الأحد، 19 نوفمبر 2006

Home– Accueil الرئيسية

 

 

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2372 du 19.11.2006

 archives : www.tunisnews.net


المؤتمر من أجل الجمهورية :بيان د. منصف المرزوقي: شكر وتوضيح بخصوص الاعتصام د. منصف المرزوقي: الخطوة التالية  السجين السياسي الهادي الغالي يدخل أسبوعه الثالث من الإضراب عن الطعام طلبة تونس: أخبار الجامعة المصريون: دعوى قضائية ضدّ صهري الرئيس التونسي وتواصل إضراب سجناء سياسيين عن الطعام الحياة: تونس: محاكمة عشرات من «السلفية الجهادية» رويترز: فيلم تونسي عن الإرهاب يحصد التانيت الذهبي في مهرجان قرطاج السينمائي رويترز: لجنة تحكيم تطالب بفصل مهرجان قرطاج السينمائي عن وزارة الثقافة الشروق: «مسيلمة كذاب» جديد يظهر في مدنين ذو العينين : عـودة إلى مسألة المعارضة للنظام والأخلاق الإسلامية.. مـرة ثانية عباس: أنا نقلّك سيدي وإِنت أعرف قدرك أحمد نجيب الشابي: بعد الحكم بإعدام صدام حسين وانتخابات الكونغرس … أميركا تبحث عن طرق «شعبية» لإنهاء حرب غير شعبية د. منجية السوايحي، أستاذة الدراسات الاسلامية لـ »الصباح »:المرأة حـرة في اختيار لباسها على ألا يصبح رمزا سياسيا إسلام أون لاين: علماء بالأزهر: الحجاب عودة للرقي والأمان إسلام أون لاين: فاروق حسني: حديثي عن الحجاب مجرد « دردشة » الصباح: مقاهي الحاضرة في النصف الأول من القرن العشرين (السادسة / والأخيرة) الصباح: .. وستبقى أيام قرطاج السينمائية دعامة للسينما المناضلة من أجل سينماءات وطنية فاعلة الصباح: بــلاغ إلى المثقفين التونسيين حــول جائزة الشابي في دورتها الأخيـرة جورج قرم: كلنا شركاء في تصاعد ديكتاتورية الفريق الحاكم


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


المؤتمر من أجل الجمهورية حتى تتحقق السيادة للشعب والشرعية للدولة والكرامة للمواطن 33 نهج الجزيرة-تونس http://www.cprtunisie.net/   بيان
اعتبارا للوضع السياسي الراهن فإن المؤتمر من اجل الجمهورية : 1- يهنئ عائلات الرهائن السياسيين المفرج عنهم  وكل  الإخوة الذين أطلق سراحهم ويدعوهم إلى التصدي لجميع محاولات الزج بهم في سجن جديد اكبر بتعلات المراقبة الإدارية وغيرها من أساليب القمع والمحاصرة .  كما يدعو كل الوطنيين لتكثيف الضغط على السلطة الاستبدادية لإجبارها على إطلاق سراح بقية الرهائن. وفي نفس الوقت يلفت المؤتمر انتباه المناضلين الحقوقيين والسياسيين أن السجون لا زالت مشرعة الأبواب لاستقبال عدد متزايد من الشباب ينكّل بهم تحت طائلة قانون الإرهاب المنافي لكل القيم والحقوق والحريات، ويدعوهم  لإدراج الجيل الجديد من الرهائن السياسيين في نطاق مشاغلهم  والتضامن مع عائلاتهم  والتجند  للدفاع عنهم . 2- يعبّر عن كامل تضامنه و دعمه لاحتجاجات حملة الشهادات العاطلين  ويؤكد اندراج هذه الاحتجاجات في إطار مقاومة السياسة اللاشعبية للسلطة واختياراتها الاقتصادية القائمة على نهب المال العام وتمترس أصحاب النفوذ ويدعو كل القوى الوطنية للوقوف بجانب طلبات مشروعة وقابلة للتحقيق بجزء بسيط من المال العمومي  المهدر بالفساد. 3-ينبّه المؤتمر الشعب التونسي لخطورة دفع الدكتاتور لبيادقه حتى يطالبوا  » تلقائيا »  بإعادة » ترشحه »  » لانتخابات » 2009. فسواء كان الأمر جديا بنية ممارسة الرئاسة إلى الممات ، أو  مناورة لتأكيد إمساكه بمقاليد السلطة في الفترة التي تكاثرت فيها الإشاعات عن مرضه ونية تعيين خلف له ، فإن المهم  هو عزم  هذا الدكتاتور ونظامه على مواصلة الاستخفاف بكرامة  وحقوق التونسيين والتونسيات ومصادرة سيادة الشعب بالعنف والتزييف  عبر مهزلة انتخابية جديدة معروفة الخطاب والوسائل والسيناريو والنتيجة مسبقا. وفي هذا الصدد يهيب المؤتمر بكل الوطنيين ، ليس فقط لرفض الدخول في لعبة مغشوشة ومهينة لكل من يشارك فيها ،وإنما  للتصدي لها من الآن بمنتهى الحزم، وذلك عبر تجميع القوى القاطعة مع الاستبداد داخل جبهة سياسية هدفها الأول إرجاع السيادة للشعب  بانتخابات حقيقية رئاسية وتشريعية وبلدية تبني نظاما شرعيا. عن المؤتمر من اجل الجمهورية د. منصف المرزوقي سوسة في 17-11-2007

شكر وتوضيح بخصوص الاعتصام

منصف المرزوقي
شكرا  للشيخ راشد الغنوشي ولمحمد بن سالم  اللذين هتفا لي لشدّ أزري  ولحمادي الجبالي  الذي اخترق الحواجز الأمنية لدخول بيتي فحوصر بيته . شكرا لرفاق النضال عبد الرءوف العيادي  وعبد الوهاب معطر ونزيهة رجيبة  وسامية عبو  وراضية النصراوي  وتوفيق بن بريك   والهاشمي  جغام  وسهام بن سدرين  وعمرالمستيري ونجيب الحسني وعبد القادر بن خميس  وسليم بوخضير ومنصف بن سالم    لدعمهم بالزيارة وبالمهاتفة.  شكرا لمجموعة المؤتمر في  سوسة الحبيب المدب وعلي تنجال والطاهر هميلة وابراهيم بن حميدة لمواظبتهم  شبه اليومية على تفقد أحوالي . شكرا للأستاذ الهادي المناعي الذي  تكلف عناء السفر  من جندوبة وهو مريض.  شكرا  للأساتذة علي بن سالم والعياشي الهمامي  ومحمد النوري وجلول عزونة لقدومهم مع عبد الرءوف  في رحلة لن ينسوها استغرقت تسعة ساعات من تونس لسوسة ولرئيس فرع الرابطة بسوسة الأخ  جمال مسلم الذي نجح في إدخالهم بيتي. شكرا لشباب الديمقراطي التقدمي و للأخوة الذين قدموا من الشابة و صفاقس  وقصيبة المديوني والقلعة الكبرى ومكنين رغم المحاصرة اللصيقة . خاصة شكرا وألف شكر لعشرات المواطنين الذين يخاطبوني باستمرار من كل بلدان العالم فيرفعون معنوياتي إلى درجة لا يتصورونها. و لرفع كل التباس حول اعتصامي أشير أنه ليس اعتزالا  وليس تسليما. أنه موقف يمكنني من عدم إهدار الطاقة في مواجهات عقيمة مع منحرفين كلفوا بقطع الطريق عليّ في أي مكان أذهب إليه . هو يمكنني أيضا من التفكير الهادئ  مع زواري حول أساليب مواجهة ستراتجية الاختناق البطيء الذي يعتمدها الدكتاتور وتعميق  الاستشارات السياسية للخطوات التالية ,وفي كل الحالات هو مؤقت  و سينتهي قريبا. و أعاهد كل التونسيين والتونسيات أنني لن أتراجع  أمام أي عائق  و لن أرضخ لأي تهديد و لن استسلم لأي إحباط وأنني سأواصل  الطريق الذي اخترته .  كما أجدد النداء لكل المواطنين في الداخل والخارج وخاصة الشباب  لتحمل مسئولياتهم فالتحرير لن يأتي به أي شخص أو أي مجموعة  خاصة تحت الحصار البوليسي الشديد الذي تتعرض له . إنه لن يحصل إلا بانطلاق مبادرات المقاومة السلمية في كل مكان أين  ومتى لا ينتظرها الدكتاتور. سوسة في 13-11-2006                                                                  


الخطوة التالية

د. منصف المرزوقي   إخوتي أخواتي  في الوطن .   رغم أن نظام التزييف والفساد والقمع المسلط على شعبنا منذ عقدين تقريبا نزف طوال هذه السنين من كل هيبة و مصداقية و شرعية، أنه مات في العقول والقلوب، فإن الدكتاتور يعدنا بالاحتفال بعشرينية عهده المشئوم  السنة المقبلة ، ولم لا  بالذكرى الخامسة  والعشرين أو حتى الثلاثين. إنها لمفارقة غريبة أن  يرزح شعب كامل  يغلي بالغضب والنقمة  تحت سطوة  عصابات في طور متقدم من التعفن ، و لا أحد مستعدّ للدفاع عنها جديا   في الداخل و في  الخارج ، لكنها قادرة على  الاستمرار  بضع سنوات أخرى، لا من فرط قوتها لكن من فرط ضعفنا .  لقد سمّي عهد الحرب الباردة بعهد توازن الرعب، ويمكن تسمية عصر الاستبداد الذي تعيشه تونس إلى اليوم بعهد توازن الضعف وحتى توازن الجبن، أي أن الغالب في الصراع الحالي هو أقل الضعيفين ضعفا وأقل الخائفين خوف وأقل الجبناء جبنا.   السؤال  كيف نتعامل مع وضع لم يعد محتملا ويهدد إن تواصل بتزايد إغراء الحسم بالعنف؟   إننا لا نواجه كتونسيين إشكالية سياسية فريدة من نوعها  لم يشهدها التاريخ .على العكس عرفت العديد من الشعوب آفة وعاهة الاستبداد  وعانت منه  الأمرين وتعلمت كيف تقاومه بصفة سلبية لمدة طويلة من الزمن، ثم  كيف تجهز عليه في اللحظة المناسبة. لذلك علينا الأخذ بالتجارب والعضات، لا تضييع وقت ثمين  في إعادة اكتشاف العجلة. ما بيّنه التاريخ بوضوح وبتكرار أن الدكتاتورية تنهار لتضافر نوعين من الأسباب: المتعلقة بالنظام الاستبدادي نفسه  والمتعلقة بالبديل الذي يحاربه. أما الأولى فهي نتيجة قوى الخراب التي تنطلق في نفس الوقت الذي تنطلق فيه قوى الترسيخ ، تماما كما ينطلق العدّ العكسي للموت لحظة ولادة الطفل. هي تبعات الخيارات الأساسية التي تحكم بها كل دكتاتورية، أي استفراد شخص مريض نفسي بالقرار في كل شاردة وواردة، وانتشار فساد أهله وتغوّل أجهزة القمع، والتوسع المطرد لدائرة الخصوم والأعداء، والكره المتفاقم له ولزبانيته ، وتعطل آليات المجتمع بانتشار المحسوبية والرشوة والاستقالة الجماعية ومن ثمة استفحال الرفض وتزايد الحاجة للبديل. ما  هي حالة هذه الأسباب الموضوعية بخصوص  الدكتاتورية  المسلطة على رقابنا  ؟ لا جدال أننا نعايش مرحلة وصول قوى الخراب  داخل هيكلها  الذروة بعد أن   استعدى النظام  عليه كل  طبقات الشعب من رجال الأعمال إلى العمال ، من الإسلاميين  إلى العلمانيين ، من المعتدلين إلى الراديكاليين … أضف لهذا تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن خياراته… أضف لهذا التغير البطيء في الوضع الدولي حيث انتهى مفعول صدمة 11-9…أضف لهذا المرض والتقدم في السن لكبار المتورطين  فيه … أضف لهذا الانهيار التام  لصورته عند القاصي والداني في الداخل وفي الخارج . إنه الإفلاس بكل معانيه.   ماذا يملك اليوم هكذا نظام للتواصل ؟ الجهاز الأمني ومنحرفي المليشيات؟ إن احتكاك كل المناضلين بما لا يحصى من أعوان الأمن بالزيّ وحتى بغير الزيّ  طوال هذه السنوات المريرة  علّمهم  أن الجهاز شاعر بحفيظة الشعب تجاهه، بما وصل إليه من مأزق وأنه لا ينتظر سوى  استعادة  وظيفته الطبيعية كحامي للمجتمع من الجريمة المنظمة بدل الدور الذي  ورّطه فيه الدكتاتور كحامي للجريمة المنظمة من المجتمع. إنها نفس الظاهرة بخصوص أجهزة أخرى وقع تحويل وجهتها مثل الجمارك والقضاء والإعلام  والإدارة. ومن ثم يمكننا أن نراهن على أن  هذه المؤسسات السليبة  لن تقاتل من أجل الحفاظ على سرقات  العائلات المافيوزية الحاكمة  وأنها تضم أهم  حلفائنا وأشدهم نفوذا . لذلك يجب  مدّ الأيدي لكل الوطنيين والنزهاء داخلها  وطمأنتهم  بأن ما تريده قوى البديل  هو تمكينهم  من استعادة  الشرف المهدر  على صعيد المهنة وعلى الصعيد الشخصي  والعودة بمؤسساتهم إلى  وظيفتها الطبيعية للانخراط مجددا في اللحمة الوطنية. وفي النهاية لا تبقى إلا الميليشيات وعصابات الإجرام ، لكن هل يمكن لنظام في هذا العصر أن يحكم طويلا  بمثل هذه  » القوى » ؟ لقائل أن يقول إذا كانت هذه هي حالة الاستبداد فعلا فلماذا هو بهذه الشراسة التي تظهره في مظهر القوة التي لا تقهر، ولماذا لا زال قائما بل ولماذا قد يحتفل الدكتاتور يوما بالعيد الثلاثين لانقلابه المشئوم ؟ نعود هنا لتفحص حالة البديل وهي الجزء الآخر من المعادلة. إذن تنخر العوامل الموضوعية الناجمة عن طبيعة الدكتاتورية وخياراتها بمرور الزمن   شيئا فشيئا في دواليب النظام . لكن انهياره بحاجة  إلى دفعة حازمة و إلا طال احتضاره مع كل تبعات الأمر على المجتمع والدولة . هذه الدفعة هي مهمة قوى البديل تتوج بها  مسارا نضاليا انطلق منذ استتباب الدكتاتورية. ما علمنا التاريخ أن هذه القوة وقدرتها على إعطاء الدفعة الضرورية لنهاية الكابوس غير ممكنة في غياب ثلاثة شروط  : 1- رؤيا سياسية ومجتمعية لما بعد الدكتاتورية حيث لا تتحرك الشعوب في غياب معرفة ما ينتظرها، خاصة إذا كانت هناك تكلفة للخروج إلى الشارع. 2- جبهة  سياسية – لا حقوقية –  فاعلة ومصممة تعلن صراحة نيتها الوصول للحكم ،في قضية الحال بالوسائل السلمية والديمقراطية،  لتنفيذ رؤياها  السياسة والمجتمعية. هذه القوة  ليست وحدة كل الطيف السياسي الذي لا يجمع إلا على المطلبية وعلى المطالب  الدنيا . هي الأطراف الأكثر جرأة ومبدئية وقطيعة مع الاستبداد والمجتمعة حول   قيادة موحدة  تخطط لمعركة التحرر. 3- شخصية وطنية تجعل منها  قوى البديل  الناطق باسمها وترى فيه  عامة الناس رمز الحقبة الحاضرة وآمال الحقبة  المقبلة. أنظروا لكل الثورات الديمقراطية وغير الديمقراطية التي حدثت في العالم  وستجدون  دوما هذه العوامل الثلاثة التي يستحيل أي انتقال سياسي  دون تواجدها.  ففي غياب  الرؤيا السياسية البعيدة المدى عند الناس لا وجود إلا للاستقالة الجماعية أو لانتفاضات عفوية غاضبة هي مثل حرائق القشّ لا أسهل من إطفائها. وفي غياب الجبهة السياسية والقيادة الموحدة تتبعثر الجهود معطية للاستبداد فرصة الاستفراد بأطراف متفرقة ومعزولة ومتنازعة.  وفي غياب الرمز يستفحل الصراع على  الزعامة بين أطراف  لا يثق الشعب فيها ولا يحترمها لتغليبها مصالحها الشخصية على الصالح العام. تسألون ما حالة الشروط الثلاثة ونحن في هذا المنعرج الخطير من تاريخنا. 1- الرؤيا موجودة وهي الوثيقة التي ناقشتها أهم الأطراف السياسية في مدينة Aix  الفرنسية  في شهر ماي 2003  ونشرت تحت اسم إعلان تونس  يوم 17 جوان 2003  . وهي حاليا أحسن أرضية للبناء المشترك لأن نقاشها كان معمقا ومطولا… لأنها تستجيب للأغلبية الساحقة من المطالب المتكررة منذ نصف قرن… لأنها  ترضي أهم الأطراف وتحترم خطوطها الحمر  وتطمئنها على نوايا بعضها البعض. لذلك مكن اعتمادها حاليا  كما هي  واعتبارها  قابلة في مرحلة لاحقة للتطوير والإثراء . 2- الجبهة السياسية القاطعة مع الدكتاتورية والتي تتقدم بكل وضوح وجسارة وثقة كبديل لها  غائبة شكلا.  لكنها موجودة ضمنيا حيث ثمة اليوم داخل كل التنظيمات  » الإصلاحية »  فريق متزايد العدد اقتنع  بعد كل التجارب المريرة على امتداد قرابة  عشرين سنة  أنه لا حل مع هذا النظام إلا المقاومة والتقدم للشعب بالبديل وإدارة معركة  الاستقلال الثاني من خارج الأطر وقواعد اللعبة المغشوشة التي يتحكم فيها الدكتاتور مثل المهازل الانتخابية. القضية إذن ترجمة المضمون إلى شكل إي إلى جبهة المقاومة الديمقراطية  لتفرز قيادة جماعية  تقود المعارك المستقبلية وتحقق برنامجها.  ولأن مثل هذه الجبهة السياسية وقيادتها أشد  ما يحتاج الوطن وما يتطلبه الوضع ،فإنه على الجيل الوسيط في كل التنظيمات السياسية أن يتقدم للمشاركة في بنائها و لفرضها إذا بقيت قيادات الجيل القديم تتأرجح بحجة وحدة المعارضة في البحث عن رضا  الجميع، وهو الأمر المستحيل والمهدر للطاقات والمضيع للوقت الثمين  كأن الوسيلة أصبحت هي الهدف وأنه ليس من الهام  أن  يضيع الهدف أو يؤجل إلى ما لا نهاية حبا في  الوسيلة . 3- وجود الرمز ممنوع بقرار غير معلن من الطبقة السياسية نتيجة موقف يلخّص في جملة واحدة : إما أنا أو لا احد . إنها هنا أيضا مسؤولية الجميع وخاصة  الجيل الوسيط . فلا  يقبل تواصل الشلل الحالي لأن القضية تتجاوز طموحات شخصية حتى ولو كانت  مشروعة ولا أخفي أنها طموحاتي أنا أيضا. لكن من الضروري الحسم فيها وذلك عبر  الخيار من  بين أبرز الوجوه  وفق معايير بالغة الدقة بخصوص ماضي الشخص ومؤهلاته وقدراته على التجميع والتمثيل  و  شروط بالغة الصرامة بخصوص المنتظر منه  مثل العمل الجماعي والتداول ، حتى لا نلدغ مرة أخرى من جحر الشخصانية التي نعاني إلى اليوم من آثامها . فما نحتاجه شخص  مثل مانديلا لا شخص  مثل بورقيبة . ما يتطلبه الوضع رمز يعطي المثل لا زعيم يعطي الأوامر.   إما أن نحقق الشروط الثلاثة ، وإما استعدوا لاحتفال الدكتاتور بعشرينية عهده وبكم من « ذكرى التحول  »  إلى موته في الحكم. فقد بدأ ت  لعبة  مطالبته بالترشّح « لانتخابات  » 2009. حتى إن كانت العملية مناورة للتغطية على بداية النهاية، فلا تأملوا ،في غياب الرؤيا والجبهة والرمز ، شيئا بعد رحيله ، لأن المخطّط  هو توريثنا  عبر  السيناريو Poutine لرجل يكتسب سلطته  من الجهاز لا من الشعب – إلا بالتزييف المعتاد- ومهمته الحفاظ على السرقات وحماية اللصوص والتمويه على الشعب  بإصلاح قشور  الثمرة الفاسدة  والمحافظة على  النواة  الصلبة للاستبداد. بديهي أن الدكتاتورية ستحارب بكل قواها استكمال شروط التحرر كما فعلت دوما . كذلك ستحارب قوى من داخل المعارضات هذا التوجه لخياراتها المختلفة. مما يعني أننا إذا انخرطنا في المشروع الذي تتطلبه تونس فإننا سنواجه بشراسة العصابات وتخريب الصالونات.  لكن عمق المأساة الصامتة  التي يتخبط فيها شعبنا ، وقوة تطلعه للخروج من عهد العار الذي يعيش في ظله، ووجود قوى كافية لقلب موازين القوى  ، كل هذا يفرض علينا جميعا التحرك بعزم حتى لا يقول عنا التاريخ أننا قصرنا في حق أمنا تونس وفي حق الأجيال القادمة ناهيك عن تقصيرنا في حق أنفسنا.                            

