To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
زعيم «القاعدة» المعتقل في تركيا امتلك أول قرص كومبيوتر متفجر
أنقرة – يوسف الشريف
أعلنت الشرطة التركية أمس، تفكيك مجموعة إرهابية ضمّت عشرة أشخاص، بينهم محام زعم في لقاء مع مجلة إسلامية قبل سنة أنه زعيم تنظيم «القاعدة» في تركيا. كما ضمت المجموعة عضوين في جبهة «فرسان المشرق الإسلامي الكبير» المحظورة التي اعلنت مسؤوليتها عن اعتداءات في اسطنبول، شملت تفجير معبد يهودي وشنّ هجمات على القنصلية البريطانية وبنك «أتش أس بي سي» البريطاني في تشرين الثاني (نوفمبر) 2003.
وأوضح مصدر أمني أن الشرطة راقبت المحامي الذي لم تكشف اسمه بعد إدلائه بالحديث الصحافي، وتوصلت الى بقية أفراد الشبكة الذين اتصلوا بالمحامي عبر بريده الإلكتروني على شبكة الإنترنت.
وكشف المصدر وجود رسائل إلكترونية تحدثت عن تأمين مواد لصنع متفجرات وقنابل ورسوم وخرائط لمصافي نفط تركية على البحر الأبيض المتوسط يعتقد بأنها شكلت هدفاً لعمليات التنظيم.
علماً أن الشرطة اعتقلت في ديار بكر في آب (أغسطس) 2005 السوري لؤي سقا الذي يشتبه بأنه المعاون لزعيم تنظيم «القاعدة» السابق في العراق «أبو مصعب الزرقاوي»، والتونسي مالك شراحيل المتهمين بالتخطيط لتفجير سفينة سياحية إسرائيلية قرب ميناء انطاليا التركي على البحر المتوسط أيضاً، وهما يحاكمان في اسطنبول حالياً.
وطالب شراحيل الذي نفى انتماءه الى «القاعدة» بعدم ترحيله الى بلاده بذريعة انه قد يتعرض لحكم بالإعدام بسبب انتمائه الى حزب «النهضة» المحظور.
وأشار المصدر الأمني الى العثور في منزل المحامي التركي على قرص كومبيوتر مدمّج (سي دي) كشف التحليل المخبري احتواءه مادة مُعدّة للتفجير في حال تشغيله، وهي المرة الأولى التي يواجه فيها الأمن التركي متفجرات مماثلة.
وكانت الشرطة التركية أوقفت نهاية الشهر الماضي ثمانية مشبوهين في الانتماء الى «القاعدة» والتخطيط لاغتيال البابا بنيديكت السادس عشر خلال زيارته للبلاد، لكنها لم تعثر معهم على أي وثائق تؤكّد مخطط الاغتيال.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 10 ديسمبر 2006)
عام / تونس وايطاليا / هجرة
تونس – واس – 9 ديسمبر 2006 – اكد السفير الايطالي لدي تونس ان بلاده على استعداد لاستقبال مزيد من المواطنين التونسيين للعمل.
وقال امام ندوة نظمها مركز جامعة الدول العربية بتونس حول الهجرة فى المحيط الاوربى// هناك
فرصة كبيرة لزيادة عدد المهاجرين التونسيين الى ايطاليا واوروبا بسبب نقص اليد العاملة في ايطاليا وعدد من الدول الاوروبية//
وافاد بان ايطاليا يمكن ان تقبل آلافا من التونسيين الجدد شرط المامهم بحوالي ثلاثة آلاف كلمة من اللغة الايطالية مع القدرة على التفاهم مع الشارع الايطالي وتوفر الحد الادنى من الخبرة التي تتيح امكانية الحصول على عمل .
واشار الى ان ايطاليا تبحث في صيغ جديدة لتحسين اوضاع المهاجرين ومن بينها عدم حرمان العامل القادم من بطاقة الاقامة في حال بقائه من دون عمل اكثر من ستة اشهر وهو النظام الذي يجري به العمل في الوقت الراهن.
(المصدر: وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 9 ديسمبر 2006)
اللصوص يؤدون زيارة مجاملة لمقر الحزب الديمقراطي التقدمي بقابس
• الحريف الملك….؟
في كل المعاملات التجارية العالمية ومهما اختلفت الأساليب اعتبارا مقولة ـ الحريف الملك ـ هي البند الأول في المعاملات بين التاجر والحريف لكن ما يقع اعتماده في هذا الاطار في أحدى الفضائيات التجارية الكبرى الواقعة في نهج فلسطين بالعاصمة لا يمكن أن يوصف إلا بكونه استهانة بالحريف وبأبسط شروط احترامه حيث يعمد أعوان المراقبة والحراسة إلى إغلاق حقائب الحرفاء بدون استثناء بمادة لاصقة عند الدخول في حركة تنم عن عدم احترام وتعتبر أن كل الداخلين لهذا الفضاء هم لصوص بدون استثناء لتتحول مقولة الحريف الملك إلى الحريف اللص… من حق هذه المؤسسة حماية نفسها من السرقة ولكن ليس بهذه الطريقة الفجّة فللحريف كذلك حقوق وأبسطها احترامه…
• يحدث أمام المدارس
عديد مظاهر العنف التي تحدث أمام المدارس بين التلاميذ أو يكون ضحيتها هؤلاء التلاميذ تحتاج إلى مزيد التدخل من أجل القضاء عليها سواء من طرف إدارة هذه المدارس أو من طرف الأولياء سواء بالتوعية وبث السلوك القويم أو بالردع إن تطلّب الأمر ذلك، خاصة أن عديد الحوادث المؤسفة التي يكون ضحيتها هؤلاء الصغار تقع يوميا بل وأصبحت تتفاقم وهو أمر يحتاج إلى مزيد التوقف عندها من أجل القضاء عليها وضمان مناخ مدرسي سليم..
• ممرات المترجلين:
ممرات المترجلين أصبحت شبه غائبة في الكثير من طرقنا وشوارعنا خاصة في المناطق ذات الكثافة المرورية الكبيرة فكثيرا ما تختفي وتمسح هذه المرات من أمام المدارس والمعاهد أو المستشفيات أو المؤسسات الكبرى ليصبح مرور المترجلين محفوفا بالفوضى وبالمخاطر كذلك… فلماذا لا يقع تجديد مثل هذه الممرات من أجل ضمان سلامة أكبر وسيولة أفضل للعملية المرورية التي أصبحت في اختناق دائم…
• مخفّضات السرعة:
مخفضات السرعة التي يقع تركيزها في الطرقات من أجل الحد من سرعة السيارات خاصة في المناطق المكتظة حيث تكاد تنعدم الاشارة لوجودها… فلماذا لا تتم الاشارة لوجودها بعلامات واضحة حتى تتم عملية سير السيارات بطريقة أفضل وحتى لا يفاجئ صاحب السيارة بهذه المخفضات في لحظة متأخرة وما يحدثه هذا من أضرار للسيارات ولأصحابها…
• أين الرصيف
في ظل الاختناق والفوضى المرورية التي تعانيها الكثير من طرقاتنا وشوارعنا وقع احتلال الرصيف هو الآخر سواء بالسيارات الراسية على جوانبه أو بكراسي المقاهي التي احتل أغلبها الأرصفة بدون تصريح قانوني وكذلك بالبضائع التي تعرض على الأرصفة بطرق فوضوية مما جعل السير على بعض أرصفتنا أشبه بالمرور على الصراط… • الحاويات باستثناء بعض الشوارع الرئيسية والمناطق الزرقاء وبعض المناطق الراقية فإن حاويات الشوارع تكاد تكون مفقودة وهو مظهر غير لائق في شوارعنا فالتربية والدربة على النظافة والاعتناء بالبيئة والمحيط لا يمر إلا عبر تركيز وتعميم مثل هذه الحاويات بشوارعنا… ! • تسوّل ظاهرة التسول والتكفف أصبحت ظاهرة جالبة للعيان في شوارعنا حيث لا يكاد يخلو نهج أو شارع أو وسيلة نقل من هؤلاء المتسولين والذين وجد الكثير منهم في هذه الظاهرة وسيلة هامة للارتزاق خاصة وأن أغلب هؤلاء أصبح التسول بالنسبة إليهم مهنة قارة يغنمون منها الكثير وهم في الحقيقة قادرون على العمل… هذه الظاهرة المستفحلة أصبحت تحتاج إلى التدخل السريع أكثر من أي وقت سواء بإيجاد بعض الحلول للمحتاجين لانقاذهم من ظاهرة التكفف هذه وكذلك بالردع لمن جعل من التسول مهنة للارتزاق… !
• زيت الزيتون
مع توفر صابة هامة من زيت الزيتون خلال هذا الموسم وانخفاض أسعار الزيتون إلى مستوى يسمح بانخفاض أسعار الزيت فإن أسعار زيت الزيتون لم تستقر بعد خاصة وأن هناك فائضا من صابة الموسم الفارط التي بقيت في المخازن… وبهذا فإن السلط المسؤولة مدعوة إلى تسعير سقف سحر هذه المادة لكي يتمتع المواطن التونسي بخيرات بلاده التي أصبحت أسعار بعضها أرفع من تلك التي نستوردها من الخارج وذلك بسبب مضاربة البعض وتحكمهم في السوق…
• علوش العيد
الظاهر أن المواطن التونسي قد انهزم برمي المنديل فبرغم اقتراب موعد عيد الاضحى فإن الحديث عن سوق الأضاحي يكاد يكون غائبا فهل تكون هذه الأسعار في المتناول خلال هذه السنة برغم أن الأمر يكاد يكون مستحيلا أم أن للتجار والقشارة بلغة السوق رأي آخر خاصة وأنهم هم المستفيدون الوحيدون من هذه المناسبة. فلا الفلاح المسكين قادر على استرداد مصاريفه خاصة وأن الموسم يعتبر صعبا لانخفاض معدل الأمطار… ولا المستهلك أصبح قادرا على تحمل الشطط الكبير في سعر الأضاحي فالكيلوغرام الوحيد من اللحم يمكن يكلف المواطن أكثر من 16 دينارا باعتبار جميع مصاريف الأضحية..
• كلاب سائبة
تشكو منطقة الوردية وخاصة حي محمد علي بالعاصمة من جحافل الكلاب السائبة التي تتنقل بالعشرات في هذه المنطقة خاصة خلال ساعات الليل وهو ما يمثل خطرا على المارة ومظهرا غير لائق… السلط البلدية مدعوة للقضاء على هذه الظاهرة من أجل ضمان سلامة وراحة المواطنين.
• مظاهر غير لائقة
مظاهر أخلاقية غير لائقة يأتيها البعض في وسائل النقل خاصة خلال الساعات الأخيرة من الليل من التدخين داخل العربات إلى التلفظ بالكلام النابي والسوقي وعدم احترام للآخرين ولكبار السن وللنساء… هذه المظاهر الغير الأخلاقية تحتاج إلى مزيد التدخل من طرف السلط المسؤولة من أجل ضمان سفرات مريحة لحرفاء النقل العمومي ومن أجل ضمان الحد الأدنى لاحترام الآخر الذي لا يقيم له البعض أي وزن.
(المصدر: صحيفة « الوحدة » الأسبوعية، العدد 527 بتاريخ 9 ديسمبر 2006) الرابط: http://www.elwahda.org.tn/wehda.php?link=21عالمة تونسية تتحدث عن « لغة الضوء » الذري
كفاح عارف
بي بي سي – لندن
العالمة التونسية الدكتورة زهرة بلخضر، استاذة الفيزياء الضوئية في جامعة المنار في تونس ، أول امرأةِ علمٍ عربية وأفريقية تنشئ مختبراً علميا في بلد لم يكن فيه علماء ، او حتى مفهوم للبحث العلمي، بينما يشارك حاليا في عمل المختبر نحو خمسون باحثا ، خمسٌ وثلاثون بالمئة منهم نساء من تونس وبلدان عربية وأفريقية ، وكان ذلك من بين أسباب منحها جائزة « لوريال/اليونكسو » في عام 2005.
تقول بلخضر انه لم يكن في تونس، قبل الاستقلال في عام 1956 ، كلية علوم مثلما كانت موجودة في دول اخرى ، كمصر وافريقيا الجنوبية والجزائر ، ما يعني عدم وجود ;كلية علوم او مختبرات علمية او بحث علمي.
ابحاث بلخضر تتركز على تحليل الطيف الذري الجزيئي Spectroscopy ، او تحليل الضوء المنبعث من الذرة. كان هذا هو موضوع تخصصها في جامعة باريس الرابعة.
وتحاول بلخضر ان تشرح الموضوع بكلمات ابسط قدر الامكان:
» ينبعث من كل ذرة ضوء، او شعاع، هو بمثابة لغة الذرة. لكل ذرة لغتها. نتعرف على الذرة حين نخاطبها بذات اللغة، اي مثلما يتخاطب ويتعارف فردان باستعمال لغة محددة، كالانجليزية او العربية. عندما نفهم لغة الذرة نستطيع التفاعل معها والتعرف عليها وعلى حالاتها ، إن كانت هادئة او متحركة . »
اسلوب وصف بلخضر للذرة يبين كم هي وثيقة ، بل حميمة، العلاقة الخاصة بينهما، بين العالمة التونسية والذرة . تجَسَدَ ذلك في العنوان الشاعري لمحاضرة القتها عند تسلم الجائزة: « الضوء رسول الكون ».
فهم الضوء، تقول بلخضر، يمكننا من فهم مكونات المادة، اي مادة كانت، من اكبرها ، مثل الكواكب والنجوم، الى اصغرها ، مثل خلايا الجسم والانسجة النباتية ، وهذا يغني، بالتالي ، معرفتنا بتلوث الهواء او الماء او النبات ، ما يؤدي بدوره الى صنع آليات وموادَ جديدة لم تكن موجودة في الكون ، كالليزر مثلا .
جمعت بلخضر وصنفت معطيات كثيرة عن هذه الظاهرة ، ووظّفت ، لاحقاً ، معرفتها المتراكمة والخبرة في رصد عوامل تلوث البيئة التونسية واقتراح طرق العلاج .
