موقع الحوار.نت :سلطة 7 نوفمبر بتونس تواصل سياسة التهميش والتضييق على نشطاء حقوق الإنسان
نهضة إنفو: افتكاك كاميرا ومصورة رقمية من ناشط حقوقي صــابر : والدة السجينين وليد وخالد العيونى .. من الإرهابي إذا لم يكن النظام التونسى ؟؟؟ الوحدة: قبل انتخابات المحامين:لقاءات في الجهات..وبحث عن التحالفات…وتوقع بعض الانسحابات.. صحيفة « القدس العربي »:معركة نسائية تونسية بسبب.. قط حمزة بن عبد الله: شهيدان وسجين عامر عياد: استبداد المعارضة اخطر من استبداد السلطة فتحي العابد :مقاربة بين فكر الحكومة الإستبدادي وفكر المعارضة الوصائي الطاهر العبيـــــدي:تذكير من أجل التعديل: قراءة غير صامتة في طروحات الدكتور عبد اللطيف المكّي (1) معز السليماني: في الرد على السيد محمد النوري – الجواب الشافي على مشروع المصالحة الحافي د. محمد الهاشمي الحامدي: رسالة جوابية للأخ عبد الرحمن الحامدي م. ع. أبو يوسف: « اللّي ديالنا ماهو ديالو » – حول ردّ المدّعي العام على الأخ عبد الرحمن الحامدي د.محمد بن نصر: الفكرة والفتوى والبزنس الديني د. رجاء بن سلامة: تعفّـن الاجتهاد منجية السوائحي :رضاع الكبير من ثدي الجهالة احميده النيفر: دوار العلماء ومسألة الوراثة النبوية توفيق المديني: المغرب العربي يأخذ مكانه في خريطة العولمة محمد صلاح: معركة الشعار في مصر سامي شورش: فصل آخر من خلافات تركيا: بمن ترتبط لجنة مكافحة الإرهاب؟ الحياة: محكمة تلغي قراراً للجامعة الأميركية بمنع دخول منقّبة وحيد الضاحك الباكي: شعر حسني مبارك ..
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
سلطة 7 نوفمبر بتونس تواصل سياسة التهميش والتضييق على نشطاء حقوق الإنسان
افتكاك كاميرا ومصورة رقمية من ناشط حقوقي
والدة السجينين وليد وخالد العيونى .. من الإرهابي إذا لم يكن النظام التونسى ؟؟؟
أخبار الوحدة
قبل انتخابات المحامين:لقاءات في الجهات..وبحث عن التحالفات…وتوقع بعض الانسحابات..
تلك حدود المعارضة
تخصيص فريقين لصيانة مقبرة الزلاج بالعاصمة
في صفاقس: تلميذ يجري الامتحان في السجن المدني
معركة نسائية تونسية بسبب.. قط
شهيدان وسجين
صلاح الدين باباي ومبروك الزمزمي
و عبد الكريم الهاروني
حمزة بن عبد الله
« الوطنية شعور ينمو في النفس ويزداد لهبه في القلوب كلّما كبرت هموم الوطن وعظمت مصائبه » الجاحظ
وما للمرء خير في حياة إذا عدّ من سقط المتاع
« من أصلح سريرته، فاح عبير فضله، وعبقت القلوب بنشر طيبه.. »
ابن الجوزي في صيد الخاطر
» ثمّ إنّ عبيد السلطة، التي لا حدود لها، هم غير مالكين أنفسهم، و إنّما هم يربّون أنعاما للمستبدّين، وأعوانا لهم عليهم
الكواكبي في طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد
إذ أعرض لشهيدين، أحسبهما كذلك ولا أزكي على الله أحدا، فمعذرة سادتي الشهداء فأنتم كثير في تاريخ الأمة، منذ ياسر و سمية الذين فتحا نهج مصابيح الهدى وسارعا على طريق الحق والحرية والعبودية الخالصة، مرورا بسيّد الشهداء حمزة و بالفاروق عمر عبقرية هذه الأمة، وصولا إلى الشيخ أحمد ياسين ومن لحق به. بل أنتم كثير أيضا في تاريخ تونس منذ الفاتحين في القرن الأول هجري وإلى أيامنا، خمسة عشر قرنا من الشهادة: مقارعة للباطل والظلم والاستبداد و الاستعباد ونصرة لقيم الحق والخير والعدل والحرية.
وإذ أعرض لسجين واحد، فمعذرة أعزائي وأحبّائي سجناء الحق والحرية والكرامة فأنتم كثير على امتداد أرض الله سبحانه، وأنتم كثير خلف القضبان و خارجها ، في تونس على صغر حجمها، بعد أن صيّر الحاكم الجائر الظالم المستبد، بعصا البوليس وسحرة الحزب، بالقمع والإرهاب والزيف والبهتان، بلد الزيتونة والقيروان إلى سجن كبير أوّل المعتقلين فيه والمظلومين جامع الزيتونة الذي مافتئ منارة للعلم لأكثر من ألف عام. بلد حسّان وعقبة، وطارق وابن الفرات، وأبي زيد القيرواني و سحنون وابن عرفة، وغيرهم من الأعلام، صار الحاكم الفرد فيه صنما يعبد وله أحلام: تجفيف الينابيع، والحكم مدى الحياة…
أحلام الاستبداد صفّق لها زبانيته وتغنّى بها تجار الكلمة وألسنة البهتان، وما هم في حقيقتهم على تأويل أحلام الجنرال الرئيس بقادرين ولا بعالمين. و جاءه تأويلها الحقّ من خلف القضبان، منكم أحبّتي السجناء الأباة الأعزّة الصالحين، تلامذة مدرسة يوسف، بما عندكم من خبرة بطبائع الاستبداد والاستعباد. فقلتم له: يا أيّها الملك يلا تاج، يا صاحب الصولة والصولجان، يا صاحب العقلية ألأمنية العمياء، ما تلك سوى أضغاث أحلام، هذا ما قال به ذو لبّّ، أنت تحلم بالمحال. وكذا قال له من خارج القضبان، إخوانكم المحاصرون الثابتون على مشروعهم المتمسكون بحقّهم وبحقّ كلّ تونسي في العدل والحرية والكرامة وأخواتكم المتمسكات بحجابهنّ رداء العفة ورمز الحياء و الإيمان. جميعا سفّهتم أحلام الجور والطغيان برغم القمع و الإرهاب والتعذيب والتجويع.
إنّ الشهادة لا تهدى ولا تشترى. فالشهادة يحدّث بها المرء نفسه، يطلبها ويسعى إليها… إلاّ أنّ الشهادة كحقيقة معاشة تأبى إلاّ أن تكون هبة من الله لمن اصطفى من عباده، والله أعلم بمن يرزقه الشهادة، و يا لها من رزق حسن، و يا لها من كمالات وجمالات.
تحضرني هنا كلمة قالها مبدع في لحظة صدق ومعاناة، كلمة تسيل معها الدمعة كلّما ذكرتها: « والروح تحلق في طهر ».
إنّ الشهادة سيادة للروح على الجسد، أو قيادة له في أجواء السموّ والطهر والصدق والإخلاص للمعبود سبحانه. قد تكون هذه المعاني مثاليات لنا لكنّها عند الشهيد ممارسة، يقين، بل عين اليقين.
إنّ الشهادة ليست طلبا للموت، و ليست لحظة تهوّر أو لاوعي يغيب فيها سلطان العقل وتنعدم فيها الإرادة، حالة استلاب وجودي للذات البشرية بلغة الفلاسفة. إنّ الشهادة ثمرة توافق وانسجام الذات ، ووعي بالزمن والموت والحياة، و إدراك كامل لحقيقة الوجود البشري في ظلّ منظومة الخلق والاستخلاف. بهذه الدلالة تكون الشهادة لحظة كمال العقل و اكتمال الإرادة. وبذلك تكن الشهادة طلبا للحياة: حياة فاضلة كريمة طاهرة يتحقق فيها الوجود الكامل والأكمل للموجود.
« ..فلا نامت أعين الجبناء »، قالها خالد بن الوليد وهو على فراش الموت بعد ما خاضه من معارك وصولات قي ساحات الوغى .
إنّ الشهادة طهر وشفافية وفضاء حرية كاملة لا يلجه إلاّ خيرة الخلق بعد النبيّين والصدّيقين ، الشهادة ليس شرطا أن تكون في ساحات الوغى لأنّ الشهادة تأتي في قمة درجات مقارعة الباطل وأهله، وقد يكون سلاح الكلمة أحدّ وأمضى في هذا المجال: »..أفضل الجهاد كلمة حقّ عند سلطان جائر.. »، فكلمة الحقّ ثقيلة على صدر الظالم يئنّ تحت وطأتها حين تطرق مسامعه، وشديدة المرارة في حلقه حين يتجرّع كأسها، تقض مضجعه في قصره وتحرمه النوم والأمن وهو بين عسسه وزبانيته. خاصة أنّ من ضلّ الصّواب وطغى فظلم وجار واستبدّ يضيق ذرعا بالكلمة الحرة والنّفس الأبية، التي تأبى الخنوع و الخضوع والانصياع والاستسلام للظلم و سوءاته مهما استعلى لأنّه باطل، وتأبى القبول والإقرار بالباطل و شناعاته مهما طال لأنّ في ذلك ظلما للذات والحق وأهله.
