الأحد، 1 أكتوبر 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2323 du 01.10.2006

 archives : www.tunisnews.net


قدس برس: القيادي في حركة النهضة زياد الدولاتلي: تونس بحاجة لدستور جديد يضع حدّا للانفراد بالسلطة ويؤسس لعهد ديمقراطي محمد الحمروني: تونس: المركزية النقابية توافق أخيرا على إضراب الثانوي خميس الشماري: توضيح إلياس بن مرزوق: الزي الطائفي.. الزي والدلالة الرجعية:لنغلق هذا القوس.. هناك رهانات أكثر إلحاحا!! مرسل الكسيبي: المنشور 108 في تونس صناعة متقدمة للارهاب فاكر عبد الصمد: انقلابيو جمعية القضاة التونسيين وصمت الخرفان عبداللطيف العبيدي: مباشرة من فرنسا: شهادات « حارقين » ماتوا ثم عادوا للحياة!!

عبد الصمد: خلاصة الكلام محمد العروسي الهاني: من وحي الذكرى الواحد و العشرين للإعتداء على مدينة حمام الشط من طرف العدو الصهيوني 1/10/1985 المنصف بن فرج: في الذكرى الـ21 للغارة الإسرائيلية على حمام الشط: كيف نجا عرفات من الغارة الإسرائيليـة؟ الصباح: هشام رســتم محافظ الشرطة في مسلسل «حياة وأماني»:العمل سيكون من أفضل ما قدمتــــه التلفزة التونسية لو أنصفته البرمجــة محمود سلطان: عقدة الكنيسة !


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


 لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »  

حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:

 

 


القيادي في حركة النهضة زياد الدولاتلي

تونس بحاجة لدستور جديد يضع حدّا للانفراد بالسلطة ويؤسس لعهد ديمقراطي

تونس – خدمة قدس برس
 
دعا قيادي إسلامي بارز السلطات التونسية إلى « فتح حوار وطني لوضع عقد ديمقراطي أو دستور جديد يقطع نهائيا مع الانفراد بالسلطة والاستبداد ». وقال إن الدعوة للمصالحة خيار تمليه ضرورات وتحديات محلية ودولية وليس مهادنة للسلطة السياسية.
 
وشدد زياد الدولاتلي القيادي في حركة النهضة التونسية « المحظورة » على أن تونس « في أشد الحاجة لحوار وطني لا يقصي أحد »، معتبرا أن من شروط تحقيق ذلك ونجاحه « وجود معارضة موحدة ومجتمع مدني قوي ».
 
وأوضح المعتقل السياسي السابق وأحد الرموز الإسلامية التونسية، في حوار مع صحيفة /الموقف/ الناطقة باسم الحزب الديمقراطي التقدمي، في عددها الصادر الجمعة (29/9) في تقييمه لما يعرف بـ « حركة 18 أكتوبر »، التي تضم حوالي 8 من أهم الأحزاب والمنظمات التونسية المعارضة، باعتباره أحد مؤسسيها « إن أهمّ ما أعاق هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات للقيام بدورها المنشود خلال السنة الماضية هو أساسا محاصرة السلطة لها ».
 
واعتبر الدولاتلي أن حصيلة تحركات الهيئة المذكورة إيجابية، ولكنها لا ترقى إلى مستوى طموحاتنا وتطلعات مؤسسيها.
 
وقال الدولاتلي إن الهيئات المكونة لحركة 18 أكتوبر تتوفر على رصيد من الثقة والوضوح والانسجام بينها، مما يؤهلها أن تكون في المستقبل قادرة على تحقيق أهدافها والاستجابة لطموحات الشعب التونسي في الحرية والعدالة، على حد تعبيره.
 
وعن إمكانية تحويل « حركة 18 أكتوبر » إلى جبهة سياسية، أوضح الدولاتلي، الذي قضى حوالي 14 عاما في السجون التونسية بين عامي 1991 و2005 أن المطالب التي رفعتها الحركة المذكورة تمثل الحدّ الأدنى، الذي جمع العدد المعروف من الأحزاب والهيئات، وبالتالي فإن انتقالها إلى الجبهة السياسية، رهين بما يفضي إليه الحوار داخلها.
 
تحديات وطنية تستدعي حوارا وطنيا جادا
 
وحول معادلة العمل ضمن قطب معارض والدعوة للمصالحة مع النظام، نفى الدولاتلي أن يكون بين الأمرين تناقضا. واعتبر أن تونس « تمر بظروف صعبة للغاية وتواجه تحديات داخلية وخارجية تهدد أمنها الغذائي واستقرارها السياسي وهويتها الحضارية ».
 
وأكد أن « هذه التحديات لن يستطيع الحزب الحاكم أو أي طرف آخر أن يواجهها بمفرده »، مشيرا إلى أن « الاحتقان السياسي، وضعف الاستثمار الداخلي والخارجي، وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن، مع تفاقم البطالة، وتراجع دور الطبقة الوسطى، وانتشار ظاهرة الجريمة وغيرها، قضايا في أشد الحاجة إلى حوار وطني يتفق فيه الجميع على قواسم مشتركة وحلول أجدى ».
 
وقال السياسي التونسي المعارض « نحن في حاجة إلى حوار وطني لوضع عقد ديمقراطي أو دستور جديد يقطع نهائيا مع الانفراد بالسلطة والاستبداد ». بيد أن المتحدث أوضح أنه وعلى قدر قناعته بالحوار فإنه يعتقد أن « توحيد صف المعارضة وتطوير قوى المجتمع ودفاعاته يولد توازنا معقولا بين الدولة والمجتمع، ويؤسس لحوار جاد، فالحريات والحقوق لا توهب ولكن تنتزع، فلا تنازل ولا حوار مع معارضة مشتتة يقصي بعضها البعض، ولا ديمقراطية بدون معارضة قوية ولا معارضة قوية بدون عمل مشترك »، على حد تعبيره.
 
وأكد أنه على يقين بأن تيار الديمقراطية والحرية والعدالة والهوية هو تيار المستقبل وأن المصالحة والحوار الوطني مطلب شعبي سيجنب البلاد الكثير من الهزات.
 
الحكم في الإسلام حكم مدني دستوري
 
وحول التحفظات التي تواجهها النهضة بوصفها حزبا دينيا، يتجه لتكريس نظام ثيوقراطي، أكد الدولاتلي أن حركة النهضة « حزب مدني سياسي »، معتبرا أن تحفظ بعض الأحزاب للعمل المشترك معها ليس مرده اعتقادهم بأنها حزب ديني وإنما لأسباب أخرى، في إشارة إلى ضغوطات السلطة، وكذلك بعض الرؤى الاستئصالية.
 
وأوضح أن حركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا) التقت في الثمانينيات مع الإسلاميين في فعاليات سياسية وأصدروا أكثر من مرة بيانات مشتركة وخرجوا في مسيرات جماعية.
 
وقال « أما الادعاء بأن مشروعنا ثيوقراطي فمرده الجهل بالإسلام وتقليد الغرب بدون تمحيص، فالثيوقراطية التي تعني أن الحاكم يستمد مشروعيته من الإله، وكل ما يصدر عنه مقدس غير قابل للنقد والمراجعة ساد في الغرب قبل عصر النهضة، إذ كانت الكنيسة تنصّب الحكام وتضفي عليهم القداسة »، على حد قوله.
 
نحو عقد وطني يقطع مع الاستبداد
 
وفي سؤال حول إمكانية انقلاب النهضة على الديمقراطية بعد وصولها إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، اعتبر الدولاتلي أن هذا التخوف يفترض أن يكون تجاه جميع الأطراف، وليس تجاه الإسلاميين فحسب.
 
وقال « مع الأسف فإن التجارب المعاصرة في العالم العربي وبعد الاستقلال كانت وراء هذا الشعور، ففي تونس كان بورقيبة علمانيا ومشروعه ديمقراطي حداثوي، لكنه انفرد بالسلطة وكان مستبدا، وكذلك حكم القوميون في مصر وليبيا وحكم البعثيون والإسلاميون والاشتراكيون في الجزائر والعراق وسوريا والسودان واليمن، وكل هذه الأنظمة كانت مستبدة، لذلك من حق الرأي العام أن يتخوف من الجميع ».
 
بيد أن المتحدث سجل وجود تطور لدى جميع التيارات السياسية والفكرية في العالم العربي، لا سيما وقد أصبحت الديمقراطية اليوم، كما قال « حلم الشعوب للنهضة والإصلاح ».
 
ونفى الدولاتلي أن تكون العلمانية قرينة الديمقراطية، بل واعتبر أن الديمقراطية من صميم الإسلام، لكون الإسلام دين والديمقراطية نظام سياسي وآلية في إدارة الحوار والاختلاف، وبالتالي فهما لا يمكن أن يتناقضا، ولأن العلمانية ليست شرط ضروري للديمقراطية، كما أوضح، مشيرا إلى أن « إسرائيل دولة يقدمها الغرب كله على أساس أنها ديمقراطية وهي تقوم على أساس اليهودية ».
 
وقال الدولاتلي « ليس هناك نمط واحد للديمقراطية، ولكن هناك قاسم مشترك بين الديمقراطيات يقوم أساسا على مبادئ السلطة للشعب والتعددية الحزبية والتداول على السلطة والفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية »، وهي كما قال « عبارة على جملة من المبادئ لا تتعارض مع الإسلام، ففي الأنظمة الديمقراطية تتفق الشعوب على القواسم المشتركة كالهوية والثوابت الدينية وآليات ومؤسسات ومبادئ النظام الديمقراطي في إطار يهودي أو علماني أو مسيحي أو بوذي وغيرها ولا يتهمها أحد بأنها معادية للديمقراطية. فمن حق الشعوب الإسلامية أن تكون الديمقراطية في إطار إسلامي ».
 
ونوه المتحدث بأن النهضة اعترفت بكل الأحزاب السياسية، بما فيها الحزب الشيوعي منذ اليوم الأول لتأسيسها.
 
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 30 سبتمبر 2006)
 

تونس: المركزية النقابية توافق أخيرا على إضراب الثانوي

محمد الحمروني
 
بعد مخاض عسير وطول شدّ وجذب تراجعت المركزية النقابية عن موقفها الرافض لإضراب الثانوي،ووقّعت ’’بالأحرف الأولى’على مذكرة الإضراب التي أقرتها الهيئة الإدارية للتعليم الثانوي منذ ثلاثة أسابيع تقريبا. لماذا تراجعت المركزية النقابية ؟ وما رأي الأساتذة في هذا التراجع ؟ ما هي المؤشرات التي يمكن أن يحملها وما هي الحسابات التي اتخذ على أساسها مثل هذا القرار؟
 
الإشكال بدأ يوم 13سبتمرالجاري عندما قررت الهيئة الادراية للتعليم الثانوي الإضراب كامل يوم الخميس 19أكتوبرغير أن الأمين العام المساعد السيد عبيد البريكي الذي ترأس الهيئة رفض يومها التوقيع على مذكرة الإضراب .معلّلا رفضه بالوعود التي قطعها أعلى هرم السلطة للقيادة النقابية في لقائهماالأخير.
 
ومنذ ذلك الحين ظلت الأمورتراوح مكانها، ولم يقع أي اتصال رسمي بين القيادة النقابية ونقابة الثانوي، وظل الجدل الدائر بين الطرفين يتم عبرما يروج في ساحة محمدعلى أوعبرأطراف ثالثة . الحسابات الانتخابية
 
غيرأن ماراج في الفترة الأخيرة من أخبار بدا لافتا للاهتمام ،فقد انتشرت اخبارعن تهديد الأمين العام بالاستقالة بسبب ما اعتبره إصرار الثانوي على  » تكسير كلمته  » واظهاره بمظهرالعاجزعن ضبط الأ وضاع داخل الساحة النقابية. ولم يتراجع الأمين العام عن موقفه إلابعدما طالبه بإلحاح عدد من أعضاء المكتب التنفيذي والكتاب العامين للاتحادات الجهوية بالعودة عن موقفه. بعد ذلك تم تداول عريضة تدعوالى عقد هيئة إدارية مركزية يكون على جدول أعمالها بند واحد فقط هوإضراب الثانوي. وفهم من هذه الدعوة محاولة الإلتفاف على قرار الهيئة الادراية القطاعية للتعليم الثانوي عبر »نسخ » مقرراتها من طرف هيئة أعلى، غير أن هذه الدعوة فشلت حتى قبل أن تبدأ لان الذهاب في مثل هذه الخيارات يعني إدخال الاتحاد في نفق لا يمكن الخروج منه .
 
وبغض النظرعن مدى جدية هذه الدعوات خاصة ان عددا كبيرا من النقابيين يؤكدون استحالة إقدام الأمين العام على تقديم استقالته قبل شهرين فقط من انعقاد المؤتمر. فهل كان التلويح بالاستقالة محاولة للضغط على نقابة الثانوي حتى تتراجع عن موقفها؟ ربّما..لكن الأكيد أن التلويح بهكذا قرارات يؤكد حسب عدد من المتابعين للشأن النقابي حقيقتين :
 
ا-اشتداد التجاذبات داخل الاتحاد في علاقة بالمؤتمر القادم وبمسالة التقديم والرهانات التي وضعت عليه. فقد كان من الواضح أن احد أهداف تقديم موعد المؤتمر هو تهدئة الملفات التي التهبت في أواخر السنة الماضية ومنها على وجه الخصوص ملف التعليم الثانوي، فأن يعود المناخ الاجتماعي إلى سالف توتره معناه أن من راهن على التهدئة عبر التقديم أخطأ الحسابات .
 
2- حساسية الأ وضاع ودقتها داخل الاتحاد في هذه المرحلة إلى درجة أن مجرد الإعلان عن القيام بإضراب يدفع القيادة النقابية إلى التهديد بالاستقالة .
 
