TUNISNEWS
9 ème année, N 3455 du 07.11.2009
archives : www.tunisnews.net
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو
ولقيادات إنتفاضة الحوض المنجي
ولضحايا قانون الإرهاب
حــرية و إنـصاف: الصحفي سليم بوخذير:ضحية الاعتداء و المحاصرة
محمد معالي :منزل الزميل سليم بوخذير تحت الحصار
السيد المبروك :نداء من اللجنة الجهوية بنابل لمساندة الناشط الحقوقي زهير مخلوف
دفاعا عن كرامة الصّحافيين وحريّاتهمدفاعا عن مستقبل تونس
رويترز: تونس تسجن ثمانية شبان بتهم اقامة صلات مع تنظيم ارهابي
السبيل أونلاين :إخلاء سبيل المدونة فاطمة الرياحي مع إمكانية إستدعاءها للتحقيق مجددا
البديـل عاجل :فرع توزر ـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان : بيان
حــرية و إنـصاف: أخبار الحريات في تونس
الجزيرة.نت :تونس تؤكد حجب الجزيرة نت
القدس العربي :وزير العدل التونسي يقر بحجب موقع ‘الجزيرة نت’ مؤقتا في تونس
وات: تونس غير مستعدة لتلقي دروس من أى كان سيما في مجال احترام حقوق الانسان
قدس برس:فرنسا « قلقة » لوضع حقوق الانسان في تونس التي ترفض التدخل في شؤونها
رويترز :تونس: ملف حقوق الانسان لايعرقل إقامة علاقات أفضل مع اوروبا
:حزب العمال الشيوعي التونسي بمناسبة إطلاق سراح مساجين الحوض المنجمي : بيــــان
البديـل عاجل:إذاعة راديو 6 تونس تعلق برامجها:بلاغ
البديـل عاجل :أخبـار:النقابة العامة للتعليم الأساسي تحتفي بمناضليها المسرحين من السجن
مقطعا فيديو تاريخيان حول الحركة الطلابية قبل عشرين سنة
البديـل عاجل: أخبار طلابية
الوطن :مرصد « الوطن » يرصدها: الراصد الوطني
عبد الفتاح الكحولي :الاتحاد الديمقراطي الوحدوي وتأكيد الهويّة السياسيةالخاصة على أرضية الوفاق الوطني
الوطن :إعلاميّون وحقوقيّون ومواطنون: على فرنسا أن تتحمل مسؤوليتها التاريخيّة و تعتذر للشّعب التونسي عن حقبة الاستعمار
حميد سكيف :ولاية خامسة للرئيس التونسي زين العابدين بن علي : مسرحية انتخابية تونسية على الطريقة السوفيتية
وات :كلمة رئيس الدولة لدى إشرافه على موكب الاحتفال بالذكرى الثانية والعشرين للتحول
الصباح :لهذه الأسباب تطورت تونس… وانتفت فيها مظاهر الفساد
الصباح :التكاري: الفساد مجرد ادعاءات
محمد السيد: المدرسة والمجتمع وأزمة القيم( الجزء الأخير(
نصرالدين السويلمي :حدّث المناعي قال…
محمد رضا سويسي: قيم المجتمع، عماد سلامته وأساس تماسكه
صلاح الجورشي : عندما غضب المسؤولون من «حوار الطرشان»
عبد الكريم بن حميدة: أشرعة الذاكرة: دخلنا موسوعة غينيس.. وخرجنا من سباق المعرفة
عبد السلام بوعائشة :الرأي الآخرفي الانتخابات (2 : (الطريق الصعب نحو التوافق الوطني
توفيق المديني :أربعون عاماً من الإخفاق في ليبيا
سامية زواغة: لماذا غاب أدب المقاومة؟
الوطن :في المعنى العميق للثقافة: في ضياع الثقافة ضياع للسياسة بل للمجتمع ذاته
رضا المشرقي :المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان: الصليب في المدارس الايطالية، انتهاك لحرية الديانة
د.أحمد القديدي: أنا و جدار برلين في الذكرى العشرين!
مالك التريكي: بين كلود لفي-ستروس وأوباما
(Pourafficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)Toread arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف
التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
جانفي200
https://www.tunisnews.net/17fevrier0a.htm
فيفري2009
https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm
مارس 2009 https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm
أفريل 2009
https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm ماي 2009 https://www.tunisnews.net/15Juin09a.htm
جوان2009 https://www.tunisnews.net/20juillet09a.htm جويلية 2009 https://www.tunisnews.net/23Out09a.htm أوت/سبتمبر2009
https://www.tunisnews.net/15Octobre09a.htm
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو
الحرية لكل المساجين السياسيين
حــرية و إنـصاف
منظمة حقوقية مستقلة
33 نهج المختار عطية 1001 تونس
الهاتف / الفاكس : 71.340.860
البريد الإلكتروني : liberte.equite@gmail.com
تونس في 18 ذو القعدة 1430 الموافق ل 07 نوفمبر 2009
الصحفي سليم بوخذير
ضحية الاعتداء و المحاصرة
تعرض منزل الصحفي سليم بوخذير مندوب منظمة مراسلون بلا حدود بتونس مساء اليوم السبت 7 نوفمبر 2009 للمحاصرة من قبل عشرات أعوان البوليس السياسي الذين ضربوا طوقا أمنيا على كل الأنهج المؤدية إلى المنزل المذكور وقاموا بمنع الزائرين من الوصول إليه.
يذكر أن الصحفي سليم بوخذير تعرض منذ مدة قليلة للخطف والاعتداء بالعنف الشديد مما تسبب له في كدمات بكامل بدنه وأضرار جسمية جسيمة ما زال يعاني من مخلفاتها.
وحرية وإنصاف:
(1 تندد بهذا الحصار الأمني الجائر المضروب على منزل الصحفي سليم بوخذير وتدعو إلى رفعه فورا.
(2 تطالب الجمعيات والمنظمات الحقوقية في الداخل والخارج إلى مساندة الصحفي سليم بوخذير والتضامن معه ومع الصحفييْن زهير مخلوف وتوفيق بن بريك الذين سجنا بسبب نشاطهما الحقوقي والإعلامي.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة
الرئيس
الأستاذ محمد النوري
منزل الزميل سليم بوخذير تحت الحصار
يخضع منزل الزميل سليم بوخضير منذ صبيحة هذا اليوم 7 نوفمبر لحصار أمني مشدد حيث ترابط حوله قوات من الشرطة السرية ومن الأعوان بالزي الرسمي. وقد تولى أحد ضباط الشرطة منع الأصدقاء محمود الذوادي ورؤوف العيادي وسهام بن سدرين وعمر المستيري من الاقتراب من محل إقامة الزميل بوخضير.
ومعلوم أن مجموعة من نشطاء المجتمع المدني كانوا أعلنوا تاريخ السابع من نوفمبر الحالي يوم تضامن مع سليم بوخضير الذي تعرض إلى اعتداء بالعنف الشديد، منذ بضعة أيام، خلف له كدوما وأضرارا بدنية لا تزال بادية للعيان، ولكن مصدرا رسميا نفى، في تصريح لإحدى وكالات الأنباء، أن يكون هذا الاعتداء قد حصل فعلا.
Mohamed MAALI
Journaliste et écrivain démocrate.
نابل في 06 نوفمبر 2009
نداء من اللجنة الجهوية بنابل لمساندة الناشط الحقوقي زهير مخلوف
بعد الإطلاع على الحالة الصحيّة للناشط الحقوقي عضو « الحزب الديمقراطي التقدمي » زهير مخلوف المضرب عن الطعام بسجن المرناقية منذ يوم 21 أكتوبر 2009 ، والذي يعاني من مرض السكري حسب ما أفادت به زوجته وبعض المقربين منه ، ونظرا لخطورة الوضع فإننا نحن أعضاء اللجنة المجتمعين يوم 06-11-2009 بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي بنابل :
– نعبّر من جديد عن تضامننا مع الناشط الحقوقي زهير مخلوف .
– نطالب بإطلاق سراحه وحفظ القضية في حقه وفي حق رفيقه الناشط الحقوقي سعيد
الجازي عضو جامعة نابل « للحزب الديمقراطي التقدمي » المحال بنفس التهمة بحالة سراح .
– نطالب السلط المعنية بتوفير أو السماح لطاقم طبي مختص للوقوف على وضعه الصحي المتدهور حسب شهادات عائلته ومحاميه .
– نحمّل السلط مسؤولية تدهور وتردي وضعه الصحي والمخاطر التى قد تنجر عن ذلك .
المصدرالسيد المبروك
دفاعا عن كرامة الصّحافيين وحريّاتهم
دفاعا عن مستقبل تونس
نحن الصحفيين التّونسيين الموقّعين على هذه العريضة، إذ نستحضر نضالات شعبنا المجيدة من أجل الحرية والتقدم، وإذ نتابع ما آلت إليه أوضاع الحريات العامة والفردية في البلاد وعلى رأسها حرية الصحافة من تدهور مأسوي، بلغ ذروته في الآونة الأخيرة بحملة تشويه وموجة اعتداءات سافرة طالت عددا من الزملاء الصحفيين نعلن للرأي العام الوطني والدّولي ما يلي:
أولا : تضامننا الكامل مع زملائنا الذين تعرضوا لأي شكل من أشكال الإهانة أو الاعتداء المادي أو المعنوي أو السجن.
ثانيا : رفضنا منطق التهديد والوعيد الذي بات يطوق الأقلام الحرة ويصادر حقّها المهني في متابعة الشأن العام ونقل الحقائق إلى المواطن التونسي.
ثالثا: تنديدنا بالأقلام المعروفة التي تعودت هتك الأعراض وتوزيع تهم التخوين المجاني للوطن سواء على شخصيات عامة أو على زملاء لنا هم محلّ تقدير كبير وندعو القضاء للقيام بدوره في ملاحقة مرتكبي الثلب والتشهير بأعراض الناس.
رابعا: رفضنا الهيمنة الرسمية على قطاعنا والتي بدت مفضوحة في الانقلاب الذي استهدف المكتب المنتخب لنقابة الصحفيين والإتيان بآخر استهلّ مسيرته بتزكية جعلته طرفا في حملة انتخابية يفترض بالصحفيين أن يبقوا فيها على مسافة واحدة من الجميع. وندعو إلى رفع اليد عن نقابتنا لتمثل الإرادة الحرة المستقلة للصحفيين التونسيين.
خامسا: تأكيدنا على أنّ من جوهر مهنتنا وصميم واجبنا تجاه ضمائرنا وشعبنا أن نتطارح الشأن العام ونقدم حقيقة الواقع للمواطن بقطع النظر عن معارك السياسيين فلهم حساباتهم ولنا قيم مهنتنا القائمة على نقل الحقائق واحترام تعددية الآراء والاستقلالية تجاه الجميع.
عاشت الصحافة التونسية حرة مستقلة
هذه العريضة مفتوحة فقط للصحفيين التونسيين الذين يمتهنون الصحافة حصرا.
للتوقيع الرجاء إرسال الاسم واللقب والصفة الصحفية وبلد العمل إلى العنوان التالي :
تونس تسجن ثمانية شبان بتهم اقامة صلات مع تنظيم ارهابي
تونس (رويترز) – قال محامون يوم السبت ان محكمة ابتدائية بالعاصمة تونس قضت بسجن ثمانية شبان لفترات بين ثلاثة و12 عاما بتهم اقامة صلات بتنظيم ارهابي في الخارج وتوفير أسلحة. وقال المحامي أنور القوصري لرويترز « اصدر القاضي محرز الهمامي أحكاما قاسية على ثمانية شبان بتهم الانضمام الى تنظيم ارهابي في الخارج وتوفير أسلحة والدعوة الى ارتكاب جرائم ارهابية. » واضاف ان نادر الفرشيشي وحسام الريحاني ونزار الجمعي نالوا احكاما بالسجن لمدة 12 عام بينما صدرت احكام بالسجن على الخمسة الاخرين بين ثلاث وست سنوات. وأوضح القوصري ان الشبان الذين القي القبض عليهم في مارس اذار اعمارهم بين 20 و30 عاما. ويقول محامون ان عدد المحتجزين بتهم متصلة بقانون مكافحة الارهاب المطبق بصرامة في تونس منذ عام 2003 نحو الفي شخص بينما تؤكد وزارة العدل ان عدد المحتجزين بموجب هذا القانون لا يتعدى 400 على اقصى تقدير. وتعكر هدوء تونس مطلع عام 2007 اثر تبادل نادر لاطلاق النيران بين قوات الامن واسلاميين متطرفين مما اسفر عن مقتل 14 مسلحا. وتبدي البلاد صرامة واضحة ازاء التطرف الاسلامي.
)المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 6 نوفمبر 2009(
إخلاء سبيل المدونة فاطمة الرياحي مع إمكانية إستدعاءها للتحقيق مجددا
السبيل أونلاين – تونس – خاص
نقلت مصادر عن المحامية الأستاذة ليلى بن دبّة ، أن منوبتها فاطمة الرياحي أخلي سبيلها صباح اليوم السبت 07 نوفمبر من مركز التحقيق بالقرجاني ، ولكنها أشارت إلى إمكانية إعادة إستدعائها للتحقيق مجددا .
وأعتقلت الرياحي التى شهرت بـ »فاطمة أربيكا » ، وهوعنوان مدونتها على شبكة الإنترنت التى حجبت قبل إيقافها ، يوم 04 نوفمبر الجاري من قبل فرقة مقاومة الإجرام ، ولم توجه إليها تهمة رسمية خلال التحقيق ، الذى تمحور حول نشاطها على شبكة الإنترنت .
ونشطت حركة تضامن المدونيين مع « فاطمة أربيكا »على الإنترنت للمطالبة بإطلاق سراحها.
)المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 07 نوفمبر 2009(
فرع توزر ـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان :
بيان
تعبر هيئة فرع توزر ـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عن ارتياحها الكبير للإفراج عن سجناء الحوض المنجمي الذين قضوا بالسجن أكثر من 16 شهرا على خلفية تأطيرهم للحركة الاحتجاجية الاجتماعية السلمية وهي تتقدم بأحر التهاني لهم ولعائلاتهم ولقوى المجتمع المدني من أحزاب ومنظمات وجمعيات التي ساهمت في التعريف بقضيتهم وفي إطلاق سراحهم ، وهيئة الفرع إذ تبارك استعادة مناضلي الحوض المنجمي لحريتهم فهي تطالب بــ :
1. رد حقوق المتضررين وذلك بإعادتهم إلى سالف أعمالهم
2. إصدار عفو تشريعي عام وإطلاق سراح كل المساجين السياسيين
3. وضع حد لكل الملاحقات والتجاوزات التي يتعرض لها نشطاء المجتمع المدني وأصحاب الأقلام الحرة.
4. رفع الحضر المضروب على نشاطات الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان هيئة مديرة وفروع وتمكين الرابطة من إنجاز مؤتمرها.
نفطة في : 06 نوفمبر 2009
عن هيئة الفرع
شكري الذويبي
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو
الحرية لكل المساجين السياسيين
حــرية و إنـصاف
منظمة حقوقية مستقلة
33 نهج المختار عطية 1001 تونس
الهاتف / الفاكس : 71.340.860
البريد الإلكتروني : liberte.equite@gmail.com
تونس في 18 ذو القعدة 1430 الموافق ل 07 نوفمبر 2009
أخبار الحريات في تونس
(1اعتقال المدونة فاطمة الرياحي:
اعتقل أعوان البوليس السياسي يوم الثلاثاء 3 نوفمبر 2009 بولاية المنستير المدونة فاطمة الرياحي وحجزوا حاسوبها الخاص، ويخشى أن توجه إليها تهمة الثلب بسبب نشاطها الإعلامي من خلال المدونة التي تديرها على شبكة الانترنت.
وحرية وإنصاف تدين اعتقال المدونة فاطمة الرياحي وتدعو إلى إطلاق سراحها فورا وتسليمها حاسوبها الخاص.
(2تدهور الوضع الصحي للناشط الحقوقي زهير مخلوف المعتقل حاليا بسجن المرناقية:
تدهورت الحالة الصحية للناشط الحقوقي الصحفي زهير مخلوف المعتقل حاليا بسجن المرناقية الذي يخوض إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ يوم 21 أكتوبر 2009 للمطالبة بإطلاق سراحه، علما بأنه يعاني من مرض السكري وأصبح يخشى على حياته في ظل تواصل إضرابه عن الطعام، وفي ظل رفض المحكمة لمطالب الإفراج المؤقت الذي تقدم به محامو الناشط الحقوقي زهير مخلوف..
(3 حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء القضبان:
لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة
الرئيس
الأستاذ محمد النوري
تونس تؤكد حجب الجزيرة نت
اعترف وزير العدل وحقوق الإنسان التونسي اليوم الجمعة بحجب أجهزة الرقابة في بلده لموقع الجزيرة نت (التابع لقناة الجزيرة) وأكد أن حجبه « مؤقت« .
07.11.2009 07:35
وقال وزير العدل وحقوق الإنسان التونسي بشير التكاري إن « أي موقع يدعو إلى الإرهاب أو إلى الجرائم أو يثلب الناس دون بيان المصدر حتى يقع تحديد المسؤوليات من واجب الدولة أن تحجبه مؤقتا إلى أن يتناسب مع مقتضيات القانون والآداب العامة في هذه الدولة« .
ولم يذكر التكاري في مؤتمر صحفي عقده أمس الجمعة في العاصمة تونس أسماء « الناس » الذين كانوا عرضة للثلب (القذف) في هذه المواقع.
وتعتبر هذه أول مرة يقر فيها مسؤول تونسي بأن بلاده تحجب مواقع إلكترونية باستثناء المواقع « الإباحية » أو تلك التي « تدعو إلى الإرهاب« .
وكان بشير التكاري قد صرح في آخر مؤتمر صحفي عقده يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول المنقضي أن بلاده تحجب فقط المواقع التي تدعو إلى الإرهاب والمواقع الإباحية دون سواها.
وقال صحفي تونسي مقرب من الحكومة طلب عدم نشر اسمه إن « ركن تعليقات القراء في الجزيرة نت تحول إلى منبر للشتم والقذف وهتك أعراض الناس وتلفيق التهم لرموز الحكم، والجزيرة مطالبة بالترفع عن هذه السلوكيات المستفزة والمخلة بميثاق الشرف الصحفي« .
تقارير
وكانت الجزيرة نت قد أعلنت أن موقعها الإلكتروني حجب في تونس منذ يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول أي في نفس اليوم الذي أجريت فيه الانتخابات الرئاسية والتشريعية التونسية.
وقد أرجع أحد المعلقين في الجزيرة نت سبب حجب الموقع في تونس إلى نشره تقريرا عن كتاب حاكمة قرطاج « الذي يفضح نفوذ عائلتي الطرابلسي والماطري » والذي أصدره صحفيان فرنسيان في باريس أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكانت قناة الجزيرة بثت تقريرا عن كتاب صدر في فرنسا تناول فيه مؤلفاه ما سمياها هيمنة ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي على مقاليد السلطة في البلاد، وسيطرة عائلة صهرها محمد صخر الماطري على زمام الأمور في كثير من مناحي الحياة بعد أن توعكت صحة بن علي، حسب الكتاب.
كما بثت الجزيرة في إطار تغطيتها الانتخابات التونسية لقاء مع المعارض التونسي البارز الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي أحمد نجيب الشابي استعرض فيه التضييقات التي تتعرض لها المعارضة.
وكانت الجزيرة مباشر استضافت بدورها من باريس المعارض حمة الهمامي زعيم حزب العمال الشيوعي المحظور والذي تحدث بدوره ضمن برنامج مباشر مع، عن واقع الحريات العامة و »القمع » الذي يتعرض له النشطاء السياسيون غير الموالين للحكومة من قبل السلطات، حسب قوله.
حملة مساندة
وقد أثار حجب موقع الجزيرة نت حملة على موقع فيسبوك أطلقت فيها مجموعة من مشتركي فيسبوك حملة مساندة لقناة الجزيرة وموقعها الجزيرة نت، وكونت مجموعتان للمساندة على فيسبوك أطلق عليهما تسمية « المبادرة الشعبية الإعلامية للدفاع عن قناة الجزيرة » و »لا لحجب الجزيرة نت في تونس« .
وقال أحد المتضامنين إن « حجب موقع الجزيرة إعلان وصاية على عقول التونسيين وممارسة تذكرنا بأساليب بدائية خلناها ذهبت إلى غير رجعة.. إن هذا الحجب دليل ضعف في الحجة والموقف« .
وقال آخر « لقد أثبتت قناة الجزيرة خلال تغطيتها للانتخابات والاستضافات التي قدّمتها درجة عالية من الحرفية واحترام المهنة شكّلت صفعة رشيقة للإعلام التونسي الرسمي وشبه الرسمي ولصحف المجاري التي شنّت حملة شعواء عليها فكانت دليل إدانة للمنحطّين« .
حملة إعلامية
اتهمت السلطات التونسية آنذاك الجزيرة بـ »مجافاة الحقيقة والموضوعية في تعاطيها مع الشأن التونسي » و »الاستهتار بأخلاق المهنة وبأبسط قواعدها وذلك في إطار حملة مغرضة مركزة تستهدف الإساءة لتونس« .
يذكر أن قناة خاصة تونسية مقربة من الحكومة بثت في الفترة الماضية برنامجا حواريا من عدة حلقات خصصته لتقييم عمل الجزيرة، وشن فيه صحفيون استضافتهم من تونس ومصر والأردن ودول عربية أخرى هجوما على السياسة التحريرية للقناة.
وكانت تونس سحبت سفيرها في الدوحة عام 2006 قبل أن تعيده العام الماضي احتجاجا منها وقتها على استضافة الجزيرة للمعارض منصف المرزوقي زعيم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية المحظور قائلة إنه « حاول بث الفتنة وتحريض الناس على العصيان المدني« .
)المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 7 نوفمبر 2009(
وزير العدل التونسي يقر بحجب موقع ‘الجزيرة نت’ مؤقتا في تونس
تونس ـ د ب أ: أقرّ مسؤول حكومي تونسي الجمعة بحجب أجهزة الرقابة التونسية لموقع ‘الجزيرة نت’، (تابع لقناة الجزيرة الفضائية القطرية) الذي يعدّ واحدا من بين المواقع الـ100 الأكثر تصفحا في تونس، مؤكدا أن حجبه ‘مؤقت‘.
وقال بشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان التونسي، في رده على سؤال لوكالة الأنباء الألمانية ‘د.ب.أ’ حول حجب موقع ‘الجزيرة نت’، ‘أي موقع يدعو إلى الإرهاب أو إلى الجرائم أو يثلب (يجرحهم) الناس دون بيان المصدر حتى يقع تحديد المسؤوليات من واجب الدولة أن تحجبه مؤقتا إلى أن يتناسب مع مقتضيات القانون والآداب العامة في هذه الدولة‘.
ولم يذكر التكاري الذي عقد مؤتمرا صحافيا في العاصمة تونس بمناسبة الذكرى 22 لوصول الرئيس التونسي زين العابدين بن علي إلى الحكم في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 1987 أسماء ‘الناس’ الذين كانوا عرضة للثلب في هذه المواقع.
وتعتبر هذه أول مرة يقرّ فيها مسؤول تونسي بأن بلاده تحجب مواقع الكترونية باستثناء المواقع ‘الإباحية’ أو تلك التي ‘تدعو إلى الإرهاب‘.
)المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 7 نوفمبر 2009(
تونس غير مستعدة لتلقي دروس من أى كان سيما في مجال احترام حقوق الانسان
أورد مصدر رسمي بوزارة الشوءون الخارجية التوضيحات التالية
عشية ذكرى 7 نوفمبر التاريخية حيث يستعد التونسيون للاحتفال في كنف النخوة والاعتزاز بيوم ارتقاء تونس الى مرحلة من التعددية السياسية والديمقراطية عبر المتحدث باسم وزارة الشوءون الخارجية الفرنسية عن انشغاله للصعوبات التي يواجهها صحافيون ومدافعون عن حقوق الانسان في تونس .
وعبر مصدر رسمي بوزارة الشوءون الخارجية التونسية عن استغرابه لهذا الموقف مع حرصه على طمأنة جميع المنشغلين.
ويأتي الاستغراب من ابداء اهتمام بالغ بحادث عادى يتعلق بشجار بين شخصين فيما يشهد العالم وللاسف وضعيات أكثر مأساوية حيث تسقط يوميا ضحايا بشرية ويتهدد الموت عطشا مجموعات بشرية باكملها.
وهذه وضعيات كانت أولى وأجدر بأن تكون محل تشاور بين الشركاء الاوروبيين.
أما الصحافيون التونسيون فانهم يمارسون مهامهم في مناخ جيد يتميز بتوفر اطار قانوني مهني يحميهم ويغبطهم عليه غيرهم وبوجود تمثيل نقابي مستقل وفاعل في دولة يحكمها القانون حيث يعتبر احترام حقوق الانسان واقعا معيشا وحيث يتساوى جميع المواطنين أمام القانون أيا كان وضعهم الاجتماعي.
وعليه فان الجميع يعلم أنه لا يوجد على أرض الواقع وفي الحقيقة أى مبرر أو سبب للانشغال ولكن الامر يتعلق بتوجه اختاره البعض من أجل أن نيل رضى أولئك الذين يرفعون راية وشعارات حقوق الانسان سلاحا ضد كل من لا يشاطرونهم الرأى أو أولئك الذين لا تروقهم نجاحات تونس حتى وان أدى ذلك الى النيل من مصالح شعبين صديقين والمساس بالعلاقات العريقة القائمة بينهما.
وان تونس التي تفخر بكونها دولة مستقلة والمتشبثة بقوة بسيادتها ترفض كما قامت بذلك دوما كل تدخل في شوءونها الداخلية وكل تدخل في شوءون القضاء.
كما أنها غير مستعدة لتلقي دروس من أى كان سيما في مجال احترام حقوق الانسان//.
)المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء(وات) بتاريخ 7 نوفمبر 2009(
فرنسا « قلقة » لوضع حقوق الانسان في تونس التي ترفض التدخل في شؤونها
بواسطةعامر واعلي (AFP) –
باريس (ا ف ب) – خرجت فرنسا التي تتوخى عادة الحذر الشديد في تعليقاتها بشأن النظام التونسي، الجمعة عن تحفظها لتعرب عن القلق ازاء وضع المدافعين عن حقوق الانسان في تونس التي ردت بانها ترفض اي تدخل في شؤونها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو ان فرنسا اعربت الجمعة للسلطات التونسية عن « قلقها حيال الصعوبات التي يواجهها صحافيون ومدافعون عن حقوق الانسان في تونس ». وقال فاليرو « اننا نتابع الوضع بانتباه وقد عبرنا عن قلقنا لسفير تونس (في باريس) ورفعنا المسألة الى شركائنا الاوروبيين« .
وادلى المتحدث بهذا التصريح ردا على سؤال حول وضع الصحافي التونسي توفيق بن بريك المعروف بانتقاده اللاذع لنظام الرئيس زين العابدين بن علي الذي اعيد انتخابه في 25 تشرين الاول/اكتوبر بنسبة 89,62 بالمئة من الاصوات ويحتفل السبت بالذكرى ال 22 لتوليه السلطة.
ورفضت تونس الجمعة التدخل في شؤونها الداخلية مؤكدة انها « غير مستعدة لتلقي دروس من اي كان » في مجال حقوق الانسان، وذلك اثر تصريحات المتحدث باسم الخارجية الفرنسية.
وجاء في بيان للخارجية التونسية « ان تونس التي تفخر بكونها دولة مستقلة والمتشبثة بقوة بسيادتها، ترفض كما قامت بذلك دوما، كل تدخل في شؤونها الداخلية وكل تدخل في شؤون القضاء كما انها غير مستعدة لتلقي دروس من اي كان سيما في مجال احترام حقوق الانسان« .
واذا كانت الخارجية الاميركية اعربت عن « قلق واشنطن غداة انتخاب زين العابدين بن علي لولاية خامسة في تونس من غياب المراقبين الدوليين »، فان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هنأه على اعادة انتخابه واكد له دعم باريس الشريك الاقتصادي الاول لتونس.
وتم توقيف بن بريك في 29 تشرين الاول/اكتوبر كما يقول مقربون منه، بسبب كتاباته المنشورة في الصحافة الفرنسية حول الانتخابات الرئاسية وليس كما تقول الرواية الرسمية بسبب اعتداء. وسيمثل امام القضاء في 19 تشرين الثاني/نوفمبر وهو معرض للسجن خمس سنوات.
