الأحد، 2 يناير 2011

فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS 10ème année, N°3876 du 02.01.2011  

archives : www.tunisnews.net

الحرية للصحفي الفاهم بوكدوس

ولضحايا قانون الإرهاب


السبيل أونلاين:المناضل الحقوقي عبد القادر الدردوري في ذمّة الله

الرابطـــة التونسيــة للدفــاع عن حقــوق الإنســان:الرابطة تنعى عبد القادر الدردوري

حركة التجديد تنعى المناضل عبد القادر الدردوري

المرصد التونسي:إلى عبدا لقادر الدردوري:لن يأخذ منك الموت غير الجسد الفاني

حركة النهضة:محاكمة ظالمة في حق الشيخ القاضي صالح بن عبد الله

فيديو مسيرة فوسانة:هكذا عبرت فوسانة عن صوت ثورة الفقراء في سيدي بوزيد

مدينة الشابة التونسية تنضم للجهد الوطني للتخلص من الدكتاتور بن علي وعصابته

اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي:إعــــــــــــــــــــــــــــــــــلام

الحزب الديمقراطي التقدمي: بلاغ إعلامي

الاتحاد المحلي للشغل  بالمطوية:بيـــــــان

الاتحاد المحلي بزرمدين:بيان:حول التحركات الشعبية الاحتجاجية على استفحال البطالة

رسائل د. منصف المرزوقي الى الشعب التونسي:الحلقة الثانية: المقاومة المدنية أو المقاومة المسلحة

في الذكرى 25 للتأسيس :حزب العمال الشيوعي التونسي:مع الجماهير الشعبية التي تنتفض وترسم طريق التغيير

قدس برس:سياسي تونسي لـ »قدس برس »: لابدّ من حماية الشباب من منزلقات العنف

« أصدقاء الإنسان »: بعض المناطق في تونس خالية من الشباب من كثرة الاعتقالات

كلمة:الخارجية الفرنسية تدعو إلى تخفيف حدة التوتر في تونس

الجزيرة نت:الحزب الحاكم يرفض انتقادات فرنسية لقمع الاحتجاجات:اتهام للجزيرة بالعداء لتونس

السبيل اولاين:السلطات التونسية تشدد الرقابة على الإنترنت في مقدمتها الفايسبوك

كلمة:نقابيون ينددون بمواقف الكاتب العام الجوي للشغل بالمنستير

 د. منصف المرزوقي:عبد الله القلال والشلاكة

أم زياد:ثورة سيدي بوزيد كما أراها

نجمة سعيد:حقيقة بن علي الإجرامية

صلاح الدين الجورشي:في تونس.. الإعصار الاجتماعي المنبعث من سيدي بوزيد يهدّد « قوانين اللعبة »

دوتشه فيليه:احتجاجات تونس ـ تغيير الأشخاص أم تغيير السياسات؟

د.محمد بن نصر:انتفاضة الجياع من ذوي الكرامة: إلى أين؟

هادي يحمد:إن لم تغير سيدي بوزيد شيئا فإنها هيأت للعاصفة !

محفوظ البلدي:كن عاقلا … الوطن فوق كل اعتبار

بشير البكر: ما بعد بن علي: ليلى أم خيار الظل؟

عادل لطيفي:مغزى الانتحار الاحتجاجي في تونس

برهان غليون: احتجاجات سيدي بوزيد في تونس مؤشر لحقبة جديدة من الاضطرابات

د. عصام العريان:إنذار من تونس

خـالد الطـراولي:خَـرِيفُ الغَضَـبْ

عبد الرحمان الحامدي:لسنا عبيدا في ضيعتك

رياض الشعيبي:التوافق التونسي.. من الأيديولوجيا إلى الضرورة

بيان مشترك بشأن ما يتعرض له الشاب مهدي هلال

الرابـطـة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع صفاقس الشمالية:بيان

حركة النهضة تستنكر استهداف الأقباط ووحدة مصر

   اللجنة التونسية المصرية للتشاور السياسي يومي 3 و4 جانفي

في تقييم أولي لسنة 2010السياحة التونسية .. دون المتوسط


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس  أكتوبر 2010 https://www.tunisnews.net/28Novembre10a.htm  


 

المناضل الحقوقي عبد القادر الدردوري في ذمّة الله


السبيل أونلاين – تونس – عاجل  
بلغنا الآن خبر وفاة المناضل الحقوقي ورئيس فرع قربة / قليبة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الأستاذ عبد القادر الدردوري .وسيشيع جثمان الدردوري رحمه الله غدا الثلاثاء 04 جانفي 2011 بعد صلاة العصر إلى مقبرة سيدي البوضاوي بقليبية من منزله الكائن بنهج الزهور قبالة القباضة .
وقد شوهدت أعداد كبيرة من عنصار البوليس في كامل مدينة قليبية ، كما شوهدت سيارتان للبوليس أمام مقر فرع الرابطة بالجهة .
تقبل الله الفقيد بواسع رحمته ورزق أهله وذويه جميل الصبر والسلون وانا لله وانا إليه راجعون…وأسرة السبيل أونلاين تتقدم بأحر التعازي وأبلغ المواساة لأسرة الفقيد وأصدقائه وللرابطة .
للتعزية يمكن الإتصال بابنته الأستاذة سهير الدردوري : 21591735  
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس)، بتاريخ 02 جانفي 2011)

 


الرابطـــة التونسيــة للدفــاع عن حقــوق الإنســان La Ligue Tunisienne pour la défense des Droits de l’Homme تونس في 02 جانفي 2011    

الرابطة تنعى عبد القادر الدردوري


 تنعى الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الأستاذ عبد القادر الدردوري رئيس فرع الرابطة قليبية – قربة الذي وافته المنية فجر اليوم 02 جانفي 2011 عن سن تناهز السبعة وستين سنة فهو من مواليد 1943 .وقد ترأس فرع الرابطة بقليبية منذ 1984 . و برز خلال كامل فترات حياته بدفاعه المستميت عن مبادئ الحق والعدل وبتشبثه بمبادئ حقوق الإنسان. وقد دافع عبد القادر الدردوري بكل قواه عن استقلالية الرابطة وضرورة قيامها  بدورها في الدفاع عن حقوق الإنسان ونشر ثقافتها رغم الصعوبات الجسيمة،وأصر بكل حزم على الإبقاء على مقر للفرع بمدينة قليبية رغم قيام السلطات بمحاصرته منذ سبتمبر 2005 ومنع كل النشطاء والمواطنين من دخوله ،ولكن ذلك لم يمس من إصرار عبد القادر الدردوري ومناضلات ومناضلي الفرع على الوصول إلى مقرهم في مناسبات كثيرة أخرتها بمناسبة الذكرى الثانية والستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر الماضي. ورغم تصدي قوات الأمن لتلك المحاولات فان كل مواطني قليبية و زائريها وقفوا على مدى إصرار عبد القادر وأعضاء هيئة الفرع على رفع راية حقوق الإنسان. كما أن عبد القادر الدردوري كان أديبا مبدعا ونشرت له الصحف التونسية خاصة إنتاجات عديدة في أغراض أدبية متنوعة وآخر إنتاجاته ذلك  الصادر عن دار « صامد للنشر » تحت عنوان  « الزوبعة والحداد » في 144 صفحة من الحجم المتوسط وهو يحتوي على  16 قصة بين القصيرة والقصيرة جدا. غير أن السلطات منعت توزيع هذا الكتاب دون أي موجب قانوني وهو إلى حد الآن محجوز في المطبعة.وقد حزّ ذلك كثيرا في نفس الأستاذ الدردوري.وكان آخر نشاط له مشاركته في حوار فكري  حول تلك المجموعة القصصية شارك فيه بالخصوص الأستاذان جلول عزونة و الصادق شرف (أبو وجدان) مساء الأول من جانفي الحالي أي قبيل سويعات من وفاته. وسيتم تشييع جثمان  الأستاذ الدردوري إلى مثواه الأخير يوم الثلاثاء 04 جانفي الحالي اثر صلاة العصر  بمقبرة سيدي أبي ضاوي  بقليبية .فعزاء جميلا لأهله وذويه  ونسأل لهم جميل الصبر والسلوان ودوام الصحة وطول البقاء.  
عن الهيئـة المديـرة الرئيـــــس المختــار الطريفي  

حركة التجديد تنعى المناضل عبد القادر الدردوري


ببالغ الحسرة والأسى، تنعى حركة التجديد المناضل الديمقراطي التقدمي الأستاذ عبد القادر الدردوري، رئيس فرع قليبية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.  لقد كان الفقيد طول حياته نصيرا حازما للحرية والكرامة والعدالة لشعبه وللإنسانية جمعاء، ومبادرا ومساهما متحمسا ومقداما في كل المعارك الديمقراطية، الحقوقية منها والنقابية والسياسية، على كافة الأصعدة محليا وجهويا ووطنيا.  إن حركة التجديد قد فقدت برحيله صديقا وفيا وركيزة صلبة للحركة الديمقراطية التونسية. وهي إذ تتوجه لأرملته وأبنائه ورفاقه وأصدقائه الكثيرين، في قليبية وكامل البلاد، بأحر عبارات التعزية والمؤاساة راجية لهم جميعا جميل الصبر والسلوان، فإنها تعبر عن اقتناعها بأن ذكرى سي عبد القادر ومثله العليا ستظل حية في أذهاننا وأذهان الأجيال القادمة على الدوام.  
 عن حركة التجديد   أحمد إبراهيم  


المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية marced.nakabi@gmail.com :البريد الالكتروني

تونس في 2 جانفي 2010

إلى عبدا لقادر الدردوري لن يأخذ منك الموت غير الجسد الفاني  


لقد انقطع صوتك فجأة ليتوحد بصمتنا وحدادنا عليك… وقد كانت كلمة « الحداد  » أخر ما نطقت به قبل أن تتكلم فينا ذكراك الحزينة.. كنت معنا قبل ليلة تناقش » الزوبعة واالحداد » مجموعتك القصصية الأخيرة التي شاءت يد الطاغوت أن تمتد إليها لتسرقها من قرائك ومعجبيك . لن تذهب بعيدا أيها الشيخ الوقور بل ستعود إلينا من ثنايا الذاكرة ومن الشبابيك التي أشرعتها زوبعتك على الأفق الرحب وان لم تر النور . ما أتعس الموت حين يسرقك منا ونحن غافلون… أنت الذي تحديته دائما بقلمك المرفوع كالقبضة الصلبة في وجه االقدم الهمجية . شاركت منارة قليبية في ضوئها ولكنك لم تكن مثلها تشتعل لتنطفئ بل اشتعلت على مدى أربعين سنة حتى احترقت ذات ليلة شتاء باردة لتضيء السبيل أمام من أخطأ طريقه إلى الحرية . ظللت صديقي منارة تنير دربا لبلد في منعرجاته العسس والمخبرون وقطاع الطرق . أولئك الذين منعوك حتى من الشدو وأنت في آخر أيام شدوك المعهود . أرى على جسدك المتعب المسجى على فراش الموت آثار دمك المسفوك جراء تسلقك الجدار الفاصل بينك وبين الحرية، تلك التي وهبتها حياتك حتى لا تكون مثل ذلك الحمار الذي حدثتنا عنه يوما … أشعره الجملُ بما فيه من ذل ومهانة وحقار حتى أثّر فيه وأقنعه بالهروب من الزريبة المشؤومة والانطلاق نحو النور والتخلص من الذل والعبودية. لكنه بعد أن سار أياما وليالي توقف منزعجا قائلا للجمل:” آه.. لقد نسيت مِقودي في الزريبة. وعليّ أن أعود إليه” وقفل راجعا إلى مقوده، والجملُ ينظر إليه ساخرا، ليقول:” وُلدتَ حمارا و عشت حمارا وستموت حمارا”. ما ذنبك ياصديقي إذا كان الحمارُ حمارا؟ ما ذنبك والبعض يقبل أن يكون ألعوبة في يد الغير مستسلما للقيد الذي كسرته أنت وصرفت من اجل كسره اغلي أيامك وأعز لياليك ؟ أيها الفارس الذي ترجّل.. نم هادئا على سرير إغفاءتك الأخيرة فقد أوقدت حروفك الملتهبة فينا مذ كنا صغارا نتدرب على حروف التمرد نخبئها في دفادر الثورة التي حلمنا بها بواعث يقظة نراها اليوم في حزن شباب يأكله اللهب المستعر ولكن أيضا في ابتسامة الجيل الذي هجر الخوف دياره فانبرى يشدو شدوا فيه بعض من صوتك ومما جادت به قريحتك على مدى عقود من كلمات وشحتها بسخريتك الحلوة المرة. ضحكت من الجميع بل حتى من نفسك أحيانا وظللت تضع ملحتك الذكية بين الحرف والحرف وفي ثنايا السطور تمتلئ بها أوراقك وكراريسك ثم الشبكة العنكبوتية التي كنت تطلع فيها علينا فتسعدنا دائما حتى وأنت حزين. لم تيأس ولم تساوم ولم تحن ظهرك رغم السنين التي تعاقبت عليك لأنك رفضت أن تكون حمارا بمقود أو بغير مقود بل اخترت أن تكون حرا في زمن عز فيه أمثالك حتى خلنا أن الدنيا الفاسدة قد خلت منهم . فالي روحك التحية فما إخالها إلا تسمعني … فمن كان مثلك لا يأخذ منه الموت غير الجسد الفاني. عن المرصد المنسق المكلف بالاعلام عبدالسلام الككلي — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux  
 


  بسم الله الرحمن الرحيم

محاكمة ظالمة في حق الشيخ القاضي صالح بن عبد الله


مرّة أخرى يكون القاضي والسجين السابق والقيادي في حركة النهضة، السيد صالح بن عبد الله،  ضحيّة لمحاكمة سياسية ظالمة، حيث حكم عليه اليوم01 جانفي 2011 ، بستة أشهر سجن نافذة.
ورغم أنّ الانتفاضة الشّعبية التّي تعمّ البلاد اليوم كان سببها اضطهاد المواطن محمد بوعزيزي وحرمانه من شغله كبائع متجوّل، فإنّ محاكمة السيد صالح بن عبد الله جاءت بعد أن عمد أعوان التراتيب البلدية، مرفقين بعمدة  حي المروج الخامس، إلى منعه بالقوة  من مزاولة عمله بالسوق حيث يقوم ببيع الخضر وأصروا على حجز بضاعته وأدواته ، و إزاء رفضه الانصياع لهذه الإجراءات التعسفية  تعرض للتعنيف و السب و الشتم ، و كالعادة في مثل هذه الحالات انقلب الضحية متهما بعد أن  عمد رئيس مركز الشرطة بالمروج الخامس الذي اعتدى على الشيخ صالح بن عبد الله بالعنف ، بتلفيق قضية كيدية.
 ومع ذلك تجرأت المحكمة وقلبت القضية ضدّ الضحيّة، مما يؤكد إصرار السلطة على المضيّ في الحلّ الأمني والمحاكمات الظالمة، وذلك دليل ساطع على نفاق السلطة عندما تدّعي تفهمها لمطلب حقّ الشغل.
كما يسلط هذا الحكم مرة أخرى على المظلمة المسلّطة على المساجين المسرحين من حركة النهضة وغيرهم، الذّين يتعرضون لشتّى أصناف الإقصاء والحرمان من الشغل ومن الحقوق الأساسية.  

إن حركة النهضة:

– إذ تعبر عن تضامنها الكامل مع الشيخ صالح بن عبدا لله فإنها تدين بشدة هذا الحكم الصادر في حقه وما يمثله من ظلم اجتماعي وسياسي.
ــ تطالب بمحاكمة الأعوان الذين اعتدوا بالعنف الشديد على الشيخ القاضي بن عبدا لله وإنصافه بدل قلب الحقيقة وتحويله إلى متهم ظلما.
ـ تدعو السلطة لوضع حد لتوظيف القضاء للانتقام من خصومها السياسيين، واستخلاص الدروس من الانتفاضة الشعبية التي تعُم البلاد والتي عبر فيها الشعب عن رفضه الصارخ لهذه السلطة.   

لندن 01 جانفي 2011 الشيخ راشد الغنوشي  رئيس حركة النهضة  


فيديو مسيرة فوسانة:هكذا عبرت فوسانة عن صوت ثورة الفقراء في سيدي بوزيد


مراسلة خاصة


مدينة الشابة التونسية تنضم للجهد الوطني للتخلص من الدكتاتور بن علي وعصابته


وصلتنا هذه الرسالة من السيد أنور الغربي المقيم بجنيف وأصيل مدينة الشابة/الحمادة حول ما يجري في الشابة من تحركات وانتهاكات، ننشرها كما هي:
تصلني يوميا عشرات المطالبات والدعوات والشكاوى من مواطني مدينتي الغالية الشابة. وربما ليس من الحكمة سرد نضال أبناء هذه المدينة على مدى عشرات السنين واستعصاءها على الظلم وأهله ورفضها الخنوع لإرادة العصابات المتحكمة في وقت تشتعل فيه كل المناطق ولكن أحداث الأيام الأخيرة وطلبات الأهالي العديدة تدفعني إلى التعريف بهذه المظالم والتركيز على الروح النضالية العالية لأبنائها الشرفاء. فقد كان من المقرر أن تتوجه يوم 30/12/2010 هيئة جمعية النهوض بالطالب الشابي بكامل أعضائها إلى المعتمدية للاتصال بالسيد المعتمد لكنهم وجدوا مقر المعتدية محاصرا بعدد هائل من أعوان الأمن والميليشيات مما حال دون اقتراب أعضاء الهيئة منها وانهالت عليهم العصي والهراوات وكان النصيب الأوفر من نصيب المناضل نبراس الهذيلي وقد رفض طبيب ألاستعجالي بالشابة نقل المعتدى عليهم إلى مستشفى المهدية ربما خوفا من انتقام الشرطة التي كانت تحاصر المستشفى وتهدد باعتقال المعتدى عليهم وبخاصة المناضل الوطني رشاد شوشان.
وكان من بين من اعتدي عليهم الأساتذة الأكارم البحري الهذيلي وعبد الجليل بن علي وجمعة الكلابي. أما يوم 31/12 فتم الاعتداء بالضرب على المحامي الأستاذ هشام القرفي الذي كسر أنفه مما استوجب نقله إلى المستشفى الجامعي بالمهدية والحصول على شهادة طبية لمدة 20 يوما. وتم في نفس اليوم أيضا استجواب العديد من المناضلين من بينهم أعضاء في الحزب الديمقراطي التقدمي مثل الأستاذ عبد الرزاق المكشر الناشط النقابي المعروف بالجهة والصحفي نزار بن حسن والذين حاولا زيارة الأستاذ القرفي في المستشفى فكان نصيبهما الاعتقال لمدة ساعات ورفض رجال الأمن تزويد الأستاذ عبد الرزاق المكشر بالماء رغم استظهاره بشهادة طبية تثبت حاجته الماسة للماء إضافة إلى إصابته بأمراض أخرى.
وكانت الأسئلة الموجهة للمعتقلين تدور في مجملها حول الأسماء المرشحة كبديل لبن علي وعصابته وما ستؤول إليه أوضاعهم كرجال أمن في حال التغيير.

هذا وتنظم يوم السبت /11 /2011 وقفة احتجاجية وسط المدينة أمام مقر الحزب الديمقراطي التقدمي تضامنا مع أهالي سيدي بوزيد وكل المناطق المحرومة وتنديدا بحكومة وعصابة الفساد في تونس. والجدير بالذكر أن أخبار المواجهات 31/12 في جبنيانة القريبة والتي استعمل فيها الرصاص الحي تغذي مشاعر النقمة والرغبة الكبيرة في التخلص من كابوس نظام بن علي والمتعاونين معه. ويشار إلى أن أهالي المدينة يكافحون منذ فترة طويلة لمنع زوجة الرئيس من وضع يدها كعادتها هي وزوجها الحالي وإخوتها وأقاربها على الغابة الشهيرة بالمدينة والمعروفة باسم الدويرة لتحويلها إلى منتجع سياحي خاص مع العلم بأن هذه الغابة معروفة على المستوى الوطني والجهوي باعتبارها مكانا عاما للمخيمات الكشفية ومكان اصطياف العائلات. كما أصبح شائعا بين الأهالي أسلوب هذه المرأة ومن حولها في الضغط على أصحاب المشاريع والدخول معهم في شراكات لضمان الربح غير المشروع. وكان خبر إشاعة تحوير الدستور التونسي واستحداث منصب نائب رئيس وتعيين زوجة الرئيس الحالي لخلافته أشعلت مشاعر النقمة على النظام الحالي والرغبة الأكيدة في تغييره رغم أن هذه المنطقة تعتبر محظوظة لوجود البحر كمورد رزق كبير للعديد من العائلات لكنها في نفس الوقت تعتبر نقطة العبور الرئيسية إلى إيطاليا للعديد من الهاربين من جحيم نظام بن علي والظلم السائد في البلاد.
وإنني إذ أشيد بنضال أبناء الشابة فإنني أحيي اليوم أبناء ولاية سيدي بوزيد في ثورتهم على الظلم والفساد، تلك الولاية التي يعيش المئات بل الآلاف من أبنائها بالشابة كعمال لغياب المشاريع في منطقتهم. وما نهضة الشرفاء في كل مناطق البلاد إلا خير دليل على أن زمن الخوف قد ولى وأن أتباع النظام أصبحوا يبحثون عن مخارج وحلول خاصة بهم وربما يأتي اليوم الذي نكشف فيه عن بعض ما لدينا من معطيات ومعلومات تخص الذين خدموا نظام بن علي أو الذين التحقوا به مؤخرا في محاولة للحصول على نصيب من الغنيمة. ولكن من الواضح أن تونس نهبت بشهادة المختصين الغربيين ولم يعد فيها ما يسرق أو يستباح إلا أعراض الناس ولكن هيهات أن تمر هذه الأمور دون عقاب عاجل أو آجل.
أنور الغربي مقيم في جنيف وأصيل مدينة الشابة/الحمادة التي غادرها في أوت 1991 ولم يستطع الرجوع إليها منذ ذلك التاريخ رغم المطالبة بجواز السفر التونسي منذ سنة 1998.  

(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 2 جانفي 2010)  


اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي 1 جانفي 2011 إعــــــــــــــــــــــــــــــــــلام  


دخل السيد المولدي ملكي ، والد جهاد ملكي السجين السابق  على خلفية احتجاجات الحوض ألمنجمي سنة 2008 والموقوف حاليا  اثر الاحتجاجات التي وقعت أخيرا بالرديف، في إضراب عن الطعام واعتصام مفتوح بمقر الاتحاد المحلي بالرديف، مطالبا بإطلاق سراح ابنه. للتذكير فانه تم إيقاف ثلاثة شبان بمدينة الرديف اثر الحركة الاحتجاجية التي وقعت هذا الاسبوع ، وهم: – جهاد ملكي – قيس بوصلاحي – وليد بن شعبان وقد علمت اللجنة عن طريق بعض المحامين انه وقعت إحالة  الموقوفين الثلاثة الى سجن قفصة بعد عرضهم على حاكم التحقيق. السيد المولدي الملكي وجد مساندة كبيرة من النقابيين بالجهة ، بمن فيهم القيادات النقابية المسرحة بموجب سراح شرطي  في نوفمبر 2009، وكذلك من أهالي الرديف الذين يتوافدون على الاتحاد المحلي للتعبير عن تضامنهم معه . اللجنة الوطنية  تعبر عن تضامنها الكامل مع السيد الملكي وتطالب بإطلاق سراح جهاد وكل زملائه الموقوفين و تدعو لتغيير أسلوب التعامل مع الاحتجاجات الاجتماعية السلمية . كما تطالب بإطلاق سراح عمار عمروسية وبقية مساجين الحوض ألمنجمي وتؤكد أن الأحداث الأخيرة أثبتت مرة أخرى عدم جدوى الحلول الأمنية والقضائية في مواجهة المطالب الملحة لمواطني   المناطق الفقيرة والمحرومة.  اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض  


بلاغ إعلامي  

تم ظهر يوم الجمعة 31/12/2010 إطلاق سراح عضو المكتب السياسي بالحزب الديمقراطي التقدمي والناطق باسم لجنة دعم أهالي سيدي بوزيد بعد ثلاثة أيام من الاعتقال ومثوله أمام قاضي التحقيق ورفضه الإجابة عن التهم الموجهة له دون حضور محامي. و الحزب الديمقراطي التقدمي إذ يدين مجددا حملة الاعتقالات والاعتداءات التي تعرض لها المناضلون السياسيون والنقابيون والحقوقيون على خلفية دعمهم للمطالب المشروعة لأهالي سيدي بوزيد، فهو ينبه إلى خطورة إقحام القضاء وتوظيفه في تصفية الخصوم السياسيين ويجدد رفضه للحلول الأمنية التي أثبتت الأحداث قصورها عن معالجة الوضع ويدعو الحكومة إلى الإقرار بضرورة مراجعة سياستها الاقتصادية والاجتماعية وفتح حوار جدي مع الأطراف السياسية والثقافية وممثلي الأهالي في الجهات بعيدا عن سياسة الإقصاء والهروب إلى الأمام.                                                                                                                المكتب السياسي  

الاتحاد الجهوي  للشغل بقابس الاتحاد المحلي للشغل  بالمطوية
بيـــــــان  

ان المكتب التنفيذي  للاتحاد المحلي  للشغل بالمطوية  المجتمع اليوم الخميس 30 ديسمبر 2010 في جلسة غير عادية  يعتبر ان ما حدث ويحدث في منطقة  سيدي بوزيد  منذ مساء الجمعة 17 ديسمبر 2010 وما تبعه من احتجاجات في المناطق الاخرى هو نتيجة حتمية  للوضع الذي تعيشه البلاد  بسبب غياب التنمية العادلة بين الجهات  وانعدام البنية الاقتصادية  وارتفاع نسبة البطالة  في صفوف الشباب المتعلم وغيره ,  واذ يساند المكتب التنفيذي  اهالي سيدي بوزيد  في هبتهم العفوية  ومطالبهم الاجتماعية العادلة فانه يستنكر صمت الاعلام  الرسمي  وجنوح السلطة الى الحلول الامنية  والاعتقالات  التي لن تزيد الاوضاع الا  احتقانا وترديا  لذا  نطالب ب : – معالجة الاسباب الحقيقية للأزمة  والاهتمام بالتنمية الاجتماعية العادلة . – توفير  الفرص العادلة للشغل  للشباب – اطلاق سراح المعتقلين على خلفية هذه الاحداث – محاسبة المتسببين  في اقدام الشاب على حرق نفسه -فسح الجال  لقوى المجتمع المدني الحقيقي  وفي مقدمته  الاتحاد العام التونسي للشغل  للمشاركة في رسم الخيارات  السياسية  والاقتصادية للبلاد . عن المكتب التنفيذي للاتحاد المحلي للشغل بالمطوية الكاتب العام شرف الدين جمعة المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux  

الاتحاد الجهوي للشغل  بالمنستير   الاتحاد المحلي بزرمدين
  بيان حول التحركات الشعبية الاحتجاجية على استفحال البطالة