وهذا الأمر يصعب تفسيره غير أن المطّلعين على الشأن النقابي يؤكدون أن قطع الوعود وتقديم الضمانات على حساب أو من وراء ظهورالشغالين قد يوصل إلى مثل هذه الأوضاع . لماذا تراجعت المركزية النقابية ؟
 
تقول قيادة الاتحاد في تفسيرها لتراجعها وقبولها إضراب الثانوي أن الفترة التي أرادت إعطاءها لسلطة الإشراف كي تبادر إلى حلحلة بعض الملفات والاستجابة لمطالب الأساتذة هو الذي دفعها إلى تغيير موقفها والعودة إلى مساندة الإضراب. غير أن معطيات أخرى تؤكد أن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا التراجع غيرما ذكرت القيادة ومنها:
 
إصرار الأساتذة على القيام بإضرابهم مهما كان موقف القيادة النقابية .
 
خوف القيادة النقابية من أن تخسر، وهي على أبواب المؤتمر ، الأصوات التي يمثلها قطاع الثانوي الذي يمتلك وزنا انتخابيا كبيرا وثقلامعنويا هاما داخل الاتحاد.
 
وبالنسبة للأساتذة وممثليهم بالنقابة العامة فان أكثر ما يهمّهم هو تحقيق مطالبهم لذلك يعتبرون أن المشكل الأساسي هو مع الوزارة التي ترفض أن تتخلى عن تشددها مع المطالب التي يطرحونها.
 
وفي هذا الإطار قال الأستاذ فرج الشبّاح عضو النقابة العامة للتعليم الثانوي « الدعوة للإضراب المقررليوم 19 أكتوبر قائمة والعمل من اجل إنجاحه جارعلى قدم وساق ،وفي هذا الإطار نعد حملة إعلامية وتعبوية واسعة « . وعن المفاوضات مع الوزارة قال الشبّاح « طالبنا الوزارة بجلسة عمل عاجلة ولازلنا ننتظر ونحن نعتبر أن المشكل الأساسي هومع الوزارة التي ترفض فتح باب التفاوض إلى حد الآن مازاد الأوضاع توتّرا » . وشدد على أن القطاع متماسك وانه في حالة تعبئة واصرار وان إرادته اكبر من تصلب الإدارة .
 
وعن العلاقة مع المركزية النقابية قال الشبّاح « علاقتنا بالمكتب التنفيذي تتمّ عبر الأطر الرسمية وخلافاتنا تحسم داخل تلك الأطر . » ورفض الشبّاح التعليق على الأخبار التي راجت حول الدعوة إلى هيئة إدارية مركزية وقال « نحن هيكل رسمي ومسؤول ولا نتعامل مع مايشاع أويقال ..وإنما مع وثائق رسمية ومحاضر جلسات ومع مايقال داخل الهياكل الرسمية فقط ».
 
(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 375 بتاريخ 29 سبتمبر 2006)

 

تـوضـيـح

 

ردّا على المقال التهجّمي الذي نشرته جريدتكم يوم 12/09/2006 بإمضاء المكي الجزيري وعلى التعليق الذي صدر عن رئاسة التحرير بتاريخ 15/09/2006 والذي جاء تحت عنوان  » بهدوء- نعم للحوار البناء …لا للتشنج » اطلب منكم، وفقا لمقتضيات مجلة الصحافة بفصليها27 و 28، نشر التوضيحات التالية:

 

1 – كل التدخّلات التي نشرتها جريدة « الشروق » حول ما سمّي « بأزمة الرابطة » – وهي في الحقيقة « أزمة السلطة مع الرابطة »- كانت باتجاه واحد، ولم تعط الفرصة للقيادة الشرعية للرابطة ولا لأي من مؤسسيها أو من قيادييها السابقين الذين عبّروا عن مساندتهم للرابطة كمؤسسة ولاستقلاليتها كجمعية كان لها السّبق في نشر مبادئ ثقافة حقوق الإنسان في العالم العربي والإسلامي وفي القارة الإفريقية. ويبرز العدد الكبير والقيمة الاعتبارية للموقّعين على قائمة الأعضاء المؤسّسين للّجنة الوطنية لمساندة الرابطة والقائمة الأولى للموقّعين مدى التعاطف والمؤازرة الذين تحظى بهما الرابطة في الأوساط المستقلة – وهذا لا يعني بالطبع المساندة المطلقة دون قيد أو شرط للهيئة المديرة التي تبقى الممثّل الشرعي الوحيد للرابطة.

 

2 – أنا تدخلت في الموضوع – وانتم تعلمون أن هناك تعليمات موجهة للصحف ما عدى  » الموقف » و  » الطريق الجديد  » بعدم نشر أي مساهمة موقعة باسمي- بصفتي عضو سابق في الهيئة المديرة وأمين عام سابق ونائب رئيس سابق من سنة 1982 إلى سنة 1994 وبصفتي كذلك منخرط في الرابطة بدون انقطاع رغم فترات السجن والمنفى منذ سنة 1981 إلى اليوم. ولقد دخلت السجن في ماي 1987 بصفتي أمينا عاما للرابطة والملف القضائي موجود ليؤكّد ذلك.

فبعد التدخلات المتنوعة خلال الشهرين المنصرمين لثلاثين من المنخرطين ومسؤولين على مستوى بعض الفروع ومن مؤسسين وقياديين سابقين للرابطة..من المشروع أن أتساءل بأي حق يمكن للجزيري أن يتحامل عليّ بسبب إبداء رأيي في الموضوع ويتساءل عن الصفة التي أتدخل بها في قضية الرابطة. إن هذه النقطة ليست شكليّة لأنها تطرح في نظري قضية التمييز المعتمد من طرف وسائل الإعلام بين المتدخلين في موضوع يهم مئات الرابطيين وآلاف التونسيين.

 

3 – جوهر المقال الذي كتبه المكي الجزيري كان التهجّم عليّ بشكل مجاني واتهامي بالتخوين بتعلّة أنني كنت استشهدت في ما كتبته بحركة التضامن الدولية التي حظيت بها الهيئة المديرة والرابطة من خلال ما جرى على هامش القمة العالمية لمجتمع المعلومات، وردود الأفعال للمنظمات الحقوقية غير الحكومية والموئسات الإقليمية والدولية التي لها علاقة بالموضوع. وفي هذا الصدد وبالنسبة لموضوع ما سمي بالتمويل الخارجي أضم صوتي للإخوة والسادة الدكتور سعد الدين الزمرلي، الأستاذ توفيق بودربالة و عبد الكريم العلاقي و احمد أونيّس و هشام سكيك وكذلك الأستاذ عبد الرحمان كريم في حواره الأخير مع جريدة » le Temps« ، الذين تطرّقوا بموضوعية للعلاقات مع المنظمات والهيئات الدولية وموضوع التمويل وخاصة بالنسبة للاتحاد الأوروبي في إطار اتفاقية الشراكة المبرمة بين تونس وهذا الاتّحاد سنة 1995 والتي طلب منّي السيد رئيس مجلس النواب أنذلك وبكل إلحاح بصفتي نائبا عن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين أن نصادق عليها بدون تحفظ. وفي الحقيقة فإن موضوع التمويل الذي يفترض الشفافية المطلقة تعلّة وكلمة حق أريد بها باطل.

 

4 – افتخر بما تمتعت به من فضل التضامن الدولي لنشطاء حقوق الإنسان، ولولا هذا التضامن لكنت قضيت في سجون بلادي عوض 4 سنوات ما لا يقل عن عشر سنوات، وافتخر بانّي ساهمت بقسط متواضع من خلال الرابطة والمعهد العربي لحقوق الإنسان والشبكة الاورومتوسطية لحقوق الإنسان والصندوق الاورومتوسّطي لمساندة نشطاء حقوق الإنسان – وأنا نائب رئيس هذا الصندوق حاليا – في إرساء مبادئ وثقافة حقوق الإنسان، فلن ألق بالا إذا إلى تهم التخوين خاصة وأن الجميع يعرف الثمن الذي دفعته منذ سنة 1960 إلى الآن دفاعا عن الحرية والسيادة الحقيقية لتونسنا العزيزة.

 

5 – أما عن علاقتي بالمنصف المرزوقي فهي – رغم الخلافات – طيبة والحمد لله وهي مبنية على الاحترام المتبادل وللتذكير فقط أقول بكل وضوح: لما وقعت الحادثة التي أشار إليها الجزيري في مقاله والمتمثّلة في سحبي المصدح من رئيس الرابطة أنذلك في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الرابع، فإن ما لا يقل عن 90 من بين الـ108 الموقّعين على العريضة  » القاعدية » كانوا من ألدّ أعداء  المنصف المرزوقي – وسبحان مغير الأحوال- .

 

6 – أخيرا أقول إن بداية الانفراج والحل للازمة الحالية للسّلطة مع الرابطة يكمن في:

       تجاوز منطق الإقصاء وإعطاء الفرصة للهيئة المديرة حتى تعرّف برأيها ومواقفها في الصحف ووسائل الإعلام الرسمية، وبهذه الطريقة يمكن معرفة الغث من السّمين كما يقال. وحينها يمكن أن يعرف الرأي العام حقائق مثل قبول الهيئة المديرة للرابطة مقترحات لجنة المساعي الحميدة في الربيع الماضي في الوقت الذي خيّرت فيه الأطراف الأخرى عدم الإجابة على مقترحات اللجنة.

       سحب القضايا العدلية لأن ترك هذا الملف منشورا أمام القضاء لن يساعد على حل المشاكل العالقة، وسيكون له انعكاس سيء حتى على الجهاز القضائي نفسه.

       رفع إجراءات المحاصرة الأمنية على المقرّ المركزي للرابطة ومقرات الفروع الأربعة عشر.

       الدخول بعد ذلك -مباشرة أو بواسطة أصحاب النوايا الحسنة- في حوار سياسي بخصوص دمج الفروع وظروف انعقاد المؤتمر السادس.

 

يبقى أن نشير أن بعد أزمات ربيع 1987 و1991 التى امتدت حتى سنة 1994 و2000 وأخيرا الأزمة الحالية، من الواضح أن مصلحة البلاد تقتضي أن تتخلى السلطة عن نظرتها الاحتكارية، وتقبل وتسلّم بخصوصية هذه المنظمة من جهة مرجعيتها الكونية وتقبل التعددية بين مكونات المجتمع المدني. وفي المقابل وبالرجوع إلى ميثاق الرابطة لسنة 1985 تلتزم الرابطة أن تكون حريصة على استقلاليتها لا فقط بالنسبة للسلطة ولكن كذلك بالنسبة لكل التيارات السياسية والإيديولوجية.

فالرابطة ليست تنظيما معارضا للسّلطة ولما تستعمل كلمة « سلطة مضادة  » هذا لا يعني أنها مضادة أو معادية لسلطة في كلّ الحالات ومهما كانت الظروف لأنها للقيام بمهامها في الدفاع عن حقوق الإنسان بحاجة إلى حوار مستمرّ وتفاعل دائم مع كل المؤسسات وأجهزة الدولة ولكن في إطار الاحترام المتبادل واستقلالية قرارها السياسي.

 

والسـلام

 

خميس الشماري

 

 

 

انقلابيو جمعية القضاة التونسيين وصمت الخرفان

بانعقاد الجلسة العامة الخارقة للعادة لانقلابيي جمعية القضاة التونسيين يوم 31 جويلية   2006 وتحوير القانون الأساسي للجمعية وانعقاد المجلس الأعلى للقضاء يوم 14 أوت 2006 الذي أقر ما طبخ في مكتب وزير العدل من حركة سنوية للسلك القضائي وما أسفرت عنه هذه الحركة من نقلة رئيس الجمعية الشرعي السيد أحمد رحموني من ابتدائية بن عروس في العاصمة إلى ابتدائية المهدية ( 200 كلم من العاصمة ) انغلقت الدائرة اللعينة وانتهت السلطة بحبك أخر خيوط المؤامرة ضد هذه الجمعية الفتية تكريسا لمبدأ دولة القانون والمؤسسات واحتراما لإرادة المجتمع المدني ولان هذه الجريمة التي ارتكبت ضد جمعية القضاة التونسيين سلسلة من الأفعال المدبرة فإنه قبل التحليل الذي نزمع  تقديمه في هذه الورقة نرى لزاما تنشيطا للذاكرة وإعلاما للرأي العام الوطني والدولي أن نقدم في نقاط مختصرة أهم أطوار وملابسات هذه القضية .

         2 مارس أحيل الأستاذ محمد عبو المحامي بحالة إيقاف أمام أحد قضاة التحقيق فوقعت أحداث لن تمحى من الذاكرة وردت على وجه الدقة في بيان المكتب التنفيذي المؤرخ في 02/03/2005 : تطويق للمسالك المؤدية لمكتب: السيد قاضي التحقيق المتعهد بالقضية والحضور المكثف لأعوان الأمن بالزى المدني ومنع السادة المحامين وعميدهم من الاتصال بمكتب التحقيق وممارسة واجبهم في الدفاع عن منوبهم وصدور اعتداءات من أعوان الأمن على المحامين وصلت إلى حد الضرب وما رافق ذلك من فوضى ومساس بالحالة المادية بمقر المحكمة   ثم ينتهي البيان بتنديد بهذه الممارسات والتضامن مع المحامين والدفاع عن حقهم في أداء واجبهم بكل حرية واستقلالية … وفي هذه اللحظة التاريخية حصل المحظور وتضامن القضاة بواسطة مكتبهم التنفيذي مع المحامين بطريقة فيها الكثير من الجرأة…. وبعد أن دفع هذا المكتب التنفيذي عن القضاة والإطار الإداري والمحاكم والمتقاضين أضحى الآن يدافع عن حق الدفاع لذلك تقرر في أحد مكاتب وزارة العدل وحقوق الإنسان التخلص منه وفق خطة تمثلت أهم مراحلها فيما يلي:

         3 مارس 2005  دعوة القضاة إلى التصديق على عرائض جاهزة تم نشرها في الصحافة اليومية تحت عنوان « القضاة يستنكرون بيان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة » .

         12 جوان  2005   منع الجمعية من عقد اجتماع مجلسها الوطني.

         2 أوت 2005 تفكيك الجمعية وذلك باستعمال الحركة القضائية للمساس بالتمثيلية الانتخابية للقضاة بواسطة النقل الجماعية ذات الصيغة العقابية واستهداف النشاط النسائي داخل هياكل الجمعية بنقلة جل القاضيات من أعضاء الهيئة المديرة 4(من)5 إلى مراكز بعيدة عن مقر الجمعية و مقراتهن الأصلية…

         غلق مقر الجمعية و تنصيب ما يسمى « بالجنة الوقتية المكلفة بإدارة الجمعية» إلى أخر مراحل الخطة التي اكتملت يوم 04/12/2005 فيما يسمى بالمؤتمر الاستثنائي.

         من جانفي 2006 إلى أفريل 2006 استدعاء معظم مناضلي الجمعية إلى تفقدية وزارة العدل وإخضاعهم إلى حصص استجواب مهين لسلطتهم واعتبارهم كسلطة دستورية مستقلة .

         أفريل 2006 خصم ثلاثة أشهر من أجور بعض القضاة الذين رفضوا الخضوع إلى منطق التهديد إرهابا وتجويعا لهم ولذويهم.

         15 جويلية 2006 الجلسة العامة الخارقة للعادة في جلستها الأولى ومقاطعة الأغلبية العظمى للقضاة ( حضرها خمسون قاضيا من 1700 ).

تأجيل الجلسة لعدم توفر النصاب (1200 قاض على الأقل ).

     –31 جولية 2006 الاجتماع الثاني للجلسة العامة وتحوير القانون الأساسي للجمعية .

      –14 أوت 2006 نقل أحمد الرحموني الرئيس الشرعي للجمعية إلى المهدية

انغلقت إذن الدائرة الملعونة , كان ذلك في هذه الصائفة الغائمة اجتمع يوم 31 جويلية بنادي سكرة أصحاب العباءة السوداء من قضاة السلطة ومن لف لفهم من المؤلفة جيوبهم والمتفرقة قلوبهم بين انتهازية مقيتة أصولها جوع عريق وشراهة متوحشة وبين خوف لا يتسع له جوف أبي دلامة في الحرب ,اجتمعوا في جلسة عامة خارقة للعادة: دخلوا قاعة الاجتماع صامتين وخرجوا صامتين وقد قدم سليم العجرودي لقرائه في الشروق – وقد تعذر علي حضورا لجلسة كصحافي لأسباب ليس هذا مجال تفصيلها – شهادة ثمينة منتزعة من غبائه أو خبثه عن هذا الصمت وحاول تبريره بإغداق المديح لخالد عباس والتأكيد على الروح الديمقراطية التي سادت أعمال الجلسة وهي ديمقراطية جديرة حقا بدولة الصمت مقابل الغذاء ( أنظر الشروق 04 أوت 2006 ) .

وبين الصمت والصمت قرأ عليهم رئيس عصابة الانقلابيين خالد عباس نص المؤامرة التي جاؤوا من أجلها فصوتوا بالإجماع وأعدوا العدة للإجهاز على أخر ما تبقى من الجمعية الشرعية التي نهبوها واستولوا على  مقرها وفرقوا أهلها وأرهبوا أنصارها وأدخلوا الرعب حتى في قلوب من لاصلة لهم بها لا من قريب ولا من بعيد.

خرج عليهم خالد عباس وقد تأبط شرا طبخه على نار الاستبداد والمؤامرة إداريو وزارة العدل.قال لهم في لهجة الديمقراطي الحقيقي أن قانون الجمعية في حاجة إلى تحوير يعيد الانسجام إلى مكتبها التنفيذي: كيف ذلك ؟ ببساطة نعود إلى القانون الأساسي للجمعية قبل تحويره من قبل أحمد الرحموني وجماعته : مكتب تنفيذي بسبعة أعضاء عوض تسعة وإلغاء تمثيلية المناطق الداخلية .

لماذا هذا   التحوير؟ كان كل من في القاعة على فهم ودراية , كان شبحا وزير العدل وأحمد الرحموني حاضرين وجها لوجه , أحدهما الجلاد والآخر الضحية فالتحوير تكملة لمجزرة حركة نقلة 2005 .المطلوب إذا منع كل الذين وقع تشتيت ونقلهم خارج تونس العاصمة في هذه الحركة من الترشح لعضوية المكتب التنفيذي في انتظار نقل أحمد الرحموني الوحيد الذي تبقى في دائرة تونس وهو الأمر الذي وقع فعلا  في الحركة الأخيرة يوم 14/08/2006 .

إذا كان الجلاد والضحية وجها لوجه .كان الحاضرون حولي ثمانين قاضيا على عكس ما أدعاه سليم العجرودي الذي خانه بصره الضعيف فرأى قاعة شبه فارغة تغص بقضاة من صنع خياله.  .نظر هؤلاء القضاة ومعظمهم من أصحاب سيارات 03 الإدارية إلى الرجلين كان عليهم أن ينتصروا  للأول ويجهزوا على الثاني ففعلوا ذلك ببرود لا مثيل له صوتوا دون نقاش بل رفضوا النقاش حين طلب منهم ذلك . ومن يناقش من ؟ بشير التكاري يقترح بشير التكاري يقرر ويجهر بالحكم بأصوات من تعودوا على مباركة القضايا الملفقة والإمضاء على المحاضر الجاهزة والإنصات إلى صوت التليفون الإداري يوجه ويرشد أحيانا  يأمر ويتسلط غالبا فيذعن أولئك الذين باعوا ضمائرهم في سوق نخاسة هم عبيدها , يباعون ويشترون مقابل مناصب موضوعة في مزاد الولاء العلني أو مقابل الإفلات من قائمة الضحايا الذين تنشر أسماؤهم كل سنة في الحركة السنوية للقضاة التي هي على تعبير أصحاب المهنة محنة متكررة يعيشون أهوالها قبل أن تنشر تفاصيلها انتظارا لما قد يصيبهم من لهيبها وبعد أن تنشر اكتواء  بجمرها إذ ا   طالتهم شظاياها.

حور القانون الأساسي إذا لمنع كل مناضلي الجمعية الذين وقع نقلهم خارج العاصمة من الترشح , بقي فقط أحمد الرحموني وهذا ما تكفلت به الحركة إلا خيرة إذ نقل إلى المهدية ونقلت معه زوجته وهي قاضية إلى نفس المحكمة . يا لها من إنسانية تقطر رحمة ورأفة فالزوج والزوجة جنبا إلى جنب. هكذا تكون المرأة في دولة حرية المرأة !

قد يقول بعض السذج الذين لم يتربوا بعد على خبث هذا النظام ووقاحة أن في الأمر مراعاة لوحدة العائلة وضرورات الحياة الزوجية,.فأية زوجة صالحة لا  ترغب في أن تكون مع زوجها في السراء والضراء ؟ وأي زوج صالح لا يرتاح إلى قرب قرينته؟ ولكن الأمر ليس تقريبا للزوجين ولا جمعا لشمل الأسرة . كلا ليس الأمر كذلك, فالزوجة مهما كانت علاقتها بزوجها مواطن حر لها أن تختار مهنيا أن تعمل مع زوجها في نفس المكان أو لا . ذلك مصيرها المهني يهمها قبل أن يهم أحدا غيرها فنقلتها أو عدم نقلتها يعودان إلى طلب منها وليس لزوجها أن يكون له رأي أمام الإدارة فيما تختاره أو لا تختاره. ولكن لوزارة العدل رأي أخر مازال حسب ما يبدو يعيش في زمن الزوجة التي تكون تابعة لزوجها بإرادتها أو بدونها.

على أن هذا الأمر لايخفي فقط جذور ممارسة وفكر ذكوريين  وقر وسطيين بل أفدح من ذلك بكثير. إن ربط مصير امرأة مهنيا بزوجها له دلالة أخرى قد تخفى على الأذهان وهو أن يصبح الرجل مسؤولا عن نفسه وعن زوجته معنى ذلك أن تصبح القاضية إذا كانت زوجة لقاض مناضل رهينة في يد وزير العدل يناور بمستقبلها ويطلب فدية مقابل إطلاق سراحها أن يتخلى الزوج عن كل نشاط لايروق له وإلا لم يدفع هو فقط الثمن بل تدفع الزوجة هي أيضا مقابل مواقفه من أعصابها ومستقبلها المهني.

هكذا يضيق الخناق على المناضلين وتبذر جذور الشر والفتنة . فما أقسى أن تصبح المرأة ضحية مفترضة لزوج خارج عن بيت الطاعة !. وما أقسى أن يصبح شبح مجلس التأديب وسيف العزل المسلط أقل وطأة من أن تشعر بأنك حين « تدمر مصيرك» تدمر أيضا مصائر من ليسوا مطالبين بمشاركتك في نشاطك السياسي ولا باقتسام عنادك وطموحك ! ولكن الوازرة في دولة السلاطين تزر وزر أخرى . ذلك هو منطق العقاب الجماعي : فزوجك وابنك واخوك وحموك وذو القربى – ولا أدري إلى أي مدى تتسع دوائر الحجر الذي تلقيه هذه السلطة في وجوهنا ونحن نتخبط في مستنقع استبدادها- يطولهم بعض من مصيرك .

هكذا إذا يمكن لرئيس الجمعية أن يتمتع بجمال البحر أو أن يختلي نهائيا بنفسه بسقيفة الفاطميين يتملى روعة مجتمع القانون والمؤسسات ويربي أبناءه إذا شاء على احترام الديمقراطية التي نعمنا وسننعم بها مادام القاضي بطلا في قاعات الجلسات قوي على المظلومين والبؤساء , خائف أمام رؤسائه , صامت , متهالك , مذعن , متفاهم , واقعي , رصين , مستجيب , متعاون , مشارك , صالح فقط ليكون مواطنا في زريبة درب ساكنوها على صوت واحد: بع… بع….بع….. صوت هو أشبه بثغاء الخرفان غير أن أصوات الخرفان حين تثغو هي أحيانا أجمل إلف مرة من أصوات البشر حين يبعبعون.

فاكر عبد الصمد


مباشرة من فرنسا

شهادات « حارقين » ماتوا ثم عادوا للحياة!!

باريس – عبداللطيف العبيدي
 
كنا ولا زلنا في اخبار الجمهورية من الأسبوعيات التي تناولت موضوع الحرقان بحرفية كبيرة ومنذ سنوات خلت كنا ولا زلنا نسعى للحد من هذه الظاهرة من خلال التحقيقات والريبورتاجات بل لم ندخر جهدا في إيفاد صحفيين إلى أوربا وإلى مراكز الإيقاف في فرنسا وإيطاليا معتبرين أن ذلك يدخل في إطار تقريب صورة لهذه الظاهرة التي_ لللأسف_ لا زالت تحصد أرواح شبان في عمر الزهور مخلفة الحزن والأسى في قلوب أهاليهم !هذه المرة انتقلنا إلى الضفة الأخرى وتابعنا شبانا نجحوا فعلا في العبور  فكيف وصلوا كيف عبروا الضفة الأخرى؟؟ليست نزهة بحرية في كل الأحوال وما الشهادات التي سمعناها وننقلها لكم في هذا التحقيق بكل أمانة إلا نزر قليل من معاناة كثيرة وشبان لم يبلغوا اليابسة وانتهت حياتهم في عمق البحر فريسة للحيتان!!!أي نعم اقرأوا الشهادات وليفكر الحالم بالحرقة الف مرة!!!قبل ان يخطو خطوة قد تكلفه الحياة.   
 
« علالش »و »تنقيزة« 
أول ما لفت انتباهنا في حديثنا مع شبان نجحوا في الحرقان إلى أوربا هو أهمية وشهرة « الحراق » وهذه الشهرة يكتسبها من الناجين والذين تمكنوا من الحرقان بمساعدته!!هم من يمدون رقم هاتفه لمعارفهم وينصحونهم الاتصال به!!ويستغل الحراق هذه الشهرة للترفيع في السعر الذي يتراوح بين ال800و1500دينار خاصة للوافدين من بعض الدول المغاربية!!ويعتمد الحراق وسائل واحتياطات خوفا من الوقوع في قبضة أعوان الأمن , من ذلك تسمية الحارقون علالش!!والحرقة تنقيزة وثمن الحرقة الحب بفتح الحاء وغيرها من المصطلحات الغريبة والمضحكة ويستثمر الحراق اموالا طائلةبما أن الزورق فقط  يكلفه زهاء العشرون ألف دينار لكن حرقة تكسبه الاف الدنانير في رحلة غير مضمونة أغلب الأحيان  !!!يكفي أن أحد الذين شاركوا في هذه الرحلات الغيرشرعية قال لنا أنهم كانوا 80نفرا على ظهر المركب وان اقل سعر كان 800دينار وبعملية حسابية بسيطة نجد أن هذا الحراق جنى 64ألف دينار على أقل تقدير!!!فأي مشروع يدر على صاحبه مثل هذه الثروة ؟؟!!
 
