TUNISNEWS
9 ème année, N 3309 du 14.06 .2009
كلمة:اعتداء بالعنف على السجين محمود التونكتي
المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية :اخبار نقابية
كمال بن يونس لل »وحدة » لا تقدم للإعلام دون احترام استقلالية النقابة الوطنية للصحفيين
السياسية: »الموقف » الصحيفة الحزبيّة الأكثر قراءة و »المستقبل » و »Le Renouveau الأقل قراءة
صـابر التونسي : إناء القرصان ينضح بما فيه
السبيل أونلاين : فديو:مداخلة الدكتور زياد الدولاتي في المؤتمر العام لحزب التكتّل
العجمي الوريمي: الاتجاه الإسلامي في تونس: الانتظار خارج العتمة
عبدالباقي فتحي :وداعا عبداللطيف القصوري الله أكبر و إنا لله وإنا إليه راجعون
الطاهر العبيدي:فرنسا-حقوقيون وزعماء أحزاب من أجل قواسم مشتركة
منير ضيف : لماذا يحرم الممرضون في تونس من حضور المؤتمرات العلمية ؟
*فضيلة لعواني *عبدالسلام الككلي : جامعتنا المريضة : أربعة إصلاحات والحصاد هزيل
الصباح: رغم الدعوات لتعزيز انخراطه فيها: الشباب يعزف عن المشاركة في الحياة المدنية
الصباح:يتجنّبون المقاهي المزدحمة… والحافلات: شباب يخشون «الرافل».. ولا يرفضون الخدمة الوطنية
الصّباح::في منتدى الذاكرة الوطنية: حديث عن مآثر فقيد الحركة النقابـية عبد العزيز بوراوي
مراد رقية:بلدية قصرهلال تفتتح مقهى صيفيا جديدا قبالة دار التجمع ودار الشباب فأين برنامج « الحق معاك »
« الاقتصادية »:بيت التمويل الخليجي يكشف المخطط الرئيسي لمرفأ تونس المالي
موقع يلا كورة :سليم شيبوب رئيسا جديدا للجنة الوطنية الاولمبية التونسية
بي بي سي:أطول عشرة زعماء افارقة بقاءً في السلطة
د. حسن بن حسن:
الحرية ابتلاء يقود لأحسن العمل
طارق الكحلاوي :أسئلة إيرانية
النفطي حولة:في أولوية الصراع ضد العدو الصهيوني
فهمى هويدى:أكثر تشوهاً وأقل ديموقراطية – فهمى هويدى
نورالدين علوش:حوار صحفي مع عز الدين علام أحد قيادات البديل الحضاري
سما:حركتا فتح وحماس تتفقان على إنهاء ملف الاعتقال السياسي وتبادل قوائم المعتقلين تمهيدا للإفراج عنهم
سما :أكثر من 20 ألف يشاركون في مخيمات صيفية لحفظ القرآن في قطاع غزة
ياسر الزعاترة:رد قوى المقاومة والممانعة على إستراتيجية أوباما
فاضل الربيعي:الانقلاب على بريمر
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:
اعتداء بالعنف على السجين محمود التونكتي
sihem تعرّض السجين محمود التونكتي الموجود بسجن مرناق في الليلة الفاصلة بين يومي الأحد والاثنين 8 و9 جوان 2009 إلى الاعتداء بالعنف المادي واللفظي من قبل ناظر الغرفة التي يسكنها ممّا خلف له أضرارا بليغة. وقد حاولت شقيقته ووالدته المسنة التي لم تره منذ عدة أشهر مقابلة مدير السجن يوم الاثنين 9 جوان 2009 إلا أنها لم تمكنا من ذلك. وقد حمّلت عائلة محمود التونكتي إدارة السجن المسؤوليّة في كل ما من شانه أن يمثل تهديدا لحياة ابنها خصوصا وأنه مصاب بداء السكري ويتعرض منذ مدة إلى مضايقات واعتداءات عديدة من قبل سجناء الحق العام الذين يمنعونه من الصلاة في حين لا تحرّك إدارة السجن ساكنا وهو ما يمثل انتهاكا خطيرا لقانون السجون. يشار إلى أن محمود التونكتي من مواليد سنة 1963 قد غادر تونس باتجاه الجزائر بداية التسعينات خلال الحملة على أتباع حركة النهضة وأنصارها ثم انتقل منها إلى السودان فسوريا فتركيا فبلغاريا حيث حصل بها على اللجوء السياسي ثم اختطفه الأمن البلغاري في شهر أوت 2006 وسلمه إلى الأمن التونسي ليجد أنه محاكم غيابيا بعشر سنوات سجنا، تم تخفيفها إلى خمس بعد اعتراضه على الحكم لدى محكمة الإستئناف والذي اعتبرته الجهات الحقوقية حكما جائرا بالنظر إلى ملفه.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 13 جوان 2009)
المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية البريد الالكتروني marced.nakabi@gmail.com : تونس في 14 / 06 / 2009 اخبار نقابية
* اعتداء على الحق النقابي في صفاقس : عزمت النقابة الجهوية للتعليم الثانوي على عقد اجتماع عام في مركزي إصلاح امتحان شهادة البكالوريا وتم تعلق بلاغ في هذا الشأن إلا أن احد رئيسي المركزين قام بتمزيق بلاغ النقابة ورفض رفضا قاطعا عقد الاجتماع وهو ما اجبر أعضاء النقابة والأساتذة المصححين في المركزين على الدخول في إضراب احتجاجي لم يقع فكه إلا بعد تقديم المدير المعني بالأمر لاعتذار وتعليق بلاغ النقابة من جديد والاتفاق على عقد الاجتماع في موعده . * أعوان الديوان الوطني للتطهير يتمسكون بالإضراب : رغم تواصل الاجتماعات والمفاوضات بين الطرف النقابي والطرف الإداري إلا أن أعوان الديوان الوطني للتطهير مازالوا متمسكين بإضرابهم المقرر ليوم 16 / 06 / 2009 ومن أهم مطالب الأعوان هي تمكين العملة من زيادة محترمة في الأجور وخلاص الساعات الإضافية وعدم التعامل مع شركات المناولة إضافة إلى عدم التفويت في الأنشطة الرئيسية للديوان لفائدة الخواص . * إضراب في الشركة الوطنية للنهوض بالمساكن الاجتماعية » سبرولس » : قرر أعوان شركة سبرولس الدخول في إضراب كامل يوم 23 / 06 / 2009 وذلك بعد فشل جولات المفاوضات بين الإدارة العامة والطرفالنقابي ويطالب الأعوان أساسا بزيادة محترمة في الأجور * إضراب جديد في الصناديق الاجتماعية : لم تفضي المفاوضات بين الطرف النقابي والطرف الإداري إلى نتائج مرضية للطرف النقابي ولهذا قد يدخل أعوان وموظفو الصناديق الاجتماعية في إضراب جديد يومي 24 و 25 / 06 / 2009 علما إنهم خاضوا إضرابا وطنيا يوم 04 /06 / 2009 ومن أهم مطالب أعوان الصناديق الاجتماعية هي تعميم المنحة التعويضية للضمان الاجتماعي على كافة الأعوان وتسوية وضعية أطباء الضمان الاجتماعي والترفيع في قيمة بعض المنح مثل منحة الإحالة على التقاعد. * إحالة عاملات الشركة الجندوبية للملابس الجاهزة على البطالة الفنية : قام مالك الشركة الجندوبية للملابس الجاهزة بجندوبة بإحالة جميع العملة على البطالة الفنية بدون اجر لمدة 3 اشهر بدعوى وجود صعوبات اقتصادية علما وان عدد العملة بهذه الشركة يقارب 40 عاملا المرصد فضاء نقابي مستقل ديمقراطي مفتوح امام جميع النقابيين بدون استثناء ويمكن التواصل مع المرصد على العنوان الالكتروني التالي : http://nakabi.unblog.fr
عن المرصد المنسق محمد العيادي
كمال بن يونس لل »وحدة »
لا تقدم للإعلام دون احترام استقلالية النقابة الوطنية للصحفيين
السؤال الكبير الذي يطرحه عدد كبير من الإعلاميين والمثقفين والساسة في تونس منذ استفحال الازمة الداخلية في النقابة الوطنية للصحفيين : هل يمكن ضمان احترام استقلالية النقابة الوطنية في صورة الاستجابة لمطلب أكثر من ثلثي الصحفيين الداعي إلى عقد مؤتمر استئثنائي في أقرب وقت ؟ وينجر عن هذا السؤال تساؤلات أخرى من بينها :هل يمكن للانتخابات التي ستنظم في الجلسة العامة الانتخابية الجديدة أن تفرز قيادة مستقلة عن التجمع الدستوري الديمقراطي وعن بقية الاحزاب السياسية أم يحصل العكس ف » تسقط النقابة الوطنية » ؟ وهل لن يؤدي « تجند التجمعيين » إلى » سقوط النقابة » بين أيديهم لتصبح » خلية تجمعية » جديدة ؟ ولم لا يتسامح غالبية أعضاء المكتب التنفيذي الموسع المنتخبين مع الاقلية ـ التي يتهمونها بالعجز عن الدفاع عن مصالح الصحفييين وتتهمهم بالولاء للسلطة ـ على أن تحسم الخلافات في الجلسة العامة ثم في المؤتمرالعادي القادم ؟ وكل هذه التساؤلات مشروعة جدا ..ولا شك أن كثيرا من الاعلاميين الشبان ومن النشطاء الحقوقيين والسياسيين يطرحونها من منطلق الحرص على استقلالية المنظمات غير الحكومية والنقابات الوطنية ..خاصة أن الصحفيين نجحوا بعد عقود في تأسيس نقابة مستقلة عن الاتحاد العام التونسي للشغل ..بعد اعتراضات من عدد من قادته .. تسوية مشاكل العاملين في القطاع والملاحظ أنه رغم حالة الاستقالة من العمل السياسي التي تسجل منذ سنوات في أوساط عديدة وخاصة داخل النخب المثقفة ما تزال بعض المنظمات والجمعيات غير الحكومية والنقابات في بعض القطاعات تلعب دورا مهما في استقطاب الكفاءات الوطنية وتوفر لها اطار للمساهمة الناجعة في الحياة العامة وفي التواصل مع المجتمع عامة ومع فئة منه خاصة عبر المساهمة في تسوية بعض مشاكله والتفاعل مع مشاغله السياسية والثقافية والاجتماعية المختلفة . وفي هذا السياق كانت رابطة الصحفيين ثم جمعية الصحفيين التونسيين منذ الستينات حتى جانفي 2008 وصولا الى النقابة الوطنية للصحفيين من بين الجمعيات والأطر التي نجحت بدرجات متفاوتة ـ حسب المراحل ـ في التفاعل مع المشاغل المهنية للإعلاميين وفي المساهمة في معركة الحريات والنضال من أجل ضمان قدر أكبرمن حرية التفكيروالتعبيرفي البلاد. الاولوية سياسية أم مهنية ؟ وفي هذا السياق أيضا عرفت جمعية الصحفيين تاريخيا مكاتب نجحت أكثرمن غيرها في تحقيق مكاسب مهنية ومادية لفائدة الصحفيين التونسيين مثل المكتب الذي ترأسه السيد عبد اللطيف الفراتي ـ رئيس تحرير الصباح سابقا ـ أواسط الثمانينات ثم المكتب الذي ترأسه السيد محمد بن صالح أوائل التسعينات والسيد فوزي بوزيان رئيس تحرير لورونوفو مطلع العقد الجاري .في المقابل نجحت بعض المكاتب في الانخراط مع قوى المجتمع المدني المناضلة من أجل الحريات الصحفية وأعطت الأولوية للمشاغل القانونية والسياسية للإعلاميين وللحقوقيين والنقابيين التونسيين وكان من أبرز رموز المكاتب التي برزت في هذا المجال تلك التي تراسها الزملاء حسن المانسي ورشيدة النيفرـ من وكالة تونس افريقيا للانباءـ أوائل الثمانينات .وكانت تركيبة مكاتب جمعية الصحفيين تضم دوما شخصيات من أجيال ومن تيارات مختلفة بينها نشطاء يوصفون بكونهم قريبين من المعارضة ـ مثل السادة كمال العبيدي ورشيدة النيفروسهام بن سدرين ورندة العليبي ومحمد كريشان ولطفي الحجي وسفيان بن حميدة ـ وشخصيات منخرطة في الحزب الدستوري ـ ثم في التجمع ـ أو قريبة منهما مثل كمال العيادي ومحمد بن صالح ونجيب بن عبدالله وامنه صولة وحياة الطويل وفوزي بوزيان وعبد اللطيف الفراتي..إلى جانب مجموعة من الاعلاميين المستقلين عن كل الاحزاب والمجموعات السياسية القانونية وغير القانونية .. أداء المكتب الحالي للنقابة الوطنية ومنذ المؤتمر الأول للنقابة الوطنية للصحفيين في جانفي 2008 برزت تقييمات متباينة للمكتب الذي اختاره غالبية الصحفيين لتمثيلهم في المفاوضات الاجتماعية وفي قيادة تحركاتهم المهنية والنقابية وقيادة مساهمتهم في النضال من أجل الحريات الصحفية وتحسين أوضاع حرية التعبير في البلاد .ومنذ الأسابيع الأولى برزت خلافات داخل مكتب النقابة الوطنية بين فريق ملتف حول السيد ناجي البغوري ومعارضين له مثلما تكشفه تقارير محضر اجتماعات المكتب التنفيذي منذ عام ونصف ومئات المراسلات الالكترونية التي وزعها عضو المكتب التنفيذي الزميل زياد الهاني ( من درا لابريس ) والتصريحات التي صدرت مرارا عن الزملاء سفيان رجب ( دار الصباح ) وسميرة الغنوشي ( الاذاعة ) وعادل الاسمعلي ( الشروق ) الذين انتهى بهم الأمر الى الاستقالة من عضوية المكتب والانضمام إلى المنادين بسحب الثقة منه وبعقد جلسةعامة انتخابية جديدة . النقابة بين التسييس والتهميش ومنذ جويلة الماضي وانتخاب أعضاء اللجان ال72 والمكتب التنفيذي الموسع بتركيبته الكاملة احتد الخلاف علنا في اجتماعات المكتب التنفيذي الموسع والمكتب التنفيذي المصغر وفي الجلسات العامة بين عدة تيارات داخل القطاع : أحدها يتهم بكونه « قام بتسييس النقابة الوطنية وانحرف بها عن دورها النقابي والمهني » ، والثاني يتهم بكونه » موال للحكومة ولحزب التجمع الدستوري الديمقراطي » ويريد » الانقلاب على النقابة الوطنية » ، وغالبية من المستقلين الذين لديهم اختلافات مع المسار الذي اتبعه فريق السيد ناجي البغوري ومع أدائه الميداني لكنهم لا يساندون النيل من استقلالية النقابة الوطنية للصحفيين وغيرها من مكونات المجتمع المدني ويدعون إلى التمييز بين دور المؤسسات الحزبية ـ سواء كانت شعبة دستورية أو غيرها ـ والهياكل النقابية التي ينبغي أن تكون مستقلة وغير منحازة حزبيا لأي طرف ولا لأي جهة . الخلاف ليس بين دستوريين ومعارضين وفي هذا السياق أعتبر أن اختزال البعض للخلافات الحالية داخل النقابة الوطنية للصحفيين بين » معارضين » و » دستوريين » ليس دقيقا ..لأن الغالبية الساحقة من الصحفيين ـ والجيل الجديد خاصة ـ كانت ولا تزال مستقلة ومع استقلالية المهنة ومع النضال من اجل حرية التفكير والتعبير وتكريس الحقوق التي يضمنها الدستور والقانون .وأفهم شخصيا من العريضة التي وقعها أكثر من 600 صحفي ـ وأكثرمن ثلثي أعضاء المكتب التنفيذي الموسع ـ للمطالبة بعقد جلسة عامة انتخابية جديدة في أقرب وقت دليلا أضافيا على كون الغالبية الساحقة من الاعلاميين في تونس كانت ولاتزال تؤمن بالاحتكام إلى المنخرطات والمنخرطين ـ بمختلف أجيالهم وانتماءاتهم ـ لحسم الخلافات ..بعيدا عن الاجندا الخاصة بعدد من منخرطي حزب التجمع الدستوري الديمقراطي وكوادره أو أجندا بعض الاحزاب والشخصيات السياسية المعارضة أو المحسوبة عليها . الاستقلالية ..ومشاغل الصحفيين الشبان إن استقلالية النقابة الوطنية للصحفيين عن كل الاطراف السياسية والاحزاب ـ بما فيها حزب التجمع الدستوري الديمقراطي ـ من بين ضمانات تطوير واقع الاعلام والاعلاميين في البلاد وشرط من شروط تسوية مشاكل مئات الصحفيات والصحفيين خاصة الشبان منهم الذي ينتظرون منذ سنوات الترسيم وتحسين أوضاعهم المهنية والمادية ..وبعيدا عن المزايدات وكل أشكال المراهقة السياسة أعتبر أن من مصلحة الجميع احترام وجهة نظر مئات الصحفيين ـ وأغلبهم من الشبان ـ الذين طالبوا بالاحتكام اليهم مجددا في مؤتمر استثنائي يعقد في أقرب وقت لحسم الخلافات وانهاء حالة الشلل التي عليها النقابة الوطنية منذ عام ونصف ..رغم النوايا الطيبة لبعض أعضاء مكتبها . إن الأوضاع المادية المزرية لمئات الصحفيين الشبان لا تسمح بالانتظار عاما أو عامين آخرين ..بعد وصول الهئية الحالية للنقابة الوطنية إلى مأزق ..وفشلها في أن تتحول إلى طرف مفاوض باسم الالف إعلامية وإعلامي بسبب تصريحات ومواقف سياسية وأجندا شخصية يضمنها الدستور لجميع المواطنين والمواطنات ..لكن لا مبررللخلط بينها وبين الصفة النقابية لأعضاء المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين . وإذا كان الزملاء الستة في المكتب التنفيذي (ـ بعد استقالة 3 أعضاء ورفض الاعضاء المناوبين الثلاثة الالتحاق به ـ )صادقين وحريصين على استقلالية النقابة الوطنية قولا وفعلا فلم لا يبادروا بتقديم استقالتهم والرجوع الى القاعدة الصحفية العريضة في مؤتمر انتخابي جديد قد يعيد انتخابهم إن كانوا واثقين في شعبيتهم ..كما قد يصوت لشخصيات قريبة منهم أكثر استقلالية عن حزب التجمع الدستوري وعن بقية الاحزاب السياسية ؟ (المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال حركة الوحدة الشعبية ( أسبوعية- تونس ) بتاريخ 12 حوان 2009)
في عيّنة شملت 300 من المهتمين بالشأن الإعلامي والسياسي في تونس من بين متصفحي موقع « السياسيّة »
« الموقف » الصحيفة الحزبيّة الأكثر قراءة و »المستقبل » و »Le Renouveau الأقل قراءة
في عيّنة شملت 300 من المهتمين بالشأن الإعلامي والسياسي في تونس من بين متصفحي موقع « السياسيّة » « الموقف » الصحيفة الحزبيّة الأكثر قراءة و »المستقبل » و »Le Renouveau الأقل قراءة في أوّل استفتاء (سبر آراء) تُجريه « السياسيّة » حازت جريدة « الموقف » لسان حال الحزب الديمقراطي التقدمي على ثلث أصوات المشاركين في عملية التصويت 100 صوت=33.3% وتشكر « السياسيّة » كل من شارك في هذا العمل متمنية للمشهد الإعلامي الحزبي المزيد من الرقي والنماء والتقدّم بما يُثري المشهد السياسي والإعلامي الوطني.وفي ما يلي نتائج الاستطلاع كاملة (عدد الأصوات المتحصّل عليها لكلّ صحيفة والنسبة المئوية من مجموع الأصوات)
النسبة%
|
الأصوات
|
إسم الجريدة
|
33.3%
|
100
|
الموقف
|
18.3%
|
55
|
الطريق الجديد
|
12.3%
|
37
|
الحرية
|
12%
|
36
|
الأفق
|
8.3%
|
25
|
التونسي
|
5.7%
|
17
|
الوحدة
|
2.7%
|
8
|
مواطنون
|
2.7%
|
8
|
الوطن
|
2.3%
|
7
|
المستقبل
|
2.3%
|
7
|
Le Renouveau
|
عدد الأصوات : 300 أول صوت : الخميس, 9 أفريل 2009 21:49 آخر صوت : الخميس, 11 جوان 2009 22:39 (المصدر: صحيفة « السياسة » (يومية – الكويت) الصادرة يوم 13 جوان 2009)
إناء القرصان ينضح بما فيه
صـابر التونسي
اعتقد كثيرون أن القراصنة سينقرضون وتبقى فقط قصصهم وآثارهم كالدينسورات! … وأن مصطلح « القرصنة » سيدخل المتحف بانتهاء عمل القراصنة! … ولكن القراصنة طوروا أنفسم وانتقلوا من ركوب القوارب ذوات الأشرعة التي إن غابت عنها الرياح توقفت وإن اعترضتها تكسرت إلى « ركوب » الإلكترون والدخول على متنه البيوت والمؤسسات وسرقة أفضل مالديها أو العبث به وتدميره! … وكذلك أصبحوا يبتزون عبر استعمال « الإلكترون » ليجنوا الأموال والأرباح دون أن يتعرضوا للغرق أو القتل! بعض قراصنة الماضي أوالحاضرا أعمالهم شريفة ومواقفهم شهمة، يغامرون في سبيل المحرومين والمستضعفين، ولا يستهدفون إلا المغتصبين! ولكن قراصنة الإستبداد يصرون على الإتصاف بالصورة النمطية التي في أذهان الأطفال عن كبير القراصنة! … ذلك الجلف الذي يغطي عينه العوراء بقطعة من الجلد الأسود ويستند على عكاز طويل يعوض به رجله التي قطعت بسبب شروره! يحمل في يده مسدسا وعلى جنبه سيفا! … يبطش بكل من يشتم منه رائحة المخالفة أو المعارضة لهواه! … بل كثيرا ما يبطش بمعاونيه رغبة منه في البطش وتحقيقا لمتعة في نفسه وثأرا لما أصابه من البشر! … لكنه لا يهنأ ولا ينام! … يحاول أن لا يغمض عينه الواحدة أمام أحد! … حياته كلها جحيم، غدر وخيانة! ولؤم ونذالة! … ونهايته عادة ما تكون بالطريقة التي كان يحذرها! … بالضبط كقائد القطيع الذي يأتي عليه يوم يخسر فيه معركة نطاح أو فتك! … فيُقتل أو يُشرّد من القطيع! ورغم هذه الصفات المشتركة بين كثير من أنذال القراصنة إلا أن لمعظمهم مميزات خاصة تفرق بينهم وتدل على آثار كل واحد منهم كما تدل البعرة عن البعير وآثار القدم عن المسير! … وعادة ما تكون هذه الميزات نابعة من تكوينهم ونوعية ثقافتهم ومعبرة بصدق عن مستوياتهم الأخلاقية! … ذلك أن كل إناء بما فيه ينضح! وبناء على هذه الخصائص المميزة لكل قرصان لم يكن مشتركو مراسلة « تونس نيوز » والقائمون عليها في حاجة إلى بذل كثير جهد لمعرفة الجهة التي دمرت الموقع والمراسلة عدة مرات! … لأن القرصان قد ترك رسائل بذيئة من كلام تعود مواطنونا سماعه من صغار البوليس وكباره وهو القاموس الأكثر تداول فيما بينهم ومع المواطنين! ليس لسوء فيهم ولكن تلك بضاعتهم وعليها يتم اختيارهم وهي « ماعون » خدمتهم! (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 12 جوان 2009)
فديو:مداخلة الدكتور زياد الدولاتي في المؤتمر العام لحزب التكتّل
السبيل أونلاين – تونس – خاص
