الأحد، 8 نوفمبر 2009

TUNISNEWS

9 ème année, N 3456 du 08.11.2009

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو

ولضحايا قانون الإرهاب


أسرة تونس نيوز:إعلام وتوضيح

حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

هيأة تحرير « الموقف »:بلاغ صحفي حول الحجز المقنع للصحيفة

كلمة:توجيه تهم لأربع طالبات على خلفية اعتصام احتجاجي

السبيل أونلاين:مركز حقوقي يطالب بإطلاق سراح زهير مخلوف وتوفيق بن بريك

الجمعية الدولية المساندةالمساجين السياسيين:السجين السياسي السابق مراد دهّان في ذمة الله

حــرية و إنـصاف:إنا لله وإنا إليه راجعون

دفاعا عن كرامة الصّحافيين وحريّاتهم دفاعا عن مستقبل تونس

 

إيلاف:مدوّنو تونس ينتفضون ضدّ اعتقال زميلتهم

طارق الكحلاوي:«أرابيكا»: المواطنة الإلكترونية والعقاب

أم زيـــــــــاد:وهـــــــذا طامس آخـــــــــــر !

د. مصطفى بن جعفر:الانتخابات…والفرصة الضائعة ؟

 أحمد اينوبلي:لصحيفة « الشروق » اليومية: »نطالب فرنسا بالاعتذار والتعويض..و أتباعها في تونس حركيون جدد »

مواطنون:التكتل والتجديد وقائمات الإصلاح في ندوة صحفيّة خيبة أمل تجاه نتائج الانتخابات وعزم على مواصلة العمل المشترك

مواطنون:فـــــاكس وأمنيـــــــــات

مواطنون:الاتحاد العامّ لطلبة تونس بين مدّ السلطة وجزر الجماهير

هند الهاروني : قافلة « شريان الحياة » دخلت غزة في 9 مارس 2009 …

يثقل كاهل الدولة بـ200 مليار سنويًا:التدخين يقتل 20 شخصًا يوميا في تونس

طلبة تونس :أخبار الجامعة

المختار الأحولي:هلوسات متعاقد مع الجنون بلادي وإن جارت عليّ عزيزة…

نوال السباعي :13عاماً مع الجزيرة.. لعبة الصوت الإعلامي الإسلامي (1-4)

رضا المشرقي:بين حجابنا و صليبهم  أو بين علمانّيهم و علمانيّينا

مواطنون: الجزائر  وملف الفسادهل تُنهي قرارات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مرضا عمره 47 سنة؟

عبد الباري عطوان:سيناريوهات عباس البديلة

العرب:تركيا ونموذج إنساني جديد

حسن حنفي:في رمزية التواصل العربي

القدس العربي:13قتيلا واكثر من 30 جريحا في اطلاق نارفي اكبر قاعدة عسكرية امريكية في العالم


 (Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


منظمة حرية و إنصاف

التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

جانفي200
فيفري2009    
مارس 2009      https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm 
أفريل 2009     
جوان2009  https://www.tunisnews.net/20juillet09a.htm      جويلية 2009  https://www.tunisnews.net/23Out09a.htm   أوت/سبتمبر2009    


إعلام وتوضيح


تعلم أسرة تونس نيوز قراءها الكرام أن خللا فنيا حصل على موزع الشركة تعطل بموجبه تقديم الخدمات ونتج عنه توقف صدور نشرية تونس نيوز ليومي 6 و7 نوفمبر,كما تسرب خطء إلى عدد يوم 7 نوفمبر حيث حوت النشرية مادة يوم 4 نوفمبر وقد وقع تدارك هذا الإرباك مما ييسر لمن راسلنا في ذانك اليومين ان يجد مقاله أوبيانه مثبت في صفحتنا وعليه فإننا نتقدم لقرائنا الكرام وأحباء تونس نيوز بالإعتذار الشديد عن هذا الخلل والإنقطاع الجزئي آملين أن يتجدد الللقاء معكم بأكثر حرارة وتفاعلا.
عن أسرة تونس نيوز


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 19 ذو القعدة 1430 الموافق ل 08 نوفمبر 2009

حــرية و إنـصاف أخبار الحريات في تونس


1)   الصحفي سليم بوخذير من الحصار إلى التجويع: منع أعوان البوليس السياسي المرابطون أمام منزل الصحفي سليم بوخذير مساء يوم السبت 7 نوفمبر 2009 زميله الصحفي محمود الذوادي من زيارته، رغم إعلامه إياهم بأنه جاء ببعض المواد الغذائية التي تحتاجها عائلة سليم بوخذير المتكونة من زوجته وابنته وولده. وقد أصبح الصحفي سليم بوخذير يخشى على سلامته وسلامة أفراد عائلته إذا ما خرج أحدهم لاقتناء الطعام في ظل هذا الحصار المقيت الذي يتعرض له منذ أيام. 2)   الناشط الحقوقي خميس الشماري يتعرض لتفتيش دقيق بالمطار: قام أعوان البوليس السياسي يوم الثلاثاء 3 نوفمبر 2009 بمضايقة الناشط الحقوقي السيد خميس الشماري لدى حلوله بمطار تونس قرطاج، وذلك باقتياده إلى غرفة خاصة وإخضاعه لتفتيش دقيق، في محاولة للتنكيل به مثلما وقع لبعض المناضلين السياسيين أو الإعلاميين الذين تم الاعتداء عليهم في المطار. 3)    تدهور الوضع الصحي للناشط الحقوقي زهير مخلوف المعتقل حاليا بسجن المرناقية: تدهورت الحالة الصحية للناشط الحقوقي الصحفي زهير مخلوف المعتقل حاليا بسجن المرناقية الذي يخوض إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ يوم 21 أكتوبر 2009  للمطالبة بإطلاق سراحه، علما بأنه يعاني من مرض السكري وأصبح يخشى على حياته في ظل تواصل إضرابه عن الطعام، وفي ظل رفض المحكمة لمطالب الإفراج المؤقت الذي تقدم به محامو الناشط الحقوقي زهير مخلوف.. 4)   حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكو.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  
 


بلاغ صحفي حول الحجز المقنع للصحيفة


تعرض العدد 520 من صحيفة « الموقف » الصادر بتاريخ 6 نوفمبر 2009 إلى الحجز المقنع، بعدما فرضت وزارة الداخلية على صاحب المطبعة أن يُسلم كامل الكمية المطبوعة من الصحيفة إلى مُتعهد التوزيع « الشركة التونسية للصحافة ». غير أننا لاحظنا أن الصحيفة مفقودة من السوق أمس السبت واليوم الأحد في الغالبية الساحقة من الأكشاك في العاصمة والولايات الداخلية، واكتشفنا في ضوء مُساءلة الباعة أن نُسخا قليلة من العدد الأخير لا تتجاوز بضعة عشرات (من أصل خمسة آلاف) هي فقط التي تم توزيعها، إذ اتصل بعض الباعة بنسخة واحدة فيما لم يتحصل الآخرون على الصحيفة بالمرة. إن هذا الإجراء الجديد هو عودة إلى المصادرة المقنعة التي طالما عمدت إليها السلطة مع صحيفتنا ومع صحف معارضة أخرى في مناسبات مختلفة، وهو ضرب لحرية الرأي والتعبير ونيل من حق المواطن في الإعلام ومحاولة لإسكات لكل صوت حر في بلادنا. لكن الأخطر من ذلك أن الحكومة بدأت تنفيذ مخطط لخنق « الموقف »، مع صحف المعارضة الأخرى، بتدخلها في علاقة تجارية بين الصحف والمطابع لكي تفرض علينا قناة وحيدة للتوزيع وتضمن بذلك تحكم الأمن بالكامل في العملية. وإذ تستنكر هيأة تحرير « الموقف » هذا الحجز الجديد للصحيفة الذي يندرج في إطار الحملة غير المسبوقة على الإعلاميين وعلى حرية الصحافة في الداخل والخارج، تُعلم أنها ستحيط الرأي العام علما بردها على هذه الهجمة في ندوة صحفية تعقدها مع صحيفتي « الطريق الجديد » و »مواطنون » غدا الإثنين 8 نوفمبر 2009 في الحادية عشر صباحا في مقر « الطريق الجديد ».  تونس في 8 نوفمبر ‏2009 عن الهيأة رئيس التحرير رشيد خشانة   


توجيه تهم لأربع طالبات على خلفية اعتصام احتجاجي

 


التحرير في السبت, 07. نوفمبر 2009 قال المحامي منذر الشارني إنّ عدد الطلبة المحالين على القضاء على خلفية اعتصام المبيت الجامعي بمنّوبة بلغ العشرين بينهم أربع طالبات أبقي 11 منهم بحالة إيقاف. ووجهت للمحالين تهم حقّ عام بناء على تشكيات من إدارة المبيت والمطعم الجامعي.  من جهة أخرى أفاد الأستاذ الشارني أنّ عائلة الطالب المختفي محمد السوداني لا تزال تجهل مصيره منذ الثاني والعشرين من الشهر الماضي.  كما تقدم المحامي منذر الشارني بمطلب إلى وكيل الجمهورية بتونس للاستعلام عن مصير المختفي وعرضه على الفحص الطبي ولكنّه لم يتلق أيّ جواب.  وحذّر الشارني من خطورة هذه الوضعية مشيرا إلى أنّه في مثل هذه الحالات يتوقع الأسوأ، حسب تعبيره.  ولمزيد التفاصيل كان لراديو كلمة الاتصال التالي مع المحامي منذر الشارني (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 07 نوفمبر 2009)  

مركز حقوقي يطالب بإطلاق سراح زهير مخلوف وتوفيق بن بريك

  


السبيل أونلاين – باريس – تونس   طالب « مركز المعلومات والتوثيق حول التعذيب في تونس » ، بإطلاق سراح مراسل السبيل أونلاين في تونس الناشط الحقوقي زهير مخلوف ، والكاتب الصحفي التونسي المعروف توفيق بن بريك .   وقال المركز ومقره العاصمة الفرنسية باريس ، في بيان بالفرنسية نشرته (نشرية تونس نيوز) بتاريخ 06 نوفمبر 2009 ، أنه يأمل في أن تأخذ جميع الأطراف المعنية بالحالة التونسية ، سواء الوطنية أو الأجنبية ، خطوات جادّة تجاه الحكومة التونسية ، من أجل إطلاق سراح مخلوف وبن بريك وهما بريئان من التهم المنسوبة إليهما .   وأشار المركز إلى أن الحالة الصحية لمخلوف وبن بريك تسدعي رعاية صحية خاصة ، وهو السبب حسب المركز الذي يتخذ لمزيد التشفي منهما ، ودعا إلى تكثيف الضغوط على السلطات التونسية من أجل وضع حدّ لمعانتهما .   ورحّب المركز بإطلاق سراح سجناء الحوض المنجمي .   (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 08 نوفمبر 2009  

الحرية لجميع المساجين السياسيين الحرية للدكتور الصادق شورو الجمعية الدولية المساندةالمساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في8 نوفمبر 2009

السجين السياسي السابق مراد دهّان  في ذمة الله


وارت عائلة دهان التراب عن إبنها السجين السياسي السابق السيد مراد دهّان اليوم الأحد إثر صلاة العصر بمقبرة الزيتون بنابل، و كانت وافته المنيّة، على إثر جلطة قلبية ، يوم السبت 07 نوفمبر 2009 عن 48  ربيعاً ،والسيد مراد دهّان متزوج وأب لثلاثة أبناء:( بلال 20 سنة ، أحمد 18 سنة، مريم 8 سنوات )، سُجن في ماي  1991 لمدة 7 أشهر واُعيد سجنه لمدة 4 أشهر في السنة الموالية أي في ماي 1992.  وإذ يتوجّه أعضاء الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسين، بالدعاء للمرحوم مراد دهّان سائلين الله له العفو والمغفرة فإنّهم يرجون العزيز الرحيم أن يلطف بأهله وأبنائه ووالدته وسائر أفراد عائلته وأحبابه وأن يرزقهم جميل الصبر والسلوان . للتعزية (رقم هاتف إبنه الأكبر بلال ):21695907603  عن الجمعية الهيئــة المــــديرة


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 19 ذو القعدة 1430 الموافق ل 08 نوفمبر 2009

إنا لله وإنا إليه راجعون


انتقل إلى رحمة الله تعالى ليلة أمس السبت 07/11/2009 مراد الدهان عن سن تناهز 44 عاما، والفقيد سجين سياسي سابق، سُجن في مناسبتين سنتي 1991و1992 وهو أب لثلاثة أطفال. وقد شيع جثمانه الطاهر اليوم الأحد 08 نوفمبر 2009 إثر صلاة العصر إلى مقبرة الزيتون بنابل. وحرية وإنصاف تتقدم لعائلة الفقيد بأحر التعازي وأصدق المواساة راجية من العلي القدير أن يرحمه رحمة واسعة وأن يرزق أهله جميل الصبر والسلوان. للتعزية يرجى الاتصال بهذا الرقم :21695907603     عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


دفاعا عن كرامة الصّحافيين وحريّاتهم دفاعا عن مستقبل تونس

 