800 دينار « ع الرأس »
 
أول محدثينا شاب كان متحمسا للحديث معنا ,وهو كما قال لنا غايته منع اخرين من الحرقان قال متحدثا عن نفسه انا عبدالستار س اصيل إحدى أرياف  الوسط لم اتجاوز المرحلة الأولى من التعليم الابتدائي منذ بداية الشباب وجدت نفسي في حضائر البناء كنت مجدا في عملي وأكسب قوت يومي بل أساعد في اإنفاق على عائلتي !!إلى أن نجح احد زملائي في العمل في الحرقان واتصل بي وأغراني اللحاق به احسست أن حياتي بدات تتغير وأنني لم أعد راغبا في العمل الذي انقطعت عنه بمحض إرادتي ولم أتصور نفسي عائد إليه!!!حتى لو حصلت على اجر خيالي بدأت الاحق اخبار الحراقة واتصل بهم وأستشير عن الجاد والمشهور فيهم إلى ان دلوني على احدهم وهو أصيل مدينة سوسة كان ضخم الجثة جوهري الصوت عاملني بقسوة وسألني كم معي من علوش!!!ليمكنني من تخفيض!!قلت له واحد فقط,قال لي لابأس 800دينار عليك بالحذر وعدم الأتصال بي أنا من ٍأتصل بك !!يستطرد محدثي قائلا عدت من حيث اتيت بعت بعض مواشي العائلة تسلفت من بعض المعارف وبجهد جهيد جمعت المبلغ الذي قد يراه غيري بسيط !!وبقيت في انتظار الموعد,,,,!!إلى ان رن هاتفي ذات يوم شتوي بارد كان مخاطبي الحراق بكلمات مقتضبة أن هيء نفسك فغدا موعدنا هرقلة!!!ذهبت إلى سوسة ومن هناك حشرني وجموعة أخرى في سيارة نقل خفيفة حينها فهمت لماذا علالش,,, وفي مكان غابي وجدت زملائي كل واحد يحمل نفس حلمي الحرقة جمعنا ليلقي فينا خطبة فيها من التهديد والوعود وكثيرا من الكلام النابي كنا كخرفان حقا بداية من طريقة حديثه من عده لنا!!!وتحذيره عدم إعطاء هويته في حالة مسكنا واعدا إيانا بمحاولة اخرى بلوشي وسأكتشف بعد ذلك صدق وعده!!!!  
 
رأيت الموت بعيني!!
 
اذكر جيدا أن الساعة كانت الثانية صباحا حين انطلق المركب وعلى متنه 80شخصا اعمارنا كانت تتراوح بين ال18 سنة وال35 إلا واحدا تجاوز الخمسين كان شيخا ولازالت إلى الان تحضرني صورته!!مجرد أن ابتعدنا عن اليابسة حتى تمايل المركب بنا وبدأ المطر يهطل !!!الأمواج العاتية تحاصرنا والماء بللنا وظلمة الليل تزيدنا وحشة وخوفا !!صمت محدثي واشعل سيجارة وقبل أن ينفث دخانها لمحت مزيجا من الحزن والخوف في عينيه!!!واستطرد قائلا لم أخف وأرهب في حياتي كليلتها لقد اوشكنا على الغرق فعلا صراخنا وعلت أصواتنا بالشهادة!!!وقراءة القران واستحضرت حينها صورة امي وقد وصلها خبر غرقي !!!
 
كان الموج العاتي يرتطم بمركبنا الذي أصبح كريشة في مهب الريح!!!وكنا نحاول كل بطريقه إفراغه من الماء كنا مبللين وأغمي على كثير منا!!كنت أرقب ذاك الكهل المسن وهو يتقيأ ويصيح من الألم لكن مع تقدم الليل قوى الموج واصبح كل واحد يفكر في اي طريقة يفضل ان يلقى بها ربه أيرمي نفسه في الماء؟ام ينزل أسفل المركب أم يضل على سطحه هذه اقصى حالات الخوف ولا شك ان كل حارق بهذه الوسيلة عاشها!!!تصور نفسك تنتظر الموت بل ويبلغ بك التعب حتى استعجاله!واختيار طريقة موتك!!لم ينتظر محدثي إجابتي وأستمر قائلا مع بدايات الصباح الأولى احسسنا بقربنا إلى اليابسة!!
 
لكن أي يابسة لقد عدنا من حيث اتينا!!تلك كانت مفاجاة الرايس لنا فقط فضل العودة بنا على سفرة قال انها لن تكون مضمونة وامام احتجاج البعض قال انه خير عدم إخبارنا بقراره الخوف من ردة فعلنا وفي الحقيقة لما رايناه من اهوال وما عشناه من خوف وجوع خيرنا السلامة على الندامة ولم نقم بما يفسد ويفوت علينا النجاة من أعين الأمن!!
 
بل ما أن اقتربنا من اليابسة حتى قفزنا في الماء,,,ونحن على اليابسة عن نفسي لم اصدق أنني لا زالت حيا كنت مبللا من راسي حتى قدمي جائع عطشان وكان لي حينها رغبة وحيدة الارتماء في حضن امي!!,,,,,,,,ولم يدم ذاك إلا ما يكفيني من الزمن لبلوغ منزل اهلي..
 
..اللي شاح يعاود,,
 
بصراحة كنت انظر أن يقول محدثي انه اختار طريقة أخرى غير هذه للوصول إلى اوربا لكنه فاجأني قائلا طبعا لم تكن تلك إلا تجربتي الأولى إذاتصلت بالحراق مرة اخرى وأوفى بوعده أن أعيد الكرة هذه المرة مجانا وهذه مجانا لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم فمن عادة وفي تقاليد الحرقة ان لكل محاولة ثمن!!!وكما يقولون ,,والمغروم يجدد!!!؟أي يدفع السعر مع تخفيض خاص!!يقول محدثي أنه ضل بلا عمل ولم يفكر أبدا في إيجاد عمل كان كل همه أن يحرق من جديد يقول ان حلمه كان منصبا في امر واحد كيف يتمكن من العبور نحو الضفة الأخرى وغاب عني ان أسأل نفسي ماذا سافعل في بلد لا اعرف عنه شيئا ؟؟!!إلى أن حلت ساعة السفر من جديد يقول حين بلغت مدينة سوسة كان علي التوجه لمدينة المنستير ولم يكن في جيبي مليما ولأول مرة في حياتي امد يدي طلبا لصدقة طلبت دينارا!!! لأاتمكن من امتطاء سيارة اجرة!
 
طبعا لم اكن وحدي في مكان اللقاء بين أشجار الزيتون والكروم بل أكثر من 70شخصا ولظروف واسباب ضلت مجهولة لدينا تم نقلنا على مرات في سيارة نقل خفيفة لنقضي الليل في منزل الحراق كان منزلا فخما ذولاطابقين وحديقة كبيرة يحتوي على اثاث فاخر وغرف كثيرة ,,, وقد جلب لنا الحراق كما هائلا من السندويتشات والمشروبات الغازية وفي الصباح كنت صاحب الحظوة لذلك كنت من أعد القهوة لذاك الكم من الحارقين ,,انتظرنا هبوط الظلام ليتم نقلنا بذات الطريقة إلى المكان الذي ستنطاق منه الرحلة وكعادته وفي قميص ربط عنقه طلب من الجميع وضع ألأموال فيه على أن يكتب كل من الحارقين اسمه على ربطة أوراقه النقدية رغم أنه اشار أن ثقته في الحارقين كبيرة وأن مليما ناقصا يحرم صاحبه الجنة الموعودة!!!ولن يسافر في نفس الرحلة ,,,بعد أن جمع كل ألأموال غاب قليلا صحبة معاونه لا شك لعد الغنيمة ثم عاد ليعدنا من جديد ليعلن بعدها أن ارتموا في الماء فالمركب غير بعيد,,,,, لتبدأ رحلة جديدة مغامرة أخرى..
 
الحلم كان سراب.!!!
 
هذه المرة يقول محدثي أن الطقس كان افضل فقد كنا في فصل الربيع وهو ماجعل رحلتنا أو قل مغامرتنا أفضل ..رغم توقف محرك المركب فقد تمكن الرايس من إصلاحه وتمكنا من الوصول إلى إيطاليا 
 
ما حكاية الحرقة التي بلغت المليار من مليماتنا!!
 
أثناء قيامي بهاذا التحقيق فوجئت بأحدهم يسلمني رقم صديق له قال لي انه وصل لتوه من إيطاليا وأنه قدم في مركب يحمل 215  نفرا  بلغوا إيطاليا سالمين !!وبفضولي الصحفي أردت أن أفهم كيف تمت هذه العملية  ومن أي ميناء قدمت لم أنتظر كثيرا حددت مع هذا الحارق الجديد موعدا وإليكم ماذا قال لي !! »أنا اصيل إحدى ولايات الجنوب وعمري 27 سنة لم أتلق متن التعليم إلا فك الأحرف حين خامرتني فكرة الحرقان نصحني صديق لي بالذهاب معه إلى بلد مجاور وأخبرني أنه من سيتولى قيادة المركب باعتباره رايس وأنه قرر الحرقان بدوره!!
 
كان ذلك كان ذلك في بداية شهر جويلية الماضي وبعد ان تمكنا عبور الحدود خلسة عن طريق حراق أيضا ب250 دينارا وصلنا إلى مدينة ساحلية حيث مكثنا اسبوعين في ظروف صعبة جدا قبل ان نتمكن من السفر إلى إيطاليا على ظهر مركب بطول 17متر وعرض4امتار كنا 215 نفرا تتراوح أعمارنا بين العشرون والخمسة والثلاثين و8نساء!!!
 
قال لي هذا الحارق أن أسعار الحرقة كانت بالعلة الصعبة وتراوحت بين ال2500وال4000أورو!! وبعملية حسابية بسيطة يمكن أن نحصل على رقم خيالي يتجاوز المليار من مليماتنا!!!ولنقف مشدوهين أمام هذا الرقم الخيالي الذي يكسبه هؤلاء الحراقة من أجل رحلات غير مأمونة العواقب !!!!لشباب في عمر الزهور فد يلقون فيها حياتهم وهو ما حدث فعلا في كثير من الرحلات من هذا النوع!!
 
في الأشهر الأخيرة,,,,يقول محدثي أنهم بوصولهم إلى جزيرة لامبادوزا تم إيقافهم جميعا بأحد مراكز التوقيف ثم تم نقلهم إلى مدينة كروتونيا لكن أمام وصول أعداد أخرى كثيرة في نفس الفترة  وبنفس الطريقة ايضا اضطرت السلط الأمنية لإطلاق سراح كل تلك الأفواج على التراب الإيطالي!!!بعد أن اكتظت مراكز الإيقاف بهم!!!لنتشروا كل إلى وجهته!!دون ان ينسوا الأتصال بمعارفهم لدلهم على هذا الخيط كما يقولون!!وهنا يكمن الإشكال لتتواصل محن وماسي الحرقان!!!فمباشرة بعدها بأيام لقي أكثر من مائة شخص حتفه غرقا!!
 
(المصدر: صحيفة « أخبار الجمهورية » الأسبوعية، العدد 833 من 14 إلى 20 سبتمبر 2006)


الزي الطائفي.. الزي والدلالة الرجعية:

لنغلق هذا القوس.. هناك رهانات أكثر إلحاحا!!

إلياس بن مرزوق
 
كنا نعتقد ان ما يستجد من متغيرات سواء وطنيا او اقليميا او دوليا، يفرض على نخبنا، بمن في ذلك الاقلية التي اختارت وبارادتها العزف على اوتار نشاز، يفرض محاولة الاجابةعن الاسئلة الجديدة التي تطرحها علينا ـ وبالحاح ـ تلك التحولات وهي اسئلة مركبة وشديدة التعقيد، تستوجب استنفارنا لكامل مخزوننا العقلاني، والتوظيف الاسلم والانجع للمعارف والمهارات التي اكتسبها شعبنا في السنوات الاخيرة واضحت تؤهله بشهادة الكثيرين، الى ان يكون طرفا ندا ومساهما فاعلا في المعارك الحضارية الكبرى التي تخوض غمارها البشرية الان.
 
الا لان بعض ما طفا على السطح في الآونة الاخيرة جاء ليكشف وللأسف، انه مازال بيننا من يصر على ان يكون حلقة جذب  الى الوراء،  مشدودا الى اسئلة كنا نعتقد ان تطور مجتمعنا على مختلف الاصعدة قد تجاوزها.، اسئلة لم تعد تواكب راهننا.. مما يقيم الدليل على ان اصحابها لم يتخلصوا بعد من اسرنظرة ماضوية يستعيدون بعض فواصلها وعناصرها بين فترة واخرى وذلك لحجب عجزهم عن مواكبة التحول العميق الذي يشهده مجتمعنا وبلادنا، والرهانات الجديدة التي تطرحها قواه الحية على نفسها من اجل كسبها، دعما لمناعة الوطن  وتحصينا لمكاسبه، وسعيا جادا من اجل اثرائها والارتقاء بها الى مراتب اعلى.
 
من بين هذه الاطروحات المستعادة ـ والتي كما اسلفنا نعتقد انها تتعارض وهواجس حاضرنا ومتطلبات تأمين مستقبلنا وتوفير مستلزماته. قضية الزي الطائفي او ما يسمى «بالحجاب» والتي تتعدى كونها مسألة زي خارجي الى كونها ذريعة تستهدف في المقام الاول اقصاء وتغييب المرأةبل وتقديم المرأة على انها مجرد «عورة» واجب سترها واسدال الستار الواقي عليها، وليست شريكا كامل الحقوق والواجبات في مسيرة التنمية الحضارية الشاملة التي ننشدها والتي قطعنا اشواطا كبيرة على درب تحقيقها. وفرض هذا الزي الدخيل على المرأة هو طريقة لاستدراجها حتى تصبح من حيث لا تدري بيدقا في لعبة ظلامية مفضوحة.
 
لن نسقط في فخ خوض نقاش فقهي او ديني لان المسألة لا علاقة لها بالدين وانما هي مسألة سياسوية وديماغوجية بالاساس تسوق لها بعض التيارات الغارقة حد النخاع في الظلامية.
 