نحن ــ المجتمعين بدار الاتحاد المحلي يوم 1 جانفي 2011 من عمال الساعد والفكر ومن العاطلين عن العمل، بعد استعراضنا للتحركات الشعبية الاحتجاجية المطالبة بالتشغيل  ردا على  استفحال ظاهرة البطالة وخاصة بالمناطق الداخلية والتي أفضت إلى استشهاد ثلاثة مواطنين  وسقوط بعض الجرحى والزج بالعديد من المواطنين في السجن ــ نسجل ما يلي : أولا  ـ نعلن تعاطفنا مع كل الضحايا ، ونطالب بمتابعة المتسببين في هذه الأحداث الدامية وندعو القيادة النقابية إلى متابعة أوضاعهم الأسرية وتقديم ما يستحقونه من دعم ورعاية والعمل على إطلاق سراح ما تبقى من الموقوفين. ثانيا ـ نشجب  اللجوء إلى الحلول الأمنية والعقابية التي لن تؤدي إلا لمزيد من الاحتقان والتوتر والفشل،ندين ما تعرض له  المحامون من إهانات  وعنف وخاصة في تونس وولاية المنستير ونرى في ذلك  انتهاكا لحرمة القضاء التي تحرص الأمم المتحضرة على صيانتها. ثالثا ـ  نعتبر أن استفحال ظاهرة البطالة وما أفرزته من وضع اجتماعي متأزم  ومن أحداث مؤلمة كان نتيجة حتمية لعدة عوامل منها:  أـ انصهار اقتصادنا انصهارا كليا في اقتصاد السوق والاستجابة لإملاءات العولمة ب ــ  التفويت في القطاع العام وتخلي الدولة عن دورها التنموي لفائدة القطاع الخاص ج  ـ  إعادة هيكلة الاقتصاد التونسي دون الأخذ بعين الاعتبار  البعد الاجتماعي  وهذا ما أفضى  إلى نتيجتين : 1 ـ تدهور المقدرة الشرائية للعاملين وتضخم  عدد العاطلين والرمي بهم في سوق البطالة  2 ـ تكدُّس الثروة عند شريحة رأسمالية طفيلية همُّها الأول والأخير أن تربح أكثر ما يمكن في أقل وقت ممكن. ثالثا ـ نؤكد أن الأزمة في تونس  ليست جهوية بين الساحل والداخل، فكلاهما في البطالة واحد، إنها أزمة اقتصادية اجتماعية سياسية، فهي بين من يملك الثروة ويحتكر السلطة وبين من يصبو إلى عدالة التوزيع  ويطالب بالممارسة الديمقراطية. لذا فإننا نؤكد على ضرورة : 1 ـ مراجعة الخيارات الاقتصادية بما يضمن التوازن بين البعد الاقتصادي والبعد الاجتماعي 2ـ فتح حوار شامل حول ملف التنمية والخيارات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية مع كل الفعاليات الوطنية وفي مقدمتها منظمات المجتمع المدني 3 ـ نهوض الاتحاد العام التونسي للشغل بدور أكثر فاعلية، ككابح لجشع الرأسماليين الطفيليين وكراع لمصلحة الشرائح المستضعفة، وهذا يتطلب مراجعة المنظومة القانونية التي وقع التراجع فيها عن الكثير من المكاسب المتعلقة بمصير العامل انتدابا وترسيما وشغلا 4 ـ  القيام بمبادرة سريعة  لمعالجة ظاهرة البطالة المستفحلة بمنطقة زرمدين وخاصة لدى حاملي الشهادات نتيجة لمحدودية الانتدابات الحكومية ولتوقف المشاريع التنموية الخاصة                                                          عبد الحميد عباس  : الكاتب العام  

رسائل د. منصف المرزوقي الى الشعب التونسي


السلسلة الثالثة : من أجل توسع المقاومة المدنية الحلقة الثانية: المقاومة المدنية أو المقاومة المسلحة سلطة المافيا والارهاب تفضل أن يتورط الشعب في المقاومة المسلحة كي يجدوا المبررات للاطباق على الشعب والانتقام منه، بتزكية ودعم من الخارج. نحن التونسيون لسنا في حاجة لحمل السلاح كي نغير أوضاع البلاد .. يكفي أن ينتفض الشعب الكريم في مدن البلاد وقراها لأيام معدودة كي يفر المجرمون دون التفات الى الوراء.. http://www.youtube.com/watch?v=9coPXPFaAvY  


3 جانفي 1986 ـ 3 جانفي 2011، في الذكرى 25 للتأسيس
حزب العمال الشيوعي التونسي مع الجماهير الشعبية التي تنتفض وترسم طريق التغيير


تعيش تونس منذ يوم 17 ديسمبر 2010 على وقع الاحتجاجات الشعبية ضدّ البطالة والفقر والتهميش والغلاء والاستغلال الفاحش والفساد والظلم والاستبداد. لقد انطلقت هذه الاحتجاجات من سيدي بوزيد قبل أن تعمّ معظم مناطق البلاد لأن الحرمان والظلم المعيشيين في سيدي بوزيد، يمثلان ظاهرة عامّة تضرب غالبية الشعب التونسي، ولأن الاحتقان الشعبي في سيدي بوزيد هو نفسه في كافة مناطق البلاد الأخرى. لقد واجه نظام بن علي البوليسي والاستبدادي انتفاضة سيدي بوزيد والاحتجاجات في المناطق الأخرى بأسلوبه المعتاد، القائم على التعتيم الإعلامي والتضليل والمغالطة والكذب والقمع البوليسي الوحشي بما في ذلك إطلاق النار على المتظاهرين العزل والقتل، بنيّة إخماد نار الاحتجاجات بسرعة ومنع تطوّرها. ولكن هذا الأسلوب فشل هذه المرّة أيضا، بل إنه أجّج الاحتجاجات ووسّع نطاقها ودفع المحتجّين إلى تحويل مطالبهم من مطالب اجتماعية إلى مطالب سياسية تهمّ قضيّة الحريات. وحتى عندما خطب بن علي في اليوم الثاني عشر من الانتفاضة ليطلق الوعود الكاذبة ويتوعد بتشديد القمع الذي لم يستثن أحدا، فإن الجماهير الشعبية ردّت عليه بمواصلة احتجاجاتها. إن الشعارات التي رفعتها الجماهير المنتفضة من جنوب البلاد إلى شمالها عبّرت بشكل مكثّف عمّا تراكم في وعيها خلال العشرين سنة الأخيرة من حكم بن علي: « التشغيل استحقاق يا عصابة السرّاق »، « هزّوا يديكم ع البلاد يا عصابة الفساد »، « شغل حرية كرامة وطنية »، « حريات حريات لا رئاسة مدى الحياة »، « يسقط حزب الدستور يسقط جلاد الشعب »، »من بنزرت لبن قردان شعب تونس لا يهان »، « بن علي يا جبان شعب تونس لا يهان » « لا لا للطرابلسية يا سراق الميزانية »… لقد أدركت الجماهير الشعبية بحسّها أن النظام الذي يحكمها لا يمثّلها بل يمثّل « عصابة من السراق »، حفنة من العائلات التي تنهب خيرات البلاد وثرواتها وميزانيتها وتبيعها للرأسمال الأجنبي، وهو يحرم الشعب من حريته وحقوقه مستخدما القوّة الغاشمة لأجهزة الدولة التي تحوّلت إلى « دولة للعائلات »، بغرض إذلاله وإخضاعه وترهيبه وثنيه عن النضال جاعلا من تونس سجنا كبيرا ومن التعذيب أسلوب حكم. إن الجماهير الشعبية المنتفضة طرحت التغيير كمسألة ملحّة مؤكّدة اقتناعها بأن طموحاتها في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية لا يمكن أن تتحقق لها في إطار نظام بن علي. كما أن هذه الجماهير رسمت بنفسها طريق التغيير وهو طريق النضال، طريق الانتفاضة، دون مهادنة للدكتاتورية، وهو معطى جديد على غاية من الأهمية. إنّ الشعب التونسي في حاجة إلى نظام جديد، ديمقراطي، وطني، شعبي، نابع من إرادته ويمثّل مصالحه العميقة، ومثل هذا النظام لا يمكن أن ينبع من النظام الحالي ولا من مؤسساته أو دستوره أو قوانينه بل على أنقاضها عبر مجلس تأسيسي ينتخبه الشعب في كنف الحرية والنزاهة والشفافية بعد أن يكون وضع حدا للاستبداد وتكون مهمّة هذا المجلس صياغة دستور جديد يحدّد أسس الجمهورية الدّيمقراطية ومؤسساتها وقوانينها. إنّ الاحتجاجات الشعبية ما تزال مستمرّة إلى اليوم، ولا يمكن لأحد التكهّن من الآن بتطوّراتها. ولكن تونس، سواء استمرّت هذه الاحتجاجات أو تمكّنت الدّكتاتورية النوفمبرية من إخمادها بالقوّة الغاشمة، لن تبقى كما كانت قبل انطلاق الانتفاضة في سيدي بزيد. إن تونس تدخل مرحلة جديدة من تاريخها تتميّز بنهوض الشعب من أجل استعادة حريته وحقوقه وكرامته. إن هذا الوضع يطرح مسؤولية المعارضة وخاصّة فصيلها المتجذّر. إن ما يحتاجه الشعب التونسي في مثل هذه اللحظة التاريخية هو القيادة السياسية التي تسلّحه بالوعي والتنظيم، ببرنامج التغيير وخطّته. إنّ المعارضة بكل قواها السياسية والمدنية المنظّمة وغير المنظّمة مدعوّة إلى تكتيل صفوفها حول رؤية وبرنامج للتغيير الديمقراطي لتشكّل البديل للاستبداد والدّيكتاتورية. إنّ حزب العمال الشيوعي التونسي يجدد الدعوة إلى عقد الندوة الوطنية للمعارضة التونسيّة التي ستعالج هذه المسألة في أسرع الآجال. كما يجدد الدعوة إليها للتنسيق اليومي على المستوى الوطني والمحلّي من أجل دعم التحركات الشعبية وتوجيهها نحو مطالب ملموسة ومحددة حتى لا تنتهي الحركة على فراغ. ومن أبرز هذه المطالب:  وقف الحملات القمعية وإطلاق سراح كل المعتقلين ومحاسبة المسؤولين أمرا وتنفيذا عن أعمال القمع والتعذيب ونهب الممتلكات والقتل التي استهدفت المواطنين والمواطنات.  رفع كل القيود الأمنية والقانونية والعملية عن حرية التعبير والتنظم والتظاهر.  إقرار إجراءات فورية لفائدة المعطّلين عن العمل: منحة البطالة والعلاج والنقّل المجانيان والاعتراف بالأطر التنظيمية المستقلة للمعطلين عن العمل. إنّ حزب العمال الشيوعي التونسي يؤكّد بمناسبة الذكرى 25 لتأسيسه أنّه سيظل كما كان دائما إلى جانب العمال والكادحين والفقراء وفي طليعتهم من أجل تونس جديدة، تونس الحرّية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.  
تونس في 3 جانفي 2011

سياسي تونسي لـ »قدس برس »: لابدّ من حماية الشباب من منزلقات العنف

تونس – خدمة قدس برس
دعا الناشط السياسي المعارض محمد القوماني إلى حماية الشباب التونسي من منزلقات العنف، خاصة إذا تزامن ذلك مع شعور باليأس وانسداد الآفاق وثقل مهانة البطالة.
وقال القوماني عضو مجموعة « الإصلاح والتنمية » المعارضة في تصريح لوكالة « قدس برس »: « إنّ الشباب التونسي الذي يتابع عبر وسائل الإعلام المختلفة مظاهر الاحتجاج والمواجهات في الأراضي المحتلة والاحتجاجات الاجتماعية ضد العولمة في مناطق متفرقة من العالم يكون جاهزا ذهنيا ونفسيا للانجرار لمظاهر عنيفة في الاحتجاج خاصة إذا تزامن ذلك مع شعور باليأس وانسداد الآفاق وثقل مهانة البطالة ».
وأضاف القوماني: « الشباب أكثر انجذابا لردود الأفعال القوية وأقل تقديرا للعواقب، لذلك لابد من تطوير برامج متعددة تشغيلية وفكرية ونفسية وقيَميّة لحمايته من منزلقات العنف ».
وشدد محمد القوماني على أنّ « اعتراف السلطات التونسية لأوّل مرة بوجود مشاكل صعبة تخصّ التنمية بالجهات وتشغيل الشباب، لم تصاحبه إجراءات اجتماعية عملية لتخفيف الاحتقان مثل تمكين الشباب العاطل من تغطية اجتماعية تسمح لهم على الأقلّ بالعلاج المجاني والنقل المجاني في انتظار الشغل ».
وتوقع المتحدث أن تشهد الأشهر القادمة تغيّرا في خطاب الحكومة وسياساتها، وبذلك « تكون سيدي بوزيد بداية لتصحيح المسار »، حسب تعبيره. لكنّه حذّر من أنّ استمرار السياسة الحالية سيكون بداية الانحدار، وهو ما تخشاه عديد الأطراف السياسية في تونس حسب قول محمد القوماني.
واعتبر القيادي في تيار « الإصلاح والتنمية » أنّ الخطاب السياسي الرسمي « القائم على جمل دعائية مفادها « نجحنا ورضي المواطنون واعترف لنا العالم وسنواصل »، قد تلقى ضربة موجعة على مدى أسبوعين وجهتها له تحركات الغضب الاجتماعية من ولاية سيدي بوزيد. وتساءل المتحدث: إلى متى  يحتكر الخطاب الرسمي تحديد الرهانات الوطنية وهو لم يقدر على تعبئة التونسيين حولها؟ ».
وبخصوص تفسير جاذبية شعارات التيارات السياسية الموجودة خارج المنظومة القانونية كما بيّنتها ساحة الاحتجاجات الشعبية الأخيرة، ذكر محمد القوماني أنّ « الأصوات المرتفعة والمتشنجة أحيانا داخل جزء من المعارضة تزداد رواجا في ظلّ الاستمرار في دعم منظومة المشاركة السياسية الحالية، وعدم إتاحة الفرصة لحرية التنظم للمعارضة المؤسساتية ذات المصداقية، حسب تعبيره.
وبيّن أنّ « منظومة المشاركة السياسية القائمة على تعددية حزبية مفروضة إداريا لا تعكس حقيقة الخارطة السياسية والحراك الاجتماعي وقد بيّنت حدودها بمناسبة هذه الأحداث ».
وتابع القوماني « الأحزاب المروّج لها في الإعلام الرسمي لم تبد أي حضور في ساحة الأحداث، ولم تظهر أي كفاءة إعلامية أو سياسية في مقاربتها وتغطيتها، بل لم تشكّل وسيطا بين السلطة والمحتجين، فأكدت أنّها جزء من المنظومة الرسمية ولم تتفاعل مع ما جرى طيلة أسبوعين إلاّ حين طلب منها مهاجمة الخصوم وتأكيد الولاء ».
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 2 جانفي 2010)  


اتهمت أجهزة الأمن بقطع الكهرباء عن الأحياء وحرق ممتلكات المواطنين

« أصدقاء الإنسان »: بعض المناطق في تونس خالية من الشباب من كثرة الاعتقالات

فيينا – خدمة قدس برس
طالبت منظمة « أصدقاء الإنسان الدولية » رئيس الجمهورية التونسية زين العابدين بن علي، بإطلاق سراح مئات الناشطين والمحتجين، والذين قامت الأجهزة الأمنية باعتقالهم منذ الثامن عشر من كانون أول (ديسمبر) الفائت.
وقالت المنظمة، في بيان أصدرته اليوم الأحد (2/1) وصل « قدس برس » نسخة منه، « إن اعتقال المئات من المحتجين والناشطين من الشبان وكبار السن، خلال مسيرات المطالبة بالحقوق والتعبير عن الرأي، وخلال مداهمة منازلهم من قبل مجموعات البوليس والمخابرات في مختلف المناطق التونسية خاصة ناحية سيدي بوزيد، وتعريضهم للإذلال والضرب والشتائم، وللبرد الشديد أحياناً، واحتجازهم في المقرات الأمنية؛ يمثل عملاً تعسفياً غير مبرراً بحقهم »، على حد تعبيرها. وأكدت المجموعة الحقوقية، التي تتخذ من فيينا مقراً لها، أن السلطات التونسية « تعمد وسط تعتيم إعلامي شامل، إلى قطع الكهرباء عن الأحياء السكنية، وفرض حالات حظر التجوال « غير المعلنة رسمياً »، وإلى مطاردة الشبان من منزل إلى منزل ومن على أسطح تلك البيوت، وتقوم بضربهم واعتقالهم وسط سيل من الشتائم والكلمات النابية التي توجهها إليهم، وتقوم كذلك بترويع الأهالي خلال المداهمات الليلية، وإتلاف ممتلكاتهم خاصة الزراعية منها، وإحراق أعلاف الماشية وزرائب الغنم بدعوى إمكانية تحصن المطلوبين فيها ».
وأشارت المنظمة إلى أنه بسبب الاعتقالات الكثيرة العدد؛ أصبحت بعض المناطق مقفرة من الشباب، حتى أن الغلمان الذين تتراوح أعمارهم من 14 إلى 15 عاماً لم يسلموا في حالات من تلك الاعتقالات ».
وقالت « أصدقاء الإنسان » إن التقارير الحقوقية عن معاملة السجناء في مراكز الإحتجاز والتحقيق التابعة للسلطات الأمنية التونسية منذ عقود مضت، « وكذلك عمليات التعذيب التي تجري فيها بشكل منتظم، تثير لديها مخاوف حقيقية من احتمال تعرض المحتجزين للإساءة وكذلك قلقها البالغ على حياتهم ».
 وطالبت المجموعة الرئيس التونسي والسلطات الأمنية بضرورة معاملة المحتجزين حسب نصوص القانون، « بما يضمن عدم تعرضهم لأي إيذاء جسدي أو ضغط نفسي، وإطلاق سراحهم الفوري وتمكينهم من العودة لعائلاتهم ومنازلهم »، مشددة على ضرورة « التوقف عن مداهمة منازل المواطنين وإتلاف ممتلكاتهم ».
كما حثت المجموعة الحقوقية السلطات الأمنية التونسية « التوقف عن قمع المظاهرات، ومعاملة المشاركين فيها بشكل سلمي، وضمان حق حرية التعبير لجموع المواطنين، والتوقف عن فرض حالات حظر التجوال وعمليات قطع الكهرباء عن الأحياء السكنية، والسماح لوسائط الإعلام بنقل الحقائق وتغطية أنشطة الاحتجاجات ».
وأكدت على ضرورة العمل بشكل حثيث على « محاربة الفقر، وكذلك تلبية المطالب العادلة لجموع التونسييين بالحرية والوظائف والحياة الكريمة، ومحاربة الفساد المتفشي في أوساط السلطة الحاكمة وحاشية الرئيس، وضمان حق التونسيين باختيار حكوماتهم ومن يمثلهم بكامل الحرية »، على حد تعبيرها.
كما ودعت المنظمة كلاً من المتظاهرين والسلطات التونسية إلى ضرورة « الحفاظ على الحياة البشرية وتكريمها »، وقالت « لا يجوز بحال إطلاق النار على أحد من المحتجين وإراقة الدماء، أو أن يقوم أحد الشبان بأعمال يائسة تؤدي به إلى الوفاة ». (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 2 جانفي 2010)


الخارجية الفرنسية تدعو إلى تخفيف حدة التوتر في تونس


حرر من قبل التحرير في السبت, 01. جانفي 2011 نقلت وكالة فرانس براس أن المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية قد دعت إلي تخفيف حدة التوتر في تونس إثر اندلاع التحركات الاحتجاجية الاجتماعية عقب إقدام الشاب محمد البوعزيزي على محاولة الانتحار حرقا أمام مقر ولاية سيدي بوزيد يوم الجمعة 17 ديسمبر 2010. وأفادت « كريستين فاجس » المتحدثة باسم الخارجية أن الاضطرابات ليست في مصلحة أحد. ويعتبر النظام التونسي من أقرب حلفاء فرنسا في الشمال الإفريقي لذلك تتحفظ السلطة الفرنسية في تصريحاتها تجاه نظام الرئيس زين العابدين بن علي. وكانت منظمات حقوقية وأحزاب سياسية ونقابات عمالية بفرنسا قد عبرت عن إدانتها للقمع الشديد الذي تعرض له المحتجون في تونس كما أدانوا الاعتداء على النشطاء الحقوقيين والإعلاميين. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 01 جانفي 2011)


الحزب الحاكم يرفض انتقادات فرنسية لقمع الاحتجاجات اتهام للجزيرة بالعداء لتونس


اتهم رئيس مجلس المستشارين التونسي (الغرفة الثانية في البرلمان) عبد الله القلال قناة الجزيرة بأنها من بين الفضائيات « المعادية » لبلاده، وقال إنها « استغلت » أحداث ولاية سيدي بوزيد لبث « الأكاذيب والأراجيف والافتراء على تونس »، حسب تعبيره. في هذه الأثناء، رفض حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم بتونس ما وصفه بتدخل الحزب الاشتراكي الفرنسي في الشأن الداخلي التونسي، وذلك على خلفية انتقاد الأخير لما وصفه بـ »القمع القاسي » الذي واجهت به قوات الأمن التونسية الاحتجاجات الاجتماعية الأخيرة في تونس. فقد قالت وكالة الأنباء التونسية أمس السبت إن القلال « ندد باستغلال هذه الحادثة (الاحتجاجات) من قبل بعض الفضائيات المعادية ومنها خاصة قناة الجزيرة » التي وصفها بـ »المعادية ». وأضاف القلال -الذي يرأس مجلس المستشارين في تونس منذ تأسيسه في العام 2002- أن قناة الجزيرة « ضربت عرض الحائط بأخلاقيات مهنة الإعلام واعتمدت أسلوب التركيب والمغالطة لبث الأكاذيب والأراجيف والافتراء على تونس ». كما استنكر تعمد بعض الأطراف الداخلية والخارجية « المناوئة » « استغلال أحداث سيدي بوزيد المؤسفة للمس بأمن تونس واستقرارها وتشويه صورتها والتشكيك في مكاسبها ». وقال القلال إن « ما أتته هذه الفئة القليلة من دعاة الفوضى والتخريب بدعم من بعض الفضائيات المشبوهة كشف مدى عداء هذه الأطراف للنموذج المجتمعي الحداثي الذي صنعته تونس وأكسبها مواقع الريادة في محيطها القريب والبعيد ». التعتيم الرسمي في مقابل هذه الرواية الرسمية، عبر المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين في بيان له عن « عميق استيائه من التعتيم، خاصة في وسائل الإعلام العمومية » التونسية على الاحتجاجات. ومن جهته قال نقيب الصحفيين التونسيين السابق ناجي البغوري إن التعتيم الإعلامي في تونس هو السائد عندما يتعلق الأمر بالاحتجاجات، لافتا إلى أن هذا التعامل « ليس وليد اليوم ». وضرب مثالا على ذلك أحداث الحوض المنجمي، وأشار في هذا الصدد إلى الصحفي الفاهم بوكدوس الذي حكم عليه بالسجن أربع سنوات وهو « مازال يدفع ثمنا باهظا، فقط لأنه نقل أحداث الحوض المنجمي ». وأضاف البغوري في حديث مع الجزيرة أن « التعتيم الإعلامي حاضر، وهو الأساس »، حيث إن طريقة التعامل مع هذه القضايا تتم بمنطق « أن الشعب لا يستحق، وليس من حقه الحصول على المعلومة ». واستغرب البغوري استهداف قناة الجزيرة، وقال إنها ليست الوحيدة التي نقلت احتجاجات ولاية سيدي بوزيد إلى الجمهور، مشيرا إلى أن ما عرفته الولاية من أحداث تناقلته عدد من القنوات الفضائية ومواقع إلكترونية متعددة. وقال نقيب الصحفيين التونسيين السابق إنه عوض اتهام للجزيرة، يجب « توجيه الاتهام إلى الإعلام الرسمي الذي يمول من أموال دافعي الضرائب ». وعبر عن رغبته في أن يفهم أصحاب القرار الدرس من الأحداث الأخيرة، مؤكدا أنه « لا مجال للتعتيم في هذا العصر ». منع داخلي ولفت البغوري إلى أنه رغم خطورة هذه الأحداث فإن أصحاب القرار لم يفهموا الدروس المستقاة منها، حيث أشار في هذا الإطار إلى منع بث برنامج على قناة حنبعل الخاصة ليلة أمس كان سيتطرق لأحداث سيدي بوزيد، إضافة إلى منع إعادة بث برنامج آخر حول نفس الموضوع على قناة نسمة الخاصة. وعن أهمية الإعلام الحر، قال الصحفي التونسي إنه إلى جانب الحرمان من العمل ومورد الرزق، هناك في تونس أيضا « حرمان من التعبير الذي هو حق أساسي لا يقل أهمية عن حق الشغل »، وأكد على « حق المواطنين في الإعلام والوصول إلى المعلومة ». وأكد أنه لا يمكن مناقشة قضايا مثل البطالة والفساد والرشوة دون إعلام حر ونزيه وذي مصداقية » باعتبار أن الإعلام الحر هو الضامن لوجود الديمقراطية والتعددية، حسب رأيه. « تدخل » فرنسي على المستوى السياسي، رفض حزب التجمع الدستوري الديمقراطي في تونس انتقادات الحزب الاشتراكي الفرنسي. وقال التجمع في بيان إنه « لا مبرر لتدخل الحزب الاشتراكي الفرنسي في الشؤون الداخلية في تونس التي لا تقبل أي دروس حول التنمية ولا الديمقراطية ». وأضاف أن بيان الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي تناول الأوضاع في تونس تضمن الكثير من الافتراءات والمغالطات، ذلك أن الادعاء بأن قوات الأمن التونسية واجهت الأحداث التي شهدتها منطقة سيدي بوزيد بالقمع هو « تضليل مقصود وينم عن سوء نية ». واعتبر الحزب الحاكم في تونس أن الحزب الاشتراكي الفرنسي يخطئ العنوان عندما يدعو في بيانه السلطات التونسية إلى ضمان أمن المواطنين، وإلى حماية حق التظاهر السلمي، باعتبار أن هذه الحقوق والحريات يقرها الدستور ويضمنها القانون في تونس. وكان الحزب الاشتراكي الفرنسي أصدر الخميس الماضي بيانا، انتقد فيه ما وصفه بـ »لجوء قوات الأمن التونسي إلى إجراءات قمعية، ودامية أحيانا لتفريق المتظاهرين »، كما طالب بإطلاق جميع الموقوفين على خلفية أحداث ولاية سيدي بوزيد. تجدر الإشارة إلى أن اشتباكات عنيفة اندلعت في الـ17 من الشهر الماضي بين الشرطة وشبان غاضبين بسبب تفشي البطالة في سيدي بوزيد، بعد أن أقدم شاب على حرق نفسه احتجاجا على مصادرة عربة للخضراوات والغلال يقتات منها، إضافة إلى منعه من مقابلة الوالي لتقديم شكواه.   (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 02 جانفي 2011)


السلطات التونسية تشدد الرقابة على الإنترنت في مقدمتها الفايسبوك


السبيل أونلاين – تونس – عاجل قال بعض النشطاء ومستخدمي شبكة الإنترنت في تونس أن السلطات التونسية اعتمدت أساليب جديدة في حجب المواقع الإلكترونية خلال الأيام الأخيرة ، وذلك بسبب تدفق الأخبار والتقارير ومقاطع الفيديو والصور التي تغطي الإحتجاجات الإجتماعية التي تشهدها تونس منذ أكثر من أسبوعين والتي إنطلقت شرارتها من منطقة سيدي بوزيد وإمتدت إلى مختلف مناطق البلاد . وأكد بعض مستخدمي شبكة « الفايسبوك » ، للسبيل أونلاين ، أنهم لم يتمكنوا من الدخول إلى صفحاتهم على الشبكة الإجتماعية ، معتبرين أن هذه الإجراءات المشددة على الإنترنت تتوافق مع تعيين الوزير الجديد للإتصالات سمير العبيدي المعروف بمواقفه المتطرفة . وإشتكى الكثير من المستخدمين للإنترنت من تونس من بطىء الإنترنت ومن أساليب مستحدثة في الحجب ، حيث تعذر عليهم إستخدام البريد الإلكتروني ونشر مواد على « الفايسبوك » ، كما تعذر عليهم الدخول إلى المواقع الإخبارية على الإنترنت رغم إستخدام البروكسي وأساليب أخرى لتجاوز الحجب . يذكر أن بعض النشطاء أحصوا عدد صفحات « الفايسبوك » المحجوبة من تونس بأكثر من مائة (100) صفحة إلى حدّ تحرير الخبر.  
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس)، بتاريخ 02 جانفي 2011)


نقابيون ينددون بمواقف الكاتب العام الجوي للشغل بالمنستير


حرر من قبل التحرير في السبت, 01. جانفي 2011 تجمع يوم أمس السبت 1 جانفي 2011 عشرات النقابيين والناشطين السياسيين والحقوقيين وأصحاب الشهائد العاطلين بدعوة من الاتحاد المحلي بزرمدين ولم تسجل أي صدامات مع قوات البوليس التي كانت متواجدة أمام المقر. وقد ردد المشاركون شعارات تطالب بالحرية و الكرامة وتندد بمواقف الاتحاد الجهوي الذي وصفه عدد من المتدخلين بالمتواطئ والذي لا يعبر عن حقيقة مواقف الطبقة الشغيلة في المنستير. من جهة أخرى أدانت اللجنة الجهوية لمساندة أهالي سيدي بوزيد الهجمة الشرسة للسلطة على قطاع المحاماة واعتبرت أن الهجوم يعتبر سابقة خطيرة قد تزيد في حدة الاحتقان والتوتر وحمّل السلطة السياسية مسؤولية الهجوم و القمع والاعتداءات التي تعرض لها المحامون ودعا البيان الأصوات الحرة إلى الوقوف إلى جانب قطاع المحاماة الذي اثب نضاليته و دفاعه المستميت على الحرية و حقوق الانسان. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 01 جانفي 2011)  


عبد الله القلال والشلاكة

الاحد 2 كانون الثاني (يناير) 2011  


د.منصف المرزوقي
 
قرأت هذا الصباح في الجزيرة نت أن عبد الله القلال رئيس غرفة المستشارين ( ما هذا الشيء ؟) هاجم الجزيرة واتهمها أنها تعادي تونس . ما استوقفني ليست هذه المبتذلة الممجوجة التي تجاهد لتجعل تونس ممثلة في شخص مثل بن علي، فهي لم تعيد تثير إلا السخرية ، وإنما تدافع الذكريات عن هذا الشخص الذي قاد وهو وزير الداخلية في بداية التسعينات أوسع عملية قمع وتعذيب وانتهاكات في تاريخ تونس الحديث.