نحن الصحفيين التّونسيين الموقّعين على هذه العريضة، إذ نستحضر نضالات شعبنا المجيدة من أجل الحرية والتقدم، وإذ نتابع ما آلت إليه أوضاع الحريات العامة والفردية في البلاد وعلى رأسها حرية الصحافة من تدهور مأسوي، بلغ ذروته في الآونة الأخيرة بحملة تشويه وموجة اعتداءات سافرة طالت عددا من الزملاء الصحفيين نعلن للرأي العام الوطني والدّولي ما يلي:  أولا : تضامننا الكامل مع زملائنا الذين تعرضوا لأي شكل من أشكال الإهانة أو الاعتداء المادي أو المعنوي أو السجن.  ثانيا : رفضنا منطق التهديد والوعيد الذي بات يطوق الأقلام الحرة ويصادر حقّها المهني في متابعة الشأن العام ونقل الحقائق إلى المواطن التونسي.  ثالثا:  تنديدنا بالأقلام المعروفة التي تعودت هتك الأعراض وتوزيع تهم التخوين المجاني للوطن سواء على شخصيات عامة أو على زملاء لنا هم محلّ تقدير كبير وندعو القضاء للقيام بدوره في ملاحقة مرتكبي الثلب والتشهير بأعراض الناس.  رابعا:  رفضنا الهيمنة الرسمية على قطاعنا والتي بدت مفضوحة في الانقلاب الذي استهدف المكتب المنتخب لنقابة الصحفيين والإتيان بآخر استهلّ مسيرته بتزكية جعلته طرفا في حملة انتخابية يفترض بالصحفيين أن يبقوا فيها على مسافة واحدة من الجميع. وندعو إلى رفع اليد عن نقابتنا لتمثل الإرادة الحرة المستقلة للصحفيين التونسيين.   خامسا: تأكيدنا على أنّ من جوهر مهنتنا وصميم واجبنا تجاه ضمائرنا وشعبنا أن نتطارح الشأن العام ونقدم حقيقة الواقع للمواطن بقطع النظر عن معارك السياسيين فلهم حساباتهم ولنا قيم مهنتنا القائمة على نقل الحقائق واحترام تعددية الآراء والاستقلالية تجاه الجميع.  عاشت الصحافة التونسية حرة مستقلة  هذه العريضة مفتوحة فقط للصحفيين التونسيين الذين يمتهنون الصحافة حصرا. للتوقيع الرجاء إرسال الاسم واللقب والصفة الصحفية وبلد العمل إلى العنوان التالي : freepresstunisie@yahoo.fr


مدوّنو تونس ينتفضون ضدّ اعتقال زميلتهم


بقلم إسماعيل دبارة تواصلت ردود الفعل المنددة باعتقال المدونة وأستاذة المسرح فاطمة رياحي على ذمة التحقيق بتهمة « القذف »، وقام المدوّنون التونسيون بإغراق الفضاء الافتراضيّ بالتدوينات التي تتحدّث عن قضيّة « فاطمة ارابيكا »   إلى درجة تحوّلها إلى قضيّة تشغل بال الرأي العام، « إيلاف » من جهتها اتصلت بعدد من المدوّنين التونسيين المعروفين ، خصوصا أصدقاء « فاطمة أرابيكا » المُعتقلة ، فأبدى معظمهم صدمته من اعتقال أستاذة المسرح بسبب كتاباتها « التي لمّ تتجاوز الخطوط الحمر » على تعبير بعضهم. تونس: خلّف اعتقال السلطات التونسيّة للمدوّنة الشابة فاطمة الرياحي و المعروفة بالاسم التدوينيّ « فاطمة أرابيكا » ، استياء كبيرا في صفوف المدوّنين ونشطاء حقوق الإنسان والمدافعين عن حريّة التعبير.     فمنذ أن أوقفت الشرطة يوم الجمعة الماضي المدونة وأستاذة المسرح فاطمة رياحي على ذمة التحقيق بتهمة « الثلب » (القذف) ، حتى تواترت ردود الأفعال المندّدة بالاعتقال وظروفه ، كما قام المدوّنون التونسيون بإغراق الفضاء الافتراضيّ بالتدوينات التي تتحدّث عن قضيّة « فاطمة ارابيكا » إلى درجة تحوّلها إلى قضيّة تشغل بال الرأي العام عبر الفضاء الافتراضيّ وخارجه.   أولى ردود الفعل وأسرعها كانت من طرف منظمة « مراسلون بلا حدود  » التي أكدت في بلاغ لها اطلعت « إيلاف » على نسخة منه أنّ »فاطمة استدعيت من قبل الشرطة في الثاني من الشهر الحالي ليفرج عنها ليلا، لكنها أوقفت على ذمة التحقيق منذ أن أعيد استدعاؤها بعد يومين من ذلك ».   ومضى البلاغ قائلا : »جلسة الحكم في قضية المدونة المتهمة بـ »الثلب » حُدّدت في التاسع من الشهر الحالي. ولم يعرف ما إذا كانت التتبعات على أساس القانون الجنائي أو الصحفي ». وذكرت « مراسلون بلا حدود » أنّ السلطات تلجأ لمثل هذه الاعتقالات للكشف عن هوية المدونين الذين يستخدمون أسماء مستعارة » ودعت إلى إطلاق سراحها فورا مضيفة أنّ المدوّنة المعتقلة وهي أستاذة مسرح تبلغ من العمر(34 عاما) لم تتمكّن من مقابلة محاميتها الأستاذة ليلى بن دبة سوى لثلاث دقائق يوم إعادة إيقافها، الأمر الذي لم يسمح للدفاع بالإطلاع على حيثيات القضية وأسباب الاعتقال.     تشير معطيات حصلت عليها « إيلاف » من مُهتميّن بقضيّة المدوّنة « فاطمة أرابيكا » أنّ السلطات التونسيّة تشتبه في كون المعتقلة صاحبة مدوّنةhttp://fatma-arabicca.blogpost.com/  والتي حجبت قبل نحو عشرة أيام ، قبل أن يُمحى محتواها نهائيا من الشبكة ، هي ذاتها المدوّن التونسي المعروف صاحب الاسم المستعار زاد (z) و الذي غالبا ما ينشر بنشره صورا كاريكاتورية مثيرة للسخريّة  عن الوضع السياسي والاجتماعي والحقوقي والاقتصاديّ بتونس عبر مدوّنته الشهيرة « نقاش تونس »  (débat Tunisie).http://debatunisie.canalblog.com/ المدوّن « زاد » الساخر، بادر من جهته إلى تكذيب الإشاعات التي ربطت بينه و بين الموقوفة « فاطمة أرابيكا » ، فقام بنشر صور حديثة بعد الاعتقال مباشرة ليعرب عن « مساندته المطلقة لزميلته » و ليؤكّد أنه شخص آخر بدليل تواصل صدور رسومه الساخرة.     « إيلاف » من جهتها اتصلت بعدد من المدوّنين التونسيين المعروفين ، خصوصا أصدقاء « فاطمة أرابيكا » المُعتقلة ، فأبدى معظمهم « تفاجئه » من اعتقال أستاذة المسرح بسبب كتاباتها « التي لمّ تتجاوز الخطوط الحمر » على تعبير بعضهم.  » من الأول كانت الصدمة » يقول المدوّن « كلنديستينو » صاحب مدوّنةhttp://el-clandestin.blogspot.com/ ويضيف لإيلاف : » الحقيقة لم نتوقّع عملية إيقاف المدونة فاطمة..خاصة أنها لم تكتب أيّ موضوع قد يسبب لها مشاكل، بعد عمليات الصنصرة و الحجب المتكررة تكونت لدينا نحن المدونين خبرة في التعامل مع الرقابة أصبحنا ندرك جيّدا ردود الفعل مقص الرقابة.. وما الذي يمكن أن يصيب الموقوفين في مواقف كهذه ولذلك قرّر كثيرون الصمت ».     المدوّنة بنت عائلة http://bent-3ayla.blogspot.com/  تقول: » تقبلت الخبر بصدمة شديدة و بعدم تصديق. تعوّدنا على الحجب و اغلب مبادرات المدونين كانت سلمية، مجرد حملات للتنديد في قالب دعابة وسخرية لا ترتقي إلى التحريض ضدّ أي هيكل أو نظام حكومي أو حتّى سياسة منتهجة. و كثير منّا اعتبر بحجب المدونات الصديقة و أصبح يقوم بألعاب بهلوانية حتّى يتمكن من إيصال فكرة في قالب هزلي و عام. »   وتتابع : » أعتقد أنّ تناول القضية من منظار جزائي غريب. أولا المحامية نفسها -حسب تصريحها لقناة » الجزيرة »، قالت انه لم تتم توجيه تهمة إليها « بعد »، يعني مدونة موقوفة منذ يوم الثلاثاء و حاسوبها محجوز و نحن لازلنا نهنئ أنفسنا انه لا توجد محاكمة ولا توجد قضية. بالنسبة لتهمة الثلب(القذف)، إذا اعتمدنا على هذه الإشاعة ، و لاحظوا هنا التخبط الإعلامي و القانوني، فهي تهمة شاسعة و تندرج تحت جرائم هتك العرض. المدونون غير خاضعون لقانون الصحافة و يخضعون في نشاطهم إلى قانون عامة الناس ».   المساندة التي لقيتها « فاطمة ارابيكا » فاقت كل التوقعات ، فقد انظمّ مدوّنون من مصر والمغرب والأردن وفرنسا إلى المنادين بإطلاق سراح المُدونة المعتقلة ، أما شبكة « فايسبوك » الاجتماعية ، فكانت محملا لنشر صور التعاطف ومقاطع الفيديو والتدوينات المتضامنة مع المدوّنة « أرابيكا ».     وقامت مجموعة من المدوّنين بإنشاء صفحة خاصة على « فايسبوك » حملت عنوان  » الحرية لفاطمة آرابيكا » بلغ عدد مشتركيها إلى حدّ كتابة التقرير ما يقارب 1500 مشترك معظمهم من المدونين الشبان ، كما أنشأت مدوّنة في الغرض لمتابعة أخبار محاكمة « أرابيكا » http://freearabicca.wordpress.com/ يشار إلى أنّ مدوّنو تونس لم ينشئوا بعد هيكلا يمثلهم عبر الفضاء الافتراضيّ كذا الشأن بالنسبة لدول عربية عديدة على غرار تجربة « اتحاد المدونين الليبيين » و »اتحاد المدونين الجزائريين » و آخر للمصريين لا يزال تحت التأسيس.     يقول الصحفيّ و المدوّن التونسي سفيان الشورابي لإيلاف: » نعتقد أنّ اللحمة التي ظهرت خلال حملة التضامن مع المدونة « فاطمة أرابيكا » تكشف لا محال عن قدرات كبيرة يكتنزها المدونون في الدفاع عن أنفسهم وعن القضايا السامية، وان كانت هناك أفكار من أجل مزيد رص تلك اللحمة فإن المستقبل سيكشف عنها عندما تكون هناك حاجة لها. أمّا مشروع تكوين هيكل يجمع المدونين فهي فكرة قائمة الذات وقد انطلق التفكير فيها منذ أشهر. والكل ينتظر انفراج الأوضاع حتى يتعمق النقاش فيها أكثر. فمن المؤكد أن تأسيس هيكل يقتصر دوره على إصدار البيانات على الأنترنات لن يقدم الإضافة المرجوة للحركة التدوينية في تونس. عموما هناك تجاوبا مع الفكرة وننتظر تحسن أوضاع الحريات في البلاد ».     فكرة الهيكل لم ترق كثيرا للمدونة « بنت عائلة » التي قالت: » التدوين ابسط شكل من أشكال التعبير، بل آخر معقل من معاقل الحرية. و اغلبنا محافظ على الخطوط الحمراء المطلوبة عرفا و قانونا، أنا ضد هيكلة و تقنين هذه الحركة، لان المدونين وحدّوا صفهم تلقائيا، أنا ضد الهيكلة لكن مع التضامن السلمي نصرة لحرية التعبير ». ولا يختلف معها المدوّن « كلندستينو » الذي ذكر إنه « ضد تكوين هيكل تدويني إذ سيتحوّل  ككل الهياكل غير حكومية الأخرى إلى حلبة صراع للتيارات سياسية ومن شبه المتأكد انه سيجلب اهتمام السلطة وسيتم استيعابه من طرف الحزب الحاكم » ويختم : »من الأفضل أن نبقى مستقلين و نحافظ على حياد مدوّناتنا ».   (المصدر:  موقع إيلاف (بريطانيا) بتاريخ 08 نوفمبر 2009)