ودعت منظمة مراسلون بلا حدود والمعارضة اليسارية في فرنسا الحكومة الى التنديد بتوقيفه وبمعاملة السلطات التونسية لناشطي حقوق الانسان. وقال الحزب الاشتراكي الفرنسي الخميس انه « اثر الانتخابات الرئاسية التي عقدت في ظروف مثيرة للاحتجاج من قبل المعارضة الديمقراطية فان وضع حقوق الانسان مستمر في التدهور » بتونس.
وكان تصريح عمدة مدينة باريس ورئيس الجمعية الدولية للبلديات الفرنكفونية برتران ديلانوي الداعي الى « احترام تام لحقوق الانسان في تونس » ادى الى رد فعل شديد من تونس حيث اعلن رؤساء خمس بلديات تونسية كبرى (تونس وبنزرت وصفاقس وسوسة والمنستير) انسحابهم من المنظمة معتبرين ان تصريحات رئيسها « تشوه واقع حقوق الانسان في تونس« .
يشار الى ان ديلانوي من مواليد مدينة بنزرت شمال تونس. ورغم خروج موقف باريس عن التحفظ المعهود، فان موقفها لم يقنع رئيس جمعية مراسلون بلا حدود جان فرانسوا جوليار الذي اعتبر انه يأتي « متأخرا » لان بن بريك مسجون منذ اسبوع.
وطالب ردا على سؤال وكالة فرانس برس، فرنسا ب « المضي قدما » وبالمطالبة بالافراج « الفوري » على بن بريك و »انهاء مضايقة جميع مناضلي حقوق الانسان والصحافيين والمدونين » في هذا البلد الذي حكم فيه على ستة مدونين بالسجن في 2004.
وفي ما يبدو مؤشرا على تهدئة تم الافراج عن مجموعة من النقابيين التونسيين من منطقة الحوض المنجمي بقفصة (جنوب غرب) الخميس. واعربت المركزية النقابية في تونس والعديد من الجمعيات والاحزاب المعارضة عن ارتياحها للافراج عنهم. واشاد حزب التجديد (معارضة قانونية) بهذه البادرة ودعا الى وقف الملاحقات ضد « بعض الصحافيين والطلبة والمدافعين عن حقوق الانسان« .
)المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 7 نوفمبر 2009(
تونس: ملف حقوق الانسان لايعرقل إقامة علاقات أفضل مع اوروبا
تونس (رويترز) – قال مسؤولون تونسيون يوم الجمعة ان مفاوضي الاتحاد الاوروبي ليس لديهم تحفظات بشأن سجل تونس في مجال حقوق الانسان في محادثات تجري لتوثيق العلاقات مع البلد الواقع في شمال افريقيا. ومن المُقرر ان يمنح الاتحاد الاوروبي تونس مرتبة شريك مُتقدم مما يسهل النفاذ لسوق استهلاكية واسعة ودعم موقعها ضمن الاقتصاديات الصاعدة. وطالبت بعض من منظمات حقوق الانسان الاتحاد الاوروبي بتجميد المفاوضات حتى توقف تونس ما قالت انه ازعاج المعارضين والنشطاء « والتضييق على الصحفيين المنتقدين للحكومة ». وأُعيد انتخاب زين العابدين بن علي الذي يحكم البلاد منذ 22 عاما الشهر الماضي رئيسا لتونس لولاية خامسة بنسبة 89.62 بالمئة من الاصوات. وتعهد بن على بتوسيع الديمقراطية وايجاد مزيد من فرص الشغل للشبان في البلد البالغ عدد سكانه 10 ملايين نسمة والذي يقصده سنويا سبعة ملايين سائح أغلبهم من اوروبا. وقال بن علي ان كل الاجواء هيئت لتكون شفافة وحرة وان بعض الاشخاص يسعون لتشويه صورته في الخارج. وقال محمد نوري الجويني وزير التنمية والتعاون الدولي للصحفيين » ليس هناك أي تحفظات من الاتحاد الاوروبي في مفاوضاتنا للحصول على صفة شريك متقدم التي بدأت بالفعل منذ أشهر قليلة. » وقال البشير التكاري وزير العدل في مؤتمر صحفي مشترك مع الجويني » تأكدوا ان مسألة حقوق الانسان والحريات لاتقلقنا بتاتا في مفاوضاتنا بشأن مرتبة الشريك المتقدم بل هي من المسائل التي نفتخر بها ». وقال الجويني ان بلاده تسعى لإبرام هذا الاتفاق مع اوروبا في أقرب وقت مضيفا ان « الحصول على موقع شريك متقدم مع اوروبا لا يكن الا ان يكون ايجابيا للتجارة والاقتصاد التونسي ». وأضاف « نقول لاوروبا اننا نبحث عن مزيد من الاندماج الاقتصادي والانفتاح لما فيه مصلحة الطرفين. » واوروبا أول شريك لتونس بنحو70 بالمئة من صادراتها و70 بالمئة من واردتها. وأطلقت تونس يوم الخميس سراح 38 سجينا اتهموا باثارة الشغب والقيام بأعمال تخريبية إثر مظاهرات نادرة جرت العام الماضي احتجاجا على تردي الاوضاع الاجتماعية. لكن رغم ذلك فان بعض المنظمات تتهم تونس بأنها مستمرة في التضييق على معارضيها والصحفيين المستقلين. واتهمت منظمة مراسلون بلا حدود والتي تعنى بحرية الصحافة السلطات في تونس بتدبير مكيدة لاعتقال الصحفي توفيق بن بريك الذي عرف بانتقاده اللاذع لحكومة الرئيس بن علي. وقالت تونس ان بن بريك معتقل منذ الاسبوع الماضي بسبب اعتدائه بالعنف على امرأة في الشارع.
من طارق عمارة
)المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 6 نوفمبر 2009(
بمناسبة إطلاق سراح مساجين الحوض المنجمي :
بيــــان
أطلق سراح مساجين الحوض المنجمي يوم الأربعاء 4 نوفمبر 2009 بعد قضاء قرابة السنة والنصف في سجون بن علي على خلفية النضالات التي خاضوها للمطالبة بالحق في الشغل والحياة الكريمة والتنمية الجهوية العادلة.
وبهذه المناسبة يتقدم حزب العمال الشيوعي بتهانيه الحارة إلى مناضلي الحوض المنجمي وعائلاتهم وإلى كافة أهالي الجهة ويحيّي صمودهم وتضحياتهم، كما ينوّه بحركة التعاطف والتضامن الواسع، في الداخل وفي الخارج، التي وقفت إلى جانبهم في مطالبهم العادلة ومارست ضغطا متواصلا حتى الإفراج عن المساجين.
إنّ مكسب إطلاق سراح مساجين الحوض المنجمي على أهميته، لن يكتمل ما لم يقع:
إيقاف التتبعات في حق الملاحقين والمحاكمين غيابيا، وهم حسن بن عبد الله وماهر فجراوي (10 سنوات) والصحفي الفاهم بوكدوس (6 سنوات) ورئيس فيدرالية التونسيين مواطني الضفتين السيد محيي الدين شربيب (سنتان.(
استرجاع المسرحين لحقوقهم المدنية والسياسية وإعادة المطرودين منهم إلى عملهم والتعويض لهم عمّا لحقهم من أضرار.
فتح تحقيق جدي ومستقل في حالات الوفاة (حفناوي المغزاوي، هشام بن جدّو، عبد الخالق عميدي،) والتعذيب الذي تعرّض إليه الموقوفون وغيرها من الإنتهاكات التي مسّت الأهالي، وتتبع المسؤولين عن ذلك أمرا وتنفيذا.
كما لاتزال المطالب التي تحرّك من أجلها أهالي الجهة مطروحة برمتها، وعلى رأسها حق الشغل وتوفير الخدمات الإجتماعية والمرافق الأساسية الضرورية لحياة كريمة ومعالجة الكوارث البيئية التي تعاني منها الجهة.
تونس في 7 نوفمبر 2009
حزب العمال الشيوعي التونسي
)المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 7 نوفمبر 2009(
بلاغ:إذاعة راديو 6 تونس تعلق برامجها
يعلم فريق راديو 6 تونس » أول إذاعة مستقلة في تونس » الرأي العام الداخلي و الخارجي انه و على اثر ما جد من أحداث خلال شهر أكتوبر الماضي و التي تمثلت خاصة في اقتحام مقر الإذاعة من طرف قاضي التحقيق و مساعد وكيل الجمهورية بتونس مصحوبين بالقوة العامة مساء يوم الخميس 22 أكتوبر الماضي و إقدامهم على حجز كل معدات و تجهيزات راديو6 و طرد الفريق الصحفي و إغلاق المقر تقرر تعليق برامج الإذاعة مؤقتا في 8 نوفمبر الجاري باعتبار أن الوضع العملي و الظروف المهنية المتردية لا تسمح بمواصلة العمل فقد حجز أرشيف الإذاعة و تعرض بعض صحافييها إلى الهر سلة و المراقبة اللصيقة من طرف أعوان الأمن بالزى المدني وهو ما يجعل من مواصلة تقديم راديو6 لبرامجها بالجودة و الانتظام المعتادين أمرا في غاية الصعوبة
و يعبر فريق راديو 6 عن أسفه الشديد لما تعرضت له الإذاعة التي تمكنت على امتداد حوالي سنتين من تقديم إعلام حر و مستقل أضاف الكثير إلى المشهد الإعلامي التونسي بطابعه الحرفي و الموضوعي بشهادة عديد الإعلاميين و الصحفيين و المثقفين التونسيين و الأجانب و ما يتعرض له عموم الصحفيين المستقلين في تونس من انتهاكات ضمن هذه الحملة التي استهدفت الصحافة المستقلة في تونس في الأيام الأخيرة.
)
المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 7 نوفمبر 2009(
أخبـار
النقابة العامة للتعليم الأساسي تحتفي بمناضليها المسرحين من السجن
نظمت النقابة العامة للتعليم الأساسي صبيحة يوم الخميس 5 نوفمبر الجاري حفل استقبال بسيط وبهيج على شرف مناضليها عدنان الحاجي وبشير العبيدي الذين غادرا منذ سويعات السجن المدني بالمرناقية. وقد توافد على مقر النقابة العامة عدد هام من النقابيات والنقابيين من قطاع المعلمين جاؤوا لااتعبير عن فرحتهم بهذا الخبر السعيد وأنشدوا الكثير من أهازيج وأغنيات « فرحانين فرحانين ، كل ثورة واحنا دايما فرحانين… ».
ثم انتقل الجمع إلى مقر المكتب التنفيذي للاتحاد العام وكانا المختفى بهما في المقدمة فيما رفعت شعارات « شادين شادين في حقوق المساجين« .
وقد عاد عدنان وبشير إلى مدينة الرديف حيث تنتظرهما استقبالا شعبيا كبيرا تمام كما تم استقبال الطيب بن عثمان وعادل جيار وطارق حلايمي وغيرهم. وكما تقول القولة الشعبية المعروفة « الحبس كذاب والحي يروّح… ».
جلال الزغلامي يمنع من السفر
منعت يوم الأربعاء 4 نوفمبر 2009 قوات البوليس السياسي المناضل جلال بن بريك من السفر إلى باريس للمشاركة في ندوة صحفية تنظمها منظمة مراسلون بلا حدود حول إيقاف شقيقه توفيق بن بريك.
عمال تونيراما يصنعون ملحمة نضالية
منذ حوالي 3 أسابيع ينفذ عمال وعاملات تونيراما للإلكترونيك إضرابا عن العمل واعتصاما بمقر المؤسسة للمطالبة بصرف أجور 3 أشهر والمطالبة بالحفاظ على مواطن شغلهم.
فقد تم بيع المؤسسة لمستثمر جديد الذي قرر الاحتفاظ ب 80 عاملا من جملة 230 عامل وعدم الاعتراف بأجور العمال السابقة.
عمال تونيراما اعتصموا طوال هذه المدة ليلا في مقر العمل ونهارا بالطريق العام بمنطقة حي التحرير بتونس العاصمة.
وقد واجهتهم قوات البوليس والحرس الوطني بالضرب والعنف الشديد وقنابل الغاز لتفريقهم.
ويتمسك عمال تونيراما متميزين بصلابة كبيرة خاصة خلال تردد هياكل اتحاد الشغل تجاه قضيتهم.
)المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 7 نوفمبر2009(
مقطعا فيديو تاريخيان حول الحركة الطلابية قبل عشرين سنة
نشر مقطعا فيديو تاريخيان حول الحركة الطلابية قبل عشرين سنة وقد اثار المقطعان حوار شيقا حول تاريخ الحركة الطلابية
يمكن متابعته على الموقعين التاليين
http://www.facebook.com/video/video.php?v=1252606483746#/video/video.php?v=1252606483746
http://www.facebook.com/video/video.php?v=1252606483746#/video/video.php?v=1258555592470
أخبار طلابية
-1الطلبة الموقوفون يدخلون في إضراب وحشي عن الطعام
علمنا أن الطلبة الموقوفين حاليا في السجن المدني بالمرناقية يشنون منذ يوم الأربعاء إضرابا وحشيا عن الطعام مطالبين بإطلاق سراحهم والكف عن ملاحقة نشطاء الاتحاد العام لطلبة تونس.
وقد سجل المحامون تخوفاتهم من الانعكاسات الصحية للمضربين خصوصا بعد الاعتداءات المتكررة عليهم من قبل أعوان الأمن خلال الإيقاف.
-2احتجاجات في كلية العلوم ببنزرت
نظم المكتب الفيدرالي للاتحاد العام لطلبة تونس مؤتمر التوحيد سلسلة من الاجتماعات العامة احتجاجا على إيقاف رفاقهم بمنوبة .
ويطالب مسؤولو الاتحاد في علوم بنزرت بإطلاق سراح الموقوفين وسراح زهير الزويدي والكف عن ضرب العمل النقابي بالجامعة.
هذه التحركات استقطبت تعاطف الطلبة بالجزء.
-3بيان المكتب التنفيذي حول أحداث منوبة
يتابع المكتب التنفيذي للإتحاد العام لطلبة تونس باستغراب شديد ما آلت إليه الأوضاع بالمركب الجامعي منوبة إذ وعلى إثر إقتحام المبيت الجامعي « البساتين » من قبل قوات الأمن في ساعة مبكرة من فجر الأحد 1 نوفمبر 2009 والقبض على 14 طالب أغلبهم من مناضلي الإتحاد العام لطلبة تونس، واصلت قوات الأمن هذا الإجراء الفوضوي الغير مسؤول، إذ بلغ إلى علم المكتب التنفيذي أن البوليس الجامعي ووحدات التدخل واصلت اعتداءها على الطلبة باقتحامها حرمة الفضاء الجامعي بكلية الآداب منوبة وترهيب الطلبة ومطاردتهم والاعتداء عليهم داخل بهو الكلية ومدارجها…
وأمام هذه التطورات البالغة الخطورة فإن المكتب التنفيذي للإتحاد العام لطلبة تونس يتوجه إلى الرأي العام الطلابي والوطني الديمقراطي بالآتي:
-1يطالب بإطلاق سراح كل الذين تمّ إيقافهم وإيقاف التتبعات ضدهم.
-2إن المعالجة الأمنية للمشاكل الجامعية وما رافقها من ممارسات غير قانونية وغير إنسانية في حق أبنائنا الطلبة سوف يكون لها انعكاسا خطيرا على الأوضاع الجامعية وسوف تتخذ أبعادا خطيرة تمس من سمعة الجامعة والبلاد وتجرّ إلى حالات توتّر لسنا في حاجة إليها.
-3استعداد الاتحاد العام لطلبة تونس الدفاع عن مطالب الطلبة المشروعة والتصدي لكل محاولات النيل من إرادة مناضليه.
ختاما، يهيب الاتحاد العام لطلبة تونس بعموم الطلبة والرأي العام الوطني والديمقراطي الوقوف إلى جانب الموقوفين من أجل إطلاق سراحهم.
عن المكتب التنفيذي
الأمين العام
عز الدين زعتور
-4حيثيات ايقاف نقابيي منوبة
تم الاختطاف فجر يوم الأحد بينما كان المناضلون نيام ببهو إدارة المبيت وتم اقتيادهم من قبل حوالي 40 عونا بطريقة عنيفة إلى مكان لم يتعرفوا عليه.
وقد لاحظ المناضلون تواجد قوات كومندوس من الحرس الوطني الذين أجبروهم الجلوس على ركبهم وخفض رؤوسهم وذلك باستعمال القوة وإلباسهم الكلبشات.
في الصباح الباكر بدأت الإستنطاقات على امتداد يوم الأحد والاثنين دون انقطاع وبالتناوب وتم إجبار الموقوفين على البصم على محاضر دون الاطلاع عليها تحت الترهيب والترويع والضرب.
على الساعة السادسة مساء تم اقتيادهم إلى منطقة بوشوشة أين قضوا ليلة في عنابر تضم مئات الموقوفين .
يوم الثلاثاء صباحا تم اقتيادهم إلى المحكمة الابتدائية بمنوبة حيث كان المناضلون ينتظرون إحالتهم على وكيل الجمهورية في جو نضالي بترديد أناشيد ملتزمة ونشيد الاتحاد.
وبعد الزوال تم اقتيادهم إلى سجن الإيقاف بالمرناقية دون عرضهم على وكيل الجمهورية وانطلاق الموقوفين في تنفيذ إضراب وحشي عن الطعام.
-5إعتداء بالعنف على أخ أحد موقوفي منوبة
اعتدت قوات أمن تعمل بالسجن المدني بالمرناقية أين يتم احتجاز الطلبة النقابيين بمنوبة على رمزي التومي أخ المناضل الطلابي المنذر التومي أحد الموقوفين.
وكان أخ الموقوف تنقل إلى السجن للسؤال حول كيفية اتباع إجراءات الزيارة إلا أنه فوجئ بأعوان أمن ينهالون عليه بالضرب والشتم والركل مخلفين له أضرارا بدنية.
)المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 7 نوفمبر2009(
مرصد « الوطن«
يرصدها: الراصد الوطني
· شبّه أحد الصحافيين سلوك المعارضة في الانتخابات بسلوك المخمور الذي يسعى للتشويش على حفلة عرس. قد نجد العذر لصاحبنا هذا لو تكرّم واعترف بأنه كان الطبّال الذي تطوّع لتنشيط العرس وحمايته من المخمورين الذين خبرهم جيّدا.
· جاء في صحيفة » الطريق الجديد » الناطقة بلسان حركة التجديد في عددها الأخير أن التجمع الدستوري فاز بنسبة 90٪ في الانتخابات الرئاسية وهو أمر لفت انتباه المراقبين و لكن ما لم يلفت انتباه أحد من المراقبين سواها – أي الصحيفة – هو نسبة الـ 99٪ التي حققها التجمع في الانتخابات التشريعية على اعتبار نوّابه ونوّاب الأحزاب الموالية له.
هكذا نصّبت « المعارضة الجدية » نفسها بديلا عن الشعب لفرز القوى السياسية في البلاد. ونحن لا يسعنا أمام هذا الادعاء إلا أن نقول :عيب على حركة تدّعي الجدّية أن تستسهل التخلي عن المسؤولية وحسبنا في الرد ان نقول » الدقّ في الجيف حرام «
· اشتعلت الحرب الإعلامية والشوارعية بين » الشارع » المصري والشارع الجزائري على خلفية مباراة كرة القدم الترشيحية لكأس العالم والتي ستجري يوم 14 نوفمبر الجاري بالقاهرة .كل الجهود التي بذلتها وما تزال تبذلها عديد الجهات الرسمية والشعبية لوضع حدّ لهذه الحرب لم تفلح في معالجة الأمر. في رأينا أن المسؤول الأول عن هذا الذي يحدث إنما هو تراكم السياسات الإقليمية المتباغضة وطابور السياسيين والإعلاميين أعداء أي تقارب وحدوي بين النظامين وأعداء المشروع القومي للأمة العربية وكذلك فشل السياسات الموجهة للشباب العربي في البلدين.
)المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد110 بتاريخ7 نوفمبر 2009(
الاتحاد الديمقراطي الوحدوي وتأكيد الهويّة السياسية
الخاصة على أرضية الوفاق الوطني
بقلم:عبد الفتاح الكحولي
تقاس النتائج المباشرة للانتخابات بنجاح هذا الحزب أو ذاك في تحمّل أعباء الحكم أو بعدد المقاعد التي يحصل عليها في المؤسسة التشريعية غير أن هذه النتائج المباشرة على أهميتها ليست المعيار الوحيد في النجاح السياسي إذ يمكن أن تمثل الانتخابات مناسبة بالغة الأهمية في تعزيز موقع الحزب ضمن المعادلة السياسية الوطنية من جهة ومزيد بلورة أهدافه والتأكيد على هويته السياسية وفي هذا السياق تتنزل قراءتنا للخطاب الذي أنتجه حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي بمناسبة الانتخابات الأخيرة.
ولا يمكن أن تكون هذه القراءة موضوعية إلا في ضوء فهمنا للمعادلة السياسية الوطنية والمفاهيم المركزية المتحكمة فيها وطبيعة الفعل السياسي الذي يسعى حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي إنتاجه داخل ضوابط هذه المعادلة .
_1الوفاق جوهر المعادلة السياسية:
يعد الوفاق المفهوم المركزي المتحكّم في المعادلة السياسية التونسية وهو مفهوم برز في السياق الوطني نتيجة انسداد الآفاق أمام الشكل الاحترابي والإقصائي الذي مثل الإطار الحاضن للصراع بين السلطة والمعارضة. ظهر هذا المفهوم لا بوصفه حلا وسطا أو توفيقيا كما يعتقد الذين يغلّبون الحلول النظرية المجرّدة على « الحل التاريخي الممكن » بل ظهر باعتباره الشكل التاريخي الممكن لتجنّب مفاعيل الصراع العقيم بين السلطة والمعارضة والتأسيس لمعادلة جديدة منتجة.
إن الوفاق لا يعني كما يعتقد البعض استسلام أحد طرفي المعادلة السياسية أمام الطرف الآخر بل يعني الإنخراط الجماعي في نقد مرحلة تاريخية والتأمل الجماعي من أجل التأسيس لمرحلة جديدة. فالوفاق يرتكز على المعايير المشتركة المؤسسة للإجماع الوطني . إنه الإطار الجامع لمختلف الفاعلين السياسيين على قاعدة التوافق المعلن والصّريح والمسؤول حول القواعد العامّة للفعل السياسي. إنه يمثل المدخل الأكثر نجاعة في البناء الديمقراطي لأن مختلف التجارب الديمقراطية في العالم انطلقت من حدّ أدنى من التوافق حول قواعد الممارسة والسلوك والتعامل بين مختلف الفاعلين السياسيين.
غير أن التوافق لا يعني – كما يتوهم البعض – الإلغاء التام للاختلاف وطمس الهويات السياسية للأحزاب المختلفة بقدر ما يمثل الضامن لنمو ثقافة الاختلاف نموا سليما على أرضية الفعل المسؤول والإيجابي بعيدا عن الإحتراب وكل أشكال الصراع العميقة . إن الوفاق هو الأداة المثلى لتجاوز صراعات الماضي وإرثه الاحترابي من أجل تحقيق المكاسب المشتركة غير القابلة للتخصيص وبناء الدعائم الصلبة لمجال سياسي عصري وحداثي، كما ان الوفاق ليس صيغة جامدة كما يعتقد البعض بل هو خاضع في سيرورته لحركة البنية الإجتماعية ومجمل التحولات التي تطرأ عليها كما يخضع أيضا لما تنتجه « دناميات » التواصل والحوار بين محتلف الفاعلين من اجل مزيد ترسيخ القواعد المشتركة. وإذا كان الوفاق هو المفهوم المركزي المتحكم في المعادلة السياسية الراهنة فإن الفعل السياسي المسؤول والجاد هو الذي يروم تأكيد هويته السياسية الخاصّة من داخل هذه المعادلة ومن أجل مزيد تطويرها لتسريع وتائر التنمية السياسية بأقل كلفة ممكنة.
_2خطاب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي في ضوء مفهوم الوفاق:
لا شك أن المتأمل في خطاب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي عشية الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة يلاحظ أن الناظم لهذا الخطاب هو موقف التشبث بحالة الوفاق مع السعي إلى تطويره، فقد أكد خطاب الحزب على جملة من المرتكزات أهمّها :
– التأكيد على المحدّدات الرئيسية للانتماء الحضاري لتونس وفق رؤية تقدمية منفتحة على المكتسبات الإنسانية منطلقا في ذلك من إحدى أهم مرتكزات الإجماع الوطني حول الانتماء العربي الإسلامي لتونس.
– التأكيد على المرجعية الوطنية: فرغم الخلفية الوحدوية المحدّدة للهوية السياسية للحزب فقد عمل على إبراز المرجعية الوطنية في مستوى التذكير بأنهم رجالات تونس وزعمائها ومصلحيها وفي مستوى إبراز الدّور التاريخي لتونس في فضائها الحضاري وفي مستوى تأكيده على أهمية الدولة الوطنية ودورها التاريخي المرتقب في البناء الوحدوي مغاربيا وعربيا وأهميتها في ضمان مستقبل أفضل لكل أبناء تونس.
– التأكيد على احترام القانون والعمل على صيانة المؤسسات: إذ أكد في مجمل خطابه على سيادة القانون وعلويته وعلى احترام مؤسسات الدولة.
– المرجعية الديمقراطية: إذ اعتبر الاتحاد الديمقراطي الوحدوي النظام الديمقراطي هو النظام الأمثل في بناء مجتمع متماسك متصالح مع الدولة ومع محيطه مؤكدا في ذات السّياق على نبذ العنف بكل أشكاله ورفض الإرهاب تحت أي مسمى.
لقد أكّد الاتحاد الديمقراطي الوحدوي تشبّثه بالمعايير المشتركة الضابطة لحالة الوفاق بين مختلف الفاعلين السياسيين باعتبار الوفاق هو الحال المثلى للبناء الوطني من جهة وتأكيد الوجود الحقيقي للهويات السياسية المختلفة من جهة أخرى.
لقد استطاع الاتحاد الديمقراطي الوحدوي إنتاج خطاب ناضج ومسؤول وعلى درجة عالية من الوعي بمتطلبات البناء الوطني المشترك لأن ذلك هو السبيل الوحيد في تقديره من أجل فتح الأفق رحبا أمام فعل إيجابي لا يروم المحافظة على الواقع كما لا يروم في الآن نفسه هدر المكتسبات فنأى بنفسه عن الانتماء إلى اليمين المحافظ كما نأى بنفسه عن الانخراط « في النادي الديماغوجي » الذي ينقلب هو الآخر يمينا مخادعا رغم زخارفه البلاغية اليسارية.
لقد اختار حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي تعزيز موقعه داخل معادلة الوفاق الوطني مساهما بما أنتجه على المستوى الفكري والسياسي وما بلوره في صفوف مناضليه من أنماط السلوك والفعل في مزيد تطوير المجال السياسي وتحديثه . إن الانخراط في معادلة الوفاق وتكريس حضوره الإيجابي والمنتج داخلها لم يمنعه من إبراز هويته السياسية الخاصة وبلورة مواقفه النقدية على مختلف الصعد وهو ما أبرزه برنامجه الإنتخابي وكلمات أمينه العام بمناسبة الحملة الرئاسية والتشريعية لم يمنعه تشبثه بحالة الوفاق من إبراز ما يؤسس لهويته الخاصّة وتباينه مع بقية الأحزاب وفي مقدّمتها الحزب الحاكم إذ تضمّن خطابه وبرنامجه مبادرات ذات محتوى سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي على قدر كبير من التباين مع طروحات الحزب الحاكم وسائر الأحزاب.
لقد كان خطاب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي خطاب التشبّث بأرضية الوفاق وفي الآن نفسه خطاب السعي إلى التطوير وتجاوز نقائص الرّاهن. إنه خطاب يؤسس للفعل الجاد والمسؤول وتأكيد الهوية السياسية الخاصّة من داخل الالتزام بحالة الوفاق والسعي إلى تطويرها محتكما إلى ضوابط العمل السياسي ومصلحة البلاد.
)المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد110 بتاريخ7 نوفمبر 2009(
إعلاميّون وحقوقيّون ومواطنون:
على فرنسا أن تتحمل مسؤوليتها التاريخيّة و تعتذر للشّعب التونسي عن حقبة الاستعمار
إعداد :نورالدين المباركي
تونس/ الوطن
في افتتاح الحملة الانتخابية الرئاسية والتشريعية لحزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي دعا الأمين العام للحزب فرنسا للإعتذار لتونس عن الحقبة الاستعمارية وقال: » نطالب الدولة الفرنسية بالاعتذار الرسمي لشعب تونس عن عقود الاستعمار والهيمنة البغيضة وتعويضه عن الأضرار التي ألحقتها سياساتها الاستعمارية بمجمل النسيج الوطني ماديا ومعنويا« .