تقرير مراسلنا في تونس – زهير مخلوف – تعريف موجز بالدكتور زياد الدولاتي : – زياد الدولاتي من بين أبرز قيادات « حركة النهضة » الإسلامية التونسية ، حصل على دكتوراه في الصيدلة سنة 1984 من جامعة رانس بفرنسا ، وخلال وجوده بفرنسا أثناء دراسته الجامعية أوائل الثمانينات إضطلع بمهام متعددة ضمن نشاط الجالية المسلمة حيث شغل منصب رئيس إتحاد الطلبة المسلمين بفرنسا ، ورئيس المركز الإسلامي برانس ، وعضو المكتب التنفيذي لإتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا . – عضو مؤسس لحركة الإتجاه الإسلامي – حركة النهضة الآن . – أعتقل سنة 1981 من أجل حضوره للمؤتمر التأسيسي لحركة الإتجاه الإسلامي المنعقد سنة 1978 ، وحوكم سنة 1987 بـ 20 سنة سجنا بصفته عضو المكتب السياسي لحركة النهضة ، أمضى منها 11 شهرا ثم أفرج عنه . – أشرف على اللجنة المكلفة بالحوار بين حركته والسلطة سنة 1987 ، وكان عضو وفد حركة النهضة في كل جلسات الحوار . – رئيس تحرير جريدة الفجر لسان حركة النهضة والتى منعت من الصدور منذ 1990 . – أشرف على اللجنة العليا للإنتخابات داخل حركة النهضة سنة 1989 . – سنة 1991 حوكم بـ 15 سنة سجنا بالمحكمة العسكرية ضمن قضية حركة النهضة بإعتباره عضو المكتب التنفيذي للحركة ، أمضى منها 14 سنة وأفرج عنه سنة 2004 وفق سراح شرطي . – عضو هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات . نص كلمة الدكتور زياد الدولاتلي في مؤتمر التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات : رابط تحميل كلمة الدكتور زياد الدولاتي في مؤتمر حزب التكتل : http://www.assabilonline.net/videos/congré%20attakattoul%20ziad%20doulatli%2029-05-2009%20fini_zou.wmv بسم الله الرحمــان الرحيـم أتقدم بالشكر إلى السيد رئيس المؤتمر و السيدات والسادة المؤتمرين والضيوف الكرام .. حين سلمني الدكتور بن جعفر استدعاء لحضور مؤتمركم.. كان ردي أنه ومنذ خروجي من السجن وأنا محاصر وممنوع من حضور التجمعات وزيارة بعض المناضلين والمناضلات في الساحة الحقوقية والسياسية وكانت إجابتي أني سوف أمنع من حضور مؤتمركم إلا أن المفاجأة كانت سارة فلم يقع منعي ولا منع الأخ علي العريض ولا مناضلي حركة النهضة وكما قال الدكتور بن جعفر: » هذا الباب فتح اليوم.. » في هذا العرس الذي هو فخر لتونس ولكل التونسيين و الذي جاء نتيجة التضحيات لأجيال وأجيال من كل أطياف المجتمع المدني . ها أن كل العائلات الفكرية والسياسية تحضر هذا العرس للمشاركة بالرأي ولتشجيع المبادرات والأعمال التي من شأنها أن ترسخ الديمقراطية في بلادنا . أشكر التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات لهذه الدعوة وأتمنى أن يبقى هذا الباب مفتوحا لأنه الحل الوحيد لضمان استقرار المجتمع وتطويره وتحقيق الازدهار لشعبنا . أيها السادة والسيدات ماذا عساني أن أقول في خمسة دقائق … إلى حد الآن تعيش النخب التونسية في حيرة وتذبذب وضياع فبعد أكثر من نصف قرن من الاستقلال ونصف قرن من النظام الجمهوري مازالت نتائج الانتخابات تعلن عن فوز الحزب الحاكم وبنسبة تفوق 95 % من الأصوات ، والمعارضة مجتمعة تحصل على أقل من 5 % ومازالت الانتخابات تؤكد استقالة الشعب التونسي عن المشاركة في العملية الانتخابية والمشاركة في الشأن العام فما هو السبب الحقيقي لهذا الوضع وما هو المخرج من هذه الأزمة التي نعيش على مدى أكثر من نصف قرن؟؟؟ رغم تضحيات شعبنا ورغم السجون والمنافي التي اكتوى بنارها المناضلون. البعض ممن تدخل قبلي أكدوا على أملهم ودعوتهم للسلطة كي تفتح الأبواب وتحد من محاصرتها وتضييقاتها للمجتمع المدني وتوفير شروط انتخابات حرة ونزيهة ، إلا أن ذلك ليس هو الحل في نظري فعندما نرجع إلى تاريخ الشعوب التي تحررت من الاستغلال والفساد نجد ثلاثة شروط ومقومات لابد من توفيرها لنتحرر نحن كما تحرروا هم .. وإذا لم تتوفر هذه الشروط سنبقى لا محالة ندور في دائرة مفرغة لأنه وببساطة من يبقى ينتظر من منظومة الاستبداد أن توسع من تلقاء ذاتها هامش الحريات فإنه يعيش وهما و يلهث وراء سراب. وكل الشعوب التي نجحت في الانتقال الديمقراطي قد وفرت ثلاثة شروط ومقومات ضرورية ، و أنا سوف لن أتناول التشخيص الموضوعي لواقعنا فذلك محل إجماع ،إذ أن هياكل المجتمع المدني ومؤسساته محاصرة ومضطهدة وكل ما تنتجه من برامج وحلول ومقترحات ممنوعة من التسويق ومحظورة عن الشعب . فما هو الحل والمخرج – إذا- من هذا النفق ؟؟؟ ألخص الحل في ثلاثة شروط : 1- عقد ديمقراطي. 2- تحالف ديمقراطي من أجل التغيير ..الكتلة التاريخية 3- رأي عام ديمقراطي قوي وضاغط يتبنى العقد الديمقراطي ويناضل من أجل فرضه وحمايته . الشرط الأول للانتقال الديمقراطي: العهد الديمقراطي إن الديمقراطية ليست آليات فقط و إنما آليات ومبادئ وقيم وإذا كانت كل الديمقراطيات في العالم تتفق حول الآليات فإنها تختلف وتتنوع باختلاف الأطر الحضارية والثقافية التي تتنزل فيها هذه الآليات، لذا فالعقد الديمقراطي يكون دائما ثمرة حوار عميق ووفاق بين كل العائلات الفكرية والسياسية التي تنطلق من الثقافات الوطنية لتحديد المبادئ والقيم التي تتنزل فيه هذه الآليات . لذلك فالمطلوب منا جميعا – إسلاميين وعلمانيين- أن نفتح حوارا عميقا ينطلق من ثقافتنا الوطنية يُتفق فيه على الآليات و المبادئ والقيم والقواسم المشتركة التي تجمعنا، وُيصاغ في عقد ديمقراطي نلتزم به ونناضل من أجله جميعا . هذا العقد سيحمي الديمقراطية من أعدائها ومن كل انحراف وسيوفر الأرضية الصلبة لكل عمل مشترك. لذلك استجابت حركة النهضة سنة 1988 للمشاركة في إعداد الميثاق الوطني والإمضاء عليه لكن وللأسف لم تكن لا السلطة ولا بقية أطياف المجتمع ولا النهضة الذين أمضوا على الميثاق مهيئين للالتزام به لأنه جاء مملى ومسقط من فوق ولم يكن نتيجة حوار معمق لذلك حصلت أخطاء وانتكاسات كثيرة . ومن هنا أدعوا كل كيانات المجتمع أن تراجع نفسها وتقيم أعمالها ، فتشخيصنا عادة يحمل السلطة فقط ما نحن عليه من التردي والحصار ، ولكني كما أحمل المسؤولية الكبرى للسلطة فإن المعارضة والنخب تتحمل قسطا من المسؤولية في تردي أوضاعنا كذلك . الشرط الثاني للانتقال الديمقراطي : التحالف الديمقراطي من أجل التغيير (الكتلة التاريخية ) شعاره – الديمقراطية هي الحل – الحرية هي الحل – لا للاستبداد – معا من أجل التغيير لقد أثبتت التجربة أن مواجهة الاستبداد مشتتين منقسمين ومتصارعين لا يحظى بثقة الجماهير ولا يغير موازين القوى لصالح المجتمع. فتوحيد القوى السياسية والاجتماعية حول العقد الديمقراطي والنضال المشترك هو الوحيد القادر على كسب ثقة الشعب وتغيير موازين القوى لصالح الجماهير وتحقيق الانتقال الديمقراطي. فالكتلة التاريخية التي تتوحد فيها كل قوى المجتمع بمختلف مواقعها حول هدف مرحلي يتمثل الآن في الانتقال الديمقراطي هو الذي سيحقق تفكيك منظومة الاستبداد وقيام المجتمع الديمقراطي المنشود . الشرط الثالث للانتقال الديمقراطي : رأي عام ديمقراطي قوي وضاغط يتبنى العقد الديمقراطي ويناضل من أجل فرضه . وعلى القوى ذات المصلحة في الانتقال الديمقراطي كل من موقعه (الشبابية والنسائية والنقابية والحقوقية السياسية) المنضوية داخل التحالف الديمقراطي أو من خارجه ،استغلال هامش الحرية المتوفرة في المجتمع في العمل المشترك بهدف كسب ثقة الجماهير وقيادتها والارتقاء بوعيها كي تتبنى العقد الديمقراطي وتضحي من أجله حتى فرضه . فالجماهير هي الوحيدة القادرة على تغيير موازين القوى لصالح المجتمع . بدون هذه الشروط الثلاث نبقى رغم التضحيات الجسام ندور في دائرة مفرغة وإن صادفنا الحظ ورزقنا برجل « كسوار الذهب » مع غياب الرأي العام الديمقراطي القوي وعقد ديمقراطي متين، فسينقلب الحاكم – الذي وصل عبر الآليات وصناديق الاقتراع على الديمقراطية نفسها ، فالسلطة تنزع دائما نحو إحكام سيطرتها على المجتمع وتغيير موازين القوى لصالحها . أيها السادة والسيدات نحن مطالبون قبل أن نوجه اللوم ضد السلطة أن نقيم أعمالنا ونقف عند أخطائنا ونبادر في اتجاه ربط الجسور و إنجاح الحوار بيننا وتوحيد صفوفنا حول القواسم المشتركة التي تجمعنا و أن يعذر بعضنا البعض في اختلافاتنا ، و أن نؤطر هذه الاختلافات في إطار الوفاق الذي يجمعنا حتى لا تؤثر هذه التباينات على المهمة التي نناضل جميعا من أجلها وفي هذه المرحلة بالذات. ولا بد من أن نستغل مساحات الحرية المتوفرة و منها المحطة الانتخابية القادمة لنتوجه لهذا الشعب بشعارات واضحة لكسب ثقته و الارتقاء بوعيه. أيها السادة و السيدات : و كما قال الدكتور مصطفى بن جعفر في بداية حديثه « بأن الباب فتح » و نحن انطلاقا من مرجعيتنا الإسلامية التي جعلت أعلى درجات الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر فإنها في المقابل تؤمرنا إن نقول للمحسن أحسنة و للمسيئ أسأت ، فإذا فتح الباب كما يقول بن جعفر فإننا نعتبرها خطوة إيجابية ندعمها ونشجعها و نتمنى أن تتوسع لتشمل بقية قوى المجتمع. نحن لسنا مع الصورة المظلمة القاتمة التي لا تقول للمحسن أحسنة فنحن أبناء حركة النهضة دخلنا السجون و قدمنا التضحيات لأننا قلنا كلمة حق عند سلطان جائر . واليوم لنا من الشجاعة والثقة في النفس ما يخول لنا أن نقول للمحسن أحسنت وللمسيئ أسأت أيها السادة و السيدات : المطلوب منا اليوم في المحطة الانتخابية القادمة توحيد صفوف القوى الاجتماعية و السياسية الجادة للنضال المشترك من أجل توفير شروط دنيا و انتخابات حرة و نزيهة تحت شعار -الديمقراطية هي الحل – معا من أجل التغيير وذلك بالمطالبة ب : (1) تنقية المناخ السياسي : *بسن عوف تشريعي عام * إطلاق سراح كل المساجين السياسيين (* وإطلاق سراح مساجين الحوض ألمنجمي و الدكتور صادق شورو رئيس حركة النهضة سابقا الذي أعادوه للسجن بعد ثمانية عشر عاما من المعاناة إثر حوار أجراه مع أحدى الفضائيات و إطلاق سراح الشباب المتدين الذي زج بآلاف منهم في السجون بقوانين جائرة لا دستورية و محاكمات صورية ) *عودة المغتربين *رفع الحصار المضروب على مؤسسات المجتمع المدني و المعارضين كجمعية القضاة و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و نقابة الصحافيين و الجمعيات الحقوقية و النسائية و الأحزاب القانونية و الغير القانونية….الخ *تمكين العائلات الفكرية و السياسية من منابر وصحف إعلامية و فتح الإذاعة و التلفزة و المؤسسات الإعلامية لكل التونسيين بدون تمييز. *الاعتراف القانوني بكل الجمعيات و الأحزاب التي ترغب في العمل في إطار القانون. *تمكين الجميع من الفضاءات العمومية وبدون تضييق (2) تعديل القوانين الانتخابية بما يوفر نفس الفرص و الحقوق لكل المتنافسين و يضمن نزاهة الانتخابات وتكليف لجنة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات عوض وزير الداخلية…. الخ أيها السادة و السيدات : قد استمعنا منذ قليل إلى كلمة ممثل الحزب الحاكم الذي ركز فيها على وجود تحديات اقتصادية و أكد أن البلاد في اشد الحاجة لمواجهتها . ونحن من أعلى هذا المنبر نقول أن هذه التحديات لن نقدر على مواجهتها إلا إذا شارك كل أبناء تونس بدون استثناء في صنع القرار من خلال المنظمات و الأحزاب الحرة و إذا تمتع كل التونسيون والتونسيات بحقوق المواطنة دون تميز حينها سنكون جميعا جبهة واحدة لمواجهة المخاطر والتحديات أيها السادة و السيدات:
نحن مقبلون على محطة انتخابية جديدة بعد نصف قرن من الإعلان على النظام الجمهوري. و السؤال المطروح اليوم هل أن المعارضة ستتصرف كما تصرفت في كل الانتخابات السابقة فيعمل كل حزب على حده لتحقيق غاياته و أهدافه الخاصة (و كأن الديمقراطية قد تحققت ) و تدخل المعارضة في تنافس حزبي ضيق كل تحت رايته المرفوعة (الليبرالية هي الحل )(الاشتراكية هي الحل)( اللائكية هي الحل) (الإسلام هو الحل) (القومية هي الحل) …الخ، كل هذه الشعارات في هذه المرحلة تُعمّق الخلاف و تنزلق بالجميع في دوامة من التراشق بالاتهامات بين من يعتبر المشاركة في الانتخابات ( مشاركة في الديكور و مساهمة في تزوير إرادة الشعب ) و من يعتبر المقاطعة ضعف و استقالة و هروب من تحمل المسؤولية إلى آخر ذلك من الاتهامات التي توتّر العلاقة بين الجميع إلى درجة يصبح مجرد التفكير في إمكانية التنسيق بين الأحزاب عسير و العمل المشترك قبل الانتخابات و بعدها شبه مستحيل مما يزيد في عزل الأحزاب عن الجماهير و يعمق اليأس و الإحباط من إمكانية التغير. فهل أن القوى الديمقراطية ذات المصلحة في التغير و المُجمعة على عدم وجود شروط انتخابات حرة ونزيهة ستستفيد من دروس التجارب الماضية؟ وهل آن الأوان لنتجنب التراشق بالاتهامات والتنافس الحزبي الضيق ؟ و نتوحد جميعا تحت شعار المرحلة الذي يُجمّع ولا ُيفرّق ,الحريّة هي الحل ومعا من أجل التغيير : النضال المشترك من أجل شروط دنيا لانتخابات حرة . فالأحزاب المعترف بها تشارك مشاركة مناضلة هدفها التعريف ببرامج المعارضة المجمع عليها والتحرك الميداني لفضح و تعرية الممارسات اللاديمقراطية للحزب الحاكم و السلطة و إقامة الدليل بالحجة و البرهان على عدم توفر شروط الانتخابات الحرة تساندها قوى المجتمع المدني بما فيها الأحزاب الغير معترف بها لفضح تزوير و تزييف إرادة الشعب ، وبذلك فقط تكسب المعارضة- بجميع فصائلها بقطع النظر عن موقفها من الانتخابات- ثقة الجماهير، و توفر أرضية صلبة قبل الانتخابات و بعدها للعمل المشترك , عندها نجد أنفسنا بعد الانتخابات قادرين على الارتقاء بالعمل المشترك و تطويره و توفير المناخ الايجابي لإنجاح الحوار و توفير شروط ومقومات الانتقال الديمقراطي الثلاث و كسب ثقة الجماهير و قيادتها لتغير موازين القوى لصالح المجتمع وفي الختام: اشكر الدكتور مصطفى بن جعفر و أتمنى لمؤتمركم النجاح و التوفيق بما يخدم ويدعم ازدهار تونس و مناعتها.
والسلام (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 14 جوان 2009 )
الاتجاه الإسلامي في تونس: الانتظار خارج العتمة
العجمي الوريمي *
توالت خلال السنوات الأخيرة الدعوات لمراجعة علاقة القطيعة بين الإسلاميين في تونس وبين السلطة وذلك بطي صفحة الماضي وتنقية المناخ السياسي والاجتماعي وفتح آفاق في العلاقة بين السلطة والإسلاميين وبين الإسلاميين والعلمانيين. إن ثمة مراجعات متأكدة لدى كل الأطراف عدا السلطة التي لا تفصح عن حقيقة موقفها ولا يُلمس لديها تغيير جوهري في السياسة وفي المواقف ولكن يُلاحظ تغير نسبي في اللهجة وفي المعاملة وقد تكرر وصف الأوضاع في البلاد بسمة التراجع من طرف سياسيين وجامعيين ومثقفين ليبراليين ومعتدلين قياسا إلى ما كانت عليه الأوضاع في الأشهر الأولى من حكم الرئيس بن علي أو ما كانت عليه في فترات متفاوتة من حكم الرئيس التونسي السابق بورقيبة (راجع حوارات مع الأستاذ عياض بن عاشور والفنانة الممثلة جليلة بكار في جريدة الموقف التونسية وحوار موقع سويس إنفو مع أحمد بن إبراهيم الأمين العام لحركة التجديد بتونس) وقد سبق أن دعا الوزير السابق الراحل محمد الشرفي خصم الإسلاميين لسنوات وحليف السلطة في مشروع تجفيف الينابيع، إلى الاعتراف بحركة النهضة معتبرا أن الدولة التونسية تحتمل وجود الإسلاميين وأن هناك حاجة إلى مشاركتهم السياسية، ودافع عن تمثيل لهم في المؤسسات النيابية بما في ذلك البرلمان بنسبة تساوي النسبة التي حصلوا عليها في الانتخابات التشريعية لسنة 1989 التي دعمت فيها حركة النهضة ترشيح قوائم مستقلة. قد يشكك البعض في مبدئية المواقف الداعية لإنهاء الحظر والحصار على حركة النهضة واعتبارها طرفا وطنيا يعترف بحق الاختلاف وحرية المعتقد ولا يحتكر الحقيقة ويعترف بحق الجميع في الوجود وفي التعبير والتنظيم والمشاركة ولكن تطور الأوضاع يتخذ مسارا نحو التعامل مع الإسلاميين كأمر واقع والتواصل مع رموز حركة النهضة وفق ما تقتضيه المسؤولية وتسمح به الأوضاع الأمنية والسياسية بما لا يمنع إمكان توقع المزيد من غض الطرف عن الأنشطة غير المخلة بالنظام العام وغير المؤدية إلى انتزاع المبادرة من السلطة المصرة على الإمساك بكل مفاصل الحياة السياسية أو التأثير المحسوس في موازين القوى. لقد مضى الآن على الإعلان الرسمي عن تأسيس حركة الاتجاه الإسلامي بتونس في 6 يونيو1981، 28 عاماً وهي لا تزال تنتظر اعترافا قانونيا فهل تحصل على التأشيرة والاعتماد القانوني قبل بلوغها العقد الثالث؟ بعد أن يكون الرئيس الحالي قد دشن دورة رئاسية جديدة ستكون فيها التحديات والانتظارات أكثر من أي وقت مضى. ينشد إسلاميو حركة الاتجاه الإسلامي إلى لحظة تأسيس، التي تتجدد معها الآمال والوعود ومهما كانت مشاعر الذكرى فإن القاسم المشترك هو الاعتزاز بالانتساب يوما ما إلى مشروعها. من الصعب استرجاع لحظة من لحظات الماضي دون إسقاط اهتمامات الحاضر عليها وأيا كان الحنين إلى الماضي فإن رهانات المستقبل هي ما يشكل شاغل الإنسان «هنا والآن». الماضي تُعاد قراءته باستمرار وبحسب الزاوية التي يُؤخذ منها، وبحسب ما يفيدنا معنى نحن في أشد الحاجة إليه. إننا نأمل أن نستمر في المستقبل لا يعيقنا عن ذلك استمرار الماضي فينا. إن اجتماعنا ليس ضربة لازب ولا خطرة عابث ولا فكرة فيلسوف إنه إرادة مبدع الأكوان، مالك الملك وقد أخذت صبغتها العملية وتشكلها التاريخي عبر التعاقد وهي تُصقل بالشورى أو بالتجربة ويشوهها القهر والاستبداد الجائر فيحق عليها القول ويُستأنف البدء. أصعب اللحظات لحظة التأسيس وأهم المراحل مرحلة التكوين سواء أكان التأسيس والتكوين حسب تخطيط مسبق وهندسة في الذهن أو كان على غير منوال استنادا واستنارة بعقل أو اهتداء واسترشادا بوحي انطلاقا مما قبل البداية أو استئنافا لبدء، لكن ما الذي يجعل حدثا ما حادثا مرجعيا به يُحتفل وعلى أطلاله يطول الوقوف، وعند منعطفاته يُستطاب المكوث الذهني؟ فهو فاتحة العصر الذهبي أو حائط مبكى في ظله يُندب الحاضر وتُجلد الذات ويُعترف بالذنوب والأخطاء وتنعقد مجالس العزاء. استذكار لحظة التأسيس موعد دوري للتقويم والاستشراف، وكلما كانت الذكرى بعيدة كانت الحاجة إلى استذكارها أشد. السادس من يونيو 1981 هو اليوم الذي أصبح فيه «رسميا» لتونس الحديثة حزبها الإسلامي بعد أن أُدخلت طور التعددية، إذ صرح الرئيس التونسي السابق بورقيبة بأنه لا يُمانع في وجود أحزاب سياسية إلى جانب حزبه الدستوري بعد احتكار للحكم وتكرار للفشل على امتداد ربع قرن من الإمضاء على وثيقة الاستقلال. إن تونس التي ينُص دستورها على أنها دولة مستقلة الإسلام دينها والعربية لُغتها لم يُثر بها إعلان أي حزب علماني عن نفسه أي جدل مثلما أثاره إعلان حركة الاتجاه الإسلامي عن وجودها وهي التي لم تختر هذا الاسم لنفسها إلا بعد أن أطلقه عليها مُخالفوها من منافسين وخصوم، وقد اختصت بالصفة الإسلامية حتى كادت تنفرد بها أو تحتكرها لولا ظهور منافسين ذوي مرجعية إسلامية عاشوا في كنفها أو تميزوا عنها فكرا ومنهجا مثل الإسلاميين التقدميين الذين خرجوا من معطفها بل منهم من هو من مؤسسيها وصفّها الأمامي أمثال الأستاذين احميدة النيفر وصلاح الدين الجورشي، وأيضا حزب التحرير الإسلامي الذي هالته وأثارت حفيظته دعوتها إلى الديمقراطية التي كان يرى أنها ليست من الإسلام، ولو كان له السبق التاريخي لنازعها انتشارها واجتذب من كانوا بعد ذلك أنصارها وقد استفاد من مدها وتوسعها كما تضرر من ضربها واضطهادها. أعلن مؤسسو حركة الاتجاه الإسلامي بتونس عن منهجهم وبرنامجهم، واعتبروا التعددية حقا لهم ولغيرهم ورفضوا أن تكون شروط ممارستها مُملاة من طرف واحد أو مُقيدة بمصالحه الحزبية أو موضوعة على قياسه. لم يكن ذلك أول عهدهم بالعلنية إذ كان نشاطهم الدعوي في المساجد والمعاهد يتم جهرة وعلى مرأى ومسمع، كما كان نشاطهم السياسي والثقافي في الجامعة علنيا كله أو يكاد، فالحركة لم تنشأ في الزوايا المظلمة والسراديب السرية بل تشكلت وترعرعت تحت الشمس وقبل أن تنتبه إليها الأجهزة الأمنية أو تتوجس منها خطرا ما، كان رموزها المؤسسون معروفين على الصعيد الوطني والإسلامي أمثال الشيخ راشد الغنوشي والشيخ عبدالفتاح مورو.. وكان لها منبرها الفكري مُمثلا في مجلة المعرفة ولها صحافتها المستقلة مثل جريدة المجتمع.. غير أن الإعلان عن وجود الحركة في 6 يونيو 1981 لم يبلغ حد البداهة ولا هو ثمرة وفاق وإن تدارسته القيادة والمناضلون، وقد عبر عن وعي مُتقدم عن واقع الحركة. لقد كان نوعا من الإلماع لدى القيادة التاريخية التي حدست إرهاصات الطور الجديد من حياة البلاد وحياة الجماعة، وإن عكس قناعة راسخة لدى البعض أجازه دافع الضرورة عند آخرين، يقول الأستاذ بن عيسى الدمني عضو المكتب السياسي والهيئة التأسيسية في 81: «قد ترسخ لدي اقتناع قديم بأفضلية المنهج المدني القانوني والتدريجي في العمل الإسلامي». لقد كانت الحركة شابة وشبابية ولم تكن طليعتها الطلابية مرتاحة ولا مساندة لخطوة الإعلان إذ كانت تعيش على فكر المفاصلة مع الجاهلية والقطيعة مع نظام سياسي تعتبره لائكيا تغريبيا وعميلا.. كما كانت واقعة تحت تأثير الوهج الثوري للثورة الإيرانية الظافرة للتو مُجسدة عودة الإسلام وقدرته على التحدي والتغيير هدماً وبناء. كان الإعلان امتحانا لحركة الاتجاه الإسلامي وترشيدا وصدمة لطلبتها الرافضين للمنهج الإصلاحي ومفاجأة للسلطة التي تدرك حدود الانفتاح وحدود المناورة فالمولود الجديد لم يخرج من أحضان حزبها ولا يقر له بأية مشروعية، بل بتعبير الشيخ راشد الغنوشي «إن الخيط رقيق جدا بينها وبين الحركة الإصلاحية التونسية»، كما كان الإعلان تحديا سياسيا لليسار الجديد الذي حمل لواء الدعوة للتغيير الراديكالي وكان جذريا في الحسم مع النظام وفي رفض المرجعية الإسلامية، تراوحت تجربته بين مد يتغذى من الفراغ ومحاكمات يدفع فيها ضريبة الصراع على السلطة في حرب مفتوحة على الخلافة، وجزر جراء الأخطاء والقمع والتشرذم والانتهازية والصعود الفجائي للنقيض الإيديولوجي ممثلا في الاتجاه الإسلامي. لم يكن الاتجاه الإسلامي وجها آخر لليسار وإنما صيغة أخرى للحداثة وطورا جديدا من الإصلاح في حركة إحياء إيمانية تعتقد أن أقصر طريق إلى النهضة والتنمية هو الأسلمة قبل أن تعكس الترتيب لترى بأن أقصر طريق لاستعادة الهوية هو الديمقراطية وإرساء الحريات. تلك كانت لحظة الإعلان خيارا مبدئيا لدى المُؤسسين وخيارا تكتيكيا في اعتقاد الطلبة. ولكن الأكيد مثلما صرح بذلك الأستاذ بن عيسى الدمني: «كانت مناداة الإسلاميين بالديمقراطية مبكرة نسبيا، وارتفعت أصواتهم للمطالبة بتعددية حزبية لا تستثني أحدا وبضمان نزاهة الانتخابات وباحترام أحكام صناديق الاقتراع أيا كان الفائزون منذ مطلع الثمانينيات». ما دامت دواعي الإعلان لا تزال قائمة فإن حركة الاتجاه الإسلامي حتى وإن غيرت اسمها أو أعادت صياغة أهدافها أو عدلت في خطها أو بقيت مجرد رموز وأفراد فما زال طريقها ومنهجها نشدان الاعتراف، يقوي أملها في ذلك ما تعتقد أنه حاجة المجتمع إليها وما تحقق لنظيراتها من الحركات الإسلامية في المنطقة، فقد كانت هي أسبقها جميعا إلى تبني خيار العمل السياسي العلني والقانوني والسلمي. لقد كان إعلان 6 يونيو 1981 تتويجا لمرحلة وتدشينا لمسار تعثر أكثر من مرة لكنه لم يحد عن غايته، وإن انتظار الاتجاه الإسلامي خارج العتمة ليس وقوفا في مُفترق بل هو خروج من مأزق محقق وبداية واثقة نحو طرق الأبواب الموصلة. كاتب وصحفي تونسي (المصدر: جريدة العرب ( يومية – قطر ) بتاريخ 14 جوان 2009 )
وداعا عبداللطيف القصوري الله أكبر و إنا لله وإنا إليه راجعون
« يا أيتها النّفس المطمئنّة ارجعي إلى ربّك راضية مرضيّة فادخلي في عبادي وادخلي جنّتي » انتقل إلى رحمة الله تعالى الأخ و الصديق العزيزعبداللطيف القصوري الأستاذ الجامعي بالمعهد العالي للتكنولوجيا بنابل عن سن 47 عاما وذلك يوم السّبت 13 جوان 2009 بعد تعرّضه لحادث مرور أليم أودى بحياته وبحياة زميل له بلغاري الجنسيّة . الأخ عبداللطيف القصوري رحمه الله أصيل معتمديّة الدهماني ولاية الكاف هو من الأصدقاء القلائل اللّذين عايشتهم عن قرب ، درسنا سويّا بالمعهد الفني بمكثر ثمّ بدار المعلّمين العليا للتعليم التقني بتونس ثمّ درّسنا سويّا بعد تخرّجنا بالمعهد الفني بالكاف، افترقنا بعد ذلك سنة 1991 . واصل تألّقه حيث تحصّل على التّبريز في فترة وجيزة ثمّ اجتاز بنجاح مناظرة أرسل على إثرها إلى كندا حيث واصل تعليمه ثمّ رجع بعد ذلك ليعمل كأستاذ جامعي و باحث بالمعهد العالي للتكنولوجيا بنابل. كان رحمه الله متواضعا ، أحبّه كلّ من اقترب منه وخالطه ومن تتلتمذ على يديه، كان دائما ذكيّا، مستقلاّ في اراءه، ناقدا لذاته وللأفكار المسقطة، شارك في تأسيس الإتحاد العام التّونسي للطّلبة سنة 1985 وترأّس نقابته الأساسيّة بدار المعلّمين العليا للتعليم التقني بتونس. استقال من العمل السّياسي و النّقابي إثر وفاة والده سنة 1986 ليتكفّل بوالدته وعائلته الفقيرة. الأخ عبداللطيف القصوري رحل وترك والدته الخالة زمردة و زوجة هزار و بنتان: ريما 5 سنوات و مريم 10 سنوات يدعون له إن شاء الله. وإنني إذ أتوجه إلى المولى عز وجل أن يتقبّله بالمغفرة والرّحمة وان يسكنه فراديس جنانه، أدعوه تعالى أن يرزق والدته وكل عائلته صبرا واحتسابا وان يجمعهم به في جناته سبحانه. للإتصال بعائلته 0021698372711 عبدالباقي فتحي باريس.