«أرابيكا»: المواطنة الإلكترونية والعقاب


بقلم طارق الكحلاوي   مثلما نشرت ونقلت آخر الأسبوع منابر عديدة عبر العالم، من قناة «الجزيرة» إلى «لوس أنجليس تايمز» مرورا بمنظمة «مراسلون بلا حدود»، فقد تعرضت المدوِّنة التونسية «أرابيكا» بدءا من 2 نوفمبر الجاري إلى استدعاءات وإيقافات «تحفظية»   على خلفية نشاطها التدويني. وإلى حد هذه اللحظة (السبت صباحاً) يبدو أنه تم إطلاق سراحها ولكن لا يُعرف بعد حسب محامي «أرابيكا» ما إذا كانت هذه الإجراءات ستتوقف أو سيتم تصعيدها إلى عرض المدوِّنة التونسية على قاضي تحقيق وتوجيه تهم إليها تخص حسب التوقعات الأولية «القذف» أو بمعنى آخر «الثلب». «أرابيكا» أو فاطمة الرياحي صديقة تعرفت عليها قبل حوالي ثلاث سنوات افتراضيا، فنحن في عالم يمكن للصداقة الافتراضية أن تأخذ بُعدا ليس أقل جدية من الصداقة «الواقعية»، إذ مر عالم الإنترنت التونسي بأمر استثنائي خلال هذا الوقت سميته بـ «ربيع البلوغوسفير» (Blogosphere) أو «ربيع الفضاء التدويني» بعد مرحلة سادت فيها بين مستعملي هذه الوسيلة الإلكترونية الجديدة (أي «المدونة») نزعة اللامبالاة تجاه الشأن العام، كما يبدو ظاهريا وليس واقعيا بالضرورة. وحتى بداية سنة 2007 كان المشهد الإلكتروني ينقسم بحدة بين فضاء رسمي وآخر معارض أو حقوقي يتعرض إلى حجب روتيني. لكن بشكل متدرج بعد ذلك مثّل اكتشاف وسيط يوفر الكثير من الحرية الذاتية، مثلما هي «المدونة»، فرصة للتعبير الخلاق بالنسبة للبعض ممن يسمى بشكل روتيني «الأغلبية الصامتة». نشأ حينها نوع من التيار التدويني «المستقل» عن أي هوية سياسية ذات بعد واحد والحامل في ذات الوقت لهموم فكرية متنوعة إلى حد التناقض، استطاع في النهاية أن يحقق ربيعه التدويني عبر المعادلة التي لم يتم التوصل إليها إلا حينها: الاعتراض وحتى الاحتجاج مع الحفاظ على لغة حذرة استطاع تحدي قواعد الرقيب والذي تمرن أساساً على حجب المواقع المسيّسة بدون مواربة. ضمن معادلة «المواطنة الإلكترونية» هذه نمت فاطمة بشكل مطرد لتمثل مثالا على نموذج جديد (للعديد من المدونين) يعبر عن ناشط حقوقي يركز على استقلاليته وذاتيته أكثر من أي نموذج سابق في الحالة التونسية. كان الاتجاه العام للتدوينات والنصوص الأولى لـ «أرابيكا» تعبيراً عن الاستغراق الذاتي ذي الطباع الشعري وهو المجال الذي تمنحه أي «مدونة» في الأصل بما هي منبر ذاتي ولا يعبر عن فكر الجماعة مبدئيا. غير أننا نكتشف ما هو عامّ في أنفسنا بالتحديد عندما نستغرق في ذواتنا، وهكذا كان اكتشاف الذات، خاصة عبر مسار «نشرها» للعموم واحتكاكها مع القارئ بما هو «آخر»، هو مسار التركيز على ما هو شأن عام. وهكذا حتى «استضافتها» أخيرا كانت فاطمة تتصرف ببراءة الطفل الذي يعتقد في القواعد النظرية للعبة المواطنة، حق التعبير بما في ذلك النقد والرفض. وخلال كل ذلك كانت شديدة الحذر حتى لا تنسى الفارق بين كل ذلك و «الثلب» أو السباب (ربما تعرضت هي لذلك أكثر من غالبية المدونين)، خاصة الفرق بين النشاط العام لأي شخصية وخصوصياتها الذاتية غير المتسربلة بنشاطها العام. ورغم ذلك فإن احتمال تعرضها هي ذاتاً للملاحقة أو على أساس العلاقة مع ما يكتب من قبل آخرين على صفحة مدونتها يطرح إحدى أعقد المعضلات بالنسبة لموضوع التعبير عن الرأي في بلادنا خاصة مع حالات مشابهة أخيرا لصحافيين مستقلين يستعملون الإنترنت، وهي المعضلة التالية: ماذا يعني تجريم الرأي الإلكتروني؟ هناك طبعا سياق كامل بصدد التشكل منذ أعوام قليلة خاصة في المشهد الرسمي العربي يحاول التأقلم ليس أمنيا فحسب بل أيضا تشريعيا مع مستجدات النشر الإلكتروني. وإثر ربيع ساخن في مصر سنة 2008 تسربل فيه النشاط المدني والسياسي بالوسائط الإلكترونية الجديدة (حركة شباب 6 أبريل) بدأت مع حلول صيف نفس السنة المؤشرات الأولية على «توافق عربي» خاصة للأجهزة المشرفة على الإعلام للتدخل تشريعيا خاصة لمواجهة «الجريمة الإلكترونية» السياسية. نشرت بعض الصحف المصرية في بداية شهر يونيو آنذاك أخبارا عما سمي بـ «وثيقة وزراء الإعلام» العرب وفي التفاصيل كان الحديث عن الضوابط الجديدة التي سيشرف عليها «جهاز قومي» في كل بلد «يختص بمنح التراخيص لكل عمليات البث الإعلامي للجمهور بما في ذلك عبر الإنترنت». هذه «الريادة المصرية» لم تتوصل إلى حد الآن إلى صيغة مناسبة خاصة بعد الانتقادات الشديدة التي طالت هذه الوثيقة وهو ما أثر -على ما يبدو- على التفعيل العربي الجماعي لها. في ذات الوقت طفا على السطح تقرير حكومي مصري (من إعداد «مركز المعلومات» التابع لمجلس الوزراء المصري) يقدم فحصا دقيقا للمشهد المدوناتي المصري و «مخاطره» بما يحيل على «تدوينوفوبيا» تتجاوز استهداف المضمون إلى استشعار خطورةٍ ما في الوسيلة ذاتها. لكن بمعزل عن السياق العربي لم تنتظر بقية الأقطار مقاربة عملية عربية. وكانت إحدى المحاكمات التي حدثت هذا الصيف في تونس سابقة إجرائية في هذا الإطار، إذ تم الحكم في شهر يوليو 2009 بستة أشهر سجن نافذة على أستاذة متقاعدة بسبب ما اعتبر أنه «ترويج إشاعة من خلال مصادر أجنبية على شبكة الفيسبوك». الأمر المثير للانتباه هو أن ذلك تم بناء على المادة القانونية الخاصة بقانون العقوبات رقم 121 والتي «تلحظ ضرورة معاقبة كل من تسبب في تعكير صفو النظام العام كما لو أنه شارك في تمرّد إما عبر خطاب ألقاه في مكان عام أو عبر الملصقات والمطبوعات بعقوبات تتراوح بين الغرامة والسجن الذي يمكن أن يصل حتى خمسة أعوام».. هذه المادة تندرج تحت عنوان «النظام العام» وهي أيضا ترجع إلى المدوَّنة القانونية التي تم إرساؤها في سياق مؤسسات الاحتلال الفرنسي بين سنتي 1906 وسنة 1913. وبرغم أن ذلك أسهم في تأسيس الجهاز القانوني التونسي الحديث فإنه بدا في شقه السياسي يخدم آنذاك ظروف سلطة احتلال استبدادية ضد السكان التونسيين؛ خاصة أنه تم صياغته في سياق بدء الاحتجاجات المدنية التونسية ضد الاحتلال آنذاك والتي قوبلت بقسوة بالغة. هذه المادة رغم أنها تمس ظروفا استثنائية تخص «التمرد» (بمعنى مقاومة الاحتلال في سياقها الأصلي) أو غامضة مثل جملة «تعكير صفو النظام العام»، فهي تمس في نهاية الأمر موضوع النشر ومن ثم الصحافة وبالتالي وبالضرورة موضوع حرية الرأي. ومن الملاحظ أن المشرِّع الفرنسي خص مجاله السيادي الفرنسي، بخلاف المستعمرات، بمدونة قانونية شديدة الحساسية تركز على الحد من الغموض والتقليل الكبير في العقوبة الخاصة بالنشر بشكل عام، إذ إن في المادة الخاصة بـ «الثلب» (diffamation) والتي ترجع إلى قانون سنة 1881 نقرأ التحديد غير القابل للتأويل تفريقاً بين «ثلب خاص» وآخر «عام»، والثاني الذي يتعلق بمجال النشر والصحافة والتي بشكل واضح لا تعرض صاحبها إلى الحبس بل فقط إلى الغرامة (إلا في حالات خاصة جدا منصوص عليها). تحديد عقوبة النشر في «الثلب» (و ليس في مصطلحات قابلة لتأويلات واسعة مثل «تعكير صفو النظام العام») والتقليل من العقوبة إلى ما دون السجن (بل هناك جدال فرنسي حول إلغاء العقوبة أصلا) يعكس هذه الحساسية التشريعية لمبدأ حرية الرأي. في المقابل فإن قانون سنة 2001 في تونس نقَّح مجلة الصحافة في علاقة بالمادة 121 والمادة 123 ليوسع مجال التجريم ليشمل «المصادر الأجنبية». المفارقة التي نحن إزاءها أن الدولة ما بعد الكولونيالية لا تزال تحتفظ بالمعايير المزدوجة المضمنة في المدونة القانونية الموروثة عن الاحتلال وبالتحديد في عدم حساسيتها إزاء أولوية حماية حرية النشر مثلما هو واضح في القانون المعتمد ضمن المجال الفرنسي السيادي. كل ذلك ولم نمس بعد معضلة معنى «الجريمة الإلكترونية» إذ الربط الحاصل الآن عربيا بين «النشر» الورقي و «النشر الإلكتروني» يتجاوز خصوصية طبيعة الأخير. وليس من الاعتباطي أن «اتفاقية بودابست» الدولية سنة 2001 التي تهتم بـ «الجريمة الإلكترونية» تتعرض بشكل أساسي لموضوع «الملكية الثقافية» ولا تقرب إشكالية «الثلب» أو «العصيان». وهذا الحذر العام نابع مثلا من الطابع العابر لحدود الدول لـ «النشر الإلكتروني». وعموما يبدو المشرع التونسي في مرحلة محاولة مأسسة الحجب أو العقاب في المجال الإلكتروني. ويبدو تصريح وزير العدل التونسي يوم 6 نوفمبر الجاري الذي يعترف بـ «الحجب المؤقت» لموقع «الجزيرة نت» بدواعي «الثلب غير المؤكد» في هذا السياق.   (المصدر: جريدة العرب ( يومية – قطر ) بتاريخ 08 نوفمبر 2009 )

وهذا طامس آخر !


حرر من قبل أم زياد في السبت, 07. نوفمبر 2009  
بشرى لتونس البنفسجية فقد شرع رئيسها الجديد في تطبيق برنامجه الانتخابي المتضمّن لأربع وعشرين نقطة، بادئا بالنقطة الخامسة والعشرين التي لمّح إليها في الكلمة التاريخية التي ألقاها ليلة الانتخابات. وقال فيها إنّه سيطبّق « القانون » بحزم على جميع المفترين والمحرّضين والخونة والمشكّكين. القانون مدارس، والمادة التي طبّقت على سليم بوخذير في الليلة الفاصلة بين 28 و29 نوفمبر الجاري تنتمي إلى قانون عرفي غير مكتوب، ولكنّه الأكثر تطبيقا ويسمّيه بعضهم من المشككين قانون الغاب.  كنت في البيت بمفردي، وقد جلست أنظر إلى شريط الأنباء البنفسجي بعد أن أحكمت إغلاق جميع الأبواب تحسبا من المادة الخامسة والعشرين من البرنامج الرئاسي حوالي الساعة الثامنة والنصف والقناة البنفسجية مازالت تستعرض برقيات التبريك والتأييد.  سمعت جرس الباب يقرع بشدّة وإلحاح وكأنّه يصرخ « النجدة.. النجدة ».  ولمّا فتحت الباب رأيت في عتمة الحديقة شبح رجل شبه عار حافي القدمين يلوّح بذراعيه النحيفتين كغريق يتخبّط التماس النجاة، فإذا هو سليم بوخذير في حالة يرثى لها، وأسمع ما يقول « لقد قتلوني يا أم زياد، لقد كسروا عظامي ونزعوا أدباشي وافتكّوا أوراقي وهاتفي ونقودي.. »، ولمّا يتذكّر النقود يطلب منّي دفع أجرة « التاكسي » الذي حمله.  أنقد السائق وأنا أدعو على النظام فيتنهّد السائق ويقول « آمين » وأعود إلى سليم.  لم يتركوا موضعا في وجهه ورأسه وذراعيه وظهره… زرقة وحمرة وانتفاخ ودم يسيل من الفم.  الفم!! إنّه هو سبب البلاء. فم سليم بوخذير كان تفوّه قبل ساعات وعلى موجات إذاعة البي بي سي بما ينافي الحياء الذي أشار إليه رئيسنا الجديد في كلمته التاريخية المذكورة آنفا، إذ تكلّم عن حالة حية الصحافة في تونس ومعاناة الصحفيين وعن سيدة تونس الأولى.  ضاربو سليم بوخذير تكلّموا وهم ينفّذون فيه « القانون » عن سيدة يجب عليه أن يتركها وشأنها لأنّها سيّدة متزوّجة ولأنّه هو سليم بوخذير عنده « صْغيْرات »، يا لرحمة الجلادين ولرقّة قلوبهم وما أروع خطابهم المشفّر… إنّهم شعراء في مجالسهم !  لقد هربت بعيدا عن سليم لأخفي عليه دموعي (نعم يا أوغاد فرقة الأنياب الإعلامية أنا أبكي لآلام غيري ولآلام هذه البلاد وأدام الله عليّ هذه الصفة الآدمية) ولكنّ سليم أبى إلاّ أن يقلب شفقتي عليه غضبا، وحزني لما حلّ به ضحكا لمّا قلت له إنّه ينبغي أخذه إلى المستشفى فعبّر لي عن خشيته من.. « الزرّيقة ».  هكذا سليم يلعب مع الضواري ولا يخشى أنيابها ثم يخاف من « الزريقة »، وهكذا نحن جميعا معشر الجبارين الضعفاء نبكي ثم نضحك نفرّ ثم نعيد الكرّ، نخاف ثم نتجاسر ونضرب ولكن لا نستسلم إلى أن يعود لتونس ثوبها الأخضر أو تلبس السواد حدادا على أبنائها الأحرار لحين، ثم تعود إلى البحث عن خضرتها. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 07 نوفمبر 2009)  