الدعوة لم تكن مجرد شعار للمزايدة بقدر ما كانت تعبيرا عن مطلب حقيقي ترفعه اليوم الشعوب التي عانت ويلات الاستعمار..لذلك ربما لاقت اهتماما و متابعة من قبل عديد المراقبين.
« الوطن » توجّهت إلى عدد من الإعلاميين و الحقوقيين و المواطنين ليقدموا رؤيتهم حول هذا المطلب.
سفيان بن فرحات:( كاتب وصحافي(
رواسب الاستعمار ومخلفاته قائمة ليوم الناس هذا
إن مسألة اعتذار فرنسا على استعمارها لتونس تكتسي أبعادا ودلالات عديدة :
_1عرفت تونس، على غرار مصر والصين، الاستعمار غير المباشر قبل إقحامها في بوتقة الاستعمار « الفرنساوي » المباشر. لقد قوّض تدخل فرنسا في الشأن التونسي التجربة الإصلاحية الفريدة التي عرفتها البلاد منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وبذلك تمّ تعطيل صيرورة انتقال تونس إلى مصاف الدول المتقدّمة منذ ذلك التاريخ إذ أن بلادنا كانت متقدمة على إيطاليا واليونان والبرتغال وإسبانيا وبلجيكا في تلك الفترة. سبّب الاستعمار سقوط تونس التاريخي وتدهورها حضاريا ولا تزال رواسب الاستعمار ومخلفاته قائمة ليوم الناس هذا.
2- – كانت الإبادات الجماعية والتقتيل والتشريد وانتزاع الأراضي والممتلكات قسرا والسّحل والنفي والبطش بالأهالي في مختلف أقاليم البلاد السمات البارزة للاستعمار « الفرانساوي ». واستعملت القوات « الفرانساوية » الطائرات ضد الأهالي في تونس بعد أسابيع من استعمال الطائرات لأول مرة أثناء الحرب العالمية الأولى. كما استعمل الجيش « الفرانساوي » السلاح الكيمياوي ضد التونسيين منذ سنة 1916 بالجنوب.
_3يجب اعتبار الاستعمار على رأس المنظومات الكليانية التي عرفتها الشعوب واعتباره جريمة ضد الإنسانية مستمرة وغير قابلة للتقادم والنسيان والسقوط بمرور الزمن. ويستلزم ذلك التذكير دوما بمساوئ الاستعمار في البرامج التربوية ووسائل الإعلام وتنظيم أسبوع سنوي عالمي دوري يندّد بالاستعمار ويستعرض مختلف مظاهره ومحطاته.
_4زيادة عن الاعتذار يستوجب مطالبة فرنسا بالتعوضات المادية والمعنوية عن مختلف المصائب التي كابدها الشعب التونسي والوطن جرّاء الاستعمار « الفرنساوي« .
فوزي عزالدين (كاتب و صحفي(
للإعتذار… ثمن اسمه « المصالح«
لا مجال للمقارنة بين ايطاليا وفرنسا حتى نطالب الثانية بما أقدمت عليه الأولى، فاعتذار رئيس الوزراء الايطالي سلفيو برلسكوني للجماهيرية الليبية، فرضته مصالح اقتصادية حيوية أكثر مما فرضته دوافع ديونتولوجية « أخلاقية » أو تاريخية ولعلّ الحج الى موطن عمر المختار خير دليل على ذلك.
الاعتذار هو نوع من الندم ونحن كمواطنين عاديين على عكس رجال السياسة نادمون دائما على ما فعلناه ونادمون على ما لم نفعل، فما فعلناه لم نفعله، وما لم نفعله فعلناه، مما يدفع بنا إلى نوع من العبثية، لأننا نعيش ربانيا على السليقة، دون تخطيط من أي جهاز ودون تدبير مسبق … اما سياسيا، فكل منطوق يقرأ له حساب، كلمة كلمة، حرفا حرفا، ولا وجود للصدفة ولا للمجانية و نصوص الساسة تضمر أكثر مما تفصح وقد تكتب بالحبر السري ولا تفك شفراتها الا بعد حقب زمنية.
الرئيس الفرنسي ساركوزي يتقن الخطابة وينتقي ألفاظه بدقة متناهية ونتذكر كيف صرّح في حملته الانتخابية « ان ثورة التحرير الجزائرية هي من صنع المخابرات الفرنسية في عهد الجمهورية الرابعة » ونتذكر ايضا عندما قال في زيارته للمقبرة المسيحية في الجزائر أيضا واضعا يده على رخام احد القبور؛ « ان الصداقة ليست بحاجة الى النقش على الرخام » وقصد بقصفه اللغوي المجازى .. ،قصف معاهدة الصداقة الفرنسية الجزائرية.
الجزائر طالبت فرنسا بالإعتذار فكان هذا التسويف من نصيبها،وتونس لم تطالب، فلا يمكن ان نحلل بالقياس ولا ان نستبق الاحداث… احداث النقش على الرخام.
شخصيا، مازلت مقتنعا بأن تاريخ الإستعمار الفرنسي في تونس غامض وملغز و »صندوقه الاسود » محجوز ومفتاحه مفقود ، ففرنسا على سبيل الذكر لا الحصر لم تسلم ملف اغتيال الزعيم فرحات حشاد رغم كل المساعي التي بذلت في هذا الصدد من طرف عائلته على الأقل، ورغم مرور الفترة الزمنية المحددة من قبل القانون الفرنسي للكشف عن الارشيف و في المقابل وعلى النقيض تماما سلمت ملفات اغتيال بعض رموز الحركة الوطنية الجزائرية .
يجب ان نتفق حول أشكال الاعتذار هل هو سرّي ام علني، هل هو رمزي ام مادي، هل هو اعتذار للمغتالين والميتين ام لاحفادهم، هل هو اعتذار لما كان أم اعتذار لما سيكون ، أي مواصلة الاستعمار بأشكاله الحديثة « ببناء الجدار الفاصل بين انسانية غربية وانسانية غير غربية » كما يذهب إلى ذلك الدكتور فتحي التريكي، ودولنة القيم والاخلاق والشعائر والمشاعر، أم اعتذار يرتقي بالعرب إلى درجة الإستقلالية في إنابة ألمانيا النازية المعتذرة عن « المحرقة اليهودية« .
المواقف السياسية لا تعترف الا بالمصالح واذا ما تعلقت همّة فرنسا بمصلحة تونسية فلن تعتذر فقط على الحقبة الاستعمارية وانتهاكاتها بل ستعتذر حتى على التأخير في الاعتذار….. الاعتذار من شيم الكبار في العموميات أما في السياسة فهو مقترن بنظام مسبق الدفع الحيني و البعدي.
خالد البارودي:(صحفي(
الاستعمار هو أبشع الجرائم التي يمكن ارتكابها في حق الشعوب
يعتبر الاستعمار في تقديري أبشع الجرائم التي يمكن ارتكابها في حق الشعوب باعتبار تاثيراتها المباشرة وغير المباشرة التي تلحق البشر الواقع عليهم هذا الجرم وكذلك على إمكانيات البلدان التي تتعرض لهذه العملية البشعة
اذ لايخفى ما يتعرض له سكان المناطق المستعمرة من عمليات إبادة جماعية ونفي وتعذيب وسجن وتشريد وإذلال تبقى ملامحه مترسبة في الأنفس بل يمكن أن تشكل معالم شخصية مريضة سمتها الخوف والعجز وتستمر عدة أجيال.
ويضاف إلى ذلك السطو الممنهج على ثروات البلد المستعمر واستنزاف خيراته بما يساهم في إفقاره وتركه بعد ذلك خاليا من مقومات التنمية والتطور في مقابل استغلال ما تم نهبه لتحقيق التقدم الحضاري للبلدان الغاصبة وهو ما يجعلها مسؤولة بشكل مباشر عن حالة التخلف التي تعانيها بلدان العالم الثالث
ولعل مطالبة الدول الاستعمارية وعلى رأسها فرنسا بالاعتذار بشكل رسمي على الجرائم الشنيعة التي ارتكبتها في حق بلادنا اولا وحق بقية البلدان التي تعرضت للاستعمار أمر منطقي ولا يختلف حوله عاقلان جبرا للحق المعنوي على الاقل رغم ان الاعتذار فعل اخلاقي لا يغير الواقع المأساوي الذي نتج عن الاستعمار اذ يفترض المطالبة بدفع تعويضات مناسبة لما تم ارتكابه من مجازر ومآس وما تم نهبه من ثروات والمطالبة بامضاء اتفاقيات تعاون وتقديم مساعدات اقتصادية مجزية.
ويحسن ان تقوم الدول الاستعمارية بذلك عاجلا اذ من يدري كيف تكون المطالبة بهذه الحقوق لو تغيرت الوضعية واصبحت بلدان العالم الثالث في موقع القوي ولو بعد حين.
جمال العرفاوي:(اعلامي(
حان الوقت أن تخطو فرنسا هذه الخطوة وتتحمل مسؤولياتها التاريخية
اعتقد انه حان الوقت أن تخطو فرنسا هذه الخطوة وتتحمل مسؤولياتها التاريخية،نحن لا نريد تحريك أشباح الماضي من أجل الحاضر الذي تشوبه هو الآخر عدة هنات،ولكن ما حدث في تونس إبان الحقبة الاستعمارية مازلنا نجمع تفاصيله كقطع البوزل.
أردت أن أقول،لقد تحركت ايطاليا واعتذرت وعوضت،ولم لا تخطو فرنسا هذه الخطوة ،وتعتذر للمغرب والجزائر أيضا، لماذا هذه المكابرة؟، إن محاولة تزيين الاحتلال ،التي تسعى إليها باريس،منذ سنوات هي محاولات فاشلة وساذجة، فالشعب التونسي تعرض للتنكيل وتعرض مناضلوه إلى إعدامات جائرة وتعرض آخرون للتعذيب، فلماذا لا نعتبر ضرب الساقية جريمة ضد الإنسانية،مع العلم ا ن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم؟
محمد بوعود ( صحفي(
اعتذار فرنسا عن الحقبة الاستعمارية قضية وطنية لا بدّ من متابعتها
إن التطرّق إلى موضوع اعتذار فرنسا عن الحقبة الاستعمارية وما رافقها من جرائم ضد الإنسانية، هو في نظري قضية وطنية لا بد من متابعتها وتحيينها دائما وعدم السكوت عنها حتى إجبار فرنسا على الاعتذار والتعويض.
فما شهدته تونس خلال هذه الحقبة من تنكيل وتقتيل وتشريد، وما عرفه أبناؤها من مناف وإعدامات وسجون، لا يمكن أن يمرّ دون حساب، ولا يمكن السكوت عليه بأي حال من الأحوال، خاصة وأننا أصبحنا منذ أكثر من نصف قرن دولة ذات سيادة وبالتالي من حقنا أن نحفظ حقوق مواطنينا، الأحياء منهم والأموات.
مسألة الاعتذار والتعويض ما كانت لتُطرح بمثل هذه الجدية والإلحاح لولا العمل الاستباقي الذي سارعت اليه ادارة ساركوزي والمعروف ببرنامج تمجيد الاستعمار، والذي بين بوضوح أن فرنسا لازالت بعقليتها القديمة، ولا زالت تستنكف في عقلها الاستعماري الباطن من مجرد التطرق الى جرائمها التي امتدت على أكثر من ثلاثة قرون والتي شملت تقريبا نصف سكان المعمورة.
ولعل في الخطوة التي أقدمت عليها الشقيقة ليبيا من خلال إصرارها على المطالبة بالاعتذار وإجبار حكومة برلسكوني على دفع التعويضات والاعتذار علنا للشعب الليبي، ما يدفعنا للتساؤل عن عدم تحمس تونس الرسمية لهذه المطالبة، رغم مقدرتها على فرض الأمر الواقع على فرنسا من خلال ضغوطات عديدة تمكن الشعب التونسي من نسيان تلك الفترة القاسية من تاريخه.
كما أن المبادرات والإصرار الجزائري الذي بدأ يؤتي أكله في هذه القضية بالذات، يمكن أن يكون مثالا لممارسة الضغط على الحكومة الفرنسية وإجبارها على الرضوخ لمنطق حقوق الإنسان الذي تتشدق به منذ قرون.
فحقوق الإنسان التي ترى فرنسا في سجن أي مواطن عادي مسّا بها، في حين لا ترى في مجازر تازركة والحامة وساقية سيدي يوسف انتهاكا لهذه الحقوق، فهذه قمة في التناقض وقمة في الاستهزاء بمصير اليشر، وهي في نهاية الامر تكريس لنظرة التعنت الاستعماري التي ترى فينا شعوبا متخلفة وبدائية وهم جاؤوا ليدخلونا للحضارة وبالتالي وجب علينا شكرهم لا طلب اعتذارهم.
توفيق العياشي :(صحفي(
من الاستفزاز أن يُصدر البرلمان الفرنسي سنة 2005 قانونا لتمجيد الاستعمار
بصرف النظر عن حجم الجرائم الحقيقيّة للاستعمار الفرنسي لتونس من حيث عدد الشّهداء الذين سقطوا بنيران المستعمر والخسائر الماديّة وقيمة الثروات التي وقع استنزافها وتحويل وجهتها إلى فرنسا فانّ الاستعمار كفعل يجب أن يُجرّم بما يمثّله من انتهاك لسيادة البلدان وتعدّ على حرمات الشّعوب وحريّتها، وفي ظلّ تطوّر التشريعات الدوليّة التي تفرض احترام سيادة البلدان وتنبذ الاحتلال فقد أصبح من الضروري على جميع أنظمة البلدان المُستعمرة أن تقدّم اعتذارا صريحا عن مخلّفات استعمارها .
عدنان الحسناوي:( حقوقي(
اعتراف فرنسا بإستقلال تونس نصّ أيضا على إقامة علاقات التعاون
الفكرة مقلدة على دعوة العقيد القذافي لإيطاليا بالاعتذار على الحقبة الاستعمارية و هي تتجاهل أو متجاهلة أن إيطاليا اليوم هي في ذاتها تنتقد الفاشية حليف النازية و أن الحلفاء الذين انتصروا في الحرب العالمية الثانية ينظرون بإعجاب لما قامت به المقاومة الليبية بقيادة عمر المختار ضد القوات الإيطالية و بالتالي الدور في إضعاف الخطوط الخلفية للقوات الألمانية .
حق الشعوب في تقرير المصير و كفاح الإستعمار بكافة الأشكال بما في ذلك العمل المسلح حق و واجب و لكن أتفاق 20 مارس 1956 الذي حل محل معاهدة باردو الموقعة يوم 12 ماي 1881 , و الذي نص على اعتراف فرنسا بإستقلال تونس قد نصّ أيضا على إقامة علاقات في مجال الدفاع و السياسة الخارجية و الاقتصاد و الثقافة , هذا التعاون الذي تكرس في الواقع على الاحترام المتبادل و الأمر الذي يتطلب الآن عدم إثارة مشاكل من شأنها ضرب المصالح العليا للبلاد خاصة في ظل الجهود الوطنية لتخفيف الآثار السلبية للأزمة الإقتصادية .
عبد الباري عطوان:(رئيس تحرير القدس العربي(
يصعب علينا أن نفهم لماذا لا يعتذر الغرب لنا عن جرائمه في حقّ شعوبنا وبلداننا
يصعب علينا ان نفهم لماذا لا يعتذر الغرب لنا عن جرائمه في حق شعوبنا وبلداننا، ويجد منا رغم ذلك اذرعا مفتوحة مرحبة، واستقبالات حارة في مطاراتنا لزعمائه الذين يحطون على ارضها زائرين!
فاوروبا لم تتردد مطلقا في الاعتذار لليهود عما لحق بهم من محارق وتصفيات في أفران الغاز النازية، وأرفقت هذا الاعتذار ممهورا باقامة دولة لهم في فلسطين علي حساب شعب عربي مسلم، وامدتها بالسلاح والمعامل الذرية، وساندتها في كل حروبها ضد العرب واحتلالها لأرضهم.
الأوروبيون اعتذروا لليهود عن جرائم ارتكبتها النازية التي لم تكن تمثلهم، بل وشنوا حربا عالمية ثانية ضدها. وما زالوا يدفعون التعويضات المالية حتى يومنا هذا دون تردد، والأكثر من هذا ان الدولة العبرية أجبرتهم على دفع فوائد ذهب اليهود المصادرة في البنوك السويسرية، ورضخ هؤلاء صاغرين ولم يترددوا لحظة في الاستجابة لهذا الطلب.
البابا السابق يوحنا بولص بزّ الجميع عندما اشترك بنفسه في موجة الاعتذارات هذه، ولم يعتذر فقط عن جرائم أبناء جلدته ضد اليهود في بولندا وألمانيا، وإنما عن وقائع ارتكبتها المسيحية قبل ألفي قرن، وبرأهم من قتل سيدنا المسيح عليه السلام.
نحن لسنا ضد الاعتذار لليهود، فكل من ارتكب جريمة في حق الآخر يجب ان يعاقب ويعتذر، ولكن اعتراضنا هو عدم الاعتذار لنا كعرب ومسلمين عن الجرائم التي وقعت وتقع في حقنا، ولا تقل ابدا عن الجرائم التي لحقت بالآخرين، واليهود من ضمنهم.)المصدر صحيفة القدس العربي 11 جويلية 2007(
زياد عبّاسي ) طالب – 22 سنة(
يجب على كل مكوّنات المجتمع المدني أن تدعم هذه المبادرة
الدعوة إلى الاعتذار هي حق وواجب على الرغم من أنها يمكن تكون لها تأثير على العلاقات بين البلدين على المستوى السياسي لكن لا أعتقد أن العلاقات بين الشعبين التونسي والفرنسي يمكن أن تتأثر، حتى أنني أنتظر دعما من المنظمات الحقوقية في فرنسا.
يجب على كل مكوّنات المجتمع المدني أن تدعم هذه المبادرة.
أمين النفزي ( طالب – 22 سنة(
شهداء تونس يستحقون الاعتذار والتعويض
هي دعوة جديرة بالتنويه رغم أنني أتساءل عن الظرف الذي جاءت فيها، بمعنى لماذا لم تطلق مثل هذه المبادرات من قبل؟ أعتقد أن شهداء تونس يستحقون الاعتذار والتعويض. ليس بالضرورة أن يكون التعويض مادّيا بحتا بل يمكن أن يكون في شكل مشاريع وتسهيلات عمل بالنسبة لأبناء وأحفاد الشهداء.
منذر قليقم ( موظف(
التركيز على الاعتذار المعنوي
الدعوة يجب أن تكون رسمية والتعويض يجب أن يكون مادّيّا ومباشرا، التعويض لعائلات الشهداء المشهورين على غرار حشّاد والدغباجي والجربوعي. الأهم من هذا كلّه أن يقع التركيز على الاعتذار المعنوي، وذلك من خلال دعوة نيكولا ساركوزي إلى الاحتفال بعيد الشهداء يوم 9 أفريل بتونس ووضعه إكليلا من الزهور على ضريح الشهداء.
قيس المثلوثي ( موظف(
« ملايين الأوروات « لن يعوّضوا قطرة دم من شهدائنا الأبرار
مهما عوّضوا لن يكون كاف. وملايين الأورو لن يعوضوا قطرة دم من شهدائنا الأبرار. أعتقد أنه يجب التركيز على الاعتذار المعنوي أكثر من أي شيء. وزيادة على ذلك يجب على السلطات الفرنسية أن تكشف للتونسيين عديد الملفات الغامضة مثل عملية اغتيال فرحات حشاد.
)المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد110 بتاريخ7 نوفمبر 2009(
ولاية خامسة للرئيس التونسي زين العابدين بن علي
مسرحية انتخابية تونسية على الطريقة السوفيتية
بقلم:حميد سكيف
أعيد انتخاب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي لولاية رئاسية خامسة حيث أظهرت النتائج النهائية، التي أعلنتها وزارة الداخلية التونسية حصوله على نسبة 89.62 بالمائة من إجمالي أصوات الناخبين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ما يثير الكثير من الأسئلة حول واقع ومستقبل الديمقراطية في هذا البلد. الروائي والصحفي الجزائري حميد سكيف في تعليق نقدي على المشهد السياسي التونسي الراهن.
يمسك الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بمقاليد السلطة في تونس منذ اثنين وعشرين عاما، وفي سن الثالثة والسبعين، « يظفر » مرة أخرى بولاية خامسة، ولاية لن تكون الأخيرة كما يؤكد المعلقون السياسيون، ولم لا ولاية سادسة وسابعة وثامنة؟ يزايد آخرون، وإلى ما لا نهاية يطالب البعض، أو مدى الحياة، دون انقطاع بسبب الشيخوخة كما وقع مع الحبيب بورقيبة، مؤسس الجمهورية الوحيدة في العالم، التي اعتلى السلطة فيها رئيسان طيلة اثنين وخمسين عاما حتى الآن.
ولكن بعيدا عن هذه التفاصيل التي لا قيمة لها، فإن المفاجأة الكبيرة لهذا الاقتراع الأخير، الذي عرفته تونس يتمثل في النتيجة التي أسفر عنها والتي لم يكن بالإمكان تصورها من قبل، تلك النتيجة التي حققها الرئيس في مواجهة « أرانب السباق » التي تم تجنيدها لتسلية الجمهور.
إن الأمر أشبه بزلزال، بصدمة لم نقس حتى الآن مداها وعواقبها. « ثورة تنبئ بربيع ديمقراطي » يقول في ذكاء أعضاء قدامى في نظام زين العابدين بن علي. كيف نفهم أو نتقبل أن يقنع الرئيس بنتيجة تسعة وثمانين فاصلة اثنين وستين في المائة من أصوات الناخبين وهو الذي حصل على نتائج سوفيتية من قبل: تسعة وتسعين فاصلة سبعة وعشرين سنة 1989 وتسعة وتسعين فاصلة واحد وتسعين سنة 1994 وتسعة وتسعين فاصلة أربعة ،وأربعين سنة 1999 وأربعة وتسعين فاصلة تسعة وأربعين سنة 2000 ، ليجد نفسه فجأة في سقوط حر مع النتيجة غير المتصورة تسعة وثمانين في المائة. لكن إذا حدث ذلك فلأنه يريده، كما يقول العارفون بشؤون الحكم، وهو رأي له ما يسنده،. فحاكم قصر قرطاج الشهم منح « لمنافسيه » بعضا من بطاقات الاقتراع حتى لا يفرط في إهانتهم.
هزلية المشهد السياسي التونسي
وبسبب تواضعه تنازل عن اللجوء إلى القضاء لاسترجاع هذه الأصوات، التي تعود إليه في الأصل. فهو يعرف أن الشعب يقضي تحت الدبابات من أجله، بل ليس الشعب وحده، فمثقفون مشهورون مثل مزري حداد، فيلسوف الخدمة الألمعي، مستعدون لأن يقطعوا جسدهم إلى أربع بل وإلى ثمان. إنهم يعلنون أن زين العابدين بن علي شخصية عبقرية. لقد أنقذ تونس من كل الأخطار التي كانت تتهددها وصنع منها واحة مسالمة يضرب بها المثل في الغرب. ففي هذا البلد لا نعذب السجناء، بل نداعبهم فقط. بل لا يوجد هناك سجناء رأي على غرار الدول المجاورة، لأنه لا وجود أصلا لرأي. كما لا نصادر كتبا كما نفعل في الجزائر.
كما لن تخطر لأحد فكرة أن يكتب كتابا عن الرئيس ولا حتى رسم كاريكاتير عن ابن عمه كما حدث في المغرب. ومن يملك هذه الشجاعة فهو أحمق ويتوجب سجنه بسرعة في ملجأ.. طبعا هناك بعض الصحفيين النزقين الأجانب، الذين يحشرون أنفهم في القضايا التي لا تهمهم، لكنهم لا يمثلون شيئا في نهاية المطاف. إذ يتم طردهم بسرعة وتنظم حملات نشطة ضدهم، أما الصحفيين المحليين فيتم قمعهم بطريقة محلية يملك النظام كل توابلها.
توفيق بن بريك، صحفي، دفع مؤخرا ثمن ديمقراطية بن علي. لقد ثم إلقاء القبض عليه لأنه اصطدم بسيارته مع سيارة امرأة، اتهمته بعدها بضربها وشتمها، ليودع السجن مجددا. وبذلك يدفع الصحفي ثمن مقالاته عن الحملة الانتخابية الرئاسية الرائعة التي سبقت الانتخابات.، شأنه في ذلك شأن زميله سليم بوخدير، مؤسس جمعية الحرية والعدالة أو هذا الشاب، زهير مخلوف، الذي سجن بسبب ريبورتاج عن المنطقة الصناعية في نابل أنجزه لصحيفة إلكترونية.
نظام بن علي: نظام بوليسي ولغز سياسي
نعرف أن إضرابات عمال المناجم في صيف 2008، في منطقة المناجم بقفصة والقمع العنيف الذي أعقبها، قد عرف طريقه إلى الرأي العام العالمي بفضل الانترنت وصور الفيديو، ولهذا يخاف النظام من الانترنت التي يراقبها بشدة. وهو يسجن بشكل ممنهج أولئك الذين يريدون استعماله للدفاع عن الحريات وتسويد صورة الملصقات الإشهارية لبلد تعد السياحة من أكبر مصادره المالية. في حين يعود قسم آخر من المداخيل إلى المساعدات المادية التي يتوصل بها النظام من الدول الغربية والعربية و المنظمات الدولية. وقد وضع النظام، وعبر الجمعيات التونسية أيضا، إستراتيجية حقيقية للسيطرة على هذه الأموال الممنوحة إلى هذا التلميذ النجيب، الذي حصل على نقاط جيدة، أما ما تبقى فإن الغرب يغلق أعينه أمامه.
لكن واستنادا إلى آراء كبار علماء السياسة، فلا أحد يفهم حتى الآن، وطبعا ما عدا الاستراتيجيين الغربيين، سياسة بن علي. إنها سياسة براغماتية، تقوم على فلسفة أمنية أشبه بنظام بوليسي، تهدف إلى الدخول في هدوء بتونس إلى الألفية الثالثة عن طريق حقن البلد بحقنات متجانسة من الديمقراطية. وهو ما يفسر تراجع النتيجة التي حصل عليها الرئيس في الانتخابات، وهي نتيجة ستتراجع من ولاية إلى أخرى بشكل يسمح للناخبين أن يتذوقوا باستمرار الديمقراطية المسئولة ولبن علي وأسرته، منقذوا تونس المعاصرة، أن يكملوا فرض سيطرتهم على الاقتصاد في وقت يظل فيه الشباب بدون عمل وترتفع فيه نسبة البطالة لتصل وفق أرقام رسمية أربعة عشر في المائة.
ولا نحتاج لمعرفة كبيرة حتى ندرك أن هذا الرقم يحتاج إلى تصحيح، لكن كلمة شرف، الرئيس المنتخب مرة أخرى سيعمد إلى تصحيحه، سيضربه بعصا على رأسه لكي يعود به إلى مستوى أكثر تواضعا. لقد استعمل الطريقة نفسها، وبنجاح كبير، ضد معارضة ضعيفة الإرادة. ومع ذلك فإن بن علي يفي بوعوده، ولأجل دعمه في مهمته النبيلة لا يحلم الشباب التونسيون، وعلى غرار أشقائهم الجزائريين أو المغاربة إلا بشيء واحد: عبور البحر الأبيض المتوسط حتى لا يحولوا دون أن يرشح الرئيس نفسه في الانتخابات الرئاسية ما رغب في ذلك!
روائي وإعلامي جزائري معروف
)المصدر: « قنطرة – حوار مع العالم الإسلامي » (ألمانيا – ممول من طرف وزارة الخارجية) بتاريخ3نوفمبر 2009(
الرابط:http://ar.qantara.de/webcom/show_article.php?wc_c=492&wc_id=989
كلمة رئيس الدولة لدى إشرافه على موكب الاحتفال بالذكرى الثانية والعشرين للتحول
قرطاج 7 نوفمبر 2009 (وات) ألقى الرئيس زين العابدين بن علي في موكب الاحتفال يوم السبت بالذكرى الثانية والعشرين لتحول السابع من نوفمبر كلمة فى ما يلي نصها :
« بسم الله الرحمان الرحيم
أيها المواطنون
أيتها المواطنات
يحتفل شعبنا اليوم باعتزاز كبير وبهجة عارمة بالذكرى الثانية والعشرين لتحول السابع من نوفمبر 1987 اثنتان وعشرون سنة من العمل الدؤوب والتطوير الحثيث والبناء المتواصل وفرت للتونسيين والتونسيات من كل الفئات والجهات أسباب الأمان والاطمئنان والعيش الكريم. كما فتحت أمامهم الآفاق رحبة للطموح والتفاؤل بالمستقبل في مسيرة سياسية واقتصادية واجتماعية متوازنة مترابطة المضامين واضحة الأهداف قوامها الحوار والمشاركة والوفاق.