إنّ الممانعة و الاستعصاء ومقاومة الباطل وأهله مهما جاروا تنبع أو هي تعبّر عن إرادة تكتمل على طريق الشهادة، الذي يبدأ باستعداد يتحوّل إلى عزم وتصميم يسيران في اتجاه يقين بضرورة انتصار قيم الحق والخير. هذا اليقين هو عند كلّ واحد بقدر، ولا يتحقق اكتماله إلاّ عند الشهادة، لأنّه لدى الشهيد علم يقين ليس بعده إلاّ عين اليقين في عالم الغيب، عالم يتكشف فيه زيف الباطل وينكشف فيه ما ووري في الدنيا من عورات وسوءات أهله.
إنّ الشهادة شهود على صراع الحق والباطل وتدافع قوى الخير مع الشرّ وأهله في عصر ما ومجتمع ما، فالشهيد شاهد صدق على عصره ومجتمعه.
الشيخ أحمد ياسين، الرجل المسنّ المقعد، الذي يقود المجاهدين من على كرسي متحرّك، يرزقه الله الشهادة – نحسبه كذلك- في باب المسجد بعد أدائه صلاة الفجر. ويضع الله محبّة عبده في نفوس الخلائق فتهتزّ جنبات الأرض المعمورة شرقا وغربا بالمسيرات المنددة بالجريمة الشنيعة
كلّما أذكر ذلك أقول سبحان الله الذي يمنّ على من يشاء من عباده بما يشاء وقت ما يشاء وحيث شاء. فهناك من حكم عليه بالإعدام ظلما وعدوانا وثبّته الله ولم يبدّل أو ينكسر، لكنّه لم تكتب له الشهادة في حينها ، فيعود إلى عالم الناس والكدح والابتلاء: »يا أبها الإنسان إنّك كادح إلى ربّك كدحا فملاقيه » ، » واعبد ربّك حتى يأتيك اليقين »
معذرة سادتي الشهداء، فالشهادة قطعا ليست حديث الجبناء، ولا هي في متناول الأدعياء، في زمن كثرت فيه الدعاوى وسهلت الدعوى على من ادعى .
مبروك و صلاح الدين معذرة لم تكونا من الخطباء ولا أهل ادعاء، و يشهد لكما بأنكما من النبلاء الطيّبين الأتقياء.
وكما قال ابن الجوزي في صيد الخاطر: »من أصلح سريرته، فاح عبير فضله، وعبقت القلوب بنشر طيبه.. »
صلاح الدين، يا صاحب الوجه المتورّد والطلعة البهية، يا ذا القامة العلية والجسم الممتلئ حيوية، كنت ترتّل القرآن وتؤمّ إخوانك من طلبة العلم والمعرفة في صلاتهم بمسجد الحي الجامعي بصفاقس، و ليس فيهم و لا منهم إلا من يكنّ لك الاحترام و الثناء، رأيتك توقظ لطفي لصلاة الفجر في حنان وحياء، وهو قد غالبه النوم من سهر، لطفي أخي قم هداك الله واستجب للنداء. ذكرتني بالأديب المبدع مستنجدا بالأيوبي في قبره: « صلاح الدين قم » لتعيد للأمة العزّة والكرامة والإباء.
مبروك، يا صاحب الجسم الغض الطريّ، أيها الشاب اليافع النحيف رقيق المشاعر الذي طالما حلمت به أمّه في أعلى مراتب العلم والمكانة الاجتماعية، ترفع بك رأسا وتحقق لها عزّا وهناء، فزفّتك عريسا(من دون عروس) في عرس الشهادة ، عرس هتف فيه أحبابك، رغم أنف قوات القمع ومضايقات أذناب الباطل : » في يوم عرسك يا شهيد، نهتف نغنّي : الله أكبر… »، من موقع شهادتك على طبيعة الاستبداد (جامعة المنستير) في معركة نور العلم مع ظلام القمع إلى موطنك الحامة.
مبروك، يا شمعة احترقت وسالت لتضيء وتبدد حلكة سواد الظلم فتنير وتهدي السائرين على طريق الحق والخير.
كانت أحداث الجامعة التونسية في بداية التسعينات، والتحركات الطلابية التي شهدتها مختلف الأجزاء والمراكز الجامعية من الشمال إلى الجنوب رفضا لعسكرة الجامعة ومصادرة فضاء الحرّية المتبقي في البلاد، وإصرارا على الحق في العمل النقابي وحرية التعبير والتنظيم في الجامعة وخارجها. وهو ما ضاقت به ذرعا ولا تزال السياسة البوليسية التي مارسها المستولون على الحكم والمستبدون بالقرار، فلجأ أذنابها إلى الإرهاب والعنف والقمع الأعمى وحملات الاعتقال والتعذيب والقتل. وكان صلاح الدين و مبروك من الذين أصابهم رصاص الغدر والطغيان، شهيدين في ساحات الحق والحرية.
صلاح الدين ومبروك، طبتما وطاب ذكركما وذكراكما في عالم النّاس والحياة الدنيا، ونسأل الله أن يطيّب ذكركما في الآخرة.
مبروك وصلاح الدين، لن أوفيكما حقكما فلقائي بكليكما كان قصيرا وإن بقيت صورتيكما راسخة في الذهن، ملامح وجهيكما تشعّ نورا و بشرا و بهاء، عفّة وطهرا و حياء، سماحة و صفاء ونقاء، سكينة وطمأنينة ووداعة. و لا أنسى ما أنتما عليه وما لمسته فيكما من عزيمة و إصرار وإباء. كنتما صورة لسعادة النفس و مبعثا للأمل والرجاء.
لن أوفيكما حقكما فأنا لست بأديب ولا بشاعر و لا صاحب قلم محترف، ولم أوت سحر العبارة فأداعب الكلمات لأشكل منها باقات مزهرة مثل وجهيكما، عطرة عبقة بالمعاني والدلالات، فتحيي ذكراكما في النفوس الحية » فليس لجرح بميّت إيلام ».
لن أوفيكما حقكما لأني لست من مقامكما الرفيع ولم أتذوق طعم الشهادة. وإذا كان للإيمان « حلاوة » يجدها من كانت فيه الخصال الثلاثة التي أخبر عنها النبيّ (ص)، فكيف يكون طعم الشهادة ومن » يطعمه » ؟
نسأل الكريم سبحانه أن يلحقنا بفضله وكرمه بالأنبياء و الصّدّيقين والشهداء و الصّالحين، وحسن أولئك رفيقا.
إنه اعتراف بالتقصير والقصور، لكنّ عزائي أني أبث حزني، أشجان غالبنها طويلا فغلبتني أخيرا، كتمتها، حبستها، فكسرت القيد، وما لبثت أن تملكتني وسيطرت على خاطري. وما فتئت تعاودني وتلحّ عليّ حتى سجلتها خواطر كما تواردت دون ترتيب (إلاّ ما لحقها عند الطباعة). فمعذرة لمن سيقرؤها فلست بمبدع و لا مبتدع.
أخي و رمز أحبابي السجناء عبد الكريم الهاروني
لست وحدك السجين، ففي تونس الجور و الطغيان كلّ حرّ أبيّ سجين، من هو خلف القضبان، وكذا الذي خارجها، بعد أن فقد الأمان في دينه ونفسه وعرضه وكرامته كإنسان. ففي عهد « حامي الحمى والدّين » الكلّ مهان، السجين من دمار السجن وعربدة السجّان، و الطليق من إرهاب البوليس و أذناب السلطان، من بيده عصا ومن لا يملك سوى لسان، هذا يداهم و يعتقل، يقمع ويعذّب، فكلّ معارض لديه مدان قبل الأوان، وما على القضاة سوى التصديق على الأحكام كما جاء في مذكرة الاتهام، وهذا يكذب و يزيّف، يزيّن عورة « حاكم الزمان »، والويل لمن يكشف سوءات « جمهورية الغد » والدستور المفصّل على مقاس السلطان، دستور يعيد ذكرى عهد الأمان، وقد زار شيراك فرنسا محمية تونس ليمدح سياسة »الجنرال » الذي يوفّر لقمة الخبز فماذا تريد الرعية التونسية فوق ذلك..فيا لها من شهادة زور وبهتان، تكبت أشواق الحرية وتسكت على ما يلقاه أهل تونس من هوان. وأين يا شيراك دعاوى المطالبة بالديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان ؟
عبد الكريم، لست وحدك السجين وراء القضبان، فمعك الصادق والأمين و الصحبي والعجمي وغيرهم..، ومن خارج القضبان الزواري وبن سالم وغيرهما.كثير..
عبد الكريم لست وحدك سجين حق وحرّية، لكنّي أذكرك كرمز لمن عرفت منهم ومن لم أعرف، فكّ الله أسر الجميع وآمن روعاتهم وستر عوراتهم و خلفهم في أهاليهم خيرا.
هناك من هو سجين هوى وشهوة، يظلّ عاكفا عليها أعمى البصر والبصيرة فيرتدّ أسفل سافلين، بعد أن خلقه الله في أحسن تقويم. و قد لا يفيق من غفلته إلاّ عند اللحد.
وهناك من هو سجين فكرة، لا يعرف ما قبلها ولا يريد أن يعرف ما يكون بعدها، لا يقبل لها بديلا ولو كان منزّلا من ربّ العالمين، تحوّلت عنده إلى صنم معبود مصان، ألبسها هالة وأصبغ عليها قداسة لم يقرّ بها للمقدّس في ذاته، فما لهؤلاء لا يراجعون أنفسهم، وينظرون إلى ماضيهم وغدهم، ويتعرّفوا إلى ما يدور حولهم ، ويتعلّموا من تجارب غيرهم.