الانتخابات…والفرصة الضائعة ؟


بقلم د. مصطفى بن جعفر فرصة أخرى مهدورة. هو ذا الارتسام الأول الذي يفرض نفسه عند الاطلاع على نتائج الانتخابات التي دارت في بلادنا يوم الأحد 25 أكتوبر 2009.جاءت هذه النتائج منسجمة مع التوقعات الأكثر تشاؤما   و المنطلقة من وضع الانغلاق السائد الذي سبق الانتخابات و تواصل خلالها. أما تفاؤلنا- على نسبيته- فقد اصطدم برفض مرشح التكتل للانتخابات الرئاسية، ثمّ برفض جلّ قائمات الحزب المرشحة للانتخابات التشريعية- أي سبع عشرة قائمة من جملة أربع و عشرين قدّمناها- مما حال دون تبليغ صوتنا إلى ما يقارب ثمانين في المائة من الناخبين و الناخبات. لقد كانت النية واضحة في تقليص فضاء مشاركتنا في نفس الوقت الذي عبرنا فيه عن إرادة لا تقل وضوحا في تحريك الحياة السياسية عبر أوسع مشاركة ممكنة، و ذلك على الرغم من أن جلّ المؤشرات تدفع نحو عدم المشاركة نضرا إلى غياب حياد الإدارة و عدم تكافئ الفرص بين الأطراف المتنافسة. على أنّ تفاؤلنا لم يحجب عنا صعوبة الظرف و حجم العراقيل، مما جعلنا باستمرار نؤكد على أنّ الرهان هو بالأساس رهان سياسي و على أن جوانبه الانتخابية قد تفتح لنا – في أفضل الظروف -إطارا إضافيا للمشاركة في المشهد السياسي و إبلاغ صوتنا و مواقفنا حول أمهات القضايا الوطنية. و لا بدّ لنا من الإقرار بأنّ هذا الرهان، بحكم ما تعرّضنا إليه من محاصرة، لم يتحقق إلا جزئيا. و لكن الأخطر هو أن فرصة الانتخابات – و هي فرصة لا تتكرر إلا كل خمس سنوات – ضاعت على شعبنا الذي اتفق جميعنا – سلطة و معارضة – على أنه جدير بحياة سياسية تعددية و متطورة.،- إن ما حدث قبل الانتخابات و خلال الحملة الانتخابية، و كذلك ما أفضت إليه هذه الانتخابات من نتائج لن يغير شيئا من توجهاتنا و من الأهداف و المبادئ التي انبنى عليها حزبنا، التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات. إننا دعاة خير لتونسنا العزيزة التي نعتقد جازمين أن تشريك كل الكفاءات و الطاقات التي تزخر بها، و بدون استثناء، هو الكفيل وحده لرفع تحديات اليوم و مواجهة صعوبات الغد و في مقدمتها أزمة البطالة التي تعصف بخيرة شبابنا. و لن تزيدنا العراقيل إلا إصرارا على النضال من أجل إحكام تنظيم صفوفنا و جمع القوى الديمقراطية و مكونات المجتمع المدني المؤمنة بضرورة الإصلاح. كما أن ظروف الانتخابات الأخيرة أكدت لنا أن هذا الإصلاح يمر حتما عبر مصداقية صندوق الاقتراع التي تتطلب إدارة محايدة تضع دواليبها في خدمة مجتمع المواطنة دون حيف أو تمييز. كما تتطلب المزيد من اليقظة لدى المواطن و من الاقتناع بأن مصيره مرتبط إلى حد بعيد بما يفرزه الصندوق و أنه المؤتمن الأول عليه. عندها تصبح الانتخابات بحق محطة للتقويم و الحوار السياسي بامتياز لا مجرّد طقوس يتحكم فيها الإجراء الإداري و يطغى عليها الطابع الاحتفالي.   (المصدر:  جريدة مواطنون ( لسان التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات )  العدد 123)  

دائرة الإعلام والاتصال  الأمين العام للحزب في حديث صحفي  لصحيفة « الشروق » اليومية:

« نطالب فرنسا بالاعتذار والتعويض..و أتباعها في تونس حركيون جدد »  


أدلى الأمين العام للحزب الأخ أحمد اينوبلي بحديث صحفي لصحيفة الشروق التونسية نشر اليوم الأحد 8 نوفمبر 2009. فيما يلي نصه كاملا:   أحمد الاينوبلي في حديث ساخن لـ »الشروق »: نطالب فرنسا بالاعتذار و التعويض ..وأتباعها في تونس » حركيون جدد »   تونس/الشروق في حديث خص به  » الشروق » شدّد الأستاذ احمد الاينوبلي الأمين العام لحزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي على حرية القرار الوطني وقداسة استقلال تونس مؤكدا رفضه التام لاستقواء بعض الأطراف المحسوبة على المعارضة بالقوى الأجنبية. وبيّن الاينوبلي أن الديمقراطية مبذأ داخلي صرف ولا يمكن رهنها لتصورات مسقطة أو أطراف استعمارية خارجية . وطالب الاينوبلي فرنسا الدولة بالاعتذار والتعويض معتبرا ذلك حقا مشروعا لكل التونسيين ، وفيما يلي نص الحوار:   كنتم من بين المترشحين للانتخابات الرئاسية كما كان الحزب مترشحا في دوائر التشريعية،  كيف تقيمون الانتخابات ونتائجها ومدى حضور حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي فيها؟   ترشح حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي للانتخابات الرئاسية والتشريعية وكان رهانه في ذلك رهانا سياسيا وحضاريا وهو ما أعلن عنه صراحة وهو في طريقه للاستعداد للانتخابات وحدد لمشاركته أهدافا معلنة عمل مناضلوه ومناضلاته على تحقيقها وقد نجحوا في ذلك من خلال ما طرحه الحزب من رؤى وتصورات ومبادرات جلبت له احترام المتابعين للساحة السياسية ولقد كان حضور الديمقراطي الوحدوي حضورا متميزا من خلال حركته وانضباطه وتماسك مناضليه والتفافهم حول مبادئ الحزب وخياراته الوطنية وانحيازه لقضايا الأمة العربية محافظا بذلك على نهجه بعيدا عن المضاربة السياسية والمزايدة الشعاراتية، ثابتا على ثوابته الوطنية والقومية واحترم مناضلوه النص الناظم للعملية الانتخابية وساهم بمسؤولية في إنجاح الاستحقاق الوطني ومن هنا فإننا نعتبر أن الانتخابات الأخيرة  كانت ناجحة وهو الأهم لدينا باعتبارها أضافت مكسبا وطنيا يراكم للمستقبل. أما مدى نجاح الحزب انتخابيا من خلال ما حصل عليه من مقاعد بالبرلمان فهذا يختلف باختلاف زوايا النظر فقيادة الحزب وكادره كان رهانه سياسيا بحتا وبالتالي فالأهم لديه النجاح السياسي والوطني في رؤية استشرافية وأما البعض وهو قليل من داخل الحزب والذي يرى أن الحزب فشل في الحصول على النتائج التي تستجيب لحجمه الحقيقي ولفعله الميداني فذاك رأي يحترم ونحاول أن نقنعه بأن المرحلة السياسية وطنيا تقتضي ألا يكون الرهان انتخابيا بل يجب أن يكون ابعد من ذلك ولهذا الموجب أطلقنا منذ الوهلة الأولى أن المحطة الانتخابية ليوم 25 أكتوبر هي استحقاق وطني وليست استحقاقا حزبيا ضيقا ومرّد ذلك وضوح الرؤية لدينا بأن المرحلة المقبلة مرحلة الصراع الحقيقي بين القوى الوطنية المنتصرة للوطن أرضا وشعبا واستقلال القرار الوطني وبين قوى الإلحاق وطوابير الاستقواء بالخارج- لذلك كله كان حضور الحزب الديمقراطي الوحدوي حضورا سياسيا يحمل مضامين ذات عمق وطني كنا نحمل رسالة إلى شعبنا وقواه الوطنية بضرورة التنبه للمستقبل ولم تكن أبدا رسالتنا البحث عن مكاسب في عدد المقاعد بالبرلمان. وقد نجحنا في ذلك من خلال نجاح تونس في تحقيق مكاسب جديدة تؤهلها لرفع تحديات الداخل والخارج في المرحلة القادمة.   يعرف الجميع أن حجم التجاذبات الانتخابية داخل أحزاب المعارضة كان قويا حيث افرز مجموعة من الغاضبين من بين اللذين لم يتسن لهم الفوز برئاسة قائمة انتخابية وحزبكم قد يكون عرف تلك « التجاذبات » كيف تجاوزتم ذلك؟   مسألة القائمات ورئاستها قد حسمت داخل الحزب الديمقراطي الوحدوي بأسلوب ديمقراطي وكان هناك حالتان أو ثلاث لم ترضها عدم الحصول على رئاسة القائمة ولكن الحزب تجاوز ذلك عبر أسلوب الحوار والإقناع ودخل الحزب الانتخابات موحدا متماسكا وخرج بعد الانتخابات أكثر تماسكا عازما على المثابرة والمضي قدما في ترسيخ ثوابت الحزب وتعميق خياراته وتفعيل المبادرة التي أطلقها خلال الحملة الانتخابية ومنها المبادرة التي طالب بموجبها الحزب الدولة الفرنسية بالاعتذار للشعب التونسي عن عقود الاستعمار والهيمنة وتعويضه عن الأضرار التي ألحقتها سياساتها الاستعمارية بمجمل النسيج الوطني ماديا ومعنويا.   على ذكر مطالبة فرنسا بالاعتذار للعشب التونسي يرى بعض السياسيين أنها كانت في إطار شعار انتخابي جاء للمزايدة الانتخابية؟   حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي دخل الانتخابات كما ذكرت لكم ورهانه سياسي ولم يزايد على أية جهة كانت أو أي طرف ومن كان رهانه سياسي فهو ليس في حاجة إلى شعار انتخابي أجوف يستميل به الناخب لذلك كانت مبادرة نابعة من عمق رؤيتنا الوطنية ومن صميم وفائنا لشهداء الوطن ولرجالاته المخلصين الذين قارعوا الاستعمار الفرنسي ودفعوا ضريبة الدم وضريبة الهيمنة البغيضة كان دفاعا عن الوطن والشعب الذي نُهبت خيراته ومقدراته على امتداد عقود من الاحتلال عُطِّلت خلالها وتيرة التقدم والبناء في تونس وحرمتها من سنوات طوال للنمو والرقي كانت لولا الاستعمار الحاقد والناهب لخيراتنا بقوة السلاح والبطش أن تكون تونس اليوم في مصاف الدول المتقدمة لذلك نحن نطالب مرة أخرى وفي إطار تفعيل مبادرتنا الدولة الفرنسية بالاعتذار لشعبنا وتعويضه بما يعادل ما نهبته من خيرات وعوائدها- وهي مبادرة بدأت جريدة الوطن لسان حال الحزب (راجع العدد 110 بتاريخ 06/11/2009) بإثارة المبادرة بعيد الانتخابات وهو ما يؤكد لكم بما لا يدع مجالا للشك بأنها مبادرة من صميم رؤيتنا السياسية والوطنية وليست للمزايدة الانتخابية ونحن نتمسك بها وندعو المكونات السياسية والحقوقية والمدنية إلى تبني هذه المبادرة ومطالبة الدولة الفرنسية بالاعتذار الرسمي عن سنوات الاحتلال والتعويض العادل لشعبنا مع انه مهما كان التعويض لن يكون عادلا ومع ذلك نحن نطالب به ونتمسك به – وفي اعتقادي فهو مطلب شرعي ولا أظنه يحرج فرنسا نفسها خاصة وأنها تتغنى دوما بأنها أم حقوق الإنسان والحريات وأعتقد أن الاعتذار للشعب التونسي عن سنوات الاحتلال والتعويض حق من صميم حقوق الإنسان وهو غير قابل للتقادم بمرور الزمن.   على ذكر حقوق الإنسان فالبعض من التونسيين ومنهم من يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات لأبسط شيء تراه يهرع إلى فرنسا للتشهير بتونس أو لنقل لتقديم التقارير ضد تونس أتعتقد أن مبادرتكم ستجد صدى لدى هؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان والديمقراطية على طريقتهم؟   حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أكد أكثر من مرة أن حالة الفرز الحقيقي هي تلك التي يحددها الولاء للوطن والشعب – نحن مع المدافعين عن حقوق الإنسان والحريات بكافة أنواعها على أرضية وطنية خالصة بعيدا عن الاستقواء بالأجنبي ولكن وفق مقاربة وطنية وعليه فإن مبادرتنا مضمونها مطالبة فرنسا الدولة بالاعتذار والتعويض وليست موجهة إلى طابورها الخامس من بني جلدتنا فهي موجهة إلى الحكومة الفرنسية رأسا وليس إلى أتباعها بتونس الذين اختاروا موقع « الحرْكِيّة الجدد » وأعتقد أن الحديث عنهم الآن ليس المجال يسمح وما استطيع قوله أن زمن المكاشفة والفرز سيأتي بعد حين وان كانوا صادقين في نواياهم فليكشفوا لنا عن ذلك ولينحازوا للمبادرة ويطالبوا أصدقاءهم بفرنسا والمتباكين على حقوق الإنسان والديمقراطية أن يناصروهم في الضغط على حكومتهم لكي تعتذر لشعبنا وتقدم له التعويضات وهي فرصة لهم ليصحّحوا أخطاءهم ويعودوا إلى حضن شعبهم ووطنهم ويناصروا مطالبه الشرعية في الاعتذار والتعويض عن عقود الجمر والسطو المسلح. وخلاصة القول دعني أقولها بصراحة نحن في حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي لا يزعجنا بعض الأنفار أتباع فرنسا أو الذين يحاولون الاستقواء بفرنسا أو من هم اختاروا لأنفسهم أن يشكلوا الطابور الخامس لفرنسا أو هم أعضاء « حزب فرنسا » بتونس سمّهم ما شئت فالمضمون واحد بل ما يعنينا هو أن تحركهم بأمر قيادتهم هناك بباريس لغرض الابتزاز السياسي والمادي وعليه فنحن نطالب « أسيادهم » هناك بالاعتذار والتعويض وهذا هو جوهر حقوق الإنسان فهو حق شعب بأكمله وليس حق شخص أو بضعة أشخاص يختلقون قضايا وهمية للابتزاز المزدوج – وكل ما هو استحقاق وطني من متعلقات حقوق الإنسان والحريات  وغيرها فكلها شأن داخلي نعالجه وفق مقاربتنا الوطنية وليست فرنسا أو غيرها وصية على شعبنا وعلى وطننا فنحن اليوم دولة مستقلة وذات سيادة وان لم يدركوا هذا بعد فليدركوه من خلال مطالبتنا لهم بالاعتذار والتعويض.   ألا تعتقد أن اتهامك لهؤلاء الأفراد بالطابور الخامس هي محاولة لدفعهم إلى الابتعاد عن الوطنية وبالتالي دفعهم إلى حضن فرنسا؟    نحن في حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي لا نتهم أحدا بالخيانة وان كانوا فعلا غير منخرطين بحزب فرنسا أو الطابور الخامس فلينحازوا إلى شعبهم ووطنهم في مطالبه المشروعة كما أن الوطنية ليست بضاعة للتسويق أو التنفير منها بل هي إحساس بالانتماء والتجذر يجد مكانه في عمق الروح والوجود أنها دفاع عن الوجود والكينونة ونحن ندعوهم مرة أخرى إلى العودة إلى حضن الوطن والشعب كما سندعو جمعيات ومناصري حقوق الإنسان والشعوب في فرنسا إلى مناصرة مطلبنا المشروع. وأؤكد مرة أخرى مع توضيح بسيط أن دعوتنا فرنسا للاعتذار من شعبنا والتعويض ليست دعوة إلى القطيعة أو إلى الخصومة  مع فرنسا بل نحن نطالب بحق مشروع والاستجابة له سيفتح أفق أرحب من العلاقات الحاضنة لمصالح الجميع على قدم المساواة والاحترام المتبادل بين شعبينا وتطوي صفحات الماضي الاستعماري الأليم أقول هذا حتى لا يعتقد البعض خطأ أو تجنيا على حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي بأنه بهذه الدعوة يضر بمصالح تونس مع فرنسا إذ نحن نؤكد على الحفاظ على مصالحنا مع فرنسا وغيرها من الدول الصديقة ولكن فلتكن مصالح متكافئة ومشتركة مبنية على التوازن في الحقوق والواجبات وعليه فمن حق شعبنا المطالبة بالاعتذار والتعويض ومن واجب فرنسا الاعتذار والتعويض العادل – ولنواصل التعاون في كافة المجالات بعدل وإنصاف ودون المساس بالشأن الداخلي والقرار الوطني لكلا البلدين.   دعني أسألك بصراحة الآن عن الحزب إذ البعض يروج و يتحدث عن هيمنة تيار سياسي وفكري على الاتحاد الديمقراطي الوحدوي وهذه الهيمنة قد تكون أثرت على أداء وحضور بعض الوجوه داخل الحزب ما مدى صحة هذا الموضوع؟   هذا الحديث عن التيار السياسي والفكري المهيمن في غير طريقه وهو مجانب للصواب لسببين على الأقل أولهما شكلي ومرده أن الديمقراطية أسلوب التعايش الوحيد داخل الحزب فلا يمكن الحديث عن الهيمنة في ظل سيادة الديمقراطية وثانيهما موضوعي ومفاده أن العمل الجدي والمسؤول والذي يحقق الإضافة النوعية داخل الحزب هو الذي اخرج الحزب من حالة التشرذم والتطاحن الذاتي غير المنتج لا يمكن بأية حال أن نسميه هيمنة إذ هناك فرق بين النضال اليومي الذي ينطلق من رؤية وطنية واضحة المعالم ليصب في مصلحة الوطن بصدقية ومسؤولية وبين الانتماء للحزب لغاية ذاتية تبحث عن الموقع وامتيازاته وما هو حاصل داخل حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أن الذين لا يعملون بجدية أو الذين ليس لديهم ما يقدموه للحزب أو للوطن سواءا فكريا أو عمليا هم الذين يروّجون لهذه الأراجيف خوفا على مواقعهم الذاتية ليس إلا والحمد لله أنهم قلة قليلة. وهذه الأراجيف التي روجها هؤلاء داخل الحزب وخارجه قبل الانتخابات لا أساس لها من الصحة وقد أضرت بالحزب وتموقعه من خلال اختلاق الأوهام واعتقد بأنك لن تسمع لها صدى بعد اليوم لأنها كانت تسريبات لأغراض انتخابية ذاتية مرت مرحلتها. وما يعنيني بوصفي أمينا عاما لهذا الحزب أن هذه الاتهامات بهتت وخفتت بعد الانتخابات ولم تبق إلا لدى عدد قليل أقل من عدد أصابع اليد الواحدة. ومهما يكن الأمر فالحزب متماسك وثابت على نهجه الوطني والعروبي بمنهج الاعتدال والوسطية بعقلانية تحصنه من الانفعالية والمزايدات السياسية غير المنتجة واختم في هذه النقطة لأقول إن من اتهموا بالتيار المهيمن وحتى أعطي لكل ذي حق حقه هم من اختاروا مع جميع مناضلي الحزب بمختلف مدارسهم الفكرية أن تكون مشاركتهم في الانتخابات مسؤولية وطنية واختاروا أن يكون الرهان من الانتخابات رهانا سياسيا وليس انتخابيا للحفاظ على مكسب الاستقرار الوطني لمواجهة تحديات الداخل وخصوصا مواجهة طوابير الإلحاق بالخارج لقد قدموا مصلحة الوطن على المصالح الذاتية الآنية فهنيئا لهم وهنيئا لتونس بهم وبأمثالهم من الوطنيين الصادقين داخل الحزب وخارجه.   إذا أنت تقر بأن حزبكم حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي قد خرج أكثر تماسكا ونضجا بعد انتخابات 25 أكتوبر 2009 على عكس ما يقوله البعض من داخل الحزب ومن خارجه ومفاده أن الأمين العام خرج ضعيفا خاصة وان أنصاره داخل الحزب لم يصعدوا إلى البرلمان؟   ليست المسألة مسألة إقرار أو عدم إقرار فالمسألة موضوعية ويمكن معاينتها على أرض الواقع واعتقد أن بيان المكتب السياسي الصادر بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات يجيبك عن هذا السؤال. إذ أكد المكتب السياسي بأغلبية مطلقة بأن الحزب عازم على المثابرة والمضي قدما في مزيد ترسيخ ثواب الحزب وتعميق خياراته كما ثمن عاليا الأداء الحزبي أثناء الحملة الانتخابية. وأعلن إكباره للدور الايجابي الذي قام به مناضلو الحزب ومناضلاته والتزامهم بثوابت الحزب وتوصياته وتقيدهم بالقوانين المنظمة للعملية الانتخابية وتفانيهم في خدمة المصلحة العليا للوطن كما قدروا الالتزام المعلن والصريح بثوابت الحزب والخيارات الوطنية والقومية في البرنامج الانتخابي وهذا فيه الكثير ما يفيد أن الحزب متماسك وثابت على نهجه وخياراته الوطنية وانحيازه للقضايا العادلة للأمة العربية ولا أريد الحديث عن حالة الضعف أو القوة فهي كلها أوصاف نسبية ولكن  ما استطيع تأكيده أن حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي لن يحيد عن مساره الوطني مهما كان الثمن وهذا هو الفيصل بالنهاية وسيظل مساهما في البناء الوطني بجدية ومسؤولية عالية وفي الحفاظ على استقلال القرار الوطني منحازا لقضايا أمته العربية ثابتا على خط الممانعة ومناصرا لنهج المقاومة العربية.  
أجرى الحوار : سفيان الأسود   (المصدر: جريدة « الشروق  » (يومية – تونس) الصادرة يوم 8 نوفمبر 2009)
 