وها نحن نواصل المسيرة مع شعبنا وفاء للأمانة التاريخية التي تحملناها من أجله واعتزازا بثقته المتجددة في سياستنا وخياراتنا وانخراطه في برامجنا وتوجهاتنا.
ويطيب لي أن أتوجه بالشكر والتقدير إلى كل الذين ساندوا ترشحي وصوتوا لفائدتي وتجاوبوا مع برنامجي من المواطنين والمواطنات وكذلك إلى حزبنا العتيد التجمع الدستوري الديمقراطي والى سائر الأحزاب الوطنية والمنظمات والجمعيات عامة.
كما أعبر عن كامل ارتياحي واعتزازي بنجاح سير العملية الانتخابية الرئاسية والتشريعية بكل مراحلها وعلى جميع مستوياتها.
لقد جرت هذه الانتخابات في كنف النظام والانضباط والوضوح والشفافية واحترام القانون أمام مرأى سائر الملاحظين التونسيين والأجانب.
وأقام الشعب التونسي من خلال هذه الانتخابات الدليل مرة أخرى على وعيه بحقوقه وواجباته وعلى نضجه السياسي والحضاري وخصوصا على جدارته بحياة ديمقراطية وتعددية متطورة.
وأريد أن أتوجه بهذه المناسبة الوطنية المتميزة بخالص التهنئة إلى السادة أعضاء مجلس النواب الذين فازوا بثقة المواطنين والمواطنات في دوائرهم والذين يسعدني أن أزورهم في مجلسهم الموقر قريبا لأداء اليمين الدستورية أمامهم وأمام السادة أعضاء مجلس المستشارين.
كما أهنئ في هذا الموكب الوطني البهيج كل من سينالهم التكريم بعد حين بوسام السابع من نوفمبر مقدرا جهودهم القيمة في ترسيخ مشروعنا الحضاري وتعزيز مقوماته ومكبرا في الوقت ذاته جهود سائر كفاءاتنا الوطنية ومبدعينا وما يقدمونه للوطن من خدمات وإضافات.
وأتوجه كذلك بالتهنئة إلى الأستاذ بالأشهب الشهباني الذي أحرز على جائزة 7 نوفمبر للإبداع لهذه السنة مثنيا على جهوده في اختراع آلة في اقتصاد المياه وحاثا إياه وسائر الباحثين التونسيين على مزيد النجاح والتألق.
ونحن دائما على العهد من أجل تونس برا بها وإعلاء لشأنها ووفاء لشهدائها وللأجيال من مناضليها نتفاني في خدمة مصالحها ونتقدم بشعبها أشواطا جديدة على درب العزة والازدهار.
وإن عزمنا اليوم على مزيد إثراء المسار الديمقراطي التعددي وتوسيع معالم الرقي والرفاه ببلادنا أقوى وأرسخ من أي وقت مضى. وسنواصل العمل في هذا السبيل معززين بثقة مواطنينا ومواطناتنا أوفياء لبرنامجنا للسنوات الخمس القادمة معولين على ذكاء أبنائنا وبناتنا وعلى ما يزخر به مجتمعنا من طاقات وكفاءات لرفع تحديات المرحلة وكسب رهاناتها. والله الموفق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. »
)المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 7 نوفمبر 2009(
لهذه الأسباب تطورت تونس… وانتفت فيها مظاهر الفساد
تأجيل تنفيذ مشروع «سما دبي» خلافا للمشاريع الاستثمارية الاخرى
تونس ـ الصباح
كانت حصيلة منجزات التغيير في تونس على جميع المستويات سياسيا وقضائيا واجتماعيا واقتصاديا، وآفاق تطويرها خلال الخماسية المقبلة، محور ندوة صحفية مشتركة عقدها وزراء العدل وحقوق الانسان، والشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج، والتنمية والتعاون الدولي،
وذلك يوم أمس بمقر الوكالة التونسية للاتصال الخارجي. فقد عرض السيد بشير التكاري وزير العدل وحقوق الانسان منجزات المنظومة الحقوقية والعدلية في تونس منذ تغيير السابع من نوفمبر، وقال في هذا الخصوص « ان التحول الذي عاشته تونس كان تحولا على جميع الاصعدة اجتماعية كانت او اقتصادية، أو سياسية، وخاصة في مجال تدعيم حقوق الانسان وتطوير المنظومة القضائية ». مشيرا أن رئيس الدولة أكد في بيان 7 نوفمبر 1987 « ان الشعب بلغ درجة من الوعي اهلته لان يكون جديرا بان يحظى بحياة سياسية متطورة.
وبين أنه بالفعل حصل هذا التطور الذي وعد به رئيس الدولة على عدة مستويات منها اعادة الاعتبار للنظام الجمهوري بإلغاء الرئاسة مدى الحياة والاعداد لانتخابات دورية جرت في مواعيدها منذ التحول مع تطوير دائم من انتخابات لاخرى في النصوص والممارسة..
فضلا عن اقرار التعددية، فقبل 7 نوفمبر 1987 كانت توجد 4 أحزاب سياسية فقط واليوم ارتفع عددها لتبلغ 9 أحزاب سياسية تشارك فعليا في الحياة السياسية لا فقط اثناء الفترة الانتخابية التي تجرى وفقا لمبادئ أساس المساواة والشفافية بل أيضا تشارك في الهياكل والغرف النيابية والمجالس البلدية والجهوية والمجالس الاستشارية. وأبرز التكاري أن المشهد الاعلامي تغير جوهريا كمّا ونوعا، إذ تطور عدد الصحف والقنوات التلفزية الخاصة، كما تطور المحتوى الاعلامي الذي أصبح يكرس التعددية ولا يختلف عن أي محتوى في أي بلد ديمقراطي.
مضيفا بأن العنصر الاخر الذي تحقق بعد التغيير دعم حقوق الانسان وهو أول ما اكد عليه الرئيس بن علي عند توليه الحكم. موضحا بأن حقوق الانسان خيار اساسي في مسيرة الاصلاح منذ 7 نوفمبر، ولا تخلو سنة من إصلاحات من أهمها أن كان الاحتفاظ والايقاف التحفظي قبل التحول غير منظم أي يمكن الاحتفاظ بصفة غير مقننة وبآجال غير محددة، وكان اول قانون بعد تغيير تنظيم الاحتفاظ والايقاف التحفظي وإخضاعه للرقابة القضائية ولاجال ما انفكت تنخفض. وأضاف التكاري أن تونس صادقت على كل الاتفاقيات الدولة وعلى البروتوكولات الاختيارية جعلها تتعامل ايجابيا مع أجهزة الامم المتحدة لحقوق الانسان. مفيدا بأن لجنة حقوق الانسان أقرت بتطور منظومة حقوق الانسان في تونس وكذلك الشأن لمجلس حقوق الانسان.
وقال إن المنظومة القضائية تطورت من حيث التشريع، فالرئيس بن علي لم يحافظ عليها فقط بل أثراها بإقرار المسؤولية المشاركة للزوجين وتكريس حقوق المرأة وأعطى مبادئ المجلة مكانة دستورية بأن أدرج ضرورة المحافظة عليها في الفصل 8 من الدستور. مشيرا بأن مسيرة الاصلاح لا تتوقف، فقد أعلن رئيس الدولة في برنامجه الانتخابي عن مجموعة من القرارات في المجال منها تيسير التقاضي للتونسيين المقيمين بالخارج، وتوحيد الرشد القانوني واحداث نظام جزائي خاص بالاطفال وحماية الطفولة…
تكامل السياسية الاجتماعية
أبرز السيد علي الشاوش وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج أن البعد الاجتماعي له مكانة متميزة في سياسة الرئيس منذ التحول، ويتجلى ذلك في فكره وبرامجه وفي السياسيات التي تم اعتمادها منذ 22 سنة لبناء مجتمع ديمقراطي تعددي متوازن قوامه بالخصوص تلازم البعدين الاقتصادي والاجتماعي.
وقال إن الرئيس أعطى مكانة متميزة لقيمة التضامن ليس فقط في مفهومه التقليدي ولكن أيضا بإعطاء أولوية مطلقة للادماج مكنت عددا كبيرا من التونسيين الذين يعيشون تحت عتبة الفقر من المساهمة في تنمية البلاد والتحقوا بالدورة الاقتصادية والاجتماعية.
مشيرا إلى تلازم التنمية وعدالة توزيع ثرواتها، ودعم تكافؤ الفرص بين كل الفئات والشرائح والعمل على القضاء على الفقر، ومقاومة كل اشكال الاقصاء، وإرساء مقومات الامن الاجتماعي في اطار دعم الحوار والمشاركة والتكامل مع مكونات المجتمع المدني..
مضيفا بأن الانسان محور التنمية الاجتماعية والاقتصادية والمستفيد الوحيد من هذه الخيارات الاجتماعية وهي من جوهر مشروع التغيير في ما يتعلق بدعم حقوق الانسان في مفهومها الشامل.
وأفاد الشاوش بأن برنامج بن علي الانتخابي للخماسية القادمة، وانطلاقا من المكاسب التي تحققت يهدف الى تدعيم هذا البعد الاجتماعي ومواصلة العمل على بناء قاعدة للتنمية وتدعيم مكانة الطبقة الوسطى والمشاركة والتكامل مع المجتمع المدني.
معددا بعض الاهداف التي سيتم العمل على تحقيقها في الفترة المقبلة على غرار الترفيع في نسبة التغطية الاجتماعية لتصل إلى 98 بالمائة في نهاية 2014، وهي التي لم تكن تتجاوز 54,6 بالمائة فقط يوم التحول. ودعم الطبقة الوسطى من 80 بالمائة حاليا إلى 85 بالمائة نهاية 2014. والتقليص من نسبة الفقر التي تدحرجت إلى 3,8 بالمائة بعد ان كانت تحوم في 8 بالمائة قبل التغيير. فضلا عن بلوغ هدف 90 بالمائة من العائلات التي تمتلك مسكنا.
وبين أن التحويلات الاجتماعية تمثل اليوم 19 % تقريبا من الناتج المحلي الاجمالي وتبلغ 60 % من ميزانية الدولة، كما تمثل التحويلات الاجتماعية معدل 333 دينارا للعائلة الواحدة. كما سيتم العمل على تحسين نسبة التغطية في طب الشغل والوصول بها إلى 70 %. ومواصلة الاحاطة بالفئات ذات الاحتياجات الخصوصية من معوقين ومسنين. وقال الشاوش إن السلم الاجتماعي قيمة ثابتة في تونس، وهو مبني على الحوار وعلى المصلحة المشتركة. ويهدف إلى المحافظة على سلامة المؤسسة وقدرتها التنافسية، مضيفا بأن تونس من البلدان القليلة التي تحافظ على انتظام جولات تفاوضية كل 3 سنوات لايجاد اتفاقيات في ما يتعلق بالاجور وتحسين ظروف العمل.
وأبرز أن السياسة الاجتماعية في تونس متكاملة تهدف بان ينعم كل التونسيين بالتغطية الاجتماعية، وبتحسين ظروف وقدرة عيشهم والاحاطة بذوي الاحتياجات الخصوصية.. مشيرا إلى أن خصوصية المقاربة التونسية تعتمد التضامن كقيمة حضارية إذ مكن صندوق التضامن الوطني من تحسن أوضاع 1,3 مليون تونسي تمتعوا بتدخلات الصندوق.
اقتصاد مهيكل ومتوازن
من جهته أوضح السيد محمد نوري الجويني وزير التنمية والتعاون الدولي، أن الاقتصاد التونسي شهد منذ التحول اصلاحا هيكليا جعلته اليوم مغايرا تماما، فقد كان مسيرا في معظمه من قبل الدولة. أما اليوم فهو اقتصاد حر يستند الى آليات السوق ويعتمد النجاعة، ويرتكز على العناصر التنافسية ويستمد نموه من مساهمة القطاع الخاص الوطني والاجنبي.
وأفاد أن مساهمة الخاص تبلغ اليوم ثلاثة أرباع نمو المؤسسة، وأت الاستثمار القطاع الخاص تجاوز 60 بالمائة من جملة الاستثمارات. مشيرا إلى أن إصلاح الاقتصاد الوطني لم يتوقف رغم الهزات العالمية، كما لم تتراجع تونس في أي إجراء اقتصادي اعتمدته بل بالعكس حتى في فترة تلجأ فيها بعض الدول الى الحماية، واصلت تونس تفتحها على الخارج.
وقال الجويني إن الاقتصاد التونسي يتميز بتوازن مصادر هيكلته، في مستوى عناصر النمو المتعلقة بالطلب بين الاستهلاك والاستثمار والتجارة الخارجية. وتساهم اليوم المبادلات مع الخارج في ثلث النمو السنوي كما تضاعفت الصادرات منذ التحول وتغيرت تركيبتها تماما وهي التي كانت مكونة اساسا من المواد الاولية.
وأضاف الاقتصاد الوطني يتميز قطاعيا بالتوازن على مستوى مساهمة القطاعات في النمو فقطاع الخدمات يساهم في 55% من النمو، والصناعة 30 %، والفلاحة بحوالي 10 %، وهذه الهيكلة تقترب من هيكلة الاقتصاد المتقدم. كما تتميز القطاعات بالتنوع، وهو ما عزز قدرتها على التصدي للازمات الخارجية، وامتصاص جانب كبير من الازمات بفضل توزيع المخاطر، وتنوع الاسواق الخارجية.
وقال إن تونس اتخذت مبادرة الانفتاح رغم صغر حجم اقتصادها منذ اواسط التسعينات، واختارت نهج الاندماج في الاقتصاد العالمي، وكانت اول دولة في المنطقة توقع اتفاقيات شراكة مع أوربا. وأصبحت ميزانية الدولة موجهة أساسا الى القطاعات الاستراتيجية على غرار الاستثمار، كما تم توظيف النمو الاقتصادي الى الرقي الاجتماعي. وهو ما يفسر تحسن مؤشرات التنمية البشرية.
على غرار ارتفاع الدخل الفردي إلى 5 آلاف دينار سنويا، والمقدرة الشرائية إلى 9 آلاف دينار، وتغطية شاملة للمرافق الاساسية، مشيرا إلى أن مشاغل الاقتصاد تولدت من هذا التطور من أبرزها التشغيل والبطالة، وضغوطات الموارد الطبيعية والطاقية والبيئية..
رفيق بن عبد الله- خليل الحناشي
)المصدر : جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 7 نوفمبر 2009(
التكاري: الفساد مجرد ادعاءات..
في رده على أسئلة الصحفيين، نفى السيد بشير التكاري وجود ظاهرة الفساد في تونس، وقال إنها « مجرد ادعاءات ». وأكد أن البلاد التي تستفحل فيها ظاهرة الفساد تكون فيها جل المؤشرات سلبية، مفيدا بأن تونس تأتي ثانية عالميا من حيث مؤشر حسن التصرف في المصاريف العمومية ورقابتها. ومن حيث مؤشر شفافية الاعمال..
وبين أن ما يدحض هذا الادعاء هو نمو نسق الاستثمار في تونس الذي يتأكد من سنة لاخرى ولم يتوقف، وتونس اليوم من أكثر الدول المستقطبة للاستثمار..مضيفا في السياق ذاته بأنه حتى لو حصل فساد فإن المنظومة القضائية والجزائية التونسية متطورة مقارنة حتى بالدول الغربية، للتصدي لكل أشكال الفساد.
حول حرية الصحافة والتعبير
وعن سؤال تعلق بحرية الصحافة والتعبير، قال التكاري أن حرية الصحافة في تونس يكلفها الدستور، وقال « لكن يجب ان نعرف من أي وجهة ننظر اليه، فالوجهة الموضوعية اكدتها لجنة الامم المتحدة المتكونة من خبراء ومستقلين، او من خلال مجلس حقوق الانسان أكدت أن تونس ليست من الدول التي تنتهك فيها هذه الحريات الصحفية« .
وقال: » تصفحوا الصحف المستقلة وصحف المعارضة لتقفوا على حرية الصحافة: » مشددا على أن من واجب أي دولة حجب أي موقع الكتروني يدعو الى الارهاب او الجرائم او يثلب الناس دون بيان المصدر الى ان يتناسب ومقتضيات القانون والاداب العامة« .
وأكد التكاري أن التغيير اقترن بتدعيم حرية الصحافة وتسهيل مهام الصحفيين. وقال » الصحفي عندما يمارس المهنة وينقل خبرا فهو صحفي وجدير بأدائه لهذه المهام، الا أنه عندما يقوض الامن العام وسلامة الاشخاص فإن صفته لا تمنع من تتبعه قضائيا« .
وعن حالة توفيق بن بريك أفاد أنه ثبت لدى باحث البداية الى حد الان على أساس ما توفر من شهادة طبية ومن بينة شهود حضروا الواقعة، انه اعتدى بالعنف على امرأة وتأكد الاعتداء بشهادة الشهود وشهادة طبية، وصرحت المرأة لوسائل الاعلام انها ليست لها علاقة بأي جهة رسمية ».. وأكد الوزير على توفر جميع الضمانات القانونية للمتهم بحيث تتم زيارته للسجن من قبل عائلته ومحاميه، وهو يتمتع بصحة جيدة، وسيقدم لمحاكمة علنية بحضور محاميه.
وكذلك الشأن بالنسبة لزهير مخلوف، إذ أكد التكاري أنه « ثبت عدم احترامه لحق شخص في الصورة، بعد أن التقط صورة لتونسي بصدد العمل على آلة فخار ونشرها دون إذنه، وحماية هذا الحرفي مستحقة وهو معروف وليس له علاقة بالسلطة« .
67مفرجا عنهم بسراح شرطي
كما أكد وزير العدل وحقوق الانسان على أن المسجونين في ما بات يعرف بقضية الحوض المنجمي والذين تم اطلاق سراحهم على إثر قرار رئيس الدولة اصدار عفو عنهم بالسراح أو السراح الشرطي، لم يتم محاكمتهم بسبب نشاطهم النقابي، بل بسبب تورطهم بأعمال شغب وإضرارهم بأشخاص وبأملاك عمومية وخاصة. مفيدا إلى أن عدد المنتفعين بقرار السراح الشرطي بلغ 67 سجينا.
واجابة عن سؤال تعلق بمدى التقدم في مفاوضات الشريك المتقدم مع الاتحاد الاوربي، أفاد وزير التنمية والتعاون الدولي أنه تم الاتفاق على ان تسير المفاوضات التي انطلقت منذ فترة في اطار العلاقة الممتازة واتفاق الشراكة وسياسة الجوار.
وبالعودة إلى مسألة الفساد، أبرز أنه ليس غائبا في أي بلد، لكن اعتمادا على تقارير دولية مثل تقرير معهد كندي للحكم التابع لجامعة هرفارد الذي يرتب البلدان على اساس مؤشر معيار الحوكمة، تحصلت فيه تونس على 71,5 نقطة في مرتبة أولى عربيا، وافريقيا فضلا عن تصنيفات أخرى من هياكل دولية أخرى صنفت تونس في مراتب متقدمة.
وأوضح أن توصل تونس الى تحقيق نتائج ايجابية في جميع المؤشرات تعود الى تحسن مؤشرات الحوكمة فيها. وهو ما شجع المؤسسات الدولية النقدية على غرار البنك الدولي والبنك الافريقي للتنمية على مضاعفة حجم اقراض لتونس..
14,3بالمائة نسبة البطالة
وعن مسألة البطالة، أوضح الجويني أنها بلغت في تونس حاليا 14,3%. مفيدا بأن الطلبات الاضافية للتشغيل تنمو بـ2,5 % سنويا، لكنه بين أنه تم التمكن من التحكم في مدة البطالة، إذ أن ثلثي العاطلين يحصلون على عمل خلال السنة الاولى من طلب الشغل، وأكثر من 80% من العاطلين لا تتجاوز مدة الانتظار لديهم سنتين. وتبلغ نسبة العاطلين ممن تجاوزت مدة بطالتهم 5 سنوات 2%. مضيفا بان الهدف خلال الخماسية القادمة يتمثل في تقليص نسبة البطالة بنقطة ونصف، من خلال تلبية 85 الف طلبات الشغل سنويا..
تأجيل تنفيذ مشروع سما دبي
وعن سؤال تعلق بوضع المشاريع الاستثمارية العقارية خاصة منها مشروع سما دبي، أكد الجويني على أن جل المشاريع الاستثمارية تسير حسب الرزنامة المحددة لها ما عدا مشروع سما دبي لاعتبارات معروفة مرتبطة بتأثير الازمة المالية على امارة دبي واعادة الهيكلة المقررة للمؤسسات الحكومية. موضحا بأن المؤسسة المعنية طالبت بتأجيل موعد تنفيذ المشروع، لكنه طمأن على أن الرغبة ما تزال موجودة بين الطرفين والامر يتعلق فقط بتعديل رزنامة إنجاز المشروع.
وعن مشروع ميناء المياه العميقة، قال إنه تأثر أيضا بالازمة الاقتصادية العالمية، لكنه أوضح أن الدولة بصدد التفاوض مع مؤسسات استثمارية ترغب في انجاز المشروع، وشدد على أن تونس أعطت الاولوية لانجازه مهما كانت الطريقة، نظرا لاهميته الاستراتجية التنموية، وسيتم تنفيذ المشروع في إطار لزمة، وأن تعذر سيتم النظر في في الصيغ الاخرى الممكنة..
)المصدر : جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 7 نوفمبر 2009(
المدرسة والمجتمع وأزمة القيم( الجزء الأخير(
بقلم:الدكتور محمد السيد
خامسا: خطــاب المجتمع:
لقد عجز المجتمع بفعل سيادة سلوكيات متوارثة وتقليدية أو انتهازية وصولية، عن التحول إلى مجتمع مدني ممأسس، قادر على التأثير والفعل والاقتراح والرفض أو الاحتجاج.. مساهما بذلك في تثبيت أسس »ثقافة المواطنة والحق والواجب والتعدد والاختلاف في الفكر والوجدان والممارسة الاجتماعية« .
ومثل هذا الوضع يؤثر سلبا في الأداء التربوي والثقافي لمجمل مؤسسات وهيئات وفعاليات هذا المجتمع المدني المذكور، فبدل أن تتحول إلى مؤسسات تربوية موازية للنظام التربوي داعمة لأدواره في مجال التنشئة الاجتماعية والثقافية والسياسية، رهنت نفسها في حسابات سياسوية أو مصلحية ضيقة، وارتمت في أحضان صراعات على سلط أو مواقع أو أدوار، الأمر الذي ينم عن ضيق أفقها الفكري والسياسي والاجتماعي؛ فالمؤسسة الحزبية فشلت في المساهمة الفعلية لإنجاح عملية الانتقال الديمقراطي، وعجزت عن أن تشكل قوة اقتراحية حقيقية قانعة أو مكتفية بسياسة وسلوك رد الفعل فقط، لذلك عجزت عن صياغة مشروع سياسي واضح.
وكما فقد المواطن الثقة في المؤسسة التربوية، فقد الثقة في الأحزاب؛ فحصلت القطيعة بين النـخـب الحزبية والمطالب الحيوية للمواطن لتكريسها لاستمرارية أشكال وأنماط الاشتغال السابقة للتجربة الديمقراطية، زد على ذلك عدم أهلية المؤسسة الحزبية لقيادة الانتقال الديمقراطي وعجزها عن القيام بوظيفتها التأطيرية، وتكريسها لواقع العزوف السياسي؛ وذلك من خلال مظاهر متعددة أهمها: غياب التقاليد الديمقراطية داخل الأحزاب نفسها(أزمة تدبير الخلاف، الانشقاقات المتعددة، التحالفات غير الطبيعية، غياب برامج واضحة، وتقارب خطابات هذه الأحزاب رغم اختلافاتها الإيديولوجية)، وغياب المسؤولية الحزبية لدى بعض النخب الحزبية. والخلاصة تعثر الانتقال الديمقراطي بسبب التكوين الداخلي للأحزاب وخطابها، وبسبب تدخلات السلطات، مما يؤدي إلى تكريس ممارسات معاكسة لإرساء الديمقراطية.
فالمجتمع بعيد عن أن يمثل »مجتمع الجدارة والحداثة » بتبنيه وإعماله لقيم ومبادئ المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان؛ فهو لا يزال يشتغل وفق آليات لا عقلانية كالرشوة والمحسوبية والزبونية والفساد والأنانية والانعزالية، وتقديم المصلحة الخاصة، وذلك على حساب المساواة والاستحقاقية والكفاءة والمشاركة وتقدير المصلحة العامة وأخلاق المسؤولية.بعبارة أخرى هناك أزمة معنى أو محتوى سوء في المستوى السياسي أو الاجتماعي؛ يتعلق الأمر بالتوليد المفرط للأشكال يوازيه إفقار حاد للمضامين أو المنتوج والمردود، أليس هناك من ألسنة(فاسدة أو صادقة) تتحدث عن حكومتين إحداها للحكم والأخرى للإدارة؟ أليس هناك غرفتان في البرلمان كلفة إحداهما المادية قادرة على تشغيل مئات المعطلين من حملة الشهائد العليا؟ أليس هناك كليات سيكون إلى جنبها الآن كليات متعددة التخصصات؟ أليس هناك كثرة الأحزاب دون تعددية حقيقية، أليس هناك كثرة الجمعيات والمنظمات التي تشتغل لأجل التهيئ لأدوار سياسية بعد أن أفرغت الأحزاب من محتواها وفقدت مقبوليتها الاجتماعية.باختصار إذا كثرت الأشكال ارتفعت التكلفة وقل الإنتاج وغاب المعنى، وإذا غاب المعنى غابت العقلانية!
وإن مجتمعا يتنفس في مثل هذه الأجواء، لبعيد كل البعد عن بناء ثقافة سياسية جديدة يتكون في إطارها تربويا واجتماعيا مواطن عضوي منخرط في هموم واهتمامات مجتمعه السياسية والاجتماعية والحضارية، بل تعمل على العكس من ذلك على بروز وتطور »نسق قيمي » مغاير يكرس في العديد من مكوناته ومستجداته ما يمكن تسميته بـ »ثقافة الانحطاط »بكل قيمها ونماذجها السلوكية اللاعقلانية الآنفة.
وهكذا يبدو من خلال الخطابين أن المدرسة والمجتمع تمران بحالة مرضية؛ أزمة قيم تعكس حقائق مؤلمة في سياق يقضي بأن »الحياة سباق بين التربية وحلول الكارثة« .
لذلك يمكن القول على سبيل التسليم:
سادسا: لا يمكن إصلاح المجتمع إلا بإصلاح المدرسة:
إذا صح هذا الزعم فإنه لا يمكن إصلاح المدرسة إلا بتوافق مع انتظارات المجتمع مع إرفاد التلميذ/مواطن المستقبل بالمعارف العلمية والتكنولوجية الموازية للتنمية الدولية وعولمة الأسواق ومع إعمال قيم إيجابية تضفي الحيوية والضمان على التنمية المجتمعية وترسخ معاني التوافقية وقبول الآخر.بمعنى آخر لا يمكن أن تتطور المدرسة ولا أن يتطور المجتمع إلا إذا كان هناك توافق على قيم معينة تجيب عن أسئلة من قبيل:
–أي فرد وأي إنسان نريد تكوينه للمستقبل؟
–أي مجتمع نريد العيش فيه، وتتحقق فيه فرص الحياة الكريمة؟
الإجابة عن مثل هذه الأسئلة تقتضي قيام مدرسة ديمقراطية، ولا ديمقراطية إلا بالتشارك والتعددية، وعندما نتكلم على ديمقراطية تشاركية تعددية: العدالة، الحرية، التضامن، فإن كل واحدة من هذه القيم تحيل على قيم أخرى، فالعدالة تفترض الإنصاف، والحرية تستلزم المسؤولية، والتضامن يؤدي إلى الالتزام.
إن التركيز على هذه القيم معناه إعطاء المدرسة معنى، وهذا المعنى لا يوجد حقيقة في المواد المدرسة ذاتها؛ إنه بناء يتم إنتاجه وإسقاطه عليها من خلال استعمالها وفعاليتها؛ أي من خلال إمكان الحياة بها مستقبلا عندما يتحول النجاح الدراسي إلى ضمانة للنجاح الاجتماعي، ولا ضمان لذلك إلا إذا انتقلنا من ديمقراطية صورية؛ ديمقراطية الأشكال إلى ديمقراطية حقيقية اجتماعية، تتجسد في صيغة انتقال من »الشكل الديمقراطي » إلى »الجو الديمقراطي » أو من »الديمقراطية الكمية » إلى »الديمقراطية النوعية »، وهذا معناه أن ديمقراطية التعليم لا ينبغي خلطها كما حدث في كثير من الأحيان بما اصطلح على تسميته بالتعميم، فتعميم التعليم يخلق ديمقراطية كمية عادة ما ترافق بتنامي التمييز الداخلي. يجب إذن، التمييز بين تحقيق التمدرس وبين تكافؤ الفرص. ولقد بينت التجارب أن التفاوتات الاجتماعية تنعكس في المسارات الدراسية، فالتلاميذ ذوو الأصول الشعبية عادة ما يتم تكديسهم في مسالك لا تضمن الترقية الاجتماعية: إن الذهاب إلى المدرسة شيء والنجاح الدراسي شيء آخر، أما النجاح الاجتماعي فشيء آخر غيرهما.