وتروي بلخضر ، في حفل تسلمها جائزة لوريال اليونسكو، قصة اول درس تعلمته عن الضوء او الشعاع :
» حين كنت طفلة صغيرة كنت اسافر بصحبة الاهل الى « قرقنة » ، وهي جزيرة لم تكن مزودة بالكهرباء. كنا نخرج في زورق ، وكانت السماء الجميلة ، المليئة بالنجوم ، هي بوصلتنا. »
ذلك كان الدرس الاول الذي تعلمته بلخضر عن الضوء . وكسائر دروس الحياة الاخرى كانت تهرع في كل مرة الى امها البسيطة لتحكي لها عن النجوم ، كيف تتلألأ ، لماذا تدور ، وما هي الاشعة الطيفية ، الخ .
وكم كانت كبرى فرحة العالمة التونسية حين تخبر امها بما تتعلم . بدأ ذلك منذ مرحلة الدراسة الابتدائية . كانت الام تراجع معها الدروس بصبر وتستمع لمحفوظاتها بابتهاج .
تضيف بلخضر مبتسمةً : » كانت امي اول طالب لي واول معلم ، كانت تحاول ان تفهم ما اقول ، وتفرح كثيرا حين تفهم . كانت تكرر مرارا ، وفي جميع مراحل دراستي ، عبارة واحدة : يا بُنَيَتي « يحيا العلم » ! . كلما كنت اشرح لها ظاهرة طبيعية معينة تكرر ذات العبارة : يا بُنَيَتي « يحيا العلم » !
وبهذه العبارة استهلت بلخضر واختتمت كلمتها في حفل تسلم جائزة لوريال \ يونسكو : » ، قالتها بالعربية أولا » يحيا العلم ! » ، ثم بالفرنسية 🙁Vive la Science)
(المصدر: موقع بي بي سي أونلاين بتاريخ 7 ديسمبر 2006)
الرابط: http://news.bbc.co.uk/go/pr/fr/-/hi/arabic/world_news/newsid_6210000/6210958.stm
جمع مختلف الفرقاء حول ملف رابطة حقوق الإنسان:
سجال سياسي وحقوقي لأول مرة حول الخروج من أزمة الرابطة
تونس/الصباح
في خطوة هي الاولى من نوعها، نجحت حركة الديموقراطيين الاشتراكيين في جمع مختلف الفرقاء فيما يعرف بازمة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، وذلك من خلال مائدة مستديرة انتظمت اول امس بفندق قصر الشرق بالعاصمة، حول «آفاق حقوق الانسان في تونس اليوم»..
فقد ساهم في اشغال هذه الندوة، السادة الطيب البكوش، رئيس المعهد العربي لحقوق الانسان (المعروف بمقاربته المستقلة لموضوع الرابطة)، والمختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والأستاذ الشاذلي بن يونس (احد الذين قدموا دعوى قضائية للطعن في المؤتمر الخامس للرابطة)، ومحمد بوشيحة الامين العام لحزب الوحدة الشعبية، وعبد الرحمان كريم، أحد ابرز عناصر «مبادرة الـ108» التي اطلقها عدد من النشطاء الرابطيين الى جانب شخصيات ونشطاء حقوقيين من مشارب مختلفة.
وتعد هذه اول مرة منذ اندلاع «ازمة الرابطة» قبل بضع سنوات التي يتم فيها تجميع هؤلاء الفرقاء على طاولة واحدة لمناقشة مشكل الرابطة بشكل مباشر وعلني، بعد ان كان الحوار بين الطرفين يتم «عن بعد»، ان صح التعبير.
وعلى الرغم من حساسية ملف الرابطة، فقد كان النقاش ثريا، والحوار صريحا الى ابعد الحدود، بصرف النظر عن بعض التشنج الذي تخلله، لكنه لم يؤثر على المسار العام للندوة.
الجميع معنيون..
الندوة افتتحها السيد اسماعيل بولحية، الامين العام لحركة الديموقراطيين الاشتراكيين بكلمة، مثلت مدخلا للنقاش حول مستقبل حقوق الانسان في تونس بشكل عام، وموضوع الرابطة بشكل خاص.
ولاحظ بولحية منذ البداية، ان اتخاذ المزيد من الاجراءات لدعم الحريات والحقوق الاساسية للمواطنين، سيكون له الاثر الايجابي على المناخ العام، ومن شأنه دعم المصالحة والمشاركة الفاعلة في الحياة العامة.
واوضح ان «قضية حقوق الانسان، ليست من اختصاص هذه الجمعية او تلك، وانما هي تهم كل الاطراف، احزابا وجمعيات ومجتمعا بما في ذلك السلطة»، خصوصا وان حقوق الانسان اصبحت شرطا من شروط الاندماج في المجتمع الدولي.
وشدد بولحية على ان «ملف الرابطة لا يحتمل مزيدا من التعقيد والتأجيل»، داعيا في هذا السياق الى تعميق التشاور والحوار البنّاء والمسؤول من اجل تجاوز اسباب اطالة ازمة الرابطة.
من جهته، لاحظ السيد الطيب البكوش، حصول مكاسب في ميدان حقوق الانسان شملت المرأة والطفولة وذوي الاحتياجات الخصوصية، الى جانب مكافحة الفقر..
لكنه أبرز ان هذه المكاسب، باتت مهددة بالتراجع، اذا لم يحصل انسجام وتناسق بين الخطاب الرسمي والواقع العملي.
دعوة للحوار..
ولم يخف السيد مختار الطريفي في مداخلته، وجود مشكل للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، بدأ منذ المؤتمر الخامس، واستمر الى غاية الفترة الراهنة، حيث تمنع المنظمة من عقد مؤتمرها وتنظيم انشطتها الفكرية ودوراتها التدريبية، بذريعة وجود حكم قضائي يمنعها من ذلك.
وشدد الطريفي على ان المشكل يكمن في الحوار مع السلطة لطي هذا الملف نهائيا، وقال في هذا الصدد: «نحن دعاة حوار، وقد سعينا الى ذلك عدة مرات، ومازلنا نحرص على استئناف الحوار مع السلطة، ومستعدون لاي خطوة في هذا الاتجاه»، قبل ان يضيف: «الحوار ضروري مع السلطة لان حل ملفات وقضايا حقوق الانسان لا يمكن ان يحصل الا عبر الحوار بين الرابطة والسلطة».
وتطرق الاستاذ الشاذلي بن يونس، الى اهمية محافظة الرابطة على استقلاليتها عن جميع الاحزاب والتيارات السياسية، فهي ولدت (في ماي من العام 1977)، بقرار وفاقي، واستمر هذا الوفاق على مر السنوات، حيث كانت الهيئة المديرة ممثلة من الجميع، الامر الذي بوأها مكانة الحكم.
واوضح ان سنة 2000، كانت بداية الازمة صلب الرابطة، لاعتبارات عديدة، بينها ان الوفاق لم يستمر وافرز المؤتمر الخامس قيادة غير وفاقية، حيث جرى احتكار الرابطة من قبل تيار سياسي بات يتصرف في الرابطة وكأنها حزب سياسي..
والى جانب انعدام الوفاق، لم تنضبط الهيئة الجديدة لمقتضيات القانون الاساسي والنظام الداخلي للرابطة، من خلال اتخاذ قرار دمج الفروع، في خطوة غير مسبوقة وغريبة في آن معا، على حد تعبيره.
لذلك تم رفع دعوى قضائية بشأن ابطال نتائج المؤتمر الخامس.
واشار السيد بن يونس الى ان المجموعة التي رفعت الدعوى، مستعدة ـ رغم التطورات التي سجلت في الآونة الاخيرة ـ الى سحب الدعوى القضائية، اذا ما تم احترام القانون الاساسي والنظام الداخلي للرابطة، من خلال الغاء عملية الدمج، وفتح الباب للانخراطات الجديدة، وهو الطريق نحو عقد مؤتمر الرابطة، حسب رأيه..
لكن السيد مختار الطريفي عاد ليذكر بان عملية ادماج بعض الفروع، كانت بالتشاور مع الهياكل القاعدية للرابطة ومن اجل نجاعة الهياكل الرابطية الى جانب كون الهيئة المديرة للرابطة مؤهلة قانونيا لان تتخذ قرارات بخصوص تسيير المنظمة، وهذا شأن كل الهيئات التي تداولت على الرابطة.
خروقات..
على صعيد آخر، كشف الاستاذ عبد الرحمان كريم عن بعض الحيثيات التاريخية الهامة في علاقة بملف الرابطة.
فقد ابرز ـ على خلاف السيد بن يونس ـ ان ازمة الرابطة لم تولد في سنة 2000، وان القول برفض احد الاطراف نتائج المؤتمر، امر لا يستقيم منطقيا، على اعتبار ان الرابطة ليست شركة اقتصادية، فهي منظمة جزء من المرفق العمومي.
وشدد على شرعية المؤتمر الخامس والقيادة المنبثقة عنه قائلا: «لا يجب ان يكون هناك خلاف حول هذا الموضوع».
المشكل ـ والكلام للسيد كريم ـ يكمن في قرار اعادة هيكلة الفروع الذي اتخذته قيادة الرابطة في العام 2003، وهذا مخالف للقانون لأنه ليس بامكان الهيئة المديرة ان تتخذ قرارا بهذا الحجم بمفردها..
واوضح ان القيادة السابقة للرابطة ـ التي كان عبد الرحمان كريم عضوا فيها ـ خرقت القانون الاساسي في مؤتمر 2000، لكن ذلك تم بموافقة المؤتمرين، وهذا هو الفرق بين خروقات الهيئة الحالية وتلك السابقة..
لكن السيد كريم، لم يخف قلقه من الوضع الراهن للرابطة، حيث بلغت الامور حد الازمة، واذا ما تواصلت هذه الازمة واستفحلت فسيكون من الصعب جدا ايجاد حل.. داعيا في هذا السياق الى ضرورة «التسريع الجماعي بالحل لتجنب حصول فراغ حقوقي في البلاد»..
وتخلل الندوة التي استمرت زهاء الاربع ساعات كاملة، مداخلات عديدة، حيث شدد السيد محمد بوشيحة الامين العام لحزب الوحدة الشعبية، على ضرورة ان يحتكم الجميع للحوار، مؤكدا ان البلاد بحاجة ماسة الى الرابطة، مثلما هي بحاجة الى مزيد تطوير تشريعاتها المتعلقة بحقوق الانسان.
واقترح السيد علية العلاني (رابطي وعضو قيادة ح-د-ش) تشكيل لجنة من الاحزاب السياسية لتنظيم ندوة وطنية حول الرابطة، وهو المقترح الذي كانت «الصباح» اقترحته مند عدة اشهر..
صالح عطية
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 10 ديسمبر 2006)
إستراتيجية إستعمال السلطة لمنحرفي الحق العام في التصدي للأحرار
مقاربة للفهم
الجزء الأول
عبد الرحمان الحامدي
وتستمر محنة النساء و الرجال في بلدي تونس إذ:
في كل يوم تطالعنا الأخبار القادمة من بلدي بجديد آلة الشر التي لا تتوقف عن طحن كل من يعترض طريقها في هستيريا وجنون متصاعدين لا تعرفان الكلل و لا الملل و لا يردعها رادع من قيم و لا أعراف و لا مواثيق و قد طالت الأحياء و الأموات على السواء بلذة سادية لم ينج منها حتى الجماد مما تشيب له رؤوس الولدان..
دوامة ليس لها قرار حشرت السلطة في بلدي فيها رجال الأمن و المواطنين على حد سواء و لم يسلم من عبثها حتى الجمادات كما ذكرت و قد أصرالمجانين في بلدي على إدخال هاته الجمادات التاريخ من باب الشنقال* عندما تصر عناصر من جلاوزة الشر( و في محاولة يائسة لمنع الدكتور المرزوقي من حقه في التنقل في بلده صحبة زواره) إلى سيارة أحد الزوار فتستنجد بشنقال لرفع السيارة وإخفاءها بعيدا عن الأعين أو عندما يعمد بعض منحرفي الحق العام إلى كسرالسيارة التي أقلت كل من العفيفة سامية عبو و الدكتور المرزوقي و الصحفي سليم بوخذير و الأستاذ سمير بن عمر إلى السجن المدني بالكاف لزيارة سجين الحرية الأستاذ محمد عبو.
عندما يحدث ذلك في بلدي تدرك دون حاجة إلى كثير عناء كيف أن حالة الهستيريا التي استبدت بالنظام أبت إلا أن يكون للجمادات نصيب منها في التدمير و كأنما قطع الأرزاق و انتهاك الحرمات الجسدية و الإعتداء الصارخ على كرامة المواطنين و سجنهم لم يعد كافيا فلا بد إذا من أن تكتمل عناصر الحالة المرضية لتخرج لنا في أكمل صورة و أتمها فتدخل بفضل ذلك السيارات حلبة التاريخ من باب الشنقال في سوسة أمام منزل الدكتور المرزوقي ( وهي (أي السيارة) للأستاذ طارق العبيدي) و من باب العصي و الحجارة في الكاف بشهادة بوابات السجن هناك( و هي للأستاذ سمير بن عمر) ليقع تحطيمها على أيدي منحرفي الحق العام الذين تنادوا لكي لا يفرقوا بين البشر و الجماد أمام السجن المدني بالكاف فيعنفوا الجميع ويتشفوا منهم.
فيصبح حينئذ من المضحكات المبكيات أن تدخل في قاموس السياسة في بلدي كلمات مثل شنقال* و عاهرات و منحرفي الحق العام و العصا و الحجارة…( إلى أخر القائمة التي يبدو أن لا نهاية لها) في التصدي للأحرار و ممتلكاتهم و الله و حده أعلم ما الذي ستضيفه السياسة في تونس إلى القاموس السياسي العربي لتعكس هذه القائمة من الكلمات بؤس السياسة في بلدي و تكون شاهدة عن الزمن الرديء فتمطرنا مظامينها بحكايات شبيهة بتلك التي يتحدث عنها التاريخ زمن محاكم التفتيش في أوروبا القرون الوسطى عندما يصادر المستبد من الإنسان؛ بسبب فكرته؛ كل شيء: دينه و عرضه و ماله و سلامته الجسدية و النفسية فيتحول الحر في بلدي؛ وهو المبتغى و المرام لدى سلطة تونس؛ إلى عبيد العهد الفرعوني كما تصوره الأفلام السينمائية يفعل بهم المستبد كل شيء و يستكثر عليهم الآهات و الأنات عبر تلك السياط التي تنزل على الضهور نزول الحمم و الصواعق عقابا لكل من سولت له نفسه الصراخ من الألم أو الإستغاثة من ثقل ما اكره على تحمله فليس له إلا السوط تجلده به جنود فرعون فإما أن يسكت و لا يشتكي و لا يتأوه و إما يسقط صريع السياط
هو التاريخ إذا يوشك أن يعيد نفسه في سياق مغاير و بأشكال مختلفة وبأناس آخرين فيكشف عن حالة من تنكر إبن آدم لبشريته وإنسانيته عندما يأبى إلا أن يتأله فيتغول فكأن الزمان ليس زماننا و المكان ليس المكان!.