التكتل والتجديد وقائمات الإصلاح والتنمية في ندوة صحفيّة خيبة أمل تجاه نتائج الانتخابات وعزم على مواصلة العمل المشترك

 


انعقدت ندوة صحفية على الساعة الحادية عشرة من يوم الخميس 29 أكتوبر 2009 بمقر حركة التجديد لتقييم الحملة الانتخابية والنتائج التي أفضت لها الانتخابات الرئاسيّة والتشريعية لحركة التجديد والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والقائمين المستقلين . افتتح الندوة السيد محمود بن رمضان بمطالبة الحاضرين الوقوف دقيقة صمت ترحما على روح الفقيدة نزيهة جمعة عضو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ثمّ أشار إلى أنّ الانتخابات مثلت فرصة ضائعة للإصلاح السياسي وقد لا تبعث على الاطمئنان على مستقبل بلادنا. فبالنسبة للسلطة بدأت الحملة الانتخابية منذ ثلاث سنوات وسيطر الحزب الحاكم على كلّ الفضاءات العمومية طيلة خمسة عشر يوما من تلفزة وإذاعة وصحف تعمل جميعا لصالحها. وبالنسبة إلى المبادرة الوطنيّة من أجل الديمقراطية والتقدّم فإن حملتها بدأت رسميا في اليوم التاسع من الحملة ودامت أقل من خمسة أيام حيث وقع منذ البداية حجز صجيفة الطريق الجديد كما تمّ إسقاط ثلاث عشرة قائمة من قائماتنا المترشحة للانتخابات خاصة في الدوائر الحضرية الكبرى مثل تونس وصفاقس. لكن واصلنا الحملة بنصف قائماتنا وكنّا محرومين من البيان الانتخابي لمرشحنا الرئاسي وكذلك حرمنا من المعلقات. وكان بثّ بيان مرشحنا لرئاسة الجمهورية في حصته المخصصة له بالتلفزة على الساعة السادسة تزامنا مع خروج الموظفين من المؤسسات . وتحدّث السيد أحمد إبراهيم للرأي العام لمدّة ثمان وثلاثين دقيقة عوضا عن ساعة كاملة. كما تمت صنصرة مقاطع عديدة من مداخلات رؤساء قائماتنا وحذف العبارات التي فيها حديث عن « إطلاق سراح مساجين الحوض المنجمي » و »سنّ العفو التشريعي العام ». وفي الأيام الأخيرة وقع خرق واضح للمجلة الانتخابية إذ وقعت الصنصرة وحذف كلمات بعد التسجيل النهائي للمتدخلين.كذلك لاحظنا خروقات عديدة في يوم الاقتراع والتي سوف يحدثكم عنها السيد الجنيدي عبد الجواد. وقد أكدّ السيد الجنيدي بأن صوتنا كان عاليا ونشنا بكثافة كمبادرة مع رفاقنا في التكتل خلال الحملة الانتخابية وجلبنا الانتباه للعموم كبديل معارض جدّي وكقوّة حقيقية يقرأ لها ألف حساب. ونحن متواجدون بتمثيلية نائبين في مجلس النواب الجديد والذي يتكوّن بنسبة 99.2% من  التجمع وأحزاب موالية . وفي نفس السياق وضّح السيد الجنيدي التداخل بين الإدارة وأجهزة الحزب الحاكم إذ لا يوجد تمييز بين رئيس الدولة كرئيس وكمترشح في الانتخابات. هذا وقد رفضت القائمة المترشحة بولاية المنستير بقرار من المجلس الدستوري بعد الطعن الذي قدّمه الحزب الحاكم. وأعطى السيد الجنيدي عينة عن مراقبة عملية الاقتراع بنسبة 0.9% من المكاتب المراقبة ( 100 ملاحظ على 11800) التي أشرف عليها أساتذة وموظفون سامون ومناضلون من حركة التجديد، وبصفته كمكلف بالتنسيق في المراقبة بجميع المكاتب التابعة للدائرة شاهد قدوم طلبة تمّ جلبهم من المبيتات للتصويت للورقة الحمراء. ثمّ عرّج التعليق على سلوك بعض الملاحظين من التجمع الذي حضروا في قاعات الاقتراع بشارات من لجنة التنسيق عوضا عن الشارات الرسمية. كما لاحظنا الفرز العلني للأصوات في قاعة اقتراع وهو تجاوز واضح للقانون. وقال السيد الجنيدي أننا لا نشكك في حصول الرئيس زين العابدين بن علي على أغلب الأصوات، لكن الأرقام لا تعكس الأصوات الحقيقية التي أشرفنا على مراقبتها حيث لم تحترم سريّة الاقتراع رغم مراقبتها رغم وجود الخلوة كانت نسبة المشاركة في الانتخابات في المكاتب التي أمكننا مراقبتها بين 40% و60% وقد منع الملاحظون من التدخل في التجاوزات مثل التصويت بالوكالة كتصويت زوج عن زوجته وبقية أفراد العائلة . وورد في تدخل السيد عبد الرزاق الهمامي عضو الهيئة التأسيسية لحزب العمل الديمقراطي أنّ المبادرة الوطنيّة من أجل الديمقراطية صنعت الحدث في الانتخابات كمعارضة جديّة وعبرت بقوّة عن تطلعات الشعب ورأيه في المسار السياسي للبلاد والبديل الديمقراطي للمستقبل. وفي سياق كلامه شدّد على هيمنة الحزب الحاكم من خلال سيطرة الجهاز الإداري على نتائج الانتخابات. كما تأسّف لضياع فرصة الانتخابات مشيرا إلى أنها كادت تسير بالبلاد إلى الانفتاح السياسي وتكرس حق المواطنة. واعتبر عبد الرزاق الهمامي رفيقه أحمد ابراهيم مرشح المبادرة الوطنية ممثلا للمعارضة الرئسية في البلاد، لذلك دعمه وسانده في حملته الانتخابية ثم أحيلت الكلمة إلى  الدكتور بن جعفر الذي أكد  في مداخلته على ضرورة استخلاص العبرة مما أفرزه صندوق الاقتراع وأقر أن الصراع على مستوى الممارسة كان بين أطراف سياسية تريد أن يكون لها تواجد سياسي وبين إدارة لها تاريخ في عرقلة هذه المشاركة. وفي نفس السياق بيّن الدكتور بن جعفر باختصار أن التكتل والمبادرة والقائمات المستقلة برزت في هذه الانتخابات كمعارضة جديّة بالرغم من حرمانها من التواجد السياسي في مساحة كبيرة من التراب الوطني من خلال المحاصرة واسقاط عديد القوائم 17 من جملة 24 تقدم بها التكتل  وتعطيل البيانات. وقدّم الدكتور مثالا عن التجاوزات الواضحة للقانون وللمجلّة الانتخابية إذ تم قبول ملاحظ واحد لحزبه بدائرة بنزرت من جملة 13 ملاحظ. ولئن ساهم المرصد في تذليل بعض الصعوبات فإن الكلمة الأخيرة ترجع إلى الإدارة التي سخرت إمكانياتها في خدمة مصلحة الحزب الحاكم وعرقلة منافسيه. وانتهى الأمين العام للتكتل إلى ضرورة استخلاص الدرس من هذه الانتخابات وضبط قواعد للحوار وتشريك كلّ الطاقات في معالجة القضايا المصيريّة. أمّا الدكتور فتحي التوزري المتحدث عن القائمات المستقلة فقد اعتبر نتائج الانتخابات دون المأمول نظرا إلى أنّ البيئة السياسية، ليست في صالح المعارضة رغم دعواتنا المتعددة للمشاركة. وأضاف أنّ الإعلام بقي مشدودا إلى الوراء وبالأساس الإعلام البصري والسمعي الذي لم يوفر لرموز المعارضة المساحة الكافية للتعبير عن تطلعاتها وبرامجها بكل حريّة. وكنّا نتمنى أن تكون الحملة الانتخابية استعراضا للوعي بصعوبة المهمة ودور الإعلام الذي أكدّ غياب الوعي في المؤسسات الإعلامية الرسمية التي اكتفت بتغطية شكليّة، فالتلفزة مثلا لم تقم حتى بملف تلفزي تشترك فيه المعارضة الجدية بما يعطي مصداقية للإعلام العمومي والوعي بالعملية السياسية.وأكدّ الدكتور التوزري على ضرورة مراجعة المجلة الانتخابية وضبط معايير عصريّة للانتخابات القادمة، كما دعا إلى تبنّي الانتخابات من طرف هيئة مستقلة ذات معايير عصرية ودوليّة. وفي إطار الحديث عن النتائج اعتبر أن مشاركة قائمة الإصلاح والتنمية رمزية الهدف منها إعادة طرح القضايا السياسية. وما قيام التكتل الثلاثي إلاّ نتاج لضرورة الإصلاح السياسي من خلال الدعوة إلى إصلاح الوضع العام وتواصل التشاور من أجل توسيع العملية والتحضير للمرحلة القادمة وخطوة في سبيل تطوير المنظومة السياسية رغم الصعوبات التي وجدناها بعد تقديم مقاربتنا السياسيّة. وبيّن أنّ تطوير الحياة السياسية لا يتمّ إلاّ من خلال الاستثمار الجيّد في الانتخابات وتحسين المناخ السياسي. وأشار إلى أن المرحلة السياسية تفرض اطمئنان الناس وإضعاف فروق المشاركة وكذلك إخراج المواطن من دائرة اللاّمبالاة، كما نوّه بتواصل العمل المشترك من أجل تطوير أداء المعارضة كطرف فاعل في عمليّة البناء والإصلاح السياسي.
 
