الاثنين، 20 نوفمبر 2006

Home– Accueil الرئيسية

 

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2373 du 20.11.2006

 archives : www.tunisnews.net


التكتّل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات: بلاغ صحفي

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بلاغ

التنسيقية الوطنية لإتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل: بلاغ إعلامي

  عبد الحميد الصغير : اليوم الثالث من استئناف الإضراب عن الطعام

الهادي بريك ـ نورالدين الخميري: مناشدة / استمرار محاصرة السيّد حمادي الجبالي والد. منصف المرزوقي

الوسط التونسية:  تأويلات مثيرة لغياب الرئيس بن علي عن مسرح الأضواء

كلمة: أخبار العدالة

الصباح: صفاقس – مسلّحـون بالسواطير يهاجمون القطار ويستولون على أدبـاش الحرفـاء

أحمد نجيب الشابي: حملة انتخابية مبكرة أم تهيئة لتعديل دستوري جديد؟

في مفتتح السنة السياسية الجديدة، تنظم مجلة كلمة مائدة مستديرة تستضيف فيها قيادات سياسية

الحبيب أبو وليد المكني:لهذا لا يشارك الإسلاميون في حوارات قناة الحوار التونسي..

أبو عمر: رسالة إلى التقدميين والمتنورين

بوكثير بن عمر:إلى أم أسامة:…تعقيب بالإسم الحقيقي

شـهــاب:  لقد جانبت الصواب يا بو العيون 

امحمد العروسي الهاني: لرسالة المفتوحة الثالثة إلى السيد وزير المالية حول مشاغل المواطنين و مقترحاتهم

المنذر جغام: إتيقا (éthique) الحوار اليساري اليساري:امتداداته وحدوده ونواظمه؟

صالح الزغيدي: المواجهة والآليات…

الصباح : التـونسي للتـونـسي رحمة.. لكـن أين هي الـرحمة؟

الأستاذ عبد الرؤوف العيادي : الكلاسط (الجوارب) والسفساري والحجاب

 د رجاء بن سلامة : الختان والعباءة ولعنة تكرار البدايات

عبدالحميد العدّاسي: الحجّ ( الحلقة الأولى )

القدس العربي: المسلمون بهولندا ينتقدون الحظر المقترح علي النقاب

القدس العربي: بلاغ الي النائب العام ضد وزير الثقافة بعد تصريحاته ضد الحجاب

رويترز: هجوم لاذع على وزير مصري ومطالبة من الحزب الحاكم بإقالته

القدس العربي:  لجنة علماء الأخوان في الأردن: فاروق حسني تنكر للاسلام ويوالي الغرب والفاتيكان

القدس العربي : مبارك يعلن نفسه رئيسا مدي الحياة

القدس العربي: الجزيرة الفضائية بالرباط تطلق نشرة المغرب العربي

محمد صادق الحسيني:  نجم امريكا يأفل…. فقط لو يُصّدقون!

مطاع صفدي: ولادات عسيرة لديمقراطيات العرب والإسلام!


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


 
التكتّل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات
بلاغ صحفي 
 
تقدّم حزب التكتّل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات إلى المصالح المختصة بوزارة الداخلية و التنمية المحلية عشية الخميس 16 نوفمبر2006 بملف يتضمن إعلاما في إصدار نشرية دورية، و ذلك طبقا للفصل الثالث عشر من « مجلّة الصحافة » و الذي ينص حرفيا على أنه  » يقدم إلى وزارة الداخلية قبل إصدار أية نشرية دورية إعلام في كاغذ متنبر وممضى من مدير النشرية الدورية و يسلم وصل في ذلك… » إلا أن وزارة الداخلية و التنمية المحلية امتنعت عن تمكين الأمين العام للتكتّل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات و مدير النشرية الدكتور مصطفى بن جعفر، الذي كان مرفوقا بعضو القيادة السياسية الدكتور خليل الزاوية، من إيداع الملف و الحصول على الوصل اللازم. و بعد أخذ ورد دام قرابة الساعة مع أعوان الإستقبال و على قارعة الطريق، طلب من الدكتور مصطفى بن جعفر التوجّه إلى الولاية. و فعلا توجّه الدكتور مصطفى بن جعفر و رفيقه إثر ذلك مباشرة إلى مقر ولاية تونس العاصمة فلم يجدا القبول المنتظر، و بعد أخذ و ردّ من جديد حدّد له السيد المعتمد الأول موعدا معه صبيحة اليوم التالي في العاشرة صباحا. و في الموعد المذكور تقدم الدكتور مصطفى بن جعفر والأستاذ عبد اللطيف عبيد عضو القيادة السياسية إلى مقرّ الولاية و لكن أعوان الاستقبال أعلموه أن السيد المعتمد الأول غير موجود، فطلب كتابيا  مقابلة السيد الوالي و بقي طيلة ساعة كاملة ينتظر ردّا دون جدوى.كما تجدر الإشارة إلى أن الدكتور مصطفى بن جعفر اتصل في صبيحة يوم الجمعة بكتابة السيد كاتب الدولة لدى وزير الداخلية قصد الإعلام بكل ما حدث و لكنّه لم يتلق أي جواب أو إشارة في اتجاه معالجة الأمر و تلافي ما حصل. إن التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات يعبر عن استيائه تجاه هذه التصرفات المخالفة للدستور و القانون و لأبسط قواعد الاحترام التي ينتظرها و يستحقها أي مواطن من الإدارة  في « دولة القانون و المؤسسات ». وهو يعتبر أن ما حصل بمثابة الرفض لحق دستوري و قانوني و التمييز الواضح بين حزب التكتّل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات و بقية الأحزاب القانونية الأخرى. إن التكتّل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات المحروم من التمويل العمومي المخصّص للأحزاب « البرلمانية » دون سواها، والمقصى تماما من المساحات العمومية والفضاءات السمعية و البصرية « الوطنية »، يؤكد تشبث مناضليه بحقهم في التعبير والاتصال بالمواطنين عبر وسائل الإعلام المتاحة لغيرهم و يعتبر أن منعه و عرقلة مساعيه لإصدار نشرية لا تبرره  سوى إرادة تعميق الانغلاق السائد و إفراغ الحياة السياسية من كل معنى.   الأمين العام    مصطفى بن جعفر

أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 شارع المختار عطية تونس 1001 الهاتف : 71340860 الفاكس:71354984 20/10/2006 بلاغ

·        علمت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن سجين الرأي السيد سهل البلدي المعتقل حاليا بسجن المرناقية تحت طائلة قانون الارهاب قد علق الاضراب عن الطعام الذي شنه منذ 9 نوفمبر 2006 استجابة لمناشدة والده المتكررة له بذلك. ·        كما علمت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن سجين الرأي السيد حسني الناصري المعتقل بسجن المرناقية تحت طائلة قانون الارهاب يواصل إضرابه عن الطعام لليوم الرابع و العشرين على التوالي و أن صحته تدهورت جدا إلى حد أنه أصبح يتقيأ الدم. رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري

 

سجناء حركة النهضة في تونس في خطر

 

الحوار.نت – السلطات التونسية تفرق السجناء السياسيين في سجن المهدية بتونس عن بعضهم البعض, وذلك بسبب شنهم لإضراب عن الطعام منذ مدة ولتردي وضعيتهم السيئة في السجون .

وقد عبرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان اليوم عن قلقها من هذا الإجراء وعن الحالة الصحية للسجناء باستعمالها تعبير: (سجناء حركة النهضة في خطر) وذلك حسب نشرة الجزيرة المغاربية.

(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 19 نوفمبر 2006)

 

التنسيقية الوطنية لإتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل
بلاغ إعلامي

 تونس في 17/11/2006 توجه الزملاء الحسن رحيمي وفلة رياحي ووليد العزوزي الى وزارة التشغيل من أجل مقابلة أحد المسئولين الذي وعد الزملاء بالنظر في الملفات التي قدمت للوزارة في زيارة سابقة بتاريخ 31/11/2006،أين أعلمهم أحد العاملين بان هذا الأخير ليس موجودا في الوزارة تحت ذريعة خروجه في راحة لمدة أسبوعين. ومع تمسك الزملاء بحقهم في مقابلة المسئولين تم استدعاء البوليس الذي حضر بكل تشكيلاته أمام الوزارة وحاول إجبار الزملاء على المغادرة لعدم وجود المسئولين. ولكن لقناعة الزملاء بوجود المدعو عبد الله رابح وعدم خروجه في عطلة ،تمسك الزملاء بالدخول من جديد إلى الوزارة وكشف كذب وادعاءات المسئولين هناك،وقد كان لهم ذلك حيث وجدوه قابعا في مكتبه،وعند دخولهم قام للترحيب بهم ولكن الزملاء نهروه وحملوه مسؤولية ما قام به وغادروا المكان متوعدين الوزارة بالرد الحازم في هذه المسألة. وقد توجه الزملاء إلى وزارة التجهيز والإسكان لنفس الغرض وتم تحديد موعد نهائي يوم الاثنين للرد على الملفات والمطالب التي سبق وقدمت لهذه الوزارة. هذا، و يؤكد أعضاء اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل على: –         تمسكهم بمنظمتهم المناضلة و بحقهم في الدفاع صلبها عن حقهم في الشغل قبل كل الحقوق. –         تحميل المسئولين بالوزارات المعنية بالتشغيل نتيجة ما سوف يحدث في المستقبل خاصة مع رفضهم التعامل الإيجابي مع مطالب الإتحاد واستنجادهم بالبوليس في كل التحركات لقمع إرادة المعطلين وحقهم في ارتياد المؤسسات التي وجدت أساسا للتعامل مع مطالب المواطنين مهما كانت طبيعتها. –         محاربتهم لكل أشكال العبث بمستقبل المعطلين من أصحاب الشهادات ورفضهم المطلق لأسلوب الانتداب عن طريق المناظرات الذي ترك المجال شاسعا لبعض الانتهازيين والسماسرة بحقوق المواطنين لتحقيق مآربهم الشخصية. –         استيفاء كافة أشكال النقاش و التفاوض مع الوزارات المعنية بالتشغيل و استعدادهم لتصعيد حركتهم النضالية بكافة الأشكال –         استنكارهم للتعامل الأمني الذي مازال يحكم الوزارات و المؤسسات العمومية و دعوتهم المسؤولين الإداريين إلى التحلي بالمسؤولية تجاه قضايا بطالة أصحاب الشهادات في وقت لم تعد الأساليب الترهيبية مجدية بأي حال من الأحوال. التنسيقية الوطنية لإتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل التنسيقية الوطنية المكلف بالإعلام      الحسن رحيمي 21918197         

التنسيقية الوطنية لإتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل
بلاغ إعلامي
 
تونس في 18/11/2006 بعد المفاوضات التي أجراها الإتحاد مع كل الوزارات والتي لم تفضي إلى نتيجة واضحة ومرضية توجه أعضاء الإتحاد اليوم السبت 19/11/2006 إلى وزارة التربية والتكوين من أجل التنديد برفض الوزارة حل الملفات المودعة لديها منذ أشهر وبانتدابها لبعض أصحاب الشهادات بطرق ملتوية وغير أخلاقية تمثلت في انتداب أحد أبناء مدير معهد ثانوي من مواليد 1982 وغيرها من الحالات التي تخضع لمنطق « ولد فلان وقداش دفع ». ومنذ اللحظات الأولى لحضور الزملاء أعضاء الإتحاد بالوزارة تجمعت فرق البوليس أمام مبنى الوزارة وحاولت تفريق المتواجدين بالقوة ولكن استماتة الزملاء حال دون ذلك،وقد واصل الرفاق أعضاء الإتحاد اعتصامهم أمام الوزارة إلى حين مقابلة المسئولين الذين ادعوا أنهم في مجلس المستشارين لمناقشة الميزانية. وبعد ساعتين من الاعتصام والاجتماعات العامة التي شدت المواطنين أمام الوزارة استعمل البوليس القوة وقام بتفريق الزملاء من المكان،أين تجمعوا أمام كلية 9 أفريل وواصلوا اعتصامهم وحركتهم بالاجتماعات العامة والتمدد في الطريق منددين بالوضعية المأساوية التي يعيشونها في ظل رفض وزارة التربية التعامل مع مطلبهم وفي ظل الفساد الإداري الذي لم يعد يخفى على احد داخل هذه الوزارة خاصة وأن طريقة الانتداب التعاقديAMSA  لا تخضع لأي مراقبة كحال مناظرة الكاباس وغيرها.   هذا، و يؤكد أعضاء اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل على: –         تمسكهم بمنظمتهم المناضلة و بحقهم في الدفاع صلبها عن حقهم في الشغل قبل كل الحقوق. –         رفضهم لأساليب الوزارة واتصالاتها بالرفيق المنسق العام سالم العياري بدعوى حل بعض الملفات لكن بشرط إنهاء الحركة . –         استيفاء كافة أشكال النقاش و التفاوض مع الوزارات المعنية بالتشغيل و استعدادهم لتصعيد حركتهم النضالية بكافة الأشكال المشروعة . –         استنكارهم للتعامل الأمني الذي مازال يحكم الوزارات و المؤسسات العمومية و دعوتهم المسؤولين الإداريين إلى التحلي بالمسؤولية تجاه قضايا بطالة أصحاب الشهادات في وقت لم تعد الأساليب الترهيبية مجدية بأي حال من الأحوال. التنسيقية الوطنية لإتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل التنسيقية الوطنية المكلف بالإعلام      الحسن رحيمي

بسم الله وحده تونس في 20 نوفمبر2006

اليوم الثالث من استئناف الإضراب عن الطعام

 
نحن نقرّ  بانّ آلاما تنتج عن معركتنا ولكنّنا على يقين انّ هذه الآلام هي الضريبة التي لا بدّ من دفعها لنيل الحرّية والكرامة . أنا عبد الحميد الصغير الطالب بالمرحلة الثالثة أواصل إضرابي عن الطعام لليوم الثالث ، هذا الإضراب الذي استأنفته اثر مماطلة السلطة لي ونكثها لوعدها بتسليمي جواز سفري الذي تقدّمت بمطلب للحصول منذ 27 أفريل 2006 واحتجاجًا على المحاكمة الجائرة التّي جرت لي عقابًا على دفاعي عن حقّ زميلاتي المتحجّبات في الدخول للكلّية يوم 11 أكتوبر الفارط .  ورغم ما بدأت أحسّ به من إرهاق فقد توجّهت صباح اليوم إلى كلّية العلوم بتونس حيث قمت بتعليق بيان أشرح فيه لزملائي الطلبة سبب دخولي الإضراب، الأمر الذي لاقى تفهّم وتعاطف العديد منهم، وانّي أؤكّد استعدادي مواصلة تحرّكاتي الإحتجاجيّة بمختلف الأشكال السلميّة للمطالبة بحقّي المشروع. وإذ أحيّي كلّ الإخوة والشخصيّات الذين اتّصلوا بي وعبّروا عن تضامنهم معي، فإنّي احمّل السلطة المسؤوليّة الكاملة عن المضاعفات التي يمكن ان تنجرّ عن إضرابي عن الطعام الذي أؤكّد انّني لن أوقفه قبل نيل حقّي، كما أناشد جميع القوى السياسيّة وهيئات المجتمع المدني الوقوف إلى جانبي. والسلام عبد الحميد الصغير   للتعبير عن تضامنكم: مكان الاضراب: نهج سيدي سفيان وسط العاصمة , عمارة عدد: 25 الطابق الثالث شقة عدد 8 الهاتف : 0021697080718 absghaier@yahoo.fr

 

مناشدة استمرار محاصرة السيّد حمادي الجبالي والد. منصف المرزوقي

 
في اتصال هاتفيّ تمّ صباح هذا اليوم الإثنين 06.11.20 مع السيّد حمّادي الجبالي أكّد لنا أنّ محاصرة البوليس لبيته بالإضافة إلى تشديد الرّقابة عليه وعلى أسرته مازالت متواصلة وهي تأتي ضمن محاولة فاشلة من السّلطة لثنيه على مواصلة نضاله السيّاسي من أجل الحرّيات . وعلى ضوء هذه التطوّرات الخطيرة التي تشهدها السّاحة السّياسيّة التّونسيّة ضدّ المناضلين الشّرفاء كما هو حاصل  للدكتور منصف المرزوقي من مضايقة ضمن حملة مدروسة  لتشويهه والمسّ من سمعته الوطنيّة ، فإنّنا  نتابع بقلق شديد خطورة ما يجري بالبلاد من حالة تدمير ممنهجة لكل الأصوات الحرّة . وبهذه المناسبة فإنّنا ندعو: 1ـ  السّلطات التّونسيّة لوضع حدّ لهذه الإستفزازات وايقاف الملاحقات الأمنيّة التي يتعرّض لها كلّ من السّادة حمادي الجبالي والدكتور منصف المرزوقي 2ـ  كل مكونات المجتمع المدني التّونسي من أحزاب وجمعيّات ومنظّمات إنسانيّة لمزيد التّضامن والمساندة وتفعيل النّضال المشترك لرفع المظلمة المسلّطة على السّادة  حمادي الجبالي والد. منصف المرزوقي. 3ـ كما نناشد بالمناسبة كلّ المنظّمات الحقوقيّة الدّوليّة للتفاعل مع هذه القضيّة  لوضع حدّ نهائي لهذه الهجمة الشّرسة وإنهاء كل أشكال القيود والمراقبة والمضايقة المسلّطة عليهما .  4 ـ نعلن تضامنها ووقوفها مع أحرار تونس ومناضليها الشّرفاء أمام ما يتعرضون له من مضايقات على خلفيّة نشاطهم السيّاسي الهادي بريك ـ ألمانيا        brikhedi@yahoo.de نورالدين الخميري ـ ألمانيا    jendouba-92@hotmail.de   ألمانيا في 2006.11.20


بعد غياب استمر خمسة أيام ونيف، الرئيس بن علي يُعاود الظهور على الركح من جديد..

 

يوم الثلاثاء 15 نوفمبر 2006، أشرف السيد زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية التونسية في قصر قرطاج على اجتماع لمجلس الوزراء. ومنذ ذلك الحين غاب السيد بن علي عن الأنظار دون أي إعلان مسبق.

 

ولم تنشر وسائل الإعلام الرسمية أي خبر عن نشاط رئيس البلاد وغابت أخباره وصور لقاءاته عن الصفحات الأولى للجرائد ونشرات الأخبار الإذاعية والتلفزيونية، ومـرّ يوم الأربعاء 15، ثم الخميس 16، فالجمعة 17، فالسبت 18 نوفمبر والأحد 19 نوفمبر دون أن تعلن لا المصادر « المأذونة » و »العليمة » و « المطلعة » ولا وزير الدولة المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، ولا وكالة الأنباء الرسمية (وات) عن أي نشاط أو تحرك للمسؤول الأول في البلاد باستثناء الإعلان عن برقيات بروتوكولية بعث بها الموظفون في ديوانه إلى ملك المغرب وأمير موناكو.

 

سألنا في عددنا ليوم السبت 18 نوفمبر « أين يُـوجـد رئيس الجمهورية » منذ عصر يوم الثلاثاء 14 نوفمبر 2006؟ ودعونا المعنيين بالأمر إلى احترام عقولنا وإلى إجابتنا عن تساؤلاتنا باعتبارنا مواطنين تونسيين يحق لنا أن نعرف ما يدور في بلادنا.

 

 « الجواب » جاء يوم الإثنين 20 نوفمبر في صيغة الخبرين التاليين الذين بثتهما وكالة إفريقيا تونس  للأنباء بالصيغة التالية:

 

رئيس الدولة يجتمع بالوزير الأول

ضرورة استحثاث نسق تاهيل قطاعي الفلاحة والخدمات

 

قرطاج 20 نوفمبر 2006 ( وات) – اجتمع الرئيس زين العابدين بن علي اليوم الاثنين بالسيد محمد الغنوشي الوزير الاول .

 

واتجهت عناية رئيس الدولة خلال هذا اللقاء الى المواعيد المنتظرة في اطار المفاوضات بخصوص الخدمات والفلاحة بين تونس من جهة وكل من الاتحاد الاوروبي والمنظمة العالمية للتجارة من جهة اخرى .

 

واسدى سيادة الرئيس في هذا السياق تعليماته باحكام اعداد الملفات بما يضمن افضل الاستعدادات لهذه المواعيد مشددا على ضرورة استحثاث نسق تاهيل قطاعي الفلاحة والخدمات وفقا للخطة التي تم اقرارها للغرض بما يؤمن مراعاة خصوصيات الاقتصاد الوطني والاستفادة من حركية تحرير الانشطة المرتبطة بهذين القطاعين خاصة من حيث دفع النمو والنهوض بالتشغيل.

 

وعلى صعيد اخر كلف رئيس الدولة الوزير الاول بافتتاح الندوة الوطنية حول الخارطة الفلاحية التي تنعقد يوم 23 نوفمبر تتويجا للندوات الاقليمية التي انتظمت للغرض مجددا تاكيد ما يوليه من اهمية لبلورة السبل الكفيلة باحكام توظيف هذه الخارطة واعتمادها كمرجع لتنويع الزراعات وضمان الاستغلال الاجدى لطاقات الانتاج في مختلف الجهات .

 

كما كلف رئيس الجمهورية الوزير الاول بتقديم بيان الحكومة حول الميزان الاقتصادى ومشروع ميزانية الدولة لسنة 2007 امام مجلس النواب يوم25 نوفمبر.

 

(المصدر: موقع وكالة إفريقيا تونس للأنباء (وات) بتاريخ 20 نوفمبر 2006)

 

رئيس الدولة يفتتح يوم الثلاثاء مؤتمر اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية

 

قرطاج 20 نوفمبر 2006 ( وات) – أعلن الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية ان الرئيس زين العابدين بن علي يشرف يوم الثلاثاء على افتتاح المؤتمر الوطني الرابع عشر للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ويلقي خطابا بهذه المناسبة .

 

(المصدر: موقع وكالة إفريقيا تونس للأنباء (وات) بتاريخ 20 نوفمبر 2006)

 

من جهتها، نشرت صحيفة « الوسط التونسية » الالكترونية يوم الإثنين 20 نوفمبر 2006 على الساعة 16 و25 دقيقة بتوقيت وسط أوروبا التقرير التالي: 

 

تأويلات مثيرة لغياب الرئيس بن علي عن مسرح الأضواء

مرسل الكسيبي (*)

 

بلغ الوسط التونسية عن طريق مصدر نسب نفسه إلى الكوادر العليا للبلاد أن رئيس الجمهورية التونسية السيد زين العابدين بن علي قد غاب عن الأضواء الإعلامية والسياسية المعهودة على مدار خمسة أيام متتالية سبقت تاريخ تحريرنا لنص هذا التقرير.

 

وفي رسالة مختصرة توجه بها هذا المصدر- الذي رفض الإفصاح عن هويته بدقة- إلى الوسط التونسية ,فان العديد من المؤشرات على حد ذكره تفيد بغياب رئيس الجمهورية التونسية عن المسرح السياسي المعهود ,وهو ما يطرح على حد نظر الكثيرين أسئلة ملحة حول أسباب هذا الغياب.

 

يذكر أن الوسط التونسية كانت قد أبلغت قبيل أسابيع وعن طريق مصدر قريب جدا من أوساط صحية عربية بأن الرئيس التونسي يعاني من مشكلات صحية أوجبت عليه التردد على حد زعمها على مؤسسات صحية أجنبية قصد تلقي علاج غير متوفر سريريا بالبلاد التونسية.

 

من جهة ثانية كانت مصادر دبلوماسية غربية قد سربت أخبار منذ حوالي سنة عن إصابة الرئيس زين العابدين بن علي منذ خمس سنوات تقريبا بمرض عضال قالت أنه بحسب التشخيص الطبي « سرطان البروستاتا » ,وهو ما دعا السلطات التونسية وفي حساسية مفرطة لهذا الموضوع الى مصادرة مجلة المرأة اليوم بتاريخ 7 فيفري 2006 في عددها رقم 257 على اثر نشرها لمقال للكاتب الجزائري عز الدين ميهوبي تحدث فيه عرضا عن مرض الرئيس التونسي-المقال حمل عنوان « فلكيو الكوارث وعرافو الفجيعة »-.

 

وضمن نفس هذا السياق ذكر مصدر تونسي معارض لم يرغب في نشر اسمه ضمن تفاصيل هذا التقرير,أن جهات صحية عربية حملت له ملفا طبيا يثبت وبشكل قاطع تردي الوضع الصحي للرئيس بن علي,غير أن هذا المصدر رفض على حد ذكره استلام نص الوثائق الطبية وذلك بناء على عدم رغبته في ممارسة أساليب تجسسية وصفها بالمرفوضة أخلاقيا .

 

هذا ولفت انتباه الإعلاميين والسياسيين على حد سواء امتناع الرئيس التونسي منذ أيام قليلة عن استقبال وزير خارجية ألمانيا بناء على احتراز رسمي على تصريحات له حول الوضع الحقوقي والسياسي بتونس,غير أن البعض الآخر ذهب إلى تأويل الامتناع إلى أسباب صحية لم يكشف عن تفاصيلها.

 

غير أن الجهات الحكومية والرسمية التونسية تبدي كثيرا من التكتم وعدم الرغبة في التعليق لا بالنفي ولا بالإيجاب على هذه المعلومات المتداولة في الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية التونسية والتي تسربت لاحقا إلى بعض الدوريات العربية والغربية…

 

وفي موضوع له علاقة بهذه الأخبار التي لم تتمكن الوسط التونسية من تأكيدها قطعيا أو نفيها بشكل رسمي من جهات حكومية تونسية,فان اعتذار الرئيس التونسي عن احتضان أشغال قمة عربية سابقة كان قد أرجع من قبل الزميل الإعلامي نصر المجالي وبحسب مصادر لم يدقق في ذكر تفاصيلها الى معاناة الرئيس التونسي من مضاعفات المرض المشار إليه سابقا ضمن هذا التقرير .

 

الشارع التونسي ترك لهذه التأويلات في أكثر من مناسبة رسمية دولية نذكر من بينها القمة الأممية للمعلوماتية وقمة برشلونة المتوسطية والقمة الإفريقية التي احتضنتها الخرطوم في يناير من هذه السنة,وذلكم في ظل غياب حرية حقيقية للإعلام تتعاطى مع هذا الموضوع وغيره من الموضوعات في كنف الجرأة والشفافية.

 

هذا وفوجئ بعض المراقبين السياسيين والمتابعين عن كثب لتطورات الوضع التونسي,بتصريحات رسمية ضمن دوائر مجلسي النواب والمستشارين تدعو الرئيس بن علي للترشح رسميا للانتخابات الرئاسية لسنة 2009,وهو ما عده بعض المراقبين ردا سياسيا عمليا على هذه المعلومات التي تروج بقوة حول مرض الرئيس التونسي, إلا أن البعض الآخر رأى فيها استباقا لمرحلة قد تكون دخلتها البلاد التونسية في ظل ما يتردد من معطيات إخبارية غير قطعية عن رغبة جهات أجنبية نافذة عالميا في إحداث تحول سياسي يطرأ على هرم السلطة في ظل تلكؤ السلطات الحالية في إدخال إصلاحات سياسية وإعلامية تحول دون مزيد من الاحتقان السياسي والاجتماعي.

 

(*) كاتب وإعلامي تونسي ومدير صحيفة « الوسط التونسية »

reporteur2005@yahoo.de


 

أخبار العدالة

الأستاذ عبد الرؤوف العيادي

 

المحاماة إلى أين ؟

قد لا تصدّق وأنت تقرأ معي طلبات محام قدّمها في قضيّة تحقيقيّة عدد 1110/1 منشورة بمحكمة تونس الابتدائية أحيل فيها شابّ بتهم « قانون الإرهاب » إذ جاء بها حرفيّا « فالرجاء من عدالة الجناب التفضّل تحضيريّا بمزيد البحث والتحرّي حول مكان الاجتماعات وهوية الشخص الذي كان يقوم بإعداد وتحضير الاجتماعات والهدف من وراء ذلك وفي الأصل الاكتفاء بإحالة المنوّب من أجل تهمة محاولة الانضمام خارج تراب الجمهورية إلى تنظيم اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه طبقا لأحكام الفصل 13 فقرة 2 من قانون 10/12/2003 وحفظ بقيّة التهم موضوع نصّ الإحالة لعدم توفّر أركانها القانونيّة » !!

