر من شهر. فبعد إعلان تنظيم القاعدة مسؤوليته عن الاختطاف، مؤكدا بأن ذلك قد تم في تونس، سارع ناطق رسمي في تونس بنفي ذلك، مشيرا بأن العملية قد تكون تمت بعد مغادرة السائحين للتراب التونسي من جهة الجنوب، في إشارة إلى الجزائر. لكن وزير الداخلية الجزائري نور الدين زرهوني أعاد تأكيد ما سبق أن صرح به رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم قبل أيام حين قال بأن بلاده غير معنية بقضية النمساويين الذين لم يخطفا من داخل الجزائر ولا يوجدان على أرضها. مع ذلك، فالمؤكد أن السائحين دخلا إلى تونس عن طريق ميناء حلق الوادي، والذين اختطفوهما ينتميان إلى تنظيم جزائري مسلح. كما أن أي خلاف تونسي جزائري سيصب في صالح خصمهما المشترك. لا شك في أن تحديد مكان الاختطاف له دلالاته. فإن تم داخل التراب التونسي فذلك من شأنه أن يعيد الأسئلة التي سبق أن طرحتها جهات متعددة عندما انفجرت أحداث مدينة سليمان. وهي أسئلة لا تزال تنتظر أجوبة نهائية وواضحة، حول الكيفية التي تمت بها عمليات التسلل والتدريب وتهريب الأسلحة، وتشكيل التنظيم؟ أما الجانب الآخر من الفرضية، فيخص حماية الأجانب. وهو أمر نجحت فيه السلطات الأمنية التونسية إلى حد كبير منذ وقوع حادثة معبد « الغريبة » اليهودي بجزيرة جربة في 11 أبريل 2002، وأدت إلى مقتل عديد السواح الألمان والفرنسيين. وبما أن تونس تستقبل سنويا ما لا يقل عن خمسة ملايين سائح، فإنه يخشى أن يستغل أتباع تنظيم القاعدة أي خلل أمني لاصطياد بعض الأجانب، وتحويلهم إلى رهائن لمقايضة حكوماتهم. وفي نفس الوقت، يتم توجيه ضربة قاسية للاقتصاد التونسي من خلال محاولة تدمير القطاع السياحي مثلما حصل في مصر. « صراع مفتوح مع النظام التونسي » ما يلاحظ في هذا السياق أنه بالرغم من إبراز وسائل الإعلام الغربية والعربية لخارطة تونس كلما تعرضت لخبر السائحين المخطوفين، إلا أنه لم تتوفر مؤشرات تشير إلى إلغاء حجوزات مبرمجة من قبل وكالات الأسفار. ولعل ذلك يعود إلى أن السائحين النمساويين لم يتعرضا للخطف فيما يبدو من داخل فندق أو في فضاء عامر بالسكان، وإنما حصلا بعد توغل سيارتهما داخل الصحراء لممارسة هوايتهما المفضلة، وبالتالي هناك احتمال جدي بأنهما وقعا في منطقة يسيطر عليها عناصر تابعين لتنظيم القاعدة بعد تجاوز الحدود التونسية. المؤكد في هذا الصدد أنه يوجد أكثر من مؤشر يدعو إلى الاعتقاد بأن ما يسمى بتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي قد وضع على أجندته الدخول في صراع مفتوح مع النظام التونسي الذي يصفه بـ « النظام المرتد ». ولا يُعرف عدد التونسيين المنتمين لهذا التنظيم أو الذين لهم صلة بقادته، لكن الثابت أن هناك تنسيق قائم بين هذا التنظيم وبعض « الخلايا النائمة » الموجودة بتونس أو التي يشكلها تونسيون يقيمون في دول أخرى. ولا تُعرف الأسباب التي جعلت تنظيم القاعدة عموما، وفرعه المغاربي خصوصا، يتجنب توظيف أحداث مدينة سليمان ويجيرها لصالحه، إلا أن وبعد اختطاف السائحين النمساويين، تمت المطالبة بإطلاق سراح عدد من المعتقلين زعم هذا التنظيم بأنهم من رجاله أو أنصاره. وهي المرة الأولى التي تحاول جهة مسلحة ممارسة الضغط على النظام التونسي لمقايضته على معتقلين بالسجون المحلية. وكان واضحا بأن السلطات التونسية لن تفاوض في هذا الشأن، حتى لو طلبت منها ذلك حكومة صديقة مثل الحكومة النمساوية. فذلك من شأنه أن يعرض السياسة الأمنية التونسية للإرباك والابتزاز. وإذ لا تزال أسماء المساجين المطلوب الإفراج عنهم لم تحدد بعد بصفة نهائية، غير أنه لا يستبعد في أن يندرج ذلك ضمن الحرب النفسية التي أراد تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي أن يشنها على النظام التونسي. وما يخشاه البعض هو أن يؤثر ذلك على مصير الشاب المحكوم عليه بالإعدام، صابر الرقوبي (24 عاما)، في ما يسمى بقضية أحداث مدينة سليمان. إذ بالرغم من أن الرئيس بن علي قد أكد في خطابه الأخير موقفه من مسألة تنفيذ عقوبة الإعدام، وامتناعه عن الإذن بذلك بما لديه من صلاحيات دستورية، وذلك بـ « إبدال عقوبة الإعدام بعقاب آخر »؛ وهو ما تم في حالات عديدة، وأضاف « كلما سمحت الظروف الموضوعية التي تأخذ في الاعتبار حقوق الضحايا ومشاعرهم وتأثيرات العامل الزمني والحالة الجزائية والاجتماعية للمحكوم عليهم ». وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى مقتل ضابط في الجيش ومسؤول أمني خلال الاشتباكات، غير أن ملف المحكوم عليه بالإعدام – حسبما يؤكده المحامون – جاء خاليا من أي دليل يحمله ولو جزئيا مسؤولية المشاركة الفعلية في القتل. مخاوف من التجاذب بين واشنطن والجماعات المسلحة مؤشر آخر يجب أخذه بعين الاعتبار هو أن هذا التنظيم الجزائري المسلح الذي يمر بصراعات داخلية، يحاول منذ أن غير اسمه توسيع دائرة عملياته حتى يكتسب مقومات المنظمة الإقليمية، وحتى يعوض خسائره داخل الجزائر. وهو ما يفرض عليه تنزيع مصادر استقطاب عناصره، ومناوشة بقية حكومات المنطقة، بدء من موريتانيا وصولا إلى تونس. أما بالنسبة لليبيا، فالمفاوضات الجارية بين سيف الإسلام والجماعة السلفية الليبية التي يوجد معظم أعضائها بالسجون، قد وضعتها ليبيا خارج منطقة العمليات. يضاف إلى ذلك ما يمكن أن تقوم به مؤسسة القذافي من وساطات مع حكومات غبية من أجل إطلاق سراح رهائن محتملين. كذلك يعمل تنظيم القاعدة على استدراج الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إقامة قاعدة عسكرية بمنطقة شمال إفريقيا. وهو ما تسعى إليه إدارة بوش منذ أشهر، وترفض الاستجابة له بعض الحكومات وفي مقدمتها الحكومة الجزائرية، خوفا من أن يزيد ذلك من المخاطر ويضعف من سيادة الدول. وفي المقابل يعتقد قادة تنظيم « القاعدة » بأن ذلك من شأنه أن يخلق بؤرة صراع جديدة مع أمريكا، ويساعد على استنزافها عسكريا، في حين أن الإدارة الأمريكية ترغب في استثمار ما تثيره القاعدة من مخاوف وتهديدات أمنية لتدعم وجودها في إفريقيا عموما، وبالأخص بمنطقة المغرب العربي. وحالة التجاذب هذه بين واشنطن والجماعات المسلحة تثير مخاوف الحكومات الأوروبية، نظرا لحجم مصالحها في منطقة شمال إفريقيا، إلى جانب خشيتها من تزايد حضور وتدخل أمريكا في شؤون هذه المنطقة، سعيا منها للوصول إلى النفط الجزائري وخلق حالة تنافس عسكري واقتصادي مع دول جنوب أوروبا التي تربطها أكثر من علاقة استراتيجية مع حكومات المغرب العربي. في ضوء ما تقدم، فإن مصير السائحين النمساويين سيكون مهما بقطع النظر عما يبدو على السطح من محاولات التهرب من المسؤولية. ومن هنا، فإن قيام ليبيا بأي دور في هذا السياق سترحب به حكومات عديدة، لأنه في صورة تعرض الرهينيتين لأي خطر، فإن ذلك ستكون له تداعيات على أكثر من صعيد وعلى أكثر من بلد. (المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 29 مارس 2008)
انهيار الدولة في ظل حكم ديكتاتوري أخطر من إلقاء قنبلة ذرية على البلاد بن علي وسياسة الأرض المحروقة
عبدالباقي خليفة (*) لا يعرف ما إذا كان المستثمرون الأجانب وأسرة الطرابلسي قد هيأوا أنفسهم لما بعد بن علي ،وما إذا كانوا أخذوا العبرة مما جرى لآل السادات ، كما فعل آل الأسد ويستعد لذلك آل مبارك ، ويصححوا خطأ تاريخيا وقع فيه بورقيبة بإلغاء الملكية وإقامة ( الجمهورية ) أو يبقوا على ( الجمهورية ) بنية عودة الملكية أو العكس ،أي أن تستمر الملكية باسم الجمهورية كما عهدناها في عهد بورقيبة وبن علي ولكن بشكل أكثر وضوحا . ما يقوم به أصهار بن علي ورموز الفساد في تونس يدل على أنهم أعدوا العدة لما بعد بن علي ، فالاستيلاء على ممتلكات الدولة والمواطنين والمحميات التابعة لليونسكو وغير ذلك يعزز مخاوف التوريث في تونس ،لا سيما وأن بن علي بلغ 72 سنة . وأريد في هذا المقال أن أحقق سبق صحفي على المستوى الوطني ، وأرجو من الزملاء والمتابعين أن يذكروا لي ذلك عندما يحين الوقت ، ونحن في يوم الأحد 30 مارس 2008 م . والسبق الذي أزعمه بعدما فاتني بل فأجأني قرار تغيير الدستور وقانون الانتخابات لعام 2009 م ،هو أن بن علي سيغير الدستور في الموعد الانتخابي القادم 2014 م إذا بقي على قيد الحياة إلى ذلك الحين ، ليتمكن من الحكم مدة 5 سنوات أخرى . وحتى أجعل لنفسي مخرجا من أي مفاجآت أشير إلى أن بن علي قد يسمي أحد المقربين منه جدا رئيسا للبلاد في حالة عدم الترشح في الموعد الذي يلي 2009 م . وذلك لحماية انجازاته الاقتصادية ، لآل الطرابلسي وبقية الآل . فقد لازمت لعبة تغيير الدستور كل الموعيد الانتخابية ، وستكون مفاجأة 2014 م تغيير الدستور ليصبح بامكان رؤساء الاحزاب والمدراء العامين وربما أي مواطن حتى لو كان مستقلا الترشح بدون أي شروط لتمرير التلاعب . ومع ذلك فالأمر لا يخرج عن تغيير الدستور ليستمر بن علي في الحكم ،أو يوضع أحد المقربين في » أهم منصب في الدولة » كما يقول المفتون السياسيون والحقوقيون للنظام. أسوق ذلك لسبيين،الأول لتواتر الأنباء حول الهجمة التي يقوم بها الأصهار على الممتكات العامة والخاصة و التابعة لليونسكو في قرطاج وسيدي بوسعيد وغيرها ، في خريف عمر بن علي ، والله وحده أعلم بما تم تهريبه للخارج ، والثاني بمناسبة حديث الحوار مع الشباب في وقت تتبلور فيه سياسة معارضة تبشر بالخير وتوحي بنضج النخب والاحزاب السياسية المعارضة وأعني ،الجادة، فبعد حسم الاسلاميين الموقف من مبدأ دولة المؤسسات وحكم المؤسسات بقطع النظر عمن يحكم ، بدأت الكثير من الأحزاب والحركات السياسية المعارضة » الجادة » ترسخ هذا المفهوم وتؤسس للتعايش مع الاختلاف ،والتسليم بانتهاج الآليات الديمقراطية في العمل السياسي ،وفي مقدمة ذلك ، الحزب الاشتراكي التقدمي ، الذي برهن بما لا يدع مجالا للشك على أنه بلغ ذروة النضج في هذا المجال . كما أثلج صدري رد المناضلة الكبيرة سهام بن سدرين على سؤال للصحفي التونسي ( 2 ) في قناة » الحوار « يوم السبت 29 مارس ،حول موقفها في حال وضعت بين خيار النظام الحاكم والاسلاميين ، سواء كان راشد الغنوشي ، أوغيره وفق تعبيره ، فقالت » لا يهمني الأشخاص ، تهمني دولة المؤسسات ، أن لا يكون فرد واحد يحكمنا » ( 2 ) . هذا المستوى من الوعي لم يكن موجودا في وقت مضى . وكانت مقولة أن » النظام أقرب إلينا من الاسلاميين » وأن » النظام قد يسجننا وأن الاسلاميين سيقتلوننا » لا أساس لها من الصحة .وقد كنت من ضحايا هذه المقولة التي جعلت الكثيرين يتنكرون لمبادئهم ،ويلقون بأنفسهم في أحضان النظام لحماية أنفسهم من الاسلاميين !!!. وهي حالة مرضية على كل حال ، تختزل درجة الهلع والهول في مخيلاتهم ، والتي لا تستند لأي تفكير علمي بل هي إفراز لتصوراتهم الذهنية وقراءاتهم الذاتية لمقولات الاسلاميين .ولو أنهم نزلوا للميدان وحاوروا الاسلاميين لوصلوا للنتيجة التي وصل إليها الكثيرون أيضا ،دون إغراق في التسميات . في حين حجبتهم تلك التصورات التي تعكس الرعب الناتج عن التفسيرات النظرية ، أو المستندة لوقائع تم إنزالها في غير موضعها ،عن إدراك مدى تخلف الثقافة السياسية للنظام الحاكم ،وما أدت إليه من كوارث على المستوى الانساني وعلى مستوى النسيج الاجتماعي وعلى مستقبل التعايش الفكري والثقافي والسياسي في تونس . وغاب عن أولئك بأن الاسلاميين » قدر » لا يمكن تجاوزه ولا يمكن إخراجه من المعادلة وهو طوق النجاة للمعارضة الجادة ، وللنظام الحاكم لو أراد ، لكنه لا يريد ، كما أن للاسلاميين شروطهم حتى لا يلدغوا من نفس الجحر مرتين ، فهم لن يعقدوا صفقة مع النظام دون اشراك المعارضة ، ولن يعقدوا صفقة مع النظام دون استراتيجية وطنية لاخراج البلاد من الديكتاتورية ومن حكم الفرد ولو بعد حين . والذين يتحالفون مع النظام لا يدركون ولا يريدون أن يعرفوا أن طريقهم محفوف بالمخاطر، فانهيار الدولة في ظل حكم ديكتاتوري أخطر من إلقاء قنبلة نووية في البلاد . انظروا ما حصل في يوغسلافيا السابقة بعد حكم تيتو الفردي الديكتاتوري ، وانظروا ما حصل في العراق بعد نظام حكم استبدادي ، بل إن أفغانستان أثناء الغزو السوفياتي وأثناء الغزو الاميركي ما كان لها أن تتعرض لما تعرضت له لولا شمولية الشيوعيين ثم شمولية طالبان فيما بعد . وكلا النظامين أصر على الحكم المنفرد وقاد البلاد إلى التهلكة . وكما ترون تعددت اسباب الانهيارات والكوارث ولكن السبب واحد هو الديكتاتورية ، فهل يتعلم اليساريون الدرس من كارمل ويتعلم الاسلاميون ، وأقصد فيئة بعينها ،من الملا عمر . وأعتقد جازما وموقنا بأن الاسلاميين في تونس تعلموا الدرس ،وأرجو أن لا يتعلم الآخرون الدرس بعد أن ينزل المثال بتونس ، لا قدر الله . ولا شك فإن بن علي يتبع منذ وصوله إلى السلطة سياسة الأرض المحروقة ، وما يسمى بحوار الشباب إمعانا في هذ الطريق ،ويؤكد بأن الرجل لا يزال يهرب للامام ، ولكن بغير الصورة الكاريكاتورية التي صوره بها أحد ( مثقفي النظام ) الذي قال على قناة تونس 7 أن بن علي ( فصع ) على الادارة » وقال » بن علي هرب على الادارة ، والادارة تجري وراه » وقد قاطعه المذيع ،وعندما احتج على ذلك قال له » هاك قلت بن علي هارب … » هؤلاء من يرسمون سياسات تونس … وهؤلاء من يتحالف معهم من يعتبرون أنفسهم مثقفين للتصدي للاسلاميين . وخلاصة القول هو أن لا أمن ولا استقرار ولا تنمية ،بما تعني الكلمة من معنى ،بدون مصالحة تونسية ، وهو ما لم يرد على لسان أي من رموز النظام الحاكم ، فضلا أن يكون قد صدر على لسان الجنرال بن علي ، بينوشيه تونس في القرن 21 . ومع ذلك فلا تزال لبن علي فرصة لتصيح مسار سجله في تاريخ تونس ، ف 72 سنة كافية ليكفر عن جرائمه ،وليفكر في مستقبل التعايش السياسي والفكري في تونس ، لتقطع الأجيال مع تاريخ القطيعة والمقاطعة والاستئصال والتناحر الداخلي ، فغالبا ما سبقت الرصاصة الكلمة وطالما سبقت الرصاصة المحاضرة وكثيرا ما سبقت الرصاصة القرار . والمصالحة التي ندعو إليها هي المصالحة مع الشعب ،والمصالحة مع الاحزاب ،والمصالحة مع المجتمع والشباب.وأن تكون المصالحة حقيقية ،فليس من مصلحة أي تونسي تعكير الاجواء في بلده ،أو اضطهاد مواطنيه مهما اختلف معهم . كما أن المنابر الوطنية كالاذاعة والتلفزة إذا أريد لها النجاح وكسب الشعبية أن تفتح لكل مكونات الشعب التونسي ،بدل أن تكون شعبة من الشعب الدستورية التابعة للنظام الحاكم ،ومعلوما موقف الشعب من تلك الشعب . والقرار بيد بن علي ،فإما أن يغير من نهجه ويكون فخرا لكل التونسيين وأجيالهم القادمة .أوتصيبه لعنة التاريخ ويلعنه اللاعنون إلى الأبد.إنه في الثانية والسبعين من العمر ،ساق في القبر وأخرى خارجه كما يقول التونسيون . (*) صحافي تونسي (1) هو الزميل صالح ( لا أذكر الآن لقبه ) (2) لست متأكدا من النقل الحرفي لكلامها (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 30 مارس 2008)
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين الرسالة رقم 427 على موقع الحق والحرية الحلقة الثالثة والأخيرةلا تأجل مقال اليوم إلى الغد بقلـم : محمـد العروسـي الهانـي مناضل – كاتب في الشأن الوطني والعربي والإسلامي حقائق يجب الإصداع بها بصراحة ووضوح دون نفاق ورياء:
صورة عليسة حاضرة في الدينار وصورة الرمز الخالد غائبة في ذكريات مجيدة وأعياد وطنية خالدة في بلادنا