وإذا كان مشكل التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية عاملا رئيسا في الشرخ الاجتماعي الذي يهدد تماسك المجتمع أكثر مما تهدده الانقسامات الثقافية والإثنية، فإن على المدرسة حتى في ظل هذا الشرخ، أن تعمل على إعادة بناء الروابط الاجتماعية على أساس مثل المساواة والحرية والعدالة، أنسب القيم للمجتمعات الديمقراطية.
ومن ثم على المدرسة، بل وعلى المؤسسات الموكول إليها مهمة التربية، أن تعمل على:
إعداد الفرد للمشاركة في المجتمع الذي يعيش فيه ويهتم بشأنه العام وعلى تطوير وعي اجتماعي يحفزه على فعل ذلك.
–العمل، والسياق الدولي سياق ارتباطات متبادلة، على صياغة الهوية الثقافية مع إمكان الانفتاح على العالم، وبلورة مفهوم للمواطنة في مجتمع متعدد.
ومن المناسب الإقرار بأن هذه المطامح الكبرى لن تتحقق إلا إذا أدرجت الدولة المشروع التربوي ضمن مشروع مجتمعي وليس استجابة لإيديولوجيا سياسية هدفها إدارة الأزمة لا حلها أو استجابة لإملاءات قوى خارجية معللة بسوء تدبير القطاع داخليا.
خلاصة القول: إن إصلاح المدرسة شرط كاف لإصلاح المجتمع، ولا يمكن أن تصلح المدرسة إلا إذا توافر الشرطان الآتيان:
– الإمكانات المادية التي لا يمكن إلا أن تكون مكلفة؛ لأنها مستثمرة لأجل الرأسمال البشري بوصفه الهدف والمنطلق.
– الخطط والبرامج التي لا تضمن تعميم التعليم أو التنشئة الاجتماعية للناشئة عبر كفايات وقدرات ومعارف ومهارات واتجاهات ومواقف، أو من خلال النجاح في الامتحانات أو القبول في سلك دراسي معين فقط، بل عليها أن تضمن أن يكون ذلك مستجيبا للوضعية الاجتماعية ومنسجما معها، أي أن يكون كل ذلك قابلا لتصريفه في عالم الشغل والحياة.
من دون هذين الشرطين ستظل المدرسة التونسية تعيش أزمة، وأن تعيشها بمعنى فقدان المعنى أو تحوله أو انزلاقه أو تغير القيم وصدامها؛ فذلك أمر يؤول في نهاية المطاف إلى وجود خلل في العلاقة بين تكلفة الاستثمار المدرسي والعائد الاجتماعي الهزيل، أما إذا فتحنا الزاوية أكثر على السياق الدولي بقيمه السائدة التي يبشر أو ينذر بها، تبين كيف يصدق القول إن »الحياة صراع بين التربية وحلول الكارثة »، وتبين أنه بإزاء تعليم محو الأمية فإن التعليم العمومي هو تعليم يمضي نحو الأمية، ولذلك إذا لم نستطع تحصين مجتمعنا وعالم واقعنا بقوة المعرفة النافعة والقيم الداعمة فإن العالم الآخر حقيقيا كان أو افتراضيا هاهو ذا يبتلينا…وقد يبتلعنا.
عود على بدء:إذا كان خطاب المجتمع خطابا مضادا لخطاب المدرسة فمعنى ذلك أن قيمه غير متطابقة أو متناغمة مع قيمها، وإذا لم تكن لامتطابقة ولا متناغمة فإن المدرسة لامعنى لها؛ لأنها لا تحقق المشاركة في فرص الحياة، ومن ثم فإنها لن تحقق التعايش وتضمنه.
)المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد110 بتاريخ7 نوفمبر 2009(
حدّث المناعي قال…
نصرالدين السويلمي
وأنا أقلّب صفحات تونس نيوز، أتصفح في وجهها أخبار الوطن وأتدرّج من رقم هاتف المعاند سليم بوخذير إلى عريضة الدفاع عن زهير مخلوف، ومنها إلى خبر السبيل أونلاين عن منع زيارة الأستاذ فوزي جاب الله لزهير الأسير وصحته المتدهورة.. إلى منظمات محتشدة في بيان واحد تدفع به الأذى عن الوطن،،، إلى حرّيّة وإنصاف وهي تجاهر بالدفاع عن المجتمع من تحت مطرقة النظام وسندان طابوره الملحق.. ومن التربّص بالنصراوي إلى اللجنة الوطنيّة للدفاع عن حوض الموت والجوع… بين هذا وذاك سلسلة من المنظمات وهبت وقتها للناس، مراسلون بلا حدود، المرصد التونسي.. اللجنة العربية لحقوق الإنسان،،، وصولا إلى محمد الحمروني السائر على الألغام الماسك بشعرة معاوية تخضّه ويخضّها…
وأنا أتابع هموم البلاد المثخنة، يبعث فيّ الأمل هذا التكاتف من أجل الآخر… الكلّ يتحرك من أجل الغير والأيدي متعاضدة تحاول افتكاك بعضها من بين فكيّ سلطة هائجة في أعقاب حبوب انتخابيّة منشطة جرعتها فاقت المعقول، وأنا في هذا الانسجام مع آلة النضال انقطع الإرسال وتغيّر مذاق المقالات لأصطدم بنصّ للسيد أحمد المناعي غرّب بنا والناس مشرّقون!!! نصّا يحاول دفع صاحبه إلى الواجهة ليندس في نصوص تحاول دفع الوطن إلى الواجهة… لا يهمّ مادامت مادة تتربع على صدر نشريّة عريقة والعنوان يوحي بظلم واقع ومحاولة لاسترداد حقوق، تمعّنت في الخبر.. أجهدت نفسي.. تخليّت عن أسلوب القراءة الممتعة، استجمعت ذهني واستنفرته.. ثم تعاملت مع المقال كمعضلة رياضيّة!!… لكن عبثا أحاول.. عاودت قراءة مقال الشيخ الزمزمي، حاولت مقاربته برد المناعي فلم أفلح وتهت بين كلمات الأستاذ أحمد المبهمة فالقبّعة والقلنسوة والطرطور والكبّوس والمظلة… عبارات لم أجد لها رابطا لا من بعيد ولا من قريب، فتنبهت إلى أنّ الرجل كان يحوم لا يبحث عن منفذ بل يبحث عن بوابة كبيرة سمينة، ثقيلة، ثريّة فوجدها في الشيخ محمد الهادي، وأسعفته صروف الدهر ليجد اسمه مدسوسا في أحد مقالات الشيخ، نفض عنه الغبار، نفخ فيه الحياة، صنع حوله هالة.. ثم ألقى بنفسه من بوابة الشيخ إلى حظيرة النهضة وطفق يتخبّط يمينا ويسارا، ينفث حقدا مخزّنا منذ سنين يدفع فاتورة عودة مشروعة الأصل أنها بلا ثمن حتى في قوانين قبائل الهوتو والتوتسي.. ثم انبرى يطلق كلاما غير متجانس يكدّسه باستعجال وقلق وخوف من بقايا ضمير يلجمه… مفردات شحن بها نصه تبدو متوترة صاحبها يريد أن يقول كلاما أي كلام المهم أن يهاجم جهة لصالح أخرى يذم هذه ويمدح تلك.. كبابيس.. على انقلابات… على الغنّوشي… على ألمانيا.. على طرابلسي… على خلخالي.. على ثورة إسلاميّة.. على دبابة… اختلط الحابل بالنابل، المخبزة بالقهواجي بفرنسا بألمانيا بالمغرب بياسين بالإسلام بالكفر… لا ينفع الاسترسال لأنّك لن تستطيع أن تردّ، ولا أن تفهم، ولا أن تتفاعل.. لأنّ النصّ لم يكتب لهذا.. وإنّما كتب لأغراض أخرى تترك لصاحبها، ولضميره،، وللتاريخ…
نقطتين وجب تنبيه السيد المناعي لهما وهما في غاية الأهمّيّة:
الأولى هي تلك التي تظهر أنّ الرجل غاب مدّة زمنيّة كبيرة عن تونس ولم يتواصل معها، وإن فعل ففي أطر ضيقة جدا، يدفعني لقول هذا أسلوبه القديم في تجاهل مخاطبه أو بلغة ذلك الزمن « تهنتيل »، هذا الأسلوب قديم وموغل في القدم، استعمله بورقيبة مع اليوسفيّين في تجاهل أناس كانوا رفاقا له في الحلّ والترحال، وهذا أسلوب تحجيم وتقزيم للخصم، ثم تخلى عنه بورقيبة تماما ليستعملها بعض الطلبة في ما بينهم في مطلع الستينات ثم دخلت في غياهب الموت حتى أتيت على قدر وأحييتها… وكان عليك أن تنتبه إلى أنّ الشخصيّة التي تتحرك فوق الخارطة الحقوقيّة والسياسيّة يشينها ويضعفها عدم معرفتها بمناضل طلابي مرفوض من جامعة في أطراف قابس، أو نقابيّ مضرب عن الطعام في الذهيبة،، فما بالك إذا لم يفهم العامّة كلامك على أنّه تشنيعا، وفهموه على أنّه جهلا بشخصيّة هي أحد مؤسسي الاتجاه الإسلامي أكبر جماعة معارضة في تاريخ بلدك.. ثم هي شخصيّة ترأس الهيئة العالميّة للدفاع عن الدين الإسلامي في تونس، ثم شخصيّة حقوقيّة وقانونيّة تصدّت لكبرى المحاكمات في البلاد.. ثم هي شخصيّة دعويّة خريجة الزيتونة.. ثم هي شخصيّة دعويّة تربوية لا تخطئها المراكز والمساجد المترامية في أرجاء القارّة الأوروبيّة.. ثم هي شخصيّة صديقها القلم وأنيسها الكتاب… إن جهلت هذه الشخصيّة التي يعرفها بورقيبة وبن علي وعبد الرحمن خليف وعبد القادر سلامة والشرفي والمستيري… فأنت تجهل الذي ما دونها وهم كثير وقد تجهل الذين ما فوقها على قلّتهم…
وهذا يطعن في صفتك،، فاستدرك الأمر لعلّ فيه الخير لك ولبعض ماضيك.
أمّا الأمر الثاني وهو قضيّة التكفير، ويبدو أيضا أنّه استعملها متأخرا لأنّها كلمة لم يعد لها دويّها القديم، ولم تعد فزّاعة صالحة لأنّ الجهر بالكفر أصبح مباحا لا تبعات له، ولأنّ كثيرا من الملحدين والدهريّين والذين لا يعترفون بالإسلام وسائر الديانات السماويّة أرهقهم التخفّي وأصبحوا يميلون إلى الجهر بمعتقداتهم وتسلّحوا بقدر من الشجاعة لعدم الخجل بمذهبهم وأفكارهم، ثم أصبحوا يستحون من استعمالها كدرع يحتمون به حين يشار لهم.. هذا بالنسبة لقضيّة الكفر لكنّ الرجل نزل إلى درك آخر فتحدث عن إمكانيّة أن يكون الشيخ قد سمع أحدهم يقول كلمة قد تكون تكفيرا قالها رجل في أقصى الصف الثاني علي يسار المنصة في ألمانيا في شهر مارس من ما يقارب الأربعة عشر سنة، والتكفير بني للمجهول، وأغلب الظنّ أنّ المكفّر الذي تلفط بالكلمة المختلف عنها من أقصى الصف الثاني في اجتماع في ألمانيا كان يقصد الرئيس بن علي وأنّه كان يظن أنّ الشيخ يظن أنّ المكفّر يقصد بن علي.. وصمت ولم يتثبت إن كان المقصود بشبهة التكفير هو الرئيس.. أم غيره.. أم لا تكفير.. والأمر مجرد عدم تكفير.. « خرافة معناها » علاش عملنا هالدورة هذيّة الكل؟؟ من الأول كان لازم سي المناعي يقولها رَاهي النهضة كَفْراتك وأنا قاطعتهم على جالك يا سيّد الرئيس، ورُد بالك راهم ناس خطيرين إمَّالاَ المهجّرين خليهم في المهجر على خاطر ما حبّوش يروحوا كيفما روحت أنا.. وإللي موجودين هنا رجّعهم للسجن خير.. لأني نعرفهم مليح راني قبل قعدت معاهم في تونس وقالولي.. وقالولي.. وقالولي… وراني قعدت معاهم في الغربة وقالولي.. وقالولي.. وقالولي… ومصطلح المجالس بأماناتها!! بلّوه وأشربوا ماه.
المهم أن هذا الداعية يعاند ومصر على أن لا يتنصل من إرثه كما أنّه مصر على أن يتحمل مسؤلية كل كلمة بل كل حرف ضمّنه في كتابه الذائع الصيت لدى الجميع النكرة لدى السيد المناعي « تونس الإسلام الجريح »..وبما أنك مشهور وهو نكرة من الأجدر أن لا تتنصل أنت من إرثك ومن كتابك « إياه« .
قيم المجتمع، عماد سلامته وأساس تماسكه
بقلم:محمد رضا سويسي
اتّفق كلّ المتدخّلين في الشّأن الاجتماعي تقريبا من باحثين اجتماعيين ورجال تربية وفقهاء ورجال سياسة وقانون على اعتبار القيم والأخلاق مكوّنا رئيسيّا في تشكيل مفهوم المجتمع وصياغته حيث تتشكّل في كلّ مجتمع منظومة قيميّة وأخلاقيّة تترسّخ تدريجيّا كعرف يوجّه المجتمع جماعة وأفرادا ويحدّد في صلبه مختلف مقاييس تقييم السلوك والفعل والتّفكير ليشكّل ذلك العرف قانونا من قوانين تسيير مختلف شؤون المجتمع والعلاقة بين أفراده في مختلف مظاهرها ووجوهها وأصناف المعاملات فيها.
وفي صلب هذه المنظومة القيميّة نجد عادة جملة من القيم الّتي تشكّلت وتبلورت في بعدها الإنساني الرّحب لتكون العنصر المشترك بين أبناء الإنسانية جمعاء كما يوجد فيها أيضا ما يأخذ بعدا خاصّا لارتباطه بخصوصيّة الهويّة الحضاريّة والدّينيّة للمجتمع.
ويبقى المستوى الثاني من التفصيل في صلب المنظومة القيميّة وهو مستوى التّفريق المنهجي بين الثّابت والمتحوّل في القيم إذ لا يكاد يختلف اثنان أنّ في القيم ما يبقى ثابتا لا يمكن التّراجع عنه أو استبعاده تحت أيّ تبرير كما أنّه يوجد من أنواع القيم والسلوك ما يكون مستمدّا من روح العصر حيث يكون التّمسّك بثباته ورفض استيعاب المتحوّل فيه نوعا من التّزمّت والانغلاق بل والرّجعيّة.
إنّ طرح مثل هذه المقدّمات للحديث عن مسألة القيم أصبح اليوم ضروريّا رغم كونه يُعدّ من نافلة القول أو من البديهيّات وذلك، بالضّبط، نتيجة اهتزاز كل البديهيّات في كلّ ما يمسّ المنظومة الأخلاقيّة لمجتمعنا بل في كلّ ما يهمّ مجتمعنا بأكمله خاصّة متى تعلّق الأمر بالممارسة اليوميّة للأفراد وللمؤسّسات، سواء كانت هذه المؤسّسات اجتماعيّة أو سياسيّة أو تربويّة أو إعلامية إذ يبدو أنّ تيّار العولمة وسيطرة الإعلام الغربي على الفضاء والعقول قد فعل فعله وحقّق ما تأسّس لأجله. بل إنّ الحرص على اعتبار النّموذج التّعليمي الغربي شكلا ومضمونا هو النّموذج القدوة وإسقاطه على مؤسّساتنا التّربويّة قد كان له التّأثير البالغ أيضا في صناعة عقول وأنماط من التّفكير ومن البشر تكاد تشعر أحيانا أن لا علاقة تربطها البتّة بالمحيط الّذي تعيش فيه وبالحضارة الّتي تنتسب إليها.
فمن »قم للمعلّم وفّه التّبجيل » إلى التّعدّد المخيف لحالات العنف المدرسي الموجّه من التّلاميذ نحو أساتذتهم، ومن تقديس قيمة التّقدير والاحترام للمقام حسب الأعمار والأدوار الاعتباريّة في الأسر والمجتمع إلى أسوإ أشكال الاستهتار بكل أشكال التقدير والاحترام في المجتمع إذ أصبح تلميذ في المراحل الأولى من التّعليم الأساسي يتعقّب معلّمته أما المدرسة ليتلفّظ تجاهها بألفاظ نابية ردّا على ملاحظة ساقتها لتكاسله في القيام بواجبه المدرسي، إلى مختلف مظاهر اللباس المثير للاشمئزاز والتقزّز لما يحمله من مختلف علامات الانبتات والشّذوذ، إلى التمرّد حتّى في الطّريق العام من خلال تعنيف مختلف القوانين المروريّة وتعمّد تعطيل حركة المرور كشكل من أشكال إثبات الذّات والقول: »أنا أتمرّد إذا أنا موجود »، إلى آخر هذه المظاهر الّتي لا تمثّل إلاّ وجها ظاهرا من أزمة قيم أصبحت تضرب قسما كبيرا من المجتمع في حالة خطيرة من التّقليد الأعمى والمشوّه لأنماط من الأخلاق والسّلوك الغريبة على مجتمعنا ولم تكن إفرازا طبيعيّا من إفرازات حركيّته الدّاخليّة وتفاعله مع ظروفه بل هي إفراز لقصف إعلاميّ وثقافي قادم إلينا من الفضاء ومسكوت عنه رسميّا على الأقل من باب التّساهل مع بعض مظاهره الّتي أخذت لها مكانا في وسائل الاعلام العموميّة مثل ذلك »الرجل » الّذي يسير في أحد البرامج بشعر يكاد يلامس رجليه أو تلك المظاهر من اللباس والموسيقى الّتي نراها ونسمعها في قنوات فضائيّة تقتطع المال لبقائها من مال المجموعة الوطنيّة أو تلك المضامين الّتي تعتبر فرار فتاة عن عائلتها والوقوع في الرّذيلة مغامرة طريفة ومشوّقة تستحقّ أن يروّج لها بين أبنائنا وأسرنا في جهاز لا يغيب عن البيت تقريبا.
إنّ كل هذه العيّنات هي اليوم ممّا يدعونا إلى التّذكير بالثّوابت الأخلاقيّة والحضاريّة لهذا المجتمع والّتي تُعتبر جزءا لا يتجزّأ من هويّته الوطنيّة والقوميّة ومن انتمائه إلى الإسلام دينا وحضارة وهي أيضا ممّا يحتّم علينا القيام بواجبنا في الدّعوة إلى السّعي لمقاومة هذا التّيّار الجارف من انهيار القيم والأخلاق وإعادة الاعتبار للقيمة الاعتباريّة لمؤسّساتنا التّربويّة وللمربّين الّذين بقوا المنارة الوحيدة تقريبا السابحة ضدّ التّيار وكذلك إلى النّظر بأكثر جدّية إلى صياغة نموذج إعلامي وثقافيّ وطنيّ نابع من روح ثقافتنا العربيّة الإسلامية وإعطائها من القدرة على المنافسة وفرض نفسها ما يجعلها تحدّ من تأثير الأنماط الوافدة في نفوس وعقول ناشئتنا وتربية هذه النّاشئة على الاعتزاز بذاتها وبتراثها وبقيمها وهو أمر نعتقد جازمين أنّه ليس معزولا عن مشروع مجتمعيّ متكامل يحسن المزاوجة بين القيمي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي يقوم على أنّ الحرّية هي الحق وهي الهدف لكن حرية في معناها الإنساني والشامل والبناء.. حرّية ترتبط بقيم المجتمع وباحترام إنسانية الإنسان فتخرج به من طور المفعول به إلى طور الفاعل الواعي والمسؤول وتعامله ككائن محترم يحقّ له أن يكون وأن ينحت كيانه في صلب مجتمعه وفق أعرافه وقوانينه الّتي يجب أن تكون خادمة لحرّيته لا سوطا مسلّطا عليها فتبعد عنه كل إحساس ظاهر أو باطن بالكبت وتطلقه من عقاله لا في اتجاه التمرد على ذاته وهويّته وإنّما في اتّجاه إثرائهما والتّطوّر بهما وفي انسجام كامل معهما… وتلك هي إحدى أهمّ الخطوات نحو التّحرّر.
)المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد110 بتاريخ7 نوفمبر 2009(
عندما غضب المسؤولون من «حوار الطرشان»
صلاح الجورشي
عندما طلب مني أن أتحدث في أقل من دقيقتين إلى جانب مجموعة قليلة من نشطاء المجتمع المدني أمام الاجتماع الرسمي لمنتدى المستقبل الذي عقد بمدينة مراكش المغربية قبل أسبوع، فكرت في الرسالة التي يجب من وجهة نظري أن أبلغها للمسؤولين الحكوميين في أكثر من 30 دولة باسم المجتمع المدني. وبعد أن استعدت تجربتي الشخصية ضمن هذا المسار الذي انطلق عام 2004، والذي انقسمت بسببه منظمات المجتمع المدني بين مُقاطع ومُشارك، رأيت أن أركز في مداخلتي القصيرة على طبيعة العلاقة التي قامت بين هذه المنظمات والحكومات العربية. لأن هذا اللقاء السنوي بين الطرفين هو الذي أغرى قسما من النشطاء بالانخراط في هذا المسار. كتبت في المقدمة ما يلي: «لا ندعي تمثيل كل المجتمع المدني، وإنما نتحدث باسم جزء منه. المجتمع المدني أصوات متعددة وليس صوتا واحدا. فالذين يتظاهرون ضد منتدى المستقبل هم أيضا جزء لا يتجزأ من هذا الكيان الذي هو في حالة تشكل.«
بعد ذلك، توجهت لأصحاب السمو والمعالي والسعادة الموجودين بقاعة المؤتمر بفندق النخيل الفخم بهذا القول «نحن هنا لكي نراهن على مواصلة التحاور معكم، ولنؤكد على أن مصلحة بلداننا وأيضا مصلحة الحكومات التي تمثلونها تكمن في إقامة شراكة فعلية وحقيقية بينكم وبين منظمات المجتمع المدني. وحتى نكون صادقين معكم نقول بأننا حتى الآن، وبعد مرور 6 سنوات على انطلاق مسار منتدى المستقبل، لم ننجح في إقامة هذه الشراكة». وأضفت «نحن نملك الجرأة لكي نعترف بأن منظمات المجتمع المدني لها نقائص وعيوب كثيرة، لكنها لا تتحمل مسؤولية تعثر هذا المسار. إن الحكومات لم تأخذ هذا المسار مأخذ الجد، بما في ذلك حكومات الدول الصناعية الثماني. لم تصبح الديمقراطية أو الإصلاح السياسي أولوية لديكم. هذا ما نشعر به وتؤكده الوقائع. ستقولون بأنكم حققتم الكثير على الأصعدة المحلية. ونحن لا ننكر بأن خطواتٍ قُطعت هنا وهناك، لكنها تبقى على أهميتها محدودة مقارنة مع ما يجب القيام به. هناك بطء شديد غير مبرر في مجال الإصلاح، بل هناك أحيانا تراجع في بعض القضايا والمجالات. صحيح أن تقبل الحكومات للجلوس والحوار معنا يعد في حد ذاته أمرا جيدا وخطوةً ندعمها، وهي التي جعلتنا نتمسك بمنتدى المستقبل، لكننا نرفض حوار الطرشان كما يجري حاليا، ونطالب بحوار خال من الشكوك، يستند على الحد الأدنى، ويفضي إلى إجراءات بسيطة. حوار يؤسس لثقة متبادلة، ويرفع القيود الكثيرة المسلطة على منظمات المجتمع المدني بمختلف الدول العربية». وختمت مداخلتي بالقول «اطمئنوا، منظمات المجتمع المدني لا تهدف إلى قلب الأنظمة أو التآمر على الحكومات. هذا ليس من طبيعتها ولا هو من وسائل عملها. نحن فقط نريد المساهمة في بناء دولة القانون والمؤسسات والمواطنة الفاعلة».
هذه النبرة لم تعجب بعض الحكومات، حيث عقّب على ذلك كل من ممثل دولة البحرين ورئيس المؤتمر ممثلا في وزير الخارجية المغربي. لقد اعتبرا أن من غير اللائق وصف ما جرى بحوار الطرشان، وأكدا على أن تقدما هاما قد تم تسجيله. هذا الاعتراض جعل نشطاء المجتمع المدني الحاضرين بالقاعة يتوقعون أن ذلك سيشكل منطلقا لحوار مباشر معهم، لكن سرعان ما تواصل المونولوغ الذي ساد أشغال المنتدى السادس. النشطاء يتحدثون عن مشاغلهم ومطالبهم، وممثلو الحكومات يستعرضون ما تحقق من «إنجازات». فماذا يسمى ذلك؟
طبعاً، هناك تفاوت من بلد لآخر، حيث اختارت حكومات أن تنفتح على مجتمعها المدني أكثر من غيرها، ومنها من حقق قدرا ولو محدودا من الشراكة مع المنظمات غير الحكومية المحلية في بعض المجالات، في حين لا تزال حكومات أخرى مستمرة في تجاهلها لدور المجتمع، وتضع عراقيل قانونية وإدارية ومالية للحيلولة دون نموه وتمتعه بحرية الحركة والتأسيس. لكن ما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق هو أن الهدف من منتدى المستقبل كان ولا يزال توفير إطار إقليمي يشارك فيه القطاع الخاص مع منظمات المجتمع المدني إلى جانب الحكومات. وضمن هذا الإطار يجري نوع من التفاوض من أجل التوصل إلى إنجاز عدد من المشاريع ذات الطابع الإصلاحي في عدد من المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومع كل مؤتمر يقع تقييم ما تحقق والاتفاق على خطة جديدة، مما يجعل من هذا المسار حالة تراكمية بناءة. لكن بالعودة إلى حصاد السنوات الست الماضية، نلاحظ أن المراوحة في نفس المكان هي التي طغت، وأن كل ما تم إنجازه لم يتجاوز إنشاء «مؤسسة المستقبل» التي تلعب دورا هاما في دعم العشرات من الجمعيات العربية. وحتى هذا الإنجاز لم تقبله الحكومات العربية، إلا بعد أن مارست واشنطن ضغوطا قوية، وهو ما يفسر عدم قيام أغلب الدول العربية بتقديم مساعدات مالية لهذه المؤسسة.
قد تكون عبارة حوار الصم أو الطرشان غير مناسبة في مؤتمر يحضره كبار المسؤولين في هذه المنطقة، لكن مع ذلك كيف نصف ما يجري منذ سنوات؟
المؤكد أن مسار منتدى المستقبل في حاجة إلى تقييم جدي وصريح
)المصدر : جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 7 نوفمبر 2009(
أشرعة الذاكرة
دخلنا موسوعة غينيس.. وخرجنا من سباق المعرف
عبد الكريم بن حميدة
كثيرا ما يردّد الإعلام على مسامعنا أخبار دخولنا -نحن العرب- إلى موسوعة غينيس للأرقام القياسيّة.. بفضل طبق « كسكسي » أو « لبلابي » أو قطعة « بيتزا » أو صحن « حمص وتبولة » أو قطعة مرطّبات أو.. أو.. الغريب أنّ هذا النوع من الأخبار يسوَّق إلينا باعتباره نصرا فريدا، ويقدّم هذا الفائز الذي أدخلنا إلى هذه الموسوعة باعتباره زعيما فتح ما استعصى من مدن ورفع راية الوطن « عالية خفّاقة في المحافل الدوليّة »، وأثبت قدرتنا على التحدّي وقهر الصعاب.
بالطريقة نفسها وبالحرص ذاته يتابع إعلاميّونا بشغف لا حدود له ترتيب فرقنا ومنتخباتنا الرياضيّة بصورة شهريّة وفصليّة وسنويّة، فتُدقّ طبول الفرح لكلّ مركز متقدّم، مثلما يتداعى الخبراء والفنيّون والمتخصّصون لعقد الندوات واللقاءات، فيثيرون الغبار والضجيج لكل نقطة أضعناها في السباق ويولولون وينحبون ويدعون إلى محاسبة المسؤولين الذين يتلاعبون بالراية الوطنيّة..
