الأحد، 20 مايو 2007

Home – Accueil الرئيسية

 

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2553 du 20.05.2007
 archives : www.tunisnews.net


تحديث عريضة التضامن مع الصحفي عبد الله زواري الموقف: تحية دعم و وفاء لرئيسة جمعية أمهات المساجين السياسيين:عندما ينبض قلب الأم …مواطنة ! الموقف: تكريم للمحامين الموقف: « نسمة تي في »: قناة جديدة..لصناعة الوهم وفبركة الانتماء الموقف: في منتدى الجاحظ:حسن حنفي: جوهر العلمانية كامن في مقاصد الشريعة الموقف: اعتصام البحارة في صفاقس الموقف: بلدية خنيس: مكاسب وانجازات تونس أونلاين: أضواء على معرض تونس الدولي للكتاب .. بوعبدالله بوعبدالله:هذه منكرات الأسماء المستعارة ناجي العرفاوي :تواصلا مع مقال السيد العداسي:لا يعرف قدر الدولة الوطنية من لم يعرف الاستعمار عبدالحميد العدّاسي: الزائر وابن البلد الشعب :بعد سنوات من الصمت المسرحي عبد القادر مقداد ينفجر:الاتحاد العام التونسي للشغل رقم مهم ولن أنسى ابدا هؤلاء: كيف تُعدم حكومة بأكملها والناس تتفرج ؟ الشعب:الرقابة الضمانة الصباح: في اجتماع المكتب السياسي لـ«ح.د.ش»:15 جويلية انعقاد المجلس الوطني… هل يكون المجلس مدخلا للمؤتمر القادم؟ الحياة: «سما دبي» تطور في تونس مدينة سكنية كلفتها 14 بليون دولار نهلة الشهال: القاعدة تهدد فرنسا؟ يا لمحاسن الصدف! أحميده النيفـر: في علاقة المفسِّر بالنصّ … وجوه تجديد مناهج التفسير القرآني الجزيرة.نت »:عشر سنوات من التوحيد والإصلاح


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

عريضة مساندة للصحفي المناضل عبد الله زواري

 

 
المنفي المأساة في بلاده المناضل عبد الله الزواري يطالب برفع الإقامة الجبرية عنه بعدما إنقضى أجلها : خمس سنوات. نحن الممضون أسفل هذا ندعم المناضل عبد الله الزواري في مطلبه المشروع برفع الإقامة الجبرية عنه بعد إنقضاء مدتها : خمس سنوات كاملة حتى يتسنى له الإلتحاق بأسرته وأبنائه القاطنين بالعاصمة ( تونس ) وذلك بعد غياب دام ستة عشر عاما كاملة : إحدى عشر عاما في السجن ( أغلبه عزلة إنفرادية ) وخمس سنوات إقامة جبرية في أقصى الجنوب التونسي ( مدينة جرجيس ـ ضاحية الخريبة طريق جربه ).

كما ندعو السلطة القضائية إلى التدخل لرفع هذه العقوبة بعد إنقضاء مدتها وندعو رئيس الدولة إلى التدخل لتطبيق القانون ووضع حد لمأساة سجين سياسي سابق منفي في بلده كما ندعو كل فعاليات المجتمع المدني في تونس من حقوقيين وإعلاميين وسياسيين وأحرار مستقلين وغيرهم من خارج تونس إلى المطالبة برفع الإقامة الجبرية عن المناضل الصحفي عبد الله الزواري.

للإمضاء على العريضة يرجى ارسال الإسم الكامل والبلد الى البريد التالي  brikhedi@yahoo.de  brikhedi@yahoo.de أو info@alhiwar.net info@alhiwar.net العريضة برعاية : الحوار نت وتونس نيوز قائمة الممضين : الهادي بريك ـ ألمانيا محسن جندوبي- ألمانيا القادري زروقي – ألمانيا نصر الدين السويلمي-ألمانيا عبد الباقي خليفة – صحفي رضا حجلاوي محمد فوراتي جمال عبدالعزيز عيد : الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان المدير التنفيذي سامي نصر : عضو المجلس الوطني للحريات بتونس عضو بهيئة تحرير مجلة كلمة عبد الرحمان الخلادي : كندا أنا بيرجيتا جونيت : كندا طاهر المستيسر – سويسرا عبد الناصر نايت ليمام : سويسرا الطاهر قلعي: سويسرا جمال الدين أحمد الفرحاوي : هولندا جمال دلالي – بريطانيا فتحي نصري : محام وحقوقي تونسي رافع القارصي- ألمانيا موسى بن أحمد- ألمانيا نور الدين ختروش الطاهر الحسني- فرنسا عبد الغني الزغواني – ألمانيا علي بن عرفة -منسق الحملة الدولية لحقوق الانسان بتونس-لندن فخرالدين شليق/ سجين سياسي سابق/ هولندا محسن ذيبي – فرنسا عبدالحميد العدّاسي : الدّانماكرك ابراهيم العموري ـ السويد زهير تريمش – سويسرا عبد الله بريك- طالب – ألمانيا صالح التقاز – فرنسا شعبان الشارني – طالب – باريس عبد الوهاب الرياحي– تاجر – باريس عامر عياد مناضل طلابي سابق رضا الرجيبي- باريس وليد البناني – بلجيكا Tahar Guilai CH- Bienne Gamal Eid The Arabic Network for Human Rights Information محسن ذيبي- باريس فرنسا رضا الرجيبي باريس الأستاذ الدكتور عبد الوهاب معطر: محامي بتونس عبد الحميد حمدي رئيس مجلس الشورى بالمجلس الإسلامي الدانماركي الحبيب لعماري – المانيا المنجي الفطناسي . المانيا كوثر الجزار . المانيا رحيمة بوعلي- ايطاليا محمد الرحموني- فرنسا عبد الله التونسي ايطاليا منصف بو عبد الله ايطاليا خديجة الحامي ايطاليا زهرة السنوسي ايطاليا كمال خضراوي ايطاليا عزيزة خضراوي ايطاليا نور الدين حمروني ايطاليا فتحي البوغانمي ايطاليا عز الدين نغموشي سويسرا توفيق سهيلي سويسرا علي بن عمر- كندا فاطمة بن عمر- كندا نهى بن عمر – كندا محمد شمام السويد عبد الله تريكي بريطانيا نضال تركي سوريا عبد العزيز الباشا سوريا منتهى خير الدين سوريا عبير تركي سوريا محمد علي البدوي الحسين بن عمر مدافع عن حقوق الإنسان Aref Maalej – Prof. ENIS لهاشمي بن حامد – المانيا .صالح المحضاوي -ألمانيا عبدالله النوري -ألمانيا آمنة عبدالرحيم- ألمانيا سيف النوري -ألمانيا بوكثير بن عمر – سويسرا فائزة بوعزة – ألمانيا بلقاسم النقاز ـ ألمانيا خميس قشة الحزامي -هولندا-

 

(المصدر: موقع الحوار نت بتاريخ  20  ماي 2007)


وقاحة!!!

لنتحدّث عن «جفاف» الصّحافة بصراحة… ولا يهُمّ أن يقول بعضُهُم إنّها مُنتهى الوقاحة. الصّحافة في أزمة تتمثّل في شُحّ المعلومات والسّببُ أن مصادر الخبر تعملُ حسْبَ أوامر وتعليمات. أوامر وتعليمات صادرة عن بعض المسؤولين بالحكومة… تخصّ عدم مدّ الصحافيين بالمعلومة.

محمد قلبي
 
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 ماي 2007)

أخبار قصيرة من « الموقف »

 
تصويب أفادتنا الطالبة رندة فحولة من كلّية الآداب بصفاقس انّ الإعتداء الذي تعرّضت اليه وورد في أخبار العدد 404، لم يكن بسبب معارضتها للمؤتمر التوحيدي وانّما لمعارضتها توزيع انخراطات المؤتمر 25 لإتّحاد الطلبة. إعتذار حصل خطأ في عدد الأسبوع الماضي، إذ انّ العدد السابق هو 405 وليس 404 وبتاريخ 11 ماي لا 04 ماي. ممّا استوجب التصويب والإعتذار لقرّائنا الكرام. حملة من أجل المغرب العربي بادرت مجموعة من المدوّنين التونسيّين الى إطلاق حملة على شبكة الأنترنات مطالبين فيها بتفعيل فكرة الإتّحاد المغاربي، وحدّدوا يوم 01 جوان المقبل كموعد للنقاش وإحياء هذا الحلم المُغيّب. وقد لاقت هذه المبادرة اقبالاً مُحترمًا في أوساط المبحرين المغاربيين كما عرفت بعض الجدل حول هويّة الإتّحاد المنشود. مصادرة تمّ منع العدد الأخير من مجلّة « الإكسبريس » الأسبوعية الفرنسية من التداول، وقد تضمّن حوارًا هامًا مع السيّدة سهير بلحسن الرئيسة الجديدة للفيديرالية الدولية لحقوق الإنسان تحدّثت فيه عن وضع رابطة حقوق الإنسان التونسية.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 406 بتاريخ 18 ماي 2007)


 

تحية دعم و وفاء لرئيسة جمعية أمهات المساجين السياسيين

عندما ينبض قلب الأم …مواطنة !

 
لمياء الدريدي – بنزرت « كنت في بيتي أحيا حياة عادية ، منغمسة في جزئيات الحياة البسيطة ….فأخرجوني و ألقوا بي في معركة إنسانية سامية معركة الحرية …. نعم هم أخرجوني وقالوا : كوني كما يجب أن يكون الإنسان ». بهذه الكلمات تبدأ « أم خالد  » أو « أم المساجين  » كما يحلو للبعض تسميتها حديثها عن بداية رحلة البحث الوعرة عن الحق التائه و الحرية المسلوبة. انتزعوا منها فلذة كبدها ، سنين طويلة بلياليها و أيامها ، بحلوها و مرها حتى كبر خالد و افتخرت بعلو أخلاقه و حسن تربيته لتجده فجأة وراء قضبان الحديد و قائمة من التهم تصدر بحقه ، تصورت أن الأمر هين و السحابة ستمر سريعا لكن الظن لم يطل بها طويلا لتجد قائمة الأمهات الملوعة قلوبهن حرقة و أسى على أبنائهن طويلة في كل يوم تفتح ذراعيها لضحية جديدة في الفخ نفسه فخ الإرهاب و قانونه الجائر . استصرخت الرجال و النساء و دوت فالتفوا حولها « لبيك إنا قادمون « ماذا تبقى لنا بعد أحبتنا ؟ خسارتنا ما بعدها خسارة. طرقت كل الأبواب راسلت الداخل و الخارج نشرت بين الناس وعيا حقيقيا بعدالة قضيتهم و بضرورة التصدي لنظام يضحي بأبناء الشعب لمساندة الجهود الدولية المكافحة للإرهاب. أرست هذه المجاهدة بإيمان راسخ مواطنتها فسرت العدوى و تفشى التمرد على الصمت و الاستكانة في أمهات و آباء باتوا يتساءلون عن الاستقلال و يتحسرون على دستور البلاد ، فتوحدت الجهود و تشابكت الأيدي معلنة صمودها في وجه الظلم و تحولت الحرقة و المأساة قضية وطنية لم يتردد المناضلون و المناضلات من حقوقيين مختلفي المشارب للدفاع عنها باستماتة و إيمان .فقضية خالد و محمد و أيمن و سليم ورياض و جهاد و نضال و …. هي قضية وطن . و أم خالد هي المرأة الرمز التي حملت نفسها هموم الآخرين فخف حملها و ألقت على عاتقها مسؤولية المواجهة . هكذا انخرطت المرأة في الشأن العام ، دون حاجة للمحاضرات و الحلقات و الندوات ،انخراطا ميدانيا حقيقيا يحملنا جميعا مسؤولية تعزيزه و تطويره لدفع عملية التغيير النابع من عمق الشعب .
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 406 بتاريخ 18 ماي 2007)


تكريم للمحامين
 
كرّمت الهيئة الوطنية للمحامين أربعة ممّن تجاوز عطاؤهم لمهنة المحاماة نصف قرن. ومن بين المكرّمين العميد الأزهر القروي الشابي الذي ألقى كلمة بالمناسبة جاء فيها ما يلي: السيد عميد الهيئة الوطنية للمحامين, السـادة العمـداء, زميلاتي الفـاضلات, زملائي الافاضـل , ضيوفنا الكـرام , اسـمحوا لي بادئ ذي بدء بان أتقدم بجزيل الشكر لحضرة العميد و لأعضاء مجلس الهيئة الوطنية للمحامين على تفكيرهم في إقامة هذا الحفل للزملاء و أنا منهم الذين قضوا في مهنة المحاماة خمسين عاما مباشرة فعلية دون انقطاع. و شكري يتوجه لهم أساسا من اجل إحياء هذا التقليد الجليل الذي كاد أن يندثر و الحال انه حق للمحامي على مهنته العظيمة و على مسيرتها بان يكرموه بعد هذه المسيرة الطويلة و الشاقة على درب الدفاع. يناضل بكل قوة على ما يعتقد انه الحق و يقف بكل شدة في وجه ما يراه باطلا يحمي إلى جانب القضاء حرية الناس و حقوقهم و يعمل على سيادة القانون حتى يكون الفيصل الوحيد بين افراد المجتمع. و اسمحوا لي أيتها الزميلات الكريمات و الزملاء الأكارم بان أذكركم و على الأخص اذكر الشباب منكم بان مهنتنا و لئن كانت محكومة بالقانون إلا أنها محكومة اكثر بتقاليدها العريقة الضاربة في أعماق التاريخ. و يخطئ الذين يتصورون أن المحاماة مهنة طفيلية يعيش أهلها على نكبات الناس و آلامهم فالمحاماة خلافا لما يراه هؤلاء مهنة متربعة على عرش الأصالة و الشرف تفرض تقاليدها و أخلاقياتها على المنتمين إليها نجدة كل من وقف ببابهم ممن زلت به قدمه و تخلى عنه الأصدقاء و حتى الأقارب في بعض الأحيان فلا يجد من سبيل إلا الالتجاء إلى ذلك الإنسان صاحب العباءة السوداء الذي نذر نفسه للدفاع عن الحق و سيادة القانون و إعلاء صرح العدل الذي لا يستقر عمران المجتمعات إلا به. مهنتنا زميلاتي زملائي كثيرا ما تمنى عظماء العالم الانتساب إليها أو لم يقل « فولتير » كم تمنيت أن أتكون محاميا لان المحاماة أنبل مهنة في الوجود » . اكثر من هذا قال لويس السادس عشر ملك فرنسا « لو لم اكن ملكا لفرنسا لتمنيت أن أتكون محاميا بمدينة بوردو ». في التقرير الأدبي للامين العام لاتحاد المحامين العرب الأستاذ الفاضل النقيب زهير الميداني تحدث فيه عن المحاماة فقال « هي صناعة الحق غايتها, و العدل رايتها و الإنسان على مدى البسيطة وسيلتها و قضيتها ». هذه مهنتنا زميلاتي زملائي التي أقسمنا على الولاء لها دون سواها و التزمنا بان نعمل صلبها بأمانة و شرف و ذلك للرفع من مستواها و السمو بها إلى ارفع الدرجات و هذا حقها علينا يجب أن نوفي لها به حتى نكون دائما إلى جانب المبادئ الأخلاقية التي صانها أسلافها هذه المبادئ التي عددها زميلنا الكبير النقيب عبد الرحمان الرافعي في مقدمة كتاب « قضاة و محامون » فقال واصفا « المحاماة و مبادئها « المحاماة علم و خلق و نجدة و شجاعة و ثقافة و تفكير و درس و تمحيص و بلاغة و تذكير و مثابرة و جد و ثقة بالنفس و استقلال في الحياة و أمانة و استقامة و إخلاص في الدفاع » فهذا النقيب الكبير قد دون بهذه المبادئ ميثاق المحاماة النزيهة الحرة المستقلة. زميلاتي الفضليات زملائي الأفاضل , لي رجاء لديكم و على الأخص لدى الشباب منكم و هو أن تكونوا أوفياء للمحاماة و أن يكون ولاؤكم لها لا لسواها و أن تسخروا اتجاهاتكم و ميولاتكم و أفكاركم و إن اختلفت للمحاماة أولا و للمحاماة ثانيا و للمحاماة ثالثا و أن تحافظوا على هذا المشعل الوضاء الذي يشارك في إنارة درب العدل الطويل هذا العدل الذي هو أساس العمران. أتوجه لكم زميلاتي زملائي بالشكر الجزيل على حضوركم لهذا التكريم الذي ابرز اللحمة بين أجيال المحاماة . و جعلنــــــي اقـول : هذي المحاماة اتتنا تفاخـر بالعز و الامجاد فينا تذكر في الخمسينية شملنا متجمع شيبا و شبانا و نعم المظهر كونوا جميعا اخوة و احبة درعا سميكا للدفاع يناصـر و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته الازهر القروي الشـابي (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 406 بتاريخ 18 ماي 2007)