فهذا المحامي لا يفرّق بين دور الدفاع والنيابة، فطلب الإحالة لا يصدر عن الدفاع إطلاقا- وهذا أمر بديهيّ ومن أبجديات الدفاع- وهذا الذي قام به المحامي يعتبر إمّا جهلا فادحا بأصول مهنة المحاماة ودورها، وإمّا انحرافا خطيرا بذلك الدور نتيجة انتماءات تجوّعية وتكوين بوليسيّ.

ويبدو أنّ قرار السلطة في جعل المعهد الأعلى للمحاماة المنتظر بعثه تحت الإشراف المباشر لوزارة العدل إنّما هو يرمي إلى تشتيل القطاع بهذا الصنف من « المحامين » الذين يخلطون الأدوار بما يحقق للسلطة الاستقرار !

 

قريبا استكمال حلقات الانقلاب على جمعية القضاة التونسيين

بعد الانقلاب على المكتب الشرعي لجمعية القضاة التونسيين بسبب تمسّكه بمبدأ الاستقلال عن وزارة العدل يجري الإعداد للجلسة العامة الانتخابية التي ستفرز مكتبا جديدا- إن كان على المكتب الحالي استكمال المدّة النيابية- ويأتي هذا المؤتمر بعد تشتيت المكتب التنفيذي ورئيسه بمحاكم الداخل ونقلتهم بصورة تعسفية إليها. وقد شفع هذا الإجراء بإجراء آخر يتمثل في مصادقة المجلس الوطني للجمعية أواخر شهر جويلية 2006 على تنقيح القانون الأساسي للجمعية بما يحرم القضاة العاملين خارج العاصمة من الترشح لعضوية المكتب التنفيذي.

 

شدّة غير مبرّرة ضدّ محام

أصدر حاكم التحقيق المتعهد بقضية أحيل فيها ابن محام من أجل ارتكاب حادث مرور والفرار قصد التفصي من العقوبة بطاقة إيداع في حقه وفي حق والده المحامي وتزامن ذلك مع إيقاف زوجته المحامية من أجل ارتكاب حادث مرور قاتل فقضى المحامي يومين من عيد الفطر بالسجن لمجرد شبهة ! إذ أطلق سراحه بعد ثبوت براءته. وهو ما أثار موجة استياء كبيرة لدى عموم المحامين الذين أصبحوا يعتقدون أنّ السلطة تتربّص بهم شرّا.

هذه الشدّة غير المبرّرة يقابلها لين لا يبرّره إلاّ الكيل بمكيالين في تطبيق القانون فالآنسة لطيفة ابنة الوزير البشير التكاري ارتكبت هي الأخرى حادث مرور بتاريخ 22/9/2004 بضاحية عين زغوان بواسطة السيارة الإدارية التابعة لوزارة العدل الحاملة للرقم المنجمي 7959 تونس 101 وتسببت لأحد المارّة وهو شاب في كسر بإحدى رجليه إلاّ أنّه لم يتمّ إحالتها على القضاء على معنى مجلة الطرقات التي تفتح ولم تفعل فصولها ممّا حدا بوالد الشاب إلى التشكّي إلى عدّة جهات. وبعد اتصال أحد المحامين بوكالة الجمهورية بمحكمة تونس الابتدائية مكّنه أحد المساعدين من المحضر عدد 516/4 المؤرخ في 25/4/2004 بعد أن تعهّد المحامي بعدم اللجوء إلى القضاء الجزائي والاكتفاء بالقيام لدى القضاء المدني.

ألاَ يا أستاذ هادي لو تسمّيت لطفي التكاري لماَ قضيت بعض عيدك بالسجن !

 

(المصدر: موقع مجلة كلمة بتاريخ 16 نوفمبر 2006)


 

صفاقس

مسلّحـون بالسواطير يهاجمون القطار ويستولون على أدبـاش الحرفـاء

الأسبوعي – القسم القضائي

 

عاش راكبو القطار رقم 87 / 13 – 5 في رحلته التي أنطلقت من محطة الأرتال المركزية بالعاصمة خلال إحدى ليالي الأسبوع الفارط باتجاه توزر حالة من الذعر والهلع عندما عمد مجهولون الى صعود القطار أثناء توقفه في حدود الساعة منتصف الليل وأربعين دقيقة بمحطة سيدي عبيد التي تبعد عن صفاقس المدينة زهاء الثمانية كيلومترات والاستحواذ على أمتعة على ذمة المسافرين.

 

وحسب المعلومات التي تحصلنا عليها فإن عددا من المنحرفين تسلحوا بأسلحة بيضاء كبيرة الحجم (سواطير) وترقبوا قدوم القطار الذي ما أن توقف بالمحطة  المذكورة وفتح طاقمه الابواب الاوتوماتيكية حتى هاجموه وصعدوا الى احدى العربات فبثوا الرعب والخوف في نفوس المسافرين ثم استولوا على بعض الامتعة ولاذوا بالفرار في غياب أعوان السلامة في تلك السفرة.

 

هذه الحادثة سبقتها حادثة مماثلة بجهة الملاسين بالاحواز الغربية للعاصمة كنا نشرنا تفاصيلها في عدد سابق وتتمثل في قيام أربعة شبان باستغلال توقف القطار ليصعدوا الى العربات ويستولوا على أمتعة ثلاثة مسافرين (!)

 

تجدر الاشارة الى أننا اتصلنا برئيس محطة سيدي عبيد للاستفسار أكثر عن الحادثة فطلب منا الاتصال برئيسه في العمل ولكن اتصالاتنا تعددت ولا من مجيب فتركنا هويتنا وأرقام هاتفنا على أمل ان يأتي يوم ويتكرم هذا المسؤول  بالاتصال بنا (!!) فلننتظر.

 

(المصدر: جريدة الصباح الأسبوعي التونسية الصادرة يوم 20 نوفمبر 2006)

 


 

حملة انتخابية مبكرة أم تهيئة لتعديل دستوري جديد؟

أحمد نجيب الشابي

 

في بلاغ نشرته وكالة تونس إفريقيا للأنباء ورددته وسائل الإعلام الرسمية دعا مجلسا النواب والمستشارين رئيس الجمهورية إلى تجديد ترشحه لانتخابات سنة 2009. وأيد الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السيد عبد العزيز بن ضياء هذه الدعوة في اجتماع حزبي عقده بمدينة منوبة يوم الجمعة 11 نوفمبر الجاري.

 

هذه التصريحات فاجأت الرأي العام وأثارت أكثر من سؤال: هل هي حملة انتخابية مبكرة؟ وإن كان الأمر كذلك فما هي دواعي تقديمها عن موعدها بثلاث سنوات كاملة؟ أم هي طريقة غير مباشرة للرد عما يحوم من شائعات حول اعتزام الحكومة إحداث منصب نائب للرئيس من خلال تحوير آخر للدستور؟ وفي غياب جواب واضح عن هذه التساؤلات المشروعة ومهما كانت الدواعي التي تقف وراء هذا التمشي المفاجئ فإنه يدفع بملف شائك ومثير للجدل إلى مقدمة مشهد سياسي متأزم أصلا، ملف التداول السلمي على الحكم وعودة الرئاسة مدى الحياة بعد أن جربتها البلاد لمدة ثلاثة عقود وخبرت آثارها المدمرة.

 

هذا النداء وهذه التصريحات الصحفية تذكرنا في شكلها ومضمونها بالحملة التي انطلقت في جويلية سنة 2001 وانتهت عاما ونيفا بعد ذلك إلى تعديل دستوري رفع من السن القانونية للترشح إلى رئاسة الجمهورية وألغى كل تحديد لعدد ولاياته بما أتاح للرئيس المباشر التمديد في ولاياته الثلاث المنتهية، وأرجأ إلى أجل غير مسمى التداول على رئاسة الدولة فيما أبقى ذلك التنقيح على الشروط المجحفة للتنافس على هذا المنصب وعزز من صلاحيات رئيس الجمهورية ووضعه دستوريا في مأمن من كل مساءلة أو محاسبة مهما كان نوعها أو سببها. وتم هذا التنقيح دون أدنى مشاورة أو حوار واعتبرته المعارضة آنذاك ضربا بمبادئ النظام الجمهوري عرض الحائط وتعزيزا للحكم الفردي وعودة بالبلاد إلى الرئاسة مدى الحياة، وقابله الرأي العام بفتور كبير تجلى من خلال النسب المتدنية بشكل غير مسبوق للمشاركة في الاستفتاء الذي نُظم للمصادقة عليه.

 

وتأتي هذه التصريحات أيضا في وقت كان يتطلع فيه الرأي العام وقوى المعارضة إلى مراجعة شاملة للنهج الأمني الذي سارت عليه البلاد بما يفتح أفقا جديدا للنمو والاستقرار. لكن الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية برر هذه الدعوة بالنجاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تحققت في السنوات الماضية واستنجد في باب التدليل عليها بشهادات الدوائر الدولية ذات الصلة فذكر بأن تونس صنفت الثالثة بين الدول من حيث حسن تخصيص الأموال المقترضة من الخارج لمشاريع التنمية، لكن المتحدثين باسم الحكومة يتجاهلون التصنيفات الأخرى للبلاد في ميدان التنمية السياسية والتي تجعلها مثلا في ذيل القائمة بالنسبة لحرية الإعلام والصحافة، أو تلك التي تقهقرت بها من المرتبة الثلاثين إلى المرتبة الثالثة والخمسين في ميدان استشراء الفساد. بل تراهم يستشيطون غضبا كلما صدر تصريح من منظمة غير حكومية أو من هيئات دولية صديقة كرئاسة الاتحاد الأوربي (ناهيك عن لوائح البرلمان الأوروبي) حول حال الحريات في بلادنا ويعتبرون ذلك تدخلا في الشؤون الداخلية للبلاد ويردون الفعل بسحب السفراء وبدق طبول الحرب الإعلامية ضدها وضد كل من يستشهد بتصنيفاتها وبلاغاتها للتدليل على تدهور الوضع السياسي في بلادنا وانعكاساته السلبية على صورتها الخارجية، وأثر ذلك على أفق الاستثمار والتشغيل وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

 

بل إن الحكومة تتجاهل كل هذه الأوضاع المتردية ولا تتحرج من التصريح بأن « حال الحريات في بلادنا يرتقي إلى مستواها في البلدان المتقدمة نصا وممارسة » ولا ترى من حاجة للتغيير أو التطوير أكثر من توسيع صلاحيات الهيئة العليا لحقوق الإنسان (الرسمية) بتمكينها من زيارة السجون (دون سابق إعلام) وتلقي الشكايات والعرائض من المواطنين وتقديم التقارير في شأنها إلى رئاسة الجمهورية، أو دعوة الأحزاب السياسية إلى مد الحكومة باقتراحاتها « قصد الاستئناس بها في التحضير لاحتفالات الذكرى العشرين للتغيير ».

 

هذا كل ما يحتاجه الوضع من إصلاح في رأي الحكومة والحال أنه لو طلب من تونسي، في خريف سنة 1987، أن يتخيل حال البلاد بعد عشرين عاما من « التغيير » لتخيل كل شيء سوى حقيقة البؤس الذي عليه المشهد السياسي في بلادنا. ما كان ليتصور حالة الجمود والأحادية التي عليها صحافتنا، ولا أن يكون من التونسيين من مازال يقبع في السجون بعد أكثر من عقد ونيف من الزمن فيما يعيش عشرات الآلاف الآخرين محرومين من حقوقهم المدنية والسياسية…. ما كان في مقدوره أن يتصور حالة الضمور والجدب التي عليها الحياة الحزبية أو أن تكون حرية الاجتماع على هذه الدرجة من التضييق والمنع، ولا أن تكون الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ممنوعة من عقد مؤتمرها وجمعية الصحافيين ترزح تحت الوصاية والحركة النقابية تتخبط في شباك القبضة الأمنية التي عصرتها لعقدين من الزمن أو أن يئن القضاة تحت وطء الإجراءات الاستثنائية… لم يكن ليتخيل أن يكون المواطن على هذا القنوط ولا أن يكون اليمن وموريتانيا متقدمين علينا في ميدان التجربة التعددية دعك عن مصر والأردن، أما عن المغرب… فلا تحدث. إن الواقعية والمسؤولية تقتضيان منا الإقرار بأن البلاد في أشد الحاجة إلى إصلاح جوهري لنظامها السياسي. إنها في حاجة إلى إعادة النظر في دستور سنة 1959 بما ينهي نظام الحكم الفردي فيقلص من سلطات رئيس الجمهورية ويحدد عدد ولاياته بدورتين لا أكثر ويرسي التوازن بينه وبين الحكومة داخل السلطة التنفيذية ذاتها ويخضع الحكومة إلى مراقبة نواب الشعب وينأى بالقضاة عن كل وصاية من السلطة التنفيذية ويرسي محكمة دستورية ترعى ملاءمة القوانين لدستور البلاد.

 

والبلاد في حاجة إلى إرجاع الشرعية السياسية إلى مصدرها الوحيد ألا وهو الانتخابات الحرة والنزيهة وما يقتضي ذلك من مراجعة شاملة للمجلة الانتخابية في اتجاه تحرري وإخضاع العملية الانتخابية برمتها إلى هيئة مستقلة.

 

ومن نافلة القول التذكير بأن هذه الإصلاحات، على فرض التسليم بوقوعها، تبقى غير قابلة للتطبيق والممارسة ما لم ينجز برنامج هيئة 18 أكتوبر التحرري والمتمثل في تحرير الإعلام والإفراج عن المساجين السياسيين في إطار عفو تشريعي عام وتوسيع حرية تأسيس الأحزاب والجمعيات ورفع القيود على نشاطها.

 

هذا البرنامج الإصلاحي يمثل الرد الجدي الوحيد على سياسة النعامة التي تتوخاها الحكومة، ولعل تصريحات السيد عبد العزيز بن ضياء وبلاغ مجلسي النواب والشيوخ الأخيرين يقدمان الفرصة الثمينة للمعارضة لكي تمسك بالمبادرة السياسية و تتحرك موحدة من أجل إنجاز برنامج الإصلاح والتغيير هذا وفتح أفق للتطور السياسي السلمي في بلادنا.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 381 بتاريخ 17 نوفمبر 2006)

 

 


 

في مفتتح السنة السياسية الجديدة، تنظم مجلة كلمة مائدة مستديرة تستضيف فيها قيادات سياسية

 

بمناسبة مرور 50 سنة على استقلال تونس استضافت أسرة كلمة في نهاية شهر أوت المنصرم عددا من رموز الحقل السياسي المعارض التونسي حول مائدة مستديرة للخوض في إجراء تقييم النظام السياسي التونسي ورؤيتهم لتغييره. حضر هذه المائدة كلّ من حاتم الشعبوني من حركة التجديد وعبد الرؤوف العيادي من حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وخليل الزاوية من التكتّل الديمقراطي ومحمد القوماني من الحزب التقدّمي وقد تمت دعوة أحد وجوه التيار الإسلامي الذي تعذّر حضوره.

 

أدار اللقاء عمر المستيري وسهام بن سدرين

 

** عبد الرؤوف العيادي: ليست مشكلة تونس بناء قطب، بل إعادة الحياة للمجتمع حتى ينتج حركة

** خليل الزاوية: اليوم هموم المواطنين هي الفساد في الحياة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والمعارضة شأنها شأن المنظمات الاجتماعيّة كالاتحاد العام التونسي للشغل، غير مهتمّة بهذه المسائل.

** محمد القوماني: توحيد طيف المعارضة كله مهمّة مستحيلة وفيها شيء من تضييع الوقت والمجازفة… وأنا أفضّل تحالفا واسعا يضمّ العلمانيين والإسلاميين

** حاتم الشعبوني: الحل يكون بإيجاد قطب ديمقراطي وتقدّمي… البلاد في حاجة إلى قطب تحديثي.

 

 

كلمة: خلال الخمسين سنة الماضية، طرأت تطوّرات كبيرة على محيطنا فيما شهدت نفس الفترة قفزة نوعية لمؤشرات النمو البشري في تونس. غير أنّ بلادنا لم تعرف إلاّ رئيسين، خُلع الأوّل بعد أكثر من 30 عاما من الانفراد بالسلطة وحكْمُ الثاني ماض لبلوغ 20 سنة. أمّا الشعب التونسي فهو لم يتمكن ولو مرّة واحدة من ممارسة حقه في اختيار من يسيّره. وهو يدرك أنّ العملية الانتخابية، عملية منزوعة الرهانات. مقابل ذلك هناك تجارب حزبية تباينت مع الخيارات السائدة وسعت إلى تطويرها أو إصلاحها. لكنّها لم تنجح في في التأثير فيها. فالاستبداد لا يزال يبسط نفوذه على كامل المجتمع. والقضاء تابع والإعلام منكوب والفضاء العام مغلق والخارجون على الخيارات الرسمية مُهمّشون ولا تزال فكرة المواطنة جنينية. هل هناك إجماع على هذه المعاينة وما هي صيغ المعالجة التي ترونها وهل هناك سبل لبديل عن الاستبداد؟

 

خليل الزاوية : أبدأ بملاحظة على مؤشرات النمو البشري. صحيح أنّ قفزة نوعيّة حصلت في الفترة الأولى بعد الاستقلال وحقّقت تونس مكاسب في ميدان التعليم والصحة والتغطية الاجتماعيّة. هذه النقاط الثلاث جعلت تونس في فترة معيّنة متميّزة. لكن منذ أوائل الثمانينات تقدّمت علينا دول كنّا أحسن منها مثل لبنان والأردن. هناك حتى من فاتنا كثيرا والمثال كوريا الجنوبيّة. التنظيم العائلي كان ثورة قام بها بورقيبة لكن الآن أصبحنا في مستوى الجزائر والمغرب… وإن كنّا نفوقهم بقليل في معدّل الولادات بالنسبة للمرأة على سبيل المثال: تونس 1.9 أمّا الجزائر فـ 2.05 والمغرب بقيت بعيدة. حسب التقرير الأخير للبنك العالمي أصبحت تونس في عدد الأطباء بالنسبة إلى عدد السكان أقل من العدد المطلوب. ومنذ مطلع الثمانينات بدأ تآكل للمكاسب التي تحقّقت أوّل الاستقلال. بقي شيء واحد هو التغطية الاجتماعيّة التي ظلّت أحسن من البلدان العربيّة. أمّا الحديث عن قفزة نوعيّة فيحتاج إلى تعديل. ففي مجال التنظيم العائلي في إيران، الدولة الإسلاميّة، 75% من نسائها تستعمل التصبير مقابل 66% في تونس. فمن الضروري تنسيب الأمور.

 

كلمة: الخطاب الرسمي يبرّر الانغلاق بمكاسب تونس، فكيف تفسّر إذن التخلّف السياسي؟

 

خليل الزاوية : المبررات التي استعملتها السلطة هي مناهضة الإرهاب. في مطلع التسعينات كانت مناهضة الخطر الإخواني الإسلامي والآن الحرب على الإرهاب الدولي. لكن لماذا وصلنا إلى هذه الوضعيّة ؟ أعتقد أنّ النظام البورقيبي هو الذي أسّس للنظام الحالي. قام بورقيبة بتصفية الخصم السياسي وفي مرحلة ثانية دجّن المجتمع. تصفية الأحباس مثلا تستدعي تقييما، فالمجتمع كان في السابق ناهضا بنفسه وتأسّست جمعيات خيريّة أو فرق رياضيّة فكان الناس يعيشون مستقلين. جاء بورقيبة وغيّر ذلك « لمصلحة الدولة ». فهي التي تعطي الإعانات أي الامتيازات وحوّل ذلك إلى أداة سياسيّة : الامتياز يقابل الولاء، ثم أجهز على كل ما يمكن أن يكون بديلا سواء كان داخل السلطة أو خارجها. داخل السلطة أجهز على مجموعة بن صالح ثمّ على مجموعة المستيري الذين كان يمكن أن يشكّلا له إشكالا سياسيّا وفرديّا. ثم خارج السلطة، في الستينات اليسار وفي السبعينات والثمانينات الإسلاميين. فأفرغ المجتمع السياسي من محتواه ممّا انجرّ عنه افتقار في العنصر البشري السياسي فسارت الأمور إلى أنّ رجلا دون ماض سياسي وله تجربة أمنيّة هو الذي صعد إلى السلطة لأنّ تلك الفترة كانت تتّسم بوضعية أمنيّة حرجة نظرا للصدام بين الحركة الإسلاميّة والنظام البوليسي.

 

عبد الرؤوف العيادي : لا أعتقد أنّه في تونس تمّ بناء دولة. بنيت سلطة أو كيان سلطوي. وأعتبره كيانا مزروعا بتعاون مع الاستعمار وغير منبثق من المجتمع. مثلما اختير اليوم « محمود عبّاس »، اختاروا بورقيبة على صالح بن يوسف. وبني هذا الكيان على أساس تحريم السياسة. فبورقيبة صار ينظر للشعب « كغبار أفراد ». ليس للمجموعة تاريخ ولا رصيد حضاري ثمة احتقار للشعب. قال إنّ هذا الشعب يجب أن يتكوّن حولي وسمّى ذلك « الوحدة القوميّة ». كانت الدولة هي الشخص وبني عليه ما يسمّى بالشرعية التاريخيّة… وبالتالي لم تتكوّن عندنا مدارس سياسيّة، أكثرنا عصاميون. أخذنا السياسة في السريّة وفي السجون، وعلى هامش إرادة السلطة وضدّ إرادتها، وبالتالي ليس لنا تقاليد في العمل السياسي والحياة السياسيّة. المسألة ليست قضية « انغلاق » مقابل « انفتاح ». لا أشاطر ما قيل بكون حزب الدستور ورّث بن علي الذي لم يخرج من حزب الدستور بل من جهاز القمع. الطبقة السياسيّة التي قادت الحركة الوطنيّة تركت المجال. فعندما صعد بن علي طلب من المستيري ومن الحبيب عاشور أن يغادرا وخلا الجو للتكنوقراط الذين لا يفقهون السياسة ولا يرغبون في أن ينشط غيرهم في العمل السياسي. يريد أن يكون الإنسان في المستوى الذي يسمح بالتحكم فيه. هذا من ناحية وطنية ومن ناحية دوليّة السياسة ممنوعة. فما يسمّى الآن قانون الإرهاب يفرض وصاية دوليّة. في هذه القضايا نصّوا في القانون على أنها ليس سياسة. المقاومة هي إرهاب. ليست لنا استراتيجيا، نحن منخرطون منذ مؤتمر مدريد1991 عبر السلطة التونسيّة في تطبيق السلام الأمريكي. كان للعرب قبل 1967 استراتيجيا لتحرير الأرض والآن ليس لهم استراتيجيا.

نتحدّث اليوم عن الديمقراطيّة بدون مشروع ولهذا ظلّت الديمقراطيّة قضية نخبة ولم ينخرط فيها الشعب الذي فرضت عليه الوصاية. ليس الشعب التونسي كما هو في الواقع وإنما حسبما يتمنّاه كل طرف أن يكون. يراد له أن يكون شعبا « متسامحا » ليست له قضيّة أو عقيدة أو بناء معنوي. بالنسبة إليه هو الذي سيأتي له بالبناء المعنوي الجديد وهو ما ظهر في الآخر أنّه تدمير البناء المعنوي بحجّة مقاومة الإرهاب والتطرّف وكلّ الشعارات التي تسوّقها الصهيونيّة العالميّة.

 

كلمة : بالنسبة إلى الوضع الداخلي، هل تعتقد أنّنا نعيش نفس الوضع الذي كنّا نعيشه قبل 20 أو 50 سنة ؟

 

عبد الرؤوف العيادي : زاد الوضع تعفّّنا. في الحوارات التي دارت بمناسبة الحرب السادسة بين العرب وإسرائيل هناك حديث عن الأنظمة العربيّة المتخلّية. لأنّه وقع نوع من التخلّي عن السياسة، وفي أفضل الأحوال تتحدّث الأنظمة عن التنمية. بالنسبة إليهم، القضية اقتصاديّة وبناء اقتصادي، وفي الواقع هذه الأنظمة عشّشت فيها المافيا وأنظمة المحاصصة. وليس هناك مؤسسات. فالمؤسسة الاقتصادية هي أيضا على شاكلة السلطة السياسية : الرئيس هو الذي يحكم ومربوط بالفوق الذي يفتح البنوك أمامه أو يغلقها حسب الولاء.

 

محمد القوماني : هناك 3 واجهات : وضع السلطة، وضع المعارضة، ووضع المجتمع. وضع السلطة: هو وضع الانغلاق، فالسلطة السياسيّة في تونس بعد 50 سنة من الاستقلال مازالت مصرّة على احتكار السلطة وعلى محاولة الالتفاف على كل المبادرات السياسيّة الخارجة عن دائرتها. وفي العهد البورقيبي والنوفمبري استمرّت المشكلة السياسيّة برمّتها في نفس الوضع وهو احتكار فئات معيّنة داخل الحزب الحاكم لهذه السلطة مستعملة الجهاز الأمني كأداة رئيسيّة خاصة في مرحلة ما بعد 7 نوفمبر. بعد 7 نوفمبر وقع تبنّي رسمي للتعدّديّة السياسيّة، لكن بعد فترة تبيّن أن هذه التعدّديّة زائفة وأنّ السلطة لا تسمح للمعارضة أن تعمل إلاّ في المربّعات المحدودة جدّا. وقع بالتالي ارتداد وعشنا حقبة سوداء في التسعينات بعد انفراج بسيط قبل انتخابات 1989. هناك قبضة حديدية نزلت على المجتمع. والمحاولات التي وقعت في التسعينات في المجتمع المدني، في بعض الجمعيات سواء القانونيّة أو غير القانونيّة وبعض الشخصيات، خلخلت الوضع نسبيّا ولكنّ لم تغيّره بشكل كبير. وقد ذكر أنّ المعارضة تلتقي في تشخيص الواقع ولكنّي أقول إنّ المعارضة لا تحمل نفس التشخيص. لأنّ المعارضة كما لا يخفي جزء منها يعتبر المشكل في الخطر الإسلامي وعودة حركة النهضة. وهناك من يعتقد أن المعارضة ليست فيها نواقص والمشكلة في السلطة. أكاد أقول إنّ هناك جيل استنفذ أغراضه.لم يظفر بانتصار حقيقي وانتقال ديمقراطي.

 

حاتم الشعبوني : السمة الغالبة على الوضع السياسي هي الانغلاق والمنع. وهذا لم يمنع أنّه توجد دائما إمكانيّة للعمل السياسي المعارض. وهناك معارضة يجب أن تقوم بدورها وبواجبها. مشكلتنا هي اقتصارها على النخبة وعدم انغراسها في الأوساط العريضة. هل إنّ ذلك يعود إلى التعتيم الإعلامي أم هو الطبيعة الزبائنيّة التي أُشيرَ إليها أو هي الإعانات التي يوزعها الحزب الحاكم في الأحياء الشعبيّة ؟ أو ربّما أنّه لا يوجد بديل مقنع ممّا جعل الناس تنخرط في الحزب الحاكم. نسعى لبناء حزب أو حركة سياسية ديمقراطية عقلانية لها كل العناصر التي تجعل قاعدة عريضة من الناس تنخرط فيها مما يمكّنها أن تلعب دورا سياسيا حقيقيا وليس دور معارضة نخبوية. ذلك يطرح قضية السلطة في الميزان. بعد 20 سنة من النظام النوفمبري أصبحت البلاد تدخل في فترة من المجهول. ما هو المصير؟ كيف سيكون التحول وأي نوع من التحول ؟ نحن في حاجة إلى قوة سياسية فاعلة لا تبقى متفرّجة على الأحداث.