(المصدر:  جريدة مواطنون ( لسان التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات )  العدد 123)


فـــــاكس وأمنيـــــــــات

وصل هيئة تحرير مواطنون مساء  السبت الماضي  « فاكس » غريب، والغرابة تدل هنا فقط على حصول الأمر لأول مرة من قبل جهة دأبت دائما على تجاهل وجود جريدتنا. وهذه الجهة ليست طبعا أحد أحزاب المعارضة الجدية وليست هيئات علمية أجنبية أو ممثليات دبلوماسية منتصبة في تونس. كما أنها ليست مؤسسات ثقافية خاصة، فهذه الجهات كلّها أو أغلبها على الأقل توجه دائما الدعوة إلينا لتغطية الفعاليات التي  تقوم بها.  وكثيرا ما نلبي تلك الدعوات بحسب الطاقات البشرية المتوفرة لنا، وهي قليلة والحق يقال، لأسباب يعلمها كل المتابعين للشأن الإعلامي في تونس تتعلق بضعف الموارد المالية التي تتوفر لجريدتنا، والتي تأثرت كثيرا بعد الحجز الذي تعرضت له الصحيفة خلال الخريف الماضي   بسبب مقالات تجاوزت « الخطوط الحمراء »، كانت تهدف إلى التشويش على الجريدة والحزب الذي يصدرها وهو التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات قصد ابتزاز مواقف سياسية. و أسباب انحسار إمكانياتنا المادية يعود أيضا إلى الضغوطات التي سلطت إثر عملية الحجز على توزيع الجريدة بتخفيضه في العاصمة و الجهات إلى أدنى حد ممكن. فهل يعقل مثلا ألا يصل العدد 123 من جريدتنا الصادر يوم 28 أكتوبر 2009 إلى مدينة المنستير إلى حدود مساء السبت 31 أكتوبر  وكأن الجريدة تطبع في المريخ؟    استغربنا من الفاكس الذي وصلنا لأن جريدتنا لا تقع دعوتها إلى الندوات الصحفية التي كثيرا ما ينظمها المسؤولون في الحكومة. لأن الدعوة ربما تكون مشروطة بأن يكون الحزب الذي يصدر الجريدة برلمانيا، ونحن لا ينطبق علينا هذا الشرط. وربما هناك أسباب أخرى لا نعلمها نحن قد تتعلق بتقييم من يذهب إلى أن الشأن الوطني لا يهمنا.  وهي في نهاية الأمر تخمينات لا نشاطرها الرأي أبدا، لأننا نعتني قبل كل اعتناء بالشأن الوطن ونودّ أن نطرح أسئلتنا على المسؤولين حتى نقوم بدورنا الإعلامي  في إنارة الرأي العام على أكمل وجه.   لا نريد أن نطيل على القارئ  الكريم كثيرا، فهو ربما يكون قد تشوّق إلى معرفة الجهة التي أرسلت إلينا الفاكس . هذه الجهة هي الإذاعة التونسية التي تشرف عليها وزارة الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب و مع مجلس المستشارين .وأرسلت لنا هذه المؤسسة الوطنية إعلاما بمحتوى برامج تتعلق « بالاحتفال بالذكرى 22 للتحول المبارك ». نقول إعلاما لأن الفاكس لا يحمل دعوة للنقاش حول حصيلة العشريتين الأخيرتين أو لتحديد موعد مائدة مستديرة حول نتائج الانتخابات الأخيرة أو حتى نقاش حول أي آفاق للتمثيل النقابي للصحفيين بعد التطورات التي جدت خلال الصائفة الماضية .   ونحن في جريدة مواطنون إذ نسجل ذلك فإننا  نعتبر هذا الفاكس نوعا من أنواع الحوار وخطوة إيجابية من قبل هذه المؤسسة الوطنية على طريق تواصلها مع كافة زملاء المهنة .  ونغتنم الفرصة لنقدم للإذاعة التونسية وخاصة لوزارة الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب و مجلس المستشارين جملة من الأمنيات، وذلك لإشراف هذه الوزارة على الوكالة التونسية للاتصال الخارجي المسؤولة عن توزيع الإشهار على الصحف، وهو المصدر الأساسي لتمويل الجرائد بعد المبيعات وأحيانا قبلها.  ولإشراف الوزارة أيضا على تسليم البطاقات المهنية للصحفيين. ولكون الوزارة هي الجهة الحكومية التي تشرف على ميدان الإعلام وبالتالي هي الجهة الأولى التي بيدها مسألة التمويل العمومي الذي ضمنه القانون لصحافة الأحزاب ونحن جزء منها. و نحن نتمنى: 1 –  أن ترفع وكالة الاتصال الخارجي المنع المسلط علينا في خصوص التمتع بنصيب من الإشهار الذي يُوزَّع على الصحف. ونعتبر ذلك حقا من حقوقنا، لأن في حجبه عنّا سعيا حقيقيّا إلى محاصرة الجريدة في مواردها، وبالتالي دفع غير مباشر لها للتوقف عن الصدور . 2 – التدخل لدى الجهات التي تُصدِر التعليمات بتعطيل التوزيع العادي للجريدة حتى تأذن بإبطال مفعول تلك التعليمات. 3 – أن يُمَكّنَ  الصحفيون العاملون في الجريدة من البطاقات المهنية التي تسندها الوزارة والتي تُخوِّل لهم التمتع بالامتيازات المادية والمعنوية التي تسند لرجال الإعلام، وأن ترفع الهيئات الحكومية الحظر المفروض على الجريدة في مواكبة أنشطة مؤسسات الدولة، وخاصة الندوات الصحفية التي يعقدها السادة الوزراء والمسؤولون  . 4 – نتمنى ألا يسجّل التاريخ أنه في العشرية الأولى من الألفية الثالثة  الميلادية اضطرت صحيفة رأي في تونس إلى التوقّف عن الصدور بسبب المحاصرة المسلطة عليها  في مواردها، لأن ذلك لا يُقدِّم بالبلاد ولا يُشرِّف تاريخها. مواطنون
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 124بتاريخ 4 نوفمبر 2009 )

الاتحاد العامّ لطلبة تونس بين مدّ السلطة وجزر الجماهير

 


يعتبر الاتحاد العام لطلبة تونس من المنظمات الوطنيّة العريقة التي ساهمت في تكوين العديد من كوادر الدولة، ودافعت عن مصلحة الطالب من أكل ومسكن ومنح جامعيّة، كما ناضلت مع الأحزاب والنقابات الأخرى من أجل المصلحة الوطنيّة المشتركة وساهمت في نشر الوعي لدى الطبقة العاملة. لكن وللأسف كلّما تحركت عجلة الاتحاد للنهوض بالجامعة إلاّ والتفّ سماسرة السياسة للنيّل من الاتحاد . وفي الظرف الراهن يشكو الاتحاد من أزمة عميقة تسببت فيها السلطة ببرامجها المسقطة من ناحية وبالضغط وتضييق الخناق على مناضلي الاتحاد من ناحية أخرى، فتتالت الايقافات العشوائية والتهم الكيدية للناشطين النقابيين ثم الزج بهم في السجون باطلا.  » يعدّ تدخّل السلطة والالتقاء المحدود للأطر الطلابيّة وفرص مشاركة طلبة الحزب الحاكم في المؤتمر التوحيدي من الأسباب الرئيسية التي عمقت أزمة الاتحاد. لقد استأنف الاتحاد العام لطلبة تونس نشاطه في بداية هذه السنة حيث اعتصم عشرات الطلبة بالمركب الجامعي بمنوبة من أجل الحصول على سكن جامعي، كما نظمّ طلبة العمران الأعلى اجتماعا عامّا حاشدا بالمطعم الجامعي بالعمران الأعلى تطرق فيه المتدخلون إلى الظروف السيئة للخدمات الجامعية وتناولت المداخلات حالة الاحتقان السياسي داخل الجامعة. كذلك نظمّ مناضلو الاتحاد سلسلة من الاجتماعات العامة في عديد الأجزاء، نذكر منها كليّة الحقوق بتونس وكليّة العلوم ببنزرت والمعهد العالي للغات بتونس احتجاجا على الدمج القصري لطلبة السنة الثالثة نظام قديم بمنظومة إمد ( إجازة- ماجستير-دكتوراه) وتردّي الأوضاع الاجتماعية عموما والجامعيّة خاصة، ناهيك عن حالة الاختناق السياسي الذي يشهده المجتمع المدني مثل محاكمة عضو الهيئة الإدارية للاتحاد عصام السلاّمي ورفيقه ربيع الورغي من أجل تهم كيديّة، ومثل أمام القضاء الأمين العام للاتحاد عزّ الدين زعتور ليعترض على الحكم الغيابي الصادر في حقّه والقاضي بسجنه لمدّة سبعة أشهر نافذة وقد تمّ اختطاف زهير الزويدي وإيقاف محمد السوداني. وماهو معلوم في الشأن الطلابيّ عموما أنّه منذ سنوات لم يعد للطلبة الحق في السكن الجامعي إلاّ سنة واحدة بالنسبة للذكور مقابل ثلاث سنوات قابلة للتمديد في الماضي وسنتان للإناث مقابل أربع سنوات في الماضي. ويرى قدماء الاتحاد أنّ الواقع الراهن للمنظمة الطلابيّة يتسم بانغلاق الآفاق بعد أن تراكمت عديد الأزمات سواء في علاقتها بالجماهير أو بين مكوّناتها أو في علاقتها بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي. وما نطمح له اليوم هو توفير مخرج سليم للمنظمة تتفاعل فيه كلّ الأطراف وفقا لمقتضيات المبادرة وعلى مسار التوحيد الطلابي وبعيدا عن أشكال الوصاية التي تفرضها السلطة. إسماعيل فالحي                 
 
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 124   بتاريخ 4 نوفمبر 2009 )  

 

قافلة « شريان الحياة » دخلت غزة في 9 مارس 2009 …

هند الهاروني


بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد صادق الوعد الأمين تونس في الأحد 21 ذو القعدة  1430 – 8 نوفمبر  2009 أذكر جيدا و كيف لي أن أنسى ، ففي 9 مارس من هذه السنة أي الإثنين 12 ربيع الأول 1430 ، ذكرى احتفالنا بالمولد النبوي المبارك  تم بفضل الله دخول قافلة  « شريان الحياة » إلى قطاع غزة فهل سيتم في نفس اليوم أيضا من شهر نوفمبر  أي غدا  الإثمين 9 دخول قافلة « أميال من  الابتسامات »؟ لتوفير ما تيسر من معونات صحية إلى أهالي قطاع غزة فأهاليهم حرقوا بالفسفور الأبيض و هم تبقوا مصابين من مخلفات حرب الإبادة الجماعية الشهيرة هذه التي أقدم عليها الصهاينة في قطاع غزة و ها هم ما زالوا يفتقرون إلى أبسط مقومات العلاج  و الله أقل ما يمكن أن نقوله …  هذا حرام … الرحمة … الرحمة بالكائنات البشرية.  
 