أما إلتجاء السلطة إلى منحرفي الحق العام و عدم الإكتفاء بالمائة و خمس و ثلاثين ألفا من رجال الأمن في بلدي للتصدي ’’لشرذمة’’ من أحرار تونس فذلك مبحث آخر يجد صداه في المقاربات السياسية و أدوات تحليلها كما يجد صداه في المقاربات النفسية التي لم تعد لي رغبة في أن أكسر* بها رأس القارئ المسكين الكريم بعد أن سبق و أن كسرت بها رأسي.و لكني أستسمحكم عذرا هذه المرة لأتحدث قليلا و باختصار!!!عن البعض من هذه المقاربات ؛ على أن لا أعود إليها بعد اليوم أبدا!! (أعلم أني لا أستطيع!!).
و مقال اليوم يخص المقاربة السياسية بإعتماد مفهوم الإستبداد كأداة من أدوات التحليل فأقول على بركة الله:
لن أتناول ما يحدث في تونس من وجهة نظر التحليل الميكيافيلية كأداة أفهم من خلالها ممارسات السياسة في بلدي أو جانبا منها فقد خضت جزئيا في الموضوع عندما تعرضت بالتحليل لموضوع العفو الرآسي الأخير(تونس نيوز 9نوفمبر2006/ الوسط التونسية)… كما لن أتناول كذلك ما يحدث من منظور مفهوم الديماغوجيا في خطاب السلطة و ممارستها فقد تم ذلك عندما تعرضت لموضوع الحجاب (تونس نيوز18أكتوبر2006 و الحوار نت ) ولكني سأتناول هذا الذي تفتقت عليه عبقرية مهندسي الشر في بلدي من منظورالإستبداد السياسي
فما السبب إذا لإلتجاء السلطة في بلدي إلى الزج بجحافل من منحرفي الحق العام في المهمات القذرة في حق الأحرار مكان رجال الأمن وعلى مرآى و مسمع من الجميع هذه المرة؟.
ربما يتفق معي القارئ الكريم على أن للإستبداد .ثالوثا مقدسا وهو: مركزية القرارات/ قلب الحقائق و تزييفها في الخطاب / الخداع والإرهاب في الممارسة. إلى كل ذلك ينضم جهاز دعائي قوي يغطي على الفكر و الممارسة و يبررهما ديماغوجيا في آن واحد و تلك من عجائب الإستبداد و مفارقاته في تونس..
فبإمكاني إنطلاقا من ذلك فهم ما يحدث من إلتجاء مهندسي الشر إلى منحرفي الحق العام للتصدي للأحرار.
كيف ذلك؟
ما سأقوله هومجرد مقاربة للفهم لا أكثر و لا أقل كما أحب أن تكون العادة:
أولا: زج السلطة بمنحرفي الحق العام و بعض من عاهراته في التصدي للأحرار يترجم رغبةها في إقناع الرأي العام الدولي بالخصوص بأن الشعب التونسي رجالا و كذلك نساء ملتف حول خيارات وإنجازات العهد الجديد ( و الذي أصبح يسمى الآن العهد السعيد وقد يسمى لا حقا بمشيئة الله تعالى العهد البائد ) وأنه تبعا لذاك الإلتفاف؛ لن يسمح هذا الشعب بأي حال من الأحوال ’’لشرذمة’’ من الأشرار و المناوئين المدعومين من الخارج أن تعكر صفو الأمن العام و تهدد مكاسب المجتمع المدني.
لذلك قرر الشعب رجالا؛ و نساء كذلك؛ و ما يزال يقرر تقريرا( باعتبار أن القرارات دوما بيد الشعب في تونس) أن يهب هبة رجل واحد غيور على بلده وأن ينزل إلى الشارع من أجل التصدي الشجاع لأعداء الأمة دون إيعاز من أحد أو دفع من زيد أو عمر؛ و هذا ما يحدث عادة في الدول الديمقراطية و منها تونس إذا أحس الشعب بخطر يهدد مكتسباته..
و عليه فخير من ينوب عن الشعب للقيام بهذه المهمة النبيلة ( باعتبارأن هذه المهمة؛ من وجهة نظر النظام التونسي؛ يمكن وضعها في خانة فروض الكفاية) هم جحافل منحرفي الحق العام و بعضا من عاهراته حتى لاأظلم البقية الباقية منهن..
وعليه مرة أخرى أفهم كتونسي’’ متفهم’’ لماذا تتنقل هذه الجحافل في مجموعات خلف الدكتور و من معه يتابعونه كظله أو يقطعون طريقه ويرهبونه بشتى الوسائل إلى درجة تعنيفه يوم الخميس7ديسمبر مع سامية عبو و سليم بوخذير و الأستاذ سليم بن عمر أمام سجن الكاف مستندين في ممارسة فنون الهرسلة و الإيذاء إلى خبراتهم الطويلة في السجون التونسية باعتبارهم من خريجي مدرسة بن علي في فنون إحترام الإنسان أينما كان و مهما كان سنه و قدره و جنسه و لونه في الخارج والداخل على حد سواء!!!
و عليه أيضا إذا حدث و أن استطاعت هذه’’ الشرذمة’’ فك الحصار و إبلاغ صوتها إلى العالم حول ما يحدث لها ولتونس فإنه سوف لن يعسر على السلطة في أن ترد بالقول بأن الشعب التونسي نساء و رجالا هو الذي إختار أن يرفض هؤلاء المعارضين و أن يكنسهم كنسا ونحن نحترم مثلكم (الخطاب موجه من السلطة إلى الرأي العام الغربي و دوله) إرادة الشعوب و شكرا (عاصفة من التصفيق تتلو أوتوماتيكيا مثل هذه الخطاب لو ألقي أمام نواب الشعب!).
هكذا يتضح الركن الأول و الثاني من الثالوث المقدس للإستبداد في بلدي ممثلا في محاولة خداع الرأي العام الغربي و قلب الحقائق و تزييفها بمحاولة يائسة لإيهام العالم بأن المسألة مرتبطة بمبادرة للمواطنين الرافضين لشرذمة من المعارضة التي لا دأب لها سوى المس من سمعة البلاد و تهديد مكاسب المجتمع هذا أولا أما ثانيا وهو المؤكد لدى السلطة أنها لا علاقة لها بما يحدث لا من بعيد و لا من قريب!!! (بريءة براءة الذئب من دم يعقوب!).
و الحقيقة التي لا يختلف فيها إثنان و لا تنناطح من أجلها بقرتان أن القاصي و الداني يعلم أن التعليمات الفوقية والمافوقية لمهندسي الشر وا ضحة و جلية و صارمة في دفع رجال الأمن في بلدي إلى إرتكاب البلية في الجمهورية التجمعية الدستورية التونسية و ذلك بدفعهم إلى الإشراف على مايحدث دون تدخل بل وإعطاء معلومات محددة لهؤلاء المنحرفين و حمايتهم إذا إنقلبت الأمور عليهم بل و مكافأتهم على مثل هكذا إرهاب في حق بني جلدتهم من أحرار البلد وتيسير قضاء بعض شؤونهم المدنية!! والتنسيق معهم تنسيقا أخويا حميما من أجل تحقيق النصر بالضربة القاضية على المعارضين!
ثانيا توظيف هذه الجحافل لإرهاب المعارضين يدخل في خانة المحاولات اليائسة للسلطة للتخفيف من تورط رجال الأمن و الحد من مزيد إغراقهم في المهمات القذرة بعد أن تردد وجود إحتجاجات هنا و هناك في صلب المؤسسة الأمنية في تونس جراء تصاعد الإنتهاكات الغريبة عن مجتمع الزيتونة و قيمه في حق المواطنين والأحرار دون مراعاة حرمات الأعياد و المناسبات الوطنية و الدينية و دون التفريق بين إمرأة أو رجل؛ طفل أو مسن في ممارسة إرهاب الدولة (عد إلى حادثة إشهار السلاح بوجه سامية عبو و ابنيها و راضية نصراوي؛ وعد إلى صورالكدمات على الجسد الغض لإبن أخينا حاتم زروق؛ وانتهاك الحرمات الجسدية و النفسية للمحجبات و آخرها ما حدث في صفاقس للاخت نورة و و ليعذرني بقية المضطهدين في بلدي إن لم أذكرهم كنماذج؛ فضلا عن الضلوع في تركيب الأفلام الجنسية لكيل التهم الأخلاقية للمعارضين و الزج بهم تحت طائلة القانون و تشويه صورتهم لدى مناصريهم
أما عن تلفيق تهم الخيانة والعمالة للخارج لهم فحدث و لا حرج بل وصل الأمر إلى تهديد البعض منهم بإلصاق تهمة المتاجرة بالمخدرات إن هم أصروا على نقدهم للنظام القائم وقائمة الممارسات القذرة لا تكاد تنتهي لو عددتها)…..
قلت إذا: لم تر السلطة في بلدي بدا من إيجاد حل يصون صورة رجل الأمن كما ينبغي أن تكون عليه في عادات الدول التي تحترم شعوبها فتفتقت عبقرية مهندسي الشر و إستراتيجييهم في بلدي على فكرة جهنمية يضربون بها سبعة (على وزن سبعة نوفمبر) عصافير بحجر واحد فكانت فكرة إقحام منحرفي الحق العام وبعضا من عاهراته في القيام بالمهمات القذرة و تخفيف جوانب منها عن رجل الأمن (هكذا هي الحلول و إلا بلاش)! مما يحيلني إلى الركن الثالث من أركان الثالوث المقدس للإستبداد في بلدي و هو أن مركزية القرارات والضيق بتحمل تعدد مصادره (عكس ما عليه الحال في الدول الديمقراطية) من شأنه أن يترك المجال للأهواء و الأمزجة في الفصل في قضايا كثيرة تهم البلاد و العباد خذ على سبيل المثال و دون تعليق مني دعوة السلطة في تونس لمجرم الحرب رئيس وزراء الكيان الصهيوني السابق آرييل شارون و قائمة القرارات الإعتباطية و الرعوانية في حق البلاد و العباد تطول…
و إذا عدنا إلى موضوعنا؛ فإنني أقول بأن غياب الشورى و توسيع دائرتها يولد معالجات منحرفة للمشاكل لا دخل فيها للعقل و منطق الأمور؛ لذلك فلا أعجب من أن الحل الأمثل لإسترجاع الصورة الناصعة لرجل الأمن و الإستجابة لإحتجاجاته التي ذكرتها آنفا ( و دائما حسب عبقرية استراتيجيي السلطة) يكون بإعفاءه من بعض المهام القذرة و إسنادها إلى منحرفي الحق العام و بعض من عاهراته(هكذا)! مما لن يزيد الأوضاع على مسرح بلدي إلا تعفنا.
أما إحتجاجات المعارضة( وهي الوجه المقابل لإحتجاجات المؤسسة الأمنية) فتواجه بالعصا أولا وبالعصا ثانيا وبالعصا ثالثا و بالعصا والجزرة رابعا؛ والعصا لمن عصى؛ و لا يلومن المرء إلا نفسه في هذه الحالة! (العصا في المفهوم النوفمبري؛ حاشا شهر نوفمبر؛ هي ما تعرفونه مما تتفتق عليه يوميا قريحة الشرفي حق المواطنين و الأحرار بكل تعبيراتها و أشكالها والتي لم تعد خافية على أحد و لا داعي لأن أجترها لكم من جديد!!).
ثالثا: إن فكرة إختيار فئة منحرفي الحق العام بالذات للقيام ببعض المهام’’ الوطنية ’’ ( حاشى السامعين و القراء الكرام) يجعلني و إعتمادا على الحاسة السابعة لدي (عفوا هذه المرة ليس على وزن سبعة نوفمبر) أقول بأن الفكرة بدت لي مستوحاة من أصدقاء السلطة من الأمريكان اللذين يطبقونها كلما هموا بالقيام بأعمال قذرة خارج بلدهم في شرق الأرض و غربها و أعني من بينها خوض الحرب على العراق و على أفغانستان و الفيتنام سابقا….
ذلك أن التقارير الواردة على صفحات أشهر الصحف الأمريكية؛ وهذا معلوم للجميع؛ تحدثت عن أن وزارة الدفاع بالتنسيق مع وزارة الداخلية وبمباركة من جورج بوش و حزبه عمدت إلى الزج ببعض عتاولة مجرمي الحق العام في أمريكا؛ من المحكوم عليهم بالمؤبد أو الإعدام؛ في أتون الحرب في العراق و في أفغانستان مقابل الحط من العقوبة أو الحصول على عفو يسترد به المجرم حريته إذا حقق النصر أو يفقد حياته في الحرب إذا لم يكن له حظ في الحياة و هو المقابل المكافأة عند حكام العم سام لهذه الفئة من المنحرفين و يقابله في تونس كمكافأة لهؤلاء رخصة كشك بيع سجائر أونصبة خضرة !
هذا وأن عملية إقتباس هذه الفكرة عن الأصدقاء الأمريكان وإعادة إخراجها في ثوب تونسي صميم ليست الوحيدة و سأذكر لكم نماذج أخرى مما اقتبسه مهندسو الشر في بلدي في الجزء الثاني من هذا المقال عندما أحلل استراتيجية استعمال السلطة لمنحرفي الحق العام و بعض من عاهراته من الوجهة النفسية.