« نسمة تي في »: قناة جديدة..لصناعة الوهم وفبركة الانتماء

 
غسّان بن خليفة أينما تولّي وجهك هذه الأيّام في العاصمة أو في المدن الكبرى الاّ ووجدت أمامك إحدى هذه اللافتات الإشهاريّة العملاقة التي تظهر عليها فتيات « ستار أكاديمي المغرب »، والتي تحدثّك بلغة غير لغتك، عن تألّقهن المفتَرَض وعن ضرورة مشاهدتك للقناة التلفزيونيّة الجديدة « نسمة تي في » أخر عنقود الإعلام السمعي البصري الخاصّ في بلادنا. فبعد إذاعة موزاييك آف آم ومن بعدها تلفزيون حنّبعل وجوهرة آف آم تأتي هذه القناة « ذات البعد التثقيفي والترفيهي »، حسب مالكيها، لتطرح من جديد أسئلة باتت أكثر من ضرورية وملحّة حول المضمون الثقافي والقيَمي للإعلام الخاص ببلادنا؟ وعما يطرحه هذا الإعلام من برامج مستورَدة أثارت وما تزال جدلاً واسعًا في بيئتها الأصليّة بالغرب، فما بالك بنسخها المُسقطة في بيئتنا الشرقيّة المختلفة؟ « تلفزيون الواقع » لتزييف الواقع إستهلّت « نسمة تي في » مسيرتها ببرنامجStar Academy Maghreb ، وهو نسخة، نعتها أصحابها ب »المغاربيّة »، للبرنامج العالمي الشهير الحامل لنفس الإسم، والمندرج ضمن ما يُعرَف ب »تلفزيون الواقع ». وتعود أولى تجارب تلفزيون الواقع بشكله المعروف حاليًا الى برنامج « الأخ الكبير » Big Brother ، الذي أنتجته شركة « انديمول » Endemol الهولندية في أواخر التسعينات، ولاقى إقبالاً منقطع النظير من مشاهدي التلفزيون الى درجة أنّ الشركة « صدّرت » منه نسخًا مختلفة الى أكثر من سبعين بلدًا في غضون سنوات قليلة. وتنبني فكرة هذا البرنامج بشكل عام على وضع عدد من المتسابقين، عادة من الشباب من الجنسين، في بيت معزول عن العالم الخارجي الذي لا يتواصلون معه الاّ من خلال صيَغ وأوقات معيّنة تحدّدها ادارة البرنامج، اذ يُطلَب من هؤلاء المتسابقين العيش معا لمدّة قد تمتدّ الى أشهر، والتعامل بشكل عفوي مع ما يحيط بهم من ظروف والتقيّد بما يُرسَم لهم من قواعد. كما يُطلب منهم رفع جملة من التحدّيات والمهام التي عليهم إنجازها. و مع نهاية كلّ أسبوع يقوم متساكنو البيت بتسمية اثنيْن أو ثلاثة من بينهم وترشيحهم للإقصاء، وتقرّر نتيجة تصويت المشاهدين مصير المُسمِّين Les nominés ، إذ يعود لمتابعي البرنامج، على ضوء ما عرفوه عن المتسابقين من خلال متابعة أدائهم وسلوكهم اليومي، إختيار أيّ منهم يستحقّ نيل فرصة ثانية والبقاء بالبيت المشترَك لفترة إضافية. وان تنوّعت أشكال برامج تلفزيون الواقع لتلبس بعضها حلّة فنّية كمسابقة أكاديميّة النجوم، أو تأخذ شكل مسابقات الجمال كالبرنامج الفرنسي « غريغ المليونير »، الذي تتنافس فيه مجموعة من الفتيات على كسب ودّ رجل ثريّ ووسيم، أو صبغة الإختبارات النفسيّة كبرامج « عش حياتي » أو « ضيعة المشاهير »، فإنّها تشترك مع اللعبة الأمّ في إرتكازها على مبدأ « قفص الجرذان » الذي يقوم على جملة من القواعد أهمّها حسب شركة « انديمول »: المحيط العاري الذي لا يمكن للمتسابقين الإختباء فيه وتفادي الاحتكاك ببعضهم. نظام « التصفية عن طريق تصويت الجمهور » الذي يضمن تفاعل المشاهدين مع البرنامج وبالتالي وفاءهم له، كما يضمن ارتفاع درجة التوتّر بين المتسابقين لخشيتهم الإنسحاب. و »كرسي الإعتراف » الذي يتداول عليه بشكل دوري كلّ متنافس على حدة، لوصف حالته النفسية وليعبّر عمّا يحمله من مشاعر تجاه باقي أفراد المجموعة. ولحسن حظّنا في المنطقة العربية، اقتصر غزو « تلفزيون الواقع » حتّى الساعة على برامج الفئة « الفنّية » المهتمّة بصناعة النجوم، وأبرزها « ستار آكاديمي » الذي أطلقته القناة اللبنانية « آل بي سي » منذ سنوات قليلة. وبعد نجاح هذه التجربة وقدرتها على إستقطاب إهتمام الملايين من الشباب العرب، ومنهم التونسيين، ها نحن نشهد اليوم محاولة « نسمة تي في » إستثمار هذا النجاح على مستوى المغرب العربي. ورغم الإقبال الجماهيري المحدود على آكاديمية النجوم المغاربية بسبب « قلّة التنظيم والنقص في الحرفيّة، وكثرة الخلافات بين المتسابقين » مقارنة بنظيرتها المشرقيّة حسب نسرين (18 عامًا)، فإنّ الأحداث الألمية الأخيرة التي شهدها مسرح سيدي منصور تجدّد التساؤل عن القيمة المضافة لهذا النوع من البرامج، التي يرى منتقدوها أنّها تكرّس لدى شبابنا عادات الخمول الفكري والتلصّص على الحياة الشخصيّة لبعض الباحثين عن الشهرة، كما تعوّدهم على عقلية التألّق السريع والنجوميّة السهلة التي تصنعها كثافة الومضات الإشهاريّة ولاتأتي كتتويج طبيعي للتكوين العلمي الجادّ ولجودة الإنتاج وللمسيرة الفنيّة الناجحة. و تجدّد التساؤل عما يمكن ان تقدّمه قناة خاصّة ك »نسمة تي في » من الناحية القيَِميّة لشباب يعاني أصلاً من أزمة قيَم، وهي التي لم يتردّد أصحابها في تغيير قواعد برنامجها الوحيد « ستار آكاديمي المغرب »، عندما أعادوا متبارية تونسية صوّت الجمهور لخروجها من المسابقة، وذلك لضمان مواصلة متابعة المشاهدين التونسيين للبرنامج، وبالتالي عدم المسّ بعائدات الإشهار. ولكن تبقى الأسئلة الأكثر خطورة تلك المتعلّقة بالمضمون « التثقيفي » لهذه القناة. خطاب انتماء ثقافي مشوّه صُعِق الكثير من التونسيّين لمّا علموا بما حصل مع « مروى التونسيّة » بطلة آكاديمية النجوم المشرقية التي عجزت أمام الملايين من المشاهدين عن معرفة المناسبة التي تصادف يوم 20 مارس في تاريخ بلادها. وتساءلوا عن المضمون الثقافي لهذا النوع من البرامج وإنعكاساته على وعي الأجيال الجديدة، خاصّة مع ما تبديه هذه الأخيرة من تعلّق بنجوم الأكاديميّات التلفزيّة. ومع الإعلان عن ميلاد « نسمة تي في » تفاءل البعض خيرًا على ضوء تأكيدات أصحاب القناة على الرسالة الثقافية والحضارية لمشروعهم، إذ بشّروا في الندوة الصحفيّة التي عقدوها قبيْل انطلاق البثّ، بحرصهم على  » الترويج للثقافة المغاربية وخاصة للجانب الحضاري والمستنير من هذه الثقافة ». وشدّدوا على انّ قناتهم سوف تكون صارمة فيما يخصّ سلوكات « الطلاّب » وملابسهم ولن تسمح لكاميرات التصوير بإظهارهم في الأماكن والحالات « الحرجة ». لكنّ المتفحّص للمضمون الثقافي للقناة الجديدة لا يلبث ان يلاحظ الإنزلاقات الخطيرة التي سمح بها أصحاب القناة لأنفسهم في هذا الباب. فحتّى قبل مشاهدة القناة يتساءل المرء عندما يرى تلك اللوحة الإشهاريّة الضخمة بساحة برشلونة بالعاصمة، التي تعرّف القناة على أنّها  » لا شرقيّة لاغربيّة، مغاربيّة »، عن النظريّات الجديدة في علوم التاريخ والحضارة التي إستند إليها كاتب هذه الجملة ليفصل منطقة المغرب العربي عن الشرق؟!، فهذا أمر يتجاوز حدود الإشهار التجاري ليتوغّل في مجال الإنتماء والهويّة الثقافية للنّاس. وهي مسألة جدّ حسّاسة ولا يمكن التعامل معها بهذا القدر من الإستخفاف والتساهل، إذ تدخل في ما يسمّيه الكاتب الفرنسي المتخصّص في مجال الإعلام فرانسوا برون « الزخرفة الخادعة لمجتمع الإستعراض » حيث « يزرع الخطاب الإشهاري في الوعي الجمعي علاقة بين الفرد والعالم تقوم على الإنخراط الحسّي ورفض التفكير. بما يؤسسّ لسيادة (قيم وثقافة) اللامُفكّر فيه ». وتقصّي ماهية « الهويّة المغاربيّة » التي تدّعي حملها هذه القناة، يمرّ ولاشكّ عبر اللغة المُستعمَلة في برامجها. إذ « يُفاجأ » المرء بالهيمنة الواضحة للثقافة واللغة الفرنسية على كلّ التفاصيل، فرمز القناة مكتوب بالحرف اللاتيني، كما يضطرّ المشاهد الى تقليد اللكنة الفرنسيّة لنطق « ستاغ آكاديمي ماغراب » وهو العنوان، ذي الأصل الإنقليزي،الذي اختاره لبرنامجهم أصحاب الآكاديميّة « المغاربيّة ». أمّا عن لغة منشّطة البرنامج والمتسابقين فحدّث ولاحرج عن « فرانكوآرابيّتهم »، ف »بونسوار » الفرنسيّة أخذت مكان « مساء الخير » العربيّة بكلّ مشتقّاتها العاميّة، و »برافو » مكان « أحسنت »..، وحتّى الأغنية المميّزة للبرنامج المكتوبة بالعربيّة أضيف إليها بشكل مُسقَََط مقطع بالفرنسيّة. وغير ذلك من الأمور التي تجعلك تتساءل عن قيمة التضحيات التي بذلها الأباء والأجداد في مقاومة الإستعمار الفرنسي وإرساء الإستقلال بمختلف جوانبه، ومن أهمّها الإستقلال الثقافي. ولا ضرورة للتوقّف أيضًا عند الصفحات الإشهاريّة التي قد يخال المشاهد أنّها موجّهة للجمهور الفرنسي لا المغاربي. برنامج وحيد من فئة « تلفزيون الواقع » المثير للجدل، ولغة هجينة تباعد بين لهجات بلدان المنطقة ولاتحافظ على طابعها العربي الأصيل. تلك هي إذن المكوّنات الأساسية للهويّة التي تبشّر بها هذه القناة المغاربية « قلبًا وقالبًا » والهادفة الى « إسعاد المشاهد المغاربي وترويج الثقافة المغاربية » كما يقول أصحابها. ممّا يطرح أسئلة جوهريّة وعاجلة حول علاقة قطاع الإعلام الخاصّ بالثقافة، وعن مدى التزام الدولة بالواجب المُناط بعهدتها في المحافظة على هويّة البلاد وثقافتها، في ظلّ غياب مدوّنة سلوك أو شرعة ايتيقية يُطلب من أصحاب القنوات والإذاعات إحترامها والتقيّد بقواعدها. وخاصّة مع اصرار السلطة السياسية على التمييز بين أصحاب المشاريع الإعلاميّة الخاصّة بمختلف أنواعها، وتغليب معيار الولاء والطاعة على جودة المضمون ونفعه للصالح العام.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 406 بتاريخ 18 ماي 2007)


في منتدى الجاحظ:

حسن حنفي: جوهر العلمانية كامن في مقاصد الشريعة

 
لم تكن ساعة واحدة لتكفي ثلّة من المهتمّين بالشأن الفكري والثقافي مناقشة ما طرحه المفكّر المصري حسن حنفي خلال النّدوة التي نظّمها منتدى الجاحظ يوم 9 ماي الجاري. غير أنّ قصر المدّة التي استقطعها الفيلسوف المصري من شواغله الكثيرة بتونس لم تمنعه من أن يفجّر، كشأنه دائما، عديد المسلّمات المتعلّقة بمسألة تجديد أصول الفقه خاصّة وبمسألة الرؤية الدينيّة عامّة. فراح يجول في تاريخ هذا الفكر مصوّبا ومراجعا، تعضده معرفة معمّقة بتراث الأوّلين وبمناهج المحدثين، إضافة إلى ما تحلّى به الرّجل طول مسيرته الفكرية الممتدّة من إصرار على السّجال والجرأة في خوض المعارك الفكرية يمينا ويسارا. يُعتبر حسن حنفي من بين قلّة من المفكّرين العرب الذين استطاعوا أن ينشئوا مدوّنة فكرية واضحة المعالم موضوعا ومنهجا. ولا شكّ أنّ المتأمّل في هذه المدوّنات يدرك الميزة الأساسية لأعمال حنفي، فالجامع المشترك بين مؤلّفاته التي تجاوزت الخمسين هو التعامل النّقدي مع التّراث وفق نظرة فريدة مفادها إعادة تفسير التراث طبقا لحاجات العصر بحيث يكون التراث هو الوسيلة والتجديد هو الغاية. فلا تكون قراءة التراث استردادا مرضيا لماض درس أو حيلة من هروب من وهج المعارك الفكرية أو الاستحقاقات الحضارية وإنّما مغامرة محسوبة من أجل الذات الراهنة. لقد أصرّ حنفي على هذه النّظرة رغم الانتقادات التي وجّها إليه الكلّ. ذلك أنّ اليسار العربي اعتبره طابورا خامسا للتيّار الديني بل أشدّهم خطرا لأنّه يتوسّل المناهج المعاصرة لإحياء قيم قديمة. أمّا الإسلاميون فإنّ غالبيتهم تعتبره علمانيا مستترا بيافطات معتزلية. أقلّ العلوم حاجة إلى الإصلاح وعن تجديد أصول الفقه فقد تركه حنفي إلى أن أتمّ ما أسماه « إصلاح علم الكلام » والذي ضمّنه كتابه الضخم « من العقيدة إلى الثّورة »، حاول فيه إعادة الاعتبار إلى مركزيّة الإنسان في النصّ الديني طالما أنّه الخليفة والمؤتمن على فعل الإعمار بدل الانغماس في المنزع اللاهوتي والإنشغال بالغيبيات: الذات الإلهية، الأسماء والصفات، القضاء والقدر… وإلى سبر أغوار عالم الشهادة والكون المنظور بدل القضايا الصورية التي ورثها علم الكلام الإسلامي عن الفلسفة اليونانية. ثمّ تابع تطبيق نفس المنهج على الحركة العلمية مركّزا على ضرورة الخروج من علوم النّقل، أيّا كان المنقول عنه، إلى الإبداع وفق الشروط الذاتية. ولأنّ الرؤية الإسلامية التقليدية نفذت إلى مجالي النّظر والعمل كليهما، فإنّ مبضع نقده شمل جميع هذه المستويات. فكانت رؤيته إلى إصلاح « علم السلوك » أو ما عرف بالتصوّف ليقلب غايته من التركيز على الفناء إلى تصوّر جديد يبتغيه يدور على البقاء كمفهوم مركزي. وبرّر حنفي تأخير النّظر في تجديد علم أصول الفقه إلى « أنّه أقلّ العلوم حاجة إلى الإصلاح » نظرا إلى أنّه لم يدخل منذ نشأته الأولى حلبة الصراع حول المسائل النظرية الصورية والمباحث الغيبية. قضايا للإصلاح إذا كان علم أصول الفقه قد برئ من عديد الهنات التي أصابت بقيّة العلوم فإنّ ذلك لم يمنع حسن حنفي من التركيز على جملة من المداخل اعتبرها ضرورية لإصلاح هذا العلم ولخّصها في نقطتين: التأكيد على تعدّد الآراء: اعتبر أنّ دراسته المتأنيّة لأكثر من مائتي نصّ في علم الأصول انتهت به إلى استنتاج أساسي مفاده أنّه لا يوجد نصّ ثابت وإنّما اجتهادات متعدّدة. فتاريخ هذا العلم منذ تكونه على يد الشافعي في كتابه المرجع « الرسالة »، هو تاريخ مقاربة الحقائق المتعدّدة وليس الحقيقة الواحدة، بل إنّ هذا التراث الضخم يتوافر على سعة في القول وأفق إنساني رحب جعل الإجماع الذي هو المصدر الثالث من مصادر التشريع يكون منقوصا في حالة وجود رأي واحد مخالف، وهو ما دفع بالمحاضر إلى القول « إنّ جلّ ما تنادي به العلمانية موجود في مقاصد الشريعة ». من النصّ إلى الواقع: اعتبر حنفي أنّ أهمّ ما يجب إعادة النّظر فيه هو حسم القول في مسألة المفاضلة في الأحوال المخصوصة بين النصّ والواقع. وهذا ليس حديثا غريبا عن النص القرآني، بنظر الباحث، أو عن التطبيق التاريخي لمبادئه خاصة أثناء الإسلام المبكر، قبل أن يذهب تحايل الفقه السلطاني بحيوية العلاقة بين النصّ والواقع. ذلك أنّ القرآن الكريم حفل بالكثير من الإجابات المباشرة لأسئلة واقعيّة: يسألونك عن الأهلّة… عن الخمر والميسر… عن الأنفال…. فتأتي الإجابة في كثير من الأحيان مطابقة لرأي بعض الصحابة ممّا يعني عند حنفي أنّ الوحي يتطابق دائما مع المصالح العقلية، وبالتالي وجب إعادة تفعيل دور هذا الأخير. فإذا كانت النّظرة الحرفية تعتبر النصّ قائما بذاته وتسعى إلى انتزاعه من سياق واقعه الخاصّ لتضفي عليه صفة الإطلاق فإنّها لم تبق للواقع إلاّ أن ينصاع ولو قسرا لهذه النماذج المفروضة من خارجه، ولذلك لن يكون حقلا يتبلور فيه النموذج ينطلق منه ويعود إليه، يتأثّر به ويؤثّر فيه. وهذا برأي حنفي ما عمّق الأزمة الرّاهنة حضاريا وفكريا، فأسئلة الحاضر كثيرة: يسألونك عن العولمة… عن احتلال فلسطين… عن الفقر… عن التنمية… عن مليار وربع المليار مسلم هزمهم 14 مليونا. فإذا أردت أن تستنبط تشريعا يجب أن تنطلق من أسئلة الناس. أمّا إذا كان التخيير بين أن تكيّف النصّ للواقع أو أن تتعسّف على الواقع لتطبيق النصّ فكانت إجابته حاسمة: « بما أنّي مهتمّ بمصالح النّاس فإنّي أختار مصالح الواقع كما فعل عمر بن الخطّاب ». و استرسل المحاضر في التدليل على صحّة فكرته ببيان مسألة النّاسخ والمنسوخ في القرآن الكريم والتي تعني كيف يتغيّر الحكم بمرور الزمن بتغيّر معطيات الواقع وأورد حكم الخمر كمثال مشهور لهذا الرّأي. وحتّى الأصل التشريعي الثاني وهو السنّة النبوية فأكّد أنّها لا تخلو من هذه النّظرة الواقعيّة إذ يُشترط لصحّة الحديث وتواتره أن يكون متفقا مع العرف ومجرى العادة. كما أفاض حنفي في الحديث عن البناء النظري للنصّ باعتباره بناء لغويا وما يعني ذلك من توافره على مساحة واسعة من التأويل يؤسّس لحجية الاختلاف ونسبية الحقائق بما يفيد في حسن مقاربة الواقع انطلاقا من المقاصد والغايات التي هي مدار النص ومناط الاستنباط. لم يكن الوقت الباقي للحضور كاف لمناقشة مستفيضة لآراء المحاضر السجاليّة بطبيعتها مضمونا ومنهجا، إلاّ أنّ ذلك لم يمنع الباحث التونسي الحبيب الجنحاني من التساؤل حول واقعيّة هذا الطّرح ذاته، فتجديد أصول الفقه ليس مجرّد تغيير لمقولات نظريّة أو رياضة ذهنية طالما أنّه ركن أساسي وخطر بالنّسبة لحياة المسلمين وأنّ المراهنة على تغيير جذري بدا له رؤية حالمة أكثر منها إمكانا واقعيا. في حين ركّز بعض المتدخّلين على محدوديّة قدرة المنهج الظاهراتي الذي يعتمده المحاضر في مقاربته للتراث الإسلام. (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 406 بتاريخ 18 ماي 2007)


