Home – Accueil
TUNISNEWS
8 ème année, N° 3085du 02.11.2008
الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس: دعوة للإضراب عن الطعام والإعتصام من أجل إطلاق سراح السجناء السياسيين الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس:عريضة للمطالبة بإطلاق سراح المساجين السياسيين اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي: بيـــــــــــــان البديـل عاجل:الدكتاتورية النوفمبرية تغرق في « الحوض المنجمي » حــرية و إنـصاف:البوليس السياسي بالمنستير يمنع المحجبات من الخروج حــرية و إنـصاف:منع الفتيات و الفتيان من حضور دروس حفظ القرآن لجنة أخوات ذات النطاقين:الحملة الدولية من أجل فرض احترام الحجاب في تونس: تحيين عريضة حــرية و إنـصاف:أعوان من الحرس يعتدون على مواطنين بحمام الغزاز الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان فرع قليبية قربة : بيـــــــــــــــــان النقابة الأساسية للمدرسين الباحثين بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس :تنديد الجامعيين التونسيين بمحاكم تفتيش وزارة التعليم العالي السبيل أونلاين: لماذا التراخي في الكشف عن حقيقة إستشهاد رشيد الشمّاخي – الجزء الثاني سامي نصر:السجون في العالم العربي.. السجون التونسية نموذجا اللقاء الإصلاحي الديمقراطي:رسالة اللقـــاء رقم (35) هل تملك المعارضة ناصيتها بيدها ؟ الطاهر العبيدي: ملاحظات إلى المواقع التونسية رويترز: بريطانيا تسلم ثلاثة تونسيين الى ايطاليا البديـل عاجل: العودة المدرسية ورمضان والعيد والارتفاع المستمر للأسعار: المقدرة الشرائية إلى أين؟ البديـل عاجل:أخبار نقابية واجتماعية القبس: تونس: الحكومة تنفي التضييق على حرية الإعلام يو بي أي: تونس الثانية عالميا في مجال التحكم بالنفقات العامة الصباح: تأملات هادئة في قضية ساخنة سنة الاحتفال بخمسينية الجامعة:عود إلى ملف دكتوراه الدولة البديل عاجل :ندوة في المنستير حول التشغيل والبطالة الصباح : تأجيل النّظر في قضية الاستيلاء على ما قيمته 5 مليارات من أدوية الصيدلية المركزيةالصباح: قنا: تفكيك شبكة للمخدرات فى تونس قدس برس: جمعية الدراسات الدولية التونسية تدعو الى تحرك مغاربي وعربي مشترك ردا على الازمة المالية العالمية توفيق المديني : البعد النفطي في صراع القوقاز البديل عاجل : الأزمة المالية العالمية ومؤشرات انهيار النظام الرأسمالي طارق الكحلاوي:السباق الانتخابي الأميركي والأزمة(3) البديل عاجل: الماركسية وأشكال النضال (مقتطف من نص حرب الأنصار – لينين) البديل عاجل: تفكيك تاريخ خرافي: كيف تمت فبركة الشعب اليهودي
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage /Arabe Windows (
(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين
الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com Tel: (0044) 2084233070- 7903274826
دعوة للإضراب عن الطعام والإعتصام من أجل إطلاق سراح السجناء السياسيين
تتواصل محنة السجناء السياسيين من قادة حركة النهضة وفي مقدمتهم الدكتور الصادق شورو الرئيس السابق للحركة لأكثر من عقد ونصف، كما تتواصل محنة المئات من سجناء الرأي من الشباب المتدين من التيار السلفي المعتقل بموجب قانون مكافحة الإرهاب اللادستوري، بالإضافة الى سجناء الحوض المنجمي وعلى رأسهم الأخ عدنان الحاجي والأخت زكية الضيفاوي عضوة المكتب السياسي للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات. وإننا في الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس، إذ ندعو السلطة لإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين دون استثناء، فإننا نناشد الضمائر الحية في تونس وخارجها التدخل من أجل ايقاف هذه المأساة التي ذهب ضحيتها العشرات من المواطنين، فيما لايزال يعاني تبعاتها المؤلمة المئات من التونسيين. وفي هذا الإطار تعلن الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس، عن تنظيم اضراب عن الطعام لمدة ثلاثة أيام، بداية من يوم الإربعاء 5 نوفمبر. كما تدعو المناضلين السياسيين والحقوقيين وأنصار الحرية المقيمين في بريطانيا للمشاركة في الإعتصام الذي ستنظمه الحملة أمام السفارة التونسية بلندن، وذلك يوم الخميس 6 نوفمبر، من الساعة الرابعة الى الساعة السادسة مساء، للمطالبة بإطلاق سراح المساجين السياسيين. وتناشد الحملة مناضلي حقوق الإنسان وأنصار الحرية في تونس وخارجها، المشاركة في الإضراب والسعي لتنظيم اعتصامات مماثلة من أجل التحسيس بالمظلمة المسلطة على السجناء السياسيين والمطالبة بالإفراج عنهم. للمشاركة في الاضراب يرجى المراسلة على العنوان التالي: icfhrt@yahoo.com
الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com Tel: (0044) 2084233070- 7903274826
عريضة للمطالبة بإطلاق سراح المساجين السياسيين
رغم إيماننا العميق أن مطلب الإفراج عن سجناء الرأي هو مطلب إنساني يتطلب بذل الجهد في كل وقت وحين، ولا يرتبط بهذه المناسبة او تلك، فإننا ننتهز فرصة الاستعدادات الحثيثة لنظام الحكم في تونس للاحتفال بذكرى السابع من نوفمر، لنجدد النداء بإطلاق سراح المساجين السياسيين من سجناء حركة النهضة، الذين تواصلت محنتهم لأكثر من عقد ونصف، وفي مقدمتهم الدكتور صادق شورو الرئيس السابق للحركة، والمئات من سجناء الرأي من الشباب السلفي، الذين اعتقلوا بموجب قانون مكافحة الارهاب اللادستوري، وكذلك المعتقلين على خلفية احداث الحوض المنجمي، وعلى رأسهم الاخت زكية الضيفاوي عضوة المكتب السياسي للتكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات. ان وجود سجناء سياسيين في أي بلد هو شهادة على واقع الحريات وحقوق الانسان في ذلك البلد، ولا يمكن لخطاب » الحداثة و الديمقراطية وحقوق الانسان » ان يحجب الحقيقة التي يشير اليها وجود سجناء الرأي. ان الممضين على هذا النداء يطالبون السلطة التونسية بالكف عن سياسة التجاهل لآلام المئات من سجناء الرأي وعائلاتهم، واللامبالاة تجاه نداءات المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية. ويناشدون الضمائر الحية في تونس وخارجها بذل الوسع من أجل ايقاف هذه المأساة التي ذهب ضحيتها العشرات من التونسيين، فيما لا يزال يعاني تبعاتها المؤلمة المئات من المواطنين لا لذنب سوى مخالفتهم لرأي السلطة. للتوقيع على هذه العريضة يرجى المراسلة على العنوان التالي: icfhrt@yahoo.com الموقعون الأستاذ محمد النوري – رئيس منظمة حرية وانصاف الأستاذ رابح الخرايفي – محام المهندس عبدالكريم الهاروني – كاتب عام منظمة حرية وانصاف عماد الدائمي – مهندس – باريس الدكتورزياد الدولاتلي – ناشط سياسي محمد القلوي – ناشط حقوقي الحبيب ستهم – عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي المهندس حمزة حمزة – عضو المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وانصاف عمر القرايدي- عضو المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وانصاف زينب الشبلي – عضوة المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وانصاف جميلة عياد – عضوة المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وانصاف السيد المبروك – ناشط حقوقي – تونس سليم بن حميدان – جامعي – باريس غفران بن سالم – مدرسة – باريس معز الجماعي – ناشط حقوقي – تونس جمال الدلالي – مخرج – لندن صالح الوسلاتي – محام – لندن أنور الغربي – سويسرا العيادي عماري – استراليا الحبيب لعماري – ألمانيا كمال العيفي – باريس الدكتور محمد العلاني – لندن رياض الحجلاوي – مهندس تقني – باريس محسن ديبي – باريبس البشير الثابتي – لندن موسى بن أحمد – ألمانيا كمال العيفي – باريس مهدي بوجمعة – لندن عرفات بوجمعة – لندن منصور الزريبي – لندن عبير الغالي – محام – باريس فتحي الجوادي – لندن فتحي لعبيدي – لندن الهاشمي البناني – لندن فؤاد العايب – لندن توفيق بلغيث – لندن
اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي 02 نوفمبر 2008 بيـــــــــان
في إطار التضامن من أجل إطلاق سراح المساجين والموقوفين ولمساندة المطالب المشروعة لأهالي الحوض المنجمي دعت حركة التجديد ـ المنستير ـ الحزب الديمقراطي التقدمي ـ سوسة ـ التكتل من أجل العمل والحريات ـ المنستير ـ وفروع سوسة والقيروان والمهدية والمنستير للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى يوم تضامني بمقر حركة التجديد بمدينة قصيبة المديوني يوم الأحد 02 نوفمبر 2008 قصيبة المديوني تحت الحصار منذ الصباح الباكر أقيمت الحواجز الأمنية في كل الطرق المؤدية إلى مدينة قصيبة المديوني بدء من القيروان وسوسة والمهدية ، حيث منع مناضلو الحركة الديمقراطية والحقوقية من مغادرة المدن المذكورة كما أقيمت الحواجز الأمنية في مداخل مدينة قصيبة المديوني وفي كل الطرق المؤدية إلى مقر حركة التجديد ووقع التثبت من هوية المواطنين ولم يسمح بالمرور والوصول إلى المقر إلا لمناضلي حركة التجديد كما تكثفت وتشددت في الأيام الثلاثة الأخيرة المراقبة الأمنية على كل من الأخوين مسعود الرمضاني وعبد الرحمان لهذيلي منسق وعضو اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي لتقييد حركتهما. إن اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي التي تعبر عن ارتياحها لإطلاق سراح 23 شابا من شباب الحوض المنجمي وتهنئهم وعائلاتهم 1. تحي المد التضامني المتنامي والمتصاعد داخل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وداخل هياكل الإتحاد العام التونسي للشغل 2. تذكر ـ مرة أخرى ـ أن المدخل السليم لحل هذه الأزمة والذي أجمعت عليه كل مكونات المجتمع المدني المساندة لأهالي الحوض المنجمي يبدأ بإيقاف المحاكمات وإطلاق سراح الموقوفين والعودة إلى المعالجة السياسية للمشاكل التي يعاني منها أبناء الحوض المنجمي بما يحقق التنمية ويخفف من وطأة البطالة 3. تؤكد أن الأسلوب الأمني المحاصر لكل نفس تضامني مع أهالي الحوض المنجمي والمساجين والموقوفين منهم لن يثن مناضلي الحركة الديمقراطية والحقوقية والنقابية على مواصلة الدعم والإسناد حتى العودة للحلول السياسية ومنطق الحوار. عن اللجنة الوطنية لمساندة الحوض ألمنجمي عبد الرحمان الهذيلي
إفتتاحية الدكتاتورية النوفمبرية تغرق في « الحوض المنجمي »
يتواصل منذ أشهر تخبط السلطة في أزمة الحوض المنجمي، فالحل البوليسي والقضائي لا يزال ساريا في مواجهة قضية اجتماعية لا يمكن أن تعالج بالقبضة الحديدية: فلا تزال مدينة الرديف الشهيدة محاصرة بحشود من التشكيلات الأمنية المختلفة ويمنع النشطاء من دخولها لمعاينة حجم الانتهاكات والتجاوزات. ولا يزال أيضا العشرات من شبان الرديف وأم العرائس والمتلوي والمظيلة يحالون على مدار الأسابيع أمام « محاكم التعليمات » تقضي في شأنهم بأحكام ظالمة بالسجن رغم الإخلالات القانونية والإجرائية والاتهامات للبوليس السياسي باستخدام التعذيب الممنهج والواسع لإجبار المعتقلين على إمضاء محاضر بحث جاهزة مسبقا. ومن المنتظر أن يحال قادة الحركة الاحتجاجية ونشطاؤها قريبا أمام المحكمة الجنائية بعد أن صادقت دائرة الاتهام على قرار ختم البحث. إن هذه الإجراءات الزجرية تندرج في إطار استكمال سياسة الاجتثاث الاجتماعي التي يسلكها نظام الحكم مع انتفاضة المنجميين والتي تدعمت مع السعي إلى معاقبة حركة التضامن معها. ويعكس هذا التعاطي جوهر السلطة القمعية والبوليسية التي لا يشغلها غير إدامة سطوتها ونهب أقصى ما يمكن من ثروات البلاد ومدخراتها والتي لا ترى في أي تململ أو رفض لسياساتها غير تهديد جدي لمصالح أقلية نهابة وفاسدة يستدعي استنفار ميليشياتها وبوليسها وجيشها لإخماده وسحقه، خاصة بعد أن تعرى هذا النظام نهائيا وبات غير قادر على معالجة المشاكل الجدية للطبقات والفئات الشعبية، وافتضحت بالخصوص دعايته الطنانة حول « الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية » و »المعجزة الاقتصادية التونسية » باحتجاجات أهالي الحوض المنجمي لأكثر من ستة أشهر، والتي لم تنفع معها حتى تلك الإجراءات الاستثنائية على غرار ما أعلنه بن علي في المجلس الجهوي الممتاز لولاية قفصة في جويلية الماضي والذي لم يلمس منها الأهالي ما من شأنه أن يغير من فقرهم وبؤسهم. ويتأتى إسراع نظام الحكم في غلق ملف الحوض المنجمي من رغبة في غلق الطريق أمام تواصل حركة المساندة وتجذرها وربما تحولها إلى محاكاة ما وقع طيلة أشهر من مظاهرات واعتصامات وإضرابات ومصادمات ولكنه يتأتى أيضا في إطار التحضير لمهزلة 2009 الانتخابية التي تسعى السلطة إلى تمريرها دون منغصات خاصة بعد أن جردت المعارضة والمجتمع المدني من المناخ السياسي والإعلامي والضمانات القانونية اللازمة لإجراء انتخابات حرة وتعددية. ويبدو أن تواصل تفاعلات ملف الحوض المنجمي بإمكانه أن « يشوش » على هذه التحضيرات ويفسد كل دعاياتها حول « إنجازات صانع التغيير » وأحقيته بـ »قيادة البلاد إلى بر الأمان » مدى الحياة. لكن الأمور لا تسير كما تشتهي سلطة 7 نوفمبر إذ لا تزال النقمة سارية في الأوساط الشعبية بمدن الحوض المنجمي بل تعمق الاحتقان نتيجة تحدي السلطة لمطالب الأهالي، ولم تمنع كل الترسانة الأمنية من تنظيم مسيرة غاضبة في الرديف يوم 27 جويلية 2008 أعقبتها مصادمات مع البوليس بالمظيلة كما أفاق سكان الرديف في الأيام القليلة الماضية على كتابات تغطي الشوارع والأحياء وبيانات تفضح ممارسات السلطة الجبانة وتدعو إلى مجابهة مخططاتها في ضرب حركتهم ومعاقبة شبابهم. كما تحولت قضية الحوض المنجمي إلى قضية وطنية تهتم بها الأحزاب والجمعيات الديمقراطية التي تمارس ضغوطا مستمرة على السلطة من أجل إطلاق سراح المعتقلين وإيجاد الحلول للمشاكل الاجتماعية. وقد انضم إلى حملة المساندة الاتحاد العام التونسي للشغل، فتحتَ ضغط القواعد والهياكل الوسطى أصدرت القيادة النقابية بيانات تبنت فيها قضية النقابيين المعتقلين ووكلت محامين للدفاع عنهم وقدمت مساعدة مالية إلى عائلاتهم. ومن المنتظر أن يتعزز هذا الموقف بعد تكوين لجان مساندة نقابية في الاتحادات الجهوية قد تعقبها تحركات ذات بال. كما تعززت حركة التضامن الدولية وانضمت إليها هيئات نقابية وسياسة وحقوقية أوفد بعضها محامين ومراقبين لحضور جلسات المحاكمات. إن مأزق السلطة يزداد احتدادا خصوصا إذا أحكم الأهالي والقوى المساندة لهم خيوط المعركة وواصلوا الضغط بكل الأشكال ووحدوا المطالب على أرضية لا تنزل دون إطلاق سراح كل المعتقلين وإيقاف التتبعات الأمنية والقضائية ومعالجة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية ومعالجة جدية وعميقة تلي تطلعات الأهالي العادلة في الشغل والتنمية العادلة وتقطع مع الدعايات الاستهلاكية الجوفاء. (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) العدد 267 بتاريخ أكتوبر 2008)
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 04 ذو القعدة 1429 الموافق ل 02 نوفمبر 2008
البوليس السياسي بالمنستير يمنع المحجبات من الخروج
في إطار الاحتفالات التي تقام هذه الأيام منع اليوم الأحد 02/11/2008 أعوان من البوليس بالزى المدني مرور الفتيات المحجبات بشارع الفلاز بمدينة المنستير منذ الصباح الباكر إلى غاية منتصف النهار و تمركز العديد من الأعوان أمام المنازل و حول العمارات أين تقطن بعض المحجبات و أجبروهن على البقاء في بيوتهن حتى ينتهي السباق و الاحتفال و تجدر الإشارة إلى أن المنع لم يشمل بقية الفتيات و النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب. و حرية و إنصاف
1) إذ تستنكر مثل هذا الاعتداء السافر على ابسط حقوق المواطن في أمنه و حريته و تستغرب مثل هذا التصرف الشاذ و هذا التمييز بين أبناء الشعب الواحد و الذي يدفع مثل هؤلاء الفتيات إلى الشعور بالغبن و الظلم بدون وجه حق. 2) تدعو السلطة إلى التفكير مليا في مثل هذه التجاوزات و العمل على إيقافها فورا و أن لا تتكرر أبدا لأنها مدعاة إلى مزيد من الاحتقان بين أوساط الشباب المتدين و اعتداء صارخ على ابسط حقوق المواطنة. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين
حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 04 ذو القعدة 1429 الموافق ل 02 نوفمبر 2008
منع الفتيات و الفتيان من حضور دروس حفظ القرآن
مدرسة سيدي ذويب لتحفيظ القرآن الكريم بمدينة المنستير تأسست منذ سنة و تمكنت من تحفيظ القرآن لأعداد كبيرة من مرتاديها و خاصة من الفتيات و النساء في مقتبل العمر و الشباب و الشيوخ و العجائز إلا أن هذه الأيام فوجئ الجميع بصدور قرار من القائمين على المدرسة بعدم السماح لغير الشيوخ و العجائز حضور حلقات تحفيظ القرآن و منع من سواهم من متابعة الحفظ بالمدرسة من الفتيات و الشباب و متوسطي الأعمار من النساء و الرجال. و حرية و إنصاف 1) تستنكر بشدة هذا الإجراء الذي يحرم الشباب من فرص حفظ القرآن الكريم خاصة في ظل إغلاق المساجد و تعطيل دورها في تحفيظ القرآن الكريم و التفقه في الدين. 2) تعتبر مثل هذه الإجراءات تستهدف مظاهر التدين في المجتمع و خاصة في صفوف الشباب و تمثل اعتداء على حرية المعتقد و حق المواطن في التعليم. 3) تدعو القائمين على هذه المدرسة إلى إلغاء هذا القرار و السماح مجددا لكل الراغبين في الالتحاق بصفوفها دون استثناء أو إقصاء. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
لجنة أخوات ذات النطاقين الحملة الدولية من أجل فرض احترام الحجاب في تونس
»الحجاب آية من آيات الله ، و حديث لرسول الله ، فمن حاربه فقد حارب الله و رسوله » »يا محارب الحجاب: انتبه !!!إنك تحارب الله و رسوله » تحيين عريضة