عبد الكريم معذرة، أنت لست كذلك، أنت سجين حق وحرية وكرامة في بلد امتهن فيه الإنسان، أنت صاحب فكر حرّ وفعل مسؤول، قلت لا زمن سادت عقلية القطيع، لذلك ذاق بك ذرعا راعي القطعان، صاحب الفكر البوليسي وألقى بك و بإخوانك خلف القضبان، وعهد بتطويع كلّ واحد منكم إلى شياطين الإنس والجان. لكنّك صاحب نفس أبية لا تأسرها القضبان والحيطان ولا يكسرها القيد و أفاعيل السجان .
أنت و إخوانك أحرار في سجنكم، تنعمون بحرية النفس في زمن العبيد، قلتم لا للاستبداد و لا لاستعباد العباد. أمّا عبيد النفوس، فرغم المناصب والمظاهر الخادعة والتلاعب بمصالح العباد، فهم محرومون من قول لا، مهمومون منهزمون في داخلهم عبيد في ذواتهم.
عبد الكريم، لا زلت أذكر قولتك وأنت تودّع الأمانة العامّة للاتحاد العام التونسي للطلبة في ختام المؤتمر الثالث المنعقد في كلية الحقوق: » الله يسامح من كان السبب ».
لقد كان ذلك من بين شروط الاعتراف القانوني بالاتحاد، بعد أن جعلته وإخوانك واقعا ملموسا في حياة الطلبة والجامعة، واقعا تعاملت معه السلطة والإدارة مكرهة من خلال ممثلي الطلبة في مجالس الكليات.
عبد الكريم، أنت كريم و أخو كريمة، لأب كريم و أمّ كريمة، شهدوا جميعا حفل اختتام المؤتمر الثالث للاتحاد. و لا زلت أذكر صعود أمّ كريم الهاروني (رحمها الله ) إلى المنصّة بعد أن ناديت عليها: » تعالي يا أمّ ». و ببديهتك المعتادة لم تفتك الإشارة والتنويه إلى أنّها تمثل أمهات الجميع.
عبد الكريم، لا زلت أذكر خطابك السهل الهادئ الرزين،الذي كان يجمع ولا يفرق، والذي كان يهتمّ به وينصت له الطلبة الذين لا انتماء لهم قبل ذوي الانتماءات. لا زلت أذكر تعليقك على عبد اللطيف في ندوة صحفية عقدها الإتحاد في أحد مدرّجات كلية العلوم بتونس عندما قال : » سننزل إلى القواعد »، وهذا تعبير شائع لا غبار عليه، ولكنّك علّقت قائلا : »بل سنصعد إلى القواعد »، وبذلك نبّهت إلى خطر الاستعلاء على القواعد و الانفصال عنها وترفع القيادات. إنّه خطاب لكن وراء العبارة معنى ودلالة، وقناعة ورؤية للمسؤولية والقيادة.
عبد الكريم، لازلت أذكر تواضعك في الملبس والملمس، وقناعتك في المأكل والمشرب، وقربك من إخوانك وعامة الطلبة، وأنت مهندس أوّل متخرّج من أشهر المدارس العليا في البلد، وأنت الأمين العام للإتحاد. صفات كريمة وطباع محمودة عرفتها فيك وفي غيرك من إخوانك الطيبين الكرام( الأمين الزيدي، محمد القلوي، حسين الجندوبي…).
عبد الكريم، وأنت في سجنك أرى فيك رمزا لجيل جديد من رجال الإصلاح، سنؤول لهم يوما، بإذن الله سبحانه، قيادة عملية التغيير في تونس على طريق الحق والخير والحرية، واستعادة الإنسان لكرامته ممّا يحرّك فيه همّة وفعالية إعمار وطنه.
عبد الكريم، فكّ الله أسرك و أسر إخوانك وكل مظلوم أبيّ، وجمعنا بكم في يوم تسعد به تونس و تهنى.
خاتمة
هي دعوة أوجهها لكل أخ أن يقول ما يعرف عن أحد الشهداء أو المساجين.
ليس شرطا أن تكون أديبا حتّى تقول كلمة صدق و وفاء، كلمة تقدير ومودّة. أكتب دعاء لأخيك، عبّر عن حنين وأشواق وذكريات، و دوامك على العهد رغم العذابات والمعاناة، أكتب سطرا، فقرة أو أرسم ملامح شخصية اختارت نهج الحق والحرية وثبتت على المبدأ وأبلت. نحن في حاجة إلى أن نحيي ذكرى الطيّبين الصادقين وأن نخرجهم من طيّ النسيان الذي يريد الباطل وسدنته أن يلقوهم فيه طمسا للوقائع و تزييفا للتاريخ. إنّه واجبنا نحوهم وفاء واعترافا ببلائهم، ومسؤوليتنا في توثيق تاريخ شعبنا وحفظه من تلاعب أقلام الزيف الخادمة للاستبداد.
إخواني، إنّ سجناء الحق والحرية (الأمين الزيدي،الصادق شورو، الصحبي عتيق..) وإخوانهم المحاصرون في حركاتهم وسكناتهم (المنصف بن سالم، الزواري، الجبالي..) و أهالي الشهداء والسجناء، جميعا ينتظرون منكم أن لا تنسوهم، أن تكونوا صوتهم الذي يخترق الحصار..إنّ في ذلك مواساة لهم ونصرة…
استبداد المعارضة اخطر من استبداد السلطة
مقاربة بين فكر الحكومة الإستبدادي وفكر المعارضة الوصائي
تذكير من أجل التعديل قراءة غير صامتة في طروحات الدكتور عبد اللطيف المكّي (1)
الطاهر العبيـــــدي taharlabidi@free.fr بعيدا عن التموضع في خانة ما، أو اختزال جهد طرف ما، أو حجب إنجازات جهة ما، أو تسطير الآراء والمواقف المتقاربة أو المتباعدة، أو المتجانسة أو المتخالفة، أو المتناغمة أو المتناطحة، أو المتعاطفة أو المتقاطعة، أو الرافضة أو المتعاظمة، أو المتعانقة أو المتنافرة… سنحاول هنا تفكيك المفردات السياسية التي أثثت رؤى الدكتور عبد اللطيف المكي، الأمين السابق للاتحاد التونسي للطلبة، الذي سعى من خلالها إلى ضخّ جملة من الإشارات الإيحائية، والفواصل التوصيفية السياسية عبر جسر مجلة أقلام أون لاين الإلكترونية في عددها الثامن بتاريخ جويلية 2003، والذي حاول من خلال تعابيره تخطّي الرسوب السياسي وحالة التأرجح والضبابية، واختراق المشهد السياسي التونسي الذي ظل رهين الملف الحقوقي، ومراوحا بين البيان والبيان المضاد، رغم تحقيق العديد من الخطوات الإيجابية في هذا المجال، ورغم ما كان ولا يزال لهذا الملف من حضور وأهمية وضرورة على الساحة المزدحمة يوميا بحالات استعجاليه، تستدعي الاستنفار والتمركز على حدود التماس والإبقاء على حالة التأهب والانتباه، معتمدا في ذلك على المعايشة الحسّية للجغرافيا السياسية بكل تضاريسها، وهضابها المرتفعة حينا والمنخفضة أحيانا أخرى، مستندا إلى الالتحام بالأرض الملتهبة بسياط السجون ورطوبة المعتقلات، التي نهشت الأجساد ونهبت الأعمار… الآثار والمنعطف إن المتمعّن في خطاب عبد اللطيف المكّي، يكتشف أن السجون التونسية وإن كانت قد تفنّنت في سجن الأجساد ومحاولة تدميرها، فإنها فشلت في اعتقال العقول التي ظلت طليقة رغم كل أساليب المحاصرة وصنوف التضييق، كما أن كل أنواع القهر السادية داخل مستودعات المعتقلات، لم تفلح في طمس الشخصية المدنية لدى البعض، الذي بقي متشبثا بعدالة القضية، وروح عالية في التسامح السياسي والسمو الأخلاقي في جعل ملفه ملفّ عدل وليس ملف حقد، من ذلك ما يعنون به خطابه » عفو تشريعي عام مقابل عفو قلبي عام » الشيء الذي يزيد من احراجات السلطة تجاه هذا التوجه، وتجاه هذه الأيادي الممدودة رغم الجروح العميقة التي تخفيها الضمائد، لترتجّ كل التفاسير المعتمدة على تجريد هذه الشريحة من الصفة السياسية، وتصنيفها ضمن زاوية محترفي العنف والإرهاب، بل تتضاعف هواجس السلطة من هذه الإشارات الأرضية، التي تقتحم عقر دارها لتزيد من الإنجرافات بين الخطاب والممارسة، وبين مواقف تيار تتشكّل ملامح بصمات طرحه حول ردم شروخ سنوات الجمر، وأولوية المرور وعدم الرسوب في منخفضات الأحقاد والثارات كما عبر عنها بقوله: » من أجل الخروج بالبلاد من وضع التناحر إلى وضع يعمل فيه الجميع من أجل المصلحة الوطنية العليا للبلاد » وبذلك تكون السلطة مغلولة بهذا الموقف من سجناء بالأمس كانوا في سراديب معتقلاتها يتلقّون كل صنوف التعذيب، ولا زال الكثير منهم تحت قصف الحقد المسلّح، وحتى أولئك الذين أطلق سراحهم فإن أغلبهم صاروا رهائن التضييقات الإدارية، واليوم يقابلون هذا التصلّب بالتعبير عن رؤاهم السياسية المعبأة بشحنات من الوطنية والمسكونة بالحسّ السياسي المتجاوز للمضيق، وبذلك تجد السلطة نفسها في مفترق الطرق، فلا هي طيلة هذه السنوات استطاعت أن تثبت ماديا تورّط هؤلاء في مساحات العنف، ولا هي استطاعت أن تفتح نوافذ تتسرّب منها رياح الأمطار