اعتصام البحارة في صفاقس

 
فتحي الشفي انتظر أصحاب المراكب وبحارة مدينة صفاقس إعلان إجراءات وقرارات تحسن وضعهم المهني وظروف عملهم بمناسبة العيد الوطني للفلاحة والصيد البحري.إلا أنّ خيبة أمل كبرى أصابتهم نتيجة غياب أي إشارة لمطالبهم التي رفعوها منذ مدة للسلطة الجهوية. وكردّ فعل، عادت أغلب المراكب للبر فجر الاثنين 14ماي الفارط واعتصم البحارة في البوابة الرئيسية للميناء، وأغلقت جميع المداخل بالحجارة، ومنعوا دخول وخروج المواطنين والسيارات. وقد شهدت البوابة حضورا كثيفا لأعوان الأمن. كما فشلت جميع محاولات المسؤولين لفك الاعتصام، وجرت حوارات مشحونة بالتوتر حيث اتهم البحارة السلطة الجهوية بعدم رفع مطالبهم للسلطة العليا في البلاد. هذا وقد سبق لبحارة صفاقس أن خاضوا احتجاجات كبرى بسبب غلاء المحروقات وجور القوانين المنظمة للصيد البحري في الأعماق وذلك في الإضراب الشهير الذي دام أكثر من شهر أواخر سنة 2002. المطلب لأول للبحارة وأصحاب المراكب هو مراجعة أسعار « المازوت » الذي تضاعف في المدة الأخيرة ليصل سعر اللتر إلى 690مليما. وقد فاقم هذا الإجراء من أزمة البحارة وقلص من مداخليهم . ويخشى أهل المهنة من تواصل ارتفاع الأسعار في المستقبل خصوصا وأنها تتأثر بتقلبات السوق العالمية مما يجبر أصحاب المراكب على التداين المفرط ويدفع بهم نحو الإفلاس.أمّا المطلب الثاني فهو مراجعة سلم العقوبات الذي يعتبره البحارة قاسيا، بسبب تراجع منتوج الصيد البحري، إذ عمدت السلط المسؤولة إلى ضبط سلسلة من العقوبات بنية ردع المخالفين والحفاظ على الثروة السمكية، فحددت فترتين للصيد في خليج قابس تنطلق الأولى من 15 أكتوبر إلى 15 ديسمبر.أما الفترة الثانية فتمتدّ من15 ماي إلى 15 جويلية، ورسمت خطوطا منعت تجاوزها، فـ »الخط شرق » يمنع تجاوزه والصيد تحت عمق 50مترا، أما « الخط غرب »، وهو خليج قابس، فيحرّم الصيد فيه تحت عمق 30 مترا. وسلطت عقوبات على المخالفين بحجز المحصول عند الصيد في عمق أقل من50 مترا، وسحب الدعم المخصص على المازوت المقدر ب102مليما في اللتر الواحد لتصبح ب790مليما. كما تتصاعد عقوبات المخالفة الثانية والثالثة بحجز المركب من شهر إلى 6 أشهر وخطايا مالية وسحب رخصة العمل من « الريس » ومنع البحارة من العمل وصعود « البلانصي ». هناك قرابة 177 ريس ممنوع من العمل في الظرف الراهن وسُلطت عليهم عقوبات. هذه العقوبات يعتبرها البحارة مجحفة وقاسية ويؤكدون أنّ مراكبهم تعرضت للحجز بسبب رسوّها في المياه القليلة العمق ورمت « المخطاف » لتحتمي من العواصف والرياح وتنجو من خطر الغرق. المطلب الثالث للبحارة فيتمثل في رفع الدعم المخصص على المازوت المقدر ب102مي إلى 210مي مثلما يتمتع به أصحاب مراكب الشمال لتحقيق العدالة والمساواة بين الجبهات. أما المطلب الرابع: فيتمثل في إلغاء الضريبة المخصصة على الإنتاج المقدرة بـ2% على المحصول ويعتبرها البحارة مجحفة ويخاف أصحاب المراكب من ارتفاعها في المستقبل. وإذا كانت السلط تعتبر أن الإجراءات العقابية منطقية وتهدف إلى الحفاظ على البيئة البحرية فان للبحارة وأصحاب المراكب لهم رأي آخر ويعتبرون تشديد العقوبات لم تحقق الأهداف المنشودة بل أدت إلى إفقارهم وسحقهم وكذلك إلى تراجع مستمر للإنتاج السمكي. ويؤكد السيد على ع. ميكانيكي من مواليد سنة 1965 أب لخمسة أطفال بأن البحار يعيش أزمة حقيقية وحالة قلق متواصل وهو مهدّد بالفقر والخصاصة والحرمان، حيث قال: تكلفة البقاء في البحر عشرة أيام بلياليها على متن بلانصي 400 خيالى كالآتي: يستهلك المركب 7 أطنان من المازوت 690د *7=4830د وثمن « السبيسة » (المؤونة) 400د وثمن زيوت المحرّك 200د المجموع 5430د. أما المحصول فهو بمعدل 9آلاف دينار تقريبا بعد طرح تكلفة السروح وكذلك حصة صاحب المركب المقدرة ب52في المائة 1856د يقسم بقية المبلغ على 12بحار مع الحارس والرقاع حسب حصص متفق عليها مسبقا فيكون نصيب البحار هو 30د بعد عشرة أيام من العمل لا يعرف خلالها طعم النوم في الشتاء والبرد القارس. هذا في حالة عدم حصول المركب على أي مخالفة أما إذا كانت في سجله عقوبات سابقة فإن ثمن المازوت يرتفع ويلغى الدعم ويصبح ب790د الطن الواحد وفي هذه الحالة نصبح في حالة عجز ومطلوب منا إرجاع مبالغ مالية محددة لصاحب العمل ثمن الأكل طيلة مدة العمل في البحر كأننا كنا في رحلة استجمام. أما الريس حسن ص. من مواليد سنة 1982 أب لثلاثة أطفال: فقد صرح بأن العمل في البحر أصبح صعبا للغاية وأنه مهدد بالطرد في حالة عدم الحصول على إنتاج يغطي التكلفة ويوفر الربح لصاحب المركب ويضمن لقمة عيش بقية البحارة وأنه مجبر للعمل في المواقع المحرمة ممّا يعرّضه لعقوبات صارمة يفقد خلالها لقمة عيشه ويحرم من العمل لمدة تصل إلى ستة أشهر، « البحر في تراجع مستمر لأسباب عديدة تعود للصيد العشوائي والمفرط في الشريط الساحلي بالكيس وفي الأعماق بالشنشون والكركارة وكذلك لغياب الرقابة، نحن مهددون بالغرق والحوادث المهنية القاتلة في أي لحظة ولكن النجدة دائما تأتى متأخرة ويبقى المصاب بين الحياة والموت طيلة ساعات »، هكذا صرّح الرّيس حسن. أما البحار عمار 48 سنة أب لخمسة أبناء فقد صرح بأن « البحار هو الضحية في كل الحالات، ولم نعد قادرين على مواجهة الحياة الصعبة. أهملنا أبناءنا وعجزنا على تأمين المصاريف اليومية. بهذا الاحتجاج نريد إيصال صوتنا لرئيس الدولة الذي يجهل حقيقة أوضاعنا ولا يطلعه المسئولون عن حجم معاناتنا ومأساتنا. بسبب تراجع المداخيل، يرفض صاحب العمل تسديد معاليم الضمان الاجتماعي وحمايتنا من المخاطر المهنية، وعديد البحارة ضاع حقهم عند إصابتهم، كما أننا نعجز عن توفير الدواء لأبنائنا ولا نتمتع بالمنحة العائلية. وأتساءل لماذا يعاقب البحار عند حصول المركب على مخالفة ويمنع من العمل ». صاحب مركب أشار إلى أن « الاستثمار في البحر أصبحت مردوديته ضعيفة ونتكبد خسائر كبيرة بسبب ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأولية من شباك وكوابل وحبال وموادّ أوّليّة أخرى ترتفع أسعارها بشكل جنوني ومستمر بدون رقابة كذلك المواد الغذائية والعديد من أصحاب المراكب في السجن ونعاني من ديون كبيرة تكبلنا. نريد رفع دعم الحكومة على المحرقات مثل بحارة بحر الشمال وإلغاء الضريبة على الإنتاج المقدرة ب2% التي تفرضها الوكالة البحرية للموانئ. فلا يعقل أن نتكبد خسائر كبرى والإنتاج لايغطي التكلفة ورغم ذلك تفرض علينا ضرائب مجحفة « . في العيد الوطني للفلاحة والصيد البحري أرسلت قيادة اتحاد الفلاحين برقية شكر لرئيس الدولة لعنايته ورعايته بالبحارة وجددت تعلقها بشخصه ومناشدته الترشح للرئاسة سنة 2009 وقيادة الإتحاد أهملت مطالب القطاع وأرباب العمل ولا تعتني بهم.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 406 بتاريخ 18 ماي 2007)


بلدية خنيس: مكاسب وانجازات

 
عامر عياد – خنيس في جو من الزهو والافتخار تحيي مدينة خنيس من ولاية المنستير الذكرى الواحدة والاربعين لانشاء بلديتها و حري بنا ونحن في غمرة هذا الاحتفال و الانتشاء ان نعدد- بعيدا عن منطق السلبية- مكاسب وانجازات المجلس البلدي الموقر خصوصا خلال الخمسة عشرة سنة الماضية حتى نعطى لكل ذي حق حقه و حتى تكون انجازاتنا نموذجا يحتذى. من هذه الانجازات المباركة نذكر: *تماشيا مع السياسة الوطنية في الحفاظ على الكفاءات و تحقيقا لرغبة التواصل و الاستفادة من الاستمرارية للنجاحات قرر أصحاب القرار التمديد لرئيس المجلس البلدي لدورة ثالثة رغما عن فصول المجلة الانتخابية ففي ذلك تحقيقا للمصلحة ودرءا لكل مفسدة كما يقول ساداتنا الفقهاء. * تنفيذا للمشروع الرئاسي الرامي لاستحداث شارع للبيئة في كل منطقة بلدية و نظرا لتميز بلدتنا بتلوث متعدد المصادر(واد..محطة تطهير..شاطىء ملوث..مصب عشوائي للفضلات..)عمدت بلديتنا بذكاء نادر الى جعل شارع البيئة تعبيرا ورمزا لتلوث المدينة لا عجزا عن الاعتناء به لا سمح الله ولكن تحسيسا و إشعارا ذكيا لأولي الأمر بما تعانيه المدينة وأهلها ..فشكرا لمسؤولينا. *اعتبارا « للخدمات الجليلة » التي يقدمها رجال الأعمال و ذوي القربى وأصحاب النفوذ لصالح المواطنين في مدينتنا عملت بلديتنا الموقرة على حفظ مكانتهم و عملوا على التمييز بينهم وبين « الرعاع والسوقة والدهماء.. »فلهم قانون خاص بهم ومعاملة تليق بمقامهم ..هم اولى برخص البناء حتى وان خالفوا أمثلة التهيئة العمرانية ..هم غير معنيون بتطبيق قانوننا نحن العامة ..فكل استيلاء على الطريق العمومي او كل بناء فوضوي مبرر وهو من انجازات مجلسنا الموقر ..الا يعني ذالك ان طبقة المواطنين اتسعت وقائمة الرعايا في اندثار؟؟فقط نريد ان نقترح على سادتنا ان يستحدثوا صفوفا خاصة بالمصلين منهم و المعزين ..لانه من غير المعقول ان يفقدوا وجاهتهم و يحتكون بمن هو دونهم. *السعي الدائم للحفاظ على تراثنا وتراث اجدادنا و الحفاظ على اثارهم وماثرهم..وما انتشار الابنية المتداعية للسقوط و الابنية المهجورة الا خير شاهد على ذلك.وبهذا الانجاز و فرت بلديتنا اولا مكانا و ملاذا امنا للزواحف والفئران و القطط السائبة و في ذات الوقت متعتنا و زائرى مدينتا بثروة حضارية وثقافية تبرز بجلاء ووضوح تاريخ البلاد وحاضرها..نقترح تهيئة هذه الاماكن لتنشيط السياحة الثقافية في المدينة وخصوصا ونحن على ابواب المعرض الوطني الاول للصناعات التقليدية. *احترام حق الحياة..و هو حق مكفول دستوريا و عالميا .. وقد تصدت البلدية مشكورة لكل المحاولات التي تسعى للقضاء على الناموس والوشواشة او حتى الكلاب السائبة .. ولذلك فجدير ببريجيت باردو ان تدرج مجلسنا الموقر في لائحة المحافظين والمحترمين لحق الكائنات في العيش الحر الكريم. *بعض الجمعيات تشكو قلة الدعم المالي و المعنوي..وغاب عن هؤلاء ان في ذلك تحفيزا للبحث عن مصادر تمويل اخرى حتى يتسنى للمجلس البلدي استغلال ميزانيته فيما هو اهم من العمل الجمعياتي ومن المهاترات التي لا فائدة منها. *غياب كامل للمواطنين خلال الدورات التمهيدية وهذا انجاز يضاف للمجلس البلدي الذي استطاع اقناع المواطنين انه لا فائدة من حضور هذه الاجتماعات فهي هدر للوقت و توتير لأعصابه وبالتالي تكفلت البلدية بطرح المشاغل بنفسها و الاجابة عليها بكل « موضوعية »فكانت كرجع الصدى…وكل عام ونحن وبلديتنا بخير.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 406 بتاريخ 18 ماي 2007)


 

أضواء على معرض تونس الدولي للكتاب ..

إعترافات وزير الثقافة التونسي : أعدنا 8 آلاف عنوان ديني .. لو كانت معارض الكتاب الاخرى في تونس لاحرقنا 19 مليون كتاب

8 آلاف كتاب اسلامي تمت مصادرته في معرض تونس للكتاب بينما سمح للكتب التي تشكك في الاسلام

عبدالباقي خليفة * / تونس أونلاين نت

شهد المعرض الدولي للكتاب بتونس هذه السنة قمة الحرب على الثقافة الاسلامية التي ارتفعت وتيرتها منذ عقدين من الزمن وقال وزير الثقافة التونسي ( محمد العزيز بن عاشور ) أمام البرلمان المعين أن  » في بعض الدول يفتخرون بأن معارض الكتاب عندهم تحتوي على 20 مليون كتاب ،ولوجاءت هذه الكتب إلى تونس لوضعنا 19 مليون منها في النار  » . ويمارس النظام الحاكم في تونس وصاية مطلقة على المجتمع التونسي و يتدخل في خصوصيات الناس بما في ذلك اللباس ، فيحدد للناس ما يلبسون وما يأكلون وما يشربون و ما يقرأون أيضا باعتراف الوزير الذي بث تلفزيون تونس 7 ، حديثه أمام البرلمان منتصف شهر مايو حيث أكد أن النظام مهتم بما وصفه  » نوعية الكتاب ومحتواه  » وقد انبرى من داخل زريبة الخنازير وهي التسمية الشعبية للبرلمان توسيا بما كان يطلق عليه في أوربا القرون الوسطى ، من يزايد على الوزير بالاعتراض على دخول الاجانب أصحاب  » اللحى غير المحلوقة والمحجبات  » بينما تم منع المحجبات التونسيات من دخول المعرض و تم اشتراط خلع الحجاب قبل الدخول ، هو ما لم يحدث في أي بلد في العالم . وقال الوزير التونسي  » هناك 8 آلاف كتاب ( عنوان ) تم إعادته في صناديقه  » وزعم الوزير التونسي إن نظامه ليس ( ضد الكتاب الديني ) حسب تعبيره .واعتبر الكتب التي تمت مصادرتها أو إعادتها من حيث أتت ،  » تقدم الفرص لتمرير الفكر الظلامي  » وأن نظامه ضد الظلامية . بينما افتخر بوجود كتب باللغة الفرنسية للأطفال وبأسعار أقل من قيمة تذكرة الدخول لملعب كرة القدم . و كانت الحكومة التونسية قد منعت في وقت سابق دخول مجلة المجلة إلى تونس على ما فيها لأن الكاتب المعتدل فهمي هويدي يكتب فيها ،واعتبرت ما يكتبه يندرج تحت مسمى الفكر الظلامي . ويأتي هذا التصعيد بعد تلقي النظام في تونس مبلغ 6 مليون يورو فرنسي من حكومة باريس لدعم الفرنسية في تونس على حساب العروبة والاسلام .