 

 

كلمة : هذه القطيعة مع المجتمع هل هي راجعة لخلل سياسي للنخبة المعارضة أم لعوائق موضوعيّة تقف حاجزا أمام ربط الصلة؟

 

حاتم الشعبوني : العوائق الموضوعيّة موجودة : التعتيم الإعلامي والحرمان من الفضاءات، حتى بالنسبة للأحزاب القانونية لا يمكنها عقد اجتماعات أو توزيع مناشير إلاّ بمناسبة الانتخابات… لكنّ هذا التفسير يبقى غير كاف. لا أقول إنّ هناك عقما من جانب النخبة وإنّما عدم توفّق لبناء قوة سياسية مقنعة وبديل سياسي مدني وديمقراطي تجد فيه الطبقة الوسطى تعبيرا لتطلّعاتها. لأنّها الأكثر معنية بالديمقراطية في دول العالم الثالث وفي تونس. تكوّن الطبقات الشعبيّة حول الطبقة الوسطى نوعا من التكتّل الاجتماعي يتحوّل إلى قوة سياسيّة. لا يجب أن نفسر كلّ شيء بالعوائق الموضوعية.

 

 

كلمة : الرجاء تحديد سبل التغيير الممكن اعتمادها مع اعتبار الملاحظات التالية :

• خلال السبعينات اضطرّ الحكم لترك بعض الفضاءات (النقابة، الجامعة، الإعلام… ) لكنّ هذا التطوّر توقّف سنة 1981 بعد أن اختار الحكم تزوير الانتخابات بشكل فادح فصار المواطن لا يرغب في المشاركة في « اللعبة ».

• في التسعينات تفشى داخل المجتمع رعب صارخ (تعذيب، سجن…) إلى جانب قمع خبيث (عقوبات إدارية وجبائية…) ممّا غذى عزوف المواطن عن الشأن العام. في هذا المحيط لم تفلح المراهنة على الفضاء السياسي الرسمي: بروز تعدّدية عقيمة، تسيرها السلطة بإحكام، تحسب التنازلات وانعكاساتها، تلجأ لأسلوب « الانفتاح » تارة وتنغلق تارة أخرى… عديد المحلّلين يعتبرون أنّ قوانين اللعبة السائرة لا تتيح تنمية قوة معارضة ذات وزن عبر التراكم.

هل يجوز اليوم الاستمرار في المراهنة على خيار الانتخابات ؟ أو هل يجب إعادة الاعتبار إلى الحلم بالانتفاضة الشعبية بعد إخفاق الأنماط التقليدية من يسارية وقومية وإسلامية ؟ هل يمكن للسياسيين مفاجئة التونسيين بإظهار أداء ذا مصداقية ونجاعة من شأنه أن يثير اهتمام المواطن ويضمن انخراطه؟

 

عبد الرؤوف العيادي : ذكرت أنّه في السبعينات توفّرت بعض الفضاءات، الجامعة لم يكن فيها بوليس سياسي أو معسكرة مثل اليوم، وكان هناك إلى حدّ ما عمل نقابي مستقلّ. أنا أربط ذلك بالانقسام الذي حصل في السلطة في عهد بورقيبة بين مجموعة المستيري ومجموعة نويرة التي دعّم فيها بورقيبة مجموعة الساحل – نويرة وقال إنّ هذا الحزب ولد في الساحل ويبقى ساحليّا. هذا التصدّع أتاح حدّا أدنى خلق الأمل في انتخابات 81. كانت السلطة مشكّلة في ذلك الوقت في أكثرها من وجوه الحركة الوطنيّة، المستيري حسيب بن عمّار راضية الحدّاد – التي رفضت إدانة حركة فيفري – حبيب عاشور… عكس الآن : الوزراء ليس لهم سوى رصيد إداري. ما جعل السلطة الحالية تبدو كأنّها قالبا واحدا، لكنّ هذا النوع لا يتحمّل الانقسام الذي يعني نهايتها إن حدث. ما هو العنصر الذي قادنا إلى الحالة الراهنة ؟ المعيقات التي وضعتها السلطة وانعدام فضاءات حوار… إفراغ العملية الانتخابية من محتواها ؟ أنا أشير إلى المسؤوليّة ملقاة على النخبة التي لم تربط جسورا مع الشعب الذي يعيش اليوم حالة من الخوف لم يشهدها من قبل، إرهاب الدولة في الخبز اليومي في حريته في أمنه والمشاهد عديدة (اختطاف محمد عبّو، افتكاك مفاتيح مقر جمعيّة القضاة، استيلاء البوليس السياسي على جمعيّة المحامين الشبّان، الاعتداء على الرابطة… القمع صار يمارس في الشارع ولم يعد مقتصرا على محلات الأمن) لهذا تبرّم الشعب وخاف، مع وجود جزء كبير من النخبة سوّغ لهذه السلطة وأعطاها المبرّرات في قمعها ومنهجها. وهكذا تم ضرب المجتمع ولم تعد فيه حركة وبقيت النخبة بضعة أشخاص يتحرّكون مع بعضهم. السؤال هو كيف تعيد الحركة للمجتمع ؟ ومنذ حين ذكر خليل الزاوية مسألة الأحباس المجتمع كانت له آلياته… اليوم هناك تجمّع سكني وليس مجتمع. القيم مضروبة مع إرهاب في كل مكان فكيف تغلق المساجد في تونس؟ في حين نشاهد البوليس ينزع الخمارات من رؤوس الفتيات ويجبر الملتحون على الالتزام بحلقها… لم يبق شيء آخر تتدخل فيه السلطة إلاّ منزله وتحدّد له مكان نومه. القضية هي أن يكون التونسي حرّ… ضرب الظلاميّة والفكر الديني تلك مسوّغات آمن بها كثير من الناس وهناك من يتحرّك بها ليدافع عن الرخصة التي منحت له وثمّة من يتمعّش من ذلك. القضية ليست قضية معارضة وإنّما هي قضية مجتمع : كيف تنبثق منه حركية ؟

 

كلمة : ظهرت على الساحة منذ 2004 مبادرات سياسية توحيدية طرحت نفسها بدائل واعدة للخروج من العطب السياسي. الأولى هي المبادرة الديمقراطية والثانية حركة 18 أكتوبر ولكن سرعان ما خبا وهجها وخابت الآمال التي تعلقت بها ولم تنجح في فتح آفاق جديدة. كيف تفسر هذا الفشل؟

 

حاتم الشعبوني : المبادرة الديمقراطيّة كانت في الأوّل محصورة في الانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة وخلقت نوعا من الحركيّة ولكن التصرّف في النتائج خيّب الآمال مرّة أخرى. في كلّ مرّة نحاول بث الأمل في أن صندوق الاقتراع هو الذي يوفّر إمكانية تحقيق نتيجة مقنعة مع أنّنا لا نطمح إلى التغيير السياسي الكامل. تواصلت المبادرة بعد الانتخابات واصطدمت ببعض العراقيل ودخلت في نفس الحلقة المفرغة التي تعاني منها الحركات السياسيّة في البلاد. ففي تونس السياسة كلّها في مأزق. هناك نجاح في قتل روح السياسة في البلاد ولم تستطع المبادرة الديمقراطيّة أن تغيّر هذا الوضع جذريّا. وهناك محاولة جديّة الآن في حركة التجديد لتدارك الوضع ببناء حزب سياسي واسع فيه التنوّع. يكون إطارا قادرا على تحريك الوضع السياسي وفي مرحلة أولى، إرجاع الجذوة النضالية في عديد المناضلين المشتّتين حاليا. ثم في مرحلة ثانية الاتجاه إلى فئات أوسع من الشعب وذلك دون التخلّي على التحالف الذي هو المبادرة الائتلاف. لكن الحزب السياسي هو الذي سيشكّل محور الائتلاف.

 

كلمة : هناك مبادرة ثانية هي حركة 18 أكتوبر لم تطرح نفسها كحركة من اليسار بل حركة مجمّعة لمختلف الحساسيات. لأوّل مرّة يقع تشريك الإسلاميين في عمل المعارضة. هذه الحركة يشعر الملاحظون أنّها دخلت هي الأخرى في مأزق. فما هو تقييم هذا المسار وهل هناك أفق للخروج من الأزمة السياسيّة لهذه الحركة ؟

 

عبد الرؤوف العيادي : هذه الحركة كانت نواة جبهة تشكّل بديلا للنظام الذي قام على الإقصاء. الحكم على هذه التجربة بأنّها دخلت مأزقا لا يمكن أن يكون تقييما محلّ إجماع. وأيّ مأزق له حل ويكون عبر الحوار الكفيل بأن يطرح الإشكاليات الكبرى على العموم. كانت هناك حركة كبيرة هي الحركة الإسلاميّة حاول النظام أن يتعامل معها بالقمع وأيّدته في ذلك أحزاب الديكور. فتكريس المنهج القمعي ومباركته هو الذي جعل الوضع على ما نحن عليه. والحركات التي ظهرت كلّها مزروعة. فالسياسة في تونس هي امتدادات لحركات خارج البلاد. نريد لهذا المجتمع أن تنبثق منه حركة تصلح الأمور وتوفّر القدرة على تقييم إن كانت تسير في الطريق الصحيح أم لا.

 

محمد القوماني :أعتبر حركة 18 أكتوبر بداية لم تكتمل رأى فيها الناس معارضة تحاول أن تتجمع وأن تتفق على برنامج عملي أدنى لكنها لم تكتمل لأنّها لم تحسم منطلقاتها بالقدر الكافي هل هي حركة سياسية أو حركة حقوقية لم تبن الثقة فيما بينها بالقدر الكافي ولم تحسم موضوع العمل المشترك على قاعدة عدم الخلافات الإيديولوجية. وحركة 18 أكتوبر هي مدخل وبداية نحو مؤتمر وطني للمعارضة وبرنامج للمعارضة وهيكلة للمعارضة وقيادة قارة للمعارضة. وما زالت هذه الحركة في بدايتها ومتعثرة في الأوّل كانت السلطة متخوّفة منها ثم خفّ وهجها بعد ذلك. ما أراه هو أنّ الحركة السياسية بحاجة إلى تحديد دقيق لمهمتها المركزية ولمهمتها المرحلية وهذا موضوع خلافي داخل المعارضة. بين من يتصور أن كل أطياف المعارضة تسعى لإقامة نظام ديمقراطي وتأمينه للأجيال القادمة. لكن هل هذا متاح الآن هل متاح أن نغيّر السلطة من خارجها بسلطة جديدة نسميها معارضة تقدر على المنافسة على الحكم. هل المطلوب أن تتجمع المعارضة من أجل أن تضغط باتجاه انفراج سياسي معيّن.

على المعارضة أن تتجه باتجاه بناء القوّة وبناء المؤسسات فلا توجد ديمقراطية تنجز بالاتفاقات وبالكلام. والمعارضة بحاجة إلى أن تتفاعل بشكل جدي ومسؤول مع محيطها الإقليمي والدولي وأن تقطع مع إيغالها في المحلّية والقطرية.

 

خليل الزاوية : قامت حركة 18 أكتوبر على أساس احتجاجي لا على أساس طرح البدائل الذي يتطلب حوارا ونقاشا لتقديم بديل للمواطنين لتحريك الناس والمجتمع. لقد بقيت حركة كفاية في مصر عاما كاملا تناقش قبل الإعلان. المطروح على حركة 18 أكتوبر هو كيف يمكن الخروج من موقع الاحتجاج إلى موقع طرح البدائل والتحرك حولها. كانت انطلاقتها بعمليات احتجاجية وتحركات في الساحات العامّة لإثبات وجودها. الفترة الحالية هي فترة لطرح برنامج مرحلي انتقالي. وما يزال الوقت أمامها إذ لم يمض على تشكلها عام كامل. المطلوب منها أن تقنع الناس بطرح البديل العملي. المرحلة السياسية الحالية من هنا حتى سنة 2009 ستجد المعارضة نفسها أضعف مما كانت عليه سنة 1987. كانت المعارضة مهيكلة ولها وزنها وكان لها خطابها وتوجهاتها. وكان الحزب الدستوري أضعف ما يكون. الآن مؤسسات المعارضة مشتتة وليس لها برنامج أو وضوح الرؤية وغاب عليها تجديد الجيل. وهذا كله تحدي يجب رفعه وليس لحركة 18 أكتوبر إجابات إلى حد الآن لكن أعتقد أنّ الجزم بأنّها فشلت هذا مبالغ فيه.

 

كلمة : ليست العوائق السياسيّة من طرف السلطة هي السبب الوحيد في منع البدائل. هل ننتظر وقوع معجزة سياسيّة لتغيير الواقع السياسي وتوفير فرص جديدة؟ أليس الرهان هو بناء قوة معنويّة وقوّة ميدانيّة تجبر السلطة على التنازل وترك هامش من الحرية والقيام بإصلاحات؟

 

محمد القوماني : الحركة السياسية لها ضعفها الذاتي في توجهاتها إذ لم توفّق إلى خطاب مجتمع بين مطالب الحريات والمطالب الاجتماعيّة. لأنّ مطالب الحريات كما تطرحها الحركة السياسيّة التونسيّة هي بالضرورة مطالب نخبويّة لا تهمّ سوى أناس معيّنين: كقضيّة جوازات السفر، الضغوطات على التنقل وعلى وسائل الاتصال… عموم الناس لا يشعرون أن هناك قمع تلك دلالات. حتى حريّة الرأي والتعبير كما تطرح هي تهمّ نخبا معيّنة وعموم الناس ليست لهم أشياء يسعون للتعبير عنها. والمجتمع لم يدرك بعد أهميّة الحريات والديمقراطيّة وتأثيراتها على التنمية الاقتصاديّة وحل مشكلة التشغيل والاستثمار. خطاب المعارضة غير مفهوم من عامة الناس ولا يتفاعلون معه. ثمّ إنّ الجمهور الواسع لا يتفاعل مع النخبة السياسيّة إلاّ إذا رأى أنّها قادرة على إحداث تغيير ما. وأضرب مثالين: التونسيّون تفاعلوا مع النخب السياسيّة في 1981 عندما بدا لهم أن فريقا خرج عن الحكم وهناك تصدّع داخل السلطة والفريق المعارض قادر على كسب الرهان، أملا في التعبير لكن غُدروا بعد وذهبت السلطة بآمالهم. وعاد الناس إلى السلبية. وفي 1989 عندما أبدت السلطة وعودها بالتغيير الديمقراطي وكانت حركة النهضة تعبيرة واعدة. وكثير من الناس ظنّوا أنّها بديل سياسي عن الحالة السياسيّة فتعاطفوا معها ولكن تزييف الانتخابات وحالة القمع جعل الناس يغدرون مرّة ثانية وينكمشون من جديد. نحن نقول إنّ التونسيين يخافون من أي مجازفة في الحياة السياسيّة ولكن نفاجأ بأنّ عددا من الشباب التونسي يتطلّع إلى أن يلتحق بالمقاومة العراقيّة وهو درجة عالية من الاستعداد للتضحيّة وهذه مفارقة.لم يقبلوا بالعمل السياسي في حركة سياسيّة معارضة للحكم ويختارون الموت والشهادة أو السجون لفترات طويلة.

 

حاتم الشعبوني : نحن لا ننتظر معجزة ولكن نعتبر أن المؤتمر يمكن أن يكون محطة لأنّه لا يجب أن تكون عندنا أوهام. لدينا آمال عريضة لكي تكون محطّة في اتجاه الخروج من هذه الحلقة المفرغة. والمعارضة ارتكبت أخطاء، اليسار ارتكب أخطاء كانت له إيديولوجيات غير متطابقة مع الواقع وكانت ثمّة خصومات، الحركة الطلاّبيّة لم يطغ عليها البوليس السياسي فقط، فأخطاء القيادات التي تداولت على الحركة الطلاّبيّة لها دورها. نريد الخروج من الصراعات العقيمة ومن طغيان الجانب الأيديولوجي والتركيز على التحليل السياسي ومحاولة فهم الواقع التونسي. نطمح أن يكون مؤتمر حركة التجديد محطة فقط لنتجاوزه لأّنه لا يجب أن يعزل عن الإطار الوطني.

 

كلمة : قد يكون المجتمع هو الرقم الغائب لدى النخبة السياسيّة التي تفتقد إلى الحلول للارباط به. فكيف ترى تحقيق الربط بين النخبة السياسيّة والشعب ؟

 

حاتم الشعبوني : هناك عزوف عن السياسة يفسّر بالانغلاق والتعسف. الحل يكون بإيجاد قطب ديمقراطي وتقدّمي يغيّر الوضع السياسي ويقدّم بديلا مقنعا. حسب رأيي المجتمع الآن فيه خطاب السلطة المبثوث في كل مكان وكذلك هناك بدائل أخرى نعتبرها مغلوطة. نعتبر أن البلاد في حاجة إلى قطب تحديثي تستطيع الفئات العريضة الدخول فيه.

 

كلمة : الإدارة الأمريكيّة تطرح إعادة ترتيب « الشرق الأوسط الكبير ودمقرطة الأنظمة « . هل تعتقد أن يكون ذلك حلاّ؟

 

حاتم الشعبوني : الإدارة الأمريكيّة عندها مشكل مصداقيّة في العالم العربي ممّا يجعل أي عمل تريد القيام به يكون له ردّ فعل عكسي، بقي نحن نؤمن بالحوار السياسي. فالإدارة الأمريكيّة إذا انتقدت الوضع السياسي في تونس وانتهاك حقوق الإنسان أفضل من أن تسكت وتتجاهل.

أمّا التدخل المباشر وتعويض القوى الوطنيّة والداخليّة والقيام مكانها بمهام التحوّل الديمقراطي والإصلاحات هذا لا نوافق عليه.

 

كلمة : المساحات التي اُكتسبت في السبعينيات والثمانينات جاءت إثر تصدّع السلطة وخروج تيّارات منها. وتشكّلت التعدّديّة على هذا الأساس… اليوم إذا وجد تصدّع داخل السلطة وخرجت منها تيارات هل تقبلون بالتفاعل معها ؟

 

عبد الرؤوف العيادي : سأكون واقعيّا، أنا لا أعتقد أنّ سلطة بن علي ستخرج منها تيّارات. فهي سلطة تتكوّن من مجموعة من التكنوقراط ليست لهم رؤية ولم يُعرفوا بصياغة بدائل. إنّ أكثر الاحتمالات هي بدائل خارجيّة، أن يرتّب الأمريكيون والفرنسيون انقلابا… فالمشكلة الأمنيّة في البحر المتوسّط حسّاسة… الجزائر وليبيا. والآلية الانتخابيّة في تونس لا يمكن أن تغيّر النظام لأنّه يزيّف الانتخابات. ما نشهده داخل الجهاز من إقالات هو ضربات استباقية لمنع أي عنصر من البروز أكثر من المطلوب ولم يبق إلاّ البدائل المطبوخة في الخارج ممّا يخلق خشية في إفلات اللعبة من أيدي التونسيين والأمور مفتوحة على المجهول.

 

كلمة : إلى أي مدى لم تكن المعارضة شريكة في اللعبة ؟ فهي أبدت نقصا في الطموحات : مبدئيا دور المعارضة هو أن تسعى إلى افتكاك السلطة وإزاحة الحكومة. ففي عهد بورقيبة شهدناها تقبل ضمنيا بالرئاسة مدى الحياة. في عهد بن علي رأيناه خلال أول ترشح له للرئاسة يحصل على تزكية من جميع الأحزاب المنافسة حتى من قبل تلك التي رفضت قائمات الائتلاف الوطني. وتواصل الأمر خلال الانتخابات اللاحقة رغم تقديم المعارضة لقائمات منافسة لحزب بن علي في التشريعية وانتقادها لسياسات هذا الحزب. السلطة يقدّم دائما « طموح الوصول إلى الحكم » كتهمة للمعارضة وكأن قدر تونس أن يحكمها الدساترة أبد الدهر. صحيح أننا شهدنا منعرج مع استفتاء 2002 والطعن في شرعية النيابة الرابعة لبن علي. ألا تعتقدون أن عدم بروز طموح المعارضة في الوصول إلى السلطة ينال من مصداقيتها لدى المواطنين ؟ الناس يرون أنّها تكتفي بالبحث على فتات أو موقع لتحسين وضعيتها، وهي غير قادرة على إفراز زعامات وطنية تحمل تطلعات المواطن…

 

محمد القوماني : ما شجّع السلطة على الاستمرار في نهجها الاستبدادي هو حالة المعارضة وحالة الجمهور بصفة عامة وخاصة حالة المعارضة.

عند تقييم المسار العام للبلاد نجد أنّ للتونسيين إمكانيّة في تطوير الأوضاع سواء من الناحية الاجتماعيّة أو من ناحية المؤسسات المختلفة. فمجهودات التونسيين تثمر في المجالات المختلفة ما عدا المجال السياسي الذي يبقى محتكرا من قبل الأطراف النافذة في السلطة. وهو ما جعل تونس حالة استثنائيّة في محيطها الإقليمي والدولي. لقد استفادت السلطة من الصراع الحاد الذي ظهر في آخر الثمانينات بين الإسلاميين وخصومهم. وقد نجحت السلطة في تخويف المجتمع والأطراف السياسيّة والإيديولوجيّة من الخطر الإسلامي وبالتالي انفردت بهم وقمعتهم بدرجة لم تكن متوقّعة. وذهبت بعيدا في محاولة استئصال هذا التيّار الشعبي الذي لم يكون بالضرورة تيّارا سياسيّا فقط. وذلك الصمت والمباركة أضرّا كثيرا بحالة المعارضة عندما ضرب منها فريق رئيسي… خلق ذلك انعدام ثقة في المعارضة والحركة السياسيّة التي بدأت في أواخر التسعينات مازالت لم تثق في أوساط النخبة لأنّ الناس مازالت تعاني من تلك الآثار. فالمجتمع التونسي فاقد لدفاعاته ولا توجد تنظيمات شعبيّة تضغط أو تنظيمات مهنيّة لها مسؤوليات سياسيّة وقادرة على الضغط على السلطة أو تشكيلات قبليّة أو جهويّة. فالمجتمع محتكر تماما.

 

خليل الزاوية : مشكلة المعارضة هو التفاهة وتضييع الفرص. أخطر موقف هو أنّ المعارضة أثبتت أنّها غير قادرة على الموقف الاستراتيجي والعبرة بانتخابات 89. فعدم تقديم مرشّح للانتخابات الرئاسيّة هو ما كان المنعرج لانفراد السلطة بالحياة السياسية وتدجين جميع المؤسسات. فلا يعقل أن الأطراف تناضل طيلة 20 عاما من أجل الحرية والتعدّد السياسي وشفافية الانتخابات، ثم تنخرط في عملية سياسوية تزكّي مرشّح حزب في الرئاسيّة وتنافس ذلك الحزب في التشريعيّة. المواطنون فهموا السيناريو وانجرّ عن ذلك العزوف عن العملية الانتخابية. وانتخابات 1994 رغم وجود نوع من التعدّدية الشكليّة لم تعد هناك مشاركة شعبيّة، المعارضة لم تدرك كيفية إدارة اللعبة السياسيّة وأهدرت كل رصيدها سنة 1989 بعد تخليها عن مطالبها في شفافية الانتخابات وتغيير القانون الانتخابي وقبولها بالدخول في العملية دون ضمانات.

 

كلمة : لماذا لم نرى موقفا من أحزاب المعارضة حول الفضيحة الكبرى التي نالت من هيبت مؤسسات الجمهوريّة برمّتها، وهي قضية الباخرة المسروقة؟ كيف تفسّرون هذا الصمت ؟

 

محمد القوماني : السلطة تعالج موضوعات مختلفة في المجتمع كالتربية والتعليم والمشاكل الاجتماعيّة والبيئيّة والسياسة الداخليّة والخارجيّة… أمّا المعارضة فتكاد تتحدّث سوى في موضوع واحد وهو الاحتجاج على انتهاكات حقوق الإنسان حتّى كدنا لا نميّز بين الأحزاب وبين الجمعيات الحقوقيّة، فكيف تريد المعارضة أن تكون منافسة للسلطة وهي تعمل على مربّع وحيد في المجتمع. لم تتحدّث في أيّ سنة عن ميزانيّة الدولة حتى في بيان. والمعارضة تطرح مهمّات مغلوطة.

خليل الزاوية : اليوم هموم المواطنين هي الفساد في الحياة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والمعارضة شأنها شأن المنظمات الاجتماعيّة كالاتحاد العام التونسي للشغل، غير مهتمّة بهذه المسائل. مما جعل عدد المنخرطين في هذه المنظمة لا يتطوّر بما هو مطلوب. وهذا يفسّر ضعفها.

 

كلمة : قضيّة بناء المواطنة وتعطيل آليات الاستبداد وافتكاك الفضاءات… هل تعتبرونها قضيّة لها أبعاد عقائدية أو هل هي قضية وطنيّة سياسيّة مدنيّة ثقافيّة ؟ هل تعتقدون أن التعامل مع هذه الرهانات هو الذي يحدّد الفرز بين القوى على الساحة ؟ ألم يقع تجاوز الفرز الكلاسيكي الذي كان سائر المفعول خلال القرن الماضي، بين يسار ويمين، تقدميين وإسلاميين ؟ رأينا كيف التحق أكبر الراديكاليين من اليسار بالسلطة باسم العقيدة. اليوم نرى أيضا جانبا من الإسلاميين يدعون إلى دعم بن علي باسم الأصالة… كيف سيكون الموقف من مسألة التحالفات ؟ إلى متى الاستمرار في المشاركة العقيمة في الانتخابات دون أن يقتنع المواطن التونسي بخيار المقاطعة ؟ هل يمكن الوصول إلى موقف موحد مثل إعداد شروط للمشاركة في الانتخابات ؟ هل يمكن الاتفاق على حد أدنى مثل ضرورة معاقبة التزوير الانتخابي ؟

 

عبد الرؤوف العيادي : أنت تتحدّث عن الاستبداد من جهة وعن الانتخابات التي هي آليّة ديمقراطيّة. نحن نريد أن نعرف في أي إطار نعيش، في ظل أي سلطة. هناك مَن يقول إنّ السلطة تعيش أزمة عابرة هي الانغلاق وأنّه بعدها قد يكون تفتّح… ومَن يقول أنّه منذ 20سنة والسلطة تدلّس الانتخابات وتغيّب إرادة الشعب يعني أنّها غير قادرة على تطبيق هذه الآليّة. أنا أقول هذه سلطة ديكتاتوريّة بوليسيّة. هناك مثل يقول « أعمال العقلاء تصان على العبث ». فحين نعرف أن شيئا ما لن ينتج عنه فعل إيجابي، مثل المشاركة في الانتخابات… فتونس سجن تفتح باحته بمناسبة الانتخابات ليعاد إغلاقه على الناس من جديد، مثلما اعترف به سي حاتم. فالبديل هو إعادة البناء المعنوي، فالقضية في تونس هي قضية أخلاقيّة أي أن تدخل شيئا من الأخلاق والمبدئيّة في السياسة. ما هو غير موجود لا نقول أنّه موجود. نسمّي الأشياء بأسمائها، نظام استبدادي نقول نظام استبدادي وأنا أسمّيه دكتاتوريّة بوليسيّة وأقول للمواطن ما دامت إرادتك تزيّف لا تشارك في الانتخابات. وهو ما يعطي مصداقيّة على مدى السنوات والظرف كفيل أن يتغيّر فيما بعد. وأنا لست مستعجلا لأن يتم التغيير على يديّ.