يومها كنت رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان التي كانت في أروع معاركها ضد التعذيب وكانت السلطة آنذاك لا تزال تريد بسط بعض الستر على ممارساتها وخاصة استمالة الرابطة لتتخذ على الأقل موقفا محايدا من موجة القمع التي كانت تسحق الإسلاميين. .لم أفاجأ إذن أن أتلقى دعوة من هذا الشخص لمقابلته في مكتبه في الوزارة لسماع تذمره عن آخر مواقف الرابطة ولإسماعه طلباتها المتكررة بالكف عن ممارسات يندى لها الجبين. أذكر أن النقاش كان صريحا لأنني لست من النوع الذي يسمع الناس ما يحبون ولكن مما يجب عليهم سماعه وكان باردا وجافا ومؤدبا …إلى مفاجأة الباب .
فعند المغادرة لم يمدّ لي الرجل يده للمصافحة البروتوكولية وإنما سلّط عليّ نظرة باردة قائلا بصوت واضح : « يا دكتور ما تخلّيناش نشلّكوك « (لإخوتنا العرب: المعنى لا تتركنا نجعل منك شلاكة، والشلاكة بالعامية التونسية هي أحقر الأشياء وأكبر سبّة لأنها تحيل للجزمة الشعبية من البلاستيك الرخيص). فغرت فمي من الدهشة . هذا الرجل يهددني!!! بل ويهددني أن يمشي عليّ ويمرّغني في التراب ثم يلقي بي في المزبلة . بداهة ملفات الوزير لم تكن دقيقة وإلا لكان فيها أنني من طينة بشر لا تذل ولا تمارس الإذلال ، لا تظلم ولا تقبل الظلم ، لا تهدّد ولا ترضخ للتهديد .
بسرعة البرق تتالت في ذهني كل الردود الممكنة ومنها صفع الرجل وليكن ما يكن. ما منع الانزلاق الوعي بأنني لا أمثّل نفسي وإنما منظمة لها قيمة وتدافع عن قيم لها قيمة أكبر. أدرت ظهري لكبير البوليس وانصرفت قائلا أحسن ردّ هو أفعالي التي ستصله أخبارها بأسرع مما يتصوّر فجأة انتبهت أن الوزير ورئيس العصابة الذي يخدم لا يهددان في الفارغ وأنني سأدخل نفقا مظلما لا يعلم إلا الله متى سأخرج منه . وفعلا هذا ما حصل حيث بدأت محاولة « التشليك  » من الغد وتواصلت على امتداد عشرين سنة ولا فائدة في العودة لتفاصيل البعض يعرفونها والله وحده يعلم ما تكلفته من آلام.
 
للصراحة أقول أن هذه الآلام وآلام الآلاف من أبناء شعبنا الذين حاول هذا النظام الشرير سحقهم حتى العظم ، ملأتني لسنين طويلة بالبغض لناس تسلطوا علينا بوسائل وتقنيات وذهنية فاجأتنا كلنا ونحن شعب عائلي ومسالم غير متعود على تقنيات حكم جديرة بأمريكا الجنوبية في الخمسينات.
ثم تطورت المشاعر شيئا فشيئا أمام اتضاح عمق الفساد وسذاجة الكذب وخساسة أساليب التعامل مع المعارضين إلى احتقار دفين جاهدت للتخلّص منه لإيماني أنه لا كفر إلا الاحتقار وأنه يدمّر حامله مثلما يدمّر الذي يسلّط عليه. بمرور السنوات أصبحت لا أشعر تجاه القلال وسيده وكل من حملوا على كاهلهم هذا النظام المشين سوى شفقة لا حدود لها. كلّهم ولدوا كما ولدنا جميعا بحسّ كرامة فطري …أغلبهم حملوا مثلنا وهم شباب مشاريع طموحة ونبيلة لأنفسهم ولوطنهم ، لكن النفس الأمارة بالسوء والضعف والكسل الفكري وإغراء الحلول السهلة جعل منهم ما نعرف . رجاء يا إخواني لا تضعوا يوما الحبل في عنق هذا الرجل وجلاديه . المقاومة المدنية ليست تقنيات تظاهر وعصيان مدني فقط وإنما روح معنوية شعارها إذا كانت موازين القوى ضدي لا استسلم وإذا كانت معي لا أنتقم. لا تنتقموا أبدا لا من هذا الرجل ولا من غيره يوم تدور الدوائر. أي حاجة للانتقام وهم انتقموا من أنفسهم بهذه الكيفية الرهيبة عندما جعلوا من الذوات النبيلة التي خلقهم بها الله أقبح الشلايك وأكثرها اهتراء والدليل الاقتراب السريع لزمن رميها في مزابل التاريخ  


ثورة سيدي بوزيد كما أراها


 بقلم أم زياد     الحلقة الأولى   » محمد البوعزيزي  » و  » بن علي  » و  » ليلى  »     عمره 26 سنة أي أنه من جيل  » التغيير  » المشؤوم وخرَيج المدرسة النوفمبرية الفاشلة التي كنتُ حذَرت من خرابها سنة 2003 في نصَ استقالتي الطويل من التعليم الذي لم أجد له الصَدى الذي كنت أنتظر .

ضاقت بمحمد سُبل العيش بعد انقطاعه عن الدراسة وعوض أن يهرب مثل الكثيرين غيره إلى غيبوبة المسكرات والمخدرات أو يبقى مثل الكثيرين غيره عالة على عائلته الفقيرة أصلا فقد اختار محمد البوعزيزي أن يكسب رزقه بعرقه وأن يعول به عائلته الفقيرة فانتصب للتجارة انتصابا  » غير قانوني  » .
القانون في نظام بن علي مُصاب بأمراض العيون كلَها فهو أحول أرمد أعمى ولا يُطبَق على الجميع  » بكل حزم بكل حزم  » . ففي حين يتعامى قانون بن علي عل تجارة أهل بيته غير القانونية في  » الكنترة  » والخمور والسيارات  إلخ … نجده مفتوح العينين على التجارة وسائر الأنشطة غير القانونية التي يلجأ إليها الفقراء ومن لا حيلة لهم أمام أبواب الرزق المشروع الموصدة دونهم .
في سيدي بوزيد كما في غيرها من جهات تونس وخاصة المتروكة للنسيان والتجاهل تتكاثر هذه الأنشطة التجارية غير القانونية ، وفي سيدي بوزيد كما في غيرها من الجهات المنسية تسهر عين  » القانون  » على  » المخالفين  » فتطاردهم بصفة  » قانونية  » وغير قانونية بالخصوص ، فـ » عمر الخطَاب  » على سبيل المثال لا الحصر كان  » شاوش  » في الولاية ثم صار عمدة سيدي بوزيد الغربية يُحكى عنه أنه كابوس مفزع و  » بُعبع  » يطارد صغار التَجَار الذين نتحدث عنهم فهو يفرض عليهم أتاوة ولو بخمس دنانير ( الرجل قنوع ) وإلاَ اتخذ معهم  » الإجراءات اللازمة  » وقد روى أحد شهود العيان من المشاركين في الإنتفاضة الأخيرة أنهم رأوا الخطاب هذا يقلب  » نصبة  » عجوز مسكينة انتصبت لبيع الخبز العربي وبعض التوابل والأعشاب والمنكهات الغذائية لأنها أعلمته بعجزها عن دفع الأتاوة .. ذلك أن  » العربي إذا أعطاه الباي حصانا  » في سيدي بوزيد المتروكة للتسيَب وقانون الغاب يدوس بحوافر هذا الحصان على إخوانه ويسحقهم سحقا .
في هذا الإطار يتنزَل ما عمدت إليه تلك المرأة عون التراتيب البلدية التي أمعنت في ركوب حصان الوظيفة فصفعت محمد البوعزيزي يوم الواقعة صفعا داس كرامته وطعن رجولته (وهو البدوي) وأدَى به إلى حرق نفسه لمَا لم يجد من يردَ إليه اعتباره .
يقول بن علي في خطابه  » التاريخي  » الذي عنوانه  » بكل حزم بكل حزم  » إنه  » يدعو الإدارة عند تعاطيها مع الحالات الصعبة إلى تفادي أيَ تقصير في التواصل معها  » وترجمة هذا الكلام هي أن عون التراتيب البلدية ما كان لها أن تصفع محمدا بل كان عليها أن  » تتعاطى  » مع حالته .. وخلاصة الكلام أن تلك المرأة هي المسؤولة عن كل تلك القصَة .
إن هذا التفصَي من المسؤولية عن السلبيات عادة بل طبع في نظام بن علي ولكنه لم يعد يُجدي لا بن علي ونظامه بعد هذه الواقعة المشؤومة في نتائجها وآثارها على محمد البوعزيزي وعائلته ، السعيدة في آثارها على تونس التي هبَت من نومها الثقيل واستيقظت على رائحة اللحم التونسي المحروق لتصرخ غضبها .
فهذه المرأة جزء ضئيل من كلَِِِِ متغوَل هو أجهزة الدولة التي صادرها بن علي وانحرف بها عن خدمة المواطن إلى سحق المواطن وقتله روحا وحتى جسدا إذا كان ذلك ضروريا لبقاء بن علي وأهل بيته جاثمين على صدر هذه البلاد مستنزفين لطاقاتها وخيراتها .. لقد تصرَفت هذه المرأة مثل أيَ بوليس ما يزال يضرب المواطنين والمناضلين إلى لحظة كتابة هذه السطور ، ومثل أيَ قاض يُصدر على الأبرياء أحكاما ثقيلة استجابة إلى التعليمات ، ومثل أيَ مُحصَل ضرائب يرمي المناضلين بالغرم الثقيل لأنهم مناضلون ، وحتى نبقى في الجهة التي تعنينا فإن قصيدة  » دولة القانون  » لشاعر سيدي بوزيد الكبير محمد بن لعماري الجلالي كلَفت قائلها أكثر من عشرين ألف دينار ما تزال إلى الآن محل شد وجذب بين مصلحة الضرائب والشاعر المحامي .
إن الكفَ التي صفعت محمدا هي بلا ريب كفَ تلك المرأة ولكنها كفَ موصولة بذراع بن علي وسلطته الضاربة التي لا يُقام لها قوام إلاَ بصفع المواطن التونسي وكسر نفسه وتسوية إنسانيته بالأرض فلا يبقى له بعد ذلك إلاَ الخرس والإنكماش والتقوقع أو المسارعة إلى أقرب محطة بنزين لآقتناء الوقود وحرق نفسه .
 لقد كان من المدهش حقَا أن نكتشف في بن علي موهبة أخرى تنضاف إلى سجلَ مواهبه المُتغنَى بها في أجهزته الدعائية وهي موهبة التحليل النفسي ، فزميل  » فرويد  » الجديد أدخل نفسية محمد البوعزيزي في مخابر تحليله ليستنتج أن ما عمد إليه هذا الفتى من حرق فظيع لجسده الفتيَ إنما هو نتيجة  » بنية نفسية هشَة  » على حدَ تعبيره .
 
لم يُجانب محلَلنا النفساني الصواب كثيرا فالتونسيون بحسب تقرير علمي صدر مؤخرا هم من أشدَ الشعوب هشاشة نفسية وميلا إلى الإكتئاب لكن كان بودَنا لو واصل محلَلنا تحليله ليذهب إلى الأسباب الكامنة وراء  » هشاشتنا النفسية  » ولو فعل لوجد نفسه وعائلته وأجهزته وراء أغلب العقد واليأس والإنتحار التونسي بمعانيه المادية والمعنوية .
 لو كان بن علي يريد رؤية الحقيقة لكان رأى وراء هشاشة ذلك الشاب النفسية مدرسة تُدار كما يُدار مركز الشرطة فقدت روحها التربوية العادلة بالضرورة فميَزت البعض عن البعض وألقت في شوارع اليأس والضياع آلافا مؤلفة من أبناء الفقراء الذين لم يبق لهم إلاَ التسكع وعيش الطفيليات أو الإلتحاق بصفوف البوليس ( للـ  » محظوظين  » منهم ) ليضربوا بعصا بن علي زملاءهم وأساتذتهم ونقابي ومثقفي ومناضلي بلادهم ، أو الإحتراق بنار الأشواق الخائبة أو  » الحرقان  » .. أو حرق أنفسهم .
 
ولو كان بن علي يريد رؤية الحقيقة لكان رأى وراء هشاشة محمد البوعزيزي النفسية مجتمعا تونسيا جرَده بن علي ذاته من جميع الأطر والملاذات القادرة على احتواء إحباط المحبطين وعلى مرافقتهم ورعايتهم ماديا ونفسيا والبحث معهم عن الحلول الممكنة لمعضلاتهم .. هل وجد محمد البوعزيزي في سيدي بوزيد  ( أو في غيرها من المدن ) رابطة لحقوق الإنسان أو منظمة شبابية مستقلة أو جمعية تحتضن العاطلين عن العمل .. ؟؟؟ لم يجد شيئا من هذا فبن علي قد جرَد البلاد من جميع وسائل دفاعها عن نفسها فكان الإحتراق وبن علي هو المسؤول عنه .
لقد جرَد بن علي هذه البلاد من جميع أدوات الإطفاء حتى بمعناها المادي الملموس وقد ذكر أحد من حضروا المأساة ساعة وقوعها أنه كان يمكن إنقاذ محمد البوعزيزي لو وُجدت آلة إطفاء على عين المكان وأن من حاولوا إنقاذ محمد استعملوا  » طفَاية  » أولى جُلبت من مقرَ الولاية فوجدوها فارغة فجلبوا ثانية فوجدوها فارغة ولم يعثروا على آلة ملآنة إلاَ خارج مقرَ الولاية ولكن بعد فوات الأوان فالنار كانت أسرع من جهود من حاولوا إطفاءها ، وقد قيل لي لاحقا إن الآلتين الفارغتين كانتا ـ على الورق وفي سجل المصاريف ـ مشحونتين وهو ما يدلَ على مقدار الفساد الإداري والمالي الذي ينخر عظام هذه البلاد وعظام سيدي بوزيد خاصَة .
 
إذن من أحرق محمدا هو نيرون تونس وإذا كان لنيرون الأصلي عذر الجنون فإنه لا عذر لنيروننا وهو الذي تُقام على مآذن دعايته ليلا نهارا صلوات تلهج بحصافته وحكمته وبُعد نظره بل وبفلسفته وعبقريته الفذَة  !!
في جميع خطبه المتحاملة على المعارضين يتهمهم بن علي بما يُسمًَيه التوظيف السياسوي للأحداث وقد أعاد توجيه هذه التهمة مجددا في خطابه  » بكل حزم بكل حزم  » فآتَهم المعارضة  » بالإستغلال السياسي  » .
والله ما نعلمه جميعا وما يفهمه كل من يفهم حقا في السياسة هو أن توظيف الأحداث داخلُ في صلب الممارسة السياسية وأن التوظيف السياسي لما يحدث هو عنوان مهارة سياسية خاصَة إذا مورس بإحكام وبنجاعة ودون تعارض مع الأخلاق ، غير أن هذا الرجل الذي لا يحب  » الإستغلال السياسي  » لا عمل له إلاَ توظيف كل ما يوظف وكل ما لا يوظف ، فهو يستغل جوع الجياع فيجمعهم في طوابير ليصوَر بؤسهم ويعرضه على التلفزيون في غياب تام وفاجع لآحترام ذواتهم وكرامتهم الإنسانية وفي غياب تام للوازع الأخلاقي ، وإذا جرى عدَاء تونسي أو لاعب كرة قدم أو سبَاح فإنك ترى بن علي يسارع إلى عرقهم المتصبب ليستحوذ عليه ويسقي به حدائق نرجسه ، وهو إلى اليوم ورغم قسوة الفاجعة لا يتردَد في هذا التوظيف غير الأخلاقي فيعود محمد البوعزيزي عيادة متلفزة لا عيادة رحمة حقيقية تتوارى عن الأنظار الشيء الذي أرى فيه شخصيا إستغلالا سياسيا بشعا يستعمل فيه بن علي المياه السائلة من جسد محمد البوعزيزي المتقرَح لتلميع صورته هو المسؤول الأول عن مأساته .. ويجب ألاَ ننسى أن بن علي الذي تقدَمه أجهزة دعايته على أنه أحاط بكل شيء علما ورئيس هذا النظام الرئاسي في القانون والفردي في الممارسة هو المسؤول عن كل فاجعة تصيب هذه البلاد ، وما أصاب محمد البوعزيزي وغيره من شباب البلاد الذين انتحروا أو حاولوا الإنتحار والذين قُتلوا على أيدي البوليس إنما هو فاجعة وطنية بالمعنى الواسع والعميق للكلمة .
 
يُقال رُبَ ضارَة نافعة .. هذا صحيح وهو من قوانين الحياة القاسية الرحيمة في آن ، ومأساة محمد البوعزيزي على فظاعتها فتحت لتونس أبوابا من الأمل خلتُها أقفلت إلى الأبد .
لقد كان كابوس محمد البوعزيزي بمثابة الشرارة الأولى التي قدحت نار غضب تونسي معتَق عمره أكثر من عشرين عاما من مقاساة القهر والذَلَ والضَيم وحكم الفاسدين والأردياء ( جمع رديئ ) ، وأيا كان مصير هذا الفتى ـ لطف الله به ـ وسواء أأفلح بن علي أو لم يُفلح في استرضاء أهله المعذورين في كل الأحوال ، فإن إسم هذا الفتى سيظل إسما عزيزا على تونس ينضاف إلى صفحات تاريخها المشرقة .
لست متشائمة ولكني لا أريد الإنقياد إلى تفاؤل غير واقعي ولذلك أقول إني لا أتوقَع أن تفضي هذه الهبَة الشعبية المباركة إلى قلب نظام الحكم الإستبدادي قلبا كاملا وإلى تغييره تغييرا جذريا .
إنها انتفاضة شعبية قامت على إثر فاجعة محمد البوعزيزي وليست ثورة مهيكلة لها قيادة وتخطيط وأهداف وخطَ سير مرسوم للوصول إلى تلك الأهداف .
ربَما لن نشهد في تونس الجماهير الشعبية الغاضبة وهي تهجم على سجن  » الباستي  » فسجننا التاريخي قد وقع هدمه وقيل في وقت من الأوقات إن  » الليلاء  » تخطط للأستحواذ على أرضه حتى تقيم عليها مشروعها الإستثماري للسرطان الوطني .
كما أنه يُستبعد ـ وإن تحرَك التلاميذ والطلبة بعد العطلة ـ أن نرى المدَ الشعبي يزحف على قصر قرطاج ليُخرج من فيه ويضع مكانهم ناسا اختارهم وارتضاهم لإدارة شؤونه ، فسكَان قرطاج ما يزالون محصَنين بحُصون مختلفة سأتحدَث عنها في مقال لاحق .
ولكن هذا لا ينقص من قيمة الهبَة الشعبية ولن يجعلها عديمة النتائج ، وستكون لها ثلاثة نتائج فيها لتونس كل الخير : النتيجة الأولى : كسر حاجز الخوف من بن علي ومن عائلته ومن العصا البوليسية الضاربة التي تحميهم ، فالشعارات التي رفعتها الجماهير شعارات جديدة وواضحة وجريئة تضاهي وتكاد تتجاوز خطاب المعارضة المنعوتة بالراديكالية والمضروبة في ذات الوقت من قبل النظام ومن قبل معارضتيْه الأليفة والدافئة ، وهذا مكسب أقدَر وأتمنى ألاَ يقع التراجع فيه بل أن يستمرَ ويتطوَر فيُربك صفوف القمع ويُحرج صفوف القابلين به فيُقرَب الخلاص .
النتيجة الثانية : هي أن بن علي الذي احتقر الشعب التونسي مستغلا صمته طيلة أكثر من عشرين سنة سيقرأ لهذا الشعب الذي نطق أخيرا ألف حساب من اليوم إلى أن ينتهي حكمه في أقرب وقت ـ إن شاء الله ـ فيكبح جماح عائلته المتغوَلة ويأمرها باتخاذ الحيطة وبالتواري قدر الإمكان عن أنظار التونسيين الكارهين لها وسيضرب بن علي صفحا عن مشروع تأبيد سلطته في 2014 لأن الشعب الأخرس الذي صمت على انقلاباته المتعددة على الدستور صار شعبا قادرا على النطق والرفض وقول  » لا  » لتواصل حكم خرَب البلاد وسحق روح عبادها طيلة ربع قرن .
 
النتيجة الثالثة : وهي أهمَها على الإطلاق هي أن الجماهير الشعبية التي خرجت إلى الشارع نطقت باسم ليلى أكثر مما نطقت باسم زوجها ، وقالت لها  » لا مرحبا بك ولا أهلا ولا سهلا في بلادنا ولن نقبل أبدا بما تعدَينه لها من حكم المافيا ودولة العصابات ، وبذلك يكون الشعب التونسي قد فعل ما عجزت عنه أغلب النخب التونسية الرخوة التي وقفت حائرة ومترددة أمام خزعبلات  » الليلاء  » ومن معها للإستيلاء على السلطة في تونس وإطالة ليلها . الشعب  » مضمض  » لليلى نهائيا وبلا رجعة عن حكم تونس وأنقذ مستقبل أولاده .
لطف الله بمحمد البوعزيزي وجازاه عن تونس خيرا ، فقد قدَم ـ دون أن يخطط لذلك ـ جسده المحترق قربانا لبلاده التي همَشته عاجزة غير قاصدة … ( يتبع ) .  