لترشّ الحالة الأمنية التي أضحت عنوانا لمرحلة التهمت كل طاقات البلاد، وخيّمت على كل عناصر الحياة الوطنية، يضاف إلى ذلك الوضع الإقليمي الذي لا شكّ له تأثيراته الآنية أو المستقبلية، فمن جهة هناك الجزائر التي طيلة السنوات السوداء لم تغلق نوافذ الحوار والتقدم بخطوات بهذا الاتجاه، آخرها إطلاق سراح زعيمي جبهة الإنقاذ الإسلامية علي بالحاج وعباس مدني والسماح للأخير بالسفر للعلاج بالخارج، وقبلها كان قانون الوئام الذي خفّف من وطأة الاحتقان، ومن جهة أخرى هناك المغرب التي تحاول نسبيا المحافظة على بعض التوازنات السياسية والمعادلات الحزبية… » عفو تشريعي عام مقابل عفو قلبي عام » بهذه المفردات ذات الدلالات الأخلاقية المتطابقة روحا وفعلا بين الأقوال والأفعال، عنون عبد اللطيف المكي بداية نص حديثه، قد يقول البعض هذا رأيه والمحاسبة هي تطهير للمناطق المعتلّة لإعادة البناء السليم، ويقول البعض الآخر » أحسن إلى من أساء إليك « ، ويقول آخرون » العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم »، ويقول فريق آخر » عفا الله عمّا سلف » وغيرهم يقول قد دفعنا الكثير من شبابنا، من طموحنا ومن أعمارنا إذا فالمحاسبة هي ميزان العدل،وآخرون يقولون » هذا الكلام هو تمييع للمطالب الموضوعية » وبين قول هذا وذاك يكون تنضيج الرؤى وتحريرها من الأنا المتضخمة على حساب الوطن الذي يحتضن الكل دون استثناء، وتحت سماء علم يستطيع أن يظلل الجميع هو الممر للصعود والانطلاق. التمايل بين الموقف ونقيضه ولئن كانت المواقف المتناثرة هنا وهناك مشدودة بعشرية سنوات الشروخ العميقة، وحالة التمايل بين الموقف ونقيضه، فإن عبد اللطيف المكي تجرّأ في نزع اللثام عن تلك الأحاديث الخافتة والصامتة حينا، والمتوترة والمنفعلة أحيانا أخرى في الزوايا والكهوف، واختراق حالة التململ لتفتح مناطق الظل، التي تسرّبت منها بعض الإشارات حول كيفية معالجة هذا الملف بطرق خافتة وغير ضوئية، من ذلك ما تسرّب ويروج عن قيام حركة النهضة بتوسيط شخصية عربية، أثناء وجود الرئيس زين العابدين بالبقاع المقدسة لأداء مناسك الحج، قوبلت بالرفض من طرف هذا الأخير، تبعتها رسالة تهنئة شخصية مباشرة إلى الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة عودته من الحج ظلّت كذلك بلا ردّ، في خطوة تسعى على ما يبدو لفتح جدار في أسوار السلطة لمحاولة إقامة حوار جوّي، ممّا يجعل هذا الخبر إن ثبت في غاية الحساسية، قد يخلق ثقوبا وشقوقا تتضاعف فيها عناوين القرارات الفردية، والتفلّت من النسيج المؤسساتي الذي وإن بدا طيلة سنوات التيه المهجري فخّاريا، فإنه يصبح أكثر زجاجية عندما يتخطى قواعد الشورى الواسعة للقواعد، التي غيّبت عن هذا المنعطف الذي ينبأ بتغيير مسار سياسي كامل، حين تتخذ القرارات المصيرية بمنتهى السرية نيابة عن القواعد، والاكتفاء برأي خلية دون تشريك البقية. القابض على الجمر ليس كالقابض على أزرار الكمبيوتر وفي المقابل فإن طروحات عبد اللطيف المكي تبرز مسافة الزمن السياسي بين واقع الداخل المثقل بأوزار السنين العجاف، وبين ظروف الخارج المهموم بهذا الملف وتراكم الضغوطات النفسية. فبدا عبد اللطيف المكي هذا المستيقظ من وراء عشر سنوات سجن، ولم تكن يقظته هذه فيما نعتقد وليدة سنين الاعتقال، بل هي امتداد لعقل ولعقول لم تنقطع عن التأمل والتفكير، زادته المحنة إضافة أخرى مما يجعله يخترق حالة التأرجح، ليعبر عن رؤيته ورؤية البعض بشكل علني بعيدا عن أشكال المعالجات الأحادية والمبادرات الفردية، التي تحكمها النوازع البشرية والخلاص الفردي، أو التعطش للظهور على الساحة، واستعجال البروز من وراء نصوص وتأملات مريحة أمام شاشات الكمبيوتر، كما عبّر عنها في قوله » السعي للمعالجة السياسية التي سيستفيد منها الجميع وليس المعالجات الجزئية التي سيستفيد منها أشخاص » المواطن محاصر في الداخل ومغيب من الخارج هذا ولا يمكننا هنا أن ننفي أن هذا الخارج الذي كان محكوما بضغوطات المحنة والتخبط في هموم الاستقرار وامتصاص الضربات القاسمة، قد نجح إلى حد وبعد جهد كبير في تمزيق اللثام عن الواقع الحقوقي الكالح، واستطاع أن يمسح المساحيق التي تخفي تناقضات السلطة بين الخطاب والممارسة واستطاع أن يوضّح للعالم الصورة الحقيقية » للمثال التونسي » وقد ساهمت في هذا الفعل كل مكوّنات المجتمع وفعّالياته في الداخل كما في الخارج،أفرادا ومنظمات وأحزاب وجمعيات وشخصيات وأطر إعلامية وعائلات فكرية وكل شرفاء هذا الوطن، غير أن هذا الخارج ورغم ما حققه من إنجازات في هذا المجال، إلا أنه بقي في عمومه محلّقا في الفضاء ولاح تواصله مع الداخل عبر الجسور الجويّة، حيث لم ينزل إلى البر ليتواصل تواصلا أرضيا مع المواطن، الذي ظل غائبا عن إنجازات الخارج ولم يقع تفعيله ميدانيا… ولكي لا نغوص كثيرا في جدل لم نختره ولكن اللحظة التاريخية فرضته، نعود من حيث بدأنا، لنواصل استنطاق خطاب عبد اللطيف المكّي الذي بدا مترجما لأفكار ورؤى شريحة من الداخل، التي على ما يبدو ترغب في الأخذ بناصية المبادرة وتولي الأمور، ذلك لأن القابض على الجمر ليس كذاك القابض على أزرار الكمبيوتر في فضاء أوروبا، والسابح بطمأنينة في مواقع الانترنيت خلف المكاتب المريحة … كما ظهر جليا في أراء عبد اللطيف المكّي السعي إلى تثبيت قدرة الداخل على توصيف الوجع السياسي وإعطاء جرعات تحليلية ووصفات تغييرية » العلاج يكون بتحقيق مكسب سياسي » حتى لا يكون ملف المساجين سوارا يتجرأ على وضعه من كان معصمه مقضوما، وأصابعه تحترف غزل الكلام، ويداه قادرة على وضع أكثر من سوار مختلف في نفس المعصم، حيث يشير إلى علامات المرور، وعدم الرسوب في مناطق ضباب العيون وضباب الموقف السياسي حين يقول » إنه بقدر ما تتمسك برأيك الذي تعتقد إنه صحيح وتناضل من أجله بقدر ما تسعى إلى اعتماد أسلوب إسلامي يقرّب ولا ينفّر أسلوب يجعل الفكر فوق كل شيء فوق المشاعر وفوق الأحقاد » هذا ولا يمكننا أن نختزل ما يستشف من حوار عبد اللطيف المكي أن هذه الرؤى قد تكون تيارا داخل التيار وليس رأي فرد كما ذكر في قوله: » هذه الروح موجودة » الخطوط الجيوميترية للرسم السياسي والفكري وبالتأمل الهادئ بين ثنايا السطور، نستطيع أن نقرأ ملامح الخطوط الجيومترية للرسم السياسي لهذا التوجه المستيقظ من الداخل، الذي بدأ يؤسّس إلى تخليق السياسة، وجعل المبادىء متطابقة بين القول والفعل، وبين التنظير والتنزيل، والأخلاق دعائم للفعل السياسي الذي يستند إلى مرجعية تطبيقية، تتجاوز الحدود النفسية والذاتية لتغذي القيمة الإنسانية دون ازدواجية، كما ترجمتها عباراته التي تدعم هذا التوجه » فرقا بين الذي يفكر بعقله وبمنطقه وبين الذي يفكر بالحقد « ، » القصاص في رأيي أن تعطي الأولوية في اجتثاث هذه الممارسة » وبالتدرج بين ممرّات هذه الطروحات الحبلى بالأفكار، والتي ربما يكون لها أثر في تلوين الخريطة السياسية التونسية مستقبلا، وترجيحا تجديد الممثلين على ركح الأحداث، ومحاولة ضخّ دم جديد قادر على الإنعاش والانتعاش… كما يمكننا أيضا ومن وراء ذبذبات هذا الخطاب التقاط الأبعاد السياسية التي ترجمتها عبارات عبد اللطيف المكي، الذي لا نعتقد مرة أخرى أنها تعابير فرد، بل على الأرجح هي أفكار شريحة كبيرة في الداخل والخارج لها وزنها وتاريخها وحضورها، تريد صنع الحدث بنفسها وتوليّ جدولة الملف، وعدم الرغبة في ترك ملفها في المزاد العلني بعدما تأكّدت من عدم نجاعة الحلول