 

كلمة: هل يمكن بمناسبة انتخابات 2009 أن تتجنّب المعارضة السقوط في ملهى التهريج الذي وضعته السلطة في المناسبات السابقة. هل تفكّرون في التحالف لضمان انتخابات نزيهة ؟ وهل هناك اتفاق على مبدأ مراقبة دولية للانتخابات؟

 

خليل الزاوية : أنا أعتقد أنّ المواطنين غير مستعدين للانخراط في عملية انتخابية في الوضع السياسي الحالي أي في المنظومة التعددية الشكلية التي رسمتها السلطة. فانتخابات 1999 و2004 تمت بدون ناخبين وتميّزت خاصة في 1999 بمرشحين في شكل « تيّاسة ». لا أعتقد أنّ المواطنين مستعدين للدخول في عملية كهذه مادامت لاتتوفر على مصداقية قادرة على قلب الموازين. إنّ تغيير موازين القوى بجعل السلطة تقبل بانتخابات شفافة ولا أعتقد أن المعارضة قادرة مع السلطة الحالية أن تفرض ميزان قوى مختلف ولو تحالفت جميع قوى المعارضة. وقد حصل التحالف في الانتخابات البلدية ولم نقدر على تحويلها إلى معركة بين المجتمع والسلطة، حصلت احتجاجات فقط. الإشكالية المطروحة على المعارضة التونسية هو هل تقبل أن تنخرط في هذا الشكل من العمليات الانتخابية أو تقطع مع المشاركات التي تعطي المشروعية للسلطة ؟ تجربة حركة التجديد في المشاركة في الانتخابات وفي المشاركات البرلمانية. صحيح أنها اتخذت في الفترة الأخيرة مواقف متميزة ولكنّها لم تقدر أن توجد صدى لهذه المواقف بين المواطنين وأن تخلق حولها حركيّة. ولم تقدر حركة التجديد أنّ يكون للمرشح محمد علي الحلواني صدى شعبيّا رغم أنّ خطابه كان معارضا.

 

كلمة : لكن ألا تعتقد أنّ المقاطعة هي الأخرى علامة إخفاق وإقرار بالعجز في تغيير الأوضاع ؟

خليل الزاوية : صحيح أنّ المقاطعة موقف سلبي ودليل على ضعف ولكنا تعطي نوعا من المصداقية لمن لا يشارك في عملية ترسخ الديكور.

 

حاتم الشعبوني : إذا كانت المقاطعة ستعزز عزوف المواطن عن الحياة السياسية فهذا سيرجع بالسلب على المعارضة. نحن نأمل أن تقع تغييرات جوهرية في المجال السياسي وأنا لست ضد حضور مراقبين دوليين. وفي انتظار أي تغيير ليس لنا من حل ما دمنا قد اخترنا العمل السياسي المنظم السلمي إلاّ إصدار صحفنا والعمل على المشاركة في العمليات الانتخابية ونحن لنا نواب في البرلمان ينتقدون ويصوّتون ضد. وهذا نوع من الأجر الأدنى المضمون من المشاركة السياسيّة الآن لا يجب أن نتنازل عليه. ونحن كديمقراطيين ما نطمح إليه هو أنّه في آخر المطاف يحتكم الناس لصندوق الاقتراع. لكنّنا في فترة مجهولة العواقب : كيف سيتمّ التغيير ؟ يمكن أن تسوء الأوضاع أكثر من الآن. يجب علينا أن نجتهد لتوفير ظروف التغيير الديمقراطي في البلاد وأن نكون فاعلين وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي. كيف نصل إلى ذلك ؟ أمر صعب ويجب المثابرة على العمل السياسي العقلاني والمنظّم وإيجاد الأدوات الكفيلة بالخروج من الحلقة المفرغة ومن العزوف السياسي. وللمجتمع المدني دور كذلك في إرجاع قيم المواطنة والسياسيّون لهم مسؤوليّة خاصة لإيجاد آليّة التغيير. هذا ما نفكّر فيه الآن وليس لدينا الأجوبة الكافية لذلك. نحن نحاول أن يكون الحسم وطنيّا وداخليّا وأن تجد النخبة الوطنيّة سبيلا للخروج من الوضع الحالي. الحياة السياسية يفترض أن يحكمها الإعلام الحرّ، صندوق الاقتراع المجتمع المدني، الأحزاب النزيهة قضية الأخلاق مهمة مثل المصداقية.

 

كلمة: ما هي آفاق العمل السياسي وهل تتصوّرون هيكلا لتوحيد الحركات الديمقراطية العلمانية. وهل تعتقدون أنّ لذلك عوائق جدية ؟

 

حاتم الشعبوني : نحن نطالب بالتوحيد العضوي، في 2004 أردنا أن يكون محمد الحلواني مرشح كافة القوى الديمقراطية لكنّ بعض الفعاليات لم تتجاوب معنا وبالتالي لم ننجح في هدفنا. ولكن في بلد مثل تونس تقدم أشواطا في الحداثة يكون التحالف بين القوى العقلانية الديمقراطية أمّا إذا أصبح على أسس بدائل مغلوطة مع قوى تعود بنا إلى الوراء يصبح التحالف غير ممكن وعائقا من العوائق.

خليل الزاوية : المشكلة ليست في التوحيد. فلو تم ذلك فإنّه بالأسلوب الحالي وبالبرنامج الحالي وبالخطاب الحالي سوف يبقون على الربوة وغير قادرين على الفعل في الواقع.

 

محمد القوماني : توحيد ما سمي بالحركة الديمقراطية العلمانية غير ممكن ولا يحدث تقدما نوعيا في الحياة السياسية. وفي تقديري أنّ توحيد طيف المعارضة كله مهمّة مستحيلة وفيها شيء من تضييع الوقت والمجازفة لأنّ هناك خلافات كبيرة ويصعب تجميع كل الناس. والأفضل أن يتم نوع من الفرز داخل المعارضة، فانقسامها قسمين لا يمثّل مشكلا بل سيكون هناك صراع نزيه على شرعية المعارضة من يستقطب الرأي العام ومن يقنع ببرنامجه. وأنا أفضّل تحالفا واسعا يضمّ العلمانيين والإسلاميين، ولا أعني بالإسلاميين فقط حركة النهضة وإنّما التيار الإسلامي ذو الجذور الثقافية التي ليست حركة النهضة إلاّ تشكيل سياسي تنظيمي فيه وجزء من إفرازات المجتمع التونسي فالتيار الإسلامي جزء من هذا الجيل وله إسهامه الحيوي في الحياة الاجتماعية والسياسية وكل استقطاب يواصل التنافر بين هذا التيار والتيار العلماني لا يخدم مهمّة التغيير.

 

عبد الرؤوف العيادي : أعتقد أنّه عليّ أن أقترح والشعب هو الذي يحكم وقضيّتي الكبرى عودة الحياة للمجتمع وليس تعزيز صفوفي أو ضمّ مجموعات جديدة إليّ وبناء قطب. ليست مشكلة تونس بناء قطب، بل إعادة الحياة للمجتمع حتى ينتج حركة. هكذا سيخلق مناخ مغاير يستفيد منه الجميع.

 

(المصدر: موقع مجلة كلمة الألكترونية بتاريخ 19 نوفمبر 2006)

 


 

لهذا لا يشارك الإسلاميون في حوارات قناة الحوار التونسي..

الحبيب أبو وليد المكني

Benalim17@yahoo.fr

 

للمرة الثانية سوف أتعرض لمناقشة  ما تبثه قناة الحوار التونسي و بالتحديد  ما يأتي على لسان السيد الطاهر بن حسين فيها  ، و كنت في المناسبة الأولى أظن أنه من المجدي  أن نتحاور بهدوء مع السيد الكريم و لا أجد عذرا لتغيب الإسلاميين عن المشاركة في تلك الحوارات  ولكنني بعد متابعة الحصة الأخيرة ليوم 19 نوفمبر أصبحت أميل بشدة إلى قبول مبرر عدم المشاركة  ، ذلك لأن أي حوار بين فريقين لا قاسم مشرك بينهما يصبح حوار طرشان و يكون ضرره أكبر من نفعه خاصة في هذه المرحلة التي تنصب فيها الجهود الصادقة لتوحيد جبهة عريضة من المعارضة على الحد الأدنى من المطالب التي يمكن النضال من أجل تحقيقها…

 

الحلقة الأخيرة تناولت موضوع الحجاب وكان الحوار فيها كالعادة بين السيدين الطاهر بن حسين و لطفي الهمامي الأول : عن مجموعة الشرفي و الثاني : عن حزب العمال الشيوعي التونسي و حتى لا يُأخذ ـ بضم الياء ـ كلامي هذا على التعميم فإنني أسجل الفرق بين مواقف المتحاورين و أعترف بأن إدارة الحوار نفسه كانت في كل مرة محايدة بشكل يستحق التقدير فقد حاولت أن تطرح الأسئلة التي يطرحها الجمهور و كانت دائما تطالب بأجوبة محددة من شأنها أن توضح المواقف المبدئية و السياسية بما لا يترك أي مجال للتأويل . وهذا منهج في إدارة  الحوار لا أملك إلا التنويه به و اعتباره إضافة نوعية في الإعلام التونسي المعارض .

1 ـ من المسؤول عن إشعال معركة الحجاب ؟

 عند الإجابة عن هذا السؤال كان واضحا أن كلا المتحاورين ـ  و هما يتفقان إلى ابعد الحدود  في مضمون الإجابة ـ يشعران أنهما ليس في موقع الحكم و لكنها طرف في القضية وهما و إن كان يرفضان الحلول الأمنية ، لأنها كما يعتقدان لن تزيد ظاهرة الحجاب إلا شيوعا و انتشارا ـ فإنهما يعطيان الحق للدولة التونسية في تحمل مسؤولية الدفاع عما يسمونه بالقيم التقدمية في مواجهة  « الخطاب الظلامي » والجماعات التي تتبنى تأويلا رجعيا للدين  يكرس مبدأ دونية المرأة ويهدد مكتسبات الحداثة التي تفتخر بها البلاد على حد قولهم  ، وهما لأجل ذلك يُغرقون المسألة في بحار عميقة من الحديث عن تأثير الفضائيات العربية التي تمولها دول الخليج العربي وهي فضائيات تروج للظلامية وتفتح المجال لشيوخ يعبرون عن قيم الماضي البعيد الذي لا علاقة له بتاريخ تونس وشعبها و يذكرون من بين هذه القنوات « قناة اقرأ »بالتحديد بما يوحي أنهما يعنيان دروس  » عمرو خالد  » والتعميم يفيد أيضا قناة الجزيرة وخاصة برنامج   » الشريعة والحياة  » الذي يستضيف الشيخ يوسف القرضاوي .

 

والقصد هو طبعا التأكيد على أن إطار حقوق الإنسان و الحريات الفردية هو آخر إطار يمكن فيه مناقشة الموضوع  أما الإطار الأمثل فهو البحث في سبل مواجهة  » الغزو الثقافي الظلامي الآتي من الشرق في شكل خطاب يروج لدونية المرأة ويعطي لعلماء الإسلام الحق في التعبير عن وجهة نظرهم فيما يخص حاضر أمتهم و مستقبلها ، فهم يطلبون المزيد من الإجراءات التي من شأنها أن تقصي الإسلام عن الحياة العامة ، وهذه الفضائيات تدعو إلى العكس وبالتالي فهما يجدان المبررات الكافية للسلطة في تونس ـ التي مع بعض التجاوزات التي ستفرض على آلاف الفتيات  الانقطاع عن التعليم و إقصاء آلاف أخرى عن الوظائف الحكومية أو على الأقل حرمانهن من الترقي بما يتناسب مع مؤهلاتهن واجتهادهن ـ تقوم بواجبها في التصدي للإمبريالية الإخوانية التي تمتد على نطاق دولي وتخطط لابتلاع العالم بأسره ؟؟؟  .

 

وهكذا طال الحديث عن  » الإمبريالية الظلامية  » و قصر عن معاناة المرأة المتحجبة في تونس  ، بل قورن وضعها بوضع الأمة التي صدر قرار تحريرها فأبت إلا حياة العبودية وبالتالي يجب تنفيذ قانون الحرية عليها شاءت أم أبت  ، و شبه حالها  بذلك الرجل الذي يخرج على الناس يلبس  » كمامة كتلك التي تستعمل للحمار  » ليقع التساؤل بعد ذلك : هل يحق للمجتمع أن يمنعه من هذا الصنيع دفاعا عن كرامة الإنسان أم يترك لحاله فتمنهن كرامة الإنسانية جمعاء ؟؟.؟

 

أما عن المتسبب في هذه  : الدوشة  » عن الحجاب في تونس اليوم فالأمر غير واضح  ؟؟؟ ووقع التعبير عن ذلك بالإشكالية السفسطائية القديمة هل خلقت الدجاجة ثم جاءت البيضة أم أن البيضة هي التي سبقت الدجاجة ؟؟ وكأن الحديث يتعلق ببلاد الواق واق التي لا نعرف عنها إلا القليل و بالتالي سيشتبه علينا الأمر ، أم لعل الإسلاميين الذين يحكمون تونس اليوم ؟؟؟ هم الذين أصدروا الأوامر لمنع المحجبات من دخول المعاهد والكليات أو أنهم هم الذين أطلقوا يد أجهزة البوليس لترهب المرأة التونسية المحجبة في الشوارع و الطرقات وتضيق عليها الخناق في الإدارة والمستشفيات ليصنعوا من ذلك قضية تتلقفها آلتهم الإعلامية الرهيبة لابتزاز تونس و قواها التقدمية ؟؟؟

 

2 ـ لا أمل في الحوار دون قواسم مشتركة

 

لست من الذين يحبون الجنوح إلى هذا النوع من السجال لأنني لا أرى فيه ما يقرب بين الفرقاء ويرسي قواعد التعايش بينهم و أدعو بدلا عنه إلى الحوار الهادئ الذي يقوم على تقوية القواسم المشتركة و يدور في كنف الاحترام المتبادل ولكن يبدو أن لا قواسم مشتركة بين الإسلاميين و  القائمين على قناة الحوار التونسي ذلك أن الإسلاميين لن يقبلوا أبدا بالتعاون مع من يكرس حياته من أجل إقصاء الإسلام عن الحياة العامة ويصف القرآن الكريم بأنه مجرد كتاب قديم لا علاقة له بما نعيشه في عصرنا ويصف المؤمنين الذين يحبون الاقتداء بسيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام و العمل بهديه بأنهم رجعيون ظلاميون يدعون إلى  امتهان كرامة الإنسان الرجل و إلى دونية الإنسان المرأة .

 

ورغم أنني أعتقد أن في » العلف لا زال الكثير من العفن » بمعنى أن في تراثنا الإسلامي هنا ك الكثير من الأفكار و التقاليد و العادات التي تكرس مفاهيم الانحطاط و أن كثيرا من المقولات تصلح لتأييد ثقافة الاستبداد و العبودية و الطغيان و تسمح برواج الخرافة وقيم الاستكانة و التخلف فإني لن أقبل أبدا بأن يعطى للدولة الحق بان تفعل بالدين ما تشاء، مرة تجيز عدم الصيام و أخرى تحرم الحجاب باسم الدفاع عن الحداثة و  مواكبة العصر، و لا أقبل  بأن تحل مشاكل السكن التي تعاني منها الطالبات عن طريق الاستفادة  من أموال الحجيج  كما دعا لذلك السيد الطاهر بن حسين في حلقة سابقة … و لا أقبل بحل مشكل السكن عموما على حساب المساجد كما دعا لذلك أناس من هذه الجماعات التقدمية في السبعينات من القرن الماضي ..

و لا أظن أن الإسلاميين سيقبلون يوما بربح دنياهم بخسارة آخرتهم حتى يقبلوا في محفل ديمقراطي بهذه المواصفات ،، و بالتالي فالحق معهم عندما يمتنعون عن المشاركة في مثل هذا الجدل العقيم .

و لا يمكن  أن نصل إلى قواسم مشتركة في إطار احترام حرية المعتقد ـ حتى أكون واضحاـ  إلا بعد أن يخرج هذا الطرف  » التقدمي من قمقمه الأيديولوجي و ينفتح قليلا أو كثيرا ، فيتناول الخطاب الذي يمارسه الإسلاميون تناول الباحث عن الحقيقة لا المنافس السياسي الذي يخوض حملة انتخابية على الدوام   ، حتى يدرك جوهر الاختلافات و يميز بين المشاريع التي يمكن أن تدعي كلها الاستناد على تعاليم الإسلام ولكن الفروق بينها لن تغيب عن الباحث المدقق ، وبعد أن يتوقف هؤلاء عن ترديد مقولات طالما للاكتها الألسن و عافتها النفوس ، من نوع أن الظاهرة الإسلامية تعود إلى  حالة الفقر و اليأس التي تحيط بالناس ثم بعد  عدة ثواني يطول الكلام عن الأموال الضخمة التي تمول هذه الظاهرة و أن الشيخ القرضاوي هو أغنى الأغنياء في الخليج و أن بن لادن هو أحد رموز الثراء في السعودية  ، فما الذي يدفع أغنى الأغنياء بالتعاطف مع الفقراء فيمول نشاطهم و ينخرط في نضالهم  ؟

وما الذي يجعل الجاليات المسلمة في العالم الغربي تنخرط في هذه الظاهرة و تعرض مستقبلها  للمخاطر ؟ وهي بعيدة عن أحياء القصدير و جيوب الفقر التي تقدم دائما على أنها محاضن طبيعية لهذه الظاهرة  ؟؟؟

 

و أختم بأن الحوار حتى يكون حوارا فلا أقل من أن يطلع  » اللاأدريون  » على الجديد في الفكر السياسي الإسلامي و المراجع في ذلك ليست قليلة وتتوفر في المكتبات و على صفحات الدوريات المتخصصة و  الشبكة العنقودية ، تماما كما تتابع شرائح واسعة من الإسلاميين   التحولات التي يعرفها  الفكر الإنساني بمختلف مدارسه . وحتى يحصل ذلك فليس هناك حاجة لجدل عقيم .

أما إذا استمر هؤلاء في اتهام الإسلاميين بالافتقار للمشاريع و البرامج السياسية و الاجتماعية ثم يعكفون بعد ذلك على إثارة الشبهات التي تصل إلى السخرية من آيات القرآن و أحاديث الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام. فلا يبقى  للأسف ، مجال للمشاركة و الحوار.


رسالة إلى التقدميين والمتنورين

 

شاهدت كغيري ما بثته قناة « الحوار التونسي »يوم الأحد 19 نوفمبر و خاصة المجال الحواري، وبالرغم أنه بدأت تتبلور لدي فكرة سلبية حول حوارات هذه القناة، منذ أول بث تابعته إلا أنني تريثت في الحكم لها أو عليها، خاصة وأن السيد طاهر بن حسين كان يتمنى أن يكون معهم من يمثل الإسلاميين، و هو يقصد حركة النهضة أساسا، إلا أنه برر غيابهم بالتوجه التقدمي و التحرري للقناة وهم ضد هذا الفكر، و لئن انتظرت هذه الحلقة آملا في أن يكون الحوار متوازيا في الفكر، فيستضيف من يثري الحوار من جميع المدارس الفكرية التونسية سواء كانت كما يدعوا تقدميين أو يساريين أو علمانيين و أيضا إسلاميين، خاصة وأن الموضوع كان حول حملة النظام التونسي على الحجاب، إلا أن المتحاورين كانا السيدين طاهر بن حسين و لطفي الهمامي وهما علماني و شيوعي والموضوع له صبغة حقوقية ودينية، و لئن قبلت حقهما في عرض أفكارهما و الدفاع عنها  في القضايا الوطنية و غيرها الا أنني لم أقبل لهما في أن يختزلوا الصحوة الإسلامية التي تمر بها البلاد في أنها نتاج فكر وارد على البلاد من المشرق تبثه و تنشره بعض القنوات التلفزيونية الممولة من الكويت و السعودية والسودان، و حقيقة لا أعرف من أين للسودان أن تمول هذه القنوات، كما رأى المتحاورين أن الفكر المتقدم و النير (بالطبع فكرهما) محارب في القنوات الفضائية و لا يمكن لأصحابه أن يعبروا عليه وانتقل الحوار لا لمحاسبة المعتدي و إنما لجلد الضحية !!!

فأن يصل أحد يدّعي أنه تقدمي و نيّرا ويعتبر انتشار الحجاب في تونس وراءه النظام نفسه فهذا ضرب من اللامسئولية وهروبا من الواقع.

فبربكم لو قلت لأكبر مدافع عن النظام هذا المبرر لانتشار الحجاب في تونس لما قبله فما بال بمن يدّعي التقدمية و التنوير ؟؟؟

أما أن نربط ذلك بحركة سياسية كانت من قبل متواجدة في البلاد، وسجن النظام و بمباركة من بعض التقدميين و التنويريين أغلب أعضاءها و ما بقي منهم خارج السجون هجروا، فتصبح وراء كل صراع للسلطة مع المجتمع فهذا ضرب من المزايدات تفتقد إلى جدية الطرح.

فما ذنب حركة النهضة أن تكون تعبر عن تطلعات و هوية أغلب المواطنين ؟؟؟

و ما ذنب حركة النهضة أن يتزامن صراعها مع النظام بصراع بقية التونسيين معه ؟؟؟

و الحمد لله أننا في عصر الفضائيات، و عصر أن المشاهد يقدر أن يميز في ما يرى و يسمع ويعرف من يتبنى همومه و يعبر عن تطلعاته و من يركب الموجة على همومه.

فالتقدميون لم يجدوا مجالا في القنوات الفضائية لنشر أفكارهم أو قل لمحاربة الفكر الرجعي الوافد على بلادنا، وحتى القنوات المنتشرة لعربها وعجمها لم يروها تفي بهذه المهمة الأخلاقية و الوطنية  !!!

فالمشكل الكبير فيما تبثه قناة وحيدة مثل قناة  » اقرأ  » وسط العشرات من القنوات التي تهدم ما تبنيه هذه القناة !!!

و كنا نأمل من التقدميين و المتنورين أن نعمل معا للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد، و لا شك أنها خطيرة و حساسة و تطلب جهود الجميع و كل جهد في غير هذا الاتجاه يضر أكثر مما ينفع.

 لذا وجب أن نتفق على جملة من المبادئ و المثل نلتزم بها كلنا كمعارضة جادة اذا نوينا النجاة بسفينة البلاد و الخروج بها الى شاطئ النجاة  فالأمر جد و الخطب جلل، و هذه الشروط هي:

 

1- أن الشعب التونسي مسلم و من حقه أن يعبر عن هويته بما يراه علماءه دون اكراه أو اجبار.

2- من حق كل تونسي أن يبدي رأيه في أي ظاهرة اجتماعية، سياسية، ثقافية أو غيرها و لكن دون استغلال ذلك في تحجيم خصم سياسي.

3- الخصم الأساسي الآن هو الاضطهاد و الدكتاتورية المتمثلة في النظام الفاقد لأي شرعية.

4- كل جهد يتجه غير نحو الهدف يطيل عمر الدكتاتورية.

5- بالرغم من أن أول من عارض الاضطهاد في تونس هم الإسلاميون وهم لم يريدوا بذلك القيام بسبق سياسي الا أنه من حقهم على الفرقاء السياسيين الاعتراف لهم بذلك لا تحميلهم ما آلت إليه البلاد ( بالرغم من أنهم لم يطالبوا بذلك ).

6- يجب علينا أن نقر مبدأ  » أختلف معك لكني أضحي من أجل أن تبدي رأيك« .

 

و في الختام لئن اتفقنا كلنا على أن الحياة السياسية و الاجتماعية في تونس تمر باسوا حال وأن النظام الحالي في أفول مضطرد فلا بد أن نسبق الزمن و نضع قواسم مشتركة نحترمها كإسلاميين وعلمانيين و يساريين وأهمها ما يتعلق بعقيدة المجتمع دون وصاية أو فرض، والا وجدنا أنفسنا قد ورثنا على النظام كل مساويه.

فما رأي التقدميون المتنورون ؟؟؟

 

الفار من بلده بسبب 7 / 11 أبو عمر

 


 

 

إلى أم أسامة:…تعقيب بالإسم الحقيقي

بوكثير بن عمر:

 

أرجو أن لا ينزلق قلمك إلى اتهامك إياي بقمع حرية الكتابة فلك أن تكتبي ما تشائين، فقط ألفت نظرك إلى وجوب توخي الصدق في نقل المعلومة، فبعد أن كتبت: إلا أن رئيس جمعية الزيتونة/ النهضة بسويسرا العربي القاسمي ومساعده أبو كثير لم يرق  لهما النقد ووصفا السيد بوالعينين بأنه مأجور لا لشيء إلا انه استنقص من عمل الزيتونة/النهضة

 

أدعوك سيدتي الكريمة بكل تواضع أن تعيدي قراءة ما كتبته في مقالي الذي علقت عليه وأن تأتيني بعبارة(مأجور)التي ادعيت أني وصفت بها الأخ ذو العينين أو كلمة أخرى تعنيها أو تشبهها معنى أوإشارة من قريب أومن بعيد تصب في هذا المعنى.لن أطيل الكتابة في ذلك وأترك للقارئ الحكم على ذلك.

ثم أردفت القول ومن حقك أن تتساءلي:

هل أنت ونائبك ممن ضحوا بالغالي والنفيس وسجنوا ؟

ومن واجبي أن أجيبك: شكرا على صفة – النائب- التي منحتني إياها والتي لا علم لي بها إلا من خلالك.أما إذا كنت تقصدين بها ما معناه -في نفس الخندق- فأنا أؤكد لك صحة ذلك بل وازعم أن لي الشرف أن أساهم ولو بالقليل فيما ارتأيتة وارتضيته مشروعا يدافع عن هوية البلاد والعباد ينشد الحرية وينبذ القهر والتسلط ولا أدعي أني ضحيت بالغالي والنفيس- وهم يعدون بعشرات الألوف- داخل البلد وخارجه ولكني إجابة على تساؤلك أقول أني من ضحايا هذا النظام وقد حوكمت سنة1987 بعام وشهرين سجنا .وقد من الله علي بفضله  بحفظ القران في نصف هذه المدة. لتتوالى بعد ذلك مسيرة العناء والتنكيل طوال التسعينات والتي وثقت جزءا منها عبر مراسلات نشرتها تونس نيوز والحوار نت مشكورتين.

 

أما قولك : والكل يعلم أن  معظم أبناء  النهضة/الزيتونة في الغرب لم يسجنوا ولم يعذبوا ولم ينلهم أي سوء. وأي  سوء أصابك أنت أو أصاب نائبك  انظر إلى نفسك .أقول لك : من هذا الكل الذي تقصدينه، وبدون الدخول في سجال كتابي فإن وزارتي الداخلية والعدل كفيلتان بإعطائك الخبر والعدد اليقين.مع رجاء ألا يكون النظام أسوة لك في الإنكار وتجاهل الحقيقة وإن بدت للعالم كله. وأورد هنا مثل المناضل عبدالله الزواري الذي ينكر النظام نفيه إلى الجنوب التونسي بعيدا عن عائلته سنين عديدة حتى هذه اللحظة .وهذه قطرة من بحر.

 

أما قولك: وانظر لمن بقي في النهضة/الزيتونة وانظر لما يقوله العارفون  فيكم

فأقول:أعانك الله في عملية الإحصاء  والضبط  والإستشهاد بما يقوله العارفون فينا. أما نحن فلم ولن ندعي أننا الإسلام و-لا سوانا أو الحقيقة و-لا غيرنا- أو العصمة و- ليس بعدنا- أو المحررون- وهل هناك دوننا؟حتى يجتمع علينا كل الناس وإلا فلن نقبل.

إن العدد والتعداد والأرقام  والكثرة عبر تا ريخ البشرية ليست المحدد الرئيس في انتصار قيم الحرية وانتشار العدالة وهدم صرح الباطل بل  إن الإيمان والثقة في بلوغ المنشود الذي تتمتع به فئة ولو قلت من عدد وعدة هو الأوثق عروة والأصح نهجا. وإن النظروالتدبر  في كتاب الله يجلي لنا هذه الحقيقة ويمدح القلة ويهبها أسباب التمكين إن اعتصمت وثبتت ويذم الكثرة في العدد والعدة ويعدها بالفشل إن حادت وابتعدت.