من القمع العشوائي لبن علي

  

الشاب عبد الله بن حامد ، خمسة وعشرون سنة ،أصيل مدينة دوز ، أمضى سنة تدريب في اختصاص الحماية المدنية وكان على أهبة استلام عمله في الجنوب شهر نوفمبر الحالي، لا علاقة له بأي نشاط سياسي ولا ينتمي لأي تيار.  شاء حظه العاثر أن يسافر إلى تونس على متن سيارة رياض البدوي ابن أخت الدكتور منصف المرزوقي الذي توقف عند بيت  خاله ليلا ليضع فيها  بعض الأغراض المنزلية. ما أن توقفت السيارة حتى خرج خفافيش الظلام للتثبت من  الهويات. ومن الغد أحيط الشاب علما بأنه أقيل من عمله الذي لم يتسلمه بعد. هذه العملية التي تندرج في تقنيات الترويع بالمثال هي  حديث السخط والاستنكار  لمدينة دوز منذ أسابيع وبقية قرى نفزاوة. بالطبع هي  زادت من ثقل ملف نظام بدأ بكذبة لا ظلم بعد اليوم فلم تعرف تونس نظاما أظلم منه وأكذب . إنها قشة أخرى تضاف على ظهر البعير وحطب إضافي للذي يكدسه النظام منذ عقدين من الزمن . السؤال  متى يضع القشة الأخيرة وفي أي ظرف سيشعل الشرارة في الحطب الذي كدسه بنفسه ؟ الرد لا أحد يعلم لكن  ثقوا في غباء نظام مقرّ العزم على أن يستعدي عليه كل التونسيين وبكل الوسائل الممكنة خاصة أحقرها. 

  

السجين السياسي الهادي الغالي يدخل أسبوعه الثالث من الإضراب عن الطعام

دخل اليوم –الأحد 19 نوفمبر 2006– السجين السياسي الهادي الغالي أسبوعه الثالث من الإضراب عن الطعام من أجل المطالبة بتحسين ظروف اعتقاله، وخاصة منها تحسين الأكلة، بالإضافة إلى مطلبه الأساسي في إطلاق سراحه. وأثناء زيارة يوم أمس السبت، التي تمّت كالعادة عبر الحواجز وبحضور الأعوان، لاحظ أفراد عائلته أنّه بلغ درجة من الضعف والوهن ممّا دفع أخاه إلى اختصار مدّة الزيارة. وقد أكد الهادي الغالي، رغم تردّي حالته الصحية، إصراره على مواصلة إضرابه عن الطعام حتّى تحقيق مطالبه. كما توجه بنداء إلى كل المناضلين والهيئات الحقوقية والجمعيات والأحزاب لمساندته من أجل إطلاق سراحه. 19 نوفمبر 2006 عن عائلة الهادي الغالي شقيقه كمال الغالي kamelghali@yahoo.fr لمراسلة السجين: السيد الهادي الغالي السجين رقم 14717 السجن المدني بالمهدية المهدية – تونس

أخبار الجامعة

 

حصاد الأرقام

 

ارتفع عدد الطلبة الدارسين في مدينة الكاف خلال السنة الجامعية الحالية 2006-2007 إلى أكثر من 5600 طالب بينما كان في السنة الفارطة 4797 طالب. كما ارتفع عدد المؤسسات الجامعية من 5 إلى 7 حيث انطلقت الدراسة في مؤسستين جديدتين هما المعهد العالي للإعلامية ومعهد علوم التمريض. ويوجد بالمدينة مبيتان جامعيّان وآخر خاص تؤوي جميعها حوالي 2100 طالب وطالبة.

 

والمؤسسات الجامعية الموجودة بالكاف هي:

 

1-    المعهد الأعلى للرياضة البدنيّة.

 

2-    المدرسة العليا للفلاحة.

 

3-    المعهد الأعلى للدراسات التكنولوجية.

 

4-    المعهد العالي للدراسات التطبيقية في الإنسانيات.

 

5-    المعهد العالي للموسيقى والمسرح.

 

6-    المعهد العالي للإعلامية.

 

7-    معهد علوم التمريض.

 

وتأتي الكاف في المرتبة 12 كمدينة جامعية بعد تونس وصفاقس وسوسة وقابس والمنستير والقيروان وقفصة وجندوبة ونابل وبنزرت والمهدية.

 

هل تعيد انتخابات المجالس العلمية حيوية الجامعة السياسية ؟

 

شرعت مختلف التيارات السياسية الفاعلة على الساحة الجامعية في إعداد قوائم مرشحيها لانتخابات المجالس العلمية في الكليات والمعاهد العليا والتي لم يعد يفصلنا عنها سوى أسبوعين أو ثلاثة.

 

وتكتسي هذه الانتخابات أهمّية كبيرة لهذه التيارات باعتبارها تعطي صورة تقريبية عن حجمها الحقيقي ومدى تجاوب الطلبة مع أطروحاتها وبرامجها ومواقفها السياسية والنقابية. وقد عمدت بعض الأطراف من الآن إلى تعبئة مناصريها لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الطلبة إلى جانبها. وتتركز أنظار المراقبين للساحة الجامعية خاصة على الأجزاء الجامعية الكبرى والتي يتراوح فيها عدد الطلبة بين الخمسة آلاف والخمسة عشر ألف طالب، ويهمّ الأمر بالتحديد كليات العلوم والحقوق والآداب والعلوم الاقتصادية التي يدرس بها ما يقارب 40 % من مجموع الطلبة وتمثّل مركز الثقل السياسي بالنسبة إلى مختلف التيارات السياسية.

 

ولئن كان الصراع في العشرية الممتدة بين أواسط السبعينات وأواسط الثمانينات من القرن الماضي انحصر بين الطرفين الرئيسيين المتمثلين في الإسلاميين واليسار حيث بلغت المنافسة أشدّها في كليات العلوم والحقوق والعلوم الاقتصادية بالمركب الجامعي بتونس وبكلية الآداب بمنّوبة وكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بـ9 أفريل وصلت إلى حدّ تبادل العنف.

 

فقد عرفت التسعينات من القرن الماضي والسنوات الأخيرة بروز الطلبة الدساترة كفاعل أساسي في هذه الانتخابات مدعومين في ذلك بالسلطات الإدارية التي لم تبخل عليهم بالدعم المادي واللوجيستي بمختلف أصنافه. وكان لغياب طلبة الاتجاه الإسلامي عن الساحة بسب القمع الرهيب الذي طالهم منذ سنة 1991 وأدّى إلى سجن الآلاف منهم أوهجرتهم، ولا يزال البعض منهم يقبع في السجون (العجمي الوريمي وعبد الكريم الهاروني..) كان لذلك الأثر السيّء في إعادة تشكيل خارطة التيارات السياسية بالجامعة التونسية حيث برز الطلبة الدساترة بصفة ملحوظة في حين عرف اليسار انشقاقات  وصراعات داخلية عديدة انعكست آثارها على واقع الاتحاد العام لطلبة تونس وهياكله.

 

النوري بوزيد وركوب الموجة الاستعمارية

 

في الوقت الذي يقبع فيه عشرات الطلبة في المعتقلات والسجون تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب بسبب رغبتهم في التطوّع للجهاد في العراق ضد المحتلّ الأمريكي ومَن والاهم من أنصار الاستعمار الجديد يطلع علينا المخرج السينمائي النوري بوزيد وكعادته بشريط يقدح في الإسلام وعقائده ويصف فريضة الجهاد بالإرهاب. وهو لا يختلف في ذلك عمّا يكتبه وينشره كبار العنصريين في أوروبا وأمريكا وكلّ الحاقدين على الإسلام العظيم. وما الرسوم الدانماركية وتصريحات البابا بينيدكت 16  وحديث بوش عن الحروب الصليبية ومزاعم برلسكوني عن التفوق الحضاري للغرب عنّا ببعيد.

 

لقد جاء شريط النوري بوزيد الذي يحمل عنوان « آخر فيلم » Makingoff والذي تم عرضه في مهرجان قرطاج السينمائي خلال الأسبوع الثاني من شهر نوفمبر 2006 ليؤكّد من جديد النهج الفكري الذي اتخذه هذا ألأخير في التشكيك في عقائد الإسلام والاستهزاء والسخرية من فريضة الجهاد ومن العمليات الاستشهادية وهو لا يكاد ينطق بكلمة واحدة ضد المحتلين والمستعمرين ولا يترك مناسبة إلاّ ويصبّ جام حقده على كلّ ما يمتّ للإسلام بصلة.

 

وفي الأخير لنا أن نتساءل عمّن يقف وراء تمويل هذا الشريط الذي لا يخدم إلاّ الاستعمار الجديد وأذنابه من المنبطحين والمهزومين وشذّاذ الآفاق.

 

تبرئة طالب من تهمة الإرهاب

 

أصدرت المحكمة الجنائية الابتدائية بتونس يوم الاثنين 13 نوفمبر 2006 حكما بستة أشهر سجنا على الطالب بالمعهد الأعلى للدراسات التكنولوجية أحمد الشابي من أجل « عدم إرشاد السلطات بمعلومات حول ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية » ولم يثبت في حقه الانتماء إلى تنظيم إرهابي كما ادّعت محاضر فرقة أمن الدولة. وكان ذلك في إطار القضايا المعروضة على المحكمة الجنائية بتونس بموجب قانون مكافحة الإرهاب. وقد أحيل أحمد الشابي مع عدد آخر من المتهمين كانت الأحكام الغيابية فيها ثقيلة وصلت 24 سنة سجنا.

 

وكان أحمد الشابي قد أوقف في شهر أفريل 2005 ثم أفرج عنه بموجب سراح مؤقت بعد حوالي 9 أشهر من السجن وقد مثل أمام المحكمة بحالة سراح. وكانت إدارة المعهد المذكور قد رفضت قبوله لمواصلة الدراسة لوجود التتبع ضدّه، نتمنى اليوم أن يعود لاستئناف الدراسة.

 

لجان الأطروحات غائبة

 

لايزال عدد من طلبة المرحلة الثالثة بكل من كلية الآداب بمنوبة وكلية 9 أفريل في انتظار تحديد موعد لمناقشة أطروحاتهم الجامعية. ويتعلّق الأمر بشهادات ماجستير ودكتوراه قضى الطلبة في إعدادها أشهرا وسنوات لكنّها توضع على الرفّ بعد إيداعها إلى حين اجتماع اللجان المعنيّة والتي قد يعطّل غياب أي عضو فيها اتخاذ القرار.

 

وإلى حين تحديد موعد يبقى الطالب في حيرة من أمره لا يدري متى يستعدّ للمناقشة ومتى يتفرغ لشؤونه العلمية والعملية.

 

وفاة طالب في صفاقس

 

توفي يوم 31 أكتوبر الماضي الطالب عبد الرؤوف بالعايبة أصيل مدينة الشابة إثر حادث مرور أليم أودى بحياته على الفور وذلك حين كان يقود دراجته النارية. ويدرس المرحوم بمعهد الرياضة بصفاقس.

 

(المصدر: « أخبار الجامعة »، السنة الأولى، العدد رقم 7، السبت 18 نوفمبر 2006 من موقع « طلبة تونس »)

الرابط: http://tunisie-talaba.net/news/tunisie-talaba7.htm

 


دعوى قضائية ضدّ صهري الرئيس التونسي وتواصل إضراب سجناء سياسيين عن الطعام

تونس ـ كتب سليم بوخذير (المصريون)

 

في تطوّر لافت بدأ يثير الجدل في البلاد ، رفع عدد من شخصيات المعارضة في تونس بلاغا إلى القضاء ضدّ صهرين للرئيس التونسي زين العابدين بن علي ، على خلفية تحقيقات البوليس البحري الفرنسي مؤخرا في قضية عصابة اليخوت المُختلسة مُطالبين بالتحقيق معهما ، فيما دخل سجناء سياسيون بأحد السجون التونسية في إضراب مفتوح عن الطعام .

 

و رفع المحامي التونسي عبد الرؤوف العيادي نيابة عن7 شخصيات معارضة هذا الأسبوع ، البلاغ الذي اعتمد على تقرير صحفي كانت نشرته صحيفة فرنسية حول ما أفضى إليه استجواب أحد المتهمين في القضية قالت فيه إنّه « اعترف » بـ « مشاركة » صهري الرئيس التونسي عماد و معز الطرابلسي في جرائم القرصنة ، مُطالبين وكيل الجمهورية بمحكمة العاصمة بـ »فتح تحقيق قضائي جادّ معهما  » في القضية ، حسب البلاغ المرفوع الذي حصلت « المصريون » على نسخة منه .

 

و اقتضت أحكام الفصل 26 من المُدوّنة القانونية الجزائية في تونس أنّ « وكيل الجمهورية مكلّف بتلقّي ما يُعلمه به الموظفون العموميون أو أفراد الناس من الجرائم » .

 

و قال العيادي لـ « المصريون » ، إنّ « هذه أوّل قضية » تُرفع في تونس ضدّ إثنين من أصهار رئيس البلاد « تحصل على مستند إثبات بتلقي المحكمة لها » ، متابعا أنّ « نقابة المحامين في تونس قامت بتكليف نائب عنها بمرافقة محامي الادعاء ساعة تقديم البلاغ للمحكمة و تحرير محضر في الغرض أقرت فيه كتابة المحكمة بتلقيها البلاغ » ، حسب قوله.

 

و استند بلاغ المعارضين السبعة على أحكام الفصل 269 من المدوّنة الجزائية التونسية الذي ينصّ على أنّ « الماسك للبضائع المُختلسة مسئولا عن التهريب » ، معتبرين في بلاغهم « اعتراف » المتهم « سيدريك » في القضية للبوليس الفرنسي بـ « مشاركة معز و عماد الطرابلسي صهرين الرئيس التونسي فيها » ، بأنّه « مستند إثبات على ارتكابهما جريمتي التهريب و السرقة  » ، على حدّ تعبيرهم .

 

و سبق للمصادر الحكومية في تونس أن نفت بشكل قطعي أي صدقية للأخبار التي أوردتها الصحيفة الفرنسية حول القضية .

 

لكنّ المعارضين السبعة اعتبروا في بلاغهم أنّ « تفنيد الأفعال المنسوبة لصهري الرئيس لا يمكن أن يتحقّق بمجرّد تصريح صحفي » ، حسب وصفهم .

 و كانت اليومية الفرنسية « لوفيغارو » قالت في تقرير حمل توقيع مُحرّرها « كريستوف كورنفان » في أحد أعدادها في الفترة الماضية ، « إنّ أبحاث الجندرمة البحرية لمدينة « تولون » الفرنسية مع عناصر في عصابة لسرقة وتهريب اليخوت السياحية الفاخرة قد أفضت إلى أنّه وقع التفويت فيها بتونس » .

 

و تابع التقرير أنّ « المتهم المقبوض عليه « سيدريك » قد أعترف بقبضه مبلغ 44 مليون يورو مقابل نقل اليخوت إلى تونس لصالح صهري الرئيس التونسي ، فيما روى متهم آخر كيف أنّ أحد أعوان الجمارك التونسية وضع يده ساعة النقل على إحدى الحقائب إلاّ أنّ عماد الطرابلسي دفعها و كان يتحدث باللسان العربي فما كان من رئيس العون الذي حل بالمكان إلاّ الاعتذار لصهر الرئيس والسماح بالدخول » ، على حدّ رواية التقرير الفرنسي .

 

وضمّت قائمة المعارضين السبعة د.المنصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية والعياشي الهمامي القيادي بالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و المختار اليحياوي رئيس مركز تونس لاستقلال القضاء و سهام بن سدرين وفتحي الشامخي و نزيهة رجيبة القياديين بالمجلس التونسي للدفاع عن الحريات و د.محمد الطالبي رئيس المرصد التونسي لحرية الصحافة و المحامي عبد الوهاب معطر.

 

* سجناء إسلاميون يواصلون الإضراب عن الطعام

 

من جهة أخرى ، أعلنت الجمعية الدولية لمساندة السجناء السياسيين في بيان لها عن « مواصلة السجناء السياسيين في سجن المهدية(14 كلم جنوب العاصمة) لإضراب مفتوح عن الطعام منذ الخامس من نوفمبر-تشرين الثاني الجاري » ، متابعة أنّهم « اتخذوا من الإضراب القاسي عن الطعام طريقا للاحتجاج على تواصل سجنهم منذ أكثر من 15 عاما » ، على حدّ وصف البيان .

 

و ضمّت قائمة السجناء المضربين عن الطعام في سجن المهدية حسب بيان الجمعية عددا من السجناء الإسلاميين في مقدّمتهم عبد الحميد الجلاصي و الهادي الغالي و بوراوي مخلوف و محمد صالح قسومة .

 

و كان الرئيس التونسي قد أقرّ في السابع من نوفمبر –تشرين الثاني الجاري إطلاق سراح أكثر من 50 سجينا إسلاميا ممّن حوكموا في قضايا حركة « النهضة » المحظورة ما بين سنة 1990 و 1992 ، و ذلك بمناسبة احتفالات البلاد بالذكرى 19 لتوليه الحكم إثر انقلاب 7 نوفمبر -تشرين الثاني عام 1987.

 

و كانت منظمة العفو الدولية قالت في بيان لها صادر في العاشر من نوفمبر –تشرين الثاني 2006 إنّها تبارك الإفراج عن هذا العدد من السجناء السياسيين ، إلاّ أنّها طالبت بالإفراج عن مئات آخرين ممّن تعتبرهم المعارضة في تونس سجناء سياسيين ، فيما تنفي الحكومة هذه الصفة عنهم و تعتبرهم سجناء حق عام .

 

محاكمة أحد الناشطين بتهمة تعنيف أعوان أمن

 

و في تطوّر آخر ، أعلنت محكمة مدينة بنزرت (60 كلم شمال العاصمة ) محاكمة أحد ناشطي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمدينة ، في جلسة الثلاثاء القادم 21 نوفمبر – تشرين الثاني 2006 .

 

ووجّهت المحكمة تهمة تعنيف أعوان أمن إلى عبد الجبار المداحي (40سنة) القيادي بفرع الرابطة بالمدينة .

 

و وصف فرع الرابطة في بيان له التهمة بأنّها « تأتي عقابا لعضو هيئة الفرع على نضالاته المتواصلة في مجال حقوق الإنسان » ، على حدّ وصف البيان .

 

و تابع البيان الذي حصلت « المصريون » على نسخة منه أنّ « المداحي رجل مريض و نحيف الجسم ومن غير المعقول أن يعتدي هو على 3 أعوان أمن في وقت واحد و الحال أنّه هو الذي تعوّد على اعتداء البوليس عليه بالعنف شأنه شأن عديد النشطاء  » .

 

فيما لم يتسنّ لنا الحصول على أي تعليق من الدوائر الحكومية في تونس على هذا الموضوع.

 

(المصدر: صحيفة « المصريون اليوم » بتاريخ 18 نوفمبر 2006)

الرابط: http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=26726&Page=5


 

تونس: محاكمة عشرات من «السلفية الجهادية»

تونس – الحياة

 

يمثل غداً 17 شخصاً أمام القضاء في العاصمة التونسية بتهمة «الانتماء إلى شبكة إرهابية»، على خلفية اعتزامهم الإنضمام إلى «المقاومة العراقية»، وبينهم طالب قُتل شقيقه العام الماضي في الفلوجة. ويحاكم المتهمون بموجب قانون «مكافحة الإرهاب» الذي سنّه البرلمان العام 2003 وعارضه قانونيون ومنظمات حقوقية اعتبروه «مهدداً للحريات».