الفضائية وحالة الترقب والانتظار التي طال عمرها، بالإضافة إلى عدم الرغبة في تدويل الملف وجعل الحلّ تونسيا / تونسيا كما جاء في كلام عبد اللطيف المكي حين قال » …متابعة ممارسي التعذيب قضائيا بالداخل أو الخارج لا يعتبر الحل المناسب للمشكل وأن الحل يكمن في السياسة والمنهجية التي أنتجت هذه النوعية من الأفراد… » « أجمل ما في البناء ما لا يُـرى » (2) وإن كانت هذه الدلالات السياسية والمحطات الرابطة بين الحضور والمرور تؤكد على معايير سياسية أكثر وضوحا ورفضا للاستنساخ، فإنها أيضا لم تهمل الانفتاح على تأسيس وعيا آخر في التعامل مع التيارات السياسية الأخرى التي تشاركها بعض الهموم، ولا تقاسمها نفس التوجه وتقاسمها الأرض والوطن، فإذا كان التعامل مع السلطة بهذا الشكل المدني وهي الخصم السياسي الذي كان سبب الوجع، فالأكيد أن تعاملها مع باقي التيارت والعائلات سيكون أكثر شفافية وأكثر مبدئية، مما يجعل اللعب يتحول إلى مدارج السلطة التي آن الأوان أن تكون أكثر واقعية، وأكثر براغماتية واكثر فقها بالواقع وبالمحيط، وأكثر وعيا بالمرحلة التي ستكون متحركة ودقيقة من حيث المعادلات المستقبلية والتغيرات الداخلية… ولم تقتصر هذه الرؤى الطليقة ما بين السطور على إعادة البناء والتشكّل القيمي، بعيدا عن ثنائية الصراع وتشريح الواقع الوطني والمساهمة في بعض الحلول، بل تجاوزت المربع الجغرافي التونسي لتلامس وتجسّ الواقع الإقليمي والدولي، واستيعاب الأحداث والتقاط التحولات الجيوسياسية وإدراك المعادلات الدولية، وفقه لغة مصالح الاستراتيجيات العالمية كما تدلّ المصطلحات المتتالية والمتلاحمة في قراءة المحيط » خصوصا أن الأنظمة العربية تمعّشت من التناقض بين المعسكرين الشرقي والغربي بما يسمح لها بهامش من الحرية أو الدلال » » أصبحت السياسة الغربية تعتمد على توظيف التناقضات الداخلية في البلاد العربية وهي توظفها من أجل أن تستفيد منها » » الأنظمة الغربية موجودة لخدمة شعوبها ونحن لا نلومها على ذلك علينا في المقابل أن نخدم مصالح شعوبنا » وبعد محاولة إعراب الجمل السياسية المنسوخة والمنطوقة في خطاب عبد اللطيف المكّي، وبعد تنقيط الأفعال الدالّة على أن الداخل بدأ يدرك أنه الرقم الضرورة في أولوية مسك القضية، واستدعاء كل الأطراف للانتباه إليه، مفضّلا طرح ملفّه تحت أشعة ما فوق السمر السياسي، وما فوق التنظير والتحليل وما فوق الأفعال المعتلة ورطوبة الأقاويل… تبقى الأسئلة المزدحمة والمتشابكة أفقيا وعموديا، إلى متى ستدوم مأساة مساجين الرأي؟ إلى متى ستظل السلطة خارج دوائر المنطق؟ إلى متى سيظل الوضع بهذه القتامة إلى متى هذا الانهيار؟؟؟… ويبقى السؤال الساخن هل هذه الطروحات هي رؤوس أقلام أم رؤوس أفكار أم رؤوس تيّار… —————————————————————————————————————– (1) الدكتور عبد اللطيف المكي: طبيب ومناضل سياسي وهو الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للطلبة قضى 10 سنوات سجن من 1991 إلى غاية 2001 (2) إحدى مقولات سعيد تقي الدين : أديب وسياسي لبناني *************************************************************************** المصـادر ◙ موقع وكالة تونس نيوز www.tunisnews.net العدد 1199 السنة الرابعة بتاريخ / 1 – 9 2003 ◙ موقع مجلة العصر www.alasr.net بتاريخ / 3 – 9 – 2003 ◙ موقع الوحدة الإسلامية www.alwihdah.com بتاريخ / 9 – 9 – 2003
في الرد على السيد محمد النوري
الجواب الشافي على مشروع المصالحة الحافي
السلام عليكم أخوتي،
إلى الذين تتقد عيونهم الصغيرة شررا حين تلتقي بنص لفلان أو علاّن و ترتخي ذلا في مواضع أخرى كثيرة لا يحصيها الا الله و علماء النفس.
يعلمنا هؤلاء، أي علماء النفس، بتخصصهم أن الدفاع المتوتر و الدفع في كل اتجاه، في حقيقته دفع عن « حمى » ليست موضوعا ظاهرا في الحديث و السباب الدائرة رحاه. و لكن كيف يمكن أن نكتشف هذا الحمى موضوع الدفاع المستميت؟
انهم يريدون أن نشعر أنهم يبذلون الجهد في البحث عن الحقيقة و كتاباتهم مرصعة بآيات القرآن الكريم و حديث رسول الله صلى الله عليه و سلّم… و سنرى كيف تمرّ الحقائق أمام أعينهم الصغيرة و لا يرونها..
لم يسأل أحد من هؤلاء السيد محمد النوري عن أي كلمة في حديثه الطويل بتاريخ 08 جوان 2007(1) ؟!!
لم يسأل أحد من هؤلاء السيد الفاضل البلدي عن أي كلمة في مقاله بتاريخ 05 جوان 2007(2) ؟!!
قلب حديث هؤلاء و لبه و أصله و حجّتهم أن طلب المصالحة لم يقابله عرض من السلطة في تونس.
و يقول السيد محمد النوري:
« ورغم هذا الوضع القاتم لا يمكن تجاهل ومضات إيجابية وبصيص من الأمل في تحول الأوضاع إلى هامش من الانفراج المحدود الذي يجب على أنصار خط التصالح والوفاق أن يسعوا إلى توسيعه قدر الإمكان والبناء عليه للتقدم تدريجيا نحو الهدف.« (1)
و يقول في موضع أخر:
« أما القول بان السلطة لم تصدر منها إشارات عملية في هذا الاتجاه، فهو كلام غير دقيق ويحتاج إلى تصويب. إن سلوك السلطة تجاه الحركة خلال السنوات الخمس الماضية على الأقل ، شهد بعض التطور الايجابي وان كان لا يزال منقوصا ودون المأمول بكثير ولكنه يختلف كليا عن السنوات العجاف التي سبقت. المطلوب ليس إنكار هذه الحقيقة والترفيع غير المجدي في سقف المطالب ولو كانت مشروعة ، ولكن الحكمة تقتضي تسجيل الإيجابيات وتعزيزها بسلوك أرْشد في اتجاه تفكيك الأزمة وليس في اتجاه تكريسها. » (1)
تناول السيد محمد النوري موضوع المصالحة و أظنه بين القصيد و سبب الحوار، لكي يرسل إشارات إلى إتباع الحركة لتصحيح المسار الجاري فيه الجدل الآن. و هو يردّ بذلك على ما قاله رئيس الحركة في حوار بتاريخ حيث قال بتاريخ 06 جوان 2007 « ونحن لم نر من السلطة القائمة ميلا إلى التصالح لا معنا ولا مع غيرنا« (3)
و جواب السيد محمد النوري دقيق حيث يقول بتاريخ 08 جوان 2007 « أما القول بان السلطة لم تصدر منها إشارات عملية في هذا الاتجاه، فهو كلام غير دقيق ويحتاج إلى تصويب.« (1)
ثم يوضح في موضع آخر فيقول:
« صحيح أن السلطة غير حريصة في هذه اللحظة على المصالحة بالمفهوم الذي تبلوره رؤية التصعيد والمغالبة في أوساط المعارضة وفي داخل الحركة أيضا ولكن كيف يرجى من الطرف الأقوى والمهيمن أن يكون حريصا على ذلك في حين أن الضحية التي تعاني المأساة ليست أحرص منه ولا يدل سلوكها في كثير من الأحيان على شيء من ذلك؟« (1)
« أما الخطاب الآخر فانه لا يساهم في الواقع إلا في إنعاش التشدد وتكريس الانغلاق ودفع الطرف الآخر إلى المزيد من الهروب إلى الأمام وتأجيل الإصلاح في حين أن الخطاب الراشد والمسئول أكثر إحراجا واشد وطئا و ادعى للمراجعة« (1)
و رفعا لأي التباس على القواعد، يقول السيد محمد النوري:
« إذا كان هناك من يراهن على حركة 18 أكتوبر من أجل إحداث التغيير والتداول على السلطة وتحقيق الديمقراطية المكتملة فهذا عين الوهْم.« (1)
لماذا لم تعلق بعض الأقلام المحمومة على كلام السيد محمد النوري لماذا لم تسأله أي سؤال؟
هل هناك توصية بعدم الخوض معه في أي حديث؟ لا أتصور ذلك و لكنه حقيقة اتفاق مصالح يجعل اتجاه « الحرب » واضحا عند هؤلاء. تتفق مصالحهم مع الوضع القائم، هم محافظون بامتياز.
كيف يقولون ان شروط الحوار منتفية ثم يجدون من قيادات الحركة من يقول عكس ذلك و لا يسألونه نصف سؤال؟ كيف؟
هل يمكن ان يعتقد أحد الأن أنكم تبحثون عن الحقيقة؟ أو أنكم تريدون أن تلقنوننا الحقيقة ككل الحقائق التي سارت عليها الحركة.