فرنسا حقوقيون وزعماء أحزاب من أجل قواسم مشتركة
باريس / الطاهر العبيدي/ الموقف taharlabidi@free.fr
باريس كانت يوم الجمعة 5 جوان 2009 محطة فارقة في الحراك المهجري التونسي من حيث التنوع والتعدد والالتقاء حول الممكن الوطني المشترك، تقابل فيها الحقوقي مع السياسي، لتبرز معاني التجالس والتخاطب، من أجل قضايا الحرية وحقوق المواطنة، ومؤازرة المساجين السياسيين، من خلال سهرة تضامنية مع معتقل الرأي الدكتور الصادق شورو، ومساندة لمساجين الحوض المنجمي، دعت لها العديد من المنظمات والجمعيات الحقوقية التونسية والأجنبية من مختلف البلدان الأوروبية، وحضرها العديد من زعماء المعارضة التونسية، بمشاركة فرقة الزيتونة التي جاءت خصّيصا من سويسرا لتنشد أغاني ملتزمة، تفاعل معها جمهور القاعة، وأعادت للحاضرين تلك الأيام الخوالي، حين كانت تونس تغني سنفونيات أولاد المناجم، وفرقة العاشقين، والحمائم البيض، وعشاق الوطن، وجلال القارسي، ومحمد بحر، وغيرهم من الفرق التي لا زالت منقوشة في الذاكرة النضالية، لتنقسم السهرة إلى قسمين: ابتدأت بالجزء الحقوقي الذي أشرف على تنشيطه رياض بالطيب عضو جمعية التضامن التونسي، حيث استهل الأستاذ حسين الباردي المحامي لدى المحاكم الفرنسية، تدخله بوصف ظروف وملابسات محاكمة مجموعة الرديف، مشيرا إلى حالة العسكرة التي كانت عليها مدينة قفصة أثناء المحاكمة، متطرقا للخروقات القانونية، وآثار التعذيب على أجساد المعتقلين رغم مرور مدة على حبسهم، ليسجل في الأخير أن هذه المحاكمة لا تتوفر فيها أي شروط قانونية، كما تطرّق إلى وضعية الدكتور الصادق شورو، باعتباره أحد محاميه، ملخصا إعادة سجنه بأنها مظلمة تاريخية، معبرا عن إكباره لمنوبه، الذي كما ذكر ظلت معنوياته مرتفعة رغم المأساة الإنسانية والقانونية التي يعيشها، ليفسح المجال بعده للأستاذ مختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان، الذي بدوره تناول الوضع الحقوقي من العديد الزوايا، ابتداء بمساجين الحوض المنجمي، ومرورا بقضية الصادق شورو، وانتهاء بمساجين ما يسمى بقانون الإرهاب، معتبرا أن هؤلاء الشباب يحاكمون على النوايا… ليأتي بعده السيد طارق بن هبة، عن اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، ليقوم ببسطة تاريخية عن أحداث الحوض المنجمي، ومعاناة أهاليهم ومحنتهم كمساجين وكيفية محاكماتهم، وتناول بالأرقام وبكثير من التفاصيل هذا الملف والتهم الباطلة كما يراها، معبرا عن مساندته للدكتور الصادق شورو وكل مساجين الرأي بتونس، وقد كانت لمنظمة منفيون تونسيون مساهمة في هذه السهرة من خلال أحد ممثليها نور الدين ختروشي، الذي قام باستعراض أفقي وعمودي لانبثاق هذه المنظمة، التي اعتبرها خروجا عن الصمت تجاه قضية المهجّرين، وآن الأوان لأن يكون الداخل هذه المرة ملحقا بالخارج، طالما كل السنين الماضية كان المهجر منصبّا على هموم ومشاغل الداخل، وأن منظمة منفيون تونسيون استطاعت في خلال سنة من النقاشات والحوارات وتنضيج الرؤى، أن تخرج بإعلان مؤتمرها التأسيسي، الذي سيقام بسويسرا أيام 20 و 21 جوان 2009، ليختم قوله أن هدف المنظمة هي العودة الكريمة والآمنة لكل المهجّرين.. ليعقبه السيد العربي القاسمي رئيس جمعية الزيتونة بسويسرا، الذي عرّج على تاريخية حركة النهضة، بمناسبة مرور 28 سنة على ذكرى تأسيسها في 6 جوان 1981، مشيرا إلى محنة الصادق شورو، لينهي تدخله بإعلان تضامنه مع مساجين الحوض المنجمي… وكانت لمنظمة صوت حر عبر رئيسها الدكتور نجيب العاشوري كلمة تحدث فيها عن معاناة الصادق شورو الذي قال انه قضى 18 سنة في السجن، منها 14 سنة في العزلة الانفرادية، ليعود للاعتقال بعد إطلاق سراحه لأقل من شهر، ليختم حديثه بإعلان تضامنه مع الصحفيين والناشطين، الذي يعانون من التضييق والمحاصرة، وهنا اختتمت المداخلات الحقوقية، لتنطلق المائدة السياسية التي اشرف على تنشيطها السيد حسين الجزيري، الذي حيّا الحاضرين وأثنى على رؤساء الأحزاب الحاضرين وثمّن جهودهم وتاريخهم الطويل في النضال، كما طلب من الحاضرين الوقوف تحية للسيدة زليخة الغربي، التي تمكنت من إقناع القاضي بعدالة قضيتها، ليبدأ بتقديم الأستاذ نجيب الشابي مرشح الانتخابات الرئاسية المقبلة، الذي افتتح حديثه بالقول أنني كلما آتي لباريس لمدة أربع أيام، أحسّ بالغربة وسرعان ما يتملكني الشوق والحنين إلى تونس، فكيف بمن قضوا كل هذه السنوات في الهجر القصري، وأضاف الشابي أني جربت المنفى لمدة 7 سنوات، وأعرف معنى الإحساس بالحرمان من العودة للوطن وأشعر بما تشعرون، ممّا جعل الحضور يقاطعه بالتصفيق الحار، مواصلا الحديث عن الوضع السياسي بالبلاد ومشاركته في الانتخابات الرئاسية، والأوضاع الحقوقية، وواقع الصحافة المعارضة التي تعاني من المضايقات المستمرة، مؤكدا في الأخير على مواصلة النضال من أجل أن تكون تونس بلد الحرية والمواطنة دون استثناء، مناديا بإطلاق سراح مساجين الحوض المنجمي الذي اعتبر قضيتهم شكلا من أشكال القصاص السياسي، كما طالب بإطلاق سراح الدكتور الصادق شورو لأنه من غير الممكن السكوت عن هذه المظلمة، لينهي تدخله بأننا جميعا معنيون بالحرية، ومعنيون أن تكون تونس تتسع للجميع… وتحدث السيد لطفي الهمامي عن حزب العمال الشيوعي في هذه المناسبة، ليذكرّ بموقف الحزب الذي يدعو إلى مقاطعة الانتخابات من موقع نضالي، مشددا على مساندته لكافة المساجين السياسيين في تونس، والتضامن مع أهالي مدينة الرديف.. ليعقبه الدكتور منصف المرزوقي رئيس المؤتمر من أجل الجمهورية، مفتتحا مداخلته بالتحية والإكبار للدكتور الصادق شورو، واعتباره عميد السجناء التونسيين، وعبّر عن تضامنه مع كل سجناء الحرية، مضيفا انه يحترم كل الاجتهادات السياسية المعارضة، وأن الجميع وصل إلا قناعة بأن ألأوضاع تحتاج إلى تغيير، ملخصا أن الوقت حان لأن يكون بيننا توافق سياسي على النقاط المشتركة، لخلق جبهة معارضة ومقاومة مدنية.. لتختتم هذه التظاهرة بمساهمة السيد وليد البناني ممثل حركة النهضة، الذي عرّج على أوضاع المساجين المسرحين وكيفية محاصرتهم وأوضاعهم الصحية والاجتماعية وواقع المحاصرة والتضييق، والثمن الباهظ الذي دفعه أنصارها سواء في الداخل أو المهجر وتناول واقع حركة النهضة في المشهد السياسي، باسطا اليد للمعارضة من أجل المشترك السياسي.. هذا والملاحظ في هذه التظاهرة التي التحم فيها الحقوقي بالسياسي، بروز حالة من التوافق في القضايا المشتركة بين الأطياف السياسية الحاضرة في هذا التحرك، وكان لافتا ظهور ملامح من التقارب الحميمي بين مختلف الأطراف… (المصدر: صحيفة الموقف لسان حال الحزب اليمقراطي التقدمي( أسبوعية معارضة – تونس) بتاريخ 12 جوان 2009)
لماذا يحرم الممرضون في تونس من حضور المؤتمرات العلمية ؟
قام عدد من الممرضين في المستشفى الجهوي بالقيروان باتصالات عديدة مع السكرتارية العالمية للمرضين بكندا بهدف حضور مؤتمر علمي فرانكفوني للممرضين من المقرر أن ينعقد في مراكش بالمغرب الاقصى , إلا أن إدارة الصحة العمومية بالقيروان رفضت تمكين هؤلاء الممرضين من حضور هذا المؤتمر بتعلة عدم توفر الأموال اللازمة وهو ما يطرح عديد الأسئلة حول أسباب حرمان الممرضين من حضور هذه المؤتمرات العلمية على غرار بقية المهن الأخرى خاصة الأطباء رغم أنهم يدفعون الضرائب ومن حقهم المشاركة في هذه المؤتمرات لما توفره من فرصة للتعرف على التقنيات الجديدة أم أن وزارة الصحة لا تعترف بالممرضين وتعمل على إرسال الأطباء فقط إلى هذه الملتقيات العلمية وهو ما يعني أنها تحولت إلى وزارة الأطباء؟ منير ضيف ممرض تونسي – كندا
جامعتنا المريضة أربعة إصلاحات والحصاد هزيل
*فضيلة لعواني *عبدالسلام الككلي لم يعرف التعليم الجامعي في بلادنا وضعا أسوأ مما يعيشه اليوم . فالمقبلون فيه على الجامعة ذوو مستويات مدهشة في ضعفها نتيجة عوامل كثيرة ، البعض منها يعود إلى ضعف التكوين في الحلقات الابتدائية والإعدادية والثانوية ، والبعض الآخر يعود إلى التهميش الذي أصاب شهادة الباكالوريا جراء سياسة شعبوية ديماغوجية أرست منطق الربع السنوي المحتسب في عملية النجاح و الذي لا أحد يعلم ما قد دخله أوقد يدخله من عمليات البيع والشراء في سوق مفتوحة على الاستثمار الخاص من جهة وعلى الدروس الخصوصية بما قد تعنيه من محاباة لهذا وذاك، و أما خريجوه فتدفعهم الجامعات إلى الضياع والبطالة والى حضائر البناء التي صرت ترى فيها الفيزيائي والرياضي والمتأدب، و أما أساتذته فاغلبهم لا مبالون، لا علم للكثير منهم بتفاصيل ما يطرأ عليه من تغييرات ، تقدم إليهم على أنها تمثل ثورة كوبرنيكية في منظومة التعليم العالي، ولا يترك لمن يمثلونهم في الهيئات الجامعية حتى الوقت الكافي لمناقشتها أو إبداء الرأي فيها إذ تحولت مجالسنا العلمية إلى مجالس استشارية لا تستشار حقيقة بل يطلب منها ملء المطبوعات الإدارية بما يتوافق مع التوجيهات الرسمية التي تحل عليهم في آخر وقت بحيث يعجزون في كثير من الأحيان حتى عن فهمها فضلا عن إبداء الرأي فيها وتصحيحها . 1) سنة جامعية بهندسة عشوائية وتنضاف إلى كل ذلك عوامل معقدة ذات تأثيرات سيئة جدا ومنها هندسة السنة الجامعية وهي هندسة ثلاثية في مستوى العطل تؤدي إلى تقسيم السنة إلى قطع متناثرة يخضع فيها الطلبة في حضورهم وغيابهم إلى أولويات اجتماعية وأسرية البعض منها مفهوم تبرره على الأرجح مشاكل السكن والإقامة بعيدا عن عائلاتهم والبعض الآخر لا يفسره غير وضع اللامبالاة الذي نتج عن حالة اليأس التي تلاحق الطالب منذ دخوله إلى جامعة لا تقدم له أي أفق واضح . وهو سداسي يقوم نظريا على إقرار إداري بحصول الطالب على وحدة تعليمية أو على مجموع الوحدات التعليمية المرتبطة بالسداسي وذلك إذا ما تحصل على معدل يساوي أو يفوق العشرة ولكنه أيضا سنوي إذ ورث النظام الجديد بعض » منافع » النظام القديم فأبقي على صيغة النجاح بالمعدل السنوي مع تمكين الطالب من فرصة الإسعاف إذا تحصل على تسعة من عشرين . هذا الإسعاف الذي تحول شيئا فشيئا إلى منقذ لطلبة لا يسمح لهم مستواهم واقعيا بالارتقاء إلى الدرجة الأعلى. ولا شك انه وقع الإبقاء على النجاح بالمعدل مع إمكانية الإسعاف تجنبا لما قد يؤول إليه نظام الوحدات من نتائج كارثية إذ انه يستحيل على اغلب الطلبة الحصول على بعض الوحدات الأفقية ( لا تمس مباشرة الاختصاص) مثل تلك المتصلة بالمعرفة باللغات الأجنبية لغير أقسام الاختصاص مثلا وذلك لضعفهم فيها وتغيب اغلبهم عن دروسها التي يعهد بها عادة إلى غير الأساتذة الجامعيين من المتعاقدين ونصف المتعاقدين والعرضيين وأساتذة التعليم الثانوي 2) نظام أرصدة بلا رصيد ولقد تعقدت الأمور أكثر مع هذا النظام الجديد الذي فرض على الجامعة التونسية دون استشارة حقيقية وهو النظام المسمى ب » إمد » ويقوم هذا النظام في هندسته البيداغوجية والتقييمية على عنصر أساسي وهو ما يصطلح عليه بالرصيد ويمثل الوحدة القياسية التي تسمح بقياس حجم العمل المستوجب لبلوغ الأهداف الخاصة بكل وحدة تعليمية أو بأحد العناصر المكونة لها .ويترتب عن الاكتساب النهائي للوحدات التعليمية الاكتساب النهائي للأرصدة التي تناسبها . ولئن قام هذا النظام في غير بلادنا على تنويع طرق التقييم وتثمين جهد الطالب سواء في مستوى فرق التكوين التطبيقي بواسطة المراقبة المستمرة وإجبارية الحضور وربط التكوين النظري بالتكوين التطبيقي بإقرار تربّصات مهنية مدروسة أو سواء من خلال إدخال جهد الطالب الشخصي وحتى عمله المنزلي و في المكتبات في عملية التقييم مما يخلق تفاعلا مثمرا بين الجهد الشخصي وعطاء المؤسسة فانه قد وقع إفساده في جامعتنا تماما لأنه اقتصر فيه على أعمال القسم الذي هجره عدد كبير من الطلبة وتحولت فيه المراقبة المستمرة إلى روتين إداري يتمثل عند اغلب الأساتذة في تمرين يجرى في آخر السداسي ويصلح في ظروف لا يتسع المجال للخوض في تفاصيلها ، بل إن هذه المراقبة التي تسمى خطأ مستمرة قد تحولت إلى نوع من العقوبة المسلطة على الطالب المواظب وذلك لان عددها لا يحتسب في دورك التدارك إذا ما تغيب الطالب عن فرض المراقبة وأسند إليه صفر وهكذا يؤدي هذا النظام من المراقبة المنقطعة وليس المستمرة إلى واقع شاذ قد يتفوق فيه الطالب المتغيب الكسول على الملتزم المواظب . ولم يقف الأمر عند هذا الحد لان الخلط بين نظام الوحدات القائم على الأرصدة ونظام المعدل السنوي المشفوع بإمكانية الإسعاف قد أتلف تماما نظام الأرصدة إذ أن اغلب الطلبة ينجحون دون الحصول أحيانا حتى على نصف الأرصدة المطلوبة . فيمنح الطالب بذلك شهادة في مادة لم يدرس فيها ساعة واحدة في بعض الحالات و في أغلبها أكثر من أربع أو خمس حصص وبحجم عمل لا يتجاوز العشر ساعات طوال سداسي بأكمله. وكانت النتيجة المؤكدة لنظام الأرصدة هذا هو إضعاف معنويات الطالب وجعل الدورة الأولى دورة امتحان دون نجاح ، إذ يجد الطالب القريب جدا من المعدل والمتحصل على تسعة من عشرين في رصيده عددا من الأرصدة لا تتجاوز العشرة أوالخمسة عشر في حين يطلب منه على الأقل ثلاثون لإسعافه . فأي جهد ضائع وأي أوقات مهدورة وأي نفقات باهظة تصرفها العائلات الفقيرة من اجل إقامة أبنائها لئلا تتجاوز نسبة النجاح أحيانا 3%( سجل في قسم الفرنسية بآداب منوبة بالسنة الأولى 704 طالب اجتاز منهم الامتحان404 ونجح 20 ؟!! .) ؟ لقد أدى هذا النظام في المحصلة إلى صعوبات جمة وتكوين في غاية السطحية، إذ يضطر الأستاذ الجامعي في كثير من الأحيان إلى الاقتصار على بعض الشروح التطبيقية أو المعلومات العامة في قالب دروس نظرية تلقى على عدد قليل من الطلبة في حين يكتفي الآخرون المتغيبون في في أحسن الفرضيات بنقلها عن زملائهم وحفظها عن ظهر قلب ثم إعادتها في الامتحان بشكل مشوش ولغة رديئة . 3 ) نحو جامعة مهنية وإذا كانت طبيعة التكوين في الجامعة غير ملائمة لسوق الشغل كما يقال عادة وكما يشاهد خاصة في بعض الاختصاصات الأدبية والإنسانية وإن مست الأزمة في السنوات الأخيرة حتى الشعب العلمية والتقنية، فان هذه القضية لا يمكن طرحها إلا في إطار أوسع إذ لا بد أن نتساءل عن فرص الشغل التي يوفرها الاقتصاد الوطني ضعيف البنية وفي ظل تنامي ظاهرة المحسوبية والتشغيل القائم على المحاباة وتفضيل العلاقات الشخصية على الخبرة و حتى الخوف من انتداب أصحاب الشهادات الجامعية تجنبا للأجور المرتفعة التي تتلاءم مع الدرجة العلمية . و لا يمكن لهذه القضية في كل الحالات أن تكون مدخلا لمهننة الجامعة التي باتت التوجه الجديد لوزارة التعليم العالي وذلك لما للإجازات والمستارات المهنية ( 66% من مجموعها ) التي تريد أن تفرضها الوزارة بشكل عشوائي حتى على الكليات ذات التكوين الأساسي والتي لا صلة لها بعالم المهن من مخاطر جمة على وظيفة الجامعة ورسالتها . لقد اختارت الوزارة أن تفرض في أقسام هذه الكليات اختصاصات مركبة : تجارة الكترونية ومحاسبة واقتصاد كل ذلك في مناخ غير ملائم وببرامج يصعب تحديدها وقد تصنع أحيانا بشكل مرتجل وعشوائي . وفي حين يشكو أصحاب الشهائد » الصافية » في القانون والتصرف والاقتصاد من البطالة يدفع إلى السوق بمتخرجين من أصحاب شهادة » من كل شيء بطرف « ، لا يتقنون شيئا ولا يفقهون مما درسوه غير مقدمات عامة ومداخل تاريخية يتفطنون سريعا أنها لن تنفعهم فيفقدون الثقة في ما يدرسون وفي من يدرسهم . والأغرب من كل ذلك هو الانحراف بنص القانون المنظم للشهائد الجامعية . ففي حين ينص القانون على توجيه ثلثي الطلبة إلى الإجازات والمستارات الممهننة فان الوزارة تصر على أن تخضع كل الكليات بدون استثناء إلى هذا التقسيم فتكون ثلثا إجازاتها ومستاراتها مهنية أيضا . ولنكون أكثر دقة فأننا نلاحظ أن الوزارة لا يعنيها في الواقع غير الثلثين الممهننين، أما الثلث الآخر فيبدو انه ليس من أولوياتها ولذلك فقد اتخذت قرارا بإلغاء كثير من الإجازات الأساسية كما هو الأمر بالنسبة إلى كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس التي ألغيت فيها كل الإجازات الأساسية في مواد علم الاجتماع وعلم النفس والجغرافيا والانقليزية والفرنسية . مع العلم أنها اتخذت قرارها – وهو أمر ليس بغريب – دون استشارة أي طرف من الأطراف المعنية مباشرة بالمسألة، لا الأقسام ولا المجلس العلمي، وكأن الإجراء لا يعني غير المصالح الإدارية التي تتصرف في مصير الجامعة والجامعيين بكامل الانفراد بالرأي . انه لا يهم الوزارة إذا كانت هذه الكليات ذات الطابع الإنساني مهيأة لتدريس هذه الإجازات التطبيقية أوغير مهيأة إذ أن ما يعنيها من كل ذلك هو » الماكيت » لا أكثر ولا أقل . وهكذا يمكن للكليات إن تضع في هذه الإجازات كل ما هب ودب.فالوزارة ترفض ماجستير في الآداب الكلاسيكية في شعبة الفرنسية رغم انه خير مدخل لشهادة التبريز في حين ترحب بماجستير في الفرنسية المطبقة على مهن الكتاب وكأن دور النشر والمكتبات المتخصصة تتزاحم لتجد متخصصين في صنعة يعرفها أصحابها ممن هم متخصصون فيها فعلا . إن كل شيء يدل أننا متجهون لا محالة رغم شيء من المقاومة التي أبدتها بعض الكليات الكبرى نحو تكوين مهني يخرّج – خاصة في مستوى الاجازة – « صنايعية » بعيدين عن الصنعة ، ليس لهم منها غير شذر أو غير مداخل تاريخية لا تنفعهم ولا تنفع سوق الشغل الذي يوعدون به .إن هذه الإجازات التطبيقية الممهننة، لم تحل ولن تحل أبدا مشكلة البطالة في صفوف خريجي الجامعات وذلك لضعف القدرة على إدماج هؤلاء أو لعدم قابليتهم للإدماج أصلا لضعف تكوينهم ، في حين أن المطلوب من الجامعة هو التكوين النظري العلمي ، فوظيفة الجامعة هي بالأساس تخريج العلماء والبحاثة والمؤطرين والمتخصصين فعلا ذوي الثقافة المتينة الممتازة وليس تخريج أرباع متخصصين وأشباه مثقفين يلفظهم سوق الشغل لضعف تكوينهم وقصورهم اللغوي ومحدودية آفاقهم. وفي الأخير لا يسعنا إلا أن نعبر عن استغرابنا من كثرة الإصلاحات التي عرفتها جامعتنا فقد وصلنا في 15 سنة إلى الإصلاح الرابع بدون أن يقيّم أي منها. نحن نغمض أعيننا ونحث الخطى مباشرة صوب الحائط الأصم الذي ينتظرنا * أستاذان بالجامعة التونسية
(المصدر: صحيفة الموقف لسان حال الحزب اليمقراطي التقدمي( أسبوعية معارضة – تونس) بتاريخ 12 جوان 2009)
رغم الدعوات لتعزيز انخراطه فيها: الشباب يعزف عن المشاركة في الحياة المدنية
أعادت الندوة الوطنية التي انتظمت يوم أمس بمقر مجلس النواب حول « الشباب والحقوق المدنية والمشاركة » إلى السطح اشكالية عزوف غالبية الشباب التونسي عن الإنخراط والمشاركة في الحياة المدنية، والجمعياتية وخاصة تواصل تغيبه عن ممارسة حقه في الانتخاب والنشاط صلب الحياة السياسية.. تونس-الصباح ـ رغم أنها لم تتناول أسباب هذا العزوف، وركزت في معظمها على الجوانب القانونية الانتخابية، وتقديم بعض تجارب النواب الأصغر سنا، وتجربة عضو بالمجلس القومي التأسيسي، إلا أن الندوة كانت مناسبة لتجديد الدعوة للشباب للانخراط أكثر في الحياة المدنية عامة، لكن أيضا منطلقا للبحث في تطوير الخطاب الموجه للشباب وأساليب استقطابه وكيفية اقناعه بضرورة ممارسة حقه في الانتخاب.. ولعل في كلمة السيد مصطفى الفيلالي عضو المجلس القومي التأسيسي، الكثير من الدلالات والعبر، فبعد أن ذكر بدور الأجيال السابقة في النضال ضد الاستعمار وبناء الدولة التونسية الحديثة، بقيادة نخبة من الشباب التونسي، توجه في كلمة معبرة إلى شباب اليوم قائلا: « كونوا محمد الأوسط العياري » العالم التونسي العضو في وكالة الفضاء الأمريكية « النازا ». وأضاف « كونوا غالبين ولا تكونوا مغلوبين ». ضاربا مثلا في هذا السياق بالمقاربة الأمريكية التي نجحت مع عهد الرئيس الأمريكي أوباما في كسب ثقة الشباب الأمريكي استنادا إلى أساليب متطورة في مخاطبة الشباب، وفي مضمون الرسائل الاتصالية التي تم التوجه بها إلى هذه الشريحة.. وأبرز عضو المجلس القومي التأسيسي أن معظم اعضاء المجلس لم يتجاوز معدل أعمارهم الـ40 سنة، ورغم ذلك نجح في إرساء مقومات الدولة الحديثة وأسس لإصلاحات جوهرية كان لها الأثر العميق في تطور المجتمع التونسي وارتقائه، على غرار إصلاح التعليم، والإصلاح الزراعي وغيرها، وقال إن شباب اليوم يجب أن يفخر بما حققه أسلافهم في جميع مناحي الحياة العامة، ولكن أيضا الاعتزاز بالمكاسب التي تشهدها البلاد منذ التحول على جميع المستويات وخاصة على المستوى التشريعي وإرساء مقومات دولة القانون والمؤسسات. أية مقاربة وطنية لإقناع الشباب؟ لكن ماذا عن المقاربة الوطنية في استقطاب الشباب حتى يقبل بفاعلية على المشاركة في الحياة الجمعياتية والسياسية.؟ هذا التساؤل طرحته « الصباح » على السيد سمير العبيدي وزير الشباب والرياضة الذي أفاد أن الندوة مثلت منطلقا لتنفيذ حملة وطنية تحسيسية موجهة للشباب ستشمل كافة مناطق الجمهورية تهدف إلى توعية الشباب بحقوقه المدنية والسياسية لكن أيضا لتحفيزه وإقناعه على المشاركة في الحياة العامة، وعلى ممارسة حقه في الانتخاب. وأضاف أنه سيتم تنظيم ندوات ولقاءات وطنية وجهوية ومحلية مع الشباب بشأن هذا الموضوع، خاصة أن بلادنا تستعد لاستحقاقات انتخابية مهمة خلال أكتوبر المقبل. وعن سؤال « الصباح » عن وجود تفكير في تطوير مضمون الخطاب الموجه للشباب واستحداث أساليب التحاور والاتصال، كشف السيد سمير العبيدي عن وجود خطة عمل في هذا المجال تتمثل خاصة في استغلال التكنولوجيات الحديثة للاتصال لمخاطبة الشباب على غرار الانترنيت وقال « سيتم إحداث بوابة الكترونية خاصة بالشباب للتعريف بكافة الجوانب وجميع المعطيات والمعلومات عن حقوقه المدنية، وذلك لاستهداف أكبر عدد ممكن منهم سواء كانوا بتونس او بالخارج »، وبين أنه سيتم التوجه للشباب مباشرة عبر رسائل موجهة بالبريد الالكتروني.. مخاطبة الشباب باللغة التي يفهمها.. جدير بالذكر أن الندوة شهدت مشاركة الشاب طارق الطالبي كممثل عن شباب تونس بالخارج، وقد تميزت مداخلته بدعوته إلى مخاطبة الشباب وخاصة شباب تونس بالمهجر « باللغة التي يفهمها » والابتعاد عن الخطب الكلاسيكية والجافة. وبين كيف ان الوسائل الاتصالية الحديثة كانت بوابة الرئيس الأمريكي الجديد أوباما، في كسب ثقة الشباب الأمريكي. أكثر من نصف مليون ناخب في سن 18 سيظل موضوع مشاركة الشباب في الحياة المدنية من المسائل البارزة التي سيتم التركيز عليها خلال الفترة المقبلة، خاصة أن وزنهم الانتخابي ازداد ثقلا، بعد التخفيض في سن الانتخاب إلى 18 سنة، (حوالي 636 ناخبا جديدا بين 18 و20سنة) وهو ما يستدعي من الأحزاب السياسية التفكير في صيغ مستحدثة في مخاطبتهم وكسب ودهم وإقناعهم بالمشاركة بفعالية في ممارسة حق الانتخاب، والنشاط ضمن الهياكل الحزبية والجمعياتية.. 13 بالمائة من الشباب فقط يشاركون في الانتخابات ومعلوم أن الاستشارة الشبابية الأخيرة والدراسات التي أنجزها المرصد الوطني للشباب أبرزت أن نسبا هامة من الشباب لا ينتمون إلى الجمعيات والمنظمات. وتشير آخر الإحصائيات أن 16.7% من الشباب التونسي فقط ينتمون إلى هياكل المجتمع المدني كالانتماء إلى الأحزاب السياسية ثم الجمعيات الرياضية فالجمعيات الشبابية. وقد أبرزت الاستشارة الشبابية أن الشباب التونسي تتوفر له فرص التعبير عن رأيه بصفة أكبر في المسائل العائلية (81%) ثم في الاستشارات (47.8%) وفي سبر الآراء، (23.5 %)، لكن مشاركته في الانتخابات ما تزال ضعيفة جدا (12.8%). يذكر أن الندوة انتظمت بمناسبة الاحتفال بخمسينيّة الدستور التونسي واستعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وكان من أهدافها تعريف الشباب بالمسار الإصلاحي التونسي وبتطوّر التشريعات والقوانين الدّاعمة لحقوقه المدنيّة لاسيما من خلال تعديل الدستور التونسي خاصّة إثر استفتاء سنة 2002. وقد ترأس الندوة السيد فؤاد المبزع رئيس مجلس النواب، بحضور السيد فتحي عبد الناظر رئيس المجلس الدستوري، الذي قدم مداخلة حول المشاركة المدنّية من خلال الدّستور كما تم عرض تجربة أصغر النّواب سنا وهما النائبان حاتم السوسي ونبيهة عبيد. وشارك في الندوة حوالي 150 من الشباب المتميّز في سنة الحوار مع الشباب (2008) وشاب وشابة من سنّ 18 عن كلّ ولاية. وممثّلون عن المنظّمات المنضوية تحت لواء الاتحاد التونسي لمنظّمات الشباب. رفيق (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس ) بتاريخ 14 جوان 2009 )