أشرت في الحلقات السابقة إلى المحطات التاريخية الهامة التي حدثت في شهر مارس على امتداد 74 عام من 2 مارس 1934 مؤتمر قصر هلال التاريخي الذي حقق أهدافه ونجح القائد المصمم في هندسة الحصول على الاستقلال. وبعدها بـ11 سنة جاءت محطة الهجرة يوم 26/3/1945 إلى المشرق لدعم القضية الوطنية والتعريف بها في العالم وغامر الزعيم بحياته في هذه الرحلة الشاقة المثيرة وبعد بـ11 سنة جاء التتويج والنصر والاستقلال التام يوم 20 مارس 1956. وبعد بخمسة أيام جاء موعد أول انتخابات تشريعية في تونس بعد الحصول على الاستقلال بخمسة أيام وهي من حنكة وقدرة وعبقرية الزعيم المهندس لبناء تونس فهل يوجد في العالم اليوم من حقق الاستقلال وبعد 5 أيام يخوض حزب الاستقلال انتخابات تشريعية لأول مرة في تاريخ البلاد اعتقد ان تجربة تونس فريدة وعبقرية زعيمها فريدة هذا المجلس التأسيسي هو الذي اعد المشاريع والقوانين وهو أيضا الذي صاغ دستور البلاد في غرة جوان 1959 أول دستور في العالم العربي تقدمي وفي جلسة ممتازة تاريخية يوم 25 جويلية 1957 اجتمع المجلس التأسيسي وقرر إلغاء النظام الملكي وأعلن النظام الجمهوري في بلادنا لأول مرة منذ عقود وكانت تونس منسية… وانتخب بالإجماع الزعيم الحبيب بورقيبة رئيسا للجمهورية فهل استحضر مجلس النواب يوم الثلاثاء 25 مارس 2008 عند عقد جلسة هامة بقصر باردو. هل استحضر هذا اليوم الخالد وهل وقف نواب المجلس دقيقة صمت ترحما على أرواح المؤسسين للمجلس حتى تصبح تقاليد حميدة في تونس الغد أو ما يزعمون ويقولون جمهورية الغد المستمدة ثوابتها وأصولها من مبادئ 25/3/1956. ومن ثوابت 25/7/1957 ومن دستور غرة جوان 1959 كان على المجلس الموقر أن يتذكر هذه الأيام الخالدة وخاصة أنه اجتمع يوم الذكرى الخالدة بالذات…؟؟؟ قبل أسبوع احتفلنا بعيد الاستقلال الوطني 20 مارس ولكن مع الأسف لم نشاهد حركية كبرى ومظاهر الزينة والأعلام والأشرطة المتنوعة حتى أمام ساحة الحكومة يوم المولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم والذي يصادف عيد الاستقلال الوطني والأعلام واللافتات ضئيلة جدا بالمقارنة…؟؟؟ وأمام مقرات الوزارات معالم البهجة والزينة متواضعة أو تكاد عادية ولم تمثل حتى 10 % من معالم الزينة التي تسبق إحياء ذكرى 7 نوفمبر بأسبوعين. وقد نشاهد أمام مقرات الوزارات انواع من الأشرطة والصور والأعلام والزينة على كل الألوان. وأمام وزارة التكنولوجيا الاتصال الزينة تغطي كل البناية الشاهقة في هذه الذكرى لماذا في عيد الاستقلال تجاهلت وتغافلت الوزارة وغيرها على إكساء البناية بالأعلام والأشرطة أليس العيد وطني وهام وذات دلالات ومعاني، أم ماذا…؟ ولماذا لا نعطي قيمة لهذا العيد الوطني كما يجب؟؟؟ أما في الساحة الكبرى أمام وزارة الأخبار سابقا بالقرب من تمثال العلامة عبد الرحمان بن خلدون نلاحظ صورة كبرى عالية تبرز صورة الرئيس زين العابدين بن علي بعنوان الوفاء لرجل الوفاء – نعم شعار هام ولكن لا ننسى أن الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة هو الرئيس الأول للجمهورية وهذا ما جاء في بيان السابع من نوفمبر 1987 على لسان الرئيس زين العابدين بن علي فجر السابع من نوفمبر 1987. وعندما زار الرئيس الزعيم الراحل إلى مقر إقامته بالمنستير عام 1989 قال بورقيبة لابنه البار أنا الرئيس الأول وأنت الرئيس الثاني. وأكد ذلك مرة أخرى في قصر قرطاج عندما زاره بعد التحول. لماذا تجاهلت بلدية العاصمة تعليق صورة كبرى لرجل الوفاء وصاحب الوفاء للتاريخ والشعب. وفي دار التجمع بشارع محمد الخامس بالعاصمة تجد صورتين كبيرتين للرئيس بن علي وغابت صورة مؤسس الحزب عام 1934 وباني الدولة 1956. ومؤسس النظام الجمهوري عام 1957 ومحرر المرأة عام 1956 وبطل الجلاء عامك 1963 وقائد الجهادين ورمز الجلاء الزراعي عام 1964. وقد استحضرت وأنا أشاهد الصورة الكبرى بساحة شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة وفي بهو دار التجمع الحزب الوريث لحزب التحرير وقلت بصوت عالي والله الاتحاد العام التونسي للشغل على صواب وعلى حق وهو وجدير بكل تنويه وشكر وتقدير وإكبار على خط الوفاء الدائم والتقدير الكامل لزعماء الاتحاد فقد حافظ الاتحاد عبر كل قياداته منذ عام 1920 إلى اليوم طيلة 78 سنة مازال الاتحاد محافظ على تاريخ زعمائه وفي كل نوادي الاتحاد على الصعيدين المركزي والجهوي. وفي كل الجامعات والنقابات والمقرات الجهوية والمحلية للاتحاد العام التونسي للشغل يحافظ على صور الشهيد الزعيم فرحات حشاد والاخوة قادة الاتحاد محمد علي الحامي وأحمد التليلي والحبيب عاشور ورحمهم الله وصورهم بارزة خالدة. أما في نوادينا التابعة لحزب التحرير فقد غابت صورة الزعيم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة وغابت كل المحطات التاريخية لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فهل من استفاقة للضمير الوطني والعقل البشري أم ماذا يا ترى… وقال الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم: « اكرموا عزيز قوم ذل… » قال الله تعالى : » هل جزاء الإحسان إلا الإحسان » صدق الله العظيم محمـد العـروسـي الهانـي الهاتف : 22.022.354
هل أصبح تعديل الدستور بديلاً لبناء دولة القانون؟
توفيق المديني (*) شهدت عدة بلدان عربية تعديلات دستورية خلال السنوات العشر الماضية، وليس آخرها التعديل الدستوري الاستثنائي الذي أذن به الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في خطابه يوم 20 آذار (مارس) بمناسبة الذكرى الـ52 للاستقلال، والذي ينص على تعديل الفقرة الثالثة من الفصل 40 من الدستور بطريقة ستسمح للرؤساء والأمناء العامين لأحزاب سياسية عديدين بالترشح للانتخابات الرئاسية االمقبلة سنة 2009. وميزة الإصلاح الانتخابي الجديد أنه انفتح على الأحزاب غير البرلمانية ولم يشترط برلمانية الحزب السياسي حتى تتمكّن هذه الأحزاب من ترشيحها قياداتها للموعد المذكور. ويهدف تشريع التعديلات الدستورية التي قامت بها الحكومات العربية إلى المحافظة على ثابتة في التاريخ السياسي العربي المعاصر، التي لا تزال سارية حتى الآن، ألا وهي خدمة مصالح أوليغارشية، متعطشة إلى النفوذ والامتيازات، وساعية باستمرار إلى تحقيق المنافع والبقاء في الحكم. ماذا تعني التعديلات الدستورية التي جرت في عدة بلدان عربية؟ من وجهة نظر ديموقراطية محايدة، تتناقض هذه التعديلات الدستورية مع إرساء دعائم الحكم الدستوري ودولة الحق والقانون. ففي دولة الحق والقانون، تعتبر الرقابة القضائية (controle (judiciare وسيلة أساسية لحماية «دولة القانون»، وضمان تحققها. كما إن تقوية استقلالية السلطة القضائية من شأنها صيانة «دولة القانون» وفرض احترامها. فالدستور، بما هو ضبط لقواعد ممارسة السلطة، يصبح ضامناً للحقوق والحريات، عبر إفراده أحكاماً خاصة بها، وتنصيصه على الوسائل الكفيلة بصيانة ممارستها وجعلها في منأى عن تعسّف السلطة وشطط ممارسيها، ولا سيما لجهة تعديله. لذلك، لا تقاس ديموقراطية الدساتير بمدى إقرارها للحقوق والحريات فحسب، بل تتحدد أيضاً بدرجة حرصها على تأكيد الشرعية الدستورية، أي جعل ما هو مدرج في باب الحقوق والحريات محترماً على صعيد التطبيق والممارسة. إن ميزة الدستور الديموقراطي أنه يضمن الحقوق والحريات وينزلها منزلة الأحكام الخاصة بتنظيم السلطة والعلاقة بين المؤسسات. وإذا كان إقرار الحقوق والحريات في الوثيقة الدستورية أمراً إيجابياً وخطوةً مهمةً على سبيل الاعتراف بها، فهل تكفي الدسترة لجعل منظومة الحقوق في منأى عن الشطط في استعمال السلطة؟ إن الدسترة في ذاتها لا تكفي لجعل الحقوق والحريات مضمونة ومصونة، بل لا بد من مصاحبتها بضمانات تكفل لذويها القدرة على التمتع بها. ومن هذه الضمانات: 1ــ تكوين المحكمة الدستورية التي تنظر في دستورية القوانين التي تعلنها الحكومة، وتراقبها، باعتبار ذلك شرطاً ضرورياً لدولة القانون. 2ــ استقلالية السلطة القضائية، التي تفسح في المجال للقضاء الدستوري ليكون متمتعاً، كما هي الحال في الدول الديموقراطية العريقة، بمكانة مركزية، وتسهم في ضمان «التوازنات الدستورية»، وحماية الحقوق والحريات، وحماية الدستور نفسه من التوظيف السياسي له من جانب السلطة التنفيذية وتجييره لخدمة أهدافها السياسية والطبقية الخ. ثم إن وجود قضاء مستقل ونزيه يحفظ للدستور علويّته وسموّه على النصوص الأخرى كلها، ويجعل أحكامه سارية على الأفراد والجماعات، وعلى رئيس السلطة التنفيذية. 3ــ الإقرار بمبدأ التداول السلمي للسلطة، تلك العملية التي تسمح للشيء بحلول بديل محله، ويجعل الشخص يعقب نظيره في المسؤولية، والإدارة، والقيادة. فمنطق التداول على السلطة يرفض الجمود، والديمومة، وبالتالي الرئاسة مدى الحياة. وبالمقابل، فهو يحبذ التجديد في الأشخاص، والأحزاب، والأفكار، والممارسات السياسية. وهذا ما نلمسه بدقة في الدول الديموقراطية العريقة، التي تتمتع بثقافة تداول عريقة، أصبحت جزءاً لا يتجزّأ من النسيج المجتمعي والثقافي للمجتمع. لذلك تأسست ثقافة التداول في الدول التي تأصّلت فيها الظاهرة، واستقرت، وانتظمت في التجربة على قاعدة الاعتراف بشرعية الاختلاف، الذي يكفله وجود أغلبية ومعارضة، ويضمنه الحوار المتبادل، وتصونه إرادة المواطن الحرة والمسؤولة في حسم اختياره والدفاع عن نتائجه، وتحمّل تبعاته. فبمقدار ما للأغلبية من مشروعية التوجيه، والقيادة والإدارة، بالقدر نفسه للأقلّية حقّ المساهمة في الملاحظة، والنقد والتعبير عن الرأي الحر… الذي أعطى للتداول السلمي على السلطة شرعية الوجود، وحتمية التحقيق والإنجاز، لكون الحوار بين الأغلبية والمعارضة موجوداً، ومطلوباً، ومستنداً على قواعد محددة لعب التاريخ والتسويات والتوافق دوراً مركزياً في إقرارها وتكريسها على صعيد الممارسة. 4ــ ففي البلدان التي توجد فيها ديموقراطية تعددية، تجرى انتخابات حرّة ونزيهة بشكل دوري ومنتظم بواسطة الاقتراع العام. ولهذا، نرى فيها تداولاً سلمياً على السلطة، جرّاء تحقق توافق بين الفاعلين السياسيين حول سير المؤسسات وطريقة عملها، بما في ذلك السياسة الداخلية والخارجية، وضمان ديمومة استمرار دولة القانون أولاً، ووجود حياة حزبية مستقرة، منتظمة، ومؤسسة على ثقافة المشاركة. فهناك تلازم بين الحياة الحزبية السليمة والعملية الديموقراطية، باعتبار ذلك تعبيراً عن التداول السلمي على السلطة، ثانياً. وفضلاً عن ذلك، فإن فكرة الديموقراطية لا تترسخ في النظام السياسي المعاصر، ولا سيما في البلدان المتخلّفة مثل البلدان العربية، إلا من خلال تفعيل العمل الحزبي وتقويته وتطويره، في أوساط الشعوب العربية، الذي من المفترض أن تنتج السياسة في صلبها، ذلك أن الأداء الحزبي، المنتظم، والمستقر، والمؤسس على روح المنافسة، يصقل الديموقراطية ويعمّق الوعي بها، ثالثاً. إذا كانت هذه الضمانات تشكل مرجعية حقيقية لبناء دولة القانون، فإننا نفتقر اليها في العالم العربي، حيث إن الدولة السائدة بالمعنى الفعلي لا تستند إلى مرجعية الثقافة الديموقراطية والدستورية، التي تعطي حيّزاً واضحاً للقانون لكي يسري على الجميع. بيد أن الأجهزة الأمنية لا تزال تستعمل القانون بحرية مطلقة، بقصد تحقيق انصياع الأفراد والأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني له، من دون أن تخضع هي في ذلك لأية ضوابط أو قواعد سامية، إذ تضع نفسها فوق القانون. فالدولة الأمنية تتحقق حين تكون السلطة الأمنية قادرة، بطريقة تقديرية وحرية مطلقة، على جعل المواطنين خاضعين للإجراءات التي تراها ضرورية لمواجهة الظروف وتحقيق الأهداف المتوخّاة من قبل النظام السياسي. لذلك، تنهض الدولة الأمنية، وفق هذا المعنى، على «حسن فعل الأمير»، حيث لا وجود لأي تقييد قانوني لعمل السلطة، ولا حماية فعلية للمواطنين إزاء هذه الأخيرة. بيد أن دولة القانون، وهذا ما يميّزها عن الدولة الأمنية، لا تعتبر القانون مجرد وسيلة عمل للدولة، بل أداة لتقييد سلطتها، فهي بتعبير كاري دومالبرغ «تهدف إلى حماية المواطنين والدفاع عنهم ضد تحكم واستبداد سلطات الدولة». لقد تفاقم تدهور وضع الحريات في العالم العربي إلى حد كبير منذ مطلع التسعينات. فحقوق الإنسان التي تدّعي السلطات العربية حمايتها ليست سوى وهم. والتعذيب شائع، إذ يقبع مئات السجناء السياسيين في سجون مكتظة، ويتعرّض المعارضون السياسيون، حتى الأكثر تساهلاً بينهم، لشتى أنواع المضايقات. ولا وجود لحرية الرأي والصحافة والتجمّع والتظاهر. الإضرابات ممنوعة وهامش الحريات النقابية ضئيل جداً، لا بل معدوم، ولا سيما في القطاع الخاص. ويتعرّض عامة الناس، وخصوصاً الشبّان، لقمع مستمر على يد رجال الشرطة: تطويق الأحياء والمدن، المراقبة، التوقيفات العشوائية، مداهمة الشوارع والمقاهي، خشونة واستبداد في الإدارات العامة… كل الوسائل مسموحة بهدف إخضاع الناس، وإقناعهم بأن الحكومات العربية القائمة هي حكومات ثابتة لا تتغيّر، والمخرج الوحيد هو في التواطؤ، من خلال الإذعان، مع شرطة موجودة في كل مكان ومطلقة الصلاحية. العبودية هي القاعدة السائدة. حتى إن التصرف والتفكير بطريقة مستقلة أصبحا محفوفين بالمخاطر. اختفى حسّ المواطنية التي يبدو أنها مجرد سراب بعيد المنال. لقد أصبحت دسترة الحقوق والحريات ظاهرة عالمية، حيث أخذت جميع الدساتير، بما فيها الدول التي تأخّرت في تبنّي فكرة الدستور، بالنصّ إما في بيانات ملحقة، أو في ديباجة الدستور وصلبه على الحقوق والحريات المنوطة بالإنسان، لاعتبارات خاصة بقيمة الدستور ومكانته في البنيان القانوني والمؤسسي للدولة العصرية، ولأن ديموقراطية هذه الأخيرة ومشروعيّتها أصبحتا تقاسان بمدى احترامهما لمنظومة الحقوق والحريات على صعيد الممارسة، وليس على مستوى النصّ في الوثيقة الدستورية. هكذا، لا تنحصر قيمة مبدأ تدرّج القوانين في تصدّر الدستور رأس الهرم ووجوب أن تكون القواعد الأدنى درجة منه منسجمة مع روحه فحسب، بل إن التدرج، علاوة، على ذلك يحمي الحريات ويحافظ عليها. لذلك، لم يكتف العديد من الدساتير بإقرار قائمة الحقوق والحريات، بل ألزم المشرّع وباقي السلطات، عبر جملة من الأحكام، باحترام الحقوق الأساسية. (*) كاتب تونسي (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 مارس 2008)
بقلم: منصف المرزوقي هذا النص ليس تقييما، فالأمرلا يجوز إلا لمؤرخي القرون المقبلة. هو شهادة قد تكون من بين موادهم المستعملة للرد على سؤال: هل فشلت حركة حقوق الإنسان التي انطلقت منتصف القرن العشرين وعلى مستوى العالم، في تحقيق أهدافها؟ وبما أنه شهادة على تجربة فلا بد من التذكير بهذه الأخيرة -حيث تلعب دور المراجع في مقالة علمية- للتدليل على أنه لي بعض الحق المعنوي في إصدار الأحكام على حركة ساهمت بقسط متواضع فيها. تجربة طويلة مكنتني من استكشاف الطيف الذي يشكل الحركة: آلاف القضايا الفردية وكبرى المشاكل العامة على الصعيد المحلي والعالمي….الجمعيات من أصغرها إلى كبرى المنظمات الدولية… العمل شبه السري في القرى والمؤتمرات الدولية في الفنادق الفخمة…. ما يدور وراء الستار وكل أنواع البشر الذين يتحركون وراءه…. دورات التدريب أتعلّم و أعلم…عذاب الزنزانات النتنة و نشوة الجوائز العالمية. والآن أجدني بعد كل هذه السنوات أمام جملة من السلبيات والإخفاقات هي التي ستحرك » حقوق الإنسان » في اتجاه أو آخر… نحو مزيد من المرض أو مزيد من المناعة. في البداية ما هذا الشيء الذي نحكم عليه؟ لنقل أننا أمام فكر وممارسة. أما الفكر فمرجعيته الأساسية –بجذور عميقة في الثقافات الكبرى- هي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر 1948 وبقية المعاهدات التي صاغتها الأمم المحدة طوال النصف قرن الأخير. إنه فكر قانوني تشريعي لكن بفلسفة ضمنية: – الشخص هو الممثل الشرعي والوحيد للإنسانية، أو أنه الإنسانية متجسدة في فرد. -هو – وليس الشعب أو الأمة، أو العرق والدين، حجر الرحى لأنه منبع كل هذه التشكيلات. – الشروط الضرورية لاكتمال انسانيته إعمال جملة من الحقوق الفردية والسياسية والاقتصادية الاجتماعية. أما الممارسة فتجنيد التشريع والتربية والسياسة بالوسائل السلمية من قبل المؤسسات الإجتماعية خاصة الدولة للهدف الستراتيجي أي توفير الحقوق لجميع البشر دون تمييز. هذا ما يجعل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هوفي الواقع المشروع العالمي لتحقيق الإنسان * كيف عامل الواقع الفظ هذه الأطروحات الجميلة والمشاريع الطموحة؟ في نوفمبر المنصرم دعيت من قبل جامعة جورجتاون بواشنطن للمشاركة في يوم عن تونس وبرمجت لي الجهة الداعية مواعيد منها لقاء مع المسؤول عن حقوق الإنسان….في البيت الأبيض. طبعا رفضت هذا » الشرف » لأن فكرة منصب كهذا في مكان كالبيت الأبيض، الذي خطط فيه لحرب تسببت في تشريد أربعة ملايين عراقي بدا لي قمة السريالية….ناهيك عن بلاهة الشكوى لرجل ضالع، بالفعل أو بعدم الاستقالة، في معرّة جوانتانامو. من من العرب لا يشعر اليوم بالقرف من كلمة الديمقراطية خاصة عندما ينطقها بوش؟ الغريب أن تواصل الإدارة الأمريكية إصدار تقريرها السنوي عن حقوق الإنسان في العالم موزعة علامات الرضى والاستنكار فتزيح هذه الدولة من المنصب الأسوأ كما، فعلت مع الصين هذه السنة، وتضع روسيا وسوريا في المكان الذي تحدده هي على سلم الانتهاكات، متناسية ان فاقد الشيء لا يعطيه. هذا الموقف الذي نرى فيه دولة ارتكبت قوانتاناموا وتمارس الإعدام على أوسع نطاق وترفض الالتزام بالقانون الدولي لا يضرب للأسف فقط مصداقية الدولة المنتهكة وإنما أيضا القيم التي تدعي هذه الدولة الدفاع عنها. لقائل أن يقول ما ذنب الحركة في كل هذا؟ فاستحواذ العدو على السلاح العقائدي الذي يحارب به، تقنية سياسية قديمة كالتاريخ. بالطبع نحن لا نلوم وإنما نلاحظ سهولة الإستيلاء على الكلمات والتشويش على قيمها مما يضربها في الصميم. * لكن الاهتراء ليس دوما بفعل العدو وحده. فالاتهامات التي تسوقها الدكتاتوريات العربية بأن منظمات حقوق الإنسان « دكاكين » تعيش بالتمويل الخارجي و تعجّ بالطامحين للسلطة الخ..معروفة الغرض. لكنها ليست خالية تماما من الصحة. نعم هناك أيضا » بزنس » حقوق إنسان،و صراعات على السلطة والوجاهة والشهرة في قيادة منظمات حقوقية لا تقل قسوة وقذارة عن الصراعات داخل الأحزاب…وهناك انتهازية كالتي تمثلت في قبول قيادي الرابطة التونسية وزارات في الدكتاتورية، ومنهم من مات في منصبه،وهم ساكتون عن التعذيب الذي حاربوه على رأس المنظمة.كل هذا بالطبع بجانب وجود مناضلين شرفاء. هنا لا يجب أن يفهم أنني أقسم إلى أخيار أشرار، موحيا بأنني أنتمي للصنف الأول.كلا. فالشرخ يمرّ داخل كل شخص ونتيجة الصراع بين خدمة القيم واستعمالها،لا تحسم إلا عند احتداد الخوف أو الطمع. وكل خيار ليس نهائيا. كم رأيت من أناس سقطو، ثم نهضوا،وكم رأيت من مناضلين حقيقيين خانوا في الربع ساعة الأخيرة. الثابت أن الدخول في منظمة حقوقية، كما هو الحال عند دخول الأديرة،لا يعني استعدادات فطرية للقداسة أوآلية تحقيقها، فداخلها تجد العينات التي تجدها في أي تجمع كالأحزاب أو…مراكز الشرطة حتى عربية. المشكلة أن الشرطة ليست بحاجة للسلطة المعنوية لفرض مفاهيمها،بينما لا تملك منظمات حقوق الإنسان إلا هذا النوع منها، و قوامها الأخلاق، لأنها هي التي تعطي الحق في إصدار أحكام أخلاقية بالأساس،أي تمثيل الضمير الجماعي. أي ضغط معنوي يمكن أن تمارسه جمعيات على أنظمة خبيثة والحال أن مخابراتها على أتم الاطلاع بالصراعات الداخلية ( التي تغذيها) وبالعفن الممكن استغلاله أحسن استغلال؟ بالطبع هناك تفاوت في الأمر بين منظمة العفو الدولي » و جمعيات افريقية أو عربية مخترقة و انفصلت عن الجمعية الأم لخصومات على الزعامة والتمويل. المضحك أنه، حتى هذه الأخيرة مصدر إزعاج لاستبداد لا يعيش إلا بالتكتم والتدجيل. ما يوجع في بياناتها ليست كلمات » ندين بشدة ونشجب ونستنكر ونطالب » وهي كصكوك بلا رصيد، وإنما المعلومات ذاتها….أي أن تأثير الحركة مستمد لا من قيمها وقيمتها…وإنما من قوة الإعلام. ربما سيقتصر الدور في المستقبل على أن تكون منظمات حقوق الإنسان مجرد وكالات إعلامية مختصة وهذا لا يكفي للأسف لتقدم مشروع تحقيق الإنسان. ثالث نواقص الحركة: مشاركتها في تعميق أزمة السياسة. هذه الأخيرة تعيش تفاقم أزمتها مما يجعلها اليوم في الدكتاتورية مجرد إكراه يواجه بالنفور والخوف، وفي الديمقراطيات مجرد إدارة تواجه بالاستخفاف والتحقير. كل هذا لأنها نزفت في كل مكان تقريبا من الهيبة والمصداقية ومن جزءها الأساسي: السلطة المعنوية، في الدكتاتورية بالشراسة والفساد وانهيار صورة أصحاب القرار…في الديمقراطية بالشعبوية والديماغوجية والتزلف للرأي العام عبر وسائل الإعلام. لقد أصبحت هذه الأخيرة هي التي تحيي وتميت سياسين، سلموا بعجزهم تجاهها واصبحوا تحت سيطرة آليات يفترض أنها من بين أدواتهم لتحقيق غايات سياسية نبيلة. لهذا تراجعت سلطة السياسة حتى في الدكتاتوريات، وبما أن الطبيعة لا تحب الفراغ فقد تقدمت لمارسة السلطة قوى أخرى غير التي تتحرك على السطخ مثل المخابرات و الشركات العالمية وكارتيلات الجريمة المنظمة والتنظيمات الدينية ووسائل الإعلام…وما بقي من الفتات لمنظمات المجتمع المدني.كل هذا دون أدنى تحمل مسؤولية تجاه أحد باستثناء نفسها لأن هذه السلطات مجهولة الدور والخطورة…والمتهم دوما سياسيين أفلسوا. وقد ساهمت حركة حقوق الإنسان في إطلاق النار على موكب الدفن. طبعا من واجبها الأول فضح موبقات السياسة، لكن إشاعة الفكرة أن العمل السياسي،والمقصود به الحزبي » مدنس »، بجانب الطهارة المفترضة للحقوقي أمر له تبعات ليست كلها إيجابية حتى من منظور الهدف الذي حددته حركة حقوق الإنسان لنفسها. وهم آخر اشاعته الحركة وهو أنه بوسع التقارير والاحتجاجات وقف التعذيب والحال أن ما يوقفه هو استبدال وزير داخلية الاستبداد بوزير داخلية الديمقراطية وهذا شيء تحققه السياسة بمفهومها الحزبي لا حقوق الإنسان قل من ينتبه داخل الحركة أن « حقوق الإنسان » بما هي إدانة لنوع من السلطة ومحاولة لتغييرها وصراع عليها داخل التنظيم نفسه، سياسة من الألف إلى الياء. لكن هذا الجزء من السياسة لا يعالج إلا أعراض أمراض السلطة لكنها لا تعالج سببه أي النظام الاستبدادي. بل بالعكس هي ترسخه بالتوجه إليه،ومن ثمة بالاعتراف بشرعيته، والحال أن مثل هذه الإنظمة للاقتلاع فقط كالحشائش المضرة، وهذا من مشمولات السياسي الذي تترفع عليه الحركة. يجب أن نفهم جميعا ونحن في أوج انحطاط السياسة، أننا بأمس الحاجة لعودتها، حيث لا يوجد غيرها لتصور الخيارات الكبرى وتنفيذ السياسات التي تجعل حقوق الإنسان مشاريع للتحقيق لا منادب ومناحات و تغليب المصلحة العامة على المصالح الفئوية وخاصة توضيح المسؤوليات. قناعتي اليوم أن « حقوق الإنسان » إن بقيت حبيسة التنظيمات الحقوقية فستكون مثل الماء حبيس علب الصفيح أي ستتعفن والحل خروج الماء منها ليجري في كل التنظيمات وخاصة الأحزاب. بالطبع لست مع حزب سياسي حقوقي لكن مع ضخ فكر حقوق الإنسان في أكبر قدر ممكن من الحركات السياسية، حزاب ونقابات، وآنذاك سيمكن معالجة الأسباب وليس فقط الأعراض. أخيرا وليس آخرا رغم تشدق الجميع بأن حقوق الإنسان الفردية، والسياسية، والاقتصادية الاجتماعية، وحدة صماء تكمّل بعضها البعض، ولا أولوية لنوع على آخر، فالواقع هو التركيزأساسا على مناهضة التعذيب والإعدام والمطالبة بحرية الرأي والعقيدة والتنقل والانتخاب والحق في محاكمات عادلة… كأنه لا يوجد في الإعلان إلا البنود 5 و9 و18 و19 و20 و21. إن عدم وجود منظمة بحجم العفو الدولي للدفاع عن الحق في الصحة ( البند 25) أوحق العمل وحق التعليم والحق في الثقافة، ليس من قبيل الصدفة، وليس نتيجة ضغط المشاكل السياسية، أو الاعتقاد حل قضية الحريات يؤدي بالضرورة لتحسن الحقوق الاقتصادية الاجتماعية. كلا، السبب مرتبط بتكوين الحركة أساسا من مثقفي الطبقة الوسطى حققوا حاجياتهم الاقتصادية، لكنهم يواجهون بنظام استبدادي يمنعهم من الحريات التي ينعم بها نظرائهم في البلدان الديمقراطية. نحن أمام « حركة ثلث حقوق الإنسان » أو « حركة الحقوق السياسية للإنسان » وللتدقيق أكثر « حركة الطبقة الوسطى لحقوقها السياسية ». وللإسقاط المتعمد أو غير الواعي للحقوق الاقتصادية تأثيرين كبيرين: الأول أن التركيز على موبقات الدكتاتورية ينسي دور الشركات العالمية في قتل الملايين، مثل شركات التبغ، أو في حرمانهم من دواء في متناول الجميع، كشركات الأدوية العملاقة، أو ارتهان قوت الشعوب بالتحكم في سوق البذور.والثاني عدم النفاذ لعمق المجتمع فالجماهير ليست بالغباء التي تتصوره النخب. لذلك تتعامل مع الحركة باللامبالاة لأنها لا ترى فيها نجاة تبحث عنها في تنظيمات أقرب لمشاغلها. وفي الختام ماذا يبقى ؟ طبعا الإنجازات العظيمة كبلورة قيم مشتركة على الصعيد العالمي، وتنامي الوعي بإن للإنسان حقوق وليس واجبات فقط، والضغط على الاستبداد، وانخراط ملايين من الناس الطيبين في كتابة الرسائل البسيطة ذات الدلالة الكبيرة، وظهور جمعيات مدنية فاعلة ناهيك عن الآليات الدولية الواعدة. كل هذا مكتسبات لا يحق لأحد الاستهانة بها أو التنقيص من قيمتها. لكن لا يجب أيضا أن نبالغ في تقدير قدرتها أو الاكتفاء بها وحدها، أو تناسي ما فيها من حدود وعيوب وإلا انخرطنا في رؤية دينية لحقوق الإنسان وفي هذا بداية تحجر مؤكد وانحطاط حتمي. ما يبقى خاصة هو…حقوق إلإنسان أي مأساة 800 مليون جائع في عالم الفقر، وفي عالم الغنى 40 مليون أمريكي ليس لهم تغطية اجتماعية، و20 مليون من ضحايا التعذيب الخ. ما يبقى طول الطريق الشاق أمام المشروع العظيم، وهذه قطعا مهمة تتجاوز بكثير حركة حقوق الإنسان. *انظر كتابنا: الإنسان الحرام: قراءة في الإعلان لعالمي لتحقيق الإنسان www.moncefmarzouki.net (المصدر: موقع إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 29 مارس 2008)
تنوع المكاييل
عبد اللطيف الفراتي (*) برونو قيق موظف سام في وزارة الداخلية الفرنسية تمت ترقيته منذ حوالي نصف عام إلى خطة، « سو بريفي « ،أي معاون وإلى مقاطعة في سلك يعتبر من أسمى وأنبل الخطط الوظيفية في فرنسا وفي كثير من دول العالم وكثيرا ما يفضي إلى خطة الوزارة، وإحدى خاصيات هذا الموظف السامي على غرار الكثيرين ممن هم في مستواه أنهم فتحوا بوابة على الإنترنت، ينشرون عليها ما تجود به قرائحهم من مواقف، ويعبرون فيها عن آرائهم بصفتهم الشخصية لا الرسمية. برونو قيق الذي يعتبر اختصاصيا في قضايا الشرق الأوسط، وقد سبق له نشر عدة مؤلفات تعتبر مراجع في الشأن العربي والإسلامي، أقدم على كتابة موضوع تم بثه على موقعه على الإنترنت كما هي عادته عبر فيه عن مواقفه الشخصية، بشأن ما يحدث هذه الأيام، وعبر فيه عن استغرابه من أن مجلس الأمن لم يتخذ أي موقف، من مسألة أن تكون الدولة الإسرائيلية، المعترف بها التي تخضع لمقتضيات القانون الدولي، قد كلفت قناصة باصطياد فتيات المدارس من البنات الصغيرات وقتلهن، دون أي موقف تنديد. ومن الناحية الشكلية فإن برونو قيق قد عبر عن موقف شخصي على موقع خاص، ليس مفتوحا إلا لمن يريد أن يدخل إليه ويقرأ محتوياته، ومن هذه الناحية فهو كمن دخل أجانب داره وتلصصوا عليه، أما من الناحية الجوهرية فإن برونو قيق يخضع كغيره للمبدأ المقدس في الدول الديمقراطية لحرية التعبير والكلمة كغيره من المواطنين، ورغم ذلك فإن برونو قيق قد تعرض لحلة اللوبي اليهودي الصهيوني النافذ في فرنسا، الذي طالب برأسه، مما جعل وزيرة الداخلية الفرنسية وفي حركة غير محسوبة إرضاء هذا اللوبي تقدم على إقالة الرجل من منصبه العالي وإرجاعه إلى إطاره الأصلي الذي غادره قبل نصف عام . وهكذا يكون برونو قيق وهو مثقف حر الرأي قد تعرض إلى مظلمة شديدة، لا تمسه هو وحده ولكن تمس حرية التعبير والرأي في فرنسا، ولا يكفي أن تبرر وزيرة الداخلية الفرنسية قرار العقوبة بضرورة التزام الموظفين الكبار من هذا الصنف بالتحفظ وعدم اتخاذ مواقف معينة.فالأكيد أن الموظفين الفرنسيين الكبار يتخذون باستمرار مواقف تعبر عن آرائهم ويوقعون لوائح وعرائض تنشر في الصحف، والأمر الذي لا بد و أن الشك لا يتطرق إليه هو أن الموقف من الموظف الفرنسي المعزول يدخل في إطار التنوع الفاضح في المكاييل إزاء مختلف ما يطرأ في الغرب. فالنيل من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على قداسته يدخل حتما وفقا لهذه المكاييل المختلفة في حرية الرأي والتعبير، أما قتل القناصة الإسرائيليين المكلفين من قبل حكومة رسمية قائمة فهو شأن ينبغي التحفظ بشأنه (؟؟؟)، ولو نشر على موقع واب شخصي، وعبر عن رأي مثقف لم يقدم نفسه بصفته الرسمية بل وضع اسمه مجردا من كل الألقاب، كما انه عبر عن حقيقة لا مجال للتشكيك فيها طالما ان إسرائيل الرسمية لم تنفها وحملت المسؤولية فيها على مطلقي قذائف الكاتيوشا. ومن المؤكد أن برونو قيق وقد غادر وظيفته التي نالها بجهده ومثابرته، وكذلك بعلمه الغزير الذي لم يشكك فيه أحد، يشعر براحة الضمير لما قام به من واجب التنبيه إلى أن تولي القناصة الرسميين الإسرائيليين قتل البنات الصغيرات بقرار من السلطة وبسابق إضمار وإصرار. غير أن ما ينبغي التنبيه إليه أيضا أن هذه الإقالة التعسفية لا يجب أن تمر بدون رد فعل من العرب والمسلمين سواء من ذوي الجنسية الفرنسية أو من المهاجرين الذين لا يحملونها، وكما ان اليهود وأنصارهم قادرون في فرنسا وغير فرنسا على إقامة اللوبيات فإن العرب وأنصارهم من الفرنسيين لقادرون ولا شك على تنظيم صفوفهم والتعبير عن موقفهم بشأن التضامن مع برونو قيق، حتى لا يشعر من ينطق بالحقيقة أنه يعيش في صحراء قاحلة، ليس له من أنصار حتى من أصحاب القضايا العادلة. (*) كاتب تونسي (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 30 مارس 2008)
النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي بوصفه «دفعاً إلى الطبيعة» … فاتَنا
صالح بشير (*) لعل إحدى أبرز مفارقات النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، وهي كثيرة، هذه: أن الحركة الصهيونية حولت الأسطورة إلى وجود تاريخي، في حين أن الجانب الفلسطيني قد دفع بوجوده التاريخي نحو الأسطرة حتى كاد يبلغ به مبلغ التجريد، أو أن ذلك ما فعله خلال ردح من نضاله مديد وغالب. ذلك أن المشروع الصهيوني، وهو نتاج الحداثة نشأ في كنفها وما كان يمكنه إلا أن يفعل إذ أنه تنويعة فئوية لـ»قاعدة» أقرها القرن التاسع عشر الأوروبي، هي المتمثلة في انتظام القوميات والإثنيات وما إليها دولا-أمما، إنما أسند دعواه تلك إلى خلفية أسطورية، أي غير تاريخية، هي التوارة، وهذه بطبيعة الحال وثيقة «إيمانية» غير «موضوعية»، وذلك حتى في صورة غض الطرف تسليماً بإمكانية عودة شعب من الشعوب، امتلاكا، إلى أرض كانت له قبل ألفي سنة! بهذا المعنى، استوى المشروع الصهيوني، وقد أُنجزَ دولةً في فلسطين، شواذا إن منطقا أو فكرا وإن تاريخيا، طالما أن حداثته كانت في نهاية المطاف من طينة إجرائية، تم توسلها، بكفاءة عالية والحق يُقال، من أجل تحويل ما لا يعدو أن يكون عصبية دينية، أفرادها ضالعون في انتماء ما قبل سياسي، أي أسطوري، إلى «وطن قومي» فـ»دولة-أمة». ربما عاد ذلك إلى أن المشروع الصهيوني انتهز التوسع الأوروبي واندرج فيه، علما أن التوسع ذاك هو أقل جوانب الحداثة الغربية إشراقا لأنه الأكثر منافاة للقيم المؤسِّسة لها والتي تستقي منها شرعيتها، ما قد يفضي إلى استنتاج مفاده أن المشروع الصهيوني لم ينتسب إلى الغرب إلا من باب خروق هذا الأخير وإخفاقاته الأخلاقية ومواطن الشين فيه. يعني القول هذا بطبيعة الحال مستوى القيم وهذا، بداهة، أبعد عن أن يستوفي مجمل حضور الغرب في العالم وفي التاريخ، لكن ما يبرر اعتماده أن القيم هي غالبا ما يجري اللجوء إليه في معرض تسويغ الدولة العبرية وجودا وسياسات. ومهما يكن من أمر، فإن الفيلسوفة الألمانية (واليهودية) حنة أرندت قد تكون تنبهت مبكرا إلى شيء من هذا القبيل، عندما أخذت على القيادات الصهيونية خيانتها للمشروع الصهيوني، الذي كانت أرندت تراه تحرريا، بسبب اشتراكيته ربما، يعني العرب في كيان ثنائي القومية، عندما عمدت تلك القيادات إلى ربطه بالسياسات «الإمبريالية» من أجل نيل «الدولة-الأمة» وثمنا لها. يبقى أن المشروع ذاك كان قد تبلور وجودا سياسيا، ولم يبق عليه إلا أن يجد أرضا، وإن بتسويغات أسطورية، وذلك ما يمثل آية تمايزه الصارخ الفارق عن المنحى الذي توخاه الفلسطينيون. فهؤلاء، حتى لا نقول «مشروعهم» لأن التعبير ذاك سيكون متجاوِزاً خصوصا في الأطوار الأولى للقضية، إنما سلكوا المسلك النقيض تماما: «ضحوا» بالأرض، بالوجود المادي والتاريخي عليها، من أجل أسطورة، إيديولوجية هذه المرة، تكمن أسطوريتها في أنها إسقاط على مستقبل مرجّح في أفضل حالاته، هو الأمة العربية قيد التشكل. وهكذا، كانت القضية الفلسطينية قومية (بالمعنى العربي المشرقي لا سيما) منذ البداية، حتى أن أولى الحروب العربية-الإسرائيلية، حرب 1948، كانت حربا قومية، بل الأكثر قومية، مشاركةَ دولٍ وإقبالَ متطوعين، من كل المواجهات التي أعقبتها، مع أن الإيديولوجيا القومية لم تكن قد استحكمت آنذاك، ولم تكن حاكمة في أي من بلدان المنطقة. كان من تبعات ذلك الإغراق في القومية، وذلك الافتراق الناجز بين استراتيجيتيْ العدويّن اللذين تواجها على امتلاك نفس الأرض، احتفاظا بها من ناحية واستحواذا عليها من أخرى، أن أُجهض كل مشروع أو إرهاص بمشروع وطني من قبل الفلسطينيين أو تأخر، بحيث ربما عُدّت الانتفاضة الأولى، وقد كانت نضالا مدنيّا متعدد الأوجه، أول تجلّ جدّي لتطابق مطلبٍ تحرري مع شعب مع أرض يقيم عليها. والحال أن ذلك تحقق على حساب قومية (ليس هنا مجال دحضها ولا الإشادة بها) هُزمت وأخفقت لا بفضل تراجع فُرض على العدو، ولعل ذلك ما يفسر أن الوطنية الفلسطينية لا تزال غير ناجزة الشرعية إلى عديمتها، يتوقف الأمر، لدى من يحاكمونها، على مدى الحرص على «ثوابت» الأمة و»جوامعها» ودرجاته. كان لذلك التقاعس في اجتراح الوطنية الفلسطينية أن سهّل على إسرائيل افتراض الفراغ أو ادعاءه، ذلك الذي كان من أبرز مسوغات استحواذ «شعب بلا أرض لأرض بلا شعب» بحسب القول أو الشعار الشهير. وقد صير إلى افتراض الفراغ ذاك ثم اصطناعه، على نحو قد يكون فريدا، أقله من حيث طريقة بلوغه: لقد تم بواسطة تحويل شعب، مجموعة بشرية ذات وجود تاريخي، إلى ما يمكن أن نطلق عليه حالة «الطبيعة». شعوب حالة «الطبيعة» قد تكون تلك التي يُطلق عليها بمصطلحات أيامنا هذه تسمية «الشعوب الأصلية»، وهي التي اعتُبرت ما قبل تاريخية، وبالتالي ما قبل سياسية وما قبل قانونية (من حيث التعاطي معها)، ضربا من بشرية خام، يجري التصرف فيها، في أرضها وفي خيراتها، كما يُتصرف في كل ما تتيحه الطبيعة مما لا تنظمه قوانين وأعراف الملكية بين أطراف، أفراد أو هيئات، يتمتعون إلى جانب وجودهم الفيزيائي، بوجود اعتباري. شعوب حالة «الطبيعة» (هل تنطبق عليها عبارة «شعوب» والحالة هذه؟)، هي ما كان في عداد هنود أميركا الحمر وأبوريجين أستراليا وسواهم من الشعوب التي كانت توصف بـ»البدائية»، قبل أن يُصاب الإنسان الأبيض بعقدة الذنب ويتوخى مفردات «الصواب السياسي»، هي تلك المستثناة من القانون حتى على سبيل تطبيقه عليها، هي تلك التي تؤول ملكية أراضيها إلى أول من يصل إليها من الأمم التاريخية المنتظمة في وجود سياسي، هي تلك التي تقع مناطقها، حسب القانون الدولي منذ القرن الخامس عشر وحتى نهاية الحقبة الاستعمارية ربما وتعميم أنموذج الدولة-الأمة كونيّاً، أقله كوعاء قانوني، في ما وراء ما كان يُسمى «خطوط الصداقة» (amity lines)، وهذه كان ما دونها خاضعا للتشريعات والاتفاقات والمعاهدات تقنن العداء والتعايش بين أمم سيّدة، وما وراءها «فضاءات حرّة»، حسب المصطلح المعتمد، بمعنى سائبة، أي خاضعة لـ»قانون الأقوى». الجديد الذي جاءت به إسرائيل في هذا الصدد، إذ عادت بالشعب الفلسطيني إلى حالة «الطبيعة»، بالمعنى الذي سبقت الإشارة إليه، أنها فعلت ذلك مع شعب، أو جزء من شعب، تاريخي الوجود، وأقامت مثل ذلك «الفضاء الحرّ»، مجال «قانون الأقوى» في قلب منطقة تاريخية، وأنها لا تنفك على منحاها ذاك حتى بدايات هذا القرن الواحد والعشرين، واللافت أنها وجدت في ذلك مباركة ثم تواطؤا من عالم يُفترض أنه قد نبذ تلك النظرة، تشريعا ممارسة، وتجاوزهما. وذلك وجه من أوجه مأساة الفلسطينيين، تلك التي أوغلنا في تناولها بمبتذل مفردات السياسة ورث الشعارات، حتى غابت عنا تفاصيلها وأوجهها الأعمق، فأخفقنا في ابتداع خطاب فكري وإنساني يقارب فداحتها وإن لم يحط بها… عل سنة الذكرى الستين لـ»النكبة» تكون مناسبة لمحاولة ذلك. (*) كاتب تونسي مقيم بإيطاليا (المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 مارس 2008)
حواريّة بين الجدّ والهزل: قراءة لكتاب
» وصل المفصول في ما يبقى وما يزول «
لصاحبه جعفر العلوي.