هناك حل أخر، لا تعب و لا أتعاب، هو التجمع حول قيادي قديم كما فعل أخوتكم في مدينة بيان السويسرية و إرسال نداءات التزكية و التعظيم للحركة و قيادتها الحكيمة…
كيف يمرّ هذا الكلام أمام أعينهم الصغيرة و لا يرونه، كيف لا يبذلون الجهد في البحث عن الحقيقة و طلبها و السؤال عنها و هم يرصعون كتابتهم بآيات القرآن الكريم و حديث رسول الله صلى الله عليه و سلّم.
أن هؤلاء الكتبة لا يبحثون عن الحقيقة! تتفق فقط مصالحهم مع الوضع القائم، هم رجعيون بامتياز.
السيد محمد النوري من سربهم، قائد من قادتهم، و لا حرج في الانتباه إلى ما يقول و سؤاله و البناء على أجوبته إذ تبين مطابقتها للواقع. أن ذلك أمر جائز حزبيا يا أيها المتحزبون ذوي العيون الصغيرة!
أريد ان ألاحظ أن السيد عبد الحميد العداسي قد ثمّن أحد النقاط الهامة في مقال السيد الفاضل البلدي(2) و بنى على ذلك موافقته بعد تعديلات طفيفة على مشروع مصالحة طرحه أحد الأخوة و قال فيه تعليقا على احد نقاط المشروع « وقد تُجبّ كلُّ تلكم المطالب إذا أبدت السلطة ندما واستقامة على ما يجلب المصلحة للعباد والبلاد « (4)!!!
ستنتظر طويلا يا سيد العداسي قبل ان تبدي السلطة ندما و استقامة على ما يجلب المصلحة للعباد والبلاد!!! و في الأثناء يمكن أن تراجع بدقة و بأعين مفتوحة، مقال السيد الفاضل و تسأله لماذا كتب ما كتب و ما هي أدلته على أخطاء الحركة؟
يمكنك أن تطالع بدقة و بأعين مفتوحة مقال السيد محمد النوري فهو كذلك يقول:
« ولكن ما يحسب عليها ليس بالهيّن أيضا. فقد دخلت في اشتباك خاطئ وغير محسوب والدخول في معركة غير متكافئة ومحسومة النتائج سلفا. ولا يعفيها قبولها للاستدراج من المسؤولية ولا شراسة الهجمة الاستئصالية التي تعرضت إليها.
كان من الأجدى والأصوب على القيادة الإنصات لأصوات التهدئة والتعقل والصبر التي أطلقت في الإبان من قبل العديدين في صفوفها. »(1)
و يمكن أن تتواصل معه حول هذا الموضوع على صفحات النت، فتستفيد و تفيدنا نحن كذلك.
المطلوب الآن:
« القطع نهائيا مع منهج الاشتباك والتصادم والمغالبة والتأسيس لانجاز وفاق وطني شامل لإنهاء الضغائن والأحقاد وإعادة صياغة علاقات إيجابية تضامنية بين الدولة والمجتمع.« (1)
السيد الهادي بريك صاحب القلم السيّال لم يجد بعد الوقت للرد على السيد محمد النوري رغم أن في مقال الأخير إجابات وافية على « رسالته المفتوحة إلى الدكتور الهاشمي الحامدي » (5) « رفيق دربه في حركة النهضة سابقا ».
في مقال السيد محمد النوري علم و توازن في الحديث على السلطة، حري بالسيد الهادي بريك أن يتعلم منه و يبحث في نص حديثة ما يستبدل به جملته العزيزة عليه « عصابة الفساد والنهب المتصهينة في تونس » للحديث عن السلطة بكلام يستعمله من يخوضون في السياسة و يتفق أكثر مع علم و تقوى نحسبكم من أهلها و لا نزكي على الله أحد.
في الخلاصة و حتى نرد الأمر لمن سبق إليه نقول: كان الله في عونك يا دكتور محمد الهاشمي الحامدي، و زادك توفيقا لقد ناديت ب « القطع نهائيا مع منهج الاشتباك والتصادم والمغالبة » قبل الأن… ندعو لك المولى عزّ و جل لمزيد من التوفيق، و فرج الله على يديك كربا كثيرة كما حصل سنة 1999 فخرج من السجون قرابة 700 إسلامي. جعلك صابرا محتسبا أمرك لله وحده و زادك توفيقا.
أخوتي الأعزاء:
مشروع المصالحة لن يبقى حافيا يراوح مكانه إلى ما لا نهاية له. سينتعل، و ينطلق إلى مزيد من الخير لبلادنا تونس بعون الله تعلى. فطوبى لمن ساهم في هذا الخير.
معز السليماني
ايطاليا
<! حركة النهضة التونسية 26 سنة من الظهور السياسي: الزرع والحصاد 08 جوان 2007 تونس أنلاين
http://www.tunis-online.net/upload/up/Mohamednouri080607.htm
(2) الأستاذ الفاضل االبلدي: في ذكرى تأسيس الحركة
http://www.alhiwar.net/vb/showthread.php?t=9553
(3) الحوار.نت في حوار شامل صريح مع الشيخ راشد الغنوشي
http://www.alhiwar.net/vb/showthread.php?t=9564
(4) نعم للصلح (المصالحة) الذي أشار إليه خالد
بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة جوابية للأخ عبد الرحمن الحامدي
د. محمد الهاشمي الحامدي
أخي العزيز عبد الرحمن الحامدي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أعدت قراءة مقالتك التي نشرتها الأسبوع الماضي. وأود أولا أن أثني مجددا على ما تميزت به من أدب رفيع وخلق كريم يجعلها نموذجا يحتذى به في التعامل بين المختلفين في الرأي حول شأن المصالحة.
لاحظت أنك لخصتَ موقفكَ في عدة أسئلة مهمة طرحتها في القسم الثاني من المقالة، صُغتَها كما يلي:
« هل تراني أتحمل العودة إلى بلد (على فرض أني سآمن فيه على نفسي و على أسرتي) و أنا أعلم علم اليقين أن فيه كرامات تداس وأجساد تنتهك حرماتها حتى الموت أحيانا؟!
أتراني أقدر على لعب دور الشيطان الأخرس وأنتهج مبدأ( أخطى راسي و اضرب) أو مبدأ (نفسي نفسي) و أنا الذي سجنت و عذبت مع الآلاف غيري من أجل هدف واحد آمنت وآمن به كثيرون (و ما زالوا فيما أحسب) ألا وهو إحترام كرامة الإنسان بأبعادها كلها و تحريره؟!
ما ينفع يا أخي الكريم إنخراطي في الأحزاب المعترف بها والسلطة في بلدي لاتسمع و لا ترى إلا ما يتفق مع فكرها و لا يوقفها شيء إسمه حرمات؟
يا سيدي ما فائدة الإنجازات( رغم إقراري الشخصي بها وسعادتي بإستفادة ملايين التونسيين منها) وهناك تونسي واحد أوأكثر تسلم جثثهم إلى أسرهم وهم إما مهشمو الرؤوس أو لا يقدر أحد من أفراد عائلاهم أن يتعرف عليها ثم يدفنون تحت جنح الظلام؟؟!
يا أخي ما سجنت لأتحمل حدوث هذا اليوم في تونس و ما سجنت ليأتي يوم وأسكت عليه وعلى ما هو أقل منه وإن كان مقابله تفيؤ ضلال شجر الزيتون بأمان و رؤية الأحبة في بلدي الحبيب.. . (انتهى النقل عن الأخ عبد الرحمن الحامدي)
جوابي حفظك الله هو الآتي:
إن كل ما تتحدث عنه يتصل بأوضاع الإسلاميين التونسيين دون غيرهم، أو قطاع معتبر منهم. وهذه الأوضاع هي حصيلة عدة مواجهات مع السلطة التونسية، في عهد الرئيس بورقيبة رحمه الله، وفي عهد الرئيس زين العابدين بن علي.
بحسب ما كتبه قياديون بارزون في حركة النهضة خلال الأيام القليلة الماضية، فإن قيادة الحركة تتحمل مسؤولية كبيرة في كل واحدة من هذه المواجهات.
في العالم العربي، عندما يغامر حزب بطلب السلطة مرة أو مرتين، فإن عليه، وعلى أنصاره تحمل مسؤولية خيارهم. أنت رجل مثقف ومطلع وتعرف نتائج مثل هذه المغامرات، سواء طُلبت السلطة عبر صناديق الإقتراع أو بالإنقلابات العسكرية.
هذه هي المرحلة التي يعيشها جيلنا. إذا سألت نفسك بكل موضوعية، كيف كان الإسلاميون سيتصرفون لو كانوا في السلطة، واكتشفوا أن حزب البعث مثلا أو الحزب الشيوعي أو غيره يحاول الوصول إلى السلطة بالإنتخابات أو بانقلاب عسكري، ويعتمد على تنظيم سري منتشر بطول البلاد وعرضها؟
من أجل ألا نغرق في النظريات والإفتراضات الخيالية، تأمل تجربة السودان وإيران، لتتأكد أن إشكالية الحكم وانتقال السلطة في العالم العربي مازالت إشكالية معقدة للغاية.
تساءلت أخي عبد الرحمن في مقالتك: « أتراني أقدر على لعب دور الشيطان الأخرس وأنتهج مبدأ( أخطى راسي و اضرب) أو مبدأ (نفسي نفسي) و أنا الذي سجنت و عذبت مع الآلاف غيري من أجل هدف واحد آمنت وآمن به كثيرون (و ما زالوا فيما أحسب) ألا وهو إحترام كرامة الإنسان بأبعادها كلها و تحريره؟! » (انتهى النقل)
أتوقع أخي الكريم أن السلطة في تونس، وقطاعات معتبرة من النخبة التونسية، لا تنظر لمشروعك كما صورته في سؤالك. إنهم يرون أنك سجنت وعذبت بسبب عملك ضمن تنظيم سياسي استخدم الدين للوصول للسلطة، وأنشأ تنظيما سريا معقدا لتحقيق هذه الغاية، وفكر يوما في الوصول لأهدافه بطرق أخرى.