يتجنّبون المقاهي المزدحمة… والحافلات… ويتبعون «خارطة طريق» متغيرة:
شباب يخشون «الرافل».. ولا يرفضون الخدمة الوطنية
تونس ـ الصباح إطارات وعمال يفضلون التغيب عن العمل لفترات قد تطول أو تقصر على أمل أن تهدأ تلك الحملات ومقاه فقدت الكثير من روادها حسب القائمين عليها. لماذا يظل موضوع الخدمة الوطنية في أذهان الشباب « كابوسا » مزعجا يقض مضجعهم في كل مرة يتم فيها القيام بحملات تجبر من وقع في قبضة الامن على أداء الخدمة وكأنه يقاد إلى جهنم.؟ « الصباح » رصدت آراء بعض الشباب عن سبب تهربهم من أداء الخدمة الوطنية. لقد طرح موضوع « الرافل » والحملات الامنية مخاوف لدى الشباب مرد بعضها الجهل بظروف تأدية الخدمة الوطنية وشروط الاعفاء منها او تأجيلها والامتيازات التي يمكن أن يجنيها الشاب المتطوع من أداء الخدمة، كما أن العوامل الاجتماعية والمادية تشكل سببا قويا لدى معظم الشباب المتهربين من أداء الخدمة الوطنية. سمير صاحب شهادة عليا تخرج منذ أكثر من سنتين ويبحث عن عمل قار، خير هذه الايام ملازمة المنزل وعدم المجازفة بالخروج خوفا من إجباره على أداء الخدمة، رغم أنه دعي للمشاركة في مناظرة انتداب؟ ومن خلال رصدنا لاراء بعض الشباب عبر بعضهم خاصة الذين تمكنوا من الظفر بعمل قار، عن تخوفهم من تأثير المبالغ المقتطعة من الدخل الشهري في صورة ما إذا اختار المعني التجنيد عبر آلية التعيينات الفردية على واقعه الاجتماعي والمادي واستقراره النفسي.؟ هذه الهواجس عبر عنها منير (إطار في إحدى المؤسسات ويستعد هذه الصائفة للزواج) يقول « أعيش في رعب كبير منذ أن بدأت الحملات الامنية، وسبب تخوفي ليس في مبدإ القيام بالخدمة بقدر الضغوطات المادية التي تحاصرني من كل مكان بسبب استعدادي للزواج ». قبل ان يضيف: » لست مستعدا لاداء الخدمة حتى عبر آلية التعيينات الفردية فزوجة المستقبل في حالة بطالة ولا أظنني قادرا على التوفيق بين الزواج وأداء الخدمة ». نفس الموقف تقريبا لمسناه لدى علي (عامل يومي) الذي يستعد هو أيضا للزواج أكد أنه ومنذ أسابيع اتخذ الاحتياطات اللازمة لما رأى بنفسه « اولاد حومتو » يمسكون بهم الواحد تلك الاخر ويرسلونهم إلى مراكز التجنيد. وقال » تصوروا استعنت بكتب صداقي حتى أظهره لاعوان الامن في صورة الامساك بي، لعلهم يرأفون لحالي ». قبل ان يضيف بنبرة لا تخلو من القلق « أعرف أنه واجب وطني، لكن ما باليد حيلة، ظروفي الاجتماعية والمادية تمنعني من ذلك، فقد أخسر عملي، وحتى لو خيروني التجنيد عبر التعيينات الفردية انا متأكد أني ليس فقط سأخسر وظيفتي لكن أيضا سيفشل زواجي الذي أجلته لسنوات بسبب قلة ذات اليد ». وإن كان لمنير مبرراته في التهرب من الخدمة الوطنية، فإن محمدا (عاطل عن العمل) اختار الانزواء بأحد أركان مقهى شعبي وكانت بادية على وجهه علامات الحذر والتوجس، والاستعداد.. قبل أن يطمئن لهويتنا ويكشف عن سبب تهربه من « الرافل » إذ أرجع ذلك إلى « أسباب نفسية » لكنه أكد في المقابل « لست ضد أداء الواجب الوطني، لكني أخير أن أقبل على التجنيد بنفسي بشكل تطوعي وأنا مقتنع بقراري ». الطريف في الامر أن محمدا أفلت أكثر من مرة من الوقوع في قبضة الحملات الامنية، وأصبح يغير مكانه كل يوم، ويتجنب المقاهي المزدحمة، او ركوب الحافلات والمناطق التي قد تشكل هدفا لتلك الحملات. تشير تقديرات وزارة الدفاع الوطني الى ان الجيش لا يستقبل حاليا سوى 25 الى 30% من الشبان الذين هم في سن الخدمة. غير أن فكرة التجنيد ليست دائما مرفوضة من الشباب، بل يراها البعض من زاوية أخرى، فالتجنيد آلية سانحة ليس فقط لاثبات الذات ونحت الشخصية، لكن أيضا طريق لضمان المستقبل المادي والوظيفة المحترمة، هكذا رآها الشاب ناصف (21 سنة، تلميذ وعامل موسمي) الذي ظفر بعمل موسمي بإحدى شركات المناولة رغم أنه ما يزال تلميذا، لكن موقفه من التجنيد ايجابي » قد تستغرب لو قلت لك أني أرغب بشدة في التطوع لاداء الخدمة، وهدفي هو البقاء في المؤسسة العسكرية والاختصاص في إحدى المهن التي توفرها في مراكز التكوين التابعة لوزارة الدفاع، لقد سمعت الكثير عنها واعرف عددا من أصدقائي نجحوا في حياتهم المهنية بعد التحاقهم بالجيش ». نفس الفكرة تقريبا لمسناها لدى صابر (تلميذ 20 سنة) ولو أنه استغرب من تهرب بعض الشباب من أداء الخدمة العسكرية رغم أنه لا توجد لديهم أسباب مقنعة. لكن زميله محمد، يرى ضرورة التمييز بين من له الامكانيات المادية ومن لا يملك إلا دخله الشهري المتواضع، وقال « اعرف البعض ممن ينتمون لعائلات ميسورة تجنبوا أداء الخدمة الوطنية عبر آلية التعيينات الفردية بعد ان دفع عنهم آباؤهم المبلغ السنوي المطلوب دفعة واحدة، إلا أن بعض الشبان قد تتأثر أحوالهم المادية إذا تم اقتطاع نسبة من دخلهم الشهري، وهذا الجانب يجب مراعاته بشكل عميق ». « يا حسرة على أيام زمان » هكذا علق عبد العزيز (40 سنة) مقارنا بين « رافل » اليوم و »رافل » الامس، وقال » لقد أديت واجبي الوطني منذ عقدين من الزمن، في السابق كان كل الشبان تقريبا ملزمون بأداء الخدمة حتى أن مراكز التجنيد كانت تغص بهم، اما شباب اليوم وبعد ان انتهى عهد « الرافل » القديم، أصبحوا مدللين أكثر من اللازم على حد تعبيره ». رفيق بن عبد الله (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس ) بتاريخ 14 جوان 2009 )
في منتدى الذاكرة الوطنية: حديث عن مآثر فقيد الحركة النقابـية عبد العزيز بوراوي
رفض مال بورقيبة وقال له: «هناك من هو أحوج منّي إليه»
تونس – الصّباح: في الذكرى الأولى لوفاته نظمت مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات التي يديرها المؤرخ عبد الجليل التميمي أمس لقاء الذاكرة الوطنية حول النقابي عبد العزيز بوراوي. ويعد هذا النقابي أحد القياديين البارزين للاتحاد العام التونسي للشغل على مدى عدة عقود… ولد يوم 22 فيفري 1923 بصفاقس وكان يشتغل عونا بالمستشفى الجهوي بصفاقس وهناك تعرف على الزعيم فرحات حشاد والتحق بالعمل النقابي، وكان سنة 1944 من مؤسسي اتحاد النقابات المستقلة بالجنوب ثم الاتحاد العام التونسي للشغل عام 1946 وبقي في قيادته سنوات طويلة تخللتها بعض الانقطاعات كانت أولها بين 1952 و1955 إذ أنه سجن بسبب نشاطه الوطني ضد المستعمر ثم تعرض للايقاف مرة أخرى بين 1978 و1980. وكان سنة 1986 من مؤسسي الاتحاد الوطني التونسي للشغل UNTT)) وانتخب أمينا عاما له وابتعد عن النشاط النقابي نهائيا عام 1988. والى جانب نشاطه النقابي كان عبد العزيز بوراوي منتميا الى الحزب الدستوري ولم ينكر جمعه بين الانتماء النقابي والانتماء الحزبي. رجل المواقف الصعبة كان المناضل عبد العزيز بوراوي رجل المواقف الصعبة… هذا ما أجمع عليه جميع المشاركين في منتدى الذاكرة الوطنية وأكده السادة الهادي البكوش الوزير الأول الأسبق ومحمد كريم النقابي ووزير البريد السابق والصادق بن جمعة وزير الشؤون الاجتماعية السابق وعدد من النقابيين خاصة خير الدين الصالحي وحسين المغربي وبوبكر عزيّز وغيرهم. وذكر الهادي البكوش أن بوراوي والحبيب عاشور وأحمد التليلي كانوا عائلة واحدة وكانوا ملتزمين شديد الالتزام في الحركة النقابية والسياسية.. لكن عاشور كان مناورا كبيرا خلافا لبوراوي.. فقد حافظ هذا الرجل على مواقفه حتى حينما حصلت أزمات كبيرة وتعكرت الأمور بالاتحاد. وأضاف «حتى حينما بعد عاطفيا عن الحبيب عاشور، بقي عاشور مرجعا بالنسبة له.. ولعب دورا توفيقيا كبيرا بين النقابيين في أحلك الفترات فهو أفضل من عمل على جمع شملهم، وهو العمود الفقري للحركة النقابية ولكنه رغم ذلك لم يزغ عن النشاط الحزبي». وكان عبد العزيز بوراوي على حد قول البكوش طليق اللسان ومثقفا وله استعداد دائم لتقديم المساعدة لكل من يطلبها اضافة الى تميزه بالبشاشة ورحابة الصدر. وفي شهادته، قال النقابي خير الدين الصالحي انه اعتبر نفسه احد جنود النقابي عبد العزيز بوراوي فقد تعلم منه العمل النقابي وأخذ عنه الكثير.. وبين ان الحبيب عاشور كان له فضل على بوراوي وكان بوراوي في نظر عاشور الشخص المناسب لحل المشاكل..وروى الصالحي واقعة اثبتت للجميع جرأة بوراوي.. اذ انه طلب من بورقيبة لما كان الحبيب عاشور مسجونا أن يخرجه من السجن ويتحدث معه ومعهم في نفس الوقت في محاولة للتوصل الى حل وهو ما كان.. وعاد عاشور رئيسا للاتحاد.. واضاف «ففي الظروف العصيبة، كان عاشور يلجأ اليه كلما استعصى عليه حل مشكلة تعترضه». ووجه الصالحي نداء الى اتحاد الشغل لكي يعمل على جمع شمل قدماء الحركة النقابية وارجاعهم الى الاتحاد على غرار احمد بن صالح ومحمد كريم ومصطفى الفيلالي. ويذهب النقابي محمد كريم الى ان عبد العزيز بوراوي كان من ابرز النقابيين الذين عرفتهم تونس وكان من مؤسسي النقابات المستقلة الى جانب الزعيم فرحات حشاد والحبيب عاشور. وبين ان بوراوي بدأ النشاط الحزبي قبل النشاط النقابي وهو نفس الأمر بالنسبة للحبيب عاشور لكن فرحات حشاد كان نقابيا بدرجة أولى ثم دستوريا في مرحلة ثانية. وقال كريّم: «اعتبر ان بوراوي يعد ديناصور الحركة النقابية لأن تكوين النقابات في ذلك الوقت وانطلاقا من سنة 1944 لم يكن سهلا… ولكن بوراوي كان فعلا رجلا صلبا، لا يتراجع عن المبدأ وكان رصينا ليّنا خلافا للحبيب عاشور الذي لا يعرف الا القوة والضرب.. فقد مارس رياضة الملاكمة وتعلم منها الكثير». وأكد كريّم على ان بوراوي عرف بالوفاء والاخلاص اللامحدود للحبيب عاشور… فقد كان يختلف معه في وجهة النظر لكنه في آخر الأمر يمتثل له ورغم كل هذا الوفاء.. فقد سمح عاشور لنفسه في الثمانينات بطرد بوراوي و6 من النقابيين من المكتب التنفيذي للاتحاد الذي كان يضم 13 عضوا.. طرد بوراوي رغم أنه مثالا في التفاني والنزاهة.. طرد بعد ان قضى 44 سنة من حياته في سبيل الحركة النقابية. انضباط حزبي تحدث الصادق بن جمعة عن عبد العزيز بوراوي فقال انه كان رجلا ملتزما ودستوريا منضبطا وكانت له مواقف دستورية تنم عن الرجولة.. وفي نفس الوقت وبصفته النقابية كان رجلا شهما متفتحا على الاجيال الشابة وكان نظيف اليدين وحلاّل الصعاب في الظروف العصيبة. ومن جهته أكد النقابي الحسين المغربي أنه لا يمكن الفصل بين النضال النقابي والنضال الحزبي وذكر ان بوراوي ينتمي الى جيل الرواد المؤسسين للحركة النقابية وقد كان أحد أصدقائه الذين لازموه طويلا وعرف عنه انه سار في خط مستقيم. وأضاف المغربي ان بوراوي كان مسؤولا عن القسم الاداري والمالي في الادارة المركزية للحزب وكان مندوبا للحزب في تونس الكبرى ومن خصائصه انه رجح كفة العمل النقابي لكن دون ان يتخلى عن العمل الحزبي – ومن ميزاته ايضا نظافة اليد وبين ان بورقيبة سأل عنه وعرف انه محتاج فعرض عليه المساعدة لكن بوراوي قال له «هناك من هو أحوج مني». وقال محمد الصياح الوزير السابق ان بوراوي ضحى بالنفيس وكان محبا للعمل. وبين المناضل بوبكر عزيّز ان بوراوي كان دستوريا ونقابيا متمسكا شديد التمسك بالنقابة الدستورية وكان وطنيا بحق.. وذكر محمد بالحاج عمر أن بوراوي يتميز بخصال حميدة وكان رجلا رصينا ويعرف من أين تؤكل الكتف ويحاول فض المشاكل مقدما مصلحة الوطن على كل المصالح. سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس ) بتاريخ 14 جوان 2009 )
بلدية قصرهلال تفتتح مقهى صيفيا جديدا قبالة دار التجمع ودار الشباب
فأين برنامج « الحق معاك »
مراد رقية
لم تمض سوى فترة قصيرة علىتناول برنامج « الحق معاك » مشكورا عبر شكوى مواطن هلالي قلت حيلته أمام فوضى حفلات الأفراح في الهواء الطلق التي التزم رئيس بلدية قصرهلال المنتهية صلاحيتها وصلوحيتها وهي في آخر دورتها النيابية بوضع حد لها حتى طلعت علينا ذات البلدية المدعومة بسخاء وثبات من وزارة الداخلية والتنمية المحلية بانجاز آخر غير مطابق للمواصفات وهو انجاز استهلاكي متميز يقع على خطوات من معرض الكتاب الذي تحتضنه دار التجمع الدستوري الديمقراطي وفي مواجهة دار الشباب وبين جنبات السوق الأسبوعية؟؟؟ وقد تساءلت لماذا والحال تلك والبلدية على ما هي عليه من اعتماد مقولة »الفوضى الخلاقة »عبر السماح بانتصاب بائعي الغلال والفواكه في كل مكان،وعبر السماح ببيع اللمج داخل سوق القطن وداخل السيارات الصغيرة غير المجهزة،وعبر السماح للباعة المتجولين غير الخاضعين لأي رقابة تذكر صحية أو اقتصادية،وحتى الدواجن الحية،لماذا لم تحصل هذه البلدية العتيدة الفريدة من نوعها انتماء وأداء وقربا من المواطن على جائزة من منظمة الدفاع عن المستهلك ومن السلط مجتمعة لالتزامها وثباتها في الاستجابة لحاجيات المواطن من الخدمات وحتى من الأمراض السارية في زمن انتشار أنفلونزا الخنازير حتى قبل الافصاح عنها؟؟؟ ولا ندري مااذا كان افتتاح المقهى البلدي الصيفي الجديد في الهواء الطلق على مقربة من عدة مقاهي وهي مقهى القبة ومقهى المربّين ومقهى الرشيد له علاقة بتعطل نشاط مقهى النصر البلدي على اعتبار أن المجلس البلدي بقصرهلال المنتخب ديمقراطيا وبالاجماع يخشى أن يختل ميزان المقاهي بقصرهلال فحرص على أن يفتتح هذا المقهى الحميمي في الهواء الطلق على مقربة من مقهى القبّة ومقهى المربّين ومقهى الرشيد له علاقة بتعطل نشاط مقهى النصر البلدي على اعتبار أن المجلس البلدي بقصرهلال المنتخب ديمقراطيا يخشى بنزاهة أن يختل ميزان منظومة المقاهي بقصرهلال فحرص على أن يفتح هذا المقهى الصيفي انتظارا لانتهاء أشغال اصلاح مقهى النصر؟؟؟ وبرغم عدم علمنا بهوية مستأجرأو ملتزم هذا المقهى البلدي الشاطئى الحميمي وبقيمة الايجار الذي سوف يضم بصفة أكيدة وكعادة قيمة الصفقات غيرالمعلن عنها الى أموال الجباية المحلية درّا للمال المشترك فالمطلوب هو حسن توظيف هذا المقهى حديث الولادة وغير المسجل بدفاتر الحالة المدنية للبلدية التوظيف الأمثل خلال حملة الانتخابات وهي على الأبواب لاطعام واكرام وفادة كل مساندي التجمع الدستوري المفيمين أو الزائرين خصوصا لوجوده على مقربة من دار التجمع محتضنة معرض الكتاب السنوي ومن دار الشباب المحتفلة بأربعينيتها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بيت التمويل الخليجي يكشف المخطط الرئيسي لمرفأ تونس المالي
« الاقتصادية » من تونس تولى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وضع حجر الأساس لأول مركز مالي للخدمات الخارجية في منطقة شمال إفريقيا في حفل رسمي عقد في تونس، ويطل مرفأ تونس المالي على خليج تونس، ويعد مبادرة جديدة لبيت التمويل الخليجي، البنك الإسلامي الاستثماري الذي يتخذ من المنامة مقرا له، حيث سيحتضن بعضا من الأسماء الرائدة على المستوى العالمي في قطاع التمويل، والخدمات الاستشارية، وخدمات الدعم والتزويد. ويتمتع مرفأ تونس المالي بموقعه الاستراتيجي على ملتقى الطرق بين الأسواق الأوروبية، والشرق أوسطية. وتم الإعلان عن المخطط الرئيسي النهائي للمشروع خلال الحفل الرسمي الذي عقد بهذه المناسبة، مما يؤذن ببدء عملية طرح مناقصات عقود الخدمات المهنية، والبدء بأعمال البنية التحتية التي من المتوقع انطلاقها في نهاية عام 2009. ويعد مرفأ تونس المالي ثاني مركز مالي في سلسلة من هذه المبادرات التي أنشأها بيت التمويل الخليجي، وتم تصميمه ضمن إطار من الشراكة الوثيقة مع تونس التي اتخذت عددا من المبادرات والخطوات في الأشهر القليلة الماضية مهدت لإنشاء هذا المشروع ومن أهمها منح مزايا جاذبة ضريبية ومالية وأخرى في مجال الصرافة تخص القطاع المالي العالمي والقاطنين التجاريين للمرفأ وكذلك مراجعة القانون المتعلق بالمؤسسات المالية والبنكية غير المقيمة بالعلاقة مع إنشاء مرفأ تونس المالي والذي تم عرضه على مجلس الوزراء المنعقد في 10 حزيران (يونيو) 2009 بإشراف رئيس الجمهورية. وفي هذا السياق قال عصام جناحي رئيس مجلس إدارة بيت التمويل الخليجي: « يشكل الحفل الرسمي الذي انعقد تحت رعاية الرئيس زين العابدين بن علي نقطة تحول مهمة في تأسيس أول بنية تحتية مالية بهذا الحجم في منطقة شمال إفريقيا. ومما لا شك فيه أن تونس هي من أحد الاقتصادات الأكثر تنافسية وجذبا في المنطقة، والتي تتمتع بمناخ من الاستقرار وبسجل نمو متميز لإجمالي الناتج المحلي، وقطاع صناعي مزدهر، وقطاع خدماتي متنوع، وبنية أساسية عصرية و موارد بشرية كفؤة. وإذ نأخذ في الاعتبار موقعها الجغرافي الاستراتيجي، يوفر مرفأ تونس المالي فرصا كبيرة للقطاع المالي العالمي. كما أن المنافع طويلة الأمد للاقتصاد التونسي وللاقتصادات في المنطقة ستكون متعددة وكثيرة، ويطيب لنا مشاركة الدولة التونسية في إنشاء هذه المبادرة الرائدة ».
(المصدر: موقع صحيفة الإقتصادية الإلكتروني بتاريخ 14 جوان 2009)
سليم شيبوب رئيسا جديدا للجنة الوطنية الاولمبية التونسية
تونس (أيمن محمد بن شعبان)- فاز السيد سليم شيبوب بالانتخابات للجنة الوطنية الأولمبية التونسية بعدما أعلن السيد عبد الحميد سلامة رئيس المكتب المتخلي للجنة عدم تجديد ترشحه. وأسفرت الانتخابات عن فوز 13 مترشحا لعضوية المكتب التنفيذي للجنة الوطنيةالاولمبية التونسية وهم السادة: سليم شيبوب ويونس الشتالي والهادى المحيرصي ورضا العيوني وطارق الشريف ومحمود الهمامي ومنصف بن عبيد وفتحي حشيشة وضوالشامخ ومحمد حسني ويوسف القرطبي والسيدتين مريم الميزوني وريم الزواوي. ويذكر انه تم بالاجماع اختيار السيد سليم شيبوب رئيسا للجنة والسيد يونس الشتالي نائبا اول لرئيس اللجنة. وفي كلمة القاها بالمناسبة دعا الرئيس الجديد للجنة الوطنية الاولمبية التونسية كل الاطراف المتدخلة الى تكثيف التعاون من اجل مزيد الارتقاء بالرياضة التونسية مبرزا دعم وتشجيعات الرئيس زين العابدين بن علي لقطاعي الشباب والرياضة اللذين بلغا اعلى المراتب بفضل الاجراأت الرائدة العديدة التي اتخذها رئيس الدولة. واعرب عن تقديره للسيد عبد الحميد سلامة الذى عرفت اللجنة الوطنية الاولمبية التونسية معه نقلة نوعية مؤكدا عزمه على مواصلة العمل من اجل المساهمة في مزيد النهوض بالرياضة التونسية. وعلى صعيد اخر كرمت اللجنة الوطنية الاولمبية التونسية العديد من الشخصيات الرياضية والمسؤولين اعترافا لهم بجليل الخدمات التي يقدمونها للرياضة والحركة الاولمبية وهم السادة » سمير العبيدى وزير الشباب والرياضة والتربية البدنية والبشير الوزير كاتب الدولة المكلف بالرياضة وسليم شيبوب ويونس الشتالي واكرم الزريبي وعلي حرز الله رئيس الجامعة التونسية لرياضة المعوقين. (المصدر: موقع يلا كورة بتاريخ 14 جوان 2009)
أطول عشرة زعماء افارقة بقاءً في السلطة
توفي رئيس الجابون عمر بونجو الأسبوع الماضي بعد ما يقرب من 42 عاماً في السلطة أهلته ليكون أطول الحكام الأفارقة بقاء في الحكم، فمن الذي سيخلفه في هذا اللقب؟ بيتر لونيستين من بي بي سي أعد قائمة لأطول الحكام الافارقة في الحكم ضمت ثلاثة من الحكام العرب. الزعيم الليبي معمر القذافي – 39 عاماً هو بلا منازع أطول القادة الافارقة في السلطة بعد وفاة رئيس الجابون عمر بونجو، ويتفوق بما يقرب من عشر سنوات على أقرب الزعماء اليه. وصل القذافي إلى السلطة عبر انقلاب عسكري عام 1969، واسس نظاماً سياسياً خاصاً لحكم البلاد فصله في مؤلفه (الكتاب الأخضر). في العام الماضي منح القذافي لقب (ملك الملوك) في لقاء ضم العديد من الملوك والزعماء التقليديين الأفارقة.
تيودورو اوبيانج نجوما – رئيس غينيا الاستوائية – 30 عاماً وصل الرئيس نجوما إلى السلطة في اغسطس/ آب عام 1979 بعد أن عزل عمه ماكياس نجوما الذي هرب، لكن القي عليه القبض واعدم فيما بعد. وعلى الرغم من عائدات البترول الذي اكتشف حديثاً في البلاد، إلا أن 60 في المئة من سكان غيانا الاستوائية يعيشون على اقل من دولار في اليوم. حصل الرئيس نجوما على 97 في المئة من أصوات الناخبين في انتخابات 2002.
الرئيس الانجولي جوزيه ادواردو دو سانتوس – 30 عاماً وصل الرئيس دو سانتوس إلى السلطة في سبتمبر/ أيلول عام 1979 بعد وفاة اوغستينو نيتو أول رئيس لانجولا. لكن طيلة العقود الثلاثة التي تلت، لم يبسط دو سانتوس سيطرته على أكثر من نصف البلاد لمعظم الوقت، وذلك لأنه يخوض حرباً مستمرة مع الحركة الشعبية لتحرير انجولا.
روبرت موجابي – رئيس زيمبابوي – 29 عاماً وصل حزب موجابي إلى السلطة في انتخابات فبراير/ شباط 1980 بعد نيل زيمبابوي استقلالها من بريطانيا. لكن سرعان ما نشبت الخلافات بين موجابي والمعارضة التي اتهمته بتدمير البلاد للبقاء في السلطة. ووفقاً لاتفاق وقعه مع المعارضة، تم تقاسم السلطة في البلاد، لكن لا يزال موجابي رئيساً لزيمبابوي.
الرئيس المصري حسني مبارك – 27 عاماً وصل مبارك إلى السلطة بعد اغتيال الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات عام 1981. حصل مبارك على 88 في المئة من أصوات الناخبين في انتخابات عام 2005. وتسري شائعات في مصر بأن مبارك يعد ابنه جمال لخلافته في الحكم. الرئيس الكاميروني بول بيا – 26 عاماً في نوفمبر/ تشرين الثاني 1982 استقال الرئيس الكاميروني احمدو اهيدجو بسبب مشكلات صحية وسلم السلطة إلى رئيس الوزراء حينها بول بيا. منذ ذلك الحين فاز بيا بخمس دورات انتخابية.
الرئيس الاوغندي يوري موسيفيني – 23 عاماً بعد سنوات من قتال القوات الحكومية، استطاع الضابط السابق موسيفيني من قيادة جيش المقاومة الوطني إلى السلطة في يناير/ كانون الثاني 1986. وأطاح موسيفيني بالرئيس باسيليو اوكيلو، الذي كان أطاح بدوره بميلتون اوبوتو في انقلاب عسكري عام 1980. فاز موسيفيني كذلك بثلاث دورات انتخابية، سمح في الدورة الأخيرة منها عام 2006 للمرشحين بالتنافس على اساس حزبي.
مسواتي الثالث – ملك سوازيلاند – 23 عاماً وصل الملك مسواتي إلى العرش في ابريل/ نيسان 1986 بوصفه وريثاً لعرش البلاد. لكن مسواتي خاض ثلاث سنوات من الصراع بعد وفاة والده قبل أن يتوج ملكاً للبلاد. بليز كومباوري – رئيس بوركينا فاسو – 21 عاماً لا زال الغموض يكتنف وفاة سلف كومباوري وصديقه الرئيس السابق توماس سانكارا. لكن بعد مصرعه على يد مجموعة من الجنود الذين اطلقوا عليه النار في اكتوبر/ تشرين الأول 1987، وصل كومباوري إلى السلطة باعتباره الرجل الثاني في البلاد. ومنذ ذلك الحين فاز كومباوري في ثلاث دورات انتخابية، كان آخرها عام 2005 عندما حصل على 80 في المئة من الأصوات.