هكذا تتبدى لي إذا الخلفية السياسية لإستراتيجية توظيف منحرفي الحق العام للتصدي للأحرار في بلدي و هذا ما إهتدت إلى إقتباسه عبقرية الشر من منجزات الأمريكان ضاربين عرض الحائط بما
عدا ذلك من منجزات في مجالات ما يرقى بالإنسان التونسي!!! فلا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم
وفي الختام؛ الذي لن يكون هذه المرة مسكا؛ أعيد قلمي إلى غمده (غطائه) في إستراحة محارب وأترك الصورة؛ و ليس الكلام الذي ألفنا رنينه؛ تنطق لتقدم لكم؛ عبر شريط قصير؛ إخوتي الكرام؛ نموذجا مصغرا؛( و لكنه صدمني شخصيا) عما يحدث في بلدي و أجزاء من أمتنا في حق المواطنين
فحسبي الله و نعم الوكيل نعم المولى و نعم النصير
الشريط أحداثه تدور في إحدى مخافر الرعب بمصر فالرجاء لمشاهدة الشريط الضغط على الرابط المصاحب للصورة أو الضغط على الصورة في آن واحد مع
Ctrl
http://www.youtube.com/results?search_query=egypt
*تكسير الرأس: في اللهجة التونسية يعني إستعارة : الإتعاب و الإزعاج إضافة إلى معناه الأصلي.
*الشنقال في اللهجة التونسية هو رافعة السيارت.
نهضوي
أستاذ وسجين سياسي سابق
لاجئ حاليا بسويسرا
النظام التونسي واليوم العالمي لحقوق الإنسان
رسالة إلى نواب المؤتمر 21 للاتحاد العام التونسي للشغل
تونس العالم- تاريخ جديد يتشكل
صالح سويسي
صدر خلال الأيام القليلة الماضية كتاب جديد للدكتورين الهادي مهني و محمد بشير حليّم بعنوان » تونس العالم- تاريخ جديد يتشكل » و يأتي هذا الكتاب في إطار مشروع متكامل من الكتابة الوطنية والفكرية و الجمالية صدر منها حتّى الآن كتابان الأول » الأخلاقيات في خدمة السياسة » و الثاني » تونس طبيعة وثقافة »
و جاء الكتاب الضخم في طبعة فاخرة في 495 صفحة توزعت فصوله بين قسمين رئيسيين هما : »استقلال وهوية » و » انفتاح وسيادة » يتدرجان بالقارئ عبر لغة جميلة وشفافة فوق سلم زمني تصاعدي يصل الماضي بالحاضر عن طريق تقسيم سنوي بارع يلتقط الأحداث الفاعلة ويرسم التحولات ويستدعي شخوص كل حقبة ويستعرض المنجزات بكل تفاصيلها ويستحضر أبرز المواقف ونتائج الخطط والمقاربات. هذا على الصعيد الوطني أما على الصعيد العالمي فقد ابرز المؤلفان خصوصيات كل سنة وتحولاتها وأزماتها ونجاحاتها.
وبين هذا وذاك كان الدكتوران الهادي مهني ومحمد بشير حليم ينحتان بحذق بارع ودراية واسعة على صخر اللغة لوحات صادقة للحراك الثقافي ولصدى الأفكار الكبرى وتأثيرات الاكتشافات والطروحات المستجدة في المجتمعين التونسي والعالمي.
الكتاب وتنطوي دفتاه على 495 صفحة تتوزع فصوله بين قسمين رئيسيين هما: » استقلال وهوية » و » انفتاح وسيادة » يتدرجان بالقارئ عبر لغة جميلة وشفافة فوق سلم زمني تصاعدي يصل الماضي بالحاضر عن طريق تقسيم سنوي بارع يلتقط الأحداث الفاعلة ويرسم التحولات ويستدعي شخوص كل حقبة ويستعرض المنجزات بكل تفاصيلها ويستحضر ابرز المواقف ونتائج الخطط والمقاربات. هذا على الصعيد الوطني أما على الصعيد العالمي فقد ابرز المؤلفان خصوصيات كل سنة وتحولاتها وأزماتها ونجاحاتها.
أما في القسم الثاني من هذا الكتاب المرجع فيعيد القارئ اكتشاف وفهم الملامح الكبرى للعهد الجديد إلى جانب الوقوف على حكمة الرئيس بن علي في جعل الأخلاق في خدمة السياسة الوطنية والدولية إعلاء للقيم الإنسانية النبيلة وتكريسا لتحالف الحضارات والثقافات وحوار الأديان وتحقيقا للتقدم الشامل والعميق والأمن والاستقرار الدائمين ضمن مشروع حضاري ومجتمعي وإنساني رائد تتداخل فيه المحلية والعالمية وتتكاملان.
فالكتاب هام ودسم تضج جنباته بالمقولات المشرقة وتتحرك في تفاصيله الشخوص والأحداث والرموز والتواريخ لذلك لا يمكن لقارئه إلا أن يتمه في جلسة واحدة مستخلصا منه وجوها متنوعة من الفائدة التاريخية والمتعة الجمالية والفكرية.
مشروع متكامل من الكتابة الوطنية والفكرية والجمالية
ولعلّ من يتبع الخيط الناظم لهذه الأعمال يلاحظ جمعها العجيب بين أجناس أدبية شتى ونهلها من كل العلوم والمعارف استنادا الى ارضية ثقافية موسوعية كما يعاين اجتماع هذه الإصدارات عند أفق مشرق شاسع هو العشق الخالص للوطن ويحلق عاليا بين جنبات النجاح الملموس للمؤلفين في رصد تاريخ تونس بن علي وهو يتشكل انجازات كبيرة ومكاسب تاريخية ونجاحات متلاحقة ومبادرات انسانية سامية والتفاف شعبي كبير حول قيادته الحكيمة للبلاد.
وتأكيدا لمقولة ان الدفاع عن الذاكرة هو دفاع عن الحرية نجح مؤلفا كتاب «تونس العالم تاريخ جديد يتشكل« في تحويل الذاكرة الحية والنابضة لنضالات تونس نحو الاستقلال والتقدم والازدهار والاشعاع في فضائها العالمي المتحرك وخلال سياقات مراحلها العلمية والثقافية والحضارية المتلاحقة الى عمل ابداعي يقوم على لغة رشيقة ويحتكم الى منهجية متماسكة مما جعله شبيها بالقراءة العاشقة والموضوعية لسنوات الكفاح بمختلف اطرافه وادواته وتجلياته من سنة 1954 الى سنة 2006 وذلك في سبيل نيل الاستقلال التام والمحافظة عليه ودعمه وتعزيزه واثرائه.
الكتاب وتنطوي دفتاه على 495 صفحة تتوزع فصو له بين قسمين رئيسيين هما: «استقلال وهوية» و « انفتاح وسيادة» يتدرجان بالقارئ عبر لغة جميلة وشفافة فوق سلم زمني تصاعدي يصل الماضي بالحاضر عن طريق تقسيم سنوي بارع يلتقط الاحداث الفاعلة ويرسم التحولات ويستدعي شخوص كل حقبة ويستعرض المنجزات بكل تفاصيلها ويستحضر ابرز المواقف ونتائج الخطط والمقاربات. هذا على الصعيد الوطني اما على الصعيد العالمي فقد ابرز المؤلفان خصوصيات كل سنة وتحولاتها وازماتها ونجاحاتها.
وبين هذا وذاك كان الدكتوران الهادي مهني ومحمد بشير حليم ينحتان بحذق بارع ودراية واسعة على صخر اللغة لوحات صادقة للحراك الثقافي ولصدى الأفكار الكبرى وتأثيرات الاكتشافات والطروحات المستجدة في المجتمعين التونسي والعالمي.
والكتاب إذ يسهم بلبنة مضيئة في صرح احتفالات تونس بخمسينية استقلالها فإنه يضع في دوائر الضوء وضمن سياقات محددة في المكان والزمان دور العوامل الرئيسية لحركة التحرير الوطني بزعامة الحبيب بورقيبة وبناء دولة جمهورية حديثة تم فيها القضاء على القبلية والعشائرية وتنمية البنية الأساسية والالتزام بخدمة الأفراد عن طريق سياسات التربية والصحة والتنظيم العائلي وتحرير المرأة وتعزيز مقومات الهوية والكرامة الوطنية ومقاومة الاستعمار واسترجاع لسيادة البلاد بشكل تام مرورا بكافة الأحداث المفصلية في تاريخ تونس حتى نوفمبر 1987.
أما في القسم الثاني من هذا الكتاب المرجع فيعيد القارئ اكتشاف وفهم الملامح الكبرى للعهد الجديد إلى جانب الوقوف على حكمة الرئيس بن علي في جعل الأخلاق في خدمة السياسة الوطنية والدولية إعلاء للقيم الإنسانية النبيلة وتكريسا لتحالف الحضارات والثقافات وحوار الأديان وتحقيقا للتقدم الشامل والعميق والأمن والاستقرار الدائمين ضمن مشروع حضاري ومجتمعي وإنساني رائد تتداخل فيه المحلية والعالمية وتتكاملان.
فالكتاب هام ودسم تضج جنباته بالمقولات المشرقة وتتحرك في تفاصيله الشخوص والاحداث والرموز والتواريخ لذلك لايمكن لقارئه الا ان يتمه في جلسة واحدة مستخلصا منه وجوها متنوعة من الفائدة التاريخية والمتعة الجمالية والفكرية.
(المصدر: صحيفة « الحقائق » الالكترونية (لندن) بتاريخ 10 ديسمبر 2006)
الرابط: http://www.alhaqaeq.net/defaultch.asp?action=showarticle&secid=13&articleid=65876
ملاحظات نقدية حول البيان الإسلامي- العالمي لحقوق الانسان
توظيف الخطاب الديني رسميا وحركيا ونظرية للطريق الثالث
مرسل الكسيبي (*)
النزاع القائم في عالمنا العربي والاسلامي بين تيار علماني ذي خلفية يسارية مادية وبين تيار اسلامي ذي خلفية اخوانية وسلفية في المنطقة السنية وذي المرجعية النجفية أو المشهدية في مناطق النفوذ الشيعي ,لايمكن النظر اليه اطلاقا بعين الانتصار لهذا الطرف أو ذاك ,فليس كل مايقوله اليساريون يأخذ على أنه شر شيوعي محض وليس كل مايروج له الاسلاميون ينبغي النظر اليه على أساس أنه عين الوحي والتسديد الالهي.
واذا كنت أتفهم الى حد كبير حجم حساسية هذه الأمة وشعوبها تجاه الطروحات المنبتة عن قيم الهوية والايمان ,فانني بلا شك أجد نفسي مبهوتا لانفصام هذه الأمة عن قيم العلم والعصر وسباق التقنية والنهوض الحقيقي والنفوذ في أقطار السماوات والأرض.
العلمانيون والاسلاميون وفنون المراوغة في استعمال النص المقدس
بتبسيط مطلق للأمور فان عدم مجاهرة اليساري بلاأدريته وانكاره لعوالم الغيب,يعد فهما ذكيا منه لخطورة أن تدرك شرائح واسعة من شعوب المنطقة لخلفيته المادية الجدلية التي تستند الى قاعدة « لا اله والحياة مادة » التي أسس لها ماركس في اطار نظري وفكري وايديولوجي أوسع ,كما أن عدم الحاح كثير من الاسلاميين العرب والأعاجم على قضايا الحدود والقصاص والالتزام بأحكام الارث واباحة تعدد الزوجات يعد فهما وادراكا ذكيا منهم لخطورة التعجيل بطرح هذه القضايا في زمن هيمنت فيه مقولات القيم العالمية لحقوق الانسان وسطت فيه دول عملاقة نافذة على الخطاب الفكري والسياسي الكوني .
اليساريون يمارسون التقية الكلامية في قضايا الايمان وتراهم يتدافعون الى اللهج بذكر الله ,الى الحد الذي تراهم يتزاحمون فيه على الاستشهاد بايات القران الكريم والحديث الشريف في اطار مقولة تحديث النص الديني واخضاعه الى روح التجديد والاجتهاد ومواكبة روح العصر ,والاسلاميون يقحمون بحق وبغير وجه حق النص الديني في صراعهم الفكري والسياسي مع العلماني الى الدرجة التي يصبح فيها صلح الحديبية وغزوة بدر وفتح مكة حوادث من السيرة يمكن تطبيقها على نفس الحادثة السياسية في أكثر من بلد عربي واسلامي,حيث تتصدى الجماعات الاسلامية الى تبرير نفورها من السلطة بتوفر شروط غزوة بدر ,في حين تتدافع أخرى الى اعلان مقتضيات الهدنة من خلال تأويل سياسي عجيب يعتمد أسلوب التوظيف والاسقاط على حيثيات صلح الحديبية !
التيار اليساري يمارس التقية السياسية من خلال لي عنق النص الديني الى الدرجة التي يلبس فيها على الناس مواضع الحلال من الحرام ,والاسلاميون يعتمدون منهج الكثافة في الاستشهاد النصي الى الدرجة التي نخال فيها أنفسنا أمام صحابة جدد عاشوا بين ظهراني المصطفى صلى الله عليه وسلم .