يطلّ هذا الكتاب من تخوم ما يقال وما لا يقال، يشدّ قارئه إلى فتنة اللّغة يقدّمها المتحاوران طرافة يمتزج فيها الجدّ بالهزل، ومتعة تصرفك ساعة عن مشاغلك لتوقع بك رغما عنك في مشاغلك وهواجسك. صوتان يترّددان كأنّهما ذات واحدة تتصارع فيها الأبعاد، وتقفز على البياض لتعلن رغم تشتّتها انشدادها إلى بعد واحد ونمط فكري معيّن. شفة واحدة تنطق لغتين، تنقلب في صخب عات لتلمس الجرح وتعرّي ما ظلّ مخبوءا لا ينكشف لأوّل وهلة، أو ما نسعى إلى أن نخفيه وأن نتعامى فلا نبصره ولا ندركه. تفصح هذه الحواريّة عن مواقف فكريّة تنهض بالكشف في » مبالغة حكميّة » عن واقع معيّن يرصده جعفر العلوي ويحاول أن يقرأه قراءة متحرّرة من قيود اللّغة. « جدل حقيقي بين النصّ والواقع ». يعلم منذ البداية أنّ الكتابة أرقى أشكال التعبير « وسيلة لتحقيق الأحلام » ولإبراز « الجوانب الفكريّة ». فهي القادرة، رغم قيودها المختلفة وعدم قدرتها أحيانا على التعبير عن الموقف تعبيرا دقيقا، على صوغ الرؤى الفلسفيّة والذهنية وتبليغها إلى القارئ قصد التأثير فيه ودفعه إلى التفكير في تلك المواقف. فإذا هو يسأل ويجاوبه سليم دولة » دون محاباة » ساخرا معلنا انزياحه عن المألوف من أساليب الخطاب وطرق الحوار. » فقوّة العضلات ضرورة منهجية » تضاف إلى التفكير وللهذيان « حضور متميّز في الكتابة. سخرية تنطق عن رؤية مخصوصة للعالم. وتهكّم يدفع القارئ إلى الضحك ثمّ يضطرّه إلى الإصغاء إلى صوت ثالث خفيّ. صوت يتسلّل بين الأسطر ليقول ما سكتت عنه حكمة جعفر وسخريّة سليم دولة في تحديد مفاهيم لحالات الإنسان. هو صوت آخر لم يكتب ولكنّه » يجذبك إليه ويستنطقك هوادة عن معناك فيرغمك مهما كان اعتقادك على معاودة فهمك لوجودك » على حدّ تعبير توفيق بكّار. يستفزّك ويدفعك إلى طرح » اللّين » مع نفسك وانتهاج » الشدّة » والسؤال. و » الرقص في حقل الألغام ‘ ( محمود درويش ) والتجرّد من الأقنعة والتكشف على الحقيقة الكامنة خلف الستار. نقد لاذع وسخرية مركبة ودعوة إلى التعرّي.. وفضح المسكوت عنه ونقل ما » يتردّد في أرجاء البيئة التونسية » من إشكالات وتصوّرات للذّات والآخر والمجتمع عموما. نصّ مختلف أنشأ علاقة مخصوصة بين المتناقضات، بين الحكمة والهزل العابث. جدل لا يفتر يصوغ قراءة جديدة في مستوى طرحها للواقع وما يحفّ بالإنسان من أسئلة. إذ يلمح العنوان منذ البداية إلى هذا الجدل القائم. ويمكن للقارئ أن يستشفّ من هذه العتبة النصيّة رغبة المؤلف / جعفر العلوي ، الذي لمح هذه الأحاديث مع سليم دولة، في الجمع بين الأضداد ومزاوجة الأبعاد رغم شدّة اختلافها. ويطرح في الهامش من غلاف الكتاب عتبة أخرى يمكن أن نلج عبرها النصّ فندرك معالمه وتفاصيله الدقيقة. هذه العتبة التي تحيل على معنى الولادة يقول: » لقد ولدت ثلاث مرّات … » بما هي ولادة على سبيل الحقيقة وولادة تتعلق بالمجاز وبما يمكن اعتباره تجارب وجوديّة تبعث صاحبها من رميم العادة والتكرار. هي تجارب السّندباد أيضا ورحلاته. فالمؤلف يسافر في اللّغة والمعنى إلى اللّغة والمعنى. أمامة (المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 54 بتاريخ 19 مارس 2008 )
ربيع قفصة 2008 تجذير لثقافة الزّرد
تعيش جهة قفصة هذه الأيّام تحت وطأة أزمة طبيعية حادة تتسم بتواصل الجفاف لسنوات متتالية أضرت بالفلاحة ومربّي الماشية و أحالت اليد العاملة الفلاحية على سوق البطالة الدّاخلية أو الهجرة، كما يمثل تفاقم البطالة بين صفوف الشباب من أصحاب الشهادات ومن غيرهم أهم تحدّ تواجهه المنطقة عجزت السلط على حله إلى حدّ الساعة رغم الوعود المقطوعة و خطورة ما وصلت اليه الأوضاع بالحوض المنجمي. وفي انتظار الغيث النافع والقرار الصالح للتخفيف من هذه الأزمة ترعى السلط الجهوية ومن ورائها المؤسسات الاقتصادية في الجهة، ما يسمى بربيع قفصة وهي تظاهرة أوكل تنفيذها إلى هيئة مهرجان قفصة الدولي، وهو مهرجان صيفي يعمل في كل الفصول، و الصيف يصنع الربيع عندنا !! تظاهرة ربيع قفصة 2008 تمتد على مدى أربعة أيام من الخميس 20 مارس إلى الأحد 23 مارس بفضاءات مدينة قفصة و يعدّ لها المنظمون كل العدّة وكل طلباتهم مستجابة بدأ من الدعم المالي و انتهاء بتسخير كل المصالح الجهوية لفائدتهم. هي تظاهرة يقول عنها أصحابها أنها تنشيطية، وهي سليلة تظاهرة ربيع قفصة 2007 التي ارتبط اسمها بالفشل في إعداد « أكبر خبزة مطبّقة في العالم »، وارتواء أرضية حديقة المرحوم بورقيبة بعجّة المخ، وسيلان دم الثور المنحور في اتجاه المنصة الشرفية عوض القبلة المحمدية، وقد أسالت حبرا كثيرا في الصحافة التونسية واتضح في الأخير أنها كانت مجرد زردة بمعانيها الماديّة والرمزيّة. إذا سينطلق ربيع قفصة هذا الأسبوع في الظروف الطبيعية والاجتماعية السالفة الذكر فهل يتوفق إلى تقديم منشطات يستعيد بها الوضع عافيته؟؟ برنامج المهرجاني يحتوي على: 1- تنشيط اقتصادي: وهو معرض تجاري يقام بفضاء البرج الأثري بقفصة مقابل قيمة استشهارية بين 8 و 10 آلاف دينار لفائدة الهيئة المنظمة صاحب المعرض مناول تجاري يجلب التجار من كل حدب و صوب. ونحن نسأل كم نسبة التجار المحليين في هذا المعرض؟ هذا السؤال لابد أن يجيب عنه أيضا اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بالجهة. 2- تنشيط الاستهلاك: وهو تنشيط هضمي بالأساس إذ يعرف مواطنو الجهة ركودا في الاستهلاك وقلّة الهضم منهم من أجبرته الفاقة على ذلك ومنهم من اختارها عنوة أثناء الحركة الاحتجاجية الأخيرة وإضرابات الجوع التي صاحبتها، فاختار المنظمون إعداد أكبر « بركوكش في العالم » هكذ !! » بسبع لحمات » جوّية وبحريّة وبرّية ليطهى على نار هادئة أمام أعين المتفرجين لعلّه يفتح شاهيتهم على الأكل 3- تنشيط بصري: إذ بحكم الجفاف والقحط ومساحيق غبار الفسفاط تبدو الوجوه كلها متشابهة تميل إلى لون التربة وتجاعيدنا تعكس تشققات الأرض اليابسة، حتى أنّ الناس لا يتثبتون في وجوه بعضهم البعض، وحتى تغيّر هذا المشهد البائس اختارت الهيئة المنظمة تنظيم معرض للأزياء الزاهية وتنظيم مسابقة ملكة جمال الربيع في حديقة بورقيبة وسط المدينة التي شملها التصحر هي الأخرى. 4- تنشيط الذاكرة: بحوض وادي بياش وهي مشهدية « مغناة وادي الأفراح » مع أن هذا الوادي لا يذكّر إلاّ بالفواجع في انتظار ما ستكشف عنه هذه المغناة. 5- التنشيط الثقافي: الناس هنا أصحاب نكتة بطبيعتهم ومع ذلك فقدوا البسمة هذه الأيام فلا بدّ من « المارشال » ليعيدها إليهم، ولمن لم يسعفه الحظ بإمكانه الدخول إلى « جنون » والعرضان بدار الثقافة بن منظور أمّا عرض الفنانة زهرة لجنف فسيقتصر على الصفوة في نزل من فئة 5 نجوم. 6- تنشيط الأطفال: رسوم على جدران البرج الأثري. هكذا !! هذه هي فقرات برنامج ربيع قفصة 2008 و التي لا توحي بالمرّة أنّ المسؤولين والساهرين على حظوظ هذا المهرجان قد اتعظوا من تجربة السنة الفارطة أو حتى طوروا من تصوراتهم بل بقوا في حدود ثقافة الزّرد لا غير، وعليه فمن حقنا أن نتساءل و نسأل: – ما سرّ هذا الإصرار على دخول العالمية في كتاب « قينيس للأرقام القياسية » من باب الأمعاء الغليظة والاستهلاك في حين يدخلها غيرنا بتحطيم الأرقام القياسية في الإنتاج والإنتاج الفكري الإبداعي أساسا. – ما معنى أكبر بركوكش في العالم ؟ و هل يعرف العالم « البركوكش » و هل هناك بركوكش من أصله خارج جهة قفصة، اللهم إلا إذا كان العالم المقصود هنا هي » زردتان » أي بلاد الزرد في حدود قفصة وما جاورها. – أين توجد حديقة 7 نوفمبر في مدينة قفصة؟ على حدّ علمنا توجد ساحة 7 نوفمبر قبالة حديقة بورقيبة، و اذا ما تغيّرت التسمية فالمجلس البلدي مطالب بتوضيح الأمر وإلا فللحديث بقية. – بقدر مانحييّ السلط الجهوية على دعمها غير المشروط المادي والمعنوي لهيئة مهرجان قفصة الدولي لدرجة تتجاوز انتظارات و تقديرات الهيئة نفسها، نسأل هذه السلط على مدى رعايتها لبقية النسيج الجمعياتي والهيئات الثقافية وهي التي تجتهد وتؤطر وتجلب المشاريع دون دعم و لو معنوي. وإذا أسرت هذه السلط على عدم الإجابة كالعادة فمن حقنا أن نعتمد ما يقال هنا و هناك عن رصد عشرات الملايين لهذه التظاهرة وحدها. وأخيرا هلاّ يعتبر سلوك التبذير هذا سلوكا استفزازيا لواقع قفصة الراهن و هل هذا ينمّ عن وعي حقيقي بالتحديات الخطيرة على المستوى الاجتماعي و الأمني أم أنّ إقامة الزردة ورائحة الشّواء ستطرد الأرواح الشريرة وتحلّ التناقضات القائمة و تكون خير طالع علينا شاكر حامد (المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 54 بتاريخ 19 مارس 2008 )
رأي
الهوية والدولة والديمقراطية
الصحبي عتيق
-1الهوية واستحقاقاتها:
إنّ الهوية هي الحقيقة المميزة المعبرة عن الخصائص الذاتية لكل مجموعة بشرية ؛وهي شعور بالخصوصيّة يتجسّد في تعابير ثقافيّة واجتماعيّة وفنيّة وهي نتاج يتشكّل من طبيعة العلاقات الاجتماعية وطبيعة التّكوين التّاريخي المترسّب في الذّاكرة الجماعيّة..والهوية كما نفهمها ليست تعبيرا عن موقف تمجيدي نرجسي جامد إنّما هي مفهوم متطوّر ينسجم مع الواقع الحضاري ويتأثّر بمعطيات المعرفة والفكر المعاصر ومحصلة التّغيّرات الحضارية والتّجارب المترسّبة عبر التّاريخ فهذه الهويّة بكل هذه المكوّنات عمادها الإسلام والعروبة هي عامل توحيد ومصدر إلهام وتفتّح على العصر ومكتسبات الحداثة وقادرة على استيعاب أفضل ما أنتجته البشريّة. فمن هذه الهوية نستلهم وبها نتطوّر وليست مجرّد شعار إنّما تستلزم من كلّ المتصدّرين للفعل والتأثير الاعتراف بها كمكوّن رئيسي للمنطقة وكوجود سياسي ونفوذ في القوانين الأساسية للدّولة وحضور على مستوى التّربية والثّقافة وكضرورة للتنمية والرقيّ والإبداع وخدمة للوحدة العربيّة الإسلاميّة وتمكين هذه الوحدة من سبل التّحقّق الثّقافي والاقتصادي والسياسي ودفاعا عن قضايا الأمّة وتعزيز الانتماء إليها كما أنّ الجميع مدعوّ لدعم اللّغة العربيّة وتطويرها والارتقاء بها حتّى تنهض باقتدار بقضايا الفكر المعاصر وقضايا العلم والتّكنولوجيا وتكون لغة الاستعمال الإداري ولغة التربية والتعليم ولغة البحث العلمي ولغة الثقافة والإبداع وألاّ تعلو عليها لغة أخرى فإنّه لا تطوير للثّقافة بغير اللّغة الوطنيّة لذلك فإنّ التّعريب وإحلال اللّغة العربيّة المكانة التي تليق بها مطلب حضاري وأداة للنّهضة من غير انغلاق ولا تعصّب و لا انهزام فالانفتاح على الحضارات الأخرى والتّفاعل الإيجابي مع اللّغات الأخرى ضرورة للتّطوّر والتّجدّد
2- الدين والدولة في الفكر الإسلامي:
« وهو الذي في السماء إله و في الأرض إله »(الزخرف84) – الإسلام منهج حياة: لقد تناول الإسلام حياة الإنسان من كل جوانبها وجاء حاكما على جميع أفعاله من العبادة إلى الأسرة إلى المجتمع إلى الدولة، فكل الحياة مقصودة بالتّوجيه والتّشريع في نصوص الكتاب والسّنّة والإسلام لا يقبل أن ينعزل عن الحياة والواقع ليكون مجرّد شعائر أو عقائد في الضمائر لا علاقة لها بحياة الإنسان والمجتمع والدّولة : إنّه تنظيم للحياة في مختلف جوانبها بل هو أشمل تعبير إلهي وآخر صياغة لإرادة الله في إرشاد الإنسان – الذي هو صناعة إلهيّة – إلى الحقّ في الاعتقاد والتّصوّر والصّلاح في السّلوك والمعاملات والعلاقات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسّياسيّة . ومن أهمّ تجليات السّياسة قيام الدّولة يقول الإمام ابن عاشور : (إنّ إقامة الحكومة للأمّة الإسلاميّة أمر في مرتبة الضّروري… فكان الإسلام من مبدإ انبعاثه مقدّرا له أن يكون نظاما … فالإسلام دين قائم على قاعدة الدّولة .) فلم يعرف الإسلام من خلال نصوصه وتجربته التّاريخيّة الواقعيّة دينا بلا دولة ولا أقام دولة بلا دين ويقول ابن خلدون: (إنّ نصب الإمام واجب قد عُرف في الشّرع بإجماع الصّحابة والتّابعين) – فكرة فصل الدّين عن الدّولة: . إن هذه الفكرة إشكاليّة مستوردة وغريبة عن روح الإسلام ومقاصده وتاريخه ولا تدرك تخالف المفاهيم بين المسيحيّة والإسلام في ما يتعلق بجوهر الدّين و أبعاده و وظيفته الاجتماعيّة ولا تعي الفوارق الجوهريّة بينهما واختلاف العوامل الزّمنيّة التي رافقت تشكّل وتطوّر التّاريخ السّياسي لكل منهما فحتّى داخل الفضاء الغربي فهي تختلف من بلد إلى آخر كفرنسا وبريطانيا وأمريكا مثلا والنّموذج الفرنسي كان أكثرها تطرّفا وعنفا ومصادمة للدّين لاعتبارات تاريخيّة فهذه الفكرة (فصل الدين عن الدولة) نشأت من خارج الفضاء الإسلامي وكلّ من رام عزل الإسلام و مقاصده عن الواقع فقد مسّ من بنية الفكر الإسلامي. إن ّفكرة الفصل بين الإسلام والدّولة منطق غير مستقيم إذ أنّه يخوّل الإسلام للمقاومة وتحرير البلدان ولا يخوّله لبناء الدّولة ورسم السّياسة العامّة 3- مدنيّة الدولة في الفكر السياسي الإسلامي : – الأساس التعاقدي للدولة في الإسلام إن نضام الحكم في المنوال السنّي للإسلام لا يستمدّ مشروعيّته من قوة غيبية ولا من وصاية ومعرفة عالم الغيب ولا يزعم أحد أنّه ناطق باسم السماء أو يملك حجّة دينية تعطيه وحده الحقّ في تولى السلطة السياسية ، وإنما يعود الأمر في ذلك إلي الأمّة عبر الشورى العامة . فالدولة في الإسلام دولة دستورية باعتبارها تقوم على دستور وعلى سلطة الأمّة أو الشعب والحاكم يستمدّ سلطته من الشعب يقول الماوردي :(إن الإمامة عقد مراضاة واختيار لا يدخله إكراه ولا إجبار ) فالدولة في الإسلام تقوم علي أساس الاختيار الحرّ والحاكم فيها لا يملك عصمة ولا قداسة والسلطة وكالة عن الأمّة تؤسّس فيها الشرعية علي إرادة الشعب وأساسها التعاقد والتوافق بقصد تلبية حاجات الأمّة ومطالبها وإدارة شؤونها لتحقيق مقاصد الإسلام في العدل و الحرية والأمانة والاستقرار والمناعة. جاء في بيان الذكرى الرابعة والعشرين للإعلان عن حركة النهضة (6/6/2005) : »إن مصدر المشروعية السياسية هو الشعب الذي له الحق وحده في تولية الحاكمين ومحاسبتهم وعزلهم واستبدالهم من خلال الانتخاب الحرّ النّزيه ولا يمكن لأيّ سلطة وتحت أيّ عنوان أن تُلغي أصوات النّاخبين وتحلّ محلّها شرعية أخرى. » ويقول الدكتور حسن الترابي : »…فأن يباشر المجتمع حقه مصدرا أعلى في واقع السلطان والحكم بهدي الشريعة واجتهاداته فيها وعلومه في ظلّها مبدأ راسخ في دين الإسلام. » ويقول الإمام محمد الطاهر بن عاشور : » وحقيقة الولايات كلّها عامها وخاصّها أنها من جنس الوكالة عن المسلمين … فطريقة انتخاب الناس نوّابا عنهم للدفاع عن مصالحهم وإبلاغ طلباتهم … أفضل الطرق وأضمنها للتعبير عن إرادة الأمّة … ولا يحول دون أحد ودون الولاية حائل من طبقة أو نسب ». فلا يكون حاكم الأمّة إلاّ من اختاره الجمهور ولا تعدّ شرعيته صحيحة إلاّ على أساس الاختيار الحرّ بعيدا عن الإكراه أو الإجبار أو الاستيلاء لذلك تعتبر الدولة من المنظور السنّي مدنيّة. يقول الإمام محمد عبده : »إن الإسلام لم يعرف تلك السلطة الدينية .. التي عرفتها أوروبا .. فليس في الإسلام سلطة دينية سوى سلطة الموعظة الحسنة وهي سلطة خوّلها الله لكل المسلمين .. والأمّة هي التي تولّي الحاكم وهي صاحبة الحق في السيطرة عليه وهي تخلعه متى رأت ذلك من مصلحتها فهو حاكم مدنيّ من جميع الوجوه ..فليس في الإسلام سلطة دينية بوجه من الوجوه « . – مرجعية التشريع : لئن كانت الدولة في الفكر السياسي السنّى مدنية، سندها الأمّة التي تستمدّ من إرادتها الحرّة سلطانها و شرعيّتها، ولئن كان نمط الحكم مجال نظر واجتهاد من حيث إدارة الدولة وشكلها وسياستها فإن ثوابت الإسلام ومقاصده وأحكامه تظلّ المرجع الأعلى والمصدر الرئيسيّ للتشريع إلي جانب الاجتهاد فيما وراء ذلك تأويلا وتجديدا وتنزيلا ولا يفرض فيه أيّ طرف رؤيته على المسلمين. وإن قيام الدولة علي مرجعيّة الإسلام لا يعني أنها تعرف نظاما من الكهنوت أو تملك سدنه من » رجال الدين » … فهذا مصطلح غريب عن روح الإسلام. وهذه المرجعية للدولة في الإسلام لا تتناقض مع ديمقراطية الدولة ولا تعني أن تتحول الدولة إلي دولة دينية وإنما هي تعبير واحترام لهويّة الشعب التي لا تقبل المراجعة وإن كانت السلطة في الإسلام للوحي مع عدم انفكاك السياسة عن مقاصد التشريع ومع سعة مساحات الاجتهاد فإن هذه القداسة ليست وقفا علي الإسلام فكل دولة لها ثوابت ومرجعية لا تتجاوزها وهناك قداسات أخرى أكثر إعلاء وأشدّ تحكما في العقول وتغلغلا في النفوس وتستند إلي مرجعيات عليا كقيم الجمهورية والقانون الدولي وحقوق الإنسان والمصلحة الوطنية وقيم الحداثة … إن هذه المرجعية العليا لا تمنع انفتاح المشروع الإسلامي على منجزات الحضارة الإنسانية إلي جانب ما يتيحه الواقع والعقل والمصالح من اجتهاد في تنزيل أحكام الوحيّ نشدانا للحقيقة وطلبا للإضافات النافعة للبشرية « فالحكمة ضالة المؤمن يأخذها أينما وجدها ،يقول ابن عقيل :(السياسة ما كان فعلا يكون الناس فيه أقرب إلي الصلاح وأبعد عن الفساد وإن لم يضعه الرسول ولا نزل به وحي ) يقول ابن القيّم 🙁 وإذا ظهرت أمارات الحقّ وقامت أدلة العدل وأسفر وجهه بأيّ طريق كان فثمّ شرع الله ودينه …فأيّ طريق استخرج بها العدل والقسط فهي من الدين ليست مخالفة له .) 4- التجربة التاريخية للدولة في الإسلام :
لقد تحقق الجانب النظري في الفكر السياسي لدولة الإسلام على أرض الواقع في مراحل محدودة من التاريخ فكانت التأسيس لنموذج للشورى والعدل يستلهم منه المسلمون المفاهيم والمناهج والرّوح والمقاصد لأن « الأشكال المؤسساتية والآليات الدستورية والاجتماعية والاجتهادات التشريعية والسياسية هي نتاج بشريّ محكوم بالسياق التاريخي والظروف الحضارية والمناخ الثقافي لعصرها « (والتعبير لطارق البشري ) ولئن مثلت هذه المراحل نماذج راقية تجلت فيها القيم الإسلامية وتلاحمت فيها النصوص بالواقع فقد حصل الارتداد سريعا ولم تتطوّر الأنماط والأشكال بل تضاءلت مساحات الشورى والعدالة لتنتهي إلي ملك عضوض لا يعتمد على إرادة الشعب فحسب وإنما يقف موقفا متباعدا عن روح الإسلام وفلسفته ومقاصده في الحكم ويفتح المجال للوراثة والشورى الشكلية والإكراه في البيعة والتشريع للاستيلاء والغلبة والاستبداد والتنظير ل(إمارة الاستيلاء التي تعقد عن اضطرار ) مقابل (إمارة الاستكفاء بعقد عن اختيار ) كما ذكر الماوردي مماّ أثار الشكوك والالتباسات في القيّم الإسلامية المتعلقة بالنظام السياسي والحريات العامة والشورى ولقد فرض الظلم على الأمّة في أغلب مراحل الحكم على الرغم من مخالفته لنصوص الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة واستمرّ استحواذ الحكام المستبدّين على السلطة والثروة بحكم فردى مشرب بالروح القبلية والتوريث .يقول الدكتور أحمد الريسوني : »إن الفراغ التنظيمي والفقهي في مسألة إدارة الشورى وإدارة الاختلافات السياسية شكّل على الدوام سبب لتحكم منطق القوة والغلبة بكل ما يعنيه ذلك من فتن وصراعات وتصفيات دموية . » ورغم هذا الواقع فإنّ الإسلام لا يحمل أصولا مؤسسة للاستبداد في مفاهيمه ولا تشريعاته. ولقد كانت سلطة وضع القانون بيد العلماء إلى جانب استقلال القضاء و استقلال التعليم والثقافة وانتشار عدد من المؤسسات الأهلية المستقلة تأسسا وتمويلا كمؤسسات الأوقاف والمساجد والتعليم والنشر .