 

وأما قولك:

فكل أبناء  النهضة يتسترون وراء أسماء خيفة أن يفتضحو . وقلة هم الذين يعتمدون أسماءهم الحقيقية ومن بقي يتستر وراء صابر تونسي/مهاجر محمد/مهاجر بلقيس/ابو عبدالله/ابوكثير/ ابو  وليد/…..  فهذه كلها أصبحت حجبا يتسترون وراءها فلا تعتب  عليّ وعلى بو العينين

 

أقول حقا عجز – مخي- (مع رجاء المعذرة من القراء في استعمال هذه الكلمة )عن فهم ما تقصدينه من كلمة :خيفة أن يفتضحوا- وارجعتها في الأخير إلى قصور في التعبير واللغة.ولو استعملت خيفة أن ينكشفوا لكان أهون…

فالفضيحة من ماذا؟ أهي من أموال هربوها أم جرائم نصب واغتصاب ارتكبوها، أو عصابة  وطنية نشطت في الكسب الغير المشروع والمخدرات أو سرقات سفن أو رشاوي  عمت جميع القطاعات أو بلطجات أو..أو..

 

أما مخافة أن ينكشفوا فهذا دأب عدد منهم خاصة في التسعينات وكم من والد أخذ بولده وكم من أخ أخذ بأخيه وأطفال بابيهم وزوجة بزوجها و..و وكم عانى من عمالنا بالخارج عند عودتهم بمجرد أن لهم أقرباء من النهضة فما بالك إذا تناهى لمسامع النظام أن واحدا من هذه أو تلك العائلة يكتب في الإنترنيت عن سياساته المتخلفة ولنا الشواهد العديدة على مثل هذه الممارسات المتواصلة إلى حد اليوم.وإن كان التستر وراء هذه الأسماء كما تقولين – خيفة أن يفتضحوا – فما الداعي أن يلجأ العديد من الكتاب إلى أسماء مستعارة وهم ليسوا من الزيتونة/النهضة من مثل أم زياد وأبو خولة وأم أسامة (أنت) وغيرهم .هل هؤلاء يتسترون ؟ ومن أي شئ  يتسترون؟ أم هو  يا أم أسامة شرع( حرام عليكم  حلال علينا). أما فيما يخص الأسماء التي ذكرتها كأمثلة ،أؤكد لك أن ثلاثة منها صحيحة اسما ولقبا.كما أرجو منك ومن أجل كتابة صادقة وموضوعية أن لا تزيحي كلمة من فقرة تستشهدين بها لينتقص المعنى فتستخرجي منه موقفا وحكما تتهمين غيرك بقوله.

 

وأخيرا هذا اسمي الحقيقي الذي – حسب رأيك( أستتر به)- والذي سجلني به والدي عندما جئت بإذن الله إلى هذه الدنيا في الحالة المدنية ، وكبرت ودرست به،  وعرفني به جميع من عرفني، وتزوجت ،وحوكمت به وسجنت، وأقيم به حاليا لاجئا في سويسرا، وأمضي به ما أكتب فهل بعد هذا التستر من تستر.أما بقية (المتسترين) فلست موكلا عنهم لكشف هويتهم.

الإسم: بوكثير ** اللقب:بن عمر ** العمر:47 سنة ** أب لأريعة أطفال **

مقيم بسويسرا منذ سنة 2002 **الهاتف:0798225565

boukben@hotmail.com

 

ملاحظة :لم نقرأ لك شيئا عن ما يتعرضن له بنات جلدتك في تونس من حملة على الحجاب ومظاهر التدين، وإلا فالدعاء لهن أضعف الإيمان فرجاء أن لا تنسيهن من دعاءك.

وليكن بعد اليوم هدر الكتابة فيما هو أجدى وأنفع.

اللهم اغفر لنا وارحمنا وتجاوز غنا يا أرحم الراحمين .أمين.

 

سويسرا في 20/11/ 2006

 


 

بسم الله الرحمن الرحيم

                            لقد جانبت الصواب يا بو العيون  

 

إلى السيد « أبو العينين ». الدين النصيحة ونحن نقبل النصيحة من كل صادق وما أحوجنا جميعا لنتذاكر في الله. غير أن سردك في مقالك الأخير لبعض النصوص من الكتاب والسنة وسيرة بعض السلف حول الأخلاق وآفات اللسان ليس في محله البتة فأنت أوحيت للقارئ أننا لا نعلم مثل هذه النصوص أو نحن غافلون عنها  خاصة حينما قلت كنت أعتقد أنها من المعلوم من الدين بالضرورة لدى إسلاميي بلدي. ثق أنها من المعلوم لدينا من الدين بالتعلَم. (وليس بالضرورة كما عبرت لان صفة الضرورة تتعلق بما هو حكم كلي أساسي في الاسلام كوحدانية الله ووجوب الصلاة وليس في تزكية النفوس فهذا يأتي بالتعلم فافهم) ونعلم كذلك وهذا ما أراك تجهله أن حفظ اللسان مأمور به في العموم واستثني من ذلك أن يتعرَض الانسان إلى ظلم قال تعالى ) لا يحب الله الجهر بالسوء إلا من ظلم ) والسوء لفظ عام مستغرق لكل أجزائه فهو يشمل السب والشتم والإهانة للظالم. وإلاّ مارأيك أيها الواعظ الكبير أبو العيون في قول موسى لفرعون: (وإني لأظنَك يا فرعون إلا مثبورا) أي ملعونا فأيهما أخف على اللسان اللعن الذي ورد على لسان موسى عليه السلام أم قول القائل  تفوه تفوه على النظام. وموسى هنا واجه فرعون بهذا الكلام لظلمه قبل كفره. وما رأيك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من رأيتموه يدعو بدعاء الجاهلية فكنّوه بهني أبيه  » وإن كنت تجهل معنى الهن في العربية فارجع إلى القاموس لتعلم.

 أردت أن أقول من هذا أن الظالم يستحق أن نتوجه إليه بأقظع الصفات ولا حرج وهذا ما لم يحدث في التظاهرة في تقديري .أما كلمة ووه ووه او تفوه تفوه فإن النظام يستحق ألفا منها وأكبر منها وأين هي من قول إبراهيم عليه السلام ( أف لكم ولما تعبدون من دون الله ) لقد جانبت الصواب في حكمك على ما صدر من المتظاهرين من شعارات وقفزت لتجعل من الرَدود دليلا على فقدان الاسلاميين الأهلية الأخلاقية ومن ثمّ أمددتهم بنصوص في الأخلاق زعمت ضمنيا أنهم يجهلونها أو أنهم لا يعملون بها فأين مراعاة الأخلاق والآداب فيما زعمت.  

ومن حقي الآن – وفق مفاهيمك الديمقراطية التي عبرت عنها- أن أسألك:وأنت ما الشعارات التي رفعتها في التظاهرة إياها؟ أم تراك قد انشغلت عن ذلك بمراقبة ما يصدر من الذين ضاقوا ذرعا بالظلمة والطواغيت فأطلقوا عقائرهم بالصياح والانكار .ومن حقي كذلك أن أسألك لماذا أصلا قد جئت لهذه التظاهرة مادمت لست مقتنعا بمنظّميها ولا بأخلاقهم ولا بمشروعهم؟ هدانا الله وإياك.

                                                شـهــاب

 


 

 

بسم الله الرحمان الرحيم
و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين
                                                                                تونس في 20/11/2006 
 
بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري
كاتب عام جمعية الوفاء
الرسالة عدد 169 موقع تونس نيوز
الحلقة الثالثة و الأخيرة
الرسالة المفتوحة الثالثة إلى السيد وزير المالية حول مشاغل المواطنين و مقترحاتهم.
 
يسعدني مواصلة الحوار المكتوب بواسطة موقع تونس نيوز الموقع الحر الديمقراطي الذي فتح أبوابه للرأي الحرّ… و التعبير الصادق الهادف في عصر التكنولوجيا و الاقمار الصناعية و في عصر فيه تفاوت بين الشعوب و الأمم في مجال الإعلام و المساحات المخصصة للإعلام الحرّ الديمقراطي الذي يحترم الراي و الرأي الآخر و لا يكبت الأقلام و لا يحاول تكميم الأفواه … و هذا هو الإعلام الحق
سيادة الوزير
توقفت في المقال السابق حول 13 محور اليوم أواصل الحوار حول بقية المحاور الأخيرة.
المحور الرابع عشر يتعلق بإعتماد الخصم على الضريبة الشخصية الدخل السنوي و الطريقة المعمول بها مستعملة من سنة 1963 في أول سنة التخطيط حيث إعتمد أهل الإختصاص إعتماد خصم 45 دينار على كل طفل إلى حدود أربع أطفال.
و في  ذلك الوقت كان مرتب المعلم 30 دينار و عون أمن 27 دينار و الصحفي 45 دينار و ثمن الخبزة ذات وزن كيلو 40 مليم و لحم الخروف الكيلو 300 مليم و حذاء الطفل بدينار و نصف و الحليب بـ50مليم و تسويغ المسكن بعشرة دنانير في تلك الفترة إعتمدوا طريقة الخصم 45 دينار على الطفل أما اليوم فالأمور تطورت 35 مرة أو أكثر في الاسعار و الأجور تطورت 20 مرة إذا قررنا مرتب المعلم 30 دينار عام 1962 و مرتبه اليوم 580 دينار و من المنطق أن يكون الخصم على الطفل 600 دينار لتغطية نصف تكاليفه عوضا عن التمسك بخصم 45 دينار إلى اليوم رغم تطور الاسعار و الحذاء أصبح بـ60 دينار أي إرتفع 40 مرة على عام 1962 و من باب العدل الاجتماعي مرعات ظروف العمال و الموظفين حتى يكون إعتماد الضريبة بعد خصم 1800 دينار على الأطفال الثلاثة و جملة المصاريف 1400د أي من كان دخله ثلاثة آلاف دينار سنويا يعفى من الضريبة الشخصية و يتمتع إبنه بمنحة الطلبة بصفة آلية.
المحور الخامس عشر : التمديد في آجال العفو الجبائي إلى موفى العام 2006 حيث لا يعقل أن يكون الأجل النهائي 31 أكتوبر 2006 و قد صادف شهري سبتمبر و أكتوبر إفتتاح السنة المدرسية 2006/2007 و حلول شهر رمضان المبارك و فرحة عيد الفطر المبارك و المواطن التونسي دخله محدود بنسبة 95 بالمائة دخلهم محدود و المناسبات الدينية و الموسم الدراسي أخذ نصيب الاسد من مدخول العائلة و أرهق كاهلها و لا يمكن أن يكون مجال للمواطن و عنده ذخيرة لخلاص الجباية البلدية و غيرها في تلك الفترة و المنطق يفرض التمديد في الآجال لموفى العام
المحور السادس عشر: حول الإنتدابات لحاملي الشهائد العليا و شهادة الباكالوريا : إنّ موضوع التشغيل يشغل بال المجتمع التونسي و اهتمام كل العائلات وقد إستفحل في السنوات الأخيرة نتيجة تدفق عدد هام من الطلبة و نسبة النجاح و هذا شىء إيجابي لكن في المقابل هناك ظاهرة البطالة المكثفة … و الملحوظة و ظاهرة التدخلات و غيرها … و هناك أسباب أخرى و من جملة الاسباب البحث الإداري و الأمني و عديد الاشياء و الوشاية تلعب دورها و الأحقاد و الرسائل المجهولة و الحسد و غيرها و لا بد من معالجة هذه الظواهر السلبية و جعل التشغيل مبدأ وطني نزيه و مقدس و أعني لا تلاعب بخبزة الناس و لا تلاعب بمستقبل الشباب المتعلم…
المحور السابع عشر : حول الوطنية و التضحية و في هذا الإطار أقترح لتنمية مناطق الظل و تطويرها و بعث مشاريع لشبابها و النهوض بهم و مزيد الإستقرار و العيش في مناطقهم بكرامة..و هذا يتطلب تضحية جماعية و إذا فكرنا في النسبة التي ذكرتها 5 بالمائة أصحاب الإمتيازات و المداخيل و الإمكانيات المادية سواء اصحاب المؤسسات و الشركات و اصحاب الضيعات الكبرى و مراكب الصيد و شركات البحر و الجو و البرّ و الموظفون السامون في أعلى المناصب و الذين دخلهم الشهري يفوق 15 مرة على الاقل الأجر الأدنى المضمون حوالي 3600 دينار و أعضاء المجالس النيابية لهؤلاء الذين عددهم يفوق 7500 شخص لو فكر هؤلاء في دفع ألف دينار كل شهر لوفرنا تشغيل 15000 موطن شغل لمناطق الظل و تلك هي الروح الوطنية و التضامن الوطني الذي دعا إليه سيادة رئيس الدولة و التضامن الحقيقي يبدأ بالكبار لا بالصغار هذه بعض المقترحات الجريئة نرجو من سيادتكم دراستها بكل إهتمام و إعداد تقرير شامل لرئيس الجمهورية و اعتقد أنّ الأمانة الوطنية تفرض هذا النمط الأخلاقي و عدم إخفاء الحقائق لرئيس البلاد طبقا للقسم على كتاب الله يوم تسمية كل وزير
المحور الثامن عشر : حول الخصم على الطلبة المزاولين تعليمهم عند التصريح بالدخل السنوي يخصم لهم 300 دينار إذا استظهرت بشهادة الترسيم الجامعية و القباضة المالية مشكورة بعد تسليم الشهادة و حفظها في الملف عندها تعفيك من المطالبة ببقية الدفع الذي يخصم مباشرة من طرف الصندوق الوطني للتقاعد و الحيطة الاجتماعية بالنسبة للمتقاعدين و عندما تكون أنت الطالب لإسترجاع مبلغ زائد يشير عليك المسؤول بالقباضة المالية بالانتظار3 أعوام و يذكر في الوصل المبلغ الزائد هذا وقع لي لمدة 8 أعوام دون إسترجاع الزائد….
لماذا لم يكن الاجراء مع صندوق التقاعد يقع طرح المبلغ قبل الخصم الكامل … « القابض سريع القبض و بطىء الدفع »
المحور التاسع عشر : نرجو كشفا سنويا واضحا على محاصيل و مداخيل الصندوق الوطني للتضامن 26 /26 و اين صرفت الأموال و كم مبلغ التبرعات و الإعانات و الخصم على الرخص شهريا الكشف المالي محبذ حتى ندرك أهمية المبالغ و اين صرفت في أبوابها المشروعة و هذا يعكس بحق الشفافية المطلوبة.
قال الله تعالى : و أوفوا بالعهد إنّ العهد كان مسؤولا صدق الله العظيم و قال أيضا : و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولائك هم المفلحون صدق الله العظيم.
                                                                        بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري
كاتب عام جمعية الوفاء
الجوال 22.022.354

 

 

 


إتيقا (éthique) الحوار اليساري اليساري:

امتداداته وحدوده ونواظمه؟

بقلم المنذر جغام

 

إن موضعة الحوار بين أطراف اليسار الديمقراطي التقديم داخل سياقات الأزمة العامة التي يسهدها نضاله يجعل الصورة أكثر وضوحا، تقريبا هذا ما نجحت في بلوغه مداخلة الدكتور ـ الحبيب الجنحاني ـ في منتدى ـ التقدم ـ بمقر ـ جريدة الوحدة ـ حتى وأن لم تلتزم باقي المداخلات والتعقيبات بالتقاط ذلك الخيط الناظم للمداخلة وللأزمة. إن عموم الأطارف قد باتت تدرك بلا شك راهنية وجودها الاتستراتيجي ضمن اطار المرحلة التاريخية المسماة ـ بالعولمة ـ والتي هي ليست لا أقل ولا أكثر من هجوم امبريالي أشرس على البروليتاريا العالمية ومكاسبها وعلى المستعمرات وأشباهها لايجاد صيغة جديدة من صيغ التقاسم الاحتكاري الدولي الاكثر اجحافا والأشد قهرا ومن ثمة أنتجت مقالات ومواقف وتكتيكات تتناسب في النوع والدرجة مع ما لم يتعارض واستحقاقات هذه المرحلة أو الهجوم فكأنما ضعفها وتلاشيها وقصورها المعرفي قد كان هو الآخر يقدم لهذا الهجوم ويسنده بالذرائع والمبررات.

إن أفاق ما بعد سقوط الحلف الشرقي والاتحاد الروسي ونهاية ما سمي بالحرب الباردة قد أنفتحت مباشرة على مرحلة أكير تعقيدا (بل أكثر تركيبا هي مرحلة الامبريالية المتوحشة مرحلة تختزل فيها التناقضات السابقة للرأسمالية ولامبريالية العشرينات والثلاثينات ثم الحرب العالمية الثانية وما بعدها إلى حدود امبرياليات الدولة الاحتكارية والتي كثيرا ما ادعت لنفسها صفات الاشتراكية ولمستعمراتها وأشباهها صفات الوطنية لتظهر بعدها بمظاهر جديدة للمركب التنافس ـ الاح تكاري تدار بآليات جديدة تختلف وتقطع مع آليات الدولة الاحتكارية وهذا ما دفع يسارنا المحلي والوطني في هذه العقود الأخيرة أن يعرف كوارث تسد الأفق من شيوع الأممية السياسية داخله وبين قاداته بنسب خطيرة إلى شيوع الاستكانة إلى التخلف في أنماط الانتاج ووسائله بما يعني مصالحته مع علاقات الانتاج القائمة والتغاضي بصورة كبيرة عن القضايا ذات الجوهر الاقتصادي العميق وإلى استخدامه في أحزاب السياسات اليمينية الشرعوية على زعامة الاحزاب ومناصب المنظمات والهيئات الحاكمة والمتعاونة والمرتبطة بصراعات الامبرياليات وتنازعاتها التقسيمية للاسواق ولمناطق النفوذ والهيمنة، والمحصلة أن الكثير الكثير كان ولا يزال أمام اليسار الوطني كي يفعله ولعل أهمه أن يخلّص سياساته من شرك أدعياء الديمقراطية والتقدم الذين دفعوا به ويدفعون بنضالاته وقيمه وفائض أنتاج نضال أجياله المؤسسة لخدمة الصهيونية والحركات اليمينية الدينية المتناسخة منها وعنها اسلاما ومسيحية. هذا على الرغم أنه ثمة استثناء بارز يعزز من زاويته الخاصة هذه الأحكام العامة أنه كان دائما ثمة نضالا يساريا عقائديا وتشابكا سياسيا ونقابيا مع تلك الحركات وأن التفريط فيه وفي مكاسبه لم يكن في يوم بالمستساغ ولا بالسهل لهذا فليس هاهنا من تهديد خطير وعميق خاصة وأن تلك الحركات اليمينية حتى وإن حاولت أن تبدي بعض المرونة التكتيكية فإنها لا تستطيع أن تحافظ على شاشاتها طويلا فكلما تعلق الأمر بيسار لائكي يزن الامور لفائدة جهات التقدم في المجتمع وهذا ويصرف النظر عن الصراع مع الدولة كلما اخرج ذلك النفاق الديني والسياسي خناجر وسيوف كهنوت القنانة، إلا أن تفاصيل التحقيقات والشهادات ستضع قادة ذاك اليسار في موقف عسير لكننا علينا أن نعترف لهم بصدق أنهم لم يخترعوا الفساد السياسي فبدايته نشأت في مدارس الليبراليين والاشتراكيين الديمقراطيين أي في المدرسة السياسية التي كان يدريرها فريق جريدة الرأي و Democratie ثم الشرفي الشماري ومواعدة والمرزوقي ولكن أولئك القادة الحقوقيين اليساريين قد طوروا الطريقة وحسنوا الأداء وفي ضوء لائحة الاتهام يتبين أساسا أن القادة الفوضويين لذلك اليسار وبعد تحالفهم مع اليمين الاخواني قد فقدوا الاحساس بالخجل ولأنه خلافا للماضي فقد بدى هذا التكتيك ظاهر أمام ناظري الجميع مصور ومسجل، مثبت على الفضائيات وعلى أمواج الانترنيت لقد كان يسارا محليا مغرقا في محليته على الرغم من أدعاءه للأممية وارتباطه بنضال التقدميين في العالم فليس هاهنا من أية عالمية وانما انحصر الأمر برمته في الارتباط بالوجود العالمي للتأسلام السياسي اليميني. لقد كان يسارا لا يفكر في الغد ولا يطرح السؤال وما ذا غدا؟ غدا سنحصل على المزيد من الضعف.أناس بعيدون عن أفكار الاشتراكية والتقدم والديمقراطية بعد الشرق على الغرب، اليسار الذي يفوت في فرض النضال لتحقيق علمنة أكبر في المجتمع والدولة هو بصدد المراكمة لفائدة التأسلم السياسي المنافق دينا وسياسة أنه بصدد مراكمة ثقافة القرون الوسطى بين جمهوره وقادات مستقبله هذا علاوة على أنها تعتقل المجتمع المدني على قاعدة مبدأ مناهضة الحكم المطلق الاوتوقراطي الاستبدادي وقد اعتبرت أراء سبينوزا ومونتسكيو ولوك وروسو أراء ذات أهمية قصوى كما اعتبر رأي هيغل وتعريفه للمجتمع المدني بحكم القاعدة هذا بالاضافة لما قدمته حركة التنوير وضروبها الشجاعة والجسورة ضد الكهنوت. يسارنا المغرق في نزاعاته المحلية هو بصدد غدر جميع ذلك ويزعم قاداته مع ذلك أنهم ليسوا بصدد غدر يساريتهم فإن لم يكن ذلك هو التصفية الكاملة والمنظمة لنضالنا بالكامل فماذا يمكن تسميته؟ يسارنا بصدد التفويت في أدوات تربية الذوات الحرة أفلس هذا هو بالضبط تعريف انطونيو غرامشي للمجتمع المدني الضروري لأي نضال تحرري ممكن.

 

 (المصدر: صحيفة « الوحدة » الأسبوعية، العدد 524 بتاريخ 18 نوفمبر 2006)

الرابط: http://www.elwahda.org.tn/wehda.php?link=10&id_article=1389


 

 

المواجهة والآليات…

صالح الزغيدي

 

يدخل هذا الركن شهره الثاني ليواصل متابعاته لبعض ما يحدث عندنا وحولنا وبعيدا منا من أحداث أو تطورات غالبا ما تغفل عنها وسائل الإعلام، وكم هي عديدة ومتنوعة الأشياء التي تغفل عنها أو تتجاهلها …

 

في هذا الركن ،لا نشتغل كوكالة للأنباء لننقل الأخبار ، هكذا لمجرد نقلها إلى القراء … بل نميز بين الأخبار ونختار من بينها تلك التي  تلفت الانتباه ،و تحمل مغزى،وتغذي معرفتنا ،وتشحذ عزائمنا ،وتعمق معرفتنا بأصدقائنا ،حاملي المبادئ والقيم النقابية الديمقراطية و التقدمية ، وتكشف عن حقيقة خصومنا ،وهم غالبا ما يحاولون التستر،سواء كانوا من حاملي المشاريع الاستعمارية و برامج الهيمنة، أم كانوا من أصحاب الرّدات الماضوية و دعاة الظلام…أخبار هذا الرًكن ،والوثائق التي نختارها للنشر ،ليست « بريئة»  إذن..إنما بقدر ما تقدم الحدث حتًى لا نغفل عنه ،بقدر ما تهدف إلى تغذية نضالاتنا وتوضيح برامجنا وبلورة خياراتنا وحماية مكاسبنا…

 

يشتمل الركن في هذا العدد، إضافة إلى عدد من الأخبار والأحداث والمعطيات، على وثيقة هامة لم تنشر حتًى الآن حول موضوع أصبح محل اهتمام كبير في مختلف الأوساط، بما في ذلك الأوساط الاقتصادية والمالية الإقليمية والعالمية: وهو موضوع الفساد.هذه الوثيقة إصدار مشترك بين منظمة «الشفافية العالمية» و المركز اللبناني للدراسات.وقد اقتبسنا الوثيقة من كتاب يعد أكثر من 300 صفحة تتناول فيه مجموعة كبيرة من الأخصائيين من عديد بلدان المنطقة العربية كافة الإشكالات المرتبطة بموضوع الفساد…و قد اخترنا فصلا قصيرا لكنه يكتسي أهمية بالغة باعتباره يتعرض لتعريف دقيق لما يعرف بالفساد حتًى يصبح، وقد وقع تشخيص الظًاهرة،من الممكن مواجهتها ووضع الآليات لمقاومتها

صندوق النقد الدولي: نفس التوصيات لتونس

في آخر تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي حول الوضع الاقتصادي والمالي في تونس، وكان ذلك على إثر زيارة وفد لهذه المؤسّسة العالمية لبلادنا ،بقيت قيادات الصندوق وفية لتوجهاتها التقليدية . و قد ورد في هذا التقرير بالخصوص أن تونس سجلت خطوات هامة في اتجاه الهدف الذي حددته والمتمثل في الالتحاق بمستوى الدًخل الفردي المتوفر في بلدان آخر الترتيب في المجموعة الأوروبية.فقد ارتفع معدل الدخل الفردي في تونس بنسبة 20 بالمائة منذ سنة 2000 و وتواصل انخفاض نسبة البطالة ،كما نجحت الحكومة في الحفاظ على التًوازنات الاقتصاديًة الكبرى..لكن التقرير  أكد على هشاشة هذه الانجازات مطالبا بالإسراع في نسق الإصلاحات الإقتصادية التي أوصى بها من قبل والتي يقول عنها أنها تشكل شرطا ضروريا لإنجاح عملية إدماج تونس في السوق العالمية..كما يعتبر أصحاب التقرير أنه من الضروري أن تتوصل تونس إلى تحقيق نسبة نمو تفوق 1 بالمائة أو 1.5 بالمائة نسبة النمو الحالية (قرابة 5  بالمائة) وذلك باستمرار حـتًى سنة 2010 ويوصى الصندوق بالعمل على الحد من بطالة أصحاب الشهائد وذلك عبر تشجيع وتدعيم القطاعات التي تتطلب يد عاملة مؤهلة:

 

وليس بالجديد ولا بالغريب أن يوصي الصندوق بما يسميه دعاة «الليبرالية بلا حدود»: تحرير سوق الشغل حتى يكتسب أكثر مرونة…….

الإعانات للدول الفقيرة : فرنسا في مؤخرة التًرتيب

في دراسة صدرت عن مركز التنمية الشاملة وهي مؤسّسة  أمريكية غير حكوميًة ، ورد أن هولاندا تحتل الصدارة فيما يخص تقديم الإعانات للدول الفقيرة ومساعدتها على خلق مناخ ملائم للاستثمار وحماية المحيط..وتحتل فرنسا مرتبة لا تحسد عليها بما أنها صنفت في الرتبة 18 من جملة 21 دولة غنية اختارتها الدراسة..وتأتي في فريق الصدارة الدانمارك والسويد والنرويج و زيلندا الجديدة.أما الولايات المتحدة فتأتي في المرتبة 13 ، في حين يغلق اليابان القائمة بآحتلاله المرتبة الأخيرة…

معاناة النساء تتواصل في عديد البلدان

في ايران ، في الكويت ، في فلسطين ، في سوريا ، في الأردن ،في السودان ،وفي فرنسا كذلك ،يحدث ما لا يتصوره العقل من انتهاكات واعتداءات شرسة ضد المرأة ،ضد كرامتها، ضد انسانيتها….