حرب على الاسلام : ورغم أن دور الثقافة في تونس لا توجد بها حواسيب آلية ، و لا يوجد ما ينفع الشباب ،لأن النظام أرادها أداة من أدوات محاربة الاسلام تحت مسمى الظلامية .وقال وزير الثقافة التونسي في هذا الخصوص  » كل ما يكرهه الظلاميون و المتطروفون موجود في دور الثقافة « ومن ذلك  » تعليم الأطفال الموسيقى والرقص والاختلاط  » ومعلوم أن  » الظلاميين  » يكرهون الزنا ، لذلك اقام النظام دور البغاء . ويكره  »  » المتطرفون  » الربا ، لذلك لا يوجد بنط واحد في تونس يتعامل وفق الشريعة الاسلامية . ويكره  » الظلاميين  » الخمر ، لذلك يوجد 15 مصنعا للخمور في تونس ويتم استيراد المزيد منها من الخارج . وهكذا يصبح  » الظلاميين  » و  » المتطرفين  » مجرد ستار للحرب على الاسلام في تونس . وتصبح الحرب على الاسلام مجرد محاربة للفكر الظلامي ، وهذا ما قاله الوزير و ليس ما افترضه الكاتب . فمحاربة الكتاب الاسلامي هو محاربة لتبيين مقاصد الشريعة وما أمر به و نهى عنه القرآن ، وبالتالي حرب على القرآن و تعاليمه . وحرب على الفقه المالكي الذي يحرم الكثير من وسائل حرب  » الظلامية  » في تونس . وهي حرب ضد الفضيلة التي دعا إليها الدين الاسلامي الحنيف ، بتعبير بيادق النظام نفسه . وهكذا اصبح بيينا أن الحرب التي يشنها النظام في تونس ، ليست حربا ضد ما يزعم أنه  » ظلامية  » و » تطرف  » وإنما هي حرب ضد الاسلام ، وإلا ماذا تعني الحرب على الحجاب ؟!!!

عسكرة الثقافة :  فقد تحوّل عناصر الأمن التونسي بالزي المدني إلى مكان المعرض الدولي للكتاب ، وعسكروا في مدخل المعرض ،وقاموا بتفتيش الداخلين و الخارجين منه ،مستخدمين أجهزة الكشف المختلفة مما أزعج الكثير من الزوار . كما قاموا بتفتيش الداخلين بحثا عن مناشير أو مطبوعات محظورة واستنطاق واستجواب القادمين من المساجد واستجواب بعض الشبّان عن سبب اقتنائهم لعناوين من الكتب الدينية ذات الصبغة الفقهية التي سمح النظام بدخولها بكميات محدودة جدا

(المصدر: موقع تونس أونلاين.نت (ألمانيا) بتاريخ 17 ماي 2007)

الرابط:http://www.tunis-online.net/upload/up/Abdulbaki200507.htm


هذه منكرات الأسماء المستعارة

 
بوعبدالله بوعبدالله لقد سبق وان عبرت عن رايي في الذين يمضون مقالاتهم باسماء مستعارة , وعبرت عن رفضي لهذا الأسلوب لكن البعض من اخواني بين لي انه قد تكون هناك ظروف  قد تمنع الفرد من ذكر اسمه . لكن هذه الظروف وان دفعت الفرد للتستر وعدم ذكر اسمه يجب الا تدفعه اولا وقبل كل شيئ ان يسب غيره همزا ولمزا. لأن هذا يتنافى مع قيم المروءة . ما حصل مع « ابن الزيتونة » مثال لذلك.  واعترف اني استعملت معه بعض العبارات عندما راجعت مقالي استحييت من نشرها – لا منه – وما اردت ان يطلع عليها  غيره.

واشهد الله تعالى اني  مباشرة – دقيقة او دقيقتان – بعد ان ارسلت مقالي لتونس نيوز ارسلت اليهم نفس المقال وقد شطبت منه كثيرا من العبارات , وطلبت من المشرفين على موقع تونس نيوز عدم نشر المقال الأول ونشر الثاني  وكان هذا الإستدراك مباشرة بعد ارسال الأول. لكن المشرفين على تونس نيوز نشروا المقال الأول.*

لقد اخذت عهدا على نفسي الا اسيئ الى من يحاورني محترما رايه ومهما وصل به الحال في الحوار معي فاني اتقبل ذلك بصدر رحب وان  صدر منه ما يسئ الي – شريطة تتجنب  النيل من  عرضي – فلن يسمع مني الا طيب الكلام , مُكنّا له الحب والإحترام رغم الإختلاف والتباين تبقى تجمعني به روابط اخرى سامية,  وهذا ما اعلنته لجميع الإخوة بالرغم مما صدر من بعضهم في موضوع عودتي, و ما اسات لأحد منهم . لكن مع اصحاب الأسماء المستعارة  التي  تشتم وتلمز  لا يمكنني باي حال ان اتركها تمر وذلك ايمانا مني بخطورتها او خطورة الأسلوب الذي تعتمده وما ينجر عنه من تسميم للأوضاع والتفريق بين الأحبة.  وهذه في نظري مخاطر التستر والظهور باسماء مستعارة  للهمز واللمز والسب والشتم . فالتستر يصبح:

1 – شكل من اشكال النفاق : عندما اجالسك واتحدث معك باسلوب جيد وحسن واظهر لك حسن الكلام  ثم اختلي بنفسي واتستر باسم مستعار فاقدح في فكرتك او شخصك واشبعك همزا ولمزا وطعنا و و و و.  اي اسمعك عكس ما اقوله لك وجها لوجه . اقول من وراء ظهرك متسترا ما اخاف ان تسمعه مني  وجها لوجه اليس هذا نفاقا ؟؟؟؟ 2 – الغيبة : الغيبة ذكرك للغير بما يكره في غيابه  , وايضا المغتاب من اخفى  نفسه  وقال قولةالسوء. فما لا تقدر ان تقوله في حضوره فلا تقله و انت من وراء ستار, ففي الحالة الأولى هو غاب فقلت فيه وفي الحالة الثانية انت غيّبت نفسك – اي تسترت – فقلت فيه  والنتيجة واحدة . 3 – نشر سوء الظن بين المسلمين واعدام للثقة: نحن نعيش في مجتمع صغير يقابل فيه بعضنا بعضا.  والبعض منا يتحاور مع الاخر ,و البعض يرد عليه في مواضيع تداولها معهم في جلسات او مناسبات ثم يرى ان النقاش يتواصل عبر الإنترنيت باسماء اخرى مستعارة  وباسلوب آخر فيه همز ولمز.  فعندما تجلس في مجالس هؤلاء يراودك الشك فتقول اكيد من بين الحضور او من بين من اصافحهم واعيش معهم او اقابلهم يوميا  يتواجد ذلك المتستر باسم مستعار,  فتراك تشك في من حولك او جوارك او اسرتك او ابنك او زوجتك بما ان التستر ممكن ,  فيراودك الشك ويصبح كلام من حولك مشكوك فيه . مرددا:  ما يدريني ان صاحب هذا القول اذا اختلى بالكومبيوتر لا ينقلب على عقبيه ويقول نقيض ما نسمعه منه الآن؟ واذا كان هذا حال ابناء الجماعة الواحدة  يصرح عكس قناعات جماعته تحت اسماء مستعارة فهذا يعدم الثقة بين افراد هذه الجماعة. 4 – تحطيم رابطة التعارف : الله تعالى  جعل سنة التعارف بين الشعوب والقبائل  والأصل ان ابناء الملة الواحدة او البلدة الواحدة او الجماعة الواحدة  متعارفون فيما بينهم كي يتمكنوا من التناصح  والتواصي والتواصل فيما بينهم , لكن التستر دعوة لعدم التعارف و قد يعيق سنة التعارف ويحول دونها خصوصا اذا تحول وسيلة للشتم والهمز واللمز , بل  يصبح مدعاة للتنافر . واذا تنافرنا فلا مجال كي نتناصح  او نتواصل . 5 – المحاربة من وراء جدر:  والإسم المستعار هو جدار او حائط يخفي وراءه صاحبه  ذاته الحقيقية لمحاربت غيره سبا وشتما . واليهود اعتمدوا الإختفاء وراء الحيطان لخوفهم وجبنهم .فالله قد خصهم بهذه الصفة لوحدهم, فلماذا نشاركهم فيها؟ فينال بعضنا من بعض فيصبح باسنا شديدا فيما بيننا, ظاهرنا التوحد وباطننا السب والشتم ؟ 6 – إقصاء الذات : « انما ياكل الذئب من الغنم القاصية »  من تخفىفقد أقصى نفسه عن المجموعة التي قد تحميه من قول الزور وترده عن الهمز واللمز فينفرد به الشيطان في خلوته: قل  او افعل ما شئت فلا احد يعرفك فيطلق عنانه للسب والشتم  وقول ما لا يقدر ان يواجه به الآخرين في حضورهم. و يصبح ما هو حرام ويعجز عن فعله علنا مباحا بالتستر. 7 – تعدد الوجوه لشخص واحد: »بو وجهين او اكثر » وهذه اصبحت ظاهرة مرضية سببها التستر. فالبعض يلجأ للأسماء  المستعارة ليرتكب بها عبر الإنترنيت ماهو عار في حاضرنا اي معرفة الناس له تحول دون صنيعه,  مثل القيام بعلاقات مشبوهة قد تكون احيانا بين البنت وشقيقها او بينها وبين والدها او بين  الزوج وزوجته , منطلقها اسماء مستعارة . وما ينجر عن هذا التستر من جرائم  وفضائح  ما كانت لتحصل لولا التستر باسماء مستعارة . فكيف يمكن ان يكون الواحد منا قدوة لإبنه وهو يمارس التستر والإستعارة . فاذا اعتمدها بعضنا في السب والشتم واللمز … او قل حتى فيما هو عادي في نظرنا ثم نجتهد لنجد لهذا التخفي والتستر مبررات,  فكيف يمكن لنا ان نقنع الآخر  الذي يتخذ منها ملاذا  لربط علاقات خداع وغش ومكر وخيانة وكشف اسرار  واشباع الغرائز بانه لا يجوز له التستر؟؟؟؟ . فلا يمكن لفرد ان يحرّم على غيره ما يبيحه لنفسه. انت تستعمل الإسم المستعار لأسباب منها  …و..و..و …و… وان لا يعرفك الآخرون  وكذلك زوجتك  وابنك   وابنتك  تختفي وراء اسم مستعار لآسباب منها …و…و…و وان لا يعرفها زوجها او وابنها . و  نطمح ان يكون ابناؤنا شجعان لا يخافون في قول الحق لومة لائم . هل التخفي شجاعة ام خوف ؟ الا  يقتل التخفي في الفرد روح الإصداع   بقول الحق ومواجهة الآخرين . اليس التخفي نوعا من الجبن ؟    اليس التخفي  تفخيما  امنيا لا مبررا له ؟ اليس التخفي مدعاة  لنشر الذل وعدم رفع الراس  ؟ اليس التخفي سلاحا للجبناء يقتل فينا روح الشجاعة  ؟ خصوصا ونحن نتكلم في مواضيع لا ارى فيها اي خطورة. اذا من تخفى للنيل من الآخرين  ليس من المروءة , لذا وجب الرد عليه بما يليق به . حتى نساهم في ايقاف هذه الظاهرة ولا تنتشر بيننا . فمن حاورني او شاتمني وانا له عارف فله مني ان لن اعامله بالمثل  بل احترم ذاته وورايه وشجاعته  .اما من يشتم وهو متستر فهذا لم يحترم ذاته في نظري ولم يحترمني  فكيف يريدني ان احترمه ؟

 والبادئ أظلم . وانت يا   » ابن الزيتونة  » ظلمتني  وما كان لك اي داع ان تتعرض لي في مقالك . انت تتحدث عن عوائق المصالحة, فما الذي دعاك ان تقول في  « باع قضيته الشخصية » « زيارة فلكلورية » ما الذي دعاك ان تتستر وتحشرني  في موضوعك حشرا  ,خصوصا وانك تقيم في سويسرا والأدهى من ذلك والأكيد انك تعرفني وقد نكون  تقابلنا ان لم نكن جلسنا مع بعض  وتحدثنا, او سمعت ما دار بين وبين الإخوة في موضوع عودتي .والله لو حدثتني في المسالة جهارا علنا كما فعل العديد من الإخوة ما سمعت مني الا الخير. وهذه المرة لن ارد عليك في قولك بوعبدالله بوعبدالله  – أو هكذا أسمته أمه – كي افسح لك المجال وتجيب عن الأسئلة  التي طرحتها عليك علك تفيد بدل ان تشتم وتلمز ونتعرف على وجهك الآخر الحقيقي النير ثم انا ابيح لك ان تستعمل حقك الذي منحك اياه الله  في الرد علي ان كنت ظلمتك.

 
*) ملاحظة من هيئة التحرر- لم نتبه إلى ذلك حسبناه نفس المقال أرسل مرة أخرى

تواصلا مع مقال السيد العداسي

لا يعرف قدر الدولة الوطنية من لم يعرف الاستعمار

 
 بقلم: ناجي العرفاوي ـ اصيل تستور abouyoussef_arfawi@yahoo.fr كنا لزمن قريب نعتقد أو هكذا نحسب أنّ <<جلبي>> العراق هو عنوان الخيانة و التواطئ مع المستعمر في الوطن العربي. كيف لا وهو الذي سبب بالإشراك مع الملالي في أكبر نكبة للأمة العربية و تدمير دولة من اعرق دول الوطن العربي. و كنا نعتقد كذلك أن هذه الحالة فريدة من نوعها لم تتجاوز حدود العراق المحتل. لكن مع الأسف <<جلبي>>  هذا تحول الى ظاهرة تكمن في كثير من المعارضات أو المعارضين داخل أوطاننا. أقول هذا الكلام لما بدأنا نرى و نسمع أو نتصفح على صفحات الشبكة العنكبوتية بعض من هؤلاء الذين أجهدوا نفسهم في شخصنة قضايا الأمة حتى تجاوزوا الحدود المعقولة. فبعد « الشيخ » الهادي بريك الذي دعا فرنسا « الام الحنون » التدخل لتخليصنا من بن علي بعد ما عجز « الشيخ » على القيام بهذا الدور بعد خطة فرض الحريات باحداث فراغ دستوري في البلاد  حيث  دون  على صحيفة الجراة  عدد 28 لسنة  1997 ما يلي<< ان فرنسا التي استعمرتنا بالامس خليق بها اليوم ان تساهم بقوة في نسج ذلك الوفاق القادر وحده على توطيد اركان الاستقرار الحقيقي حفاظا على مصداقية »الاخاء و الحرية و المساواة » و على مكانتها الاوروبية و الدولية و مصالحها في الساحل الجنوبي للتوسط و في دنيا العروبة و الاسلام عامة>>  ثم جاء دور السيد عبد الحميد العدّاسي ليقسم لنا باغلظ  الإيمان أن « صانع التغيير » في تونس وهو الرئيس الحالي الجنرال زين العابدين بن علي أنه أظلم و أخطر من الاستعمار الفرنسي هذا الأخير علمنا الرفض فالمقاومة و « الرجولة » و الأول علمنا الذلة و المهانة و جردنا من الرجولة, مثلما حبر حرفيا على نشرية Tuisnews 14.05.2007<<.فوالله الذي لا إله غيره: لقد أساء صاحب التغيير إلى التونسيين أكثر بكثير ممّا أساء الاستعمار الفرنسي إليهم، ذلك أنّ هذا الأخير قد علّمهم الرّفض والمقاومة وأنّ ذاك الأوّل (وهو في الترتيب الأخير) قد أجرهم بجيوشه الطاغية على الخنوع والخوف وفقدان الحصانة الأخلاقية وغيرها من المكاره >> . كلام خطير جدًا بأن يتمنى أيام الاستعمار التي لم يعشها السّيد العدّاسي و لم  يكتوي بنارها. لم نقرأ في التاريخ عن استعمار أو بالأحرى احتلال شيد مدارسًا للمقاومة أو شجع على عزة من احتل بل العكس هو الثابت. فقد روى لي والدي أن جدي رحمهم الله خرج ذات يوم لقضاء بعض لوازم البيت من السوق فلم يرجع إلاّ بعد 15 يوما و السبب هو كان محبوس كل هذه المدة لأنه لم يؤد التحيّة  للضابط الفرنسي عند لقاءه في الشارع مع أنه مدني لا علاقة له بالانضباط العسكري. لان الاحتلال الفرنسي كان يفرض تحية جنوده على التونسيين عامة إمعانا لهم في الإذلال و الاستخفاف بهم.لا أدري إن كان السيد العدّاسي قد قرأ تاريخ تونس يومًا ابان الاحتلال ليكتشف فظاعة الاستعمار وعدم إنسانيته. لا اخاله قد قرأ كيف كان المعمرين يقتلوا التونسيين من الفلاحين و يدفنونهم في الأراضي التي اغتصبوها اعتقادًا منهم بأن رفاة العرب تزيد في إنتاجهم.(1) لا أظنه أيضا قد سمع بجرائم الاحتلال الفرنسي الذي لم يُسئ إلى تونس حسب السيد العداسي أكثر ما أساء لها صانع التغيير, المرتكبة مع بني جلدته في الوطن القبلي سنة 52 التي بلغت حد الاغتصاب بالجملة وبقر بطون الحوامل و القتل العشوائي للمواطنين العزل . إن شخصنتك للقضية التونسية يا سيد العداسي واختزالها بينك و بين بن علي يدخل علينا الريبة و الشك في انك صاحب قضية وطنية تتعلق بالحريات و المساواة و القوانين العادلة و الدفاع على الدين، فمشكلتك ليست مع النظام بقدر ما هي مع شخصية زميلك سابقا وأحد أمرائك أيام عطائك. معذرة انها لا تفهم الا على هذا الشكل او انك تتبادل الادوار معه. ألم تؤد القسم العسكري ( اقسم بالله العظيم) بأن لا تعمل ضد النظام الذي تعمل تحت رايته و أنت على بينة تامة بسلبياته آنذاك؟ تماما مثل ما اقسم « غريمك الشخصي » أمام ولي نعمته  بورقيبة بان يكون له وفيا و عليه حريصا؟ (ربما أبر بيمينه عندما حرسه إلى آخر يوم من حياته و لم يقتله كما يفعل الانقلابيين عادة) ألم يكن لكما نفس الشعور سنة 87 و نفس الفكرة بالانقلاب على نظام مدني تعملان تحت رايته؟ فدبّر الجنرال ليوم 7 نوفمبر وخططت أنت ليوم 8 نوفمبر. فسبق الذي دبّر و فشل الذي خطط. لو كنت منصفا يا سيد العدّاسي- الا اذا مازلت في مهمة للجنرال – لاعترفت للرجل بالجميل لأنه في ذلك اليوم قد انقض حركة الاتجاه الإسلامي و قياداتها أكثر ما جاء لإنقاذ تونس.لقد أنقذكم من بورقيبة العجوز الخارف. فلو لم يُيسر الله لبن علي يوم 7 نوفمبر لولغ بورقيبة كوحش كاسر من دمك و دماء إخوانك وقيادات الحركة و أنصارها دون رحمة و لا شفقة. ثم يكون بعد ذلك جرحًا في المجتمع التونسي لا يندمل و تعشش ثقافة الحقد و الكراهية التي تفتح الباب على مصراعيه للمجهول وأولهم هذا الذي تراه أقل سوء و إساءة و ألمًا و إيلاما من حكام بلدك وبني جلدتك مهما كان الاختلاف معهم. فإذا كان ظلم الاحتلال الفرنسي هو الذي صنع من التونسيين مقاومين أبطال و أوقد في صدورهم شعورهم العزة و الكرامة و طلب الشهادة في سبيل الوطن فاختاروا الخروج إلى الجبال لمقاومة الغاصب الظالم. فلم يجعل منك ظلم بن علي و استبداده وهو » الاشد و اكثر فظاعة » بطلا فتصمد في وجهه على ارض تونس لمقاومته بشتى الوسائل؟ لماذا آثرت الفرار « في سبيل الله » ورضيت لنفسك أن تعيش بقانون أهل الذمة في الغرب و تركت وراءك حوالي 9 ملايين تونسي يتعرّضون « للاضطهاد » و « المسخ في الدين » و »سلب الأرزاق »و « تجريدهم من الرجولة »؟ أم تراك عملت بمقولة جحا الشعبية « ابعد على راسي واضرب ». ام ترى طابت نفسك لاكل الخبز بالجبن (بكسر الجيم) في الدنمارك بعد ما افتى علماء المسلمين بمقاطعته بعد ما اساء حكام بلد من تعيش انت تحت ذمتهم لسيد الخلق (ص)؟ لم نقرا لك كلاما مفاده ان هؤلاء اظلم من فرعون و قارون وابو جهل وابليس على وقاحتهم والاستخفاف بمشاعر المسلمين جميعا؟ قال الفاروق عمر (ض) لا يعرف الاسلام من لم يعرف الجاهلية و انا اقول لك و لأمثالك – الا اذا كنت تتبادل الادوار مع الجنرال في اطار رد الجميل-  لا يعرف قيمة الدولة الوطنية رغم سلبيات الحكام من لم يعش يوما تحت الاستعمار. (1) … و لو أن أحد المسلمين يُقتل رميَا بالرصاص أو يموت متأثرا بمرضه في مكان ما فأنه يُدفن في المكان الذي قضى نحبه فيه. ذلك أن الفرنسيين يعتقدون أن جثمان المسلمين يلقح الأرض لمدة خمسين سنة مقبلة فينعمون « بخصوبتها ». كتاب الحزب الحر الدستوري التونسي 1919-1934 ص. 39 ليوسف مناصرية