5- الديمقراطية والمواطنة:
لئن تبلورت الديمقراطية من خارج الثقافة الإسلامية فإنّها لم تعد تحمل مدلولا يحيل على سياق حضاري معاد للدين أو مرتبط بالعلمانية ولا انفكاك لها عنه ،إنّما هي (الديمقراطية) »قريبة من جوهر الإسلام »بتعبير الشيخ القرضاوي من حيث اختيار الحاكم والانتخاب والتمثيل النيابي والتداول على السلطة واستقلال القضاء وحرية التعبير والتنظّم …فإن الديمقراطية « هي أحسن صورة ابتكرتها البشرية لتطبيق الشورى الإسلامية » وهذا الرأيّ هو السائد في دائرة الفكر الإسلامي المعاصر(الشيخ القرضاوي ،الشيخ راشد الغنوشي ،الشيخ الترابي ،طارق البشري ،محمد سليم العوّا ،عبد الله الحامد …) إلى جانب عدد من قدامي المفكرين من أمثال الكواكبي وخير الدين التونسي والشيخ بن عاشور القائل : » فلا ريب أن الحكومة الإسلامية حكومة ديمقراطية على حسب القواعد الدينية الإسلامية المنتزعة من أصول القرآن ومن بيان السنة النبوّية ومماّ استنبطه فقهاء الإسلام في مختلف العصور » ويقول الشيخ راشد الغنوشي : »ليس في الإسلام عند التأمل في تعاليمه ومقاصده وتجربة تطبيقه النموذجية في عصر النبوّة والراشدين ما يمنع الترتيبات التي جاء بها النظام الديمقراطي علاجا لآفة الدكتاتورية التي اكتوى بنارها معظم تاريخ الإسلام وبقية شعوب الأرض »وإلي جانب ما تتيحه الديمقراطية من نظم وآليات فإن الإسلام يثريها بقيم تعطيها السموّ الأخلاقي والعمق الإنساني الذي يحميها من سلبيات الرأسمالية المتوحشة والتلاعب بالضمائر والذمم والأصوات . يقول الشيخ راشد الغنوشي : »قيام النظام السياسي على أساس مبدإ المواطنة بمعنى اشتراك أهل البلاد جميعا في امتلاك الوطن وحقوق متساوية فيه وعلى تعاقد صريح بينهم- باعتبارهم شعبا –على إقامة نظام سياسي (دولة) هم أصحاب السلطة عليها. » ويطرح الشيخ القرضاوي في كتابه « الدين و السياسة »المواطنة « كمفهوم بديلا عن مفهوم « أهل الذمّة » ويرى الشيخ مهدي شمس الدين فكرة « ولاية الأمّة عن نفسها « بديلا عن نظرية « ولاية الفقيه »في الفكر الشيعي وفي الأخير نؤكّد حسب مقاربتنا لمسألة الدّين والدّولة : 1-إنّ الدّولة الإسلاميّة مدنيّة و ديمقراطيّة والأحزاب فيها مدنيّة كذلك والممارسة السياسيّة مستقّلة عن أيّ سلطة باسم الدّين 2-إنّ المواطنة قيمة أساسية وعلى أساسها يقوم النّظام السياسي 3-إنّ الديمقراطية هي أسلوب الحسم في الخلافات في ظلّ مناخ من حرية التّعبير واستقلال القضاء وحياد الإدارة وهي أحسن أسلوب لتطبيق الشورى الإسلاميّة 4-إنّ الشعب هو مصدر المشروعية العليا للسلطة وهو يستلهم باختياره من هويّته وثقافته ومن مكاسب الحداثة ومنجزات البشريّة ليمارس سيادته الوطنية وختاما فإنّ المسلمين مكلّفون بفهم الإسلام وتنزيل أحكامه ومقاصده على الواقع في ضوء ما يتحمّله دون تعسّف عليه ودون إكراه للنّاس وعيا بالمقاصد والموازنات والمآلات وفقه التّنزيل . (المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 54 بتاريخ 19 مارس 2008 )
المناداة بهوية تونس القرطاجنية الفينيقية في الميزان
بقلم: الأستاذ محمود الذوادي (*) هوية المجتمع التونسي قيد التساؤل ما من شك أن مسألة هويات الشعوب أصبحت اليوم من معالم خطابات وسياسات عصر العولمة الثقافية على الخصوص. ولكن قضية الإنتماء الهوياتي للمجتمع التونسي الحديث طرحت منذ بداية الإستقلال على القيادة السياسية التونسية الجديدة برئاسة الزعيم الحبيب بورقيبة. فمعروف عن هذا الأخير اختلافاته السياسية مع العديد من القادة العرب وفي طليعتهم الزعيم جمال عبد الناصرالمنادي بقوة لصالح الهوية العربية لكل الشعوب العربية. وكان لذلك انعكاسات أدت إلى بعض الإلتباس بالنسبة للإنتماء الشفاف وغير المرتبك للهوية العربية الإسلامية للمجتمع التونسي. وتبنى هذا الموقف السياسي بعدالإستقلال بعض النخب الفكرية التونسية (والناس » وبعض النخب أيضا » على دين ملوكهم كما يقال) التي تدعو إلى مشروعية العمل على إبراز الجوانب الفينيقية والقرطاجنية في الانتماء الهوياتي للشعب التونسي.وتتشابه هذه النخب الفكرية مع النخب السياسية في كون أن كلا منهما لا يرغب في إعطاء الأولوية للمعالم العربية الإسلامية في تشكيل الهوية التونسية، ناهيك عن تنكر البعض تنكرا كاملا من هذه النخب لكل ما هو عربي وإسلامي.يتشابه الوضع في تونس مع نظيره عند بعض النخب والفئات اللبنانية التي تنادي هي الأخرى بإبراز المعالم الفنيقية في الهوية الجماعية اللبنانية المعاصرة. العوامل الحاسمة في تحديد الهوية الجماعية نريد أن نبين هنا وباختصار شديد بأن تصور تلك النخب لمحددات الهويات الجماعية للشعوب تصور قاصر وخاطئ موضوعيا وعلميا. فبعض النخب في تونس، مثلا، تؤكد على أسبقية حضور الحضارة الفينيقية والقرطاجنية في الأرض التونسية قبل مجيء العرب والمسلمين بحضارتهم إلى افريقية (تونس). وآثار الفينقيين والقرطاجنيين لا تزال ماثلة للعيان في أماكن مختلفة من القطر التونسي. وهذا أمر لا جدال في صحته تاريخيا وأثريا. لكن السؤال المشروع بهذا الصدد هو : ما هي العوامل المحددة والحاسمة أكثر لهويات الشعوب والأمم: أهي العوامل المادية (الإرث المعماري ونوع الطعام والشراب واللباس…) أو العوامل الرمزية الثقافية مثل اللغة والدين والفكر والأساطير… التي تحملها الحضارات البشرية عبر العصور؟ يتجلى من التحليل الموضوعي لمسألة الهوية أن ما نسميه الرموز الثقافية هي الأكثر حسما في تحديد هويات الأفراد والجماعات والشعوب. والأمثلة الشاهدة على ذلك عديدة. فحركة الهجرة من الجنوب إلى الشمال، مثلا، لا تسلب المهاجرين من هوياتهم الثقافية بمجرد أن يحلواجغرافيا بالمجتمعات المستقبلة لهم ذات الخلفيات اللغوية والدينية/الثقافية المختلفة عنهم. ومن ثم جاء مشكل الإندماج الثقافي للمهاجرين في قيم المجتمع المضيف في طليعة مشاكل عولمة الهجرة في الماضي والحاضر وسيكون الأمر كذلك في المستقبل. تتفوق عوامل اللغة والدين والثقافة… على العوامل الأخرى في تحديد هويات الأفراد والمجتمعات والشعوب بسبب ما نطلق عليه مركزية الرموز الثقافية في هوية الجنس البشري، ونعني بهذا أن الجنس البشري يتميز عن غيره من الأجناس الأخرى بطريقة فاصلة وحاسمة بما نصطلح عليه بالرموز الثقافية (اللغة المنطوقة والمكتوبة والفكر والمعرفة/العلم والدين والأساطير والقوانين والقيم والأعراف الثقافية). أي أن الإنسان هو في المقام الأول كائن رموزي ثقافي بالطبع. وللبرهنة على مصداقية هذه المقولة تقدم شرحا مختصرا بهذا الصدد. مركزية الرموزالثقافية في هوية الإنسان تؤكد مقولتنا هنا أن الإنسان كائن ثقافي بالطبع. يستند هذا القول على ملاحظات رئيسية حول خمسة معالم ينفرد بها الجنس البشري عن غيره من الأجناس الحية الأخرى: 1- يتصف النمو الجسمي لأفراد الجنس البشري ببطء شديد مقارنة بسرعة النمو الجسدي الذي نجده عند بقية الكائنات. 2- يتمتع أفراد الجنس البشري عموما بأمد حياة (سن) أطول من عمر معظم أفراد الأجناس الأخرى. 3- ينفرد الجنس البشري بلعب دور السيادة/الخلافة في هذا العالم بدون منافسة حقيقية له من طرف باقي الأجناس الأخرى. 4- يتميّز الجنس البشري بطريقة فاصلة وحاسمة عن الأجناس الأخرى بمنظومة الرموز الثقافية المشارإليهاسابقا. 5- يختص أفراد الجنس البشري بهوية مزدوجة تتكوّن من الجانب الجسدي، من ناحية، والجانب الرموزي الثقافي (المشار إليه أعلاه في 4)، من ناحية ثانية. إن التساؤل المشروع الآن هو: هل من علاقة بين تلك المعالم الخمسة التي يتميّز بها الإنسان؟ أولا: هناك علاقة مباشرة بين المعلمين 1 و2. إذ أن النمو الجسمي البطيء عند أفراد الجنس البشري يؤدي بالضرورة إلى حاجتهم إلى معدل سن أطول يمكنهم من تحقيق مراحل النمو والنضج المختلفة والمتعددة المستويات. فالعلاقة بين الاثنين هي إذن علاقة سببية. ثانيا: أما الهوية المزدوجة التي يتصف بها الإنسان فإنها أيضا ذات علاقة مباشرة بالعنصر الجسدي (المعلم 1) للإنسان، من جهة، والعنصر الرموزي الثقافي (المعلم 4)، من جهة أخرى. ثالثا: عند البحث عن علاقة سيادة الجنس البشري بالمعالم الأربعة الأخرى، فإن المعلمين 1 و2 لايؤهلانه، على مستوى القوة المادية، لكسب رهان السيادة على بقية الأجناس الحية، إذ الإنسان أضعف جسديا من العديد من الكائنات الأخرى. ومن ثم يمكن الاستنتاج بأن سيادة الجنس البشري ذات علاقة قوية ومباشرة بالمعلمين5 و4: الهوية المزدوجة والرموز الثقافية. والعنصر المشترك بين هذين المعلمين هو منظومة الرموز الثقافية. وهكذ ا يتجلى الدور المركزي والحاسم لمنظومة الرموز الثقافية في تمكين الإنسان وحده من السيادة في هذا العالم. را بعا: إن الرموز الثقافية تسمح أيضا بتفسير المعلمين 1 و2. فالنمو الجسمي البطيء عند الإنسان يمكن إرجاعه إلى كون أن عملية النمو عنده تشمل جبهتين: الجبهة الجسمية والجبهة الرموزية الثقافية. وهذا خلافا للنمو الجسدي السريع عند الكائنات الأخرى بسبب فقدانها لمنظومة الرموز الثقافية بمعناها البشري الواسع والمعقد. وهكذا يتضح أن الرموز الثقافية تمثل العناصر الأساسية والحاسمة في تحديد هوية الإنسان على المستويين الفردي والجماعي لدى المجتمعات والشعوب. سبقنا بمنهجيتنا المبينة هنا وبطريقة مستقلة مايسمى اليوم علم الإجتماع الثقافي Cultural Sociology في إبراز مركزية الرموز الثقافية في هوية الإنسان .يزداد الإهتمام بهذا الفرع الشاب من علم الإجتماع خاصة بين علماء الإجتماع الأمريكيين. يرى علماء الإجتماع الثقافيون أن الثقافة /الرموزالثقافية هي الإطارالرئيسي الذي ينبغي أن يستعمل في التحليل السوسيولوجي لفهم وتفسيرسلوكات الأفراد والجماعات وحركية المجتمعات والحضارات البشرية. تنسجم هذه الرؤية كثيرامع تفكيرنا في هذا المقال والمنادية بمركزية دور الرموز الثقافية أكثرمن غيرها في تحديد الهويات الجماعية للشعوب والجماعات والمجتمعات البشرية. الهوية الفنيقية القرطاجنية في ميزان الرموزالثقافية وعند الرجوع إلى فحص مدى مصداقية المنادين في لبنان أو في تونس إلى تبني هوية فينيقية أو فينيقية قرطاجنية بدل الهوية العربية الإسلامية، فإننا نجد مثل تلك الدعوة ضعيفة الأسس في إطارنا الفكري للرموز الثقافية الذي شرحنا معالمه أعلاه. إذ بغياب، مثلا، لغة/لغات ودين/ديانات القرطاجنيين والفينقيين من الأرض التونسية بعد الفتوحات العربية الإسلامية على الخصوص، اندثرت منظومة الرموز الثقافية القرطاجنية والفينيقية وعوضتها بطريقة شبه كاملة منظومة الرموز الثقافية العربية الإسلامية منذ قرون عديدة بحيث أصبحت الشخصية القاعدية Personnalité de Base التونسية منصهرة تماما في بوتقة الرموز الثقافية العربية الإسلامية. تعكس هذا الانصهار الكبير في هذه الثقافة للمجتمع التونسي معالم كبيرة وصغيرة لا تكاد تحصى على مستويات السلوك الفردي والنظام المجتمعي والعقل الجماعي للتونسيين. وكمثال على مدى تجلي التأثر الكبير للعقل الجماعي التونسي برموز الثقافة العربية ما روي في حادثة من الجنوب التونسي التي تبرز، من ناحية، مدى حضور الثقافة العربية في الحياة اليومية للتونسيين وغياب أو ذبول الثقافة القرطاجنية الفينيقية، من ناحية ثانية. يحكي شاب من الجنوب التونسي بأن أمه عندما تغضب عليه وتريد توبيخه تصرخ قائلة: « أيّ متتعنترش (عنترة) عليّ » ولم تقل لي أبدا « أي متتحنبلش (حنبعل) عليّ » . الرموزالثقافية لصالح هوية جماعية رحبة فلو كان الأصل العرقي هو العامل الحاسم في تكوين هوية الشعوب لما كان ممكنا تكوين أمم وشعوب تتألف من خليط من السلالات والأعراق البشرية المتنوعة والمختلفة مثل الشعب التونسي أو الأمريكي أو الفرنسي. فرغم اختلاف الفئات المكونة لتلك الشعوب وغيرها في ألوان بشرتها وأنواع وألوان شعرها وقصر أو طول قامتها، فإن أفرادها يعتبرون أنفسهم بطريقة عفوية وجماعية أنهم ينتمون إلى شعب واحد هو الشعب التونسي أو الأمريكي أو الفرنسي. لقد وجد الباحثون في العلوم الاجتماعية الحديثة أن اشتراك الفئات البشرية في لغة واحدة ودين واحد يؤهلها لكي تظفر بالانتماء إلى هوية جماعية واحدة. فاللغة العربية والدين الإسلامي واللغة الانكليزية والدين المسيحي البروتستنتي واللغة الفرنسية والدين المسيحي الكاثوليكي هما العاملان المحددان على التوالي لهوية المجتمع التونسي فالمجتمع الأمريكي والمجتمع الفرنسي. وهكذا يتجلى أن الأرضية الصلبة لبناء الهويات الجماعية للجماعات والمجتمعات والشعوب تكمن في الرموز الثقافية لتلك الشعوب وفي طليعتها رمزا اللغة والدين. ومن ثم فالمناداة بالانتماء إلى هوية جماعية فقدت أهم رموزها الثقافية في المجتمع الذي ينادي فيه البعض بالعودة إلى تلك الهوية هي مناداة أساسها بكل بساطة الجهل بالمحددات الحقيقية للهويات الجماعية عند الشعوب، كما تطرحها بحوث ومفاهيم ونظريات العلوم الاجتماعية الحديثة. وكما أكدنا سابقاعلى أن إنسانية الجنس البشري تتمثل في انفراده بمنظومة الرموزالثقافية التي مدته بمزايا عديدة مكنته من السيادة على بقية الأجناس الأخرى ،فإنها هي أيضا التي تعطيه القدرة على تجاوزالإنتماءات المحدودة والضيقة بين بني البشرالتي تفرضها عليهم أصولهم العرقية ولون بشرتهم وطول أو قصر قاماتهم. إن الرموز الثقافية لها نوع من العصى السحرية في قدرتها على إفساح الآفاق أمام الفئات والمجتمعات والشعوب ذات الأصول العرقية المختلفة وألوان البشرة المتنوعة لكي تتجاوز حدود الإنتماءات الضيقة إلى إنتماءات واسعة ورحبة تكاد تكون بلاحدود.أي أن الرموزالثقافية تسمح للناس أن يبلغوا عبرها أوج إنسانيتهم في التلاحم والتحالف والتآخي مع الأخرين.إذ تمنحهم تأشيرة خضراء لتجاوز حدود ومضايقات الفروق والإختلافات اللونية والعرقية التي يمكن أن توجد بينهم في المكان والزمان. (*) عالم اجتماع ـ تونس ــــــــــــــــــــ البريد الإلكتروني: mathwad@yahoo.ca الموقع الإلكتروني: www.romuz.com (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 مارس 2008)
الطيب البكوش رئيس المعهد العربي لحقوق الانسان لـ »الصباح »: الحكومات العربية تتفاعل مع برامجنا الموجهة للشرطة والقضاة والإعلاميين ساهمنا في التحسيس بضرورة مراجعة مئات الكتب المدرسية