الأنظمة السياسية العربية وادخال المقدس في دائرة الحرب الباردة
لم تكن الأنظمة السياسية العربية أو التي تحكم أطراف العالم الاسلامي هي الأخرى بمعزل عن هذا التهافت على تأويل النص المقدس وتحميله مالايحتمل ومن ثمة اخراجه من سياقه التاريخي الخاص ,حيث ترى الأنظمة المحافظة فيها تؤول النص الاسلامي قصد تحريم قيادة السيارات على المرأة وحقها في دخول البرلمانات والمشاركة في الحياة السياسية بوجه عام ,في حين تعمد أنظمة أخرى الى تبرير نهجها المعادي للتدين والموغل في الاستئصالية من خلال البحث عن الشاذ من النصوص وحمال الأوجه منها وعن تجار الفكر وهشيشي العلم وناقصي الورع من أجل تبرير حملتها على الحجاب أو تبرير اشاعتها لمظاهر الانحلال الخلقي والديني تحت مسمى التسامح والاعتدال والوسطية ومواكبة العصر …
وغير بعيد عن الأنظمة تطالب الحركات الاسلامية حكوماتها بالتقيد بفترات رئاسية معينة وأخر برلمانية محددة في حين يقبع قادة هذه الجماعات على رأس حركاتهم وأحزابهم منذ عقود متتالية دون أن يحدثوا أنفسهم بالتداول الحقيقي على السلطة وعدم العودة اليها وذلك على ضوء قيادتهم لأجيال متتالية الى السجون والمنافي وتسببهم في اجهاض تجارب التحول الديمقراطي في أكثر من قطر,ولعلهم بلا شك يتقاسمون في هذا الموضع المسؤولية مع حكوماتهم في ادخال المؤسسة الدينية ورجالاتها في معركة تجاذب أدت الى اجهاضها واضعافها كما هو حال المؤسسة الزيتونية في تونس اليوم والتي لم يعد لها من البريق الفكري والعلمي معشار ماكانت عليه في مرحلة محمد الصادق بسيس وزين العابدين السنوسي ومحمد النيفر وحسن حسني عبد الوهاب والخضر حسين والطاهر بن عاشور وغيرهم من مئات الأعلام الذين زخرت بهم البلاد على حقبة الاستعمار الفرنسي وبداية مرحلة الاستقلال.
مسؤولية الأنظمة العربية تبقى مركزية في ادخالها للمساحة الدينية المقدسة وسط هذا التجاذب الخطير ,ولعله بدخول الكثير من مكوناتها الرسمية في لعبة الحرب الباردة بين قادة البيت الأبيض وقادة الكرملين ,سمحت لرجالات العلم الديني والشرعي بموالاة هذا الطرف أو معاداة الطرف الاخر على خلفية التصدي للالحاد وايقاف الزحف الشيوعي أو على العكس من ذلك بدعوى تقدمية الاسلام المادية واشتراكيته في الرؤية الاقتصادية,وهو ماعرفته المؤسسة الدينية في المملكة العربية السعودية والخليج عموما عبر تعبئة المؤسسة الدينية من أجل التصدي للزحف الأحمر على المياه الدافئة أي منطقة الخليج العربي ,أو عبر تشجيع القائد الراحل جمال عبد الناصر لنمط من الخطاب الديني الأزهري الذي استمر داعيا للوحدة والاشتراكية-دون الحرية طبعا- طيلة فترة تحالفه مع المعسكر الشيوعي ,ليصبح شيخ الأزهر بوقا لمقولات مؤسسة الأمن المركزي بالقاهرة , غير أننا لانستثني من رجالات مؤسسة الأزهر العظيمة علماء أكابر وشيوخ علم أفاضل حافظوا على مكانة وشرف العمامة الأزهرية ليرسموا بذلك طريقا ثالثا غاب عن بلاد العرب والمسلمين طيلة عهود مايسمى بمرحلة الاستقلال.
الطريق الثالث يكون بالابتعاد عن التوظيف السياسوي للنص الديني :
بلا شك أن للقران الكريم والسنة النبوية الثابتة والمطهرة وقعا عظيما على مهج الناس وعقول الجماهير , وهو مايعني أنه يتحتم على الجميع أنظمة سياسية ومعارضات علمانية واسلامية ونخب وجماهير احترام خصوصية النص الديني وأحكامه المطلقة والثابتة والشرعية وذلك عبر الاحتكام النزيه والصادق والعادل الى ماهو قطعي الورود والدلالة ,أي مااعتبره الفقهاء نصا محكما غير قابل لوجوه عدة من التأويل سواء تغير الزمان أو تلون المكان ,وهو مايعني أن تقوية المؤسسات الاسلامية المتخصصة عبر تفريغ أهلها لطلب العلم وابعادهم عن الولوج في الخصومات السياسية ونذرهم للتعبد بالتعمق في علوم الفقه والأصول والتفسير والحديث والبلاغة وعلوم اللغة نحوا وصرفا ولسانيات ,مع التعمق في مباحث تحقيق المناط وتنزيل النصوص بحسب مايحدث للناس من أقضية وحاجات ,ثم التأسيس لمراكز البحث العلمي والديني المتخصص والمحايد والنزيه بعيدا عن أشكال التوظيف والاسقاط السياسي ,مع ارساء أشكال عمل مؤسساتي تجعل علوم الدين منفتحة على علوم الدنيا ومنجزاتها المعرفية الحديثة ,كل ذلك من شأنه أن يجنبنا سطوة الحركات التي تمارس ألوان الاسقاط والتوظيف للخطاب الديني في بعد تام عن الأخذ بناصية العلم وسلطان التقوى ومنطق التمييز بين الواقع المحلي المعاصر والواقع التاريخي ذي الخصوصية التبشيرية والدعوية التي اقتضتها قيم نفي الشرك ومحاربة التأله الامبراطوري على مساحات واسعة من الخارطة العالمية على عهد الأكاسرة والأقاصرة.
ان هذا لايعني اطلاقا عدم الحفاظ على المرجعية الحضارية الاسلامية في التوجيه والتأثير والترشيد للخطاب الرسمي والمعارض ,ولكن كل ذلك لاينبغي أن يكون بمعزل عن وجود مؤسسات دينية قوية تجمع بين عمق الأصالة ومقتضيات التحديث وتتمتع بمكانة مؤسساتية مستقلة عن سلطان الأنظمة والجماعات وهو مايجعل منها هيئة تحكيم في القضايا الخلافية المستشكلة والتي كثيرا ماتثير جدلا دينيا بين غير المؤهلين في الخوض في النص المقدس من الرسميين والمتحالفين معهم وبين الديماغوجيين الذين يثيرون عواطف الناس باستعمال النص الديني دون مراعاة لقيمة التخصص ودون تنبه لقوله تعالى « فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون «
(*) مدير صحيفة « الوسط التونسية »
(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » الالكترونية بتاريخ 10 ديسمبر 2006)
محاصرة الإسلاموية ومقاومة الإرهاب
محمد الحداد (*)
لا مكان في الرؤية الاستراتيجية الأميركية لإرهاب خارج الارتباط العضوي بالإسلاموية. والولايات المتحدة لا تعتبر أنها تحارب الإرهاب في المطلق وانما تحارب الإرهاب الإسلامي تحديداً. فلا معنى من وجهة نظرها لمفهوم «إرهاب الدولة» إلا إذا كانت الدولة المعنية ذات طبيعة إسلاموية. ولهذا السبب لا تمثل قضية كوريا الشمالية ولا قضايا الحركات الماوية العنيفة في بعض بلدان آسيا وأميركا الجنوبية قضايا إرهاب، بل هي من وجهة نظر الاستراتيجية الأميركية من مخلفات ورواسب سنوات الحرب الباردة، وستسير نحو الانهيار بعد أن انهارت مجمل المنظومة الشيوعية. أما الارهاب الاسلاموي فهو العدو الجديد الذي تتخذ له العدة ويحسب له ألف حساب.
وهذه الرؤية للإرهاب الذي أخذ مكان الشيوعية في خانة العداوة القصوى له فوائد جمة على الجهات الاميركية النافذة، أهمها أنه منع تراجع نفقات التسلح. فقد كان التراجع مآلها الطبيعي بعد نهاية الحرب الباردة وانتصار الكتلة الغربية. لكن المناقشات حول الموضوع قد توقفت مع تفجيرات أيلول (سبتمبر) 2001 وأصبح اتجاه النفقات يسير عكسياً نحو الزيادة الى أن تجاوزت نفقات التسلح هذه السنة ضعف ما كانت عليه قبل تلك التفجيرات. وعلى عكس اقتصاديات البلدان النامية التي تسحقها نفقات التسلح، فإن الاقتصاد الأميركي يتميز بالاستفادة والانتعاش منها. ولا شك أنها بعض أسباب نموه الحالي على رغم الصعوبات الجمة التي تتخبط فيها السياسة الخارجية الأميركية. ومن أهم الفوائد أيضاً أن الولايات المتحدة الاميركية قد بسطت سيطرتها المطلقة على أسواق الطاقة العالمية: فارتفاع أسعار الطاقة، وقد أصبح وضعاً هيكلياً لا عرضياً، فتح هذه السوق لمصادر جديدة للانتاج لم تكن مربحة لو استمرت الأسعار على حالتها القديمة، وتنوع المصادر يمنع نهائياً أن تتحول الطاقة الى سلاح سياسي.
والى جانب الفوائد الاقتصادية التي يمثل التسلح والطاقة أبرزها، وان لم يكونا إلا بعضاً منها، هناك ايضاً فوائد من نوع آخر وهي الفوائد الايديولوجية. لم تكن الولايات المتحدة قط قوة دون ايديولوجيا، لكن تفجيرات 2001 فسحت المجال لأكبر عملية استحواذ ايديولوجي على الإدارة والقرار الأميركيين، وهي عملية قادها ثالوث المحافظين الجدد والأصولية البروتستانتية والمسيحية الصهيونية. والمرجح أن هذه القيادة الايديولوجية لن تكون أكثر من فترة ماكارثية ثانية ستنقشع قريباً على أميركا وعلى العالم. لكن ذلك لن يعني ان الادارات الأميركية القادمة سوف تغير من الضوابط الاستراتيجية الحالية في تعاملها مع قضية الإرهاب، وإن كان المؤمل أن تغيّر برامجها السياسية التي انتهت مع الادارة الحالية الى فشل ذريع بسبب العناد الايديولوجي للوقائع الميدانية.
فإذا كان المحافظون الجدد قد ابتدعوا فكرة تحويل العدو من الشيوعية الى الإرهاب الإسلاموي فإن حالة الجزع التي انتابت الأميركيين عموماً بعد تفجيرات 9/2001 جعلتهم لا يتصورون الوضع العالمي إلا من خلال ما يبدو لهم مرتبطاً بأمنهم وأمن أبنائهم. ومن هنا كان ارتباط الإرهاب بالإسلاموية معطى واسع الانتشار في دوائر القرار ولدى الرأي العام ولا يقتصر على تيار المحافظين الجدد. وثمة وثيقة مهمة تؤكد هذا الاتجاه قد أصدرتها سنة 2004 اللجنة المستقلة للتحقيق في تفجيرات 2001.
كانت هذه اللجنة قد تشكلت بضغط من عائلات ضحايا التفجيرات وهي لجنة مستقلة تضم شخصيات من الديموقراطيين والجمهوريين موزعين بالتساوي، وقد أتيح لها ان تطلع على الوثائق السرية لوزارة الدفاع الأميركية واستجوبت أكبر الشخصيات ومنها الرئيس السابق بيل كلينتون ونائبه آل غور وريتشارد كليرك الذي كان مسؤولاً عن مكافحة الإرهاب عشية التفجيرات، اضافة الى كبار المسؤولين الحاليين وعلى رأسهم الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني وكوندوليزا رايس ودونالد رامسفيلد المستقيل مؤخراً.
وكان من التوصيات الواردة في التقرير الذي أعدته اللجنة بعد سنتين من التحقيق أن الحديث عن إرهاب في المطلق هو أمر مضلل وأنه لا يوجد إلا إرهاب واحد هو الإرهاب الإسلاموي. وقد أطلقت ادارة الأميركية بعد هذا التقرير الذي يعبّر عن شبه إجماع سياسي اميركي دراسة ضخمة هدفها سبر عالمي لكل الحركات الاسلاموية وتصنيفها بين أصولية (وهي كلمة لا تعني العنف من منظور التراث البروتستانتي السائد في الولايات المتحدة) وإسلاموية (قابلة للتحول الى الإرهاب) وإرهابية (في صدد ممارسة الإرهاب). كما قسّمت الدول الاسلامية الى دول مساندة للإرهاب ودول محاربة للإرهاب ودول مهددة بالإرهاب.
سيكون من المستبعد أن تراهن أية ادارة اميركية قادمة على حركات اسلاموية لسد الطريق أمام حركات أخرى أو زعزعة أنظمة قائمة، وإذا دفعت باتجاه التعامل مع بعض الحركات الدينية المسيّسة فسيكون ذلك بنيّة دفعها للعمل على الأرض وجعلها أكثر قابلية للمراقبة، ولن يتجاوز الأمر هذا المستوى.