 

وبين المعتقلين الطالب ماهر بزيوش الذي قُتل شقيقه مروان في العراق العام الماضي خلال معارك في الفلوجة. وأفاد محامون أن أحد المتهمين سلمته ليبيا، فيما سلمت الجزائر عدداً لم يتسن تحديده من المتهمين لدى محاولتهم السفر إلى العراق عبر الجزائر.

 

وأحيل أمس 11 شخصاً آخرين على القضاء بموجب تهم تتعلق بالتخطيط للانضمام إلى المقاومة العراقية، بينهم ثلاثة يُحاكمون غيابياً بعدما فروا ويُعتقد أنهم وصلوا إلى العراق. وقررت المحكمة إرجاء القضية إلى الشهر المقبل استجابة لطلب الدفاع. لكنها رفضت الإفراج موقتاً عن المتهمين.

 

وكانت محكمة الدرجة الأولى في العاصمة تونس قررت مطلع الشهر سجن أربعة متهمين ستة شهور ووضعهم قيد الرقابة الإدارية خمسة أعوام بعد انقضاء محكومياتهم، فيما قضت بسجن خمسة آخرين اعتبروا فارين من القضاء 24 سنة. وأفاد محامون ترافعوا أمام المحكمة أن بعض الملاحقين غيابياً موجود على «لائحة شهداء المقاومة في العراق».

 

وأشاروا إلى أن الذين مثلوا أمام القاضي دينوا «لامتناعهم عن الإدلاء بمعلومات عن زملائهم الذين التحقوا بصفوف المقاومة».

 

وحاكمت محكمة الدرجة الأولى في العاصمة تونس قبل اسبوعين 7 شبان بتهمة الانتساب إلى جماعة إرهابية. وقررت إرجاء مناقشة الملف إلى 16 الشهر المقبل. وفي سياق متصل، مثل الثلثاء أمام القضاء 12 متهماً في قضايا مشابهة. وأرجأت المحكمة البت في القضية.

 

ولوحظ أن عدد المحاكمات التي تطاول شباناً متهمين بالانتماء إلى تيار «السلفية الجهادية» الذي لم يكن معروفاً في تونس من قبل، ما انفك يتزايد. وطبقاً لتقديرات «هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات»، وهي تحالف يضم شخصيات سياسية ومسؤولين في منظمات أهلية، تجاوز عدد المعتقلين في الملاحقات المتصلة بالتطوع للقتال في العراق 300 عنصر.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 19 نوفمبر 2006)


 

فيلم تونسي عن الإرهاب يحصد التانيت الذهبي في مهرجان قرطاج السينمائي

 

تونس (رويترز) – فاز فيلم (اخر فيلم) الذي يتحدث عن الارهاب للمخرج التونسي النوري بوزيد الليلة بجائزة التانيت الذهبي للدورة 21 من مهرجان قرطاج السينمائي في تونس.

 

وأعلنت لجنة التحكيم التي يرأسها الروائي اللبناني الياس خوري وتتكون من ستة أعضاء من بينهم الممثلة التونسية هند صبري عن فوز فيلم (آخر فيلم) بجائزة التانيت الذهبي وقدرها 20 الف دينار تونسي (17 الف دولار).

 

وحضر حفل اختتام المهرجان عدد من النجوم من بينهم عازف العود العراقي نصير شمة.

 

بهذا التتويج الجديد يعادل النوري بوزيد انجاز المخرجين السوري محمد ملص والجزائري مرزاق علواش اللذين فازا بالتانيت الذهبي للمهرجان في مناسبتين.

 

وقال بوزيد لرويترز عقب تتويجه بالتانيت الذهبي « هذه الجائزة هي جائزة الانتصار على الخوف وحرية التعبير » واضاف « هو انتصار على خوف اصحاب الافكار الراكدة التي آن الأوان ان تتحرك ».

 

كان فيلم (الملائكة لا تحلق فوق الدار البيضاء) قد فاز بجائزة التانيت الذهبي خلال الدورة التي أقيمت عام 2004. وجائزة التانيت الذهبي هي رمز المهرجان وهي اسم إلهة فينيقية ترمز للتناسل والحصاد.

 

ونال جائزة أفضل ممثل الممثل التونسي لطفي العبدلي عن دوره في فيلم (آخر فيلم) وجائزة أفضل ممثلة للمغربية ثريا علاوي عن دورها في فيلم (طرفاية).

 

واهدى العبدلي جائزته « لكل المبدعيين الذين يكافحون من اجل ابداع حر ».

 

واحرز فيلم (دارات) للمخرج صالح هارون من الصومال الجائزة الثانية المعروفة بالتانيت الفضي.

 

وتنافس 15 فيلما للفوز بجوائز مهرجان قرطاج الذي بدأ يوم السبت الماضي بمشاركة 58 بلدا بينهم 12 بلدا عربيا و30 بلدا افريقيا.

 

وفي مسابقة الافلام القصيرة نال الجائزة الاولى فيلم (حافظ على هدوءك) للمخرجة الفلسطينية سماح الزوابي وتبلغ قيمة هذه الجائزة 10 الاف دينار (8.7 الف دولار).

 

ونال فيلم (من وقت لم تكن هنا) للمخرج الفلسطيني محمد بكري الجائزة الاولى في مسابقة قسم الفيديو وقيمتها (8.7 الف دولار) ايضا.

 

وقال بكري عند تسلمه الجائزة « مثلما انتصرنا على شارون سننتصر على خليفته ». وقاطعه الحاضرون بالتصفيق الحار.

 

ويروي فليم (آخر فيلم) الفائز بالجائزة الكبرى في المهرجان والذي أثار جدلا واسعا قصة شاب يدعي (بهتة) يعيش في حي شعبي يهوى اشكال من الرقص والغناء الغربي ويحلم بالهجرة لاوروبا بكل الوسائل لتحسين وضعه المادي.

 

ويركز الفيلم الذي دام قرابة ساعتين في معظمه على كيفية تخطيط مجموعة اسلامية متشددة لاستقطاب الشاب الذي يعاني من مشاكل تتعلق بوالده لان الشاب عاطل. وتبدأ هذه المجموعة في التأثير عليه بكلمات رنانة مثل « الجهاد والكفار والشرف والفدائي وشهيد الأمة » بعد مشاهدته لفيلم لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بعد تفجيرات 11 سبتمبر ايلول.

 

ولعل من ابرز اللقطات إثارة للجدل في الفيلم تعمد المخرج بث لقطات وقعت خارج الفيلم ونقلها كما هي وتتضمن نقاشا حادا بين بطل الفيلم ومخرجه حول الموضوع.

 

وفي إحدى هذه اللقطات يحتج بطل الفيلم ويرفض مواصلة العمل ويقول للمخرج « هل أنت بفيلمك هذا تستخدمني لمحاربة المسلمين؟ » بينما يحاول المخرج إقناع البطل انه ليس ضد الاسلام الحق بل ضد خلط الدين بالسياسية.

 

وفيما يلي نبذة عن الافلام الفائزة في الدورات العشرين السابقة بجائزة التانيت الذهبي الكبرى للمهرجان الذي تأسس عام 1996 والذي يقام كل عامين.

 

1966. فيلم (سوداء) للمخرج صامبي عصمان من السنغال.

1968. حجبت الجائزة.

1970. فيلم (الاختيار) للمخرج يوسف شاهين من مصر.

1972. فيلم (دوبز) للمخرج توفيق صالح من سوريا وفيلم (صامبي زانجا) من الكونجو.

1974. فيلم (كفر قاسم) للمخرج برهان علاوي من لبنان.

1976. فيلم (السفراء) للمخرج ناصر القطاري من تونس.

1978. فيلم (مغامرات البطل) للمخرج مرزاق علواش من الجزائر.

1980. فيلم (عزيزة) للمخرج عبد اللطيف بن عمار من تونس.

1982. فيلم (رياح) للمخرج سليمان سيسي من مالي.

1984. فيلم (احلام المدينة) للمخرج محمد ملص من سوريا.

1986. فيلم (ريح السد) للمخرج النوري بوزيد من تونس.

1988. فيلم (عسل في الخليل) للمخرج ميشال الخليفي من فلسطين.

1990. فيلم (حلفاوين) للمخرج فريد وغدير من تونس.

1992. فيلم (الليل) للمخرج محمد ملص من سوريا.

1994. فيلم (صمت القصور) للمخرجة مفيدة التلاتلي من تونس.

1996. فيلم (سلام) للمخرج مرزاق علواش من الجزائر.

1998. فيلم (العيش في الجنة) للمخرج بوعلام قرجو من الجزائر.

2000. فيلم (دولي) للمخرج امونجا ايفونجا من الجابون.

2002. فيلم (ثمن العفو) للمخرج منصور صورا وادي من السنغال.

2004. فيلم (الملائكة لاتحلق فوق الدار البيضاء) للمخرج محمد عسلي من المغرب.

 

من طارق عمارة

 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 19 نوفمبر 2006)


 

 

لجنة تحكيم تطالب بفصل مهرجان قرطاج السينمائي عن وزارة الثقافة

 

تونس (رويترز) – عبرت لجنة تحكيم المسابقة الرسمية بمهرجان قرطاج السينمائي عن دهشتها من أن أعرق مهرجان سينمائي في افريقيا والعالم العربي ليس مستقلا وطالبت بانفصاله عن وزارة الثقافة.

 

وقال الروائي اللبناني الياس خوري رئيس لجنة التحكيم التي عادة ما تمتنع عن اصدار توصيات للحاضرين ليل السبت في حفل اختتام المهرجان « توقفنا بدهشة (أمام حقيقة) ان ايام قرطاج السينمائية ليست مستقلة عن وزارة الثقافة ».

 

وتشرف وزارة الثقافة المحافظة على التراث في تونس على مهرجان قرطاج الذي تأسس عام 1966 لدعم سينما بلدان جنوب المتوسط.

 

واضاف خوري في حضور وزير الثقافة التونسي محمد العزيز بن عاشور قائلا « تأمل لجنة التحكيم ان يتحول المهرجان الى مؤسسة مستقلة بذاتها لكن تحظى دائما بالدعم الرسمي ».

 

وتخصص وزارة الثقافة للمهرجان اعتمادات ضخمة تصل الى أكثر من مليون دولار.

 

وقال نقاد سينمائيون في تونس ان تخلي الوزارة عن الاشراف عن المهرجان سيتيح حرية اكثر لادارة المهرجان في اختيار الافلام وطرق انجع للعمل مثلما هو معمول به في تظاهرات عالمية مثل مهرجان كان.

 

كما انتقد رئيس لجنة التحكيم الرقابة التي تفرضها عدة بلدان عربية على المنتجات الثقافية في الدول العربية.

 

وقال « ان الخطر الكبير الذي يهدد ثقافتنا العربية والافريقية هو خطر الرقابة والفن هو بابنا للحرية والديمقراطية ».

 

ومضى يقول  » الفن اسم اخر للحرية بل هو انبل اسمائها ».

 

واختتم مهرجان قرطاج السينمائي ليل السبت بمنح فيلم ( اخر فيلم) للمخرج النوري بوزيد من تونس جائزة التانيت الذهبي الكبرى وتبلغ قيمتها 17 الف دولار.

 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 19 نوفمبر 2006)


 

 

«مسيلمة كذاب» جديد يظهر في مدنين :

يزعم أنه «المهدي المنتظر» ويعد أتباعه بـ «شاشة إلهيّة» تظهره لكل العالم!

 

* مدنين ـ «الشروق» :

 

* «كذاب.. مشعوذ.. مريض»

تلك هي التعاليق التي سمعناها في مدينة مدنين وبعض مناطق الولاية عندما كنا نسأل عن حقيقة الرجل الذي ادعى النبوة وزعم أنه «المهدي المنتظر» وسعى الى جمع أتباع من حوله(!).

في البدء، تناقل بعضهم حكاية الرجل، وكانوا يسخرون منه مما دفع الى الاعتقاد بأن المسألة لا تخرج برمتها من دائرة الشائعات التي تطلق بين الحين والآخر لسبب أو لآخر.

ولكن، الحكاية انتشرت شيئا فشيئا، وباتت في صدارة أحاديث أهالي عدة مناطق بالجهة وكانوا يتحدثون عنها باستهزاء لا غبار عليه.

فما حقيقة الرجل؟ وماذا فعل؟

الذين سألناهم عنه قالوا لنا إنه يقيم بمعتمدية بني خداش وإنه قد جمع من حوله مريدين وأتباعا.

وزادوا، فقالوا إنه دجال ويتعاطى الشعوذة.

تحولنا الى بني خداش لنسأل عنه ونستقي المزيد من المعلومات ولنحاول الالتقاء به.

ولكن، هناك قال لنا أكثر من واحد إنه انتقل الى مدينة مدنين رفقة ثلة من أتباعه، فعدنا الى المدينة نبحث عنه ونسأل الى أن حالفنا الحظ فالتقينا أشخاصا حاول مدعي النبوة أن يقنعهم «بالدين» الذي «يبشر» به ليجرهم الى صفه فيكونون من الأتباع (!)

 

* كذبة أولى

وهؤلاء حدثونا عنه فقالوا إنه أصيل مدينة تقع بولاية تطاوين ويبلغ من العمر 55 عاما تخلى عن زوجته وأبنائه منذ سنة 2001 وانتقل من مسقط رأسه الى منطقة «قصر الحلوف» بمعتمدية بني خداش حيث أقام لدى احدى العائلات وبعد مدة انطلق في ترويج ادعاءاته زاعما أنه «المهدي المنتظر». وحتى يقنع الناس بأنه «المهدي المنتظر» كان يخاطبهم بفصاحة وكان يتوخى أساليب استقطاب خاصة، ثم صار ينظم حلقات دروس يحضرها من اقتدى به من ضعاف النفوس وكان يحدثهم دائما عن اليوم الذي سيأتي آجلا آم عاجلا والذي سيراه فيه كل العالم من خلال الشاشة الالهية، كما يزعم(!!) ولم يغفل النبي المزعوم عن إيهام الناس بأنه قادر على معالجة الأمراض المستعصية ليتحيل عليهم(!).

وهنا، يقول الذين سعى الى استقطابهم والتحيل عليهم إنه أشاع ذات مرة أن الطوفان قادم ونصح الجميع بأن يتزودوا بكل ما يحتاجونه طوال عدة أشهر من مواد غذائية وماء.

ولكن، شيئا لم يحدث ومر اليوم الذي قال إن الطوفان سيحدث فيه دون أن تنزل من السماء قطرة ماء واحدة.

 

* مخرّب بيوت

ومن الحكايات التي سمعناها ما يؤكد أنه مجرد دجال ومشعوذ. فقد قيل لنا إنه تسبب في طلاق زوجين لهما أبناء فهدم عشهما بعد أن كانا يعيشان في انسجام ووئام.

وفعلا، حدث ذلك وكان لمسيلمة الكذاب دور فيه.

فقد التقينا الزوج المطلق وهو السيد «ميلود القاسيم» المقيم بمدينة مدنين والبالغ من العمر 56 عاما، فقال بعد أن أجهش بالبكاء إن الدجال قد خرّب بيته وشتت عائلته.

ومضى السيد ميلود، وهو عامل يومي، راويا ما حدث فقال «كنت أعيش حياة هانئة سعيدة مع زوجتي وهي ابنة عمي ومع أبنائي الستة وكان الدجال يقيم لدى أصهاري وقد آثر عليهم جميعا فآمنوا به «وبدينه».

وبحكم أن زوجتي وابنائي كانوا يترددون على بيت أصهاري تمكن من التأثير عليهم هم أيضا عدا ابني الأكبر الذي لم يقتنع به وبدينه، فانقطع عن زيارة بيت جده وهو يعيش معي الآن.

أما البقية فقد هجروا البيت وأصبحوا من أتباع الدجال، فحاولت اقناعهم بالتراجع عن ذلك لأنه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم ولكن دون جدوى لأن زوجتي أصرّت على موالاته وأكرهتني على الطلاق».

شهادة السيد ميلود تكفي وحدها لتقدم الدليل القاطع والبرهان الساطع على أن الرجل مشعوذ ودجال وفوق ذلك مخرب بيوت، فهل هذه الصفة الأخيرة من صفات الأنبياء؟

 

* دجال.. كاذب

نطرح السؤال ونمر لنستمع الى شهادة أخرى هي شهادة التاجر «هـ.ق» (37 عاما) وهو الآخر يقيم بمدينة مدنين.

يقول هذا التاجر وفي كلامه استهزاء بيّن وواضح: «كنت من أول الذين سمعوا بحكايته بحكم أنني كنت أقيم بجوار العائلة التي كان يقيم لديها وكنت أحضر حلقات الدروس التي كان نظمها وكان يحضرها حوالي 25 شخصا، وقد لاحظت أنه يمتاز بفصاحة لغوية رهيبة ومتمكن من قواعد اللغة وكان يدعي باستمرار أنه يعطي الحكمة الى الأطفال الصغار. أما الكبار فيجب عليهم أن يسعوا بأنفسهم للوصول الى درجة الحكمة.

وعندما نؤدي الصلاة كنا نتجه نحو الغرب ونعتمد على أذان مكة الذي لا يسمعه الا أصحاب الحكمة أي الأطفال الصغار كما يزعم.

وأثناء الصلاة كنا نسمعه يقول «اللهم صلي وبارك على سيدنا المهدي» وكان يقول لنا إن النجوم تحيّينا من حين الى آخر وتدنو منا فكنا نمعن فيها النظر جيدا لأننا كنا نعتقد أنها تقترب منا فعلا».

ويضيف محدثنا بعد ابتسامة سخرية فيقول «كنا يحدثنا دائما عن يوم سيأتي وستظهر فيه شاشة الهية عالمية عملاقة يشاهده عليها كل العالم ولكن حين أيقنت من أنه دجال يحاول استغلال بعض البسطاء واجهته أمام الجميع وكذّبت ادعاءاتته، فكان ان رفتني وأمرني بأن أنسحب من المجموعة، فانسحبت وهو ما كنت سأفعله من تلقاء نفسي لكوني لم اقتنع به وبدينه».

 

* صنيعة الشيطان

وهذه شهادة أخرى تبرهن مثلها مثل بقية الشهادات الكثيرة التي سمعناها ولا يسمح المجال لاستعراضها كلها على أن الرجل ليس في واقع الأمر سوى نسخة مشوهة من «مسيلمة الكذاب» حتى لا نقول إنه مريض.

ولسنا نقول هذا من باب الرجم بالغيب وإنما نقوله استنادا الى حجج تبدت في ما رواه لنا الذين سمعناهم ممن عايشوا الرجل عن قرب أو كانوا من «مريديه» و»أتباعه».

ونقوله استنادا الى ديننا الحنيف وشريعتنا السمحاء والدين والشريعة تعلمنا منهما وحفظنا عن ظهر قلب أنه لا نبي بعد خاتم الأنبياء سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. والدين، كما قال لنا أحد المشائخ بمدينة مدنين، بريء من هذه المزاعم وبريء من هذا الدجال.

ويضيف الشيخ لاعنا الشيطان الذي أثر على الرجل وزيّن له أن يدعي ما ادعاه أن المسألة كلّها ليست سوى ضرب من ضروب الشعوذة والتأثير النفسي وأنه من المحتمل أن يكون النبي المزعوم ومسيلمة الجديد ممن يستعينون بشياطين الجن.

ويبدو الأمر كذلك فعلا، فهناك قناعة لدى كل من سمع الحكاية بأن الرجل كذّاب ودجّال ويستعين بالجن ولذلك لم يصدقه الا نفر قليل ممن أثر عليهم نفسيا وهم من ذوي المستويات الثقافية والتعليمية البسيطة.

ويبقى الحسم في المسألة، في النهاية، موكولا الى السلط المعنية التي تتعامل الآن مع الموضوع بكل ما يقتضيه واجب الحرص على القضاء على الظواهر الخارجة عن الشريعة السمحاء والقانون وبكل مسؤولية.

ولا شك أن حكاية الدجال وأتباعه ستكون لها في الأيام المقبلة تداعيات تقلب حسابات المجموعة رأسا على عقب فيرون عندها أي منقلب ينقلبون.