في سوريا  

.. هذا النداء جاءنا من سوريا «مجموعة نساء سوريا» تصرخ رفيقاتنا من هناك: «ثلاثة عشرة امرأة قتلن ما بين 20جويلية و 16أوت 2006  أي في ظرف  أقلً من شهر…فقط 13 امرأة قرر الرجال المتشبهون بالآلهة أن حياتهن هي ملك أيديهم ..معززين بقانون جائر، وبأدعياء ينطقون باسم الدين محرضين على هذا القتل ومؤيدين له..و بأجهزة تنفيذية لم تتعلم بعد أن واجبها الأول هو حماية حق الحياة بعيدا عن أي مساومة..يعجز اللسان عن القول..ماذا نقول لأولئك اللذين يدافعون عن قانون اجرامي يتمثل في المادة   548  من قانون العقوبات   السوري..الذين أوغلت أيديهم في الدم بذريعة أن القتل يحمي الشرف..من سمية الطاهر.الى صبيحة الشلي..الى مريم الزيات..تمتد ذراع القتل لتحصد أرواح النساء فقط لأنهن نساء…آرفعوا أصواتكم الآن..ولنقل : لا لقتل النساء ..لا لجرائم الشرف

 

ومن فلسطين ، يرتفع صوت مشابه صادر هذه المرة من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ليفضح هذا العار الذي تمثله جرائم ما يسمى بالشرف ..مها أكرم الحميده ذات 18 ربيعا قتلت بصفة شنيعة في رفح يوم 30 جوان 2006 من طرف «رجل» يتحول الى وحش باسم معتقدات متخلفة فيعربد بل ويقتل دفاعا عما يسميه شرفه ..وفي دار البلح أوقفت الشرطة الفلسطينية يوم 13 أوت 2006 رجلا قتل أختيه الإثنتين فتحية كمال كلاب (27 سنة) وأماني كمال كلاب (21 سنة) بتعلة الدفاع عن الشرف .وقال تقرير معهد الطب القانوني أن الأختين قتلتا رميا بالرصاص بعد أن تعرضتا للضرب المبرح وللتعذيب…وفي منطقة الحسيناء ،قتلت فائزة عيد ابو سوارين (35 سنة) بعدة عيارات من سلاح ناري. وقد أثبت التحقيق أن شقيق الفقيدة ،وهو عضو في المصالح الأمنية الفلسطينية ،عمد الى قتل أخته بدعوى الدفاع عن «شرف» العائلة ..وقد أصدر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بيانا يندد فيه بشدة بهذه الأعمال الإجرامية التي تعتبر  شكلا من الاعدام الخارج عن القانون وهو اعتداءا صارخا على أول الحقوق وأبسطها ، وهو الحق في الحياة ،داعيا السلطة الوطنية لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة ومعاقبة المجرمين.

وفي إيران

وفي ايران،وحسب ما ورد في صحيفة «ذى صندايميرور» على لسان الصحافية سوزي بونيفاس ،أخرجت عاطفه راجابي (16 سنة) من زنزانة السجن يوم 23 جويلية 2006    وأعدمت تطبيقا لحكم أصدره في شأنها القاضي  حاجي رزاعي بتهمة «اقتراف أعمال منافية للعفة» على أساس أنها ربطت علاقة جنسية مع رجل خارج العلاقة الزوجية .وقد أعدمت الصبية  رغم صغر سنها ورغم العديد من أقربائها يؤكدون أنها كانت تمر بأزمة نفسية وعقلية خطيرة .ومما تقشعر له الأبدان أنص القاضي سالف الذكر أصر على أن يكون موت الصبية على يده وكان له ذلك حيث ادخل الحبل حول عنقها وشد خناقها وأشار بنفسه لحامل المشنقة أن يرفعها بها…وينبغي الإشارة هنا الى قساوة العقوبات التي وضعها النظام الإسلامي في طهران…فالسرقة تعاقب بقطع الأيدي والزنا بالرجم حتى الموت وتعاطي الجنس خارج الزواج ب100 جلدة.أما الخروج من الإسلام لآعتناق دين آخر فيعاقب بالإعدام.

وفي الكويت

في الكويت ،لا زالت قوى الردة تعمل جاهدة على عرقلة مسيرة المرأة الكويتية نحو المساواة وافراغ ما تحقق في الفترة الأخيرة من مكاسب في ميدان المشاركة السياسية (حق المشاركة في الإنتخابات تصويتا وترشحا) من كل معنى..آخر ما «خرج» به أحد الشيوخ هناك يثير الدهشة والضحك في نفس الوقت.الدكتور محمد الطبطابي عميد كلية الشريعة في جامعة الكويت ، وبمناسبة انتخابات 28 جوان الفارط ( 28 مرشحة من جملة 412)،أصدر الفتوى التالية: «صوت الناخبة المتزوجة سيكون مسيرا وفقا لآختيار زوجها حتى و إن رغبت بالتصويت لمرشح لا يرغب هو فيه.ومتى ما علق الزوج طلاق زوجته بالتصويت لمرشح محدد من المرشحين فإن الطلاق يكون واقعا في حال عدم التزامها بالمرشح الذي يطلب منها التصويت له حتى وان خالفت سرا ولم تخبر الزوج.» هذا الكلام يصدر عن عميد كلية سنة 2006 ؟ من حسن حظ الكويت والكويتيات أن أبطلت هذه الفتوى المزعومة من طرف وزارة الأوقاف التي أكدت على حرية كل شخص في اختبار من يراه مناسبا من المرشحين وعدم جواز الضغط على الزوجة أو الأخت في الإختيار…

ومن السودان تأتي استغاثة من نوع خاص

موضوع ختان البنات يطرح نفسه بكل خطورة وبكل الحاح.لقد أثبتت دراسات قامت منظمة «الأونيسيف»التابعة للأمم المتحدة أن انعكاسات الختان على القدرات الجنسية كبيرة جدا اضافة الى خطر الموت أثناء الولادة .وليس من الغريب ان نجد السودان تتصدرالعالم كله في ما يخص نسبة الوفاة لدى النساء عند الولادة (509) نساء من جملة مائة ألف..وتقول الأونيسيف أن نسبة البنات اللاتي تتعرضن للختان في السودان تبلغ 84 بالمائة ورغم خطورة هذا الوضع ، فان النظام القائم في الخرطوم لا يحرك ساكنا بل أن»مجمع الفكر الإسلامي لرئاسة الجمهورية «أصدر في 25 ماي الفارط فتوى يعتبر فيها الختان «مستحب وواجب واذا تم فهو فعل مأجور»..

ألمانيا تحتفل بذكرى توحيد شطريها

احتفلت ألمانيا في أوائل شهر أكتوبر بالذكرى السادسة عشر لتوحيد الألمانيتين الشرقية والغربية . ويطرح السؤال ككل سنة: إلى أي مدى حققت الوحدة اندماجا حقيقيا للسكان الشرقيين في المانيا الكبرى الجديدة؟ في هذا الصدد بالذات اعتبر المعهد الألماني للدراسات الإقتصادية أن الجزء الشرقي من البلاد لن يلتحق بالمستوى الذي بلغه الجزء الغربي الا بعد 40  سنة  ..أما الأرقام ،كعادتها ، فلا ترحم  ، ففي شهر سبتمبر 2006 بلغت نسبة البطالة في غرب ألمانيا  8,5 بالمائة  في حين كانت في شرقها 16,4 بالمائة أما المعنيون بالأمر ، أعني سكان ألمانيا الشرقية سابقا، فقد أفاد تحقيق أجراه معهد «أميد» أن 74 بالمائة  منهم يعتبرون أنفسهم اليوم «مواطنين من درجة ثانية…».

 

(المصدر: صحيفة « الشعب » الأسبوعية الناطقة باسم الإتحاد العام التونسي للشغل بتاريخ 18 نوفمبر 2006)

الرابط: http://www.echaab.info.tn/pop_article.asp?Art_ID=505

 


 

 

التــونسي للــتـــونـــسـي رحمة.. لكـن أين هــي الــــرحمة؟

 

جميعنا لا يزال يذكر ذلك الشعار الذي رفع للقضاء على مناطق الظل واضحى يتردد على كل لسان الى حد اصبح فيه مثلا شعبيا يوظف في عديد الوضعيات التي يكون فيها الفرد في حالة ضعف امام قوة القانون او قوة المتسلط.. «التونسي للتونسي رحمة» جملة بسيطة لكن غزيرة المعاني.. ولو كانت موضوعا لتحليل فلسفي او لمسابقة في المقالة لألفت حولها كتب اسهبت في تحليل الابعاد وسبر الاغوار.

التونسي للتونسي رحمة.. فهل يقوم كل من موقعه بواجبه فيرحم الاطار الطبي في المستشفيات اولائك الذين يتألمون ولا يتركونهم ينتظرون اشهرا للعلاج ويرحم سائق الحافلة اولئك الذين يلسعهم البرد او يخنقهم القيظ فيتوقف لهم ولا يمر مرور الكرام على المحطات؟

التونسي للتونسي رحمة.. فهل يخفف الموظف من وطأة الانتظار على من يريد قضاء حاجة بادارته ويسعفه بالاسراع في الحصول على مبتغاه دون ان «يرجع غدوة» وهل يحصل المتقاضي على حقه في اروقة المحاكم دون ان يجبر على بيع «ما وراءه وامامه» كأتعاب تقاضي؟

التونسي للتونسي رحمة.. فهل رحم التونسي اخاه من شر الكلام البذيء الذي يصم الاذان فكفّ عن قوله امام من هبّ ودبّ.. وهل رحم التاجر ابن جلدته ولم يطفف الميزان ولم يشطط في الاسعار؟

التونسي للتونسي رحمة.. فهل كفّ التونسي عن «التكربيل» و«الترافيك» و«تدبير الراس» في مواقع العمل ورحم من فتح له باب الرزق ومكنه من شغل وانقذه من البطالة.

التونسي للتونسي رحمة.. فهل كف التونسي عن ايذاء اخيه بهتكه عرضه واعتدائه على ملكه مهما كانت قيمته وحافظ عليه في غيابه كحفاظه على ملكه وعرضه؟

التونسي للتونسي رحمة.. لكن يبدو ان الرحمة في زمننا هذا اضحت عملة نادرة.. وحتى من رحم أخاه ونال جزاء سنمار قطع الرحمة الى اجل غير مسمى بل تراه اضحى يعتبر الاخر متهما حتى تثبت براءته لان المفاهيم والمعايير اختلطت في الاذهان.. فما احوجنا الى وقفة تأمل ومحاسبة للنفس حتى نعرف اي الطرق نحن سالكون؟

 

حافظ الغريبي

 

(المصدر: جريدة الصباح الأسبوعي التونسية الصادرة يوم 20 نوفمبر 2006)

 

 

الكلاسط (الجوارب) والسفساري والحجاب:

بقلم: الأستاذ عبد الرؤوف العيادي

 

الحرب على اللباس ليست ممّا ابتدعه نظام بن علي إذ لها في بلادنا تاريخ ضارب في القدم، وإليك ماكتبه أحمد بن أبي الضياف في « اتحاف أهل الزمان » (الجزء 4 الصفحة 222 طبعة الدار التونسية للنشر) عن منع محمد باي (1811 – 1859) النساء عن لبس الكلاسط.

 

« وجرى المحتسب على هذا السنن في هذا الزمن، فمنع بأمر الباي النسوة من لبس الكلاسط في الأزقّة ومن لبس النعل الساتر لوجوه أرجلهنّ وألزمهنّ النعل السابق وإن كان فيه كشف الرجل وهي عورة. واستعان على ذلك بأوغاد لا يعلمون القبيح من الحسن. وكان من نوّابه جاهل من أراذل الناس مرّت به امرأة بنعل ساتر لرجلها وهو بسوق العطّارين فأمر أتباعه بتمزيقه في السوق بمرأى من الناس، فتوسّلت إليه ببركة الجامع أن لا يفضحها فلم يصغ لتوسّلها ومزّق نعلها فرجعت حافية لدارها تعثر في دموعها إلى غير ذلك ممّا لا يحتمله طبع الزمان ولا يقتضيه شرع الإيمان المبني على العدل والإحسان والأمان ».

 

وفي تناوله لحال الباي المذكور في آخر الجزء من مؤلّفه جاء قوله تحت فقرة عنونها: جهله وأمّيته، « قريبا إلى الأمّية (جدّا) تشق عليه الكتابة والقراءة لعدم مزاولته الكتب. والعيب في ذلك على أبيه حيث أرسله في مراتع الجهل ولم يختر له إنسانا يدلّه على أخلاق الكمال الإنساني ».

 

فتأمّل يا صاحبي في هذه الأخبار عن ماضي الأزمان فإنّك تظفر بحقيقة تامّة مثلما يقول الدكتور محمد عابد الجابري في حديثه عن الحقيقة التاريخية في مقابلة الحقيقة السياسية التي هي قيد التشكّل، تهتدي بها إلى معرفة ما يدور ويجري من حرب لنظام بن علي على لباس ومظهر المرأة والرجل على حدّ سواء (إذ الحملة شملت أصحاب اللحيّ ولابسي القميص) فكان الحدث الحاضر صنو الحدث الغابر وكأنّ حاكم الأمس هو حاكم اليوم والجهل ألوان والأمّية أشكال والحال هو الحال… استبداد وجهل وحرمات منتهكة وحقوق مهدورة وما زاد على ذلك فهو طلاء الحداثة التبشيرية وما تطرب له الأذن الإفرنجية طمعا من الحاكم في شهادة استحسان غربية أو دكتوراه فخرية يتفاخر بها على الضحيّة، والألم ما حكّ في الصدر وإن أفتاك الناس عنه أفتوك.

 

(المصدر: موقع مجلة كلمة الألكترونية بتاريخ 16 نوفمبر 2006)


 
الختان والعباءة ولعنة تكرار البدايات

 د رجاء بن سلامة قد يتساءل القارئ عن الرّابط بين ختان البنات والعباءة السّوداء التي تجرّها الكثير من النّساء المسلمات على الأرض، لاسيّما أنّ المناطق التي تلزم فيها المرأة بلبس العباءة غير متطابقة في الغالب مع المناطق التي يُعمد فيها إلى قطع بظر المرأة وتشويه أعضائها الجنسيّة، وإن كانت العباءة السّوداء تكتسح اليوم مع النّقاب كلّ مناطق العالم، وتلبّس جغرافيا العبوديّة المفروضة أو المختارة الخاصّة بالمرأة، وبالجسد الأنثويّ. لن أخوض في حلال ولا في حرام، ولا في تحاليل اجتماعيّة-سياسيّة، بل سأذكّر بقصّة منسيّة ولكنّها متكرّرة، وأعتقد أنّها ستظلّ فاعلة في الثّقافة التي ورثناها دون أن نرثها حقّا. لأنّ شرط الإرث أن يكون الوارث حيّا، وأن يكون الموروث ميّتا أو في حكم الموتى، وما دام الموروث حيّا بداخلنا لم ندفنه لنترحّم عليه ونحوّله إلى رمز وذكرى، فإنّنا نتلبّس به ونأخذ بتلابيبه ويأخذ برقابنا. القصّة من نوع الأساطير التي تفسّر ظهور البدايات، وهي تفسّر ظهور ختان النّساء والذّيول التي تجرّها المرأة خلفها، كما تجرّ الكثير من المسلمات اليوم عباءاتهنّ. إنّها قصّة هاجر، جدّة العرب المنسيّة، أمّ إسماعيل، وقد كانت جارية لسارّة زوجة إبراهيم، وأنجبت لإبراهيم إسماعيل، قبل أن تنجب له سارّة إسحاق، فغارت منها سارّة وتسبّبت في تطليقها وطردها في الصّحراء صحبة طفلها، والقصّة بعد ذلك معروفة وتذكّر بها إلى حدّ ما شعائر الحجّ والطّواف في مكّة. يقول الطّبريّ في تاريخه : « فغضبت سارة على أم إسماعيل، وغارت عليها، فأخرجتها، ثم إنها دعتها فأدخلتها. ثم غضبت أيضاً فأخرجتها ثم أدخلتها، وحلفت لتقطعن منها بُضعة، فقالت أقطع أنفها، أقطع أذنها فيشينها ذلك، ثم قالت: لا بل أخفضها، فقطعت ذلك منها، فاتخذت هاجر عند ذلك ذيلا تعفى به عن الدم، فلذلك خفضت النساء، واتخذت ذيولاً ثم قالت: لا تساكني في بلد. » عبارة « فلذلك خفضت النّساء واتّخذت ذيولا » هي التي تسجّل لحظة البدء، ولحظة اللّعنة المتكرّرة، ولا يهمّ أن يكون الواقع التّاريخيّ يشهد بظهور « الذّيول » وختان النّساء قبل هذه القصّة أو بعدها، لأنّ الأسطورة تقول الحقيقة على نحو مغاير للتّاريخ، فهي تعطي مدلولا رمزيّا للمؤسّسات، وهي أقرب إلى منطق اللاّوعي وإلى الحكمة الوحشيّة الغابرة. المدلول الرّمزيّ هو أوّلا مدلول الضّريبة التي دفعتها هاجر من أجل أن تكون أمّا لنبيّ وجدّة لأمّة، وإن كانت جدّة منسيّة منبوذة، لأنّها لم تكن سيّدة شريفة كسارّة جدّة اليهود، بل كانت خادمة طريدة مهجّرة، ولكنّ المدلول الثّاني هو اللّعنة المؤدّية كما في الكثير من الأساطير العالميّة إلى تكرار الشّبيه والعودة على بدء : كلّ النّساء سيلقين نفس المصير : الختان وإسبال الذّيول. هل هو عقاب اعتباطيّ أو عادل إلى حدّ ما للنّساء المتصارعات على شيء من الحظوة والسّلطة؟ هل هو قدر محتوم؟ هل هو المزيد من إخصاء الكائن المخصيّ خلقة  والباعث لذلك على القلق؟ هاجر جدّة العرب الأسطوريّة حكم عليها بأن تُخفض وأن تجرّر ذيولها، مخفية دماء ختانها النّازفة. العباءة المسبلة قبل أن تخفي أشكال الجسد الأنثويّ، تخفي إذن الدّماء، دماء الإخصاء الواقعيّ. وتتكرّر القصّة، قصّة الدّماء النّجسة وجرّ الذّيول، والطّرد، والتّطليق وإنتاج الشّبيه. هذا هو المدلول الأساسيّ للحجاب وللختان : إنّهما ليسا مكرمة، وليسا صيانة للنّساء العفيفات، بل هما ضريبة ولعنة لحقت الجدّة الأولى، لتتكرّر اللّعنة في ما بعد. ما يقولونه اليوم عن الوظيفة الأخلاقيّة للحجاب، وعن كونه يخدم قيم الحشمة وعدم التّبرّج حكمة مشبوهة، مطمئنة ومنافقة تفضحها هذه الأسطورة القابعة في أرشيف النّصوص المغبرّة. وما لا يقولونه عن الختان ويلفّونه بالصّمت، كما تُلفّ الجريمة التي يتعدّد مقترفوها تقوله أسطورة جدّتنا هاجر أيضا.  أساطير الأصل مليئة في كلّ الثّقافات بألوان العنف والصّراع والغيرة والدّماء النّازفة. سارّة طرف فاعل ومفعول به في لعبة أبويّة أساسها الغيرة بين نساء الباطريارك الواحد والبحث عن إنجاب الولد، ووجود أسياد ومسترقّين، وإمكانيّة طرد الرّجل المرأة وتطليقها. وهذه الأساطير لعبت دورها في بناء ديانات التّوحيد وفي خلق الحياة الرّوحانيّة، وفي خلق عبادة للأب الرّمزيّ، ومن السّخف أن نحاسب رموز الماضي بمنطق عصرنا الحديث. ولكنّ المشكل يكمن أوّلا في أنّنا نسينا هاجر والإخصاء الذي لحق بها، ويكمن ثانيا في أنّ هذا الماضي السّحيق لم يمض لأنّنا لم ننتج ثقافة التّأويل المسؤول التي تجعلنا نتذكّر الأساطير بدل أن نكرّرها ونتماهى مع أطرافها على نحو لاواع.    وما دمنا لا نقبل بموت ما نرث ومن نرث، ولا نقبل ببقائه من حيث هو رمز وذكرى، فإنّنا لسنا ورثة، بل ضحايا لأشباح من الماضي، ومكرّرون لكلّ أساطير اللّعنة. إنّنا لا نقدر على دفن الموتى لتحويلهم إلى رموز، ولا نقدر تبعا لذلك على قبول الحياة السّويّة والتّسليم بالموت المحتوم الآتي على مهل. الأشباح التي لم تدفن هي التي تجعل الذّات الحيّة لا تقبل الحياة ولا الموت، وتدور بلا هوادة حول بؤرة الأصل التي تنبعث منها صور الأشباح، لكي تقدّم إليها القرابين علّها تكفي شرّها. ولكنّ الأشباح كمصّاصي الدّماء لا تقبل باليسير، بل تقتات من نسغ الجسد الحيّ، وأرى من حولي أحياء تفرغهم أشباح الماضي من الحياة وتبعد بينهم وبين أنفسهم فتجعلهم مغتربين يلجّون في البكاء على كلّ شيء، لأنّهم ممزّقون بين ما يشدّهم إلى بهجة الحياة وما يجعلهم يفوّتونها نزولا عند رغبة الأشباح، وما يمثّل الأشباح من سلطة داخل الذّات نفسها، أي سلطة الشّعور بالإثم. إنّهم يستبدلون المتعة بالحياة بالمتعة بإرضاء الأشباح، ومن هنا الإصرار على المازوشيّة الدّينيّة والأخلاقيّة، لدى من يتّخذون حصار الأجساد ولفّها بالأكفان فلسفة ومشروعا مجتمعيّا، بل وبرامج انتخابيّة. قصّة هاجر متواصلة في أنظمة تبيح تعدّد الزّوجات والتّطليق والعبوديّة، ولعنة النّساء متكرّرة في الختان والجلباب والنّقاب والخمار وكلّ ما يخفي الشّعر ليخفي الدّماء الأولى، وهي متكرّرة لدى كلّ من يفضّلون الغرق في دوّامة إنتاج الشّبيه والتّكرار الأبديّ. جرّ الذّيول له معنى وله طعم جرّ السّجين لقيوده، وليس من معنى آخر للحجاب سوى جرّ القيود، فهو مذلّة النّساء المتكرّرة. المرأة التي تضيع جسدها في أذيال جلبابها وأحجبتها تتحوّل إلى شبح هلاميّ لا وجه له ولا فرادة، وتخضع إلى منطق إنتاج الشّبيه، فهي تتماهى مع هاجر لتشبه كلّ النّساء، وهي إلى ذلك وعلى نحو لا أستطيع فهمه تتشبّه بأشباح الماضي الملاحقة للأحياء. هكذا أرى معنى حجاب النّساء وخصاءهنّ على ضوء أسطورة هاجر التي لا أنكر أنّها جدّتي، أو إحدى جدّاتي، ولن أنساها كما نسيها الآخرون، ولكنّني لا أتذكّرها إلاّ لكي أجتهد في جعل حياتي نسخة غير مطابقة لحياتها وبمنأى عن لعنتها.
 

(المصدر: موقع إيلاف  بتاريخ 20 نوفمبر 2006)
 

الحجّ ( الحلقة الأولى )

 

لخّصها ونقلها عبدالحميد العدّاسي.

 

أقوم – على بركة الله – بتلخيص، قد يساعد مَن عزم على الحجّ ( ونحن على أبواب الموسم )، في أداء هذه الفريضة. سائلا الله أن ييسّر لنا الاستطاعة لإتمام الإتيان بأركان الإسلام، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:  » من حجّ فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمّه « . رواه البخاري ومسلم.

 

وقد أجمع العلماء على أنّ الحجّ يجب مرّة واحدة في العمر، إلاّ ما كان من نذر فيجب الوفاء به. وما زاد على ذلك فهو تطوّع.

 

وشروط وجوبه الإسلام والبلوغ والعقل والحريّة والاستطاعة. وتتحقّق الاستطاعة بالقدرة الصحية والأمن وملك الزّاد والرّاحلة ( القدرة المالية ) وعدم وجود الموانع كالحبس والخوف من سلطان جائر.

ويُزاد على هذه الشروط بالنسبة للمرأة أن يصحبها محرم. ويمكن أن تكون بصحبة نساء ثقاة إذا تعذّر المحرم، بل قالوا: تكفي إمرأة واحدة، بل قالوا: تسافر وحدها إذا كان الطريق آمنا… ويستحبّ للمرأة أن تستأذن زوجها في الحجّ الفريضة، فإن أذن لها خرجت وإن لم يأذن لها خرجت بدون إذنه، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق… ( قلت: وتقدّر الأمور بقدرها، فليس كلّ من يمنع هو ضدّ شرع الله، فليكن ذلك بالتشاور والتوافق بينهما دون عنت، فالمسلم المستقيم لا يدعو أبدا إلى معصية الله! وعبدالله بن المبارك أجّل حجّه وحجّ من معه، لينفق المؤونة والزاد على مساكين وجدهم بطريقهم…)

 

وقد ذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد وبعض أصحاب الشافعي وأبو يوسف إلى أنّ الحجّ واجب على الفور.

 

 

 

·        الإحرام: هو نيّة أحد النسكين  » الحجّ أو العمرة  » أو نيّتهما معا، والإحرام ركن، وآدابه:

ü     النّظافة ( تقليم الأظافر- قصّ الشارب- نتف الإبط- حلق العانة- الاغتسال أو الوضوء- تسريح اللحية وشعر الرّأس ).

ü     أن يكون الإزاران أبيضين.

ü     التطيّب في البدن قبل لبس إزاري الإحرام (غير أنّ مالكا كرهه ).

ü     صلاة ركعتين بـ(الكافرون) و(الإخلاص).

وأنواعه ثلاثة: قرانتمتّع – وإفراد، وقد أجمع العلماء على جواز كلّ واحد من هذه الأنواع الثلاثة… راجع مواقيته في كتب الفقه أو من خلال من سبقك إلى هذه الفريضة من الجيران والأحباب والأهل. ( الشام بالجُحفة، نجد بقَرْن، اليمن بيلملم، وجمهور العلماء على أنّ من أخطأ هذه المواضع فلم يحرم إلاّ بعدها أنّ عليه دما، وقال قوم: ليس عليه دم ).

هذا، ومن ساق الهدي كان القران له أفضل. ومن لم يسق الهدي كان التمتّع له أفضل، وهو الأيسر، وصفته أن يحرم الحاجّ بالعمرة وحدها  » لبّيك بعمرة « ، وهذا يقتضي منه أعمال ثلاثة وهي:

v    الطواف بالبيت

v    السعي بين الصفا والمروة

v    الحلق أو التقصير

ثمّ يتحلّل، ويأتي كلّ ما كان قد حرّم عليه بالإحرام، إلى أن يجيء يوم التروية فيحرم من مكّة. ( قلت: من اليسر الوارد في هذا النوع من الإحرام سهولة تحرّي الميقات، والله ورسوله أعلم )… من حديث مسلم رحمه الله عن عطاء قال: سمعت جابرا بن عبدالله رضي الله عنه قال:  » …، فقام النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فينا،  فقال: قد علمتم أنّي أتقاكم وأصدقكم وأبرّكم، ولولا هديي لحللت كما تحلّون، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، فحلّوا. فحللنا وسمعنا وأطعنا « .

والمرأة إذا حاضت أو كانت نفساء تهلّ وتأتي بأعمال الحجّ إلاّ ما كان من الطواف بالبيت وبين الصفا والمورة فهي تؤجّله حتّى تطهر. ( من استمرّ بها غير الطهر وهي مدعوّة إلى الرّجوع إلى بلدها الأصلي، فلتسأل العلماء هناك على عين المكان فإنّها لن تعدم الفتوى بإذن الله، وليكن توضيحها للقضية ضافيا بما في ذلك الحديث عن صعوبة العودة إلى الأراضي المقدّسة، والله أعلم )

1-          مباحات الإحرام:

v    الاغتسال وتغيير الرداء والإزار، وكان لابن عمر رضي الله عنهما اغتسالات رآها مالك من أفعال المُحرم فكان رضي الله عنه وعن أبيه والصحابة أجمعين، يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم، ولدخوله « مكّة »، ولوقوفه عشية يوم عرفة. غير أنّ مالكا كره غسل الرّأس كذلك خلال هذه الاغتسالات.

v    لبس الخفّين للمرأة

v    الحجامة جائزة عند الجمهور(كرهها مالك) ما لم يكن فيها قطع شعر. وإن قطع شعرا ففيها فدية وقال النووي هي حرام لقطع الشعر.

v    فقء الدمّل، نزع الضرس، وقطع العرق.

v    حكّ الرّأس والجسد، عن مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه أنها قالت: سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تُسأل عن المحرم أيحكّ جسده؟ فقالت: نعم، فليحككه وليشدد، ولو رُبطت يداي ولم أجد إلا رجليّ لحككت. رواه مالك في الموطّأ.

v    النّظر في المرآة

v    جعل قطرة الدّواء في الأذن أو الفم أو الأنف.