حاوره كمال بن يونس تونس ـ الصباح : تتواصل بمدينة الحمامات حتى الثلاثاء القادم أعمال الدورة التدريبية التي ينظمها المعهد العربي لحقوق الانسان بتونس لفائدة القضاة العرب حول » الاليات الدولية والاقليمية لحماية حقوق الانسان » بمشاركة حوالي 30 قاضيا وقاضية ـ نصفهم من تونس ـ الى جانب عدد من كبار المسؤولين في وزارة العدل وحقوق الانسان بينهم الاستاذ رضا خماخم المنسق العام لحقوق الانسان في الوزارة والقاضية الاستاذة منية عمار الفقي.. والدكتورحاتم قطران الحقوقي والخبيرالتونسي والاممي.. وثلة من الخبراء العرب في مجال الاليات الدولية لحماية حقوق الانسان واستقلالية القضاء ومنع تعذيب المعتقلين والمساجين.. وطرق التعامل مع السجناء الاحداث ( صغار السن ) والنساء.. على هامش هذا الملتقى كان لنا اللقاء التالي مع الاستاذ الطيب البكوش رئيس المعهد العربي لحقوق الانسان الذي يتابع منذ 18 عاما أنشطته انطلاقا من مقره المركزي بتونس.. وتزايد في الاعوام الماضية التفاعل مع انشطته ومنشوراته وموقعه الالكتروني.. رغم بروز منافسين عديدين له عربيا.. * أستاذ الطيب البكوش أولا لماذا هذه الدورة المخصصة للقضاة حول حقوق المتقاضين والمساجين والاليات الدولية التي تهم القضاء؟ – هذه الندوة هي الرابعة التي ينظمها المعهد العربي لحقوق الانسان مع وزارة العدل وحقوق الانسان في تونس.. بمشاركة قضاة واداريين من عدة دول عربية.. مع التركيز في كل دورة على ملف.. وفي الدورة الحالية المحور الرئيسي هو « الآليات الدولية والاقليمية لحماية حقوق الانسان » مع التركيز على حقوق المتقاضين.. لذلك فان من بين المداخلات المبرمجة ما يهم التعريف بالمنظومتين الدولية والعربية لحقوق الانسان.. مع تخصيص بعض الورشات لبحث الاجراءات التعاهدية لمناهضة التعذيب ومجلس حقوق الانسان الاممي وحقو ق الطفل.. واستقلالية القضاء.. واحترام حقوق المعتقلين والمساجين قبل المحاكمة وبعدها.. الخ استقلالية القضاء * وهل تتوقعون أن يؤثرتنظيم مثل هذه الدورات على استقلالية القضاء وتحسين أداء المحاكم وأوضاع السجون؟ – بالفعل هناك تاثير لان التجربة بينت أن كثيرا من الشخصيات القضائية والامنية والادارية والفنية والعربية التي شاركت في دوراتنا السابقة استفادت من تلك الدورات.. وأقرت أنها لم تدرس في المعاهد والجامعات كما ينبغي المواثيق الاممية والمرجعيات الدولية لحقوق الانسان واحترام الحرمة الجسدية للافراد.. كما لم يتعمق كثيرمن المشاركين سابقا في دراسة الدساتيروالقوانين الذي تضمن حقوق الا نسان.. والمشاركون في دورات المعهد العربي ينقلون ما تعلموه الى زملائهم والمحيط الذي قدموا منه.. بما في ذلك بين رجال الامن والقضاة والمسؤولين الادرايين..ونحن نتلقى مزيدا من المراسلات من قبل وزارات الداخلية والعدل والتربية في الدول العربية لدعوتنا لتنظيم دورات دورات لفائدة مزيد من رجال الامن والقضاة ووالمسؤولين الاداريين. * هل تكفي بعض المحاضرات والورشات خلال اسبوع في اقناع القضاة التونسيين والعرب المشاركين باهمية احترام استقلالية القضاء وكرامة المتقاضين مثلما نصت على ذلك المواثيق الاممية؟ – أنشطتنا لاتكتفي بالمحاضرات والمداخلات العلمية بل تشمل الورشات وتنظيم محاكمات افتراضية.. كما سيزور القضاة محكمة في منطقة الوطن القبلي يعودون بعدها لمناقشتها وتقييمها من خلال المقارنة بين ما شاهدوه وما استمعوا اليه عن القانون الدولي والاعلام العالمي لحقوق الانسان وبقية المواثيق الاممية.. كما تعنى هذه الدورة بالمنظومة العربية لحقوق الانسان التي تواصل الحوار حول مشروعها عقودا.. ثم عرضت في القمة العربية بتونس عام 2004.. وهي منظومة عنيت بالمبادئ والقيم والمعايير..ومنها معايير المحاكمة العادلة والقواعد الدنيا لمعاملة المتهمين والسجناء.. تحسين وضع الحريات * لكن تحسين أوضاع الحريات وتكريس احترام المواثيق الدولية يتجاوز الدورات والكتب والنشريات وهومرتبط أكثر بالقرار السياسي وعوامل أخرى من بينها سلوكيات عشرات الآلاف من الموظفين في قطاعات عديدة والقضاة والمحامين ورجال الامن؟ – بالفعل هناك أطراف عديدة تتدخل.. والمسؤولية مشتركة.. لكن التجربة بينت أن الجهات الادارية تتفاعل مع برامجنا ودراساتنا وجهودنا.. وقد نجحنا مثلا في مراجعة محتويات نحو 700 كتاب مدرسي.. كما اعددنا دراسات حول مضمون وسائل الاعلام العربية.. وقد تفاعلت جهات رسمية ومستقلة وحقوقية عديدة مع الدراسات التي نعدها والدورات التي ننظمها وساهم فيها عدد كبيرمن الخبراء.. دورات تدريب في العراق * من بين برامجكم هذا العام دورات تدريب في العراق. هل تعتقد أن تلك الدورات يمكن ان تساهم في تطويرالعلاقات بين مختلف الفرقاء السياسيين.. عبرحثهم على الاحتكام الى المواثيق الدولية لحقوق الانسان؟ – بالفعل لدينا برامج أنشطة ودورات في عدة دول عربية بينها العراق.. حيث سبق أن شركنا نشطاء من المجتمع المدني العراقي في دوراتنا في الاردن والعراق.. وقد أسس بعضهم جميعات غير حكومية وهيئات حقوقية.. ونامل أن تساهم الدورات المبرمجة هذا العام في تطويرظروف عمل النشطاء وعلاقاتهم بمختلف الاطراف الفاعلة في المجتمع العراقي.. لكن مهما كانت اهمية دوراتنا فالوضع في العراق معقد جدا..وله أبعاد سياسية داخلية اقليمية ودولية.. من بينها غياب الحق في الامن والعيش اللائق.. ووضع الاحتلال والصراعات المسلحة.. أي أن دورنا كمعهد عربي لا يمكن تحميله أكثرمما يتحمل.. وأغلب مؤسسات المجتمع المدني في العراق جديدة برزت بعد سقوط النظام السابق واحتلال بغداد.. وهي تحتاج الى الدعم لا سيما عبر دورات لفائدتها من قبل المعهد العربي لحقوق الانسان والهيئات الحقوقية العراقية والعربية التي ساهم المعهد خلال الـ18 عاما الماضية في تنظيم دورات لفائدتها.. والتواصل معها عبر منشورات المعهد وبقية أنشطته.. حاوره كمال بن يونس (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 مارس 2008)
بين الطّالبي والشّرفي: «الحقيقة والمنهج»* أصل الإشكالية وطبيعة أبعادها المعرفية (1 من 2)
بقلم: د. محمد الكحلاوي لقد قرأت كتاب الأستاذ محمد الطالبي « ليطمئن قلبي » (دار سراس للنشر) وطالعت أغلب الردود والمناقشات والتعليقات التي دوّت بشأنه لا سيّما ما نشر منها على أعمدة جريدة « الصّباح » الغرّاء، وراودتني فكرة الكتابة عن مسألة مهمّة يطرحها هذا الكتاب، تتّصل بالمقاربة التي رام الأستاذ الطالبي إنجازها حول مناهج العلوم الإنسانية وتطبيقاتها في مجال دراسة الظّواهر الدّينية وطبيعة الاستنتاجات العلمية التي يتوصل إليها الباحث من جهة العلاقة بالمعتقد الدّيني، إثباتا أو نفيا، وهو جانب في تقديري على غاية من الأهميّة، لم يتفطّن إليه أغلب من كتبوا، غير أنّي كنت متردّدا لسببين رئيسيين: الأول أن يؤول كلامي على أنه انحياز وتأييد لصاحب التأليف أو اعتراض عليه. والثاني: أن سياق وضع كتاب « ليطمئن قلبي » لا يمكن اعتباره مطلقا وليد خلفية معرفية علميّة خالصة، بل يلتقي فيه الذّاتي بالموضوعي والعلمي بالإيديولوجي والدّيني الخالص بما هو غير ذلك. غير أن ما حفّزني على الكتابة هو الرّد الذي كتبه الأستاذ عبد المجيد الشرفي (أحد أبرز من استهدفه نقد الأستاذ الطالبي وانتقاده في هذا الكتاب) ونشر على أعمدة جريدة الصباح يوم 23 مارس الجاري. إنّ الغرض من هذه المقالة ليس حسم الأمر أو الانحياز لأحد الطرفين اللّذين ربطت بينهما صلة التعاون والزمالة والبحث والإشراف والمشاركات في الملتقيات الدولية باسم الجامعة التونسية، ونخبتها النيّرة لاسيّما في منتديات الحوار الإسلامي المسيحي لمدّة تقارب الأربعين سنة. إنما ما حفّزني على الكتابة في هذا الشأن هو استكناه الدّلالة القصوى والأبعاد المعرفية العميقة لكتاب « ليطمئنّ قلبي » وما حبّر حوله من ردود، وتستتبع ذلك الرغبة في تبيان انعكاسات مثل هذه المعركة، وما ينجم عنها من صدى في مستوى الدوائر الأكاديمية المنشغلة بالبحوث العلمية المتصلة بالدين والحضارة وقضايا الفكر الإسلامي وقراءة التاريخ، وبالتالي إدراك ما يمكن أن يتولد عن ذلك من قيم معرفية وروح علمية جديدة، يمكن أن تأخذ بها أجيال اليوم. وذلك أهّم ما يدعو إلى النّظر والبحث بخصوص معركة كتاب « ليطمئن قلبي ». خاصة وأن ذلك يتزامن مع مرور خمسين سنة أو ما يقارب على انبعاث الجامعة التونسية في هيئتها الأكاديمية العصرية إبان فجر الاستقلال وظهور الدولة الوطنية الحديثة. حيث تمّ الرّهان على حرّية البحث العلمي الأكاديمي ونزاهته، وإقرار مبدأ احترام النتائج والأفكار التي يتوصل إليها الباحث أستاذا أو طالبا متخصّصا في الآداب أو الإنسانيات أو العلوم الصحيحة، واشترط كلّ ذلك بضرورة مواكبة المفاهيم الجديدة التي تظهر في مجال النّظريات العلمية ومناهج البحث. ومن خلال ذلك- كما هو معلوم- انخرطت الجامعة التونسية في منظومة التعليم العصري من ضمن دول عربية قليلة كانت بدورها سبّاقة إلى ذلك. ومازال رهان الانخراط في المنظومة الجديدة مطلبا قائم الذّات تسعى أغلب النخب الأكاديمية الخلاّقة وسلطة الإشراف على تجسيمه بحسب الممكن، ووفقا للمتغيّرات الكونية وطبيعة أوضاعنا الدّاخلية وإمكاناتنا الذّاتية. معارك لا بدّ منها، وإن تجيء متأخّرة زمنيّا لقد كان من الممكن ، بل من الضروري في تقديري أن توجد مثل هذه المعارك والرّدود بين الجامعيين ذوي الطروحات والمشاريع الفكرية، منذ فجر السبعينات مثلا عندما بدأت الملامح الأولى لمسار البحوث والدراسات الجامعية تتشكل أو في طور التشكّل، وقد ظهر آنذاك نزوع لدى بعض الجامعيين إلى الانفتاح على المحيط ومحاولة التأثير في مجرى الحياة السّياسية والاجتماعية، وفي تفعيل ما يحدث ثقافيا. وقد احتاجت الدّولة الحديثة الناشئة آنذاك إلى إسهام الجامعيين في معركة البناء والتشييد، وسعت الجامعة بدورها أن تكون مرآة للتقدّم والتطوّر المنشود في سائر المجالات، ولعبت عديد الوجوه الجامعية أدوارا فاعلة في هذا السياق ليس هذا مجال تفصيل القول فيها. إن الثّابت في الأمر أن عشرية السبعينات وكذلك العشرية التي تلتها خلت أو كادت من الجدل العلمي بين الجامعيين ومن الاختلاف المعرفي العميق، ومن الرّدود والمعارك العلمية التّي هي ضرورية لتقدّم الفكر والبحث ولنهوض الجامعة برسالتها النبيلة. لعلّ المعارك التي ظهرت آنذاك من جنس المعارك السّياسية التي تترجم خلافات إيديولوجية ارتبطت بخيارات انتهى تأثيرها وبريقها مع تقادم الزمن. ونادرا ما تقع مجادلات علمية جادّة تدون في كتب أو دوريات ومن اللافت للانتباه أن أكثر الشخصيات كانت أعماله موضوعا للنقد، وحتّى التّصويب والتصحيح أحيانا هو محمد الطالبي، فعندما نشر الطالبي تحقيقه لكتاب « الحوادث والبدع » للطرطوشي (أبو بكر محمد بن الوليد الأندلسي)(1). سنة 1959، كتب البحّاثة العربي والمحقّق الكبير الأستاذ صلاح الدّين المنجّد مقالا ينقد فيه تحقيق محمد الطالبي لهذا الأثر، ومما قاله صلاح الدين المنجد ناقدا لتحقيق الطالبي: « …وفي تراجم الإعلام اتّبع المحقّق (الطالبي) طريقة تدلّ على عدم تمكّنه من معرفة الرّجال (الصّحابة)، وطبع نص الكتاب دون ضبط الألفاظ التي تحتاج إلى ضبط، والأعلام التي تشكل قراءتها وهذا ليس من المنهج العلمي في نشر النصوص »(2).. وكتب في الغرض نفسه الشيخ المختار السلاّمي المفتي السابق للجمهورية التونسية يقول: « لو أردت الكشف عن كلّ ما وقع فيه المحقّق (الطالبي) من أخطاء وبيان مآخذه ثم تقويم ذلك لكانت رسالة مطوّلة لا مقالا في مجلّة لأنّ المحقّق (الطالبي) يتعثر في كل خطوة يخطوها، ولا يستقيم إلاّ قليلا حتى يقع في سقطة أعمق من سابقتها مما يدلّ على أنّه بعيد عن فن التحقيق كل البعد أجنبي عن علم الشّريعة الإسلامية »(3). ولعلّ مثل تلك الأخطاء والنقائص المشار إليها هي التي دفعت بعبد المجيد التركي إلى إعادة تحقيق كتاب الحوادث والبدع لأبي بكر الطرطوشي ووضع ضمن تحقيقه-في التقديم- مبحثا بعنوان: « قائمة في أخطاء الطالبي(4). من الرّدود العلمية الرفيعة على بعض تآليف الطالبي ومناقشاته الأخرى ما كتبه الرّاحل الشاذلي بويحي أحد الرواد الأوائل لانبعاث الجامعة التونسية بعنوان: « زيادة التعريف بالرقيق أو ردّ الشاذلي بويحي على مقال محمد الطالبي الذي عنوانه عودة إلى أبي إسحاق إبراهيم بن القاسم الرّقيق أو ابن الرقيق »(5). يقول الشاذلي بن يحي: « على أنّنا سنعرض هاهنا إلى النّقاط يحاجّنا فيها، نقطة نقطة حتى نبيّن أنّ نقدنا إيّاها كان لابّد منه، وأنّه نقد موضوعي وإنّ اتهاماته إيّانا لا أساس لها »(ص60). وهكذا إلى أن ظهرت في السنوات الأخيرة معارك كثيرة، وردود تسعى أن تكون عميقة، وترفع شعارات البحث العلمي النزيه لوجوه وأسماء جامعية وثقافية أكثرها أنهـى دوره الوظيفـي الرّسمي (التدريس والتأطير). وغالبا ما تكون تلك الرّدود مترجمة لمواقف وتناقضات ربّما لم يكن من الممكن الإفصاح عنها سابقا، إمّا بسبب طبيعة المصالح، أو انطلاقا من اتّساع دائرة الحلم في توسيع مجال النّقود والتأثير والحظوة، وبالتّالي اجتناب ما قد يكون وراء تكاثر عدد الأعداد، أو ما قد ينجم عن ذلك من خصومات قد تعقّد مساعي تحقيق الأحلام وحصد النّجاحات. إنّ الأمر عندنا على عكس ما هو في الجامعات الغربية المتقدّمة أو بعض الكلّيات العربية الناسجة على منوالها مثل الجامعة المغربية حيث الرّدود العلمية والمناقشات المعرفية النزيهة تجري في كنف الهدوء والاحترام ابتغاء تقدّم البحث العلمي وتطوير إمكانات نجاعته، ومثال ذلك ردود طه عبد الرحمن على مشروع محمد عابد الجابري « في نقد العقل العربي » أو ردود محمد وقيدي على الكتابات الفلسفية لجيل الرّواد الأوائل من المعاصرين أو القراءات النقدية لكمال عبد اللّطيف على تآليف معاصرة في مجال الفلسفة والفكر السياسي والتّاريخي المغربي والعربي الحديث. بخصوص مؤلفات عبد المجيد الشرفي صدر قبل كتاب الطالبي المشار إليه أعلاه تأليف لمحمد لطفي اليوسفي تحت عنوان « القراءة المقاومة وبكاء الحجر »(6) موضوعه نقد كتابات عبد المجيد الشرقي وإرجاع ثمراتها المعرفية ونتائجها الفكرية إلى تآليف رموز جامعية وفكرية تقدّمته، ويؤاخذ عليه تأثره بالإستشراق في وجهه السلبي، وتتفيهه للّغة العربية باعتبارها « لغة ثقافة الماضي »، وغير ذلك من الاتهامات كالنرجسية وادعاء الإحاطة بعلوم ومعارف كثيرة. لكنّ ذلك فسّر لدى البعض بأنّه وليد خلافات شخصية غير أنّ هذا لا يعني الحسم في مسألة القيمة العلمية لهذا التأليف. وكتب عبد الرحمن حللي نقدا لبعض مؤلفات الشرفي نشره بمجلة الحياة الثقافية بعنوان: « قراءة في كتاب الإسلام بين الرسالة والتاريخ »(7) وكتب محمد الحبيب السلامي ردّا بعنوان « لماذا أخطأ الأستاذ عبد المجيد الشرفي وأوقع غيره في الخطأ » نشر بمجلة « حقائق »(8). أصل الخلاف ومشكلة الاحتجاج بالعلم إن ما يتبادر إلى الذّهن، ويمكن أن يستنتجه القارئ الحصيف لكتاب « ليطمئن قلبي »، أنه جاء يطرح قضية المنهج وتطبيقاته في مجال الدراسات الدينية وآفاق هذه الدراسات فيما يتعلق بالإيمان الديني وقداسة المعتقد. لكنّ ما يلفت الانتباه أنّ هذا التأليف لمحمد الطالبي جاء متأخرا في الزّمن حتى بالنسبة لكتاب عبد المجيد الشرفي « الإسلام بين الرسالة والتاريخ » الصادر عن دار الطليعة، بيروت منذ سنة 2001، وكأنّ كتاب الطالبي « ليطمئن قلبي » يبيح سرّا، أو يكفّر عن ذنب، أو يعلن بطريقة غير مباشرة عن تواطئه مع الخطأ إن كان موجودا.ذلك أنه أعرف الناس بكتابات الشرفي، وأشرف على البعض منها (الأطروحة). وظلّ الشرفي يتخذ منه أستاذا ودليلا إلى فترة قريبة نسبيا، فقد اعتمد منهجه على نحو من الدّقة في دراساته « حول الآيات 183- 187من سورة البقرة »(9). لقد أعلن عبد المجيد الشرفي منذ فجر السبعينات عن منحاه في دراسة قضايا الفكر الإسلامي والعلاقة بين الوحي/الكتاب والقراءات والتأويلات والرّدود المنجزة حوله تاريخيا، كما ترجمتها الفرق والمذاهب الفكرية الّدينية على امتداد التاريخ. واهتّم بدراسة حضور المسيحية في الثقافة العربية وردود علماء الدّين المسلمين على نظرائهم المسيحيين(10)، فهو قد ابتدأ الاهتمام بالمسيحية وحضورها في الثقافة العربية ليتجه بعد ذلك إلى الفكر الإسلامي ويسعى إلى إرساء تقاليد نقد أمهات مصادره في ضوء مفاهيم المعرفة الحديثة وأدواتها المنهجية. وكان يؤكّد في أغلب ما كتب على أنه يدرس تلك القراءات من منظور مناهج المعرفة الحديثة ومفاهيم العلوم الإنسانية المعاصرة من ناحية أولى وباعتبارها منجزا بشريا وتجربة تاريخيّة من جهة ثانية، وهدف الشرفي من ذلك الكشف عن « الحقيقة التاريخية »، والإبانة عن التأثير الذي يمارسه السّياق الاجتماعي السياسي على التفاسير والقراءات والاجتهادات الفقهية أو اللاّهوتية التي لا تعكس بالضرورة المقصد الأساسي لروح النص الدّيني (القرآن)، إنّما تعكس وجهة نظر المؤلف: الفقيه أو المتكلم أو المفسر وطبيعة انتمائه المذهبي. وهكذا كان عبد المجيد الشرفي في ما كتبه من بحوث ودراسات نشرت على الأخص في كتابيه « الإسلام والحداثة » و »لبنات » ناقدا لمختلف مدارس الفكر الإسلامي ساعيا إلى الكشف عن تاريخية شتى القراءات والتأويلات، مستدلاّ على انعكاساتها السلبية التي من أبرزها تعطيل حركة الفكر عن التقدّم، وبالتالي إلحاق شتّى النعوت السّلبية بالإسلام الذّي لا يعارض التقدّم والعلم، إنما الناطقون باسمه غالبا ما يكونون « أعداء للتحديث » ورافضين للانفتاح على كشوفات العلم والمناهج الحديثة، ويمارسون الإقصاء باسم امتلاك الحقيقة النهائية لتفسير النصّ الدّيني. وقد أكّد عبد المجيد الشرفي هذا المنحى في ردّه المشار إليه أعلاه حين قال: « إن في الإسلام ثلاثة مستويات يتعيّن عدم الخلط بينها: الأوّل هو مستوى النّص، والثاني مستوى تأويلات هذا النص التأسيسي الذي هو ركيزة الدين ومرجع وحدته، وتطبيقاته التاريخية، أما الثالث فمستوى الإيمان الشخصي المستعصي على التحديد والحصر والتنميط، (ويوضّح الشرفي قائلا): ونحن لا نهتم في دراستنا إلا بالمستوى الثاني من هذه المستويات (ويعلّل ذلك قائلا) لأنّه (المستوى