إن الذين يحاربون الحجاب أو الخمار أو اللباس الشرعي بدعوى أنه لباس طائفي أو أنه لباس ذو دلالات سياسية مخطئون و واهمون و مبطلون و مرجفون و لا يعلمون ما يقولون و لا ما يفعلون، إنهم إنما يحاربون الله و رسوله إما بعلم و موالاة لأعداء الأمة من الصليبيين و الصهاينة أو أنهم يجهلون دينهم فعليهم أن يسألوا أهل الذكر إن كانوا لا يعلمون. إن الصهاينة المتحكمين في سياسات الأمة من خلال مندوبيهم المباشرين يملون عليهم أن ابذروا فسائل الانحراف و التمييع بين الشباب ، و ساهموا في إبراز مفاتن المرأة التي أمر الله بسترها لأنه كلما برزت المفاتن كلما تعملقت الغرائز فإذا استحكمت هذه الأخيرة اثـّاقل الشباب و فترت همته وهوت الأمة من بعد ذلك في واد سحيق. هذه دعوة براءة إلى كل المسؤولين في تونس و في العالم أن اتقوا الله في بناتنا ، و ارفعوا أيديكم عن الحجاب و الخمار و أهله تسلموا يوم لا ينفع مال و لا بنون و لا قرب من مسؤول. إن القائمين على هذه الدعوة المباركة لاحترام الحجاب لا يعادون أحدا و لا يفرضون منطقهم و عقيدتهم على أحد ، و لا يريدون فرض الحجاب على النساء بالقوة كما يدعي البعض ، إنما يريدون فرض احترام هذا اللباس ، و عدم المساس باللواتي يخترنه عن قناعة ، و عدم إكراههن على نزعه أو التعديل فيه بمقتضى ترهات ( مناشير أو أوامر ) ما أنزل الله بها من سلطان. نحن نناشد كل القائمين بأمر من أمور المسلمين و كل المسؤولين ( من أصغر إدارة إلى أكبر وزارة) أن يحترموا اللباس الشرعـــي الذي أمر به رب العباد كما يحترمون سراويل الجينز و قمصان البودي ( المحترمة لمسافات أمان بينها ). لماذا تكرم و تحترم المتهتكة ، التي تُظهر للآخرين أكثر مما تظهره لزوجها أو خطيبها؟ و تهان و تحتقر التي أطاعت ربها و التزمت لباس العفة و الاحتشام؟ ألهذه الدرجة انقلبت المفاهيم؟ نناشد كل الغيورين على دينهم أن يرفعوا لواء هذه الحملة عاليا و أن يسجلوا أسماءهم فيها لدعمها و مساندتها و استمرارها حتى تساهم في حفظ بيضة المسلمين و الله الولي و منه التوفيق. القائمات على الحملة: لجنة أخوات ذات النطاقين بريد الحملة:
respect.hijeb@gmail.com
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين
حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 04 ذو القعدة 1429 الموافق ل 02 نوفمبر 2008
أعوان من الحرس يعتدون على مواطنين بحمام الغزاز
مساء يوم الإثنين27/10/2008 وقعت مشادة كلامية بمدينة حمام الغزاز المحاذية لمدينة قليبية بين أحد الشبان وأحد أعوان الحرس الوطني بالزي المدني و تدخل الشاب محمد بن سليمان لفك الاشتباك بين المتشاجريْن، و في الأثناء استنجد عون الحرس بزملائه الذين حضروا و تدخلوا بعنف خاصة ضد الشاب محمد بن سليمان الذي اعتدوا عليه بالركل والضرب بالهراوات. و قد حصل ذلك وسط استنكار من الحاضرين و أخذ أعوان الحرس يلاحقون الشبان والأطفال إلى داخل منازلهم و اعتدوا على عائلاتهم بالعنف اللفظي و المادي، وألقوا القبض على الشاب محمد بن سليمان الذي تضرر كثيرا من جراء الاعتداء عليه بالعنف الشديد مما تسبب له في رضوض بكامل أنحاء جسمه و فقدان بعض أسنانه . و حرية و إنصاف 1) تدين بشدة الاعتداء السافر الذي تعرض له المواطن محمد بن سليمان على يدي أعوان الحرس الذين يفترض أن يكونوا ساهرين على احترام القانون و ضمان أمن المواطنين و حرمة بيوتهم و كرامة عائلاتهم. 2) تدعو إلى فتح تحقيق في الغرض و محاسبة المعتدين إداريا و قضائيا حتى لا تتكرر مثل هذه الانتهاكات التي تمس من كرامة المواطن و من سمعة جهاز الأمن و من سمعة البلاد. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان فرع قليبية قربة
قليبية في 01/11/2008 بيــــــــان
لقد قلنا، (وكررنا القول وما زلنا تقول): إن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان منظمة إنسانية قانونية، شرعية مهمتها الدفاع عن حقوق الإنسان بكل الطرق السلمية القانونية، وليس من مهمتها إثارة البعض ضد البعض الآخر، لأنها ترى في الإثارة عملا عاطفيا، بعيدا عن التروي والتعقل، ولكل هذا فنحن عندما تعترضنا مشاكل من هذا القبيل نقوم بالاستماع إلى كل الأطراف ثم نأخذ الموقف، المناسب، الذي تمليه علينا مبادئنا وأخلاقيات عملنا ألرابطي، وهو موقف معروف بنزاهته ورفضه لأساليب العنف والإرهاب مهما كان مصدره ومأتاه، ومعروفٌ، أيضا، بتشهيره الدائم بكل خرق لحقوق الإنسان أو الاعتداء عليها مهما كان المحترق والمعتدي فردا أو دولة، وبما أننا ندعو إلى سيادة القانون والاحتكام إليه في كل ما يحدث من نزاعات بين المواطن والسلطة. وهذا ما لم يتوفر في قضية الحال، موضوع هذا البيان. وإليكم التفاصيل: فاتصل بنا مواطنون من مدينة حمام الغزار( محاذية لمدينة قليبية) وأبلغونا بأنه في مساء يوم الإثنين27/10/2008، وإثر مشادة كلامية بين أحد الشبان وعون من الحرس الوطني كان في زيه المدني ويقود سيارته الخاصة ( يبدو كما جاء على لسان مَن حضر أنه في حالة سكر ظهر عليه من رائحته وحركاته وبما يتفوّه به من ألفاظ سوقية هابطة، لا تليق بعاقل فما بالك إذا كان هذا العاقل عونا يمثل الدولة ومكلف بحفظ الأمن فيها لا بتشويشه وإحداث الفوضى)-نقول هذه المشادة الكلامية بين عون الحرس الوطني، والشاب تطورت نحو الأسوأ، وما كان لها أن تتطور، لو حضر العقل وتم التغاضي عن جزئيات لا معنى لها، تطورت هي بدورها لتحدث ما يمكن وصفه بشجار الأيدي بعد التلاسن. وفي هذه الأثناء حاول الشاب( ويدعى محمد بن سليمان، وهو، كما قيل عنه، شخص اجتماعي، معروف بطيبته وحسن معاشرته للناس، على مختلف مستوياتهم) أن يتدخل بين المتشاجرين، ويفك شجارهما، سواء باللسان أو اليد. لكنه فشل فسحب نفسه من المشكلة كما أن عون الحرس استنجد بزملائه، فجاءوا معه بالهراوات والسلاسل، وجعلوا يضربون من صادفهم حتى وقفوا أمام الشاب محمد بن سليمان، ودخلوا عليه ركلا وضربا بالهراوات والسلاسل، والحاضرون يستنكرون ما يحدث، خاصة وأن أعوان الحرس أخذوا يلاحقون الشبان والأطفال حتى إلى داخل المنازل، وقد دفعوا أصحاب تلك المنازل، دفعا مُهينا وأشبعوهم شتما فاحشا قبيحا في رجولة ذكوهم وشرف بناتهم ونسائهم. ثم ألقوا القبض على بعض الشبان( ثم أطلقوا سراحهم ولم يتركوا في قبضتهم إلاّ الشاب محمد بن سليمان( الذي كانت جريمته أنه أراد التدخل بالحسنى بين المتخاصمين فناله العقاب الشديد دون ذنب اقترفه. وهو إلى حد اللحظة مَهْروسا، مترضرضا، فاقدا للبعض من أسنانه. هذا وقد حاولنا الاتصال، المباشر، بالسيد رئيس منطقة الحرس الوطني بمنزل تميم( في مقر الرابطة) إلاّ أننا صُرِفنا بالأسلوب الدبلوماسي المعروف في مثل هذه المناسبات( هو في اجتماع. أرجع لُو، مُرّة اخرى) ولهذا اكتفينا بذكر ما قاله لنا الأهالي ومن شهد الحادثة( ونحن نحتفظ بأسمائهم عند الحاجة إليهم وبعد فإن تعليقنا على هذا غير مختلف عن أمثاله في كل مرة تداس فيها حقوق الإنسان ويُعتَدى على المواطنين، مِن قيل من جُعِل لحفظ أمنهم وكرامتهم وأرزاقهم، غلطوا في أنفسهم فانتحلوا صفة غير صفتهم وحسبوا أنفسهم، قضاةً بينما، هم، شرطة، وحرس وطني. وكان من نتائج غلطهم ارتكابهم جرائم ضد القانون وضد حقوق الإنسان. وندعوا المسئولين عنهم لتعريفهم بحدودهم القانونية والوظيفية التي ينبغي عليهم عدم تجاوزها حفاظا على علاقات الاحترام التي ينبغي أن تتوفر وتتوطّد مع المواطن. وبياننا هذا يندرج ضمن التنبيه على المخاطر قبل وقوعها. إن المواطن التونسي معروف بصبره وتسامحه فلا تجبروه على ما يكره، لأنكم عندها لن تجدوا منه إلاّ ما تكرهون. فكيف تسمحون بالإبقاء على أعوان في مدينة أهانوها، واعتدوا على شبابها وشيوخها وأطفالها ونسائها؟ فهل مصلحة عون واحد مقدَّمة على مصالح سكان مدينة بأكملها؟
رئيس الفرع: علدالقادر الدر دوري
الاتحاد العام التونسي للشغل الجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي النقابة الأساسية للمدرسين الباحثين بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس
تونس في 16 أكتوبر 2008
تنديد الجامعيين التونسيين بمحاكم تفتيش وزارة التعليم العالي لائحة مساندة للأساتذة المحالين على مجلس التأديب
نحن أساتذة المعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس المجتمعين اليوم الخميس 16 أكتوبر 2008 تحت إشراف نقابتنا الأساسية، و بعد تدارسنا أوضاع القطاع و اطلاعنا على الإجراءات الإدارية التي اتّخذتها وزارة الإشراف بشأن الزملاء رشيد الشملي و نورالدين الورتتاني و محسن الحجلاوي : 1) ندين بشدّة إحالة الزملاء على مجلس التأديب و إصدار عقوبات بحقّ الزميلين الشملي و الورتتاني لأسباب واهية و كيدية. 2) نعتبر أنّ مجالس التأديب انعقدت في ظروف غير عادية لم تمكّن الزملاء من الدفاع عن أنفسهم. 3) نعتبر معاقبة الزملاء معاقبة للعمل النقابي و تعدّيا صارخا على حقّ يصمنه الدستور. 4) نطالب سلطة الإشراف بالكفّ عن هذه الممارسات المحاصرة للحقّ النقابي. 5) ندعو الأساتذة إلى التجنّد للدفاع عن زملائنا المعاقبين لحمل الوزارة على إلغاء هذه القرارات التعسفيّة. عن الاجتماع العام الكاتب العام للنقابة الأساسية زهير إبراهمية
لماذا التراخي في الكشف عن حقيقة إستشهاد رشيد الشمّاخي – الجزء الثاني
السبيل أونلاين – خاص أدخل الشهيد رشيد الشماخي ، إلى داخل المنزل عنوة و أخرج من الصندوق المخصّص للموتى ،و لأول مرة في تاريخ مدينة سليمان تنطلق جنازة ضخمة احتجاجا لمقتل رشيد الشماخي ، واستنكارا للقمع و الظلم . وقد حُمل على أكتاف المشيعين و هتفوا بشعارات لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله ، ولأول مرة في تاريخ المدينة تخرج النسوة لتشييع فقيدهن بالزغاريد و التهليل و التكبير . و لهيبة المشهد و تمرّد الشباب و حماستهم و ضخامة الجنازة عددا ،رفض إمام الجامع الكبير بسليمان الشيخ بن دلهوم خوفا من بطش السلطة ومن عزله عن الإمامة، رفض الصلاة على الشهيد، فتقدم الشيخ يوسف المؤدب و المقرئ المشهور ليصلي عليه صلاة الجنازة . وقد تعرض بعدها إلى العديد من المضايقات عقابا له على موقفه النبيل والشهم ، و توفي رحمه الله وهو مقتنع أنه صلى على شهيد من الشّهداء الأبرار لمدينة سليمان. و قد خرقت أمه وزوجته عرف المدينة حيث كنّ يزغردن و لا يتركن أحدا يبكي عليه بل دعتا كل الحاضرين للإفطار عندهم احتفاء بوفاة شهيدهم وخاصة أن شعارات الجنازة كلها كانت تصفه بالشهيد. علما أن قبر رشيد الشماخي و إلى حد الآن مكتوب عليه « هذا ضريح الشهيد رشيد الشماخي » ،و قد وقع كسر الرخامة المنقوشة عليها هذه العبارة مرتين من طرف السلطة و لكن إصرار العائلة و قناعتها باستشهاد ابنها جعلهم يعيدون وضعها و تثبيتها. وهي مُثبتة إلى حد كتابة هذه الأسطر. وقد قامت السلطة بمعاقبة مدينة سليمان و أهلها لمشاركتهم الإيجابية والفعّالة في جنازة المغفور له رشيد الشمّاخي فسجنت 56 إسلامي طيلة سنوات الجمر تنكيلا بهم على هذا التحدّي وتواصل حزن المدينة ليعود بسكّان سليمان الأصليين من المورسكيين القهقرى بذاكرتهم إلى عسف الأسبان الذين اضطهدوا الآباء والأجداد الأولين و شردوهم شر تشريد ولتستمر مسيرة العسف و القمع و الاضطهاد ضد أبناء مدينة سليمان عبر التاريخ . وقد أدت هذه الحادثة و ما نتج عنها من اعتقالات موسعة كعقوبة جماعية لهذا التحدي الواضح للبوليس السياسي و سلطته القامعة ، والذي أثبتته المدينة يوم الجنازة ، أدّى إلى تكريس نقمة أهالى مدينة سليمان الذيم كان لهم موقف حاد و متطرف تجاه مؤسسة الأمن في المدينة ، وخاصة من طرف الشباب الذين واكبوا الاضطهاد الجماعي ضد أبناء الحركة الإسلامية ،الأمر الذي كرّس ثقافة التشدّد بهذه الربوع. هطلت الأمطار بغزارة يوم دفنه و توشّحت بلباس الحداد و لم يمنع ذلك المواطنين و الشبان من الحضور المكثف، وزاد حزن فراق الشهيد، الحزن الذي التحفت به غيوم السماء يومها . أما الآن فبقيت عائلة رشيد الشماخي تنتظر أن ُتنصف ، و ذلك بكشف حقيقة مقتل ابنهم خاصة أن الأخ الأكبر قاسم الشماخي قد قام بعديد الإجراءات لإثارة ملف مقتل شقيقه وقد اتصل بمنظمة العفو الدولية و باللجنة العليا لحقوق الإنسان التي يشرف عليها حينها رشيد إدريس و شرح لهم أطوار مقتل أخيه و قام بتكليف العميد شقرون بقضية رشيد. و قد عمل العميد كل ما في وسعه لإعادة إحياء القضية و الدفع نحو إعادة فتح التحقيق فيها من جديد ولكن بدون جدوى وطالب أكثر من مرة باستكمال التشريح الطبي ولكن لا من مجيب . و حُرم أفراد عائلة الشهيد من جوازات سفرهم لأكثر من عشر سنوات و كان شقيقه قاسم دائم التأكيد أن أخاه تزوّج قبل وفاته ب3 أشهر واستخرج شهادة طبية تثبت خلوّه من أي مرض عضوي أو باطني، وهو حين اعتقاله كان سليما و معافى. فما الذي سبب له هذه الوفاة الفجائية؟؟. يؤكد الشقيق الأكبر أن رشيد لم يعاني كما تدعي السلطة من مرض « بوصفير بالكبد » ، فهذا المرض العضال له علامات ظاهرية و الحال أن رشيد لم تظهر عليه أي من هذه العلامات ، ثم يضيف : إذا كان ما تدّعيه السلطة صحيحا فما الذي منعها من الإستجابة لمطلبه الذي طالبت به عبر رشيد إدريس والمتمثّل بإعادة التحقيق في مقتله وتشخيص سبب الوفاة بشكل مستقلّ؟؟ و يتساءل شقيقه قاسم : » بعد كل هذه السنوات وتواتر الخبر عن حقيقة مقتل أخي ، من أصدق الآن ؟.. الذين اعتقلوه وادّعوا وفاته الطبيعية بجلطة قلبية أم أصدقاءه الذين يؤكدون مقتله تحت التعذيب؟؟؟ .. سؤال طرحه شقيقه الأكبر ولطالما كانت الإجابة عليه بسيطة :إذا وُجدت إرادة حقيقية لكشف أسباب مقتل رشيد الشماخي فستجد السلطة ألف دليل ودليل عن مقتله تحت التعذيب .ويكفيها المطالبة بشهادة أصدقاءه ممّن عاين تعذيبه وسمع غرغرته في دورة المياه وعددهم ليس بالقليل ،ويكفيها تحليل عيّنة من رفاته حتى نتأكّد من سلامته من المرض المزعوم التي ادّعته قوّات الحرس بنابل . وفي الختام لا يسعنا إلا التأكيد من منطلق المشاهدة القطعية، أنّ الشهيد رشيد الشمّاخي قد تعرض إلى التعذيب الذي قاده بعدها إلى الوفاة المؤكدة ، وهناك أكثر من شهادة لزملائه تؤكد الوفاة بتلك الطريقة . فلنُعِد فتح التحقيق وتشريح الجثة وستظهر الحقيقة كاملة كما هي ،وُننصف الشهيد وعائلته في النهاية . ولا يسعنا بعد ذلك إلا أن نتساءل : متى وفي أي قرن سيكون من حقّنا مقاضاة الذين يمرّغون أنوفنا في التراب دون أن نخشى ردود أفعالهم القامعة ؟؟؟ وهل سيبقى استسلامنا الجبان وصمتنا الخانع وجمودنا القانع أداةً يستمدّ منها الجلادون والظالمون صولتهم ؟؟؟ وإلى متى ستبقى عصاهم تسحق كلّ من عصاهم ؟؟؟ وإلى متى يستمرّ هتك الأعراض واستباحة الدماء لكلّ معارض لا يأبى إلاّ الفداء ؟؟؟ معلومات عامّة تخصّ رشيد الشمّاخي وعائلته – هو رشيد بن سالم بن قاسم الشمّاخي . – ابن فطّومة بنت سعيد الشمّاخي . – مولود بمدينة سليمان من ولاية نابل في 5 مارس 1963 . – توفي تحت التعذيب في 27 أكتوبر 1991 بمركز الحرس والتفتيشات بنابل بعد محاولة إسعافه بالمستشفى الجهوي بنابل . – تزوّج من السيدة منية بنت حمّادي الجويني في 18 جويلية 1991 بقي معها ثلاثة أشهر ولم ينجب منها ، سُجنت بعده بـ 3 أشهر سجنا . – زاول دراسته الابتدائية بمدرسة 2 مارس بسليمان من 1969 إلى 1976. – وواصل تعليمه الثانوي بمعهد مدينة سليمان من 1976 إلى 1979 ثمّ بالمعهد الثانوي بقرنبالية من 1979 إلى 1982 . – تعاطف مع حركة الديمقراطيين الإشتراكيين من سنة 1981 إلى 1985 ثمّ تعاطف مع حركة النهضة الإسلامية وانتمى إليها من سنة 1988 إلى 1991 . – مارس التجارة وتربية النحل مع والده وإخوته . – امتاز بدماثة أخلاقه وإحسانه الكبير للفقراء والمساكين وانحيازه المبدئي لقضايا الجماهير المستضعفة. – أمّا والده فكان يوسفي التوجه معارض للبورقيبية حتى بعد الإستقلال . – توفّي والده حسرة وكمدا على ابنه وذلك في 25 جويلية1995 .وتوفّيت أمّه في فيفري2002 – له 7 أشقّاء كلّهم متزوّجون.اثنين من الذكور وهما: * قاسم الشمّاخي * ومحمّد الشمّاخي – وخمس من الإناث وهنّ : – رشيدة الشمّاخي – منّوبية الشمّاخي – ليلى الشمّاخي – وسيلة الشمّاخي – والأرملة حبيبة الشمّاخي من مآثره أنه كان يقول لزوجته منية : لا أريد أن أنجب منك لأني حتما سأفارقك شهيدا في أقرب الأوقات ولا أريد أن أحرمك من الزواج بعدي . وقد تزوّجت السيّدة منية بعده تلبية لوصّيته . حين أدخلوه مركز الحرس والتفتيشات بنابل كان يصيح بأعلى صوته : اللّهمّ اكتب لي الشهادة وقد سمع قولته كلّ الإخوة وكلّ أعوان الحرس الذين أغاضهم بها ، وقد طلبها بصدق فكرّمه الله بها ونحسبه عند اللّه من الأحياء . قال الله تعالى : »ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربّهم يرزقون » (سورة آل عمران 169). وقال تعالى : »وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ » (سورة إبراهيم 42)
أعده : زهير مخلوف – تونس (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 02 نوفمبر 2008 )
السجون في العالم العربي.. السجون التونسية نموذجا