واننا نعرف ان اعادة طرح هذه المسالة من جديد، وفي مثل هذا التوقيت هي عملية استدراج من قوى الجذب الى الوراء في محاولة بائسة لالهائنا عن القضايا والتحديات الرئيسية والاكثر الحاحا التي يجب ان تشغلنا وعلينا التفرغ لمواجهتها، كما ان اثارة هذا الجدل من جديد هو سعي خائب لاستعادة قوى الجهل والتخلف بعض الضوء الذي خبا وتاكيد حضور ذات فاشلة في مجتمع لفظها لتعارض رؤاها مع طبيعته التاريخية.
 
لكن، وبما ان الموضوع قد طفا على السطح مرة اخرى، وتسربت حوله من جديد الاراجيف والاشاعات والاكاذيب لا نملك الا ان نعيد بدورنا التذكير ببعض الحقائق، آملين ان تكون هذه الاستعادة قوسا طارئا علينا الاسراع باغلاقه حتى لا يستنزف عقولنا وفكرنا وجهدنا ويلهينا عما ينتظرنا من تحديات ورهانات لا خيار امامنا الا كسبها.
 
ان مجتمعنا المتجذر في هويته العربية الاسلامية حريص على ان لا تكون تلك الهوية مجرد سياج دوغمائي او صدفة منغلقة ومنكفئة على ذاتها بل هوية متحفزة لابداع المضامين الحضارية الكبرى ولا تستهويها لعبة الوقوف على اطلال المظاهر والاشكال، فضلا عن رفضه لكل تخندق انعزالي طائفي، كما ان هذا الشعب ادرك بفطرته، ومنذ قرون خلت، ان الزي المطلوب فرضه قسرا على المرأة التونسية عبر شتى اشكال الترهيب الفكري هو مجرد زي طائفي مستورد، وعنوان سياسي وايديوولوجي ليس اكثر واحدى التعبيرات عن نمط ومشروع مجتمعي وافد ومتخلف يتخذ الاسلام قناعا، والاسلام منه براء، ونحن في غنى عن التصورات التي يحاول فرضها علينا بعض الذين يحاولون استغلال المنابر التلفزية المأجورة عبر الفضائيات المتناثرة هنا وهناك لتمرير رؤاهم وقراءاتهم غير السليمة لو كان بالتخويف والترهيب والدين من ذلك براء.
 
إننا لن نسهب بل لا نحتاج الى تبيان أو تعداد الشواهد على أن اللباس المبتذل لم يكن بديلنا الوطني في مواجهة هذه الظاهرة المتطرفة والمتخلفة، فتجذر قيمنا السمحة في واقعنا، وتعبير المرأة التونسية عن تمسكها بها وبالتالي عن أصالتها واعزازها بانتمائها الحضاري يجد بعض عناوينه الأبرز والأكثر دلالة في الهندام العصري أو اللباس التقليدي على حد السواء.
 
والحداثة في أرض الزيتونة المعمور هي تأصيل للكيان وإعادة صياغة مستمرة لهويتنا بمفردات العصر حتى لا نبقى خارج التاريخ، وحتى تكون أكثر قدرة على استيعاب القوانين التي تحركه، ومساهمين أكفاء في صناعة التاريخ والحضارة والحداثة.
 
من هنا نستخلص، ودون مغالاة واستنئناسا بتاريخ هذه البلاد والى أدبيات مصلحيها والى تراثها الاصلاحي الزاخر، أن هذا الجدل مخيل علينا ومفتعل، وأنه ملهاة سمجة مستوردة تماما كما هو الزي الطائفي الذي يبقى «ماركة مسجلة» لتيارات مشرقية ظلامية حتى وإن خاطته وروجت له ـ كما هو الحال الآن ـ بعض دور الأزياء التي جعلت منه موضة يزج بها في صراع سياسي وتوظف ايديولوجيا وعقائديا بما يتنافى وقيم الاسلام السمحة.
 
إن اللباس العصري المحتشم الذي يميز المرأة التونسية سواء كانت أختا أو بنتا أو زوجة عندما تخوض معترك الحياة بكل ثقة في النفس هو تعبير آخر عن قيم الوسطية والاعتدال التي تطبع مجتمعنا وتسمه عبر تاريخه الطويل وسطية واعتدال جعلاه يلفظ تلقائيا ودون اكراه كل تطرف وكل انغلاق وكل انزلاق باتجاه التفرقة الطائفية، لفظا طال مضامين الافكار وكذلك أشكال التمظهر واللباس.
 
واللباس الطائفي الدخيل لا يمكن تصنيفه أبدا في خانة هذا اللباس العصري والمحتشم أو ضمن سائر تجليات الهندام المتأصل في تقاليدنا وأخلاقنا وقيم مجتمعنا.
 
فشتان بين هذا الزي الدخيل و«الطقريطة» و«الفولارة» و«الروبة» و«الجبة» و«القفطان» و«البخنوق» و«السفساري» و«الشاربة» وغيرها من انواع اللباس التي درجت المرأة التونسية على ارتدائها في المدينة والريف.
 
إن الزي الطائفي المستورد والدخيل على تقاليدنا يبقى رغم كل هذه الضجة الاعلامية المفبركة، زي اقلية اختارت وبارادتها ان تبقى خارج الخيمة الوطنية القائمة على اوتاد راسخة في عمق التاريخ، اقلية لا تتورع في استخدام وسائل لا اخلاقية وذرائع مختلفة واكاذيب واراجيف لفرض رؤاها ومقولاتها على مجتمع ادرك مبكرا ان المسالة اكبر من زي من قطعة قماش واكبر من «حجاب».. وانما المراد هو حجاب على العقول يحجب الرؤيا ويدفع بالمجتمعات الى الجهول… ويكفي ان نتامل واقع بعض الشعوب حتى نتاكد اي دور للتخندق الطائفي في اغتيال الاوطان وتشويه مقاصد الاسلام!؟
 
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 1 أكتوبر 2006)

 

المنشور 108 في تونس صناعة متقدمة للارهاب

 

 
مرسل الكسيبي*: بكلمات معبرة عن عمق الألم الذي أصاب كثيرا من العرب والمسلمين وهم يتابعون أخبار المنع والمصادرة لحق المرأة التونسية فيما ترتئيه من زي معبر عن فطرتها ووجدانها وميولها العربية والاسلامية والشرقية,كتب عبد الله من باكستان معلقا على حوار مفتوح على موقع شبكة البي بي سي طلب محرر الموقع فيه من متصفحيه بيان رأيهم تجاه تطبيق المنشور 108 في المدارس والمعاهد والجامعات ومقرات الوظيفة العمومية بالبلاد التونسية, وقد جاء في تعليق هذا الأخير وللأسف الشديد النص الاتي « أنا أطلب من جامعة الدول العربية ومنظمة مؤتمر العالم الإسلامي ومن هيئة الأمم المتحدة طرد هذه الدولة من منظوماتها بناء على أنها أصدرت أوامر تخالف القيم العربية والشريعة الإسلامية وقرارت الأمم المتحدة، ويجب مقاطعتها في جميع المجالات وعدم التعامل معها مادامت تفرض هذه القوانين على المسلمات العربيات، بقصد جرهن إلى الفساد والرذيلة. كما أنني أطالب من مجمع الفقه الإسلامي بجدة النظر في هذا الأمر »**. لم تكن هذه الكلمات بلاشك محل ترحيبي وقبولي ,ولكنها كانت دافعا بالنسبة لي للتأمل فيما تمارسه بعض الجهات التونسية النافذة في الحكم من سياسات اخصاء عقدي وديني تدفع بالبعض الى أتون المواقف المغالية التي تعطي المبرر للكثيرين للتماهي النفسي والفكري مع ماتروج له مدارس الارهاب الأعمى والتطرف. لقد تحدثت صراحة في هذا الموضوع في أكثر من مناسبة بكثير من ألفاظ الهدوء والتعقل ودعوت الحكومة والمعارضة الاسلامية الى عدم الزج بهذا الموضوع العقدي والديني في أتون الصراعات السياسية,وهاأنا اليوم اضطر الى العودة الى الموضوع من باب الحرص على مصلحة السلطة أو السلطات ذاتها قبل الحرص على مصالح من يضطر الى تجيير هذا الموضوع لقضايا الصراع السياسي. لقد صدر المنشور 108 ,ولعلني أقول المقصلة 108 كنص « قانوني » تفسيري في أجواء ترهل وتهرم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة ,حين بدأت بعض اللوبيات والأطراف الطامحة في الخلافة تتقرب الى رجل الدولة الأول زلفى من أجل بيان حجم ولائها الفكري والسياسي لتراث وخطوات الزعيم,وعلى هذا الأساس استغل البعض من الوصوليين السياسيين والانتهازيين الايديولوجيين مشروع هذا المنشور من أجل التشفي والانتقام من خصم سياسي احتدت المنافسة معه في ساحات الجامعة التونسية واشتدت هذه المنافسة الى مستوى البروز رسميا بعد الاعلان عن تأسيس حركة الاتجاه الاسلامي سنة 1981. كانت الظروف التاريخية انذاك توظف الهاجس السياسي بالخلط الايديولوجي,من أجل تعميق الهوة بين مؤسسات الدولة الرسمية وأنصار التوجه العربي والاسلامي سواء داخل أجهزة الحكم أو خارجها. ولعل امتداد هذه المعركة الى كل ماهو عربي واسلامي من بوابة اللعب على الهواجس البورقيبية في منازعته شؤون الحكم بدت واضحة مع استكمال العقد لحباته الفريدة باقصاء السيد محمد مزالي ومساعديه من سدة الحكم مع استهلال سنة 1986. كان المنشور 108 ,عنوان مرحلة سياسية هدفت الى التقدم والزحف في مواقع السلطة والحكم من أجل تهيئة الطريق واسعا لخلافة الرئيس بورقيبة,الا أنه مع الاعلان عن التحول السياسي الذي شهده فجر يوم السابع من نوفمبر 1987 ,كان من الضروري بمكان تصفية مخلفات هذا المنشور الذي استعمل كورقة ايديولوجية ركبت شعارات بورقيبة في مجال تحرير المرأة من أجل الحصول على أعلى الدرجات في مراتب التسلق والصعود السياسي. اليوم وقد مرت عل تحول السابع من نوفمبر 1987 فترة تناهز العقدين فانه من الأهمية بمكان لفت نظر الرئيس السيد زين العابدين بن علي الى أنه لايمكن لبعض الأطراف استعمال ورقة المنشور 108 من أجل مواصلة مشوار التسلق والصعود السياسي على حساب مرتكزات وقيم تونس ومبادئها العربية والاسلامية الجامعة,مما يسهم في اضعاف صورة تونس وتشويهها بين دول الجوار العربي والاسلامي ومما يعطي المبررات لبعض اجنحة الغلو والتطرف في الساحة الفكرية العربية والاسلامية من أجل الترويج لمقولات العنف في مواجهات منجزات الدولة التونسية الحديثة. وحينئذ فانه بعين العقل وبمنتهى قواعد الحكمة والبصيرة ,لايمكن لتونس اليوم أن تشهد خيارا وطنيا وفاقيا أو صلحيا تحت يافطة المصالحة الوطنية الجادة والاصلاح السياسي دون مراعاة مشاعر شعب يعشق قيم العروبة والاسلام عشقه للأمن والاستقرار والطمأنينة. واذا اراد البعض من موقع اجتهاده الفكري والسياسي التدخل في الخيارات الشخصية والدينية للمرأة التونسية من باب توظيف المنشور 108 من منطلق أن الظاهرة شرقية ودخيلة أو من منطلق أنها واجهة لحزب سياسي ,فانني أجزم في هذا السياق وألح وأؤكد على أن التدين الواسع الذي تشهده تونس اليوم قد غدى خارجا عن سيطرة الأحزاب والتيارات ,وهو ظاهرة اجتماعية ونفسية وذهنية بعيدة عن تأثير هذا الطرف او ذاك ,بل انه افراز من افرازات ثورة الاعلام والاتصالات التي جعل الله تعالى فيها سببا لايقاظ الأبعاد الوجدانية والروحية في أنفس شرائح معتبرة من المجتمع بعد أن أحدث عامل الانبهار المغلوط بالغالب والهزيمة النفسية نتاج اوضاع سياسية عربية معلومة اثارهما العظيمة في تركيبة وبنية المجتمعات المغاربية والعربية عموما. الحجاب اليوم تعبيرة عن الهوية المذوبة بفعل سياسات القهر والتسلط على مستويات عالمية,وهو قبل ذلك تجاوب مع تعاليم اسلامية تجد روحها ولفظها في النصوص القرانية والنبوية,ولذلك نجد أن الدولة المصرية على سبيل المثال لاتجد حرجا في الاحتفاء بممثلات وفنانات وعالمات ومثقفات متحجبات ومن ثمة فتح ابواب الحزب الوطني وهو الحزب الحاكم في وجوههن لنرى مواكب الرئيس مبارك تحتفي بصحفيات واعلاميات متألقات وسياسيات نجيبات يشاركن في صناعة السياسات التعليمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية المحلية للدولة المصرية. ان تونس الحديثة ,بلد الانفتاح والتسامح كأحوج ماتكون الى الغاء العمل بهذا المنشور الفضيحة الذي لم يجر على تونس وشعبها وحكومتها ونخبتها ومعارضتها الا صورا من القطيعة والصدام التي لاتليق ببلد تواكبت عليه اعرق الحضارات فاستوعبها وساهم في تألقها دون ان يلغي ذلك خصوصية شعبه المحتضنة لافاق التعايش السلمي وروح الخلق والابداع. *لمراسلة كاتب المقال يرجى الاتصال على : reporteur2005@yahoo.de  **راجع نص الحوار المفتوح الذي نشر على صحيفة الوسط التونسية في الغرض:http://www.tunisalwasat.com/viewarticle.php?id=index-20061001-2262  8 رمضان 1427 هجرية.   
(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » الالكترونية بتاريخ 01 1 أكتوبر 2006)