حقيقة بن علي الإجرامية


لقد ظن بن علي أنه بقيامه بمجزرة الرديف في 2008 وقتله بأعصاب باردة شهداء الحركة، هشام بن جدو والحفناوي مغزاوي وعبد الخالق عميدي، وما تلا هذه الاحتجاجات من محاكمات جائرة. كذلك الأمر بحراك واحتجاجات بنقردان وفريانة والصخيرة جبنيانة وما أعقبها من إيقافات جماعية، لقد ظن أنه بهجمته الفاشية سوف تركع الحركة الاحتجاجية وتلجم ويفرض ما يسمّى زورا « بالسلم الاجتماعية ». لكن أحداث سيدي بوزيد لا بل انتفاضة البواسل سفّهت أحلامه وكذّبت تصوراته. فها هي جماهير الشعب تنتفض بعد إقدام الشاب محمد البوعزيزي على إضرام النار في جسده بالبنزين، وامتدت هذه الاحتجاجات إلى المعتمديات المجاورة وإلى كافة أنحاء البلاد بسرعة كبيرة، حيث جوبهت بقمع كبير ممنهج ومدروس.
وأعتقد أن هذه الاحتجاجات ارتكزت حول محورين أساسيين: الأول: اقتصادي، يتمثل بحق العمل البوابة الحقيقية للحياة وضمانه والتنمية العادلة. الثاني: سياسي، تمثل في حرية التعبير والتصدي للقمع المسلط على رقاب من يطالب بحقه في الحياة والعيش الكريم..
ولقد أمعن هذا النظام في الديماغوجيا والكذب والرياء والتنكيل بالشعب والقتل والتقتيل.. ومواصلة منه في كشف وجهه الحقيقي المعادي للوطن والشعب، فإن بن علي أمر بل أعطى الضوء الأخضر لآلته القمعية للامعان في الغطرسة والتنكيل بهذا الشعب الأعزل الذي يعاني من وضعه المادي الرديء ومن الفقر والمرض وسوء التغذية ويعاني من هذه الديكتاتورية الغاشمة ومن كبتها لأبسط الحريات الديمقراطية. والذي بات أي الشعب على يقين تام بطبيعة هذا النظام المسؤول المباشر على حاله. وامتدت آلته البوليسية إلى قتل الشهيد محمد لعماري وجرح الكثير بالرصاص الحيّ في سيدي بوزيد وفريانة وسلّط هذه الهجمة أخيرا وبأمر منه على النقابيين وبعض السياسيين عطية العثموني الذي أطلق سراحه أخيرا بعد تعنيفه وتعذيبه والمناضل عمار عمروسية مراسل صحيفة البديل أكسبريس والعضو القيادي في حزب العمال الشيوعي التونسي والذي لا نعلم أخباره حتى هذه اللحظة. كذلك الأمر بالنسبة لأصحاب البدلة السوداء المحامين الذين هبّوا لمناصرة هذا الشعب في تونس وسيدي بوزيد وقفصة وجندوبة والمنستير وقرمبالية وسوسة، حيث تم اعتقال الأستاذين عبد الرؤوف العيادي وشكري بالعيد وفيصل التليجاني و… والتنكيل بهم ماديا ومعنويا من قبل زبانية بن علي. ومعلوم للقاصي والداني استمرار بن علي في غيّه واشتداد الهجمة العدوانية الشرسة ضد أبناء الشعب الأعزل واحتجاجاته التي اتسعت كالنار في الهشيم.. في ربوع هذا الوطن الحبيب. وما تمارسه هذه العصابة الإرهابية من تصعيد خطير جعل مأساة هذا الشعب المسكين تتصاعد وتكبر أمام الوحشية والإجرام الذين بلغا حدا يفوق الخيال.
وعلى خلفية الحرب التي أعلنها بن علي على الشعب كما وصف ذلك الرفيق حمه الهمامي الناطق الرسمي لحزب العمال الشيوعي التونسي بحق، في خطابه الأخير وتوعّده ووعيده وممارسات آلته البوليسية وما حظيت به هذه الممارسات من دعم وتأييد منه شخصيا ومن زمرته الضالّة إذ تطابقت هذه السياسة مع النهج العدواني الذي شبّ عليه ودأب على بلورته منذ انقلابه في 07/11/1987، تحركت جندرمة بن علي في كافة أرجاء البلاد لتدسوس الإنسان وحقوقه، في محاولة لوقف هذه الاحتجاجات بالحديد والنار..
وعلى ما تقدم يمكن القول أن إدارة بن علي تقوم بتأكيد الالتزام على سلوك المنهج الفاشستي في قمع كل حراك من شأنه أن يفضح سياسة التجويع والتنكيل اليومي، والحفاظ على هذا التفوق المني وتعطّشه المفزع لدماء هذا الشعب، واستخدام أبشع وسائل التعنيف والتنكيل والتعذيب.لتعطيل حركة ومسيرة هذا الشعب نحو الحرية والعيش الكريم..
فانحياز بن علي إلى القتل والتقتيل وإخماد حراك هذا الشعب بالحديد والنار.ليس بالأمر الجديد فقد شكّل ركنا أساسيا وهاما في سياسة هذه العصابة النهّابة،ولكن وانطلاقا من إيمان هذا الشعب بحقيقة آماله في التحرر من هذه الطغمة الفاسدة، فإنه على العهد دوما في مواصلة نضاله وتضحياته من أجل بلوغ المنشود إن عاجلا أو آجلا..
يسقط جلاد الشعب يا عصابة السراق نجمة سعيد
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 2 جانفي 2011)


في تونس.. الإعصار الاجتماعي المنبعث من سيدي بوزيد يهدّد « قوانين اللعبة »


بقلم :  صلاح الدين الجورشي – تونس- في البداية بدا الأمر وكأنه « حادثة شخصية معزولة  » على حد تعبير بيان رسمي، لكن سرعان ما تحول إلى حركة احتجاجية فاجأت بحجمها ثم اتساعها وارتداداتها السلطة والرأي العام والمراقبين. وهو ما جعل كل حديث عن تونس طيلة الأيام الماضية يقترن آليا بما حدث ويحدث بولاية (أي محافظة) سيدي بوزيد. انطلقت الأحداث بإقدام محمد بوعزيزي على إحراق نفسه يوم الخميس 16 ديسمبر 2010 أمام مقر الولاية، وهو الشاب الوديع الحامل لشهادة جامعية حسبما قيل. المؤكد أنه ينحدر من أسرة فقيرة، وهو ما دفعه إلى أن يتحول إلى بائع متجول لإعالة أفراد عائلته الثمانية مستعينا بعربة والده التي تركها بعد موته. وبدل أن يراعي أعوان البلدية ظروفه، لاحقوه وصادروا بضاعته، وأهانوه ودفعوه إلى قمة الإحباط واليأس.   سكب بوعزيزي البنزين على جسمه وأشعل النار فيه عندما منعوه من مقابلة والي (أي محافظ) الجهة، وهو ما أثار رد فعل غاضب في صفوف شباب منطقة سيدي بوزيد، الذين تجمعوا رافعين شعارات تطالب بتوفير العمل والنهوض بمدينتهم ومنطقتهم. وما إن تدخلت قوى الأمن حتى تصاعدت حدة الاحتجاج، وتجددت الاشتباكات مع قوى الأمن التي تكثف حضورها بشكل قوي. وكانت تلك الشرارة التي فجرت أحداث الأيام العشرة الماضية. مواجهات وضحايا.. بعد تلقي الضحية للإسعافات الضرورية، وبدأت المصادر الطبية تتوقع بأنه قد أخذ يتجاوز حالة الخطر، وأخذت الأوضاع تهدأ قليلا، إذ بشاب آخر من نفس المنطقة يدعى حسين فالحي، عمره 25 عاما، هو أيضا بحالة اجتماعية وأسرية صعبة يقدم في مساء يوم الأربعاء 22 ديسمبر على تسلق عمود كهربائي، محتجا على ظروفه البائسة، قبل أن يلمس أحد الأسلاك، ويفارق الحياة فورا، حسب رواية أحد الشهود. وقد أعادت عملية الانتحار هذه أجواء التوتر التي أخذت تنتشر ببقية معتمديات الجهة (المكناسي وجلمة والرقاب وسيدي علي بن عون والمزونة وبئر الحفي وسوق الجديد) التي شهدت بدورها مسيرات احتجاجية وصدامات مع عناصر الشرطة التي سعت بكل الوسائل لإعادة الهدوء ومنع التظاهر.   وفي اليوم الثامن من المواجهات، سقط بتاريخ 24 ديسمبر بمدينة منزل بوزيان محمد بشير العماري ( 24 عاما ) – أحد خريجي الجامعة العاطلين – صريعا نتيجة إطلاق نار حسبما ذكرته مصادر طبية وأهلية، إلى جانب سقوط عدد من الجرحى. وجاء في بيان صادر عن وزارة الداخلية أن أعوان الحرس (أي الدرك) « اضطروا إلى استعمال السلاح في نطاق الدفاع الشرعي عن أنفسهم « .   أما المصادر القريبة من المتظاهرين فقد ذكرت من جهتها أن أعمال العنف التي حدثت بالمنطقة جاءت كرد فعل على مقتل صديقهم بعد استعمال حرس الجهة للذخيرة الحية. في حين احتجت أحزاب المعارضة بقوة على استعمال السلاح ضد المتظاهرين، ومن بينها حركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا) التي عبرت في بيان لها عن « شديد استنكارها لمواجهة الإحتجاجات الشعبيّة بالسلاح »، وحذرت « من عواقب تمادي السلط في استسهال الركون إلى الحلول الأمنية عوض اعتماد نهج الحوار الذي ما انفكت تنادي به مختلف القوى السياسية و الاجتماعية « .   حدثت كل هذه التطورات في منطقة يتمتع فيها التجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم منذ عام 1956) بوجود قوي، نظرا للدور الهام الذي لعبه أبناؤها خلال مرحلة الصراع مع المستعمر الفرنسي. فهذا التحرك الإحتجاجي العفوي غير المسبوق بالجهة، والذي لا زال مستمرا منذ عشرة أيام بدون انقطاع يعتبر مؤشرا آخر لافتا للنظر، يضاف إلى ما كشفته التحقيقات في ملف أحداث ما عرف بمدينة سليمان (مواجهات مسلحة في ضواحي العاصمة التونسية في موفى 2006 بداية 2007) من أن بعض أفراد المجموعة الذين شاركوا في تهريب السلاح أو التدريب ينحدرون أيضا من منطقة سيدي بوزيد. كيف تعاملت السلطة مع الحدث؟ يمكن القول بأن تعاطي الجهات الرسمية مع الأحداث قد مر بمرحلتين. حاولت الجهات الرسمية في البداية أن توكل الأمر إلى المعالجة الأمنية، وأن تقلل من أهمية ما حدث، وهو ما عكسه البيان الرسمي الذي تمت الإشارة إليه أعلاه. في حين أن معظم الأطراف السياسية والنقابية أكدت على أن جهة سيدي بوزيد تفتقر للحد الأدنى من البنية التحتية والهياكل الاقتصادية، وأن « منوال التنمية المعتمد بالجهات الداخلية الذي أعطى الأولوية للقطاع الخاص وأعفى الدولة من دورها التنموي الحاضن لم يؤدّ إلى قيام قاعدة اقتصادية تنموية في هذه الجهات تضمن خلق مواطن شغل لطالبيه وخاصة حاملي الشهادات الجامعية مما انعكس في ارتفاع نسبة البطالة بما يفوق المعدل الوطني المعتمد »، وذلك حسبما ورد في بيان لحزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي الممثل في البرلمان والذي يتمتع بعلاقات جيدة مع السلطة.   رفضت الجهات الرسمية من جانبها « التشكيك في مقومات التنمية » بولاية سيدي بوزيد، وأكدت في بياناتها أن جهود الحكومة قد « أسهمت في التخفيض من نسبة البطالة والتحكم فيها بما لا يتجاوز المعدل الوطني بما في ذلك أصحاب الشهادات  العليا »!.   الصحف المحلية لازمت في البداية الصمت، أو قدمت روايات غير متطابقة مع الوقائع. وهو ما كان له الأثر السيئ على أبناء الجهة، الذين لجؤوا بكثافة نحو وسائل الإعلام الخارجية واتخذوا منها المصدر الأساسي لتغطية الأحداث، إضافة إلى مواقع الفايسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها، وهي المواقع التي لعبت مع أجهزة الهاتف النقالة دورا حاسما في نقل الأحداث بالكلمة والصورة بشكل شبه فوري، وقطعت الطريق نهائيا أمام مختلف وسائل الحجب والمراقبة، مما خلق نوعا من التواصل الإعلامي الجديد من نوعه سواء بين أبناء الجهة أو على الصعيد الوطني والدولي.    في مرحلة ثانية ومع معاينة اتساع الحريق، سارعت السلطة بتوجيه وزير التنمية والتعاون الخارجي إلى الجهة، الذي أعلن عن تخصيص 15 مليون دينار تونسي (حوالي 10،5 مليون دولار) لإنجاز مشاريع عاجلة بولاية سيدي بوزيد. الخطوة رحب بها البعض وتعامل معها آخرون بحذر وبتشكيك حيث وصفها الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض بـ « الأسلوب المخاتل الذي يتحاشى بسط معضلة التنمية الجهوية على مائدة الحوار الوطني الصريح والشفاف » لكن المؤكد أن الإعلان عن ذلك القرار – على أهميته – لم يكن كافيا لوضع حد للتظاهرات الاحتجاجية، التي ازدادت حدة بالقرى المحيطة بمركز الولاية.   أمام هذه التطورات النوعية والخطيرة، خاصة بعد مقتل أحد الشبان، تحركت بعض الصحف في الاتجاه الإيجابي ولو بحذر شديد، مثلما فعلت صحيفة « الصباح » التي نشرت (بعد أسبوع من اندلاع الأحداث) تحقيقا ميدانيا مختلفا في أسلوبه نقل جزء من أوضاع الجهة وردود أفعال بعض أبنائها. كما قررت السلطة أيضا، وبعد قطيعة دامت سنوات، أن تسمح لأحد أعضاء الحكومة بالرد على أسئلة قناة الجزيرة. وجاء حديث المسؤول الحكومي هادئا وواقعيا إلى حد ما، حيث أقر بوجود مشكلة حقيقية سواء فيما يتعلق بوجود خلل في منوال التنمية بجهة سيدي بوزيد أو فيما يخص ارتفاع نسبة البطالة بها. كما أقر في مداخلته بأن « الحوار هو الكفيل بتجاوز الأزمة ».   في السياق نفسه، تجنبت قوى الأمن الدخول في اشتباك مع النقابيين الذين تجمعوا صباح يوم السبت 25 ديسمبر أمام المقر الرئيس للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية الوحيدة في تونس)، وسمحت لهم بالتجمع والتظاهر، وإن وضعت طوقا أمنيا حولهم لمنعهم من تجاوز المنافذ المؤدية إلى الشارع الرئيسي بقلب العاصمة. وفي يوم الأحد 26 ديسمبر، انتهجت السلطات نفس الأسلوب مع تجمعات نظمها النقابيون أمام مقرات فروع الإتحاد في عدد من المدن الداخلية من بينها بنقردان ومدنين ونابل والقيروان وبنزرت وسليانة وصفاقس. ثغرة متفاقمة وحلول مطلوبة ليست هذه المرة الأولى التي تندلع فيها خلال سنة 2010 حركة احتجاجية ذات طابع اجتماعي في تونس. فخلال شهر أغسطس الماضي، حصلت مواجهات لا تقل حدة بجهة بنقردان الواقعة على الحدود التونسية الليبية. وقبل ذلك بحوالي ثلاث سنوات (من 5 يناير إلى منتصف يونيو 2008) عاشت منطقة الحوض المنجمي (جنوب غرب) حالة تمرد استمرت أشهرا عديدة. كما سجلت في نفس السياق احتجاجات محدودة في مناطق أخرى مثل فريانة والصخيرة وجبنيانة، وهو ما دفع أطرافا مختلفة في اتجاهاتها السياسية إلى الإجماع على ضرورة إعطاء الأولوية للمناطق المحرومة.   المؤكد أن تعدد الاضطرابات ببعض المناطق داخل البلاد التونسية في فترات متقاربة أصبح يعكس ثغرة في السياسة الاقتصادية لحكومة نجحت طيلة المرحلة الماضية في تأمين الجبهة الاجتماعية. كما أن مثل هذه الأحداث إذا ما تكررت واتسعت رقعتها سيكون لها بالضرورة تداعيات على الصعيد السياسي.   ورغم اتهام السلطة خصومها باستغلال هذه الأحداث « لأغراض سياسية غير شريفة وربطها بغرض التضليل والإثارة بحقوق الإنسان والحريات »، فإن مختلف هذه الاضطرابات اندلعت بشكل عفوي، ولم يكن وراءها أي طرف سياسي مهما كان لونه واتجاهه. فدوافعها اجتماعية بحتة، وتطورت بعيدا عن دوائر المعارضة التي وإن دعمتها سياسيا إلا أنها لم تتمكن من الإلتحام بمكوناتها لاعتبارات ذاتية وموضوعية. كما أن هذه الأحداث تمكنت في الغالب من صنع رموز محلية، تولت تأطيرها وتنظيم صفوف الذين انخرطوا فيها. وغالبا ما أسهمت عناصر نقابية من القيادات الوسطى أو المحلية في ذلك، سواء لتوجيه الحدث، أو قيادته، أو التحدث باسم الأهالي مع الجهات الرسمية للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، أو العمل على تخفيف حدة المواجهات، أو القيام أحيانا ببعض الوساطات.   كل هذه العوامل تُضفي قدرا عاليا من الخصوصية على هذه التحركات، نظرا لارتباطها اللصيق بواقع الجهات التي أفرزتها. وهو ما يفرض على السلطة – بحسب العديد من الأطراف السياسية والإجتماعية والحقوقية – استخلاص الدروس الضرورية، وفي مقدمتها تجنب المعالجة الأمنية، والتصدي بشجاعة للأسباب العميقة لهذا القلق الاجتماعي المتزايد، والعمل على جسر الهوة المتزايدة بين الجهات والفئات، والسعي لتشغيل الشباب وفي مقدمتهم حاملي الشهادات العليا، مع رفع سقف الحريات، والدخول في علاقة حوارية مع هذا الجيل الجديد الراغب في تحقيق مطالب مشروعة. (المصدر: موقع « سويس انفو » (سويسرا) بتاريخ 27 ديسمبر 2010)
 


احتجاجات تونس ـ تغيير الأشخاص أم تغيير السياسات؟


 
تشهد تونس احتجاجات شعبية انطلقت من سيدي بوزيد. وإذا كان هناك شبه إجماع على البعد الاجتماعي لها فإن السلطة والمعارضة تختلفان على سبل معالجتها وإيجاد حلول لمشاكل البلاد. دويتشه فيله استطلعت آراء بعض السياسيين والخبراء. تشكو الصحافية الألمانية مارتينا صبرا من « عدم اهتمام وسائل الإعلام الألمانية والغربية عموما » بالاحتجاجات الشعبية التي عمت عددا من المدن التونسية في الأيام القليلة الماضية إثر محاولة شاب تونسي في مدينة سيدي بوزيد الانتحار احتجاجا على الأوضاع المعيشية المتردية وتفشي البطالة، لأسباب عديدة وعلى رأسها قلة المعلومات المتوفرة لديها عن تونس. وبالرغم من إقدام قناة تلفزيونية تونسية خاصة تسمى « نسمة تي في » على بث حلقة خاصة مساء الخميس (الثلاثين من شهر كانون الأول/ ديسمبر 2010) عن اضطرابات مدينة سيدي بوزيد فإن صبرا، وهي صحافية متخصصة بقضايا المغرب العربي، تتهم الحكومة التونسية بممارسة « قمع لحرية الصحافة منذ عقدين من الزمن » ما يحول دون معرفة حقيقة ما يجري في تونس. وتضيف مارتينا صبرا، في حوار مع دويتشه فيله، بأن هذه السياسة التي يتبعها « نظام الرئيس زين العابدين بن علي تقف حجر عثرة أمام قيام الصحافيين الغربيين ومراسلي قنوات التلفزيون والصحف الكبرى، في ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية، بالعمل في تونس بحرية وبالمعنى الحقيقي لكلمة صحافي ». وبالتالي يحرم المواطن الألماني، والأوروبي عموما، الذي لا يجيد العربية والفرنسية، من الحصول على تغطية صحافية موضوعية حول ما يجري في تونس. كما تذكر صبرا سببا آخر لعدم الاهتمام في الغرب باحتجاجات سيدي بوزيد وغيرها من المدن التونسية، وهو المتعلق  بـ »الصورة التي كونها الغرب لنفسه عن نظام بن علي وهو أنه يشكل الحاجز الحقيقي والوحيد أمام انتشارالأصولية الإسلامية ».  مشكلة تنموية أم « انتفاضة » ذات بعد سياسي؟ ترى الصحافية الألمانية صبرا أن مشكلة تونس سياسية بسبب أسلوب الحكم الذي يستند على عائلتي بن علي والطرابلسيوتعرب صبرا عن اعتقادها بأن الغرب، وعلى المستويين السياسي والإعلامي، لم يغيرّ موقفه « الداعم » لحكم الرئيس بن علي رغم هذه الاحتجاجات التي تصفها بـ »الانتفاضة الشعبية »، لأن « هذا النظام يشكل، في نظر الغرب، ضمانة لاستقرار تونس؛ لذا يترك له حرية التعامل مع الشعب التونسي »، حسب كلام صبرا. وتطالب الصحافية الألمانية حكومة بلادها وحكومات دول الاتحاد الأوروبي باتخاذ موقف حاسم مما تصفه « انتهاكات حقوق الإنسان وغياب الديمقراطية والحريات في تونس ». وترفض صبرا اعتبار ما يجري في تونس « مشكلة تنموية » بسبب الأزمة المالية العالمية، بل « مشكلة سياسية تونسية تتعلق بطبيعة الحكم الذي يعتمد على عائلتي بن علي والطرابلسي (عائلة زوجة الرئيس بن علي) وعائلات أخرى تمتلك نصف البلاد ». إلا أن الكاتب والإعلامي التونسي برهان بسيِّس ينفي وجود بُعد سياسي لهذه الاحتجاجات، كما يرفض إطلاق توصيف انتفاضة على الأحداث الجارية في تونس. فهذه الأزمة « انطلقت من حالة شخصية (محاولة انتحار شاب) كرمز لانسداد الآفاق أمام مجموعة من حاملي الشهادات العليا الذين يجدون أنفسهم دون عمل ». ويضيف بسيّس، في حوار مع دويتشه فيله، بأنه « ينبغي علينا ألا نحمل الأشياء أكثر مما تحتمل ». فعندما نصف الاحتجاجات التي شهدتها بعض المدن التونسية بانتفاضة، فماذا يمكن أن نقول « عن المسيرات الاجتماعية الكبرى التي خرجت في فرنسا؟ أنا لم أسمع أي فاعل سياسي فرنسي تحدث عن انتفاضة في وصف المظاهرات الكبرى التي عطلت فرنسا لأكثر من شهر! ».  
« تونس ما بعد سيدي بوزيد ستختلف عما قبله »    يرى المعارض التونسي عصام الشابي أن تونس ما بعد سيدي بوزيد لن تكون كما كانت عليه قبل ذلك ويطالب بسيِّس بتوخي الحذر والموضوعية في توصيف الأوضاع حتى لا نخلق انطباعا وكأن « تونس تحترق تحت وقع انتفاضة شعبية كبرى ». ويفضل بسيِّس، المقرب من الحكومة التونسية، أن يصف ما حدث في تونس بـ »الاحتجاجات المشروعة حيث أكد رئيس الدولة تفهمه لمطالب الشباب الذين خرجوا إلى الشوارع محتجين ». ويشدد بسيِّس على أنه « لا يقلل من شأن ما حصل في تونس، بل يرى فيه صرخة عالية ». والسؤال الأهم حسب اعتقاده  هو هل وجدت هذه الصرخة « آذانا صاغية من الحكومة أم قوبلت بأبواب موصدة؟ ». والجواب برأيه أنها وجدت آذانا صاغية لدى أعلى هرم في السلطة (رئيس الدولة) الذي « تجاوب بشكل مباشر مع مطالب المحتجين، سواء من خلال استقبال عائلات الضحايا أو من خلال حزمة الإجراءات الجديدة التي اتخذها لتطويق الأزمة، نافيا وجود عصا سحرية تحل المشكلة بين ليلة وضحاها ».

أما السياسي التونسي المعارض عصام الشابي فيرى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة حتى الآن، كإقالة محافظ سيدي بوزيد والتعديل الوزاري، غير كافية. ويضيف الشابي، في حوار مع دويتشه فيله، بأنه وبالرغم من أن المحافظ كان يرمز إلى سوء الأداء الإداري فإن المعارضة « لا تريد أن يتحول هو أو غيره إلى كبش فداء ». ويشدد الشابي، وهو الأمين العام المساعد للحزب الديمقراطي التقدمي المعارض، على أن المطلوب « ليس التغيير على مستوى الأشخاص بل في السياسات ». ويرى الشابي بأن البلاد بحاجة إلى إجراء إصلاحات على مستويين أولهما إصلاح اقتصادي واجتماعي عنوانه الأساسي: مقاومة الفساد الإداري والمالي المستشري في تونس وتغيير السياسة التنموية والاتجاه إلى إقرار توازن حقيقي بين الجهات.
والملف الثاني، الذي لا يقبل التأجيل، برأي الشابي، هو ملف الإصلاح السياسي الذي أصبح محل إجماع في الداخل وفي الخارج بين الملاحظين. ويطالب المعارض التونسي حكومة بن علي بإطلاق سراح المعتقلين وفتح حوار مع الأحزاب السياسية والنقابات وممثلي المجتمع المدني بدل « السياسة القمعية التي لم تعد تجدي نفعا، لأننا نريد لتونس أن تنتقل إلى مرحلة جديدة قوامها الإصلاح والحرية. فتونس ما بعد أحداث سيدي بوزيد لن تكون كتونس ما قبل هذه الأحداث ». أحمد حسو مراجعة: منصف السليمي (المصدر :  موقع اذاعة دوتشه فيليه بتاريخ  02 جانفي 2011 )