سامي نصر* كثيرا ما تم التركيز في السنوات الأخيرة على قضية السجون العربية، فإذا كانت الجهات الرسمية وشبه الرسمية تشيد بما تحقق، لتقدم لنا عالم السجن على أنه بمثابة الفضاء النموذجي للإصلاح والتأهيل، تحترم فيه حقوق الإنسان ويحظى السجين بكل حقوقه، فإن العديد من الجهات الأخرى شبهت سجوننا بالمحتشدات البشرية التي تنتفي فيها أبسط شروط الحياة الإنسانية ويخضع فيها المساجين لأسوأ المعاملات غير الإنسانية. وعلى الرغم من الاختلافات بين البلدان العربية فإننا نجد العديد من النقاط المشتركة بينها، وخاصة المتعلقة منها بوضعية السجناء، ومن هذا المنطلق يمكن أن نأخذ من السجون التونسية نموذجا لفهم وضعية السجون العربية. « العديد من السجون التونسية يشكو إلى اليوم من نسب اكتظاظ مرتفعة جعلته يتحول إلى أرضية خصبة للعديد من الأمراض النفسية والجسدية والعضوية خاصة التنفسية، إضافة إلى انتشار الانحرافات السجنية » السجون التونسية إجراءات عديدة بدأت الإجراءات الإصلاحية للسجون التونسية منذ نهاية الثمانينات فبعد النظام الخاص بالسجون المؤرخ في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1988 المتضمن لـ89 فصلا قانونيا، حاول المشرع التونسي من خلاله تناول مختلف جوانب الحياة السجنية وكل ما يتعلق بالنظام السجني، تم في مايو/أيار 1989 إصدار القانون القاضي بإلغاء عقوبة الأشغال الشاقة، والمصادقة على إعلان الأمم المتحدة الخاص بالقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء. وفي أغسطس/آب 1999 تم إرساء عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة عقوبة بديلة للسجن، وفي يوليو/تموز 2000 وقع إحداث خطة قاضي تنفيذ العقوبات، وفي نوفمبر/تشرين الثاني من نفس السنة وقعت إحالة المؤسسات العقابية وإدارتها إلى وزارة العدل عوضا عن وزارة الداخلية. وفي مايو/أيار 2001 تم إصدار القانون المتعلق بنظام السجون. وعلى إثر فتح ملف السجون بمناسبة الاحتفال بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان في سنة 2002، تم حجز مجلة « حقائق » التي نشرت تحقيقا في الغرض، واستدعي كاتب التحقيق الصحفي هادي يحمد من قبل وكيل الجمهورية وتكونت لجنة تقصي الأوضاع السجنية، وأعلن رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان (الرسمية) زكريا بن مصطفى عن معاينة مختلف جوانب الإقامة في السجون وأوضاع المساجين في 12 مؤسسة عقابية. وتضمن تقرير اللجنة تحليلا لظاهرة الاكتظاظ ببعض المؤسسات السجنية وما تولد عنها من نقص في عدد الأسرة والتأثيرات الصحية والنفسية على المساجين. وعلى إثره تم اتخاذ جملة من الإجراءات، منها مراجعة وضعية الموقوفين في انتظار المحاكمة، وتفعيل إجراءات السراح بكفالة أو بضمان بالنسبة للجرائم التي لا تمثل خطرا على أمن الأشخاص وممتلكاتهم. تضاف إلى ذلك مواصلة الحرص على تطبيق ما جاء في القانون المتعلق بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة بديلا عن عقوبة السجن بالنسبة لبعض الجرائم وزيادة تحسين ظروف حفظ الصحة وتدعيم الإطار الطبي والأخصائيين.. ورغم كل هذه الإجراءات ما زالت السجون التونسية تعاني من عدة مشاكل. أزمة الاكتظاظ تعتبر ظاهرة الاكتظاظ أهم وأخطر المشاكل داخل السجون التونسية، إذ تجاوزت طاقة استيعاب العديد منها ثلاثة أضعاف أو أربعة، مثلما كان الحال بالنسبة للسجن المدني بتونس قبل إغلاقه في يوليو/تموز 2006، فقد تجاوز عدد النزلاء فيه ستة آلاف في حين لا تتجاوز طاقة استيعابه 1500. وظل العديد من السجون التونسية يشكو إلى اليوم من نسب اكتظاظ مرتفعة، فتحول بذلك إلى أرضية خصبة للعديد من الأمراض النفسية والجسدية والعضوية خاصة التنفسية، إضافة إلى انتشار الانحرافات السجنية واستحالة تطبيق العديد من النصوص الواردة في قانون السجون وتنفيذ البرامج الإصلاحية. فعلى مستوى نوعية الإقامة مثلا، لم يتمكن عدد من السجون من تطبيق ما ورد في الفصل 15 من قانون السجون الذي ينص على « توفر فراش فردي لكل سجين عند إيداعه، وما يلزمه من غطاء » إذ أكدت شهادات الخارجين من السجون على وجود عدة أصناف من الإقامة السجنية تتنافى مع ما ينص عليه القانون. فكل سجين جديد يمر بالإقامة في « الكدس » كأسوأ أنواع الإقامة وهي عبارة عن أغطية قذرة تفرش على الأرض ينامون عليها ليلا ثم تسحب منهم بقية فترة النهار. « ما ورد في بعض الشهادات يؤكد أن عملية التفتيش داخل السجون التونسية لم تعد مجرد إجراء أمني بقدر ما أصبحت تندرج ضمن سياسة إذلال السجين وإهانته » أما بالنسبة لطريقة النوم فقد ذكر لنا المساجين المفرج عنهم أنهم يجبرون على النوم خلافا وعلى « جنبهم » أي ما يطلقون عليه بلغة السجن النوم « سكين » وذلك حتى يتسع هذا المكان الضيق لأكبر عدد ممكن من المساجين. وإذا اضطر أحدهم لسبب من الأسباب إلى مغادرة مكان نومه فإنه يعرض نفسه لقضاء كامل الليل واقفا. وتزداد رداءة « الكدس » كلما اقترب من المرحاض وابتعد عن جهاز التلفاز. وكمرحلة ثانية، نجد الإقامة في الممشى وهو عبارة عن الممر الضيق الذي يفصل الأسرة (البلاطة) عن بعضها، وعادة لا يتجاوز عرضها مترا واحدا في أحسن الحالات، وكثيرا ما يتحول في الليل إلى فضاء لممارسة مختلف أشكال الانحرافات السجنية. أما الشكل الثالث من الإقامة فقد تحدثت شهادات المساجين السابقين عن « البلاطة » وهي عبارة عن سريرين من طابقين يتم ضمها إلى بعض أو بناء من الإسمنت قصد جمع أكبر عدد ممكن من المساجين فيه. وعموما يتولى السجين المسؤول عن الغرفة مهمة توزيع نوع الإقامة على السجناء بالغرفة. وفي معالجة السلطة لظاهرة الاكتظاظ حاولت التركيز بشكل أساسي على مشكلة التكلفة والإنفاق على المساجين، وتمكنت إدارة السجون من تحقيق نجاح في هذا الغرض، بل أصبحت تتحدث عن الاكتفاء الذاتي بالنسبة لبعض السجون التونسية، وذلك من خلال فرض مساهمة السجين وأسرته في هذا الإنفاق المتمثل في تشجيع دخول ما يسمى بـ »الأكل المدني » (سلة الطعام من العائلة)، وإحداث ما يسمى بالرصيد السجني الشبيه بالرصيد البنكي، إذ تتحول الحوالة البريدية التي ترسلها العائلات مباشرة إلى هذا الرصيد. يضاف إلى ذلك التزويد الشهري ببعض المواد الأساسية التي هي عبارة عن مؤونة شهرية يتمتع بها من كان له رصيد سجني، لشراء كل ما يحتاجه ذلك الشهر. أما من حيث تكلفة الإنفاق على الخدمات فقد عوضت إدارة السجن انتداب الأعوان الجدد بتكليف المساجين بكل ما كان من المفترض أن يقوم به الأعوان. فكل عمليات التنظيف موكلة للمساجين سواء كانت داخل الغرفة (الشمبري) أو خارجها، ويتكفل السجين بدفع أجرة المنظفين، كما يتكفل المساجين أنفسهم بإعداد الطعام وتوزيعه على الأجنحة، بل أكثر من هذا فإن كثيرا من المرطبات التي يتم بيعها في مشرب الشمبري هي من صنع المساجين.. إضافة إلى الخدمات المتعلقة بالزيارات وبالمعالجة التي يقوم بها المساجين. تدهور الحالة الصحية إذا كان الحق في العلاج وتوفير الإطار الطبي اللازم وتوفير الأدوية هي أولى الحقوق التي أقرتها المواثيق الدولية ونص عليها قانون السجون، فإن ما يمارس في السجون المذكورة يتنافى مع هذه اللوائح والقوانين. « كل الإجراءات التي تم اتخاذها منذ أواخر الثمانينات إلى اليوم رغم أهميتها بقيت محدودة الفاعلية، فأصبحت عجلة الإجرام تدور حول نفسها، فالجريمة تغذيها السجون، والسجون تغذي الجريمة » فلكي يتمكن السجين من مقابلة طبيب السجن عليه أن يمر ببعض المراحل الروتينية التي كثيرا ما تساهم في مضاعفة تدهور حالته الصحية، إذ يتم تسجيل أسماء المساجين المرضى مرة في الأسبوع من قبل السجين المشرف على الغرفة، وكثيرا ما يستغل هذا الأخير سلطته ليرفض تسجيل بعض الأسماء لسبب أو لآخر. فمن أصيب بمرض بعد يوم التسجيل عليه، إما انتظار الأسبوع المقبل، أو يتكرم عليه مشرف الغرفة بنقله إلى قسم التمريض للحصول على بعض المسكنات وكثيرا ما يرفض هذا الأخير مقابلته. كما أن السجين الذي يحظى بتسجيل اسمه ضمن قائمة المرضى قد يكون أول من يعترض عليه الممرض الذي يكشف عليه ليقرر إمكانية مقابلة طبيب السجن أم لا. التفتيش عملية التفتيش هي ممارسة روتينية معمول بها في كل سجون العالم، وتقره كل القوانين السجنية الوطنية والدولية بهدف منع دخول الممنوعات والمحافظة على الأمن. ولكن ما ورد في بعض الشهادات يؤكد أن عملية التفتيش داخل السجون التونسية لم تعد مجرد إجراء أمني، بقدر ما أصبحت تندرج ضمن سياسة إذلال السجين وإهانته. إدارة السجن تستقبل النزيل الجديد بطريقة مهينة فيجبر في غرفة خاصة بالتفتيش وبطريقة جماعية على نزع جميع ملابسه ويطلب منه الانحناء. يحدث هذا في الوقت الذي تمتلك فيه إدارة السجن أجهزة إلكترونية متطورة قادرة على كشف ما بحوزة السجين دون حاجة لهذه العملية، ونفس الشيء يتكرر عند مغادرة الغرفة لمقابلة المحامي أو الذهاب إلى المحكمة، أو الانتقال. ويتضح من خلال إعادة فتح ملف السجون التونسية أن كل الإجراءات التي تم اتخاذها منذ أواخر الثمانينات إلى اليوم رغم أهميتها بقيت محدودة الفاعلية، فأصبحت عجلة الإجرام تدور حول نفسها، فالجريمة تغذيها السجون، والسجون تغذي الجريمة، فظلت المشاكل هي نفسها، بل ازدادت تفاقما. ويرجع ذلك بالأساس إلى حجب واحتكار كل المعطيات السجنية والإجرامية، وإغلاق هذا العالم عن الباحثين والمختصين، ومختلف مكونات المجتمع المدني. فقد بقي العدد الحقيقي للمساجين في البلاد التونسية إلى اليوم غير متوفر، فحتى العدد 23 ألفا و165 سجينا الذي نجده في المركز الدولي للدراسات السجنية التابع لجامعة كامبردج لم يحدث منذ 1996. والتقرير الإحصائي لوزارة العدل المتعلق بالجرائم في تونس اختفى منذ 1994. __________________ ناشط حقوقي من تونس وسجين سياسي سابق المصدر: الجزيرة. نت ( قسم الحريات وحقوق الإنسان) بتاريخ 31 أكتوبر 2008
رسالة اللقـــاء رقم (35)
هل تملك المعارضة ناصيتها بيدها ؟
د.خـــالد الطــراولي
ktraouli@yahoo.fr صناعة الحدث وتفعيل الواقع سمة عمل الأحياء والأحرار، وإذا كانت المعارضة لا تملك في الكثير من الثنايا محور الحرية حيث يحاول الاستبداد محوه من ذاكرة الشعوب ومن حاضرها واستئصاله من مستقبلها، فإنها تملك الكثير من مواطن الفعل التي يمليها وضع الحي وتنتفي عند الأموات… يملك الحي أن يأكل ويشرب، ويملك أن يجوع، وتملك معارضتنا أن لا تأكل من موائد اللئام و التمعش بما لذ وطاب، والجيران جوعى على الأبواب… يملك الحي أن يتنقل في جغرافيته وإن ضاق مجالها..وتملك المعارضة أن تدخل الديار من أبوابها، ولا من نوافذها وكأنها سارقة أوطان، تملك أن تدخل بلدانها معززة مكرمة لو فقهت أن زمن المعارضة هو زمن جماهيرها وزمن أوطانها وليس زمنها ولا زمن ذواتها… يملك الحي أن يكون مسئولا ولو على يده التي يرفعها وإصبعه الذي يوجهه همزا أو لمزا، وتملك المعارضة أن تعيش مسؤوليتها كاملة تجاه الوطن، وتجد في خلاياها حراكا يعيش مسؤولية الأوطان كهم دائم لا يرتبط بمقام سلطة ومنزلة حكم، وواجب يرفعه الصغير والكبير، ولا ينقص ولا ينضب إلا إذا انعدم الوطن. يملك الحي الوقوف ولو على عكاز من حطب، وتملك معارضتنا أن تقف حيث يدفع للركوع والانحناء دفعا، والمشي بشمة عالية وناصية مرفوعة رغم المطارق والسنادين المحيطة، ولو كانت الرؤوس من حولها مطأطأة حاسرة إلى سيدها ناظرة…تنتظر لفتة كريمة من صاحب المقام. يملك الحي المقاومة ولو في آخر رمق في حياته، والحياة كنز يصعب التخلي عنه بسهولة، وتملك المعارضة أن تقول لا حين يكثر أهل العطايا والتزلف وقوم تبع، وتملك أن تقاطع حين تكون المشاركة ذل وعدم، أو تشارك حين تكون المقاطعة نرجسية وعدم… يملك الحي التوكل على ما حباه ربه من عطايا المادة والروح وتثويرهما من أجل البقاء الطيب، وتملك المعارضة حمل قيادة ناصيتها بيدها دون تواكل على خارج وانتظار عودة على دبابة أو سيارة كتبت أرقامها بغير لغة أهل البلد. كل ما يطلب منها أن يكون عنوانها وطنيا خالصا، وساعي البريد وطنيا أصيلا. يملك الحي أن يمشي ولو على رجل واحدة ولو حذو الحائط، وتملك معارضتنا المشي في أول الصفوف، حين يكون للنخبة دور النموذج الفاعل والقدوة الرشيدة، تملك معارضتنا الهرولة وحتى العدو إذا عرفت قدرها وقدر منافسيها، وأيقنت أن قوة الضفة المقابلة في ضعف ضفافنا وتشتتها، وأحست بالثقة في نفسها وفي الجماهير التي تحيطها… يملك الحي أن يبني ولو جدارا من طوب أو قصرا من الرمال، وتملك المعارضة أن تبني مشاريعها على نار هادئة، ووعت أن الفعل المعارض هو بناء ثقافة وعقلية وبناء أوطان، قبل أن يكون بناء كراسي واستعجال الجلوس… ولو أردنا إيجاز هذه الملكة من الحياة والمسؤولية اللاحقة بها [من الملكية] دون كثير حديث، لأوجزناها في وصايا توجهها المعارضة لمن حولها…لا تكونوا مثلنا في أربع [حتى لا نقول أكثر رحمة بكم وحياء من أنفسنا] : ـ توحدوا فقد تفرقنا. ـ اجتمعوا فقد اختلفنا. ـ لا تغلبوا الأنا فقد غلبت نرجسيتنا. ـ خلقوا السياسة فقد تقاعسنا. ليس حديثي هذا موجها إلى الأجيال القادمة من أطفال هذا الزمان ورضعه، ولا حتى لمن سبقناهم بجيل أو أقل، ولكنه إلى من حولنا من جيلنا جيل الشباب المهرول إلى الكهولة…دعوة لعدم الموت، والحياة من حولنا… دعوة لعدم اليأس، والربيع على الأبواب..، دعوة لعدم الإحباط، وعملنا ربح كله إذا كان شعاره الإخلاص والفعل الواعي والرشيد..، دعوة إلى الاعتبار، فالتاريخ لا يرحم والشعوب لا تنسى، والديان لا يموت! (لمصدر : موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطيwww.liqaa.net بتاريخ 29 أكتوبر 2008)
ملاحظات إلى المواقع التونسية
الطاهر العبيدي taharlabidi@free.fr إن المتمعّن في ظاهرة تنامي المواقع الالكترونية التونسية في المهجر من خلال تنوع التسميات، وتقارب في المضامين، من حيث المعالجات في الطرح الموزّع بين الحقوقي والخبري الحدثي، وبين الردود والردود المعاكسة، والتمركز على نوافذ الوطن، لاقتناص وترصّد ما يمكن أن يرجّ الجدار العازل، الذي يحجب واقع سياسي تونسي منخفض الحريات تلوّنه الأحذية العسكرية، التي لا تتأخر في ركل المعارضين، وإدانة وحبس كل من ينهى عن التصفير. والمتابع لهذه المواقع وما تقوم به من دور في هذا الاتجاه وتبنّي مقاومة إخبارية مدنية، يحس بفيض من المشاعر، هي خليط بين الإكبار والاحترام، خصوصا إذا ما عرفنا أن هذه المواقع هي منابر يشرف عليها متطوّعون، بما تعني هذه الكلمة من معاناة يومية، وجهد مضني، واستراق للوقت في واقع أوروبي سريع النسق يطوي الزمن ويفترس الأعمار. فهؤلاء القائمين على هذه المواقع متأهبون ومجنّدون دون رواتب ولا مكافآت، وعلى حساب عائلاتهم وأهاليهم في سبيل كشف المستور من القول المنثور، الذي يزركش عهد التزمير… واللافت للانتباه هو اشتراك هذه المواقع في الاستماتة على الاستمرارية رغم المصاعب التقنية والهموم العائلية، والأهم من ذلك أن هؤلاء رغم ما يقومون به من جهود لفائدة الذاكرة الوطنية، بقوا جنودا في الخفاء سواء في: تونس نيوز الذين كانوا أول من اختار هذا النهج، أو – تونس أونلاين – أو – نواة – أو- الحوار نت – أو – السبيل أونلاين – أو- الفجر نيوز- أو – الخضراء فهذه المواقع اختار القائمون عليها أن يكونوا جنودا مجهولين على نخب الوطن، دون أن يمنحوا أنفسهم ألقابا رعوانية، فلم نر أحدا من هؤلاء المشرفين على هذه المواقع المذكورة أمضى باسمه، أو انتحل سلسة من الألقاب – رئيس تحرير – مدير تحرير- إعلامي – كاتب… كما يفعل ذاك الموقع المسكون بالأشباح والخيالات، ممّا يخلف الاحترام لهؤلاء المساهمين في صمت في تنمية الوعي بقضايا ومشاغل البلد.. المواقع المهجرية خطوط خلفية حين نتأمل محتويات هذه المنابر لا نجد عناء في استنتاج أنها نوافذ للداخل التونسي المختنق، والذي صار يتنفس عبر الفضاء الافتراضي الخارجي، ممّا يجعل أولويات هذه المواقع مهمة إسناد وفك الحصار، بالإضافة إلى لعب دور تعريفي والمساهمة في الانتشار، وحين تصادر جريدة الموقف تتجنّد هذه المواقع لنشر العدد الموقوف، كما تفعل مع بقية الصحف والمجلات المشاغبة المعارضة منها والشبه رسمية، زيادة على أنها تحوّل منابرها إلى أكشاك توزيع مجاني لجريدة الموقف وغيرها، سواء أثناء المصادرة أو في الحالات العادية، وتوصل الصحيفة لجمهور لا يمكن أن يصل لهذه الأسبوعية، ولا يمكن للصحيفة أن تصل إليه بإمكانياتها المقضومة، لولا هذه المواقع التي تساهم في رفع الحصار، والمشاركة في عملية التوزيع، غير أن ما يستغرب، وهنا أتوجه لجريدة الموقف باعتبار معرفتي بأهلها، أننا لم نقرأ شيئا في صفحاتها عن دور هذه المواقع، وحبذا لو يقع نوعا من الترابط وإحداث ركن في الموقف، يكون مقتطفات من المواقع التونسية بالمهجر، وبذلك تكون جريدة الموقف قد سدّدت جزء من هذا الدين الرمزي المتخلد بذمّتها، ويبقى هذا رأي أسوقه، دون أن أكون ناطقا باسم أي موقع من هذه المواقع، ولا حتى منخرطا فيها، ولكني من المتابعين المنتبهين.. سطور تحتاج للتسطير لئن كانت هذه المواقع التونسية في المهجر تجتهد في القيام بدور وطني سيحفظ لها تاريخيا، إلا أنها لا تخلو من نقائص ككل اجتهاد بشري قابلا للنقد والتقويم، من هنا فإننا نحاول بعجالة تسجيل بعض الملاحظات في الشكل، وسوف تكون لنا في فرصة قادمة التطرق للمضامين، دون أن نكون بهذا نمارس نوعا من الأستاذية، أو نكون من « الباحثين في القضايا الإعلامية الإستراتيجية » على حد قول أحد المواقع المعروفة بالزحف على الركبتين، والتي تفننت في منح نفسها لفيفا من الألقاب الوهمية، وكي نختصر الكلام، نعود إلى لبّ المقال، لنبدأ بتدوين ما نراه من وجهة نظرنا مفيدا في هذا المجال. أولا / لا أفهم ما معنى » مواقع صديقة » التي نراها في بعض واجهات هذه المنابر، فهل يعني أن المواقع الأخرى هي عدوّة، ثم ما هو الأساس المعتمد لهذه الصداقة الافتراضية، هل هي صداقة تقنية، أم صداقة منهجية، أم صداقة لغوية، أم صداقة قبلية، أم صداقة مادية… أفيدونا يرحمكم الله؟ ثانيا / مرة أخرى لا أجد تفسيرا منطقيا لتسمية » مواقع مختارة « ، فعلى أي أساس وقع الاختيار، وضمن أي مقاييس، وهل هذا الاختيار إن وجد فعلا هل وقع تشريك القراء، أم هو اختيار المشرفين، وبالتالي فإن هذا الاختيار يصبح لاغيا، باعتباره تعسّفا وإملاء من قبيل الفرض على القرّاء دون استشارة، فلغتنا العربية شاسعة وغنية، ومتى اجتهدنا حصلنا على المقصود المفيد. ثالثا / توقع بعض المقالات بكلمة » بقلم » فماذا تضيف هذه اللفظة سوى الحشو المجاني، وهي طريقة بالية أفلت منذ عهود، طبعا الذي يكتب يستعمل القلم وليس شيئا آخر، فماذا نقول الآن والكتابة بالقلم استبدلت بالأزرار…؟ رابعا / نرى البعض يبتدأ النصوص بقولة » كتب » فلان الفلاني، طبيعي هو كتب وليس افترس، أو عطس، أو تثاءب، أو تقيأ مع الاعتذار لمن كان أمام مائدة الأكل، إلا إذا كان المقصود هو إقناعنا استغفالا بأن المقال هو كتابة، وليس شعوذة أو شيئا آخر… خامسا / نجد العديد من العناوين طويلة، وأحيانا تتجاوز الجملة وأحيانا أخرى تكون شبه فقرة، ممّا يخل بأبجدية العناوين التي من خصائصها التقنية والإعلامية، أن تكون مختصرة ومفيدة وإيحائية وخبرية. سادسا / نلاحظ حالات التبعثر في الصفحة الرئيسية ما يطلق عليها la vitrine ، كما أن الألوان باهتة وفاقدة لجمالية الإخراج، إلى جانب غياب التقسيم الموفق والمريح لعناوين الأركان. سابعا / هناك مقالات طويلة جدا، دون أن تجد بداخلها عناوين فرعية تخفف من معاناة القراء، فعملية التوزيع الداخلي للمقال يعطي نوعا من التهوئة، لهذه النصوص ويساعد على قراءتها. ثامنا / بعض المواقع تغفل التنصيص على تاريخ المقال، مما يحدث نوعا من الارتباك لدا الباحثين والمهتمين، الذي يودّون الرجوع لبعض النصوص المنشورة سابقا. تاسعا / جلّ المواقع تفتقد للصورة الرمزية المعبّرة في الصفحة الرئيسية، وانتفاء كلي للصورة الكاريكاتورية، التي تكون في كثيرا من الأحيان أبلغ من المقال، إلى جانب هزال الجانب الثقافي الذي نعتقد أنه أداة استنهاض. عاشرا / الملفت للانتباه هو غياب الاهتمام بالمواطن من خلال انعدام التحقيقات الميدانية، وعدم إثارة القضايا الاجتماعية، وعدم وجود مساحة تعنى بالأوضاع الشعبية، ممّا يجعل هذه المواقع متسللة عن مشاغل الجماهير.