 

خلاصة الكلام  
 
*ازمة الرابطة مستفحلة لان اطرافها  عديدون -. السلطة السياسية التي ترى  ان الرابطة وقعت بين ايدي اليساريين المعارضين لها.ولذلك تواصل الحصار منذ  المؤتمر الخامس الذي افرز قيادة جديدة للرابطة لم ترض خاطر السلطة.. ومن يومها والمحاكمات  تتوالى وحروب البوليس السياسي مع مناضلي الرابطة تتواصل وذخل القضاء معمعة الصراع ليوقف المؤتمر السادس بعدما كلف الهيئة المديرة الحالية بانجازه بمقتضى حكم قضائي…كما يتولصل حصار الفروع الجهوية ومنع نشاطها بدعوى وصول تعليمات امنية وتتواصل متابعة  الحقوقيين اعلاميا عن طريق جرائد العار والفضائح وباشراف مباشر من رؤساء تحرير اخر زمان من ذوي السوابق في الاتجار باعراض الناس…   -احزاب الساحة السياسية الذين لم يجدوا ما يفعلوه فركبوا ازمة الرابطة وراحوا يبحثون لها عن حلول داخل ادمغتهم المحدودة الذكاء..فوقع تقاسم الجهات حسب الولاءات وصنعت العرائض وادرجت الاسماء بالهاتف من اجل ايجاد موقع قدم جديد داخل أي تركيبة  وفي أي طبخة قد تكون قيد الانجاز في بعض المكاتب المشبوهة او في احدى سفارات الدول المانحة. بعض الاحزاب السياسية التي تستهلك المال العام بدون حساب لم يعد لها من نشاط سوى البحث عن طريقة لركوب قضية الرابطة..   -الجمعيات الاجنبية وسفارات الدول الغربية..كل منها تتدخل حسب اجندتها ومن اجل اهداف تكون احيانا محل سؤال..وضروري التعاطي مع هذا الملف بكثير من الشفافية والاستقلالية وطبعا لا يمكن للرابطة ان تاخذ دروسا في الوطنية ممن ربطوا البلاد بالغرب منذ زمان. ورغم ان التمويل او العون المادي من الخارج استعمل كقميص عثمان لاتهام الرابطة وقيادتها بالارتباط بقوى خارجية الا ان الموضوع لا بد وان يقع تداوله في اطر الرابطة لتوضيح نقاط الاستفهام ان وجدت..   -الهيئة المديرة للرابطة والتي تتمسك بشرعية انتخابها في المؤتمر الخامس وبرغبتها في الحوار على اساس الاجندة التي ترفضها السلطة ويرفضها رابطيون كثيرون.وهذا الرفض الداخلي وقع التعبير عنه باشكال قد لا تروق  للبعض وبوسائل مشكوك في نزاهتها ولمن لا يملك أي انسان ان يخون اصحابها او يصورهم كطابور خامس في حين انهم من ابناء الرابطة ومن منتوجها الداخلي ومن المنضوين تحت شعارها رغم ولائهم لاحزاب سياسية  تختلف الهيئة المديرة الان مع طروحاتهم السياسية..ولكن هؤلاء منخرطون في الرابطة والذين سلموهم انخراطات في التسعينات وجعلوا منهم مسؤولين في فروع وهمية فعلوا ذلك بالتنسيق الرهيب مع السلطة…ولانهم رابطيون وجب التعامل معهم بتلك الصفة او ابعادهم وتجميد انخراطهم اذا اعتبرت الهيئة المديرة انهم مكلفون بمهمتهم القذرة من طرف السلطة والبوليس السياسي مثلما قالها امامي احد اعضاء الهيئة المديرة..علما ان بيان القيادة الاخير لم يتعامل مع اصحاب العريضة على اساس انهم ممثلون للسلطة ومكلفون تكليفا..فمن نصدق اذا   هل نصدق البيان الرسمي ام  بعض القياديين بين ظفرين في مقاهي ومطاعم صفاقس..هل من مصلحة الرابطة ان تخون كل من تتعارض مواقفه مع مواقف الهيئة المديرة في ملف من   الملفات الكبرى او الصغرى التي تعيشها الرابطة..هل نفعل لجنة النظام فتصبح الرابطة مثل حزب منير الباجي لا قدر الله..هل ننادي بتصفية المعارضين داخل الرابطة من اجل تنظيفها من الاعداء فتصبح الرابطة جمعية صغيرة ذات 32 منخرطا  او اكثر بقليل او كثير. اسال صديقي العزيز انور القوصري الذي تهمه الرابطة ومستقبلها..هل يتوجب ايجاد الحلول مع الرابطيين ام ضدهم..هل يتوجب علينا  خطاب الوفاق ام خطاب الرفاق..واين ينتهي منطق الوفاق ومتى ومع من..اساله بصدق ان يفعل المستحيل واكثر ويقف في وجه الخطاب التصفوي ويمد يديه للحوار ولا يقلق من الحوار ولا يضع سقفا زمنيا..فالرابطة مجعولة في    صميم تركيبتها لتتحمل الاختلاف والصراع..وان استحال الصراع والنقاش السياسي داخل الرابطة وان منع الاختلاف في الرابطة فتلك كارثة عظمى ونكون  كلنا مجرمون تجاه الرابطة والبلاد ولن يشفع لنا او لبعضنا الخطاب الراديكالي او التطرف اللفظي..واذا كان مسموحا لدى البعض تواجد السلفيين من نهضويين وغيرهم في هياكل الرابطة ومقراتها فكيف لا نسمح لمن هم منخرطون في الرابطة منذ 89 بان يكون لهم وجود وتمثيل ونشاط ووجهة نظر.. ان ازمة الرابطة هي ازمة وجود اصلا..والسلطة تحاول جاهدة اجتثاث الرابطة من محيطها نهائيا..ولكي نمنع ذلك ونخرج باقل الاضرار من الوضعية الحالية لا بد يا صديقي من تجميع مناضلي الرابطة تجميعا وتعبئتهم حول شعار الدفاع عن وجود الرابطة..ولتفعيل هذا الشعار تحتاج الرابطة لكل مناضليها المنخرطين الجدد والقدماء واصدقاءها وقيادييها وحتى للطامحين في الانخراط فيها مستقبلا..فذلك هو الحزام الواقي للرابطة… وهنا اؤكد على الهيئة المديرة في ان تفتح ابواب الحوار مع منخرطيها في كل هذه المسائل وذلك من خلال النشرية الداخلية التي ادعو لان تكون اسبوعية ومنتظمة  ومفتوحة لكل الافكار والمساجلات الداخلية وان تكون بصدق صوت الرابطيين مهما كانت خلافاتهم. كما ادعو الفروع او ما تبقى منها ان تبادر بانتاج نشرة جهوية من ورقتين تكون رافدا ثانيا ومعبرا عن وجهة نظر المنخرطين في الجهات.. هكذا  يمكن ان يتواصل الرابطيون ويتحاوروا في  قضية رابطتهم ويتوصلوا لحلول لمشاكلها بعيدا عن وصاية اطراف الخارج وهيمنة اطراف الداخل…                                                                          عبد الصمد………………….


 

بسم الله الرحمان الرحيم

و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين

 تونس في 29 سبتمبر 2006

بقلم محمد العروسي الهاني مناضل دستوري

الرسالة رقم 133

من وحي الذكرى الواحد و العشرين للإعتداء على مدينة حمام الشط من طرف العدو الصهيوني 1/10/1985

في مثل يوم غرة أكتوبر 1985 بكل وحشية بربرية و بكل قساوة و هنجعية ووقاحة و حقد دفين على الإسلام و المسلمين جائت الطائرات الصهيونية على بعد 7 آلاف كلم لقصف مدينة حمام الشط

في الصباح جاء سرب من الطائرات الصهيونية لضرب تونس المستقلة

و ضرب القيادة الفلسطينية و الزعيم الراحل ياسر عرفات رحمه الله و قد قامت الطائرات بمهمتها العسكرية الظالمة و قصفت مقر القيادة الفلسطينية و المساكن المجاورة التي يسكنها مواطنين عزل من التونسيين و بعد نصف ساعة خلّف القصف عشرات القتلى و الجرحى من الشعبين التونسي و الفلسطيني نتيجة الهجمة الحاقدة البغيضة الظالمة للعدو الصهيوني الذي لا يرحم و لا يحترم الحدود و لا الإتفاقيات الدولية و لا يعرف حرمة و لا رحمة و لا شفقة و لا يتقيد بقيود السلم و إحترام الدول المستقلة و دفعت تونس الضريبة لأنها إحتضنت الثورة الفلسطينية عام 1982 بعد مجازر صبرا و شتيلا على يد المجرم الإرهابي الكبير الذي صنع الإرهاب في العالم شارون طريح الفراش و الموت تقطعه اليوم إربا إربا إربا جزاء من الله و عقاب في الدنيا قبل حساب  الآخرة لأنه ظلم الناس و قتل و شرد و دمّر المساكن دمّر الله حياته و حياة الظلم الصهيوني قلت أنّ ذنب تونس و ذنب الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة هما إحتضان الثورة الفلسطينية و إحتضان الجامعة العربية التي إقترح الرؤساء العرب آنذاك إنتقالها من مصر إلى تونس

و قال الزعيم بورقيبة وقتها هذه تحية من المشرق إلى المغرب

و دفعت تونس الفاتورة غالية و لكن الزعيم الفارس المغوار أسد تونس لم يصمت فورا و دعا سفير أمريكيا حالا لمقابلته يوم الحادثة و جاء فورا ووجد الرئيس الحبيب بورقيبة غاضبا هائجا منفعلا  لم يشاهد مثل هذا الغضب من قبل و خاف السفير الأمريكي و أراد الجلوس فمنعه بورقيبة من الجلوس و قال له فعلتها إسرائيل بدعم من دولتكم لكن على مراد الله لا تنفع العلاقات معكم قل لدولتك الرئيس بورقيبة أراد اليوم أن يقطع العلاقات معكم نتيجة صمتكم و هذا فيه تشجيع لإسرائيل و تعرف ما معنى قطع العلاقات و تأثيرها على العالم العربي  ثم اردف تونس تقدمت بشكوى لجمعية الأمم المتحدة و الله لو تصوت أمريكا لفائدة إسرائيل كما فعلت من قبل تعرف النتيجة مسبقا و فعلا لأول مرة امسكت و أحجمت أمريكيا على التصويت و هذا نصر للقضية التونسية و فعلا ربحت تونس القضية و طالبت بالتعويض و جبر الضرر كما أنّ بورقيبة اصرّ على بقاء قيادة الثورة الفلسطينية بتونس رغم تهديد إسرائيل هذه لمحة على أحداث حمام الشط التاريخية نذكرها حتى يعلم إخواننا العرب في المشرق أننا دفعنا الثمن منذ عام 1985 و اليوم نرجو إحياء هذه الذكرى و عدم نسيانها من الوجدان العربي و غرسها في الأجيال القادمة حتى لا يغتروا بكلام العدو الصهيوني و لا يتشجعوا لإنتقاء بضاعته و الإشهار إليها من أجل حفنة من المال مقابل الكرامة و الشهامة و الكرامة و الشهامة لا تموت من الأمة العربية

قال الله تعالى :

و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين صدق الله العظيم

ملاحظة : يا برهان إنّ الإشهار في الكوكا كولا هو تشجيع لإسرائل فهل أنت تونسي؟

بقلم محمد العروسي الهاني مناضل دستوري


شهادات في الذكرى الـ21 للغارة الإسرائيلية على حمام الشط:

كيف نجا عرفات من الغارة الإسرائيليـة؟

بقلم: المنصف بن فرج (*)
 
كان خطأ اسرائيل الفادح حينما تجرأت في يوم 1 أكتوبر 1985 على اقتراف عدوانها التاريخي على أرض تونس من خلال غارة جوية على منطقة حمام الشاطئ التي خلفت ضحايا أبرياء من بين الفلسطينيين والتونسيين المتواجدين بالمنطقة، ولم يتأخر رد الفعل التونسي عن التحرك بقوة على المستويين السياسي والدبلوماسي، حيث أحدث وقعا كبيرا بالمنتظم الأممي وحقق أول إدانة صريحة من مجلس الأمن لاسرائيل كان لها الأثر الملائم على صعيد تفعيل القضية الفلسطينية وحث الدول الراعية على إقامة أرضية للتفاوض الفلسطيني الإسرائيلي.
 
كنت آنذاك كاتبا عاما للجنة التنسيق ببنعروس وكنت حاضرا في مكان الغارة بعد عشر دقائق من وقوعها رفقة والي الجهة، فالتقينا مع مجموعة من الفلسطينيين الذين بقوا على قيد الحياة بقرب المكتب رقم 17 الذي  دمر مبناه تماما وتحول مكانه إلى سبع فجوات عميقة جدا وهي مخلفات انفجارات الصواريخ الضخمة وسألت الاخوة الفلسطينيين عن أطوار الغارة الإسرائيلية المريبة فأفادوني بما يلي:
 
حوالي الساعة العاشرة صباحا، أغار سرب من الطائرات على  منطقة  حمام الشاطئ  تحميها من الخلف  وكانت  على ارتفاع مغاير طائرات أخرى بادرت منذ خروجها من البحر بنشر (كرات حرارية) في الفضاء تحسبا لردود الدفاع الأرضي المضاد للطائرات، حيث أن الكرات الحرارية تشوش على الصواريخ الدفاعية مسالك بلوغ أهدافها. وقد أغارت الطائرات على ارتفاع منخفض على مقر قيادة الفلسطينيين وقذفت الدفعة الأولى من قنابلها  واتجهت  بالبحر. ثم مرت على اليمين خلف جبل بوقرنين وأعادت الكرة في غارة ثانية قصفت أثناءها بقية الأهداف المحددة وتوجهت إلى البحر لتغيب نهائيا على الأنظار حيث كان لون الطائرات رصاصيا، رماديا، مثل الطائرات الإسرائيلية التي تعودنا مشاهدتها عبر شاشات التلفاز، كما أكد لي الاخوة الفلسطينيون  أن اسرائيل استعملت في غارتها هاته القنابل الفراغية الممنوع استعمالها عالميا والمنصوص عليها في قائمة جينيف.. وتحدث هذه القنابل عند انفجارها خللا قويا جدا في توازن التركيبة الهوائية والمغناطيسية للفضاء حيث تجرف حول محور سقوطها كل المباني إلى الإنهيار وتسحق من حواليها… والدليل على ذلك ضخامة قطر الحفر التي تركتها على الأرض ومدى عمقها الكبير، إلى جانب أن طاقة انفجارها لا تحدث دويا مفرقعا مثل سائر القنابل بل تبدي ارتجاجا هائلا للأرض والفضاء على حقل شاسع جدا.»
 