ولعل حكاية هذا الدجال وأتباعه البسطاء السّذج تذكرنا جميعا بدجال ظهر منذ سنتين تقريبا في ولاية صفاقس، زاعما أنه المهدي المنتظر، فلما بلغ مراده وجمع حوله أتباعا تحيل عليهم بمساعدة امرأة وهما الآن في «جنة» أخرى غير الجنة التي كان يعد بها.. إنها خلف أسوار السجن.

 

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 19 نوفمبر 2006)

 


 

تصويب و إعتذار إلى كل من الصحفي المعروف عم ر صحابو و إلى أسرة تونس نيوز

بسم الله الرحمان الرحيم أسرة تونس نيوز و الأخ عمر صحابو تحية طيبة مباركة و بعد كنت تفطنت بعد  نشركم لمقالي آفاق الوضع الساسي بتونس يوم السبت 18نوفمبر  2006أني هضمت حق الصحفي المعروف عمر صحابو حينما نسبت سهوا وخطأ إحدى ألأسباب الثلاثة (لإعلان إ السيد عبد العزيز بن ضياء المستشار و الناطق الرسمي بإسم الرآسة  رغبة رئيس تونس الترشح لإنتخابات الرآسة 2009) ِوهو السبب ألأولِ إلى السيد محمد المستيري والصحيح أن الفكرة منقولة عن السيد عمر صحابو فمعذرة للأخ الكريم. أما السهو الثاني فهو خطئي في إعطاء العدد الصحيح الذي نشر فيه مقال السيد صحابو من جريدنا تونس نيوز حيث أن المقال الذي وردت فيه الفكرة ليس منشورا بتاريخ 14نوفمبر 2006كما ورد في مقالي و إنما بتاريخ 13نوفمبر و عنوانهUn démenti qui ne dément rien  فمعذرة إلى أسرة تونس نيوز و إلى القراء و دمتم بخير و السلام عليكم و رحمة الله رجائي أن تتفضلوا بنشر هذا التصحيح و ألإعتذار و جازاكم الله خيرا أخوكم عبد الرحمان الحامدي سويسرا

 

عـودة إلى مسألة المعارضة للنظام والأخلاق الإسلامية.. مـرة ثانية

بقلم: ذو العينين

 

1-   شكرا للسادة العربي القاسمي وبوكثير بن عمر والسيدة « تونسية » والسيد عبد الحميد العداسي والسيدة « أم أسامة » على قراءتهم وتفاعلهم مع المقال القصير الذي نشرته في عدد تونس نيوز الغراء المؤرخ في 14 نوفمبر 2006.

2-   أؤكد للجميع احترامي الشديد لما يقوم به كل فرد ومجموعة ومنظمة وحزب وجماعة من أجل الدفاع عن الحريات وحماية الحقوق وإطلاق سراح المساجين والمطالبة بعودة المغتربين وإقرار دولة الحق والعدل والقانون في البلاد التونسية.

3-   أدعو الجميع إلى إعادة قراءة مقالي بتأن وتمهل وأطلب منهم أخذه على محمل النصيحة الصادقة (من باب رحم الله امرأ أهدى إليّ عيوبي مثلا) وأحثهم على الإبتعاد قدر الإمكان عن محاولة التفتيش في النوايا التي لا يعلم بها إلا الخالق عز وجل.

4-   أسجل بكل ارتياح أن السيدين العربي القاسمي وبوكثير بن عمر اللذين كانا حاضرين في التجمع يوم 11 نوفمبر 2006 أمام السفارة التونسية في مدينة برن بسويسرا قد وافقا على « أن هناك شعارا أو 2 غير ملائمين » (السيد القاسمي)، كما أسجل أن الشعار الأول (مـــلاّ خــزي و مــلا ّعــار وُوه وُوه عــلى النـظـام) « لم يقع ترديده إلا من نفر يعدون على أطراف اصابع اليدين » (السيد بوكثير) بل إن الشعار الثاني أي (مـلاّ خـزي ومـلا عـار تـفوه تـفوه على الـنظـام) « لم يردد جماعيا أبدا. وشهادة لله أني سمعتها من واحد وقف عن يميني فالتفت إليه ورجوت منه أن لا يعيدها والأكيد أنه من كان على بعد أمتار لم يسمعها » مثلما ورد في مقالة السيد بوكثير بن عمر. لذلك أعتقد لو أن السيد بوكثير تدخل فور نشر مقالة السيد مباركي في موقع الحوار.نت وطلب نشر التصحيحات التي أوردها في مقالته وشهادته المباشرة عما حدث لكان سببا في وضع الأمور في نصابها وتصحيح الرؤية لأمثالي من المتصفحين للمواقع التونسية على بعد آلاف الكيلومترات من موقع الحدث.

5-   أرجو من السادة والسيدات الكتاب عدم الخلط بين الأمور. فأنا لم أكتب مقالي القصير لأوجه الشكر إلى الذين قاموا بالتجمع أمام مقر السفارة (فهم لم يقوموا إلا بما يعتقدون أنه واجب عليهم لذلك فهم فلا يستحقون عليه مديحا أو شكرا أو تنويها من أحد)، كما أنني لم أحرره في سياق التنديد بممارسات النظام الحاكم في تونس السخيفة والعدوانية والظالمة، بل إنني كتبته في سياق رد الفعل على ما اعتبرته شخصيا ظاهرة غير صحية تتنافى مع الأخلاق الإسلامية الرفيعة وتُسيء إلى العمل النضالي السامي وتؤشر لسلوكيات غير مقبولة وغير سليمة برأيي من طرف أشخاص وصفهم السيد العربي القاسمي بأنهم من « رجالات تونس الذين قضوا بضع سنين من أغلى سني أعمارهم في سجون الظلم و القهر في تونس دون أن تلين لهم شكيمة ودون أن يساوموا على المبادئ و دون أن يبدلوا و لا يغيروا ثابتين على الحق مدافعين عن كرامة تونس وعزتها و حريتها ».

6-   لقد كشفت معظم الردود التي نشرت على مقالتي القصيرة عن وجود مشكلة حقيقية وخطيرة جدا برأيي المتواضع. لقد اعتبر البعض أنني « بالغتُ في الأمر وعممتُ وبنيتُ حقيقة من فراغ وقبة من حبة »، وذهبت السيدة « تونسية » إلى أنني من الذين « لا يبحثون في كل عمل إلا على الأخطاء ثم يضعوها في غير موضعها »، بل لم يتردد السيد بوكثير في توجيه الإتهام الصريح بأن ما كتبتُه كان « بروح  التنفير ونشر الغسيل والتشهير أو الإستنقاص  والإستهجان أو النكاية جراء عدم توافق في توجه فكري ما أو ما شابه » (و لا أدري من أين اطلع الأخ الكريم على سُـويداء قلبي وكيف عرف أن ما كتبته ناجم عن عدم توافق في توجه فكري.. ومع من بالمناسبة؟ )، ثم ختم بالقول الحاسم « فهذا ينجر عنه تتبع عورات الناس ولا سيما المسلمين عبر المثقاب أو المجهر وهنا يكون الوقوع في المحظور »!!.. تتمثل المشكلة الخطيرة في التالي: ما الذي حدث ليُقال كل هذه الكلام ولتوجه كل هذه الإتهامات؟ لقد انطلقت المسالة إثر نشر أحد المشاركين في تجمع احتجاجي دعت إليه جمعية سويسرية (معظم أعضائها من اللاجئين الإسلاميين المقيمين في سويسرا) تقريرا عن مجريات الحدث. هذا التقرير المنشور للعموم تضمن توصيفا لما جرى ونقلا لبعض الشعارات التي رفعت من طرف المشاركين فيه. كاتب التقرير أبرز بلون خاص وكتابة واضحة شعارين محددين. باعتباري مواطنا تونسيا ومتابعا للشأن العام، نشرت مقالة قصيرة ضمنت فيها رأيي وتقييمي الخاص للشعارين اللذين رأيت فيهما تدنيا أخلاقيا عما يجب أن يتحلى بها المعارضون التونسيون والإسلاميون منهم بصفة خاصة. هذا كل ما حدث. وهو يُسمى أيها السادة: الحق في حرية الرأي والتعبير. فمن حقي التام والمطلق أن أعلق على حدث عام وعلني وعلى تقرير منشور للجمهور وأن أبدي رأيي في جزئية من جزئياته أو في كل ما يتعلق به. أيها السادة: هذا لا يُسمى « تتبع عورات المسلمين » !! هذا يُسمى ممارسة الحق في التعبير والنقد والمساءلة، وليس هذا بحثا عن الأخطاء وتصيدا للهفوات. إن كل جهة تنخرط في العمل العام وتتصدى لتحمل أعباءه على ساحة من الساحات يجب أن تكون مستعدة لتقبل النقد واللوم والإنتقاد ولكل أصناف المحاسبة والسؤال والمساءلة ومن طرف أي كان. هذا أمر طبيعي جدا وعادي جدا في الديمقراطيات الغربية التي يعيش فيها التونسيون المهاجرون أو المُهجُرون أو المغتربون طوعا أو كرها عن وطنهم. فكل شخصية أو هيئة عمومية تخضع يوميا أو دوريا لمساءلة وسائل الإعلام والأطراف السياسية والإجتماعية والقانونية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني والمواطن العادي. هذه حقوق بديهية وأمور عادية تُمارس بكل أريحية كل يوم ولحظة في شتى مناحي الحياة في البلدان الغربية التي منحت المئات من التونسيين اللجوء والإقامة والأمن والرعاية رغم اختلافها الفكري والعقائدي الشديد القائم بينها وبيننا. فلماذا تُصبح أيها السادة عندما أمارسها أنا – المواطن البسيط التونسي العربي المسلم –  « مبالغة وتعميما وبناء حبة من قبة »، بل نوعا من أنواع « الجهر بالسوء »، حسب رأي السيد العربي القاسمي الذي قال بالحرف إنني « قد خذلتهم وناصرت عدوهم عدو الإسلام والمسلمين » (هكذا!). هذه مشكلة خطيرة جدا: إن الذي يمارس المعارضة في البلدان الديمقراطية ويطالب بإقرار حرية الملبس والتعبير والتفكير والتنظم والإجتماع في بلاده التي ترزح تحت كلكل الديكتاتورية لا يمكن له – من الناحية الأخلاقية والقيمية البحتة – أن يتعامل بهذا القدر الهائل من التشنج والغضب والإتهام مع تعبير عن رأي حرص صاحبه على أن يمارسه بكل أدب واحترام.

7-   أخيرا، اكتشفت من خلال الردود المنشورة – بكل أسى وأسف وألم – أنني كنت مغفلا كبيرا بل وساذجا من طراز رفيع عندما صدقتُ ما سمعت وقرأت عنه في الأدبيات المنشورة والكتب المطبوعة من أن المقاييس الأخلاقية والسلوكية الرفيعة هي التي تميز أبناء الحركة الإسلامية عموما والتونسية خصوصا وتؤهلها بنظر البعض من الباحثين والمطلعين لأن تكون البديل المقبل للأنظمة المتكلسة والفاشلة والفاسدة التي تحكم بلدان العرب والمسلمين منذ مغادرة قوات المستعمرين لأراضيها. عندما أقرأ لسيدة « تونسية »: (أقولها وبأعلى صوتي تفوه تفوه على النظام)، وعندما يلومني السيد عبد الحميد العداسي على (استكثاري « الووه والتفوه »)، وعلى أنني « جعلتهما أعمال مُخرجة من نطاق تحمّل الأمانة »، أو عندما يوازي السيد بوكثير بن عمر بيني وبين « من أفتى بنجاسة نهر من قطرة بول » ويؤكد على أن هذه الألفاظ « تخلو من بذيء القول »أجد نفسي مضطرا للتكرار مرة أخرى أن ما قلته ليس اتهاما لكل الإسلاميين بالإنحدار الخلقي بل استهجانا مني لصدور مثل هذه الألفاظ والتعابير عن مناضلين ومناضلات من ذوي الأخلاق الرفيعة. إنني مصر على القول بأن صدمتي كانت حقيقية وبأن التربية التي تلقيتها داخل أسرتي وعلى يد المعلمين والمدرسين والأساتذة والشيوخ الذين تتلمذت عيهم تحول بيني وبين تقبل صدور مثل هذه الألفاظ والتعابير من أبناء الحركة الإسلامية مهما كانت المبررات والتعلات. كما إنني متمسك برأيي الشخصي الذي أذهب فيه إلى أن المقاييس الأخلاقية الرفيعة جدا والممارسات الأخلاقية السامية جدا والصرامة الشديدة في فرض احترامها والتمسك بها هي صمام الأمان لمعارضي اليوم الذين سيفقدون أهم ما يُرشحهم للتمكين في الأرض إن تهاونوا مع أنفسهم ومع أنصارهم وأتباعهم في هذه المسألة الحيوية والمصيرية. قد يذهب كثيرون إلى أن الوُوه والتفوه مسائل تافهة جدا وبسيطة جدا وهينة جدا بل وعادية جدا في الوسط التونسي بشكل عام حيث تدنى المستوى الأخلاقي إلى دركات يصعب تخيلها وقد يرى البعض الآخر أن هذه قضية مفتعلة يُراد بها التشويش على المسيرة الظافرة لقوى التغيير الحقيقية المنشغلة بالقضايا الإستراتيجية من قبيل التحالف مع مكونات الساحة الوطنية لفرض الحقوق والحريات وإعداد المؤتمر الوطني الذي سيحدد البديل السياسي والمجتمعي للنظام القائم. قد يكون كل هذا صحيحا وقد أكون مخطئا على طول الخط وعرضه ولكن هذا مجرد رأي أعبر عنه وأتمسك به في ظل ما رأيناه وسمعناه وشاهدناه خلال العشريتين الماضيتين من الحوادث الهائلة والمصائب العظمي التي حدثت بين إسلاميي السودان بعد وصولهم إلى الحكم وفصائل إسلاميي سوريا قبل وبعد مذبحة حماة والأحزاب والفصائل الإسلامية في الجزائر قبل وبعد انتخابات ديسمبر 1991 وإسلاميي العراق (شيعة وسنة) بعد سقوط نظام صدام حسين. ويدري العارفون أن معظم النار من مُستصغر الشرر.

 

أخيرا كلمة أوجهها إلى الجميع وإلى السيد عبد الحميد العداسي الذي تساءل: « وهل يُعاب علينا من باب أولى إذا ردّد منّا إخوة وأخوات مغلوبين مظلومين: مـــلاّ خــزي و مـــلا ّعــــار وُوه وُوه عــلى النــــــظــــــام … مــلاّ خــزي و مــــلا عــــار تـــفوه تـــفوه عـــلى الـــنظــام… « 

 

قد لا يعيب عليكم أحد أن تقولوا هذا الكلام وأشنع منه وأبشع، فأنتم أحرار في أن تقولوا ما تريدون وفي أن تفعلوا ما تشاؤون وفي أن تتصرفوا بالطريقة التي ترون، ولكنني أذهب – وهذا رأيـي الخاص الذي أتمسك به – إلى أن المعارضين الجديين الطامحين إلى التغيير الحقيقي الذين يرضون لأنفسهم بالنزول إلى هذا المستوى (الذي أصر مرة أخرى على أنه لا يليق بالمناضلين الشرفاء وخاصة إذا ما انتسبوا إلى الإسلام العظيم وإلى الحركة الإسلامية المجاهدة) سيفقدون الأهلية الأخلاقية لخلافة النظام الحالي وللتقدم للشعب التونسي كمرشحين لأن يكونوا بديلا عنه.

 

ختاما، أشكر تونس نيوز على سعة صدرها وأرجو من الله تعالى أن أكون وُفقت هذه المرة في شرح المقصود من كلامي وأورد في نهاية هذه المقالة بعض التعاليم الإسلامية في مجال اللسان وآدابه التي كنت أعتقد أنها من المعلوم من الدين بالضرورة لدى إسلاميي بلدي وأسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

 

يقول الله عز وجل: إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد [ق:17-18].

 

روى الإمام أحمد والترمذي عن بلال بن الحارث رضي الله عنه قال :

قال رسول الله : ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى بها عليه سخطه إلى يوم يلقاه )).

 

كان علقمة رحمه الله وهو أحد رواة هذا الحديث يقول: (كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث) فكان يمتنع عن كثير من الكلام حتى لا يسجل عليه قول أو ترصد عليه كلمة من اللغو الذي لا فائدة فيه: قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون  والذين هم عن اللغو معرضون[المؤمنون:1-3].

 

يقول رسول الله : ((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) رواه البخاري ومسلم.

 

وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد: ((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ))

 

وروى الترمذي عن رسول الله قال: ((إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان تقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت  اعوججنا )).

 

روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله  قال: ((أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: المفلس من أمتي من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ))

 

ورد في « الصحيحين  » من حديث أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : « إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات وان العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم «  

قال رسول الله عليه وسلم: « يا معاذ كف عنك هذا وأخذ بلسانه .. وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم  » …..

 

يقول رسول الله : ((سباب المسلم فسوق )) رواه البخاري ومسلم.

 

وفي الحديث الذي يرويه البيهقي: ((إن العبد ليقول الكلمة لا يقولها إلا ليضحك بها المجلس يهوى به أبعد ما بين السماء والأرض، وإن المرء ليزل عن لسانه أشد مما يزل عن قدميه ))

 

ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((إياكم والفحش فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش ))

 

ويقول فيما روى الترمذي: ((ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء ))

 

ويقول  فيما يرويه البخاري: ((وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم ))

 

ولعظم هذا الآمر فقد ضرب السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أروع الأمثلة في حفظهم لألسنتهم:

 

فهذا أبو بكر صديق هذه الأمة رضي الله عنه يمسك بلسانه ويقول: » هذا أوردني الموارد »

 

وقال ابن بريده : رأيت ابن عباس أخذا بلسانه وهو يقول : ويحك قل خيرا تغنم أو اسكت عن سوء تسلم وألا فاعلم انك ستندم قال : فقيل له : يا أبا عباس لم تقول هذا ؟ قال : انه بلغني أن الإنسان ـ أراه قال ـ ليس علي شيء من جسده اشد حنقا أو غيظا يوم القيامة منه على لسانه إلا ما قال به خيرا أو أملى به خيرا .

 

وكان ابن مسعود يحلف بالله الذي لا اله إلا هو: ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان!

 

قال يحي بن معاذ : « القلوب كالقدور تغلي بما فيها وألسنتها مغارفها فانظر إلى الرجل حين يتكلم فان لسانه يغترف لك مما في قلبه حلو وحامض وعذب وأجاج وغير ذلك ويبين لك طعم قلبه اغتراف لسانه « .