انتفاضة الجياع من ذوي الكرامة: إلى أين؟


د.محمد بن نصر، المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية     وضعت الأحداث التي تشهدها البلاد والتي انطلقت من مدينة سيدي بوزيد ثم اتسعت لتشمل أغلب مدن الجمهورية وقراها أصحاب القرار السياسي وكذلك النخبة المفكرة والمثقفة من حولهم أمام وضع غير مسبوق، حيث أصابتهم حالة من الإرتباك الشديد حاولوا جاهدين تغطيتها ببعض العبارات والمواقف التي توحي بالتماسك وضبط النفس. بغض النظر عمّا ستفضي إليه هذه الأحداث فإنه سيكون من الصعب بعد اليوم إعادة تشغيل الاسطوانة القديمة واجترار الحديث عن التنمية الشاملة والمتوازنة. لقد أرسل المجتمع جملة من المؤشرات كان من المفروض أن تُفهم مآلاتها قبل أن تتحول إلى ظاهرة يصعب التحكم فيها.  عندما نقرأ على صفحات الجرائد أو على شبكة النات أخبار الشباب الذي يُقدم على مغامرة العبور إلى الشمال في رحلة عبر البحر وفي المحيطات وهو يعلم مسبقا أن إمكانات نجاحها تكاد تكون معدومة ثم ندير الصفحة أو نتحول إلى موقع آخر دون أن نطرح السؤال عن الأسباب الحقيقية التي تدفع بالإنسان إلى المغامرة بالحياة من أجل الحياة فنحن نكون بذلك قد مهدنا الطريق لليأس وعمقنا أسباب الهوان.  جاءت بعد ذلك الأحداث التي عرفتها منطقة الحوض المنجمي لتقدم مؤشرا أوضح تعبيرا ولكنه لم يقنع صانعي القرار بضرورة إعادة النظر قي الخيارات المنتهجة وأصروا على اعتبارها أزمة عابرة ولم تستمع السلطة لتحذيرات قلة من العقلاء رأت فيها تطورا نوعيا في المشكلات الاجتماعية المتراكمة ودعت إلى ضرورة التعامل معها بجدية ومسؤولية وعدم اللجوء إلى الحلول الأمنية والقضائية، لأن هذا النوع من الحلول قد أثبتت التجربة أنّها في النهاية عبارة عن مسكنّات فضلا على كونها مؤقتة في أثرها فإنّها مؤلمة في طبيعتها وستسهم أكثر في تعقيد الأوضاع الاجتماعية.  ثم عرفت البلاد حالات الإقدام على الاحتراق المتكررة، عكست حالة من الاحتقان المتنامي و بيّنت أن الأفق قد انسدّ تماما أمام فئة عريضة من المهمّشين وأنّه ليس هناك من سبيل لإثارة الرأي العام واختراق سياسة الإهمال والتعتيم إلا تعذيب النفس_ التي تعبت من الإذلال والامتهان _ أمام الملأ وفي الساحات العامة وأمام أنظار أصحاب النفوذ، من يدري  لعل ضمائرهم تستيقظ؟. بغض النظر عن موقفنا الرافض لهذا النوع من الحلول اليائسة من الناحية المبدئية فإنّه من الواجب علينا أن نفهم ماذا يعني أن يقدم إنسان يملك كل مداركه العقلية على حرق نفسه؟ دعونا في الأول نرسم ملامح هذه الحالة.  شاب كابد الصعوبات و نجح في كل مراحل التعليم بالرغم من ضغط الحاجة وضعف الإمكانات وتخرّج من الجامعة و هو يأمل أن يجد موقعه في المجتمع الذي  » لا مكان فيه للظلم » وبعد أن طرق كل الأبواب التي ظلت موصدة في وجهه، وجد نفسه يجوب شوارع بلدته، خاوي الجيب محطّم النفس، تلاحقه الأسئلة متعاقبة ولا يدري كيف يجيب. هل وجدت عملا؟ متى الزواج إن شاء الله؟ ما فائدة الشهادات التي تحملها ؟  ويسأله أهله الطيبون: لماذا لا تعمل في الفلاحة، مهنة آباءك وأجدادك ؟ هم لا يدرون أنّه لم يعد يفقه شيئا من الفلاحة وأنه لا يتقن أيا من المهن والحرف اليدوية وأن قلبه قد تعلّق بوظيفة مكتبية لم يؤهله التعليم الذي تلقاه لغيرها خاصة وأن القيم الاجتماعية تنظر إلى العمل انطلاقا من جملة من المعايير تجعل في أسفل السلم المهن الحرفية التي أصبحت مهينة. مثل هذه الأسئلة وغيرها أكثر تقرع آذانه صباحا مساء ومثل هذه الخواطر تمر عليه و قد أرّقه وأرهفه العجز، يتمنى أن يطول نومه حتى لا يصبح على هذه الفئة القليلة التي لا حظ لها من العلم ولا من الدراية ولكنها استطاعت بحكم انتسابها إلى أصحاب الشوكة تنعم بالخيرات التي لم يعرفها إلا من خلال جهاز التلفزيون الذي صار ملازما له في غربته بين أهله. هل من المعقول بعد ذلك أن نطلب منه أن يكون متفائلا وينتظر التنمية التي لم تأت. تلك هي عيّنة من شبابنا الذين أطلقوا عليهم  » العاطلون من أصحاب الشهادات العليا ». عجيب هذا الربط بين البطالة والشهادة العليا، إنّها مفارقة التنمية الشاملة في بلادنا، أيصبح التحصيل العلمي طريق النفق المسدود. لا شك أنّه يصعب على الذين لم يعرفوا هذه الحالة أن يتصوروا كم تصبح عند هؤلاء الدنيا مظلمة والعالم ضيقا. بل حتى الذين لهم حظ من العيش بفضل الارتهان في القروض البنكية ليس بوسعهم ذهنيا أن يستوعبوا هذه الحالة وحتى في حالة فهمها ليسوا بوسعهم عمليا أن يفعلوا شيئا فهم مقيدون « بسلاسل من ذهب »، هذه القروض التي أثقلت كواهلهم وأخرست ألسنتهم وعمّقت فيهم الخوف، وكيف لا يخاف من اضطرته ظروف الحياة الصعبة إلى الارتماء مستسلما في شبكة البنوك التي لا ترحم؟. نحن هنا أمام ظاهرة معقدة هي في المحصلة نتاج لجملة من العوامل المتضافرة: خيارات تربوية وسياسات إنمائية تحتاج إلى مراجعات جذرية وتسيير إداري يغلب عليه الفساد و الأكثر من ذلك فئة من أصحاب اليد الطولى تريد أن تجمع من الثروة ما تقدر عليه قبل أن يتغيّر اتجاه الريح.  كان إذا من المنتظر أن يفيض الكأس و يخرج الجياع ذوي الهمة العالية، الذين استطاعوا بوسائلهم الإعلامية البسيطة والفعّالة أن يُسقطوا مصداقية الإعلام الرسمي بالرغم من ضخامة الوسائل التي يملكها. ارتبك الذين تعودوا على الخيار الأمني وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون: كل ما نقوم به من بطش تلتقطه العدسة المخفية ليتم تداوله بعد لحظات في المواقع الإلكترونية ثم تأخذه الجزيرة فتنشره على اليابسة ليصبح بنزينا في الهشيم. فإن تركنا المتظاهرين يعبّرون عن المكبوت ويرفعون شعاراتهم المناقضة للصورة الإيجابية التي روجها الإعلام الرسمي افتضح المستور وإن منعناهم بالقوة من التعبير عن أوضاعهم فإنّنا سنثبت ما يدّعون.  لقد أنهت هذه الأحداث سياسة الجمع بين المتناقضات، بين التنمية الشاملة والتهميش، بين الليبرالية والتحكم الأمني، بين التعددية وسياسة الحزب الواحد، بين احترام الدين وتشجيع قيم « الحداثة » المتحللة…لم يعد من الممكن الاستمرار في هذا النهج بشرط أن ينجح المحتجون في الاستمرار في التظاهر بشكل سلمي وعدم الوقوع في فخ استدراجهم للعنف ثم محاكمتهم بتهمة الارتباط بالأجنبي. من شأن هذه الأحداث أن تؤدي إلى عملية فرز داخل الصف النقابي، فرز بين المدافعين بالفعل غن قضايا العمال والبطالين وبين القيادة التنفيذية ومن سار على نهجها في موالاة السلطة. لقد كان من الممكن المحافظة على نوع من التوازن داخل الهياكل النقابية طيلة الفترة الماضية ولكن الآن وبعد أن تحطم حاجز الخوف فإن الجمع بين خيارين تتناقض فيهما الوجهة و الأهداف سيتعذر تحقيقه.    أخرجت هذه الأحداث التي أعادت للشعب روح المبادرة النخبة من صمتها أو على الأقل لنقل جزءا منها وخاصة المنتمين منهم لقطاع المحاماة وهذا في حد ذاته أمر في غاية الأهمية لأن العزف على نغمة واحدة قد أسهم في تشويش الصورة حتى عند الحريصين بالفعل على مصلحة البلاد. سيكتب التاريخ بفخر ما أنجزه المهمّشون، لقد جعلوا كل من له ضمير حي يتوقف ولو لحظة ويتساءل: إلى متى سأظل صامتا أمام هذه المظالم التي تسببت فيها مجموعة لا تعرف إلا خدمة مصالحها الخاصة ولا يهمّها إن داست في طريقها نحو الإستثراء الفاحش على هذه الجموع الغفيرة من الناس، أليس حقا الساكت عن الحق شيطان أخرس؟ أن يعود المثقف والمفكر والعالم إلى هذه التساؤلات ويتوقف عندها ويعمل بمقتضى ما تستوجبه من مواقف فإن خطوة كبيرة قد تم انجازها في مسيرة التغيير الحقيقي الطويلة والضمان الوحيد لسلامة المجتمع هو تنمية قوى المناعة فيه وإخراجها من السلبية التي لازمتها لفترة طويلة. بذلك تكون الأحداث التي انطلقت من سيدي بوزيد قد أنجزت انتفاضة في الوعي سوف لن ينقطع معينها ولو تم إسكات الاحتجاجات بالقوة.   


إن لم تغير سيدي بوزيد شيئا فإنها هيأت للعاصفة !


بقلم: هادي يحمد
هناك ما قبل سيدي بوزيد و ما بعد سيدي بوزيد .. كل التغييرات  السياسية و الاجتماعية تبنى على التراكمات و خرق المحظورات بالنسبة للشعوب المقموعة .. ما وقع في سيدي بوزيد كان تراكما لما حدث طوال عشريتين  و لكنه أولا و بالذات  خرقا  لمحظور دام حوالي ربع قرن هو عمر النظام الحاكم . في ما جرى في  سيدي بوزيد و غيرها  استهدف النواة الصلبة في النظام حيث استهدف المحتجون الرئيس بن علي و العائلة الحاكمة ( الطرابلسية ) تحديدا وهو الأمر المثير للانتباه مما دفع بالصحفي بريطاني براين وايتكير  إلى التنبؤ بنهاية عهد بن علي كما أطاح الشعب الروماني بالدكتاتور »نيكولا تشاوسيسكو » . ففي « بو خرست » عاصمة رومانيا  في مثل هذه الأيام  من سنة 1989  وبعد 24 سنة حكم فيها البلاد بالحديد و النار حاول  » نيكولا تشاوسيسكو  » الهروب مع  » زوجته  » الينا  » على متن مروحية .. غير أن جموع الجماهير التي واجهت دبابات الديكتاتور و اقتحمت البرلمان سرعان ما حاصرت الرئيس في قصره قبل أن تعدمه وزوجته في ساحة العامة للعاصمة. المنصف المرزوقي كان أكثر رأفة ببن علي من الشعب الروماني تجاه تشاوسيسكو و طالب العائلة الحاكمة بالرحيل إلى أية جهة يختارونها شرط أن يتركوا هذا الشعب يقرر من يحكمه في حكومة ديمقراطية توفر الشغل و الحرية و الكرامة لمواطنيها .  من المهم الإشارة انه و في  كل ما وقع  لا المروزقي و لا الغنوشي و لا  الهمامي  و لا غيرهم من رموز المعارضة الحقيقة صنعوا ربيع سيدي بوزيد  التي واجهتنا بحقيقة سوسيولوجية مهملة  تقول  أن الانتفاضات لا يقودها بالضرورة  الرموز و الزعمات فسيدي بوزيد و جندوبة و قفصة و مدنين و بن قردان و غيرها من المدن قالت لنا عكس ذلك :  إن ربيع الشعوب تصنعه الشعوب و يأتيه الدعم و المداد من النخب لا العكس و سواء قيل أن في الأمر توظيف و ركوب على الأحداث .. لا يهم ..  فشرف المعارضة الديمقراطية الحقيقة أن تستجيب فعلا لرغبة الشارع و تسانده و تعبر عن احتجاجاته عبر مطالب سياسية. ربيع سيدي بوزيد أكد لنا حقيقة أخرى لا تقل أهمية – و إن كنا نعلمها منذ زمن – وهي جزء من نكبتنا و عوراتنا و خيباتنا  التونسية هم هؤلاء المتملقون أصحاب المصالح من  » المعارضة الوفاقية  » و  » المركزية النقابية  » و  » الصحافة الصفراء »  التي تمارس العهر السياسي بكل وضوح و بلا أقنعة و  لا تفعل في ذلك إلا  إدامة الاستبداد يوما آخر و شهرا آخر و عاما آخر و لكن إلى متى ؟! بعيدا عن معارضة الديكور فان الأمر الأهم هو انه لم يحصل طول ربع قرن من حكم النظام الحالي وان جهر المواطنون العاديون بمثل هذه الشعارات التي أطلقت في الشوارع بكل جرأة حول  » فساد العائلة الحاكمة مطلقين شعارات ضد  عصابة السراق من  الطرابلسية و غيرها من الشعارات التي لم تفاجئ السلطة بكل أجهزنها الأمنية  فحسب بل فاجأت المجتمع المدني  بكل أطيافه و خرقت حتى أفق انتظارات المعارضة الحقيقية غير المعترف بها.  لقد أصبتنا سيدي يوزيد  بصدمة لم نفق منها إلى الآن  » من علم هؤلاء المواطنين البسطاء كل هذه الشعارات التي تمس النظام في العظام  » ؟! سيدي بوزيد قسمتنا اليوم  إلى معسكرين لا ثالثا لهما : معسكر عصابة السراق  و مرتزقتهم  والناطقين باسمهم و معسكر المستضعفين و المضطهدين و المقاومين ضد الاستبداد .. من اليوم فليختر كل شخص و كل حزب معسكره .. أنت تكون بوزيدي في صف الشعب  أم طرابلسي في صف الاستبداد  !.  الصور الأولى  لربيع سيدي بوزيد كانت بلا جدال علامة فارقة .. شاهدنا جميعا  امرأة تتوسط مجموعة من الشباب الغاضب في الخمسينات من العمر ترتدي  » ملاية  » حمراء فاقعة و تشد رأسها بحزام بدوي من ريف سيدي بوزيد و ترفع سبابة يدها في غضب .. إنها امرأة مجهولة الهوية و لكنها صورة كل أم تونسية فاضت كأسها من مرارة تجرعها  » للفقر  » و الحاجة  » و  » الميزيريا  » إنها امرأة ربما لم تدخل المدارس و لا تقرأ الصحف و الكتب و لا تعرف من يكون  » المنصف المرزوقي  » و لا  » راشد الغنوشي  » و لا حمة الهمامي  » و لا غيرهم .. و لكنها تعرف  » أن هناك عصابة من الحرامية  البلطجية الطرابلسية ممن يحكمون و يسرقون  البلاد منذ ربع قرن بلا حسيب و لا رقيب .. إنها امرأة تعي جيدا انه لم يعد بإمكانها أن تواصل العيش تحت الخوف بصمت نهارا  آخر. إنها امرأة لا موقف سياسي لها و لا تحمل أفكارا لا يسارية و لا يمنية و لكنها تحمل  » غصة  » الضيم و القهر و المحقرانية  في مراكز الشرطة و المحسوبية و  » المعارف » و « الكتاف » و التزلف في الإدارة الحكومية  . بكل حزم رفعت هذه المرأة سبابتها أمام  مقر بلدية سيدي بوزيد غاضبة..  بكل حزم وقفت رافعة صوتها متحدية.  بكل حزم كانت صورتها إعلانا لبداية  » ربيع تونس  » الذي بدت معالمه. هذه المرأة هي رمز  » ربيع سيدي بوزيد  »  الذي جاءنا في عز الخريف و البرد القارس .. انه  » ربيع تونسيا  » جاءنا في عز  » اليأس و الإحباط و التشاؤم و السقوط و تهليلات « العائدين » الطامعين من المنفيين المتعبين في الخارج أو « الحراقة » اليائسين البائسين من المواطنين في الداخل . ربيع تونس بشرنا بأمر في غاية الأهمية  و هو انه  » إذا لم تغير انتفاضة سيدي بوزيد شيئا فإنها هيأت للعاصفة  » .  


كن عاقلا … الوطن فوق كل اعتبار


لو سلّمنا جدلا بأحقيّة كلّ المطالب, مطلب المواطن من حريّة وعدل وعيش كريم من جهة, ومطلب المعارضة من ديمقراطية ومشاركة سياسية وحقهم في الدفاع عن بلدهم بالطريقة التي يرونها, ومطلب السلطة بالهدوء والاستقرار لجلب المستثمرين ورٍؤوس الأموال. معادلة تحتاج إلى حكمة علي وصرامة عمر وغنى عثمان…. وعلى الأرجح حلم ونباهة كل التّونسيين. لا شك أن للمواطن الحق في أن يأمن على لقمة عيشه وان يكون عزيز النفس كريم الوجه بلا منّة من احد وان ينال حقّه في التّساوي مع الجميع, بعيدا عن التّفرقة والتقسيمات الجهويّة. كما أن عليه واجب الانتباه للمخاطر التي تترصد البلد من الحاسدين والحاقدين من الذين لن يهدا لهم بال ولن يحط لهم رحال حتى تخرب هذه الأوطان وتفنى شعوبها. فإذا كان المواطن التونسي  »مسالما وطيبا وقويا ومقداما, ضاقت به الدنيا ولم يتسع له وطنه…ورضي أن يمارس الانتقام على نفسه بدل غيره » فأقدم على الانتحار, فعلى السّاسة من السّلطة والمعارضة أن يقيموا وزنا لهذه « الخصال » بمزيد من الجهد في التواصل والتحاور ونبذ العنف والابتعاد عن خطب التصعيد والاستفزاز, لتجنيب البلاد خطر الانزلاق في الانتقام والانتقام المضاد وتعميم الفوضى فيصبح الوطن الخاسر الأكبر.   اليوم اكتب حول هذا الموضوع بكثير من الألم والحسرة, مستذكرا أوطانا كانت مثالا في الرّخاء, كانت ذات يوم نموذجا عربيا يحتذى به, لم يعرف فيها مطلقا مصطلحات التفرقة مثل (شمالي) و(جنوبي) أو أية فوارق أخرى، لأنّه اليوم لم يعد هناك سوى من جاءوا ببدع سياسية، وقسّموا الأوطان فرقا وطوائف وجماعات وأحزاب، وصار بين هذه الأحزاب من الفتن والصراعات أعمق وأقسى مما بينها وبين المستعمر الغادر، حتى غدت من خلال سلوكها وممارساتها للنّزاعات والصّراعات والأحقاد العدوّ الحقيقي للوطن   البطالة, قضّية جوهرية ومقياس حراري لمدى تطور الشّعوب والبلدان, فلا تنمية ولا نهضة ولا تطور ولا استقرار في ظلّ أزمة مالية واقتصادية خانقة تضاف إليها معضلة البطالة لاسيما أصحاب الشهادات وذوي الخبرات. على السّلطة أن تعي بان مشكلة اجتماعية كبيرة بهذا الحجم والتعقيد إضافة إلى قضايا الصحة والتعليم ومقاومة الإجرام والفساد, عليها التعامل معها بمنتهى الوضوح والشفافية وإشراك النّوابغ وأصحاب الرأي من معارضين ومؤيدين, لا لإقامة الحجة, بل لمعالجة القضايا والمساهمة في إيجاد الحلول باعتبارها مسائل وطنية تهم الجميع. وعلى المعارضة أن تعيد النظر في أسلوب التّعامل مع السّلطة بالتّحريض والتّشهير تارة, والتّشفّي والانتقام تارة أخرى, وان ترتقي إلى مستوي المسؤولية المنوطة بها وتقبل بطرح السلطة لبعض الحلول العاجلة, والتفكير معا وبعيدا عن المهاترات, والأجندات الخاصة, في استبدال الحلول الدائمة بالمؤقتة والواضحة بالغامضة والممكنة بالمستحيلة ﴿الباء داخلة على المتروك﴾, وان لا يتمّ هذا في كل الأحوال على حساب سمعة الوطن وقيمة الوحدة الوطنية فلا حل بالاتهامات وإلقاء الشتائم بين النخب وحرّاس الأحزاب وشعلة الوطن, ولا أمل لشعب تحكمه النقمة واليأس… الجميع تونسيون…وسنضل كذلك …تونسيين فحسب الخير في الأفق!!………..والكل منتصر.وعاشت تونس وطن كل التونسيين   محفوظ البلدي فرنسا   


ما بعد بن علي: ليلى أم خيار الظل؟


بشير البكر كشفت أحداث تونس عن ثلاث حقائق: الأولى هي أن النظام الأمني لزين العابدين بن علي تعرض لهزة كبيرة. والثانية أن بن علي بات ضد الجميع، فباستثناء العائلة الحاكمة، تقف فئات الشعب التونسي في الاتجاه المعاكس. والثالثة أن النظام لم يعد قادراً على تطويع التونسيين حقائق انتفاضة تونس: ضعف قبضة النظام يروي موريس إيغلبرغر، وكيل وزارة الخارجية الأميركية في ولاية رونالد ريغان الثانية، أن واشنطن كانت مشغولة بتطورات الوضع في تونس خلال عام 1987، حين بدأت تظهر على حكم الرئيس السابق الحبيب بورقيبة علامات الوهن والتخبط وصراع الأجنحة. ويقول في مذكراته إن فريقاً أميركياً متخصصاً كان يبحث مجموعة من الأسماء التي يمكن أن تخلف الرجل العجوز. وحين ساد جو من الحيرة، نطق أحدهم بالحكمة الذهبية: «الوضع لا يبعث على الخوف، حتى زين العابدين بن علي يمكنه أن يكون البديل». يعرف الأميركيون بن علي جيّداً؛ فهو سبق أن التحق بدورة عسكرية في المدرسة العسكرية العليا للاستخبارات والأمن في بلتيمور بالولايات المتحدة، وتسلم بعد انتهائها الأمن العسكري التونسي. لكن الرجل، الذي يكنّ وداً خاصاً للأميركيين، لم يطلعهم على نياته بشأن انقلاب السابع من تشرين الثاني 1987، وكانت الأجهزة الإيطالية هي الوحيدة التي علمت بالاستعدادات للانقلاب وساعدت عليه. وتقول أوساط تونسية معارضة إن رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق بتينو كراكسي أوفد فريقاً للتنسيق، بقيادة عريف في الاستخبارات الإيطالية. وهذا ما يفسر اختيار كراكسي اللجوء إلى تونس، حين لوحق بتهم الفساد في إيطاليا، وقد بقي هناك حتى توفي سنة 2000 في مدينة حمامات. بنى بن علي نظامه على الشرطة السياسية، واستعان بخبرات إيطالية ومصرية وأميركية لاتينية مختصة بتصفية الحركات المعارضة. وقدّرت أوساط أوروبية تعداد جهاز الأمن السري بمليون شخص. وبرز هذا الجهاز في جميع مفاصل حياة التونسيين السياسية والاجتماعية والثقافية. والسمة البارزة له هي الفظاظة والعنف. وكان يتصرف من دون ضوابط وعلناً، ويقوم بعمليات خطف واعتداء على معارضي النظام ومنتقديه. وهناك حوادث مشهودة ضجت لها الأوساط الدولية، مثل حال الصحافي توفيق بن بريك والمحامية راضية النصراوي والأمين العام لحزب الاتحاد الديموقراطي الوحدوي عبد الرحمن التليلي، الذي استطاع جمع المعارضة القومية بشتى تشكيلاتها في حزب واحد، والمعارض الإسلامي علي العريض، الذي اعتُدي عليه جنسياً في السجن، وصُوِّر ووُزِّع شريط مصوّر للعملية لتشويه صورة حركة النهضة الإسلامية، التي كانت تحظى بتعاطف ورصيد جماهيريَّين. الملاحظ اليوم أن الهرم الأمني، الذي بناه بن علي، تعرض لهزة كبيرة، ولم يتمكن من احتواء الانتفاضة الشعبية التي اتسع نطاقها، وتمددت رقعتها على كامل التراب التونسي. وهذا هو العنصر الأساس والجديد. ما يجعلها مختلفة عن كل التحركات الاحتجاجية التي واجهها نظام بن علي طوال 23 سنة. وتمتاز الأحداث الحاليّة عن انتفاضة مدينة قفصة مطلع سنة 2008 بأنها حركت الشارع التونسي بكافة فئاته من حول المطالب الاجتماعية الاقتصادية. والدليل على خطورة الموقف أن بن علي اضطر إلى توجيه خطاب متلفز يصبّ فيه غضبه على الحركة الاحتجاجية. جذر الانتفاضة الحالية، وتلك التي سبقتها في قفصة، واحد، يتمثل في التحرك ضد الفقر والبطالة والتمييز المناطقي. لكن الأحداث الحالية أخذت بعداً سياسيّاً في الأيام الأخيرة، وبرز ذلك من خلال مشاركة الأوساط النقابية وجمعيات المحامين والنساء والمثقفين، وحتى الأوساط الاقتصادية من رجال أعمال ومهن حرة. وليس من الواضح حتى الآن، ما إذا كان هذا الزخم الإضافي للهبّة الشعبية سيدفع المواجهة نحو أفق جديد، لكنه كشف عن مسألتين: الأولى هي أن الكل بات ضد بن علي. من جهة يقف النظام واجهزته، ومن جهة أخرى الشارع والقوى النقابية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. إذ بدا واضحاً أن الدائرة التي رسمها بن علي حول نظامه بدأت تضيق عليه. والمسألة الثانية أن النظام مرتبك وعاجز عن احتواء الموقف، ولا يملك حلولاً سوى العصا الغليظة التي سقطت هيبتها بعد أسبوع، وصار واضحاً أن التونسيين كسروا جدار الخوف الذي بناه النظام البوليسي من حولهم. السؤال المطروح اليوم قائم على البديل في حال انهيار نظام بن علي، وبالتالي ماذا سيكون موقف الأصدقاء، هل يهرعون لنجدته إذا ضاق من حوله الخناق الشعبي، أم يتركونه وشأنه؟ البديل الوحيد الجاهز للنظام هو من داخله. وليس سراً أن زوجة الرئيس، ليلى الطرابلسي، تعدّ نفسها لخلافته، فالأوساط الغربية تتكلم في هذا الأمر صراحة منذ سنوات، وهناك ترتيبات اتُخذت في هذا الصدد، لتكون «الحلّاقة» السابقة، كما يلقبها الشعب التونسي، وريثة لزوجها، الذي يعاني جملة أمراض، منها مرض القلب، الذي سبق له أن عالجه للمرة الثالثة في تشرين الأول سنة 2009. بالنظر إلى تداعيات الانتفاضة الشعبية، والنتائج التي ستترتب عليها، لن يكون لهذا البديل جدوى أو فاعلية، ولن يؤدي ظهور ليلى على خشبة المسرح إلا إلى تأجيج النار وتعقيد الموقف، فجزء من الشعارات التي رفعت في التظاهرات الاحتجاجية كان من نصيبها: «يا ليلى يا حجامة (حلاقة) ردي فلوس اليتامى». هناك من يُغلّب في تونس نظرية بديل الظل. وهذا البديل لن يأتي، على ما يبدو، إلا من داخل المؤسسة العسكرية. وهو في جميع الأحوال لن يكون من صنع الداخل، بل من توليد الأطراف صاحبة المصلحة وراعية مشروع بن علي، أي الولايات المتحدة وإسرائيل. مشروع بن علي لخصه حاخام تونس، حاييم بيتان في أيلول الماضي، عندما ناشد الرئيس الترشح لولاية رئاسية سادسة بقوله: «في عهد بن علي تطورت البلاد والعقليات وتجاوزت تونس محناً عصفت بالعالم جراء نزاعات حضارية وثقافية، وكانت بلادنا بمنأى عنها بفضل الرؤية المستنيرة لحامي حمى تونس». والرؤية المستنيرة، التي بنى عليها بن علي مجده، هي تصفية الحركة الإسلامية، في ظل حرب الولايات المتحدة على الإرهاب.   «الحلّاقة» صاحبة الطموح الرئاسي
تصرّ ليلى الطرابلسي أن يلقّبها الإعلام بـ«السيدة الفاضلة» وسيدة تونس الأولى، بينما يطلق عليها التونسيون «الحلّاقة»، ليس للإشارة إلى مهنتها القديمة، بل للتعبير عن استخفافهم بها.
جاءت في غفلة من تاريخ تونس، مثلما ظهر زوجها خلال لحظة شكسبيرية في مأساة احتضار البورقيبيّة. بمجرد أن احتل زين العابدين بن علي قصر قرطاج في ليلة السابع من تشرين الثاني سنة 1987، فتح لها الأبواب الرئيسية، وصارت زوجته الشرعية، بعدما كانا يعيشان علاقة سرية بعيداً عن الأنظار، دامت سنوات عدة.
كان التونسيون لا يكادون يمرون على ذكرها قبل أن تصبح سيدة قرطاج، وتبدأ بالظهور العلني المصحوب بهالة كأنما هي «سلامبو»، سليلة المجد الفينيقي. تجاهلها المجتمع التونسي حين كانت خليلة الجنرال السرية، وأنيسة لياليه وحافظة أسراره، لكنها بدأت تثير حفيظة الأوساط، عندما انتزعت لقب السيدة الأولى.
رفضها الوسط المحافظ لأنها حلت محل الزوجة السابقة لبن علي، ابنة الجنرال الكافي، التي ولدت له ثلاث بنات، وطلّقها عملاً بالقانون التونسي الذي يحرّم تعدد الزوجات، رغم أنه يدين لها بكل شيء، فوالدها هو الذي فتح أمامه طريق المؤسسة العسكرية.
وثمة تشابه بين مسيرة ليلى الطرابلسي، ووسيلة بن عمار، زوجة الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، المعروفة بلقب «الماجدة»، التي كان لها نفوذ واسع قبل أن يطلّقها بورقيبة في سنواته الأخيرة. فهاتان السيدتان في نظر شريحة تونسية ليستا جديرتين بالجلوس في قصر قرطاج، فهما من بيئة شعبية. وإن كان المجتمع التونسي قد غفر لوسيلة بفضل بورقيبة، رجل التحديث الآتي من السوربون، فإنه لم يستطع أن يحتمل ليلى الطرابلسي، التي كان جزء من هفواتها ينسب إلى بن علي، والقسم الأكبر من سلوكيات بن علي النافرة يُرمى على ظهرها.
لا يحتاج المراقب إلى معرفة دقائق الأمور لكي يحكم بأنّ السيدة بن علي، تتدخل بطريقة واضحة في الشأن السياسي، على الأقل بالنسبة إلى الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة في سنة 2009، فقد أشارت تقديرات أوساط إعلامية تونسية إلى أنها حظيت بحضور إعلامي، وبتغطية لنشاطاتها، في التلفزيون والإذاعة، يفوق كل ما حصلت عليه المعارضة مجتمعة.
تقول سيرتها غير المكتوبة إنها ولدت سنة 1957، أي إنها تصغر الرئيس بواحد وعشرين عاماً، وهي ابنة بائع خضروات من مدينة تونس. وبعد حصولها على الشهادة الابتدائية، تدربت على الحلاقة، وهي المهنة التي بدأت بها مسيرتها نحو قصر قرطاج. وبعد زواجها الأول، الذي لم يدم طويلاً، تعرفت إلى زين العابدين بن علي عندما كان مديراً للأمن الوطني، الذي سبق له الزواج بابنة الجنرال الكافي.
مجتمع المخمل، وعلى الأخص عالم الموضة، يعرف ليلى بن علي، ويعرف نزواتها وقوتها التدميرية. السيدة، التي تعشق الملابس الباذخة والقفاطين (معطف بـ30 ألف يورو، قفطان بـ6 آلاف يورو)، لا تحبّ كلمة «تسديد ثمن». وتستعين، كما يفعل كثير من الحكّام في مثل هذه الحالة، بقسم الضرائب، القوة الضاربة، سيف الله المُسلَّط على العباد متى شاء خليفته على الأرض.
لا ينحصر حضور السيدة الأولى في الحفلات الخاصة، وفي ارتداء الملابس الفاخرة وفي تصفيف الشعر، بل يتعداها إلى التدخل في كل الاستثمارات في البلد وفي قول رأيها في التعيينات الحكومية، وحتى في نشر الثقافة، على غرار زميلتها سوزان مبارك.
ولعل إغلاق الجامعة الحرة (1500 طالب، معظمهم من الدول الفرنكوفونية) التي يديرها التونسي الفرنسي محمد بوصيري، بدعوى: «مخالفات إدارية وبيداغوجية اكتُشفت في هذه المؤسسة»، التي فنّدها مدير الجامعة بالقول إن إغلاقها كان لأسباب سياسية بحتة، وجاء ردّاً من زين العابدين بن علي على كِتاب أصدره مدير الجامعة عدّه النظام قاسياً، يأتي ضمن هذه الاستراتيجية التي تعوّل عليها زوجة الرئيس لتثبيت سلطتها في مختلف القطاعات. ألَيْست مُدهِشةً هذه الرغبة المفاجئة التي انتابت زوجة الرئيس في تشييد مدرسة حرة لتكوين المهندسين بالتعاون مع مدرسة فرنسية؟ أليست هذه المدرسة العليا بديلاً عن الجامعة الحرة التي يجري ذبحها؟
وهناك قناعة سائدة في أوساط تونسية وغربية بأن وسيلة لو ولدت من بورقيبة لتغيّر تاريخ البلاد، وأنّ بن علي ما كان له أن يصبح رئيساً للوزراء لو ظلت وسيلة إلى جانب بورقيبة في قصر قرطاج قبل أن يطلّقها.
يشير كتاب «حاكمة قرطاج… يد مبسوطة على تونس»، إلى تشابه آخر بين ليلى ووسيلة، كأنّ التاريخ يعيد نفسه، فليلى وعائلتها تستعدان للسيطرة على البلاد، كلما تراخت يد بن علي بسبب المرض والشيخوخة، وهو بالضبط ما حدث للرئيس السابق الحبيب بورقيبة في آخر سنواته.
تتحدث الأوساط التونسية منذ عدة سنوات عن تعاظم نفوذ ليلى بن علي، وعن صعود الكثير من الأسماء، مثل سليم شيبوب، وهو صهر للرئيس، والهادي الجيلاني، الذي تعزّز حضوره أكثر من خلال المصاهرة التي عقدها مع عائلة الطرابلسي، وصخر الماطري الذي صعد بسرعة كبيرة. ويؤكد المطّلعون على أنّ أفراد عائلة الطربلسي هم الأقوى من ناحية الثروة، والهيمنة على الكثير من القطاعات الاقتصادية والتجارية، وكذلك المجال الإعلامي، ومن يسيطر على المال والإعلام يسيطر على السياسة. وهناك إجماع على أنّ من يدير هذه الحلقة هو ليلى بن علي صاحبة الطموح الرئاسي، التي لم تجد صعوبة كبيرة في صعود طريق العمل السياسي.
ليلى بن علي تحكم اليوم من وراء الكواليس مثلما كانت تفعل الوسيلة، التي فوجئت بانقلاب بن علي سنة 1987. قد تتكرر هذه المفاجأة مرة أخرى مع ليلى طرابلسي، والتاريخ عادةً يكرر نفسه، إما على شكل ملهاة أو مأساة.   (المصدر صحيفة الأخبار اللبنانية العدد ١٣٠٤ الجمعة 31 ديسمبر 2010 )  