الرئيس التونسي زين العابدين بن علي – 21 عاماً وصل إلى السلطة في تونس في انقلاب سلمي في نوفمبر/ تشرين الثاني 1987. خلف بن علي الرئيس السابق الحبيب بورقيبة وسط ادعاءات بأنه لم يعد أهلاً لحكم البلاد. في الذكرى الـ 21 لوصوله إلى السلطة أطلق بن علي سراح 44 سجيناً سياسياً. ( المصدر : موقع شبكة « بي بي سي » الإخباري بتاريخ 14 جوان 2009 ) الرابط :
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/talking_point/newsid_8099000/8099143.stm
الحرية ابتلاء يقود لأحسن العمل
حوار – مصطفى عاشور / 14-06-2009 الباحث المغربي « د. حسن بن حسن » الحرية مفهوم قلق في ثقافتنا لعدة أسباب، أكثرها منطقية أنه لم يرد نحتا في أصول الكلام، لكن تبقى متعلقاته وتحقيقاته المعرفية والدلالية محلا للحوار، والتي تبحث في المفاهيم الكلية المؤسسة والكاشفة لمفهوم الحرية، وهل دلالته المركزية في الحضور الإسلامي أقل من مركزية مفهوم العدل؟. الباحث المغربي في الفلسفة، والمحاضر بجامعة قطر « حسن بن حسن » يتحدث عن رؤية مركبة ناقدة للحرية تبدأ في تحري الأصول المفاهيمية، ثم البحث في أصولها العربية، وهو ما يطرح القرآن بمكنوناته المعرفية كصانع وموجه لحركة مفهوم الحرية بوصف القرآن كتاب تبيان ونور يكشف عن عمق المفهوم في رؤيته، وهو ما يضعنا أمام مهمة الابتلاء كرافعة للحرية داخل ثقافتنا الإسلامية. الحوار مكثف جدا، ومهم جدا، ويقدم رؤية تستحق التأمل والمتابعة.. إلى نص الحوار المشيئة والاختيار * كيف ترى مفهوم الحرية؟ ** مفهوم الحرية مفهوم قلق من وجهين كبيرين: الأول: هو نظرتنا للحرية، فالحرية من جهة هي قيمة « جزئية » تتقاسم تنظيم الحياة العملية مع قيم أخرى كالعدل والرحمة والمساواة… إلخ. والحرية من جهة أخرى هي قيمة « كلية » تستغرق الكيان كله وتؤسس لإنسانية الإنسان، فلا يكون الإنسان إنسانا إلا بالحرية، ولو كانت هدايته إكراهية أو آلية كسائر الكائنات الأخرى، لما كان إنسانا!. والثاني: هو معنى الحرية كما نتصوره، فالحرية هي المشيئة والاختيار، أو بتعبير آخر: هي قدرة الإنسان على تعليل أفعاله، ووجه القلق هنا هو أنه بالمشيئة والاختيار وحدهما يمكن للإنسان أن يذهب في كل اتجاه، وأن يأتي بأسوأ الأعمال وأرذلها، سواء كان فردا أو جماعات، أو أمما وشعوبا، وهذا يعني أن « معنى » المشيئة والاختيار قاصر وحده عن استيفاء دلالة الحرية، وهذا هو ما اتفق عليه أغلب فلاسفة الغرب الذين تناولوا مشكلة الحرية. * ما الحرية إذن ما لم تكن المشيئة والاختيار؟ ** الحرية –في رأى معظم الفلاسفة– هي أن يكون الإنسان ذاته، أو أن يحقق الإنسان ذاته وممكناته، أو أن يعانق الإنسان أعماق كينونته، وبالتالي فالحرية تبدأ حين نحاول أن نرفع مستوى ممارسة المشيئة والاختيار. وسؤال الحرية يحيل بمعنى من المعاني إلى سؤال القدرة على الرؤية والإبصار، وإذا تحدثنا عن الرؤية والإبصار كشرطين لرفع مستوى ممارسة المشيئة والاختيار، فهذا يقودنا إلى أسئلة أخرى: كيف نكون قادرين على الرؤية والإبصار؟ وكيف نتجاوز الإعاقات الجوهرية والمعرفية والموضوعية التي تحول بيننا وبين الرؤية والإبصار؟ وكيف نوسع مجال ونطاق رؤيتنا التاريخية والعملية؟ فهي إذن حلقات مترابطة يحيل بعضها إلى البعض الآخر، وبالتالي لدينا إطار تتحرك بداخله الحرية وهي المشيئة والاختيار، تصل بالرؤية والإبصار إلى أعلى مستوى من تحقيق الممكنات، وهي التي تجعل الحرية فعلا خيرا إيجابيا يندفع نحو البناء. ولو أنصفت لقلت إن الرؤية والإبصار تضعنا أمام سؤال أعمق حول قضية المنهج.. والمنهج –هنا– هو المسلك الذي نتبعه في إظهار شيء ما في مجال الرؤية، وعليه فإن « المنهج » الذي تتبعه قد يحول سلفا دون ظهور مجموعة من الأشياء والحقائق في مجال الرؤية، لذلك يرى بعض فلاسفة الغرب في القرن العشرين أن معالجة الأزمات الأساسية التي يمر بها الغرب، لا يمكن أن تكون في عمقها إلا تصحيحا لوضع العلم ولدلالة المنهج، أو بتعبير آخر: إعادة نظر جذري في مجال الرؤية، وما يسمح به هذا المنهج أو ذاك بالظهور في مجال الرؤية، وما لا يسمح به فالحرية لا تتجلى في العبث؛ فثمة منهج ورؤية وانحيازات معرفية كل هذه الأمور يجب أن تحلل حتى نصل لدلالة الحرية في مجتمع دون آخر!! الحرية في ثقافتنا * إذا تجاوزنا أزمة المفهوم إلى السؤال الأكثر شعبية في هذا السياق، وهو عن الفارق الجوهري بين الحرية في الثقافة العربية الإسلامية، والحرية في الثقافة الغربية.. كيف ترى هذا الفارق؟ ** في الثقافة العربية الإسلامية لم نكن نحن من أنشأ مفهوم الحرية؛ لأنه مفهوم نحتته الأزمنة الغربية الحديثة، وهو المفهوم الذي صنع عصرا برمته في تاريخ الغرب الحديث.. أما نحن فقد غابت عنا دلالات تأسيسية كبرى، ولم يصل إلينا من هذا المفهوم –مفهوم الحرية– إلا بعض الدلالات السياسية المتعلقة بإدارة الخلاف وبالحريات العامة وبحق التعبير!. وقلنا إن الحرية –في رأي فلاسفة الغرب– هي أن يكون الإنسان ذاته، ولا شك أنه في « معنى » أن يكون الإنسان ذاته مجالا واسعا من التناقض والاختلاف، إلا أن فيه أيضا مجالا للاتفاق حول نقطة أساسية وجوهرية، وهي أن حقيقة الإنسان ليست حقيقة ساكنة، وإنما هي حقيقة انفتاحية حركية، أو بتعبير هايدجر: إن الزمانية خاصية من الخصائص التكوينية للإنسان وهي الملمح الأبرز لحقيقة الإنسان. هذه القراءة الحركية الانفتاحية للذات، هي قراءة « تأسيسية » لدلالة الحرية بمعناها الحديث، وما دون ذلك هو استتباعات لهذا الأصل، فحين نتحدث على المستوى الأساسي عن كينونة منفتحة متحركة، وعن تحقيق زمني تاريخي متجدد لمعنى إنسانية الإنسان، فلا شك أننا سنبحث فيما بعد عن الوعاء المؤسسي والسياسي المناسب لتفعيل هذه الخاصية الأساسية، أما أن نتصور أن الحرية هي مجرد إدارة سلمية للاختلاف، حتى لو كان هذا الاختلاف عنوانا للسكون القيمي والتاريخي، لا للجدة والحركة والإبداع، فهذا محض وهم. وبالتالي فالحرية قيمة تتجلى في فعل مؤسسي، ولا يمكن فهم القيمة والمؤسسة إلا في إطار التكامل حتى نفهم المسار التاريخي للحرية، وهذه خاصية غربية. وبالنسبة للدلالة الإسلامية للحرية أقول إن المفاهيم هي: إنشاءات زمنية وهي ثمرة احتياجات دلالية زمنية مركبة، والقرآن الكريم بهذا المعنى فيه كل العناصر الدلالية التي يمكن أن تلبي كل احتياجاتنا المفهومية الزمنية، إلا أن كتاب الله ليس كتابا مفاهيميا؛ لأنه أكبر من هذا، فالمفهوم –كما قلنا- إنشاء زمني متحرك، أما القرآن الكريم فهو مصدر ومنبع للمفاهيم. * ولماذا لم ترد لفظة الحرية صريحة في القرآن الكريم؟ ** لم يأت القرآن الكريم ليحدد مفاهيم فلسفية مجردة، ولكنه منحنا الينابيع الدلالية التي تتشكل المفاهيم وتتحرك وتتطور وفقا لها، ولهذا لم ترد « الحرية » في « القرآن الكريم » كمصطلح، لكن كل المعاني التي تدخل في نسج الحرية وتجيب على احتياجاتنا التاريخية موجودة في القرآن الكريم وأكثر منها بكثير. وقد رجعت إلى القرآن الكريم باحثا عن الأصل الاعتقادي لمفهوم الحرية الذي يتفرع منه ما سواه، فوجدت آيتين لا يلتفت إليهما عادة، كآيات مؤسسة لدلالة الحرية، وهاتان الآيتان اللتان تستغرقان مفهوم الحرية، وتنسجان دلالته الكلية التي يتفرع منها ما سواها، وهما: الآية الأولى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوااْ إِنْ هَـذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ) [هود:7]. الذي يهمنا هنا هو دلالة الابتلاء ومعناه. الآية الثانية: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك:2]. ولننظر في التركيب الدلالي للآيتين، فنحن نعرف ابتداء أن الابتلاء: هو الدلالة العميقة لمفهوم الحرية، فلا معنى للابتلاء إلا بالنسبة لكائن حر، أما الكائن الذي لا يمتلك حرية ومشيئة أصلية وتأسيسية فلا يمكن أن يكون مبتلى، والابتلاء: هو المفهوم القرآني الذي يؤسس لمعنى كبير ولدلالة رئيسية من دلالات الحرية. ولنا أن نسأل ونحن نقرأ الآية الأولى: ما دخل خلق السموات والأرض في مفهوم الحرية وفي دلالة الابتلاء؟ نحن نعرف أن الكون كله مسخر للإنسان وهذا لغاية.. وأن هذا التسخير لا يأتي بأفضل نتائجه إلا حينما يوجه إلى تحقيق غايات وجود الإنسان الكبرى على وجه الأرض وهي –كما نعرف– غايات الاستخلاف، غير أن تسخير الكون يمكن أن يستثمر في غير الغايات التي من أجلها صمم، وحينها يأتي هذا التسخير بِشَر ما فيه. ولذلك هذه الإمكانية المزدوجة للاستخدام الوظيفي لمعنى التسخير في وجهات وجودية متعارضة ومختلفة.. هذا معنى من معاني كون الابتلاء مودعا في نظام الكون نفسه، وهذه الإمكانية المتعددة من الناحية الغائية، بل المتعارضة للتسخير هي معنى من معاني كون الابتلاء مؤسسا لنظام الوجود برمته. ثم يكمل تبارك وتعالى فيقول (ليبلوكم أيكم أحسن عملا)، وهنا لا يرد الابتلاء كما يرد في آيات أخرى كثيرة بما هو ابتلاء الحسنات والسيئات، وإنما الابتلاء هنا كدلالة كلية للحرية الإنسانية. فالابتلاء موجه نحو أحسن العمل بمعنى أن الحرية الأصلية التي منحها الإنسان (المشيئة والاختيار) موجهة نحو إنتاج أحسن العمل، وعليه فإن الحرية الإنسانية تخرج أفضل ما فيها حين تكون موجهة نحو أحسن العمل. * ولكن أحسن العمل ليس من قبيل المعطى الواضح الشفاف.. فكيف نحدده؟ ** صحيح.. فالإنسان استخلف في الأرض، لكنه لم يمنح مفاتيح الاستخلاف دفعة واحدة، فالاستخلاف فعل مفتوح، والتسخير أيضا هو فعل غائي مفتوح، والله سبحانه وتعالى منح الإنسان القدرة على التشبه ببعض أوصافه، وهذا التشبه هو مسار حركي مفتوح لا حد له… إلخ، ولو كان اختيار الأفضل أمر واضح وصريح لما كان هناك قلق عملي ومعرفي في تاريخ الإنسان كله. وأفضل العمل هنا يكمن في احتوائه أولا: على دلالة مستقبلية إمكانية، فحين نقول أفضل العمل فإننا نقول أفضل الممكن والاحتمال، بمعنى أنك أمام احتمالات تاريخية متعددة، وأمام ممكنات زمنية متنوعة، وعليك اختيار أفضلها، وعليه فإن المفهوم يحيل ابتداء إلى الخاصية الاحتمالية الإمكانية لفعل الإنسان. ثانيا: أحسن العمل يستدعي برمته إشكالية للرؤية والإبصار وللمعرفة وللمنهج، فهو كما قلت ليس من قبيل المعطى، ومن هنا جاءت حاجته الدائمة للتأهيل المعرفي والعلمي الحقيقي. ومعنى هذا أن الدلالة الأولى التأسيسية للقرآن الكريم (دلالة انفتاح الكينونة)، ودلالة الخاصية الإمكانية الانفتاحية الحركية لمعنى إنسانية الإنسان لا تكتمل إلا بمفهوم « أحسن العمل » بما هو حركة من « الأساسي إلى التاريخي »، و »من المجرد إلى الملموس ». * إذن لا حرية بدون علم؟ ** نعم.. فلا يمكن أبدا أن نتحدث عن الحرية دون الحديث عن الرافعة العلمية والمعرفية، والتأهيل العلمي والمعرفي والفكري العميق كشرط لرفع مستوى ممارسة المشيئة والاختيار وكشرط لتحصيل أحسن العمل نعود للآية الثانية ودلالاتها. الآية الثانية تقول: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا…) الآية. وهنا ربط لمفهوم الحرية بدلالات الموت والحياة ونلحظ أن الآية ذكرت الموت سابقا عن الحياة؛ وذلك لأن الحياة الدنيا في القرآن الكريم ذات منزلة محددة وواضحة فهي مجرد مطية إلى الآخرة. ومن المثير أنك لو تصفحت القرآن الكريم من أوله إلى آخره فلن تجد آية واحدة تمدح الحياة الدنيا! في حين أنك تجد الآيات التي تمدح الأعمال الصالحة والمنافع والمصالح في الحياة الدنيا كثيرة!. وذلك لأن الدنيا كمفهوم كلي لا تصلح لأن تتخذ كغاية نهائية، أما الموت فهو الذي يحيط بأمل الإنسان وتطلعاته فردا وجماعات وأمما وشعوبا من كل جانب.
(المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 14 جوان 2009)
أسئلة إيرانية
طارق الكحلاوي ما الذي يمكن أن تؤثر به نتائج الانتخابات الإيرانية من الناحية العملية على طبيعة العلاقات بين واشنطن وطهران؟ ذلك طبعا السؤال الأكثر تكرارا في سياق الانتخابات الرئاسية الإيرانية، والذي نجد حتى في صحيفة محلية في أي من جمهوريات الموز إجاباتٍ روتينية عليه، وعلى رأسها القول بأنه «ليس هناك تأثير محتمل بما أن ملف السياسة الخارجية بيد المرشد خامنئي بمعزل عن هوية الرئيس». حسنا لا يمكن التشكيك في القسم الثاني من المقولة الأخيرة، لكن السؤال الذي يستحق الانتباه حينها هو التالي: هل للسيد خامنئي مواقف ثابتة وجامدة لا تتأثر بالمتغيرات الميدانية؟ وهل يمكن بالتالي للأجواء التي أحاطت بالانتخابات الرئاسية أن تلعب دورا ضمن عوامل متشابكة أخرى في صناعة هذه المتغيرات ومن ثمة إمكان صناعة متغيرات موقف المرشد؟ لم تعلن بعد النتائج الرسمية للانتخابات (حتى إنهاء هذا المقال) لكن يتبين الآن بعد فرز معظم الصناديق أن الرئيس الإيراني المتخلي سيحصل على الأرجح على عهدة رئاسية ثانية. غير أنه مهما كانت النتيجة الرسمية والنهائية لهذه الانتخابات فقد وقع فيها ما لا يمكن نسيانه أو تجاهله. هناك كسور وخدوش كافية في وجوه المرشحين، بمن في ذلك -بل وخاصة- أحمدي نجاد، في علاقة بملف علاقات إيران بالعالم حتى يمكن للخريطة السياسية الإيرانية والخطاب الرسمي الإيراني أن يعودا إلى ما كانا عليه حتى السنوات الأخيرة. فحتى لو ربح أحمدي نجاد عهدة ثانية فإن لن يخرج بنفس الملامح التي كان عليها قبل الانتخابات. قام المرشحون المنافسون لأحمدي نجاد بكل ما في وسعهم لمساءلة جدوى خطابه وأدائه. كان ملف السياسة الخارجية (وضمنيا ملف العلاقات الأميركية الإيرانية) يُطرح بشكل مستمر من زاوية «تشويه» الرئيس المتخلي لصورة إيران في العالم. وهنا كان الاستقطاب الذي خلقه هذا التقريع العلني وعلى الهواء مباشرة في القنوات التلفزيونية الإيرانية لافتا للانتباه في سياق حزمة مترابطة من الانتقادات «الإصلاحية» ترى أن تعطل الدبلوماسية الإيرانية يساهم في تعميق الأزمة الاقتصادية المتصاعدة لإيران. يكفي أن يشاهد أيٌ كان -حتى ممن لا يعرف في أي بقعة من العالم تقع إيران- الجحافل «الخضراء» التي اجتاحت طهران دعما لموسوي والحمى التي رافقت نسب التصويت التي كانت ربما الأعلى في التاريخ الإيراني حتى يفهم أن هذا مجتمع يعرف استقطابات حادة. وهنا يجب استذكار مغزى العملية الانتخابية بالنسبة للنظام الإيراني. دعنا أولا نسوق المصادرات العامة للمشهد المؤسساتي الإيراني: «الجمهورية الإسلامية» تتصرف كنظام لديه خطوط حُمر معلومة بالنسبة للتغيير السياسي على رأسها مرجعيتا الولاء لـ «الثورة الإسلامية» ولمبدأ ولاية الفقيه. وهذه خطوط حمر معلنة هندسها بشكل مؤسساتي «الثعلب» السياسي المحنك هاشمي رفسنجاني، وتراقب تنفيذها بشكل روتيني في كل موسم انتخابي مؤسسة «مجلس صيانة الدستور» المعينة من الفقيه/ «مرشد الثورة» نفسه. ولأن أعضاء «مجلس الصيانة» أقرب من تيار «المحافظين» فإن الخطوط الحمر تميل إلى الاتساع أكثر في سياق الحمى الانتخابية. لكن لماذا قرر النظام الإيراني قبلاً، مع الإمام الخميني، التأسيس لنظام انتخابي يشمل عدداً من المؤسسات التشريعية والتنفيذية الرئيسية إذا كان الدستور يؤسس لنظام سياسي أبدي يلفظ آلياً التغيير السياسي؟ أثبت الإيرانيون ما يكفي من الحنكة (ولنقل بدون مواربة، الميكيافلية) حتى يمكن لنا أن نقول بثقة -وهنا لا نذيع سرا على كل حال- أن العملية الانتخابية و «التحزب على أساس الانتماء للثورة» يجدد أنفاس النظام ويتيح تواصل علاقة تفاعلية مع مجتمع لا يرغب سائسوه في أن يؤسس لمجالات فعل تُسائل بديهياته. لكن هناك دائما ضريبة لمغامرات من هذا النوع، وأهمها، مثلما تبين من الأجواء التي صعدت بخاتمي وتياره إلى سدة الرئاسة، أن هامش النقد والحرية يفاقم الاحتقان والوعي بحدود النظام الإيراني خاصة عندما تجد البدائل «الإصلاحية» المنبعثة من داخل النظام نفسها في الطريق المسدود المتوقع، أي فيتو «مرشد الثورة». الأجواء الانتخابية التي سادت الأسابيع الماضية كشفت حدة الاستقطاب والتململ بين الإيرانيين من الأداء السياسي للمؤسسة الإيرانية المشرفة على ملف السياسة الخارجية، والأهم منذ ذلك قامت بتطبيع انتقاد هذا الأداء على أنه «تشويه» لصورة إيران في العالم. بالنسبة لخامنئي وبالنسبة لمنطق ومغزى العملية الانتخابية، فإنه بمعزل عن الرابح فإن الخاسر هو المشرف على السياسة الخارجية الإيرانية، والرجل لم يعتد إدارة ظهره للمتغيرات الميدانية. فمثلما نعرف الآن فإن المبادرة بفتح حوار شامل مع واشنطن أتت إحدى المرات من «مرشد الثورة» بعد أسابيع قليلة من احتلال القوات الأميركية بغداد («وثيقة 4 مايو 2003» التي تحدثت عنها في مقالات سابقة والتي تم الكشف عنها في الصحف الأميركية في فبراير 2007). فمع المتغير الميداني الآخر المتمثل في «حملة العلاقات العامة» للرئيس أوباما في المنطقة فإنه من غير الصعب أن يرى «مرشد الثورة» ضرورة تغيير الأسلوب وطريقة تسويق السياسة الإيرانية في المنطقة. تغييرات المرشد ستكون على الأغلب على مستوى الهيئة والصورة. ربما نرى حضوراً أكبر لخطاب سيزايد على الإدارة الأميركية في الرغبة في «الاحترام المتبادل» و «تعايش الإسلام مع الغرب»، ربما يمنح أشخاصا أقل استعداءً مثل خاتمي أدواراً للدبلوماسية العامة في المنطقة في ذات السياق الأميركي. لكن من دون شك فإن خلف هذا الستار المخملي ستنطلق أخيرا المفاوضات الشاملة بين واشنطن وطهران. من غير المعروف إن كان خامنئي سيعيد طرح الوثيقة التي مررها عبر السفير السويسري في طهران في مايو 2003 كأساس للرؤية الإيرانية لأي «صفقة» ممكنة مع واشنطن، إذ منذ ذلك الوقت حققت إيران بعض النقاط المطروحة في الوثيقة، خاصة النفوذ الإيراني في العراق، بدون تقديم تنازلات مقابلة. كما أن مقترح المرشد الخاص بـ «مؤتمر للسلام» على قاعدة القرارات الأممية يبدو خارج أي محادثات ممكنة في سياق الرفض الإسرائيلي لـ «حل الدولتين». أما ما وقع تسميته بـ «المصالح الأمنية الإيرانية» في المنطقة (خارج العراق)، أي في مواقع تواجد التكتلات الشيعية أو الأقاليم التي يمكن أن تشهد احتكاكا بين إيران وبقية الدول (دول الخليج، لبنان، القرن الإفريقي والبحر الأحمر..) فلا يمكن التكهن من الآن بمدى الاستعداد الأميركي لمناقشتها. في المقابل تبدو الإدارة الأميركية بصدد التهيئة لجوهر مبادرتها للقيادة الإيرانية، وربما أبرز ملامح المبادرة ستكون في سياق مبادرة خاصة بنزع الأسلحة النووية في المنطقة (في إطار إعلان أوباما عن مبادرة دولية لنزع الأسلحة النووية). ومن المعروف أن إدارة أوباما بدأت مباحثات خافتة ومباشرة مع الإيرانيين حتى قبل تقلد أوباما بشكل رسمي مقاليد الرئاسة، إذ رعت «مجموعة بغواش» (Pugwash Group) سلسلة من اللقاءات بين مستشارين ومقربين من أوباما مع مسؤولين إيرانيين مختصين في الملف النووي في عدد من العواصم الأوروبية في أواخر سنة 2008. ومن غير المستبعد أن يتم طرح موضوع الترسانة النووية الإسرائيلية على طاولة البحث كمحفز على إرغام إيران على الخضوع إلى مظلة نووية أمنية أميركية للمنطقة. إذ إن أبرز مستشاري أوباما في هذا الملف، وبالتحديد مساعدة وزير الخارجية رووز غوتمولر (Rose Gottemoeller)، دعت بشكل علني في اجتماع أممي في بداية شهر مايو إسرائيل للانضمام إلى الاتفاقية الدولية لنزع الأسلحة النووية. كما أن أحد مراكز البحث غير الحكومية المقربة من إدارة أوباما «المجلس من أجل عالم يمكن العيش فيه» (Council for a Livable World) والمتخصص في موضوع الأسلحة النووية لديه موقف مثير للاهتمام من إيران من جهة تركيزه على أولوية العلاقة الأميركية الإيرانية، وتحديدا أن «إيران لا تشكل خطرا مهددا بالنسبة للولايات المتحدة»، وهو موقف لا يربط «الخطر الإيراني» بتهديده للوجود الإسرائيلي كما يمكن أن يفعل آخرون، بما يعني تركيز الجانب الأميركي على ضمان التوصل لإنتاجية نووية سلمية تحت إشراف دولي. عموماً فإن سؤال علاقة الانتخابات الإيرانية بالعلاقات مع واشنطن أكثر تعقيداً مما يبدو من الوهلة الأولى، إذ إن أجواءها (وليس شخوص رابحيها وخاسريها) تقوم عملياً بالتهيئة للأجواء المتعلقة بالتفاوض بين الجانبين، أجواء «التغيير». غير أن كل ذلك، طبعاً، لا يعني أن هذه المفاوضات ستسير في خط مستقيم. tkahlaoui@gmail.com (المصدر: جريدة العرب ( يومية – قطر ) بتاريخ 14 جوان 2009 )
في أولوية الصراع ضد العدو الصهيوني