 

والسلام

 

19 نوفمبر 2006

 

أنا نقلّك سيدي وإِنت أعرف قدرك

 

 

الزوّالي : سمعت آخر طلعه، معناها، قالك معادش يرَكّبوا صابو للي يبَرْكي، معناها، كرهبتو فين جات، معناها.ء

متاع الشعبه (حاشاكم) : إيه سمعت، وهذي حاجه مليحه، معناها، وتعرف علاش، هاو باش نقلك، معناها.ء

 

الزوّالي : ما غير ما تقلي، معناها، قالوها قبلك، قالك « أنا نقلّك سيدي وإِنت أعرف قدرك »، معناها.ء

متاع الشعبه : هذي ما جاتليش عال البال، أمّا جابو فاها، معناها.ء

 

الزوّالي : إيذا كان أنت، الكلمه  ما جاتكش عال البال، معناها، أنا الطلعه بكلّها ما جاتليش عال البال، معناها.ء

متاع الشعبه : واشنو الغريب، شيّ طبيعي، معناها، إذا كان أفكار الرئيس، معناها، تجي على بال كلّ  واحد فينا، معناها، هاو ولينا كيفو، معناها، ومنين يا حسره! ء

 

الزوّالي : تعرف هال الكلمه، تقول هالي أمي ديما، معناها، الظاهر فيكم في الشعبه تستعملوها برشه، معناها، فسّرهالي ما فهمتهاش، معناها، ما سمعتوش بن علي يستعملها.ء

متاع الشعبه : يا ولدي كيفاش تحبو يستعملها كيفنا، معناها، هكاكا ولينا كيفو، معناها، ومنين يا حسره! راهو نحنا في التجمع اللي نعرفو عليه كل كبيرة وصغيره، معناها، يطلعلنا بطلعات، نقصد بأفكار، معناها، تدوخنا.ء

 

الزوّالي : أوخّي، يحكم فينا، معناها، واحد صاحب طلعات!ء

متاع الشعبه : لا يا ولدي، موش هذا، معناها، راهو سابق عصرو، معناها، راهو حيّر أكبر المحللين في العالم، هذوكم متاع السياسه ومتاع الإقتصاد زادى، معناها.ء

 

الزوّالي : أوخي، هاو حاجه خشينه ياسر، معناها. وهذي حكاية الصابو فين تُدخل ؟ في السياسه واللا في الإقتصاد ؟ء

متاع الشعبه : بون كاستيــــو، … في لثنين، معناها، خليني نفسرّلك قبل، معناها، راهو عمل معجزات حيرت، معناها، ميتيرون وكول متاع ألمانيا وديانه متاع لندن وهذاك متاع إيطاليا، أشسموا، موسيليني، ولاخر متاع الروس، هذاك ستالوني، معناها.ء

 

الزوّالي : هذوما الزوز لِخْرانين، ما نعرفهمش مليح، معناها، أما شوفتهم في السينيما، معناها، ما نستغربش أنّو فات هازوز متاع الطليان والروس.ء

متاع الشعبه : راهو حتى لعداء متاعو يشهدولو بالمخ متاعو، معناها، راهو شيّ كبير.ء

الزوّالي : هذي خشينه ياسر، كيفاش؟ء

 

متاع الشعبه : هاك لوخر، هذاك اللي ساعه يطبّل وساعه يزكّر، معناها، هذاك متاع الجزيره.ء

الزوّالي : على شكون تحكي؟ هذاك متاع النوبه اللي ساعه يطبّل وساعه يزكّر، ما في باليش عدّوه في الجزيره، معناها.ء

 

متاع الشعبه : لا ياولدي، هذاك اللي قال « ثاكيو فيري دراش نوّه سيادة الرئيس »، معناها، راهو قال بالفم المليان « لو كان واحد في لنقليز عمل الربع متاعو راهم سمّاووه عبقري ».ء

الزوّالي : آبَيْ، شيّ كبير، معناها، لا، فمّو مليان مليح.ء

 

متاع الشعبه : راني كيف سمعتو، معناها، قلت باش يشد بلاصتي في الشعبه.ء

الزوّالي : لا، قطعان الخبزه، ماقالش به ربي، معناها، وعلاش هذي « بركي فين تحب » ما عملوهاش في لنقليز، معناها.ء

 

متاع الشعبه : أكيد سمعو باها وعملوها، معناها.ء

الزوّالي : زعمى هال الحكاية تنظم حركة المرور في العاصمه، معناها، توّ واحد يبركي في الدوزيام واللا التروازيام بوزيسيون، معناها، ماهواش تولي فوضه، معناها.ء

 

متاع الشعبه : أنا نقلّك سيدي وإِنت أعرف قدرك، ياولدي.ء

الزوّالي : وعلاش ما عملهاش عندو تسعطاشن عام، معناها، راهي تحلت مشكلة العاصمه من بكري، معناها، ملي جا، معناها.ء

 

متاع الشعبه : بون كاستيــــو، … التونسي مكانش يعرف قدرو في هاك الوقت، معناها.ء

الزوّالي : إيه أو وقتاش يعرف هو قدرو؟ء

متاع الشعبه : كيفاش؟ء

 

الزوّالي : ما فدّش، يخلّي البلاصه الغيرو، معناها، خلينا من هذا، معناها، تو بعد حكاية الصابو، معناها، شنوّ الخطوه الجايه ؟ فين واصلين بهذي « أنا نقلّك سيدي وإِنت أعرف قدرك »ء

متاع الشعبه : يعني، كان التونسي يكون في المستوى، معناها، ممكن ياسر يولّي عندو الحق يبركي في البيست متاع المطار، معناها.ء

 

الزوّالي : وعلاش لا « أنا نقلّك سيدي وإِنت أعرف قدرك »، معناها، بالله وحكاية الفلوس اللي ممكن يخرّجها الواحد للخارج، معناها، هاو قالك ماعادش مليونين وميتين آكهو، معناها، ممكن تخرّج أربع ملاين ملبلاد، معناها.ء

متاع الشعبه : واش خير من هال الخير، معناها.ء

 

الزوّالي : يا ولدي فاش تحكي، معناها، هاذي فلوس البلاد، معناها.ء

متاع الشعبه : إيش بيه ربي يعطينا ونخرّجو للخارج، معناها، ربي يديم الخير.ء

 

الزوّالي : وهاك اللي يحرق على البحر، معناها، يخرّج مليونين وميتين واللا أربع؟

متاع الشعبه : القانون يمشي كان على التوانسه، معناها، واش دخلنا في الموريطانيين والتشاديين وغيرو، معناها.ء

 

الزوّالي : ياولدي، ولد جيرانا مات في البحر حارق، معناها.ء

متاع الشعبه : لازم مغربي هذاك.ء

 

الزوّالي : هذا ممكن، اسبانيا من عنا أقربلو، جا سكن حذانا خمسه وثلاثين عام، باش يحرق ويموت، معناها، خلينا، واحد زوالي كيفي، معناها، ينجّم يجيب أربع ملاين فوق التسكره! ء

متاع الشعبه : موش لازم عليك، هزي اللي تقدر، معناها.ء

 

الزوّالي : وقتاش نقدر علي يقدرو عليه اللي يهمّهم هال القانون الجديد، معناها ؟ اللهم نسرق.ء

متاع الشعبه : هكاك تولي بالمجد سيدي ونعرف قدرك، معناها.ء

 

عباس

19 نوفمبر 2006


بعد الحكم بإعدام صدام حسين وانتخابات الكونغرس … أميركا تبحث عن طرق «شعبية» لإنهاء حرب غير شعبية

أحمد نجيب الشابي   
 
العراق في مأزق فهو يجابه أخطار التفكك الطائفي في الجنوب والتفكك الإثني في الشمال بعدما غرق شعبه في الدماء وتعطلت مسيرته الإنمائية وبات بلداً منكوباً. والولايات المتحدة في مأزق فالمقاومة تتزايد ولا أفق للقضاء عليها، وفي هذه الأجواء أتى الحكم بالإعدام على صدام حسين لينفخ في الصراع الدائر بين فريقين من المخططين الأميركيين في شأن تحديد المخرج الأقل كلفة. وكان تقرير البنتاغون إلى الكونغرس أواخر آب (أغسطس) الماضي رسم صورة قاتمة عن الوضع في العراق في السنة الرابعة من «تحريره». فالبطالة تعصف بأعداد غير معروفة قدرتها الدوائر الحكومية بـ 18 في المئة مضافا إليها 34 في المئة من شبه العاطلين (under employed) بينما قدرتها دوائر أخرى بما بين 50 إلى 60 في المئة من قوة العمل العراقية. أما التضخم (غلاء المعيشة) فبلغت نسبته 52.5 في المئة في الفترة ما بين حزيران (يونيو) 2005 وحزيران 2006. وفي ميدان الخدمات العامة، لا يزيد المتوسط الوطني لاشتغال الطاقة الكهربائية عن أربع عشرة ساعة في اليوم وينزل المتوسط في العاصمة بغداد إلى ثماني ساعات. أما أسعار النفط فتم رفعها نزولاً عند رغبة صندوق النقد الدولي، وعجزت الحكومة حتى اليوم عن تلبية حاجات العراق من هذه المادة الحيوية التي يزخر بها ترابه الوطني متسببة بانتشار السوق السوداء والتهاب أسعاره فضلاً عن استشراء الجريمة المنظمة والفساد الإداري. ويذكر أن النفط يشكل ثلثي الناتج الداخلي الخام للعراق اليوم. أما الدخل الفردي فلا يتجاوز في ثاني بلد نفطي في العالم 1635 دولاراً بينما يصل مستواه إلى 2800 دولار في تونس مثلاً. ويقدر برنامج الأمم المتحدة للغذاء أن 15.4 في المئة من العراقيين تنقصهم التغذية المواتية وأن أكثر من ربع الأطفال (25.9 في المئة) مصابون في بنيتهم الجسدية بسبب سوء التغذية. ويكتفي تقرير البنتاغون بمجرد الإشارة إلى الفساد في الإدارة، الحال أن الولاءات الطائفية والحزبية قضت تماماً على أجهزة الإدارة العراقية وعلى تقاليدها لتحل محلها عصابات مسلحة ذات ولاءات مذهبية وعشائرية تقتسم فيما بينها عائدات النفط وتنظم ترويجه في السوق السوداء داخلياً وخارجياً، وتقدر السرقات في أجهزة الحكومة العراقية ببلايين الدولارات، بحسب التهم المتبادلة بين الوزراء أنفسهم. في المقابل تمكنت سلطات الاحتلال، وعلى رغم تدهور الأوضاع الأمنية، من تأمين إنتاج 2.2 مليون برميل من النفط يومياً يصدر منها مليون وستمئة ألف برميل. والديون التي أثقل بها العراق بلغت 125 بليون دولار أي ما يضاهي خمس مرات حجم الناتج الداخلي الخام للعراق (بأسعار سنة 2004) من دون احتساب التعويضات المترتبة عن الحرب والتي تبلغ وحدها 32 بليون دولار وهي تلتهم 5 في المئة من عائدات العراق النفطية سنويا. ويذكر أن نادي باريس، إضافة الى روسيا، خفض 34.2 بليون دولار من الدين العراقي الإجمالي فيما لم تسعف الدول العربية شقيقتها العراق بأي نوع من التخفيض ويصل حجم الدين العراقي إزاءها إلى 45 بليون دولار. الوضع الأمني يزيد المشهد قتامة، وكانت سلطات الاحتلال ادعت أن استعادة الأمن في بغداد خفضت من عدد العمليات والإصابات في شهر آب (أغسطس) المنقضي إلى النصف بعد أن بلغت، في الشهر السابق ذروتها منذ بداية الحرب. لكن الصحف الأميركية (صحيفة فيلادلفيا انكواير) كشفت بتاريخ 12 أيلول (سبتمبر) الماضي أن إحصاءات الجيش الأميركي استثنت من عدد القتلى أولئك الذين قتلوا بالقنابل والقذائف المدفعية والسيارات المفخخة مكتفية باحتساب المقتولين رمياً بالرصاص أو تحت التعذيب أو المغتالين من قبل «فرق الموت». وتضاربت هذه الإحصاءات مع العدد الذي أعلن عنه وزير الصحة العراقي والذي بلغ 1536 قتيلاً في شهر آب (أغسطس) وهو عدد يضاهي عدد القتلى في شهر تموز (يوليو). ويعترف تقرير البنتاغون بأن انهيار الأمن أدى إلى احتماء السكان بالمليشيات المختلفة التي تؤمن لهم أيضاً الخدمات الاجتماعية، وبأن معاني سيادة القانون انهارت، وأن عدداً كبيراً من القضاة باتوا يخافون على أنفسهم من تهديدات المسلحين. وفي مجال الحريات، فعدا عما يلاقي المعتقلون من ألوان التعذيب على أيدي قوات الاحتلال وقوات الجيش والشرطة المتعاونة معها وعمليات الاغتصاب البشعة التي تمارس على المواطنات العراقيات، فإن السجون العراقية التابعة لوزارة العدل تغص بالمساجين على رغم بناء سجون جديدة، ويقدر عدد الأسرة الإضافية الضرورية لإيواء المحكوم عليهم وحدهم بـ 24000 سرير، فيما تحتفظ وزارتا الداخلية والدفاع بما بين 2000 إلى10000 «معــتقل أمـــني»، ويـــصل عدد المعـــتقلين لدى قوات التحالف الى 12388 معتقلاً، وجميع هؤلاء ينتظرون توجيه التهمة منذ مدة طويلة. وعلى رغم أن عدد القتلى العراقيين جراء العنف الطائفي زاد بنسبة 51 في المئة منذ الاعتداء على مسجد الإمامين في سامراء في شهر أيار (مايو) الماضي، فإن الهجمات على المدنيين مثلت 15 في المئة من جملة العمليات العسكرية، فيما ظلت الهجمات على قوات الاحتلال تمثل 63 في المئة. أما البقية فموجهة إلى قوات الجيش والشرطة العراقية المتعاونة مع الاحتلال. وتجري أغلب العمليات في أربع محافظات (الأنبار وديالى وصلاح الدين وبغداد) وتستأثر بغداد وحدها بـ 55 في المئة من جملة العمليات. أما في الجنوب فإن معظم العمليات يدور بين الفرق المحلية المتناحرة أو بين الجماعات الشيعية (قوات بدر وجيش المهدي) وبعض الجماعات السنية (القاعدة، أنصار الإسلام، الخ..) ، وقليل من العمليات موجه إلى قوات الاحتلال. هذه ملامح من حال العذاب التي يعيشها المواطنون في العراق «المحرر»، فهل من حل في الأفق؟ انعقد في أيلول (سبتمبر) ملتقى في الولايات المتحدة ضم خبراء عسكريين ومفكرين استراتيجيين وأكاديميين متخصصين في شؤون الشرق الأوسط ليجيبوا عن سؤالين: هل نحن بصدد الانتصار في العراق؟ وفي صورة النفي، كيف يمكننا أن ننتصر؟ وبين ما أجمع عليه المشاركون أن الولايات المتحدة لم تنتصر في حربها على العراق. ولعل آخر ما يدل على ذلك خروج محافظة الأنبار، وهي منطقة شاسعة تحدها السعودية والأردن وسورية، عن سيطرة الجيش الأميركي بحسب آخر تقرير للاستخبارات العسكرية الأميركية نشرت مضمونه صحيفة «واشنطن بوست». ويتعزز هذا الجواب السلبي بارتفاع عدد العمليات العسكرية الأسبوعية بنسبة 15 في المئة منذ تعيين حكومة نوري المالكي. ومما يزيد الوضع خطورة وتعقيداً أن الميليشيات الشيعية (قوات بدر وجيش المهدي) التي يقوم عليها الائتلاف الحاكم (ثلاثون مقعداً في البرلمان لكل منهما إضافة إلى حصتهما من الحقائب الحكومية) وسعت من نفوذها في مؤسسات الدولة التي تسللت إليها بموجب المحاصصة الطائفية ومن خارجها، مستثمرة الفراغ الأمني ومستفيدة من التمويل والتسليح الإيرانيين اللذين ينسابان عبر الحدود. وتتعزز الخشية الأميركية من هذه التطورات مع تفاقم الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي. أما عن السؤال الثاني «كيف ننتصر إذاً؟» فتباعدت الآراء بين مناد بالحل السياسي وبين مطالب بتعزيز الوجود العسكري الأميركي في العراق بقوات إضافية ومحرض على توجيه ضربة إلى إيران. لكن الحمائم يعترفون بحدود الحل السياسي في العراق، فلا يمكن الولايات المتحدة أن تتفرج على بناء قوة موالية لإيران في العراق على شاكلة «حزب الله» جديد من جهة، وأعضاء الكونغرس الديموقراطيون وهم الأكــثرية يدركون من جهة أخرى، «بأن هــناك طـــرقاً غير شعبية لإنهاء حرب غير شعبية» وبأن الرئيس بـــوش ليس اليوم إزاء لحظة كتلك التي واجهها الرئيس أيزنهاور حينما امتطى طائرته العسكرية لتفـــقد حال القوات في الميدان وقــرر على إثرها إنهاء الحرب الكورية بعد أن أدرك بأن الانتصار فيها صار شبه مستحيل (جورج ف ويل، «واشنطن بوست» بتاريخ 3 أيلول). العراق إذاً في مأزق يواجه أخطار التفكك الطائفي في الجنوب والوسط وأخطار التفكك الإثني في الشمال بعد أن غرق شعبه في الدماء وتعطلت مسيرته الإنمائية وبات شعبا منكوباً. والولايات المتحدة الأميركية من جهتها في مأزق، حتى أن قائد قواتها في الأنبار الجنرال رتشارد زيملر أقر بذلك ضمناً، والميليشيات الشيعية عززت قدراتها ووسعت من دائرة نفوذها فيما انحصر نفوذ حكومة نوري المالكي داخل المنطقة الخضراء أو يكاد، وعجزت عن ضمان الأمن فضلاً عن تأمين الخدمات الاجتماعية الأولية. ومن جهتها تهدد الطموحات الإقليمية الإيرانية النفوذ الأميركي في منطقة حساسة تحتوي على ثلثي مخزون النفط في العالم. وتتعاظم المصاعب في أفغانستان حيث صرح قائد القوات البريطانية فيها بأن «القتال هناك أشد مما هو عليه في العراق». إن انتصار دولة عظمى كالولايات المتحدة على دولة نامية كالعراق أمر ميسور، لكن الولايات المتحدة أساءت تقدير نتائج هذه الحرب بسبب سوء تقديرها للوضع في المنطقة من حيث التركيبة السكانية والبنية الثقافية ومطامح الشعوب. واليوم وبعد أن ثبت بالتجربة أن الديموقراطية لا يمكن أن تصدَّر على ظهر الدبابات وبعد أن برأ الكونغرس الأميركي النظام العراقي السابق من تهمتي امتلاك أسلحة الدمار الشامل وإقامة علاقة مع تنظيم «القاعدة»، وهما الذريعتان اللتان تعللت بهما الإدارة الحالية لشن حربها على العراق، فإن الولايات المتحدة تواجه أحد احتمالين: إما الجنوح إلى حل سلمي، بإشراف الأمم المتحدة، قائم على التفاوض مع كل الفرقاء العراقيين من دون استثناء ليشكلوا حكومة إنقاذ تتولى إدارة شؤون البلد بعد سحب قوات الاحتلال، أو توسيع رقعة المواجهة مع الطائفة الشيعية وإيران، من شأنه أن يزيد من تعقيد الوضع في العراق ويعرض هذا البلد العريق إلى أخطار التفكك والانقسام، فضلاً عن توسيع دائرة العنف إلى دول الجوار وتهديد الاستقرار في منطقة حساسة وتعريض القوات الأميركية إلى هزيمة لا مفر منها. يدرك كثير من الأميركيين هذه الأخطار التي عبر عنها المعلق نيكولا د كريستوف في «نيويورك تايمز» قائلاً ان «ما يفترض فينا أن نكون قد تعلمناه من العراق ولبنان هو أن الحل العسكري يمكن أن يتركنا في وضع أسوأ من ذلك الذي كنا عليه»، لكن القرار في هذه المسألة ما زال بيد إدارة الرئيس بوش على رغم ضعفه بعد انتصار الديموقراطيين في انتخابات الكونغرس وبعد أن استقالت الدول العربية بالكامل وظلت شعوبها تتفرج على إزالة واحدة من أهم الدول العربية من حيث الثقل الاستراتيجي والمكانة التاريخية في الوجدان الجمعي. * محام وسياسي تونسي.
 
(المصدر: صحيفة  الحياة بتاريخ 19 نوفمبر2006)

 

د. منجية السوايحي، أستاذة الدراسات الاسلامية لـ »الصباح »:

المرأة حـرة في اختيار لباسها على ألا يصبح رمزا سياسيا

 

تونس ـ الصباح: تشتغل الدكتورة منجية السوايحي في حقل الدراسات الاسلامية وقد اصبح لها في السنوات الاخيرة حضورا اعلاميا لافتا تمكنت من خلاله من تقديم رؤيتها في عديد الاشكاليات ذات الصلة بالدين وبقضايا المرأة مستفيدة من حقول معرفية مجاورة تذكي بها حججها وتعتمد بفضلها موقفا واضحا من اشكاليات جدلية وخلافية.

وبحكم اهتمامها بموضوع اللباس وعلاقته بالمرأة المسلمة والتونسية، ارتأت «الصباح» محاورتها حول هذه المسألة وما يحف بها من آراء مناقشة لها.

 

س: تصفين في احدى مقالاتك معركة الحجاب والسفور في الاسلام بالوهمية. ألا يعتبر هذا الوصف اختزالا مبالغا فيه؟

ج: أنا اصفها بالوهمية، لأننا نمتلك من القضايا ما هو اهم من التشبث بشكل معين في اللباس. والمرأة تستطيع ان تستر نفسها حسب تقاليد بلادها ولذلك ليس من الاولويات ان نتنافس في قضية هل ترتدي المرأة اللون الاسود او الابيض. فلكل بلد زيه الذي يحترمه ونحن لا نرى المرأة السعودية ترتدي مثل المرأة المصرية ولا المصرية مثل السورية.. مع العلم انهم يلتزمن بالستر.

القضية الاساسية هنا لما بحثت فيها سنة 2004 وبينت ان المطلوب هو الستروهذا ما ينص عليه القرآن والسنة وما يدعو اليه المفسرون والفقهاء من هذا المنطلق اعتبر ان  للمرأة الحرية في اختيار لباسها ما لم تخرج عن تقاليد بلادنا.