بريطانيا تسلم ثلاثة تونسيين الى ايطاليا
لندن 2 نوفمبر تشرين الثاني /رويترز/ قالت الشرطة البريطانية اليوم الاحد ان بريطانيا سلمت ثلاثة تونسيين الى ايطاليا ليواجهوا تهما بالانتماء الى منظمة محظورة وتجنيد شبان للتدريب العسكري في افغانستان بين عامي 1997 و 1999. وقالت شرطة العاصمة البريطانية المعروفة باسم /ميتروبوليتان بوليس/ في بيان انه يشتبه في انتماء الثلاثة لجماعة محظورة لم تذكر اسمها لكن صحفا بريطانية ذكرت أنها جناح القاعدة في شمال افريقيا. وسبق وأن ذكرت مصادر بالشرطة الايطالية ان الاعتقالات التي تمت في 2007 لها صلة باحتجاز ايطاليا لتسعة تونسيين يشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي والتي كانت تعرف من قبل بالجماعة السلفية للدعوة والقتال. وارسل حبيب القناوة /47 عاما/ من شمال لندن وعلي الشهيدي /35 عاما/ من سوري بجنوب شرق انجلترا ومحمد الخميري /54 عاما/ الذي لم يكن له عنوان محدد الى ايطاليا امس. واعتقل الثلاثة بناء على مذكرة اعتقال اوروبية نيابة عن السلطات الايطالية وجاء في مذكرة اعتقالهم انهم //اقنعوا ونظموا متطوعين للقيام بتدريب عسكري في افغانستان على الجهاد// بين 1997 و 1999. واقر القاضي البريطاني نيكولاس ايفانز طلب التسليم في جلسة استماع في لندن في مايو ايار بعدما اتهمتهم ايطاليا //بعضوية جماعة اجرامية لاغراض ارهابية//
(المصدر: وكالة (رويترز) للأنباء بتاريخ 2 نوفمبر 2008)
صوت الوطن العودة المدرسية ورمضان والعيد والارتفاع المستمر للأسعار: المقدرة الشرائية إلى أين؟
في الوقت الذي تتبجح فيه الديماغوجيا النوفمبرية بسمفونيتها الممجوجة حول « المعجزة الاقتصادية التونسية » و »الإبداع التونسي » الذي قدر على المحافظة على التوازنات الاقتصادية والاجتماعية في ظرف دولي « غير ملائم »، وفي الوقت الذي يتواصل فيه « الطن والرن » حول نسبة النمو التي تواصل تجاوز الـ5 % والدعاوي حول « التحكم في نسبة التضخم » وفي تداعياتها، في هذا الوقت يتضاعف أنين الجماهير الشعبية بفعل التدهور الكبير لمقدرتها الشرائية خاصة في هذا العام الذي تزامنت فيه العودة المدرسية وشهر رمضان والعيد. لا يختلف اثنان حول ما تمثله العودة المدرسية والجامعية من عبء على كاهل العائلة التونسية التي تتكون في المعدل من 4 أبناء وأب وأم مع ما يعني ذلك من مصاريف تشمل كل مناحي الحياة المدرسية والجامعية من الترسيم الذي يصل إلى 5150 مليم يضاف إليه ديناران للانخراط في « جمعية تنموية » غير مسماة. فضلا عن ثمن الظروف المتنبرة. وفي الجامعة يبلغ معلوم الترسيم 35 دينار في المرحلة الأولى و45 دينار في المرحلة الثانية ليصل إلى 200 دينار في بعض اختصاصات المرحلة الثالثة. يضاف إلى ذلك معلوم الاشتراك في النقل العمومي الذي يلتجئ إليه الأغلبية الساحقة من التلاميذ والطلبة. أما « النكد » الأكبر الذي لا نهاية له فهو ذاك المتعلق بالأدوات المدرسية بدءا بالمحفظة التي لا يقل ثمنها عن 7 دينارات والكراس الذي انقضت أيام « العادي » منه والذي كان الفقراء يجدون فيها بعض الهامش للحركة، فالكراس اليوم كله من صنف واحد (كراس رقم 72 بـ1200 مي…) أما الكتاب فحدث ولا حرج ففضلا عن الكثرة لا يوجد كتاب واحد ثمنه يقل عن ديناران، ففي السنة الثالثة أساسي يطلب من التلميذ اقتناء كتابين للقراءة وكتابين للفرنسية وكتابين للرياضيات مع كتاب إيقاظ علمي وكتاب مواد اجتماعية… ويزداد أنين المواطن المسكين حيث تطلب منه معاليم الكراء بالنسبة للطلبة، فالدولة التي تتخلي عن دورها في توفير الخدمات الجامعية لا تمتع إلا عددا قليلا من الطلبة بالسكن على أساس عام واحد للطالب وعامين للطالبة. لذلك يضطر الطلبة للكراء إما في المبيتات الخاصة التي انتشرت كالفقاقيع ولا تقل معاليمها عن 50 دينار شهريا للسرير الواحد في غرفة لأربعة أشخاص، بما يعني أن الغرفة الواحدة بـ200 دينار وإذا سكنها شخصان يكون نصيب كل واحد منهما 100 دينار. والأمر ينسحب على الكراء الخاص، علما وأن هذه الأنواع من السكن تغيب فيها الشروط الصحية. علما وأن الأغلبية الساحقة من الطلبة لا تتمتع بالمنحة الجامعية، كما أن مرتادي المطاعم الجامعية وهم أقلية أساسا من ساكني الأحياء الجامعية مما يكلف الطلاب مصاريف أخرى للأكل والكل يعرف غلاء أسعار المواد الغذائية والخضر والغلال مما يجعل « العجة » الصحن الأساسي في حياة طالبي العلم. لقد أصبحت هذه المصاريف اعتيادية مضافا إليها معاليم الكتب الموازية والدروس الخصوصية والمساهمة الإجبارية في صندوق 2626، وتزامنت عودة هذا العام مع شهر رمضان بما يعنيه من تضاعف الاستهلاك وارتفاع الأسعار وتزايد الاحتكار، يلي ذلك العيد وما أدراك ما العيد وما يتطلبه من لعب وملابس وحلويات وزيارات… إن أوضاعا مثل هذه هي أوضاع صعبة ومأساوية دون شك يدفع فاتورتها المواطن المسكين الذي تهرأت مقدرته الشرائية وارتهنت بالكامل للبنوك والمغازات، فلا تسبقة منحة الإنتاج ولا التسبقة على الزيادة في الأجور، ولا موائد الإفطار والمساعدات الدعائية خففت من أعباء الحياة ببلادنا، وحدها انتفاضة الجياع يمكن أن توقف العسف والقهر وتعيد الاعتبار للمنتجين الحقيقيين للثروة الاجتماعية فيكونون هم السادة عليها إنتاجا وتوزيعا وتصرفا. (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) العدد 267 بتاريخ أكتوبر 2008)
وتتواصل معاناة أعوان « باطام » لم يكن يوم 7 أكتوبر 2008، يوما عاديا في ساحة محمد علي بالعاصمة، فكل من كان هناك أو مر بالأنهج القريبة منها لاحظ استثنائية الحركة الأمنية، إذ حضرت أعداد غفيرة من البوليس السياسي إضافة إلى غيرهم من فرق أمنية أخرى. إن الأمر يتعلق بعشرات العمال السابقين لشركة باطام الذين تجمعوا في ساحة الاتحاد رافعين لافتات تعبر عن مطالبهم وتنادي بالتضامن النقابي (وين التضامن وين) وضد السمسرة والتلاعب باليد العاملة وتندد بمالك المؤسسة وتعديه على حقوقهم وتدين البيروقراطية النقابية (يا حشاد شوف شوف الخيانة بالمكشوف) مركزين على ضرورة النضال لتحقيق مطالبهم (لا تفاوض ولا استسلام المطالب بالنضال، شادين شادين في إرجاع المطرودين) وكانت هذه الشركة التي ذاع صيتها في التسعينات وعرفت بالبيع بالتقسيط والتسهيلات في الدفع، قد تم بيعها إلى إحدى العائلات الحاكمة التي باعتها منذ أكثر من سنة إلى عائلة مقني التي وعدت بالحفاظ على نشاطها الاقتصادي وضمان بقاء عمالها في سالف عملهم، إلا أن المالك الجديد سرعان ما تراجع عن وعوده. في البداية عمد إلى تغيير اسم الشركة (كونوكورد للتجهيز) ثم بدأ بعملية « تطهير » الشركة و »تأهيلها » فأطرد 35 عاملا في مقدمتهم نقابيو المؤسسة وجمد أجور العمال لأربعة أشهر. العمال لم يبقوا مكتوفي الأيدي ونظموا جملة من التحركات الاحتجاجية بمقرات الشركة وخاصة الموجودة بالمنطقة الصناعية ببن عروس. ولم يجدوا المساندة المطلوبة بعد أن فشلت قيادة الاتحاد في إيجاد حلول لمشاكلهم. وهو ما دفعهم إلى تطوير أشكال نضالهم والاتجاه نحو ساحة محمد علي للقيام باعتصام. وقد حاولوا الخروج في مسيرة إلا أن الحشود الأمنية منعتهم وسط تجاهل القيادة النقابية لهم. اتفاق في مصحة الفرابي بعد اعتصام عمالي طويل وناجح بمصحة الفرابي بالعاصمة، تم إنهاء التحرك بعد إمضاء اتفاق بين النقابة وصاحب العمل تحت إشراف وزارتي الصحة العمومية والشؤون الاجتماعية والتضامن يقضي بتمكين 56 عونا من منحة مقابل الراحة السنوية الخالصة الأجر لسنة 2007 والسداسية الأولى من سنة 2008. مع موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج على منح الأعوان المذكورين منحة اجتماعية استثنائية. ومن المنتظر أن تتكون خلال شهر من هذا الاتفاق لجنة ممثلة عن كل الأطراف الحاضرة لمواصلة النقاش حول كل الإشكالات المستجدة ومنا مسألة التصنيف المهني والترفيه. لكن يبدو أن عديد العمال والنقابيين يشعرون بعدم الاطمئنان لهذا الاتفاق ويتخوفون من الالتفاف عليه. إغلاق معمل ريكي بالجديدة أغلق معمل ريكي بالمنطقة الصناعية بالجديدة مؤسسته بعد طرد تعسفي لعماله على مراحل. وكان أكثر من 40 عاملا قد دخلوا في شهر أوت وأوائل شهر سبتمبر في اعتصام بالمعمل المذكور في ظروف قاسية مطالبين بإرجاعهم للعمل وتسوية أوضاعهم المادية تم بمقتضاه إمضاء محضر اتفاق أشرف عليه والي منوبة بتاريخ 04 سبتمبر 2008 إلا أنه لم ير النور. وحتى الجلسة التي كان من المفروض أن تنعقد بين كل الأطراف بمقر ولاية منوبة في 6 أكتوبر الجاري لم تتم أمام دهشة العمال المطرودين وتخوفهم من وقوعهم تحت تلاعب السلطة والعرف. وضع اجتماعي سيء بـ « توناراما » رغم قدرتها التشغيلية الكبيرة والأرباح المالية الهامة التي يسهم فيها أكثر من 80 عاملا وعاملة، فإن أعوان شركة « توناراما » بتونس العاصمة يعانون صعوبات متعددة لعل أهمها التأخر المتواتر في منحهم أجورهم مما جعلهم يدخلون منذ 8 أكتوبر في إضراب عن العمل للمطالبة بأجر سبتمبر. كما كانوا قد نفذوا يوم 14 جوان أجرة شهر ماي. ويعاني العمال المذكورين من تقاعس نقابتهم وجامعة المعادن في الدفاع عن حقوقهم والتواطؤ مع صاحب العمل. المفاوضات الاجتماعية بين إخلالات الواقع وتطلعات الكادحين يعيش الكادحون والنقابيون هذه الأيام على وقع ماراطون المفاوضات الاجتماعية بين المركزية النقابية من جهة، والحكومة وإدارات المؤسسات العمومية والأعراف من جهة ثانية، يحدوهم أمل الرفع من الأجور بما يحد من تدهور مقدرتهم الشرائية ويُحسّن شروط عملهم، دون أن تغيب عن أذهانهم « عبثية » المفاوضات السابقة التي تحكمت فيها الحكومة والأعراف بشكل كامل. 1) عبثية المفاوضات حول الزيادة الثلاثية مازالت بيانات المركزية النقابية والمقالات المتعددة على صفحات جريدة « الشعب » تطالعنا بأصداء المفاوضات الاجتماعية، بين انشراح بتقدم نسقها والوصول إلى تفاهمات جيدة، وبين غضب وتلويح بتجنيد القواعد لشن جملة من التحركات الاحتجاجية ردا على تعنت الأعراف ولامبالاتهم بمصالح الشغيلة، ويأتي كل ذلك في إطار حملة إعلامية وقودها ندوات تحضيرية واجتماعات إعدادية وتربصات تكوينية، غير أن انتظارات الأجراء في حماية حقوقهم ومكاسبهم المهنية والمادية كثيرا ما تخفـُت تحت وطأة الظروف المادية اليومية التي زادها بلة هذه المرة تزامن شهر رمضان وعيد الفطر والعودة المدرسية من جهة والإجراء الرئاسي القاضي بصرف القسط الثابت من منحة الإنتاج وصرف تسبقة على الزيادة الثلاثية الذي ضرب في العمق جدوى المفاوضات، من جهة أخرى. لقد باتت سياسة « الحوار الاجتماعي » في نظر الأجراء، وحتى القيادة النقابية، على ولائها، مطية لدعاية سلطوية لا أكثر ولا أقل فالحكومة تنفرد بتحديد الزيادة في الأجر الأدنى الصناعي والفلاحي المضمون، ولا تتورع عن تجاوز الاتفاقيات المبرمة معها ومع الأعراف، وعن استصدار قوانين من جانب واحد. إضافة إلى جملة التأويلات والتطبيقات المتعارضة تماما مع ما يحصل من اتفاقيات. هذا جانب أما الجانب الآخر فيتعلق بمحتوى التفاوض ذاته، ذلك أنه منذ أولى جولاته سنة 1990/1991، تمثلت الزيادة في مقدار جملي مقسط على ثلاث سنوات كنسبة على كتلة الأجور في الوظيفة العمومية يسحب على الشركات والدواوين العمومية، ولا يـُحتسب على قاعدة مبدأ تعويض على نسبة التضخم خلال السنوات الماضية، ويرتبط أساسا بالتوازنات الاقتصادية والمالية للحكومة، ويكون عادة مبررا للزيادة في الأسعار، وضمانا لصمت القيادة النقابية طيلة سنوات ثلاث، مما يساهم في سحب البساط من تحت أقدام النقابيين والأجراء ويضرب في أذهانهم قيمة النضال في سبيل الدفاع عن حقوقهم ومطالبهم بما فيها زيادات تعوض إجراءات التفقير المتواصلة. 2) معطيات تضرب التمشي السائد للمفاوضات الاجتماعية إن كل المعطيات والمؤشرات الاقتصادية الرسمية، لا تؤكد فقط ضرورة معالجة المقدرة الشرائية للأجراء والترفيع في أجورهم، بل تبرهن على أحقيتهم في ذلك رغم تلاعب السلطة بالأرقام والإحصائيات. فنسبة النمو الاقتصادي بلغت سنة 2007 أعلى ارتفاع لها منذ 10 سنوات ( 6،3 %) يرجع بعضها إلى ارتفاع نسبة انتاجية العمل التي أصبحت تفوق إنتاجية رأس المال، وبلغت في السنة نفسها ( 3،5 % ) بعد أن كانت لا تتجاوز الـ2 % بين 2002 و2006، غير أن تطور الثروة الوطنية لم يرافقه توزيع عادل بين الطبقات والفئات الاجتماعية إذ تراجع نصيب الطبقة العاملة من الناتج الداخلي الخام سنة 2006 بنقطة كاملة عما كان عليه سنة 2002، وفي المقابل ارتفع نصيب أصحاب رأس المال، رغم المصاعب التي عرفوها والتي ارتبط معظمها بتكاليف الاندماج بالسوق العالمية من ناحية، وعلى الرغم من أن الشرائح الشعبية هي التي ساهمت بفعالية في تحقيق نسبة النمو خاصة مع ارتفاع نسبة الطلب الداخلي إلى 5،3 % سنة 2007 مقابل 0،7 % للاستثمار و1 % للمبادلات الخارجية، مما يجعل من الطلب الداخلي محركا للاقتصاد التونسي كان من المفروض التركيز عليه لو أن النية كانت تتجه حقا إلى بناء اقتصاد وطني مستقل عن تدخل البنوك والدوائر والمؤسسات المالية العالمية. ولئن ساهم الاستهلاك العائلي في نسبة النمو بـ 36 % فإن جمهور المستهلكين تضرر من ارتفاع تغير هيكلية الأسعار وارتفاع نسبة المعاليم الجبائية على الأسعار عند الاستهلاك ومن فساد نظام السوق ومسالك التوزيع المتسمة بانعدام المزاحمة بالنسبة لعديد المواد وباتجاهها أكثر فأكثر نحو الاحتكار، كما لم ينتفعوا من ارتفاع الاعتمادات الممنوحة لصندوق التعويض بـ1،8 % من الناتج الوطني سنة 2008 والذي ذهب جله إلى قطاع طفيلي كقطاع السياحة. وبالإضافة إلى الطبقات المالكة استفادت الدولة من هذه المعطيات الاقتصادية واستطاعت من خلال الناتج الخام تقليص نسبة عجز الميزانية وتحسين وضع الميزان التجاري، وتحقيق أعلى نسب الاحتياطي من العملة الصعبة (134 يوما) وتقليص نسبة التداين للخارج إلى 42 % من الناتج الداخلي الخام عوض 54 % سنة 2004، ومن حجم خدمات الدين. وفي المحصلة، فإن صانعي الخيرات، رغم مساهمتهم الهائلة في نسبة النمو الاقتصادي، فإنهم محرومون من ثمارها، مما يُحتم على الطرف النقابي الانتصار لهم والدفاع عن حصتهم العادلة من ثروات بلادهم. إن الأجراء إضافة إلى الظلم المسلط عليهم في ما سبق ذكره، هم ضحايا السياسة الضريبية والمساهمة المشطة في الصناديق الاجتماعية. فهم يتحملون لوحدهم أكثر من 75 % من الضرائب المباشرة التي أصبحت تمس أيضا منحهم ومداخيلهم، ولقد ارتفعت هذه الضريبة خلال العشرين سنة الأخيرة لتصل الآن إلى حوالي 9 % بعد أن كانت 4،8 %، كما ارتفعت نسبة مساهمتهم الاجتماعية بـ1،28 % سنة 2008 ومن المنتظر أن ترتفع أيضا بـ0،87 %، وقد أصبح الأجير يدفع حوالي 30 % من أجره الخام في شكل ضريبة مباشرة وأعباء اجتماعية بعد أن كان ذلك في حدود 17 % سنة 1983، هذا في الوقت الذي يتهرب فيه الخواص وأصحاب الشركات والمهن الحرة من الضرائب بل ويتمتعون بتشجيعات مالية وجبائية مختلفة تحت عنوان التحفيز على الاستثمار ومن إعفاءات ضريبية وعمليات طرح ما تخلد بذمتهم من ديون لفائدة الخزينة العامة بعنوان الضريبة على الدخل، ورغم هذه التسهيلات لم تترجم على مستوى الاستثمار الذي تراجعت نسبته في القطاع الخاص إلى 13 % سنة 2006 بعد أن كانت 14،6 % سنة 2001 في الوقت الذي خسر فيه الأجراء عديد المكاسب الاجتماعية جراء خصخصة بعض الخدمات الاجتماعية والتفريط فيها للاستثمار الخاص والسماسرة. إن أي مفاوضات اجتماعية ستكون غير منصفة ما لم تسع إلى تعويض الأجراء عن خسارتهم المضاعفة جراء ارتفاع نسب مساهمتهم في الضريبة المباشرة وفي الأعباء الاجتماعية. كما أنه في دراسة الوضع الاقتصادي لا بد من التركيز على التضخم المالي وارتفاع الأسعار حيث ارتفع مؤشر الأسعار خلال الثمانية أشهر المنقضية من سنة 2008 بنسبة 5،8% عوضا عن 5،4 % في شهر جانفي الماضي ومن المنتظر ألا تقل النسبة السنوية عن 5 % في حين لا تتجاوز الـ2،5 % سنة 2007، مع العلم أن هذه النسبة ترتفع عند الاستهلاك العائلي إلى 15 % وقد تصل في بعض الاحتياجات إلى 50 % في حين أن معدل الزيادة الخام في الأجور بالنسبة إلى الوظيفة العمومية خلال نفس المدة تتراوح بين 3 و3،5 % وهي نسبة اقل بكثير من معدل التضخم للسنوات الأخيرة (4،16 % ) وأقل من نسبة التضخم المسجلة إلى حد الآن (5،9 % )، أما بالنسبة إلى « السيمقار » فقد خسر ما بين ديسمبر 1983 وديسمبر 2007 ما قيمته 51،170 دينار أي أن مقدرته الشرائية تراجعت بنسبة 19،25 %، وتصل هذه النسبة إلى حدود 25 % إذا حسبنا قيمة الخسارة المسجلة في ملاحق الأجر الأدنى الصناعي. وعليه فإن ارتفاع الأسعار بنسق يفوق بكثير نسبة تطور الأجور يضاف إليه تراجع قيمة الدينار التونسي يلحق أضرارا فادحة بالفئات الشعبية. وتبقى المفاوضات الاجتماعية شكلية ومخادعة ما لم تسعى لجبرها. 3) من أجل سياسة تفاوضية فعالة: لئن شهدت المفاوضات الاجتماعية إلى حد الآن تقدما في الجوانب الترتيبية فإنها لا تزال تعرف تعطلا على مستوى الزيادة في الأجور. ويتمسك الاتحاد بزيادة لا تقل عن 8،5 % من كتلة الأجور بينما الطرف الحكومي مستعد فقط لدفع حوالي 30 مليار مليم إضافية على زيادة الثلاثية الماضية أي بزيادة دينارين ونصف إلى ثلاث دينارات على ثلاث سنوات، وهي زيادة إن قبلها الاتحاد، فإنها لن تقدر على معالجة ما سببه ضعف المقدرة الشرائية وتهرّئها، وهو ما يثير ضرورة مراجعة طريقة التفاوض في اتجاه يحمي المقدرة الشرائية للأجراء ويعزز شرعية التمثيل النقابي، وهو اتجاه لا يمكن أن يبنى إلا بتصليب الممارسة الديمقراطية داخل المنظمة حيث تساهم كل الخيرات النقابية في مناقشة السياسة التفاوضية وتنفيذها. وقد ينجح المقترح التالي في تصويب المسار التفاوضي: – عدم مركزة المفاوضات بين الحكومة والاتحاد وإيلاء المفاوضات القطاعية كل حقها: – إسناد قيمة الزيادة على نسبة من كتلة الأجور بزيادة تراعي نسبة التدهور الناجمة عن التضخم المالي وعن ارتفاع حجم الضريبة على الأجر والمساهمات والأعباء الاجتماعية، وعن تراجع قيمة العملة، مع التفطن لمحاولات تلاعب الطرف الحكومي بمؤشر الأسعار ونسبة التضخم. – التخلي عن سياسة المفاوضات الثلاثية وربط دورية المفاوضات بسقف نسبة تدهور المقدرة الشرائية يقع الاتفاق عليه مسبقا، تتحدّد على ضوئه مفاوضات اجتماعية تستجيب لكل تغيير يطرأ على مؤشر الأسعار وإنتاجية العمل وتراجع قيمة العملة وزيادات الخصم على الأجر. كل ذلك من أجل الوصول إلى ربط الأجور بتطور الأسعار. أضواء على عمال « مجتمع الرفاه في تونس » ! خلال فترة الصيف، تعرف المدن والمناطق التي تطغى عليها الصناعات الغذائية أنشطةً اقتصادية رئيسية، حركية كبيرة على مستوى الإنتاج الفلاحي والتوزيع والتحويل الصناعي. وما يهمنا هنا بالأساس هو الوضعية العمالية في « جنة السابع من نوفمبر »، وسنعتمد في ذلك على مثال المصانع التحويلية بالوطن القبلي وعلى مصانع تحويل الطماطم بالأساس (كوموكوب، سوكودال، سكاب، بريما..). يضع كل معمل على ذمته خلال أوج الموسم (الميسرة) عددا هاما من اليد لعاملة يصل إلى 600 عامل وقتي أو قار. وينقسم توقيت العمل إلى فترتين: الصباحية من 7 صباحا إلى 7 مساء، والليلية من 7 مساء إلى 7 صباحا. ويمكن تصنيف العمال كما يلي: خـُمُسيْن إناث أكثر من ثلاثة أرباعهم عازبات. والبقية رجال. وأربعة أخماس العمال والعاملات أعمارهم أقل من 25 سنة، والبقية كهول. كما يوجد من بين العمال أطفال تتراوح أعمارهم بين 13 و 16 سنة. وبما أن العمل موسمي بالأساس، فإن لليد العاملة وضعيات أخرى خارج الموسم الذي لا يمتد إلا على شهرين، فالأغلبية الساحقة، في معمل من المعامل المذكورة، هم من تلاميذ وتلميذات المعاهد الثانوية أو المدارس الإعدادية مع استثناءات طلابية أو عاطلين. إن غلاء المعيشة وتدهور المقدرة الشرائية وتراجع مستوى الدخل بصفة حادة تدفع بالعائلات لتشغيل الأطفال والشبان في المصانع والحقول والورشات ودكاكين صغار التجار ومافيات السياحة بأي أجر كان وفي ظروف لا إنسانية. فعندما يتجول المرء بين عنابر الآلات بما تعنيه من إذلال اجتماعي وقهر اقتصادي منهجي يمارس على العمال، فـ »الشـّاف » لا يهدأ له بال على امتداد فترتي العمل، يراقب العمل ويحث العمال على مزيد الجهد ولا يتردد في استعمال العنف اللفظي ضدهم وإهانتهم وتهديدهم بالطرد مستغلا حاجتهم الملحة إلى العمل بسبب استفحال البطالة وصعوبة الحصول على شغل. على امتداد 12 ساعة عمل، قوى الإنتاج لا تتوقف، وفسحة الأكل لا تتجاوز ربع ساعة تضاف إلى وقت العمل في آخر الحصة. وأثناء العمل يمنع استعمال الهاتف الجوال ولا يمكن مغادرة مركز العمل مهما كان السبب والتغيب يعني الطرد بغض النظر عن السبب. وإلى ذلك فإن أجور العمال لا تدفع في آجالها ولا تخضع لقاعدة التسعيرة بالساعة وخالية من كل المنح المنصوص عليها في كراسات الشروط والاتفاقيات الشغلية المشتركة وقانون الشغل، بمعنى أن طريقة احتساب الأجر أكثر رجعية وزجرية من القوانين الزجرية نفسها. معدل خلاص الساعة يتراوح بين 700 مليم و900 مليم للإناث وبين 1000 مليم و1350 مليم للذكور في دلالة واضحة على حالة من التمييز الواقعية والمنبتة عن خطاب المساواة وحقوق المرأة المعلنة في الخطاب الرسمي. ولا نسمح لأنفسنا هنا بالحديث عن حالات التحرش الجنسي والتعامل البورجوازي مع العاملة ووصفها اليومي بصفات مشتقة من قاموس « عهريّ » أو حيواني. أحد العمال، يبلغ من العمر 24 سنة، منحدر من أصول ريفية فقيرة، عاطل عن العمل بعد تعذر مواصلة الدراسة، يعتمد في إنفاقه على ما يجنيه خلال « الميسرة »، طردته من قبل الإدارة بعد اتهامه بسرقة ملفات لا يسمح له مستواه الدراسي حتى بقراءتها. وعندما عاد بعد أيام مطالبا بإرجاعه إلى العمل سمع من صاحب المصنع أقذر النعوت وإعلاما صريحا بأن لا مكان له في المصنع سواء سرق أم لم يسرق لأن العرف يشغل العمال حسب « الكيف » (التشغيل بشروط مذلة في تونسنا العزيزة يخضع أيضا للمزاج). إن دورة الاستغلال والنهب الرأسماليين، تبدأ من لحظة الزراعة، فمحتكرو البذور والأسمدة والأدوية قادرون على احتكار الحق في شراء المحاصيل، وتدخلهم واضح في وضع سعر بيع المحصول وضبطه عبر آلية تدخلهم المتمثلة في اتحاد الفلاحة والصيد البحري ووزارة الفلاحة، وما ينجو من دورة نهب عصابات الحق العام الرسمية، يدخل تحت نفوذ نهب آخر، فشاحنات الطماطم ترابط بالمحاصيل أمام المصانع أحيانا لمدة ثلاثة أسابيع مما ينجر عنه فساد السلعة وانخفاض وزنها. ورغم ذلك تعمد إدارة المصنع إلى خصم 10 % من الوزن الجملي. وعلى صعيد آخر يعاني العمال من التلوث البيئي الناتج عن دخان الآلات وعن الطماطم المتعفنة. ولذلك فإن صحة العمال تخضع لشعار « الشحم خدام وإلا السكوتش » في حال الإصابة. وحجرات الإسعاف الأولي في المصنع منعدمة وصناديق الإسعاف حاملة الهلال الأحمر فارغة أو تستعمل حافظات لسجائر المشرفين على العمل. هذه باختصار عينة عن حالة مصانع عايشناها عن قرب والعينات كثيرة. فلا يكفي حالة الاغتراب التي يعيشها العامل لتضاف إليه أعباء الإهانة واللامبالاة بكيانه البشري. إن كون الرأسمالية تكشر عن أنيابها وتنهب قوة العمل لم ولن تكون مقولة مجردة، بل هي واقع ملموس وبديلها ملموس على العمال أن يدركوه، وهو يتمثل في النضال ضد رأس المال لتعويضه بنظام اشتراكي إنساني، يعتبر الإنسان أكبر رأسمال ». (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) العدد 267 بتاريخ أكتوبر 2008)