 
 

الزائر وابن البلد

 

كتبه عبدالحميد العدّاسي

المرجع: تونس نيوز بتاريخ 19 مايو 2007

 

قرأت الحوار الكتابي بين الدكتور الطيّار محمد بن موسى الشريف الذي قد كرع كثيرا من سيرة نبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم ونهل من مواقف القوّة التي عُرف بها سيّدنا موسى عليه السلام وحاز من شرف الإيمان الصادق ما جعله شريفا طيّبا رجلا، وبين موظّف السفارة « السفير » التونسي الذي دفعه تاريخ بلده الإسلامي الماجد وتصرّف وليّه الحالي الأرعن إلى فقد الحجّة والبيان والاتّسام بالتردّد وعدم الثبات في القول. وقد رأيت أن أقف مع بعض ما قيل على لسان الشيخ المتواضع الفاضل المعلّم النّاس الخير (والتونسيون الذين تابعوه من خلال التلفاز يشهدون له بذلك، وقد أكرمني الله بمقابلته دون أن نجسّر للتعارف) وما قيل من طرف « المظلوم » السيّد السفير.

 

1 – جاءت مقالة « أيّام في تونس » في أغلبها لتصف ما شاهده الشيخُ وزوجُه، ولكنّها حوت كذلك بعض ما سُمِع. ولعلّ هذا الذي سُمع هو ما وجد من خلاله السيّد السفير، الثغرة لانتقاد كلام الشيخ. فقد سمع الشيخ محمّدٌ بأنّ الصلاة يوم الجمعة تقام مرّتين في المسجد الواحد، وهو خلط سبّبه الذي روى للشيخ، وهو ما فنّده السفير ووصفه بالافتراء دون أن يحصل لديه اليقين بصدق الشيخ، والحقيقة أنّ المساجد تصنّف في المدينة التونسية الواحدة قسمين فيُصلّى في بعضها في الوقت الأوّل ويصلّى في بعضها الآخر في الوقت الثاني (قد تُربط نهايته بوقت صلاة العصر). فقد كان المقصود إذن البلدة الواحدة وليس المسجد الواحد. والتونسيون يفعلون ذلك مراعاة منهم لتمكين العدد الأوفر ممّن يصلّي (إذ ليس كلّ مسلم يصلّي! هذا فهمنا للدّين واجتهادنا. فإن أخطأنا في ترك الصلاة، فلنا أجر الاجتهاد في النّص!…) من الصلاة في أحد الوقتين. ذلك أنّنا في تونس المسلمة « كثيرة المساجد »، لا نتمتّع بالراحة الأسبوعية من العمل إلاّ عشيّ السبت ويوم الأحد، خلافا لبقيّة المسلمين في البلاد الإسلامية، ومسايرة لإخواننا في البلاد التي تلينا من الغرب والشمال، حرصا منّا على دعوتهم – إن شئتم – وعدم إشعارهم بالفروق بيننا وبينهم…

 

2 – صدق الشيخ لمّا تكلّم عن عدم سماع الأذان، غير أنّ ذلك قد لا يعني عدم إقامته أو رفعه! فقد أقام الشيخ في نزل أفريكا، وهو نزل بهيّ الطلعة فريد الشكل قد ارتفعت قامته لتخفي وراءها أسوأ بناءة على الإطلاق، وهي الدهاليز التابعة لوزارة الدّاخلية سيّئة الذكر، حيث يُعذّب المئات بل الآلاف من أبناء تونس الكرام الطيّبين، دون انتباه من سكّان نزل أفريكا الذي جهل العاملون فيه اتّجاه القِبلة لعلمهم – ربّما – بخطورة تلك المعرفة التي قد تُوردهم تلك الدهاليز المهالك. والعاصمة التونسية متكوّنة – للعلم – من قسمين متمايزين: القسم القديم بكلّ ما تعني مفردة القدم، ففيه الطابع القديم المحافظ على الأصالة والسمت القديم المحافظ على الحشمة والخُلق القديم المحافظ على التديّن والتديّن القديم المحافظ على الاتّبعاع والاتّباع القديم المحافظ على الحياء وعلى الاستمرارية والأذن القديمة التي تطرب للأذان وللذّكر. والقسم الجديد بكلّ ما تعني مفردة الجديد، ففيه الطابع الجديد المتفتّح على الآخر الذائب فيه والسمت الجديد المذهب للصفة والخُلق الجديد المتحدّث بالأعضاء التناسلية لدى الجنسين الشاتم لربّ العزّة (عياذا بالله تعالى) والتديّن الجديد الحرّ في اختيار المعبود دون كثير تقيّد بما عبد الأب الأبعد أو الأب الأقرب والأذن الجديدة التي تتأذّى كثيرا من سماع الأذان سيّما وقتي الصبح والعشاء. ومن هنا فإنّه يتعذّر على الشيخ أن يسمع أذانا في هذا القسم الأخير وقد سكن بمحيطه دون علم سابق منه ربّما، أو أن يسمعه في الأوقات التي اتّفق التونسيون على اجتناب « الازعاج » فيها. ولو طالت إقامة الشيخ بالرّبوع لعلم أنّنا مسلمون نأتي من ديننا ما استطعنا دون الإساءة إلى غير المتديّنين فينا فإنّ تونس ليست كالسعودية، بل لدينا مسلمون ومسيحيون ويهود (والإحصاءات القديمة تبيّن كثرة هؤلاء فهم يعدّون أكثر من 2 % من العديد العام للبلاد)، وإسلامنا التونسي الذي قد لا يُفهم بدقّة من غير التونسيين علّمنا كيف نحترم النّاس الذين هم من غير ملّتنا. على أنّ الأذان يُذاع (وهذه من إنجازات التغيير) عبر قتاة تونس 7 ، التي – والشهادة لله – كثيرا ما قطعت أغانينا الرّاقصة العارية التي لا تنقطع إلاّ بما يقطعها من البرامج الإخبارية الخفيفة كي ترفع الأذان وتعقبه بالدّعاء « تقبّل الله صلاتكم »، كي تعود بعده مباشرة لإرضاء الذوق الآخر في فهم متطوّر جدّا لمعنى قوله تعالى: « لا إكراه في الدين » وقوله تعالى: « لكم دينكم ولي دين »، لينطلق كلّ منّا في أرض فرحة الحياة مخيّرا في اتّباع « الدّين » الذي اختار.  

 

3 – لقد كان السيّد السفير صادقا جدّا– في معرض حديثه عن تمسّك تونس بإسلامها وحفاظها على مقوّمات هويّتها – عندما قال: « ولتونس في هذا المجال بالذات تراث عريق كفيل بتكريس قيمة الاحتشام، وإن حرصها على الحفاظ على فضيلة الحياء لا يضاهيه سوى حرصها على رفض كل المظاهر الدخيلة والخليعة« ، ذلك أنّه لو قال: وإن حرصها على الحفاظ على فضيلة الحياء لا يضاهيه سوى عدم حرصها على رفض كل المظاهر الدخيلة والخليعة لجانب بذلك الصواب. فإنّ حرص البلاد على رفض المظاهر الدخيلة والخليعة يكاد يكون منعدما بل هو كذلك، ممّا بوّأ تونس مكانة « رفيعة » في التعرّي والمتاجرة باللحم الحرام. ففي تونس العهد الجديد (بل وحتّى العهد السابق) نوادٍ للعراة وعراة لغير النوادي يمكن أن تلاقيهم في الشوارع وفي التلفاز وعلى الشواطئ (أمكنة الاصطياف). وأمّا رفض المظاهر الدّخيلة، فقد اقتصر على ما كان مشرقيا كالحجاب والجلباب الرّجالي باعتارهما زيّا طائفيّا دخيلا كما تعدّى الرفض إلى بعض أنماط اللّحي التي حدّثت باقترابها من فكرة الطائفية « المقيتة ».

نعم حرص تونس على فضيلة الحياء لا يضاهيه سوى حرصها على رفض المظاهر الخليعة، والله يعلم ثمّ عباده يعلمون أنّ المظاهر الخليعة قد عمّت نتيجة عدم حرص المغيّرين على رفضها. وأفهم من هنا أنّ الله قد أنطق السفير بالحقيقة من خلال جهله لاستعمالات العربية… فسبحان الله ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله…

 

أنا – وأحسب الكثير من التونسيين – يصدّق الشيخ الفاضل في كلّ ما قال، بل وأرى نقله قد اقتصر على الأقلّ سوءا، ذلك أنّ وضعه (زائر كريم) لا يمكّنه من الاطّلاع على الأسوإ. وإنّي كتونسي أتأسّف جدّا على ما لاقى الشيخ الكريم، وألفت الانتباه إلى ما يعاني منه سادتنا العلماء الآن في البلاد من أمثال العالم الجليل الدكتور الأستاذ المنصف بن سالم، كما ألفت الانتباه إلى الحملة الحالية التي يقوم بها النّظام الحاكم ضدّ الطالبات المتحجّبات في البلاد لمنعهنّ من إجراء الامتحانات الختامية، وهو عمل دأب عليه الفاسدون في مثل هذا الوقت من كلّ سنة للحدّ من عدد حَمَلة الشهائد النافعة للبلاد والعباد واستبدالها بما يؤسّس لثقافة البطون العارية والصدور الخاوية والبطون الشائلة من أثر الحرام.

ولعلّنا كتونسيين نتشرّف في يوم قريب بملاقاة شيخنا محمد بن موسى الشريف في بلده الطيّب تونس، وقد عمّ فيها الستر وتجاسرت فيها النصرة وارتفع فيها صوت الحقّ وانكمش فيها الباطل وخنس فيها المبطل وارتدّ فيها الإساد وساد فيها الإصلاح تماما كما يريد كلّ مسلم صالح حريص على نعمة ومسؤولية الاستخلاف…     

 

 

بعد سنوات من الصمت المسرحي عبد القادر مقداد ينفجر:

** الاتحاد العام التونسي للشغل رقم مهم ولن أنسى ابدا هؤلاء ** كيف تُعدم حكومة بأكملها والناس تتفرج ؟

 
هو رمزمن رموز الجنوب سُمرة على جبين يتقطب بأسرع ما تنفرج الأسارير .. جنوبي باسق كنخلة يتدلى رطبها ويساقط ليغير مذاق الملح والبيدالى عسلي خارج من بطون ساكنات عرباطة من النحل … كجمل بل كقافلة بل كحادي عيس يكفر بالعطش ويذبح الكثبان وينحر الأفاعي ذات السموم … قفصي بل جريدي يبكي فيضحكك ، يضحك فيبكيك مسكون، بأشياء لا يعرف كنهها كجبل منطو في أحشائه نفيس المعادن وعلى سفوحه وقممه نتوءات وصخر … إنه مسرحية بحالها بل مدرسة قال عنها المرحوم عبد اللطيف الحمروني ذات يوم في دار الثقافة ابن رشيق إنها المدرسة المقدادية نسبة الى عبد القادر مقداد ضيفنا الذي استقبلنا بمركز الفنون الدرامية بقفصة بعد أن ساعدنا في مهمات أخرى على متن سيارته 504 العجوز الزرقاء الجميلة … والتي منها بل من داخلها انطلق حوارنا ليتواصل في مكتبه الصغير . * هذاالكرم لن نزيد به معرفة لكن قراءنا يريدون تفاصيل أكثر عن بطل هذه الديباجية ومسيرته على درب الفن الرابع…

ـ البداية كانت في سبعينات القرن الماضي أي منذ أكثر أو ما يناهز الأربعين سنة .. أيامها كنت منشطا بما كان يسمى «دار الشعب» وكانت الفرصة مواتية لبعث خلية بل لنقل فرقة مسرحية صغيرة عددا وعُدّة تحولت بعدها وتحديدا سنة 76 الى فرقة جهوية مسرحية تارة وهو وضعها القانوني الذي لم يمنع تغيير اسمها في مرحلة أولى الى فرقة مسرح الجنوب بقفصة ليصبح فيما بعد مركز الفنون الدرامية والركحية بعد أن اندثرت عديد الفرق الأخرى في باقي جهات الجمهورية … وطوال هذه الفترة حاولنا أن نضيف الى الساحة الثقافية والى الفن الرابع البعض مما قد يكون نفع الناس وينفعهم في حمة الجريدي الى  أحبك يا شعب  وما بينهما من جواب مسوقر والجراد وكلاب فوق السطوح وبشير بن سديرة، والعريس، ووادي الربيع وفيران الداموس وغيرها من الأعمال التي بذلنا فيها من العرق والجهد والكثير وحصدنا منها النجاح وحب الناس ولمسات وفاء الى  رابع الفنون الذي بدأت تتخنه  الجراح… * آه … بقولك هذا  تكون فتحت اللعب  بلغة الكرة وبالتالي دعني أصارحك بأن الفن الرابع يراه البعض محتضرا  وليس جريحا … بفعل ألوان مان شو وما شابه؟ أنا فاهم جيدا ما تقصد وقد تكون ببراءة المتلقي ولكن دعني أنت أيضا أصارحك بقناعاتي وأولها  أن  الإفلاس الجماهيري ليس معناه بالضرورة الإفلاس الإبداعي لأن كل ما هو نخبوي وأكاديمي لا يستهوى الناس.. فالوان مان شو مثلا هو فن مسرحي قائم الذات وليس بدعة. فيه تقنيات اخراج واضاءة وأزياء ومكياج وموسيقى الخ… ولنا في «يوميات مجنون» لقوقول أكبر مرجع … ولنكن واقعيين فان  ما يحدث اليوم فيه الكثير من الاستخفاف والنهم المادي الذي شلّك هذا النمط المسرحي وأهلكه .. ولأنك يريء كطفل سأكون جريئا  كناقد لأقول أن المسرح بصفة عامة هو شكل احتفالي ولا يمكن حسب رأيي أن يكون كذلك في حضور ممثل واحد وبعض الانفار من عائلة ذاك الممثل كمتفرجين .. إذن أين الاحتفال هنا … حسب رأيي فإن عرسا بلا حضور  هو عرس ميزرْ ولكن «آش نعملوا» ما دام كل واحد سيدعي الانفراد بليلى.
* هذا موقف من احدى المدارس  فهلاّ  عرفتنا بمدرستك ؟
ـ هي دون شك المدرسة المقدادية وهي الصفة التي أفخر بها جدّا والتي أطلقها عليّ المرحوم عبد اللطيف الحمروني ذات يوم في تعليقه على مسرحية «صاحب الكلام» بدار الثقافة ابن رشيق حيث قال انها المدرسة المقدادية … وحتى أكون أكثر جدية في الاجابة أقول إني أخذت من كل شيء بطرف بعد جولة في المذاهب والاتجاهات المسرحية في الكتابة والاخراج من المسرح اليوناني والاغريقي ..الكلاسيكي والابداعي .. الى مسرح الطليعة.
*إذن أنت تنفي صفة الكوميدي مثلا.