لكن السؤال الآن هو التالي: إذا كان الرأي العام الأميركي لا يتصور أمنه وأمن أبنائه مستقلاً عن قضية محاصرة الإسلاموية ومقاومة الإرهاب، فكيف ينظر باقي العالم، ومنه العالم الإسلامي، الى الإسلاموية وعلاقتها بالإرهاب؟
(*) كاتب وجامعي من تونس
(المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة الحياة الصادرة يوم 10 ديسمبر 2006)
بدايات السفور في العالم الإسلامي ( 7 ) : .. المرأة التونسية
سليمان بن صالح الخراشي يأتي نشر هذه الحلقة متزامنًا مع الحملة الشرسة التي تشنها الحكومة التونسية ضد الحجاب ، والواضح أنها حملة عالمية منسقة ، تناغم فيها الأذناب مع رؤوس الكفر ؛ كما رأينا في فرنسا وبريطانيا ، ثم تونس ومصر .. الخ ، ولكن الأمل أن يردهم الله على أعقابهم خاسرين خائبين . – كانت تونس كغيرها من بلاد العالم الإسلامي يلتزم نساؤها الحجاب الشرعي ، فيسترن وجوههن عن الأجانب ، إلى أن سقطت البلاد بيد الاستعمار الأجنبي الذي شجع دعوات السفور التي قادها تلاميذهم من المنافقين ومرضى القلوب . فكانت البداية أوائل 1924م ، عندما عقد الحزب الاشتراكي ندوة في المنبر الحر بالترقي ، ويومئذ اعتلت المنصة موظفة مسلمة سافرة ، هي منوبية الورتاني وخطبت في الجمهور مطالبة في جرأة بحقوق المرأة المسلمة، ملحة على ضرورة رفع الحجاب عنها.. وأحدث خطابها رجة في صفوف الحاضرين لا سيما أن تجرؤ امرأة مسلمة على الوقوف أمام الجمهور ومخاطبته سافرة للمطالبة بما لا يخطر على بال مسلم تونسي يومئذ كان بدعة » . ومما يُذكر هنا قصيدة الأستاذ عبدالرزاق كرباكة التي وجهها للمحاضِرة بعنوان (داعية رفع الحجاب): أعقيلة الإسلام هـل يرضـيكِ *** هتكُ الحجاب ومسُ شرع نبيك؟ ماذا رأيـت أفي الـتبرج زبرج *** يا سوأة القـوم الألى ولـدوك ما أنجبوك لكي تكوني سُــبة *** للغير يشناهــم بها شانيك تالله داعية التهتـك لم تــرا *** عي الدين لم ترعي حمى أهليك ماذا يضرك ذا الحجاب وحرزه *** حتى انبريت تسفهــين ذويك أنا لا أرى إبقاء جهلك لا ولا *** أرضى بقانـــون به ساسوك بل إن رأيي أن تنالي تعلـــما *** وأصول تربـــية وإن صدوك لنرى مآثرك الزكية قد بــدت *** في عيش بعـلك واهتداء بنيك فلك من الفــكر السليم غريزة *** ولك من العزمات ما يــكفيك ولسوف ينبت فيك غرس العلم إن *** بذروه خير صـيانة وسلــوك
إلى أن يقول :
فتربعي في كسر بيتك واقنــعي *** بالعيش ضمــن صيانة تكسوك ودعي سلوكاً شائناً كيما تكـو *** ني قوة لحجابــــك المسموك يا ما أجلـك في مخافــيه ويـا *** ما أحصن الـخدر الذي يؤويـك ولك إذا شئت الهـــداية إسوة *** ببنـــات يثرب أو نسا اليرموك
– ثم حلت سنة 1929 فدخلت معركة الحجاب في طور جديد اصطبغ بالسياسة: ذلك أن امرأة تونسية مثقفة تدعى حبيبة المنشاري اعتلت سافرة منبر جمعية الترقي بالعاصمة ؛ فألقت مسامرة في جمع غفير من الرجال ومن الأوانس والعقائل التونسيات، وقد بسطت فيها حالة المرأة التونسية ونددت بالحجاب، ولثاني مرة في تونس جرؤت امرأة مسلمة على الوقوف أمام الجمهور ومخاطبته سافرة ؛ مما أحدث رجة في القاعة ، فصفق لها المعجبون وعبس المستنكرون، وكان الجمهور خليطاً من الفرنسيين والتونسيين ، وقد اعتلى عديد منهم المنصة، وتكلموا إما للترحيب بالمحاضرة السيدة حبيبة المنشاري وإبداء الإعجاب بآرائها ومهاجمة الآباء الجامدين المتزمتين ؛ كما عبر عن ذلك المحامي محمد نعمان والمسيو « لافيت » رئيس تحرير جريدة « البتي ماتان » والمسيو « دوريل » رئيس الجامعة الفرنسية للعملة بتونس والأستاذ في معهد كارنو.. » . وفي هذه الأمسية أخذ الكلمة بعد محاضرة المنشاري المحامي الحبيب بورقيبة – رئيس تونس الهالك فيما بعد – وقال : » إن الوقت لم يحن بعد لرفع الحجاب « ! لعلمه أن المجتمع المسلم لازال متماسكًا أمام دعاة التغريب . – بعدها بدأ دعاة التغريب بتواطؤ من الغرب المستعمر شن حملة ضد الحجاب وغيره من الأحكام الشرعية ، مع ترديد الزخارف التي ينخدع بها السذج ؛ كقول أحدهم – الهادي العبيدي – عام 1928م : » إن الأمة التونسية اليوم على باب تطور جديد ونهضة تؤذن بمستقبل زاهر، فواجب عليها أن تدخل البيوت من أبوابها وتأخذ بوسائل النهضة الحقيقية حتى تبلغ المراد من أقرب السبل فتقتصد الوقت ولا تتكلف من التضحيات والمشاق إلا قليلا.. » .. الخ زخارفه التي يشهد واقع تونس بعد 78سنة بكذبها !! – ثم أصدر مُغرّب المرأة في تونس » الطاهر الحداد » – عام 1930م كتابه الشهير » امرأتنا في الشريعة والمجتمع » ، فأصبح – كما يقول بوعلي ياسين – : ( بمنزلة قاسم أمين في مصر ) ، وقد قيل إن الكتاب ليس له ، إنما ألفه أحد النصارى – الأب سلام – وجعله باسمه ؛ خداعًا للمجتمع المسلم . وقد دعا الحداد في كتابه إلى أمور كثيرة منكرة ، على رأسها مطالبته بنزع الحجاب وكشف الوجه – كخطوة أولى – . يقول في كتابه مشوهًا النقاب الذي كانت تلبسه التونسيات : ( ما أشبه ما تضع المرأة من النقاب على وجهها منعًا للفجور بما يوضع من الكمامة على فم الكلاب كي لا تعض المارين ) ! ( الأعمال الكاملة 3/208) . – وقد تصدى علماء تونس والغيورون فيها للحداد وردوا عليه ، ومن تلك الردود : كتاب » سيف الحق على من لا يرى الحق » للشيخ عمر البري – رحمه الله – ، وكتاب » الحِداد على امرأة الحدّاد » للشيخ محمد الصالح بن مراد – رحمه الله – ، وغيرهم من العلماء والشعراء. ومن أقوالهم فيه : قال الشيخ ابن مراد : ( أجهدتَ قريحتك وأعملتَ فكرك في سبب وضعنا لنسائنا النقاب على وجوههن ؛ فأنتج لك ذاك ما قلتَه بصفحة 115 من أنا نضع النقاب على وجه المرأة منعاً لها من الفجور، وأن ذلك شبيه بما يوضع من الكمامة على فم الكلاب كي لا تعض المارين!! ذكاء مفرط وفهم عجيب! أتتصور أنا نعتقد في نسائنا الفجور، وأنهن يعضضن المارين؟ إن اعتقادك لذلك غاية البلاهة، وإن جوابك عن ذلك الاستنتاج العجيب هو ما سمعنا منك قوله في حق الأوربية، فوضع النقاب ليمنع عين الفجار من أن تنالهن وأبصار الفساق من أن تنظرهن، مع اعتقادنا فيهن غاية العفة والجلال ) . وقال أحد الشعراء فيه :
حذار من التجديد واخش المكائدا *** فمن خالط الحدّاد نال الســوائدا فتى غره الشــيطان وابتز عقله *** فأصبح للدين الحنــيف معاندا يؤول آيات الكـــتاب بجهله *** على أنه قد جاء للـحق ذائدا! وينقض أحكام الشريعة إن أتت *** تخالف ما يهوى وأن كـان فاسدا وقال غيره في داعيات السفور :
تعالت على سَنـــن العرب *** وباتت تئــن من الحجــب تود التـــــبرج مسـفرة *** لتخلــــص من ربقة النُقب بربكِ عذراء تـونس رفـــقا *** بأهـل البطــولة والحـسـب فلا تستزيدي لشقـــــوتهم *** مرارة هـــزء من الأجـــنبي
وقال آخر :
عيشي كجدتك البتول ببيتها *** وعن التبرج والهوى أنهــاك كوني « كعائشة » ولا تتقاعسي *** عن كل علم فيه نور هـداك تعليم أهل الشرق أنتج « زينبا » *** وكذاك « عائشة » إليها تحاكي لا تكشفي منك الحجاب فإنه *** صون به ترضين من ربــاك ربي البنين على الفضيلة والتقى *** واحييهم من سر لطـف حياك
وقال الشاعر القصار :
هل أنهن إذا رفــعن حــجابا *** يبلغن من نيل العلا أســــبابا كلا فهتك الستر شر مصــيبة *** يغدو بها صرح العفـــاف خرابا حسبوا التمدن في السفور وما دروا *** أن السفور يُنـــصر الأعـرابا ويُضل عن طرق الهداية مــؤمنا *** عرف الشريعة ســنة وكتـابا ماذا تنال البنت إن كشفت على الـ *** وجه المصــون وقصرت أثوابا وتبرجت وجها لوجه بالــــبغا *** ة الجاهــلين الصــون والآدابا؟ هذا يغازلها وذا يرمــــــي لها *** قولاً بذيــئاً جيــــئة وذهابا وبجهلها تنقاد حتما للخـــــنا *** فتدنــس الأعراض والأنســابا وتتيه في واد الفجور كأنــــها *** خُلقـــت بغيًا لا تخاف عــتابا تلهو وتمرح في المراقــص بين أبـ *** ـناء الهوى من حــولها أســرابا
– ثم بدأ نشر الجمعيات النسائية الموجهة من المستعمر ؛ لتؤدي دورها في اختراق المجتمع النسائي التونسي ، وتنشر فيه التغريب ، ومن ذلك : في سنة 1932 م أقامت إحدى الجمعيات تحت إشراف عقيلة المقيم العام (مونصرون ) وأميرتين من الأسرة المالكة ، إحداهما ابنة البشير صفر ، الوطني المعروف : حفلة بدار الخلصي بالعاصمة ، ودعت إليها عدداً كبيراً من الأوانس والسيدات التونسيات المسلمات واليهوديات والغربيات لجمع ما تجود به هممهن لمواساة منكوبي الإعصار .. – ثم جاء عهد الهالك » أبورقيبة » الذي – كما يقول الأستاذ أحمد خالد – : ( حقق في سنة 1956م بعد أن أصبح المسؤول الأول في الدولة ما كان يصبو إليه صاحب » امرأتنا في الشريعة والمجتمع » ) أي الحداد . وذلك بإصداره قانون الأحوال الشخصية ، ثم محاربته للحجاب أشد محاربة . وهو القائل : ( أثرت في نفسي مطالعة كتاب الطاهر الحداد ) ، والقائل : ( أول عمل قمت به بعد أن توليت مقاليد الحكم في البلاد هو إصدار مجلة الأحوال الشخصية! (النساء في الخطاب العربي المعاصر ، ص 92). قلتُ : لم يسلمك أسيادك الحكمَ إلا لأجل هذا ! – والآن يعيش المجتمع التونسي نهاية حقبة فرض السفور والتبرج الطارئة عليه ، التي تبناها المنحرفون بدءًا من الحداد ثم بورقيبة إلى بن علي ، فيشهد عودة مباركة للحجاب الشرعي تتحدى أعداء الفضيلة ، انخلعت لها قلوب أعداء الله ، ينبغي على أهلها : الصبر والثبات على دينهم ، والاجتهاد في نشر الدعوة ، ومحاربة الفساد ، وتقديم البدائل الشرعية ، والبيئة – التعليمية والعملية – الإسلامية الصالحة التي تغني النساء المؤمنات عن ابتزاز أهل الفساد ؛ إلى أن يستريح برّ أو يُستراح من فاجر .. والله الهادي والموفق .
مراجع المقال« : أضواء من البيئة التونسية على الطاهر الحداد .. » أحمد خالد ، » حقوق المرأة في الكتابة العربية .. » بوعلي ياسين ، » قضية المرأة في فكر النهضة » فرج بن رمضان ، » تعليم الفتيات لا سفور المرأة » الشيخ الحجوي ، » النساء في الخطاب العربي المعاصر » مجموعة باحثين ، » المرأة العربية .. » حسين العودات ، » مائة عام على تحرير المرأة » مجموعة باحثين ، » حراسة الفضيلة » الشيخ بكر أبوزيد ، » أضواء على الحركة النسائية » روز غريب ، » الأعمال الكاملة للحداد » ، » الحركات الاجتماعية في العالم العربي » مجموعة باحثين ، » الطاهر الحداد » الجيلاني يحيى » ، « الحداد ومسألة الحداثة .. » أحمد خالد . (المصدر: موقع « صيد الفوائد » بتاريخ 10 ديسمبر 2006)
من جماعة ـ تحت السور ـ إلى جماعة ـ تحت الحيط ـ
مسؤول بجامعة الدول العربية: نجاح الاتحاد المغاربي كان سيجنّب شباب المنطقة مآسي الهجرة
ناصر خمير «بابا عزيز …» في حوار مع «الحياة» …
السينما طوّرت شعوري بالحرية لكن الرقابات تعيدني الى الماضي
باريس – ندى الأزهري
«الحقيقة مرآة كبيرة هبطت من السماء. انكسرت وتبعثرت في ألف قطعة. كل واحد يملك قطعة صغيرة جداً، لكنه يعتقد أنه يمتلكها كلها». يتصدر قول الشاعر الصوفي جلال الدين الرومي (1210-1273) هذا شريط «بابا عزيز، الأمير السابح في روحه» الذي أخرجه التونسي ناصر خمير.
أبرز العمل الذي يشكل الجزء الثالث من ثلاثية «الهائمون في الصحراء» و «طوق الحمامة المفقود»، الوجه المتسامح للإسلام من خلال قصة عشتار الطفلة التي تقود بابا عزيز الدرويش الأعمى عبر الصحراء بغية الوصول إلى تجمع صوفي كبير. تتقاطع مصائر أشخاص كثر وتتداخل حكاياتهم ولغاتهم عبر بحث كل منهم عن مراده. وقد أراد المخرج من خلاله إعطاء وجه لمئات الملايين من المسلمين الذين هم غالباً كي لا نقول دائماً ضحايا الإرهاب الأولون. إنه «واجب» يراه المخرج و «نوع من الضيافة» موجه نحو الجار حتى لا يختنق كل واحد بجهله للآخر. عمل «متخم» بالجمال والحب والمعاني ولقاء حقيقي.
بعد لوس انجليس وقرطاج، التقينا في باريس ناصر خمير بمناسبة عرض فيلمه في الصالات الفرنسية واشتراكه في مهرجان قرطاج السينمائي.
> هل جاء توقيت الفيلم لإعطاء وجه لهؤلاء الذين لا وجود لهم على الخريطة، للتعريف بغير المعروفين…
– يبلغ تعداد المسلمين ملياراً وثلاثمئة مليون نسمة، وهم يشكلون نسبة مهمة من التعداد العام للبشرية (6 مليارات). لكن آلافاً قليلة شوهت حضارة كبيرة. إن استعادة صورة أكثر نقاء وفاعلية للإسلام كحضارة وثقافات لهي اليوم من الأمور الأشد إلحاحاً. والتصوف في رأيي هو الباب. تنطلق أعمالي من مفهوم حضاري يضرب جذوره في القرنين التاسع والعاشر، كوني السينمائي الوحيد الذي اهتم بمسألة العروبة والإسلام وحاول أن يخرج من المرجعية الاجتماعية وما إليه… والمغلوطة في كل الحالات!