تونس: الحكومة تنفي التضييق على حرية الإعلام
نفى مصدر رسمي في تونس صحة ما أوردته وكالة رويترز قبل أيام من وجود تضييق على حرية الرأي في تونس، وان نقابة الصحافيين تطالب بتوسيع هامش الحرية في مختلف وسائل الإعلام. وأضاف المصدر أن الدولة ما انفكت تتخذ الإجراءات والمبادرات من اجل ترسيخ التعددية السياسية والإعلامية وتكريس حرية الصحافة، ويبرز ذلك على سبيل المثال من خلال صدور وتوزيع الصحف الناطقة باسم أحزاب المعارضة بانتظام، وتمتعها باستمرار بالدعم المادي من قبل الدولة، من دون أي تقييد لآرائها ومواقفها. وأكد المصدر أن «موقع الفدرالية الدولية للصحافيين على الانترنت مفتوح للعموم في تونس، شأنه في ذلك شأن مختلف المواقع الحقوقية الدولية، والسلطات تشجع على نفاذ المواطنين الى الانترنت وعلى إحداث مواقع الواب واستخدام الشبكة في جميع الأنشطة، ويبلغ عدد مستعملي شبكة الانترنت في تونس حاليا حوالي 2,4 مليون شخص، إلا انه من البديهي ان استغلال الانترنت للتحريض على التطرف والإرهاب والممارسات غير الأخلاقية، يشكل خرقا لقوانين البلاد ولا يدخل في إطار حرية التعبير. (المصدر: جريدة القبس ( يومية – الكويت) بتاريخ 2 نوفمبر 2008)
تونس الثانية عالميا في مجال التحكم بالنفقات العامة
تونس / 1 نوفمبر-تشرين الثاني / يو بي أي: صنف منتدى دافوس الإقتصادي في تقريره السنوي 2008-2009، تونس في المرتبة الثانية عالميا في مجال التحكم بالنفقات العامة،من أصل 134 دولة. ووفقا لهذا التقرير الذي بثت الإذاعة الحكومية التونسية مقتطفات منه صباح اليوم السبت،فإن تونس حصلت في هذا المجال على 5.6 من النقاط،ما أهلها لإنتزاع المرتبة الثانية،لتتقدم بذلك على عدد من الدول المتطورة مثل فرنسا والدنمارك وهونغ كونغوسويسرا وهولندا. واعتمد التقرير في تصنيفه على نتائج سبر للآراء أجراه منتدى دافوس الإقتصادي العالمي شمل 12297 صاحب مؤسسة في العالم لمعرفة إنطباعاتهم بشأن » دور الدولة في مجال الإنفاق في مجال الخدمات التي لا توفرها السوق « . وتراوحت المعدلات التي حصلت عليها الدول المعنية ضمن هذا المحور من واحد « تبذير الأموال العامة »،إلى سبعة « الإمتياز في التحكم وحسن التصرف في هذه النفقات ». ويتم التصرف في الأموال العامة في تونس ضمن إطار الموازنة السنوية العامة للدولة، التي لا تصبح نافذة إلا بعد مصادقة البرلمان ومجلس المستشارين عليها،حيث عادة ما تخضع لمداولات عميقة يتم خلالها مناقشة الموازنة المرصودة لكل وزارة على حده. وتخضع إدارة الوزارات التونسية لمواردها المالية إلى مراقبة مشددة ودقيقة تقوم بها مؤسسات وهيئات حكومية ،منها دائرة المحاسبة،وذلك لضمان الشفافية وحسن التصرف في الأموال العامة. إلى ذلك،صنّف التقرير أيضا،تونس ضمن الدول العشرين الأوائل في العالم في ميادين شملت 17 محورا ،منها « تكلفة السياسة القطاعية الزراعية » (المرتبة 4)، و »شفافية القرارات الحكومية « (المرتبة 14)، و »شفافية السياسات العامة » (المرتبة 15 )،و »تأثير تراتيب وقواعد الإستثمار الخارجي المباشر على محيط الأعمال » المرتبة 16)،و »إقتناء الحكومة لمنتوجات ذات تكنولوجيا عالية » (المرتبة 3). وكان التقرير السنوي لمنتدى دافوس الإقتصادي حول القدرة التنافسية الإقتصادية، قد صنف تونس في المرتبة الأولى مغاربيا وإفريقيا ،والرابعة عربيا،والمرتبة 35 عالميا من أصل 134 دولة. (المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 1 نوفمبر 2008)
تأملات هادئة في قضية ساخنة سنة الاحتفال بخمسينية الجامعة: عود إلى ملف دكتوراه الدولة
تتوالى منذ أسابيع على أعمدة الصحف والمجلات التونسية مقالات إخبارية وتحليلية (انظر مثلا الصباح 30 أوت، الصباح 4، 6، 11، 18، 21 سبتمبر، الصريح 5 سبتمبر، الموقف 26 سبتمبر، 10أكتوبر…) ــ ولا نظنها ستتوقف ــ حول المشكل الذي يواجهه حاليا مجموعة من أساتذة الجامعة التونسية من درجة المساعدين والاساتذة المساعدين في اختصاصات شتى يتراوح عددهم بين المائتين والمائتين والخمسين.. وهو المأزقـ المشكل الذي صار يعرف اليوم بمشكل دكتوراه الدولة والذي يتابع القراء أطواره في فضول شديد لمعرفة على أي نحو سينتهي هذا المشكل ؟ وهل سيتغلب صوت العقل والحكمة والمرونة والمصلحة العليا على التطبيق الالي للقوانين في نهاية المطاف؟ ونحن إذ نثير هذا الموضوع ونسهم فيه بالتأمل والتحليل فلاننا أولا من أولئك الذين يقدرون دور الجامعة حق قدره، ولاننا ثانيا من أولئك الذين ما يزالون يؤمنون أن كل ما يهدد مستقبل الجامعة والجامعيين قليلا أو كثيرا فإنما يهدد مستقبل الامة جميعا ثم أخيرا لأننا من الذين يؤمنون أن الحق أحق أن يتبع وأن إصلاح الخطإ خير من التمادي فيه وأن لاشيء ــ بما في ذلك النصوص القانونية ــ يمكن أن يعلو على المصلحة الوطنية، فالوطن أولا وآخرا… تذكير لابد منه معلوم أن نظام التعليم العالي (باستثناء الاختصاصات الطبية ـ طب، صيدلة، طب بيطري ـ فهذه لها نظام آخر ليس هذا مجاله) في تونس يقوم ـ في ما يقوم عليه ـ على جملة من الشهائد العالية أرقاها درجة شهادة دكتوراه الدولة سليلة النظام التعليمي الفرنسي. وهو نظام دكتوراه الدولة المعمول به في تونس ـ إلى جانب نظم أخرى ـ منذ ما بعد الاستقلال إلى اليوم. ومرد اعتبارها أرقى الشهادات أن الاطروحة التي يحرز صاحبها لاجلها هذه الدرجة تقوم فلسفتها على ثلاثة أبعاد أساسية : بعد « الاطروحة » بمعنى الفكرة النواة التي تكون طريفة مستجدة بكرا غير مسبوق إليها، والبعد الجامع الشامل الذي يتخطى به الباحث ما كان كتب سابقا في موضوعه أوفي ما يتصل بموضوعه، والبعد التحليلي التفصيلي الذي به يقتل المسألة بحثا ودرسا(1) ولذا كان من الطبيعي أن تحتاج أطروحة دكتوراه الدولة من الباحث إلى الصبر والدأب والمثابرة، وإلى أدوات البحث المختلفة، وإلى التنقيب والدربة والمراس والمقارنة. ولا غرابة بالتالي أن يستغرق هدا النوع من البحوث من أصحابها فترة طويلة غالبا ما تتجاوز العقد من الزمن، وفي أحيان كثيرة العقدين وقد تزيد على العقدين، ولا نتحدث عن الحالات النادرة فالنادر يحفظ ولا يقاس عليه. هذا شاننا في تونس، ولسنا استثناء في هذا، إذ هذا هو شأن هذه الشهادة ومتطلباتها في فرنسا وفي سائر البلاد التي اتبعت نظام دكتورا الدولة. معوقات على الطريق ولمن خبر المسألة واكتوى بها فإن مدة البحث التي يقضيها باحث دكتوراه الدولة ـ ولا مجال للخلط هنا بينها وبين الدكتورا الموحدة (أو الجديدة) أوالدكتورا ـ تتحكم فيها جملة معوقات يمكن أن ترد إلى عاملين اثنين: أولهما يتعلق بالبحث ذاته، وثانيهما بالباحث. معوقات في وجه الباحث (…) أما فيما يتعلق بباحث دكتوراه الدولة فهو مدرس قبل أن يكون باحثا. وهذا عين ما ينص عليه القانون المنظم لهذا السلك حسبما وضعته وزارة الاشراف ـو الذي يتحدث عن « المدرسين الباحثين »ـ. ومعناه أن هذا الباحث عليه التزامات ينبغي أن يؤديها على الوجه الاكمل قبل التفرغ للبحث وللاطروحة : مباشرة التدريس في مؤسسته الاصلية وفي غيرها من المؤسسات عند الاقتضاء، والقيام بالساعات الاضافية عند الضرورة، والمشاركة في إجراء وتنظيم الامتحانات المختلفة، وممارسة التأطير البيداغوجي للطلاب في مختلف المستويات، والمشاركة في إنجاح الاصلاحات التعليمية، فضلا عما يدعى إليه أحيانا من المساهمة في منابر الحياة الثقافية والنشاط الاعلامي والعمل السياسي ومنظمات المجتمع المدني والعمل الجمعياتي. وفضلا عن هذه العراقيل جميعها فإن الباحث يعتريه ما يعتري الناس جميعا من أطوار الحياة الخاصة والعامة التي تنال من وقته المخصص للبحث… ويغشاه ما يغشى الناس جميعا من التقلبات الصحية… وإزاء هذه العوامل وفي ظل هذه الظروف يتأكد احتمال احتياج باحث دكتوراه الدولة عقدين أو أكثر لاتمام عمله. دكتوراه الدولة.. هذه فلسفتها (…) إذن فلدكتوراه الدولة فلسفتها الخاصة بها هي غير فلسفة الدكتورا الموحدة أو الدكتوراه الجديدة التي تنخرط في نظام بحثي مخفف لايثقل كاهل الطالب ويكتفي منه بعمل في حدود 300 صفحة في مدة زمنية بين ثلاث وخمس سنوات بها يبدأ حياته العلمية في الجامعة. ولسنا هنا في مقام التفضيل ولكن كل نظام له خصائص ومواصفات وشروط وغايات، وهذه حقائق تاريخية لا تخفى على أحد فضلا عن أن تخفى على سلطة الاشراف. هذه الفلسفة هي التي كانت وراء جعل نظام دكتوراه الدولة في أصل نشأته وفي موطنه فرنسا مفتوحا أصلا غير مقيد بأجل، وظل هذا النظام بعد إيقاف العمل به واستبداله بالدكتوراه الجديدة مفتوحا أيضا غير مقيد بأجل. والمشكلة من الناحية المهنية أن ارتقاء المدرس من درجة أستاذ مساعد إلى درجة أستاذ محاضر وبالتالي انتقاله من إطار التدريس ب إلى الاطار أ ـ وهو الارتقاء المفصلي في المسيرة العلمية والمهنية للمدرس الجامعي ـ مرتهن ومشروط أساسا بالحصول على دكتوراه الدولة… وهنا تحديدا تتعطل مسيرته، ولا فكاك إلا بإنجاز دكتوراه الدولة (…). 1993 وبداية المأساة (…) وأصل الاشكال الاصلاح الذي تبنته وزارة الاشراف في 1993 والقاضي بإيقاف العمل بنظام دكتوراه الدولة واستبداله بنظام الدكتوراه الموحدة/دكتوراه نظام جديد . كان ذلك بداية المأساة التي يعاني منها اليوم هؤلاء الجامعيون. (…) لقد استبدل النظام التعليمي الفرنسي نظام دكتوراه الدولة بنظام الدكتورا الموحدة/ الدكتورا الجديدة، منذ 1984 أي قبلنا بعشر سنوات كاملة. وأغلق باب التسجيل(2) بدءا من هذا التاريخ. ولكن النظام التعليمي الفرنسي التزم بالنصوص القانونية المنظمة لدكتوراه الدولة وأباح للمسجلين فيها قبل هذا التاريخ (1984) من إتمام أعمالهم حسبما تنص عليه أحكام تلك النصوص الجاري بها العمل فبل صدور مرسوم1984 دون أي تقييد زمني أو تحديد لاجال(3)، وبهذا لم يناقض نفسه ولم يخرق قانون اللعبة. وحافظ على خاصية الانفتاح الزمني للابحاث المسجلة في نطاق دكتوراه الدولة وما يزال باب إيداع الابحاث ومناقشتها مفتوحا إلى غاية اليوم، ومن أواخر أطروحات دكتوراه الدولة التي نوقشت في جامعة باريس السربون الرابعة أطروحة جان لوي بيير في اختصاص الادب الفرنسي عن « هوية راموز » في 17ديسمبر 2007(4). وغير الفرنسي أيضا… وعلى غرار فرنسا سارت الدول التي تبنت من قبل نظام دكتورا الدولة في تعاملها مع هذا الموضوع. وما زالت دكتوراه الدولة التي تحرص وزارة الاشراف عندنا على غلق ملفها قائمة الذات في عدد من البلدان. ففي المملكة المغربية تتواصل داخل الجامعات بمختلف فروعها وفي مختلف الاختصاصات مناقشات أطروحات دكتوراه الدولة(5) ومن آخر الاطروحات التي جرت مناقشتها في هذا الاطار أطروحة المؤرخ المغربي محمد اللحية من كلية الاداب بجامعة محمد الخامس أكدال في موضوع « مدينة مكناس الوسيطية، النشأة والتمدن » بتاريخ 11جويلية الماضي 2008(6). وفي الجزائر، كانت حصيلة سنة 2006ـ2007 من أطروحات دكتورا الدولة التي تمت مناقشتها في مختلف الاختصاصات 440 أطروحة من جملة 770 أطروحة(7). وفي ساحل العاج، وفي أبيدجان تحديدا، وفي جامعة كوكودي، كانت أخر مناقشة تمت في إطار دكتورا الدولة أطروحة فوهو ساهي في اختصاص الفلسفة حول » جان جاك روسو من محبة الوطن إلى الفلسفة السياسية » قبل اقل من شهر، وتحديدا يوم 24 سبتمبر المنصرم 2008 (الشهر المقرر لاغلاق ملف دكتورا الدولة عندنا…) في حين ينتظر الباحث الجامعي أ.ف. نيند جين مناقشة أطروحته لدكتوراه الدولة المقررة لخريف 2008(8). وما تزال مؤسسات التعليم العالي في السنغال، جامعة الشيخ أنتا ديوب وغيرها محافظة على نظام دكتورا الدولة وقد خولت حق إنهاء أبحاث دكتوراه الدولة لكل من أتم تسجيله في أطروحة من هذا الصنف قبل 1 أكتوبر الجاري 2008(نعم أكتوبر الجاري 2008) دون تحديد أجل نهائي للاعداد أو للمناقشة (9). وما تزال جامعة أنتاناناريفو وغيرها من جامعات مدغشقر تمنح شهادة دكتوراه الدولة في مختلف فروع المعرفة(10) ونكتفي بهذه الامثلة الصريحة الواضحة على أن دكتوراه الدولة ما يزال العمل بها متواصلا. الامر الرئاسي بتمديد 2003 ولما انتهى أجل عشر سنوات الذي ضربته الوزارة للمسجلين في دكتورا الدولة وتبين أن الاجل لم يمكن المعنيين بالامر من إتمام أطروحاتهم وكان عددهم يومها أكثر من ثلاثمائة 300 باحث في مختلف الاختصاصات، بادر هؤلاء إلى تحرير عريضة في الغرض قدموها إلى وزارة الاشراف في تلك الفترة. وللامانة فقد وجد مطلب الجامعيين تجاوبا فوريا من سلطة الاشراف آنذاك وتفضل السيد وزير التعليم العالي آنذاك باستقبال وفد كبير من الجامعيين. وكان اتجاه الوزارة آنذاك رفع الاجل نهائيا وتركه مفتوحا كما هو معمول به في فرنسا. وكذلك وجد الموضوع من سيادة رئيس الدولة كل تجاوب وتفهم لاستحقاقات البحث، فتفضل باستصدار أمر رئاسي(11) بتمديد الاجل لمدة خمس سنوات تبدأ في 2003 وتنتهي في 6 سبتمبر 2008 لتمكين الجامعيين من استكمال أبحاثهم. والجامعيون ممتنون لسيادة رئيس الدولة بتلك اللفتة الكريمة فقد أتاح ذاك التمديد لعدد من هؤلاء المعنيين بالموضوع من إكمال أبحاثهم ومناقشتها. انتهاء الاجل والتماس تجديد التمديد وأمام اقتراب أجل انتهاء التمديد في 6 سبتمبر 2008 دون إكمال بقية الجامعيين أبحاثهم وعددهم يتراوح بين المائتين وألمائتين والخمسين اضطر هؤلاء مرة أخرى إلى الدفاع عن مستقبلهم العلمي والمهني. واضطروا في ظرف وجيز وفي فترة امتحانات دورة ماي إلى جمع خمس وستين إمضاء (ولولا تلك الظروف لكان العدد أكثر بكثير)وتوجهوا بمراسلة في موضوع التماس تجديد التمديد ممضاة من قبل الخمس والستين (65) أستاذا إلى سلطة الاشراف بتاريخ 20 جوان 2008 آملين من السيد الوزير ـ وهو الجامعي الحقوقي ـ مؤزارة طلبهم وتأييدهم متوقعين منه التفهم والمرونة وتغليب المصلحة العلمية، كما ضمنوا هذه المراسلة مناشدة إلى سيادة رئيس الدولة في الغرض ملتمسين من سيادته تجديد التمديد لهم مرة ثانية إن تعذر رفع هذا الاجل نهائيا. مساع حضارية ومسؤولة للجامعيين المعنيين…. دون جدوى ولكن أمام صمت سلطة الاشراف، واقتراب موعد 6 سبتمبر2008، حاول هؤلاء الجامعيون الاتصال بها، لكن دون جدوى. وظفروا بعد تدخلات بموعد مع أحد مستشاري السيد الوزير،فتفضل مشكورا باستقبالهم والاستماع إليهم ووعد بالتبليغ. وأمام استمرار صمت الوزارة، اضطر هؤلاء إلى الاتصال بعدد من كبار المسؤولين في الدولة طلبا لتأييدهم ومؤازرتهم لدى سيادة الرئيس ثقة في تمشي سيادة رئيس الدولة والحكومة الداعم للمعرفة والبحث العلمي. ثم اضطروا أخيرا إلى الكتابة في الصحف للتعريف بقضيتهم والدفاع عنها أمام رأي عام قد لا تكون بين يديه المعطيات الكافية ولابلاغ صوتهم إلى سيادة رئيس الدولة آملين منه التدخل لحسم الموضوع مبررات مقنعة لمطلب تجديد التمديد وقد حرص الجامعيون في كل ما كتبوا ونشروا على بيان أسباب عدم إتمامهم أطروحاتهم لدكتوراه الدولة وكذلك على مبررات إصرارهم على إتمامها. ودللوا على وجاهة طلبهم بقطع النظر عن الجوانب القانونية: ـ إن أبحاث هؤلاء بلغت بعد تضحيات سنوات العمر المريرة مراحل منقدمة، ولكن لم تكتمل وهي في حاجة إلى مدة كافية للجميع لاستكمالها، كي لا يحرموا من ثمرة التضحيات المبذولة علما أن هؤلاء قد مروا ـ ضمن نظام البحث المعتمد سابقا ـ بمرحلة شهادة الكفاءة للبحث ودكتوراه المرحلة الثالة وما شابه من البحوث التي تطلبت بدورها تضحيات جسيمة ـ إن من أسباب تأخر هؤلاء في تقديم أعمالهم حرصهم على الجودة، وهذا خيار العلم مطلقا ومن الخيارات المبدئية للدولة التونسية. وكل ضغط بتحديد أفق زمني لا يؤدي إلا إلى الاضرار بهذا المبدإ على حساب المعرفة والبحث العلمي والمؤسسة الجامعية إما بإجبار الباحثين على التخلي عن أبحاثهم أو بدفعهم إلى تقديم أعمال هزيلة. ـ إن مطلب تجديد التمديد الملتمس لن تكون له انعكاسات مالية ولن يكلف ميزانية الدولة أعباء مالية علما أن عددا كبيرا من هؤلاء المترشحين اقتربوا من سن التقاعد(…) ـ إنه من غير المعقول أن يقضى على هؤلاء الجامعيين بالبقاء في درجة الاستاذ المساعد بعد كل هذه التضحيات وهم يرون طلبتهم الذين وجدوا أنفسهم ـ بسبب تحول حاصل في الانظمة البحثية ـ في نظام الدكتورا الجديدة فأتموا مناقشة أطروحاتهم ونالوا الدرجة وارتقوا في المهنة (…) المنشور الجديد.. ومع حلول أجل 6 سبتمبر 2008 اتصلت بعض المؤسسات الجامعية بفاكس من الادارة لعامة للتعليم العالي ينص على « أنه عملا بالفصل 25 مكرر من الامر عدد1665 لسنة2003المؤرخ في 4 وت 2003 المتعلق بالتمديد في آجال إعداد دكتوراه الدولة تقرر: ـ اعتبار دكتوراه الدولة لاغيه بدءا من 6 سبتمبر 2008 ـ إيقاف البت في دراسة الملفات المعروضة على لجان الدكتوراه للمناقشة ـ ايقاف إجراءات إيداع رسائل دكتوراه الدولة ـ اعلام المترشحين بهذا الاجراء ويظهر أن مؤسسات أخرى تلقت المعلومة عبر فاكس آخر شبيه بالاول ينص على « أنه لم يعد بالامكان إيداع أو مناقشة أطروحات دكتوراه الدولة بداية من هذا التاريخ(6 سبتمبر2008) » (…) إن حالة الاحباط التي يعيشها هؤلاء الجامعيون منذ عدة أشهر ومشاعر الخوف على مستقبلهم العلمي والمهني بلغت أقصاها. وتبقى مع ذلك آمالهم قائمة في أن يتدخل سيادة رئيس الدولة راعي العلم وحامي الجامعيين بسديد نظره ليصحح مسار تاريخ دكتوراه الدولة في تونس وينقذ جزءا من ثروتنا المعرفية الوطنية برفع أجل إعداد الاطروحات نهائيا وجعله مفتوحا غير مقيد بأجل، وإن تعذر ذلك فعلى الاقل بتجديد التمديد الذي منحهم إياه سابقا بسنوات أخرى تكفي الجميع لانهاء أبحاثهم على الوجه العلمي الصحيح. 9 امضاءات ــــــــــــــ هوامش (1) ظهرت هذه المعاني المختلفة منذ النصوص الاولى المنظمة لدكتوراه الدولة في فرنسا بعد تأسيس نابليون للجامعة الامبراطورية في 1806وخاصة نصوص مرسوم 17 جويلية 1840، وبصفة أخص ما جاء في نص الامر الصادر قي 18 جويلية 1903 وانظر مثلا http//fr.wikipedia.org/wiki/Doctorat_(France)histoire du doctorat_ en_ France http://www.univ-paris1.fr/IMG/pdf/Communication_Angel-Samson.pdf. (2) Décret N 84 -573 du 5 juillet 1984 relatif aux diplômes nationaux de l?enseignement supérieur (le ministère français de l?éducation nationale) (3) Arrêté précédent du 5 juillet 1984, Titre IV, Dispositions finales, Art. 19 (4)http://www.paris-sorbonne.fr/fr/article.php3?id_article=6312 (5)http://www.fssac.ac.ma/doctorat (6) http://www.middle-east-online.com/Id=65077 (7) http://www.algerie-dz.com/article9148.html (8)http://membres.lycos.fr/maaziz/encadrement.html (9) Arrêté du 14 mai 2008, Dispositions transitoires, Art.13. Université Cheikh Anta Diop, Dakar, Sénégal. http://www.ucad.sn/communauté/ecoles/conditions.doc (10)http://www.refer.mg/edu/minesup/antanana/rectorat/etudes.htm (11) أمر عدد 1662لسنة 2003 يتعلق بإتمام الامر عدد 1823 لسنة 1993 المتعلق بتحديد شروط الحصول على الشهادات الوطنية لدراسات الدكتوراه (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 2 نوفمبر 2008 )
ندوة في المنستير حول التشغيل والبطالة