ـ لا أنفي هذه الصفة بل اتبناها في بعض المواقف
*  هل ترى أن الكوميديا تخفي الاهداف الاساسية من العمل؟
صحيح هي كذلك بل كذلك نريدها لأنك إذا قدمت هذا العمل بذاك الجفاف تصبح المسرحية مشاكسة وقد تجلت الويلات والمشاكل ولكن عندما تطرح المشاكل والمواقف والرأي الآخر بطريقة مرحة تمرّ.. وكفنان ترضيني النتيجة مهما كانت .. فإن أدلج المتلقي الفكرة ورفعها في بعد فكري ورمزي معني فهذا جميل وإن اكتفى بالوجه الظاهر والضحكة فـ «فيه البركة».
* ألا تشاطرني الرأي بأن المسؤولية الإدارية المنوطة بعهدتك حاليا حجمت عطاءك الابداعي … وجعلت البعض من رفاق العمر ينفضون من حولك؟

ـ «أبي وشنه هالكلام» (يضحك) فما أعلمه أنه لم ينفضّ عني إلا  من ماتوا (محمد الطاهر السوفي) أما البقية فنحن كما انطلقنا منذ زمن بعيد (المنصف البلدي، لطيفة، مالك، حمزة، والعبدلله) إذن منهو هلّي انفضّ!! اما عن المسؤولية الإدارية فلا دخل لها على الاطلاق في حقلي الفني ولا أذكر أحدا تدخل في أعمالي سواء وزارتي أو باقي السلط عدا ما حدث لنا في الثمانينات مع مسرحية العريش التي «اعتقلت» وأفرج عنها وعرضت في العهد الجديد … وبصفة عادية «نا وشنيه المسؤولية اللّي عندي «فلاني مدير المناجم ولا مدير تونس الجوية»  نخاف على البلاصة فأنا مدير على 4 موظفين وقاعد بين أربعة حيوط».
* هذه الاستقلالية عن «السلطات» لا تخفي الودّ مع المنظمات أليس كذلك؟

ـ هذا صحيح ولكن أقولها وبلا مجاملات فارغة فان الاتحاد العام التونسي للشغل هو الهيكل الأهم الذي تربطني به «وشائج قربى» جد متينة … ولعلي أكون جاحدا إذا مررت في حديثي عن الاتحاد مرّ الكرام كمنظمة وكرجال وإن نسيت  فلا يمكن أن  أنسى دعم الاخوة منذ مؤتمر قفصة وما قبله وأذكرفي هذا السياق تعاون الاخوة في المركزية النقابية وحماسهم ودعمهم لي.. وكيف «أخذوا  بالخاطر» لعقد ذاك المؤتمر الكبير في ضيافتي بدار الثقافة بن  منظورأيام المرحوم المناضل الحبيب عاشور .. ومن يومها أصبح الاتحاد رقما مهما رغم تغير الوجوه لأن المنظمة باقية وأمّ لن تعقر .. وبالمناسبة أخص بالتحية الأخوين العزيزين عبد السلام جراد وعبيد البريكي وكذا طاقم جريدة الشعب الذين أذكر لهم حفاوة استقبالي وتكريمي (التحرير، والمطبعة) بعد نجاح مسرحية «أحبك با شعب» والعرض الخيالي في الحمامات..
* مادمت دخلت في «السياسة» بعد «المسرح» كيف تتراءى  لك الحالة العامة للامة؟

ـ لا حال أبشع وأفظع من حال العراق .. والأبشع والأفظع من ذلك هو ذاك السؤال المقيت وهو كيف تعدم حكومة بأكملها و»الناس تتفرج» أضف الى ذلك تشرد العراقيين بعدما كان العراق للمشردين ملاذا… والله شيء يحبس الأنفاس عندما ترى المتاحف تدمّر والثروات تنهب والأعراض تنتهك … والكل يتفرج … والكل ساكت!
* هل من توظيف إبداعي لهذه الدراما؟
ـ قد يكون ذلك .. وقريبا جدا.
*وقبل ذلك ماذا هناك …؟

ـ من أجل تعبك من العاصمة الى قفصة أخبرك بما لم أصرح به اطلاقا وهو «هوية» العمل الذي نحن بصدد انجازه وهو عمل خاص بأيام  قرطاج المسرحية بعنوان «عبد الجبار حل الكتاب» وحتى لا  تسألني أكثر أقول سنحلّ الكتاب على الشعب التونسي (العمل ضخم وخطير وسنفصح عن محتواه في أعدادنا القادمة نزولا عند رغبة صاحبه).
* في هذا العمل قد تتحدث عن الكرة ماذا ستقول؟

ـ بعيدا عن هذا العمل أقول لك أني أديت صلاة الجنازة على هذه اللعبة واستخرجت لها شهادة وفاة عندما شاهدت ذات يوم لاعب النادي الصفاقسي اسكندر السويح يسجل ضد ناديه الأصلي في ملعب المنزه ويقبل قميص الترجي … يومها ماتت الكرة ولبّت داعي فسادها..!!
* وماذا عن الموسيقى ؟

ـ لا أسمع إلا القطع الصامتة أو الروائع عبد الوهاب وسيد درويش أما موسيقى هذا الزمن فلا تعني لي شيئا بل ليست موسيقى أصلا كجهنم لا يصلاها إلا الأشقى، وكذلك بعض المرضى عافانا وعافاكم الله (يقصد جماعة البدون هدوم ومستعرضات الحضور والنهود والأولاد ذوي الشعر المزيت والحواجب المحددة).
* شخصيات أسرتك؟
ـ بلا منازع صدام حسين وبلا نفاق فخامة الرئيس زين العابدين  بن علي * أجرى الحوار : حمدة الزبادي (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 19 ماي 2007) الرابط: http://www.echaab.info.tn/


الرقابة الضمانة
 
يكتبها :محمد الصالح فليس أثارت الانتقادات التي وجهها مجلس إدارة البنك الدولي الى رئيسه المباشر بول وولفويتز اهتمام كل الملاحظين، على خلفية تعمّد هذا الأخير إسناد ترقية استثنائية غير مستحقةلأمرأة تجمعه بها علاقات غرامية. وقد ترتبت عن هذه الترقية مكافأة رفيعة، في مخالفة التراتيب المعمول بها في منطوقها القاضي باقتراح المشروع والتفاوض في خصوصه مع المصالح ذات النظر صلب إدارة البنك وفيما تداولته الصحافة الأمريكية من معلومات، فإن هذه العشيقة قد حازت دخلا أرفع من دخل وزير الخارجية الأمريكية الحالية! وعندما أثار أعضاء مجلس الادارة هذه الممارسة، وتوجهوا بالنقد للرئيس المباشر، فإنهم قانوا بما تمليه عليهم طبيعة مهامهم بدون أي شكل من أشكال التزلف والخوف والمحاباة اعتبارا للسطلة التي يتمتع بها الرجل. ولأن قوانين اللعبة واضحة في صلب المؤسسة فلم يجد الرئيس بدا من تقديم اعتذاراته على ما صدر منه معترفا في ندوة صحفية علنية بأنه أخطأ وخالف الإجراءات وأنه على استعداد تبعا لذلك للقبول بأي إجراء يتخذه مجلس إدارة المؤسسة ضدّه! في بلدان متخلفة ومسكينة أموال شعوبها، تنهب الأموال العمومية بسخاء أناء الليل وأطراف النهار بصيغ وأساليب متعددة، وتسندُ الترقيات المجانية لصديقات الفاعلين وأصدقائهم كلّ حسب مقامه ومستوى تسلطه وتعطى المكافآت والمناصب بمقاييس الانتفاعية ومنطق «الأقربون أولى بالمعروف» و «ردّ التحية بأحسن منها» ما دام «نهرو وارد وجاي من الصعيد» على حدّ تعبير صديقنا احمد فؤاد نجم، وهو منطقٌ ينتعش من مقدرات الناس ومتاعهم ! وما أكثرها التجازارت من هذا القبيل ونحوه في قارتنا الافريقية، وفي عالمنا العربي حيث يعتبرُ المتصرف نفسه مالكا شخصيا مطلقا للوسائل والمقدرات التي توفرها له، فيسوغ لنفسه باستعمالها بدون مراعاة الضوابط والتشريعات المؤطرة للتصرف الوظيفي وليس الشخصي لهذه المقدرات. والفرق بيننا وبين هذه البلدان التي سبقتنا سبقا حضاريا بأشواط زمنية معقدة، هو أن أجهزة الرقابة عندهم فاعلة، وصحافتهم تتوفّر على قدرات انتصار للحقّ وللشرعية هائلة، وأن الأفراد لا يتمتعون في أدائهم لوظائفهم بأي  ارتقاء عن المحاسبة والمساءلة، وبأي شكل من أشكال الحصانة الضمنية. ولذلك فحتى التجاوزات القانونية التي تحدث ويقترفها بعض المسؤولين في  هذه البلدان فإنها لا تمر مرّ الكرام كما هو الحال في هذه البلدان المسكينة التي ينهبها أول ما ينهبها مسؤولون فيها! ولأن أجهزة الرقابة في هذه البدان صورية يؤلفها متواطئون خوافون وصحافتها ملجمة مغلولة الإرادة ومورطة بشتى صيغ التورط فإن عمليات النهب والاعتداء المعلومة هنا  وهناك يلفّها التعتيم والكتمانُ، ولا تستبد بها إلا الاشاعة الشعبية بما يطبعها من سعة خيالٍ وتجنيح ومبالغة. وتلك ضريبةغياب الحريات الصحفية وتحديدات حرية التعيير! وبالعودة للرئيس الحالي للبنك العالمي فإن الذاكرة تفرض استحضارات  شغل وظائف نائب لوزير الدفاع الأمريكي، ولئن لم تفصح الصحافة الأمريكية عن قيامه بتجاوزات في هذه الخطة المُغرية، والمرشحة لفتح شتى أنواع الشهيات طبيعة أن قطاع الدفاع يكتنفه ضرورة التكتم والسرية، فإن الأيام قد تكشف ما يقرفُ وما يُحبط ! أما إذا عدنا للبنك العالمي فإن تبجحه بمحاربة الفساد في البلدان التي يتعامل معها البنك، لا يُمكنُ أن تكتمل صدقيتهُ إلا إذا كنس في عقر داره، وطال هذا النوع من الفساد ـ وهو كذلك ـ الذي أتاه رئيسه! كما أن العمل على مساعدة البلدان الفقيرة لتقليص دائرة الفقر فيها لا تستقيم أصولهُ إذا لم يحارب الفقرُ الفكري الذي يقبلُ بتجاوز القانون والأخلاق ويغلّبُ الأبعاد التشخيصية الذاتية على الأبعاد الموضوعية الكفيلة وحدها بضمان مصداقية المؤسسات التي تخلقها الى حدّ كبير مصداقية القائمين عليها. ولوسادت الشفافية وانتصرت الحقيقةُ في عدد من هذه البلدان المتخلفة لامتلأت السجون ومراكز الاعتقال بالمتطاولين من كل حدبٍ وصوبٍ  على مقدرات وإمكانيات المؤسسات التي أشرفوا ويشرفون عليها، ولطالت المحاكمات الاموات والاحياء منهم على حدّ سواء! ولكن غياب الحريات واستشراء العنف المادي والمعنوي الرمزي هو دعامة هؤلاء المتطاولين التي تغطي ألاعيبهم، وتضمن لهم الارتقاء فوق المساءلة والمحاسبة وتسترُ عوراتهم  ! وطالما أن دوام الحال من المحال … فهذا ما قاله جعفر ماجد في قصيدة «الصباح الجديد». «تخبّرنا الأيام في كلّ لحظة بأن صباح الجائعين قريبُ ستسقط  أصنام الطغاة وتلتقي على درب الحياة شعوب».
(المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 19 ماي 2007) الرابط: http://www.echaab.info.tn/


 

في اجتماع المكتب السياسي لـ«ح.د.ش»: 15

جويلية انعقاد المجلس الوطني… ** هل يكون المجلس مدخلا للمؤتمر القادم؟

 
تونس ـ الصباح – قرر المكتب السياسي لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين عقد المجلس الوطني يوم الخامس عشر من جويلية القادم، ودعوة لجنة الهياكل الى استئناف تحركاتها بغاية إعادة هيكلة الجامعات وذلك بعد شبه عطلة لهذه اللجنة استمرت لبضعة أشهر.. وعلمت «الصباح» أن المكتب السياسي للحركة الذي التأم أول أمس، عرف جدلا واسعا استمر لبضع ساعات حول مسألة المجلس الوطني، في ضوء وجود وجهتي نظر: الأولى لا ترى ضرورة لانعقاد هذا المجلس، متعللة بأن الدعوة لاجتماع هذا الهيكل من مشمولات الأمين العام للحركة، والثانية تصر على الالتزام بالقوانين الداخلية للحزب التي تحدد مواعيد دقيقة لاجتماعات المجلس الوطني.. وشدد السيد حسين الماجري في هذا السياق، على ضرورة تعيين تاريخ لانعقاد المجلس الوطني انضباطا لنص النظام الداخلي للحركة، واحتراما لأعضاء المجلس الوطني الذين يمثلون سلطة قرار في الحزب.. وأكد الماجري، المحسوب على مجموعة مواعدة، بأن الحركة «حركة هياكل ومؤسسات وقانون، بعيدا عن أية حسابات ضيقة أو محاولة البحث عن المواقع وتحقيق منافع شخصية» على حد تعبيره.. خلافات حول المجلس الوطني ودعا السيد زكي شعبان من جهته، الى عدم الالتفاف على الهيكل وعدم الخوف من انعقاد المجلس الوطني «إلا اذا كان اعضاء المكتب السياسي يخشون من الهياكل ومن سلطة قرار المجلس الوطني» حسب قوله.. وأوضح أن انعقاد المجلس الوطني سيمثل اضافة للحركة، بصرف النظر عن موضوع الأمين العام «الذي سيبقى في موقعه» على حد تعبيره.. وطالب السيد الطيب المحسني في تدخله بضرورة التنصيص على تاريخ اجتماع المجلس، فيما شدد السيد نجيب الحداد على أن عقد المجلس الوطني يمثل احتراما من قيادة الحركة للنظام الداخلي، والتزامها بثوابتها وليس بالأشخاص، وهي الثوابت التي يتعين على الجميع الانضباط لها.. لكن السيد فتحي النوري، الذي كانت له أطول مداخلة ضمن المكتب السياسي، تساءل عن الجدوى من انعقاد المجلس الوطني ومحاولة التعجيل به، الأمر الذي فسر صلب المكتب السياسي برغبة السيد النوري في عدم انعقاد المجلس في الوقت الراهن.. ووقف السيد المنجي كتلان الذي ترأس المكتب السياسي مع رأي الأغلبية في المكتب السياسي، حيث لم يمانع في انعقاد المجلس الوطني والدعوة الى استئناف عملية هيكلة الفروع والجامعات.. وكان حصل نقاش صلب المكتب السياسي حول الجهة المخول لها الدعوة الى المجلس الوطني، فيما تمسك البعض بمسؤولية الأمين العام في هذا الموضوع، شدد البعض الآخر على أن الأمر من مشمولات المكتب السياسي وفقا للفصل 28 من النظام الداخلي الذي ينص على أن الأمر موكول للمكتب السياسي.. وجهتا نظر الخلاف حول انعقاد المجلس الوطني لم يكن الموضوع الجدلي الوحيد صلب المكتب السياسي، اذ برزت خلافات حول مسألة إعادة هيكلة فروع الحركة وجامعاتها، وسط «تنازع» بين جهتين: تحاول الأولى تسريع نسق الهيكلة تمهيدا لعقد المؤتمر القادم في توقيته (ربيع العام المقبل) وتحرص الثانية على تسويف عملية الهيكلة وتعطيلها من أجل تأجيل المؤتمر الى نهاية العام 2008 أو بدايات 2009.. لكن المكتب السياسي حسم بأغلبية اعضائه موضوع الهيكلة، عبر اتخاذ قرار بهيكلة جامعة بنزرت وإيفاد اعضاء من المكتب السياسي الى مدنين وقفصة وصفاقس للاشراف على اجتماعات اخبارية تمهيدا لعقد مؤتمرات الجامعات هناك.. وواضح من خلال هذه الخلافات حول المجلس الوطني وإعادة انتخاب هياكل الحركة في الجهات، وجود نزعتين صلب الحركة، بين من يراهن على تأجيل المجلس الوطني وتأخير عملية الهيكلة، وذلك بغاية تأجيل المؤتمر الى العام 2009 الذي سيكون عام انتخابات تشريعية بما يعنيه ذلك من امكانية الدخول في «مقايضات سياسية» للترشح مجددا لعضوية مجلس النواب، وشق ثان يرغب في الالتزام بقوانين الحركة ولوائحها التنظيمية من أجل تجديد كوادرها وهياكلها بغاية الدخول للاستحقاقات الانتخابية القادمة بحزب متجدد في جميع مستويات القيادة فيه.. فهل يكون المجلس الوطني القادم علامة فارقة في مسار الحركة، أم يكون نسخة مكررة من اجتماعات سابقيه؟ صالح عطية (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 ماي 2007)


«سما دبي» تطور في تونس مدينة سكنية كلفتها 14 بليون دولار

 
تونس – سميرة الصدفي     أعلن في تونس عن إنشاء مدينة جديدة على ضفاف البحيرة الجنوبية للعاصمة مساحتها 837 هكتاراً ستنجزها شركة «سما دبي»، في أكبر مشر وع استثماري خليجي في تونس. وقُدرت كلفة المشروع، الذي يشمل تطهير ضفاف البحيرة وإنشاء مجمعات سكنية وتجارية ومكاتب إدارية، إضافة الى المرافق والأماكن الترفيهية، بـ 14 بليون دولار. وأفيد بأن ميناء تونس التجاري الذي توقف العمل فيه منذ نحو عشر سنوات لقربه من وسط المدينة، سيُحول إلى ميناء ترفيهي كونه يقع على امتداد المشروع العقاري الجديد. وأشارت صحف محلية الى أن تونس ستمنح المستثمرين الإماراتيين «حوافز وتسهيلات خاصة بهدف إنجاز المشروع» من دون إعطاء تفاصيل عن طبيعتها. ولفتت وزيرة التجهيز التونسية سميرة خياش في اجتماع خُصص لعرض مُكونات المشروع الى أنه «سيشمل إنشاء 26 مليون متر مربع من المنشآت على مدى 10 – 15 سنة، بما فيها 10 مُجمعات سياحية و50 ألف مسكن ووحدات فندقية من المستوى الراقي ومبان جامعية ومحال تجارية و 5 أرصفة لاستقبال اليخوت وملعب غولف ومكاتب شركات». وأشارت الى أن المشروع «سيوفر تسعة آلاف فرصة عمل سنوياً على مدى السنوات الـ 15 التي سيستغرقها إنجازه». واستكملت مجموعة «دله البركة» السعودية العمل على تطهير بحيرة تونس الشمالية الذي انطلق اعتباراً من مطلع الثمانينات، تنفيذاً لاتفاق مع الحكومة التونسية، ما أتاح إقامة مدينة حديثة على ضفاف البحيرة انتقلت إليها الآن السفارات المعتمدة في البلد ومكاتب الشركات الأجنبية، وأعلنت شركة «الديار» القطرية عن الاستثمار في مشاريع عقارية كبيرة في موجة غير مسبوقة من المنافسة بين الشركات العقارية الخليجية على الاستثمار في تونس. وقال المدير العام للشركة العقارية التونسية – السعودية عادل أبو رخا لـ «الحياة» أن الإدارة «قررت في اجتماعها الأخير زيادة رأس المال لتكثيف نشاطاتها العقارية في البلد، ما سيرفع متوسط الإنشاءات السنوية من 6700 متر مربع الآن إلى 17 ألف متر مربع في الفترة المقبلة، إضافة الى تنويع مصادر التمويل بالاعتماد أكثر فأكثر على سوق المال المحلية بعد إدراج الشركة في بورصة تونس». في سياق متصل، أنهى وفد من الصندوق السعودي للتنمية زيارة لتونس ناقش خلالها مع مسؤولين في وزارات الصحة والزراعة والتربية تقدم تنفيذ المشاريع المشتركة خصوصاً مشروع إنشاء مركز طبي في محافظة ابن عروس جنوب العاصمة سيكون جاهزاً نهاية السنة الجارية، ويساهم فيه الصندوق بـ 40 مليون ريال، ومشروع إقامة كلية لعلوم المعلوماتية في ضاحية منوبة شمال العاصمة، ويساهم الصندوق فيه بـ 37.5 مليون ريال، ومشروع للتنمية الزراعية المندمجة في منطقة جومين (شمال) وتصل مساهمة الصندوق فيه الى 40 مليون ريال.
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 ماي 2007)


القاعدة تهدد فرنسا؟ يا لمحاسن الصدف!