> ماذا تقصد؟
– الأمر بسيط. حتى لو وددت التعبير عن واقع المجتمع في أي بلد عربي فهذا غير ممكن بسبب الرقابة. المجتمعات العربية تعيش كرهينة. رهينة لحكامها إلى درجة جعلت كل أبواب التفكير والتعبير والخلق مريضة لا يمكنها تجاوز حالتها. السياسة مريضة، لذلك حاولت التجذر في مرجع زماني أبعد ليـتـعدى الظروف الحالية ويعود بنا إلى الأرضية الصحيحة. الحرية المفقودة تجعلني أجد في أعمالي، التي تبتعد من الزمن الحالي الموقوف، منبعاً للحرية.
> إلامَ رمزت بالعنوان» الأمير المتأمل أو المتمعن في روحه»؟
– يزخر التراث العربي الإسلامي بمقولات وإشارات نحن في أشد الحاجة اليها. لقد وجدت العنوان على صحن نقش في قاشان (إيران) في القرن الثاني عشر، ويمثل أميراً يتأمل صورته. وكتب عليه بالفارسية «الأمير المتأمل في روحه». وأنا أفضل ترجمتها «السابح». في الغرب، يعتبر من ينظر إلى صورته نرجسياً، أما هنا فالأمير يتأمل في روحه أو يسبح فيها، فهو إذاً قد خرج عن نطاق الأنانية والذاتية. لقد زالت الأنا ليحل مكانها تجلٍ للكون. الفيلم ببنائه يحاول مساعدة المشاهد على نسيان أناه، على محوها للانفتاح في شكل أفضل على حقيقة العالم.
> الصحراء مكان محبب اليك وحاضر في أعمالك الثلاثة، ماذا تعني لك؟ وما الصعوبات التي واجهتها أثناء التصوير فيها.
– لدى الطوارق مثل يقول «ثمة بلاد ملأى بالماء لراحة الجسد، وثمة بلاد ملأى بالرمال لراحة الروح». الصحراء هي أيضاً اللغة العربية وهي مرجعها.
حين صورت في الصحراء الإيرانية (أتاراك)، كان أقرب مركز للهاتف يبعد أربعين كيلومتراً عن مكان التصوير! وعلى بعد عشرة كيلومترات، وجدنا منجماً مهجوراً للرصاص، فاتخذنا ما كان معداً قربه لسكن العمال مقراً لنا! لن أتحدث عن الثعابين والعقارب، وعن الحصان الذي وجدناه ميتاً ذات صباح بسبب لسعة. لقد صورنا في آب (أغسطس) حيث الحرارة في أقصاها. كنا نبدأ مع الفجر، ونتوقف عند التاسعة تقريباً، فعندها لم نكن نرى إلا صورة بيضاء، كان الضوء باهراً الى درجة يمحي معها كل أثر. كما لم يكن ممكناً مثلاً المشي بحذاء عادي في هذا الوقت المبكر. وكنا نعود للتصوير عند الرابعة عصراً ونستمر حتى الغروب.
> أشرت إلى حبك للغة العربية، وهذا معروف عنك، لكنك تتحدث دائما بالفرنسية!
– هذه اللغة المحاصرة التي وإن كنت مغرماً بها فأنا لم أنم القدرة الجدلية فيها. كفرد، وكمجموعة أيضاً، لم نبحث عن معادلات لبعض المفاهيم والألفاظ… اللغة أيضاً رهينة ثقل الممنوع. إنها أم حنون مغلوبة على أمرها وممنوعة من أن تفتح مجال الشك! لقد زرت العالم أجمع وتسنى لي النقاش والجدال بلغات عدة باستثناء العربية.
المفاهيم تعطلت
> ليس أشهر من العرب بالجدال والنقاش؟
– نعم في السياسة فقط! تركوا الثقافة والفكر والفلسفة تتعطل، فتعطلت بذلك المفاهيم. نحن في حال من الجمود. النقاش هو أن تنصت إلى ما يقوله الغير وأن تتفهمه وهذا غير موجود. وأنا أعانيه مع الصحافيين بوجه خاص. إنهم لا ينصتون. يأخذون منك ما يبنون به شيئاً كان موجوداً مسبقاً لديهم!
> شكراً! ولنعد إلى الفيلم. لماذا صورت في إيران؟
– لسببين، فالصحن من إيران وقد رغبت في إيجاد تواصل بيني وبين فنان من القرن الثاني عشر، وفي أن يكون الجواب عن سؤاله في القرن الواحد والعشرين. وثانياً قبول منتج إيراني بالعمل. إن لديهم أسئلة عن الحضارة غير موجودة في مصر ولا في غيرها! (ثم مبتسماً) لو كانت العروبة في زمن عبدالناصر ثقافية وليست سياسية لكنا وصلنا إلى حل!
> الممثلون من إيران، العراق، الجزائر، تونس…. الفيلم يذهب من شرق العالم الإسلامي إلى مغربه، هل هو اختيار أم شروط إنتاج؟
– إنه اختيار هدف إلى تمثيل هذه الحضارة بتعددها وتنوعها. لقد طلبت إحضار بعضهم من عبادان جنوب إيران كي تظهر وجوه إسلامية سود. الحضارة العربية الإسلامية هي حضارات داخل حضارة، ويجب أن ننصت إلى هذا الوجود الغني الداخلي قبل أن ننصت إلى أي شيء خارجي. وإذا لم تكن لدينا القدرة على الفخر بغنى هذا الوجود فكيف يمكننا أن نقبل الآخر؟ إن عملي ملتزم، ويدعو إلى الإنصات إلى من في الداخل وقبول التعدد. الاعتقاد اليوم يستند الى الفكرة الواحدة التي ليست بفكرة بل استبداد، لا من جانب السلطة فحسب بل من المجتمعات نفسها. إنها لا ترحم، ولا تقبل كل ما هو مغاير. بينما الإسلام يتحدث عن الرحمة والرحيم، عن اليسر..
> قلت عن فيلمك انه «فيلم عن السينما»، ما الذي عنيته؟
– اكتشفت السينما في المدرسة الداخلية حيث أقمت من عمر ست سنوات إلى 18 سنة. كانوا يعرضون علينا فيلماً كل يوم جمعة. رأيت أفلاماً من كل الأنواع والجنسيات. وحين كانت الأضواء تطفأ، كان ينتابني الإحساس بأنني حر لأن الرقيب لا يراني في الظلام. كانت الإنسانية كافة مجسدة أمامي. لقد تولد إحساسي بالإنسان هنا، من الشاشة وليس من المجتمع. لأن المجتمع منغلق. لقد طورت فيّ السينما شعوراً عميقاً بالحرية. في الفيلم حين كان عثمان ينظر من نافذة القصر إلى الخارج، كان القصر في تونس فيما كان المشهد الخارجي من إيران! إن السينما هي الوحيدة القادرة على إعطاء هذه المعادلة. وثمة أمر آخر، هو أنه من خلال مشهد مثل المسجد المطمور بالرمال والذي هو حالة الإسلام اليوم، تحقق السينما هذا الترابط بين الصورة الموجودة في الذهن وتلك الموجودة في الواقع.
> ثمة حضور طاغ لعالم شخصي في أعمالك: الصحراء، الملابس الشرقية، الألوان الحارة، الحدائق، المعمار القديم… هل يمكنك أن تصور في إطار مختلف؟
– كتبت سيناريوات عدة تتحدث عن الواقع، ولم أجد أي تمويل! أحدها يتحدث مثلاً عن «يوم الانتخابات»! حين أناقش الحاضر فلن أمنع نفسي من مناقشته حقاً ولن أكتب سيناريو يحتوي على أقل مما أفكر به! ومن ناحية أخرى، حاولت أن أضع في السينما إطاراً كلاسيكياً للتصور العربي الإسلامي بمراجعه التي ذكرتها في سؤالك، أن أعطي فكرة جلية تشكل جسراً بين الإنسان العربي الحالي وبين حضارته التقليدية. إنها محاولة للفت الانتباه والحديث عن الأصول لا كشيء ميت بل كتركيبة حضارية. محاولة يمكن أن تعطي الإنسان المسجون داخل حاضر مغلق، إحساساً بالاعتزاز وبأنه حي وقدم الكثير للإنسانية وفي مقدوره أن يتصور مستقبلاً مغايراً لواقعه من خلال البحث في جذوره. هذا لجهة مخاطبة الداخل، أما الخارج فالمخاطبة تتم بتقديم حضارتنا مقابل الحضارة الأخرى وتبيان فعاليتها، فلسفتها ومساهمتها في بقية الحضارات. وتصحيح النظرة إلى الإسلام كدين يسر لا عسر، فيه جماليات وإنسانية عميقة.
السينما أساسية
> كيف ترى العلاقة بين الشرق والغرب؟ وكيف تجسد نظرتك إليها من خلال أعمالك كافة: السينمائية والأدبية والتشكيلية؟
– أحسن جواب هو أن أصنع فيلماً عن الإسلام والتصوف. حال من حالات الوجود الإلهي الموجودة في كل الأديان. إن نجاح الفيلم في سويسرا حيث شاهده سبعون ألف متفرج يدل على أن السينما ليست قضية تسلية وإضاعة وقت واستهلاك. إنها عملية أساسية. حين يشاهدك إنسان مغاير، فلأنه يشاهد نفسه في أعمق أعماقها. عندها لا يوجد حد فاصل، هنا ينتهي الشرق ليبدأ الغرب. ثمة تواصل وتفاعل منذ القدم على رغم المشاكل والتاريخ الدموي. الشرق ليس مغايراً. لقد ساعد على تطور الإنسانية وعلى الوصول إلى الحضارة. وإذا لم يفهم ذلك، فيمكن أن ينغلق على نفسه. الفن يبدع تواصلاً فورياً يجعل العلاقة تنفتح أكثر مما يفعله العمل التاريخي. نحن بحاجة الى بناء إنسان هو اليوم مشكوك فيه. وهو مطالب بتوضيح هذه الشخصية وإعطائها وجهاً. إنني الوحيد المتجذر في حضارتنا والذي يشتغل على هذا الموضوع!
> أليس هذا غروراً؟
– لا! اعمل على ذلك منذ عشرين سنة. ولا أحد آخر. أنا مجبر على ذلك! لكن كوني أعمل عليه لا يعني أنني أعمل على الماضي بل على الحاضر ليكون هناك مستقبل.
> وكيف ترى تقبل الجمهور الغربي للفيلم؟
– بعضهم لم يحب الفيلم، من الجمهور ومن النقاد. ثمة أمور تزعج فيه كفكرة الموت مثلاً. من المهم بالنسبة إلي ألا يحب الجميع الفيلم. إذا أحبه كل الناس فهذا يعني أنه لـ «الجميع»، أي قابل للمرور في كل مكان! ما يهمني هو أن نعي أن العمل على حضارة منذ 15 قرناً هو الوسيلة الوحيدة لأن نبني أنفسنا في التاريخ وفي المستقبل.
(المصدر: صحيفة « الحياة » الصادرة يوم 8 ديسمبر 2006)
« مسـارح » مغلقـــة.. ومسرحيون يرنــون إلى ما وراء البحــر!
تونس ـ الصباح:
باستثناء ذلك العرض الشجاع واليتيم لمسرحية «طائر المنرفا» الذي قدمه الثنائي صباح بوزويتة وسليم الصنهاجي بالمسرح البلدي بتاريخ الجمعة 17 نوفمبر الماضي.. وباستثناء ـ ايضا ـ ذلك النشاط المسرحي الذي انطلق بفضاء الحمراء بادارة الفنان المسرحي عز الدين قنون ليتواصل الى غاية 18 ديسمبر الجاري والذي اشتمل على ورشات تكوينية في فنون ومهن الركح، وهو نشاط يديره ويشرف عليه المركز العربي الافريقي للتكوين والبحوث المسرحية.. فان الحركة المسرحية تكاد تبدو معدومة وذلك على الرغم من ان الموسم الثقافي الجديد (2006-2007) قد مر على انطلاقه اسابيع عدة.
انطلاقة فاترة!
غياب العروض المسرحية او لنقل ندرتها ـ على الاقل ـ بدا وكأنه مؤشر على انطلاقة فاترة لهذا الموسم الثقافي الشتوي الجديد.. فلا قاعة الفن الرابع ـ مثلا ـ التابعة للمسرح الوطني بادارة الفنان محمد ادريس فتحت ابوابها لاحتضان عروض مسرحية مبرمجة من هنا او هناك.. ولا المسرح البلدي بوصفه فضاء عروض مسرحية بالاساس «اعلن» بدوره عن قائمة عروض مسرحية «ينوي» تقديمها للجمهور في مستقبل الايام ولا حتى تلك الفضاءات المسرحية الخاصة والمعروفة بحركيتها ونشاطها المسرحي المتميز مثل فضاء «التياترو» تبدو قد استعدت ـ ربما ـ لرفع التحدي في وجه هذا الركود المسرحي وبوادره.
أين هم؟!
وما من شك فان المتابع لا يسعه ـ هنا ـ الا ان يتساءل: أين الفرق المسرحية؟.. اين مراكز الفنون الدرامية والركحية واين انتاجاتها المسرحية؟! أين المسرحيون والمسرحيات؟!
وحتى لا نبدو مبالغين او «متشائمين» زيادة عن اللزوم فاننا لا بد ان نذكر ـ بالمقابل ـ بانه كان بالفعل لبعض مسرحيينا حضور ما! خلال الاسابيع القليلة الماضية في بعض التظاهرات والمهرجانات المسرحية الدولية او العربية في الشرق او في الغرب.. فالفنان توفيق الجبالي ـ مثلا ـ عرض «هنا تونس» في سوريا ومثله فعل منذ اشهر قليلة الفنان الفاضل الجعايبي الذي عرض على مسرح الاوريون بفرنسا مسرحيته الجديدة «خمسون»..
فرصة مهدورة!