بقلم : النفطي حولة – ناشط نقابي وحقوقي –بتاريخ: 14 جوان 2009 انه لمن نافلة القول أن صراعنا الاستراتيجي هو ضد الامبريالية والصهيونية والرجعية . ان هذا هو صراعنا التاريخي ضد أعداء أمتنا التاريخيين .وهذا هو شعار حركة التحرر العربية التي ورثناها عن الناصرية كحركة قومية وحدوية تحررية اشتراكية . وما زال هذا هو شعار المرحلة باعتبار أننا لم ننجز التحرربعد بل على النقيض من ذلك كله فالاستعمار المباشر عاد بشكل سافر فالعراق أصبح محتلا أمريكيا وبالتالي صهيونيا ومعرضا للتجزئة والتفتيت الى كيانات طائفية وعرقية و الخليج العربي محاصربالقواعد العسكرية الأمريكية المباشرة ويعيش تحت الوصاية والانتداب الأمريكي والصومال يتعرض الى أبشع أنواع الفتن الداخلية بسبب تدخل القوى العظمى في شؤونه والسودان مهدد من جديد بفصل شماله عن جنوبه بتحريض ودعم من أمريكا والكيان الصهيوني وحلفائهم الغربيين .وهذا ما يؤكد أن طبيعة المرحلة الراهنة التي نمر بها في الوطن العربي مازالت تؤكد دون أدنى شك على أنها مرحلة تحرر وطني لأننا ببساطة كما أسلفنا ذكره مازلنا نعاني من الاستعمار المباشر والغير مباشر . فالعدو الصهيوني والامبريالية الأمريكية الحليفان الاستراتيجيان لهما نفس المصالح الاستعمارية والأطماع الجيو سياسية في الهيمنة على الوطن العربي واعادة تجزئته وتشكيل خريطته من جديد في ظل سيطرة سياسة الامبراطورية الأمريكية بعد أن استفردت بالعالم في ظل انهيار ميزان القوى لصالحها على اثرسقوط الاتحاد السوفياتي الذي كان يمثل عنصر توازن في الصراع الدائر في العالم .واذا كان الواقع السياسي الذي تمر به الأمة العربية هو واقع الاستعمار والاستغلال والتجزئة والتخلف الذي تسببت فيه الامبريالية وحليفها الاستراتيجي العدو الصهيوني والرجعية العربية المتواطئة معهما سرا وعلانية فالواجب القومي يدعونا الى النضال ضد أعدائنا التاريخيين .والآن نطرح السؤال الذي تأخرطرحه قصدا لنرد على الأنظمة العربية العميلة والرجعية ومن هو شريك لها في الخيانة هؤلاء الذين أصموا آذاننا هذه الأيام بالتحليل الغير واقعي حينا وبالأمثلة الغير حقيقية أحيانا أخرى ليبرروا لنا أولوية الصراع ضد العدو الفارسي المارد الايراني تمشيا مع خريطة الطريق السياسية التي أملتهاعليهم ادرة اوباما الجديدة على لسان قادة العدو الصهيوني لتنفيذها. أليست تصريحات الارهابي مجرم الحرب ناتنياهو التي تدعو ما يسمى بالمعتدلين العرب في النظام الرسمي العربي وعلى رأسهم نظام مبارك العميل الى التحالف ضد الغول الايراني الذي يدعي أنه يهدد أمن المنطقة برمتها باكتسابها للأسلحة النووية قبل ذهابه الى واشنطن أكبر دليل على انخراط الأنظمة الاقليمية العميلة في حلف الأعداء للأمة والشعب والوطن ؟ فهل الذي اغتصب أرض فلسطين الجريحة هي ايران لا قدر الله ؟ هل الذي يقتل أبناء فلسطين ويقوم بالمجازر الوحشية تاريخيا هي ايران لا سمح الله ؟ من الذي احتل العراق ؟ من الذي اتى بالعملاء على ظهور الدبابات الأمريكية ؟ من الذي يخطط للحرب الأهلية في لبنان والعراق والفتن الطائفية ويعمل عى تمزيق كيان الأمة العربية ؟ هل هي ايران أم المخابرات الأمريكية والموساد الصهيوني ؟ من الذي دمر المفاعل النووي العراقي في 1982؟ من الذي خطط واغتصب المنظمات الدولية كهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي اللذين أصبحا رهينة في يد الادارة الأمريكية لاستصدارعشرات القرارات غيرالعادلة للعدوان على الأمة وحصارها فهل هي الدولة الايرانية أم الدولة الأمريكية راعية الارهاب الدولي هي وحلفائها في الغرب وحليفهم الاستراتيجي العدو الصهيوني؟ فكم هي ترسانة القرارات الجائرة التي اتخذها ما يسمى بمجلس الأمن الدولي ظلما وعدوانا ضد الأمة العربية ؟ فمن قرار التقسيم الظالم سنة 1947 الذي منحت بموجبه أرض شعبنا العربي الفلسطيني لليهود الصهاينة تطبيقا لما جاء في الشعاراللاتاريخي :- منح أرض لشعب لشعب بلا أرض- الى تقسيم الوطن العربي الى دويلات قزمية تمشيا مع اتفاقية سايكس بيكو هذا في القرن الثامن عشر . وأما في بداية القرن التاسع عشر والعشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين فكل القرارات الصادرة كانت موضوعة تحت الفصل السابع وما يعني ذلك من استعمال للقوة العسكرية الغاشمة كما حصل في أزمة الكويت سنة 1990 وما نتج عن ذلك من قرارات بشعة لأكبر حصار اجرامي للعراق في التاريخ المعاصر عاشته البشرية وما صاحب ذلك من فرق تفتيش على ما تمتلكه العراق من ما سمي باطلا بأسلحة الدمار الشامل والذي انتهى بغزوه واحتلاله في أخطر حرب عدوانية على شعب آمن باستقلاليته وسيادته على أرضه جربت فيها كل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا . كما كانت ليبيا مسرحا للعدوان أيام المقبور ريغان سنة 1985 فقامت أكثر من ثلاثين طائرة أمريكية بغارات على مدينتي بن غازي وطرابلس وخلفت العديد من القتلى والجرحى أطفالا ونساءا وشيوخا وتلاها الحصارالاقتصادي والعسكري والجوي من والى ليبيا وتعرض السودان أيضا الى عدوان مماثل ثم الحصار الدبلوماسي والاقتصادي .وفي يوليو سنة 2006 ينفذ العدو الصهيوني حربا عدوانية شرسة أخرى على لبنان بدعم أمريكي عسكري وسياسي لا مشروط وبتواطىء من الأنظمة العربية الرجعية وعلى رأسها نظام آل سعود ونظام مبارك العميلين وأخيرا وليس آخرا تنفذ العصابات الصهيونية الارهابية المحرقة أوالحرب الاجرامية على غزة في أواخر سنة 2008. فهل بعد هذا السجل التاريخي الأسود و الحافل بالاعتداآت والحروب وجميع أنواع الحصار على الأمة العربية من طرف الامبريالية الأمريكية والعدو الصهيوني بالاشتراك مع الأنظمة العربية الرحعية والذي يعرفه القاصي والداني تحاول بعض الأنظمة العميلة تحويل الأنظار على ساحة الصراع الحقيقية ضد الأعداء الحقيقيين للأمة ؟ وحتى نكون موضوعيين فانه في علم السياسة والذي يعتبر فن الممكن فمن البديهي ترتيب جبهة الأعداء الرئيسيين والثانويين منهم .واذا اعتبرنا ان ايران عدو للأمة العربية باعتبارها لا تزال تحتل الجزر الثلاثة في الخليج وهي على التوالي أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى وهي المستفيد الأكبر من احتلال العراق حيث تمارس عبر عملائها وأجهزتها المخابراتية كل أنواع الصراعات الطائفية والمذهبية لضرب وحدة العراق الترابية وتفرض على عرب الأهواز القومية الفارسية فهذا لن يحجب عنا الدور الرئيسي للعدو الرئيسي المتمثل في الامبريالية الأمريكية وحليفها الاستراتيجي العدو الصهيوني وحليفتهما الأنظمة العربية الرجعية . وفي هذا السياق الموضوعي لفهم طبيعة الصراع وأولويته لن تكون ايران الا عدوا ثانويا للأمة العربية هذا في الفهم الستاتيكي الثابت للظواهر والأشياء . وأما اذا أردنا أن نفهم علميا الظواهر في حركتها الجدلية وتطورها المستمروأيضا من حيث الموقف السياسي التكتيكي فنقول مايلي : بما أن الامبريالية الأمريكية والعدو الصهيوني هما عدوان مشتركان ضد الأمة العربية والأمة الفارسية فمن مصلحة الأمة العربية سياسيا وحتى عسكريا أن تتحالف مع ايران لحسم الصراع الرئيسي في هذه المرحلة أولا وتأجيل الصراع الثانوي الى مرحلة لاحقة والذي يمكن حله بالتفاوض والحوار الدبلوماسي ثانيا. فلماذا تتزعم أمريكا مصادرة حق ايران وكوريا الشمالية والعراق سابقا وسوريا الآن في امتلاك الطاقة النووية لأغراض سلمية بحتة بينما تبيحه للكيان الصهيوني الذي يملك أكبر ترسانة نووية في المنطقة معدة للأغراض العسكرية حيث بلغت أكثر من مائتي رأس نووي ؟ فمن الذي يهدد أمن وسلامة جيرانه بصفة رئيسية وفعلية ؟ هل هي الدولة الايرانية المتمسكة بحقها في التجارب النووية السلمية أم العدو الصهيوني الذي هدد فعلا أمن لبنان والعراق وسوريا وها هو أمن شعبنا الفلسطيني مستباح منذ 1948؟ فالحملة الاعلامية الموجهة التي تمارسها وسائل الدعاية الرسمية الأمريكية و الصهيونية التي تتعرض اليها ايران وكوريا الشمالية وسوريا نتيجة تمسكهم المشروع بامتلاك الطاقة النووية السلمية تندرج في اطار سياسة تعدد المعايير وازدواجية المكاييل التي تريد أن تفرضها الامبريالية الأمريكية على الأمم والدول المستضعفة والمستقلة بالقوة وبالحديد والنار. وها هي وكالة الطاقة الدولية تتهم سوريا مجددا بتخصيب اليورانيوم قصد القيام بانتاج الطاقة النووية في نفس الوقت الذي تتهم فيه ايران بعد أن أوعزت الادارة الأمريكية للعدو الصهيوني بضرب المفاعل النووي السوري المعد للأغراض السلمية. فكل المساعي الدبلوماسية الأمريكية تتجه الى الضغط على سوريا من أجل فك الارتباط والتحالف مع ايران وذلك عبر الأنظمة العربية الرجعية التي تروج الى استعداء ايران وتجريمها أكثر مما تستعدي وتجرم العدو الصهيوني . بل بالعكس من ذلك فهاهي تمد يدها للكيان الصهيوني لمزيد من التطبيع والانفتاح الاقتصادي والثقافي والفلاحي معه عبر تنفيذ اتفاقيات وادي عربة وكامب دافيد في الوقت الذي يحاصر فيه أبناء شعبنا الفلسطيني وتغلق في وجوههم المعابر في رفح . وفي الوقت الذي يرفع فيه ناتنياهو مجرم الحرب الصهيوني اللاآت الثلاثة : لا لبناء الدولة الفلسطينية ولا للقدس ولا لعودة اللاجئين ويهدد بضرب السد العالي أحد المنجزات العملاقة التي ترمز لثورة23 يوليوالمجيدة هاهي ما تسمى بدول الاعتدال تضرب عرض الحائط وتتنكر لللاآت الثلاثة التي جاءت في قمة الخرطوم في سنة 1969 التي رفعتها الثورة الناصرية بقيادة الزعيم الخالد الذكر جمال عبد الناصر ردا على نكسة حزيران 1967 : لا للصلح و لا للتفاوض ولا للاعتراف. وفي الوقت الذي تنظر- بتشديد الظاد – فيه الأنظمة العربية العميلة لأولوية الصراع مع ايران عبر الترويج في خطابها لما يسمى بالهلال الشيعي لخلق الأرضية الملائمة للحرب الطائفية وايجاد قاعدة جيو سياسية تنطلق منها لتنفيذ الخطة الصهيوأمريكية نراها ملتزمة بخريطة الطريق الأمريكية الداعية الى ما يسمى بالسلام الاستراتيجي مع العدو الصهيوني .وفي نفس السياق بينما يستعد الكيان الصهيوني لشن عدوان محتمل على لبنان أو سوريا وذلك من خلال ما أجراه في ربيع 2009 من مناورات عسكرية لم يشهد التاريخ مثلها حيث استعملت فيها جميع أنواع الأسلحة البرية والبحرية والجوية التقليدية منها والغير تقليدية فها هي الأنظمة العربية العميلة تتمسك بما تدعي أنه الخيارالاستراتيجي للسلام المزعوم وتتنادى مع الكيان الصهيوني لاقامة حلف ممانعة ضد ايران . وهكذا في حساب الرجعية العربية تنقلب الحقائق رأسا على عقب وتتغير أولوية الصراع فيصبح الحليف عدوا والعدوالتاريخي حليفا لتمكين الامبريالية الأمريكية وحليفها العدو الصهيوني من الدعم السياسي وربما العسكري نيابة عنهما . ونورد في هذه الفقرة ما يؤيد ما ذهبنا اليه فيما قاله الدكتور فهمي هويدي في نصه بعنوان : الجاهلية السياسية الصادر بتاريخ 12 ماي 2009 في جريدة الشرق القطرية اذ يقول في مقدمة المقال: لا أعرف مرحلة في التاريخ العربي المعاصر اختلطت فيها الأوراق وانقلبت المعايير مثل ما هو حاصل الآن، الأمر الذي يسوغ لي أن أصف أيامنا هذه بأنها زمن الجاهلية السياسية. ويواصل القول في نفس السياق : لا بد أن نعطل العقل ونلغي المنطق لنستوعب الذي جرى في الآونة الأخيرة. إذ في حين استمرت “إسرائيل” في استعلائها وحصارها للفلسطينيين وتهويدها للقدس وتوسعاتها الاستيطانية ورفضها للمبادرة العربية، حدث انقلاب في البوصلة العربية بحيث توارى الخطر الإسرائيلي” المدجج بمائتي رأس نووية ، وظهر “ “ في الفضاء العربي عنوان الخطر الإيراني” والمخاوف من تطلعاته النووية المستقبلية. لم يحدث ذلك فجأة بطبيعة الحال، ولكنه بدأ بالتصعيد في مسألة الجزر الثلاث، وبإثارة موضوع التشييع في البلاد العربية، وتذرع بالتمدد الإيراني في العراق، الأمر الذي استصحب حديثاً مبكراً عن الهلال الشيعي، ثم امتد إلى التنديد بحزب الله في لبنان ومحاولة تأجيج الفتنة الطائفية هناك. وانتهى الأمر بإثارة مسألة خلية حزب الله، وقدمت إلى الرأي العام المصري والعربي بحسبانها تهديدا للأمن القومي المصري، مرشحا للتكرار في أقطار وجاءت هذه الإشارات التي استقبلت بفرح غامر في “إسرائيل” دالة على أن التناقضات الثانوية هيمنت وتحولت إلى رئيسية، الأمر الذي شجع شمعون بيريز على أن يسوق المشهد في واشنطن ويتحدث عن إيران باعتبارها خـطرا مشتركا يهدد العرب “وإسرائيل” معا ولعل الادار ة.. الأمريكية الجديدة كانت أرحم من الرجعية العربية اذ خيرت الحل الدبلوماسي والمفاوضات السياسية مع ايران بدل التهديد والوعد والوعيد .اذ في الوقت الذي حث فيه الرئيس الأمريكي الجديد اوباما الشعب الايراني في خطابه الشهير بمناسبة السنة الايرانية الجديدة مارس 2009 – النيروز- بأنه يريد علاقات بناءة مع ايران تمكنها من أخذ مكانها الصحيح في العالم حيث دعاها الى رغبته في بدء عهد جديد من الحوار النزيه القائم على الاحترام المتبادل نجد أبواق النظام الرسمي العربي تدعو الى القطيعة ورفض التعامل الديبلوماسي مع ايران لحل أي مشكل طارىءمهما كان بسيطا .ويؤكد الدكتور فهمي هويدي هذه الحقيقة في نفس المقال قوله : إن ما قاله بيريز لم يكن ادعاء “إسرائيلياً” صرفاً، ولكنه كان يستند أيضا إلى عدد من الشهادات المزورة التي ظهرت في بعض وسائل الإعلام العربية وثيقة الصلة بأنظمة الاعتدال، حيث لا يستطيع أي متابع أن ينكر أن هناك تعبئة واسعة النطاق للاستنفار والتحريض ضد ما يسمى بالخطر الإيراني. ولا بد أن يثير انتباهنا في هذا السياق أن ندوتين عقدتا بالرياض والقاهرة في الأسبوع الماضي أسهمتا بصورة أو أخرى في دق أجراس التخويف من ذلك “الخطر. وفي خاتمة هذا النص لابد من التأكيد على فضح أنظمة الموالاة وكل القوى الرجعية التي تساندها في تحويل الأنظار عن ساحة الصراع الرئيسي مهما كانت خلافاتنا مع ايران . وفي هذا الصدد يبين الدكتورصلاح مختار في احدى مقالاته أن الصراع الرئيس الذي تخوضه الأمة العربية هو ضد أمريكا وحليفها التاريخي العدو الصهيوني هذا من جهة حتى لا تضيع البوصلة ومن جهة ثانية هذا لا يعني أن الصراع الثانوي مع ايران ليس له مكانة عندنا كوطنيين وبعثيين وقوميين تقدميين وناصريين وعروبيين بصفة عامة بعيدا عن أجندة الأنظمة العربية الرجعية والامبريالية والصهيونية . بل هو يحظى عندنا بالأهمية اللازمة في الثقافة والممارسة السياسية في اطار الصراع ضد أطماع الامبراطورية الفارسية وفضح مشروعها في الوطن العربي . من أجل ذلك يرفض كل القوميين والوطنيين المخلصيين للأمة العربية أن يتحول احتلال العراق الى غنيمة يتقاسمها المحتل الأمريكي والصفويين الجدد المستفيد الأكبر من ذلك . كما أنهم ينظرون بحذر شديد و ينبذون كل أشكال وأنواع التعصب الطائفي والمذهبي الطائفي والعرقي الذي تغذيه المخابرات الايرانية في العراق وأقطار أخرى ويرفضون احتلال كل من الجزر الثلاثة في الخليج العربي وينادون بالحكم الذاتي لعرب الأهواز ليتحرروا من اضطهاد الدولة الايرانية لهم .فاذا كانت طبيعة المرحلة تقتضي منا أن نعتبر الصراع الرئيس هو ضد أمريكا والعدو الصهيوني فهذا لا يعني أننا غافلون عن الدور الايراني ولكن ضمن رؤية وطنية وقومية تقدمية مستقلة وغيرمرتبطة بمصلحة الأنظمة العربية العميلة والقوى الرجعية المتحالفة معها .
أكثر تشوهاً وأقل ديموقراطية
فهمى هويدى «الانقلاب الأبيض» الذي حدث في لبنان جاء مفاجئا لكثيرين، أنا أحدهم. ذلك أننا طوال الأسابيع التي سبقت الانتخابات في السابع من شهر يونيو الجاري، كنا نسمع من المعنيين بالشأن اللبناني أن النتيجة ستتراوح بين أحد احتمالين، الأول أن تفوز قوى المعارضة (تحالف حزب الله ــ عون) أو أن تفوز الموالاة (الحريري ــ جعجع) بفارق مقعد أو اثنين. لكن الذي حدث تجاوز بكثير تلك التوقعات، حيث حقق فريق الموالاة فوزا كاسحا، وتقدم على المعارضة بأربعة عشر صوتا دفعة واحدة، الأمر الذي قلب التوقعات وأحدث صدمة للذين حصروا تنبؤاتهم في الحدود السابق ذكرها. منذ ذلك الحين وحتى اليوم. تابعت سيلا من التحليلات والتفسيرات لما جرى. بعضها تحدث عن أخطاء في بنية التحالف المعارض وسياسته، والبعض ركز على أخطاء في أداء وخطاب حزب الله ذاته. آخرون تحدثوا عن أزمة النظام اللبناني وطائفيته التي تستبعد أى ممارسة ديموقراطية حقيقية، في حين أشارت كتابات عنه إلى التدخل الخارجي والمالي والسياسي ونجاح حملات التخويف الإعلامية. ولست في وارد التحقيق في تلك الأسباب ومدى صحة بعضها أو كلها، لكنني لا أخفي قلقا من أمرين أظهرتهما الانتخابات بصورة لافتة للنظر. الأمر الأول هو الحفاوة الإسرائيلية والأميركية والغربية بشكل عام بالنتيجة، التى بدا فيها التهليل لخسارة فريق حزب الله أقوى من الترحيب بنجاح الآخرين. تجلى ذلك في عناوين الصحف الإسرائيلية التي صدرت في اليوم التالي لإعلان النتيجة، إذ كانت العناوين كما يلي: هزيمة لحزب الله في انتخابات لبنان (هاآرتس)- هزيمة لنصرالله (معاريف) – حزب الله: خسرنا (يديعوت أحرونوت) – لبنان: ضربة لحزب الله (إسرائيل اليوم) – (بالمناسبة، فى اليوم نفسه 6/8 كان عنوان صحيفة «الشرق الأوسط اللندنية» كالتالي: انكسروا وانتصر لبنان، وهو توافق لا تخفى دلالته). الصحف الغربية عبرت بصورة أو أخرى عن الموقف ذاته، فذكرت «الجارديان البريطانية» أن نجاح الموالاة في لبنان «قدم لأوباما أول نجاح كبير لسياسته الإقليمية». أما نيويورك تايمز فقالت «إن التحالف الذي تؤيده الولايات المتحدة الأميركية تمكن من السيطرة على البرلمان».. وذكرت واشنطن بوست أن «التحالف المدعوم من الغرب فاز بالانتخابات». لا تنس في هذا السياق الضغوط الغربية التي مورست طوال الأسابيع التي سبقت التصويت. وكان أبرزها زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لبيروت، التي اجتمع خلالها بأركان الموالاة، وقال صراحة قبل مغادرته بيروت إن المساعدات الأميركية للبنان ستتوقف على طبيعة حكومته القادمة، في إيحاء لا يقبل الشك بأن استمرار تلك المساعدات مشروط بنجاح فريق الموالاة. هذه الخلفية تدلنا بوضوح على أن الذي انتصر فعلا ليس فريق 14 آذار كما يقال. وإنما هو واجهة لأطراف عدة لا يجمع بينها سوى العداء للمقاومة والحرص على إلحاق لبنان بالسياسات الغربية المهيمنة. الأمر الثاني الذي يبعث على القلق، أن لبنان خرج من المعركة والانقسامات الطائفية فيه أعمق وأشد مما سبق. وبدا الانقسام السني الشيعي أكثر حدة من غيره. وثمة إجماع على أن ذلك الاستقطاب الحاد أسهم بشكل كبير في توسيع الفجوة بين الطرفين لصالح تجمع 14 آذار. صحيح أن النظام ذاته طائفي في الأساس، ولكن جسور العلاقة بين السنة والشيعة بوجه أخص- ظلت ممتدة طوال الوقت. ولكن من الواضح أن تلك الجسور انقطعت في الآونة الأخيرة، وحلت محلها فجوة مسكونة بالمرارة والتوجس وسوء الظن. الأمر الذي يعني أن لبنان خرج من تجربة الانتخابات وهو أكثر تشوها وأقل ديموقراطيـة.
(المصدر: صحيفة « الرؤية » (يومية – الكويت) الصادرة يوم 14 جوان 2009)
حوار صحفي مع عز الدين علام أحد قيادات البديل الحضاري
*في البداية نريد أن نعرف من هو عزالدين علام وظروف التحاقه بالحركة الاسلامية؟ ***باسم الله الرحمان الرحيم،بداية أتوجه بالشكر لادارة الموقع ولكل الساهرين عليه على هذه الاستضافة. لقد تزامن مجيئي للدنيا بالذكرى الأولى لثورة الملك والشعب وذلك يوم 20غشت 1954،ولدت بقرية(المنزل)،والتي أصبحت فيما بعد مدينة صغيرة،هذه القرية التي تتوسط قبيلة بني يازغة،احدى قبائل الأطلس المتوسط ،المتواجدة على بعد 60 كلم شرق مدينة فاس.تلقيت بها تعليمي الابتدائي ثم انتقلت مع أسرتي الى مدينة الدار البضاء أواخر سنة1969 حيث أكملت دراستي الاعدادية فالثانوية ثم لاحقا الجامعية. . بهذه المدينة سيعرف مسار حياتي تحولا جوهريا كان له الأثر البليغ في كل حياتي كما لازلت أعتز به الى اليوم وأحمد الله لأنه كان قدرا من عنده سبحانه لا دخل لي ولا لأسرتي فيه انه التحاقي المبكر(مستوى الاعدادي) بصفوف الحركة الاسلامية المغربية وهي بعد في بداياتها الأولى على يد أحد القيادات الوطنية آنذاك الأستاذ نورالدين ذكير، بحكم تقاربنا في السكن وكانت تجمعنا الصلاة في مسجد الحي. . * هل لك أن تطلعنا على أهم المحطات التي عرفها هذا المسار مع تسليط الضوء على بعض الزوايا التي بقيت معتمة من تاريخ الحركة الاسلامية؟ **بداية أشكر الأخ الكريم على هذا السؤال لأهميته في نظري. لم يستغرق تأطيري مدة طويلة حتى بدأ الاخوة المسؤولون يكلفونني بمهام تنظيمية وتأطيرة…(وكان ذلك نوع من التأطيرأيضا على قاعدة قولة الشهيد المهدي بنبركة أثناء افتتاح ورش طريق الوحدة غداة الاستقلال:نبني الطريق والطريق يبنينا) الشيء الذي أهلني ،وفي مدة قياسية،لأن أصبح أحد القيادات الميدانية من أبناء جيل تأسيس الحركة الاسلامية المغربية؛كما أنه ذات السبب الذي جعل الأستاذ مطيع يوجه لي دعوة ،عبر الأخوان الصنيبي وبيرواين لحضور المؤتمر المصغر الذي نظمته الحركة بمكة المكرمة موسم الحج لسنة 1977،لتدارس الوضع التنظيمي بالمغرب آنذاك ولتجاوز الاشكالات التنظيمية والتصدعات التي خلفها انشقاق القيادة الوطنية بالداخل ،التي كانت مشهورة باسم (القيادة السداسية). من أبرز التوصيات التي خرج بها هذا المؤتمر تشكيل قيادة وطنية بديلة(قيادة13)،والتي كنت من بين أعضائها،وبرجوعكم الى أول كتاب صدر لأ ول باحث مغربي في شؤون الحركة الاسلامية الدكتور محمد الضريف بعنوان(الاسلام السياسي) ستجدون اسم عزالد ين علام من بين الأسماء القيادية التي ذكرها الباحث كما أنه كان من أبرز هذه الرموز القيادية البديلة أخونا الأستاذ المصطفى المعتصم،عجل الله بفرجه. في نونبر 1978التحقت بالمملكة العربية السعودية لاستكمال دراستي الجامعية بجامعة الامام محمد بن سعود بالرياض،وكان ذلك بطلب من الأستاذ عبد الكريم مطيع لأكون معاونا له هناك،أثناء هذه الفترة الوجيزة التي قضيتها هناك،كان لي شرف التعرف على عدة شخصيات من بينهم الدكتور خالد العجيمي غالب ظني أنه رئيس نفس الجامعة حاليا،مفتي المملكة العربية السعودية يومذاك المرحوم عبد العزيز بن بازوالذي تشرفت بدعوته لي لحضور مأذبة غذاء ببيته بالرياض،كما لايفوتني أن أذكر اللقاء الذي جمعنا بالأستاذ مهدي عاكف ،المرشد العام للأخوان المسلمين الحالي،اللقاء الذي دعا له وأشرف عليه الأستاذ لاشين أبو شنب ،عضو مجلس الشعب سابقا عن الاخوان المسلمين،هذا اللقاء الذي انتدب له ممثل عن كل بلد اسلامي وكنت ممثل المغرب فيه. في دجنبر 1979رجعت للمغرب لحضور جلسة محاكمة الأستاذ ابراهيم كمال ومن كان معه وبعد أن تمت محاصرة مبنى المحكمة من طرف قوى الأمن (تدخل سريع وغيره)ألقي علي القبض مع 21من بين الاخوة الذي جاؤوا لحضور أطوار المحاكمة ،كان ذلك يوم 10دجنبر1979(اليوم العالمي لحقوق الانسان). في مارس 1981،وبعد أن كان قد تم اطلاق سراحي طبعا في متم فبراير 1980، توجهت الى فرنسا (باريس)بدعوة من الأستاذ عبد الكريم مطيع،تجدر الاشارة الى أنها نفس الفترة التي عرفت انشقاق الاخوة (الأستاذ عبد الاله بنكيران،محمد اليتيم،ادريس شاهين،المرحوم علال العمراني،…واللائحة طويلة )والذين أصدروا حينذاك بيانا في الموضوع كان قد نشر بجريدة الشرق الأوسط وهم نفس الاخوة الذين أسسوا بعد الانشقاق تنظيما جديدا تحت اسم(الجماعة الاسلامية) هذا الاسم الذي لم يرق السلطات فتم استبداله ب(حركة التجديد والاصلاح) قبل أن تتحول الى(التوحيد والاصلاح)بعد الاندماج الذي حصل مع جماعة القصر الكبير (الشروق) التي كان يرأسها الدكتور أحمد الريسوني. كانت أيضا هي ذات الفترة التي عرفت انشقاق مجموعة من الاخوة من أبرزهم الدكتور المرحوم محمد البشيري الذين أسسوا رفقة الشيخ الأستاذ عبد السلام ياسين تنظيما آخر تحت اسم (الجماعة الخيرية)والتي كان شعارها ولايزال (العدل والاحسان) ،هذا الشعار الذي سيغلب استعماله فحل محل الاسم. بعد رجوعي من فرنسا ، أمضيت فترة تأمل ومراجعة ومشاورة مع بعض الاخوة من أمثال رفيق دربي الأستاذ ابراهيم بورجة حفظه الله، الذين كنا نتقاسم نفس الموقف،قررت تجميد نشاطي ولزوم بيتي. هذا الموقف الذي لم تقتنع به الأجهزة الأمنية آنذاك، فبقيت تلاحقني وتعد علي أنفاسي،ومن ذلك على سبيل التمثيل: -اختطافي من داخل المؤسسة التي كنت أدرس بها في مارس1982 ،(هذا الاختطاف ومدته مثبتان في التقرير التحكيمي الذي توصلت به من هيأة الانصاف والمصالحة). -استدعائي للتحقيق بمفوضية الشرطة/ الدائرة الرابعة /سيدي عثمان/ مصلحة الاستعلامات العامة، على مدى أسبوع يوميا وأحيانا في الفترة الصباحية والمسائية،سنة1984على خلفية اعتقال مجموعة26 (الحكيمي بلقاسم ومن معه)التي كانت متهمة بادخال الأسلحة عبر التراب الجزائري وبعد تأكدهم بأن لا علاقة لي بالموضوع ولا لاتربطني أية علاقة بأفراد المجموعة أخلي سبيلي دون أن أسلم من الأذى، رغم تأكدهم من براءتي ،فتم حجز جواز سفري ،وفرض علي ما يشبه الاقامة الجبرية. قبل ختام الجواب على سؤالكم هذا بقي توضيح أقدر أنه ضروري، أستئذنكم في فتح قوس للادلاء به : مسألة كثيرا ما التبست على بعض من يتصدون الآن لكتابة تاريخ هذه الحركة وغالبيتهم يقدمون أنفسهم على أنهم باحثين مختصين في شأن الحركات الاسلامية ،هذا التاريخ الذي لم يكتبه صانعوه أو الذين عاشوه أو على الأقل عايشوه ،رغم المحاولات التي ابتدأتها رفقة أخواي المعتصم وبورجة ( بدافع الغيرة والايمان منا على أن تاريخ أية تجربة ينبغي أن يسطره أبناؤه الذين صنعوه،بعد ذلك فليكن ما كتبوه مادة للباحثين المختصين) على صفحات جريدة الجسر،ورغم أنها لم ترق الى مستوى التأريخ ولم يدع يوما أحد من هؤلاء الثلاثة ذلك ،اعتبرناها يومذاك (محاولات)،رغم ذلك لم ترق البعض فاضطررنا لوقف مابدأناه. ..لعله لفث انتباهكم استعمالي تسمية(الحركة الاسلامية المغربية)ان ذلك كان عن قصد مني لتوضيح هذه المسألة ،ان التنظيم الذي كنا فيه هو:الحركة الاسلامية المغربية،والتسمية كانت مقصودة لتمييزنا عن غيرنا من باقي الحركات الاسلامية الأخرى في المشرق وحتى لا يعتبرننا أحد أننا جزء من التنظيم العالمي للاخوان المسلمين،كما أن هذه الحركة كانت هي الحركة الاسلامية الوحيدة يالمغرب آنذاك وبذلك استحقت أن تكون أم باقي الحركات التي تفرعت عنها فيما بعد.