كيف تمت الغارة… وكيف نجا منها ياسر عرفات؟
 
من خلال الجلسات المضيقة جدا التي حضرتها آنذاك في حمام الشاطئ بدعوة من الاخوة المسؤولين الفلسطينيين وفي طليعتهم الزعيم الراحل ياسر عرفات والمناضل الفلسطيني حكم بلعاوي ممثل المنظمة بتونس تبين انه:
 
عندما غادر ياسر عرفات منزل حكم بلعاوي، حوالي الثالثة من فجر يوم الثلاثاء 1 أكتوبر 1985، كان هناك من رصد لحظة خروجه وتنفس الصعداء معتبرا أن مهمته انتهت بعد كل ذلك السهر، فأبرق إلى جهة ما يقول أن الصيد اتجه إلى مقره، وأن التنفيذ ممكن، لكن… ذلك الرجل (ياسر عرفات) تبين أن له حاسة أمنية من نوع خاص، وتأكد لي بأن «أبو عمار»  يغير مكان مبيته بأسرع مما يغير قميصه، وقبل حاسته الأمنية، هنالك أصلا إرادة الله التي شاءت في تلك الليلة أن تنقذه. كيف حدث ذلك؟ كيف تمت الغارة ؟ وكيف نجا منها  عرفات؟ وما هو المتوقع بعدها ؟ وفي هذا الإطار أتعـرض  لأهم التفاصيل الدقيقة التي سمعتها من المسؤولين الفلسطينيين.
 
وسواء خرجت الطائرات الإسرائيلية من قلب اسرائيل أو استخدمت احدى قواعد الحلف الأطلسي في البحر الأبيض المتوسط، فالثابت لدى الأخصائيين الفلسطينيين العسكريين أن نوعا من مشاركة بعض البلدان العظمى قد حدث خلال مرحلة التنفيذ.
 
أكثر من شاشة رادار تابعة لأكثر من عاصمة أوروبية سجلت شاشتها الحدث المثير من البداية إلى النهاية. ولعل هذا يفسر لهجة الغضب التي تحدثت بها ايطاليا ضد كل من واشنطن وتل أبيب، لأن في ايطاليا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا سجلت أجهزة الإنذار أن هناك شيئا ما غير عادي يحدث.
 
وتأكد لدى الأخوة الفلسطينيين ان موسكو قد تابعت الحدث المثير. من أبلغ عن الحادث ؟ لا أحد… من يملك قرار الإدانة القاطع بالمشاركة الأوروبية الكاملة سواء بخروج الطائرات من تل أبيب أو من إحدى قواعد الحلف الأطلسي، أو من فوق ظهر إحدى قطع الأسطول السادس الأمريكي التي تجوب البحر المتوسط. أقول فمن يمتلك كل هذه المعلومات دقيقة بدقيقة ؟ إنه طرف واحد هو الإتحاد السوفياتي. وهل أبلغت موسكو السلطات التونسية أو الزعيم عرفات وقيادة المنظمة ؟ بالطبع لا… وهل ستبلغ القيادة السوفياتية في المستقبل السلطات التونسية أو القيادة الفلسطينية بكل ما جرى ؟ هذا هو السؤال. وحتى إذا كانت موسكو قد أبلغت قيادة المنظمة، فهل كان هناك متسع من الوقت للإستعداد لاستيعاب الضربة ولا أقول احتواءها ؟ الجواب لا… لم يكن هناك متسع من الوقت فالمسافة بالطيران إذا كانت الطلعة الجوية قد بدأت من داخل اسرائيل لا تستغرق سوى ثلاث ساعات أو أقل، أما إذا كانت من جهة ما داخل البحر المتوسط فانها لا تتجاوز ستين دقيقة وفقط.
 
وصلت الطائرات الإسرائيلية، إلى مواقعها المحددة وألقت بكامل حمولتها على الأهداف المحددة لها وخصوصا على مكاتب القيادة الفلسطينية وعلى مقر المجموعة 17 التي ادعت اسرائيل أن عناصرها نفذوا عملية لارناكا وقتلوا ثلاثة من الجواسيس الإسرائيليين.
 
من وضع الخطة ؟
 
المصادر الإعلامية لدى الفلسطينيين آنذاك أكدت أن اسحاق رابين، وزير الدفاع الإسرائيلي ومعه رئاسة هيئة الأركان ورجال الموساد وضعوا الخطة وفقا للتقارير التي وافتهم بها أجهزة الأقمار الصناعية الأوروبية التي صورت منطقة حمام الشط حيث تتمركز القيادة الفلسطينية هناك، ووضع مجسم للمنطقة وأجريت تدريبات عملية للمشاركين فيها وأصبحت الخطة جاهزة للتنفيذ وتنتظر إشارة البدء بعدما تمت دراسة كل الإحتمالات.
 
كما تأكد لدى الفلسطينيين بأن اسحاق رابين ذهب بملفات الخطة وعرضها على قيادة حزب العمل الإسرائيلي فوافق عليها الجميع ما عدا شيمون بيريز رئيس الوزراء الذي اشترط موافقة أوروبية كاملة ومسبقة على الخطة، ونقل مشروع الخطة بأكمله إلى قيادة الليكود التي وافقت على الفور ثم نقلت الخطة إلى مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر فوافق الجميع ماعدا عايزرا وايزمان الذي حذر من خطورة النتائج.
 
فالقرار إذن أتخذ اسرائيليا، والإستعدادات أصبحت كاملة، والإتصالات الإسرائيلية الأمريكية تمت بالكامل، ويتردد أن الموضوع كله انحصر بين الرئيس ريغان ومستشار الأمن القومي ماكفرلين والمخابرات الأمريكية بوصفها عملية تندرج تحت بند العمليات الخاصة وهذا ما يفسر مسارعة ريغان باصدار بيانه الذي يؤكد فيه موافقة الولايات المتحدة عليها بوصفها «عملا مشروعا لمواجهة الإرهاب» ثم يؤكد الرئيـــس ريغان ثقته بكفاءة جهاز المخابرات الإسرائيليــــــة (الموساد) في الوقت الذي حاولــت فيه الخارجية الأمريكية أن تخفف من غلـــواء التصريح الرئاسي… يضاف إلى كل ذلك أن ريغان بمسارعته إعلان تأييده للعملية كانت لديه قناعة تامة من خلال معلومات الموساد الإسرائيلية أن عرفات قد سقط بالفعل بين ركام مباني القيادة الفلسطينية.
 
ولقد تأكد  أن الهدف الرئيسي من الغارة الإسرائيلية على حمام الشاطئ   كان   اغتيال   عرفات والقرار اسرائيلي  اخطرت به بعض البلدان العظمى حسب طلب رئيس الوزراء شيمون بيريز ووافقت عليه الجهات المعنية  ثم قدمت له كل المساعدات التقنية والفنية العالية التي لا تمتلكها لا اسرائيل ولا أي دولة أخرى باستثناء البلدان العظمى.
 
وبعد خمس عشرة دقيقة من وقوع الغارة وصل أبو عمار ورفاقه إلى حمام الشاطئ حيث كنت في استقبالهم رفقة والي بنعروس آنذاك  عبد الكريم عزيز فتحولوا إلى موقع الغارة ليجدوا الأنقاض، ورفاقهم وأبناءهم وأولادهم الفلسطينيين والتونسيين قد أصبحوا أشلاء.
 
فكان أبو عمار يردد «لا إله إلا الله» بينما كانت عيناه تشعان بالغضب، بالحسرة، بالألم، الدموع من عينيه، يمسحها سريعا، يتمالك نفسه، يصدر التعليمات، حانت ساعة المواجهة ويتوالى وصول أعضاء قيادة فتح والمسؤولين التونسيين وفي طليعتهم الرئيس زين العابدين بن علي بوصفه آنذاك كاتب الدولة للداخلية والسيد الهادي البكوش مدير الحزب الإشتراكي الدستوري وغيرهم، وأبو جهاد على الخط من عمان للإطمئنان على القائد عرفات  .
 
لقد حضرت جلسة مظيقة انعقدت على عين المكان تساءل فيها الاخوة الفلسطينيون وفي طليعتهم الزعيم عرفات: من الذي أعطى الإشارة الأخيرة لاسرائيل ببدء تنفيذ العملية ؟ من هو الذي كان يراقب تحركات ياسر عرفات من تونس ومن قبلها من الرباط.؟ الدلائل كلها لدى الفلسطينيين تؤكد أنه شخص ما لم تعرف هويته حتى الآن، والدلائل كلها أشارت إلى أنه بالقطع ليس فلسطينيا وأيضا ليس تونسيا. والمؤشرات كلها ترى أن هذا الشخص لو كان قد تحرك إلى حمام الشاطئ وراقب المقر وتحركات القائد الفلسطيني لأيقن أن أبو عمار كان يمضي بقية الليل في مكان آخر، فلو كان فلسطينيا لعرف وأيضا لو كان تونسيا لعرف، إذن فهو شخص أجنبي، رصد اجتماعات الزعيم عرفات منذ بداية الليل حتى مطلع الفجر وعندما انصرف موكب الزعيم الفلسطيني أدرك أنه في طريقه إلى حمام الشاطئ فأعطى إشارة البدء في تنفيذ الغارة من دون أن يدرك أن القائد الفلسطيني أبو عمار سيغير وجهته نحو مكان اخر، حيث عاد إلى منزل حكم بالعاوي، فتغير كل شيء.
 
لقد قامت اسرائيل بتلك الغارة الشنيعة فاستعملت طائراتها في هجماتها على مقر القيادة العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية القنابل الفراغية كما أنها قصفت في ذات الوقت ثلاث مواقع من بنايات المقر الفلسطيني. وتلك المباني هي مكتب القائد العام ومكتب العمليات ومقر قوات 17 وهي تشكيلة عسكرية من جنود الكومندوس مكلفة بأمن قياديي المنظمة. فاستشهد ثلاثة وخمسون شخصا بين فلسطينيين وتونسيين وجرح حوالي 100 شخص نقلوا إلى مستشفيات الحبيب ثامر وشارل نيكول وعزيزة عثمانة بالعاصمة والجدير بالذكر أن الذين نجوا من الغارة أكدوا لنا أن طائرات العدو كانت تعرف مهمتها جيدا ولذلك أتى قصفها مدققا. أما بخصوص قوة القصف يبدو أن أكثر المناطق الثلاثة استهدافا المباني (أي مقر القيادة) فتحولت في لحظة إلى ركام ويبدو أن الإسرائيليين كانوا يعتقدون أن «أبو عمار» سيكون في ذلك الوقت موجودا بمكتبه في حمام الشط.
 
ونحن نحيي  هذه  الذكرى  المجيدة  يمكن  التذكير  بان في تونس ولد أطفال الحجارة الذين نشأوا في مكان وزمان يرفضان الإستعمار، وترعرعوا في أرض عريقة النضال، يشهد لها التاريخ بالمثابرة على الكفاح من أجل التحرير والإنعتاق واسترجاع السيادة والحرية، إنهم أطفال الحجارة الذين فقدوا آباءهم في صبيحة يوم 1 أكتوبر 1985 (يوم الغارة الإسرائيلية على حمام الشاطئ).ثم عادوا إلى موطنهم الأم بالأراضي الفلسطينية الرازحة تحت نير الإستعمار. فهبوا صغارا كالطير الأبابيل يرمون القوات الإسرائيلية المدرعة بحجارة من سجيل. حتى أبهروا العالم بأسره لما فاقت الإنسانية من سباتها ورأت بالعين المجردة كيف يهرب الجنود المدججون بالأسلحة أمام صبية صغار عزل يداهمون المدافع والدبابات بشجاعة أسطورية لم تسجل مثيلها كل انتفاضات التاريخ. ويمكن التأكيد بأنها ملحمة نضال مشترك بين الشعبين التونسي والفلسطيني والتي تمت دون اتفاقيات مسبقة بين البلدين الشقيقين، وهذا ما سأتعرض اليه بكل التفاصيل الدقيقة في كتابي الجديد الذي هو في طريق الإنجاز بعنوان «ملحمة النضال التونسي الفلسطيني – الغارة الإسرائيلية على حمام الشط والدولة الفلسطينية».
 
(*) نائب  سابق  بمجلس  النواب
 
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 1 أكتوبر 2006)


هشام رســتم محافــــظ الشرطـــــة في مسلســـــل «حياة وأمــــاني»:

العمل سيكون من أفضل ما قدمتــــه التلفزة التونسية لو أنصفته البرمجــة

 
بعد غياب طويل نسبيا، عن المشاركة في المسلسلات التونسية يعود هشام رستم ليظهر في دور مختلف في مسلسل «حياة وأماني» الذي برمجته التلفزة الوطنية للجزء الثاني من شهر رمضان الجاري. هذه العودة المنتظرة يعود فيها الفضل كما فهمنا منه للدور الذي لعبه في هذا المسلسل ولكن أيضا للمخرج محمد الغضبان. حول هذا العمل الجديد، كان لنا لقاء مع الممثل هشام رستم.
 