يثقل كاهل الدولة بـ200 مليار سنويًا:التدخين يقتل 20 شخصًا يوميا في تونس

 


تونس ـ الصباح   بينت دراسات صادرة مؤخرًا عن وزارة الصحة العمومية أن مظاهر الإقبال على التدخين قد ارتفعت نسبها بين الفئات الاجتماعية، حيث بلغت 55 في المائة بالنسبة إلى الكهول (50 بالمائة لدى الرجال و5 بالمائة لدى النساء).  كما أن هذه النسبة قد ارتفعت لدى فئة المراهقين لتكون في حدود 8،12 بالمائة.   وأفادت مصادر الوزارة من ناحية أخرى أن قيمة المصاريف التي أنفقتها وزارة الصحة العمومية على الأمراض المرتبطة بالتدخين قد بلغت قرابة 200 مليون دينار تونسي خلال سنة 2008.   وتتوزع هذه النفقات بين أمراض مختلفة ناتجة عن التدخين لعل أهمها أمراض القلب والشرايين، وأمراض السرطان، وذلك دون ذكر المصاريف الأخرى التي يدفعها صندوق التأمين على المرض على عاتقه، أي التي تدخل في نفقاته.   اقتناء منتجات تزيل النيكوتين   كما يشار من ناحية أخرى إلى أن الوزارة قد خصصت العام الماضي ميزانية قدرها مليون و200 ألف دينار تونسي لاقتناء منتجات تزيل النيكوتين من الجسم، وأيضا لإطلاق حملات تحسيسية بواسطة المطويات والمعلقات وعبر كل الوسائل الاعلامية والاتصالية للتنبيه  إلى مخاطر الأمراض التي يتسبب فيها التدخين.   وقد مثلت السنة الماضية بداية حملة قوية ضد التدخين، وتواصلت الحملة خلال السنة الجارية واسعة ودون انقطاع، وشملت هذه الحملة الواسعة كل جهات البلاد، وبالخصوص كافة المؤسسات والفضاءات العمومية، وأيضًا جارت هذا التمشي المؤسسات الخاصة، وعملت على أخذ تدابير مماثلة لما تم تطبيقه في المؤسسات العمومية بشأن منع التدخين داخلها.   وكان من المنتظر أن تتراجع نسبة تعاطي التدخين بين الفئات الاجتماعية على اختلاف أعمارها، خاصة في ضوء ما تم في الحملة الوطنية الجارية ضد التدخين من  توفير كافة الإمكانيات الصحية للتداوي المجاني، ودعم نية الإقلاع عليه بتوفير المساعدات والعيادات الصحية المجانية.   وضمن السنة الجارية التي مثلت حملة وطنية ضد التدخين، فقد تعددت وسائل الإقناع  بخطورة الظاهرة واتسعت دائرتها فشملت منع التدخين في المؤسسات العمومية والفضاءات الجماعية، كما تعددت وسائل نشر الوعي بمخاطر التدخين في كل مكان لكن يبدو أن الطبع مازال يغلب التطبع في أوساطنا الاجتماعية بخصوص الظاهرة، وهو أمر يدعو إلى مزيد الجهد من أجل الارتقاء بالوعي في هذا المجال لتفاعل المواطن مع المجهودات المبذولة لهذا الغرض بالذات.   إن دراسات وزارة الصحة المجراة والصادرة مؤخرًا، ومتابعاتها للظاهرة وتفشيها بين الفئات الاجتماعية، أثبتت أن الإمعان في التدخين مازالت نسبه مرتفعة، وهو أمر يدعو في الحقيقة إلى ضرورة تعزيز التدابير والإجراءات الهادفة إلى مزيد إقناع المواطن بمضار التدخين، وبما يمكن أن ينجر عنه من أمراض مزمنة وخطيرة على صحة الفرد والمجموعة.   هذه الدراسات أشارت إلى أن التدخين في تونس يؤدي سنويا إلى وفاة 6850 شخصًا أي قرابة 570 شهريًا، و20 شخصا يوميا كما يعد سببًا رئيسيًا لعدد من الأمراض الخطرة والمزمنة. فهو سبب 90 في المائة من حالات الاصابة بسرطان الرئة، و85 في المائة من الإلتهابات المزمنة للقصبات الرئوية، وأيضا إلى 75 في المائة من حالات الجلطة القلبية، كما تعود 25 في المائة من الوفيات بأمراض القلب إلى التدخين.   وجملة هذه النتائج التي تم إبرازها تدعو إلى مزيد التحسيس والتوعية بالمخاطر المنجرة عن التدخين، ولعلنا في تونس نبقى في حاجة ماسة إلى حس اجتماعي قوي بها، وإلى تطبيق القرارات الخاصة بمنع التدخين وتنظيمه داخل الفضاءات الترفيهية مثل المقاهي التي يكثر فيها الإقبال على التدخين بشكل يصبح معه دخولها والجلوس فيها لا يطاق.   علي الزايدي   (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس ) بتاريخ 08 نوفمبر 2009 )


طلبة تونس WWW.TUNISIE-TALABA.NET أخبار الجامعة الخميس 5 أكتوبر 2009 العدد السادس – السنة الرابعة –  

 

بعد الإنتخابـــات …. القمع يتصــــــــــــــــــــــــــــــــــاعد …. مداهمة مبيت طالبي : قامت قوات البوليس فجر يوم الأحد 1 نوفمبر 2009 (  حوالي الساعة الرابعة صباحا ) بمداهمة الحي الجامعي  » البساتين  » بمنوبة أين كانت تعتصم عشرات الطالبات منذ ما لا يقل عن ثلاثة أسابيع للمطالبة بإيوائهن في المبيتات الجامعية و قد ساندهم في ذلك عدد من الطلبة النقابيين …. و قد بلغ عدد الموقوفين 14 أحدهم تلميذ و يدعى أشرف المباركي و كان بصدد زيارة شقيقته المحرومة من السكن الجامعي أما عن القائمة الأولية للموقوفين فتضم كلا من :

عبد القادر الهاشمي – محسن البناني – منذر التومي – نزيه القاهري – أنيس بن فرج – نبيل البلطي – عبد الوهاب العرفاوي – رفيق الزغيدي – الصحبي ابراهيم – رضا بن منصور – ضمير بن علية – طارق الزحزاح – عمر إلاهي –

و قد أصدر وكيل الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس يوم الثلاثاء 3 نوفمبر 2009 بطاقة إيداع بالسجن بحق 10 طلبة ممن تم القبض عليهم أثناء الهجوم على الإعتصام … من ناحية أخرى و بدعوة من الإتحاد العام لطلبة تونس دخل طلبة كلية الآداب بمنوبة في إضراب عام عن الدراسة كامل يوم الإثنين 2 نوفمبر كانت نسبة المشاركة فيه كبيرة جدا و قد تخلل الإضراب اجتماع عام ندد الخطباء فيه بالتدخل الهمّجي في المبيت الجامعي  » البساتين  » … اقتحام كلية الآداب بمنوبة : شنّت قوات البوليس المتكونة من فرق التدخل و الحرس الوطني هجوما عنيفا على الطلبة المجتمعين يوم الثلاثاء 3 نوفمبر 2009 بساحة كلية الآداب بمنوبة مستعملة الهراوات و الحجارة في الإعتداء على الطلبة الذين كانوا يحضرون إجتماعا إخباريا حول الأحداث التي حصلت فجريوم الأحد بمبيت البساتين بمنوبة … و قد خلفت الهجمة البوليسية إصابات عديدة في صفوف الطلبة إلى درجة أن البعض منهم تم نقله بصفة استعجالية إلى المستشفيات كما تم تهشيم وبعثرة محتويات المشرب و مقرّ الإتحاد العام لطلبة تونس بالكلية … و قد طالت الإعتداءات الموظفين الإداريين والأساتذة وحتى عميد الكليةشكري المبخوت الذي أصيب بحجارة قذفها في اتجاهه أحد أعوان البوليس …. و على إثر هذه الأحداث الخطيرة تم تعليق الدروس في الكلية التي تم طرد الطلبة منها بعد محاصرتها بجحافل البوليس و أغلقت كل الطرقات المؤدية إلى الكلية ومنع الطلبة و المواطنون من سلوك الطريق المؤدية إليها ….. اعتقال الطالب محمد السوداني : اعتقل البوليس السياسي يوم الخميس 22 أكتوبر 2009 الطالبمحمد السوداني – أصيل جهة المهدية – و الناشط في الإتحاد العام لطلبة تونس و قد انقطعت أخباره تماما بعد الساعة العاشرة مساء ذلك اليوم حيث كان رفقة صحافية فرنسية بأحد النزل بتونس العاصمة و كان محل رقابة من قبل عدد كبير من أعوان البوليس السياسي ….. و قد سبق إيقاف الطالب المذكور و إصدار حكم قضائي في حقه بالسجن مع تأجيل التنفيذ إضافة إلى أنه الآن محل تتبع في قضيتين جزائيتين بالمحكمة الإبتدائية بالمهدية و من غير المستبعد أن يكون أحد أسباب إيقافه الشهادات التي قدمها للمحطة الإذاعية الفرنسية  » آر تي آل  » التي حاورته حول قضيته و حول الوضع الطلابي عامة …. مع الملاحظة بأن الصحفيين الأجانب الذين يقدمون إلى تونس يخضعون إلى مراقبة لصيقة من قبل البوليس السياسي وهو يقتفي أثرهم أينما توجهوا .. اعتقال الطالب وسام عثمان : قام البوليس السياسي على الساعة الرابعة و النصف من مساء يوم الأحد 25 أكتوبر 2009 ( في آخر يوم الإقتراع ) باعتقال الطالب وسام عثمان المرسّم بالمرحلة الثالثة بكلية الحقوق بتونس و اقتادوه إلى مركز الشرطة بنهج فلسطين حيث أطلقوا عليه وابلا من الألفاظ النابية و هددوه بخلع ملابسه و  » تعليقه  » و قد تركزت الأسئلة الموجهة إليه حول علاقته بالحزب الديمقراطي التقدمي و بمنظمة حرية و إنصاف و كذلك حول تبنيه للفكر السلفي و …. و لم يتم إطلاق سراحه إلا على الساعة الثامنة و النصف ليلا … و قد سبق للبوليس السياسي أن اقتحم منزل الطالب المذكور و التحقيق معه و حجز العديد من كتبه … مضايقة مستمرة للطالب عبد السلام الطرابلسي : لم ينفك البوليس السياسي عن مضايقة السجين السياسي السابق الطالب