وفي نفس الوقت كانت هناك جمعيات موازية للحركة هي: -جمعية الشبيبة الاسلامية التي كان يرأسها الأستاذ عبد الكريم مطيع وكان نائبا له الأستاذ ابراهيم كمال. -جمعية الطلائع التي كان يرأسها الأستاذ نجمي. -جمعية شباب الدعوة التي كان يرأسها الأستاذ الدكتور القاضي برهوم. -جمعية أنصار الدعوة التي كان يرأسها العالم الجليل المرحوم السرغيني. -جمعية خريجي مدرسة المعلمين التي كان يرأسها الأستاذ عمر الأزرق. فما سبب اشتهار الحركة الاسلامية المغربية باسم حركة الشبيبة الاسلامية؟ الجواب بكل بساطة أنه وعلى اثر الاعتقالات التي طالت شبابنا أواخر سنة 1975 على خلفية اغتيال المناضل الشهيد عمر بنجلون والصاق تهمة اغتياله بالحركة وبجمعية الشبيبة الاسلامية لاعتبار أن رئيسهما كان واحدا الذي هو الأستاذ عبد الكريم مطيع (على اثر ذلك) حدث أمران هما ،في تقديري،السبب الرئيسي في الالتباس والخلط بين الحركة والجمعية هما: -البيانات والتصريحات التي كان الأستاذ عبد الكريم مطيع يصدرها من منفاه سواء بالمملكة العربية السعودية أو بالكويت على صفحات عدة منابر(مجلة المجتمع الكويتية،الشهاب اللبنانية،الرائد التي كان يصدرها الأستاذ عصام العطار من آخن بألمانيا،الغرباء من لندن،…)كانت هذه البيانات كلها تصدربتوقيع رئيس الشبيبة الاسلامية. -التوجيه الذي كان يعطى للشباب بأن يصرحوا،في حالة الاعتقال،بالانتساب الى جمعية الشبيبة الاسلامية التي كان معترفا بها وحاصلة على وصل الايداع القانوني وفق مقتضيات قانون الحريات العامة الصادر سنة 1958. وهكذا اشتهرت الحركة الاسلامية المغربية باسم الشبيبة الاسلامية من باب اطلاق الجزء وارادة الكل كما يقول البلاغيون،فكانت الجمعية بمثابة الشجرة التي تخبئ خلفها الغابة *هل لنا أن نعرف السياق الذي جاء فيه التحاقكم بالبديل الحضاري؟ **استمر تجميدي لنشاطي الى غاية رمضان 1996،في هذا الشهر المبارك اتصل بي فيه (وكنت واخوة آخرين كان لهم نفس موقفي من أبرزهم أخي بورجة) الأخ الكريم المعتصم ، الذي وجدته ،وبعد طول فراق ، كما عهدته في السبعينيات ،نشاط وحيوية وحماس وحب وغيرة على هذا الوطن كل هذا كان، تحس وأنت تستمع اليه ، ممزوجا بالألم والحسرة على ما آل اليه الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي…ببلادنا .وبعد عدة لقاءات(والتي لم يتخلف عنها الأستاذ المعتصم ولو مرة واحدة متنقلا من فاس الى البيضاء على نفقته مصحوبا كل مرة بأحد من اخوانه غالبا ما يكون الأخ الكريم محمد الأمين الركالة) ونقاشات كانت تستمر بنا الى الفجر وبعد اطلاعنا على المراجعات التي قام بها ومن معه وتغيير كثير من القناعات السابقة بقناعات جديدة من قبيل:مركزية الحوار في مشروع البديل الحضاري،الموقف من الديمقراطية موقفا استراتيجيا واعتبارها الآلية الأوحد لحسم النزاع في المختلف فيه بين الفرقاء وللتداول السلمي على السلطة،الموقف من الملكية واعتبارها ضرورة لضمان وحدة البلاد واستقرارها …،نبذ العنف والتوسل به وسيلة اما لحسم الخلاف مع المخالفين أو للوصول الى السلطة،التأكيد على احترام ثوابت البلاد والتمسك بكل ما يضمن وحدة المغاربة،… لم تكن المسافة الفكرية بيننا بعيدة بسبب المعرفة المسبقة بيني والأستاذ ابراهيم بورجة من جهة وبين الأستاذ المعتصم من جهة أخرى ولأننا كنا نحن أيضا في لقاءاتنا،غالبا الثنائية،نقوم بنقد ذاتي لتجربتنا السابقة وبمراجعات فكرية،ولكن رغم لاأنكر استغرابنا وصعوبة هضمنا لبعض ما كنا نسمعه،لكن طول نفس الأستاذ المعتصم ومن كان يرافقه وصبرهم علينا وقدرتهم على المحاورة والاقناع جعلت استغرابنا يتبدد وقناعاتنا تتجدد…(من بين المقولات التي سمعتها منهم وبقي صداها يتردد في أذني:لاتضحية بدون قناعة ولا قناعة بدون حوار)،بعد ذلك اتصلت بأخي المعتصم أخبره باستعدادي التام الالتحاق بالبديل الحضاري ،هذا الالتحاق الذي لازلت أعتز به وأعتبره شرفا لي. في أول جمع عام لجمعية البديل الحضاري سنة 2000 وبعد تجديد مكتبها الوطني تم انتخابي عضوا به،الى أن تم اختياري عضوا باللجنة التحضيرية لعقد المؤتمر التأسيسي لحزب البديل الحضاري يوم 14يوليوز2002،الذي انتخبت عضوا بأمانته العامة . *كيف تلقيتم نبأ اعتقال الأخوين المعتصم والركالة؟ **بعد أن كانت الأجواء عادية أثناء وبعد مؤتمر المجلس الوطني المنعقد بمدينة المحمدية أيام الجمعة والسبت والأحدولم يكن هناك أي مؤشر يوحي بنية اقدام السلطات على اعتقال الأخوين نفاجأ قبيل مغرب يوم الاثنين الموالي(18/02/2008) بخبر اعتقالهما ،أصبنا بالذهول ..قلنا لعل الأمر ناتج عن خطأ ما ..الشك والريبة كانت السمة التي طبعت أغلب المتصلين بنا للتأكد من صحة الخبر من سياسيين وحقوقيين واعلاميين..فالجميع لم يستصغ نبأ الاعتقال لما للأخوين بصفة خاصة ولأبناء البديل بصفة عامة من مكانة مميزة وتقدير خاص عند الكثير من المهتمين بالشأن السياسي والحقوقي ببلادنا..كانت كل الاتصالات تستنكر وتتساءل:أيعتقل دعاة الوسطية والاعتدال ونبذ العنف..؟ اذا اعتقل،بتلك الطريقة المهينة، هؤلاء الذين كانت لهم اليد البيضاء على كثير من أبناء الحركة الاسلامية،لأنهم كانوا بحق رواد المراجعات التي عرفتها الساحة الاسلامية بصفة خاصة،في عدة مجالات: تبني الخيار الديمقراطي،اعتبار الملكية فاعلا أساسيا وضمانة لانجاح المسلسل الديمقراطي واعتبار الملك رمزا لوحدة البلاد واستقرارها..،ولا أبالغ اذا قلت أن لهذين الرجلين الفضل الكبير في التحول الذي عرفته الحركة الاسلامية بالمغرب هذا المجهود الكبير الذي وصل صداه الى المشرق العربي مما جعل مفكرين كبارا من أمثال الأستاذين فهمي هويدي ومنير شفيق يستشهدون بتجربة البديل الحضاري الرائدة رغم حداثتها في بعض كتاباتهم وتصريحاتهم.قلت اذا اعتقل مثل هؤلاء الشرفاء رغم ما بذلوه ،فهل يستطيع المسؤولون أن يقنعوا الرأي العام أنه باستطاعتهم اقناع شبابنا المغرر به سواء في مخيمات لحمادة بتندوف أو في الشتات بالعودة الى أرض الوطن بمجرد أن يسمع أن الوطن غفور رحيم؟ هل يستطيعون اقناع هذا الرأي العام ،الذي شكك في الرواية الرسمية لاعتقال السياسيين الستة،أنهم باستطاعتهم اقناع أتباع التيار السلفي القابعين في السجون باجراء مراجعات فكرية؟. *ما هي الخطوات التي اتخذتموها بعد هذا الاعتقال؟ **بعد وقت يسير من نبأ الاعتقال/الاختطاف اجتمعت الأمانة العامة فاكتفت باصدار بيان تستنكر فيه الاعتقال وتؤكد فيه على أهم المبادئ التي قام عليها حزب البديل الحضاري ومدى تشبتنا بها كيف ما كان نوع الاعتداء علينا ،وناشدت فيه الفضلاء والغيورين من سياسيين وحقوقيين ونقابيين وفاعلين..مؤازرتنا في محنتنا. في اليوم الموالي كان لقاء آخر للأمانة العامة لقد قررنا فيه تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان مساء يوم الخميس21/02/2008،وبالمناسبة أجدد التنويه بكل الذين اتصلوا بنا تلك الليلة من سياسيين وحقوقيين…معربين لنا عن استعدادهم للانخراط معنا في أية خطوة نضالية سنقدم عليها كما أبدوا الاستعداد للحضور المكثف معنا في هذه الوقفة الاحتجاجية.فاذا بنا نفاجأ في يوم الغد على العاشرة صباحا بالوزير الأول يقدم على اصدار مرسوم رام الى حل حزبنا ،وفي نفس اليوم بعد الظهر وزير الداخلية يعقد ندوة صحفية في الموضوع بعد أن كانت مبرمجة لمساء يوم الخميس. اعتبرنا الخطوتين تندرجان ضمن حرب استباقية قصد تكبيلنا وقطع الطريق أمام أي خطوات نضالية نقدم عليها . وهكذا اعتبرنا الوقفة الاحتجاجية ملغاة بموجب القانون،رغم بعض المحاولات من هنا أو هناك التي كانت تريد اقناعنا بالذهاب الى الوقفة لكنها فشلت في ذلك،لسبب بسيط هو أننا آلينا على أنفسنا سواء عندما كنا جمعية أو عندما تحولنا الى حزب أن نعمل في ظل الشرعية والقانون،وأن نتحرك وفق قناعاتنا لابردود الأفعال…ان قيمة التزامنا بما نؤمن به وما ندعوا اليه تكون ساعة الشدة لا ساعة الرخاء،ان أي تجمع بشري حزبا كان أم غيره يعجز أن يجعل المنتسبين اليه يتمثلون في سلوكهم ما يدعو اليه هو عن فعل ذلك أعجز مع غيرهم . ولكن هذا لم يثنينا عن حضور الأنشطة التي تدعو اليها وتنظمها لجنة الدعم الوطنية أو تنسيقية أسر المعتقلين الستة من وقفات احتجاجية أو مهرجانات خطابية أو ندوات… نعتقد أن التفكير في اغتيال حزب البديل الحضاري سيكون خطأ لا يغتفر في تاريخ المغرب المعاصر،فهذه التجربة على ضعف امكاناتها هي عنوان الى جانب كل القوى الحية في بلادنا للامل في مغرب جديد ..البديل الحضاري بخياراته السلمية والديمقراطية التي لا يشكك فيها سوى متامر وبمنهجه التجديدي الباهر وعلاقاته المتينة مع كل فرقاء المشهد ..كل ذلك يجعل الاصرار على اغتياله ظلما وعدوانا جريمة في حق كل المغاربة ..نحن لم نأت لنضرب الناس بالسلاح كما قدمتنا مع الاسف وزارة الداخلية ولم نأت لنروع الامنين..نحن أردنا أن نكون باخلاص اضافة ديمقراطية نوعية الى رصيد الخير العميم الموجود في بلادنا لذلك نحرص باستمرار على تأكيد أن البديل الحضاري نقيض فعلي لكل خطاب متشدد والله يعلم أنه لا تحركنا في ذلك سوى الرغبة في نيل مرضاته والنهوض بهذا الوطن ..ربما رأى البعض فينا مبالغة في انتقاد أوضاع البلاد فقرروا التخلص من هذا الصوت المزعج الا أن هؤلاء ربما يجهلون حجم الأخطار التي باتت تهدد بلادنا في ظل متغيرات دولية رهيبة ، والحال أنه لايمكن الرد على هذه التحديات سوى بأ حزاب حقيقية قوية في خطابها واضحة في خياراتها ..نحن في البديل التقطنا بحماس كبير ما عبر عنه جلالة الملك محمد السادس من رغبة في اصلاح أوضاع المغرب واعتقدنا صادقين أن بلادنا أمام فرصة تاريخية لتحقيق حلم الانتقال نحو الديمقراطية بشكل لارجعة فيه لذلك انخرطنا رغم كل العراقيل في مشروع انجاح هذه الدينامية ..أملنا أن يتدارك عقلاء المغرب الخطأ الجسيم الذي ارتكب في حق هذه التجربة السياسية المسالمة ،فالمرحلة لا تسمح باختلاق المؤامرات وتصفية الاخرين مهما قللنا من شأنهم ..المرحلة تستلزم استجماع كل طاقات بلادنا من اجل النهوض ومن أجل بناء وطن قوي يستظل بالقانون ولاشئ سوى القانون ..و نحن في البديل نقول لكل الذين تآمروا ضدنا لن تجدوا منا ردا سوى الحلم الذي أوصانا به الرسول (ص)…واذا كانت مشاكل المغرب لن تحل سوى باغتيال حزب مسالم مثل البديل فليكن ذلك *بعد تحول الملف من يد الحموشي الى ياسين المنصوري هل هناك آفاق لطي الملف؟ **هذا التسريب الاعلامي والذي انفردت بنشره جريدة(أخبار اليوم) وقريبا منه ما جاء في أسبوعية(الأسبوع الصحافي)،في نظري لايمكن،على الأقل التشكيك فيه،لسبب بسيط هو أن القائمين على هذا المنبر الاعلامي أو ذاك لايمكن أن يجازفوا ويضعوا سمعة الجريدة في الميزان بنشر هكذا خبر من العيار الثقيل لو لم تكن مصادرهم ،حسب ما قالوا،موثوقة. ان خبر نقل الملف من يد الى أخرى ،خصوصا بعد أن ذكرت الجريدة التداعيات التي اقتضت هذا النقل وبالأخص أن ذلك ،حسب اخبار اليوم،كان بأمر من الجهات العليا في البلاد ،ان هذا الخبر لا يخلو من أهمية،ولكن الأهم منه في تقديري ،وحسب نفس المصدر السابق،أن الملف الآن أصبح تحت الاشراف المباشر لجلالة الملك. وسبق لي أن قلت في تصريح لأسبوعية (العدالة والتنمية):ان اعتقال أخوينا ،ومن معهما من باقي المعتقلين السياسيين الستة،كان وراءه قرار سياسي ولا يمكن حل هذا الملف الا بقرار سياسي أسما منه لهذا،قلت، ننتظر تدخل ملك البلاد لوضع حد لهذا العبث بأمن المواطنين وحريتهم . لأنه يبدو أن هناك بعض النخب الأمنية اما أنها لم تستوعب بعد التحولات الهامة التي عرفها المغرب بمجئ الملك محمد السادس وما رافقه من شعارات ومراجعات عملية لأخطاء الماضي القريب،أو أنها استوعبت ذلك فعلا لكنها خافت على مصالحها من أن تعصف بها رياح التغيير،فتحركت جيوب المقاومة فيها للتصدي لأي تحول وانفتاح وارتفاع لمنسوب الحرية بدأت بلادنا تتنسم نفحاته مع العهد الجديد. البديل الحضاري في واقع الأمر عرف انتعاشته أو لنقل ولادته الثانية مع مجئ الملك محمد السادس الى عرش المملكة اواخر التسعينيات من القرن الماضي، حيث كانت الخطوات الديمقراطية الهامة التي أقدم عليها فضاء تنفس فيه البديل أجواء الحرية وصار يأخذ يوما بعد اخر مكانه داخل النسيج السياسي المغربي، وفي جميع الخطوات كان الحزب في تمام الانسجام مع اللغة البناءة التي عرفت عند الملك محمد السادس والذي في الحقيقة كان له بعد الله الفضل في الترخيص للحزب ،الا ان جهات معينة على ما يبدو غاضها أن ترى مثل هذه الدينامية الديمقراطية في بلادنا فقررت المكر ضد الحزب انتقاما منه أولا ثم اجهازا على مشروعه الاسلامي السلمي وكذلك اسقاطا للخطوات الملكية وابراز كما لوأنها مخدوعة في الذين يرفعون شعار الاسلاميين الديمقراطيين *وأين هي تنسيقية عائلات السياسيين المعتقلين؟ **مع احترامي للطريقة التي طرحتم بها السؤال،اسمحوا لي أن أقول لكم أنها تستبطن انتقاصا ،أو هكذا بدا لي على الأقل،من المجهود الكبير الذي تقوم به زوجات المعتقلين السياسيين الستة،وربنا عز وجل نهانا عن أن نبخس الناس-كل الناس مهما كانت عقائدهم-أعمالهم. فاضافة الى تأسيس التنسيقية قمن بحملة تعريفية بمظلومية أزواجهن اما عن طريق الاتصالات المباشرة أو عن طريق التصريحات الصحفية ،كما قمن بانشاء موقع الكتروني خاص بالتنسيقية،نظمن عدة وقفات احتجاجية أمام ملحقة الاستئناف بالمحكمة الابتدائية بسلا،نظمن بتنسيق ومشاركة اللجنة الوطنية لدعم المعتقلين الستة مهرجانا خطابيا بقاعة الشهيد المهدي بنبركة بالرباط، ،نظمن عدة ندوات …لم يتخلفن عن أي نشاط دعين اليه من هذه الهيأة أو تلك.سافرت الأخت سكينة قدا لتمثيل التنسيقية مرة الى دمشق لحضور أشغال المؤتمر القومي الاسلامي وأخرى الى باريس لحضور أشغال الندوة التي دعت اليها لجنة التنسيق بين أكثر من45منظمة حقوقية عربية وأوربية،دون أن ننسى طبعا الزيارات الأسبوعية المنتظمة لأزواجهن في المعتقل،أضف الى ذلك القيام بأشغال البيت ورعاية الأطفال ومحاولة ملء الفراغ الذي خلفه اعتقال الأب.أضف الى كل هذا تحمل نفقات ذهاب واياب واقامة المراقبين الحقوقيين الذين يأتون من الخارج لمتابعة أطوار المحاكمة. ربما،وبعد كل هذا الذي سمعت مع الاختصار الشديد،يدور بذهنك الآن سؤال آخر:من أين لهن تغطية كل هذه النفقات ؟صدقني اذا قلت لك أن كل ذلك على حسابهن الخاص ومن رواتبهن ولم أسمع يوما أنهن طلبن دعما ماديا من أية جهة كانت ،وحتى رواتب أزواجهن تم توقيفها منذ الشهر الأول من الاعتقال. *كيف هو الجسم التنظيمي لحزب البديل الحضاري بعد الحل؟ **اننا جميعا نعتبر أن ظلما لحق بنا سواء تعلق الأمر باعتقال قياديين بارزين من طينة الأخوين المعتصم والأمين أو بحل الحزب لهذا فالجميع متشبث بحزب البديل الحضاري وعاقدين العزم على استرجاع الحق ولو بعد حين وننتظر من القضاء أن ينصفنا. ولقد بلغنا أنه تم الاتصال بعدد من مناضلينا من بعض الأحزاب وقدموا لهم عروضا مغرية من أجل الانضمام اليها لكن الرد كان حازما ومفاجئا لمن قدموا العروض بأن لا بديل لنا عن البديل الحضاري ،فتحية اكبار لهؤلاء القابضين على الجمر في انتظار الفرج ان شاء الله،ان الأيام والتجارب علمتنا أن الأمر كلما ضاق اتسع. وخلو لوائح الانتخابات المحلية لكل الأحزاب من أي اسم لأخ أو أخت من أبناء البديل أكبر دليل على ما ذهبت اليه،خصوصا أن أمرا كهذا ما كان ليخفى لو حصل ،علما أنه قدمت لبعضهم وعود بأن يكونوا وكلاء لوائح لكنهم رفضوا. *هل هناك تنسيق بين حزب البديل الحضاري وحزب الأمة؟ **مادامت هناك لجنة وطنية لدعم المعتقلين السياسيين الستة وتضم من بين أعضائها –حسب علمي- ممثلا عن كل هيأة سياسية معنية بهذا الاعتقال ،فان التنسيق بين جميع هذه الهيآت يتم على هذا المستوى والكل ملزم بالخضوع لأجندة هذه اللجنة .ولولى الظروف التي فرضت علينا لكان التنسيق جار بيننا وبين اخوتنا في حزب الأمة فهم أحبتنا وما يجمعنا من تقارب في الأفكار والرؤا أكثر مما نختلف فيه. وحديثي عن لجنة الدعم لو ولن ينسيني لجنة الدفاع عن هؤلاء المعتقلين السياسيين والتي تضم محامين أجلاء هم في الحقيقة مفخرة لهذا الوطن آمنوا بعدالة قضية المعتقلين السياسيين الستة وببراءتهم منذ اليوم الأول لاعتقالهم فانبروا متطوعين للدفاع عنهم ولم يألوا جهدا في ذلك ،لهذا أغتنم فرصة الحوار معكم لأجدد لهم التحية والتقدير.
نورالدين علوش-المغرب
حركتا فتح وحماس تتفقان على إنهاء ملف الاعتقال
السياسي وتبادل قوائم المعتقلين تمهيدا للإفراج عنهم
غزة / سما / عقد ممثلون عن حركتي فتح وحماس اجتماعين متزامنين الاحد في كل من مدينتي غزة ورام الله اتفقا في ختامهما على رفض الاعتقال السياسي ووقفه, في خطوة هي الاولى من نوعها لتخفيف حدة الاحتقان وتهيئة الاجواء لجلسات الحوار المقرر عقدها في مصر الشهر المقبل. وقال ابراهيم ابو النجا رئيس وفد حركة فتح الى اجتماع غزة في مؤتمر صحافي عصر الاحد ان الحركتين « اتفقتا على انهاء ملف الاعتقالات السياسية المرفوض من الجميع وتبادل قوائم المعتقلين في الضفة وغزة ». واضاف انه تم الاتفاق على ان تبقى لجنة المصالحة الفلسطينية « في حالة انعقاد دائم حرصا من الجميع علي انهاء الانقسام ووضع حد لكل ما من شأنه تعكير الاجواء ». من جهته قال ايمن طه القيادي في حركة حماس ان هذه اللقاءات تاتي « في اطار الحرص الفلسطيني على انهاء حالة الانقسام خاصة بعد حوارات القاهرة ومن اجل الوقوف على القضايا العالقة والعمل على تهيئة الاجواء للوصول لما يحقق الآمال بانهاء حالة الانقسام والتوقيع علي اتفاق في السابع من تموز/يوليو » موعد الاجتماع المقرر في القاهرة بين الفصائل الفلسطينية. وفي رام الله قال عزام الاحمد الذي ترأس وفد حركة فتح الى الاجتماع الذي عقد في هذه المدينة في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع عمر عبد الرازق رئيس وفد حركة حماس « اتفقا على رفض الاعتقال السياسي من حيث المبدأ لانه مخالف للقانون الفلسطيني واتفقا على تبادل قوائم المعتقلين لبدء دراسة حالات الاعتقال ». واكد ان الايام القادمة « ستشهد خطوات على الارض لتنفيذ ما اتفق عليه ».لكن الاحمد حرص على التوضيح ان الاجهزة الامنية الفلسطينية « ليست تابعة لحركة فتح » مشددا على ان « من حق الاجهزة الامنية ان تعتقل وفق القانون الفلسطيني ». بدوره اكد عمر عبد الرازق ما قاله الاحمد بشأن الاتفاق على وقف الاعتقالات السياسية, مشيرا الى ان وفد حماس مفوض بالاتفاق وتنفيذ كل ما يتفق عليه مع فتح في الضفة الغربية وقطاع غزة مضيفا انه « تم اعتماد تقارير الهيئة الفلسطينية المستقلة لتعريف الاعتقال السياسي باعتبارها هيئة مستقلة ». وتابع المسؤول في حماس « سندرس الحلول المقترحه من مصر من اجل التوصل الى حل وسط بين الطرفين ». لكن المؤتمر الصحافي اظهر اختلافا بين فتح وحماس على مسألة التوصل الى اتفاق ينهي الانقسام الفلسطيني. وبينما قال عبد الرازق انه « لا يوجد مواعيد مقدسة لدى حماس بخصوص موعد السابع من تموز/يوليو » في القاهرة, قال الاحمد « ان فتح تعتبر موعد السابع من تموز/يوليو مقدسا لاننا نريد انهاء الاحتلال الاسرائيلي ولان الانقسام الفلسطيني هو السلاح الاقوى في يد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ». وتابع الاحمد « خلال حوار القاهرة تم الاتفاق على تشكيل لجنة فصائلية لتنفيذ ما يتفق عليه تكون مرجعيتها الرئيس محمود عباس رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الفلسطينية ودولة فلسطين وقد وافقت حماس على ذلك ». واضاف المسؤول في حركة فتح « نتطلع لانهاء الانقسام باسرع وقت ممكن حتى نستطيع مواجهة اليمين الاسرائيلي كشعب فلسطيني موحدين وان نستغل الاجواء الايجابية من قبل المجتمع الدولي خاصة بعهد ادارة الرئيس باراك اوباما ». وخلص الاحمد الى القول « المهم الخروج من حالة الانقسام التي يعيشها شعبنا وندعو كل فئات وفصائل الشعب الفلسطيني للضغط على الجميع لانهاء الانقسام وللتخلص من الاثار السلبية له ». وشارك في اجتاع غزة عن حركة فتح كل من ابراهيم ابو النجا وعبد الله ابو سمهدانه واشرف جمعة, وعن حركة حماس كل من جمال ابو هاشم وايمن طه واسماعيل الاشقر.في حين شارك في اجتماع رام الله عن فتح كل من عزام الاحمد رئيس كتلة فتح البرلمانية والنائبان محمود العالول وجهاد ابو زنيب, وعن حماس النواب عمر عبد الرازق وعبد الرحمن زيدان وسميرة حلايقة. وكان القيادي في فتح ابراهيم ابو النجا قال لوكالة فرانس برس قبل الاجتماع ان « لجنة المصالحة التي تضم حركتي فتح وحماس ستجتمع اليوم للمرة الاولى في كل من رام الله وغزة للبحث في التخفيف من حالة الاحتقان ومحاولة تهيئة الاجواء قبل انطلاق جلسات الحوار » في السابع من تموز/يوليو المقبل في القاهرة. واضاف ابو النجا ان الاجتماع الذي يأتي « بطلب من الاخوة المصريين وبحضورهم » يأتي بعد عامين من سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في 14 حزيران/يونيو 2007 . واوضح انه « سيتم بحث كافة القضايا اليومية خاصة الاعتقالات وملف المطاردين والمؤسسات المغلقة في الضفة الغربية وقطاع غزة وكل ما من شأنه ان يسهل مهام وعمل اللجان الاخرى ويخفف من حدة الاحتقان ». وكان فوزي برهوم المتحدث باسم حركة حماس قال لفرانس برس ان الاجتماع يعقد « برعاية مصرية من اجل النظر في ملف المعتقلين وحلحلة العقد الميدانية من اجل تهيئة اجواء الحوار ». ولجنة المصالحة المكلفة متابعة التجاوزات الميدانية لتهيئة الاجواء للحوار, هي احدى اللجان الخمس التي تم تشكيلها في الجلسة الاولى للحوار نهاية شباط/فبراير الماضي في القاهرة. وكانت الجولة الخامسة من الحوار بين حركتي فتح وحماس اختتمت في القاهرة الشهر الماضي بلا اختراق رغم اصرار مصر على ان ينتهي الى اتفاق للمصالحة حددت السابع من تموز/يوليو المقبل موعدا لتوقيعه. وتصاعدت حدة التوتر بين حركتي فتح وحماس عقب اشتباكات وقعت مطلع الشهر الجاري بين اجهزة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقياديين عسكريين في كتائب القسام, الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية (حماس). وقد اسفرت هذه المواجهات عن مقتل تسعة فلسطينيين بينهم اربعة من افراد الاجهزة الامنية واربعة من كتائب القسام, ومدني واحد. (المصدر: وكالة الانباء الفلسطينية ( سما ) بتاريخ 14 جوان 2009)
أكثر من 20 ألف يشاركون في مخيمات صيفية لحفظ القرآن في قطاع غزة