مغزى الانتحار الاحتجاجي في تونس


عادل لطيفي الموت التراجيدي كحل أقصى الانتحار مؤشر عن تعطل النظام حركة الاحتجاج الاجتماعي الأخيرة التي انطلقت من منطقة سيدي بوزيد، لتمتد في عديد جهات البلاد التونسية، ليست بجديدة كما هو معلوم. فقد سبقتها أحداث الحوض المنجمي سنة 2008 وكذلك أحداث مدينة بنقردان في الجنوب الشرقي خلال هذه السنة. كما أن الاحتجاج بوجه عام ليس بجديد على الساحة التونسية. فقد سبقت الاحتجاج الاجتماعي الحالي حركات فردية نخبوية تجسدت في بعض الشخصيات مثل الصحفي توفيق بن بريك والمحامية راضية النصراوي وغيرهم عديدون. نقطة الالتقاء بين مختلف هذه التحركات الاحتجاجية هي تحريك الموت كلحظة درامية، سواء عبر إضراب الجوع أو عبر الانتحار، في عملية الاحتجاج. الواضح أن درامية معاناة المحتجين ليست إلا انعكاسا لدرامية الواقع السياسي والاجتماعي الذي سد كل منافذ الممكن والمأمول. الموت التراجيدي كحل أقصى ربما تتميز الحالة التونسية بهذه الخاصية المتمثلة في استحضار إمكانية الموت كوسيلة للاحتجاج. فالاحتجاج الحالي كان في جانب منه تواصلا، أو ربما نتيجة، لعمليات الاحتجاج النخبوي الفردي التي ابتدأتها جملة من المعارضين مثل بن بريك والمرزوقي والهمامي وبن سدرين. ويبدو أنه إضافة إلى ترسيخ تقليد الاحتجاج ضد نظام السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1987، فإن الاحتجاج النخبوي رسخ كذلك تقليدا فريدا يتمثل في التضحية الفعلية بالذات في سبيل القضية المطروحة. وكأن لسان حال المحتجين يقول للحاكم قد تستطيع أن تملي علي ما تشاء لكن بإمكاني في النهاية أن أعلن موتي وأرفض سلطتك باختفائي. هكذا كانت رسائل إضرابات الجوع المتكررة والتي حذق فن إداراتها نخبة من المعارضات والمعارضين التونسيين خاصة خلال التسعينيات. تقودنا هذه الملاحظة الأولى إلى نفي التعارض بين العمل النخبوي الفردي والعمل الجماهيري الجماعي لأن التعارض، على الأقل في هذه الحالة، تعارض مفتعل. انتقل الاحتماء بالموت لفرض حق الحياة إلى الأوساط الشعبية وبالأخص في الجهات الهامشية جغرافيا واقتصاديا واجتماعيا (الوسط الغربي والجنوب). فقد شهدت مدينة الرديف موت شاب في مقتبل العمر عندما عرّض نفسه للموت في مركز للتحكم في توزيع الكهرباء. كما كانت محاولة انتحار شاب ذي مؤهل جامعي وعاطل عن العمل نقطة انطلاق لموجة الاحتجاج في سيدي بوزيد. وتبع هذه الحالة محاولات أخرى في مدن مجاورة لم يتم حصرها بشكل دقيق. المهم أن الاحتجاج الاجتماعي والسياسي في تونس رفع خيار الموت الاختياري في وجه السلطة من خلال إضراب الجوع أو من خلال تنفيذ الانتحار. خيار لم يكن معروفا خلال الفترة البورقيبية مثلا. وهو ما يستدعي وقفة لفهم مغزى هذا الخيار وعلاقته بالوضع العام في تونس. لسبر أغوار رمزية هذا الخيار الدرامي علينا اللجوء إلى علم اجتماع الانتحار كخطوة أولى لرصد البعد النظري ثم العودة به إلى الحالة التونسية من خلال الواقع والأحداث الحالية. لا بد من التفريق منذ البداية بين الانتحار الاحتجاجي الفردي، وهو ما يهمنا في هذا المجال، وبين العمليات الانتحارية مثل الكاميكاز الياباني أو الاستشهاد الفلسطيني. فغاية الانتحار الفردي الاحتجاجي إبراز درامية الوضع من خلال تبني الموت الدرامي. أما في الحالات الأخرى المذكورة فالهدف عسكري بالأساس ويهدف إلى إيقاع أكثر عدد من الضحايا. فالفرق واضح بين رمزية الدراما وتكتيك العمل العسكري. في الحالة التي تهمنا، يعلن الانتحار حالة من القطيعة الراديكالية بين الفرد والمجموعة مما يضع مختلف الأطر الاجتماعية والسياسية موضع شك. إذ هو نفي، أو تحييد مؤقت، للعائلة وللدين وللدولة وللقانون. وهو في ذات الوقت تحد للخوف من خلال تحدي العقوبات القصوى مثل التعذيب والإعدام والقتل (أي وسائل القمع). من خلال الانتحار يعلن المحتج كذلك في وجه السلطة أنه يبقى في النهاية المتصرف الوحيد في جسده وبالتالي في حياته. فقد تفرض السلطة خيارها لكنها لا تستطيع أن تجبر الفرد على الالتزام به. وكأن حال الشاب الذي أقدم على الانتحار في سيدي بوزيد يقول، بإمكانكم تهميشي وحرماني من لقمة العيش ومنعي من الكلام، لكنكم غير قادرين على فرض خياراتكم هذه علي. ومن هنا نأتي إلى بعد آخر لا يقل أهمية في هذا الانتحار الاحتجاجي ويتمثل في رسالة الاتهام الموجهة للسلطة، وربما للمجتمع كذلك، لتحملها كل المسؤولية عن النهاية التراجيدية للفرد. إننا بالفعل أمام حالة فريدة من خلال تعدد حالات الانتحار الاحتجاجي المعلن. وهو وضع مرتبط بطبيعة النظام القائم كما يعكس في نفس الوقت حالة العطل التي أصبح عليها هذا النظام. اليأس والخوف والتحدي التراجيدي كلها مؤشرات ملموسة على انخرام العلاقة بين السلطة والمجتمع وبالتالي على انسداد أفق النظام الذي بشر التونسيين بغد جديد فجر السابع من نوفمبر/تشرين الثاني. قصة محاولة الشاب في سيدي بوزيد تلخص مختلف مراحل انسداد النظام: فهو غير قادر على توفير فرص الشغل، وهو لا يقبل بإيجاد حلول خارج إطاره كما أنه يرفض حق التعبير عن الألم الاجتماعي. هذه عناصر الانسداد الاجتماعي المؤشرة على إمكانية الفلتان. الانتحار مؤشر عن تعطل النظام يقول المثل ألف رفض خير من وعد كاذب. وينطبق هذا تماما على الحالة التونسية. فقد قبل التونسيون بورقيبة ورفضه المعلن للحريات السياسية وللديمقراطية في فترة ما. لكن تعدد حالات الانتحار الاحتجاجي الحالي تبين أن التونسيين وخاصة الشباب منهم قد نفد صبرهم من وعود السلطة ودعايتها الزائفة حول السلم والطمأنينة والنمو الاقتصادي. فشتان بين مادة الإعلام التي تقدم البلاد كنموذج رائد في التنمية وبين ما يشهده المواطن في حياته اليومية خاصة في تونس الداخلية المهمشة من انسداد الأفق والاحتياج وغياب الأطر الشبابية والحرمان من حق التعبير إضافة إلى المحسوبية وحكايات الفساد التي لا يخلو منها حديث. في الانتحار الاحتجاجي كذلك رسالة مفادها رفض التعبير عن اليأس والاحتجاج من خلال العنف الخارجي الموجه ضد السلطة وضد رموزها. لكنه يعكس في العمق مدى خوف الفرد من مواجهة سلطة عملت طوال عقدين، أو ربما أكثر، على تسيير شؤون الدولة والنظام ككل من خلال الترهيب المباشر وغير المباشر. سياسة تتعارض مع الطبيعة السلمية لمجتمع يفضل الاعتدال السياسي وحتى المحافظة على التغيير غير المضمون. وهي خاصية تفهم ضمن الدور التاريخي الذي لعبته النخبة منذ نهاية القرن التاسع عشر. وهي نخبة مثقفة ومنفتحة ترسخت لديها مفاهيم المؤسسات والقانون. هذه النخبة التي لم تلق من السلطة الحالية سوى التهميش والإقصاء وعوضتها فئة طفيلية من الأثرياء الجدد. سبق القول بأن اختيار الموت كحل أقصى من طرف الشباب العاطل في تونس هو مؤشر على عطل النظام القائم، والحديث عن النظام هنا يشمل السلطة وكذلك المجتمع. وكي نقترب أكثر من مظاهر هذا العطل وما أدى إليه من مواجهات سنستلهم من بعض مبادئ نظرية النظامية la systémique كي نقف على أهم جوانب المسألة. وتحليلنا هذا لا يختص بالحالة التونسية بل ينطبق كذلك على الحالات العربية الأخرى. كي نتحدث عن نظام متوازن (un système équilibré) لا بد من توفر جملة من الشروط التي تؤمن كذلك ديمومته. ويعد عنصر التنوع من أهم هذه الشروط. فهو يوفر للنظام (أي البلاد ككل في هذه الحالة) مخزونا يمكنه من تحقيق التوازن بين العناصر كما يضمن سهولة التأقلم مع الظرفيات الصعبة. الواقع التونسي العام أبعد ما يكون عن هذا الرسم النظري. فالتنوع الجهوي لا ينعكس من خلال السياسة الاقتصادية للدولة التي ركزت على خصخصة القطاع العمومي في ظروف غامضة. ففي حين تركزت أهم المشاريع في الشريط الساحلي بقيت جهات تونس الداخلية مهمشة وتحت رحمة أقلية محلية متنفذة من الحزب الحاكم توظف الولاء الجهوي والقبلي لخدمة مصالحها وتأطير المجتمع. نحن إذن أمام حالة تنظيم يفتقد إلى التنوع مما جعله ينتهي إلى حالة من الانسداد البيروقراطي وما يتبعها من محسوبية. نضيف إلى هذا أن الرؤية الأحادية للسلطة، سواء في مجال الخيارات التنموية (خصخصة مشبوهة) أو في مجال التنظيم السياسي (هيمنة الحزب الواحد والقائد الرمز) هي دون مستوى تنوع حاجيات المجتمع (التشغيل، العيش الكريم والحريات) ودون مستوى التنوع الذي يوفره المحيط المحلي والعالمي (تداول على السلطة، حرية الصحافة، حرية التنظم…). ولهذا السبب فهي غير قادرة موضوعيا على مراقبة وعلى إدارة النظام الكلي (دولة ومجتمعا) إلا من خلال العنف والإكراه مما يزيد في تعطل النظام وزيادة خطر الفلتان الاجتماعي. كل نظام (بالمعنى العام) يعيش ضمن محيط (environnement) يؤثر فيه ويتأثر به. وكلما زاد التبادل مع المحيط زادت فرص التطور والتنوع. وكل نظام يحد من تدفق تيارات التبادل مع محيطه ينتهي إلى الانطواء وإلى الانسداد وحتى إلى الزوال. وتقول النظرية كذلك إن كل نظام يتبادل مع محيطه المادة والطاقة وكذلك المعلومات. إذا أخذنا الحالة التونسية نموذجا، وهي تنطبق على الحالة العربية عموما، نجد التبادل مع المحيط يقتصر فقط على المادة ممثلة في تيارات السلع والأموال والحرفاء. في حين تسد كل الأبواب في وجه تبادل الطاقة التي يمكن أن تكون في هذه الحالة أنماط الوعي وتجارب التنظيم والانفتاح إلى غير ذلك. كما تسد الأبواب في وجه تبادل المعلومات من خلال تكميم أفواه الصحفيين ومراقبة الإنترنت أو كذلك بإنتاج معلومات مشكوك فيها، مثل نسبة البطالة ونسبة الفقر مثلا. تعيش السلطة في تونس، وكذلك باقي البلدان العربية، معضلة هذا التناقض بين حاجتها الماسة للانفتاح الاقتصادي وتحييد المجتمع عن التأثر بالمحيط. وهي سلطات غير واعية تماما بتغير المعادلة التي تتحكم في وعي الأفراد والمجموعات. إذ لم يعد هؤلاء الأفراد والمجموعات في حاجة إلى المرور عبر قنوات الدولة للاتصال بالمحيط، وأنه أصبح بإمكانها التواصل مباشرة مع محيطها عبر الإنترنت مثلا. هنا نفهم تأخر وبدائية الإعلام التونسي، الرسمي منه وشبه الخاص، في التعامل مع الأحداث الأخيرة. تعتبر نظرية الأنظمة المعقدة (systèmes complexes) أن من بين العناصر الأساسية التي تكون نظاما ما نجد شبكة تبادل الطاقة والمعلومات بين العناصر المكونة له. التطبيق العملي لهذا المعطى النظري يفترض وجود تبادل ما بين السلطة والمجتمع، أما واقع الحال فيقول إن هذا التبادل يقتصر على فرض المعلومة الرسمية على المواطن واقتصار تبادل الطاقة على فرض الهيمنة والإكراه. فالعلاقة شبه أحادية من الأعلى السلطوي تجاه القاعدة الاجتماعية. ويتم هذا التبادل السلطوي الأحادي في ظل غياب تام للمؤسسات الجمعوية والحزبية المستقلة التي بإمكانها أن تلعب دور همزة الوصل لضمان التأقلم وتعديل العلاقات وتفادي انهيار التنظيم ككل (أي الدولة في حالتنا). ما يحصل من احتجاج اجتماعي في تونس هو إذن تعبير عن انسداد هيكلي لأفق السلطة القائمة حاليا. قد لن يأتي أكله على التو لكنه أسقط عقدة الخوف السلطوي من ناحية كما بين إمكانية انفلات المجتمع في أية لحظة. على السلطة كذلك أن تقتنع بأن تكرار الانتحار الاحتجاجي يحمل في طياته تبسيطا للموت، وهو وضع قد يهيئ إلى انتشار العنف الشامل. لا بد من الاعتراف بوجود مجتمع مدني مستقل قادر على خلق التوازن داخل التنظيم العام وإثراء التنوع السياسي والفكري. لكن يبدو أن الحزب الحاكم والقائمين عليه غير مستعدين لمثل هذا الحل. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 02 جانفي 2011)


قال بأن احتجاجات سيدي بوزيد في تونس مؤشر لحقبة جديدة من الاضطرابات غليون لـ »قدس برس »: العنف الطائفي ثمرة انسداد سياسي واقتصادي وثقافي مارسه النظام العربي  


باريس ـ خدمة قدس برس حمل مدير مركز دراسات الشرق المعاصر وأستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة « السوربون » الدكتور برهان غليون النظام العربي الرسمي والمؤسسة الدينية، مسؤولية استمرار الاعتداءات الطائفية على المسيحيين، وحذر من خطورة استمرار انسداد الآفاق السياسية والاقتصادية على المجتمعات العربية والإسلامية، التي قال بأنها دخلت مع احتجاجات سيدي بوزيد في تونس مرحلة عنف جديدة، ستكون لها تداعيات خطيرة على الجميع إذا لم يتم تداركها بالانفتاح السياسي المطلوب. وأوضح الدكتور برهان غليون في تصريحات خاصة لـ « قدس برس » أن تكرار الاعتداءات على المسيحيين في العالم العربي، وفي مصر تحديداً ينم عن عدم وعي لدى الهيئات الإسلامية والنظم العربية الرسمية بخطورتها على مستقبل الاستقرار في المنطقة، وقال: « لقد كنت دعوت المؤسسات الدينية الإسلامية ورجال الدين الإسلامي للتدخل من أجل وقف أعمال يمكنها أن تتطور إلى انتحار ذاتي يمارسه العرب. فهناك صمت عربي رسمي وديني على الجرائم التي يتعرض لها المسيحيون، ليس لأن المسيحيين لهم قيمة أكبر من المسلمين ولكن لأن الأمر يتعلق بأقلية من الواجب حمايتها، والذين يتعرضون للأذى هم المسلمون أيضا، وأعتقد أن تكرار هذه الأعمال يدل على أنه ليس هناك وعي لدى المسلمين والأنظمة لخطورة الأوضاع ». وأشار غليون إلى أن العنف الطائفي هو ثمرة من ثمار النظام السياسي العربي الرسمي، وقال: « لقد أفرغ قادة النظام العربي الرسمي المجتمعات من أي مضمون سياسي وأرجعوا المجتمعات إلى عصبياتها الدينية والطائفية وتركتها تتصارع فيما بينها من دون تدخل، كل هذا من أجل أن يحافظوا على بقائهم في السلطة. إنهم يعيشون على جماجم النظام الاجتماعي السياسي الذي يتفكك على مرأى منهم، صحيح أنه ليس هناك من قال صراحة وعلنا لهذا المواطن أو ذاك: اذهب واقتل الآخر، لكنهم جميعا بالنظم التي يبنونها والتي لا يطمح فيها إنسان بامكانية تحسن وضعه وقدرته على تحقيق تداول على السلطة يمكن من تحسين الأوضاع، وضعوا المجتمع في حال نزاع داخلي، ولسان حال الحكومات العربية يقول: أريتم الشعوب أنها متخلفة وخطيرة ومتعصبة ورديئة ولذلك لا مخرج من الاستبداد، هذه هي السياسة المتبعة منذ عدة عقود ». وأضاف: « لقد خلق النظام العربي الرسمي هذه الظروف السياسية والاقتصادية والفكرية البائسة، ومنعوا أي حركة أو تداول أو أفق أمام المواطن العربي، وأصبح الرأي عند المواطن العربي أن زوال هذه الأنظمة لا يكون إلا بالموت أو العنف، لا بل إن الموت لا يقدر على إزالة الأنظمة لأن التوريث جاهز، وخلقوا ردة على المستوى الثقافي إلى العصبيات لإيجاد معنى للحياة بعد أن فشلوا في إعطاء معنى للحياة، حيث وجد الناس أنفسهم مجبرين على العودة إلى التقاليد، ولذلك لا جرم في أننا في الفضائيات العربية ووسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة نجدها مركزة على عبادة الشخصية وتقديس الأوضاع القائمة، والهروب من الموضوعات السياسية نحو الدين بمعنى العصبية وليس الارتقاء بروحية الانسان. هذه الانفجارات الطائفية والاجتماعية هي ثمرة طبيعية لسياسات اقتصادية واجتماعية وثقافية وضعت النخب العربية الرسمية الشعوب فيه ». ولم يستبعد غليون تربص العدو الخارجي بالعالم العربي، لكنه قال: « هذا لا يعني عدم وجود قوى خارجية متربصة، لكن في مثل هذا المناخ الذي شرحت، يستطيع كل من يريد الاصطياد في المياه العكرة أن يصطاد وأن يفعل ما يريد، سواء كان الإسرائيليون أو أي فريق متطرف خارج البلاد أو داخلها ليستغل هذا الشحن الطائفي وشعور اليأس والاحباط الذي يعيشه الناس بتفجيرات من نوع تفجيرات الاسكندرية، على اعتبار أن ذلك ينفس قليلا في إطار نظم لا تسمح بحل التوترات بطرق سلمية، ومن هنا أحمل المسؤولية للنظم العربية وللمؤسسات الدينية ». على صعيد آخر؛ أكد برهان غليون أن احتجاجات سيدي بوزيد في تونس تمثل وجها من وجوه التنفيس عن الاحتقان العميق الذي تعيشه الدول العربية، وقال: « ما حصل في ولاية سيدي بوزيد بتونس تعبير عن احتقان عميق ودليل على أن الكيل قد طفح، وعمليات الانتحار التي جرت هي رسالة خطيرة أراد مرتكبوها إيصالها إلى الحاكم التونسي خاصة والعربي عامة المسؤولين عن حياة الناس، هناك احتقان بسبب إهمال الناس وتعطل آلة الحراك الاجتماعي وتداول السلطة، وبسبب الغربة في نظام يقوم على نفي النخبة وقتل أي حركة احتجاجية. ربما تونس أشعلت الشرارة، وهذه بداية لحقبة جديدة من الاضطرابات ومن انفجار الأوضاع الناجمة عن الانسداد في مختلف المجالات ». وأضاف: « المجتمعات العربية تعيش حالة انسداد تام، وأرقام البطالة مرتفعة في مختلف الدول العربية، وهناك أموال متراكمة لا تصل إلى الشعب، وهذا يؤسس لمرحلة من القلاقل والاضطرابات الاجتماعية، التي هي قلاقل غير معزولة عن الأسباب السياسية، وحالة الانكشاف الأمني الذي تعيشه البلدان العربية والمتمثل في عدم قدرة هذا النظام على مواجهة التحديات الخارجية وحماية الأمن القومي العربي، حيث يرى المواطن العربي أن هذه الأنظمة التي تقوم بدورها داخليا لا تقوم بواجبها في الدفاع عن المقدسات العربية والإسلامية، هذا الانكشاف الاستراتيجي الذي يكشف عن عدم وجود استراتيجية أمنية يسهم في إيجاد احتقان اجتماعي لا يبشر بالخير، وإذا لم تتدارك الأنظمة هذا الوضع فإننا أمام عام جديد من العنف ». وتوقع غليون أن تنتج الاحتجاجات الاجتماعية الجديدة تعبيراتها السياسية الملائمة، وقال: « بالتأكيد فإن الأحزاب التقليدية تعاني من تراجع كبير لأنها محصورة في زوايا ضيقة، لكنني أحمل المسؤولية إلى النظم الحاكمة لأنها متحكمة في الموارد وفي مؤسسات الدولة ويملكون القرار في إطار نظم دكتاتورية. ولا أعتقد أنهم مقبلون على إحداث تغييرات جوهرية إلا عندما يصل العنف إلى درجة يخشون فيها على استمرارهم في الحكم. لقد بدأنا مرحلة جديدة من الاحتجاجات، إذ لأول مرة يقدم فيها شاب على إحراق نفسه كشكل من أشكال الاحتجاج، وأعتقد أن التاريخ مليء بالتجديدات وليس الحكم هو المسؤول عن إنتاج شكل التحدي ». وأضاف: « نحن في مرحلة انكسار لهيبة وهيمنة النظم وبروز أكثر فأكثر للحركات الاجتماعية، التي ستبحث عن أساليب جديدة للتعبير عن نفسها، ولا يمكن أن نقررها نحن سلفا. ولا شك أن هذه الحركات إذا وجدت طريقا سلميا للتعبير عن نفسها فستفعل، فليس صحيحا أن الناس يحبون العنف أو الموت وإنما هم محبون للحياة ». ودعا برهان غليون النظام العربي الرسمي إلى الانفتاح على مختلف النخب السياسية وعدم استثناء الحركة الإسلامية، وقال: « الحركات الإسلامية تشكل مكونا أساسيا من مكونات المجتمعات العربية، فهذا معطى لا يمكن تجاهله، ومن يريد الانفتاح على المجتمع عليه أن ينفتح على الجميع، فقد انفتحت النظم العربية على رجال الأعمال لكنها أغلقت الباب على الباقي، ولا أعتقد أن الإسلاميين متطرفون بالهوية، فهم متطرفون في مكان ومعتدلون في أماكن أخرى، فهم في تركيا غير متطرفين ويقودون نظاما ليبراليا عضو في حلف الأطلسي ويتبع سياسة يصفها الغرب بالاعتدال، ولا ينبغي للكلمات أن تكون أفخاخا، حيث وضعت بعض الأنظمة العربية الحركات الإسلامية في خانة الخيانة، الإسلاميون يمكنهم أن يكونوا جزءا من حالة سياسية مستقرة »، على حد تعبيره.