الثاني) المستوى البشري النّسبي المتعدّد بتعدّد الأمكنة واختلاف الأزمنة والبيئات وغيرها من الظروف والعوامل » ويورد نموذجا لذلك فيقول: ومن أراد التأكد من ذلك فإننا نحيله على مجموعة البحوث التي أشرفنا عليها ونشرت ببيروت (دار الطليعة) تحت عنوان جامع « الإسلام واحدا ومتعدّدا ». وهنا نطرح تساؤلين الأول لماذا كان النموذج الذي استدلّ به الشرفي هو ما أشرف عليه من بحوث، وليس ممّا هو من تآليفه الخاصّة، صحيح أن ما يشرف عليه الشرفي غالبا ما كان صدى لآرائه وتصوّراته للمسائل المدروسة… الثاني لماذا لم يبادر الشرفي إلى حسم الأمر بخصوص كتابه « الإسلام بين الرسالة والتاريخ » وهو مدار الإشكال، وموضوع الاعتراض عليه. وقد شمل النقد والاعتراض على هذا الكتاب كل صفحاته بداء من أولها التي تضمنت تنصيصا على الصفة العلمية الشرفي « أستاذ الفكر الإسلامي والحضارة العربية » وصولا إلى تصنيفه… ووصفه بالكفر والانسلاخ والاندساس مع الاعتراض على موقفه من النبوة ومفهوم ختم النبوة والكتاب والوحي ولغة القرآن وتدوينه وتاريخية التدوين والتأثر بمن تقدّمه ومن تأخره في تناول هذا الموضوع، صحيح أن الشرفي في ردّه تطرّق إلى قراءته بخصوص هذه القضايا والمسائل، لكنه لم يفصّل القول بخصوص قضيّة المنهج المعتمد في كتابه « الإسلام بين الرسالة والتاريخ »، وقد كشف عنه أو عن جانب منه في الصفحات الأولى من هذا الكتاب، بما قد يتعارض في مستوى المعنى الكلّي مع تفصيله المذكور أعلاه، يقول الشرفي: « من هذه الوجهة سنحاول أن نطبّق على الإسلام نتائج البحث الحديث ومناهجه، ونحن واعون بأنه يشترك مع سائر الأديان، وخاصّة مع اليهودية والمسحية في الخضوع للنواميس والسنن العامة التي تطبع الظاهرة الدّينية » انظر كتابه (الإسلام بين الرسالة والتاريخ، ص 13) الكلام صريح بخصوص المسعي إلى تطبيق مناهج البحث الحديث على الإسلام دون تمييز بين المستويات الثلاثة في بنيته كما جاء في الرّد. لعلّ مثل هذا المنحى في دراسة الإسلام، وحيا ونبوّة وكتابا تصارعت بشأنه القراءات والتأويلات هو الذي أوقع الشرفي في مواقف واستنتاجات كثيرة رآها الطّالبي خروجا عن الإسلام، ودحضا لقداسته وتقويضا له من الدّاخل، إنه رغم تأكيد الشرفي على أن « الإسلام يختصّ…بميزات تجعله غير قابل للذّوبان في أي دين آخر » (المرجع نفسه ص13) ظل أسير منطق المماثلة في استخدام مباحث علم الدّين المقارن والفينيمولوجيا الدّينية La phénoménologie religieuse ويتّضح ذلك بدليل قوله مثلا « … وهو ما يحتّم النظر إلى ظهور الإسلام في بداية القرن السابع الميلادي لا على أساس أنّه امتداد طبيعي للظاهرة الدينية التوحيدية التي عرفتها اليهودية والمسيحية فحسب، بل كذلك وفي الآن نفسه على أنّه تواصل للظّاهرة الدّينية عموما عبر التاريخ البشرى » (المرجع نفسه، ص 26). إنّ منطوق هذا الكلام يناقض وجهة النّظر الإيمانية التي ترى الإسلام/ القرآن كلام الله المنزّل-الذي لم يلحقه التبديل ولا التحريف، به تستقيم عقيدة التّوحيد و »تطمئن القلوب » لا باعتباره مجرّد امتداد لظاهرة الأديان التوحيدية عبر التاريخ، أو جاء في فترة استدعت بروز الإسلام، وظهور النبيّ محمد، يقول الشرفي: « … وبعبارة أخرى، كانت الفترة التّي ظهر فيها الإسلام، فترة تحوّل على مختلف الأصعدة، فترة شبيهة بالفترات التي تستدعي بطبيعتها بروز الأشخاص الذين يحملون أملا رحبا ويفتحون الآفاق المسدودة فكان محمد بن عبد الله هو الذي قام بهذه المهمة » (المرجع نفسه ص 29). ليس من ضرورة إذن لمزيد الخوض في بيان منطلقات مقاربة الشرفي التي انتهت به إلى ما اعتبره الطالبي « كفرا » أو « انسلاخا »، كما ليس من جدوى في التماس المخارج والمعاذير (بلغة علماء الإسلام القدامى من أجدادنا)، أنّ ما يجدر الاهتمام به في تقديري وهو ما يمثّل مدار الاشتراك بيننا جميعا أي ما يتعلق باستخدام مناهج العلوم الإنسانية ومفاهيم المعرفة الحديثة في دراسة الأديان وفق معقولية علمية خالصة، تفترض الإحاطة الدقيقة بالإشكاليات والمزالق التي قد تطرح في مستوى معرفي ابستمولوجي أو عند ما يتعلّق الأمر بالإيمان، وبكلّ ما هو من صميم جوهر المقدّس، والمعتقد الدّيني الحميمي الخاص، بعيدا عن التكفير والرفض أو التمجيد والاعتداد المبالغ فيه بجدوى المنهج. إن ذلك إشكال ابستمولوجي (علمي/معرفي) يتعلّق بمأزق العلوم الإنسانية الحديثة وصلتها بالفلسفة، وبتاريخها الذّاتي، وهو مجال بحث مهمّ لم تنجز بشأنه الدراسات العلمية اللاّزمة في ثقافتنا المعاصرة لدينا، وهذا ما من شأنه أن يوقعنا كل مرّة في مثل هذه الملابسات. (يتبـع) ـــــــــــ الهوامش والإحالات *) الحقيقة والمنهجMéthode Vérité عنوان كتاب للفيلسوف الألماني هانز جورج غادميرH.G.Gadmet رائد نظرية التأويل الفلسفي وصاحب مشروع نقد فلسفي لمناهج العلوم الإنسانية في مقابل الرّهان على القراءات التأويلية في مجال الفلسفة ضمن ما يصطلح عليه بـ »فن الفهم »، وقد استعرنا هذا العنوان رغبة منّا في محاولة الفصل بين ما هو ذو ماهيّة وجوهر محدّد وما هو من المنهج الذي قد يوقع في ما يمكن اعتباره خطأ أو مشكلا في الاستخدام. 1- صدر هذا التحقيق ضمن نشريات كتابة الدولة للتربية القومية بتونس، 1959. 2- صلاح الدين المنجّد، مجلة معهد المخطوطات العربية المجلد6، ج 1 و.. ماي نوفمبر 1960. 3- انظر الشيخ محمد المختار السلامي، مجلة « العلم والتعليم »، العدد 11 السنة 1397هـ/1977 تونس، ص 10. 4- صدر تحقيق عبد المجيد التركي عن دار الغرب الإسلامي، بيروت. 5- نشر بحوليات الجامعة التونسية. 6- محمد لطفي اليوسفي، القراءة المقاومة وبكاء الحجر، سكربيوس 2002 (صفحة 168). 7- عبد الرحمن حللي، « قراءة في كتاب الإسلام بين الرسالة والتاريخ »، مجلة، الحياة الثقافية، تونس، العدد 129، السنة 26، نوفمبر 2001. 8-محمد الحبيب السلامي، « لماذا اخطأ الأستاذ عبد المجيد الشرفي وأوقع غيره في الخطأ »، مجلة، « حقائق »، تونس، العـدد 808. 9- عبد المجيد الشرفي، « حول الآيات، 183-187 من سورة البقرة »، ضمن بحوث مهداة إلى محمد الطالبي في عيد ميلاده السبعين، منشورات كلية الآداب بمنوبة 1993، ونشر ضمن كتاب « لبنات » لنفس المؤلف دار الجنوب للنشر، 1994. 10- عبد المجيد الشرفي، « ردّ الفكر الإسلامي على النصاري »، الدار التونسية للنشر، 1988. 11- صدر عن دار المعارف، سوسة، 2006. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 مارس 2008)«
المغرب يضيق الخناق على الإسلاميين
الحسن سرات-الرباط بدأت السلطات المغربية حديثا وبناء على تعليمات من وزير الداخلية شكيب بن موسى شن حملة تضييق تستهدف الإسلاميين في المغرب وبالأخص جماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية. اعتقالات ومحاكمات حملة التضييق الرسمية على الإسلاميين، بدأت بإصدار وزير الداخلية تعليمات إلى ممثلي السلطة تحثهم على عدم التساهل مع جماعة العدل والإحسان واستعمال الحزم تجاهها، وبناء على هذه التعليمات لاحقت السلطات كل أنشطة الجماعة، ملقية القبض على بعض أعضائها وقيادييها بتهم مختلفة. وتأتي محاكمة ندية ياسين ابنة مرشد الجماعة عبد السلام ياسين في إطار هذا التضييق، حيث لا تزال المحكمة تلجأ لتأجيل المحاكمة، ويوم الثلاثاء الماضي لجأت المحكمة لتأجيل القضية للمرة السادسة على التوالي. يذكر أن ندية ياسين تحاكم إلى جانب الصحفي عبد العزيز كوكاس وصحفي آخر من صحيفة « الأسبوعية الجديدة » بتهمة « إهانة المقدسات والإخلال بالنظام العام » بسبب تصريحات أدلت نادية بها للصحيفة. وتأتي المحاكمة بناء على شكوى رفعتها نيابة الملك ضد نادية ياسين (41 عاما) إثر تصريحاتها في المقابلة الصحفية أعربت فيها عن تفضيلها للنظام الجمهوري على الملكي. وكانت نادية أوضحت لاحقا أنها أدلت برأيها الشخصي كمثقفة وأنها لم تدع إلى تعبئة الناس لتأييد النظام الجمهوري. ولم يفلت حزب العدالة والتنمية بدوره من حملة التضييق، إذ ألقي القبض على كاتبه الإقليمي بمدينة ابن سليمان القريبة من الرباط بسبب مشاركته في وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني، ووجهت إليه تهمة الاعتداء على أربعة من رجال الأمن ثم أخلي سبيله بعد المحاكمة. واستنكر الحزب « الطريقة الظالمة التي تم بها تلفيق التهم للمسؤول الإقليمي »، ووصف هذه الحادثة بأنها « عودة إلى الممارسات الظالمة للسلطات ». ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن السلطات عرقلت أنشطة أخرى للحزب في مدن مختلفة، كان من المقرر أن يشارك فيها أعضاء من أمانته العامة على رأسهم الأمين العام سعد الدين العثماني، مما دفع هذا الأخير لتوجيه رسالة احتجاجية إلى وزير الداخلية يحثه فيها على التحقيق في الموضوع وعدم تكرار التعسف في المستقبل. عزل الإسلاميين وفي تحليله للأزمة بين الحكومة والإسلاميين، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة طنجة عبد العالي حامي الدين أن الدولة تسعى إلى عزل الإسلاميين كل على حدة، وذلك حتى لا يستثمروا حالة الغليان والتذمر من الانتخابات التي جرت في سبتمبر/أيلول 2007 وموجة الغلاء الحالية. أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني محمد ضريف فرأى أن هناك تحولا في جوهر النزاع بين الحكومة والإسلاميين في المغرب، إذ تحولت من أزمة وجود إلى التشكيك في الوضع القانوني للجماعة من جانب الحكومة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 30 مارس 2008)
« المفتنون ».. رد « حضاري » على فتنة فيلدرز
نصر الدين الدجبى لاهاي – بعد 24 ساعة على عرض البرلماني الهولندي اليميني جيرت فيلدرز فيلمه المسيء للإسلام « فتنة » على الإنترنت، عرضت الرابطة العربية الأوروبية في هولندا مساء يوم الجمعة الماضي على موقع « يوتيوب » الشهير فيلما قصيرا بعنوان « المفتنون » يظهر المواقف العنصرية للنائب المتطرف تجاه المسلمين والمهاجرين. ويأتي عرض « المفتنون » كرد « عملي وحضاري على التصريحات والمواقف العنصرية التي يطرحها فيلدرز ضد المسلمين، وهو رد لا يخرج عن القوانين السارية في هولندا »، كما صرح عبد المطلب بوزردة، المسئول بالرابطة العربية الأوروبية، المتواجدة بالأساس في هولندا وبلجيكا، لبرنامج « نوفا » التليفزيوني الشهير في هولندا مساء الجمعة. ويركز الفيلم القصير (سبع دقائق) على المواقف « العنصرية » التي يتبناها فيلدرز إزاء المسلمين، كمناداته بالتمييز بين الهولنديين والمهاجرين المسلمين، باعتبار أن الهولنديين « يتفوقون » عليهم. ويخرج الفيلم بخلاصة تقول: « إذا لم يكن فيلدرز عنصريا فلمن العنصرية إذن؟ ». كما يعرض الفيلم لعلاقة فيلدرز الوثيقة بإسرائيل، ويورد تصريحات للنائب المتشدد يقول فيها: « زرت عدة دول كتونس وتركيا وغيرها (..) لكن لم أجد شعورا بالتضامن مثلما وجدته في إسرائيل ». ويتضمن كذلك صورا له خلال زياراته الكثيرة لإسرائيل ولقاءاته مع عدد من قادتها كإيهود باراك وزير الدفاع الحالي ورئيس الوزراء السابق ارئيل شارون . ويشير الفيلم إلى أن فيلدرز، المتزوج من يهودية مجرية، أثار شكوكا لدى بعض أعضاء حزبه في أنه « يتلقى تعليمات من السفارة الإسرائيلية في هولندا ». كما يعرض الفيلم صورا تبين المجازر التي ارتكبت في مناطق عدة من العالم بحق المسلمين، بالإضافة إلى ما يتعرض له الفلسطينيون من إهانات بسبب الإجراءت الإسرائيلية التعسفية، وما يقوم به الأمريكيون بحق العراقيين من ممارسات تعذيب، فضلا عما يتعرض له الشعب الأفغاني جراء احتلال واشنطن وحلفائها لأفغانستان منذ أواخر 2001. وفي الدقائق الأخيرة من الفيلم تظهر صورة عبد المطلب بوزردة وهو يوحي بداية للمشاهد أن فيلدرز وفقا لآية من القرآن يستحق عقوبة الإعدام، ولكن بعدها يؤكد أن النص الذي تلاه كان مصدره التلمود اليهودي. وإجمالا يتبنى مسلمو هولندا موقفا هادئا تجاه فيلم فيلدرز (فتنة) المسئ للإسلام أقرب لتجاهله، وهو ما لقي إشادة من العلامة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي صرح لـ »إسلام أون لاين.نت » اليوم السبت بأن أبناء الأقلية المسلمة بهولندا، « وقفوا موقفا عقلانيا هادئا وتبنوا الردود المتزنة على موقف النائب المتعصب ». أفلام أخرى مضادة وقبيل عرض فيلم « الفتنة »، بثت إذاعة هولندا العالمية يوم 21-3-2008 فيلما بعنوان « حول فتنة هولندا وفيلدرز »، حاول معدوه الإجابة عن التساؤلات التي أثارها فيلم « فتنة » في بعض أنحاء العالم. وتحدث في الفيلم البروفسور واصف شديد، أستاذ الاتصالات بجامعة ليدن الهولندية، موضحا معوقات اندماج المهاجرين في المجتمع الهولندي، كما شارك في الفيلم البرلماني السابق محمد رباع رئيس المجلس الوطني للمغاربة بهولندا، وعمر ميرزا رئيس تحرير موقع « باقون هنا » الإلكتروني الذي يعنى بأوضاع المسلمين الهولنديين. وتضمن الفيلم كذلك تصريحات لفيلدرز وتعليقات عليها من هولنديين مفادها أن فيلدرز يريد إيقاف الهجرة إلى هولندا بشكل كامل لمدة خمس سنوات، وأن تعامل السلطات المسلمين بطريقة تختلف عن باقي الهولنديين، وهو ما يعني أنه هو الذي يشكل خطرا على الديمقراطية في هولندا وليس المسلمون. كما عرض « تلفزيون الثقافات المختلفة » في بداية الشهر الجاري فيلما في 26 دقيقة أعده ومثّل فيه المسلم من أصول تركية أرسين كيريس، محاولا الإجابة عن أسئلة فيلدرز في قضية الاندماج. وحذر كيريسن من عواقب المضي في تعكير الجو السائد في هولندا بين مختلف مكونات المجتمع، وعنون فيلمه بـ: الفيلم المضاد لفيلم فيلدرز. وفي وقت سابق صرح توفيق الديبي، أصغر أعضاء البرلمان عن حزب الخضر، بأنه في محاولة للرد على « إسلاموفوبيا » فيلدرز سيعد فيلما عن التعايش وسبل الاندماج في المجتمع الهولندي. وقال الديبي ذو الأصول المغربية لوسائل الإعلام الهولندية: « نريد أن نوضح أن دور السياسي هو خدمة المجتمع وليس هدمه »، في إشارة منه إلى تصريحات فيلدرز التي تضرب التعايش. لمشاهدة شريط « المفتنون » اضغط على الرابط التالي: http://www.dailymotion.com/video/x4vy4b_almouftinoun_news (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 30 مارس 2008)
مفكر إسلامي فرنسي: « فتنة » سخافة لم تقنع الغربيين