طبعا.. حريصون على الراية الوطنيّة..
المشكلة أنّنا لا نرى أيّ أثر لهذا الحرص ولهذه الوطنيّة الجارفة عندما يتعلّق الأمر بموضوع في غاية الحساسيّة شأن المعرفة والتعليم، بل قد نقطع مع سوء النيّة شوطا نقول بمقتضاه إنّ أولئك الذين يتعالى صراخهم في كلّ المناسبات الرياضيّة و »الغذائيّة » يتعمّدون تحويل أنظارنا عن القضايا المركزيّة التي-دون الأخذ بأسبابها والتفوّق فيها- لن نكون سوى طفيليّين أمام عبقريّة الحضارة الإنسانيّة.
لماذا مرّ التقرير الخاصّ عن وضع التعليم في البلاد العربيّة سريعا دون أن يلفت الانتباه؟ أيّهما أهمّ: مناقشة التقرير والنظر في أوجه القصور في نظمنا التعليميّة والعمل على تلافيها أم مناقشة السبل الكفيلة بولوجنا العالميّة وحصولنا على جائزة سينمائيّة هنا وأخرى موسيقيّة هناك وتصدّرنا طليعة ترتيب المنتخبات الكرويّة في هذه القارّة أو تلك؟ أيّهما أهمّ: أن نستغيث ونطالب بمزيد الإنفاق على تعشيب الملاعب وتجهيز مراكز تكوين اللاعبين وبناء القاعات المغطّاة أم ندعو إلى دعم الميزانيّات المرصودة للتعليم تأطيرا وتجهيزا وبحثا؟ هل ننفق الأموال -وهي شحيحة لدى بعضنا- من أجل استقدام مدرّبين أجانب والتعويل على رياضيّين انتهت مدّة صلاحيتهم في بلدانهم أم ندفعها لجلب كفاءات علميّة وتعليميّة تساعدنا على النهوض بمستوى مدارسنا وجامعاتنا؟ وهل نلهث خلف بعض الرياضيّين الأجانب ونغريهم بالمال حتى يشرّفونا بقبول جنسيّة عربيّة ما أم نعمل على توفير كل ما يحتاجه باحثونا وعلماؤنا من مخابر ووسائل عمل وإشراف حتّى لا يضطرّوا تحت وطأة الحاجة إلى بيع معارفهم وخبراتهم لغيرنا؟
سأكتفي قبل الإشارة إلى أهمّ ما جاء في هذا التقرير بالقول إنّه ليس الأوّل الذي يصف التعليم في الأقطار العربيّة بأنّه متخلّف، كما أنّه ليس الأوّل الذي يضع قائمة تضمّ أفضل 500 جامعة في العالم ليس من بينها جامعة عربيّة واحدة.. وليس الأوّل الذي يصف الفجوة بين العرب والغرب في جودة التعليم بـأنّها مخيفة.
التصنيف الذي دأب كلّ سنة منذ سنة 2003 على كشف عوراتنا هو تصنيف « شنغهاي » العالميّ الذي يُعَدّ أكثر التصانيف انتشاراً و قبولاً في الأوساط الأكاديميّة حيث تقوم بإجرائه جامعة شنغهاي جياو تونج. وقد كان هذا التصنيف مشروعاً صينياّ ضخما لإعداد تصنيف مستقبل الجامعات حول العالم. و كان يهدف في بدايته إلى قياس الهوّة بين الجامعات العالميّة المرموقة التي تعتني بالبحث العلميّ وبين الجامعات الصينيّة، ولكنه انتشر بعد ذلك واكتسب سمعة عالميّة خصوصاً بعد أن قامت بعض المجلات العالميّة مثل مجلة « الإيكونوميست » البريطانيّة بنشر نتائجه بصفة دوريّة.
هذا التصنيف لا يحقّ لنا أن ننعته بالانحياز لأحد أو التجنّي على أحد، فقد صدرت عن الألكسو واليونسكو تقارير مشابهة لوضع التعليم في البلاد العربيّة، وهي كلّها ترسم صورة قاتمة عن مستقبل التعليم عندنا إذا لم يسارع المسؤولون والسلطات إلى البحث عن حلول جادّة وناجعة ودائمة لهذه المعضلة.. وهي معضلة لا تقتصر على التعليم العالي فقط.. فلدينا 60 مليون أمّيّ عربيّ، و9 ملايين طفل خارج أسوار الدراسة…
إنّ معركتنا الحقيقيّة معركة علميّة تعليميّة دونها سنخسر كلّ معاركنا الأخرى.. صحيح أنّ هذه الأرقام مفزعة مؤلمة، فماذا لو أضفنا إليها أنّ قائمة أفضل 500 جامعة في العالم تضمّ 6 جامعات « إسرائيليّة »؟
)المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد110 بتاريخ7 نوفمبر 2009(
الرأي الآخر
في الانتخابات (2(
الطريق الصعب نحو التوافق الوطني
بقلم :عبد السلام بوعائشة
منذ التوقيع على وثيقة الميثاق الوطني سنة 1988 باعتبارها المدخل نحو العبور بالبلاد من زمن الحكم الآحادي إلى أزمنة التعددية والاعتراف بالآخر الوطني مرت تونس بعدة محطات سياسية و انتخابية وسط ظروف عربية وعالمية بالغة الدقة والتعقيد.تلك المحطات ساهمت في بلورة جميع الرؤى حول قضايا البلاد وانتظارات شعبها ومواقف جميع الأطراف السياسية من حدود التوافق الوطني الممكن و القادر على حمل البلاد نحو فضاءات التقدم والنجاح. ومما لا شك فيه أن تقييم المراحل المنجزة في مسار التوافق والتحول نحو النظام التعددي الديمقراطي تختلف من حزب إلى آخر ومن عائلة سياسية أو إيديولوجية إلى أخرى بحسب الموقع من السلطة أو المعارضة وبحسب انتظارات كل طرف وتقديره للممكن الديمقراطي الذي تستدعيه مصلحة البلاد وتقتضيه الأوضاع العربية والإقليمية والدولية المحيطة بالمشروع الوطني.
ما يهمّنا التركيز عليه في هذا المقام و البلاد قد مرت منذ أيام بمحطتها الخامسة للانتخابات الرئاسية والتشريعية هو الوقوف عند حجم التقدم على مسار التوافق الوطني وتحديد محطاته القادمة محتكمين في ذلك إلى حصيلة ما تحقق فعلا للشعب باعتباره جوهر الاستهداف في المشروع الوطني آخذين بعين الاعتبار الانتظارات الحزبية والسياسية لمجمل الأطراف المكونة للمشهد الوطني ٬الأطراف التي يفترض بها أن تكون رافعة لآمال وطموحات الشعب في كل ما يتوق إليه .
نتجاوز تقييمات العوام التي لا ترتقي إلى مستوى المقاربة الشمولية للموضوع
ونتجاوز بعض التقييمات التي تنطلق من حدود المصلحة القطاعية لبعض الفئات أو المصلحة الشخصية لبعض الأفراد أو المصلحة السياسية لبعض الأحزاب.
و نتجاوز التقييمات المبنية على القراءة الآنية الجامدة للشأن الوطني فنهمل مبدا المراكمة التاريخية ونغرق في جزئيات المشهد .
ونتجاوز ضغط المفاهيم الغربية للديمقراطية والتقدم والتنمية وهي مفاهيم تأسر عديد النخب وقادة الرأي العام الوطني.
ونتجاوز انتظارات قوى الهيمنة والإلحاق الاستعماري التي تنهى عن الشيء وتأتي بمثل أضعافه.
نتجاوز كل تلك المنطلقات ونلتزم في تقييمنا لمسار التوافق والتقدم نحو النظام الديمقراطي التعددي بمقاييس وطنية تستند على إدراك عاقل لتاريخ البلاد ومجمل عقود التجربة الوطنية المعاصرة وحصيلة ما أنجز على قاعدة الميثاق الوطني ومحطات العمل السياسي الانتخابي والحراك السياسي والاجتماعي الذي صاحبها ٬هذا الالتزام يقودنا إلى التأكيد على أن تونس و في ظل مبدأ الوفاق الوطني حققت استقرارا وتنمية ليست في حاجة لشهائد دولية للوقوف عند مظاهرها وتمكنت من مواجهة عواصف العولمة وبرامج التفكيك والتفتيت التي ما تزال تهدد مجمل نظام الجامعة العربية . تونس توفقت إلى مقاربة اقتصادية واجتماعية ضمنت استمرار التنمية الاقتصادية بنسب مرتفعة وحرصت على معالجة نتائجها في الأوساط الفقيرة والمعدمة كما توفقت في الاستفادة مما يوفره نظام العولمة من عناصر ومقاربات إنتاج جديدة. كل ذلك يجد صداه الموضوعي في الحياة اليومية لعامة الناس وفي التحسن الواضح لمجمل ما يتمتعون به من خدمات . هذا النجاح في المقاربة الاقتصادية والاجتماعية و ما ضمنته من مكاسب وطنية في سياق عالمي غير مناسب يحسب لسياسة الوفاق وأطرافها المختلفة بالرغم من وجود عديد الملاحظات والقراءات النقدية لمنوال التنمية المعتمد على قواعد اقتصاد السوق والانفتاح القوي على تيارات الفعل العولمي بمضامينه المختلفة والرهانات المبالغ فيها على دور القطاع الخاص خصوصا في معالجة أزمة البطالة والنهوض بقضايا الإنتاج و التشغيل كما يشار إلى النقد الموجه لسياسة التخلي التدريجي للدولة عن قيادة مجمل الأداء العام للاقتصاد والثقافة والتربية والتعليم مما فتح ثغرات في جبهة التماسك الاجتماعي وخصوصا ما يتعلق بقضايا الهوية والانتماء ومنظومات القيم والأخلاق مكنت أصحاب المصالح الخاصة والنزعات المنبتة من استغلال الفراغات لأجل التمكين لمشاريعهم وأهدافهم .
هذا المنجز المتحقق ونقائصه يذهب بعض المستفيدين منه إلى أنه منجز نموذجي لا يمكن الإتيان بأفضل منه في ظل الواقع المحيط واعتبارا لإمكانات البلاد وينفون عن التجربة كل ما تأتيه المعارضة من نقد. ويذهب البعض الآخر إلى اعتماد مقاربة تقييمية يفصلونها على مقاس طموحاتهم الحزبية أو الشخصية في المشاركة في السلطة والتداول عليها بعيدا عن الإرادة الشعبية وبعيدا عن توفير العناصر التاريخية للتحول الديمقراطي الراشد والفاعل ٬ التحول الذي يحتاج لشروط حضارية وثقافية واقتصادية واجتماعية ما تزال الشعوب طامحة لتوفيرها. هذا البعض ينفي عن التجربة أي فضيلة ويزايد عليها من مواقع الفشل أو الاستقالة أو الارتهان أو التبعية. بين هذا البعض وذاك تتبخر فرص ثمينة لتمكين الحراك المجتمعي والسياسي من مقاربة أهداف التحول الديمقراطي والنهوض الوطني في كل المجالات. بل لعل محطة الانتخابات الأخيرة مثلت في سلوك هؤلاء مناسبة أخرى للمزايدة المتبادلة والتي لا ينتج عنها سوى تعطيل مسار التحول وإرباك المشاركة الشعبية الناهضة من محطة إلى أخرى٬مشاركة نراها نحن ناهضة باعتماد مبدأ التراكم التاريخي ويعيقونها هم باعتماد المصالح الحزبية والشخصية .
الانتخابات الأخيرة بقطع النظر عن كل التقييمات التي طالت إجراءاتها الشكلية إيجابا وسلبا حققت تقدما لافتا من حيث دورها في تفعيل فكر المواطنة واستنهاض الجهد الشعبي ووضع مسألة الحكم والإصلاح والديمقراطية والتعدد السياسي على قاعدة تنافس البرامج والبدائل ضمن إطار السيادة و استقلالية القرار الوطني والاحتكام إلى مجمل ما تحقق من تراكم سياسي داخلي بعيدا عن انتظارات الخارج ومراهنات اللاهثين وراء السلطة . ونحن على يقين يتحدى أي قوة تعطيل من أن هذه الانتخابات قد وضعت أساسا لتحفيز الأحزاب السياسية على مزيد العمل الإيجابي وتحريض الشباب على مغادرة زوايا السلبية ومن ثم دعوته للعب دوره الإيجابي في النهوض بقضايا الوطن .من جهة أخرى فتحت المجال أمام إرادة الإصلاح للتقدم نحو معالجات جديدة تحصن المكاسب التي اشرنا إليها وتعطي للمشهد الوطني دفعا جديدا ينهض بدور الأحزاب والمجتمع المدني ويحرر الإعلام من عناصر القيد والجمود ويرتقي بمجمل الأداء الوطني إلى حدود رغبة التاريخ وانتظارات المستقبل.
هذه الانتخابات وضعت حجرا متينا على طريق التوافق الأمثل بين سلطة المجتمع وسلطة الحكم وسلطة الأحزاب وهو طريق قلنا في مقالنا السابق عن التوافق أنه صعب ولا يقوى عليه إلا القادرون ممن كان ولاؤهم للوطن و للشعب وللتاريخ .
)المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد110 بتاريخ7 نوفمبر 2009(
أربعون عاماً من الإخفاق في ليبيا
مجلة الوحدة الإسلامية:السنة الثامنة ـ العدد الرابع والتسعون،94 ـ شوال ـ ذو القعدة ـ 1430 هـ ـ (تشرين أول) (أكتوبر) 2009 م
بقلم: توفيق المديني
أحيا الزعيم الليبي معمر القذافي يوم الثلاثاء 1 أيلول/ سبتمبر الماضي الذكرى الأربعين لتسلُّمه السلطة في احتفال ضخمٍ حضره العديد من رؤساء دول والحكومات العربية والأفريقية والأمريكية اللاتينية، ولكن في غياب العديد من القادة الغربيين. وجرت هذه الاحتفالات وسط جدال أثاره الاستقبال الحافل الذي لقيه عبد الباسط المقرحي الذي كان يمضي عقوبة بالسجن في اسكتلندا إثر إدانته باعتداء لوكربي وأُفرِج عنه لأسباب صحية كونه يعاني مرحلة متقدمة من السرطان. وفضّل عدد كبير من القادة الغربيين الراغبين في تطبيع العلاقات مع ليبيا الغنية بالنفط، عدم المشاركة في الاحتفالات لتجنب أي جدال.
وجاء هذا الاحتفال بعد أن بلغت العلاقات الليبية مع الدول الغربية، ولاسيما مع الولايات المتحدة الأمريكية مرحلة متقدمة من التطبيع الكامل. وتزامن هذا التطبيع بين ليبيا مع الغرب مع الأزمة المتفاقمة حالياً بين الولايات المتحدة وإيران بسبب إصرار الأخيرة على المضي قدماً في برنامجها لتخصيب اليورانيوم وإنتاج الوقود النووي، إذ إن الإدارة الأمريكية تستخدم سياسة العصا والجزرة مع إيران، وتقول للقيادة الإيرانية من خلال الرسالة الليبية هذه، إنها يمكن أن تفوز بعلاقات طيبة، وتحسين صورتها كدولة «مارقة» إذا ما فعلت مثل نظيرتها الليبية.
لقد دفع الحكم الليبي من ثروة الشعب الوطنية تعويضات مالية كبيرة جداً إلى الحكومات الغربية في سبيل التطبيع مع الغرب، وبالتالي شراء بقائه في السلطة. ولم تقدم الحكومة الليبية أي اعتذار للشعب الليبي، بل إن حجم التعويضات الذي دفعته، أُلقيَ على كاهل الجيل الحالي والأجيال المقبلة من الليبيين. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هو الذنب الذي اقترفه الليبيون حتى يسددوا الفاتورة من لقمة عيشهم؟ وهل تمت استشارتهم قبل تقرير السياسات التي نُفِّذتْ باسمهم في العقدين الماضيين كي يتحملوا اليوم نتائجها من مخصصاتهم ومن قوت الأجيال المقبلة؟.
في الديمقراطيات الكلاسيكية الغربية، وحتى في بعض بلدان العالم الثالث التي لا تزال الديمقراطية فيها نبتة ناشئة، حين تنتهج الحكومات المنتخبة ديمقراطياً سياسات خاطئة وتكون نتائجها أقل بكثير من موضوع التعويضات الليبية، تعتذر تلك الحكومات لشعوبها وتستقيل معترفة بالتقصير والإخفاق، تاركة المكان لمن هو أجدر منها بتسيير دفة هذا البلد أو ذاك. وفي المجتمعات الديمقراطية لا يمكن إعطاء الإذن بصرف أموال التعويضات من الثروة الوطنية قبل أن يناقش البرلمان الملف برمته ويسأل الحكومة عن مستندات الاتفاق ووجاهة مبرراته ويوافق عليها أو يعترض. فهل استشار العقيد القذافي الشعب الليبي في ما قام به؟
الإصلاح السياسي في ليبيا وُلِدَ ميتاً
على الرغم من مرور أربعة عقود من حكم العقيد القذافي، لا تزال ليبيا تعيش من دون دستور ينظِّم الحياة السياسية في البلاد ويرسي دولة القانون. ويواجه الحكم الليبي تحدياً جديداً هو مسألة الإصلاح السياسي الداخلي، والذي يطرح حالياً بقوة في ليبيا، لاسيما وأنه لا يمكن أن يظلَّ هناك انفصامٌ بين سياسةٍ خارجيةٍ منفتحةٍ على النظام الرأسمالي العالمي، ونظام سياسي من طبيعة شمولية ينتمي إلى مرحلة الحرب الباردة. ويتخوف الحكم الليبي من أن تكون تكلفة التغيير الداخلي «غير إيجابية» على عكس الحصاد الإيجابي الذي اعترى السياسة الخارجية الليبية.
وكان نجل الزعيم الليبي سيف الإسلام الذي يبدو أنه يَعِدَ نفسهُ لخلافةِ والده الزعيم الليبي معمر القذافي، هو أول من دافع عن مشروع الإصلاحات السياسية من دون أن يذهب بعيداً بالاقتراب أو التعدّي على الثوابت الأساسية للنظام الليبي التي تقضي «بعدم المساس بالزعيم معمر القذافي وسلطة الشعب والدين».
وفي 20 آب (أغسطس) 2007، أعلن مشروعه الإصلاحي الذي يحتوي على دعوة مُلِحّة لوضع دستور للبلاد وإطلاق خطة تنموية اقتصادية بقيمة سبعين بليون دولار وتحرير الصحافة من سيطرة الدولة وقيام مؤسسات مجتمع مدني قوي. وأصدر بعد ذلك جريدتي «أويا» و «قورينا» وأطلق قناة تلفزيونية تميّزت بظهورها ونقدها لمواضيع تهتم بالشأن المحلي والدولي في شكل غير معتاد للشارع الليبي الذي اعتاد على الإعلام الرسمي الحكومي. ولوضع هذه الإصلاحات قيد التنفيذ، دفع سيف الإسلام باتجاه تشكيل لجنة قانونية لمناقشة مشروع الدستور.
ويقول الصحافي الليبي سليمان دوغة إن «أحجار سيف الإسلام حرّكت ماءً ظلَّ راكداً لعقود ولم يترك ملفاً ساخناً إلا وضعه على الطاولة». وأشار خصوصاً إلى إخراج السجناء السياسيين وكشف مصير المفقودين منهم وعودة كثير من المعارضين المقيمين في الخارج وإطلاق حوار مفتوح مع الإسلاميين الذين أطلق سراح عشرات منهم.
لكن في 20 آب (أغسطس) 2008 أعلن سيف الإسلام انسحابه من الحياة السياسية في مفاجأة لمناصريه الذين اعتبروا خطوته «احتجاجاً على بطء المؤسسات الحكومية في تنفيذ المشاريع الإصلاحية». وبعد شهور من انسحابه، أُمِّمت القناة التلفزيونية «الليبية» التي أطلقها إثر انتقادها النظام المصري، كما خفضت «اويا» و«قورينا» من حدة انتقاداتهما. ويقول دوغة الذي يترأس تحرير موقع المتوسط الإلكتروني القريب من سيف الإسلام إن «انسحابه انتُقد من قبل مناصريه لأنه من وجهة نظري ترك الباب واسعاً وفتح المجال والواجهة للمتشددين والمعارضين للمشروع الإصلاحي للعودة بقوة (.(1
غير أن مشروع الإصلاح هذا اصطدم بالمعارضة القوية من جانب التحالف المشبوه بين أجهزة الدولة البيروقراطية ممثلة باللجان الثورية التي ينخرها الفساد والبرجوازية الطفيلية أو ما يطلق عليها بالقطط السمان، ممثلة بالمافيا الاقتصادية. وكان سيف الإسلام قد شدد على أن معركة الدستور هي معركته، ومعركة كل الليبيين، قائلاً: «نحن نحتاج إلى دستور وإلى مرجعية أو قوانين.. ولا بد للدولة أن تقوم بإعادة النظر في كل هياكلها الإدارية والتنظيمية؛ لكن لا بد من إقحام الخمسة ملايين ونصف المليون ليبي في هذا موضوع، هذه ليست معركتي الشخصية كسيف الإسلام، هذه معركة الشعب الليبي كله».
وكان مفترضاً أن يمهد الدستور لإجراء أول انتخابات عامة قبل الأول من سبتمبر 2009. لكن بعد أقل من شهر على تأكيده في تصريحه هذا، أن مسألة سن دستور في ليبيا أمرٌ لا رجعة عنه، تبددت الآمال التي علقها الليبيون على تلك الحركة، إذ حل ميقات تكريس الفكرة، وهو آخر شباط/فبراير الماضي، ليتضح أن المشروع قد طوي مثلما طويت، في الفترة نفسها، وعود والده بتوزيع الثروة النفطية على الليبيين.
وسرعان ما بات سيف الإسلام، الذي رأت فيه العواصم الغربية خليفة مقبولاً لوالده، يقضي وقته متنقلاً بين النمسا وسويسرا وليبيا وكرواتيا، وقال إنه يعمل على تأسيس مركز للأبحاث في الخارج. هكذا اختفى من المسرح السياسي، ولم يعد إلى الواجهة إلا بعد إطلاق عبد الباسط المقرحي(.(2
والحال هذه صرفت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا النظر عن موضوع الإصلاح السياسي في ليبيا، وسكتت عنه سكوتاً مريباً ربما لعدم وجود حلفاء تستخدمانهما في اختراق المجتمع من الداخل وتخشيان من ظهور قوى جديدة لا تعطي ما يعطيه الفريق الحالي المنهك من العقوبات الدولية والمحاصر بالملفات الجنائية. ولهذا السبب فإن الموقف الأمريكي والأوروبي من الديمقراطية في ليبيا هو المحك على مدى صدقية رفع شعار الإصلاحات(.(3
ولعل الرسالة الأهم هي تلك الموجهة إلي المعارضات العربية، لاسيما الليبية منها، التي راهنت على الدعم الأمريكي لها للإطاحة بالسلطة والوصول إلى سدة الحكم، فها هي الولايات المتحدة تتخلى عن هؤلاء، وتعيد العلاقات مع دولة كانت تصنفها إرهابية ونظام غير ديمقراطي، دون أي شروط. الولايات المتحدة، مثلها مثل كل الدول الغربية الأخرى، تستخدم قضايا الحريات وحقوق الإنسان كورقة ضغط ضد الأنظمة المخالفة لسياساتها ومصالحها، وعندما تأخذ ما تريد، وتعطي هذه الضغوط أكلها، سرعان ما تتخلى عن كل طروحاتها في هذا الخصوص. وتُعتبر الإدارة الأمريكية الكاسب الأكبر بكل تأكيد، ومكاسبها دعائية بالدرجة الأولى، ثم يأتي بعد ذلك المكسب النفطي وهو لا يقل أهمية في هذا الزمن الذي تحاول فيه الولايات المتحدة تحسين صورتها في العالمين العربي والإسلامي بعد حربيها الدمويتين في العراق وأفغانستان.
فلسفة النظام في ليبيا تتناقض مع الديمقراطية
لم يتغير أي شيء جوهري في طبيعة النظام في ليبيا على صعيد الداخل. فعلى الرغم من أن جميع الشعارات التي ارتكز عليها النظام طوال أربعين عاماً انقلبت إلى الضد، فإنه لم يطلق سجناء ولا أعاد منفيين إلى وطنهم. ولم تخفف القيود على حرية الصحافة ولا أرسيت تعددية. ولم يعترف بأخطاء متصلة بأعمال الاغتيال والخطف والتعذيب.
خلال العقود الأربعة الماضية الصاخبة غيّرت ليبيا اسمها من مملكة إلى جمهورية في البداية، ثم إلى جماهيرية. وفي عام 1986، بعد العدوان الأمريكي الغاشم على خيمة العقيد القذافي ومخيمه في طرابلس الغرب، تم منح الجماهيرية صفة العظمى، نكاية ببريطانيا العظمى التي كان اسمها في القاموس الجماهيري: «حاملة الطائرات الأمريكية».
وفي مرحلة السبعينيات أصبح لليبيا كتابها الأخضر أسوة بكتاب ماو تسي تونغ الأحمر، كما أصبح لليبيا ساحتها الخضراء الكبيرة جداً على غرار ساحة الاتحاد السوفييتي الحمراء في موسكو، التي يقع فيها جسد لينين المحنط الذي لا يزال يحملق في قبة، كانت ذات يوم محجاً للشعوب السوفييتية، على الرغم من أن الإمبراطورية السوفييتية اندثرت واندثرت معها الاشتراكية التي أكلتها فئران الفساد والبيروقراطية.
فقد قامت السلطات الليبية طيلة العقود الثلاثة الماضية على نبذ الديمقراطية واحتقارها، باعتبارها فكرة «مستوردة» من الغرب. بزعم أن «الكتاب الأخضر» حل مشكلة الديمقراطية «إلى الأبد»، فاعتبر العقيد القذافي «الحزبية» «خيانة». فقد أعلن مجلس قيادة الثورة معارضته للأحزاب السياسية والنظم الحزبية، واعتبر أن الانضمام إلى أحزاب سياسية خيانة وطنية، كما أصدر المجلس قانوناً عام 1972 بتحريم وحظر تكوين الأحزاب السياسية، وفرض عقوبات مشددة على ممارسة العمل الحزبي تصل إلى حد الإعدام»(4.(
أما نظام صناديق الاقتراع في نظر العقيد القذافي فهي «عبثية» و«مسؤولة عما وصل إليه العالم اليوم من مهازل ودمار»، على أن تجسيد جمهورية أفلاطون تتعين عندما تكون السلطة والثورة محصورة في أيدي عائلة أو طائفة أو أوليغاركية عسكرية أو قبيلة واحدة كما هو حاصل في العالم العربي. ويضيف القذافي أن التجارب أثبتت إخفاقها في حل أزمة السلطة في العالم، وبات الغرب «بأعتى الديكتاتوريات التي عرفها العالم الحديث من هتلر إلى موسيليني إلى فرانكو وستالين..». كما لو أن العالم العربي يعيش في واحة من الديمقراطية، وبعيد كل البعد عن الديكتاتورية..
لقد تخلى الحكم الليبي مؤخراً عن إحدى مقولات «الكتاب الأخضر» الملهمة «شركاء لا أجراء»، التي كان يُحرّم فيها على الليبيين تشغيل أي شخص بنظام الأجرة، ما عدا في قطاع الدولة. وكانت بنية السلطة الحاكمة في ليبيا ـ ولا تزال ـ بنية تسلطية تسحق الرأي المخالف، وهي سلطوية التصور المطلق، وتعتبر الفرد مجرد آلة تنفيذ، عليه أن يطيع القائد، ويُعظِّمه إلى درجة التقديس، بل وحتى يلتمس لديه التظلم والدعاء، بصرف النظر عن الشعارات التي رفعتها بشأن «اللجان الثورية »، و«سلطة الجماهير»الخ.