إنذار من تونس


د. عصام العريان   فجأة انفجر بركان الغضب في تونس الهادئة، أو التي كانت تبدو هادئة، بينما اتضح أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة.  ما زالت الاحتجاجات تتوالى منذ أسبوعين، فمن حيث لا يحتسبون انطلقت شراراة الأحداث من ولاية « سيدي بوزيد » جنوب العاصمة تونس، حيث شهدت يوم الجمعة 17/12 احتجاجات سلمية تصدت لها قوات مكافحة الشغب وقوات البوليس فتحولت إلى اشتباكات مع الشرطة في أعقاب إقدام الشاب « محمد البوعزيزي » البالغ من العمر 26 عاماً بمحاولة انتحار بإحراق نفسه أمام مبنى الولاية بعد مشاجرة تصدى فيها لمحاولة الشرطة مصادرة عربة يدوية يقوم ببيع الفاكهة والخضار عليها في السوق، وهو العائل الوحيد لعائلته، بذريعة عدم وجود ترخيص معه.
كان شعار الاحتجاجات التي انتقلت في اليوم الثاني إلى عدة مدن وولايات وما زالت بعد أن وصلت إلى العاصمة هو « كفاية بطالة .. كفاية فقراً « 
سقط حتى الان عدة ضحايا، بعضهم انتحر عندما تسلق عموداً للضغط الكهربائي ولمس الأسلاك فصعق كهربياً، والآخر برصاص الشرطة، وهناك عشرات من المعتقلين، وجرحى لا يتم الإفصاح عن عددهم حتى الآن.
كانت ردود الأفعال الحكومية لتسكين الأحوال غير مجدية حتى الآن، ولم يقتنع التونسيون بجدوى تلك الإجراءات، ولذلك استمرت المظاهرات طوال الأسبوعين الأخيرين وانتقلت من مكان إلى مكان، وأصبحت خبراً ثابتاً في نشرات الأخبار في معظم وسائل الإعلام.
بدأت ردود الفعل بالإعلان عن تخصيص مليارات الدولارات لتنمية مناطق الأحداث، ثم خرج الرئيس نفسه ليعلن عن تفهمه وتعاطفه مع المحتجين وحاول شرح ظروف البطالة كمشكلة عالمية، وهدّد في نفس الوقت هؤلاء الذين يركبون موجة الأحداث، واتهم قناة الجزيرة وغيرها بالتهويل وصناعة الأكاذيب، ما أطلق موجة من البيانات للاتحادات والنقابات الرسمية ضد « الجزيرة » وضد المتظاهرين، ثم بدأت سياسة التضييق على المظاهرات والاحتجاجات حتى لا تمتد وتشتد أكثر من ذلك.
اضطر الرئيس لاتخاذ المزيد من الإجراءات لامتصاص ردود الفعل التي لم تستجب لندائه الأول، فقابل أسر الضحايا ثم أجرى تعديلاً وزارياً شمل عدّة وزراء ظهروا كأنهم ضحية الاحتجاجات (الشباب والاتصالات والتجارة) ثم بعد أيام عزل 3 ولاة (محافظين) اندلعت الأحداث في ولاياتهم، ما يدلل على أن رسالة الاحتجاجات لم تصل إلى الرئيس في حقيقتها بعد، وكأن هؤلاء الوزراء والولاة هم المسؤولون، وكأن السياسات العامة التي تتخذها تونس سليمة والمشكلة في التطبيق، وهذا يدل على أمر خطير؛ وهو انفصال نخبة الحكم تماماً عن الشعب التونسي، وعدم إدراك جوهر المشكلة وهو الاستبداد الذي أغلق كل أبواب الحلم في التغيير السلمي الديمقراطي، والفساد الذي نهب ثروات البلاد وحوّل الحكم إلى مغنم شخصي لعائلة الرئيس ومن حولها من المنتفعين، والقمع البوليسي الذي إن نجح إلى حين في كبت الحريات– فإنه لن يستطيع السيطرة على شعب بأكمله.
لذلك ذهب بعض المراقبين في الصحف الخارجية كمراسل جارديان البريطانية، إلى أن تلك الاحتجاجات هي في جوهرها رسالة مضمونها انتهاء حكم الرئيس زين العابدين بن علي بعد 23 سنة في الحكم، وأن المسألة مسألة وقت لا غير حتى يحدث التغيير، ويقوم شخص آخر بتسليمه إنذار لترك قصر الرئاسة كما فعل هو شخصياً من قبل عندما قام عام 1987 بانقلاب قصر على رئيسه « بورقيبة » بعد مرور 3 سنوات على أحداث مشابهة عرفت وقتها بانتفاضة الخبز عام 1984م.
إذا كان الإنذار التونسي لن يجد -في الغالب– أذناً صاغية لدى نخبة الحكم التونسية، وأن أقدار الله ستجري وفق حكمته فإن العقلاء خارج تونس عليهم أن يستمعوا بجدية إلى صدى ذلك الإنذار في بلادهم، فالعاقل من اتعظ بغيره، وما أكثر الانذارات التي تأتينا من بلاد مجاورة كالسودان والعراق واليمن ولبنان.
يحمل الإنذار في بدايته أهمية الاستقرار الحقيقي وليس الاستقرار الزائف، هناك استقرار غير حقيقي نتيجة للقمع الأمني، والتعتيم الإعلامي، وكبت الحريات، وتسكين الأزمات.
هذا الهدوء الظاهري قد يستمر بعض الوقت، وقد يمتد أحياناً لعقود من الزمان، ولكنه ينفجر فجأة في وجه الجميع دون تحسب أو انتظار، كما يقول الله تعالى {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّـهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ﴿٤٧﴾} [الزمر]، وقد يأتي الانفجار من حيث لم يحتسبوا {فَأَتَاهُمُ اللَّـهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} [الحشر: 2]
الاستقرار الحقيقي يجب أن يُبنى على أسس حقيقية في السياسة والاقتصاد والإعلام والحريات في المجال العام. عندما تغيب المحاسبة والمساءلة والعقاب والثواب نتيجة غياب الشفافية وتداول المعلومات، فلتنتظر المفاجآت والانفجارات.
عندما يغيب التداول السلمي على السلطة، حتى لو كان على المقعد الثاني وليس المقعد الأول، وعندما لا تكون هناك تعددية سياسية حقيقية وحياة حزبية سليمة، وانتخابات حرة نزيهة، فلتنتظر المظاهرات والاحتجاجات.
عندما يتحول الإعلام الرسمي إلى أداة لتخدير الشعب، وإطلاق الأكاذيب الرسمية ويُصبح بوقاً لنخبة الحكم، ينصرف الناس إلى وسائل أخرى لمعرفة الحقائق وتنتشر سريعاً شرارة الغضب من مكان إلى مكان، وفي ظل التطور الكبير في وسائل الاتصالات، وعدم إمكانية فرض التعتيم الإجباري، سيصبح الناس جميعاً أدوات إعلامية تنقل الخبر وتنشر الحدث إلى أرجاء الدنيا، فيتحرك الساكن وينتفض المقموع وتندلع شرارة الغضب لتتحول إلى حرائق تنتقل من مكان إلى مكان. عندما يتعود الشعب على التعامل اليومي مع آلة القمع البوليسية، يتراكم رصيد الغضب يوماً بعد يوم، ويظل يتصاعد في انتظار شرارة ما، قد تأتي من مكان ما، في وقت لا يتوقعه أحد، ليفشل جهاز القمع الجبار عن أداء دوره، فيتحول قادته إلى تحميل المسؤولية على نخبة الحكم المحيطة بالرئيس، وعلى الرئيس نفسه لتصبح المسألة مجرد وقت لإزاحته عن سدّة الحكم ليتكرر سيناريو انقلاب القصر، إذا لم يكن الشعب يمتلك إرادة التغيير الجادة ليحدث تحولاً حقيقياً، ويستمر في غضبه ضد السياسات ومنظومة الحكم نفسها ولا يظل في انتظار منقذ أو مخلص يعود بالأمر إلى سيرته الأولى.
لقد لفت انتباهي أن الرئيس « بن علي » حمّل الشاب الذي أقدم على محاولة الانتحار مسؤولية الانتحار حيث قال: إن البعض لهشاشته النفسية قد يقدم على محاولة يائسة للانتحار، وكذلك حذّر من لجوء أقلية سماها (من المتطرفين والمحرضين المأجورين) إلى العنف والشغب؛ لأن ذلك يعطي صورة مشوهة عن بلادنا، تعوق إقبال المستثمرين والسياح بما ينعكس على توفير فرص عمل للحد من البطالة، وأعلن أنه سيطبق القانون على هؤلاء بكل حزم.
نسي الرئيس أن سياسته منذ عقدين من الزمان ركزّت على محاربة الحركة الإسلامية، ما اضطر قياداتها إلى الخروج من البلاد بعد قضاء سنوات طويلة في المعتقلات والحرمان من أي فرص نشاط بسبب المتابعات الأمنية، ثم انتقل النظام إلى سياسة « تجفيف المنابع » في حرب ضد التدين نفسه حتى في أبسط مظاهرة للبس الحجاب وارتياد المساجد للصلاة في جماعة.
فإذا كانت هذه هي سياسة النظام فماذا ينتظر من عواقبها سوى هشاشة نفسية، لأنه إذا غاب الإيمان الحقيقي، وحورب الإسلام في مظاهره البسيطة؛ فمن أين يستمد الشباب قوة نفسية لمواجهة صعاب الحياة، تمنعهم من اللجوء إلى الانتحار والتخلص من حياة بائسة لا أمل فيها أو اللجوء إلى إدمان المخدرات لنسيان الواقع والحياة في سراب الأوهام، ما يؤدي بهم إلى عالم الإجرام لتوفير نفقات الإدمان.
وإذا كان هم الرئيس هو جلب الاستثمارات؛ فالسؤال هو أين تذهب عوائد تلك الاستثمارات؟ ولماذا لا يتم إعادة تدوير عوائد السياحة بحيث لا تقتصر على الساحل الشمالي فقط، فقد انطلقت الأحداث من الداخل التونسي قبل أن تنتقل إلى العاصمة، وانتبهت الحكومة مؤخراً وبدأت البيانات تتوالى عن الاهتمام بالجهات المختلفة.
الإنذار التونسي هام لنعيد ترتيب أولوياتنا خاصة في مجال التنمية وتوزيع حصص الاستثمارات وعوائد التنمية بعدالة تشمل الجميع.
وأيضاً إعادة رسم السياسة الأمنية ليعود الاهتمام بأمن المجتمع والمواطن بدلاً من الاهتمام بأمن الرئيس والنظام، ويعود جهاز الشرطة لخدمة الناس بدلاً من خدمة الحزب والحكومة، ولنا الآن في ظلال حادثة الإسكندرية البشعة التي راح ضحيتها 21 قتيلاً وأكثر من 43 جريحاً عبرة في إعادة رسم السياسات الأمنية، خاصة وقد أتى الحادث عقب تهديدات خطيرة من تنظيمات غير مصرية، ويحمل تطوراً نوعياً هاماً بتفجير سيارات ملغومة لم تعرفها مصر من قبل؛ ما يعني اختراقاً أمنياً خطيراً.
ولا بد كذلك من إطلاق الحريات العامة لكل التيارات والقوى السياسية لتستوعب طاقات الشباب، مع فتح مجال التغيير السلمي والتداول على السلطة بطرق دستورية.
أما الإعلام وحريته فهذا حديث ذو شجون، فلم يعد يجد أية إجراءات للتعتيم والإظلام، فلعل هناك عاقل يرى ويسمع ويعقل ما جرى في تونس الخضراء التي يوشك أن تتحول إلى حرائق تحرق الجميع.  
(المصدر: جريدة السبيل الأردنية بتاريخ 01 جانفي 2011)     


خَـرِيفُ الغَضَـبْ


خـالد الطـراولي ktraouli@yahoo.fr كلمات عابرة استوقفها الوزن أحيانا حتى لا ترتعش، ثارت على العروض أحيانا حتى لا تبتئس، سارعت تحمل وجدانا ومشاعر تريد أن تعبّر عن غضب يملأ الآفاق، في لوحة شعرية تتماهى بين السواد والبياض، تسعى جاهدة أن تصدع بتضامنها، ولو على الأسطر وعبر وهج الحروف، مع أهلنا في « سيدي بوزيد » في انتفاضتهم المباركة…كلمات خرجت من القلب وإلى القلوب تطمح الولوج!   ملاحظة : هذه القصيدة قطعة من مجموعة شعرية ننشرها قريبا عن دار الكلمة بالقاهرة بالتعاون مع الملتقى العربي الأوروبي        صَرْخَةٌ بِلَيْلْ نِدَاءٌ مِنْ فَوْقِ جِسْرْ جَسَدٌ يَحْتَرِقْ أَمَلٌ يَنْزَلِقْ أَصَابِعُ تَتَّهِمْ كُثْبَانُ رَمْلٍ تَتَحَرّكْ عَلَى هِضَابٍ مَائِلَة فِي صَحْرَاءِ تِيهٍ تَتَوَارَى يَغْشَاهَا سَوَادْ مِنْ فَوْقِهِ سَوَادْ مِنْ تَحْتِهِ سَوَادْ بَحْرٌ لُجِّيٌّ يَتَعَاظَمْ أَمْوَاجٌ تَتَلاَطَمْ زَبَدٌ لاَ يَنْفَعُ النَّاسَ يَتَرَاكَمْ *********** سَاعَةٌ عَلَى الجِدَارْ وَطِفْلٌ فِي الأَحْضَانْ خَنَادِقٌ وَسَرَادِيبْ طَرِيقْ بِالأَشْوَاكْ زَاحِفْ جَهْلٌ وَنِسيَانْ مِطْرَقَةٌ وَسِنْدَانْ نِسْمَةُ صَيْفٍ عَابِرَة خَرِيفُ غَضَبٍ يَعْبُرُ الوِجْدَانْ وَالقَلْبُ بَيْنَ إِصْبَعَيْن مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَانْ *********** بِئْرٌ مُعَطَّلَةٌ قَصْرٌ مُغْلَقُ الأَبْوَابْ حَاجِبٌ يُنَادِي أُسْعِدْتُمْ مَسَاءً يَأَهْلَ الدِّيَارِ أُسْعِدْتُمْ مَسَاءً يَأَهْلَ العَذَابْ سَيِّدٌ عَلَى عَرْشِه يَتَمَايَلْ وتَمَسّحُُ بِالأَعْتَابْ وَفَتَى يُشْعِلُ نارًا لاَ بَرْدًا وَلاَ سَلاَمًا لِيُنِيرَ الهِضَابْ شَمْعَةٌ تَذُوبُ دَمْعًا وَشَمْسٌ أَطَلَّتْ مِنْ وَرَاءِ السَّحَابْ وَجَسَدٌ يَخْتَفِي قُرْبَانًا أُنْشُودَةُ وَفَاءٍ وَعَذَابْ وَصَرْخَةٌ تُمَزِّقُ الوِجْدَانَ كَفَى عَبَثًا كَفَى لَعِبًا بِالسَّرَابْ *********** شَمْسٌ تَبْحَثُ عَنْ فَجْرِهَا وَالفَجْرُ رَاصِدٌ بِالبَابْ وَمِنْ بَيْنِ الثَّرَى طَلَعَتِ الثُّرَيَّا وَتَعَلَّقَتْ بِهَا الأَهْدَابْ وَرْدَةٌ زَرْقَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تُعْجِبُ الزَّارِعَ والحَصَّادْ شَوْكٌ عَلَى الأَطْرَافِ يَتَعَالَى وَالوَرْدُ مَاسِكُ الأَطْرَافْ *********** رُكْنٌ مِنْ حَدِيدٍ قَائِمْ بَيْتٌ مِنْ نَارٍ عَاصِفْ عُيُونٌ حَمْرَاءْ وُجُوهٌ حَمَّالَةُ أَوْجُهْ قَوَافِلُ تَزْحَفْ صِبْيَةٌ تَضْحَكْ بَرَاءَةٌ تَتَلَألأْ رَبِيعٌ فِي الآفَاقِ يَتَرَعْرَعْ وَلَوْحَةٌ لاَ تَحْمِلُ عِنْوَانْ وَطَنٌ يَبْحَثْ عَنْ رَبِيعٍ يَبْحَثْ يَبْحَثُ عَنْ إِنْسَانْ *********** جــانفي 2011  


لسنا عبيدا في ضيعتك


عبد الرحمان الحامدي ألم يحن الأوان فتستحي من شيبتك وتتق الله فينا فتعلن توبتك يدك التي تبطش بها لن تحفظ هيبتك
ومساحيق وجهك لن تستر عورتك هتكت أعراضا لتفرض شرعتك وزرعت رعبا تخفي به خيبتك
فمتى يا ظالما توقف سطوتك جوع من شئت فالرزق ليس بيدك واصنع المستحيل لن نركع لك إرحل إلى الأبد لسنا عبيدا  في ضيعتك لسنا عبيدا في ضيعتك لاجئ مقيم حاليا بسويسرا