المنطلق الثاني ان اللباس لم يكن في يوم من الايام علامة على العفة او علامة على الفسق.

ثالثا لا يمكن ان تختزل انسانية المرأة واخلاقها وعقلها في شكل ظاهري!

 

س: من المعروف انه هناك تجاذب وخلط تاريخي بين منظومة العادات والتقاليد ومنظومة القيم الدينية، لماذا لا يتم وضع مسألة الجدل حول اللباس في هذا الاطار؟

ج: ان نوعية الجدل الدائر حول اللباس لا بد من ان يتناوله اهل الاختصاص وبعقلية متطورة وبنظرة اجتهادية فأنا كامرأة لا أقبل اليوم بدعوى مساندة الزي الطائفي ان توصف المرأة انها عورة وانها مثيرة للشهوات او أن يزعم البعض انه من المقبول ان يكون اللباس تمييزي بين الحرائر، والجواري. وحقوق الانسان والعقول المتنورة، ترفض التمييز بين الجنسين الذكر والأنثى  فكيف نكرس اليوم التمييز بين امرأة وامرأة بدعوى ان هذه  حرة والاخرى جارية.

 

س: في موقفك من الحجاب تتبنين الاطروحة التي تقول ان الحجاب فرض على نساء الرسول للتمييز بين الحرائر والجواري. ألا تتناقض هذه القراءة مع جوهر الاسلام، الذي جاء ليقضي على التمييز الاجتماعي من منطلق ان الجميع قد ولدتهم امهاتهم احرارا خاصة انه في الحقيقة، تبدو مثل هذه الاطروحة غير مقنعة للكثيرين؟

ج: بالنسبة الى قضية التمييز بين الحرائر والجواري في اللباس هذا أمر اقره القرآن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين لان اللباس في ذلك الزمن يعتبر رمزا للحرية، اذا خرجت فلا يتعرض لها الرجال بالمعاكسة، في حين الجواري هن خلقن لذلك في الفكر الذكوري في ذلك الزمن. فلا يستترن وكذلك الامر لعمر بن الخطاب، لما ضرب الجواري بالدرة لانهم احتجبن وقال لهن «أتُردن ان تتشبهن بالحرائر» ومثله فعله عمر بن عبد العزيز معهن. بهذه الحالة يكون اللباس للتفرقة في ذلك الزمن بين الحرة والجارية فهل المجتمع اليوم مجتمع حرائر وجواري مع العلم ان كلامي هذا لا يعني ان لا تختار المرأة لباسها فهي حرة في ذلك.

المسألة الاخلاقية

 

س: هناك  من يرد على هذا الرأي ويشيرالى ان اليوم قد تحولت المرأة اكثر من الامس الى بضاعة ومتاع وان الرجل العربي لم يتجاوز عقدة جسد المرأة وضعفه المرضي نحوه؟

ج: بعض الرجال الذين لم يتجاوزوا جسد المرأة الى عقلها، في رأيي يمكن ان تُعالج القضية بتكثيف الوعي وبان يحترم الرجل المرأة لانها انسان مثله مثلها فلماذا ينظر اليها كجنس فقط مع العلم ان اللباس المستور وان كان يحد من المعاكسات، الا انه لا يقضي عليها.. القضية تكمن في العقلية وهي مسألة اخلاقية ودينية. فالرجل والمرأة مطلوب منهما غض البصر واحترام كل منهما الآخر.

 

س: مؤسسة الحجاب عرفتها نساء اليونان واليهوديات والمسيحيات ثم انهارت هذه المؤسسة وتلاشت بينما ظلت في البلدان الاسلامية كالفتيل الدائم الاشتعال.. كيف تفسرين ذلك وما علاقته بطبيعة العيش الديني في المجتمعات العربية والاسلامية؟

ج: لانهم اشتغلوا بقضايا اهم، ونحن ننظر اليوم الى من الذي يمتلك السلطة في الكون. انه الغرب لانه اهتم بالعلم وبالتكنولوجيا بينما العالم العربي والاسلامي اليوم هو  خارج التاريخ لذلك يشغل نفسه بشعر المرأة وبأشياء تافهة.

واذا عدنا الى حضارتنا السابقة سنجد انه ما كانت تشغلهم هذه الامور، انما كان هاجسهم التقدم والانجازات في جميع المجالات وقد حكموا العالم في يوم من الايام باعمال العقل والمعرفة وليس بنوع من اللباس.

 

تدريس التربية الاسلامية

 

س: ما هو ردك على الموقف القائل ان مسألة اللباس تدخل في نطاق الحريات؟

ج: اللباس هو حرية شخصية وقد كفلت  حقوق الانسان هذه الحرية للانسان ولكن متى يصبح اللباس سلطة قهرية على الانسان اذا استعمله صاحبه لتكفير الآخر او لاتهامه بالجمود، فعندها يصبح رمزا سياسيا لا يدخل في الحريات الشخصية وبالنسبة الى تونس، فقد حُلت القضية من خلال خطاب سيادة رئيس الدولة يوم 25 جويلية 2005، عندما صرح انه لا إشكال مع اللباس المحتشم وتم دعم هذا الرأي في اكتوبر 2006 وفي رأيي انتهى الامر، فكل امرأة من حقها ان تلبس اللباس المستور. وهذا قد بعث الاطمئنان في نفوس النساء اللاتي يصررن على اللباس التونسي  المحتشم. ونؤكد من جهة اخرى على ان اللباس الخليع والمستهتر ليس من تقاليدنا الاسلامية ولا من عادات الشعب التونسي والمرأة لا يمكن ان تكون بضاعة في الشوارع وهذا رأيي الخاص ويلزمني انا فقط.

 

س: كممارسة لمهنة التدريس في التعليم الديني العالي، هل يؤمن تدريس مادة التربية الاسلامية في بلادنا الحصانة اللازمة ضد مظاهر الطائفية والتعصب؟

ج: بالنسبة الى التعليم الديني في تونس في برامج الابتدائي والثانوي والعالي فانه يعمل على تربية عقل المسلم على الحوار والتسامح والتعايش لانها السبيل الوحيد اليوم لتحصين شبابنا ضد كل انحراف عن الوسطية.. وهو ما يجري في جامعة الزيتونة وما تقوم به وزارة الشؤون الدينية من توعية في المساجد وفي الندوات وفي البرامج الدينية والتوعية وغيرها ومع هذا نأمل ان يتوسع التعليم الديني في وسائل الاعلام لان لها وظيفة اساسية، فشبابنا اذا لم يجد مادة دسمة في وسائل الاعلام التونسية في مجال الدين فانه سيتلقاها من الفضائيات الخاصة الاخرى وهي فضائيات تبث برامجها حسب مذهب معين وتوجه فقهي معين. ولا يمكن اليوم وبفضل الاتصالات التكنولوجية ان تمنع الانسان من تلقي المعلومات من أي فضائية في العالم او عبر الانترنات.

 

التوجه العقلاني المتوازن

 

س: من المعروف انه دائما هناك داخل الجامعة توجهات مختلفة، كيف هو الامر بالنسبة الى المشهد الجامعي في مقاربة المسألة الدينية؟

ج: في الحقيقة نلاحظ في بلادنا ان التوجه العقلاني المتوازن في مجال الدين هو الأكثر وجودا ومن يحيد عن هذا التوجه اذا تحاورت معه فانه يقتنع وهذه ميزة العقل التونسي سواء كان يعرف جانبا فقط من الدين او لا يعرف شيئا فاذا حاورته بالمنطق السليم وبالحجة الصحيحة ودون تحيز لمذهب على مذهب فانه يقتنع ويتميز التوجه الديني في تونس بغلبة المذهب المالكي.

 

س:  ولكننا نشعر ان المدرسة التونسية العقلانية في مجال الدين في برجها العاجي ومتواضعة التأثير والتغلغل داخل الوعي الاجتماعي؟

ج: قبل 1987، كان الدين مهمشا ولدينا كلية صغيرة للزيتونة ولا توجد توعية دينية وتغلب التوجه العلماني الذي لم يكن موجودا فقط في تونس، بل في العالم كله حيث هُمش الجانب الديني متناسين ان الدين فطرة في الانسان وانه يؤثر في الشعوب لذلك فان عدم  تأثير المختصين في الدين في ذلك الزمن لا يعود الى عجز فيهم ولكنهم لم يجدوا الوسيلة التي تمكنهم من الاتصال بالناس والتأثير فيهم والآن وبعد التغيير وقعت عناية كبيرة بالاسلام من حيث بعث جامعة الزيتونة واصلاح البرامج فيها واحياء ذكر القرآن في جامع الزيتونة وبعث وزارة الشؤون الدينية وتخصيص برامج للدين وجائزة الدراسات الاسلامية العالمية. والامر لا يتعلق بتونس فقط، فمنظمة الامم المتحدة انتبهت الى ان اكبر خطر ارتكبته هو تهميش الدين واهل الدين ولذلك نجدها اليوم في برامجها التنموية تستعين بعلماء الدين في كثير من المجالات مثل موقفهم من السيدا ومن التبرع بالاعضاء ومن حقوق الانسان ولذلك نرى اليوم اهتماما كبيرا بالدين في حياة الناس.

 

س: هناك موقف في تونس يربط بين ما وراء الحجاب وتهديداته لمكاسب المرأة التونسية والتي اهمها قوانين مجلة الاحوال الشخصية؟

ج: بالنسبة الى اللباس، الخطر ليس في ان تختار المرأة اللباس الذي تريده ولكن الخطر في ان ينقلب ذلك الاختيار بالسوء على حقوقها، فربما تضيع المرأة ما اكتسبته من حقوق وصلت الى حد الشراكة خاصة اذا اقتنعت انها عورة وانها ناقصة عقلا وان مكانها الاصلي في البيت ولا تصلح للعمل وهذا ليس من الاسلام قط. فالمرأة في الاسلام عملت في السياسة والاقتصاد والحروب وغيرها حروب وغيرها من الأعمال.

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 19 نوفمبر 2006)

 


 

علماء بالأزهر: الحجاب عودة للرقي والأمان

القاهرة- صبحي مجاهد- إسلام أون لاين.نت

 

انتقد عدد من العلماء والمسئولين بالأزهر الشريف تصريحات لوزير الثقافة المصري فاروق حسني وصف فيها الحجاب بأنه « عودة إلى الوراء »، مؤكدين على أن الحجاب يعود بالمسلمين إلى « الرقي والأمان »، وأن الوزير تدخل في مسألة شرعية ليست من تخصصه قد تعمل على إثارة البلبلة بين الناس.

 

وفي الوقت الذي التزمت المؤسسة الدينية الرسمية الصمت بشأن ما أدلى به الوزير، أعلن الأخير تمسكه بتصريحاته رافضا مطالب بالاعتذار عنها.

 

وقال الشيخ شوقي عبد اللطيف وكيل وزارة الأوقاف المصرية في تصريحات لـ »إسلام أون لاين.نت » اليوم السبت: « إن الحجاب إنما يعود بنا إلى الرقي والأمان؛ لأن الحجاب هو أمر من الله تعالى يعود ثمرته على بني الإنسان؛ لأن الله غني عنا ».

 

وأكد على أن « الذي أضاع مجد المسلمين وذهب بالعرب هو عدم الالتزام بالقيم والمبادئ والأخلاقيات الإسلامية »، مشددا على أن « المرأة المحجبة هي التي ساهمت في صنع الحضارة والتقدم ».

 

الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر أيد ما ذهب إليه الشيخ عبد اللطيف قائلا: « الحجاب هو سبب التقدم والرقي والازدهار، ولا نجد دينا من الأديان كرَّم المرأة مثلما كرمها الإسلام ».

 

وتابع: « فمن يقول إن الحجاب سبب التأخر فهو المتأخر لفظا ورتبة؛ فلم يفرض الإسلام أمرًا من الأمور ليكون فيه تأخر للمسلمين، والحجاب فرض بنص القرآن الكريم، ومن ينكر الحجاب فكأنما أنكر معلوما من الدين بالضرورة ».

 

أما وكيل الأزهر الشيخ عمر الديب فاعتبر في حديث لـ »إسلام أون لاين.نت » أن تصريحات وزير الثقافة المصري من شأنها أن تثير البلبلة بين الناس، وقال: « إن الحجاب فريضة فرضها الله عز وجل على المسلمات، ومن يدعو لتعطيلها فإنما يدعو لتعطيل معلوم من الدين بالضرورة ».

 

« التخصص مطلوب »

 

من جانبه قال د. محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية: « إن حسني كوزير للثقافة من المفترض أن يلتزم بوجوب أن يتكلم الشخص فيما يتخصص فيه؛ فهو (وزير الثقافة) يمكن أن يجيب في مجال الريشة والألوان (إشارة إلى كونه فنانا تشكيليا)، لكن الكلام في الدين يجب أن يتركه للمتخصصين في علوم الدين ».

 

وأضاف: « لو كان حسني نادى بأن نكون كالغرب في تقدمه العلمي لكان ذلك مقبولا منه ونشجعه عليه ونطالب به لما عليه المسلمون الآن من تأخر واضح، لكنه مع الأسف يطالب بالتشبه بالغرب في سلوكياته وأخلاقياته التي تتسم بالإباحية والانحراف ».

 

إصرار الوزير

 

في مقابل الانتقادات التي وجهت لتصريحات فاروق حسني ومطالبة بعض القوى السياسية له بالاعتذار أو الاستقالة، دافع حسني عن موقفه رافضا الاعتذار

 

وقال في تصريحات نقلتها اليوم السبت صحيفة « المصري اليوم »: إن الجدل الدائر حاليا حول الحجاب والنقاب وراءه أسباب سياسية.

 

وحول مطالبة جماعة الإخوان المسلمين له بتقديم اعتذار عن تصريحاته حول الحجاب أو تقديم استقالته فورا من منصبه، قال حسني: لن أعتذر لأنني لم أخطئ.. وهذا رأيي الشخصي، وعلينا التخلي عن ثقافة نفي الآخر وإرهابه بالهجوم المضاد.. فأنا أطالب بالحوار دائما.. وليقل هؤلاء وجهة نظرهم بحرية، وليتركوا الآخرين يعبرون عن آرائهم بحرية أيضا ».

 

وأضاف: « أنا لا أخشى هؤلاء، ومستعد لطرح أمر استقالتي على مجلس الشعب باعتباره مجلسا نيابيا عن الأمة، وأعضاؤه يمثلون جموع الشعب ».

 

وقال الوزير في تصريحات لقناة الجزيرة الفضائية: إنه بتصريحاته « لم يمس أي ركن من قواعد الإسلام الأربعة »، وهي التصريحات التي اعتبرها د. حمدي حسن المتحدث باسم الكتلة البرلمانية للإخوان مؤشرا على مدى « جهل » الوزير حتى بأركان الإسلام « الخمسة » المعروفة لدى عوام المسلمين، وأكد الوزير الملقب بـ »الوزير الفنان » أنه لا يفضل « أن ترتدي المرأة الحجاب، ولو كانت لي زوجة لمنعتها من ارتدائه ».

 

وكان وزير الثقافة قد اعتبر في تصريحات نشرتها صحيفة « المصري اليوم » الخميس 16-11-2006 أن ارتداء المرأة المصرية الحجاب « عودة إلى الوراء ».

 

وأثارت تصريحات الوزير ردود فعل متباينة حيث قدم حسين إبراهيم نائب رئيس كتلة الإخوان في مجلس الشعب مذكرة للبرلمان طالب فيها الرئيس المصري بعزل الوزير، كما قدم الدكتور حمدي حسن المتحدث الرسمي باسم الكتلة بيانا عاجلا إلى رئيس الوزراء طالب فيه باعتذار الوزير وإقالته.

 

« وباء تحجيب النساء »

 

وعلى الجانب الآخر دافع عدد من المثقفين عن تصريحات الوزير؛ فقال الكاتب المصري يوسف القعيد: أنا مع ما قاله الوزير قلبا وقالبا، سواء كان هذا رأيه الشخصي أو رؤيته كمسئول في الدولة ». واعتبر أن الحجاب « يقسم المجتمع إلى نصفين، حيث أصبحت غير المحجبة مسيحية حتى تثبت العكس ».

 

أما الكاتب أسامة أنور عكاشة فاعتبر في تصريحات لصحيفة « المصري اليوم » أن الحجاب ظاهرة « أثارت انتباهنا منذ السبعينيات مدفوعة من قبل قيادات وهابية اخترقت الثقافة المصرية آنذاك ».

 

وأشار الكاتب المصري إلى أن « الخطورة تكمن في وجود وباء في المجتمع لتحجيب النساء حتى الأطفال منهن؛ وهو ما يشكل اعتداء على مستقبلهن ».

 

الكاتبة فريدة الشوباشي اعتبرت هي الأخرى أن « الحجاب الآن يعد مؤامرة على الفن المصري؛ ففي الوقت الذي بدأت فيه نساء الخليج خلع الحجاب بدأت المصريات في ارتدائه ».

 

أما الكاتبة فتحية العسال ناشدت الصحافة ووسائل الإعلام عدم مناقشة هذه القضية، لا سيما أن هناك جدلا آخر ينتظرنا حول شرعية النقاب من عدمه.

 

من جهته دافع د.جهاد عودة عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم عن موقف الوزير، معتبرا أن الإخوان بإثارتهم الجدل حول هذه القضية يحولون المسألة إلى « لعبة سياسية ».

 

صمت رسمي ديني

 

وفي الوقت الذي يحتد فيه الجدل بين المعرضين والمؤيدين لتصريحات الوزير المصري التزمت المؤسسات الإسلامية الرسمية الصمت.

 

ولم يصدر أي تعليق رسمي على تصريحات وزير الثقافة المصري بأي بيانات من الأزهر الشريف أو من دار الإفتاء المصرية، أو وزارة الأوقاف باعتبارها الهيئات المعنية بالرد على ما يصدر من تصريحات مخالفة للتعاليم الإسلامي.