هادي يحمد باريس- اعتبر محمد المستيري مدير المعهد العالمي للفكر الإسلامي بباريس أن فيلم « فتنة » للبرلماني الهولندي جيرت فيلدرز المسيء للإسلام « حلقة سخيفة من حلقات مخطط إسلاموفوبي يستهدف تشويه الإسلام، ولم يقنع الرأي العام الغربي ». وقال المستيري في حوار أجرته معه « إسلام أون لاين.نت »: « هذا الفيلم هو حلقة من حلقات مخطط إسلاموفوبي يستهدف تشويه صورة الإسلام والمسلمين والتخويف من تناميهم والتحذير من مخاطر أسلمة الغرب، لكنه حلقة ساذجة وسخيفة غير مقنعة للرأي العام الغربي ». واعتبر أن الفيلم الذي عرض يوم الخميس الماضي على الموقع الإلكتروني لحزب فيلدرز « من أجل الحرية »، اختزل رسالة الإسلام في الحروب الجهادية للقاعدة، الأمر الذي يمنح هذا التنظيم ومن يتبنى رؤيته الشهرة. ودعا المستيري المسلمين لعدم الانجرار للاستفزازات التي تضمنها الفيلم بهدف التشكيك في قدرتهم على الاندماج بالغرب. وفيما يلي نص الحوار: * إلى ماذا يهدف فيلم « فتنة » تحديدا حسب رأيك؟ – أعتقد أن الفيلم يرمي إلى إحداث فتنة جديدة للمسلمين بالغرب أساسا، والفتنة تعني الاختبار والابتلاء وهي بذلك مخالفة للمعنى المغلوط والمغالط الذي استعمله صاحب الفيلم بمعنى القتال والحرب مقتديا بجيل كبيل المستشرق الفرنسي وأمثاله. فالفيلم يستهدف التشكيك في قدرة المسلمين في الغرب على الاندماج وحقوقهم المشروعة في أن يعاملوا على أساس المساواة والعدل واحتراما لكرامتهم وخصوصياتهم، فهو فيلم إسلاموفوبي يقوم على التخويف من الوجود الإسلامي في الغرب. ويعلم الجميع أن الأقليات الإسلامية في الغرب تعاني من العنصرية والتهميش والاستخفاف بحقوقها، فليس لديها تمثيل في البرلمانات ولا المجالس البلدية الأوروبية وتفتقر إلى استقلالية مادية تؤمن لها حاجاتها في بناء مؤسساتها التربوية والدينية والثقافية والاجتماعية. فمن السخيف أن تتحول هذه الأقليات من موقع الضحية إلى موقع المجرمة وهو ما يوحي به الفيلم. لقد توعد صاحب الفيلم قبل ظهوره بأن يبرز فاشية الإسلام للعالم ولكنه أظهر فاشيته أكثر حين كشف عن تفاهة الخلط المقصود به تشويه الإسلام وذلك بين الجهاد والإرهاب وبين المقاومة والاحتلال وبين دماء أطفال العراق وفلسطين ودماء جلاديهم. * هل حقق الفيلم غرضه على مستوى الرأي العام الأوربي حتى الآن؟ – هذا الفيلم في نظري هو حلقة من حلقات مخطط إسلاموفوبي يستهدف تشويه صورة الإسلام والمسلمين والتخويف من تناميهم ومن اعتناق الإسلام والتحذير من مخاطر أسلمة الغرب. لكنه حلقة ساذجة وسخيفة غير مقنعة للرأي العام الغربي، فهي بقدر ما تثير مشاعر الاشمئزاز من الوصل بين القرآن والإرهاب فلا بد أن تحرك في نفوسنا مشاعر الرأفة من مستوى الحماقة والجهل التي سقطت فيه. فلا يمكن أن يصدق عاقل أن هذا الإسلام الذي كرم بني آدم، والذي يعتبر صانع الحضارة والمساواة بين الناس وداعي التآخي والمحبة بين جميع الأديان يمكن اختزاله في الجماعات الجهادية المسلحة، ولا يغيب عن المنصفين أن ليس كل جهاد مسلح هو عمل إرهابي بل قد تدعو المقاومة من أجل تحرير الوطن واسترداد الكرامة إلى حمل السلاح. ولا يخفى على أحد أنه لا يمكن أن تتساوى أسلحة الدمار الشامل التي تستبيحها لنفسها القوى العظمى مع الأسلحة اليدوية التي تستعملها المقاومة في قطاع غزة أو بغداد. * فضلا عن الشهرة التي لحقت بمنتجه، هذا الفيلم يخدم من أيضا؟ – لا شك أن إصرار الفيلم على اختزال رسالة الإسلام في الحروب الجهادية المعاصرة باسم « القاعدة » هو إكساب شهرة للقاعدة ذاتها، باعتباره يدعم رؤيتها للبديل العسكري الوحيد في التغيير ويؤكد على احتكارها صفة المقاومة ومشروعية تأويل القرآن بالشكل المحارب. وتخدم هذه القراءة الموالية للقاعدة قوى التطرف والفوبيا في العالم الذي يشهد حربا تكفيرية بين الشعوب والثقافات والحضارات تغذيها القوى المنادية بالصراع وحروب التطهير وعلى رأسها أمريكا بقيادة الرئيس جورج بوش وتقابلها القاعدة بقيادة أسامة بن لادن. فمن المستفيد من هذا الفيلم الإسلاموفوبي سوى ثقافة العنف والكراهية والتخويف من « الآخر » الذي نجهله؟! فالفيلم يصب في اتجاه تغذية الفتنة بين الشعوب التواقة لحياة سلمية ضمن الاحترام المتبادل، والدفع بها نحو الانكفاء على الذات وردود الفعل المتطرفة. * الآن وبعد نشر الفيلم ما الذي يجب على المسلمين فعله عامة و مسلمي أوروبا خاصة؟ – الفيلم استفزاز سخيف لمشاعر المسلمين عامة وفي الغرب خاصة، فليس من الحكمة التهويل من شأنه، فدع الكلاب تنبح والقافلة تسير. وأعتقد أنه لا يحتاج منا سوى جهد الاستنكار، وإن تعدى هذا الجهد ليتحول إلى عمل احتجاجي عارم فسوف نسقط في فخه والهدف منه هو إلهاء الموقف والخطاب الإسلاميين عن قضاياهما الأم وفي مقدمتها مقاومة هجمة الاستعمار الجديد ومكائد الصهيونية العالمية والنهوض الحضاري لشعوبنا في جميع مجالاته. كما يستهدف الفيلم إلهاءنا عن التوطين الهادئ للوجود الإسلامي في الغرب ضمن احترام القانون وتساوي الفرص والكرامة بين الجميع. فلا ينبغي أن تنساق الأقليات الإسلامية في الغرب في ردود الأفعال العنيفة، لقد برهنت هذه الأقليات عن نضجها أثناء حرب الخليج وحروب البلقان ومجازر فلسطين، فكان التعبير عن احتجاجها سلميا. ولا تعني السلمية التزام الصمت فلا بد من استعمال جميع الوسائل المشروعة مثل التظاهر في الشوارع وإقامة العروض الثقافية للرد على حملات التشويه للإسلام والمسلمين، وتنظيم الحوارات مع أهل الحكمة والتعقل والإنصاف من الغربيين حتى نشكل جبهة سلم قوية في مقاومة ثقافة الأحقاد والفوبيا والعنف. ولا بد أن نطالب السياسيين الرسميين داخل أوروبا وخارجها باتخاذ الموقف المناصر لحقنا في الكرامة وأن نطالب الكنيسة الكاثوليكية بالتوقف عن إثارة الشبهات حول الإسلام فلا يمكن أن نقبل تصرف بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر الأخير حين احتفل إعلاميا بمناسبة عيد الفصح باعتناق مسلم مقيم في إيطاليا المسيحية. فهذا سلوك استفزازي يتناقض جوهريا مع دعوة الكنيسة للحوار مع المسلمين ويدعم الاتجاهات التنصيرية المتطرفة داخل الكنيسة. وختاما أستطيع القول أن الإسلاموفوبيا ليست مرضا عارضا فحسب، بل أعراض لمرض مزمن أصاب الحضارة الغربية وهو مرض الاستعلاء والغرور والانفراد بالحقيقة. فلنتحد مع جميع دعاة السلم في العالم من أجل التصدي لهذا المرض الفتاك، ولنقدم النموذج الطيب داخل المسلمين وذلك بالمبادرة في الحوار وقبول الاختلاف والتعاون على ما فيه خير البشرية وهو مقصد الإسلام وجميع الأديان في جوهرها. (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 30 مارس 2008)
حرب العلمانية الرجعية و الإسلام الديمقراطي !
بقلم: عبد الحليم غزالي (*) تتصرف القوي العلمانية في تركيا وفقاً لذهنية تنطوي علي رجعية في الفكر والممارسة معاً، حيث تريد بشكل أو بآخر إعادة البلاد إلي الوراء،وقتل تجربة الإسلاميين الجدد الممثلين في حزب العدالة والتنمية الحاكم ، التجربة التي قامت علي مباديء الاعتدال وتحكيم القيم الديمقراطية وقبول التعايش مع الآخر العلماني الرافض لأية مرجعية دينية للفرد والجماعة في دولة تسعة وتسعون في المائة من سكانها مسلمون،هذه الذهنية أزمتها تنطلق من تقديس الأيدلوجيا الكمالية ،حيث تريد إعادة إنتاج تجربة الزعيم مصطفي كمال أتاتورك الإقصائية المتطرفة في رفض المقدس الإسلامي، بكل الطرق والوسائل الممكنة،انطلاقا من ميكافيللية مقيتة مناقضة للأيدلوجيا ذاتها، فالقانون يجري تسييسه في وضح النهار ويجير لمواجهة حكومة منتخبة ديمقراطيا، والسير في طريق رفض الآخر الإسلامي لدرجة تسويغ الانقلابات، بل ومحاولة تهيئة الأجواء لها بحجة حماية الدولة وقيمها وإرث مؤسسها، سلسلة من التناقضات التي تفضي إلي انحسار هذا الشكل من العلمانية غير الموجود في أي مكان في العالم سوي تركيا، انحسار يبلورها في نخبة غوغائية وجنرالات يقدمون البندقية علي الفكرة بل وعلي استعداد لمواجهة الرأي الآخر بهذه البندقية، توجه في مجمله يخالف سير عجلة التاريخ والتطورات الجارية في العالم أجمع. وجزء من الأزمة هو أن مزيدا من التطرف والميل للتعنت والانغلاق أصاب القوي العلمانية في تركيا التي تشمل كبار ضباط الجيش ورجال القضاء وجزء من المعارضة والبيروقراطيين وأساتذة الجامعات جاء نتيجة للتطور الذي حدث لإسلاميي تركيا بتخليهم عن الكثير من الأفكار المحافظة ،والقبول بالعلمانية بمعني فصل الدين عن الدولة، والقيم الديمقراطية وهنا أتحدث عن تيار الإسلاميين الجدد تحديدا الممثل في حزب العدالة والتنمية، والمعني أن الاعتدال الذي سحب البساط جماهيريا من العلمانيين قاد إلي تطرف في المعسكر الآخر بدلاً من أن يقابل باعتدال آخر، وفي هذا السياق أذكر أن قياديا في حكومة و حزب العدالة والتنمية قال لي خلال مقابلة في مطلع عام 2005 أن مشكلة التيار العلماني في تركيا أنه جعل من الكمالية عقيدة ودينا،في حين حول الدين الحقيقي إلي عدو، ولعلني أتفق مع هذا الرأي والدليل علي ذلك أن انتقاد أتاتورك جريمة يعاقب عليها القانون وتقود للسجن ثلاث سنوات علي الأقل في حين أن التهجم علي الإسلام بل والارتداد عنه ومحاربته بكل الوسائل ليس جريمة علي الإطلاق وفقا للقانون! خلال الأيام الأخيرة تجلي موقف العلمانية المتطرفة في واقعتين الأولي رفع المدعي العام لمحكمة الاستئناف عبد الرحمن يالشينكايا دعوي قضائية أمام المحكمة الدستورية لحل حزب العدالة والتنمية بدعوي تحوله لبؤرة لمناهضة قيم الدولة وتحديداً العلمانية، والثانية الكشف عن تنظيم سري خطط لاضطرابات وأعمال عنف واغتيالات تمهد الأجواء لانقلاب عسكري ضد حكومة الحزب، والواقعتان تصوران حالة الغل والاحتقان التي وصل إليها العلمانيون المتطرفون، في مواجهة رغبة الحزب وإسلامييه الجدد في التعايش وبناء دولة ديمقراطية وحضارية ومتقدمة حقا وليس بشعارات زائفة وتحت وطأة أبوية قسرية قهرية ،تحشد من الثوابت ما يقتل أي فكر وسلوك حر، يحدث هذا في بلد يتطلع لأن يكون عضوا في الاتحاد الأوروبي في مسعي يمثل أحد أركان الفكر الأتاتوركي التغريبي، وتلك مفارقة أخري فالإسلاميون الجدد هم الذين يسعون لتحقيق أحلام الرجل بأن تكون تركيا جزءاً من الحضارة الغربية أفكارا وواقعاً، والعلمانيون من مريديه وتلاميذه هم الذين يعطلون هذا المشروع! وأحد مظاهر التعطيل هو رفض الأكراد كمواطنين علي قدم المساواة ، والإصرار علي صهرهم في القومية التركية أي تتريكهم بالقوة والتعسف، وهذا وجه آخر لمناقضة قيم الديمقراطية والعلمانية، وهنا أشير إلي أن الدعوي ضد حزب العدالة والتنمية جاءت بعد أن طرح رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان خطة لحل المشكلة الكردية تتضمن منحهم مزيداً من الحقوق الثقافية مثل إقامة قناة تلفزيونية باللغة الكردية فضلا عن برنامج تنمية يتكلف مليارات الدولارات ومنح الأكراد الذين تسبق مشكلتهم مع تركيا مجيء أتاتورك للسلطة في أوائل عشرينات القرن الماضي، وقد أدرك أردوغان أن التنمية والحرية هما الوسيلتان الأكثر قدرة علي تقليص نفوذ حزب العمال الكردستاني بين الأكراد ،وأنه لا حل عسكريا للمشكلة الكردية. ومن المدهش أن المدعي العام يالشينكايا استشهد بمقاطع من خطب وتصريحات لقيادات ونواب حزب العدالة والتنمية تطالب برفع حظر الحجاب عن طالبات الجامعات وتري الحظر تقييدا للحريات العامة، وفسر الرجل هذه الكلمات بأنها تعكس معاداة لمباديء الدولة وعلي رأسها العلمانية التي تتعامل مع الحجاب علي أنه رمز للرجعية الدينية ومعاداة الأتاتوركية، والأكثر إثارة للدهشة أن هذا الموقف جاء بعد تعديل البرلمان للدستور قبل أسابيع برفع هذا الحظر، حيث توافق حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية علي هذا التعديل الذي ما كان ليتم لولا هذا التوافق نظرا لأن العدالة والتنمية لا يملك نصاب ثلثي مقاعد البرلمان اللازم لذلك، ونلحظ هنا تغيرا في التيار القومي بقبول التقارب مع الإسلاميين الجدد، وفي ذلك شيء من الواقعية لأن حوالي ثلثي نساء تركيا محجبات والنسبة ذاتها من الأتراك جميعا مع رفع الحظر الذي خالفه بعض رؤساء الجامعات وعمداء الكليات من العلمانيين المتطرفين، فيما يمثل انقلابا علي الشرعية الدستورية وهو نفس موقف المدعي العام يالشينكايا الذي يحظي بدعم غير معلن من الجيش ومعلن من حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك ومني بهزيمة تاريخية في الانتخابات التي جرت في شهر يوليو الماضي مقابل انتصار تاريخي لحزب العدالة والتنمية،بعد معركة الانتخابات الرئاسية في البرلمان التي فاز فيها مرشحه عبد اللَّه غول ،وإذا تأملنا سلوك هذا الحزب منذ تأسيسه في اغسطس عام 2001 نجد أنه يقوم علي فكرة التغيير الديمقراطي وتحقيق مكاسب بالوسائل الشرعية والاقتراب من الجماهير وتحقيق إنجازات كبيرة. وأظن أن الحزب في ظل الأرضية الصلبة التي يقف عليها، أصبح غير قابل للكسر، فصدور قرار بحل الحزب لن يجهز عليه، فهو أولاً يسعي لتعديل الدستور بحيث يسقط النصوص التي تتيح الحل قبل أن يأتي الحل نفسه، وثانياً بإنشاء حزب جديد يضم كل أعضائه الحاليين وهو حل بات دواء لداء الحل في تركيا الذي تكرر مع الإسلاميين والأكراد من قبل، أيا كان الأمر فالتطرف لابد أن يخسر سواء أكان علمانيا أو إسلاميا والديمقراطية تنتصر وهي تكون أكثر صلادة عندما تقترب من روحانية الشعوب أو عندما يؤمن الروحانيون بها! (*) كاتب مصري (المصدر: صحيفة « الراية » (يومية – قطر) الصادرة يوم 30 مارس 2008)
تركيا.. الضحية والأغنية
بقلم: محمد نور الدين (*) لا تعرف تركيا الراحة ولا يريدون لها أن ترتاح. تعب البلد ولم يتعب ايديولوجيو الكمالية. بل أصبح من نافل الكلام وإضاعة الوقت تفنيد قرارات وممارسات النخب الحاكمة أو المتحكمة بالدولة والمجتمع. مرة قال دينيز بايكال، “زعيم” حزب الشعب الجمهوري المعارض انه لن يغير في الأمر أي شيء في كون تركيا علمانية وستبقى علمانية أن ينال حزب العدالة والتنمية حتى تسعين في المائة من أصوات الشعب. أكثر من ستين عاما مرت على اعتماد التعددية الحزبية وتركيا تبيد أحزابها ونخبها السياسية وقواها الاجتماعية الحية. كل عدة سنوات تعود تركيا إلى نقطة الصفر. تنشأ أحزاب وتصل إلى السلطة ثم… هوب… إلى مزبلة التاريخ. كانت البداية عام 1960 عندما انتهى عدنان مندريس على حبل المشنقة. كان حينها رئيسا للوزراء وزعيما للحزب الديمقراطي الذي ضرب أرقاما قياسية في الفوز في الانتخابات تعدت ال 55 في المائة. لم تشفع له القاعدة الشعبية الكبيرة، تدلى من على الخشبة مع وزراء آخرين مثل جيفة لفظها البحر وسجلت في خانة المجهول. لم تشفع لسليمان ديميريل أيضاً مكانته السياسية في الستينات. لكن حظه كان أفضل من مندريس واكتفى انقلابيو 1971 بالاطاحة به وانقلابيو 1980 بسجنه. بقي على قيد الحياة وما لبث أن أخذ “العبر” وتحوّل إلى دمية بيد مراكز القوى يمارس على الضحية دور الجلاد بعدما كان هو الضحية مرتين. وكان حظ نجم الدين اربكان عاثراً، كان مستهدفا على الدوام. حظر هو وأحزابه أكثر من أربع مرات. ولم تكن حظوظ الحركات اليسارية والاشتراكية والنقابات العمالية بأفضل ونالت نصيبها من الاضطهاد. ومن لم ينته بسيف الانقلابات انتهى برصاص الجريمة. ووضع قاتله في خانة “المجهول الفاعل”. ولم يَستثن نظام الكمالية من استبداده دينا أو مذهبا أو عرقا. لم يزل الأكراد “أتراك الجبال” وما زالوا في الجبال. لم يستطع النظام انزالهم من هناك لأنه لا يريد لهم أن يصبحوا أكراداً بالفعل. وباسم العلمانية تُسحل نخب تركيا الشابة وتُقدًّم قرابين على مذبح الحرية. والآن جاء الدور على رجب طيب أردوغان ومعه عبدالله غول. لم تكد تمر سبعة أشهر فقط على فوزهما التاريخي حتى جاءت الطعنة المتوقعة. النظام الكمالي يُمهل ولا يهمل، عندما أطلق العسكر “انذاره الالكتروني” في 27 إبريل/ نيسان الماضي (2007) وأعقبه انقلاب المحكمة الدستورية باشتراط الثلثين نصابا لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية ومنع وصول عبدالله غول إلى الرئاسة كان ردّ اردوغان وغول بالذهاب إلى صندوقة الاقتراع. راهن الجيش على تراجع “العدالة والتنمية” لكن النتيجة جاءت عكس ذلك، احتضن الشعب الضحية وأوصلها إلى رئاسة الجمهورية ومن جديد إلى البرلمان والحكومة. قرار المدعي العام بالطلب من المحكمة الدستورية حظر حزب العدالة والتنمية ومنع اردوغان وعبدالله غول من العمل السياسي مع سبعين آخرين من قيادة الحزب، جاءت مختلفة عن سابقاتها على الأقل إنها لم تكن نتيجة انقلاب عسكري مباشر كما كان يحصل في السابق مع أحزاب في السلطة. لذا يمكن القول إنه انقلاب قضائي بكل معنى الكلمة. لكن لن تنطلي على أحد حقيقة ان الجيش ليس وراء هذا الانقلاب. فالدعوى محطة في مسار بدأ في 27 إبريل/ نيسان 2007. لن تنفع كما ذكرنا تفنيد ادعاءات المدعي العام حول انتهاك حزب العدالة والتنمية لمبادئ العلمانية. نعم ان طلب اغلاق حزب العدالة والتنمية هو انقلاب عسكري بواجهة قضائية، وهو انقلاب على التجربة الديمقراطية في تركيا التي بمثل هذه الاساليب تدل على أنها لا تزال طفلا رضيعا في مهدها، وهو تفخيخ للاستقرار في تركيا، وهو إهانة لكل الشعب التركي، وهو إهانة لكل محبي تركيا وشعبها في العالم. “هنا تركيا” شعار يرفع دلالة على أن تركيا بلد العجائب التي يمكن توقع أي شيء فيها. ومجرد هذا الانطباع الحقيقي أمر مسيء لصورة تركيا كما لو أنها بلاد لا نظام فيها ولا قانون يحكم العملية السياسية غير العملية السياسية. لم تعد تركيا تتحمل التغيير المرحلي التدريجي الذي اتبعه حزب العدالة والتنمية. والاصلاح السياسي كان يجب أن يكون جذريا وشاملا ويمسّ موضع الألم الفعلي الذي هو تحكم أقليات غير منتخبة، قضائية ومدنية وعسكرية، بالقرار السياسي والحياة السياسية. تركيا من جديد ضحية، لكننا مؤمنون بأن “أغنية أردوغان لن تنتهي هنا” كما يقول عنوان الكاسيت الذي وزّع عام 1998. (*) خبير لبناني في الشؤون التركية (المصدر: صحيفة « الخليج » (يومية – الشارقة) الصادرة يوم 30 مارس 2008)