عادل الزعنون غزة / سما / بعد صلاة الفجر, توزع اكثر من عشرين الف شخص تراوح اعمار غالبيتهم بين 12 و20 عاما على 260 مسجدا ومدرسة ومؤسسة في انحاء قطاع غزة للمشاركة في حلقات لتعلم القرآن والعلوم الدينية من دون استبعاد التطرق الى الوضع السياسي. واكد انور نصار مدير المخيمات التي اطلق عليها اسم « تاج الوقار » والتي تديرها دار القران الكريم, مشاركة « اكثر من عشرين الف مواطن ومواطنة غالبيتهم من تلاميذ الثانويات وطلاب الجامعات ». وتتولى 13 الفا منهم جمعية دار القران وسبعة الاف وزارة الاوقاف وجمعية الشابات المسلمات. وبدا نصار مرتاحا الى الاقبال الشديد هذا العام على هذه المخيمات التي تستمر 60 يوما. وقال « حققنا زيادة باربعة اضعاف عن العام الماضي », واضاف « كلما اشتد الحصار والتضييق على قطاع غزة اندفع الشباب واولياء الامور للتوجه نحو التدين وعلوم القران ». وفي صف داخل مسجد مرج الزهور في شمال غزة, انهمكت الاء الرملاوي (16 عاما) في توجيه ارشادات لتلميذاتها العشر اللواتي لا يتجاوزن 12 عاما ويرتدين لباسا ابيضا طويلا وغطاء رأس ويمسكن بنسخ من القرآن. وقالت الاء التي تفخر بانها تحفظ القرآن ولا تنتمي الى حماس « لا سبيل لنا الا العلم. يريد العدو (الاسرائيلي) ان يقضي علينا بالحصار والفقر والقصف ». ويعتبر نحو 60 في المئة من المشاركين في هذه المخيمات من غير المنتمين الى حماس اومناصريها, وهذا مكسب للحركة وفقا لنصار. ولا تضم غزة متنزهات او دور سينما او حدائق عامة, ما يدفع الاباء لارسال ابنائهم الى مثل هذه المخيمات, كما حصل مع ابو هيثم الذي اصر على ضم ابنه هيثم (15 عاما) الى مخيم للقرآن اقيم في مدرسة حكومية قرب منزله في غرب مدينة غزة. وقال ابو هيثم الموظف في مؤسسة تابعة للسلطة الفلسطينية والذي احجم عن العمل منذ سيطرة الحكومة المنتخبة على القطاع « ارسلت ابني الى المخيم ليتربى على الدين فنحن مسلمون ». لكنه اكد حرصه على عدم انضمام ابنه الوحيد الى اي فصيل فلسطيني. وتفخر ام محمد بانها ارسلت بناتها الثلاث واكبرهن في المرحلة الاعدادية الى مخيم في الطابق الثاني من مسجد قريب من منزلها في حي النصر بغزة لتعلم القرآن. وقالت هذه المرأة التي تضع على وجهها نقابا بنيا « كل السبل مغلقة. لا مستقبل للبنات الا بتعلم الدين والقرآن ليساهمن في تربية اولادهن على خدمة فلسطين والاسلام ». واضافت « كل شيء يقود الى الاحباط ويجب ان نكون اقوياء ». وتواصل سلطة حماس التي يبدو انها لم تهتز في غزة رغم استمرار الضغوط الدولية وتشديد الحصار الاسرائيلي عليها منذ حزيران/يونيو 2007, بناء مؤسساتها والتركيز على برامج الشباب والاطفال. واوضح نصار انه يتم التركيز على المتفوقين من التلاميذ وطلاب الجامعات لضمهم الى هذه المخيمات التي تبلغ كلفتها هذا العام ثلاثة ملايين ونصف مليون دولار تقدمها مؤسسات خيرية عربية واسلامية, على قوله. ويحرص المشرفون على تنظيم زيارات لمسؤولين في « سلطة حماس » لتمكينهم من الاطلاع على طبيعة الفئات المشاركة. واعتبر الشيخ حمزة صاحب اللحية الكبيرة والبالغ 22 عاما ان حماس « تهتم بالشباب منذ الطفولة », مضيفا « التربية وتعليم القران جزء من الدين. هذه الاجيال تعتمد عليها الحركة في الصمود ومواجهة الاعداء ». ويتولى 1200 مشرف ومشرفة تنظيم هذه المخيمات مقابل مكافأة شهرية قيمتها الف شيكل (250 دولارا), وثمة محاضرات يلقيها عشرات من اساتذة الجامعات وخطباء المساجد في شكل دوري. وتتابع جمعية دار القرآن المتفوقين في هذه المخيمات لمتابعة دراستهم الجامعية خصوصا في الهندسة والطب. ولا يقتصر نشاط الحركة الصيفي على مخيمات القرآن, فقد بدأت السبت ايضا مخيمات صيفية ثقافية وترفيهية متخصصة يشارك فيها 100 الف تلميذ تتجاوز اعمارهم عشرة اعوام. وقال ايمن دلول المسؤول الاعلامي في المخيمات الصيفية التي سميت « انتصار غزة للقدس عزة » « سيتعلم المشاركون والمشاركات فنون السباحة وركوب الخيل والتاريخ ». واضاف « هناك مخيمات متخصصة في الكشافة والتكنولوجيا والكومبيوتر », مشددا على ان هذه المخيمات « لن تشمل اي تدريبات ذات طابع عسكري ». وكانت الحكومة المنتخبة بقيادة حماس سيطرت كليا على قطاع غزة في 14 حزيران/يونيو 2007 بعد مواجهات دامية مع قوات عباس الموالية للإحتلال. (المصدر: وكالة الانباء الفلسطينية ( سما ) بتاريخ 14 جوان 2009)
رد قوى المقاومة والممانعة على إستراتيجية أوباما
ياسر الزعاترة في حين كانت ملامح إستراتيجية أوباما قد اتضحت منذ شهور، ربما قبل فوزه بالرئاسة، وبالطبع في سياق من قناعة المؤسسة العسكرية والأمنية الأميركية بضرورة العمل الحثيث على الخروج من المستنقعات التي تورطت فيها إدارة بوش وأضرت بمصالح الولايات المتحدة وهيبتها، فإن الإستراتيجية المذكورة تبدو اليوم أكثر خطورة بعد خطاب جامعة القاهرة في الرابع من يونيو/حزيران (التوقيت لم يكن صدفة بحال). ليس بسبب مضمونه الحقيقي، ولكن بسبب غلافه الجميل الذي ثبت أنه استهوى العديد من القوى والرموز في العالم العربي والإسلامي، أكان قناعة بأنه محطة لتغيير حقيقي في التعاطي الأميركي مع قضايا المسلمين، أم لمجرد ترويج التغيير لاعتبارات ذات صلة بسياسات بعض الدول، لا سيما تلك التي تنتمي إلى ما يعرف بمحور الاعتدال. والحق أن الخطاب كان ذكيا ومتقنا إلى حد كبير، وفيما كان النص معدا ووزع على الوكالات بعد الحفل، إلا أن الرجل الذي ألقاه مرتجلا لم يغادر المضامين المكتوبة، حيث حفظها بالكامل، وألقاها بطريقة فيها الكثير من التميز، بما في ذلك النصوص الدينية، لا سيما أننا نتحدث عن نص يتجاوز خمسة آلاف كلمة. لا خلاف على أن لون الرجل وأصله (والده كيني مسلم، بينما هو مسيحي)، قد وضع بعض المستمعين في حالة استلاب، أي أننا كنا إزاء « عين رضا » تبحث عن الجوانب الإيجابية، وقديما قال الشاعر العربي « وعين الرضا عن كل عيب كليلة، ولكن عين السخط تبدي المساويا ». من هنا تبدو مهمة قوى المقاومة والممانعة بالغة الصعوبة للرد على إستراتيجية أوباما، لأن المطلوب قبل الرد هو العمل على إقناع الجماهير بأن الرجل لم يغادر المواقع الأميركية التقليدية من صراعاتنا، وأن بلاده لن تخلع ثوبها الإمبريالي، فضلا عن ضرورة النظر إلى فعل يديه وليس إلى مدحه للمسلمين وابتساماته في وجوههم. بعد هذا الجهد الضروري تأتي عملية المواجهة مع مخطط الرجل الرامي إلى دفع الأنظمة العربية إلى مساعدته للخروج من المستنقعات التي تتخبط فيها بلاده، ومن ثم استدراجنا إلى مواقف تضر بقضايانا الرئيسة. في السياق الأول يمكن القول إن تفرد الولايات المتحدة بالمشهد الدولي لم يكن يوما في صالح العرب والمسلمين، بل إنهم كانوا الأكثر تضررا منه، وقد تأكد ذلك من خلال الانحياز الدائم للدولة العبرية، إضافة إلى مسلسل الحروب التي شنت عليهم، والاستهداف الذي تعرضوا له، فضلا عن دعم أنظمتهم الفاسدة، والاستمرار في السياسة الرامية إلى إبقائهم في حالة من التشرذم والتبعية على مختلف الأصعدة. من المؤكد أن التعددية القطبية في المشهد الدولي هي الوضع الأفضل لخدمة قضايا أمتنا، ومعها سائر المستضعفين في الأرض، وليس من مصلحتنا أبدا مساعدة أميركا على استعادة قوتها ونفوذها من جديد بعدما أخذت في التراجع التدريجي بسبب المغامرات التي ورطها فيها جورج بوش، بل لعل من الأفضل لنا ولقضايانا أن نساعد على المزيد من تراخي القبضة الأميركية على المشهد الدولي، أكان بتكريس فشلها هنا وهناك، أم بفتح مجالات للتعاون مع القوى الكبرى الصاعدة مثل روسيا والصين والبرازيل ودول أميركا اللاتينية. من الواضح أن أوباما يريدنا أن نحقق له الهدفين معا، فهو يريد منا مساعدته في حل معضلاته المتفاقمة، في ذات الوقت الذي يريدنا أن نبقى أسرى العلاقة مع بلاده بعيدا عن فتح مجالات تعاون مع القوى الكبرى المنافسة، والتي تسعى بدورها إلى دور ونفوذ في هذه المنطقة الحيوية من العالم. في مواجهة إستراتيجية أوباما، ثمة عنوانان رئيسان على قوى المقاومة والممانعة التوقف عندهما، أولهما ذلك المتعلق بموقف واشنطن من الأنظمة العربية، إذ من الواضح أن الصفقة التي حكمت العلاقة بين تلك الأنظمة وبين الولايات المتحدة في مرحلة بوش الثانية ستبقى قائمة، أعني عدم الضغط عليها في مجال الديمقراطية والإصلاح مقابل الدفع من جيب قضايا الأمة الكبيرة في فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال والسودان. وفي حين تبدو قضية الإصلاح بالغة الأهمية بالنسبة لقوى الأمة الحية، فإن المطلوب هو تصعيد النضال السلمي داخل كل قطر من أجل دفع عجلة الإصلاح، بل التغيير الجذري إن أمكن ذلك، لا سيما بعد أن ثبت أن ديمقراطية الديكور القائمة لا تأتي بإصلاح حقيقي مهما رفع رقم « كوتا المعارضة » في مجالس النواب، ومن الضروري أيضا فضح الصفقة المذكورة للجماهير حتى تكون على بينة من أمرها. العنوان الكبير الثاني هو المتعلق بقضايا الأمة الرئيسة، وأولها قضية فلسطين، وهنا يمكن القول إن مخطط أوباما للتسوية يستحق المواجهة، ولا ينبغي الركون إلى مقولات تشدد نتنياهو، وقد قال أوباما نفسه في لقاء صحفي عقب خطاب القاهرة إن هذا الأخير أقدر على صناعة السلام من قوى اليسار، لا سيما أن ما سيُعرض عليه سيكون مغريا إلى حد كبير، وسيحظى على الأرجح بغالبية في الداخل إذا انضم كاديما إلى الائتلاف الحاكم، كما سيحظى بدعم من قادة كبار في اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة. عندما يتحدث أوباما عن حل الدولتين ينسى المهللون أنه طرح بوش وشارون، أما وقف الاستيطان فهو نداء زعماء أميركا منذ عقود لقادة الدولة العبرية بلا جدوى، لكن خطاب القاهرة استبطن من جهة أخرى مطلب تغيير المبادرة العربية، حين قال إنها ليست كافية، ما يعني شطب حق العودة والتطبيع المبكر، فكيف حين نعلم أن رئيس السلطة قد وافق عمليا على معظم النقاط الإشكالية في التسوية (شطب حق العودة، بقاء الكتل الاستيطانية الكبيرة تحت بند تبادل الأراضي، السيادة المنقوصة)، والنتيجة أن التسوية ليست مستبعدة إذا وافق نتنياهو على منح السلطة حصة بسيطة في القدس الشرقية تقام عليها عاصمة الدولة، وبترتيبات طرف ثالث للمقدسات الإسلامية كما ذهب أحد وزراء السلطة. مثل هذا الحل هو تصفية للقضية الفلسطينية، لأن دولته الفلسطينية العتيدة بائسة أيما بؤس، وقد تؤدي إلى رحيل الكثير من السكان نحو الأردن الذي يؤوي أغلبية اللاجئين، فضلا عن ترتيبات لا يمكن استبعادها لإلحاق الضفة الغربية به، لكن انتظاره يفعل ذات الشيء أيضا، فهو يعني كما ذهب أوباما « نبذ العنف » والاستمرار في تنفيذ البند الأول من خريطة الطريق، أي شطب المقاومة بالكامل وتكريس الدولة المؤقتة القائمة، بصرف النظر عن المدى الزمني الذي ستستغرقه المفاوضات. لا بد من مواجهة صارمة لمثل هذا الحل، الأمر الذي لن ينجح من دون توافق قوى المقاومة، ومن ضمنها قطاعات من فتح على رفض ديمقراطية السلطة، بل حتى وجودها إذا اقتضى الأمر، ورفع شعار المقاومة حتى دحر الاحتلال دون قيد أو شرط عن الضفة الغربية، مع إدارة بالتوافق لقطاع غزة كقاعدة شبه محررة للمقاومة، وتجييش دعم شعبي عربي وإسلامي، مع ما تيسر من دعم رسمي لهذا المسار. في العراق، لا ينبغي الركون بحال لوعود الانسحاب، وعلى قوى المقاومة التي تصاعد فعلها بشكل جيد في الشهرين الماضيين، أن تواصل هذا التصعيد وأن تجعل خروج القوات الأميركية إذا تم بالفعل، خروجا تحت النار، كما كان خروج الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان، الأمر الذي يتطلب مزيدا من التنسيق بين فصائلها، لاسيما أن كتلة كبيرة منها قد منحت الشيخ حارث الضاري، الأمين العام لهيئة علماء المسلمين حق التحدث باسمها. في أفغانستان ينبغي أن تتواصل سياسة الاستنزاف لقوات الاحتلال، ومن ثم التصدي لمحاولات اختراق جبهة طالبان، الأمر الذي يحدث من خلال بعض الدول العربية، ولعل استمرار التصعيد سيدفع في اتجاه زيادة عدد القوات الأميركية هناك، ما يعني منح طالبان قدرة أكبر على استنزافها، والخلاصة أن شعار خروج القوات الأميركية من دون شروط ينبغي أن يبقى على حاله. في باكستان، على القوى الإسلامية أن تتصدى بقوة للتدخل الأميركي الذي أفشل اتفاق وادي سوات وأنشأ حالة عدم الاستقرار في المنطقة، ليس حفاظا على وحدة البلاد ومصالحها فحسب (قدراتها النووية مستهدفة من دون شك)، بل حفاظا على خطوط إمداد حركة طالبان الأفغانية أيضا، لا سيما أن انتصار الحركة يشكل مصلحة لباكستان وأمنها القومي. القضية الأخرى البالغة الأهمية هي قضية المواجهة مع إيران، وهنا يجدر التنبه إلى أن خطاب أوباما حيالها لم يأت بجديد، فهو يمد يدا ناعمة، لكن المطلوب هو ذاته (شطب الخيار النووي، ووقف دعم قوى المقاومة)، ولذلك ينبغي التصدي لمقولة الخطر الإيراني الذي يتقدم على خطر المشروع الصهيوني الأميركي، ليس لأنه محض تزوير على الأمة، حتى لو صح أن لإيران طموحاتها التي يمكن التصدي لها عربيا بطرق مختلفة، أو عبر تفاهم مع طهران على الملفات الإشكالية بين الطرفين، بل أيضا لأن أي هجمة عسكرية على إيران لن تكون في صالح الأمة، لا سيما إذا مضى البعض في لعبة الحشد المذهبي تحضيرا لتلك الهجمة. لا شك أن سوريا هي في قلب هذه المعركة، لا سيما بعد تجاهلها في خطاب أوباما ومساعي إبعادها عن إيران بدون ثمن يذكر، مع العلم أن تسوية وضعها الداخلي عبر انفتاح على قوى المعارضة الوطنية سيشكل نقطة إيجابية لصالح تمتين جبهة المقاومة والممانعة. هي إذن معركة بالغة الأهمية تخوضها الأمة، وسيتحدد بناء على نتيجتها شكل المنطقة وهويتها ومستقبل شعوبها، بل وربما مستقبل العالم ككل، بين أن يعود من جديد أسيرا لأحادية قطبية مدججة بالروح الإمبريالية، وبين أن يمضي نحو تعددية تخدم أمتنا ومشروع نهوضها، بل تخدم سائر المستضعفين في العالم. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 13 جوان 2009)
الانقلاب على بريمر
فاضل الربيعي إذا كان إسقاط نظام صدام حسين والتخلص من أطيافه التي كانت تحوم حول أسرة نوم العراقيين تطلّب نحوا من ثلاثين عاما من النضال والتضحيات كما يقال اليوم، فإنه لمن خدع التاريخ أن يكتشف العراقيون -ذات يوم غير بعيد- أن التخلص من بول بريمر وطرد أشباحه التي تقض مضاجعهم صباح مساء، قد تتطلب وقتا أطول بكثير. ومثلما بدا من تصريحات رئيس الوزراء نوري المالكي المترعة بالجزع من « صيغة التوافق » الطائفية التي ظلت تتحكم في اللعبة الديمقراطية، فقد يبدو الانقلاب على بريمر والتخلص من أشباحه السبيل الوحيد المتروك سلما أمام العراقيين لإعادة بناء دولة على أسس جديدة، لا مكان في دستورها لثقافة المحاصة وتقاسم الغنائم. ومع ذلك، فإن أي تحليل نزيه وموضوعي لمأزق « إعادة بناء الدولة »، سيكشف عن الحقيقة الوحيدة الجديرة بالتأمل، وهي أنه أكبر وأعقد بكثير من مجرد إعادة الإعمار أو محاربة الفساد أو وقف التدهور الأمني أو مواجهة المليشيات والجماعات الإرهابية. وهو يتعدى بكثير، حدود النجاح في مواجهة هذه المهام مجتمعة. إنه مأزق « الانقلاب على بريمر » والقدرة على تحديه وإسقاطه. صحيح أن الحاكم المدني الأميركي بول بريمر بعد الاحتلال غادر العراق منذ وقت طويل، ولكن الصحيح أيضا أنه ترك في هذا البلد تعيس الحظ، « عقدة في المنشار » قد يصعب أو يستحيل معالجتها من دون استخدام القوة. وما أشد ما يبدو النظام السياسي الراهن في العراق كأنه -بعدما تخلص من شبح صدام حسين- بات أسير الخوف من أطياف بريمر التي تسهر عند مهده، فتعيد كل مساء تذكيره بحقيقة العقدة التي تخنقه. وبكلام آخر أدق، فإن أي تحليل واقعي سيكشف لنا حقيقة أن مأزق عملية إعادة بناء الدولة، يكمن في فشل النخب السياسية العراقية أمام تحدي الصيغة « الكونكريتية » التي وضع بريمر لبنتها الأولى، حين شرع في إنشاء صيغة شيطانية لتوزيع السلطة بين الطوائف. دعونا نعود إلى الوراء قليلا، ولنتأمل في طبيعة المأزق الراهن، فمنذ جرت أولى عمليات محو وتفكيك الدولة في العراق بعد الاحتلال الأميركي يوم 9 أبريل/نيسان 2003 مباشرة، حين صدر القرار الشهير بحل الجيش وإلغاء بعض الوزارات (ومنها وزارة الإعلام والأوقاف الدينية التي انشطرت إلى هيئتين إحداهما للوقف الشيعي وأخرى للوقف السني) ثم طوال السنوات الست الماضية، والنقاش يتواصل دون كلل ولا ملل حول إعادة بناء الدولة. بيد أن هذا النقاش يكاد يجري بين النخب السياسية بصورة منهجية تحت سقف خطاب طائفي بناه بريمر بيديه العاريتين. وتحت هذا السقف أصاخ العراقيون السمع بعيون دامعة، لموشح إعادة بناء دولة يستعيدون مع ذكراها، أمجاد خمسة آلاف عام هي عمر بلدهم العتيق في التاريخ، ولكن من دون أي دليل على أن هناك عملية إعادة بناء حقيقية. ولذلك فما أشد ما يبدو التناقض في السجال الدائر الآن فاضحا ومحيرا، فهو يجري بين خطابين رائجين في الحياة السياسية لا يمكن التوفيق بينهما: خطاب يقوم على الترويج والدفاع عن الحق في تنظيم المحاصصة الطائفية وتكريسها كثقافة سياسية، وخطاب آخر يصدح بموشح إعادة بناء الدولة. وكان السؤال المحير ولا يزال هو: كيف يمكن بناء دولة جديدة لجميع مواطنيها، بينما تنادي كل طائفة بحصتها من العراق القديم؟ لقد تبنت الخطاب الطائفي السائد معظم -وربما كل- الجماعات الحالية بما فيها الليبرالية، بل هي التي هللت له ودافعت عنه وبررته بوصفه انتصارا للعراق الجديد. والآن ذهبت السكرة وجاءت الفكرة، فبعد ست سنوات من تطبيق صيغة بريمر للحكم، لم يعد بوسع أي حزب أن يتبرأ أو يتنكر لمسؤوليته عن هذه اللحظة من التاريخ العراقي، حين أعاد موظف أميركي من الدرجة الثالثة صياغة أفكار وبرامج وسياسات الأحزاب العراقية، ليضعها في سياق تصوراته هو عن الدولة الجديدة للعراقيين. هذه الدولة التي لم تكن وليست سوى مشروع قابل للانشطار إلى « دويلات » ملوك طوائف جدد، يصارع بعضهم بعضا دون هوادة. وأكثر ما أثار الدهشة في الأيام الأولى التي أعقبت سقوط صدام حسين أن النقاش بين الحاكم المدني الأميركي بول بريمر وقادة الأحزاب العراقية اتخذ منحى غير مسبوق في الثقافة السياسية التقليدية، حين أصر على أن تكون نسبة الشيعة 14 مقعدا، يخصص 13 منها للأحزاب الدينية، أما المقعد الرابع عشر فيخصص للحزب الشيوعي العراقي. كانت عقيدته السياسية تقوم على « توزيع أسلاب العراق » على العراقيين ليتناهبوها دون رحمة. وقد روى بريمر بنفسه في مذكراته التي صدرت بعد مغادرته العراق، كيف أنه طلب هاتفيا من زعيم الحزب الشيوعي -وبما يشبه التهديد- أن يعطي الحزب موافقته فورا على شغل المقعد الرابع عشر عن الطائفة الشيعية وليس عن العلمانيين. وحين وافقت قيادة الحزب الشيوعي على شغل هذا المقعد، وظهر مجلس الحكم إلى الوجود بتركيبته الطائفية كمؤسسة سياسية جماعية حاكمة، كان توزيع السلطة بين ملوك الطوائف يبزغ في تلك اللحظات، كما لو أنه مجرد تعبير عن ثقافة تقاسم سياسي، جوهرها توزيع أسلاب بلد كان ينصهر تحت القصف. وفي اللحظة ذاتها التي كانت تجري فيها عمليات تجريف وتدمير بنى الدولة القديمة، كان توزيع السلطة يتجلى في أسطع الصور كتوزيع لغنيمة حرب بين الأحزاب الكبيرة، كالمجلس الإسلامي الأعلى (الحكيم) وحزب الدعوة (الجعفري) والحزبين الكرديين الديمقراطي الكردستاني (البرزاني) والاتحاد الوطني الكردستاني (الطالباني) والحزب الإسلامي ومعه جبهة التوافق. كان ملوك الطوائف يتقاسمون الغنائم، بينما كانت طوائفهم تخوض في برك الدم. المفارقة المثيرة التي تجلت آنذاك أن صيغة المحاصصة كانت طائفية في الظاهر، أما في الباطن فكانت محاصصة بين أحزاب لا تحظى بأي تأييد حقيقي بين طوائفها. ولذا أصبح توزيع السلطة توزيعا للمنافع والامتيازات بين أحزاب مسلحة، لا بين طوائف وقوميات محرومة ومهمشة. لقد أخذ الحزب الطائفي وباسم الطائفة حصته من السلطة، وأخذ الحزب القومي حصته باسم القومية، في حين ظلت قوميته ترزح تحت عذاب الحياة اليومية القاسية والشاقة، وليحرمها مرة أخرى من أي حق. واليوم حين يشاهد الإنسان ملايين الشيعة الفقراء في الجنوب وهم يعيشون حياة شقاء لا يمكن تصوره بحثا عن ماء صالح للشرب، أو عن لقمة نظيفة، أو ساعة يستريحون فيها تحت سقف مروحة البيت دون أن تنقطع الكهرباء في هذا الوقت من الصيف، فإنه سيدرك حقيقة أن الذين نهبوا العراق باسم الطائفة المحرومة والقومية المظلومة، إنما كانوا ينهبونه لمصالحهم الحزبية والشخصية. ولعل بوسع المرء متى شاء، أن يمعن النظر في المشاهد التلفزيونية المحزنة ذاتها غربي العراق، حيث يعيش الملايين من أبناء السنة حياة شقاء لا توصف. أما في كردستان، فيكفي أن يلقي نظرة فاحصة على وجوه الفلاحين الأكراد، ليعرف بأي نوع من البؤس تلونت حياتهم. لقد كان مجلس الحكم المؤقت هو الشكل المؤسسي الأكثر تعبيرا عن هذا النمط من توزيع السلطة.. كل شيء للحزب المسلح الناطق باسم الطائفة، ولا شيء للطائفة. ولأن « التوافق الطائفي » بين الأحزاب على تقاسم المناصب الحكومية كان يؤدي إلى توافق على خطاب طائفي حتى في صفوف جماعات علمانية وليبرالية، فقد كان أمرا منطقيا أن يصبح كل حزب أو حركة شريكا في الدفاع عن « نظام بريمر ». اليوم، ثمة بوادر على أن التناقض بين خطاب إعادة بناء الدولة وخطاب المحاصصة قد بلغ طريقا مسدودا، وهذا هو جوهر المأزق الراهن في العملية السياسية الجارية في العراق. إن البحث عن مخرج ديمقراطي يجنب البلاد أهوال حرب طائفية جديدة تلوح نُُذرها مع اقتراب موعد الانسحاب الأميركي، هو السبيل الوحيد للحفاظ على العراق كيانا موحدا، لكن المشكلة التي تشخص أمام أبصار كل القوى، سواء المناهضة للعملية السياسية أو الجماعات والقوى المنخرطة فيها، تكمن في أن تخطي سقف الخطاب الطائفي قد لا يتم بوسائل ديمقراطية وسلمية، وأن « فض الاشتباك مع بريمر » قد يتطلب استخدام القوة، أي القيام بثورة تطيح بنظامه. ولذلك، فمن المرجح أن يواجه رئيس الوزراء في صراعه مع نظام المحاصصة، معارضة عنيفة من كل شركائه في الحكم لا من الأميركيين وحدهم. وقد يكون من سخريات القدر أن الانسحاب الأميركي من العراق، سيؤدي -عكس كل التوقعات- إلى تكريس نظام المحاصصة الطائفية، وربما سيترك « أطياف بريمر » تختال مرحا في شوارع المدن العراقية، حيث تستعد الجماعات المسلحة لخوض معركة الحسم. ولعل ما نقل عن كبار المسؤولين الأتراك مؤخرا، يشير إلى أن هذا الاحتمال لم يعد مجرد احتمال، فهم متخوفون من « حرب طائفية جديدة » وعنيفة ومدمرة، قد تؤدي إلى تقسيم العراق. وبحسب ما نقل عن هؤلاء، فإن الأميركيين عبروا عن نيتهم القيام بانسحاب سريع قبل الموعد المقرر. وإذا ما وضعنا تصريحات رئيس الوزراء في سياق هذا الاحتمال، فإنه سيكون في المرحلة المقبلة أمام ثلاثة خيارات صعبة: – إما أن يستبق الانسحاب وخطر اندلاع حرب طائفية، ببناء تحالفات جديدة تقوده إلى خوض معركة جدية ضد « صيغة بريمر » قد تمكنه من تقديم نفسه كزعيم للعراقيين لا لحزب أو طائفة. وكما يبدو من سلسلة معطيات، فإن المالكي لا يبدو قادرا على حشد قوى فعالة في هذه المعركة، ذلك أن مصالح القوى التي كرست صيغة المحاصصة ستعيق انتصاره أو نجاحه في زحزحة « ثقافة الغنيمة ». – وإما أن يؤدي الانسحاب المبكر والسريع للقوات الأميركية إلى تفجر حرب أهلية عنيفة وشرسة، بحيث ينفد الوقت أمامه ولا يتمكن من بناء هذه التحالفات. وفي هذه الحالة ستضطره الظروف إلى إعادة بناء تحالفاته القديمة من أجل مواجهة الخطر، ولذلك فمن المحتمل أن يتخلى عن الصراع ضد « بريمر » لصالح الحفاظ على مكاسب حزبه « الطائفية ». – أو أن يواصل الصراع « ضد بريمر » وينقلب على عقيدة المحاصصة. وفي هذه الحالة سيكون عليه أن يخوض الحرب الطائفية القادمة بنفس السلاح، أي أن يواصل تقديم نفسه للعراقيين كطرف رافض للتقسيم. في مسرحية « فاوست » للكاتب الألماني الشهير غوته، يصارع فاوست الشيطان لوقت طويل، وحين يشعر بالإنهاك والتعب، وأنه لن ينتصر عليه في نهاية المطاف، يتقدم نحوه ويسأله عما يريد منه، فيقول له الشيطان: بعني نفسك، ويعود فاوست ليسأل: وماذا تعطيني لقاء نفسي؟ فيقول الشيطان: كل ما ترغب.. المال والنساء والسلطة. مثل هذا الصراع يدور اليوم في مسرح العراق الدامي بين الطوائف وشياطين بريمر.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 14 جوان 2009)