إذا نظرت لكل أسئلتك الأخرى ضمن هذا الأفق الذي يحكم العلاقة بين السلطة والإسلاميين في تونس خلال أكثر من ثلاثة عقود، فستفهم حقيقة ما جرى ويجري.
وإذا نظرت إليه مقارنا بتجارب دول أخرى، فستجد أن الأضرار التي نجمت عن هذه السياسة على ضخامتها، أقل حجما ودمارا مما جرى بين جبهة الإنقاذ والسلطة في الجزائر، أو بين الإخوان والسلطة في سوريا.
لذلك كله، ارجوك بإلحاح كبير، أن تفكر معي جيدا في هذا السؤال:
أليس هناك احتمال بأن السؤال الذي ينبغي أن يحظى بالأولوية لدى كل الإسلاميين التونسيين هو: كيف نفتح صفحة جديدة في تاريخ بلادنا، صفحة متحررة من آثار عقود الصدام بين السلطة والإسلاميين، ومن أخطاء الماضي؟
ليست المسألة أمرا شخصيا يخصك ويخصني ويخص الإسلاميين التونسيين المقيمين في الخارج.
الأمر متعلق بمستقبل بلادنا. ومن أجل ذلك، أرجوك مجددا، أن تنظر فيما إذا كان هناك احتمال واحد لتوافقني الرأي حول أولية هذا السؤال.
أنت تعيش في سويسرا، وأنا أعيش في لندن. ولدينا بفضل الله فرصة نادرة للتفكير مليا في هذا الشأن، بهدوء وعمق وتجرد.
ما أعرضه عليك، وعلى كل الإسلاميين التونسيين، هو الإعتراف بأخطاء الماضي والبدء من جديد. فتح كتاب جديد متحرر من أخطاء الماضي.
تونس في حاجة لتيار جديد، يساهم في تعزيز مكانة الإسلام كمرجعية لمجتمعنا كله لا أن يستخدمه للفوز في الإنتخابات.
وهي في حاجة لتيار يرى سعادته في رؤية المساجد معمورة بالذاكرين والذاكرات، الراكعين والراكعات، الساجدين والساجدات، وليس في تحويل المساجد لشعبة من شعب التنظيم ومكان لتجنيد الأنصار للحزب.
تونس في حاجة لتيار يتخدم العقل والحكمة من أجل ألا يجعل التدين في مواجهة السلطة، وإنما من أجل أن يقرب بينهما إلى أبعد حد.
أخي عبد الرحمن: إن مقالتك تظهر أن الله تعالى حباك العقل والحكمة وحسن الأدب. زادك الله من فضله وبارك فيك وفي أهلك وسائر من تحب. أرجوك: فكر معي في هذه الأمور لساعة واحدة، بتجرد من الإعتبارات الطائفية والحزبية.
تذكر أخي العزيز: الوطن قبل الحزب. الإسلام قبل الحزب. وما أدعوك إليه هو أن نبدأ مسيرة جديدة، صحيحة، تقودنا تدريجيا نحو ما تصبو إليه ويصبو إليه كل التونسيين، بمن في ذلك أهل التجمع الدستوري الديمقراطي: تونس المتقدمة اقتصاديا واجتماعيا، وتونس الديمقراطية، وتونس المتصالحة المتوافقة مع الإسلام، دستور التوحيد والعدالة والسعادة، سعادة الفرد والمجتمع، في الدنيا والآخرة.
أخي عبد الرحمن: الخلاص الفردي ليس هو مقصد دعوتي للوفاق والمصالحة بين السلطة والإسلاميين في تونس. ما أسعى إليه هو كتابة فصل جديد في تاريخ تونس، وفي تاريخ الإسلاميين التونسيين.
ومثل هذه المهمة لا يقبل عليها المتهورون والمزايدون والمسكونون بدوافع الحقد والحسد والكراهية.
إنها مهمة للشجعان الأحرار. لأهل الدراية الحكمة الذين درسوا تاريخ بلادهم جيدا وتعلموا من تجاربهم. وهي أيضا للذين تعلموا من تجربة الصحابي الشهيد السعيد مصعب بن عمير في المدينة المنورة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليها.
في عام واحد، نجح مصعب في زرع بذرة الإسلام في كل بيت من بيوت يثرب تقريبا، بوسيلة واحدة هي الكلمة الطيبة.
أخي عبد الرحمن: ختمتَ مقالتك الراقية بهذا الدعاء: اللهم ألهمنا رشدنا. وأنا أقول: آمين، وأتضرع إلى العلي القدير، أن يهدينا جميعا إلى الحق وإلى صراطه المستقيم، ويجعلنا هداة مهديين، دعاة للتوحيد والحرية والعدالة، وأن ينجينا من عذاب النار يوم القيامة، ويدخلنا برحمته في جنات النعيم، مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا. اللهم إني أسأل ذلك لنفسي، وأهلي، ولأخي عبد الرحمن الحامدي وأهله، ولقراء هذه المقالة، وللتونسيين كافة. آمين. آمين. وصلى الله وسلم على سيد الخلق وخاتم الأنبياء وإمام المتقين محمد بن عبد الله، صلاة وسلاما كثيرين دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
والسلام عليكم، أخي عبد الرحمن، ورحمة الله وبركاته.
« اللّي ديالنا ماهو ديالو » حول ردّ المدّعي العام على الأخ عبد الرحمن الحامدي
احتاج المدّعي العام إلى أسبوعين كي يتجاوزعبثية الـ »س.ج. » حول مبادرته الخيرية عام 1989 التي أجهضها الشيخ راشد (على فكرة: الأخوان جمال الطاهر ومختار بدري حسب ما بلغني لهما رواية مغايرة لرواية المدّعي العام) ويعبّر عن مخططه إو خطّته أو حلمه وهو « كتابة فصل جديد في تاريخ تونس، وفي تاريخ الإسلاميين التونسيين » يبدأ بـ « مسيرة جديدة، صحيحة، تقودنا تدريجيا » » نحو ما « يصبو إليه كل التونسيين، بمن في ذلك أهل التجمع الدستوري الديمقراطي ». وباعتبار أنّ هذه المهمّة فقط « للشجعان الأحرار » (الشرفاء) و » أهل الدراية والحكمة الذين درسوا تاريخ بلادهم جيدا وتعلموا من تجاربهم » و »لا يقبل عليها المتهورون والمزايدون والمسكونون بدوافع الحقد والحسد والكراهية » (الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه) فإنّي أعتبر نفسي خارج اللعبة حالي حال كلّ الذين يعتبرون الصحوة الإسلامية مرجعية لهم. إنّ العبد الفقير الى ربّه يعتبر جلسات الإستجواب قد انتهت شكليّا وأنّ المدّعي العام تجاوز موضوع الدّعوى وهو إثبات أنّ قيادة النّهضة ممثلة في شخص رئيسها قد رفضت مبادرة صلح (لم تكن موجودة أصلا) ليطالب بحل جمعية غير مرخّص فيها وتأسيس « تيار جديد، يساهم في تعزيز مكانة الإسلام كمرجعية لمجتمعنا كله لا أن يستخدمه للفوز في الإنتخابات » أيّ « تيار يتخدم العقل والحكمة من أجل ألا يجعل التدين في مواجهة السلطة، وإنما من أجل أن يقرب بينهما إلى أبعد حدّ ».(زواج متعة …بين السلطة وتدّين وديع لا ينبش خدّا ولا يرفع صوتا ). يا جماعة ما الفرق بين لغة تجفيف الينابيع وهذه اللغة ؟ ما الفرق بين كلام العلمانيين منذ آلاف السنين وهذا الكلام؟ ما الفرق بين ما قاله المدّعون العموميّون خلال المحاكمات السياسية للحركة الإسلامية وهذا الكلام؟ الفرق الوحيد هوأنّ الكلام يبدأ بالبسملة وينتهي بالدّعاء ويستعمل منابر الصحوة وفضائها الإعلامي … وما عدا ذلك فنحن « نستاهل » وأولادنا « يستاهلو » وبناتنا ونساؤنا « يستاهلو » والذين ماتوا تحت التعذيب « يستاهلو » والذين ماتوا إهمالا « يستاهلو »…(في العالم العربي، عندما يغامر حزب بطلب السلطة مرة أو مرتين، فإن عليه، وعلى أنصاره تحمل مسؤولية خيارهم. أنت رجل مثقف ومطلع وتعرف نتائج مثل هذه المغامرات، سواء طُلبت السلطة عبر صناديق الإقتراع أو بالإنقلابات العسكرية). أيها الإخوة …نحن في واد والمدّعي العام في واد آخر …و »اللّي ديالنا ماهو ديالو »… المطلوب هو رأس الحركة الإسلامية…والبديل دكتور ومائة جثة سياسية بلغة أخينا نورالدين … بل ألف جثة سياسية إن أراد… اعتبر أن « الحوار » قد استنفذ أغراضه فكتابة وصية، إذا افترضنا أنّ المطلوب هو كتابة وصيّة جيلنا، لا تستحقّ كل هذا النقاش. إلى اللّقاء في موضوع آخر وحوار آخر…بدون مدّعين عامّين أو وكلاء للقصر بـ »هويّة دينيةّ …. م. ع. أبو يوسف
الفكرة والفتوى والبزنس الديني