في إطار النشاط الفكري والسياسي لـ »حركة التجديد » بالمنستير في شهر رمضان، حاضر الأستاذ محمود بن رمضان، الاختصاصي في الاقتصاد وعضو الهيئة التأسيسية يوم السبت 20 سبتمبر الماضي حول البطالة والتشغيل. واستهل المحاضر التأكيد على أن البطالة قضية اقتصادية واجتماعية وسياسية ومجتمعية، معتبرا أنه رغم « التطور الإيجابي » الذي عرفه الاقتصاد التونسي في السنوات الأخيرة فإن نسبة البطالة ارتفعت من 3و5 % إلى 15 % إضافة إلى حوالي 300 ألف مواطن يعيشون حالة شبه بطالة، مؤكدا أن النسب وطول المدة ترتفع في الجهات الداخلية. وفي سياق تعرضه لبطالة أصحاب الشهائد العليا أكد ارتفاعها لتصل إلى 16 % سنة 2008 بعد أن كانت 7 % سنة 1994، و0،17 % سنة 1975، مبرزا أن العقد الضمني بين التونسيين والذي يكون فيه الارتقاء على أساس الشهادة العلمية والكفاءة قد ترك مكانه للمحسوبية والأكتاف والرشوة ومما زاد الطين بلة تحول « الفئات الوسطى » إلى فئات هشة وتجميد الأجور وتأخر سن الزواج… ويُرجع المحاضر أسباب ذلك إلى ضعف الاستثمار واندلاع الأزمة الاقتصادية الأولى سنة 1984 وتوجه الدولة إلى صندوق النقد الدولي، والأزمة التي بدأت سنة 2000 والتي لا يمكن بعدُ تقدير تطورها. ويستشهد المحاضر مطولا بتقرير للبنك العالمي حول تونس صدر سنة 2004 والذي يعتبر أن الأزمة الأخيرة بدأت فعليا منذ 1995 وأن التشجيعات الجبائية المقدرة بـ700 مليون دينار كانت قادرة على تشغيل 60 ألف مواطن إضافة إلى 50 ألف أخرى بين سنة 200 و2007. ويحدد الخلل في أزمة الثقة التي لا تشجع المستثمرين الأجانب والمحليين خاصة أن قطاع الأعمال تسيطر عليه مجموعة من المتنفذين، إضافة إلى الفساد والتهرب الجبائي وعدم خلاص معاليم الضمان الاجتماعي وهشاشة قطاع التصدير. في الوقت الذي لم تضبط فيه استراتيجية صناعية وطنية منذ 1986. وقد أكد السيد محمود بن رمضان أن حوالي 20 % من القروض البنكية غير خالصة ليخلص إلى القول إن الشفافية والحكم الرشيد من شأنها إنقاذ الاقتصاد التونسي من أزمته. وقدّم المحاضر جملة من الحلول لمعالجة مشكلة البطالة يلخصها في: – مطالبة السلطة بوضع المشاكل على الطاولة بكل شفافية لمناقشتها. – ضرورة مشاركة جميع القوى المعنية بالملف في النقاش دون فرض الحلول – توفير الحرية السياسية كمدخل أساسي لمعالجة أزمة التشغيل – ضرورة الاعتماد على كل القطاعات (دولة وخواص) لا الاقتصار على قطاع بعينه سواء كان عموميا أو خاصا. وبعد انتهاء المحاضرة وفتح باب النقاش تميزت العديد من التدخلات وخاصة تلك المخالفة للمحاضر سواء في توصيف الواقع الموضوعي أو في الحلول المطروحة، فقد أشار البعض إلى أن نصائح البنك العالمي لا يمكن الاعتماد عليها لمعالجة الاقتصاد التونسي وهو الذي اعترف في تقرير سابق أن تونس « تلميذ نجيب ». فهذه المؤسسة المالية هي مؤسسة رأسمالية امبريالية، ما انفكت تزين النظام الاقتصاد النيوليبرالي الذي عجز عن « تجاوز » أزماته في عقر داره. وما الأزمة المالية الحالية التي تضرب الاقتصاد الأمريكي وبلدان الاتحاد الأوروبي والتي تزحف على بقية اقتصاديات دول العالم إلا دليلا على الطابع الهيكلي لأزمة النمط الرأسمالي النيوليبرالي الذي طالما قدم على أنه الحل وأنه « نهاية التاريخ »، خاصة وان الأزمة الحالية هي الأخطر والأشد منذ أزمة 1929، وانهارت معها المصارف والبنوك مما أجبر الرأسماليين على إطلاق صيحة الفزع ورفع شعار « يا رأسماليي العالم اتحدوا.. » وبضخ الأموال وتأميم القطاعات المنهارة. لكن الأزمة المذكورة يصعب تجاوزها بل إنها تطرح من جديد نهاية الرأسمالية وبعبارة أخرى تؤكد أن ما انتهى ليس التاريخ وإنما الرأسمالية. ومن البديهي أن الأزمة الحالية ستكون آثارها أشد على البلدان التابعة حيث سيتحمل ثقلها وتبعاتها الشغالون والطبقات الكادحة والفئات الفقيرة. وأضاف المتدخل أو واقع اليوم على الصعيد العالمي يبرز أهمية الاشتراكية العلمية كسلاح للطبقة العاملة ضد الرأسمالية والامبريالية وقوى الاستغلال، مضيفا أن الاشتراكية ستظل مطروحة طالما أنه توجد رأسمالية وطبقة بورجوازية من جهة وطبقة عاملة من جهة أخرى، وأنه لا يمكن نفيها بجرة قلم أو حسب رغبة هذا أو ذاك، حتى وإن كانت تجارب القرن العشرين الاشتراكية انتكست ولم تستمر. أما في البلدان التابعة، مثل تونس فإن الحل للأزمة لن يكون في استمرار التبعية وتطبيق توصيات المؤسسات المالية الدولية، بل في القطع معها وإقامة اقتصاديات وطنية، ذات أفق اشتراكي. وتطرق المتدخل إلى انعكاسات البطالة في بلادنا فأشار إلى لجوء جزء من الشباب إلى السماء أي إلى الحلول الوهمية، أو إلى التفسخ والإجرام والكحولية والهجرة السرية. وقد تركّز تدخل ثان على المعالجات المرحلية لأزمة البطالة في بلادنا مؤكدا على ضرورة لف المجتمع المدني حول مطلب منحة البطالة. وذهب متدخل آخر إلى أن أزمات الاقتصاد التونسي لم تبدأ منذ 1986بل ترجع إلى 1956 وما السلبيات الحالية إلا امتداد لسياسات السلطة التابعة التي لم تكن لها إطلاقا استراتيجية صناعية وطنية لا في 1986 ولا قبلها. وقد تركزت ردود المحاضر أساسا على النقاط التالية: – أن دولة الاستقلال قد حققت إنجازات اقتصادية هامة وخاصة صناعة وطنية إلا أنه حاد عنها بعد 1986. – أن أزمة الاقتصاد الوطني أو العالمي لا يمكن أن تحل في أفق اشتراكي زاعما أن النمط الاشتراكي قد « فشل تاريخيا » مؤكدا أن النمط الرأسمالي بإمكانه أن ينجح متى كان شفافا ورشيدا ووفر الحماية للطبقات الشعبية مقدما سويسرا والنرويج مثالا ومعتبرا أن بعض مسؤولي البنك العالمي لهم ميولات « اشتراكية » ويدافعون عن حق الشعوب في الثروة والتنمية !! ومثل هذا الكلام ردّده بالطبع على الدوام أنصار الرأسمالية الذين يحاولون تزيينها ولكن الواقع ظل يبرز وجهها البشع. لقد أكدت الخلافات في ندوة التجديد حول عديد الحلول المقدمة لمعالجة أزمة البطالة ببلادنا، أن هذه الحلول لا تمس جوهر الاضطهاد الطبقي الرأسمالي المولد للأزمات ولا تعالج في الأساس حق المواطنين في الشغل والكرامة، مما يجعل من الدعاية للبديل الاشتراكي ضرورة ملحة تتقاطع مع النضال المرحلي التكتيكي من أجل منحة بطالة والعلاج والنقل المجانيين للمعطلين والمهمشين. (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) العدد 267 بتاريخ أكتوبر 2008)
السينما الافريقية تستعيد تألقها بمهرجان قرطاج السينمائي
من طارق عمارة تونس 2 نوفمبر تشرين الثاني /رويترز/ أعاد فيلم //تيزا// للمخرج الاثيوبي هايلي جريما المتوج الليلة الماضية بجائزة التانيت الذهبي للدورة الثانية والعشرين من مهرجان قرطاج السينمائي السينما الافريقية الى الصدارة. وأهدت لجنة التحكيم التانيت الذهبي للفيلم الاثيوبي بالاجماع وهو أمر نادر الحدوث لاهمية الافلام المعروضة بالمهرجان عادة ونال التانيت الفضي فيلم //عيد ميلاد ليلي// للفلسطيني رشيد مشهراوي. وقال الكاتب الجزائري ياسمينة خضراء رئيس لجنة التحكيم //انه حقا عمل فني رائع لقد أذهلتنا تيزا وحاز الفيلم على اعجاب اللجنة بالاجماع واستحق التانيت الذهبي بامتياز//. والتانيت الذهبي هو الجائزة الكبرى للمهرجان وقيمته 20 الف دينار تونسي ويرجع الاسم لالهة فينيقية ترمز للتناسل والحصاد وهي رمز للمهرجان منذ تأسيسه عام 1966. وسينما افريقيا جنوب الصحراء هي اول من توج بالتانيت الذهبي للمهرجان عندما فاز السنغالي صامبي عصمان بالجائزة عام 1966 وعاد اليها التتويج في خمس مرات طيلة تاريخ المهرجان الاعرق افريقيا وعربيا. لكن الهيمنة عادت الى البلدان العربية وخصوصا شمال افريقيا التي حازت اغلب الجوائز حيث نالت تونس الجائزة ست مرات والجزائر مرتين كما فازت سوريا بالجائزة ثلاث مرات ولم تكتف اثيوبيا بجائزة التانيت الذهبي خلال الدورة الحالية بل حصدت ايضا عدة جوائز اخرى عن نفس الفيلم //تيزا//. وعادت الى الفيلم جائزة أفضل سيناريو وجائزة افضل صورة وجائزة افضل صوت اضافة الى جائزة افضل دور ثانوي للرجال للممثل ابيي تادلا. وصفق الجمهور بحرارة عند تتويج الفيلم الذي توقع الغالبية تتويجه لان مستواه في الشكل والمضمون يفوق بكثير باقي الافلام المعروضة كما قال النقاد. وقال المخرج هايلي //انا سعيد وممنون لفيلمي الجميل المتواضع وانا مدين للاجيال السابقة للمخرج صامبي عصمان والطاهر شريعة /مؤسس مهرجان قرطاج//. ويرصد الفيلم الاضطرابات السياسية التي شهدتها اثيوبيا منذ عقدين من الزمن ويصور احباط طبيب عاد الى بلاده بعد غياب طويل بهدف اعادة البناء لكنه يصطدم بواقع مضطرب تنخر فيه الصراعات. ونال فيلم //تيزا// الجائزة الخاصة للجنة التحكيم بمهرجان البندقية في دورته الاخيرة. وقال الناقد خميس الخياطي مفسرا عودة السينما الافريقية الى التتويج //الفيلم يدافع عن نفسه المهرجان رجع الى حالته لانه مهرجان سينما عربية وافريقية//. واضاف لرويترز //انه رد الاعتبار للسينما الافريقية والمهمة الاصلية ان يبحث منظمو قرطاج عن الافلام في افريقيا من مالي واثيوبيا وواجادوجو وليس في كان والبندقية وامريكا//. وأرجع البعض الاخر تتويج //تيزا// الى ان لجنة التحكيم تتكون من عنصرين من جنوب الصحراء هما رحمتو كايتا من النيجر واسماعيل لو من السنغال اضافة الى الفرنسية ايمانيوال بيار التي تميل الى السينما الافريقية غير الناطقة بالعربية. ويعود تاريخ تتويج اخر فيلم من افريقيا جنوب الصحراء بمهرجان قرطاج الى عام 2002 وهو فيلم /ثمن العفو/ للمخرج منصور صورا من السنغال. يفخر منظمو مهرجان قرطاج بأنه تظاهرة تحتفي بسينما دول الجنوب من بينها الدول العربية ودول جنوب الصحراء الافريقية وتعطيها موقعا متقدما. (المصدر: وكالة رويترزللأنباء بتاريخ 2 نوفمبر 2008)
تأجيل النّظر في قضية الاستيلاء على ما قيمته 5 مليارات من أدوية الصيدلية المركزية
حضر أمام قاضي الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الابتدائية بتونس المتهمين المورطين في قضية الاستيلاء على ما قيمته 5 مليارات من الأدوية من الصيدلية المركزية. وقد نشرنا تفاصيل هذه القضية والتي تورط فيها 5 صيادلة وموظفة وفلاح من أجل تعمد الموظفة الاستيلاء على ما قيمته 5 مليارات من الأدوية من الصيدلية المركزية التونسية وذلك بعــد أن قامت بافتعال 99 فاتورة وبيع تلك الأدوية الى الصيادلة المذكورين. وقد احيلوا على انظار المحكمة المذكورة وقرر القاضي تأخيرها الى شهر ديسمبر 2008. صباح-ش المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 2 نوفمبر 2008
تفكيك شبكة للمخدرات فى تونس
تونس في 2 نوفمبر / قنا / تمكنت الاجهزة الامنية التونسية من تفكيك شبكة للمخدرات ومصادرة 26 كيلوجراما من المواد المخدرة بضاحية / السيدة / غربي تونس العاصمة واعتقال 11 شخصا. واظهرت التحقيقات الاولية في هذه القضية وفق ما ذكرته صحيفة / الصباح / التونسية اليوم ـ تورط 17 شخصا تم اعتقال 11 شخصا منهم منذ يوم 19 اكتوبر المنقضي فيما لا يزال 6 اشخاص بحالة فرار من بينهم جزائري. واضاف المصدر نفسه ان التحقيقات كشفت ايضا عن ان رجلا يبلغ من العمر 45 عاما كان يتعامل مع عدد من الاشخاص حيث يقوم البعض منهم بنقل المواد المخدرة على متن سيارة فيما يتولى اخرون عملية التوزيع لتزويد العملاء. (المصدر: وكالة الأنباء القطرية (قنا) بتاريخ 2 نوفمبر 2008)
جمعية الدراسات الدولية التونسية تدعو الى تحرك
مغاربي وعربي مشترك ردا على الازمة المالية العالمية
تونس ـ خدمة قدس برس نظمت جمعية الدراسات الدولية التونسية خلال الفترة من 10- 31 تشرين أول (أكتوبر) الماضي سلسلة من الندوات والمحاضرات – في سياق برامج معهد الدراسات الدولية التابع لها والمعترف به من قبل اليونسكو – حول عدد من الملفات السياسية والاقتصادية الدولية شارك فيها عشرات الجامعيين والخبراء والدبلوماسيين والمثقفين والطلبة التونسيين والعرب والاجانب. وأوضح رئيس جمعية الدراسات الدولية الرشيد ادريس في تصريح صحفي مكتوب أرسل نسخة منه لـ « قدس برس » أن ندوات شهر تشرين أول (أكتوبر) الماضي ركزت على ثلاثة محاور أساسية، أولها النزاعات والصراعات في المنطقة العربية الاسلامية وعلى رأسها الصراع العربي الاسرائيلي وتمادي احتلال اسرائيل لفلسطين ولاراض في دول عربية مجاورة. وقد أكدت المداخلات وحصص النقاش العام خاصة على ان انجاح مختلف جهود احلال السلام والامن في المنطقة يستوجب تطبيق القرارات الصادرة عن الامم المتحدة التي تهدف الى تسوية سياسية عادلة لملفات الصراع العربي الاسرائيلي بدءا من رفع الحصارالشامل المفروض منذ سنوات على الشعب الفلسطيني والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها مدينة القدس العربية المحتلة. كما حظيت مؤشرات التصعيد السياسي والعسكري الجديد في المنطقة بسبب ملف أسلحة الدمار الشامل وخاصة السلاح النووي وسيناريوهات توظيفه عسكريا، باهتمام القائمين على برنامج الجمعية، فقد اعتبرت المداخلات أن من حق جميع دول المنطقة استخدام الطاقة النووية سلميا ـ تماشيا مع أهداف الوكالة الدولية للطاقة الذرية ـ وأن من مصلحة كل شعوبها ودولها اخلاء كامل الشرق الاوسط من كل انواع أسلحة الدمار الشامل وتوظيف الموارد المالية الهائلة التي تنفق على برامج التسلح والحروب في تنمية المنطقة وتحسين ظروف عيش شعوبها ومستوى تقدمها العلمي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي. وساند ت الندوة مقررات القمة العربية التي عقدت بتونس في 22 و23 أيار (مايو) 2004 والتي دعمت المشروع الذي تقدمت به جامعة الدول العربية الى الامم المتحدة في كانون أول (ديسمبر) 2003 والتي طالبت المجموعة الدولية باخلاء الشرق الاوسط من كل انواع اسلحة الدمار الشامل بما في ذلك اسرائيل. ورفض المتدخلون سيناريوهات شن حرب جديدة في الخليج العربي وعارضوا سياسة المكيالين التي تتبعها بعض الدول الغربية خلال تعاملها مع عدد من دول المنطقة فيما يتعلق ببرامج التسلح عامة والسلاح النووي خاصة. وتداول المشاركون في ندوات جمعية الدراسات الدولية التونسية الازمة المالية والاقتصادية العالمية وانعكاساتها على تونس والدول المغاربية والعربية. وأكدت المداخلات على ضرورة أن تتخذ تونس والدول المغاربية اجراءات مشتركة لتفعيل الشراكة الاقتصادية البينية المغاربية عبر تجسيم مئات من القرارات سبق أن صدرت عن اجتماعات مجلس رئاسة الاتحاد المغاربي وعن اللجان الوزارية المغاربية واللجان المشتركة. وأكدت أن المضاعفات الاجتماعية والاقتصادية للازمة المالية العالمية الحالية تستوجب من حكومات الدول المغاربية ورجال الاعمال الخواص وممثلي المجتمع المدني في الدول الخمسة العمل على تفعيل سريع ملختلف مؤسسات الاتحاد المغاربي وعلى القيام بمبادرات عملية وعاجلة مشتركة لامتصاص الاثار السلبية للازمة بابعادها الاجتماعية والامنية والعمل على توظيف المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية السلبية التي شملت كل الدول العربية النفطية وغيرالنفطية لترفيع مستوى الشراكة الاقتصادية البينية والاقليمية استثمارا وتجارة مع التجسيم السريع للقرارات الخاصة بتوفير شروط ترفيع قيمة التعاون والشراكة عبر تطوير البنية الاساسية التي تخدم المشاريع المشتركة وبناء منطقة حرة كبيرة وتسهيل حركة رؤوس الاموال والسلع والمسافرين دون تعقيدات. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 2 نوفمبر 2008)
البعد النفطي في صراع القوقاز
توفيق المديني الحرب التي اندلعت في القوقاز بين روسيا و جورجيا من 8 إلى 12 أغسطس الماضي ، لم يكن رهانها المتعلق بالطاقة مباشرا ، لكن رائحة النفط و الغاز تفوح منها بصورة قوية و لاسيما أن القوى العظمى الكبرى تخوض معركة من أجل وضع اليد على الآبار النفطية و الغازية في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق ، و التي أفلتت من قبضة روسيا الاتحادية عقب انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991. فالنفط و الغاز هما أيضاَ وسيلتان في صراع النفوذ للسيطرة على جمهوريات آسيا الوسطى. ولما كانت روسيا منهكة و مستضعفة طيلة عقد التسعينيات من القرن الماضي ، قامت الشركات النفطية الاحتكارية الغربية بمد نحو ستة خطوط أنابيب نفط لا تمر في أراضي روسيا، و هكذا خسرت موسكو نفوذها السياسي و الاقتصادي. ويرتبط الصراع الحالي في جورجيا عضويا بموارد بحر قزوين من النفط والغاز،لأن بحر قزوين بحيرة مغلقة لا تتصل ببحار مفتوحة كما هو الحال في الخليج العربي،وهو ما يرفع من تكاليف هذا النفط.و حتى يتم نقل نفط بحر قزوين إلى الأسواق الدولية فلا بد من نقله عبر الأنابيب تحت الأرض لمسافات بعيدة جدا، تتخطى الأنابيب حدود الدول لتصل إلى منتهاها عند مستهلكيها.و تأسيسا على ذلك، فقد صار الصراع على فرض الطرق لخطوط الأنابيب ملمحاَ رئيساَ لصراع القوى و الإرادات الإقليمية و الدولية في جورجيا والقوقاز، حسب قول الكاتب مصطفى اللباد – مدير مركزالشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية-القاهرة والحال هذه تمثل جورجيا هذه الجمهورية السوفياتية السابقة أهميةاستراتيجية ، بوصفها نقطة التقاء بين حلف الأطلسي و روسيا، فضلا عن عامل النفط والغاز، رغم أن جورجيا لا تملك الكثير منه، لكنها تشكل طريقا لعبوره من حقول النفط الغنية لبحر قزوين إلى الأسواق الغربية وقد راهنت الشركات النفطية الغربية على هذا البلد الموالي للغرب الواقع بين إيران وخطوط أنابيب الغاز و النفط التي تحتكرها روسيا لتنمية صادرات النفط والغاز المستخرجة من أذربيجان على ضفاف بحر قزوين. ومنذ وصول الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي إلى السلطة سنة 2004، و تشجيعه التقارب بين جورجيا و الولايات المتحدة الأميركية و اوروبا ، تم تشغيل خطي أنابيب للنفط ، لكن النزاع مع روسيا من شأنه تهديد دور بلد العبور الذي تلعبه روسيا. في البداية كانت روسيا مسيطرة على عمليات الإنتاج و على مجمل أنابيب النفط التي تسمح للدول المستقلة بنقل محروقاتها عبر أراضيها، لكن هذه المعادلة تغيرت بعد 1991.بيد أن روسيا تمكنت في عهد الرئيس السابق فلاديمير بوتين،التي تعتبرالمنتج العالمي الأول للغاز والثاني للنفط، تمكنت من استعادة عافيتها المالية ، و بدأت تأخذ مبادرات استراتيجية .فالرئيس بوتين الذي يريد أن يلعب دور المؤسس الجديد للدولة الروسية يحتاج إلى مداخيل النفط لكي يمول موازنته و يقيم التوازن في علاقاته الاقتصادية مع العالم الخارجي.و من أجل إثبات وجوده على الصعيد الدولي ، أعلن أن قطاع النفط هو قطاع استراتيجي لروسيا، فوضع يده على شركة « غازبروم » . وصعدت قوة الرئيس بوتين، عندما وقع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي لتزويد أوروبا بالغاز المستورد من بحر قزوين. و لم تكن روسيا تنظر بعين الرضى على خط الأنابيب للنفط : (باكو- تبليسي – جيهان ) البالغ طولع 1774 كيلومتر، والذي بدأ تشغيله سنة 2006، وهو ينقل النفط من حقول أذربيجان على بحر قزوين إلى مرفأ جيهان التركي على المتوسط بطاقة 2،1 مليون برميل يوميا، و الذي حوّل تركيا إلى بلد ترانزيت كبير. فالمصب الضخم لجيهان على الساحل الجنوبي ،حيث ينفذَ أيضا خط الأنابيب القادم من المنطقة العراقية في كركوك،لديه قابلية لكي يصبح رصيفا قاريا لتحميل النفط. وتملك شركة بريتش بتروليوم 30% من الخط المذكور أعلاه، الذي كلف بناؤه أكثر من 3 مليارات ، إلى جانب عشرة شركاء بينهم مجموعتا شفرون و كونوكوفيليبس الأميركيتين. كما تقوم شركة بريتش بتروليوم بتشغيل أنبوب باكو- سوبسا، وهو أنبوب نفطي من العهد السوفياتي تم تحديثه و يصب على الساحل الجورجي من البحر الأسود ، و كذلك أنبوب غاز جنوب القوقاز (باكو – تبليسي -أرض روم=إرزوروم) الجديد الذي يبلغ طوله 692 كيلومتر. وليس خافيا على أحد أن خط ( باكو في أذربيجان ، إلى ميناء سوبسا في جورجيا على البحر الأسود،و من هناك إلى ميناء جيهان التركي على البحر البيض المتوسط ) هو الطريق الذي تفضله الشركات الأميركية من أجل تحجيم مواقع روسيا و إيران في الجيوبوليتيك الإقليمي و الدولي الجديد الذي تشكل بعد 1991. وينقل الخط الأخير حوالي 8 مليارات متر مكعب من الغاز سنويا من حقل شاه دنيز البحري الاذربيجاني عبر جورجيا حتى حدودها مع تركيا.ولا تتوقع ناتاليا ليشنكو، المحللة لدى شركة غلوبال انسايت، ان يسبب النزاع بين روسيا وجورجيا اي ضرر لخطوط النفط والغاز. وتعتبر ليشنكو ان ‘مهمة القوات الروسية تقوم حاليا على ضمان السيطرة على اوسيتا الجنوبية (..) لن تتعرض خطوط النفط والغاز للخطر الا اذا حصل تصعيد وقررت روسيا فرض حصار اقتصادي’. وهو احتمال يعتبره مايكل دينيسون من شاتام هاويس ضعيفا.(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن( الصادرة يوم 11 أغسطس 2008). ليس من شك أن إنجاز خط (باكو –تبليسي – جيهان) ، وخط (باكو –تبليسي – أرض روم= إرزوروم) ، يعتبر أهم نصر أميركي في السياسة الدولية خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة.فالهدف من مد خطوط الأنابيب هذه هو احتواء روسيا و كسر احتكارها من خلال نقل النفط من طرق أخرى ، الأمر الذي يسهم في تعزيز استقلال جمهوريات القوقاز.وفضلا عن ذلك ،فالشريان الحيوي للنفوذ الغربي في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق بدا يؤدي وظيفته، إذ أسهم في جعل جورجيا أقل تبعية للغاز الروسي الذي لم يكن لها أن تستورد غيره قبل سنة. كما أن الزيادات الكبيرة في أسعار الغاز التي فرضتها روسيا عل جورجيا – إذ ارتفع سعر الغاز في سنتين من 55 دولار إلى 230 دولار للألف متر مكعب – لم تؤثر على الاقتصاد الجورجي كما أرادته موسكو. فالكمّيات المسلّمة عبر خط « باكو-تفليس-أرض الروم »، على شكل « جعالات »، وعبر تركيا، التي من باب الصداقة تخلّت عن حصتها من سعر الغاز الذي يعود إليها من هذا الخطّ ذاته، قد سمحت لها بان تصل إجمالياً إلى سعر وسطي مقبول، حسب ما ذكره الصحافي المستقل في تبليسي ،ريجيس جانته في مقاله المعنون : »من القوقاز إلى آسيا الوسطى اللعبة الكبرى حول النفط و الغاز » ، المنشور (في صحيفة لوموند ديبلوماتيك الشهرية ، يونيو 2007). في هذه الحرب الأخيرة،أصبحت العقبات السياسية تقيد حركة التجارة و الاستثمار بين روسيا و الاتحاد الأوروبي،من جراء اهتزاز الثقة المتبادلة بين الطرفين.كانت التوقعات تشير إلى أن رؤوس الأموال الأجنبية التي ستدخل إلى روسيا ستتراوح ما بين 30 إلى 40 مليار دولار خلال سنة 2008، لكن هاهو دوتش بنك يراجع تقديراته بشأن دخول رؤوس الأموال الأجنبية إلى روسيا خلال سنة 2008، التي انتقلت من 40 إلى 15 مليار دولار فحسب. ولم تكن الأسواق الروسية في منأى عن التقلبات.فبسبب التضخم الذي أصبح يشكل مشكلا رئيسا لروسيا، في ظل بلوغ معدله السنوي نحو 15%،إضافة إلى الكساد العالمي وتداعيات الحرب في القوقاز،فقد خسرت بورصة موسكو 33% من قيمتها منذ أواسط مايو الماضي. و خلال أقل من أسبوع من بدء الحرب بلغت كمية رؤوس الأموال الأجنبية التي هربت من روسيا نحو 15 مليار دولار ( أي ما يعادل 11 مليار يورو).لكن هذا المبلغ لا يساوي شيئا يذكر حين نعرف أن الاحتياطي الروسي من العملة الصعبة يبلغ حوالي 580 مليار دولار. فالاستقرار المالي للبلد ليس في خطر، لكن الاقتصاد الروسي يظل اقتصادا قائما ، كما هو معروف، على مداخيل النفط و الغاز، التي استفاد من ارتفاعها، و يبقى أيضا رهنا لتقلبات أسعارالنفط ، صعوداً و هبوطاَ.