وعلى ذكر مسرحية «خمسون» للفاضل الجعايبي وحتى لا يقال عنا بأننا «نتباكى» في هذه الورقة على غياب العروض المسرحية واننا نستنكر هذا الركود المسرحي ولا نأتي ـ بالمقابل ـ على ذكر مسألة مسرحية «خمسون» في حين ان صاحبها الفنان المسرحي الفاضل الجعايبي ما فتئ يطالب بخروجها الى الناس ليتمكنوا من مشاهدتها وبدون الدخول في تفاصيل وحيثيات هذه الازمة القائمة بين ما يعرف بـ«لجنة التوجيه المسرحي» والفنان الفاضل الجعايبي على خلفية مسرحية «خمسون» فاننا نقول ان عدم عرض هذه المسرحية ـ بصرف النظر عن اسبابه ودواعيه ـ قد تسبب ـ من بين ما تسبب ـ في اهدار فرصة حقيقية على الموسم الثقافي الجديد (2006-2007) في ان ينطلق قويا ومتميزا ـ على الاقل في جانبه المسرحي ـ ذلك انه لو سمح لمسرحية «خمسون» بان تعرض وبأن يشاهدها الجمهور دون «وصاية» ذوقية او أخلاقية كما يطالب بذلك صاحبها الفنان الفاضل الجعايبي ـ لكانت بمثابة الانطلاقة القوية بل والنوعية للموسم الثقافي (2006-2006)..
محسن الزغلامي
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 10 ديسمبر 2006)
منظمة العفو تدعو أوروبا لمعالجة أزمة حقوق الإنسان بالشرق الأوسط
لندن (رويترز) – دعت منظمة العفو الدولية يوم الاحد الاتحاد الاوروبي أن يتصدى بشكل عاجل لانتهاكات حقوق الانسان المتزايدة في اسرائيل والاراضي الفلسطينية وتوقعت اندلاع « عنف واسع النطاق » ووقوع « كارثة ».
وفي رسالة مفتوحة الى زعماء الاتحاد الاوروبي بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان وقبل اجتماع المجلس الاوروبي الاسبوع القادم طرحت الامين العام لمنظمة العفو الدولية ارين خان قائمة توصيات للمساعدة في وضع حد لانتهاكات حقوق الانسان.
وكتبت تقول « ندعوكم..الى استخدام اقصى نفوذ لكم على جميع الاطراف لانهاء عمليات القتل والهجمات على المدنيين فورا والاتفاق على اجراءات لحقوق الانسان يمكن أن تساعد في بناء الثقة والامل. »
واقترحت خان نشر مراقبين دوليين لحقوق الانسان في اسرائيل والاراضي التي تحتلها اسرائيل تكون مهمتهم الابلاغ علانية عن اي انتهاكات واقتراح الاجراءات الإصلاحية.
ودعت الى اجراء تحقيق ومحاكمة المسؤولين من جميع الاطراف عن ارتكاب جرائم حرب بموجب القانون الدولي ووضع حد فوري لبيع ونقل الاسلحة الى جميع الاطراف.
وقالت ان الصواريخ التي تطلقها جماعات فلسطينية من قطاع غزة على اسرائيل والتي تدمر المنازل والمباني العامة وتقتل مدنيين اسرائيليين « اشاعت جوا من الخوف ».
وأضافت ان هذا يؤدي الى تشديد المواقف المؤيدة لرد عسكري قاس تجاه الفلسطينيين « ويعزز دائرة العنف وانتهاكات حقوق الانسان ».
وقالت خان ان الزعماء الاوروبيين يجب ان يضمنوا حماية اسرائيل لمصالح الفلسطينين كما يتعين على الاتحاد الاوروبي ان يتخذ خطوات للحد من تأثير عقوباته التي يفرضها على السلطة الفلسطينية منذ تولي حركة حماس السلطة في مارس اذار على حقوق الانسان.
واضافت خان ان اي عملية سلمية يجب ان تعالج انتهاكات حقوق الانسان التي في محور الصراع بما في ذلك ازالة اي مستوطنات اسرائيلية من الاراضي الفلسطينية.
وكتبت تقول « نرى انحدارا في انتهاكات حقوق الانسان وحصانة وطيدة مما يضع بذور كارثة ستكون لها عواقب تنذر بكوارث على الاشخاص العاديين. »
واضافت خان التي تقود حاليا مهمة لتقصي الحقائق تابعة لمنظمة العفو الدولية في المنطقة « هناك توقعات بحدوث عنف على نطاق واسع وانهيار المؤسسات الفلسطينية المتداعية بالفعل وتفاقم ازمة حقوق الانسان والازمة الانسانية. »
وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي عقوبات على السلطة الفلسطينية في مارس اذار بسبب رفض حماس الاعتراف باسرائيل ونبذ العنف. وتوقفت اسرائيل ايضا عن دفع عائدات الضرائب والجمارك المستحقة للفلسطينيين.
ووجهت الامم المتحدة نداء بتقديم مساعدات انسانية طارئة للفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية. ويعيش نحو 1.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة و2.4 مليون في الضفة الغربية التي تحتلها اسرائيل.
وأعلنت اسرائيل والفصائل الفلسطينية هدنة في غزة يوم 26 نوفمبر تشرين الثاني في أعقاب هجوم اسرائيلي عنيف استمر خمسة اشهر.
وقالت منظمة العفو الدولية ان على المجتمع الدولي ان يستغل الهدنة للتشجيع على التوصل الى حل سياسي يجب ان يعالج بواعث القلق بشأن حقوق الانسان باعتباره مسألة ذات اولوية.
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 10 ديسمبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
الجزائر: بوتفليقة يهاجم وزيراً هدّد بكشف «فساد مسؤولين كبار»
الجزائر – محمد مقدم
انتقد الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة بشدة زعيم حزب «حركة مجتمع السلم» الإسلامي «أبو جرة سلطاني» من دون أن يسميه، بعدما زعم سلطاني المشارك في الائتلاف الحكومي أن لديه «قائمة بأسماء مسؤولين كبار تورطوا في وقائع فساد». وشدد بوتفليقة على أنه لن يقبل أن «تستخدم سمعة الجزائر مطية في الحسابات السياسية» من قبل أي مسؤول «مهما كان منصبه».
وهذه المرة الأولى التي ينتقد فيها الرئيس أحد أبرز حلفائه في الحكومة منذ إعلان «التحالف الرئاسي» في شباط (فبراير) 2004. وقال بوتفليقة أمام حشد من وزراء حكومته وحكام الولايات وقادة الجيش خلال اجتماع أمس، إن من يريد تسييس الأمور، «فليفعل خارج الأوساط الرسمية»، مشدداً على أن «النجاح الشخصي في السياسة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون على حساب المصلحة الوطنية». وأضاف بلهجة غاضبة: «فليكن ذلك واضحاً للجميع».
وجاءت انتقادات بوتفليقة بعد ساعات من تأكيد المدعي العام الجزائري أن سلطاني لم يقدم إلى السلطات القضائية ملفات الفساد التي زعم امتلاكها. وكان القيادي الإسلامي، وهو وزير دولة بلا حقيبة في الحكومة الحالية، أكد أن لديه أدلة على تورط مسؤولين كبار في قضايا فساد، وأنه يحتفظ بحق نشر أسمائهم في الوقت المناسب. وأثارت تصريحاته جدلاً واسعاً. وحاول سلطاني تدارك تصريحاته، قائلاً إن «القصد منها تشجيع الحكومة ورفع سقف المعركة السياسية ضد كبار المفسدين في الدولة».
وأكد بوتفليقة أمس أن على أي مسؤول «يزعم أن لديه ملفات أو أدلة تثبت الفساد، أن يحيلها إلزاماً، ومن دون تأخير، على القضاء، ومن دون انتظار موافقة أي كان، ومن دون محاولة تصفية حسابات ولا القدح، وإلا فإنه سيتعرض إلى ملاحقات». وشدد على أن «مكافحة الفساد تخص المجتمع برمته»، مؤكداً أن «سمعة الجزائر لا يمكن أن تكون موضع مساومة» وأهداف انتخابية، في إشارة إلى الانتخابات التشريعية والبلدية المقرر إجراؤها العام المقبل. وأضاف أن «العمل العملاق الذي أنجزته الجزائر منذ العام 1999، من أجل استعادة مصداقيتها، لا يمكن أن تهزه تصريحات غير مسؤولة».
إلى ذلك، (أ ف ب) دعا رئيس لجنة رسمية لحقوق الإنسان المنظمات غير الحكومية التي نددت بالانتهاكات الحقوقية التي شهدتها الحملة الجزائرية على الإرهاب، بتقديم «اعتذاراتها الرسمية» عن موقفها الذي كان «خطأ».
وقال رئيـــس «اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الانسان» فاروق قسنطيني إن هذه المنظمات قامت «بتقويم خاطئ ومتعمد (للوضع) يشكل خطأ» بعد إلغاء الانتخابات التشريعية التي فازت بجولتها الاولى «الجبهة الاسلامية للانقاذ» في كانون الاول (ديسمبر) 1991.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 10 ديسمبر 2006)
الانتخابات المغربية
محمد الأشهب
الخريف المقبل ليس بعيداً، وبحسابات الفاعليات السياسية في المغرب يبدو كذلك لجهة توقع عدم حيازة أي حزب أو تكتل في الائتلاف الحاكم والمعارضة على غالبية نيابية كاسحة. فثمة معطيات تشمل التقطيع الانتخابي ونمط الاقتراع والبرامج الانتخابية تتحكم في تلوين المشهد السياسي. وفيما تسعى الغالبية الحكومية الحالية الى تأمين حضور سياسي يعزز مواقعها الراهنة، تتوق المعارضة ممثلة في ابرز قواها السياسية «العدالة والتنمية» لزحزحة ذلك الحضور من غير إلغائه نهائياً، مع ادراكها المسبق أن خوض المنافسات من موقع المعارضة يكون أكثر تعبيراً عما يموج في الشارع، فيما يكون صعباً على أحزاب الائتلاف ان تبشر الناخبين أنهم على أعتاب الانعاش الاقتصادي والرفاه الاجتماعي في مقابل امتداد اكراهات التقويم المالي واستفحال البطالة وتردي الخدمات الاجتماعية.
كان اختيار الأحزاب الرئيسية في المعارضة السابقة الانتقال الى تحمل المسؤولية الحكومية العام 1998 يتم بالشجاعة في مواجهة إرث ثقيل، وصادف أنه يتماشى والتحولات الكبيرة التي يعرفها العالم لناحية تكريس مبدأ التداول السلمي على السلطة، وبالقدر ذاته لم يعد وارداً لدى تلك الأحزاب نفسها أن تبقى بعيدة عن المشاركة المباشرة في تأمين الانتقال الديموقراطي.
وكما كانت التجربة مثيرة في توقيتها وعناوينها وملامحها حين جمعت خصوم السياسة وبينهم من حاولوا اطاحة نظام الملك الراحل الحسن الثاني بالقوة أمام اطار مرجعي جديد باسم الوفاق الذي عاود جمع رفاق الطريق، فإنها نحت في اتجاه بدا للوهلة الأولى انه سيمضي قدماً في دعم الحكومة، لولا ان اسلاميي «العدالة والتنمية» الذين كانوا يساندون حكومة عبدالرحمن اليوسفي اختاروا الابتعاد عن مرجعية «الزواج الكاثوليكي» المبرم بين فصائل الكتلة الديموقراطية وانتقلوا الى المعارضة. فقد أدركوا ان الفراغ الذي أحدثه انتقال الاتحاد الاشتراكي والاستقلال والتقدم والاشتراكية الى الواجهة الحكومية لن تملأه أحزاب الحكومات السابقة.
في سوابق التجارب المغربية، كل شيء ممكن لإغناء المشهد السياسي تحت مظلة الثوابت. ومن لم يكن يتصور ان زعيماً اشتراكياً، هو عبدالرحمن اليوسفي، سيصبح رئيس وزراء في أعرق ملكية محافظة قد يذهل في حال اصبح الدكتور سعدالدين العثماني امين عام «العدالة والتنمية» رئيس وزراء في مملكة محمد السادس.
كوة الشرعية التي قادت الى دمج تيارات اسلامية في العمل السياسي المشروع، تبقى مفتوحة على كل الاحتمالات. وكما اهتدى الاتحاد الاشتراكي عبر سنوات طويلة الى صوغ تصورات اكثر واقعية واعتدالاً جعلته اليوم يفتح ألابواب أمام المناصرين الجدد في سياق الانفتاح على النخب الجديدة، فإن «العدالة والتنمية» بدوره استطاع ان ينتقل من التنظيم السري الذي كان لا يلغي العنف المسلح من قاموسه الى حزب مشروع يتبنى المنهجية الديموقراطية، وبات في إمكانه ان يطرح نفسه قوة سياسية ترفض العنف والارهاب وموالاة الخارج. غير ان الحكم يبقى حاسماً في صناديق الاقتراع.
الاستحقاقات الانتخابية كافة في المغرب ارتبطت بأهداف مرحلية. فقد كان اللجوء الى تزوير الانتخابات هدفاً سياسياً يروم التضييق على أحزاب الحركة الوطنية عبر صنع نخب موالية لا امتدادات لها في الشارع. واحتاج إشراك أحزاب المعارضة السابقة الى القطع مع تلك الممارسات وتأسيس ثقافة جديدة تعكس القوة الحقيقية للفاعليات السياسية من دون تدخل الادارة. ومع ان انتخابات ثلث أعضاء مجلس المستشارين أخفقت في وضع حد نهائي لاستخدام المال والوسائل غير المشروعة للتأثير على الناخبين، فإن الأحكام القضائية الصادرة ضد النواب المتورطين تقدم اشارات قوية لجهة تأمين نزاهة الانتخابات المقبلة، غير ان السؤال المطروح يرتبط بأهدافها الاستراتيجية التي يتفق الشركاء جميعاً على ان تكون حرة ونزيهة، ولا أحد يستطيع ان يتكهن بما سيخفيه هذا الالتزام. ومثل أي مباراة في كرة القدم فإن المنافسات تخضع لشروط أبرزها خطة اللعب وطول النفس والحذر واللياقة البدنية التي تصبح فكرية في المباريات السياسية، في مقدمها الاذعان للنتائج حتى عندما لا تكون متوقعة.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 10 ديسمبر 2006)