الإقصاء التونسي التاريخي مرتبط بجذوره الفرنكفونية

التوافق التونسي.. من الأيديولوجيا إلى الضرورة

تعدد التحالفات في المشهد الفكري السياسي التونسي لا يعكس انقساما  


الكاتب التونسي رياض الشعيبي    بقي الاختلاف إلى حين شاسعا بين نموذجين للمجتمع التونسي،  نموذج علماني تقدّمي تصدّر المشهد السياسي لكنه عادة ما يتهم بأنّه تغريبي واستمرار للمشروع الاستعماري الفرنسي في البلاد، ونموذج قومي حضاري باهت في صورته الأولية عاجز عن أن يسلك طريقه في الواقع تحت وطأة الملاحقة الفكرية والإقصاء السياسي. غير أن هذه الصورة النمطية التي صبغت عقودا من الصراع القاتل بين هذين النموذجين، تغيّرت في السنوات الأخيرة بعدما تشكلت توافقات سياسية جديدة على أساس رؤية مجتمعية دنيا أعادت بناء العلاقة بين الفكري والسياسي في مرجعية كل أطرافها. كما أعطت هذه التحالفات صورة جديدة عن الحراك السياسي داخل المجتمع التونسي، في علاقته بتقاليد العمل السياسي بالبلاد منذ الاستقلال، وفي نموذج الالتقاء العلماني الإسلامي الذي أصبح محل متابعة إعلامية وسياسية عربية ودولية. تاريخية فكرة التوافق في المنتظم السياسي التونسي الحديث من الجدير بالملاحظة أن دولة الاستقلال التونسية قامت منذ تشكلها على طابع إقصائي ليس بغريب عن الرّؤية الحداثيّة الفرنكفونيّة التي حملها بعض زعماء الحركة الوطنيّة من أصحاب التعليم العصري الذي آل بأصحابه إلى الجامعات الغربية وخاصّة الفرنسية. لم تر فكرة التوافق السياسي النّور آنذاك رغم وجود تنوع حقيقي في الواقع السياسي والاجتماعي التونسي(1) في النصف الأوّل من القرن العشرين. تنوّع بين رؤية تجد تعبيراتها في قضايا المرأة ومؤسِّسات الدولة القطرية وتنظيماتها العمومية والتحديث البنيوي وبين رؤية عروبيّة إسلامية جمعت بين لسان الثقافة العربية وروح مشروعها المجتمعي واعرافه والطابع القومي الحضاري. فكان لإقصاء التيار العروبي الإسلامي واستغلال مشروع التحديث القسري لمؤسسات الدولة وإمكاناتها المادية والمعنوية وقوتها التخطيطية، الأثر العميق في زرع روح عدم التسامح ورفض المختلف وتجذير العنف كممارسة شائعة في المنتظم السياسي وحتى الاجتماعي التونسي الحديث. برز ذلك في مسار الحراك السياسي والاجتماعي على امتداد عقود من الاستقلال التّبعيّ والتحديث القسري، في العنف السياسي المنظم الذي مارسته المؤسسات العمومية ومن خلال عقيدة التغيير الثوري التي سادت مختلف الفاعلين السياسيين، وعبر حركات التمرد المسلحة المدعومة خارجيا أو المتدحرجة من أجهزة الدولة. ولكن الاثر الأبرز تمثل في الإضرابات الاجتماعية التي وجّهها الاتحاد العام التونسي للشغل أو الاضطرابات العفوية التي أشعل نارها الشارع التونسي الناقم على خيارات السلطة الاقتصادية والسياسية وحتى الثقافيّة. وأخيرا ما ظهر من إرهاصات تفاعل صحويّ محلّي مع موجة قاعدة الجهاد العالمي ضد التسلّط والاستكبار. تولدت على أرضية دولة الاستقلال حساسيات فكرية وسياسية عديدة ما كان لها لتدرك أهمية فكرة التوافق وتأثيرها في الفاعلية النضالية لقوى التغيير ونجاعة تصوراتها المجتمعية البديلة. لذلك أصبح التميز الفكري في السبعينات خاصة ،وفي إطار العائلة اليسارية على الأخص، عنوان الامتياز السياسي دون اعتبار لتشتت الآراء وضعف البدائل. ما كان متوقعا رواج فكرة التوافق في مرحلة تاريخية سادتها الطوباوية الثورية والطهرية النضالية والإيديولوجيات الشمولية. بل إن من آليات التاريخ التقدمي الصراع الثوري العنيف ضد الرجعية الرسمية والظلامية الأصولية بحسب التصورات الماركسية اللينينية التي كانت تعد الايدولوجيا الغالبة لشتات اليسار التونسي آنذاك. وفي الحقيقة، ما كانت الجماعة الإسلامية انذاك وبقية التشكيلات الحزبية قابلة بفكرة التوافق، ومدرجة لها في بنية وعيها ونضج تقديرها، إلا ما ظهر من بعض الطفرات والإرهاصات المبكرة في البيان التأسيسي لحركة الاتجاه الإسلامي وفي فكر زعيمها الشيخ راشد الغنوشي، أو في الانفتاح السياسي على مختلف الفرقاء لرئيس حركة الديمقراطيين الاشتراكيين الإصلاحية السيد احمد المستيري. لقد كان الاختلاف الإيديولوجي يشق عميقا النخب السياسية والثقافية التونسيّة ويتعدى مجرد المعارضة الحزبية، كما نراها في المجتمعات الديمقراطية الحديثة، ليثير الصراع حول النموذج المجتمعي الأنسب للواقع التونسي، كما لو كان الجميع ينهل من القول البورقيبي بأن هذا « الشعب ذرات من غبار » يمكن تأليفها وإعادة تركيبها وفق النمط المفترض.       من المفارقات أنّ هذه الخلفيات السياسية والإيديولوجية ما كان لها لتؤشّر على إمكان قيام تحالفات بين فرقاء سياسيين لولا ما قامت به مختلف الأطراف من تقليب للأمر على وجهيه. من وجهة أولى تقدير المصلحة الوطنية في قيام توافقات سياسية واسعة، من خلال وعي ذاتي مكّن مختلف الأطراف المتحالفة من تجاوز العائق الجيني- بوليتيك المشترك بينها، والمتمثّل في ضرب من التنافي بما استقرّ في الذاكرة الجمعيّة من موروث الإقصاء السياسي والفكري الذي طبّعت معه دولة الاستقلال فأحالته ثقافة سياسية دارجة. أمّا الوجهة الثانية، لهذه التحالفات فتتعلق بالانغلاق السياسي التام الذي أعجز مختلف الأطراف عن مواجهته منفردة، لانحسار في امتدادها الجماهيري أو لمعوقات قانونية وسياسية تتعلق بشرعية تواجدها فضلا عن فاعليتها السياسية والإعلاميّة. هذا التعاضد بين الرغبة في رفع التحديات القاتلة التي جعلت من الحراك السياسي عملا عبثيا أمام تغوّل الدولة ومؤسّساتها، وبين مراجعات فكريّة وسياسيّة امتدت على عشريّة التّسعينات من القرن الماضي، بلور بوضوح فكرة التوافق السياسي في الواقع التونسي. ولئن حاولت السلطة تشكيل أرضية سياسية تؤسّس عليها مشروعيتها من خلال « الميثاق الوطني »، ثم عبر مقولة الوحدة الوطنية، وأخيرا عبر حزام من أحزاب الموالاة، فإنها كانت في كل مرة تفشل في مشروعها في أن تنشئ حالة توافقية حقيقية. وعوض أن تكون فكرة التوافق السياسي منطلقا لمشروعية سياساتها. فإنها تصبح  منزلقا لممارسة أشكال متعددة من الإقصاء والتهميش تتحول معه إلى سياسات دفاعية تبريريّة عاجزة عن التخلص من نوازع الاستلاب. لذلك فان فكرة التوافق السياسي في الواقع التونسي لا يمكن فهمها إلا إذا كانت قائمة على استقلالية الإرادة والقرار السياسيين لمختلف الأطراف دون اعتبار حجمها أو أسسها الفكرية والسياسية. وهذا حال التوافقات التي نشهدها منذ مدة بين أحزاب المعارضة الجادّة المعترف بها قانونا أو تلك التي تفتقد هذا الاعتراف لكنها تملك مصداقية سياسية وواقعيّة. موقع التيّار الإسلامي من خارطة التّحالفات السّياسيّة الجديدة المتأمل في الحياة السياسية في تونس، خلال السّنوات الأخيرة، يلاحظ أنّها تتقاسمها ثلاثة تحالفات أساسية لم ترتق جميعها إلى مستوى التّوافق حول النموذج المجتمعي: – السلطة التي تتخذ التجمع الدستوري الديمقراطي واجهة حزبية لسياساتها، وتوسّع أرضيتها السياسية عبر تأطير أحزاب الموالاة – تحالف المواطنة والمساواة – هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات. 1) السلطة وحلفاؤها: حسمت سلطة 7نوفمبر 1987 أمرها مبكرا باحتضان الحزب الاشتراكي الدستوري الذي حكم البلاد منذ الاستقلال وعلى امتداد ثلاثين سنة. فلم تزد عن تغيير اسمه ليصبح   التجمع الدستوري الديمقراطي وضخّت داخله باستمرار قوى يسارية رجّحت في إستراتيجيتها تقديم مواجهة الخطر الإسلامي على قوى الاستغلال الرّأسمالي. كما أحاطت السّلطة آلتها السياسيّة بأحزاب معترف بها تتجمع حول البرنامج السياسي للرئيس زين العابدين بن علي والمشروع السّلطوي لعهده الجديد. مثّل اجتماع الحزب الحاكم من جهة، وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين والحزب الاجتماعي التحرري والوحدة الشعبية والاتحاد الوحدوي الديمقراطي والخضر كأحزاب موالاة مضاف إليها بعض فسيفساء اليسار التونسي وبعض الشخصيات الدينية من جهة ثانية، الإخراج السياسي لفكرة الوحدة الوطنية حول الرّئيس بن علي. ما يلاحظ في هذا التحالف أنه مرتبط بالسلطة وبخياراتها، بل انه يتمحور حول نوع من الزبونية السياسية والالتفاف المغشوش حول برنامج رئاسي لسلطة تٌحوّل الأحزاب الموالية لها إلى أجراء عموميين. لذلك تغيب الرؤية السياسية المشتركة حول مجمل القضايا الوطنية فضلا عن المشروع المجتمعي الواحد. 2) تحالف المواطنة والمساواة: تشكل بمناسبة الانتخابات الرئاسية والتشريعية 2009. شمل هذا التحالف حزب التجديد، الذي غير اسمه القديم أي الحزب الشيوعي التونسي كما غيّر بعضا من أرضيته الفكرية والسياسية، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، الذي جمع عددا من نخب فاعلة من عائلات سياسية متنوعة، وحزب العمل الوطني الديمقراطي، أحد الأحزاب اليسارية الراديكالية، وتيار الإصلاح والتنمية، الذي جمعته تجربة اندماج فاشلة ضمن الحزب الديمقراطي التقدمي وهو مزيج من الإسلاميين التقدميين والعلمانيين، ومجموعة من المناضلين السياسيين المستقلين. « هذه الأطراف السياسية ترى أن القواسم المشتركة التي تجمعها تشكل منطلقا لعمل سياسي مثمر يلبي حاجة البلاد للإصلاح ويستجيب لانتظارات المواطنين ويمكن المعارضة الديمقراطية من تجاوز تشتتها ومن التطور والنجاعة، ويتأسس على قيم مشتركة من شأنها أن تعزز تماسك المجتمع وتجسد تضامنه، وتضمن استقلال البلاد واستقلالية قرارها »(2). هذا التحالف ولئن تجاوز بسرعة الصعوبات الفكرية التي اعترضت هيئة 18 أكتوبر، مؤكدا على النهج الإصلاحي المرن وغير المتشنّج والرؤية السياسية القائمة على « رفض توظيف الدين في الصراع السياسي والالتزام باستبعاد مسألة الهوية من دائرة المزايدات السياسية، وتعلقا منها بمبدئية استقلال قرارها السياسي واحترام مؤسسات الدولة، وتشبثا بضرورة الاحترام المتبادل بين كل الأطراف السياسية مهما اختلفت رؤاها ومواقفها، وتمسكا بأهمية البناء على ما هو مشترك دون طمس الاختلافات، واعتماد مقاربة ناجعة تمكّن من تجاوز العقبات القائمة على طريق التغيير الديمقراطي السلمي »(3)، إلا أن ضعف تمثيليته للحساسيات السياسية والفكرية في الواقع جعلت من توافقاته حول الحريات وحقوق الإنسان ومدنية الدولة والهوية العربية الإسلامية للبلاد ذات تأثير محدود في الحراك السياسي العام. بل إن تشكل هذا التحالف المتأخر زمنيا دفع للتساؤل عن الأسباب الحقيقية لانعقاده منفردا دون الانضمام إلى هيئة 18 أكتوبر التي سبقته والتي لا تختلف عنه لا من جهة المطالب السياسية ولا من جهة نوعية مكوناته الايديولوجيّة. 3) هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات: ضمت مجموعة من الأحزاب اليسارية والإسلامية والعلمانية والقومية وبعض الشخصيات الوطنية والحقوقية المعارضة: – تشكلت هذه الهيئة بداية حول مطالب أساسية هي العفو التشريعي العام وحرية التعبير وحرية التنظم واستقلال القضاء ومقاومة الفساد وتوفير شروط انتخابات حرة ونزيهة. لكن أعضاء هذه الهيئة سرعان ما تحولوا إلى التقاء سياسي وفكري حول مشروع للانتقال الديمقراطي. – ما تميز به هذا التحالف هو اجتماع الإسلاميين ممثلين في حركة النهضة مع خصومهم الإيديولوجيين الأشد أي حزب العمال الشيوعي التونسي في حوار فكري سياسي يعد سابقة في علاقات الأطراف السياسية في تونس. كما تضمن هذا التحالف الحزب الديمقراطي التقدمي الأكثر انفتاحا على الإسلاميين الخارجين للتو من سجونهم الطويلة والمنهكة، والمؤتمر من أجل الجمهورية والتيار الناصري وشخصيات هامة على الساحة الحقوقية والسياسية التونسية. – تحوّل هذا الالتقاء النضالي الحقوقي إلى حوار حول أرضية فكرية لمشروع مجتمعي مشترك بين شركاء الهيئة، أنتج ثلاث ورقات فكرية أساسية أولى حول حرية المرأة ومجلة الأحوال الشخصية ثم ثانية تتعلق بحرية الضمير والمعتقد وأخيرا ثالثة حول الدولة والهوية. أهمّ التّوافقات النّظرية والإستراتيجية بين العائلات السياسية التونسية يبدو اليوم أن أرضية الفكر السياسي تقرّب الفرقاء السياسيين التونسيين أكثر مما تباعد بينهم بغض النظر عن تموقعهم ضمن تحالفات متعددة. فتعدّد التحالفات لا يعكس تناقضا بين أطروحات الأحزاب غير المنضوية في تحالف واحد، كما لا يعكس التقاء المتحالفين توافقا أكبر من غير المتحالفين. ففي قضية ذات أهمية بالغة في المجتمع التونسي مثل قضية الاستبداد يكاد يصطف الجميع متمترسين بمبادئ حقوق الإنسان والحريات العامة والحكم الرشيد حيث تغيب الفوارق الإيديولوجية. وفي قضية ثانية كقضية الهوية بات الإجماع واضحا اليوم أنّ الانتماء العربي الإسلامي للمجتمع التونسي ليس مجرد قضية تاريخية إنما أيضا هويته الثابتة التي لا ينازعها فيها أحد. وكذا الأمر فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية ومقاومة الفساد وإرساء آليات توزيع عادلة للثروة وتثبيت مكاسب العمال فضلا عن تدعيمها. إذ يجب على الدولة الديمقراطية المنشودة « مساندة القضايا العادلة في العالم والدفاع عن تطلعات الشعوب العربية والإسلامية المشروعة نحو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، كما تعمل على مكافحة كل أشكال الاضطهاد الداخلي والاستعمار والهيمنة الخارجية »(4). ولقد تكثفت هذه التوافقات حول ثلاثة محاور: 1) القضايا المنهجية والسياسية: القبول بالتداول السلمي على السلطة وفق انتخابات حرة ونزيهة والتعايش الحواري بين مختلف الحساسيات – التوافق على مبدأ المواطنة كأساس للحقوق والواجبات في دولة مدنية تحترم الحريات وتحفظها(5) – احترام الحريات العامة والأساسية التي نصت عليها كل الاتفاقات الدولية. 2) في التحديث المجتمعي: اعتبار قضايا المرأة وتحريرها الكامل العنوان الأبرز للتحديث المجتمعي(6)  – التأكيد على أهمية تعريب التعليم والثقافة في المحافظة على الهوية الوطنية التونسيّة – مراعاة ثقافة المجتمع وأعرافه ومقدساته في كل تقنين للحياة العامة(7) – الانفتاح الثقافي واعتبار الحداثة الإنسانية كمعيار للتمدن المجتمعي. 3) التموقع الجيو-إستراتيجي للبلاد: الاتفاق على العمق الحضاري والاستراتيجي للبلاد وانتماءاتها العربية والإسلامية (8) – مراعاة العلاقات التاريخية والثقافية بالغرب الأوروبي. هذه التوافقات حول النمط الحياتي والنموذج المجتمعي المنشود بين مختلف الحساسيات الفكرية المنضوية في « تحالف المواطنة والمساواة » وضمن « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » وحتى مع بعض القوى السياسية والمهنية والجمعوية الأخرى، مازالت تفتقد عوامل القوة التي تجعلها تتحول بيسر إلى تيّار وطني جامع بسبب ما يعانيه المجتمع السياسي التونسي من ترهّل هيكلي واختراق سياسي وتنازع زعامات. رياض الشعيبي: كاتب تونسي. هوامش الدراسة 1 – نجد تفصيلا كاملا للتنوع الفكري داخل المجتمع التونسي خلال النصف الأوّل من القرن العشرين في كتاب محمد الفاضل بن عاشور: الحركة الأدبية والفكرية في تونس- الدار التونسية للنشر 1978. 2 – مشروع أرضية تحالف المواطنة والمساواة 10 جوان 2010. 3 – نفس المرجع. 4 – وثيقة هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات بتونس – باريس: 2005-2010: بناء تحالف واسع للتغيير الديمقراطي في تونس. 5 – « الديمقراطية المنشودة لا يمكن أن تكون إلا دولة مدنية، قائمة على مبادئ الجمهورية وحقوق الإنسان، وتستمد مشروعيتها من إرادة الشعب، وتقوم على مبادئ المواطنة والحرية والمساواة وتسهر على ضمان حرية المعتقد والتفكير، ومقاومة كل أشكال التمييز بين المواطنين » وثيقة الدولة والدين والهوية الصادرة عن هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات. 6 – « حققت المرأة التونسية مكاسب هامة على طريق تحررها كإنسان ومشاركتها على قدم من المساواة مع الرجل في مختلف مجالات الحياة، وجاءت هذه المكاسب ثمرة لحركة الإصلاح التي حمل لواءها مفكرون ومصلحون كبار كان لهم شرف الدفاع عن تعليم المرأة وتحريرها والنهوض بأوضاعها كما جاءت ثمرة لنضال دؤوب خاضته حركات نسائية من مختف المشارب الفكرية عملت على مدى القرن الماضي على فك عقال المرأة وإخراجها إلى الحياة العامة » إعلان هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات حول حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين. 7 – إن ضمان حرية الضمير وحمايتها، وتفعيل المبادئ العالمية لحقوق الإنسان ونصوص المعاهدات الدولية لا يتعارض إطلاقا مع مكانة الإسلام ووزنه ومع الإرث الثقافي العربي-الإسلامي في مجتمعنا، بل إنه يفضي إلى تفاعل خلاق بين هذه الأخيرة ومكتسبات الحداثة الإنسانية بعيدا عن أي اغتراب ثقافي، وإلى اجتهاد بشري مفتوح للجميع بعيدا عن نزوعات الاحتكار أوالقداسة » وثيقة هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات بتونس – باريس: 2005-2010: بناء تحالف واسع للتغيير الديمقراطي في تونس. 8 – « ويمثل الإسلام، باعتباره ديانة غالبية التونسيات والتونسيين، كما أصالة انتماء المجتمع للحضارة العربية-الإسلامية، دعامة ذات أهمية خاصة لهذه الدولة الديمقراطية. دون أن يشرّع ذلك لأيّ شكل من أشكال الاحتكار أو التوظيف » نفس المرجع.   (المصدر :  موقع أون إسلام. نت بتاريخ 02 جانفي 2011 )


نابل في 01 جانفي 2011 بيان مشترك بشأن ما يتعرض له الشاب مهدي هلال


يواجه الشاب مهدي هلال العامل في مخبزة والقاطن بنهج أندونيسيا حي البرج نابل ومنذ ثلاث سنوات متواصلة ، هرسلة ومضايقات من طرف الشرطة وفرقة « توقي الإرهاب » حيث أقتيد في مناسبات متكررة إلى المقرات الأمنية ووقع اقتحام منزله وتفتيشه دون إذن من السيد وكيل الجمهورية و كان آخرها منذ أسبوع حيث قام المدعو سفيان الخبري رئيس مركز الشرطة ببئر شلوف بإقتحام البيت وترويع ساكنيه وحجز عددا من الكتب المتداولة في المكتبات . كما أحتجزت بطاقة تعريفه الوطنية لمدّة أسبوع وأجبر يوميا وعلى مدى أسبوع كامل على التردد على مركز الشرطة ، والبقاء في الإنتظار بالمركز ساعات طويلة مما أثر على علاقته بمشغله ، وقام أعوان البوليس في العديد من المرّات بممارسة ضغوط على صاحب العمل كي يطرده ، وقد كان آخرها حسب ما أفادنا به المهدي هلال  ما قام به العون  بـ « فرقة توقي الإرهاب »معز بن حمادي بريدع الذي ذهب إلى صاحب المخبزة وضغط عليه كي يقوم بطرد الشاب المهدي ، مدعيا أنه سينجر عن تشغيله مشاكل وبناء على ذلك يعتزم الشاب مهدي هلال رفع شكوى إلى السيد وكيل الجمهورية وتتبع أصحاب تلك التجاوزات قضائيا ، ويحمّل كل الأطراف المعنية ما يحدث له . ونحن الجمعيات والمنظمات الحقوقية الموقعة أسفله : 1) نستنكر الأساليب الغير قانونية التي يمارسها جهاز الأمن مع الشاب المهدي هلال ومع غيره من شباب المنطقة ، ونطالب بوضح حدّ فوري لها . 2)نحذّر من التمادي في ممارسة الضغوط على مشغل الشاب المهدي هلال وما يمكن أن ينجرّ عن طرده من عمله من آثار إجتماعية عليه وعلى أسرته ، ونذكّر بالأسباب التي اشعلت إنتفاضة سيدي بوزيد وهو ما يدعو أصحاب القرار الى التحلي بالمسؤولية والإلتزام بالقانون في التعامل مع المواطنين . 4) نجدد مطالبتنا بفتح تحقيق بشأن التجاوزات التى يقوم بها جهاز الأمن في الجهة مع العديد من الشبان والتي ليس لها أي مبرر . الممضون: السيد عبد اللطيف البعيلي عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان السيد الحبيب ستهم عضو جامعة نابل عن مكتب الحقوق والحريات السيد فوزي قارعلي عضو الجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين السيد السيد المبروك  عضو منظمة حرية وانصاف  


الرابـــــــــطــــة التـونسيــــة للدفــــــاع عـــــن حقــــــــوق الإنســــــــان فـــرع صفـاقـس الشمـالية صفاقس في 31 ديسمبر 2010 بيـــــان  


حوالي الساعة الخامسة من بعد ظهر اليوم الجمعة 31 ديسمبر 2010 حاصرت أعداد غفيرة من أعوان الأمن بأزياء مدنية مقهى المحيط بمدينة صفاقس  ومنعت أعضاء هيئة فرع صفاقس الشمالية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من الإلتقاء و التشاور حول أزمة الرابطة و الشأن الحقوقي  وقد قام أعوان الأمن بالجلوس إلى طاولتهم ومحاصرتهم والتشويش عليهم ومضايقتهم وذلك لمنعهم من التواصل والتخاطب و رغم احتجاجات أعضاء هيئة الفرع ورفضهم لهذه الممارسات قام بعض الأعوان بتهديدهم بدنيا و إرغامهم على الإنسحاب   مع التذكير بأن فروع الرابطة في كافة البلاد محاصرة ويمنع الدخول إليها منذ سنة 2005 بدون وجه قانوني أو إذن قضائي. إن فرع صفاقس الشمالية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان  إذ يستنكر هذه الممارسات غير المقبولة والمنافية للقوانين في حق هيئته  يؤكد   على أن حظر الجلوس في المقاهي على النشطاء الحقوقيين ممارسة غير قانونية و غير مقبولة تمثل اعتداءا على حق المواطن في حياة مواطنية ومدنية عادية  تتعارض مع حرية التعبيروحق التجمع  وتعرقل المساعي المبذولة للتعجيل بحل أزمة الرابطة  بمساهمة كل هياكلها و   منخرطيها  لكي تؤدي دورها الذي من بين مشمولاته توفير ملاذ للمتظلمين والمهمشين وتبني مشاغلهم والدفاع عنهم  مساهمة في صيانة كرامة المواطن وتقوية مناعة الوطن . كما  يحث فرع صفاقس الشمالية السلطات  على احترام حق الإجتماع و التجمع السلمي وحماية المجتمعين والمتظاهرين وتأهيل  المؤسسات والهياكل الجهوية والمحلية للمجتمع حتى تواكب طموحات التونسيين المتطورة والمطالبة بالمساهمة  في تنمية مواطنية ومجتمعية ديمقراطية حامية لقيم العدالة والمساواة والاعتدال والتسامح والتعايش في سلام .  رئيس الفرع  عبدالعزيز عبدالناظر                      


بسم الله الرحمن الرحيم

حركة النهضة تستنكر استهداف الأقباط ووحدة مصر


تعرضت كنيسة مجمّع القديسين بالإسكندرية في الساعة الأولى للسنة المسيحية الادارية2011 لعمل إرهابي خطير اقترفته جهة إجرامية  لم يكشف بعد عن هويتها ،وإن اتجهت الأنظار إلى منظمة القاعدة بسبب ما كان قد صدر عنها من تهديد لأقباط مصر بناء على احتجاز الكنيسة لسيديتين في دير قد أسلمتا، لردّهما عن الإسلام. وقد حدث التفجير للكنيسة المذكورة  خلال مغادرة المصلين لها ، ما أودى بحياة العشرات ،  بين قتيل  وجريح، بينهم مسلمون،وهو ما أحدث صدمة كبرى في الشارع المصري ، واستفظعته  المراجع الدينية المسلمة والمسيحية  على الصعيدين  المحلي والعالمي بسبب مصادمته السافرة  للقيم الدينية والإنسانية المشتركة  الداعية إلى الأخوة والرحمة والتضامن والنابذة للكراهية وللوقيعة بين جناحي الوطن المصري المسلم والمسيحي وإشاعة روح الثأر في  المنطقة والعالم وبخاصة على صعيد الوحدة الوطنية لمعظم أوطاننا وعلى صعيد العلاقات الإسلامية المسيحية في المستوى العالمي أيضا ، بما يمثل تهديدا لعقد المواطنة وللتعايش بين أهل الديانات والمذاهب المختلفة وللسلام الاجتماعي ولما يثيره من عداوات وفتن طائفية تفتح الأبواب للتدخل الأجنبي في شؤون أوطاننا بذريعة حماية الأقليات.
وحركة النهضة، وهي تستشعر الألم والغضب:
·تستنكر وتدين وترفض بشدة  هذه الجريمة النكراء في إزهاق أرواح وسفك دماء بريئة وتهديد لوحدة البلاد المصرية  وتضم صوتها  إلى صوت الأزهر الشريف وللكنيسة القبطية المرقسية ولاتحاد علماء المسلمين ولكل الهيآت الرسمية والشعبية   وترفع تعازيها إلى نيافة الأنبا شنودة رئيس الكنيسة القبطية والى كل أقباط مصر ومسلميها سائلة الرحمة للضحايا والشفاء للجرحى والصبر لذويهم.
·تؤكد  أن مثل هذه الجريمة الشنيعة لا يمكن أن تجد لها سندا في كتاب الله عز وجل الذي  أسس أسسا راسخة  في آيات محكمات عديدة للاعتراف  القطعي الثابت بالتعدد الديني واعتبار القناعة الشخصية   أساس الاعتقاد الديني ، بما لا يستبقي مكانا للإكراه في كل صوره . قال تعالى: »لا إكراه في الدين »/  255 البقرة   /. وجاءت أول تجربة تطبيقية للإسلام على يد خاتم الأنبياء عليه السلام،  ترجمة أمينة لاتجاه السماحة والتعدد الراسخ ، كما عبر عنه دستور المدينة « الصحيفة »، وهو ما كان له أبلغ الأثر في تجربة التعايش بين المسلمين وبين أهل كل الديانات الأخرى على امتداد تاريخ الإسلام ، فبرئ  من الحروب الدينية والمذهبية ، وبخاصة مع المواطنين من النصارى « ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى »/المائدة81.  وتتأكد الخصوصية في حق أقباط مصر رعاية لرحم الرسول  الأعظم  عليه السلام فيهم وإيصائه بهم خيرا.
·وبصرف النظر عن الجهة الإجرامية الإرهابية التي اقترفت هذا الصنيع الذي لا يمكن سلفا تبرئة أعداء الأمة منه. وفي طليعتهم العدو الصهيوني المستفيد الأعظم من زعزعة بنيان أوطاننا،  تبقى هذه الجريمة عارية من كل سند شرعي ، وتبقى داحضة شبهة الحجة التي سوغ بها الإرهاب القاعدي توجيه تهديده للمواطنين المصريين الأقباط  بذريعة الدفاع عن امرأتين قبطيتين أسيرتين زوجتي قسيسين اهتدتا فتم احتجازهما  لردّهما عن الإسلام.  
لندن 01 جانفي 2011    رئيس حركة النهضة  الشيخ راشد الغنوشي


اللجنة التونسية المصرية للتشاور السياسي يومي 3 و4 جانفي

تونس (وات) تنعقد يومي 3 و4 جانفي 2011 بمقر وزارة الشؤون الخارجية أشغال الدورة الثانية عشرة للجنة التونسية المصرية للتشاور السياسي برئاسة السيدين كمال مرجان وزير الشؤون الخارجية واحمد ابو الغيط وزير الخارجية بجمهورية مصر العربية. ويندرج هذا الاجتماع في اطار الحركية التي تشهدها العلاقات الاخوية القائمة بين البلدين وسنة التشاور السياسي التي دأب عليها الجانبان تكريسا للارادة السياسية السامية للرئيس زين العابدين بن علي وأخيه الرئيس محمد حسني مبارك في الارتقاء بالعلاقات التونسية المصرية الى أعلى المراتب خدمة لمصالحهما المشتركة. ومن المتوقع ان يتم خلال هذه الدورة استعراض أوجه التعاون الثنائي والتباحث بشأن أهم الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك في ضوء التطورات المسجلة على المستوى العربي والاقليمي والدولي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 02 جانفي 2011)

في تقييم أولي لسنة 2010 السياحة التونسية .. دون المتوسط


وفقا للإحصائيات الرسمية لوزارة السياحة لم يسجل سنة 2010 تطور كبير وانحصر معدل نمو عدد السياح الوافدين على الوجهة السياحية إلى موفي شهر ديسمبر الفارط في حدود  2،5 بالمائة. من جهتهم يقر مهنيو القطاع السياحي بعدم نجاح الوجهة السياحية التونسية في تجاوز النتائج السلبية للسنة قبل الماضية فيما يتصل بعدد السياح الوافدين ويأمل بعضهم أن تكون نتائج السنة الجارية أفضل رغم تأكيد بعضهم على غياب رؤية واضحة بهذا الشأن. يشير في هذا الإطار  حمادي الشريف كاتب عام الجامعة التونسية لوكالات الأسفار إلى أن تطور النتائج السياحية كان نسبيا ولم تستطع الوجهة التونسية تجاوز النتائج الكارثية على حد تعبيره للموسم قبل الماضي. رغم ذلك يقر الكاتب العام للجامعة التونسية لوكالات الأسفار بوجود بوادر إيجابية مع موفى السنة وتحديدا خلال الإستعداد لإحتفالات نهاية السنة إذ شهدت بعض المناطق السياحية توافد عدد من السياح إلى جانب التونسيين. وبدا السيد حمادي الشريف متفائلا بعض الشيء بشان السنة الجارية مشيرا إلى وجود بعض البوادر الإيجابية من خلال بداية رجوع حجوزات المجموعات والرحلات السياحية للمتقاعدين…الخ  
موسم متوسط من جهته اعتبر فاضل بوشرارة صاحب وكالة أسفار الموسم السياحي الفارط متوسطا في ظل استقرار نتائج الأسواق السياحية التقليدية التي لم تشهد تغييرا فحافظت الأسواق التي حققت نتائج إيجابية على نفس أرقامها في حين حافظت الأسواق السياحة المتراجعة على نفس نسق التراجع على غرار السوقيين الألمانية والإسبانية الى جانب السوق الإيطالية… وبين محدثنا وجود تباين في نتائج المناطق السياحية على غرار منطقة سوسة التي كانت أفضل من الحمامات. ويقول الفاضل بوشرارة أن النتائج المسجلة لا تعتبر إيجابية بالنظر إلى أنها لا تخول تحقيق الأهداف المرسومة والتي تحدثت سابقا عن السعي لبلوغ 10 ملايين سائح مؤكدا بهذا الصدد أن هذا الهدف وقع الإعلان عنه منذ 2005  وظلت نتائج السياحية التونسية في حدود  6 و7 ملايين منذ فترة. وحول آفاق الموسم السياحي المقبل أشار محدثنا إلى أن الرؤية لم تتبلور بعد في انتظار نهاية شهر جانفي الجاري.وبين في المقابل أنه خلال الصائفة المقبلة يتوقع أن ينحصر توافد السياح العرب والمغاربة على شهر جويلية  بسبب تزامن شهر الصيام مع ذروة الموسم السياحي خلال شهر أوت المقبل. واعتبر رشيد شبيل (صاحب نزل) نتائج السياحة الصحراوية خلال الموسم السياحي الفارط  أقل بكثير من الموسم الذي سبقه لا سيما في ظل تسجيل تراجع في نسبة الإشغال في حدود 15 بالمائة. ودعا في المقابل إلى الإسراع مع بداية السنة الحالية   بإيجاد الحلول العملية لبعض الإشكاليات التي تواجه السياحة التونسية على غرار المديونية مع السعي لتنفيذ الإجراءات المعلن عنها مؤخرا للنهوض بالقطاع وبلوغ الأهداف المعلنة… منى اليحياوي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 02 جانفي 2011)

 

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.