 
نهلة الشهال (*)
أصدرت مجموعة «أبو حفص المصري»، والتي يفترض أنها الفرع الأوروبي للقاعدة، بيانا تهدد فيه الفرنسيين بموجة من الضربات «الجهادية الدموية» في قلب عاصمتهم باريس، لانتخابهم نيكولا ساركوزي «الصليبي والصهيوني». وُضع البيان على شبكات الانترنت، كالعادة، لكنه جاء عشية يوم التسلم والتسليم بين الرئيس المغادر والرئيس الجديد، وعيّن بدقة فترة العمليات بين الآن وأولى دورات الانتخابات التشريعية في العاشر من الشهر المقبل. لم ينل البيان بعد حظه المتوقع من الضجيج، لوروده في وقت احتفالي كانت فيه أجهزة الإعلام الفرنسية والدوائر الرسمية، على السواء، منشغلة تماما بالترتيبات المصاحبة لتلك اللحظة الخاصة، التي زادها استثنائية طبيعة الرئيس الجديد، أي ما يمثله سياسيا من تغيير بالمقارنة مع نهج إدارة الأوضاع (والأزمات) الذي ساد عهد الرئيس شيراك، وطباعه الشخصية الميالة إلى الاستعراضية والتي دفعته، على ما يُزعم، إلى الاهتمام بنفسه بأدق تفاصيل المناسبة. إلا أنه لا يمكن إهمال هذا التهديد الإرهابي لباريس الذي ينقل البلاد بحسب تقديرات الخبراء بالأمر (من كل صنف) من موقع الهدف الثانوي إلى احتلال مقعد في الصفوف الأمامية. صحيح أنها ليست المرة الأولى التي تتلقى فيها فرنسا مثل هذه التهديدات. فقد خصها أيمن الظواهري العام الفائت بفقرة رئيسية من خطابه في الذكرى الخامسة لهجمات 11 أيلول (سبتمبر)، دعا فيها «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» إلى «زرع الرعب في قلوب الخونة وأبناء الكفرة من الفرنسيين». يومها، مهدت الإشارة إلى تلك الجماعة الجزائرية الطريق إلى ما سيعلن عنه الظواهري بنفسه بعد ذلك بأشهر قليلة، في مطلع 2007، أي انضمام هذا الفصيل إلى تنظيم القاعدة تحت مسمى «قاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي». وقد سارعت المجموعة، التي تغير اسمها على هذه الشاكلة، إلى إعلان مسؤوليتها عن تفجيرات الجزائر في نيسان (ابريل) الفائت، التي أودت بحياة ثلاثين شخصا في قلب العاصمة، وقبلها بقليل عن عمليات في المغرب وموريتانيا كانت، بخلاف تفجيري الجزائر، على قدر عال من الفشل إذا ما قيست بعدد الضحايا.
فمن سيتولى أمر الفرنسيين؟
أهي هذه الجماعة التي ولدت في الأصل عام 1998 من انشقاق داخل «المجموعة الإسلامية المسلحة»، والتي كُتب الكثير عن مدى اختراق أجهزة الأمن الجزائرية لها – وفي الحقيقة، للتنظيم الأم كما للفرع الوليد آنذاك – وأوردت الدراسات العديدة والجادة ألف مثال عن وقائع ملموسة تدعم فرضية الاختراق، جرت أيام الحرب الأهلية الجزائرية في عقد التسعينات، أو أنها على الأقل تؤكد قدرة تلك الأجهزة على التلاعب بها، كما تشير إلى استخدامها كساحة لصراعات الكتل المختلفة من مواقع النفوذ داخل الجيش الجزائري، وتشير في الوقت نفسه إلى الاستخدام الأميركي لنشاط تلك المجموعة، حيث برر هؤلاء تحركاتهم العسكرية المكثفة في منطقة الساحل الإفريقي بوجودها هناك، لكنهم أحجموا، مثلهم مثل الدول الأوروبية التي كانت قد أصدرت مذكرات توقيف بحق ابرز قادة المجموعة، عبد الرزاق البارا، مختطف السياح الأوروبيين في التشاد عام 2003، عن المطالبة بتسلمه حين اعتقلته حركة من حركات الطوارق التشادية. يعرف الجميع القصة بعد ذلك: لقد سلمته الحركة المذكورة إلى ليبيا، التي عادت وسلمته إلى السلطات الجزائرية، التي حاكمته… غيابيا! لقد اختفى الرجل بكل بساطة، ومن دون تفسيرات إضافية، أللهم إلا ما يقال عن علاقاته الوثيقة بأحد مواقع النفوذ داخل الأجهزة الجزائرية، وهو الضابط السابق الذي توارى وعاد إلى الظهور عدة مرات خلال عقد التسعينات الدموي ذاك، كانت إحداها في منتصفه حين أرسل في دورة تدريبية إلى معسكر القبعات الخضر في الولايات المتحدة، أحد فصائل النخبة والعمليات الخاصة في الجيش الأميركي. فلو تولت هذه المجموعة «أمر» الفرنسيين، بحسب دعوة أيمن الظواهري لها، لوجب تقصي ما يخفيه ذلك من معطيات ديبلوماسية خفية، وصراعات، في ذلك العالم السري المنسوج من تقاطع مصالح الدول والحكام، ومن رسائل متبادلة لا يحل شيفرتها إلا الضليعون. فهل يفسر ذلك حلول «مجموعة أبو حفص المصري»، التي تهدد فرنسا للمرة الأولى، محل تلك؟ أي تولي «أمر» الفرنسيين من قبل ما يفترض انه التنظيم التاريخي للقاعدة في أوروبا، الذي سبق له أن ادعى مسؤوليته عن تفجيرات قطار مدريد في آذار (مارس) 2004، حيث قتل ما يقارب مائتي شخص عدا الجرحى، ومترو أنفاق لندن في تموز (يوليو) 2005 الذي خطط له ليقع يوم انعقاد قمة الثمانية في اسكتلندا. كما هدد التنظيم إياه بيرلوسكوني في ايطاليا، ونفذ عملية دموية في اسطنبول عام 2003، وهدد عام 2006 الدانمرك بسبب قضية الرسوم المسيئة للرسول. يمكن لـ»مجموعة أبو حفص المصري» ادعاء معرفة جيدة بأوروبا وبأحداثها ومناسباتها، كما يمكنها ادعاء «فعالية» غير مسبوقة، حيث أطاح تورط السيد أزنار بتحالف وثيق مع الإدارة الأميركية بحزبه في الانتخابات النيابية التي كانت محددة بعد تاريخ التفجير بأيام قلائل، كما فشل بيرلوسكوني في العودة إلى السلطة اثر انتخابات العام الفائت، ويخرج اليوم توني بلير من السلطة بجريرة العراق، رغم كل ما يعترف له به من انجازات اقتصادية واجتماعية. ورغم أن تلك «الفعالية» هي موضع تساؤل جدي وشك كبير، حيث يقرر مصير الاتجاهات السياسية في أوروبا عوامل عديدة متداخلة، ومتراكمة خصوصا، وهي حصيلة صراعات فعلية قائمة داخل مجتمعات تلك البلدان، ولا علاقة لها قطعا باستجابة بلافلوفية لتهديدات القاعدة، إلا أن ظاهر الأمور يشير إلى نجاح القاعدة في التسبب بسقوط من عينتهم للسقوط! وظاهر الأمور يعزز تلك السمة في تصرفات القاعدة التي ترغب في امتلاك صفة الحكومة العالمية، المشرفة على كل حدث والمدلية بدلوها في كل نأمة، توجه هنا وتهدد هناك، أو تمزج التهديد بالتوجيه، مقررة مصير الكون، وهي عقلية لا يمكن تجنب مقارنتها بعقلية… الإدارة الأميركية في ظل الرئيس بوش! ولعلهما يشتركان أيضا في تحقيق نتائج تتبارى في كارثيتها. أما في فرنسا فلم يكن السيد ساركوزي ليحلم بأفضل من ذلك، وهو المرشح الذي توسل الخوف ليصل: الخوف من الفقر والبطالة المتصاعدين، واللذين يقترح لهما السيد ساركوزي تدابير ينعتها بالمؤلمة مما يفترض استثنائيتها، ولكن وخصوصاً، الخوف من تهديدات، متنوعة وغامضة، يجسدها ملايين الشبان المتحدرين من هجرة أتت أغلبيتها الساحقة من بلدان المغرب العربي، تليها أفريقيا السوداء (وهي جميعا تمثل بيئات مسلمة)، تلك «الحثالة» المتكدسة في ضواحي المدن الفرنسية الكبرى، والتي يطلب ساركوزي من الفرنسيين، لمعالجة الخوف الوهمي الذي نجح في زرعه حيالها، الموافقة على التخلي عن تقاليد وقيم متمسكة بالحريات،
 
وعن قوانين تضمن الحريات.

ويمكن القول إن التصويت الأكثري الذي أوصل السيد ساركوزي إلى الرئاسة، يعني من ضمن ما يعنيه الموافقة على مثل هذا التفويض. أما وجود التهديد ذاك بعمليات عقابية دموية، مجرد وجوده، فيفتح أمام الرئيس الجديد الطريق أمام كل الإجراءات الاستثنائية التي تعج بها مخيلته، ويعفيه من واجب نيل رضا المترددين حيالها أو المعارضين لها. مجدداً وبعيدا عن البحث عن المؤامرات الخفية وعن التأويل البوليسي للتاريخ: هل كان الرئيس بوش ليتمكن من ضرب أفغانستان واحتلالها، وغزو العراق واحتلاله لولا 11 سبتمبر؟

(*) كاتبة وأكاديمية لبنانية مقيمة بباريس (المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 20 ماي 2007)


في علاقة المفسِّر بالنصّ … وجوه تجديد مناهج التفسير القرآني

 
أحميده النيفـر (*)
      كانت مقولة الإمام محمد عبده (ت 1323 هـ – 1905م) التي لا ترى في القرآن إلاّ «كتاب هداية» منطلقاً فتح طريقاً جديدة للعلاقة بالنصّ القرآني. من ثم بدأت تتحدد للتفسير غاية مختلفة عما أرساه عموم المفسرين التقليديين من اهتمام رئيسي بالمسائل العقدية والتشريعية. من هذا التوجّه تحدّد في نهاية القرن العشرين مسار مختلف أصبحت معه قدسية النصّ القرآني – في جانب منها – موصولة أساساً بإصلاح المجتمع ومرتبطة بالإنسان وأفقه وثقافته أي أن التوصّل إلى المعنى يتحقق بالجدل مع طاقات الإنسان وباعتبار فاعليّة واقعه الفكريّ والاجتماعيّ. هذا المسار الجديد الذي أفاد من مقولة محمد عبده الإصلاحية التي كانت بمثابة الخطوة التجديدية الأولى لعلم التفسير. جاءت الخطوة الثانية مع المفكر الهندي محمد إقبال (ت 1357 هـ – 1938م) في حديثه عن «الوعي النبوي» المركّب من المبادئ التي تنهض عليها الحياة الاجتماعية للبشر جميعاً منزّلة على حالات واقعيّة موصولة بالعادات المميزة للأمة التي يعيش النبيّ بين ظهرانيها. في هذا الطرح تواصل التركيز على رؤية جديدة للحقيقة المودَعة في النص القرآني. إنها الحقيقة المكنونة في القرآن الكريم التي تتكشف جوانبها ودلالاتها مع العصور وفقاً لارتفاع السقف المعرفي للأمم وامتدادها الثقافي. على ذلك يكون النص ثابتاً وأفهام الناس هي التي تتغير ويكون النص متبوعاً ولكن فهمه تابع للوعي الجمعي. إن أهمية ما كان أبرزه عبده من خلال مقولة « القرآن كتاب هداية» هو مغادرة للموقع الإطلاقي في فهم النص وذلك من طريق اعتبار الواقع بمشاغله ومعارفه مسلكاً ضرورياً لإدراك الحقيقة القرآنية. من جهة أخرى يكون القرآن دليلاً مرشداً مصاحباً للعقل في نشاطه المستمرّ لحلّ مشاكل ذلك الواقع يجده إلى جانبه كلّما استهداه في إنجاز تلك المهمّة. ما قام به إقبال هو تأصيل لهذا الطرح حيث رأى في الشريعة التي أوحيت إلى الرسول (صلى الله عليه وسلّم) تركيباً من مبادئ عامة شاملة وتنظيماً لأمة معيّنَة تُتَّخذ منها نواة لبناء شريعة عالمية. إضافةُ صاحب «تجديد الفكر الديني» متمثلة في أن في الشريعة المنزَّلة بعدين متفاعلين: البعد العالمي الإنساني والبعد الخصوصي التاريخي. ملاحظة هذين البعدين اللذين يجعلان الأحكام الشرعية قائمة على امتزاج بين خصوصية ظروف الأمة التي نزلت فيها واتساع لِما تحتاجه الإنسانيّة في حياتها الاجتماعية، هذه الملاحظة ليست إلاّ ترسيخاً للقطع مع الفهم الوحيد للنص وتسويغاً لاعتماد مجالات معرفية أوسع عند التفسير. من هذه الرؤية بخطوتيها المتكاملتين يمكن استحضار الحديث النبوي الذي أخرجه الترمذي عن الحارث الهمذاني والذي يصف فيه الرسول (صلى الله عليه وسلّم) القرآن المجيد بأنه: «حبل الله المتين والنور المبين والصراط المستقيم لا تنقضي عجائبه ولا تشبع منه العلماء ولا يخْلُق من كثرة الردّ». نتيجة لذلك تضحى إشكالية التجديد في التفسير مصوغة على الشكل التالي: لا تناقضَ بين القول إن دلالات النص القرآني لا تنحصر في زمان أو مكان وبين اعتبار أن النص وثيق الارتباط بالقرن السابع في الجزيرة العربية. بذلك لا يعود النموذج التطبيقي الأول قيداً يحول دون إبداع نماذج أخرى بل يضحى فاتحةً لتطبيقات تحقِّقُ علاقةً بين الواقع والمعنى بحيث تثبت مدى إمكان تطوّر هذا الأخير لاستيعاب أكثر من واقع. ثم تأتي الخطوة الثالثة مع أمين الخولي (ت 1386هـ – 1966م) أحد روّاد المدرسة الحديثة في التفسير في مصر الذي ركّز مقولة جديدة طوّرت نوعياً مقولة محمد عبده حيث اعتبرت أن القرآن الكريم هو «كتاب العربيّة الأكبر». هذه المقولة تعتبر القرآن «الأثر الأدبيّ الأعظم الذي أخذ العربيّة وحمى كيانها فخلد معها وصار فخرَها وزينةَ تراثها». على هذا الأساس يوضع القرآن على مستوى يسمح بأن يتمثله من آمن به على أنه وحي صادق ومن لم يؤمن بذلك سواء كان مسيحيّاً أم وثنياً أم كان طبيعيّاً دهريّاً لا دينيّاً. من ثم أمكن أن نسأل: كيف يمكن أن نوسّع دائرة الانتماء إلى النص القرآني بشكل لا يحجب عمن خالفنا في الاعتقاد رؤيةَ ما فيه من عناصر يمكن له أن يرتبط بها مُعلياً بذلك منزلة هذا الكتاب؟ مرة أخرى نجد أنفسنا ضمن علاقة الخصوصية بالعالمية لكن في سياق مختلف. إنّه واقع محلي وعالمي جديد لم يبق ممكناً معه إلغاء الآخر المختلف أو الزعم بأنه لا بد له للاغتناء بالرسالة الإسلامية من أن يتخلى عن كل خصوصياته الثقافية والعقدية. هذا ما اعتنى به الخولي في كتابه «مناهج التجديد في النحو والبلاغة والتفسير» الذي أصدره سنة 1961 وفي الفصل الذي نشره في دائرة المعارف الإسلامية عن تفسير القرآن. أهم ما أورده الخولي في هذين العملين ينتهي إلى الحاجة إلى تجديد علم التفسير. ما يقدّمه من تجديد لا يتأتَّى إلاّ بتجاوز المنهج التقليدي للمفسرين الذين يصرّون على صوغ علاقةٍ مع القرآن تحصر خطابه في الذين آمنوا به فقط والحال أنه جاء لمخاطبة الناس جميعاً مهما اختلف بهم الاعتقاد وافترق بهم الهوى. هذا المنهج التجديديّ الذي أطلق عليه اسم «التفسير البياني للقرآن» اعتمد إلى جانب الخاصية اللغوية محورين أساسيين هما: 1- الخاصية «التاريخية – الثقافية» التي تهتمّ بما يتّصل بالبيئة التي نزل فيها القرآن سواء كانت بيئة ماديّة (تضاريس، مناخ) أو معنويّة (تاريخ، عادات، أعراف). ذلك أنّ «روح القرآن عربيّة وأسلوبه عربيّ ولا يمكن النفاذ إلى دلالاته إلا بمعرفة تلك البيئة العربيّة الماديّة والمعنويّة». 2- الخاصية «الموضوعية» هي الوسيلة الضرورية الثانية للفهم والتجديد وتنطلق من أن وحدة المصدر القرآني توازن الجانب التاريخي الاجتماعي وتتجاوزه. معها لا يضحى النص وثيقة تاريخية فاقدة للمعنى والاتجاه. هذه الخاصية الثانية تُلزم المفسر المجدد أن يتعامل مع النص القرآني على اعتبار ما فيه من مواضيع متعددة وأحكام وأمثال وقصص لكنه التعدد الذي يظل على رغم ذلك وبفضله نصّاً له وحدة موضوعية دافعة وشاملة لعموم جوانبه وأجزائه. من تكامل هذين الوجهين يمكن لنا القول إن الخطوة الثالثة لهذا المسار الجديد في التفسير بلورت ما بدأت به مقولة محمد عبده الإصلاحية. لقد وقع تأصيل هذا التوجّه مع إقبال في مقولة الوعي النبوي وما سمّاه عقيدة ختم النبوّة. إنها المقولة التي تلحّ على الحراك النوعي للتاريخ الذي يجعل نبوءة محمد (صلى الله عليه وسلّم) نهاية عصر وبداية آخر: أي استمراراً للعالم القديم باعتبار مصدر الرسالة وبداية لعالم حديث الذي ولد معه العقل الإنسانيّ الاستدلالي وظهرت فيه ملَكة النقد والتمحيص. استفاد بعد ذلك أمين الخولي من هذا المسار المؤدي إلى جدل المعنى والتاريخ، المعنى الذي لا ينحصر في الزمان والمكان والوضع التاريخي الذي صيغ فيه النص القرآني. من كل هذا السعي ندرك القطيعة مع الرؤية المثالية التي تتصوّر الحقيقة خارج حركية التاريخ والعالَم. إنها رؤية مغايرة تقوم أساساً على نوع جديد من علاقة المفسر بالنص وعلى توسيع الدائرة المرجعية التي ينبغي أن يعتمدها المفسّر في فهم النص.