(المصدر: مجلة المصارف الكويتية العدد 60 نوفمبر 2008)
الأزمة المالية العالمية ومؤشرات انهيار النظام الرأسمالي
يعيش العالم على وقع الحدث الاقتصادي الهائل وهو الأزمة المالية التي ضربت أغلب بورصات العالم وخاصة مركز الاقتصاد الرأسمالي العالمي « وول ستريت ». ويتفق جميع المراقبين والفاعلين في السياسة العالمية بمن فيهم إيديولوجيو الرأسمالية الليبيرالية على وجود أزمة اقتصادية حادة لا يترددون في مقارنتها بأزمة 1929، ولا يجرؤون على التكهن بنهايتها. ويختلف تقدير الأسباب من طرف إلى آخر حسب المصالح الطبقية التي تقوده: هل هي أزمة عقارية أو أزمة مالية أو أزمة الاقتصاد الأمريكي؟ أو أزمة الاقتصاد الرأسمالي؟ وهل هي حادث عابر وظرفي أم أزمة « شيخوخة » تذكر مرة أخرى بنهاية نمط حضاري يبنى على الاستغلال والاضطهاد ودعوة لتجاوزه؟ أزمة تلو الأزمة الأزمة الحالية بدأت صيف 2007 بتحطم منظومة القروض العقارية عظيمة المخاطر وهي ديون ذات فائدة عالية للمستثمرين موجهة إلى الفئات والعائلات المتوسطة والفقيرة لاقتناء مساكن بفوائض متصاعدة بدأت من 2و3 % ثم وصلت إلى 16 % وأكثر، لكن في ظل التداين المفرط لهذه العائلات (تطور التداين من 103 % من مداخيل العائلة سنة 2005 إلى 140 % سنة 2007) وعدم قدرتها على تسديد الديون انهارت كامل المنظومة بدءا بـ » مؤسسات إعادة تمويل الديون » إلى شركات التأمين ثم البنوك ومن بينها أكبر بنك بأمريكا « ليمان بروذورز » وعمره 164 سنة ويشغل 25 ألف موظف. لكن العاصفة المالية التي بدأت بالقطاع العقاري والتي كان بالإمكان أن تحدث في قطاع آخر ليست أصل الأزمة فكلنا يعلم أن الرأسمالية عاشت عدة أزمات بعد السنوات الثلاثين المزدهرة (من 45 إلى السبعينات) وهي أزمات الاقتصاديات الآسوية نهاية الثمانينات وأزمة « الاقتصاد الجديد » سنة 2000/2001 ويعيش العالم على وقع حركة الاندماج والشراء والتأميم للمصارف والمؤسسات المالية والبنكية المنهارة الشيء الذي يذكرنا بأزمة 1929. إن طبقة الرأسماليين والحكومات في كل العالم تلجأ للتداين لإعطاء الدفع للاقتصاد النيوليبرالي ولتجاوز الأزمات لتجد نفسها في أزمات أعمق واشد، وهي تخفض نسب الفائدة وقت الأزمة للترفيع فيها مجددا حين تمر العاصفة وقد وصل الدين العمومي الأمريكي 9000 مليار دولار أما قيمة الدين الإجمالي بأمريكا (دين عمومي، دين مؤسسات ودين عائلات) فقد فاق 39.000 مليار دولار. كما تعاني أغلب البلدان الامبريالية والمتخلفة على السواء من التداين المفرط. الطبقة العاملة والشعوب المضطهدة تتحمل نتائج الأزمة انطلقت الأزمة بالدولة الرأسمالية النيوليبرالية الأكثر تطورا أي الولايات المتحدة وهي تخفي وراءها تعفن اقتصاد السوق حيث السيادة المطلقة لقوانينه وهي تهدد « الاقتصاد الحقيقي-الإنتاجي » أي إنتاج السلع الاستهلاكية الضرورية وتبادلها لأن الرأسمال المالي يلهث وراء الربح السريع فيوظف الرساميل في البورصات في شكل أسهم ورقع تقدر قيمتها عالميا سنة 2006 بـ50.635 مليار دولار بينما لم تصل قيمة الناتج الداخلي الخام العالمي سوى 48.144 مليار دولار. وفي الولايات المتحدة وحدها. (تحوز بورصة وول ستريت على 20.000 مليار دولار بينما الناتج الداخلي الخام 13.200 مليار دولار). هذه الجبال الهائلة من الثروات الوهمية قابلة للتهاوي في أي لحظة وهي نتيجة استحواذ حفنة من الرأسماليين والمضاربين على مجهود عمل أغلبية المجتمع لتزيد في تفقيرهم وإفراغ الخزائن العامة من احتياطيها وهي تجبر الطبقات الشعبية على التداين ومزيد التداين ليس من أجل الكماليات بل من أجل مواد استهلاكية ضرورية ومن أجل مسكن لا يقدرون على امتلاكه من مداخيلهم وأجورهم المجمدة والمخفضة من سنة إلى أخرى في ظل العولمة الرأسمالية وانحسار الأسواق، فأصبحت المزاحمة من أجل الثروة والربح تتم أساسا بالضغط على « تكلفة » قوة العمل والهجوم على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للكادحين (ضمان اجتماعي، صحة، تعليم..). تقدر خسائر الأزمة الحالية في الولايات المتحدة بـ1000 مليار دولار وسيلقى بـمليونيْ عائلة على قارعة الطريق نتيجة عدم تسديد الديون العقارية المتخلدة بالذمة وقد فقد بعد 63 ألف موظف بالقطاع المالي وظائفهم وسيلحق بهم 20 ألف قريبا. كما سيتطور عدد العاطلين في المستقبل لأن الأزمة الحالية لها انعكاسات على كل اقتصاديات العالم المترابطة في سلسلة واحدة. فقد ضربت الأزمة الاتحاد الأوروبي وطالت أخيرا الصين التي كان البعض يظن أنها في مأمن من انعكاساتها. كما طالت بلدان الخليج النفطية. ولن تفلت من انعكاساتها أية بلاد بما فيها تونس التي يزعم البعض أنها في مأمن منها. إنه هجوم جديد على الطبقة العاملة ليتم إرجاعها إلى حالة ما قبل عشرات السنين. وحول آفاق الأزمة يجمع المحللون الاقتصاديون أنها ستتفاقم وتمس الصناديق الاجتماعية خاصة مع نهاية 2008 مع وصول أول دفعة من مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية للتقاعد حين سيجد ملايين العمال المتقاعدين بأمريكا وأوروبا واليابان إلخ.. أنفسهم بدون جرايات تقاعد مما سيتسبب في كارثة إنسانية حقيقية. يا رأسماليي العالم اتحدوا تلك هي صيحة الفزع التي أطلقها رأسماليو كل العواصم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مطالبين بضخ الأموال وحصر الأزمة اين اندلعت. تراجع منظرو العالم الرأسمالي وفقدوا الثقة في حسن تصرف المؤسسات المالية وتراجعوا عن شعارات « اقتصاد السوق » وعن » لا لتدخل الدولة » إلخ.. وهم يدعون الدول لانتشالهم بالاعتماد على احتياطي الخزائن العامة وقد سارعت هذه الأخيرة بتأميم عديد البنوك المفلسة بضخ الحقن المالية. عملية « الإنقاذ » هذه من طرف الدول هي إنقاذ لمصاصي دماء الشعوب، حفنة المضاربين والسماسرة، وليست عملية إنقاذ للطبقة العاملة والمفقرين والشعوب التي تكتوي بالبطالة والفقر وتتحمل الأزمة كاملة. يتم التأميم أو ما يسمى « اشتراكية الأغنياء » هذه بالمال العام وبمجهودات أجيال من العمال والفلاحين تقدم على طبق من ذهب للمتسببين في الأزمة. إنها أزمة هيكلية لم تقدر حيل ومناورات وتقليعات منظرو النيوليبرالية والامبريالية على تجاوزها فلا المضاربات ولا توجيه الاقتصاد للسلع ولا الحروب ونهب الشعوب واستعمارها نجحت في تحقيق مجتمع الرفاه. لقد مست المضاربات المواد الأولية وخاصة النفط ليصل ثمن البرميل الواحد إلى 140 دولار كما وقعت تغذية الحروب والحفاظ عليها، إذ تكلف احتلال العراق 1200 مليار دولار ستعود على صقور البيت الأبيض (بوش، ديك تشيني…) بالكثير من موارد النفط وقد أنفق على التسلح سنوات 2004/2005/2006 على التوالي 1035 مليار دولار و1118و1204 مليار دولار نتيجة المزاحمة بين الامبرياليات وعودة اليابان وألمانيا لسباق التسلح بعد الحرب العالمية الثانية والتحاق روسيا بالزريبة الرأسمالية مما ينبئ بأن الحروب ستتواصل وتكون الشعوب لحم مدافعها. الخلاص في الثورة الاشتراكية إن التاريخ يثبت مرة أخرى صحة تنبؤات ماركس حول الأزمات الرأسمالية وحتمية انهيارها وأثبت الواقع بما لا يدع مجالا للشك نجاح التجربة الاشتراكية بقيادة لينين وستالين حيث وفرت للشعوب الرفاهية والنهضة العلمية وكان الاقتصاد الاشتراكي المخطط في خدمة الطبقة العاملة والجماهير المعدمة وعمت شعوب الاتحاد السوفيتي الطمأنينة إذ نالت حرية تقرير مصيرها. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي صمّ الليبيراليون آذاننا بمقولات « نهاية الاشتراكية » و »نهاية التاريخ » وأعلنوا الرأسمالية نظاما أبديا، غير قابل للتعرض مستقبلا للأزمات والهزات. وكان هذا الانهيار عبارة عن شحنة من الأوكسجين للامبريالية وللاقتصاد النيوليبرالي لكن إلى حين، إذ أن التناقض بين التملك الفردي لوسائل الإنتاج والطابع الاجتماعي للعمل وللإنتاج ما فتئ يحتد وينعكس في تمرد الجياع في كامل المعمورة ضد الفقر والبطالة والتهميش والظلم والعنصرية والعبودية الرأسمالية وعاد الحنين إلى الفترة الاشتراكية، إلى الديمقراطية الشعبية وانعدام الاستغلال الفاحش. لقد فقدت الشعوب الثقة بنمط الإنتاج الرأسمالي ولن تكون الإجراءات وعمليات الإنقاذ والتأميم إلا مخرجا آنيا من الأزمة فما على عمال العالم وطلائعها وأحزابها الماركسية اللينينية إلا العمل على نشر الوعي الاشتراكي لتجاوز الرأسمالية المنهارة من أجل مشركة الاقتصاد وإقامة سلطة العمال والكادحين وعليها استغلال الأزمات الاقتصادية للدعاية وتسليح الطبقة العاملة بالوعي الثوري لقلب موازين القوى. فليس للعمال ما يخسرونه سوى الأغلال التي تكبلهم. – عاشت الطبقة العاملة – عاشت الاشتراكية – يسقط المضاربون والسماسرة والطفيليون – تسقط الامبريالية (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) العدد 267 بتاريخ أكتوبر 2008)
أراء وقضايا
السباق الانتخابي الأميركي والأزمة(3)
طارق الكحلاوي 2008-10-26 الأسبوع الماضي مازحت أحد الأصدقاء بالتأكيد على أني مستعد للمراهنة على فوز باراك أوباما بمقعد الرئاسة. لكن سرعان ما اكتشفت أن هناك فعلا مراهنات حقيقية في سوق القمار العالمية المزدهرة بشدة، خاصة منها التي تستعمل المواقع الإلكترونية، تضع «السباق الرئاسي الأميركي» جنبا إلى جنب مع «سباقات الخيل» على أعمدة رهاناتها. رغم تشييئها (commodity fetishism) لحدث اجتماعي بهذا الثقل، إلا أنها يمكن أن تنقل لنا بعض المؤشرات على الشعور السائد لدى الكثير من المتابعين للسباق الانتخابي، والذي لم تعد متابعته على الهواء وبشكل تفصيلي شأنا أميركيا بحتا. إذ أعلنت إحدى أكبر شركات المقامرة الأيرلندية (Paddy Power) التي تنشط على الإنترنت نهاية الأسبوع الماضي أنها ستبادر إلى دفع أرباح «السباق الرئاسي الأميركي» لفائدة الذين راهنوا على فوز أوباما، وذلك حتى قبل إعلان نهاية الموعد الانتخابي في الرابع من نوفمبر. لكن استنادا إلى مستجدات هذا الأسبوع لم يعد بالإمكان عدم المراهنة على فوز أوباما بمقعد الرئاسة. وعندما تصبح المراهنة التنبؤ بما أصبح متوقعا تنتفي صفتها الرهانية. كنت أشرت في الأسبوعين الماضيين (انظر «العرب» 12 و19 أكتوبر) إلى عدد من المؤشرات التي ترجح كفة أوباما، خاصة منها منافسته القوية في «ولايات جمهورية»، والتي تدفع بحملة ماكين إلى استراتيجية دفاعية، خاصة في ظل النقص الذي تعاني منه ميزانية حملته الانتخابية. لكن الآن، ومع قرابة عشرة أيام من موعد الرابع من نوفمبر، تبدو عناصر الصورة الانتخابية الأساسية قد اكتملت التشكل. وأقول اكتملت التشكل للأسباب التالية: أولا: فارق استطلاعات الرأي بين أوباما وماكين في «الولايات المتأرجحة» ذات الميل «الجمهوري»، والتي بفضلها كسب «الجمهوريون» نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، استقر فوق نسبة الشك، أي فوق الأربعة في المئة. في ولاية فلوريدا حملت استطلاعات آخر هذا الأسبوع تقدما واضحا ومستقرا لمصلحة أوباما تراوح بين %5 و%7، وهو الأمر الذي لم يكن حاصلا في الأسابيع الأخيرة. ويحدث ذلك في إطار تكثف حملة «الجمهوريين» الانتخابية في هذه الولاية التي يمتلكون فيها هياكل تأطير وحشد أكثر رسوخا من «الديمقراطيين». مما يعني أن جهودهم الحالية، التي هي الآن في أقصى سرعاتها، ليست بصدد تحقيق النتائج المرجوة منها، وأن توجه هذه الولاية نحو أوباما أصبح أمرا في سياق المؤكد. وفي ولاية أهايو التي حسم بها الرئيس بوش نتائج انتخابات عام 2004، والتي تعرف أكثر الحملات الانتخابية كثافة وصرفا للأموال من قبل الطرفين، حقق أوباما في استطلاعات الرأي التي ظهرت آخر هذا الأسبوع نتائج غير مسبوقة على امتداد السباق الانتخابي برمته، إذ فاقت لأول مرة نسبة العشرة في المئة. يحدث هذا برغم تمحور حملة ماكين حول شخص «جو السبّاك» (Joe the Plumber)، القاطن في ولاية أوهايو، والذي أصبح يرمز للمواطن الأبيض الطموح والتواق للصعود من الطبقة الوسطى إلى مصافي الأثرياء في سياق التشكيك في النوايا الضريبية لأوباما تجاه الطبقة الوسطى، خاصة من أوساط البيض الذين تحولوا إلى قاطرة أوباما الانتخابية. عجز «الجمهوريين» عن استنفار الأوساط التي بنوا عليها محور حملتهم الانتخابية وفي الولاية المركزية التي ارتبط بها الشعار الرئيس لهذه الحملة، يعني فشلا ذريعا ليس في أوهايو فحسب، بل في باقي الولايات المشابهة حيث الطبقة الوسطى من البيض تهيمن على الوسط الاجتماعي. بالإضافة إلى ذلك، أصبح أوباما متقدما مع نتائج آخر هذا الأسبوع في ولايات «جمهورية» لم يفز فيها «الديمقراطيون» منذ عقود، وذلك بنسب تفوق نسبة الشك (%4)، خاصة في مونتانا (%4) وإنديانا (بين %4 و%9). كما لا يزال ينافس في ولايات «جمهورية» أخرى مثل فرجينيا، رغم تقلص تقدمه على ماكين إلى أقل من نسبة %4. يبقى أن أبرز مظهر من مظاهر أزمة الحملة الانتخابية لماكين كما تنقلها استطلاعات الرأي في الولايات هو إصراره على المنافسة في ولاية بنسلفانيا رغم استقرار نتائج الاستطلاعات منذ أسابيع لمصلحة أوباما بما يزيد عن %10. كما أن استطلاعات الرأي التي تركز على المحاور وليس على موقف التصويت في ذاته تؤكد فشل خطة «الجمهوريين» التقليدية في تحويل السياسة الضريبية لـ «الديمقراطيين» إلى مشكلة لدى الناخبين من «الولايات الجمهورية». إذ إن استطلاعا أجرته «وول ستريت جورنال» وشبكة «أن.بي.سي» هذا الأسبوع بيّن أن أوباما يتقدم بفارق أكثر من عشر نقاط على ماكين فيما يخص ثقة الناخبين في سياسته الضريبية. ثانيا، وهو الأمر الذي لا يبدو أنه نجح في لفت الأنظار بالقدر الكافي، أن الانتخابات قد بدأت بالفعل. «التصويت المبكر» (early voting) هي ظاهرة تخص النموذج الانتخابي الأميركي، ولا تعني مثلما هو الحال في معظم دول العالم تصويت الجاليات المقيمة في الخارج أو التصويت عبر البريد لغير المقيمين في مقار سكناهم فحسب، بل تشمل أيضا الناخبين العاديين. إذ بدأ التصويت فعلا وبأعداد كبيرة وغير مسبوقة في ولايات عديدة، خاصة منها «المتأرجحة»، بشكل يجعل موعد الرابع من نوفمبر «آخر يوم للتصويت» وليس «يوم التصويت». فقد بدأ التصويت فعلا في ولايات مثل فلوريدا وأوهايو بأعداد فاقت مئات الآلاف. واللافت أن الناخبين المناصرين لأوباما بادروا بأعداد كثيفة للتصويت لصالحه. حيث أبرز استطلاع هذا الأسبوع لشبكة «أي.بي.سي» و «واشنطن بوست» أن 3 من بين 10 ناخبين سيصوتون بشكل مبكر في هذه الانتخابات، وأن الذين قرروا التصويت لأوباما يفوقون بما يزيد الـ %20 من بين الذين قرروا التصويت بشكل مبكر. وهو ما يشير إلى أن حملة أوباما أكثر حيوية بكثير من حملة ماكين، وهو ما يبرز كذلك في نجاحها في تسجيل الكثير من الناخبين الجدد فاق في ولاية «متأرجحة» تحسم فيها الانتخابات بمئات قليلة من الأصوات مثل فلوريدا عشرات الآلاف، خاصة من بين الأفارقة الأميركيين. وهكذا فإن معطى «التصويت المبكر» معطى حاسم بالنسبة لحملة أوباما، إذ يمنحها فرصة الاستثمار الراهن للتقدم في استطلاعات الرأي خاصة في «الولايات المتأرجحة» عوض انتظار تبخّر هذا التقدم في سياق تطورات مفاجئة وغير معلومة في الفترة القليلة المتبقية. أختم -كما هي العادة- ببعض الملاحظات الخاصة بالأزمة المالية والاقتصادية الراهنة، والتي -كما أشرت- بصدد التأثير بشكل بالغ في الوضع الراهن للسباق الانتخابي. إذ تتواصل المؤشرات القوية على انتقال الأزمة المالية إلى الاقتصاد الواقعي بشكل مضاد لبعض التوقعات المتفائلة التي خلفها ارتفاع مؤشرات الأسواق المالية بداية الأسبوع الماضي. لعل أبرز التقييمات حدة جاءت من أكثر الشخصيات التي كانت مسؤولة عن الازدهار الفقاعي (bubbling prosperity) التي سادت في العقد الأخير. إذ اعترف رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي السابق ألان غرينسبان، في شهادته أمام الكونغرس بالتراخي في التنبه للأزمة. وتوقع صعوبات اقتصادية كبيرة ستواجه الإدارة الأميركية القادمة، هذه الإدارة التي سيتم بالمناسبة استشارتها قبل تقلدها منصبها رسميا في بداية يناير القادم فيما يخص رأيها في القمة الدولية في واشنطن التي ستعالج موضوع الأزمة المالية مباشرة إثر الانتخابات. وموضوع هذه القمة، وخاصة النقاش حول طبيعة «النظام المالي الدولي» مستقبلا، سيكون الملف الأول الذي يجب التنبه إليه إثر انتهاء المراهنات على «سباق» الرئاسة. • أستاذ «تاريخ الشرق الأوسط» بجامعة روتغرز tkahlaoui@gmail.com
الماركسية وأشكال النضال (مقتطف من نص حرب الأنصار – لينين)
لنبدأ منذ البداية. أية مقتضيات أساسية يترتب على كل ماركسي أن يبديها في ما يتعلق بمسألة أشكال النضال؟ أولا، إن الماركسية تختلف عن جميع الأشكال البدائية للاشتراكية، لأنها لا تربط الحركة بشكل وحيد محدد من أشكال النضال. إنها تقبل بأكثر أشكال النضال تنوعا، ولا « تخترعها » بل تقتصر على تعميم أشكال نضال الطبقات الثورية، الأشكال التي تنبثق بصورة عفوية في مجرى الحركة بالذات، على تنظيم هذه الأشكال، على بث الوعي فيها. إن الماركسية التي تعادي إطلاقا جميع الصيغ المجردة وجميع وصفات المذهبيين الجامدين، تتطلب النظر بانتباه إلى النضال الجماهيري الجاري الذي يولـّد بلا انقطاع أساليب جديدة للدفاع والهجوم تزداد تنوعا يوما بعد يوم، وذلك بقدر ما تتطور الحركة ويتقدم وعي الجماهير وتتفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية. ولهذا لا تنبذ الماركسية سلفا وبصورة مطلقة أي شكل من أشكال النضال، وهي لا تقتصر في أي حال من الأحوال على أشكال النضال الممكنة والقائمة في فترة معينة، وهي تقر بأن التغير في الأوضاع الاجتماعية يؤدي حتما إلى ظهور أشكال جديدة للنضال لا يعرفها مناضلو الفترة المعينة. ومن هذه الناحية، تتعلم الماركسية، إذا جاز القول، في مدرسة الجماهير العملية، وهي أبعد من أن تدعي تعليم الجماهير أشكال نضال يخترعها « صانعو المناهج » في زوايا مكاتبهم. قال كاوتسكي مثلا في معرض بحثه أشكال الثورة الاجتماعية: « نحن نعرف أن الأزمة المقبلة ستحمل معها أشكال نضال جديدة لا نستطيع التنبؤ بها الآن ». ثانيا، إن الماركسية تقتضي إطلاقا البحث في مسألة أشكال النضال من ناحيتها التاريخية. إن وضع هذه المسألة خارج الظروف التاريخية الملموسة يعني جهل ألف باء المادية الديالكتيكية. ففي مختلف فترات التطور الاقتصادي، وتبعا لمختلف الظروف السياسية والقومية والثقافية والمعيشية، إلخ… تحتل مختلف أشكال النضال المرتبة الأولى وتغدو الأشكال الرئيسية، وتبعا لذلك تتغير بدورها أشكال النضال الثانوية، التابعة. فإذا حاولنا الإجابة بنعم أو لا بصدد وسيلة محددة للنضال دون أن نبحث بالتفصيل الظروف الملموسة للحركة المعنية، عند درجة التطور التي بلغتها هذه الحركة، فهذا يعني أننا تركنا تماما الميدان الماركسي. ذانك هما المبدآن النظريان الأساسيان اللذان ينبغي أن نسير على هديها. إن تاريخ الماركسية في أوروبا الغربية يقدم لنا كثرة من الأمثلة تؤيد ما أوردناه أعلاه. فإن الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية تعتبر البرلمانية والحركة النقابية في الوقت الحاضر بمثابة شكليْ النضال الرئيسيين. وكانت في ما مضى تقر بالثورة، وهي مستعدة كل الاستعداد للإقرار بها مرة ثانية في المستقبل عند تغير الأوضاع، خلافا لما يعتقد البرجوازيون الليبيراليون من إضراب الكاديت الروس وجماعة « بززاغلافتنسي ». فبين 1870 1880 نبذت الاشتراكية الديمقراطية الإضراب العام بوصفه الدواء الشافي لعموم الأمراض الاجتماعية، بوصفه الوسيلة لإسقاط البرجوازية دفعة واحدة عن طريق غير طريق النضال السياسي، ولكن الاشتراكية الديمقراطية تقبل تماما بالإضراب السياسي الجماهيري (ولا سيما بعد التجربة التي جرت في روسيا عام 1905) بوصفه وسيلة من وسائل النضال لا غنى عنها في بعض الظروف. وقد قبلت الاشتراكية الديمقراطية بمعارك المتاريس في الشوارع بين 1840 و 1850 ونبذت هذه الوسيلة بسبب ظروف معينة في أواخر القرن التاسع عشر، وأعلنت أنها مستعدة كل الاستعداد لإعادة النظر برأيها الأخير وللإقرار بفائدة معارك المتاريس، بعد تجربة موسكو التي أوجدت تكتيكا جديدا للمتاريس كما قال كاوتسكي.