فالسلطة الليبية التي بدأت (ثورية!!) لم تقدّم الحد الأدنى من التنمية، ولا ممارسات «اللجان الثورية» التي سُمّيت ديمقراطية في المجتمع، قدمت الحد الأدنى من الممارسة الديمقراطية. فلا يوجد مجتمع مدني مستقل في ليبيا، حيث أن المجتمع الليبي لا يتمتع بتراث مهم للتنظيم والمشاركة السياسيتَيْن. فالأحزاب ممنوعة ومحظورة بحكم القانون، ومؤسسات المجتمع المدني لا وجود لها إلا في إطار البنية الرسمية للدولة، ومن خلال ما يطلق عليه «المؤتمرات الشعبية المهنية والنقابية»، والتي تتبع من الناحية التنظيمية المؤتمرات الشعبية الأساسية كبدائل للمجتمع المدني ومؤسساته وفقاً لأطروحات الكتاب الأخضر والنظرية العالمية الثالثة. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ما يتسم به النظام السياسي الليبي كغيره من الأنظمة السياسية في البلاد العربية من سمة شخصانية السلطة وعدم استعدادها للتحاور أو التعاون مع أي منظمة أو مؤسسة غير حكومية أو غير مؤيدة للنظام أو مخالفة لمقولات الكتاب الأخضر والنظرية العالمية الثالثة، الأمر الذي أدى في النهاية إلى ظهور الكثير من الحركات والجماعات غير الشرعية كالتنظيمات السرية، وحركات المعارضة والجماعات الأصولية المتطرفة كبدائل لمؤسسات المجتمع المدني أمام المواطن الليبي(.(5
دعائم النظام الليبي
يقوم النظام السياسي في ليبيا على ثلاثة مراكز رئيسية، تتقاسم الأدوار فيما بينها، وهي:
أولاً،المؤسسات الإدارية: وهي بأيدي «اللجان الشعبية» ولا تعين ولا تنتخب، وإنما يتم اختيارها بواسطة التصعيد (6) ويرأسها أمين، أي رئيس وزراء، ويشمل هذا الركن البلديات أيضاً، إذ لا وجود لرئيس بلدية. على رأس هذا الهرم، يوجد مؤتمر الشعب العام (البرلمان) الذي كان يترأسه في أحيان كثيرة القذافي نفسه حتى عقد الثمانينيات، ثم صار آخرون يتولون المنصب.
ثانياً، اللجان الثورية: التي لا يعرف أحد كيف يتم «تصعيدها» ولا كيف ينتقى أعضاؤها، وهي تحكم لكنها لا تسير عجلة الدولة بالمعنى الإداري، ولا تتفق أحياناً مع «اللجان الشعبية» ولا حتى مع «القائد» فتضطره إلى التراجع عن بعض أفكاره.
ثالثاً، لجان المراقبة: التي تشكّلت في الفترة الأخيرة بسبب عدم التفاهم بين اللجان الشعبية والثورية، وهي أيضاً جهاز لا يعرف أحد كيف يتشكل. ويبدو من خلال هذه البنية المركزية أن النظام الجماهيري قد بقي صورياً وافتراضياً، بل أخذ شكل نظام استبدادي يختفي وراء مظهر جذاب ومرح أحياناً sympathique على رأي الباحث في «المركز القومي للبحث العلمي» CNRS في فرنسا توفيق المنستيري(7). وقد شدد المنستيري الذي تابع الظاهرة الليبية طيلة عقودها الأربعة على البنية القبلية للحكم، لافتاً الانتباه إلى أن جماعة القذافي، لم يختاروا رئيس دولة، بل قائداً، وهذه العبارة تترجم خطأ في الغرب بـ Le Guide بينما الأصح هو Leader. ولاحظ أن القذافي يتمسك بتلك الهوية القبلية ويرفض النمط الاجتماعي الحضري معاوداً إنتاج الزعامة القبلية، ما يجعلنا إزاء نظام بدوي/مقراطي إن صحت الترجمة من Bedouimocratie، ولسنا بصدد نظام ثيوقراطي أو أوتوقراطي أو أي نموذج من النماذج المعروفة في العلم السياسي الكلاسيكي فالدولة هنا مغيبة le non Etat مثلما لاحظ المنستيري(.(8
إقصاء المعارضة الديمقراطية
في الوقت الذي تستجيب فيه السلطات الليبية لمقتضيات العولمة الأمريكية المتوحشة، جرى اختطاف الصحفي الليبي «ضيف الغزال»، في مدينة بنغازي في شهر أيار /مايو 2005، وقد اكتشفت جثته فيما بعد مرمية على قارعة الطريق. ولكن أصابع الاتهام لم تُوجّه هذه المرة إلى السلطات الرسمية بل إلى السلطات غير الرسمية، إذ قيل إن ضيف الغزال الإصلاحي ذهب ضحية الجناح المتشدد داخل اللجان الثورية. من المعروف تاريخياً وسياسياً أن اللجان الثورية تلاحق المعارضين السياسيين، كما أن دورها يكمن في تشديد الرقابة على المواطنين وإصدار الأحكام القاسية ضد الرافضين للأنشطة السياسية السائدة، إضافة إلى قيامها بالاغتيالات السياسية، والاعتقالات، والإخفاء القسري لبعض القيادات المعارضة في الخارج. ولعل أشهر حالات الاختفاء التي تمت في عقد التسعينيات من القرن الماضي هي اختفاء منصور الكيخيا المعارض الليبي، وعضو مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان في 11 كانون أول/ديسمبر 1993، بعد حضوره اجتماع الجمعية العمومية للمنظمة بالقاهرة.
لقد أصبحت اللجان الثورية تشكل تهديداً خطيراً لمحاولات الانفتاح التي يقودها سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي، وأصبح صاحب سطوة داخل المؤسسات الإعلامية منها بصفة خاصة، إذ تمكن في أواسط شهر حزيران 2005 من إبعاد أقوى المرشحين لرئاسة جمعية الصحفيين الليبيين. وهذا لا يعني أن التوجه الرسمي سيقود بسرعة إلى تحرير الحياة العامة والمجتمع المدني من رقابة الأجهزة، إذ إن الحريات ما تزال محدودة. وتقول جمعيات حقوق الإنسان إن في السجون نحو ألفين من سجناء الرأي. وتم طرح هذا الموضوع خلال لقاء جرى بين العقيد القذافي ودافيد وولش مساعد وزيرة الخارجية السابق لشؤون الشرق الأدنى خلال زيارته لطرابلس يومي 14 و15 حزيران2005.
وكانت السلطات قد تعرضت إلى ضغوط مماثلة خلال السنوات القليلة الماضية أدت إلى إطلاق سراح فتحي الجهمي في آذار 2004 وهو أحد حكام الأقاليم السابقين الذي تحوّل إلى رجل أعمال، بعد سجنه منذ العام 2002 بسبب مطالبته بإصلاحات ديمقراطية. وقد تدخل الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش شخصياً لمصلحته عبر موفده إلى العاصمة الليبية السناتور جوزف بيدن (ولو أنه أعيد توقيفه بسبب مقابلات أجراها مع صحف غربية!). ولم يكن الكاتب عبد الرزاق المنصوري أسعد حظاً إذ إن انتقاده للسلطات أدخله السجن منذ 12 كانون الثاني الماضي. غير أن الزعيم الليبي أرسل عدة إشارات توحي بفتح صفحة جديدة على صعيد الحريات العامة، حين وعد بإلغاء «محكمة الشعب» ذات الطابع «الثوري»، وأطلق سراح العشرات من «الإسلاميين المعتدلين».
لكن الطريق ما تزال طويلة أمام الإصلاحيين داخل «اللجان الثورية» أمثال الأمين العام السابق لجمعية الصحفيين محمد بوسيفي الذي أدان في موقع على الانترنت نشاط الجناح المتشدد، واعداً بإصدار أول صحيفة «مستقلة» في البلاد منذ العام 1969.
ويأمل الإصلاحيون أن تكون سياسة تصفية المعارضين تصفية جسدية قد أَفُلَتْ إلى غير عودة، وهي السياسة التي تم اعتمادها ضد من وصفوا بأنهم «كلاب ضالة» وذهب ضحيتها بين عامي 1980 و1987 نحو عشرين معارضاً تمت تصفيتهم في الخارج، إضافة إلى نحو مئة تم إعدامهم داخل البلاد..(9). وكانت منظمة سرية معارضة تطلق على نفسها اسم « البركان » قد أقدمت عام 1984 على اغتيال عدد من الرسميين الليبيين المعتمدين في الدول الغربية ـ بينهم السفير في روما ـ كرد على أعمال القمع في الداخل.
وإذا كان الصراع محتدماً اليوم بين مختلف التيارات في داخل البلاد، وفي داخل اللجان الثورية ذاتها، فهو محتدم كذلك خارجها من خلال المحاولات العديدة لتنظيم المعارضة وتأطيرها وهي موزعة ومشتتة على العديد من التجمعات. فقد جرت محاولة أولى بقيادة العميد عبد المنعم الهوني، أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة عام 1969، لتنسيق العمل بين ثمانية تنظيمات معارضة دون نتيجة تذكر، وانتهى به الأمر إلى طلب اللجوء إلى مصر. وجرت محاولة ثانية مشابهة عام 1994، لم تصل هي الأخرى إلى تثبيت جذورها في أوساط نحو مئة ألف ليبي تصفهم السلطات الرسمية بأنهم «خونة»، وهم يعيشون في المنافي موزعين بين دول أوروبا وأفريقيا وأمريكا الشمالية.
أما المحاولة الثالثة فهي التي جرت يومي 25 و26 حزيران 2005 في العاصمة الانكليزية لندن حين اجتمع نحو مائتي شخصية يمثلون سبع حركات معارضة، وبعض المستقلين، في فندق «الهوليداي إن» وأصدروا بياناً أطلقوا عليه اسم «إعلان التوافق الوطني». وقد طالب البيان «بتنحي» العقيد معمر القذافي عن كل سلطاته وصلاحياته الثورية والسياسية والعسكرية والأمنية ورفض أسلوب التوريث». كما دعا إلى «تشكيل حكومة انتقالية في داخل البلاد من عناصر مشهود لها بالوطنية والنزاهة لإدارة البلاد لمدة لا تزيد عن سنة واحدة، تكون مهمتها الأساس العودة بالبلاد إلى الحياة الدستورية عن طريق الدعوة إلى انتخاب جمعية وطنية تأسيسية تقوم بمراجعة الدستور تحت إشراف الأمم المتحدة، وإحداث التعديلات المناسبة حياله، وعرضه على الشعب الليبي في استفتاء عام». وأكد بيان «المؤتمر الوطني للمعارضة» على ضرورة العودة إلى «الشرعية الدستورية الوحيدة المتمثلة في دستور عام 1951 بتعديلاته اللاحقة الذي أقرّته وصادقت عليه الجمعية الوطنية التأسيسية تحت إشراف مجلس الأمم المتحدة الخاص بليبيا». أما أبرز التنظيمات المشاركة في المؤتمر فكانت التحالف الوطني، والجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، والتجمع الجمهوري من أجل الديمقراطية والعدالة، والحركة الوطنية الليبية والحركة الليبية للتغيير والإصلاح، والتجمع الإسلامي، إضافة إلى عدد من المستقلين وبعض الشخصيات التي تمثِّل التيار الإسلامي المعتدل. وكان إبراهيم صهد أمين عام «الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا» هو محرك المؤتمر. والجبهة أسسها كما هو معروف محمد يوسف المقريف عام 1981 بعد القطيعة مع العقيد القذافي، وبعد أن احتل منصب رئيس ديوان المحاسبة ثم سفير بلاده في الهند. وكانت حركته متمركزة في السودان حتى سقوط جعفر النميري. وهو الذي تبنى محاولة انقلاب ثكنة باب العزيزية في طرابلس في أيار 1984. وقد تم إيقاف المئات من أنصاره، وأُعْدِم ثمانية من بينهم على الأقل شنقاً (.(10
وكانت الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا ـ أهم فصيل للمعارضة الليبية ـ شهدت انشقاقاً في شباط/فبراير 1994، إذ أعلنت مجموعة قيادية مهمة في الجبهة برئاسة العقيد الركن خليفة أبو القاسم حفتر الانشقاق عن الجبهة، وتكوين جبهة أخرى تسعى لتحقيق النضال بآليات أخرى تحت مسمى«حركة التغيير والإصلاح». وقد دعا إبراهيم صهد أمين عام «الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا» باستمرار العمل من أجل «إنهاء الحكم القائم (في ليبيا) بما يمثّل من استبداد وظلم» و«تفعيل الاتصالات بين أطراف المعارضة في الخارج وجماهير الشعب الليبي، وتفعيل نشاط المعارضة إعلامياً في الخارج». وشدد صهد على «إننا نعتمد الطرق السلمية في عملنا، وواثقون من أن غالبية الشعب تتطلع إلى انتهاء الحكم القائم اليوم قبل الغد».
أما «الحركة الوطنية الليبية» فهي التي كانت تحمل سابقاً اسم «عمر المختار» البطل الوطني. ومن أقطابها وزير الخارجية السابق منصور الكيخيا الذي خطفته عناصر المخابرات من القاهرة في أواخر العام 1993 وأعدمته. ومن الشخصيات البارزة الأخرى عاشور بن خيال من التحالف الوطني، ومحمد السنوسي المطالب بالعرش، والصحفي محمود شمام. وترفع المعارضة هذه شعار العودة إلى دستور 1951، ولا تزال عاجزة عن بلورة رؤية واضحة محددة اتجاه الصراع مع النظام. وهي ترى أن التعاون مع الغرب عموماً والولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً يحقق أهدافها في القضاء على النظام الليبي.
وتعاني المعارضة الليبية كمثيلاتها العربية الموجودة في الخارج، من الضعف والعجز بسبب افتقادها للتنظيم، واستشراس الانشقاقات بين أطرافها، ما أدى إلى عزلتها الخارجية والداخلية. فقد قاطعت جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا مؤتمر فصائل المعارضة الليبية الذي عقد بلندن يوم السبت25 حزيران/يونيو 2005 بسبب اعتراضها على وضع شروط مسبقة لجدول أعماله. وقال القيادي في الجماعة ناصر المانع للجزيرة نت إن الإخوان المسلمين كانوا يأملون منذ مشاركتهم في اللقاءات التحضيرية للمؤتمر قبل أكثر من سنة، أن تترك الحرية للجميع في المشاركة وطرح الحلول المناسبة للوضع الليبي، لكن إصرار بعض فصائل المعارضة على تحديد سقف وإطار للمؤتمر ووضع شروط لتنحي العقيد معمر القذافي عن السلطة وتشكيل حكومة انتقالية، كان سبباً لدفع الحركة للانسحاب وعدم المشاركة في المؤتمر. ورفض المانع ربط قرار عدم المشاركة في المؤتمر بما تردد من أنباء عن نية السلطات الليبية الإفراج عن معتقلي الإخوان في السجون الليبية، وقال إن الانسحاب من المؤتمر تقرر قبل نحو عشرة أشهر في حين لم يمض على أنباء قرب الإفراج عن معتقلي الحركة أكثر من شهر.
وأكد أن جماعة الإخوان ترى أنه لا مخرج من الاحتقان السياسي في البلاد إلا بتبني خيار الإصلاح الشامل وإطلاق الحريات العامة واحترام حقوق الإنسان وتهيئة الأجواء لقيام حوار وطني شامل بعيداً عن التهميش والإقصاء. وشدّد المانع على أن الكرة الآن في ملعب السلطات الليبية للمبادرة باتخاذ إصلاحات حقيقية وخلق مناخ مناسب لإجراء حوار وطني للوصول إلى دولة يسودها القانون والدستور الذي يحمي الحريات وحقوق الإنسان.
الاستثمارات النفطية وتوظيف الريع النفطي للبقاء في السلطة
مع دفع التعويضات المطلوبة لضحايا لوكربي أُزيلت العقبة الأخيرة في طريق إقامة علاقات طبيعية بين ليبيا والولايات المتحدة الأمريكية. وكرّست زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس للجماهيرية الليبية في شهر سبتمبر2008 لحضور احتفالات الذكرى الـ39 لثورة الفاتح، وصعود العقيد القذافي إلى سدة الحكم في ليبيا، فتح صفحة جديدة في التطبيع الكامل بين ليبيا وأمريكا، إذ اعتبرت زيارة رايس هي الأولى لمسؤول أمريكي رفيع بهذا المستوى منذ نصف قرن.
وعلى الصعيد الاقتصادي، عادت الشركات النفطية الأمريكية أوكسيدنتال وشيفرون للتنقيب عن النفط، وتحديث البنية النفطية المتداعية بسبب 18 سنة من العقوبات الدولية، على حساب الشركات الأوروبية. وتقدَّر الاحتياطات النفطية في باطن الأراضي الليبية بنحو44 مليار برميل من النفط، ما يجعلها تحتل المرتبة الأولى في إفريقيا متقدمة على نيجيريا. وتطمح طرابلس باعتمادها على الشركات الغربية، والروسية والهندية العاملة في ليبيا إلى رفع مستوى إنتاج النفطي من 1،8 مليون برميل يومياً في سنة 2008 إلى عتبة 3ملايين برميل يومياً في سنة 2013 ـ المستوى الذي كان عليه الإنتاج الليبي في عام 1970 قبل تأميم القطاع النفطي ـ وذلك من خلال ضخ الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي بقيمة 30 مليار دولار. وكانت العائدات المالية من مبيعات النفط والغاز قد ارتفعت قيمتها من 8 مليار دولار في سنة 2002، إلى 29 مليار دولار عام 2005، وإلى 55،5 مليار دولار في سنة 2007. وتملك ليبيا في الوقت الحاضر ثروة تقدر بنحو 136 مليار دولار من مبيعاتها النفطية(11). علماً أن العقيد القذافي هو المشرف شخصياً على القطاع النفطي..
وبلغت الاستثمارات المخصصة لتطوير البنية التحتية في ليبيا ضمن الخطة الخمسية الحالية 2008-2012(فنادق، مد سكك حديد، وطاقة، مستشفيات، طرقات سريعة، مساكن.. الخ ) مبلغ 75 مليار دولار، قبل أن يتم تخفيض هذه الطموحات من جراء تراجع سعر برميل النفط الذي وصل إلى أعلى مستوى له (147،5 دولار في شهر تموز2008)، وعدم وجود يد عاملة ماهرة، وغلاء سعر المواد المستوردة من السوق العالمية.
وشهدت العلاقات الفرنسية ـ الليبية تطوراً كبيراً، بعد إبرام «صفقة الممرضات»، والتي تمخض عنها تطبيع العلاقات الأوروبية الليبية، وبدء صفحة جديدة عنوانها الشراكة، وتوقيع طرابلس مع باريس اتفاقاً لشراء مفاعل أو عدة مفاعلات نووية. بيد أن أبرز هذه الشراكات، كانت«اتفاقية التعاون والشراكة والصداقة» التي وقعها الزعيم الليبي معمر القذافي ورئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني في مدينة بنغازي شرق العاصمة طرابلس صيف 2008، إذ تقدم روما بموجبها خمسة مليارات دولار تعويضاً عن الحقبة الاستعمارية. وتشمل الاتفاقية استثمارات بمبلغ 200 مليون دولار سنوياً لمدة 25 عاماً»، ومن أبرز هذه المشاريع، شق طريق ساحلية سريعة من غرب ليبيا إلى شرقها بطول 1200 كيلومتر، تم تدشين بداية العمل فيه من قبل برلسكوني في زيارته الأخيرة لطرابلس يوم 31 آب الماضي.
مقابل هذا العرض التاريخي لتطور علاقات ليبيا الخارجية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية، مع البلدان الغربية، حققت ليبيا اختراقاً كبيراً باتجاه روسيا تَمَثَّل ذلك في آخر زيارة قام بها رئيس الوزراء فلاديمير بوتين إلى طرابلس في نهاية شهر تموز/يوليو 2008، والتقائه بنظيره الليبي البغدادي المحمودي، حيث أكد الطرفان الروسي والليبي مواصلة التعاون في المجال «العسكري ـ التقني»، إذ إن طرابلس مُهتمة بشراء منتجات ذات نوعية عالية للصناعة العسكرية الروسية بقيمة ربما فاقت ملياري دولار، تشتمل على وجه الخصوص على أنظمة صواريخ «أس ـ 300 بي أم يو 2»، وأنظمة دفاع جوي من نوع تور ـ أم 1، وبوك ـ أم 1 ـ 2، ومطاردات من طراز ميغ ـ 29، وسوخوي 30، إضافة إلى طائرات تدريب ياك 130 ومروحيات ودبابات.
وأعطت زيارة الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي لموسكو دفعة قوية وجديدة للعلاقات الروسية ـ الليبية، التي شهدت تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة . وقال القذافي إن روسيا وليبيا تربطهما مواقف مشتركة في سياسة النفط والغاز: «بما أن روسيا وليبيا من كبار منتجي النفط والغاز فقد أدخلنا في قوام وفدنا مدير الشركة الوطنية للغاز كي يبحث مع زملائه الروس مسائل التنسيق بين بلدينا في هذا الميدان». وأضاف: «إننا نعتبر تعاوننا في مضماري النفط والغاز مسألة ملحة وبخاصة في الوقت الحاضر. زد على ذلك أن لدينا عملياً مواقف مشتركة بخصوص السياسة التي ينبغي إتّباعها في مجال النفط والغاز».
إذاً الوجه الآخر للتعاون بين روسيا وليبيا هو المجال النفطي والغازي. فليبيا تعمل على مشروع إقامة محطة نووية ستُستخدم لإنتاج الطاقة الكهربائية، وأيضاً لتحلية مياه البحر. أما الجانب المتعلق بالطاقة فشمل وضع خطط كبيرة للتعاون بين مؤسسة النفط الوطنية الليبية التي يرأسها شكري غانم، وشركة غاز بروم الروسية المهتمة ببناء خط جديد لأنابيب الغاز يربط ليبيا بأوروبا. وتُصدر ليبيا حالياً نحو 8 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً إلى جنوب صقلية عن طريق خط الأنابيب غرينستريم، المملوك مناصفة بين شركة النفط الايطالية العملاقة إيني والمؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا التي تُقدر احتياطات الغاز الليبية بنحو 120 تريليون قدم مكعبة. وتعتزم طرابلس إنتاج 3.8 مليارات قدم مكعبة يومياً بحلول العام 2015 مقابل 2.7 ملياري قدم مكعبة حالياً(.(12
أما في مجال الاتصالات الذي يُعتبر من القطاعات الإستراتيجية في زمن العولمة الليبرالية فقد قررت أخيراً هيئة الاتصالات الليبية المملوكة للدولة والتي يرأسها النجل الأكبر للرئيس الليبي محمد القذافي، عرض ترخيص مزدوج لاتصالات الهاتف الأرضي والمحمول على القطاع الخاص المحلي والأجنبي في أول خطوة نحو تخصيص قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية. وتعتمد هيئة الاتصالات الليبية حالياً على مشغلين لإدارة شبكات الهاتف النقال، هما « ليبيانا » و »المدار »، وقد قدرت إحصاءات رسمية عدد زبائن شركة « ليبيانا » بـ 5.89 مليون مشترك حالياً، بزيادة 20 في المائة قياساً على 2007، فيما لم يتجاوز مشتركو المدار 1.2 مليون نهاية العام الماضي، علمًا أن عدد سكان ليبيا وصل إلى 6،3 مليون نسمة، (13.(
على الرغم من مرور أربعين عاماً على بقائه في الحكم، فإن العقيد القذافي لم يتغير، وإن كان استطاع أن يتقاسم السلطة – ولاسيما في مجال الإدارة والجيش- مع قبائل أخرى، من خلال شراء ولائها عبر توزيع الريع النفطي عليها بشكل واسع، مع محافظة قبيلة القذافي على مركز الريادة في السلطة، إضافة إلى أن أبناء القذافي نفسه يسيطرون على القطاعات الاقتصادية الإستراتيجية (الاتصالات، الاستيراد، الاستثمار الخارجي)، فيما أمسك القذافي بملف النفط الذي يعتبر مجالاً محرماً على غيره، وهذا مظهر من مظاهر الأوليغارشية في الحكم، أي حكم الأقلية التي تستحوذ على مصادر القوة والثروة في المجتمع، وتنتج نظاماً تسلطياً يحصر مجال السلطة السياسية والاقتصادية في إطار علاقات القرابة التي تبدأ من دائرة عائلة الحاكم (الأب ثم الأبناء ) ثم دائرة الأقارب المقربين جداً، ثم القبيلة، بصرف النظر عن طبيعة هذه الأقلية سواء أكانت طائفية أو طبقية أو سواهما.
يقول الباحث الجامعي في معهد الدراسات والأبحاث الدولية، لويس مارتيناز، صاحب كتاب: مفارقات ليبية، الصادر عن جامعة كولومبيا، بأن إستراتيجية تقاسم السلطة قد ضمنت للقذافي الاستقرار. فهو يقول: «بفضل الريع النفطي، استطاع النظام أن يبني أجهزة أمنية وقمعية متطورة جدا. وهكذا تم تحييد أو تصفية المعارضات الليبية، التي تشمل أنصار الملكية، والإسلاميين، و الديمقراطيين» (14).
والإنفاق النفطي قد مكّن «القائد» من ممارسة أشكال من الابتزاز الخارجي لا نظير لها. فبالمال النفطي، انتزع مؤخراً الإفراج عن عبد الباسط المقرحي المحكوم في قضية لوكربي. وقد اعترف ابنه، سيف الإسلام القذافي، بأن وراء عملية إطلاق سراح السجين قبل الأوان، عقداً قيمته 900 مليون دولار يمنح شركة «بي. بي» البريطانية، التي أمّمها العقيد ذاته لثلاث وثلاثين سنة خلت، امتياز التنقيب على النفط والغاز في حقول شاسعة. وبالمال النفطي، عاقب «ملك ملوك أفريقيا» سويسرا التي اعتقلت شرطتها ابنه هانيبعل وزوجته بتهمة التعرض بالضرب لعامل عربي مغربي وزوجته. فسحب أرصدة ليبيا البالغة قيمتها 4 مليارات دولار من المصارف السويسرية. وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وطرد الدبلوماسيين السويسريين واحتجز اثنين منهم وأوقف تصدير النفط، ما استدعى أن يزور الرئيس السويسري طرابلس ويعلن الاعتذار العلني على «الحادثة» دون أن تنتهي الأزمة فصولاً( .(15
ما هي آفاق تطور النظام السياسي في ليبيا في الفترة المقبلة بعد طي العقود الأربعة الماضية؟
يقول الكاتب التونسي رشيد خشانة في هذا الصدد: أما محاولات الإصلاح التي كلف سيف الإسلام بتقمصها لقطع الطريق أمام بروز أي زعامة معارضة، فهي ورقة قد انتهت صلاحيتها مع نهاية مسار التقارب مع العواصم الغربية الرئيسية التي كان سيف الإسلام محاورها المفضل، وهو أمر كان متوقعاً طالما أصبح الحوار مباشراً مع «قائدة الثورة» ويمكن القول إن اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي أوباما والقذافي على هامش مشاركة الأخير في المداولات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة بوصفه الناطق باسم إفريقيا مثلما كان يحلم دائمًا، سيكون تجسيدًا رمزيًا لتلك النقلة.
الهوامش
(1)-ليبيا الإصلاح يصطدم بقوة «الحرس القديم»وتحديث الاقتصاد يعرقله الفساد والبيروقراطية، صحيفة الحياة،الأحد, 30 أغسطس 2009
(2)- رشيد خشانة، القذافي البدوقراطية والنفط والمصالح الغربية،(المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 08 سبتمبر 2009. (
(3)- رشيد خشانة- متى الاعتذار للشعب الليبي? صحيفة الحياة الصادرة يوم 6 أيلول/سبتمبر 2004.
(4)- محمد زاهي المغيربي-المجتمع المدني و التحول الديمقراطي في ليبيا-مرجع سابق.
(5)- علي عبد الصادق- المجتمع المدني الليبي: توجهات السلطة و المجتمع- مرجع سابق.
(6)التصعيد ابتكار ليبي لتعيين حكومة ينتخب (يصعد) فيه كل مؤتمر شعبي أمينًا عن موضوع معين ثم يصعد (يختار) مؤتمر الشعب العام بضعًا منهم، ثم يتم تصعيد أمين اللجنة الشعبية العامة بين هؤلاء، راجعمثلاً http://www.libya- alhora.com/forum/ showthread php?t=1424
(7)- من حديث مطول أدلى به توفيق المنستيري لموقع سويس أنفو في الذكرى الأربعين لثورة الفاتح من سبتمبر بتاريخ 25 أغسطس 2009.
(8)-المصدر السابق عينه.
(9)- جورج الراسي – المعارضة الليبية: شرخ في الداخل.. وشرخ في الخارج-جريدة المستقبل اللبنانية – الاربعاء 27 تموز/يوليو 2005 .
(10)- المصدر السابق عينه.
(11)-فلورانس بوجيه، القذافي يحتفل بأربعين عاما من السلطة من دون تقاسم،صحيفة لوموند الفرنسية2سبتمبر 2009.
(12)-جورج الراسي: ليبيا اختراق في العلاقات الدولية، صحيفة المستقبل، 20 آب 2008.
(13)- صحيفة الحياة بتاريخ 3 مارس 2009.
(14)-صحيفة لومند الفرنسية، مصدر سابق.