 

(المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 18 نوفمبر 2006)

 


فاروق حسني: حديثي عن الحجاب مجرد « دردشة »

القاهرة – محمد جمال عرفة – إسلام أون لاين.نت قال وزير الثقافة المصري فاروق حسني إن تصريحاته المنتقدة لحجاب المرأة تمثل رأيا شخصيا وليس تصريحا « رسميا » صدر عنه بصفته وزيرا، كما أنه لم يكن سوى مجرد « دردشة » لم يتطرق فيها لكون الحجاب حلالا أو حراما. وفسرت الأوساط السياسية المصرية هذا التصريح الأخير للوزير بأنه محاولة للتخفيف من صدى تصريحاته الأولى التي اعتبر فيها أن الحجاب « عودة للوراء »، أو محاولة للتراجع عنها بشكل غير مباشر بعدما بدا أنها ستسبب حرجا بالغا للحكومة والحزب الوطني الحاكم في الوقت الذي أكد فيه نواب جماعة الإخوان المسلمين في البرلمان إصرارهم على مناقشة وطرح الثقة عن الوزير. وقال الوزير في تصريح، وزعته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية مساء السبت 18-11-2006، إن كلامه عن الحجاب كان « رأيا شخصيا تناوله خلال حديث ودي جانبي عبر الهاتف مع إحدى الصحف، ولم يكن تصريحات رسمية صادرة عنه كمسئول، ولم يتطرق فيه أبدا إلى كون الحجاب حلالا أو حراما أو فريضة أو غير ذلك، فالأمر يرجع في ذلك إلى رجال الدين ». وأضاف أن تصريحاته حول الحجاب جاءت في إطار: « دردشة عقب انتهاء تصريحاته الصحفية عن مشاركة مصر في انتخابات اتحاد الكتاب العرب، واستغلت بشكل يدعو للريبة ويشتم منه رائحة المؤامرة ». وأكد الوزير أن تصريحاته الشخصية: « ليست حجرا على المحجبات، فلهن كل الاحترام، لأن ذلك اختيارهن، وأكبر دليل على ذلك أن وزارة الثقافة لديها المئات من السيدات العاملات من المحجبات يمارسن عملهن بكل الحرية والمساواة مع زملائهن، ولا أحد يتعرض لهن بأي سوء ». طرح الثقة وردا على سؤال حول مطالبة بعض النواب بحضور وزير الثقافة إلى البرلمان لتفسير تصريحاته حول الحجاب قال فاروق حسني:‏ « إنني على أتم الاستعداد أن تطرح عني الثقة‏,‏ طالما هناك رغبة للاستجواب من نواب البرلمان‏ »، ولكنه أعرب عن استيائه الشديد من استغلال كلماته التي لم تكن للنشر، ولكنها كانت أشبه ما تكون بـ »دردشة ودية خلال اتصال هاتفي »‏. وفي مكالمة هاتفية مع برنامج « القاهرة اليوم » مساء السبت على قناة « أوربت »، كرر الوزير أن تصريحاته بشأن الحجاب تعبر عن رأيه الشخصي وليس عن موقف الحكومة. وشدد على أنه لم يدع النساء إلى خلع الحجاب، وأنه ليس معترضا عليه، وإنما يراه « حرية شخصية للمرأة »، بيد أنه رفض مجددا الاعتذار عن تصريحاته كما طالبه بذلك نواب الإخوان في البرلمان. وقال الوزير المصري: « لم أخطئ لكي أعتذر »، مضيفا أنه مستعد لمواجهة طرح الثقة عن شخصه أمام مجلس الشعب (البرلمان). معركة تصريحات ورغم التراجع الواضح للوزير الذي استبق بداية عمل البرلمان ومناقشة البيان العاجل لنواب الإخوان، فقد استمرت معركة التصريحات على صفحات الصحف المصرية بين أنصار الوزير من التيار الليبرالي أو العلماني وبعض ناشطات حقوق الإنسان من رافضي الحجاب، وبين مؤيدي الحجاب والتيار الإسلامي وعدد من علماء الأزهر. فقد انبري فريق للدفاع عن الوزير، فيما هاجمه الفريق الآخر بسبب تصريحاته ضد الحجاب باعتبار أن حرية الرأي التي يتحدث عنها تقف عند أحكام الدين ولا تتعداها. وكانت الأزمة قد اشتعلت حينما نقلت صحيفة « المصري اليوم » الخميس 16-11-2006 عن الوزير قوله بأن الحجاب « عودة للوراء ». وقال: إن « النساء بشعرهن الجميل كالورود التي يجب عدم تغطيتها وحجبها عن الناس »، وأنه « لابد أن تعود مصر الجميلة كما كانت وتتوقف عن تقليد العرب الذين كانوا يعتبرون مصر في وقت من الأوقات قطعة من أوروبا ». وفي أعقاب تلك التصريحات، تقدم اثنان من أقطاب نواب الإخوان في البرلمان ببيان عاجل ودعوة لإقالة وسحب الثقة من الوزير، الذي رد على هذه الانتقادات رافضا الاعتذار عما قال أو الاستقالة، ومؤكدا أنه قال رأيه في الحجاب ضمن حرية الرأي. وأيد فريق من المثقفين تصريحات وزير الثقافة، وهاجموا بدورهم الحجاب، واعتبروه نتاج « ثقافة وهابية »، وتقليدا مصريا للعرب في أزيائهم!.
 
(المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 19 نوفمبر 2006)

 

مقاهي الحاضرة في النصف الأول من القرن العشرين (السادسة / والأخيرة)

تقييـم شامــل للمرحلــة

بقلم: الأستاذ منير بطيخ

 

ننشر فيما يلي الحلقة السادسة والأخيرة من سلسلة المقالات التي كتبها الأستاذ منير بطيخ حول مقاهي الحاضرة في النصف الأول من القرن العشرين. فقد تناول فيها مختلف أصنافها من مقاهي خاصة بالفنانين وأدباء ورياضيين… ومدى إقبال المواطن التونسي في تلك الفترة عليها وتوظيف لقاءاته في مجالات تخدم القضايا الوطنية الثقافية والموسيقيـة والسياسية. وفي هذه الحلقة الأخيرة تقييم شامل لكل ما سبق التعرض إليه.

 

استنتاجات حول مقاهي مدينة تونس في النصف الأول من القرن العشرين

 

لقد ساهمت جملة من الظروف الموضوعية في انتشار المقاهي على مستوى مدينة تونس خلال النصف الأول من القرن العشرين وميزتها عن بقية الفضاءات الأخرى ومن أهم تلك الظروف في نظري:

* عدم توفر المنتديات والفضاءات العمومية المريحة القادرة على استيعاب الفئات الاجتماعية المتنامي عددها والتي ترتاد المقاهي، وحرص الاستعمار الفرنسي على عدم تمكين التونسيين منها خوفا من تنامي الشعور الوطني للتونسيين وبهدف منعهم من الانتظام والتجمع.

* تقليد مقاهي الرصيف والصالونات الكبرى الموجودة خصوصا بالقاهرة و فرنسا والتي يصل ثراء جلساتها وأعمالها إلى مسامع التونسيين ويحرك فيهم شعور القدرة على الاستفاقة والنهوض وتجاوز كل المحبطات.

* تمثل المقاهي أكثر الأماكن التصاقا بالفئات الشعبية وما تحمله كل فئة من قيم وسلوكيات تميز بعضها عن بعض وتثري كل منها تجربة الأخرى حيث يتم التواصل ويحدث تبادل الأفكار والمعلومات مع ما يصحب ذلك من تأثير على الرأي العام الواسع.

* مـثـّل المقهى وسيلة إعلام مباشرة كبرى تساهم في تواتر الأخبار والمعلومات وتضمن سرعة انتشارها فيما يخص الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية ببلادنا بحكم سهولة اتصال الأفراد فيما بينهم داخلها ووجود كل شرائح المجتمع تقريبا هناك.

* لقد مكّن غياب أجهزة الإعلام المتطورة من جعل المقهى آنذاك الفضاء الإعلامي الأكثر  فاعلية وتأثيرا في المجتمع بحكم تردد المواطن التونسي عليه باستمرار والحصول على معلوماته من هناك.

تلك كانت بعض الأدوار الهامة التي اضطلعت بها المقاهي في الحاضرة خلال النصف الأول من القرن العشرين كمعالم حية وفاعلة في تاريخ تونس الحديث أمكن لها المساهمة في دعم وانتشار النوادي والجمعيات والأحزاب و النقابات وساهمت في إشاعة ونشر الحوار الحرّ الوطني داخل فضاءاتها عبر ما كان يدور في مجالسها ومنتدياتها المختلفة الأهداف والتوجهات من نقاشات راقية وأحيانا متقدمة، وما صدر فيها وعنها من أعمال أدبية وفنية وموسيقية متميزة إبان سيطرة الاستعمار الفرنسي المباشر على بلادنا .لقد كانت المقاهي متنفسا ثقافيا وسياسيا واجتماعيا هاما لشرائح مهمة وأحيانا مؤثرة في المجتمع وتعاقبت عليها أجيال مختلفة من المثقفين كوّنت نواة انتجلنسيا متحررة وليبرالية كما سماها وصنّفها جان فونتان في كتابه «الأدب التونسي المعاصر»(1) ساهمت في تعزيز وتمتين أواصر العلاقات الثقافية والاجتماعية بين روادها ومجتمعهم الواسع . وبالرغم من أن المقاهي ظلت بعيدة عن اهتمامات الدارسين والباحثين الاجتماعيين والمؤرخين وعموم المثقفين فإن مساهمة بعض المختصين في الشأن التاريخي والاجتماعي قادرة على توضيح بعض الخفايا والنقاط الغامضة مثلما تفضّل به الدكتور محمد مسعود إدريس من مساعدة وتوضيحات قدمها لي خلال إعدادي لهذه الورقات هي مؤشرات تقيم الدليل على إمكانية الإضافة التي يمكن أن تحصل على مستوى هذا الموضوع من خلال البحث المعرفي الممنهج والمؤطر خصوصا وأن التاريخ الاجتماعي لبلادنا مازال يحتاج إلى مجهودات أخرى لنفض ما بقي عالقا به من غبار النسيان السميك نسبيا حتى تتضح جملة من الحقائق المفيدة التي لازالت خافية عن الأنظار والتي نـقدر أنها هامة لدراسة تاريخنا الوطني من كل جوانبه.

ــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1 – جان فونتان «الادب التونسي المعاصر» الدار التونسية للنشر فيفري 1989 ص30.

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 19 نوفمبر 2006)


 

 

.. وستبقى أيام قرطاج السينمائية دعامة للسينما المناضلة من أجل سينماءات وطنية فاعلة

 

 

اختتمت ايام قرطاج السينمائية اشغالها مساء امس ووزعت جوائزها في حفل سنعود اليه في عدد قادم وما يهم اليوم هو التأكيد ومن جديد على تميز هذا المهرجان الكبير بعمقه الثقافي وباهدافه الكبيرة التي انطلق بها في منتصف الستينات ولم يحد عنها ابدا رغم كل انواع التحولات التي حدثت في الثقافة وطنيا وعربيا وعالميا تلك التحولات التي لم تترك السينما دون ان تشجعها معها لتدور في عجلتها التجارية البحتة لتفرض عليها افرازات العولمة.

 

ايام قرطاج السينمائية سارت في المنهج المرسوم لها رغم بعض الاخلالات التنظيمية التي لم تسئ ابدا الى «اللحمة الحية» التي هي عصب المهرجان والمتمثلة في الافلام العربية الافريقية لمساندتها وفتح مجالات التطور امامها، وفي الافلام القادمة من كل انحاء العالم للاطلاع عليها بعمق وللاستفادة منها. وطبعا فالمهرجان لا يبرمج هذه الافلام بلا اختيار بل هي مختارة وفق رؤية نضالية للتعريف بالابداعات المغايرة التي يحاول اصحابها الخروج من السائد ومقاومة كل انواع التجهيل والتغييب للفكر الناهض وارساء صناعات سينمائية وطنية في خدمة الشعوب وفي خدمة الثقافات الجادة التي تسعى الى اثبات ذاتيتها وهوينتها في عصر تهيمن عليه الشركات العملاقة في المجال السينمائي والتي لا هم لها سوى الدولار وكل العملات الصعبة.

 

وقد بات واضحا ومنذ سنوات ان النضالات في هذا المضمار طويل وشاق، ولكنه ليس بلا نتائج فلقد حققت السينماءات الوطنية من خارج البلدان المتقدمة وخاصة منها الولايات المتحدة انتصارات مهمة واصبحنا نشاهد افلاما عربية وافريقية جيدة تضاهي افلام البلدان المتقدمة سينمائيا والكثير منها اعمق ثقافيا واكثر طرافة.

 

وقد تضمنت ايام قرطاج السينمائية في دورتها الواحدة بعد العشرين المنتهية افلاما مهمة تؤكد ما ذهبنا اليه، والكثير منها ينطلق من روح نضالية وفكرية عالية رغم ان البعض منها مثير للجدل ويمكن البحث في خلفياتها وتعرية ما تستبطنه من فكر لا يتحمل مسؤوليته الا المعبر عنه سينمائيا.

 

يكفي القول ان تونس شاركت في الايام هذه بـ10 افلام جديدة منها ثلاثة في المسابقة الرسمية وهي «اخر فيلم» للنوري بوزيد الذي لم ينته بعد الجدل الكبير حوله على المستوى الفكري مع الاتفاق الجماعي حول عمقه الجمالي والفني وقدرته على شد المتفرجين، وكذلك فيلم «عرس الذيب» للجيلاني السعدي الذي تناول المجتمع الخلفي للمدينة وهو الذي يسميه يوسف ادريس «قاع المدينة» قدمه لنا بكل سلبياته الى درجة تصدم العين والعقل.. واخيرا وليس اخرا فيلم «بابا عزيز» للناصر خمير، وهو من اجمل الافلام العربية على الاطلاق ابرز فيه هذا المخرج الذي اثبت حضوره منذ فيلمه «الهائمون في الصحراء» الذي نال به نجومية عالمية.

 

اما الافلام الاخرى التي لم يتم اختيارها في تونس للترشح للجائزة، فهي ايضا هامة ومنها «خشخاش» لسلمى بكار و«بين  الوديان» لخالد البرصاوي، وهي تشد الانتباه وتؤكد رغم ان بعضها لا يجمع عليها المثقفون فكريا ان السينما التونسية تتحدى بفنها وايضا بثقافة اصحابها.

 

صحيح ان الكثير من الافلام التونسية في الثلاثين سنة الاخيرة واوغلت كثيرا في الفيلم المؤلف.. واوغلت كثيرا في مسائل تتعلق بالمرأة والجسد والجنس، وقدمت تونس بشكل لا نرضاه احيانا للغرب الذي نريده ان يعرف العمق الاجتماعي والعمق الثقافي التونسي لا ان يعرف الجوانب الفولكلورية او المثيرة سياحيا.. ومع ذلك نقول  بان هذه السينما قادرة على الخروج من عنق الزجاجة وتحقيق المعادلة التي يبحث عنها الجمهور التونسي خاصة.

وان المخرجين الذين اولوا عناية واسعة بالغرب وبأفكاره التي كثيرا ما تكون خاطئة عنا بدؤوا يتغيرون وبدؤوا يكتشفون انهم اذا ما تواصلوا مع هذا المنهاج فانهم سيتسببون في ابتعاد الجمهور التونسي نهائيا عن السينما وهو ما لا يرضاه احد، لان السينما هامة في حياة الناس في هذا العصر ومنذ اكثر من خمسين سنة ولذلك  نرى ان النضال في هذا المجال لا يقل اهمية عن النضالات السياسية بكل توجهاتها بعيدا عن التطرف في اي توجه كان.

وما نؤكده ان تونس ليست وحدها التي تعيش التطور الايجابي في المجال السينمائي، فهناك حركية متميزة في الجزائر وفلسطين وفي المغرب وفي سوريا ولبنان وفي موريطانيا على المستوى العربي وحركية تجلب الانتباه في السينغال ومالي ونيجيريا والتشاد والكامرون والكوت ديفوار وبوركينا فاسو وغيرها من البلدان الافريقية ما بعد الصحراء.

فلقد شاهدنا فيلما «باماكو» وهو موريطاني مالي، للمخرج عبد الرحمان سايسكو يتميز بالعمق السينمائي المطلوب وهو محاكمة للغرب في فكره المتحول في السنوات الاخيرة، فكر أناني وعنصري يهدف الى خلق صراعات بين الشمال والجنوب تدعمه العولمة التي تبنتها الصناديق النقدية التي اصبحت مؤيدة للبعد الامريكي المنغمس في تطرف المحافظين الجدد.

كما شاهدنا فيلما من التشاد بعنوان «دارالت الموسم الجاف» اكد فيه صاحبه ان هذا البلد الافريقي الغفير قادر على ارساء سينما مناضله تحاول التعريف بالمشاكل الحقيقية التي يعيشها الافارقة دون ان تسقط في خصوصيات الشريط الوثائقي الذي نحتاجه لكن ليس هذا مجاله.

ويمكن ان نتوقف عند افلام اخرى لم نتمكن من مشاهدتها وقد شاهدها زملاء لنا عبروا عن اعجابهم بها مثيرين القضايا التي تطرحها بشكل فني جميل.

 

المهم هو التأكيد على ان هذا المهرجان مازال قادرا على العطاء ولا بد من العمل على المحافظة عليه وتطويره والنظر في كل الاسباب التي كانت وراء الاخلالات التنظيمية خاصة على مستوى ادارة الاعلام الخاصة بايام قرطاج والتي لم تكن جاهزة في الابان ولم تقم بما هو منوط بعهدتها وايضا على مستوى القاعات التي اخلت بواجباتها في خصوص اجهزة البث والصوت وقد رأينا افلاما تقطع اثناء العرض. وافلاما تقدم بصوت فيه ارتباكات كثيرة.

 

وسيبقى المهرجان رغم كل شيء جميلا ومعطاء وسيكون دوما مساهما في فرحة تونس وفي اشاعة اجواء الاحتفالات الثقافية الرائعة.. وسيبقى ايضا فاتحا لذراعيه للمخرجين وللسينماءات الجديدة.. وحتى لا ننسى نذكر ان السعودية مشاركة في هذا المهرجان رسميا بشريط طويل وهو اول شريط سعودي اخرجه عبد الله المحبين تم عرضه في نطاق مسابقة افلام الفيديو.

 

محمد بن رجب

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 19 نوفمبر 2006)


 

في حفل نظمه البنك التونسي:

الشاعرة جميلة الماجري تتسلم جائزة أبي القاسم الشابي

رغم ان جل المتحركين على الساحة الثقافية موجهون اهتماماتهم بأيام قرطاج السينمائية في دورتها الواحدة بعد العشرين فان عدد المحتفين باسناد جائزة ابي القاسم الشابي للشعر كان كبيرا مساء الجمعة الماضي في فندق افريقيا بالعاصمة غصت بهم القاعة المخصصة للحفل الذي اشرف عليه المدير العام للبنك التونسي مؤسس هذه الجائزة وراعيها السيد فوزي بلكاهية فضلا عن الكاتب عز الدين المدني رئيس الجائزة والمنسق لاعمالها.

والمعروف ان هذه الجائزة يسندها البنك التونسي سنويا وهي تختص في كل دورة بفن ادبي معين، وبالنسبة لسنة 2005 اختير لها الشعر، وكانت من نصيب الشاعرة التونسية جميلة الماجري وقد ترشح لنيلها 141 شاعرا وشاعرة من تونس وسوريا ولبنان والمغرب والجزائر وفلسطين ومصر والعراق والاردن والمملكة العربية السعودية والكويت والبحرين، والعدد الاكبر من الشعراء المترشحين كان من تونس ثم تليها سوريا على القائمة.

 

الكاتب عز الدين المدني وهو يتحدث عن تاريخ الجائزة التي تسند وفق قانونها على المستوى العربي لاحظ ان الشاعرة جميلة الماجري نالت جائزة الشعر بالاجماع واللجنة متركبة من عدد هام من الاساتذة الجامعيين والمبدعين والنقاد والناشرين، ومن جميل الصدف ان نذكر ان الجائزة في دورتها الحالية تسند للشعر وقد سبق لها ان اختارت فن الشعر ثلاث مرات وكانت الجائزة في الشعر تذهب لتونس في كل دورة وقد تحصل  عليها قبل جميلة الماجري الشعراء محيي الدين خريّف ومحمد الغزي والمنصف الوهايبي ويوسف رزوقة ومحمد الخالدي.

 

وبعد أن أكد الكاتب عز الدين المدني على قانونية ترشح الشاعرة جميلة الماجري وفق شهادة الايداع القانوني المسلمة من الجهة المختصة بوزارة الثقافة والمحافظة على التراث، وهي الشهادة التي تم تعليقها في صدارة القاعة التي ضمت الحفل واطلع عليها جل الحاضرين، قدم نبذة من حياة الشاعرة جميلة الماجري ونشاطاتها الادبية والفكرية وتحركاتها في مجال الابداع في تونس  والخارج كما قدم قائمة في الجوائز التي حصلت عليها وهي كثيرة منها جائزة لبنانية وجائزة الطاهر الحداد للابداع الخاص بالاهتمام بالمرأة، وجائزة وزارة الثقافة في الشعر.

 

ولئن نالت جميلة الماجري جائزة ابي القاسم الشابي عن مجموعتها «ذاكرة الطير» التي ترشحت بها فانها تستحق ايضا هذه الجائزة عن مجمل شعرها الذي نال حضورا كبيرا في مسيرة الشعر التونسي في السنوات الثلاثين الاخيرة فهي شاعرة متميزة، وشعرها مضمخ بعمق فكري وحضاري، وقد توقف النقاد كثيرا عند هذه النقطة المهمة في تجربتها الثرية ثم انها من افضل الشعراء الذين عبروا بقوة وصدق عن اهتمامات المرأة ومشاغلها الحقيقية كما انها شاعرة القيروان في بعدها العريق وحضارتها المجيدة.

 

وعلى اثر الكلمة التي القاها الكاتب عز الدين المدني بصفته رئيس الجائزة شكرت الشاعرة جميلة الماجري الحاضرين واشادت بهذه الجائزة الهامة التي تسندها مؤسسة اقتصادية وطنية ودعت المؤسسات الاقتصادية في تونس لاقتفاء اثرها ومساندة الحركة الادبية ورعاية المبدعين الذين يحتاجون دوما الى التشجيع من أجل اثراء الابداع وتطوره فالتشجيع اساسي والمؤسسات الاقتصادية قادرة على معاضدة الدولة في هذا المجال.