هذا وقد اجتنبت الحديث عن مسائل أخرى ضبطها الشيخ السيد سابق رحمه الله في كتابه فقه السنّة، والله أعلم.

 

2 – محظورات الإحرام: حظر الشارع على المحرم أشياء، وحرّمها عليه وهي على التوالي:

 

v    الجماع ودواعيه، كالتقبيل واللمس لشهوة وخطاب الرّجل المرأة فيما يتعلّق بالوطء

v    اكتساب السيّئات واقتراف المعاصي التي تخرج المرء عن طاعة الله

v    المخاصمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:  » من حجّ ولم يرفث ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمّه « .

v    لبس المخيط، قال صلّى الله عليه وسلّم لمّا سئل:  » لا تلبسوا القُمُص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلاّ أحد لا يجد نعلين فليلبس خفّين وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثّياب شيئا مسّه الزعفران ولا الورس « . على أنّ المرأة لا تخضع لهذا المنع إلاّ ما كان من الثوب الذي مسّه الطيب والنّقاب والقفّازان. ( قلت: بل لعلّ السراويلات هي من أحسن ما يحفظ المرأة في يومنا هذا، تلبسها تحت جلبابها، والله ورسوله أعلم ).

v    عقد النّكاح لنفسه أو لغيره، بولاية أو وكالة، ويقع العقد باطلا لا تترتّب عليه آثاره الشرعية.

v    تقليم الأظافر وإزالة الشعر بالحلق أو القصّ ( فإن تكسّر الظفر أزاله من غير فدية )

v    التطيّب في الثوب أو البدن. ( المرأة والرّجل في ذلك سواء )

v    صيد البرّ أو الأكل منه إذا كان قد صيد من أجله أو بإشارته (ولو بعينه).

 

يتبع بإذن الله تعالى ….

 

وفيما يلي أدعية الباب

، مع رجاء الاستفادة إن شاء الله

كتاب أذكار الحجّ:

 

فائدة :

 

إذا أراد الإحرام اغتسل وتوضّأ ولبس إزاره ورداءه ثمّ صلّى ركعتين يقرأ في الأولـى بالفاتحــــة وقل يا أيّها الكافرون، وفي الثّانية بالفاتحة وقل هو الله أحد.

يستحبّ أن يساعد بلسانه قلبه، فيقول: نويت الحجّ وأحرمت به لله عزّ وجلّ، ثمّ يلبّي تلبية الرسول صلّى الله عليه وسلّم.

وتلبية الرّسول صلّى الله عليه وسلّم هي: لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك، لا شريك لك.

ويستحبّ أن يصلّي على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعد التلبيّة وأن يدعو لنفسه ولمن أراد بأمور الآخرة والدّنيا.

ويستحبّ الإكثار من التلبيّة، والأصحّ أنّه لا يلبّي في حال الطّواف والسّعي.

ويستحبّ أن يرفع صوته بالتلبيّة. ويستحبّ أن يكرّر التلبيّة كلّ مرّة ثلاث مرّات فأكثر.

واعلم أنّ التلبيّة لا تزال مستحبّة حتىّ يرمي جمرة العقبة يوم النّحر أو يطوف طواف الإفاضة إن قدّمه عليها، فإذا بدأ بواحد منهما قطع التلبيّة مع أوّل شروعه فيه واشتغل بالتّكبير.

 

ما يقول المحرم إذا وصل إلى حرم مكّة:

اللهمّ هذا حرمك وأمنك فحرّمني على النّار، وأمّنّي من عذابك يوم تبعث عبادك، واجعلني من أوليائك وأهل طاعتك. ويدعو بما أحبّ.

 

باب ما يقول إذا دخل مكّة ووقع بصره على الكعبة:

اللهمّ زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة، وزد من شرّفه وكرّمه وعظّمه ممّن حجّه أو اعتمره تشريفا وتكريما وتعظيما وبرّا.

اللهمّ أنت السّلام ومنك السّلام، فحيّنا ربّنا بالسّلام.

 

باب ما يقول عند الطّواف:

 

بسم الله والله أكبر، اللهمّ إيمانا بك، وتصديقا بكتابك، ووفاء بعهدك، واتّباعا لسنـــّة نبيّــك محمّد صلّى الله عليه وسلّم. عند استلام الحجر الأسود أوّلا، وعند ابتداء الطّواف أيضا. ويستحبّ أن يكرّره عند محاذاة الحجر الأسود في كلّ طوفة.

اللهمّ اجعله حجّا مبرورا، وذنبا مغفورا، وسعيا مشكورا. في رمله ( بفتح الــرّاء والميم: الهرولة ) في الأشواط الثلاثة.

اللهمّ اغفر وارحم واعف عمّا تعلم، إنّك أنت الأعزّ الأكرم، اللهمّ ربّنا آتنا في الدّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار. في الأربعة الباقية من أشواط الطّواف.

 

اللهمّ لك الحمد حمدا يوافي نعمك، ويكافئ مزيدك، أحمدك بجميع محامدك ما علمتُ منها وما لم أعلم على جميع نعمك ما علمت منها وما لم أعلم، وعلى كلّ حال؛ اللهمّ صلّ وسلّم علــى محمـّد وعلى آل محمّد؛ اللهمّ أعذني من الشيطان الرّجيم، وأعذني من كلّ سوء، وقنّعني بمـا رزقتنـــي وبارك لي فيه؛ اللهمّ اجعلني من أكرم وفدك عليك، وألزمني سبيل الاستقامة حتّى ألقاك يا ربّ العالمين. يقوله في الملتزم، وهو ما بين باب الكعبة والحجر الأسود. والدّعاء فيه مستجاب بإذن الله.

يا ربّ أتيتك من شقّة بعيدة مؤمّلا معروفك فأنلني معروفا من معروفك تغنيني به عن معروفِ مَنْ سواك، يا معروفا بالمعروف. يقوله في الحِجْر ( بكسر الحاء وإسكان الجيم ) .

ويستحبّ إذا فرغ من الطّواف أن يصلّي ركعتين ( ويتحرّى المقام عند الإمكان ) وأن يدعو:

اللهمّ أنا عبدك وابن عبدك أتيتك بذنوب كثيرة وأعمال سيّئة، وهذا مقام العائذ بك من النّار، فاغفر لي إنّك أنت الغفور الرّحيم.

اللهمّ قنّعني بما رزقتني، وبارك لي فيه، واخلف عليّ كلّ غائبة بخير.

 

ما يقول في السّعي بين الصفا والمروة:

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا، لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كلّ شيء قدير، لا إله إلاّ الله أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلاّ الله، ولا نعبد إلاّ إيّاه، مخلصين له الدّين ولو كره الكافرون؛ اللهمّ إنّك قلت: ادعوني أستجب لكم، وإنّك لا تخلف الميعاد، وإنّي أسألك كما هديتني للإسلام ألاّ تنتزعه منّي حتّى تتوفّاني وأنا مسلم. وهو على الصّفا مستقبلا الكعبة و يعيده وهو على المروة ( ثلاثا ).

اللهمّ اعصمنا بدينك وطواعيتك وطواعية رسولك صلّى الله عليه وسلّم، وجنّبنا حـدودك، اللــهمّ اجعلنـــا نحـــبّك ونحبّ ملائكتك وأنبياءك ورسلك ونحبّ عبادك الصّالحين؛ اللهمّ حبّبنا إليك وإلــى ملائكــتك وإلى أنبيائك ورسلك وإلى عبادك الصّالحين؛ اللهمّ يسّرنا لليسرى، وجنّبنا العسرى، واغفر لنا في الآخرة والأولى، واجعلنا من أئمّة المتّقين. ربّ اغفر وارحم، وتجاوز عمّا تعلم، إنّك أنت الأعزّ الأكرم؛ اللهمّ آتنا في الدّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار.

 

اللهمّ يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك.

اللهمّ إنّي أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسّلامة من كلّ إثم، والغنيمة من كلّ برّ، والفوز بالجنّة، والنّجاة من النّار.

اللهمّ إنّي أسألك الهدى والتّقى والعفاف والغنى.

ربّ اغفر وارحم و اهدني السّبيل الأقوم.

اللهمّ أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

اللهمّ إنّي أسألك من الخير كلّه عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشرّ كلّه عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك الجنّة وما قرّب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النّار وما قرّب إليها من قول أو عمل. ولو قرأ القرآن كان أفضل ( قاله الإمام النّووي ).

 

ما يقول إذا خرج من مكّة متوجّها إلى منى:

اللهمّ إيّاك أرجو، ولك أدعو، فبلّغني صالح أملي، واغفر ذنوبي، وامنن عليّ بما مننت به على أهل طاعتك، إنّك على كلّ شيء قدير.

 

ما يقول إذا سار من منى إلى عرفة:

 

اللهمّ إليك توجّهت، ووجهك الكريم أردت، فاجعل ذنبي مغفورا، وحجّي مبرورا، وارحمنـــي  ولا تخيّبني، إنّك على كلّ شيء قدير.

اللهمّ آتنا في الدّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار.

 

ما يقول بعرفات:

 

لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير.

اللهمّ لك الحمد كالّذي نقول، وخيرا ممّا نقول؛ اللهمّ لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي وإليك مآبي ولك ربّي تراثي؛ اللهمّ إنّي أعوذ بك من عذاب القبر، ووسوسة الصدر، وشتات الأمر؛ اللهمّ إنّي أعوذ بك من شرّ ما تجيء به الرّيح.

 

اللهمّ آتنا في الدّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار.

اللهمّ إنّي ظلمت نفسي ظلما كثيرا، وإنّه لا يغفر الذّنوب إلاّ أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنّك أنت الغفور الرّحيم.

اللهمّ اغفر لي مغفرة تصلح بها شأني في الدّارين، وارحمني رحمة أسعد بها في الدّارين، وتب عليّ توبة نصوحا لا أنكثها أبدا، وألزمني سبيل الاستقامة لا أزيغ عنها أبدا.

اللهمّ انقلني من ذلّ المعصية إلى عزّ الطّاعة، وأغنني بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمّن سواك.

و نوّر قلبي وقبري وأعذني من الشرّ كلّه، واجمع لي الخير كلّه.

 

ما يقول في الإفاضة من عرفة إلى مزدلفة:

 

لا إله إلاّ الله، والله أكبر ( يكرّرها ) .

إليك اللهمّ أرغب، وإياّك أرجو، فتقبّل نسكي ووفّقني وارزقني فيه من الخير أكثر ممّا أطلب، ولا تخيّبني إنّك أنت الله الجواد الكريم.

 

ما يقول في المزدلفة:

اللهمّ إنّي أسألك أن ترزقني في هذا المكان جوامع الخير كلّه، وأن تصلح شأني كلّه، وأن تصرف عنّي الشرّ كلّه، فإنّه لا يفعل ذلك غيرُك، ولا يجود به إلاّ أنت.

 

ما يقول في المشعر الحرام ( وهو جبل صغير في آخـر مزدلفة يسمّى قزح، بضــمّ القاف ):

 

اللهمّ لك الحمد كلّه، ولك الكمال كلّه، ولك الجلال كلّه، ولك التقديس كلّه، اغفر لي جميع ما أسلفته، واعصمني فيما بقي، وارزقني عملا صالحا ترضى به عنّي يا ذا الفضل العظيم. اللهمّ إنّي استشفع إليك بخواصّ عبادك، وأتوسّل بك إليك، أسألك أن ترزقني جوامع الخير كلّه، وأن تمنّ عليّ بما مننت به على أوليائك، وأن تصلح حالي في الآخرة والدّنيا يا أرحم الرّاحمين.

وليحرص على التلبية إذا دفع من المشعر الحرام إلى منى، فهذا آخر زمنها وربّما لا يقدّر له في عمره تلبية بعدها.

 

ما يقول بمنى يوم النّحر:

 

الحمد لله الذي بلّغنيها سالما معافى، اللهمّ هذه منى قد أتيتها وأنا عبدك وفي قبضتك، أسألك أن تمنّ عليّ بما مننت به على أوليائك؛ اللهمّ إنّي أعوذ بك من الحرمان والمعصية في ديني، يا أرحم الرّاحمين.

( بعد رمي جمرة العقبة، يقطع التّلبية مع أوّل حصاة ويشتغل بالتكبير وإذا كان معه هدي نحره أو ذبحه فقال): بسم الله والله أكبر؛ اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آله وسلّم؛ اللهمّ منك وإليك، تقبّل منّي. أو تقبّل من فلان إن كان يذبحه عن غيره.

( إذا حلق رأسه بعد الذبح استحبّ بعض العلماء أن يمسك ناصيته بيده حالة الحلق ويكبـّر ثلاثــــــا ويقول): الحمد لله على ما هدانا، والحمد لله على ما أنعم به علينا؛ اللهمّ هذه ناصيتي فتقبّل منّــي واغفر لي ذنوبي؛ اللهمّ اغفر لي وللمحلّقين والمقصّرين  يا واسع المغفرة آمين. ( وإذا فرغ من الحلق كبّر وقال ): الحمد لله الذي قضى عنّا نسكنا؛ اللهمّ زدنا إيمـــانا ويقيـــنا وتوفيقا وعونا، واغفر لنا ولآبائنا وأمّهاتنا وجميع المسلمين أجمعين.

 

ما يقول عند رمي الجمرات:

 

يكبّر مع كلّ رمية حجر، ويقول عند رمي جمرة العقبة: اللهمّ اجعله حجّا مبرورا وذنبا مغفورا.

 

ما يقول إذا شرب ماء زمزم:

 

اللهمّ إنّه بلغني أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:  » ماء زمزم لما شرب له  » اللهمّ وإنـــّي أشربــه لتغفــر لي ولتفعل بي كذا وكذا، فاغفر لي أو افعل. أو: اللهمّ إنّي أشربه مستشفيا به فاشفني، ونحو هذا ..

اللهمّ إنّه بلغني أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال :  » ماء زمزم لما شرب له  » اللهمّ وإنـــّي أشربه لعطش يوم القيامة. قاله عبد الله بن المبارك.

اللهمّ إنّي أسألك علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كلّ داء. قاله ابن عبّاس رضي الله عنهما.

 

باب ما يقول إذا أراد الخروج من مكّة:

 

اللهمّ، البيت بيتك، والعبد عبدك وابن أمتك، حملتني على ما سخّرت لي من خلقك، حتّى سيّرتني في بلادك، وبلّغتني بنعمتك حتّى أعنتني على قضاء مناسكك،        ( وسترتني في بلادك حتّى بلّغتني – بنعمتك – إلى بيتك، وأعنتني على أداء نسكي. فقه السنّة سيّد سابق ) فإن كنت رضيت عنّي فازدد عنّي رضا، وإلاّ فمن الآن   ( أي فارض ) قبل أن ينأى عن بيتك داري، هذا أوان انصرافي، إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك، ولا راغب عنك ولا عن بيتك؛ اللهمّ فأصحبني العافيـــة في بـدنــــــي والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، واجمع لي خيرَيْ الآخـــرة والدّنيا، إنّك على كلّ شيء قدير.

 

باب ما يقول عند زيارة قبر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم:

 

اعلم أنّ زيارته صلّى الله عليه وسلّم من أهمّ القربات وأربح المساعي وأفضل الطّلبات. فإذا توجّه أحدُنا للزّيارة أكثر من الصّلاة والسّلام عليه صلّى الله عليه وسلّم في طريقه. فإذا وقع بصرُه على أشجار المدينة وحرمها زاد من الصّلاة والسّلام عليه صلّى الله عليه وسلّم، وسأل الله أن ينفعه بزيارتها وأن يسعده بها في الدّارين وليقل: اللهمّ افتح عليّ أبواب رحمتك، وارزقني في زيارة قبر نبيّك محمّد صلّى الله عليه وسلّم ما رزقته أولياءك وأهل طاعتك واغفر لي وارحمني يا خير مسؤول.

 

إذا أراد دخول المسجد النبوي الشريف جاء بدعاء دخول المسجد ( تقدّم )، فإذا صلّى تحيّة المسجد أتى القبر الكريم فاستقبله واستدبر القبلة على نحو أربع أذرع من جدار القبر، وسلّم مقتصدا لا يرفع صوته:  » السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا خيرة الله من خلقه، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا سيّد المرسلين وخاتم النبيّين، السلام عليك وعلى آلك وأصحابك وأهل بيتك وعلى النبيين وسائر الصالحين؛ أشهد أنّك بلّغت الرّسالة، وأدّيت الأمانة، ونصحت الأمّة، فجزاك الله عنّا أفضل ما جزى رسولا عن أمّته « .

 

اعلم نفعني الله وإيّاك، أنّه قد ورد في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:  » ما بين قبري ومنبري روضةٌ من رياض الجنّة « . فأكثر الصلاة والدّعاء فيها.

 

وإذا أراد الخروج من المدينة والسفر استحبّ أن يودّع المسجد بركعتين، ويدعو بما أحبّ، ثمّ يأتي القبر فيسلّم كما سلّم أوّلا، ويعيد الدّعاء، ويودّع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:  » اللهمّ لا تجعل هذا آخر العهد بحرم رسولك، ويسّر لي العود إلى الحرمين سبيلا سهلة بمنّك وفضلك، وارزقني العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، وردّنا سالمين غانمين إلى أوطاننا، آمين« 

 

المسلمون بهولندا ينتقدون الحظر المقترح علي النقاب

 

لاهاي ـ اف ب: انتقد المسلمون في هولندا السبت الاقتراح الحكومي بحظر ارتداء النقاب ووصفوه بانه مبالغ فيه ويشكل تعديا علي الحقوق الدينية.

وقالت الحكومة الهولندية الجمعة انها تقترح قانونا يحظر غطاء الوجه في الاماكن العامة يستهدف بشكل خاص النساء المسلمات اللواتي يرتدين النقاب.

وذكرت ريتا فيردونك وزيرة الهجرة والاندماج ان مشروع القانون يفرض الحظر علي اساس ان تغطية الوجه تشكل خطرا علي النظام العام والسلامة.

وقال مارتن بروينسما المتحدث باسم الوزيرة لوكالة فرانس برس ان الحظر يشمل الاماكن العامة وشبه العامة مثل المدارس وقاعات المحاكم والوزارات والقطارات.

ونقلت صحيفة دي تليغراف عن الوزيرة قولها السبت في هذا البلد نريد ان نكون قادرين علي رؤية بعضنا البعض. ان الحظر مسألة امنية .

الا ان ممثلين عن المسلمين في البلاد ابدوا امتعاضهم، وقال المغربي احمد مركوش ممثل المساجد عليهم ان يتحدثوا عن امر اخر غير الامن. هذا تعد علي الحرية الدينية .

وتوقع مركوش ان يكون لمشروع القانون اثر سيء علي المسلمين في هولندا لانه يأتي من فيردونك، وليس لانهم يؤيدون البرقع .

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 20 نوفمبر 2006)


بلاغ الي النائب العام ضد وزير الثقافة بعد تصريحاته ضد الحجاب

القاهرة ـ القدس العربي ـ من حسام ابو طالب:

 

تفاقمت ازمة وزير الثقافة فاروق حسني بسبب تصريحاته ضد الحجاب الذي اعتبره احد مظاهر التخلف ويستخدم من قبل اللواتي يردن ارتكاب بعض الجرائم للهروب من ايدي العدالة.

وعلي صعيد التصدي للوزير قام ممدوح اسماعيل محامي جماعة الجهاد بتقديم بلاغ للنائب العام مطالبا بالتحقيق مع الوزير بتهمة خيانة الدستور الذي ينص في المادة الثانية منه علي ان الاسلام هو دين الدولة.

وفي تصريحات خاصة لـ القدس العربي اكد مقدم البلاغ ان تصريحات الوزير تعد خرقا لاحدي فرائض الاسلام باجماع الفقهاء ألا وهو الحجاب فضلا عن كونها تتسق مع دعاوي تنشر في الغرب وعدد من الدول العربية مثل تونس والمغرب والجزائر، حيث تشتد الهجمة علي المحجبات. واعتبر اسماعيل ما يقوم به الوزير اعتداء ليس فقط علي المحجبات وانما علي الهوية العربية والاسلامية لمصر.

وقال: منذ ان تبوأ فاروق حسني مقعده وهو علي عداء مع ثوابت الامة، حيث غلبت عليه الحياة الفرنسية التي يدين لها بالولاء فهو مسؤول افرنجي جاء الوقت لازاحته عن منصبه لتصحيح خطأ دام ما يقرب من ثمانية عشر عاما.

وبالرغم من تراجع الوزير عن تصريحاته التي ادت لغضب واسع في الشارع الا ان مكتب الارشاد التابع لجماعة الاخوان المسلمين لا زال مصرا علي ضرورة اقالته. وفي تصريحات خاصة لـ القدس العربي اكد محمد السيد حبيب النائب الاول لمرشد الجماعة ان ما ورد علي لسان الوزير جاء بالتنسيق مع جهات داخلية وخارجية، حيث اشتدت الهجمة علي الحجاب في العديد من الدول الاجنبية فضلا عن هجوم بعض الاطراف في الداخل. وقال حبيب مصرون علي ضرورة ان ينتهي الامر بازالة فاروق حسني من منصبه، فقد دأب علي السخرية من رموز دينية وهجومه الاخير ليس هو الاول فقد سبقه العديد من المواقف التي تحض علي السخرية من علماء الدين .

واشار حبيب الي اهمية ان تقوم كافة القوي الوطنية بخوض معركة الاطاحة بوزير الثقافة لانه يشارك في سيناريو الغرض منه الهجوم علي دين الله الحنيف وعلي كل من يسعي الي ان يقتدي بالقرآن وبسنة النبي صلي الله عليه وسلم.

علي صعيد آخر أعرب المفكر جمال البنا شقيق مؤسس جماعة الاخوان المسلمين عن اسفه الشديد بسبب الحملة المتصاعدة ضد وزير الثقافة. وقال في تصريحات خاصة لـ القدس العربي : ما قاله الوزير لا يعد بأي شكل من الاشكال خروجا علي الاسلام وذلك لان الحجاب لا يعد فرضا ولا يوجد نص قطعي بذلك .

وهاجم البنا كل من هاجم الوزير مؤكدا ان من يكفره هو جاهل لا علم له بأصول الفقه ولا بما جاء في القرآن والسنة.

وذكر جمال ان الشارع المصري يعاني من محنة في التفكير وردة ليس لها علاقة بصحيح الاسلام الذي اشاع منهج الاختلاف وحض علي ان الاجتهاد وزاع ينبغي ان يلجأ له علماء الامة.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 20 نوفمبر 2006)

 


 

 

هجوم لاذع على وزير مصري ومطالبة من الحزب الحاكم بإقالته

 

القاهرة (رويترز) – تعرض وزير الثقافة المصري فاروق حسني يوم الاثنين لهجوم لاذع في مجلس الشعب بعد تصريحات انتقد فيها الحجاب.

وبعد أيام من مطالبة نواب اسلاميين باقالته انضم اليهم نواب ينتمون للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم منهم اثنان من أعمدة الحزب هما رئيس مجلس الشعب فتحي سرور ورئيس ديوان رئيس الجمهورية زكريا عزمي مما يشير لاحتمال استقالته.

وقال نائب الحزب الوطني كرم الحفيان في جلسة مجلس الشعب يوم الاثنين إنه يربط عضويته في الحزب باقالة الوزير.

وقال النائب محمد عامر وهو عضو أيضا في الحزب الحاكم « ما صدر عن الوزير خطير. أرجو من رئيس الجمهورية أن ينتقم لشعب مصر وأن يقيل الوزير. »

وقال حسني وهو عضو في الحزب الوطني ويشغل منصب وزير الثقافة منذ 19 عاما لصحيفة المصري اليوم المستقلة الاسبوع الماضي ان مصر لن تتقدم مادام شعبها يستمع الى « فتاوى شيوخ بتلاتة مليم » يدعون النساء لارتداء الحجاب.

ومضى يقول للصحيفة ان النساء بشعرهن الجميل مثل الزهور يجب ألا تغطى وتمنع عن الناس.

وقالت النائبة في الحزب الوطني هيام عامر التي ترتدي الحجاب « الوزير قال كلاما لا يمت للاسلام بصلة وأطالب باقالته. »

ومنذ التسعينات تمر مصر بموجة محافظة وترتدي معظم مسلماتها الحجاب. ويقول رجال الدين ان الحجاب مفروض شرعا لكن بعض المسلمين لا يأخذون بقولهم وتمتنع الحكومة عن اتخاذ موقف.

وقال حسني وهو فنان تشكيلي معروف بارائه المتحررة لقناة الجزيرة يوم الاحد انه كان يعبر عن ارائه الشخصية ولا يتحمل مسؤولية اساءة فهمه من قبل اخرين.

لكن رئيس مجلس الشعب قال بعد مطالبة نواب الحزب الوطني باقالة الوزير « اذا أراد الشخص المسؤول أن يعبر عن ارائه الخاصة فليتحرر من المسؤولية العامة التي يتقلدها. »

وقال رئيس ديوان رئيس الجمهورية « لا يمكن أن نسمح لاحد بأن يمس الدين الاسلامي.. ما كان لوزير الثقافة أن يتحدث في مسائل دينية. »

ولم يحضر حسني الجلسة. وقال مفيد شهاب وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية والمتحدث باسم الحكومة في البرلمان ان حسني « أصيب بالضغط العالي (ضغط الدم). »

وأضاف أن حسني سيحضر مناقشات ستجرى في اثنتين من لجان مجلس الشعب وناشد النواب أن يناقشوه في هدوء. وقال « البرلمان حر بعد ذلك في ما يريد أن يتخذه من قرارات تجاه الوزير. »

ولم يحضر حسني جلسة مشتركة لمجلسي الشعب والشورى يوم الاحد ألقى خلالها الرئيس حسني مبارك خطابا بمناسبة بدء الدورة البرلمانية الجديدة.

وقال مصدر في الحزب الوطني الديمقراطي ان الوزير « تلقى تنبيها بعدم الحضور لانه قال لثاني مرة انه مستعد للاستقالة. »

وتغلب حسني الذي يظهر في المناسبات الثقافية الى جوار السيدة الاولى سوزان مبارك على عدة عواصف في السنوات الماضية من بينها حملة نظمها فنانون لاقالته بعد حريق في مسرح قتل فيه 46 شخصا في بيت للثقافة بصعيد مصر عام 2005.

وقدم حسني استقالته لكن رئيس الوزراء أحمد نظيف طلب منه الاستمرار في عمله.

ولمح مفتي مصر علي جمعة يوم الاحد الى استنكاره لتصريحات حسني. وقال « ما قاله هو مثل الذي يقول ان شرب الخمر في الاسلام حلال… الحلال بين والحرام بين في البديهيات الاسلامية. »

لكن رئيس لجنة الشؤون الدينية والاجتماعية والاوقاف في مجلس الشعب أحمد عمر هاشم زاد قائلا في جلسة مجلس الشعب يوم الاثنين « هذه ليست قضية خاصة بالمرأة أو المؤسسات الدينية ولكنها تمس الامن القومي وسيفرز التهاون تجاه ذلك تطرفا وارهابا جديدين.