(15)- فواز طرابلسي،أربعينية النظام الليبي: في الهدر والهذر، صحيفة السفير8أيلول2009
دائرة الإعلام والاتصال
نصوص ومقالات صدرت في صحيفة « الوطن » العدد 110 الصادر في 6 نوفمبر 2009
لماذا غاب أدب المقاومة؟
سامية زواغة
إنّ للأدب رسالة و للشعر رسالة و لعلّ من أهمّ رسائل الأدب المشاركة في الجانب النضالي لقضايا الأمة وقد تيقّظت الوطنيّة في الأدب و الشعر خاصة حتّى أصبح الشعراء والأدباء على إختلاف نوازعهم يشعرون أنّ من واجبهم تسجيل إهتزازات النّفوس في مواجهة الأحداث الوطنية وعندها ظهر نوع من الأدب يهتمّ بالأحداث الوطنية ويعبّر عن مشاغل الناس سمّي أدب المقاومة و سجّل حضورا واضحا واشعاعا كبيرا في الخمسينات والستينات والسبعينات.
لكن خفت صيته في الآونة الأخيرة وبتنا نلاحظ انحسار الهوية العربية بسبب السياسات المفروضة عليها من الخارج والتي خلطت بين المقاومة والإرهاب لغاية إبعاد المواطن عن الإهتمام بكل ما يكتب عن المقاومة .
فكيف نفهم هذا التراجع في مثل هذا النوع من الأدب و ما هو إذن السبيل لبلورة مشروع قومي لنشرأدب المقاومة في مواجهة أدب الاستسلام والفتنة ؟
تسابق المبدعون ومن منطلقات مختلفة لبعث الأمل والعزم لتحقيق النصر والشهادة بقصائد ملؤها الحماسة و روح التصدي وحاول البعض الآخر منهم التعبير عن حالة الإحباط و اليأس العامة فجاء أدبهم محاولة للترويح عن انفسهم و رفضا للحالة التي تعيشها الأمة عامة داعين إلى الإنتفاضة أملا في إنتظارميلاد قائد موحد للأمة.
لكن الدور الريادي لهولاء المبدعين قد انتهى أوكاد في زمننا هذا بعد أن كان في الازمان الغابرة للقصيدة و الأدب ككل الفاعلية المطلقة بإلهاب مشاعر الجماهير فهو بمثابة الإعلام الموجه للرأي العام على اعتبار أن العرب تهوى الشعر و تحفظه أما الآن و بسبب إنتشار المؤثرات المرئية و المسموعة أمسى عديم الفائدة وحتى المعنى رغم أن الشاعر والأديب قديما كان المحرك الفاعل للجموع و مسيّرها عبر القصائد الحماسية ,خاصة وأنّه الفارس المقدام السبّاق لقومه بما فيها الحرب الضروس و هذه الفروسية والشجاعة من جانبه ما هي الا تعبيرا لمصداقيته في تطابق أشعاره مع أفعاله أما الآن وقد تجرّدت هذه الصفات من الشاعرو الاديب ونقصت المصداقية فاقتصر واجبه في أحسن الحالات على إلهاب حماس قومه وهو قابع في المقاعد الخلفية فتراجعت كتابات المقاومة بأجناسها المختلفة وصارت في ظل العولمة أقل صوتا من الفضائيات والمدارس التي تدرس العلوم باللغات الأجنبية بالإضافة إلى خطّة محكمة من الخارج تحت عنوان سياسة نقص الغذاء و إشعال الحرب الإعلامية في المؤسسات عن طريق الفتاوي المضللة و التي آتت اكلها في ظل سيطرة الإعلام على عقول الجمهور العربي.
لكنّ هذا الوضع لا يعني انعدام وجود محاولات تستحقّ القراءة و السبب انها غير معروفة وأنّ الكثير منّا تبنّى الفكر الغربي الهادف إلى إلهاء الشعوب العربية عن مثل هذا النوع من الكتابات
كما يعود السبب في ذلك أيضا الى عدّة صعوبات منها ما هو أمني ومنها ما هو مادي يتعلّق بتكلفة النشر و التوزيع فضلا عن أنّ القراءة لم تعد الوسيلة المثلى للتثقيف بعد ظهور الأنترنيت و طغيان الوسائل التقنية وامام هذا الإشكال يصبح الحلّ هو حالة من التوحّد في صفوف الحكومات العربية نحاول من خلالها مقاومة الغزو الثقافي و اثارة روح المقاومة سواء كانت ماديّة أو فكريّة لرفض الأفكار الغربية التي فرضتها وسائل الإعلام على عقولنا حتى باتت هي بدورها محتلّة و بثّّ الوعي في صفوف الشباب لتبين أهمية ما تتعرّض له الأمّة من مخاطر و من جانب آخر علينا رفع معنويّات أصحاب الأقلام ومزيد دعمهم .
القضية إذن ليست في كثرة أوقلّة أعمال المقاومة و لكن في ثقافة الكسب السهل والرّبح الوفير التي تبنّتها دور النشر في العالم العربي و محاولة الترويج السّياسي لوهم السلام لإبعاد هذه الأمة عن كل ما يؤجّج مشاعر القوميّة والوطنيّة لدى الشّعوب و عند هذه النقطة بالذّات نقف لنعيد للكتابة اشعاعها القديم لنبيّن للجميع أنّ الأقلام الخجولة لا تصنع الإبداع و أنّ الكراسي و المناصب لا تخلق الأبطال .
ويبقى الدور الأساسي في النهوض بأدب المقاومة موكولا خاصة للبرامج والمؤسسات التربوية والإعلامية والثقافية خاصة وان امتنا اليوم في أمس الحاجة لمثل هذا الدور للتصدّي لمختلف أشكال الغزو الثقافي و التغريب و برامج الإلحاق الحضاري التي تستهدف عقول أطفالنا وشبابنا ومن ثمة تستهدف مستقبل الأجيال القادمة.
)المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد110 بتاريخ7 نوفمبر 2009(
في المعنى العميق للثقافة
في ضياع الثقافة ضياع للسياسة بل للمجتمع ذاته
لا يوجد مفهوم مراوغ مثل مفهوم الثقافة، ويرجع ذلك إلى أننا نحيا بالثقافة ولا نستشعر ذلك. وفي مجتمعاتنا العربية التي تتحرك يوميا من خلال ضغط السياسة تبدو الثقافة شاحبة وربما غير مرحب بها، رغم الممارسة اليومية لها التي يتم تنحيتها لحساب الخطاب السياسي المعلن وتوجهاته المختلفة.
ففي مجتمعات تتسم بالقمع والمصادرة تتحول ممارسات البشر العادية إلى نوع من التأطير السياسي والتحزب الفئوي والديني الضيق، وهو ما يخنق ممارساتهم الثقافية العميقة المتجذرة والعابرة العفوية، ويكسبها طابع الوحدات السياسية التي تعبر عنها، أكثر من الطابع الإنساني العام الذي تنتمي إليه بشكل عام.
فالثقافة أرحب من السياسة وأكثر إنسانية منها. وحينما يتم خنق الثقافة لصالح السياسة يستحيل البشر أنفسهم إلى ذوات متشابهة مقموعة وخاضعة. كما أن السياسة تختزل البعد الإنساني والاجتماعي للشعوب، وتجعلهم أقرب للقطعان في تشكيلاتها البيولوجية المختلفة، حيث يستحيل الإبداع إلى جمود، ويستحيل الرفض إلى قبول، ويستحيل النقد إلى مديح. وإذا كانت أفعال السياسة ترتبط بقرارات فإن الثقافة أبعد ما تكون عن الارتباط بقرارات رغم أهمية ذلك وضرورته في بعض الأحيان.
وفي ظل عمليات الشحن السياسية اليومية، وفي ظل تصاعد العنف والهجوم تُختزل المجتمعات العربية إلى تجربة سياسية ليس أمامها إلا الصواب والخطأ. وهو الأمر الذي يحيل كافة المجتمعات العربية إلى حالة اصطفاف مجنون يتخذ سمات وأشكال مختلفة دينية أو عرقية أو طائفية أو عمرية أو حتى جنسية. فالسياسة في الوطن العربي، ربما بسبب عدم ممارستها بشكل صحيح متواصل ومتطور، تستحيل إلى نوع من الصراع والتحزب والقتل والتدمير. وربما لا توجد منطقة في العالم أجمع تفاعلت فيها شؤون السياسة وتجلياتها المختلفة بمثل هذا الشكل من العنف والرغبة في إزاحة الآخر بكافة الوسائل والأساليب.
وفي هذا السياق يتم تشويه الطابع الثقافي للمجتمعات العربية ووضعها ضمن أطر جديدة مغايرة لتوجهاتها الأصلية. واللافت للنظر هنا أن الكثير من المجتمعات العربية تحاول إيجاد أطر ثقافية جديدة تملأ الفراغ الذي أحدثته عبر ضغوطها السياسية والتحولات المختلفة التي نجمت عن مشروعاتها التنموية. لقد مارست هذه المجتمعات تشويها مزدوجا للثقافة من ناحية التأطير السياسي المتواصل والضاغط ومن ناحية العمل على إحلال ما تم تشويهه بأطر وتجليات جديدة قد تكون وافدة أو خليطا من المحلي والوافد. وعبر كل هذه المستويات من خلق أطر ثقافية جديدة ينسى البعض أن الثقافة رهن في المحل الأول بالطابع المجتمعي العام. وحتى في ظل وجود تعدد بشري فإن الثقافة في النهاية تكتسب سمات عامة ترتبط بقطاع كبير من البشر المتشابهين عبر جملة ممارساتهم التاريخية المختلفة. فلا توجد ثقافة دون تاريخ، كما لا توجد ثقافة دون بشر. فالبشر هم الذين يصنعون التاريخ، وبالتبعية يصنعون ثقافتهم.
يرتبط المعنى العميق للثقافة بكونها ليست كائنا لحظيا يتم إنتاجه حينما نريد وحينما نبغي، لكنها كائن تاريخي يحتاج لمن يتعهده بالرعاية والنمو والتطور. وهنا يبرز البشر الذين يدركون كيانهم وواقعهم وتاريخهم ومحيطهم الاجتماعي عبر جملة علاقاتهم التي تتأسس كل يوم، وعبر انسجامهم وصراعاتهم المختلفة. فالثقافة، رغم أنها تعبر عن أسلوب الحياة اليومي للبشر، ورؤيتهم للعالم، فإنها أيضا لا تعنى أسلوبا أو رؤية منسجمة له، فكما تنطوي على التجانس فإنها تنطوي أيضا على الصراع، وإلا كانت جامدة لا حراك فيها، تنتظر موتها في أقرب فرصة ممكنة، تفرضها عوائد التاريخ ومصائبه.
إن الثقافة ترتبط لا محالة بالواقع الفعلي الذي يواجهه البشر عبر كل لحظة من لحظات حياتهم. وإن كان البعض يتحدث عن البعد الكوني المعاصر، وعن التقاء المحلي بالوافد، فإن هذا لا يعني في النهاية خلق تشكيلة ثقافية هجينة. بل إن التحدي الحقيقي الذي يواجه الكثير من المجتمعات العربية الآن يتمثل في كيفية الحفاظ على الطبيعة الثقافية لمجتمعاتها ضمن أطر مبدعة من التفاعل والتغيير والانسجام والصراع دون أن يؤدي ذلك في النهاية إلى ضياع الثقافة المحلية للمجتمعات العربية.
وحتى يحدث ذلك لابد أن تترك السياسة مساحة للثقافة تتحرك من خلالها بمرونة وانطلاق، كما يجب على السياسة أن تدرك أن تهميش الثقافة وضياعها أو استبدالها هو في التحليل الأخير ضياع للسياسة أيضا، بل ضياع للمجتمع ذاته.
(المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد110 بتاريخ7 نوفمبر 2009(
المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان: الصليب في المدارس الايطالية، انتهاك لحرية الديانة
قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ اليوم -الثلاثاء- بازالة الصليب من الفصول في المدارس الايطالية لأنه « انتهاك لحقوق الآباء في تعليم أبنائهم وفقا لقناعاتهم » كما أنه يشكل انتهاكا لـ »حرية الدين للتلاميذ » حسب ما جاء في حيثيات الحكم الصادرة عن المحكمة.
و تعود أطوار القضية الى سنة 2002 عندما تقدمت مواطنة ايطالية من أصل فنلندي بطلب لدى المحاكم الايطالية بازالة الصليب الذي رأت فيه فرض على ابنيها الديانة الكاثوليكية غير أن المحاكم الايطالية رفضت هذا الطلب متعللة بأن « الصليب رمز للوحدة الوطنية » و هو ما دفع وزيرة التعليم « جالميني » الى استصدار أمر يفرض على المدارس تعليق الصليب بقاعاتها.
غير أن المرأة الفنلندية لم تسلم بالحكم بل لجأت الى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ و التي قضت بازالة الصليب و دفع مبلغ 5000 يورو للمرأة كتعويض معنوي لها.
و تعتبر هذه المرة الأولى التي تنظر فيها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ لقضية من هذا النوع كما تجدر الاشارة الى أن المحاكم الايطالية رفضت منذ أكثر من سنتين طلب لمسلم ايطالي يدعى عادل سميث ازالة الصليب من غرفة المستشفى الذي تتواجد فيه أمه معللة الرفض بأن الصليب يمثل « رمزا للوحدة الايطالية و لحضارة البلد« .
غير أن القضية رجعت مع المرأة الفنلندية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، و في أول رد على الحكم صرحت الحكومة الايطالية، على لسان القاضي « ليتياري » الذي يتولى الدفاع عن الحكومة الايطالية في القضية ، أنها ستستأنف الحكم و اذا لم يستجب للاستئناف فان الحكم يصبح نهائي بعد مرور ثلاثة أشهر و على مجلس رؤساء الاتحاد الأوروبي تحديد الإجراءات التي ينبغي أن تتخذها الحكومة الايطالية من أجل تجنب مزيد من الانتهاكات المتصلة بوجود الصلبان في الفصول الدراسية خلال ستة أشهر.
و لئن التزم الفاتكان بالصمت لحين الاطلاع على حيثيات الحكم فان وزير التعليم « جلميني » قالت: « إن وجود الصليب في قاعات الدراسة لا يعني الانضمام إلى الكنيسة الكاثوليكية، بل هو رمز لتقاليدنا ». في حين اعتبر « كازيني » رئيس الاتحاد الديمقراطي المسيحي و رئيس البرلمان السابق في تصريح للقناة التلفزيونية الثانية « إن قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لرفض وجود الصليب في المدارس هو النتيجة الأولى المخجلة للحكومات الاوروبية التي رفضت ذكر الجذور المسيحية في الدستور الاوروبي. » كما قال « كالديرولي » وزير تبسيط الاصلاحات الدستورية الايطالي: « ان المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بهذا الحكم، قد داست على حقوقنا وثقافتنا وتاريخنا وتقاليدنا وقيمنا، و على أي حال، سوف نبقي الصلبان على جدران مدارسنا، حيث كانت دائما، شأننا في ذلك شأن لاحتفال بعيد الميلاد،لأننا فخورون برموزنا و هي جزء من كل واحد فينا، على حد قوله.
و الأكيد أن هذا الحكم سيلقي بضلاله على طلب تدريس الدين الاسلامي في المدارس الايطالية و الذي كان محل جدل كبير في الأسابيع الأخيرة بايطاليا بين مؤيد و معارض و متحفض على الأمر.
رضا المشرقي/ ايطاليا
أنا و جدار برلين في الذكرى العشرين !
د.أحمد القديدي*
يوم التاسع من نوفمبر 1989 و يوم التاسع من نوفمبر 2009 يفصل بينهما عقدان من الزمن. عشرون سنة مرت على دك جدار برلين بمعاول و فؤوس و أيدي الشباب الألماني الذين جاؤوا من كل فج عميق من الجانبين: برلين الغربية و برلين الشرقية ليدمروا هذا الرمز المشين المهين المنتصب في وجوههم منذ يوم 13 أوت من سنة 1963 في عز الحرب الباردة و حين كانت ألمانيا مقسمة غصبا عن شعبها إلى نصف يرزح تحت نير الأمبراطورية السوفييتية و نصف منقاد إلى رغبات حلف « الناتو » بزعامة الولايات المتحدة.
هذا القدر الذي فرضه العملاقان على شعب منهزم في الحرب العالمية الثانية إعتبره الألمان عقابا مسلطا حان أوان رفضه و تغييره و إعلان العصيان عليه. فتدرج إنهيار الشيوعية ومعسكرها من إقرار زعيم الإتحاد السوفييتي ميخائيل غورباتشيف بأن الشيوعية أفلست وحان وقت ما سماه الشفافية ( الغلاسنوست)، ففتح أبواب و نوافذ القلعة الموصدة منذ أكتوبر 1917 ليتدفق عبرها نسيم عليل تنفسه المواطنون السوفيات و تحول الهواء إلى ريح عاتية لم تبق و لم تذر و بدأ ستار الحديد ( كما سماه تشرشل ) يرتفع تدريجيا ليكتشف العالم أن أمبراطورية الطبقة الكادحة هي من الورق المقوى تتهاوى تحت قطع الأسمنت المصفح المتناثرة من جدار برلين رمزها الساطع المخزي ليلة يوم التاسع من نوفمبر 1989.
هذا الإنهيار المدوي للشيوعية و معسكرها أطلق عليه الرئيس الأمريكي الأسبق للولايات المتحدة ريشارد نيكسن مصطلح ( النصر بلا حرب ) حيث فازت الرأسمالية برديفها الحريات الأساسية على خصمها الماركسي و رديفه خنق المبادرات الحرة بالضربة القاضية دون حرب. لأن الحرب كانت ثقافية و إعلامية و سوسيولوجية و نفسية دون سلاح. فالعملاقان كانا في الواقع يتصارعان و لكن من خلال أزمات إقليمية بعيدة عنهما راح ضحيتها آلاف من أبرياء العالم الثالث المسكين.
إنها ملحمة من أعظم ملاحم القرن العشرين! و يا لها من عبرة تاريخية من أروع عبر عصرنا الحديث! شعب يتحرك بلا أوامر من زعيم أو تعليمات من دولة ليتوحد و يتعانق مواطنوه بعد أن حطموا جدار الخوف و الرهبة في عقولهم و قلوبهم وهو ما أتاح لهم أن يحطموا جدار الخرسانة و الحديد المسلح بين نصفي برلين. إنها ثورة عارمة لشعب ألمانيا الذي ضرب المثل الأعلى منذ يوم التاسع من نوفمبر 1989 فتوحد بعد أن قرر العمالقة تقسيمه و تعملق بعد أن قرر الكبار تقزيمه و أثبت أنه شعب واحد حين إحتضنت ألمانيا الغربية الغنية نصفها المفقود الألماني الشرقي المدجن. يعني أن 43 مليون ألماني غربي أدمجوا في صلبهم 43 مليون ألماني شرقي دون عقدة أو مشكلة أو سابق ترتيب. و النتيجة اليوم هي رمزية أيضا لأن مستشارة الجمهورية الألمانية هي السيدة أنجيلا ميركل من أصل ألماني شرقي. أمة ألمانية واحدة ذات رسالة خالدة ! عبارة مؤسس حزب البعث العربي » العتيد » ميشال عفلق تنطبق تماما على الأمة الألمانية لأنها قدمت المثل الأسمى في التضامن و الوحدة في حين نعرف جميعا ما ألت إليه الأمة العربية الواحدة من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر لبيك عبد الناصر كما كان يتغنى الشاعر سليمان العيسى في الستينات قبل ضياع النصف المتبقي من فلسطين في حرب الأيام الستة 1967.
و نعود إلى عنوان مقالي ( أنا و جدار برلين ) لأجيب عن سبب حشر نفسي و أنا الفقير إلى ربه تعالى كاتب هذه السطور! ما دخلي في إنهيار جدار برلين ؟ أقول لكم : في بداية السبعينات من القرن الماضي كنت عضوا في أول هيئة مديرة لإتحاد الكتاب التونسيين مباشرة بعد تأسيسه أعمل كاتبا صحفيا في اليوميات و المجلات التونسية، و كنت أقرأ لكاتب روسي عملاق متمرد تمت ملاحقته و عرف السجون و المحتشدات و فضح الفضائع الستالينية و عاقبه بريجنيف بإسقاط الجنسية السوفييتية عنه وهو ( ألكسندر سولجينتسين ) الذي هاجر أو هجر إلى الولايات المتحدة و نال جائزة نوبل للأداب عام 1970. كنت أقرأ للكاتب و أكتب عنه بالعربية و أدافع عن حرية رأيه في حدود إمكانياتي المتواضعة جدا. وترجمت في الصحف بعض فقرات من كتابه ( أرخبيل الغولاغ) و ( يوم من أيام إيفان دينيسوفيتش) و(قسم المصابين بالسرطان). و في نفس هذه الفترة دعاني الكاتب المصري يوسف السباعي أنا و الزميل الكاتب التونسي المعروف مصطفى الفارسي ( رحمهما الله ) للمشاركة في مؤتمر إتحاد الكتاب الأفرو- أسياويين الذي انعقد سنة 1973 في مدينة (ألما أتا) عاصمة كازاخستان و كان الكاتب المصري الراحل هو الأمين العام لذلك الإتحاد. فقصدنا أنا و الفارسي مقر القنصلية السوفييتية بتونس و استقبلنا الموظف السوفييتي بكل لطف لكنه منح التأشيرة للفارسي و رفض أن يمنحها لي. و بالطبع سافر الفارسي إلى (ألما أتا) و بقيت أنا في تونس، لكني أديت لموظف القنصلية زيارة ودية و لم يخف عني أن سمعتي لدى السفارة السوفييتية « زي الزفت » و بأنني شخص غير مرغوب فيه في دولة دكتاتورية الطبقة الكادحة. و لم أكن أتوقع في الحقيقة أنني أنا الصحفي « الكحيان » البسيط محدود التأثير يمكن أن تخشاني الأمبراطورية الحمراء! و لهذا السبب فإني اليوم منتصر عليها و لي حق في حجر بسيط من جدار برلين المنهار. هذا الحجر الذي أملكه بالفعل لأن صديقتي الألمانية رئيسة حزب التضامن السيدة هلجا زياب لاروش تفضلت سنة 1989 بإهدائي حجرا ( قطعة خرسانة) من الجدار. هذا الجدار الذي عزف الموسيقار الروسي المعارض (روستروبوفيتش) أمامه أروع ألحانه وهو يشهد على المعاول و الفؤوس تهوي لتحطيمه كما وعد منذ الستينات حين قال من منفاه : » سينهار الجدار و سأعزف على أنقاضه«
إنها ملحمة الحريات التي لا بد أن تنتصر و ملحمة إرادة الشعوب التي لا تقهر لأنها من إرادة الله. فليعتبر أولئك الذين ما يزالون يشيدون الجدران و يقمعون الأمم !
*رئيس الأكاديمية الأوروبية للعلاقات الدولية بباريس
)المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد110 بتاريخ7 نوفمبر 2009(
بين كلود لفي-ستروس وأوباما
مالك التريكي
أحسنت المذيعة الفرنسية عندما سألت يوم الثلاثاء، بمناسبة إعلان وفاة شيخ الأنثروبولوجيا كلود لفي ـ ستروس قبل شهر من إتمامه عاما بعد المائة من العمر، إن كان يجوز اعتبار الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي دشن عهد ما بعد الأعراق في السياسة الأمريكية والذي ينادي بوجوب احترام مختلف الثقافات في الساحة العالمية، ابنا أو سليلا فكريا لكلود لفي ـ ستروس الذي جعل من حفظ التنوع الثقافي أوجب الواجب الأخلاقي والمعرفي، والذي أصبح اسمه مرادفا للذود عن جميع الثقافات، خاصة ‘البدائية’ منها، ضد قرون من التخريب والتنميط والتغريب؟
ولأن المفكر روبرت مادجوري أدرك أن مأتى هذا الوصل الطريف والمباغت بين لفي ـ ستروس وأوباما هو حرص الإعلام على تقريب المعاني من الأفهام، ولأنه لم يغفل عما في هذا التبسيط المخلّ من رشاقة التخريج، فإنه أجاب بأن هنالك وجها للقول بمشروعية التسلسل بين الفكري والسياسي في هذا المجال بالتحديد، وأضاف أن أوباما مثقف ولا بد أن طروحاته الناضجة حول المسألة العرقية والثقافية قد تغذت بفكر لفي ـ ستروس الذي رسخ حقيقة النسبية الثقافية بتبيان التكافؤ بين جميع أشكال الإنتاج الرمزي التي تعالج بها مختلف الأقوام ألغاز الوجود والمعنى والمصير.
على أن هذا السؤال الطريف يستدعي ملاحظتين، تتعلق أولاهما بعلاقة لفي ـ ستروس بالولايات المتحدة. فقد بلغ من شهرته هناك أنه حصل له عندما كان أستاذا زائرا في جامعة بيركلي في السبعينيات أن وقف مع زوجته في طابور أمام أحد المطاعم، لأنهما قصداه دون سابق حجز، وما أن ذكرا للنادل لقبهما العائلي حتى هتف مستفسرا: ‘لفي ـ ستروس الكتب أم بناطيل الجينز؟’ ويعلق هذا المفكر الشامخ، الذي أفلح في إشاعة الفكر الأنثروبولوجي بين أبناء القرن العشرين، على ذلك بالقول: ‘لا بد من تحية تقدير لسعة ثقافة كرسونات مطاعم ولاية كاليفورنيا‘….
كما أذكر شخصيا أني فوجئت في أول يوم من أول زيارة لي إلى نيويورك عام 1987 أن ‘نيويورك تايمز’ كانت مزدانة بمقال عن لفي ـ ستروس. والحقيقة أن الأمريكيين كانوا من أوائل المعجبين بهذا الكاتب الفذ ذي الأسلوب الأدبي البهيج الذي ارتقى بالإثنولوجيا مقاما معرفيا رفيعا وأمدها بشرعية فكرية عالمية بعد أن تمكن من تطويعها لثورة المناهج البنيوية التي اكتشفها أول الأمر في نيويورك، حيث أقام في الأربعينيات، بفضل صديقه عالم اللسانيات رومان جاكوبسون. لكن هذا الإعجاب القديم سرعان ما فتر، حتى بلغ حد الإعراض، بسبب ارتياب الأنكلوساكسون المعهود في النظريات الكبرى التي يبدو لهم، بحكم تأصل البراغماتية فيهم، أنها أنساق ميتافيزيقية ‘جامعة مانعة’ لكنها غير ذات موضوع. ولهذا صح القول بأن لفي-ستروس قد صار أشهر في بلدان اللسان الإنكليزي من الأنثروبولوجيا ذاتها! أي أنه مشهور ليس إلا. ذلك أنه من المفكرين العظام الذين توهم شهرتهم بمعرفتهم، فتغني بالتالي عن قراءتهم!
أما الملاحظة الثانية فتتصل بعلاقة لفي ـ ستروس بالسياسة. إذ لم يكن له في السياسة، بل في الشأن العام بإطلاق، قول معلن. فقد شهد عليه القرن العشرون كله فكريا لكنه لم يشهد عليه سياسيا. ومع ذلك فإن هذا العملاق الذي تضافرت كل من الجيولوجيا والفرويدية والماركسية في نحت كيانه الفكري، والذي أمضى عمره في استخراج البنى العقلانية السرية التي تكتنزها أساطير الشعوب والقبائل البدائية طيّ غرابتها الخارقة وخلف هذيانها الظاهري، قد نشر عام 1952 نصا بعنوان ‘العرق والتاريخ’ هو نص سياسي بامتياز لأنه من أبدع ما هو مكتوب في مناهضة العنصرية (انطلاقا من السعي إلى التوفيق بين مفهوم التقدم وبين النسبية الثقافية). ولعل من أبرز أمثلة الحكم السياسي الصائب لدى لفي-ستروس أنه لم يتردد رغم أنه يهودي في أن يصف دولة إسرائيل، مثلما سبق أن ذكرنا هنا قبل عام بمناسبة مئويته، بأنها ‘رأس جسر الغرب في قلب الشرق’ وفي اعتبارها ‘بمثابة الحملة الصليبية التاسعة’. أما إذا رمت دليلا على إحاطته بالجوهري و’الضروري في السياسة’ (حسب عنوان كتاب ابن رشد) حكمة وعلما، فحسبك أنه القائل: ‘إن عصرنا بأكمله يتلخص في أننا نتجاهل الحقائق بزعم الدفاع عن القيم’. فهل هنالك، بربّك، قول أمضى من هذا في النفاذ إلى صميم التاريخ السياسي المعاصر؟ أفلا تتمثل هوية هذا العصر في تجاهل حقائق تراجيديا الشعب الفلسطيني بذريعة الدفاع عن قيم حماية الشعب اليهودي ضد الإمكان النظري لتكرر المحرقة؟
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 7 نوفمبر 2009)
Home – Accueil – الرئيسية