 

وفي نهاية كلمتها انشدت قصيدة في حب الوطن عنوانها «لتونس هذا الهوى» صفق لها الحاضرون بحماس لجمالها وطرافة صياغتها وجدتها في التعبير عن الحب الكبير الذي تحمله لهذا الوطن العزيز. وعلى الاثر تقدم منها الشاعر عادل معيزي وقدم للشاعرة جميلة الماجري باقة ورد من شعراء تونس كما ان الاستاذ الهاشمي بلوزة الكاتب العام لاتحاد الكتاب التونسيين اهداها باقة ورد اخرى تحت موجة من التصفيق الحار مع الملاحظ ان بعض الحاضرين اكدوا بصوت عال ان هذه الجائزة نالتها شاعرة تستحقها عن جدارة.

 

وفي نهاية الحفل تولت الفائزة السعيدة التوقيع على نسخ من مجموعتها جاء بها عدد من الشعراء والكتاب والاعلاميين للحصول على هذا التوقيع لتسجيل الحدث ذلك ان هذه الجائزة مهمة  ولابد من العمل بكل الطرق على المحافظة عليها حتى تبقى رمزا من رموز تونس الادبية.

 

محمد بن رجب

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 19 نوفمبر 2006)


 

 

بــلاغ إلى المثقفين التونسيين حــول جائزة الشابي في دورتها الأخيـرة

 

اتصلت «الصباح» ببيان وقع عليه 11 كاتبا فيما يلي نصه

تحية ادبية وبعد

ـ فوجئنا منذ ايام قليلة بخبر اسناد «جائزة ابو القاسم الشابي للشعر» التي تشرف عليها مؤسسة البنك التونسي، للسيدة جميلة الماجري عن مجموعاتها الشعرية: «ذاكرة الطير» المفاجأة ناتجة عن سبب بسيط وهام في الان نفسه، وهو عدم طباعة وصدور هذه المجموعة المتوّجة في الفترة الفاصلة بين يومي 15 ماي 2004 و15 جوان 2006 وهو شرط اساسي للمشاركة في هذه المسابقة ورد في بلاغ البنك التونسي الخاص بالاعلان عن الترشح لنيل الجائزة.

وقد تبين لنا ان السيدة جميلة الماجري قدمت الى لجنة الايداع القانوني خمس نسخ مطبوعة بواسطة النسخ قصد الحصول على الايداع القانوني في 15 جوان 2006، وهو آخر اجل لقبول المشاركات في المسابقة، علما ان هذه الطبعة المزعومة مسجلة في ذاكرة المكتبة الوطنية تحت عدد: 163930-8-A و163929-8-A وورد في وصفها المادي كونها طبعة اولى وان عدد صحفاتها 151 صفحة ونحن نؤكد لكم، بوصفنا ناشطين في المشهد الثقافي ومطلعين عن كثب على كل شاردة وواردة فيه، ان هذه المجموعة لم تطبع ولم تنشر كما ينص على ذلك احد بنود المسابقة.

اضافة الى ما تقدم نسجل استغرابنا من عدم صدور خبر واحد عن مجموعة «ذاكرة الطير» في الصحافة التونسية والعربية طيلة اربعة اشهر كاملة، اذ لم ترها عين، ولم تتصفحها يد ولم نسمع عنها اذن خبرا يتيما في وسائل الاعلام الاذاعية، والحال انها ليست باكورة شاعرة ناشئة ومغمورة.

كما نسجل استغرابنا الشديد لغياب هذه المجموعة  عن الامسية التكريمية التي حظيت بها السيدة جميلة الماجري، من قبل مهرجان قرطاج الدولي، وذلك يوم 19 جويلية 2006 في قصر النجمة الزهراء..

 

ومما زاد الطين بلة، قيام الشاعرة بتوزيع مجموعتها الجديدة على بعض المشاركين في سهرة الشعر التونسي ليلة 13 اكتوبر 2006 بدار الثقافة ابن خلدون، المجموعة لا تحمل ايداعا قانونيا اما عدد صفحاتها فهو 160 صفحة، اضافة الى الفروقات العديدة بينها وبين النسخة المسجلة في المكتبة الوطنية (وجدنا انفسنا مجبرين على القيام بهذا التحقيق جراء المفاجأة وقصد التثبت من حصول ذاكرة الطير على الايداع القانوني) وقد تبين لنا ان النسخة الاولى مطبوعة رقميا وبعدد محدود جدا من النسخ، والقصد من ذلك الايهام بالنشر والحصول على لجنة الايداع القانوني، دون طباعة الكتاب ونشره فعليا، اما النسخة  المتوفرة الان في المكتبات، ولدى بعض الصحفيين والشعراء، والصادرة في مطلع شهر اكتوبر 2006 والموسومة بكونها طبعة اولى ايضا، هي غير قانونية ولا ايداع قانوني لها ونتعجب من جرأة السيدة جميلة الماجري على توزيع كتاب غير مرخص له، ولسنا ندري اي الكتابين تم تتويجه، الوهمي أم اللامرخص له، علما ان الشرط الاساسي للمشاركة في الجائزة هو: (ان يكون العمل المرشح منشورا للمرة الاولى في طبعته الاولى الصادرة بين يوم 15 ماي 2004 و15 جوان 2006).. فبين ايدينا اذن كتابان: الاول وهمي لم يطبع ولم ينشر، والثاني صادر بعد اربعة اشهر من انتهاء الاجل القانوني للمشاركة في الجائزة.. ثم انه غير متحصل على الايداع القانوني وموسوم بكونه طبعة اولى ايضا..

 

بناء على ما تقدم:

 

ـ نعتبر ان ما حدث ينال من مصداقية هذه الجائزة التي تحظى بسمعة طيبة لدى المثقفين في تونس وخارجها واننا اذ نشكر  البنك التونسي على رعايته للابداع والمبدعين، نؤكد ان اهداف الجائزة النبيلة لا يمكن ان تتحقق في ظل مثل هذه التصرفات.

ـ نطعن في مشاركة السيدة جميلة الماجري بمجموعاتها الشعرية «ذاكرة الطير» في مسابقة البنك التونسي (جائزة ابو القاسم الشابي للشعر) ونعتبر هذه المشاركة غير قانونية.

ـ نطالب باعتبار نتائج المسابقة لاغية ونقترح اعادة تشكيل لجنة اخرى.

ـ نطالب باجراء تحقيق في ملابسات هذا الخرق الجلي لقانون المسابقة.

ـ نؤكد ان التغاضي عن هذه التجاوزات يعد استهتارا بالمشاركين واحتقارا للشعراء التونسيين والعرب.

ـ نؤكد اننا لن نشارك في هذه المسابقة ما لم تحدد مسؤولية من قام بهذا الخرق القانوني وما لم تضمن الشفافية التامة في تقويم المجموعات المقدمة.

ـ نؤكد على ضرورة تحديد  مسؤولية كل طرف وردع كل من سوّلت له نفسه الاستخفاف بالقانون وقيم المجتمع المدني والمس من سمعة المثقف التونسي والعربي ومصداقية الجائزة التي تعد من مكاسبنا الحضارية.

 

والسلام

 

محمد الهادي الجزيري ـ فتحي النصري ـ حافظ محفوظ ـ شمس الدين العوني ـ ظافر ناجي ـ حياة الرايس ـ نجاة العدواني ـ سمير العبدلي ـ فوزي الديماسي ـ صالحة السويسي ـ الهادي الدبابي.

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 19 نوفمبر 2006)

 

كلنا شركاء في تصاعد ديكتاتورية الفريق الحاكم

جورج قرم * يتعجب الناس أكثر فأكثر من تصرف الأكثرية واستئثارها بمقدرات الوضع وكأن ذلك شيء جديد. بينما الحقيقة أن من يسيطر على مقاليد الأغلبية اليوم هو عينه الذي سيطر على لبنان منذ عام 1992 بالسجل نفسه الحافل بالخروق الدستورية المتواصلة والاستخفاف برأي الآخرين. ولا بد هنا من التذكير بأن هذا المنهج بدأ بقضية إعادة إعمار الوسط التاريخي للعاصمة الذي وضعت اليد عليه في شكل تعسّفي أدى إلى مصادرة أملاك اللبنانيين في شكل منافٍ تماماً للدستور اللبناني وأدى إلى محو الذاكرة الجماعية اللبنانية وتغيير المعالم العمرانية والحضارية لعاصمتنا. وقد سكت عن ذلك في حينه معظم اللبـنانيين وتمّ الأمر بحجة أنه لا بديل لهـــــــــذا المشروع. وهذا العــــــــــمل في الحقيقة كان أول مــــــــــــسمار في المبادىء الأســــــــاسية للدستور، وخاصة حماية الملكية الخاصة، ولذلك لم يكن من الصعب في ما بعد تعــــــــديل الدستور مرّات عديدة وكل مرة «لمرة واحدة» و«في شكل استثنائي» لإجراء طبخة الانتخابات بما يناسب تحالف رجال المال والميليشيات المنتصرة في الحرب. وقد دخلنا في الوقت نفسه في عهد الصفقات العقارية والمالية الجنونية بحجة الشرق الأوسط الجديد حينذاك في إطار مسار السلام المزعوم في مدريد عام 1991 ومن بعد ذلك اتفاقات أوسلو، وأدخلنا عنصر المال سلاحاً فتاكاً في الحياة السياسية لتأسيس ديكتاتورية هذه المجموعة الحاكمة وتكيفنا مع هذا السلاح الناعم الذي يقتل الضمير فقط دون الجسد. وتم إسكات الناس بفتح الخزانة اللبنانية على مصراعيها للإغداق بالأموال، سواء عبر الصناديق أو عبر المجالس، أو في شكل رئيسي عبر الفوائد الخارقة المستوى على سندات الخزينة بالليرة اللبنانية ما جعل من كل مدّخر، ثرياً كان أو متواضع الحال، أو شركة خاصة أو مؤسسة من المجتمع المدني لها بعض السيولة، يتمتع بريع مالي لا يبرره أي منطق إنما يسمح له بزيادة أمواله من دون أي جهد إنتاجي. ومن جراء ذلك، تراكمت منذ عام 1995، مديونية هائلة على الخزانة اللبنانية، وكان يـُقال بأن كل الدول مديونة وكان يُشار إلى مديونية الولايات المتحدة وكأنّ الاقتصاد اللبناني يشبه تماماً الاقتصاد الأميركي. وكلما كانت تتعالى الأصوات للتصدي لكل تلك البدع، كان يُردّ بعنف بأن هذا ثرثرة هدّامة لأناس لا يودّون الاستقرار والازدهار للبلاد أو يودّون فقط دخول نعيم المال فيمارسون النقد السخيف على أمل الحصول على المال. وكان يُدّعى بأنه لا بديل من الفريق الحاكم يمكنه أن يمسك الليرة اللبنانية ويوفر الاستقرار النقدي، ويا ويل! لو ترك هذا الفريق سدة الحكم! وفي الحالتين التي أتت فيهما حكومة من غير الفريق الحاكم (حكومة الرئيس الحص وحكومة الرئيس عمر كرامي)، كان هذا الفريق يقيم الدنيا ويقعدها، كأنّ أي حكومة لا تنبثق منه هي حكومة غير شرعية تؤدي بالبلاد إلى الهلاك وتصبح مسؤولة عن كل الموبقات السابقة واللاحقة. والحقيقة تقال إن الجميع مسؤول لما آلت إليه الأوضاع اليوم، لأن السكوت منذ عام 1992 عن تسلّط الفريق الحاكم نفسه على مقدرات البلاد وعقول الناس عبر سياسات إعلامية حادة وإغداق الأموال، لم يلقَ المعارضة التي كان يجب القيام بها في شكل جماعي وفعّال. فهذا حزب اللّه، على الرغم من دخوله الحلبة السياسية الداخلية منذ انتخابات 1992 لم يتصدَّ إلا هامشياً لهذا النمط من الحكم لأسباب مختلفة، قد تكون أهمها ضرورة تكريس كل الجهود لتحرير الجنوب. إنما لم يتغير هذا الأسلوب بعد التحرير، بل سياسة المهادنة كانت سيدة الموقف إلى درجة أدت إلى تحالف خطير بين الفريق الحاكم وحزب اللّه في الانتخابات الأخيرة وقد أصبح اليوم هذا التحالف السابق يهدد إنجازات المقاومة كلها منذ التحرير. أما قوى المعارضة الأخرى وهي كانت مكوّنة من تيارات وشخصيات سياسية مختلفة الأهواء، فالبعض منها هادن بحجة التحالف الاستراتيجي مع سوريا في القضايا الإقليمية الكبرى، والبعض الآخر بحسابات طائفية ضيقة لتجنب مزيد من الخسارة في الشعبية الطائفية الطابع أمام قوة المال والإرهاب الإعلامي، وآخرون لتجنب إزعاج المملكة السعودية، والبعض أيضاً لنمط الفردية والنجومية في عالمنا السياسي الصغير. وقد باءت بالفشل كل محاولات تجميع هذه المعارضات فبقيت مشتتة وبالتالي غير فعّالة. ولم يتغير هذا الواقع الأليم إلا بالموقف الجريء الذي اتخذه التيار الوطني الحر عندما احتك في أرض الواقع بدكتاتورية الفريق الحاكم وتعرض لأسلوبه الفوقي في التعامل مع الآخرين، فاتخذ تلك المواقف المشرفة، وخاصة إبان الهجوم الإسرائيلي الغاشم ولم يخطىء في تحليل الواقع المحلي والإقليمي والدولي، فعرف أن العدو الرئيسي للبنان هو دولة إسرائيل وأن أي كلام عن مسؤولية حزب اللّه في ما أصاب لبنان هو كلام يصب في منطق العدو ومن يسانده من الدول الغربية وفي منطق من يريد إدخال لبنان في مزيد من الفتنة الداخلية. لذلك، لا بد من مراجعة الممارسات السابقة انطلاقاً من كل الخروق الدستورية التي تمّت في الماضي. فالخروق الجديدة التي تشهدها الساحة ليست إلاّ نتيجة أخطاء كل من قام بها ومن سكت عنها في الماضي على السواء. ولذلك فلا عجب من مواصلة الفريق الحاكم القيام بمزيد من الخروق الدستورية، على أمل أنها ستمرّ كما مرّ ما سبقها في الماضي من خروق ابتداءً بعدم الإقدام على وضع موازنات الدولة في السنين الأخيرة إلى شلّ المجلس الدستوري الذي يترك البلاد من دون أي مرجع قانوني يصدّ خروق الدستور، ومواصلة انتقاص ما تبقى من سلطة رئيس الجمهورية بعد التعديلات التي أُدخلت على الدستور على أثر اتفاق الطائف، وعدم بتّ استقالة وزير الداخلية، وتعيين وزير خارجية بالوكالة بوجود وزير خارجية أصيل يمارس صلاحياته، والشرخ الذي أصاب الطائفة الدرزية و…. و…. كل ذلك ليس إلاّ نتيجة مساهمة الجميع في شكل أو آخر في صعود منطق خرق الدستور المتواصل والاستئثار بالحكم، ومنطق المال والإرهاب الإعلامي. حقاً! ألم نتحمل جميعاً قسطاً من المسؤولية منذ السكوت عن إنشاء شركة «سوليدير» والقبول بانتخابات 1992، وكذلك القبول والسكوت عن سياسة القمع التي مورست على جزء من شباب لبنان طوال سنين الهيمنة السورية من دون أن نسمع كلمة شجب سواء من الفريق الحاكم أو من المعارضات المختلفة (مع العلم أنه خلال حكومة الرئيس الحص 1998 ــ 2000، خفّ هذا القمع إلى درجة كبيرة إذ أُعيدت إلى البلاد حرية التظاهر التي كانت قد أوقفت الحكومات السابقة العمل بها)، أو من دون أن نفهم ما كانت أسباب مثل هذه السياسة العوجاء التي ساهمت في تسريع وتيرة هجرة الأدمغة من لبنان وإبقاء بعض العقليات التي صاغتها أحداث الفتنة الكبرى بين 1975 و1990. هذه مسؤوليات جماعية ولا حاجة اليوم إلى الذهول أمام تصرف الحكومة الحالية، كما لا حاجة إلى اتهام السفارات الأجنبية بالتدخل، فهذا تدخل نسكت عنه منذ عام 1840 أي منذ تأسيس نظام القائمقاميتين. ولا أحد من المسؤولين منذ ذلك التاريخ جرؤ على الطلب من السفارات الغربية التقيد بالعرف الدبلوماسي الدولي، ومن الصحافة اللبنانية عدم طلب التصريحات السياسية من السفراء الأجانب أو الموفدين الغربيين؟ بل يزحف الكثير من اللبنانيين للانبطاح والتودد أمام الدبلوماسيين الأجانب وكأنها ميزة وطنية كبرى. ألم يحن الوقت أن نفتح حواراً في الأساسيات لا الشكليات كما هي الحال حتى الآن، أن نحدد من العدو ومن الصديق للبنان في الظرف الراهن، وهل بالفعل لم تعد إسرائيل عدوة لبنان في الشكل الكينوني العميق، كما هي عدوة الفلسطينيين مهما قدّموا من تنازلات متواصلة أمام عجرفتها؟ وكذلك ألم يحن وقت الإقرار بما إذا كان يمكن الاتكال على السياسات الأميركية لتوفير الاستقرار في لبنان بعد كل ما دلت عليه نتائج أعمالها وسياساتها في العالم الثالث، من أميركا اللاتينية إلى أفغانستان وفيتنام والعراق؟ وهل يجب أن نتهجم على إيران لأنها تساند قضية الشعب الفلسطيني والمقاومة اللبنانية وتقف في وجه الولايات المتحدة؟ هل يجب أن نوظّف جريمة اغتيال الرئيس الحريري في الصراع الإقليمي والدولي على المنطقة، وهي أساساً حصلت لفتح الساحة اللبنانية مجدداً أمام أتون هذا الصراع؟ وهل يمكن أن يستتب الأمن والاستقرار في لبنان في جو محاصرة السياسة الدولية جارته الكبيرة سوريا من دون أن ينجر لبنان إلى القلاقل والفتن، وخاصة عندما يحاول البعض توظيف لبنان لتشديد هذا الحصار وتعظيم مفعوله؟ عندما نسمع قوى المعارضة وفي شكل خاص حزب اللّه يتكلم بفصاحة عن الديموقراطية التوافقية بدلاً من الديموقراطية العددية التي كان يهدد بها في الماضي، فهل علينا أن نرفض مثل هذا الطرح الذي طالما رفعت شعاره قوى مسيحية مختلفة في تاريخ لبنان الحديث خوفاً من دكتاتورية أغلبية مسلمة على البلاد؟ هل علينا، كما يبدو من خلال منطق الفئة الحاكمة والمعجبين بها، أن نتحول فجأة إلى علمانيين عنيفين ونطالب بحكم الأغلبية، بغض النظر عن التوازنات الطائفية التقليدية، وكأن دستورنا وعقولنا أصبحت جميعها غير طائفية بين عشية وضحاها؟ هل أصبح فعلاً العماد ميشال عون مجرد أداة في أيدي سوريا وإيران، وكذلك رؤساء الوزارات السابقون من الطائفة السنية؟ وهل أصبحت الشخصيات المستقلة التي لا علاقة لها بأية سفارة أو دولة أجنبية أيضاً ألعوبة في أيدي أحمدي نجاد وبشار الأسد؟ هذه هي بعض المواضيع المهمة التي لا بد من طرحها في الظرف الراهن، معترفين بمسؤولية معظم قوى المعارضة منذ عام 1992 عن نجاح تسلّق فريق واحد إلى السلطة وممارسته دكتاتورية على البلاد منذ ذلك الحين عبر وسائل مالية وإعلامية مختلفة وشتى أنواع الإرهاب الفكري، يوماً تحت الراية السورية ويوماً تحت الراية الغربية. هذه المراجعة الضميرية لا بد منها لإنقاذ البلاد وتأسيس جبهة فكرية وسياسية تُفهم العالم أن شيئاً جوهرياً تغيّر في بلاد الأرز من حيث ستبوء بالفشل كل محاولات القضاء على معالم هذا البلد الحبيب وتراثه، المتنوع والغني بقدراته الإبداعية والطليعية، ومن حيث نعمل على بقاء لبنان وفياً لرسالته الكيانية وطليعةًًًًًً للتقدم والفكر والإبداع في المنطقة بما فيه كيفية الدفاع عن أرضه ومعالمه الحضارية أمام كل محاولات تشويهه وإخضاعه وتطويعه من دون أن يتمكن الأصدقاء أو الأعداء من النيل من عزيمتنا التي طالما بقيت أكثر من مرة في سبات عميق أو وعي منقوص. * وزير لبناني سابق
(المصدر: صحيفة الأخبار البنانية بتاريخ 18 نوفمبر2006)


Home– Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.