« لا يصح أن نتهاون في (مواجهة تصريحات الوزير) سواء قالها صراحة أو دردشة. »

وظهرت في مصر في بعض الفترات خلال العقود الماضية جماعات اسلامية متشددة رمى بعضها الحكومة بالكفر وطالب باعتزالها ومحاربتها.

 

ويعزو بعض المحللين الاجتماعيين المد المحافظ الى السعودية ودول الخليج العربية الاخرى التي يعمل فيها ملايين المصريين.

 

من عبد الستار حتيتة

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 20 نوفمبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 

 


 

 

لجنة علماء الأخوان في الأردن:
فاروق حسني تنكر للاسلام ويوالي الغرب والفاتيكان

 

عمان ـ القدس العربي: استنكر علماء الشريعة الاسلامية في حزب جبهة العمل الاسلامي الأخوان المسلمون ما جاء في تصريحات منسوبة لوزيرالثقافة المصري فاروق حسني قال فيها ان ارتداء المرأة الحجاب عودة الي الوراء . كما وجهت لجنة العلماء في نفس الحزب رسالة اعتبرت فيها صدور مذكرة توقيف بحق الشيخ حارث الضاري في العراق اهانة مقصودة للعلماء جميعا في العالم الاسلامي.

وقالت لجنة العلماء في بيان صدر عنها أمس ان الوزير المذكورـ المقصود فاروق حسني ـ تنكر لثقافة الأمة العربية والاسلامية وهويتها الحضارية ووالي الغرب والفاتيكان وكان أولي به أن يوالي الاسلام ويلتزم بأحكام القرآن .

وقالت ان تصريحات وزير الثقافة المصري هدم لصوت المقاومة، وخدمة لأهداف العدو ، وان أحرار مصر وعلماءها وأزهرها جديرون بالدفاع عن شرف دينهم وثقافتهم وحضارتهم .

واعتبر البيان هذه التصريحات جزءا من مخطط غربي يسعي لـ سلخ مصر حضارياً وثقافياً لتتم هيمنة الغرب علي الوطن العربي والاسلامي بعد أن أقصيت مصر عن المواجهة العسكرية مع اليهود في معاهدة كامب ديفيد .

وطالب العلماء شيخ الأزهر وعلماءه بمساءلة وزير الثقافة المصري عن تصريحه واهانته للحجاب وبيان الحكم الشرعي في تصريحه .

وشدد العلماء علي ان الحجاب واجب ، مدللين علي ذلك بالآية الكريمة وليضربن بخمرهن علي جيوبهن ، ومنوهين الي ان الحجاب خلق اسلامي رعته المجتمعات الاسلامية منذ عهد صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام الي يومنا هذا .

وختم العلماء بيانهم بالقول ان حماية استقلال مصر الثقافي والحضاري والاخلاقي لا تقل خطراً عن حماية استقلالها السياسي .

وفيما يلي نص البيان الموقع من الشيخ ابراهيم زيد الكيلاني رئيس لجنة العلماء: بيان صادر عن رئيس لجنة العلماء في الحزب استنكاراً لتصريح وزير الثقافة المصري الذي أهان الحجاب الاسلامي

قال تعالي آمراً المؤمنات بالحجاب بقوله: وليضربن بخمرهن علي جيوبهن والخمار غطاء الرأس والجيب مقدمة الثوب التي تشمل الصدر والعنق.

هذه الآية الكريمة التي بينت حكم الله في وجوب الحجاب وهذا الخلق الاسلامي الذي رعته المجتمعات الاسلامية منذ عهـد صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام الي يومنا هذا، يبين من خصائص الحضارة الاسلامية التي واجهت الحضارات الرومانية والغربية.

فهناك حضارتان: حضارة اسلامية تؤمن بالعفة وحفظ الأعراض والأنساب، وتلتزم بالاحكام الشرعية التي تخدم هذه الأهداف ومنها وجوب ستر المرأة وحجب زينتها عن الأجانب من الرجال.

والحضارة الغربية التي تتساهل في العلاقات المحرمة بين الرجال والنساء، وتبيح للمرأة أن تعرض مفاتن جسدها علي شواطئ البحار، وفي الجامعات وأماكن العمل والأماكن العامة، وقد نتج عن هذا ضعف الاسر وتمزقها، وأمراض الايدز وغيرها.

ان المخطط الغربي بعد أن أقصيت مصر عن المواجهة العسكرية مع اليهود في معاهدة كامب ديفيد، يسعي لسلخها حضارياً وثقافياً لتتم هيمنة الغرب علي الوطن العربي والاسلامي، وان تصريح وزير الثقافة المصري هدم لصوت المقاومة، وخدمة لأهداف العدو وان أحرار مصر وعلماءها وأزهرها جديرون بالدفاع عن شرف دينهم وثقافتهم وحضارتهم، وان فضيلة شيخ الأزهر وعلماءه مطالبون بمساءلة وزير الثقافة المصري عن تصريحه واهانته للحجاب وبيان الحكم الشرعي في تصريحه ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة، ان العلماء هم حماة حصن الاسلام. وان هذا الوزير قد انتهك حرمة هذا الحصن.

وان حماية استقلال مصر الثقافي والحضاري والاخلاقي لا تقل خطراً عن حماية استقلالها السياسي.

حمي الله مصر وشعبها وأزهرها ودينها وجعلها حصنا للاسلام والمسلمين والله المستعان.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 20 نوفمبر 2006)


 

 

مبارك يعلن نفسه رئيسا مدي الحياة

تجاهل المطالب بالغاء الطوارئ وتعديل المادة 77 والمعارضة تحذر من تزايد الاحتقان

مراقبون اعتبروه ردا علي التكهنات بتنحيه لجمال. واخرون رأوه اعلان وفاة للديمقراطية

 

لندن ـ القدس العربي ـ من خالد الشامي:

 

اعلن الرئيس المصري حسني مبارك امس للمرة الاولي انه سيبقي في منصبه ما دام حيا، في سابقة لم تعرفها مصر منذ اعلان الجمهورية في العام 1953.

وجاء اعلان مبارك (78 عاما) ضمن خطاب سبقه ترويج اعلامي واسع امام مجلسي الشعب والشوري، واكد فيه ما كان اعلنه سابقا من عزمه اجراء تعديل ثان علي المادة 76 في الدستور المصري التي تحدد شروط وضوابط الترشيح لرئاسة الجمهورية.

واشار مبارك الي ان التعديل يأتي استكمالا للتعديل السابق الذي كان حدد شروطا اعتبرتها المعارضة المصرية تعجيزية للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، وهي حصول الاحزاب علي خمسة بالمئة من مقاعد البرلمان، وبالنسبة للمستقلين حصولهم علي تأييد 250 عضوا في المجالس النيابية والمحلية المنتخبة. وهذه شروط لا يتمتع بها واقعيا سوي الحزب الوطني الحاكم الذي يترأسه مبارك. واشار مبارك الي ان التعديل سيستشرف المستقبل بالنسبة لاحزاب المعارضة باعتبارها المحور الرئيسي للعمل السياسي في البلاد، ولن يكتفي بأوضاعها الحالية.

واعتبر مراقبون ان مبارك ينوي تخفيف شروط مشاركة الاحزاب وليس رفعها بالكامل ما قد يعني خفض النسبة المطلوب الحصول عليها لتتمكن من التقدم بمرشح للرئاسة.

وخلا خطاب مبارك من اي اشارة الي تخفيف القيود المفروضة علي ترشيح المستقلين، ما يوحي بالابقاء عليها، وهو ما يعتبره فقهاء دستوريون مخالفة واضحة للعديد من المواد في الدستور المصري الذي يكفل الحقوق السياسية المتساوية لكافة المواطنين بما في ذلك الترشح لرئاسة الجمهورية. كما خلا خطاب مبارك من اي اشارة لتعديل المادة 77 في الدستور التي تبقي عدد الفترات الرئاسية مفتوحا، وهو ما سمح لمبارك بالبقاء في الحكم لفترة خامسة.

واعتبر خبراء ان مبارك لا يريد اعادة المادة 77 الي نصها الاصلي الذي كان يحدد فترتين رئاسيتين كحد اقصي لأن ذلك قد يجبره علي التنحي، بينما رأي آخرون ان الابقاء عليها يهدف الي السماح لنجل الرئيس الشاب بالبقاء لفترات متعاقبة قد تتحول مصر معها بالفعل الي نظام ملكي وليس جمهوريا.

ويري معارضون ان مفهوم الرئاسة مدي الحياة هو بمثابة اعلان وفاة للديمقراطية ، حيث ان بقاء الرئيس في منصبه يجب ان يكون مرهونا بإرادة الشعب وليس بإرادته الشخصية.

وتساءل آخرون حول مدي المسؤولية الوطنية في هكذا اعلان خاصة مع عدم وجود نائب للرئيس.

وتنص المادة 84 من الدستور المصري علي تولي رئيس مجلس الشعب صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال حدوث فراغ في منصب الرئيس او اصابته بعجز دائم الا انها لا تحدد مصير الرئاسة في حال تراجع القدرات الصحية او الذهنية للرئيس في حال تقدمه بالسن.

وكانت تكهنات اشارت الي ان الرئيس مبارك قد يتنحي عن الرئاسة عند بلوغه الثمانين من العمر في العام 2008، تاركا المجال امام انتخابات رئاسية جديدة، يشارك فيها نجله جمال مبارك (44 عاما).

الا ان اعلانه امس البقاء في منصبه مدي الحياة ينفي هكذا تكهنات.

وفسر مراقبون الحماس الذي قابل به اعضاء الحزب الحاكم اعلان الرئيس امس، بأنه دليل علي وجود مخاوف في صفوف الحزب من سيناريو التوريث وعواقبه علي امن البلاد واستقرارها.

الا ان مراقبين آخرين لا يعتبرون ان رئاسة مبارك مدي الحياة تتناقض مع سيناريو التوريث بل انها تقويه، حيث ان جمال مبارك يواصل توسيع سلطاته في الحكم في ادارة الشؤون اليومية للبلاد، بينما يكتفي والده بالبقاء كمرجع في الامور الاساسية. ومع احكام جمال قبضته علي الحكم واستكمال خبراته الناقصة في المجالين السياسي والبيروقراطي بشكل خاص، سيكون الخيار المطروح امام الشعب المصري في حال حدوث فراغ في منصب الرئيس هو بين مرشح للحزب الحاكم متمرس في ادارة شؤون الدولة وقادر علي تأمين استمرار الحالة الراهنة ، وبدائل غير مجربة وغير معروفة اصلا من المعارضة، ربما تتمتع بمصداقية بين النخبة ولكن لا تستطيع ان تضمن الاستقرار للاغلبية.

وكان خطاب مبارك حظي بتمهيد اعلامي واسع حيث دعا التلفزيون المصري الي ترقب خطاب هام ولكنه جاء خاليا من ملامح التعديلات الدستورية كما جاء خاليا من الاشارة الي تقديم بديل عن قانون الطوارئ الذي تطالب كافة القوي السياسية في مصر بالغائه، ومعها المجلس القومي لحقوق الانسان التابع للدولة. وحذر معارضون من ان استمرار تجاهل المطالب السياسية والشعبية لا يمكن الا ان يدفع البلاد الي حافة المجهول، مشيرين الي ان بقاء مبارك مدي الحياة لا يخفف من حالة الاحتقان والغموض بشأن المستقبل التي تعيشها البلاد.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 20 نوفمبر 2006)

 

 


 

ولادات عسيرة لديمقراطيات العرب والإسلام!

مطاع صفدي (*)

 

مفهومان متعارضان متكاملان: الثورة والسياسة. التنظير المجرد قد يلح علي خاصية التعارض أكثر من التكامل؛ والتجربة التاريخية علي صعيد المايحدث الواقعي، تقدم براهين محسوسة وفاصلة عن التكامل، وإن كان أحد المفهومين لا يقوم حتي يلغي الآخر. ومع ذلك ليس الفاصل الحدثي بينهما نهائياً. في قرن الثورات الكبري المعاصرة، القرن العشرين الحافل بالتحولات الكونية في النظر والعمل، كانت (الثورة) هي الغالبة، والسياسة في خدمتها. هكذا كانت تبدو مظاهر الأمور. الانقلابات البنيوية الثلاثة المحددة لمعالم العصر والقرن بطوله آنذاك: الشيوعية، الفاشية، والنازية، كانت في عرف أصحابها تشكل ثورات مجتمعية. وعليها بدورها أن تشرعن كل ما سوف يبني عليها، الدولة والقانون والسياسة. هذا النوع من الشرعنة المستحدثة صار له اسم الإيديولوجيا، أي تلك المنظومة من الأفكار التحويلية التي تنحرف إلي معايير، ويكون من شأنها أن تحاكم كل ما عداها، من المفاهيم والنظم والقيم والمشاريع، أي أفعال الجماعة كما الأفراد، بحسب منطوقها الخاص، دون السماح لأية خطابات أخري بالمساءلة أو الاعتراض. إنها تفسّر تعلّل وتسوّغ كل شيء، ولا شيء يمكن أن يفسرها في ذاتها.

 

هذا الصنف من الثورات الذي ابتُلي به تاريخ القرن العشرين، جاء ضداً بربرياً علي السياسة من حيث كونها المؤشرة علي المحصّلة العملية لذاكرة المدنية، عبر تجاربها المريرة مع عقباتها؛ فمن المفترض في السياسة أنها هي المنتجة لجبهات المقاومة المشروعة في وجه العسف والطغيان وتطوراته الخبيثة، خاصة في اللحظة المعرفية الراهنة، المتضاعفة طرداً مع تعاظم قوي الحريات وانتشارها الكوني. فقد بات الطغيان العصري يتغذي بأذكي وأخطر استراتيجيات الاستبداد الشمولي القائمة علي توظيف التقدم المعرفي في فنون صناعة التدمير المعنوي والمادي لإنسان الفرد والجماعة. فبعد أن كان فكر الحرية مسكوناً بهم انقضاء عصر الأدلجات الكليانية المتسلطة إبان القرن الماضي، وانتظار عودة السياسة المدنية في حال من نضوج الوعي والتدبير المتصالح لعلاقات الفرد بالدولة، والتحكم في تناقضات الدول فيما بينها، فقد جري ترحيلٌ منظمٌ لحروب الغرب وآفاته الاجتماعية الداخلية إلي رحاب بقية العالم الموصوف بالجديد، وهو القديم دائماً، عالم الدول الوطنية المستحدثة للأمم والشعوب المهمشة. ههنا تنحرف الثورات إلي انقلابات عسكرية وبوليسية، وتُختزل السياسات القائدة إلي مجرد مشاريع الاستئثار بالتسلط الفردي والفئوي والنهب المستبيح للثروات العامة.

 

كأنما السياسة في دلالتها الفلسفية، كتعبير عن الممارسات الجماعية لأخلاقيات المدنية، أضحت هي الممنوع الأول، وفي معظم أقطار النصف الجنوبي من المعمورة. بل قد لا يكون المنع دائماً بفعل قوي الخارج الموصوفة باحتكار التقدم، والرافضة لحرية الشعوب الصاعدة إلي المسرح الدولي، بقدر ما هو المنع يصير امتناعاً ذاتياً، وناجماً غالباً عن عدم الوعي والشعور أصلاً بافتقاد معانيها ومعاييرها من ذاكرة الخبرات المتوارثة. هذا التعليل قد يلقي بعض الضوء المساعد في فهم المعضلة البنيوية التي تتخبط بها النهضة العربية الثانية نفسها؛ فما يسمي سياسة لدول النهضة لم يكن يخرج عن حال الطفرات الفوقية بدون أية جذور تساندها في أرضية الواقع الاجتماعي. منطق الطفرة هو المسيطر كبديل قسري عن إنتاجات التطور الطبيعي الذي ينميه ما يعنيه الاستقلال الوطني بالنسبة للكيانات الدولتية الناشئة.

 

لا ينبغي التغافل عن حقيقة أن هذا الكيان الدولتي هو حديث العهد بالنسبة لمعظم شعوب العالم الثالث. وغالباً ما تم تركيبه بفعل القوي الاستعمارية التي كانت تحكمه ثم رحلت عنه ظاهرياً وهي مطمئنة إلي أنه سيظل يحمل عوامل إحباطه وتفككه الذاتي أكثر بكثير من قدرته علي اكتساب أسباب منعته، وتمكّنه من تحصيله لوعود الاستقلال الحقيقي في خصائصه المدنية والثقافية المتعارف عليها.

إن قصة النهضة العربية الثانية هي قصة تجاربها مع ذاتها أولاً. وبقدر ما يسهل تعداد هذه التجارب، البالغة حدود الكوارث الوطنية الشاملة، تحت عناوين الخيبات التاريخية ومشتقاتها، إلا أنه قلما تنبه الوعي النقدي، ولدي الطلائع المتنافسة علي ادعاءات العمل الوطني وابتكار تنظيراته، إلي أسس التعجيز الذاتي عن إطلاق ثقافة السياسة، حتي قبل تصنيفها في خانة الديمقراطية أو الثورية وسواها.

فالسؤال الذي يفرض نفسه في لحظة الغَسَق من عمر هذه النهضة الثانية الآفلة؛ هو: لماذا لا تدور الأمور أبداً إلا من خلال منطق الطفرة وحده، وإنتاجه المعهود في فرض ثلاثية الاستبداد أي: التسلط بدل السلطة، والقمع بدل الحوار، والنهب بدل الأمانة الأخلاقية والتنمية الرشيدة.

 

لو أخذنا الآن بعض الأمثلة الحية علي هذه الإشكالية ذلك النموذج في الحكم المعروف باسم حكومة الوحدة الوطنية، التي تواجهها راهنياً عدة أقطار عربية، من لبنان إلي فلسطين والعراق، لاكتشفنا فوراً قواسم مشتركة عديدة تجمع حالات الاستعصاء هذه. أولها وأدعاها إلي التنبه الخاص هو أن حكومة الوحدة أو الاتحاد الوطني لا تُطرح في الأقطار الثلاثة، إلا وهي علي شفا الانهيار الدولتي والمجتمعي معاً؛ كما لو كانت هذه الصيغة هي الخيار الوحيد المتبقي مقابل حتمية الاقتتال الوطني التي ينتظرها الجميع وفي مواعيد متقاربة. نقول ربما كان لبنان البلد الفريد الذي قدر لتجربته الاستقلالية أن تثمر بعض مظاهر السياسة بدلالتها المتعارف عليها إلي حد ما.إذا ما قارنا تطوره منذ جلاء الاستعمار الفرنسي عنه، ومعه قرينه الأكبر سورية، لوجدنا أن تركيبته الطائفية قد فرضت نظام التحاصص السلطوي منذ البداية، الذي يفترض بدوره شكلاً من الديمقراطية التي لا يمكنها أن تشتغل إلا في ظل حوار اختياري أو إجباري بين زعامات الطوائف والمذاهب. فمن المفترض إذن ألا يقوم حكم إلا عبر صيغة حكومة الاتحاد الوطني، كأمر واقع لا مناص منه. ويمكن القول انه لم يسيطر إيقاع الحرب الأهلية في مسيرة البلد إلا عندما يقع خلل التحاصص في هذه الصيغة. وفي الظرف الراهن الموصوف بالمأزق الأخطر، وباعتبار أن لبنان قد يحسب أنه فاز باستقلاله الثاني بعد خروجه من تحت وصاية النظام السوري منذ عام ونصف فقط، إلا أنه سريعاً ما واجه اعتقاله إسرائيلياً، فيما لو لم تُدحر الدولة العبرية في أقسي حرب همجية شنتها ضد العرب منذ تأسيسها البائس؛ فإن هذا البلد الشجاع، المنتصر وطنياً إقليمياً، وقومياً إنسانياً علي أحد أكبر رموز العنف الهمجي المطلق في هذا العصر، يُمنع عليه اليوم ترجمة الصمود الخارجي ضد أعنف عدوان عبري مسوّغ ومدبّر من البيت الأبيض وساكنه الأول، ترجمته داخلياً إلي لغة الحقوق الوطنية؛ فيُحرم من تجاوز صيغة المحاصصة الطائفية المتقاسمة لشكل حكومات الإقطاع السياسوي اللاهوتي التقليدية، إلي صيغة جديدة سليمة من المشاركة الحقيقية لمكونات الوطن. هذه المشاركة التي حِيْلَ دائماً بين ديمقراطية لبنان وبين تحقيقها، كلما لاح منعطف سياسي نحوها يفرضه نضج الوعي الاستقلالي، فكانت الاقتتالات الأهلية المتكررة هي البدائل الجاهزة لتجهض ثمرات النضج النوعي، وتقلبها إلي فجائع الموت المصمم والقهر الإنساني، واستعادة رموز الانحطاط لمراكزها وسلطاتها المسلوبة منها مؤقتاً.

ومن سخرية الأقدار حقاً أن يظل (الغرب) الديمقراطي هو أحدث وأقدم عدو لمولد الديمقراطيات الوطنية الصحيحة. فالغرب يحارب بقواه العسكرية والسياسوية والاستخبارية، وملء مسرح العلنية المكشوفة تحت أنظار العالم أجمع، أبسط بوادر النضج المدني لحضارات الغالبية العظمي لإنسانية العصر. ومن المحزن حقاً هذا التعاون المتزايد مجدداً بين أوروبا الاتحادية وأمريكا (الحقبة البوشية) علي اغتيال الحرية الحقيقية، بتسويد فجر الديمقراطيات الوطنية النامية في أرض العرب والاسلام تحديداً، وطمس معالمه التوحيدية بالأحمر القاني من دماء شعوبه. فهذه الأقطار الثلاثة فلسطين ولبنان والعراق، تُدفع بكل قوي التفرقة والتفكيك الكياني نحو هاويات متنوعة من الاقتتالات الأهلية، بعد انسداد كل طرق الحوار السلمي بين مكونات مجتمعاتها، وبالأخص بفعل التدخلات الأجنبية المانعة لامتداد أي جسر مدني بين فئة وأخري.

الظلاميات تحت أقنعتها اللاهوتية المستعارة أمست هي المخولة وحدها في صناعة عالم من بقايا أمم وطوائف ومذاهب وعشائر. لكن من يقول مع ذلك أن الحرية سوف تيأس من أسلحتها حتي في أظلم عصور الردّات نحو البدائيات من كل ثقافة أو تاريخ مغدور بأمراضه الذاتية أولاً.

 

(*) مفكر عربي مقيم في باريس

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 20 نوفمبر 2006)

 

 


 

نجم امريكا يأفل…. فقط لو يُصّدقون!

محمد صادق الحسيني (*)

 

رغم كل مظاهر التراجع والتعثر التي تنتاب السياسات الامريكية في بلاد العرب والمسلمين، لا يزال الرئيس بوش وعدد من مساعديه في الادارة المتعجرفة يبدون تعنتهم تجاه مطالب القوي الممانعة والمقاومة في المنطقة، بل ويصرون علي ان كل شيء علي ما يرام وانهم يواصلون التقدم ويحققون الانتصار تلو الانتصار.. كما يتردد علي لسان مستشاريهم في لبنان مثلا كما هي حال بعض الصغار من اهل المنطقة ممن لا يزالون يراهنون علي امكانية اقلاع مشروع الشرق الاوسط الجديد!

وكلما اظهرت التقارير المتواترة قبح وجههم صبوا جام غضبهم علي المرآة وكسروها واستبدلوها بمرآة اخري ظنا منهم ان المشكلة في المرآة! ناسين او متناسين ان عليهم تصحيح صورتهم الاصلية!

ان الوقت لم يعد لصالح الامريكيين ولا لصالح كل من راهن عليهم. فالوضع الدولي يتغير بسرعة علي اكثر من صعيد. اذ ان روسيا والصين قررتا عدم السماح للولايات المتحدة الامريكية بتكرار تجربة العراق المأساوية لا مع طهران ولا مع دمشق ولا حتي مع الخرطوم ناهيك عن السماح بمثل ذلك مع بيروت العاصمة الاكثر عصية علي التغيير علي الطريقة الامريكية، لا سيما بعد تجربة حرب الـ33 يوما القاسية والصعبة علي الوكيل الاستراتيجي الاقليمي!

هذا الوكيل الذي قال انه خاض تجربة اختبارية لحرب اولي ـ كما سماها ـ ضد طهران!

فلم ينجح، بل حصد سرابا!

ومع ذلك يكابر الامريكي الخارج لتوه من اختبار وامتحان التصويت علي شعبية سيده المهووس بالحروب الاستباقية، ويكابر معه ثلة من المغامرين والمكابرين ممن ربطوا مصالحهم بحكومة قناصل وسفارات فقدت مصداقيتها وشعبيتها في قلوب غالبية اللبنانيين، ومع ذلك تتذاكي علي شعبها وأهلها بانها ماضية في الطريق ولن يوقفها احد عن التقدم في خدمة سيادة البلاد واستقلالها!

ولا تختلف حكومة المنطقة الخضراء في بغداد عن اختها البيروتية في المكابرة والتذاكي، بل وتتحدث عن تعديل وزاري شامل! في وقت يعاني الشعب العراقي من ازمة وجود وهوية وحياة او موت للبشر العاديين ناهيك عن اغتيال يومي وبشع للوطن والاستقلال والسيادة!

الوضع ليس باحسن مع حكومة كرزاي الكراكوزية التي لم تعد تعرف نوع الوكالة التي تحملها من الاجنبي ولا حتي اسم الموكل الاصيل الذي يحاول ان يتحكم بطرف من العاصمة الاسلامية المستباحة في بلد كان اسمها يوما نورستان فاصبحت تسمي من قبل اهلها بـ كفرستان لشدة ما انتهكت حرماتها من قبل انواع القوات المتعددة الجنسيات المحتلة والغازية!

الغريب ان كل هذا يحصل في بلادنا، ولا يزال البعض من ابناء جلدتنا يراهنون علي ما يسمونه بعملية السلام ومع من؟! مع دولة الارهاب والقتل والمجازر، بل ويستغربون عدم حضورها او رفضها لمثل هذه الدعوات، ويعلنون بكل ثقة واطمئنان! بانهم سيفقدون مؤتمرا للسلام حتي لو لم تحضر هذه الدولة المارقة!

هل نسي هؤلاء بان عملية السلام الاولي الي اين انتهت؟! وماذا قالوا عنها هم علي السنتهم ابّان الحرب علي لبنان؟! الم يدفنوها علي الملأ؟!

فماذا يتوقعون من جديد من هذا المجتمع الدولي المنافق والغدار؟ الم يسمعوا بحديث رسول الله يقول: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ؟!

لماذا لا يقررون الاستماع لشعوبهم ولو لمرة واحدة ويأخذون قرارا بمقاطعة كل مبادرات السلام و التطبيع و ائتلاف المعتدلين المخادعة والمنافقة ويعلنون موقفا ممانعا مقاوما ولو لمرة واحدة!

صدقونا بان امريكا التي تخافون هي أوهي من بيت العنكبوت، وان اسرائيل التي ترهبون هي اضعف حتي من ان تتجرأ مرة اخري علي العدوان علي احد من العرب ناهيك عن الانتصار عليه، شرط ان تصدقوا ذلك وتستقيم مواقفكم وتتوحد خلف ارادة شعوبكم. لا تقاتلوا بالضرورة، ولا تعلنوا الحرب علي اسرائيل. نريد فقط عدم التفريط بقوة الشعوب وارادتها وتركها تعبر عن نفسها دون قمع ودون تزييف ودون طعن في الظهر..

ان عصر الهيمنة واملاء القرارات يتراجع والحقبة الامريكية في انحسار فقط لو يصدقون!

 

(*) كاتب متخصص في الشؤون الإيرانية

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 20 نوفمبر 2006)


Home– Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

26 juillet 2005

Acceuil TUNISNEWS 6 ème année, N° 1892 du 26.07.2005  archives : www.tunisnews.net الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: أنقذوا حياة  عبداللطيف

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.