كنت في محاورة مفتوحة مع مجموعة من الطلبة في بعض المسائل ذات الطابع الديني وفجأة اعترض أحدهم قائلا » يا أستاذ هل أنت مفكر أم مفت؟ » قلت ما الفرق بين المفكر و المفتي؟ قال لي « ببساطة شديدة، المفتي يوقع باسم رب العالمين وعن رب العالمين و المفكر يوقع باسم العقل وعن العقل » وأضاف الفكرة يا أستاذ، سياحة ذهنية و الفتوى قول محكوم بالشرع، الفكرة تشتت والفتوى تسدد، وبالتالي ما تقوله يفتقد إلى المشروعية وعديم الجدوى والفائدة حتى وإن كان مقبولا عقلا. قال كل هذا الكلام دفعة واحدة وانصرف مثل كثير من المفتين في زماننا. ما أطلق عليه الشيخ عبدالله بن بية صناعة الفتوى يعكس حالة من الضعف في البنيان النفسي للفرد المسلم، طلب الفتوى يعبر في أغلبه عن الخوف من تحمل المسؤولية، عن حالة من عدم الاقتناع الذاتي بفعل من الأفعال فتأتي الفتوى لتعطي لهذا الفعل نوعا من المشروعية ويصبح بذلك الحمل خفيفا على الحامل ولذلك كثيرا ما نسمع تلك الكلمة التي يتداولها الناس كلما شعروا بالإحراج عند إقدامهم على أمر ليسوا مقتنعين به تمام الاقتناع » في رقبته »، يعنى أن الذي سيتحمل المسؤولية في النهاية هو المفتي . أنظر للمنهج النبوي في الفتوى، منهج حواري يصعب التفريق فيه بين المفتي و المستفتي، جاء رجل إلى النبي ص فقال: هلكت يا رسول الله. قال: « ما أهلكك؟ » قال: وقعت على امرأتي في رمضان، فقال: « هل تجد ما تعتق رقبة؟ » قال: لا. قال: » فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا.قال: »فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا ؟ » قال:لا. ثم جلس، فات النبي ص بعرق فيه تمر، فقال: « تصدّق بهذا » قال: فهل على أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل أحوج إليه منا. فضحك رسول الله ص حتى بدت نواجذه وقال : « اذهب فأطعمه أهلك »، لاحظوا هذه اليقظة الذهنية و روح تحمل المسؤولية عند هذا الرجل الذي لبساطته لم يهتم الرواة بذكر اسمه، يراجع النبي في كل ما اقترحه عليه من حلول. تلك هي الصورة التي من المفروض أن يكون عليها المسلم، مستوعبا لمبادئ دينه، فاهما لأحكام دينه ومقاصدها، وحّد الله حقّا فأضحى واثقا من نفسه، لم يتردد في معارضة الرسول و لم يعاتبه الرسول على ذلك. من يستطيع اليوم أن يعارض أصحاب الشوكة من علماء وسلاطين أو حتى يفكر سرا في ذلك؟ ولكن حين يجتمع في المسلم الخوف من عصا البوليس والخوف من عمامة الفقيه ومعهما عدم التفقه في الدين، ترى العجب العجاب.
لطالما ألح علي السؤال حول الحكمة من تفصيل القرآن لأحكام الدين بينما اكتفى بإشارات عامة عندما يتعلق الأمر بالطبيعة و المجتمع والإنسان، وأقدّر -والله أعلم- أن الله أراد من المؤمن أن يفرغ جهده في معرفة أسرار الطبيعة ومعرفة أسرار نفسه. وأراد حينما فصل في أحكام الدين أن يفوت الفرصة على الذين يريدون أن يستثمروا في « الرأسمال الديني » ويقول للمسلم عليك أن تتفقه في دينك و قد بلغك كاملا وأن جهلك به هو الذي يجعلك عرضة للابتزاز ممن اتخذ الدين سبيلا للتكسب، فافقه دينك من كتابي فقد جاء فيه مفصلا وافرغ الجهد في كشف أسرار الطبيعة وكشف أسرار الإنسان و قد جعلت تلك الأسرار خافية إلا على من اجتهد للكشف عنها، هناك تكمن الغلبة بين الأمم . إنه لمحزن أن نرى السواد الأعظم من المسلمين قد افتتن بفتاوي ما تحت الحزام وما فوق الصرة وهم يلبسون و يركبون مما صنعه الآخرون بل مما زرع هؤلاء يأكلون. ثم لا يكفيهم هذا الوهن فتنادوا بياتا ومصبحين، وأقبل بعضهم على بعض يتزايدون، متدينون وعلمانيون، وحرروا الخطب و الأقاويل في إرضاع الكبير وقد مات صغارهم جوعا ولم يبلغوا بعد الفطام وملئت سجون بلادهم بأحرارهم وهم عنهم لاهون. فما أحوجنا إلى الفكرة التي تحي العزائم و تزيح عنها أثقال الهوس الديني. ألا يكفينا ما جناه الإسلام من أعدائه وبعض من أدعيائه حين جعلوه والإرهاب صنوين فيخرج علينا من وقت إلى آخر من اختزل الدين في عمامة وجبة و سبحة في أغلب الأحيان من المنتجات الصينية السريعة بوصفة جنسية لا ندري كيف عجنت؟ فيكثر حولها اللغط وترقص حولها الفضائيات مدة من الزمن ثم ترفع في انتظار وجبة جديدة من وجبات الجلد الذاتي. أتعطلت لغة الكلام في الإسلام فأصبح لا ينطق إلا جنسا ؟ قالوا وجدنا ذلك في كتب الحديث، حسنا، وهل يخلو ما أنتجه البشر من الأقاويل و التخرصات؟ وهل بلغت كتب الحديث و إن كانت من الصحاح درجة العصمة؟ ولو كان المجال يسمح لسردت عليكم، أمثالها أضعافا من الأقوال الشاذة لأسماء ملأت الدنيا شهرة، من مفكرين وأدباء وفلاسفة. أي منطق يسمح باختزال حضارة أو دين في ما شذّ من الأقوال ؟ نحن في حاجة للفكرة النيرة التي تنهض بحاضرنا وتبني مستقبلنا وليس لهذه الفتاوي المثيرة، العابرة للقارات و المتدفقة من القنوات ومواقع النات أو الفتاوي الجامدة الصادرة عن المجامع الفقهية التقليدية التي مازالت مهتمة بالبحث في أهلية المرأة القضائية، من أين جاء نقصها وقد أحسن الله خلقها وفي التبرك ببول الرسول، ولو حسموا الأمر بالإيجاب من أين سيأتوا به؟ الرسول يتوضأ ويتطهر من البول والمسلمون يتجادلون في التبرك أو عدم التبرك به، تلك هي حال من هجر القرآن وجهله، ليس لنا إلا أن نردد مع المتنبي بيته المشهور:
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.
د.محمد بن نصر، أستاذ بالمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية/باريس
birali@ hotmail.com
تعفّـن الاجتهاد
رضاع الكبير من ثدي الجهالة
دوار العلماء ومسألة الوراثة النبوية
المغرب العربي يأخذ مكانه في خريطة العولمة
معركة الشعار في مصر
فصل آخر من خلافات تركيا: بمن ترتبط لجنة مكافحة الإرهاب؟
محكمة تلغي قراراً للجامعة الأميركية بمنع دخول منقّبة
شعر حسني مبارك ..
اهداء الى شعب مصر
و إلى إخواني رؤساء الدول العربية وملوكها
وورثتهم إلى يوم الدين ياشعبي حبيبي ياروحي يابيبي ياحاطك في جيبي يابن الحلال
ياشعبي ياشاطر ياجابر خواطر ياساكن مقابر وصابر وعال
ياواكل سمومك يابايع هدومك ياحامل همومك وشايل جبال
ياشعبي اللي نايم وسارح وهايم وفي الفقر عايم وحاله ده حال
احبك محشش مفرفش مطنش ودايخ مدروخ واخر انسطال
احبك مكبر دماغك مخدر ممشي امورك كده باتكال
واحب اللي ينصب واحب اللي يكدب واحب اللي ينهب ويسرق تلال
واحب اللي شايف وعارف وخايف وبالع لسانه وكاتم ماقال
واحب اللي قافل عيونه المغفل واحب البهايم واحب البغال
واحب اللي راضي واحب اللي فاضي واحب اللي عايز يربي العيال
واحب اللي يائس واحب اللي بائس واحب اللي محبط وشايف محال
واحبك تسافر وتبعد تهاجر وتبعت فلوسك دولار او ريال
واحبك تطبل تهلل تهبل عشان مطش كوره وفيلم ومقال
واحبك تأيد تعضض تمجد توافق تنافق وتلحس نعال
تحضر نشادر تجمع كوادر تلمع تقمع تظبط مجال
لكن لو تفكر تخطط تقرر تشغلي مخك وتفتح جدال
وتبدأ تشاكل وتعمل مشاكل وتنكش مسائل وتسأل سؤال
وعايز تنور وعايز تطور وتعمللي روحك مفرد رجال
ساعتها حجيبك لايمكن اسيبك وراح تبقى عبره وتصبح مثال
حبهدل جنابك واذل اللي جابك وحيكون عذابك ده فوق الاحتمال
وامرمط سعادتك واهزأ سيادتك واخلي كرامتك في حالة هزال
وتلبس قضيه وتصبح رزيه وباقي حياتك تعيش في انعزال
حتقبل ححبك حترفض حلبك حتطلع حتنزل حجيبلك جمااااال
اختيار و تصرّف : وحيد الضاحك الباكي