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) العدد 267 بتاريخ أكتوبر 2008)
تفكيك تاريخ خرافي: كيف تمت فبركة الشعب اليهودي
إن أحد أهم الخرافات التي تأسّس عليها الكيان الصهيوني، وجود « شعب » أو « أمة » يهودية كانت تعيش على أرض فلسطين منذ ما يزيد على ألفي سنة، ثم وقع تشتيت هذه « الأمة » وإرغامها على المنفى ولكنها حافظت على وحدتها على أمل العودة إلى أرضها وهو ما تحقق لها في القرن العشرين. وقد رفض الماركسيون هذه الخرافة أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وكان لينين قائد الثورة البلشفية والاتحاد السوفياتي دحض نظريا فكرة « الأمة اليهودية » وبيـّن طابعها الرجعي، مشيرا إلى أن معتنقي اليهودية لا يشكلون لا شعبا ولا أمة بذاتها وإنما هم أجزاء من الشعوب والأمم التي يعيشون ضمنها. وبعد أن طغت النظريات الصهيونية على التاريخ الغربي لمدة من الزمن، بدأت العديد من الأصوات التي تحركها الحقيقة العلمية بما في ذلك في صفوف اليهود التقدميين، تدعو إلى مراجعة تلك النظريات اللاتاريخية وتفكيكها. ومن بين هؤلاء شلومو ساند، صاحب كتاب « كيف تمت فبركة الشعب اليهودي »، الصادر في سبتمبر 2008 باللغة الفرنسية. وننشر في ما يلي حوصلة له صادرة بجريد « لوموند ديبلوماتيك » سبتمبر 2008، للاطلاع عليها، رغم ما في الكتاب من هنات قابلة للنقاش. وتذكرنا هذه الحوصلة بالنص الذي كتبه قبل سنوات الراحل جورج عدة والذي بيّن فيه أن أرض فلسطين هي للفلسطينيين وأنّ الأمّة اليهودية خرافة مفبركة لأغراض استعمارية. في ما يلي المقال: هل يشكل اليهود شعبا؟ عن هذا السؤال القديم يقدم مؤرخ يهودي إجابة جديدة. فخلافا للفكرة الشائعة لم ينشأ الشتات من طرد عبرانيي فلسطين ولكن من تحولات متلاحقة في إفريقيا الشمالية وجنوب أوروبا والشرق الأوسط. هذا هو الذي يزعزع أحد أركان الفكر الصهيوني الذي يريد لليهود أن يكونوا منحدرين من مملكة داود، لا ورثة محاربين بربر أو فرسان خازار. لا يخامر الشك أي إسرائيلي في كون الشعب اليهودي وُجد منذ أن تلقى التوراة في سيناء وفي كونه أصيل تلك الأرضر حصرا. وكل إسرائيلي على قناعة بأن هذا الشعب، وقد خرج من مصر، صوب نظره نحو « الأرض الموعودة » حيث تم تشييد « مملكة داود وسليمان المجيدة »، التي انقسمت فيما بعد إلى مملكتي « يهودا » و »إسرائيل ». لا أحد « يجهل » أنه عرف المنفى مرتين: بعد تهديم الهيكل الأول في القرن السادس قبل الميلاد ثم عقب تهديم الهيكل الثاني في السنة 70 بعد الميلاد. وجرى ذلك بالنسبة إليه تيها دام نحو ألفي سنة. وقاده الترحّل نحو اليمن والمغرب، وإلى إسبانيا وألمانيا وبولونيا وإلى عمق روسيا، دون أن يتسبب ذلك في قطع روابط الدم ما بين مجموعاته المتباعدة. وهكذا لم يطرأ ما يفسد وحدته. وفي موفى القرن التاسع عشر نضجت الظروف لعودته إلى « الوطن القديم ». وحتى من دون المذبحة النازية، كان ملايين اليهود سيعيدون سكنى « أرض إسرائيل » (Eretz Irael) بما أنها مناط أحلامهم منذ عشرين قرنا. عذراء كانت فلسطين إذن تنتظر أن يأتي « شعبها الأصلي » كي يعمل على إعادة إزدهارها، بما أنها أرضه لا أرض تلك « الأقلية العربية »، « فاقدة التاريخ »، التي « حملتها الصدفة » هناك. ومن ثمة فالحروب التي خاضها الشعب الشريد كي يستعيد ملكية أرضه كانت « حروبا عادلة »، أما المواجهة العنيفة التي واجهه بها السكان المحليون فـ »إجرامية ». من أين جاءت قراءة التاريخ اليهودي على هذا النحو؟ هي في الواقع حصيلة باعُ معيدي بناء الماضي الذين اشتغلوا منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر، وأتاح لهم خيالهم أن يخترعوا، على قاعدة أمشاج ذاكرة دينية، يهودية ومسيحية، تسلسلا سلاليا مسترسلا للشعب اليهودي. وإذا كانت المادة التاريخية الغزيرة الخاصة باليهودية تتضمن، يقينا، تعددا في المقاربات فإن السجال داخلها لم يضع موضع المراجعة قط المفاهيم الأساسية المبلورة أساسا في موفى القرن 19 ومطلع القرن 20. وحين كانت تظهر كشوف من شأنها مخالفة صورة الماضي المسطر لم تظفر بأي صدى تقريبا. فقد كان الدافع القومي الذي هو بمثابة الفك المغلق غلقا شديدا يُعطّل كل نوع من التناقض والعدول عن الرواية السائدة. وقد ساهمت مساهمة واسعة في هذا « الفالح الشقي » (hémiplégie) العجيبة الهيئات المتخصصة في « إنتاج المعرفة » حول الماضي اليهودي –الأقسام المجعولة حصرا لخدمة « تاريخ الشعب اليهودي » والمفصولة عن أقسام التاريخ المسمى في إسرائيل بـ »التاريخ العام » وحتى النقاش ذو الطابع التشريعي حول « من هو اليهودي؟ » لم يشغل هؤلاء المؤرخين. فاليهودي بالنسبة إليهم هو كل منحدر من الشعب الذي حـُمل على المنفى قبل ألفي سنة. هؤلاء الباحثون في الماضي « المرخص لهم » لم يشاركوا قط في نقاشات « المؤرخين الجدد » التي شهدتها أواخر سنة 1980. وقد جاء جل المساهمين في هذا النقاش العام، وكان العدد الجملي محدودا، من اختصاصات أخرى أو من آفاق جامعية مترامية: سوسيولوجيون، مستشرقون، لسانيون، جغرافيون، اختصاصيو علوم سياسية، باحثون في الأدب، آثاريون. هؤلاء بلوروا أفكارا جديدة حول الماضي اليهودي والصهيوني. ومن ضمنهم أيضا أصحاب شهائد قادمون من الخارج. ولم يكن تتناهى من « أقسام التاريخ اليهودي » –خلافا لذلك- سوى أصداء متوحشة ومحافظة، مرشحة ببلاغة تمجيدية من الأفكار الجاهزة. اليهودية ديانة واختصارا، ففي 60 عاما، لم ينضج التاريخ القومي إلا قليلا جدا، ولا يبدو أنه سيشهد نموا على المدى المنظور. ومع ذلك تطرح الوقائع التي سلط الباحثون عليها الضوء أمام كل مؤرخ نزيه أسئلة محيرة للوهلة الأولى، لكنها جوهرية. هل يمكن اعتبار الإنجيل بمثابة كتاب تاريخ؟ أوائل المؤرخين اليهود المعاصرين أمثال « إسحاق مركوس جوست » و »ليوبولد زونز »، في المنتصف الأول من القرن التاسع عشر، لم يكونوا يرونه كذلك، بل كان العهد القديم في نظرهم، عبارة عن كتاب شريعة مكون للجماعات اليهودية عقب تهديم الهيكل الأول. وكان لا بد من انتظار النصف الثاني من القرن نفسه للعثور على مؤرخين، وفي مقدمتهم « هنريش غراتز »، يحملون رؤية « قومية » للإنجيل. فقد حولوا توجه إبراهيم نحو كنعان، والخروج من مصر أو حتى مملكة داود وسليمان الموحدة إلى حكايات تحكي ماضيا قوميا حقيقيا. ولم يبرح المؤرخون الصهاينة، من وقتها، يرددون هذه « الحقائق الإنجيلية » التي غدت خبرا يوميا للتربية القومية، لولا أنه خلال سنوات 1980 زلزلت الأرض وهزت معها هذه التخاريف المؤسسة، فإن اكتشافات « الأركيولوجيا الجديدة » جاءت تدحض إمكانية حدوث هجرة كبيرة في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، على جانب كون موسى لم يقدر على إخراج العبرانيين من مصر والتوجه بهم نحو « الأرض الموعودة » لسبب بسيط هو أن هذه الأرض كانت وقتها بين أيدي المصريين. ولا وجود لأي أثر شاهد على تمرد عبيد داخل إمبراطورية الفراعنة، وعلى تعرض بلاد الكنعانيين لغزو سريع من قبل عنصر أجنبي. كما لا وجود إطلاقا لعلامة أو أثر يذكر بمملكة داود وسليمان الباذخة. وتظهر اكتشافات العقد المنصرم وجود مملكتين صغيرتين في ذلك العصر: إسرائيل، وهي الأقوى، ويهوذا، التي ستسمى « يهودَا » مستقبلا، وسكان هذه الأخيرة لم يتعرضوا إطلاقا للنفي في القرن السادس قبل الميلاد. وقد كان على نخبها السياسية والفكرية دون سواها أن تستقر ببابل. وبهذا اللقاء الحاسم مع العبادات الفارسية سينشأ التوحيد اليهودي. فهل حصل النفي المنسوب إلى سنة 70 ميلادي فعلا؟ من الغريب أن هذا « الحدث المؤسس » في تاريخ اليهود والذي يستمد منه الشتات أصله، لم يجد له مكانا في أي كتاب بحث. أما السبب فواضح وهو أن الرومان لم ينفوا أي شعب على امتداد كامل الضفة الشرقية للمتوسط. وباستثناء الأسرى المحولين إلى عبيد واصل سكان »يهودا » حياتهم فوق أراضيهم، حتى بعد تهديم الهيكل الثاني. وقد اعتنق جزء منهم المسيحية في القرن الرابع بينما أسلمت الغالبية العظمى منهم أثناء الغزو (أو الفتح) العربي في القرن السابع. وجل المفكرين الصهاينة لا يجهلون شيئا من ذلك، فإسحاق بن زفي، الرئيس القادم لدولة إسرائيل، تماما مثل دافيد بن غريون، مؤسس الدولة، كتباه حتى 1929 سنة الانتفاضة الفلسطينية الكبرى. وكلاهما ذكر عديد المرات كون فلاحي فلسطين ينحدرون من سكان « يهودا » القديمة. وفي ظل انعدام تهجير انطلاقا من فلسطين المُروْمَنة ما هي مآتي اليهود العديدين الذين سكنوا محيط المتوسط منذ القديم؟ تختبئ وراء ستار الرواية التاريخية القومية حقيقة تاريخية مدهشة. ما بين تمرد الماكابيين (Maccabées) في القرن الثاني قبل الميلاد إلى تمرد بار-كخبة (Bar-Kokhba) في القرن الثاني ميلادي كانت اليهودية الديانة الأولى التبشيرية. وكان الأسمونيون) (les asmonées قد ديّنوا بالقوة بعدُ الأيدوميي (les Iduméens) جنوب « يهودا » وإيتوريي الجليل les Ituréens du Galilée)) وألحقوهم بـ « شعب إسرائيل ». وانطلاقا من هذه المملكة اليهودية الهيلينية انتشرت اليهودية في الشرق الأدنى بكامله وعلى دائر المتوسط. وفي القرن الأول الميلادي ظهرت، بكردستان الحالي، مملكة أديابان اليهودية التي لن تكون المملكة الأخيرة التي تهود، بل ستلحقها أخريات فيما بعد.وكتابات فلافيوس جوزاف لا تشكل الشاهد الوحيد على الحماسة التبشيرية لليهود. فمن « هوراس » إلى « سيناك »، ومن « جوفينال » إلى « تاسيت »، عديدون هم الكتاب اللاتينيون الذين عبروا عن خشيتهم. إن « المشنى » و »التلمود » يبيحان هذه الممارسة الارتدادية حتى وإن حكماء السنة التلمودية سيعبرون، أمام الضغط المتنامي للمسيحية عن بعض التحفظ تجاهها. والنصر الذي عرفته ديانة عيسى في مطلع القرن الرابع لم يضع حدا لتوسع اليهودية على هوامش العالم الثقافي المسيحي. وهكذا ظهرت في القرن الخامس حيث اليمن حاليا مملكة يهودية نشيطة تحمل اسم حمير، وسيحافظ منحدروها على معتقدهم بعد انتصار الإسلام وحتى العصور الحديثة. وسيفيدنا الإخباريون العرب كذلك بوجود قبائل بربرية معتنقة للديانة اليهودية، وكانت قد ظهرت الشخصية الأسطورية، في القرن السابع، في مواجهة الزحف العربي الذي بلغ شمال إفريقيا في نهايات هذا القرن، شخصية الأميرة اليهودية، الكاهنة، التي حاولت إعاقة تقدمه. وسيشارك بربر متهوّدون بنصيبهم في الغزو (الفتح) العربي لشبه الجزيرة الإيبيرية وسيضعون هناك أسس الاندماج المتميز ما بين يهود ومسلمين . هذه الخصيصة المائزة للثقافة الإسبانية-العربية. وقد حصل التحول العددي الهائل والأدل في اعتناق الديانة اليهودية بين البحر الأسود وبحر قزوين، وهو يشمل مملكة الخزار الشاسعة، في القرن الثامن ميلادي. ومسّ توسع اليهودية من القوقاز على أوكرانيا الحالية عدة مجموعات بشرية دفعت بكثرتها الغزوات المنغولية في القرن الثالث عشر ميلادي نحو شرق أوروبا. وهناك، ومع اليهود القادمين من المناطق السلافية الجنوبية ومن الأراضي الألمانية الحالية، ستضع أسس ثقافة يدية (Yiddish) الكبرى (اليدية هي لغة ألمانية ينطق بها يهود أوروبا الوسطى والاتحاد السوفياتي سابقا – المترجم). هذه الروايات الخاصة بالأصول المتعددة لليهود توجد، على نحو متردد، في مدونة التاريخ الصهيوني إلى سنوات 1960، قبل أن يتم تهميشها تدريجيا وقبل أن تختفي من الذاكرة العمومية الإسرائيلية. ومحتلو « حيّ داود » سنة 1967 فعلوا ذلك كـ »منحدرين » مباشرة من مملكته الخرافية لا –لا سمح الله- باعتبارهم أحفاد محاربين بربر أو فرسان خازار. ويتقدم اليهود إذن في صورة الشعب الذي، بعد ألفي سنة من المنفى والتيه، انتهى بالعودة إلى القدس، عاصمته. والقائلون بهذه الرواية الخطية وغير القابلة للتقسيم لا يعبّئون مادة التاريخ فحسب بالمؤسسات التعليمية، بل يسخـّرون البيولوجيا كذلك. فمنذ سنوات 1970 تجتهد سلسلة من الأبحاث « العلمية » بكل الوسائل في بيان التقارب السلالي (الجيني) ليهود العالم قاطبة. وسيمثل « البحث في أصول الجماعات السكانية » حقلا من الحقول ذات الشرعية والشعبية للبيولوجيا الذرية بينما احتل الكروموزوم المذكّر محل الشرف بجنب كليو clio يهودية في بحث جامع عن وحدانية أصل « الشعب المختار ». هذا التصور للتاريخ يشكل أساس السياسة المتعلقة بالهوية لدولة إسرائيل. وهنا تحديدا يجرح السرج ! حين يفتح (التصور) الباب أمام تعريف جوهراني وعرقي (essentialiste et ethnocentriste) لليهودية، مغذيا على هذا النحو تمييز اليهود من غير اليهود عربا كانوا كما وافدين روسا أو عمالا مهاجرين. إن إسرائيل، ستين عاما بعد تأسيسها، ترفض أن ترى نفسها جمهورية لكافة مواطنيها، فقرابة ربع هؤلاء ليسوا معتبرين في عداد اليهود، وحسب روح قوانينها،هذه الدولة ما هي بدولتهم. ومع ذلك ما انفكت إسرائيل تقدم نفسها على أنها دولة يهود العالم كله، حتى والأمر لم يعد يتعلق بلاجئين مضطهدين بل يتعلق بمواطنين كاملي الحق يعيشون على قدم المساواة داخل البلدان التي يقيمون فيها. وبعبارة أخرى، فإن سلطة إتنية بلا حدود (اتنوكراسيا ethnocratie) تبرر سياسة الميز القاسية التي تمارسها ضد قسم من مواطنيها مستحضرة خرافة الأمة الخالدة المعاد تشكيلها كي تتجمع فوق « أرض الأجداد ». إن كتابة تاريخ يهودي جديد، خارج الدائرة الصهيونية، ليس بالأمر الهين. فالضوء الذي ينكسر عليها يتحول إلى ألوان إتنية مركزة ومؤيدة، والحال أن اليهود شكلوا دائما مجموعات دينية تكونت غالبا عن طريق اعتناق الديانة اليهودية في أنحاء مختلفة من العالم. فهي لا تمثل « إتنوس » ethnos حاملا لأصل وحيد بذاته ومن شأنه أن يكون قد تنقل على مدى تيه عشرين قرنا. وكما هو معلوم، فإن تطور أي تاريخانية شأنه شأن السيرورة المعاصرة، كلاهما يقضي وقتا في اختراع الأمة. فهذه قد شغلت ملايين البشر في القرن 19 وطيلة جزء من القرن 20، الذي شهد موفاه هذه الأحلام وقد بدأت تنكسر. عدد متزايد من الباحثين يحلل ويفكك ويعيد تركيب الروايات القومية الكبرى، وخاصة الخرافات المتعلقة بالأصل الواحد، والعزيزة على أخبار الماضي. وكوابيس الأمس الهوياتية ستترك مكانها، غدا، لأحلام أخرى حول محور الهوية. وعلى غرار كل شخصية مصنوعة من هويات مائعة ومتنوعة، فإن التاريخ هو أيضا عبارة عن هوية في حالة حراك. بقلم شلومو ساند مؤرخ، أستاذ بجامعة تل أبيب، مؤلف كتاب: كيف تم اختراع الشعب اليهودي، صدر عن دار فايار في سبتمبر 2008.
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) العدد 267 بتاريخ أكتوبر 2008)