* يقدم هشام رستم في مسلسل « حياة وأماني» دور محافظ الشرطة، هل أقنعك هذا الدور أخيرا للعودة الى مسلسلات رمضان؟
 
– قبل كل شيء، أريد أن أؤكد أن الممثل في تونس لا تتوفر له فرصة كبيرة للاختيار، بل على العكس تراه يصطاد أي دور ولا أحد يمكنه أن يلوم الممثل المحترف الذي يعيش من عمله ولا مورد آخر له على نوعية اختياراته.
 
بالنسبة لي، تجدني في فترات قادر على استعمال حق الانتقاء… لذلك لم أقدم أي عمل منذ مسلسل «فج الرمل».
 
كان ذلك بمحض ارادتي ذلك أنني رفضت عدة اقتراحات لأنها بصراحة لا ترتقي الى مستوى يسمح لي بالمساهمة فيها..
 
وقد اختلف الأمر هذه المرة لأن الدور أعجبني، أولا وثانيا لأن المخرج هو محمد الغضبان.
 
* ولماذا محمد الغضبان بالذات؟
 
– بصراحة وبدون مبالغة، أعتبر محمد الغضبان أفضل ما لدينا في مجال اخراج الدراما التلفزيونية، فهو مخرج كبير وهو صاحب مشروع حقيقي.. العمل معه مفيد جدا، أضف الى ذلك أنه صديقي، علما وأن مسلسل «فج الرمل» كان أيضا بإمضائه.
 
محمد الغضبان اقترح علي في البداية دورا آخر لكنني أقنعته بتغيير الدور وقد قلت له بالحرف الواحد، أفضل أن أقدم معك عملا واحدا كل 10 (عشرة) سنوات أفاجئ من خلاله جمهورالمشاهدين على تقديم مجموعة من الأدوار أكرر فيها نفسي.
 
* كيف تقمصت شخصية محافظ الشرطة وما هي المرجعيات التي اعتمدتها لأداء هذه الشخصية الجديدة؟
 
– أعتقد أنني قمت بالاستعداد الازم لهذا الدور فقد قمت مثلا بتربص بمركز شرطة حي النصر واستغل هذه المناسبة لتحية العاملين بهذا المركز النموذجي على مساعدتهم الهامة.
 
استفدت أيضا من نصائح أحد أقاربي وهو يعمل محافظ شرطة وحاولت بالخصوص فهم طبيعة العمل ونفسية الشخصية.
 
* هل كانت في ذهنك عند التصوير شخصية شهيرة عالمية أو سلسلة بوليسية معينة مما تزخر بها الدراما في الغرب؟
 
– بالتأكيد، لكنني حاولت تقديم شخصيتي بالشكل الذي تكون فيه أقرب ما يمكن للواقع التونسي… مع العلم أنني لست غريبا بالمرة على الدراما البوليسية لقد اشتركت في حوالي 15 شريطا تلفزيا في الخارج من النوع البوليسي… قد يكون الجمهور التونسي ليس على علم بذلك، ولكن رصيدي فيه مالا يقل عن ذلك الرقم المذكور من المشاركات.
 
* المسلسل يقدم درصاف مملوك في دور مفتشة شرطة وهذا أيضا جديد في الدراما التلفزيونية التونسية، ما هو تقييمك لهذه التجربة؟
 
– طبعا التجربة جديدة… وكانت الفكرة طيبة، التطبيق كان كأفضل ما يكون.. درصاف مملوك بدت لي مقنعة جدا… وبصفة عامة يعتمد المسلسل بالأساس على ثلاثي الشرطة المحافظ ومفتشين يقومان بمساعدته.
 
ولئن نجحت درصاف مملوك  في رأيي في اداء دورها، فإن صالح الجدي كان ممتازا في آداء دور المفتش بتلقائيته وحرفيته.
 
الشخصيات كانت مدروسة جيدا وقام كل منا ببحث خاص ليتعمق في شخصيته مما جعل التصوير يدور في ظروف طيبة للغاية… أعتقد أننا كنا في هذا العمل موفقين الى حد كبير في الآداء… لم نكن نشعر أننا نمثل… لقد جاءت الأمور بشكل طبيعي خاصة وأنه كان مطلوبا منا (ثلاثي التحقيق) الاطلاع على كل الادوات أنا شخصيا، لم أكن أكتفي بتقديم دوري، بل سعيت الى فهم كل الشخصيات المحيطة بي.
 
* هل نستطيع أن نعتبر هذا العمل مسلسلا بوليسيا حسب المواصفات المطلوبة؟
 
– كان من الممكن أن يكون هذا العمل  دراما بوليسية حقيقية لكن ضيق الوقت حال دون ذلك فالمخرج لم يتحصل على السيناريو إلا شهرا واحدا قبل التصوير… هكذا يبقى المسلسل مسلسلا اجتماعيا قبل كل شيء، التحقيق البوليسي ما هو إلا تعلة.
 
* ما هي العناصر التي ينبغي توفيرها حتي يكون العمل بوليسيا..؟
 
– قبل كل شيء، لا بد من توضيح أن الدراما التلفزية التونسية مازالت منقوصة من جناحين: أولا التاريخي وثانيا البوليسي..
 
العمل البوليسي، تختلط فيه الأحداث بين الواقع والخيال وهو يعتمد على الحركة والتشويق بشكل كبير..
 
بخصوص مسلسل «حياة وأماني» كان يمكن أن يكون المسلسل الأول من هذه النوعية لو تم الشروع في العمل في وقت كاف.. ومع ذلك فإنني أعتقد اننا انتهينا الى عمل مختلف عن السائد وقادر على الاقناع وشد الانتباه.
 
* هل هذا يعني أن جمهور المشاهدين لقناة تونس 7 للتلفزة التونسية ستتوفر لهم مادة أفضل مما نشاهدوه خلال الجزء الأول من رمضان؟
 
– المسلسل يقوم على فكرة جيدة، كما أن الاحداث صيغت بشكل ذكي، الكاستينغ كان أيضا جيدا وقد تم تقديم عدة وجوه شابة، المنتج أيضا جيد، وكل الممثلين عملـــــــــوا في أجواء طيبة ولحمة… دون أن ننسى الدور الجوهــــــري للمخرج.
 
صحيح أن التصوير تم في وقت قصير نسبيا لكن ربما يكون الاحساس بالتسابق مع الزمن وراء تقديم عمل فيه كثيرا من التلقائية مما يجنبنا التكلف في الآداء ويحول دون تقديم مادة صعبة الهضم.
 
* هذا يعني أن كل عناصر النجاح قد توفرت؟
 
– لا أبالغ حين أقول أن هذا المسلسل هو أفضل ما قدمته الدراما التلفزيونية إلى اليوم، مع ذلك أشعر ببعض القلق بخصوص البرمجة.. أعتقد أن التلفزة لم توفق هذه المرة في البرمجة من حيث التوقيت..
 
تقديم المسلسل بعد التاسعة ليلا والحال أن الطقس ما زال ملائما للخروج والسهر قد يحرم المسلسل من جزء من المشاهدين أرجو أن يتابع هذا المسلسل العدد الأكبر من المشاهدين لأن الفرجة حسب تصوّري مضمونة.
 
حوار: حياة السايب
 
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 1 أكتوبر 2006)  

 

لأول مرة: إنتاج دواء تونسي 100%

تونس – (الشروق)
 
تمّ الليلة قبل الماضية الاعلان عن اطلاق دواء جديد يعد الأول من نوعه في تونس والعالم يجمع بين عقارات سبجيك (Aspegic) المعروف والفيتامين ج. وتمّ انتاج هذا الدواء الذي سيتم الشروع قريبا في تسويقه انطلاقا  من تونس الى الأسواق الخارجية من قبل كفاءات تونسية بالتعاون مع مخابر «صنوفي أفنتيس» الفرنسية الرائدة في مجال صناعة الأدوية. وسيكون العقار الجديد أول دواء يتم تصنيعه في تونس بنسبة 100 % وسيقع تصديره الي دول المغرب العربي وإفريقيا وأوروبا. وذكر ممثل مخابر أفنتيس أن الدواء يحتوي على نسبة 300 مغ من الفيتامين (ج) أي ما يعادل أربع برتقالات، وهو مضاد لحالات الزكام والحمى والآلام. وقال ان مخابر أفنتيس التي تخصص 18 من ميزانيتها للبحث فخورة بهذا الانجاز الذي يدعم سمعتها حيث تحتل المرتبة الأولى أوروبيا والثالثة عالميا.
 
* حورية
 
(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 1 أكتوبر 2006)


عقدة الكنيسة !

محمود سلطان
 
بمناسبة القبض على الدمية المحجبة « فله » في تونس .. تذكرت ما كتبه الأديب المصري يوسف القعيد في الزميلة الأسبوع ، فور عودته من زيارة لتونس، عندما أعرب عن غبطته وابتهاجه، لأنه لم ير محجبة واحدة صادفته أثناء تجواله بشوارع العاصمة !
 
القعيد اعتبر القضاء على ظاهرة الحجاب ، انتصارا لـ »الإستنارة » على « الظلامية » ، ولم ينس القعيد أن يتقدم بتهئنة رقيقة للسلطات التونسية على هذا النصر العزيز المؤزر!.
 
القعيد من أبرز الكتاب الذين يدّعون الانتصار للحريات، ونجده على كل منصة متحدثا « شاتما » الظلاميين الإسلاميين الذين يصادرون « الحريات » ويفرضون على المرأة زيا معينا! ومع ذلك ينحني إجلالا واحتراما للبوليس التونسي، وهو يطارد الفتيات ويصادر حريتهن واختيارهن في ارتداء « الحجاب »!
 
كنا نعتقد أن « عقدة الكنيسة » شأن أوروبي محض، لكننا اكتشفنا أن مثقفينا مصابون بذات « العقدة » ، وعندما أطالع مثل ما كتبه القعيد، بأقلام العشرات، أتذكر الناقدة المبدعة الزميلة العزيزة صافيناز كاظم،وهي صاحبة هذا الإنفراد عندما سبرت غور مرض النخبة،في حوارها مع الراحل لويس عوض، إذ كلما كتب عن ضرورة فصل الدين عن الدولة في مصر، كانت تبادره بالقول: يا دكتور لسنا ـ نحن المسلمون في الشرق ـ مضطرين لدفع ثمن أخطاء الكنيسة في الغرب !
 
ربما تكون « عقدة الكنيسة » وربما يكون موقفا نفسيا من الإسلام ذاته،وربما يكون موقفا مرتبطا بالقطيعة المعرفية بالتراث العربي الإسلامي والجهل بالإسلام، تسأل عنه الأسرة التي تربى في كنفها . ولقد رأيت واحدا من « المبدعين » الكبار، أسمه ملء السمع والبصر، وما انفك ينتقد أي دور حضاري أو ثقافي للإسلام .. رأيته وهو واقف خلف شيخ الأزهر أثناء الصلاة على جثمان الراحل نجيب محفوظ ، وهو يضع يده اليسرى على يده اليمنى، وكأنه لم يركعها في حياته!
 
ليذكرني بواحد من روؤساء مجلس الشعب السابقين،وقد ظهر في صورة على غلاف إحدى المجلات الحكومية الكبيرة، وهو واقف بجوار الرئيس الراحل أنور السادات، أثناء تأدية صلاة عيد الفطر، وهو يضع أيضا يده اليسرى فوق يده اليمنى،وكانت في حينها موضوعا لإطلاق النكات، خاصة وأنه كان المسئول الأول عن ملف تقنين الشريعة الإسلامية بالبرلمان في عهده!.
 
رغم ذلك استقر في وجداني ولشهور طويلة أنه ربما يكون القعيد محبا للحرية.. وربما كتب ما كتبه مجاملة للنظام التونسي، اسداءا لمعروف « دعوته الكريمة ». فكثير من دعاة التنوير، يضعفون أمام « تذاكر السفر » والإقامة في الفنادق الفارهة ، والسياحة المجانية في العواصم المخملية! فيكتبون عكس ما يضمرون، خوفا من انقلاب الحال، ويقرر صاحب الفخامة حرمانه من دعوته مجددا. إلى أن جدد نجيب محفوظ رحمه الله ،رغبته في أن لا تطبع روايته المثيرة للجدل « أولاد حارتنا » في مصر، إلا بعد إجازتها من الأزهر. حيث قامت قيامة من أكلوا على موائده واستفادوا من صحبته، ومنهم جمال الغيطاني ويوسف القعيد، وشتموا الرجل و »بهدلوه »،اتهموه أنه كان دائما مناصرا للاستبداد ومهادنا للظلامية !
 
وهو ذات منطق بن لادن: » انقسام العالم إلى فسطاطين » ونظرية بوش التصنيفية للأنظمة في أي مكان في الأرض  » إما مع أمريكا وإما مع الإرهاب » !
 
وهذه هي واحدة من أبرز أزمات « المستنيرين » المصريين، فالحرية عندهم : حرية « خيار » أخرى « فقوس » .. ويا ويله ويا سواد ليله من مارس حريته دون إجازتها وحصوله على « صك القبول » منهم! فكيف سيكون حالهم مع « الضعفاء » أمثلنا ، حال ـ لا قدر الله ـ تملكوا رقابنا يوما ما ؟! نسأل الله تعالى السلامة وحُسن الخاتمة .
 
(المصدر: صحيفة « المصريون اليوم » بتاريخ 30 سبتمبر 2006) الرابط: http://www.almesryoon.com/ShowDetailsC.asp?NewID=24658&Page=1


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.