(*) باحث وكاتب من تونس. (المصدر: ملحق « تراث » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 ماي 2007)


عشر سنوات من التوحيد والإصلاح

 
عرض/الحسن السرات أصدرت حركة التوحيد والإصلاح المغربية كتابا جديدا عن سيرتها تحت عنوان « عشر سنوات من التوحيد والإصلاح » وهي العشر الممتدة من 1996 إلى 2006. -الكتاب: عشر سنوات من التوحيد والإصلاح -المؤلف: محمد يتيم وآخرون -الصفحات: 216 -الناشر: حركة التوحيد والإصلاح, الرباط -الطبعة: الأولى/2006 والكتاب مؤلف جماعي ساهم فيه كتاب وصحفيون ومسؤولون في الحركة تحت إشراف محمد يتيم عضو المكتب التنفيذي الحالي للحركة ونائب الرئيس سابقا وأحد رؤساء فصيل من فصائل الحركات المتوحدة. ويعتبر الكتاب تعريفا ذاتيا من الحركة لذاتها قدمت فيه عددا من المعطيات المهمة عن تاريخ الحركة الإسلامية المغربية لا يجدها الباحثون ولا الصحفيون أو المراقبون في الصحف والمجلات والدوريات المختصة. كما أن الحركة أرادت بهذا الكتاب « الدخول في عصر تدوين جديد يتجاوز ظاهرة الإحجام عن الكتابة أو الزهد فيها التي ظلت ظاهرة ثقافية ملازمة للمغاربة » كما قال محمد يتيم في تقديم الكتاب.  وتزامن إصدار الكتاب مع ذكرى مرور عشر سنوات من تأسيس الحركة وهو ليس دراسة تاريخية أو بحثا علميا، إذ أن « هذا الأمر متروك للباحثين من أعضاء الحركة وغيرهم ». وينقسم المؤلف إلى أربعة فصول هي « روافد حركة التوحيد والإصلاح »، « تجربة التوحيد بلسان بعض المساهمين فيها »، « الحصيلة والكسب »، « الحركة ومحيطها »، « حصيلة وشهادات ». تجربة مغربية خالصة المجموعات الإسلامية الأولى بالمغرب قادها في الغالب أساتذة وطلاب وتلاميذ تأثروا بالمدرسة الإخوانية المصرية والجماعة الإسلامية وجماعة الدعوة والتبليغ الباكستانيتين، لكنهم أصروا منذ البداية على شق الطريق في تجربة مغربية خالصة لا ترتبط تنظيميا ولا تصوريا بأي تنظيم خارجي ولو كان إسلاميا. يقول الكتاب « على قدر من الله قامت طلائع من الفتية المغاربة في عدة مدن مغربية بوضع اللبنات الأولى لعمل إسلامي قادم، فنبتت الجلسات التربوية ثم تطورت إلى فكرة الجماعات والجمعيات لتتلاقى النيات الحسنة في أعمال حسنة ». في مطلع الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي بدأ المغرب يشهد ظهور جماعات إسلامية منظمة على غرار الحركات الإسلامية بالمشرق العربي. وهذا لا يعني أن المغرب ظل خاليا من حركات البعث والنهضة انطلاقا من الإسلام بل على العكس من ذلك، إذ أن حركات التحرر والمقاومة والمطالبة بالإصلاح ورحيل الاستعمار كانت في مجملها وأصلها حركات دينية وقادها علماء وخريجو المدارس الدينية العتيقة. غير أن الحركات الإسلامية لما بعد الاستقلال اتخذت طابعا تنظيميا عصريا ونادت بالعودة إلى الأصول الإسلامية الأولى مع تنشيط آليات الاجتهاد والانخراط في العصر. تجمع الروافد يعتبر الكتاب أن الحركة هي اجتماع لجهود عدة روافد تصغر أو تكبر، لكن أهمها هي رابطة المستقبل الإسلامي وحركة الإصلاح والتجديد. بعد عقد من التعارف والتعاون والتنسيق أجمعت الحركتان معا على توحيد نفسيهما ووضع حد لحالة التشرذم والتمزق للعمل الإسلامي. فكان المولد في أغسطس/آب 1996 فظهرت حركة التوحيد والإصلاح معلنة عن نفسها في بيان شهير بنفس التاريخ المذكور. رابطة المستقبل الإسلامي كان يقودها د. أحمد الريسوني، وكانت تضم جمعيات أخرى هي الجمعية الإسلامية بمدينة القصر الكبير، وجمعية جماعة الدعوة بفاس، وجمعية الشروق الإسلامية، ومجموعة التوحيد. أما حركة الإصلاح والتجديد فقد ورثت البقية الكبرى من حركة الشبيبة الإسلامية بعد تشتتها، وقادها عبد الإله بنكيران ومحمد يتيم. كانت النقاشات فكرية وسياسية، وكان المتحاورون يعتبرون أن الأفكار والمواقف يجب أن تكون متقاربة بينهم إن لم تكن موحدة، كالموقف من السرية ومن العنف ومن النظام السياسي ومن الأحزاب ومن الانتخابات والارتباط بالخارج، قضايا من هذا القبيل أخذت حيزا كبيرا في النقاشات. وظهر في النهاية أنه ليست هناك اختلافات كبيرة وأن الاختلافات بين الجماعتين يوجد مثلها وأكثر منها داخل الجماعة الواحدة، فاقتنع المتحاورون أنه إذا كانت الأمر كذلك فلم لا تتوحد الحركتان إذن، وظهر أن الاختلافات ليست عميقة ولا جوهرية ولا عقدية وأنها ترجع إلى التدبير والاجتهاد والتقدير السياسي الذي يجب أن يكون شوريا وآنيا. فاتفق المؤسسون أن ما هو حاصل بينهم من تقارب ومن تجانس وما ذللوه من صعوبات ومن اختلافات وما قربوا فيه من وجهات نظر كاف لكي يمضوا، وما كان من اختلافات لا يخرج عن الاختلافات الداخلية التي توجد في أي تنظيم. وهذه الاختلافات الباقية اتفقوا أن يكون حسمها لاحقا من خلال المؤسسات ومن خلال القرار الشوري وبمبدأ الأغلبية، فمبدأ الشورى الملزمة ومبدأ الأغلبية كان عنصرا حاسما وكان نقطة التقاء تراضوا عليها. إحراق السفن تقدم تجربة الوحدة التي أنجزتها حركة التوحيد والإصلاح تجربة ميدانية ثرية تستحق الدراسة والتأمل والوقوف عند الشروط التي جعلتها ممكنة وعن مظاهر نجاحها ومظاهر إخفاقها، خاصة وأن هذه الوحدة جاءت عكس ريح التشرذم والتشتت الذي شهدته الحركات الإسلامية بالمغرب والعالم الإسلامي. ويسأل الكتاب « لماذا نجحت هذه المحاولة؟ وكيف حدث ذلك؟ ولماذا نجحت فيما أخفق فيه آخرون؟ وكيف أحرقت حركتا الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي سفنهما بعد عبور مضيق المحاولات التوحيدية الأولى وفترة الإعداد للوليد الجديد؟ ألم تكن « المراكب القديمة » حائلا دون ركوب سفينة جديدة؟ وكيف تخلص المؤسسون من رصيد نفسي وكسب حركي واقتناع فكري ترسخ مع مرور الأيام؟ كيف مسحوا الطاولة وأنشؤوا تنظيما آخر واجتهادا جديدا؟ ». يقدم محمد يتيم تحليلا نفسيا لمن يسعى لتحقيق الوحدة قائلا « الوحدة تحتاج إلى ثقافة وتربية وإرادة وتضحية والإرادة قيادية، الوحدة تعني أن تجلس ليس مع المتشابه ولكن مع المغاير، مع أشخاص لم تألفهم فتصبح أمام الاجتهادات الأخرى ». ويقول « أهم درس في الوحدة هو أنها جهاد تربوي وإبداع في الانتقال من التعدد إلى التوحد، وأن تحرق السفن القديمة وتحمل الجميع في سفينة جديدة دون أن تغرق ». أحمد الريسوني، من جهته، يضع الأصبع على الواجب الشرعي وعلى بزوغ شمس الوحدة وسهولة الوصول إليها في لحظة الإشراق « بأهم شيء أعان على الوحدة طبعا هو الاقتناع بها بل بوجوبها، لأننا كنا نقول أن يختلف دعاة أو تنظيمات لها أفكار متباعدة وجوهرية، هذا يتفهم ولكننا بعد النقاش وجدنا كأننا أبناء مدرسة واحدة وقسم واحد وليس هناك اختلاف مما يحول بيننا وبين الوحدة ». ويضيف « هذا ما جعلنا نعتقد أنه لا مسوغ أبدا لعدم توحدنا ولا عذر لنا في عدم توحدنا فليس هناك عذر حقيقي، وهذا أحدث عندنا اقتناعا بنوع من الوجوب الشرعي لإنجاز هذه الوحدة ». الوحدة والعمل السياسي لم ينجز المؤسسون وحدة واحدة بين حركتين وجماعتين ولكنهم أنجزوا وحدتين في وقت واحد: الوحدة بين حركتين إسلاميتين ووحدة بين الحركتين وحزب سياسي أي الانخراط في حزب سياسي وبنائه من جديد، ويتعلق الأمر بحزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية بزعامة د. عبد الكريم الخطيب وهو الذي أصبح يعرف فيما بعد بحزب العدالة والتنمية، ثم المضي على وجه السرعة نحو المشاركة في الانتخابات. قبل ذلك يخبرنا الكتاب أنه طرحت أمام الإسلاميين عدة خيارات: تأسيس حزب سياسي جديد، وإذا وجدت صعوبة ينظر في خيار الاشتغال ضمن حزب سياسي قائم حتى إذا وجدت صعوبة تم المرور إلى خيار جماعة ضغط. في بادئ الأمر توجه الباحثون نحو غطاء قانوني بحزب الاستقلال لكن المسؤولين في الاستقلال لم يبدوا استعدادا للمراجعة ولإعادة النظر. أكثر من ذلك تأسست في تلك الفترة الكتلة الديمقراطية وكانوا طرفا مهما فيها. نفض الباحثون يدهم من هذا الخيار وبحثوا عن بدائل، « بالفعل، يقول عبد الله باها: توجهنا إلى د. عبد الكريم الخطيب. في البداية لم يبد حماسة للموضوع، ولكن بعد مناقشات ولقاءات وتدخلات من قبل بعض الإخوان ممن لهم علاقة به اطمأن فبدأنا سنة 1992 ». يكشف المؤلف على لسان باها عن حقائق هامة فيقول « تزامن ذلك مع أحداث الجزائر المؤسفة، وكان رأي الحسن الثاني رحمه الله ألا ندخل الانتخابات في تلك المرحلة وأرسل مستشاره يومذاك أحمد بنسودة يبلغنا هذا الرأي ». « بعد اجتماعنا في مجلس الشورى ومناقشة المسألة وتبعاتها التي يمكن أن تكون على مستوى البلد، وبالخصوص أن تجربة الجزائر كانت جديدة وطرية واصطدام الجبهة الإسلامية للإنقاذ والجيش، فضلنا ألا ندخل إلى انتخابات 1992 ». وبعد أن انفتح المجال للعمل السياسي، يعرض الكتاب لصفحات من الاستعداد وإعادة هيكلة الحزب وإخراج أوراقه النظرية من جديد، حتى جاءت انتخابات 1997 وشارك فيها الإسلاميون لأول مرة. العمل بالتخصصات يخصص الكتاب صفحات أخرى لاستعراض اجتهاد جماعي لهذه الحركة خالفت به معظم الحركات الإسلامية المعروفة، واختارت العمل بالتخصصات، ويقصد بها إعطاء الاستقلالية لأي مجال من مجالات العمل الذي تهتم به الحركة إذا نضجت شروطه، إذ لم تعد الحركة هي التنظيم الشمولي الذي يتابع كل شيء ويراقب كل مجالات عمله بل ذهب كل فريق من فرقها المختصة إلى العمل بحرية واستقلال. وكان العمل السياسي هو أول المجالات استقلالا لنضج الشروط واجتماعها مع شروط حزب د. الخطيب، وانفتاح هامش الحرية السياسية بالمغرب مع نهاية عهد الملك الراحل الحسن الثاني وبداية العهد الجديد للملك محمد السادس. ومن التخصصات التي فوتتها الحركة، يعرفنا الكتاب بالمنظمات المشتغلة في المجال الاجتماعي والنسائي والثقافي، وفي المجال الإعلامي والنقابي. وأبقت الحركة لنفسها تخصص الدعوة والتربية والتكوين. ضريبة العمل السياسي يحدثنا الكتاب عن ضريبة العمل السياسي والمشاركة في ساحات التدافع بدل التقوقع والانتظار حتى تتهيأ الظروف أو يتغير الوضع. ويكشف وهو يتحدث عن كسب الحركة في الواقع، عن استفادتها من التجديد المعرفي الشرعي الذي قاده د. أحمد الريسوني رئيس الحركة الأسبق والفقيه المتخصص في أصول الفقه ومقاصد الشريعة الإسلامية. فلم تعد نظرية المقاصد الشرعية إرثا للعلامة المغربي الشهير الشاطبي يحقق ويدرس في الجامعات والكتب، بل صار دليلا للعمل السياسي للحركة تقرأ به الواقع والمستقبل وتزن به المصالح والمفاسد وتقدم وتؤخر الأولويات وتقيم الموازنات في كل مجال من مجالات عملها خاصة السياسي. وقد تبين هذا الأمر أثناء الانتخابات ومع أزمة تفجيرات الدار البيضاء يوم 16 مايو/أيار2003، وما تزامن معها من تصريحات الريسوني حول إمارة المؤمنين نشرت في جريدة فرنكوفونية دون أن تمكنه من مراجعة ترجمتها العربية، وكيف استغلت لتصفية الحساب مع الحركة والحزب وحلهما. وبناء على نظرية المقاصد، فضل د. الريسوني آنذاك أن يستقيل من رئاسة الحركة على أن تذهب الحركة كلها أدراج الرياح. التاريخ الذي لم يقع أجمع المؤسسون للوحدة أن توحيد حركتين يعتبر في حد ذاته إنجازا كبيرا ونوعيا ولا نظير له في العالم العربي والإسلامي، وأنه حدث جاء ضد السياق العام للحركات الإسلامية وصيرورتها، وأن الحركة بكسبها وتجربتها الوحدوية واجتهاداتها وإبداعاتها في مجال العمل الإسلامي والمشاركة الإيجابية صارت محل ترقب واقتداء لدى حركات وأحزاب كثيرة. وإلى جانب هذا الحدث النوعي، يسجلون عدة إيجابيات أخرى. غير أن هذا الحال ليس بمانع من رصد بعض الإخفاقات والنقائص. يطرح هذا الكتاب سؤالا مهما عن التاريخ الذي لم يقع، أي ماذا كان يمكن أن يقع لو لم توجد الحركة الإسلامية بصفة عامة وحركة التوحيد والإصلاح بصفة خاصة. فالمغرب المفتوح على مصراعيه أمام التحديث والتغريب والعلمنة الصامتة، كان يمكن أن يكون له وجه آخر غير الوجه الحالي في غياب الحركة الإسلامية، فوجودها في حد ذاته رقم صعب في المعادلة الدولية والإقليمية والمحلية. غير أن التاريخ الذي وقع ليس خاليا من النكسات والأخطاء والفشل، والتاريخ الذي سيقع ممتلئ بالتحديات الضخمة، وهذا الكتاب يعترف أنه رؤية ذاتية من الداخل للحركة عن نفسها لا تمنع من انتقاد الحركة ووضعها في الميزان، وتلك مسؤولية الباحثين والمتخصصين. بل إن كثيرا من أبناء هذه الحركة نفسها هم أكثر الناس رفعا لأصواتهم بالنقد والتصحيح لوجود مناخ الحرية داخل الحركة، وقد تكون انتقاداتهم أقوى وأشد من المنتقدين من خارج الذات.

(المصدر: ركن « المعرفة » بموقع « الجزيرة.نت » (الدوحة – قطر) بتاريخ 17 ماي 2007)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.