عبد السلام الطرابلسي

و ذلك منذ مغادرته السجن بعد أن قضّى فيه أربعة أشهر بتهمة عقد اجتماع غير مرخص فيه …. و قد تم استدعاء هذا الطالب – الذي يدرس بالسنة  الثانية إعلامية بالمعهد العالي للإعلامية بأريانة – العديد من المرات إلى منطقة الأمن بالعمران الأعلى و كان الإستدعاء يتم دائما بطريقة شفوية في خرق واضح للقانون و قد هدّده أعوان البوليس بإعادته إلى السجن إن لم  » يتعاون  » معهم أي أن يصبح مخبرا لهم في صفوف الطلبة لينضم إلى جحافل المخبرين المندسين في مختلف الكليات و المعاهد العليا …. كلية الحقوق بالمركب الجامعي بتونس : إضراب و مساندة للناشط الحقوقي والصحفي زهير مخلوف … بدعوة من النقابيين الراديكاليين و المكتب الفيدرالي للإتحاد العام لطلبة تونس بكلية الحقوق أضرب الطلبة عن الدراسة يوم الخميس 22 أكتوبر 2009 لــ  » التضامن مع كل المحرومين من حريتهم أو الملاحقين من أجل آرائهم و مواقفهم  » و طالبوا بإطلاق سراح الناشط الحقوقي و الصحفي زهير مخلوف الذي لفّقت له قضية لإسكات صوته و منعه من مواصلة نشاطه الإعلامي المتمثل في تغطية العديد من المظالم و التجاوزات التي تحصل في المجتمع و بالخصوص ضد الأصوات الحرة ….. بسبب عدم تمكينه من مواصلة دراسته في السجن : الطالب جمال الملاخ يضرب عن الطعام …. دخل الطالب جمال الملاخ – الذي كان يزاول دراسته بالسنة الثالثة بمدرسة الطب البيطري في سيدي ثابت قبل أن يتم إيقافه و محاكمته بـــ 10 سنوات سجنا بموجب قانون 10 ديسمبر 2003 لــ  » مكافحة الإرهاب  » – دخل منذ يوم السبت 17 أكتوبر في إضراب عن الطعام للمطالبة بحقه في الدراسة …. و لئن استجابت رئاسة جامعة منوبة لطلب عائلة الطالب المذكور تمكين ابنها من اجتياز الإمتحانات بسجن المرناقية خلال السنة الجامعية الحالية 2009 – 2010 إلا أن الإدارة العامة للسجون أخذت تتلكأ في تنفيذ ما أقرته جامعة منوبة … يذكر أن الطالب جمال الملاخ قد قضّى إلى حد الآن ثلاث سنوات في السجن و قد أثر الإضراب الذي يشنه حاليا على حالته الصحية وهو يشكو من عديد الأوجاع ….  كلية العلوم بتونس : طالب يعتدي على أستاذه …. قام يوم الإثنين 2 نوفمبر 2009 طالب يدرس بكلية العلوم بتونس بالإعتداء على أستاذه بسبب استيائه من العدد الذي أسنده له في الإختبار الذي أجراه و ذلك حسب ما أكدته مصادر طلابية … و قد أحيل الطالب المعتدي على التحقيق و في نفس الوقت أكد عميد الكلية حسن العمري أن الإدارة ستتخذ كل الإجراءات القانونية ضد الطالب …. و قد شن أساتذة كلية العلوم يوم الإربعاء 4 نوفمبر إضرابا عن العمل كامل اليوم احتجاجا على اعتداء الطالب على أستاذه …. و ما يمكن ملاحظته و تأكيده هو أن العلاقة بين الطلبة و عدد كبير من الأساتذة تتسم بالتوتر و الجفاف و حتى العدوانية في الكثير من المؤسسات الجامعية وهو ما يدفع إلى حصول مثل هذه الأحداث المؤسفة … وزارة التعليم العالي تمتنع عن انتداب العدد الكافي من الأساتذة الذين تحتاجهم المؤسسات الجامعية : بالرغم من التزايد المطرد لأعداد الطلبة في مختلف الكليات و المعاهد إلا أن ذلك لم تصاحبه الزيادة الضرورية للأساتذة الجامعيين للقيام بمهام التدريس و التأطير و البحث و حتى من تم انتدابهم فإن نسبة هامة منهم كانوا من المتعاقدين …. و تشير إحصائيات نشرتها وزارة التعليم العالي و البحث العلمي في أفريل 2008 إلى أن عدد المتعاقدين بلغ 3508 من جملة 13404 مدرّس في التعليم العالي أي بنسبة

26،17 في المائة

و من المنتظر أن تكون نسبة المتعاقدين في حدود 30 في المائة خلال السنة الجامعية الحالية 2009 – 2010 … و يفسر بعض المراقبين للشأن الجامعي اقتصارالوزارة على انتداب أقل عدد ممكن من الأساتذة الجامعيين – و أغلبهم من المتعاقدين – إلى حرصها على عدم الإضطرار إلى تسريح عدد كبير منهم انطلاقا من السنة الجامعية 2015 – 2016 التي ينتظر أن تشهد بداية الإنخفاض في عدد الطلبة كنتيجة مباشرة لتقلص عدد الولادات بشكل كبير منذ بداية التسعينات من القرن الماضي ….  الكــــاف : ارتفاع عدد الطلبة إلى 6700 خلال السنة الجامعية الحالية 2009 – 2010 …. أصبحت مدينة الكاف ( حوالي 57 ألف ساكن ) من أهم المدن الجامعية في البلاد و قد تطورعدد الطلبة الدارسين فيها بشكل كبيرففي حين لم يكن يتجاوزعددهم خلال السنة الجامعية 2001 – 2002 الــ 697 طالب يدرسون في مؤسستين جامعيتين فقط هما المعهد العالي للرياضة و التربية البدنية و المدرسة العليا للفلاحة أصبح عددهم خلال السنة الجامعية الحالية6700 طالب( أي تضاعف عددهم عشر مرات ) و   يؤمّون سبع مؤسسات جامعية يتوزع الطلبة فيها على النحو التالي : 1- المعهد العالي للدراسات التطبيقية في الإنسانيات    : 1800 2 – المعهد العالي للإعلامية                                : 1700 3- المعهد العالي للدراسات التكنولوجية                  : 1250 4 – المعهد العالي للرياضة و التربية البدنية             : 1200 5 –  المدرسة العليا للفلاحة                                 : 550 6 – المعهد العالي لعلوم التمريض                         : 350 7 – المعهد العالي للموسيقى و المسرح                   : 200 و من المنتظر أن يتم خلال السنة الجامعية القادمة أو التي تليها إحداث المعهد العالي للعلوم التطبيقية و التكنولوجيا ليرتفع بذلك عدد المؤسسات الجامعية في الكاف إلى ثمانية …. انفلونزا الخنازير : تسجيل 9 حالات جديدة في المعاهد الثانوية بصفاقس …. أصيب 7 تلاميذ و أستاذتهم و أحد أفراد عائلتها بفيروس إنفلونزا الخنازير خلال رحلة دراسية بمدريد عاصمة إسبانيا و ذلك في الفترة الفاصلة بين 17 و 24 أكتوبر 2009 و يدرس التلاميذ المصابون بأربعة معاهد مختلفة في مدينة صفاقس من بينها المعهد النموذجي …. و قد أثبتت التحاليل أن ثلاثة من بين التلاميذ المصابين يحملون الفيروس دون أن تظهر عليهم الأعراض السريرية للمرض …. و في الختام : يقول الحقّ تبارك و تعالى : ( ولا تحسبنّ اللّه غافلا عمّا يعمل الظالمون )- من الآية 42 – سورة إبراهيم ( و سيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون ) – من الآية 227 – سورة الشعراء  

و يقول الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم : ( اتّقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ) – رواه البخاري و مسلم – ( اتّقوا دعوة المظلوم ، و إن كان كافرا ، فإنّه ليس دونها حجاب ) – رواه الإمام أحمد –


هلوسات متعاقد مع الجنون

بلادي وإن جارت عليّ عزيزة…

 


بألم المختار الأحولي تبقر الأيام الزؤام رحم الكلمات التي تقول المعاني الحيّة … بأصوات ذائبة في غرام ربّ العلامات المتكالبة على لذة ومتعة التخفّي في جبّة زاهد ورع … أو خلف قناع الموت المؤبّد … أو في كأس تندب نخب الساعات الذليلة التي حيلتها لكنس الوردات … جرعة صمت … وينشرح فضاء الأغاني السابحة في فلك رنين ما يكنزون من ذهب وفضّة… عبدة الشيطان ورقيق الأزمنة الرخوة … ليحزنون … ويتهامسون غضبا على ما فات من أوقات بلا روح ولا قلب … لكن اليوم الذي يعمّر في بضاعتهم يؤلم حتى الأعمى والأصم والأبكم … ويعزّي صاحب الدابة فيهم … ويكسر من مخزون الحلم ظنون العاشق بأن له فيهم ما يكفيه لتأثيث هلوسته عبرة للعابرين إلى حنين ما … وله حفنة مؤمنين بالحبّ وبالإنسان، وبالبلاد، وبالحياة… يشعر صاحب الدابة حين يبلغ مرابض الحزن أنّ العقم الساري في الحركة هو بركة ما … وهي شفاعة لوزر القول شطط … وهو غفران لما سبق واللاحق ما هو سوى غيرة مرّة من حبيبة ترفع رجليها إلى السماء بشهوة ثملة، سمجة، لولوج عفاريت مالك الملك إلى انفراج لا فرج له إلا بالدرهم والدينار… هو العار إذا سيدتي المؤمنة بالمومس المقدّسة؟ وخزي، للذي ينتشر في أوردة أرصفة عبّدها الأزرق القاني … بهموم الليل والنهار … ليختار ما يختار من زمان ليلد زمان ليس له وجه ولا حتى قناع يبيع الناس أقساط للحبّ الزلال … أطفال تلوك الشهوة … وتكابد عجرفة الرّغبة في امتلاك قطعة حلوى ‘حمصيه’، وافتكاك الفرح من خرج صاحب الدابة … الذي هرب إلى متّسع وفسحة من جنون رسميّ يعلن من خلاله نهاية زمان ولادة الإنسان … يصرخ في الملء ‘بقي جيل وينتهي العد العكسي’…هذا زمان جديد … لإنسان قديم يتجدد … ويعيد رسم تاريخ أيام خلت … وتخلّت عن هضم الذي يستر عورة الظلام … المارد الذي يقيس المهازل بعمر المغفّلين أمثال صاحب الدابة … الطامح لتحرير عبيد النهار ورقيق الليل الطويل … ويتهجى أسماء أحرار القلوب المحبّة للحبّ … قلوب ناجزه فائزة بحلاوة الأيام وفخر الليالي وسحر الشرق بقشرة غرب الناطق رغم البكم الساري في دم سرادق يجمع بين ناقة الله وسقياها … وبين أفخاذ سمراء ملكيّة … تهب لصاحب الدابة أقداح الحياة … التي تسكر ربّ الكلمات …. وترضع النهارات عبادة الروح القدس … الطهور رغم الفجور المتفشّي في مدن الشهوات … التي حين تمنع تصبح عملتها الرسميّة … وحين تتفشى تصبح غاية لا تعدم الوسائل … داخل عالم من الكدّ، والجهد الذي يحتاج لمتنفس أسود … يخلي سبيل الأسير الذي فينا ترعرع وكبر وانتصر على غرائزنا …  هي غزوة وينتهي الحبّ …إفرازه من شموخ البلاد رغم عناد المستورين برداء الغير … فالليل ليلنا والنهار لنا … هما الستر والغطاء والعزّة والرفعة … وهما شفاعتي فيكم … ولكم ومنكم … نبلغ سحر الكلمات التي تولد من أنثى … لتلج رحم أنثى … وتلد من بين صلبي وترابي أغاني الحبّ الحقيقي … لكبد طفلي الموعود … ألم يقولوا »بلادي وإن جارت عليّ عزيزة »… نعم هي كذالك عزيزة … وهي غريزتي … والفكرة والكلمة المجنونة بحلم عاشق أبديّ للقاء حبّ أزلي يحيطه بدفء الحياة لما تبق من عمر مجنون … وسبيل للحرّية، والكرامة، والوطنية … التي تنتخب لتنتدب أيامها من قمقم التاريخ نصرا على قوى الجرّ والمجرور…أصحاب الفتنة، والوسوسة، والهلوسة، والهرب إلى وسّادة تحاول جاهدة ومنذ زمان قتل الولاّدة … وترمّم لترأب صدع الصداع في شرخ الكينونة المدهونة بالهواية التي لا احتراف يبوّبها لتسهب في استسهال المنافس … ألم يكن زمن الاستعمار والقتل المنظّم … من بشّر، ونذر، وتندّر، وانتصر وربح المواقع … حتى صار مشروع الخاص والعام … والآن أيكثر الكلام حين نعجز عن القيام …. ونموت صياما عن الوجود المنشود … ووقوفا على أطلال الأيام الخوالي التي لم نعشها بعد… لا وجود لغافل، أو مارق، أو جحود، أو فاقد لما لا يمكن أن يعطيه … رغم صمود الصامدين في الميادين المكشوفة … وبمعزل عن تفرّعات المجرى الكبير … لكي لا نطير إلى لغة هيروغليفية بائدة … صوت لي أهدره في حبّ الحبّ … وفي التجوال على جمر القلب باسما للأخوة الأعداء … علهم يفهمون أن القانون يضمن لي جنوني الرسميّ … ويحميني من المتطفّلين على عالمي البريء من إدمان الرعّب والخوف … من كلماتي بل أقولها وأقولها … وأقولها حتى أقول زماني أغاني وأناشيد تراجيدية … للائحة هستيرية … أو إنتهازية متأصّلة فينا تحوّل العجفاء الجرداء  سمينة في صور المدمنين على الهرطقة والغوغائية … هي أسماء تمضي لأسماء تجيء وتمضي ‘ ونقّل فؤادك حيث شئت من الهوى … ما الحبّ إلا للحبيب الفائز ‘…أخيرا أودّ أن أشكر بطاقة الانتخاب … التي جعلت منّي مواطنا خارقا للعادة … رغم جنوني الرسميّ … الواضح، الفاضح لما سبق والمتكلّم بما لحق … وألف شكر لصندوق البلاد في يوم البلاد …                                                       المواطن المجنون رسمي : المختار الأحولي                                                           تونس يوم الانتخابات :25/10/2009   
 
 
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 124   بتاريخ 4 نوفمبر 2009 ) 


13عاماً مع الجزيرة.. لعبة الصوت الإعلامي الإسلامي (1-4)

نوال السباعي  
وجود قناة الجزيرة الفضائية القطرية على الرقم واحد في قائمة القنوات التلفازية لدى معظم الناس في بلادنا وفي المهجر، ظاهرة تدعو إلى الكثير من التأمل والدرس، وذلك بعد مرور 13 عاما على ولادة القناة، ورغم التراجع الكبير والخطير الذي تعانيه بعض برامجها، والهدر الذي لا يستهان به من ناحية متابعة الجماهير لها، فما زالت قناة الجزيرة تتصدر قائمة القنوات التلفازية التي يمكن لكل مشاهد في المنطقة العربية أن يتابعها ويشاهدها في أي ساعة من ليل أو نهار، وأن يخرج من مشاهدته تلك بشيء يهمه ويتعلمه. ثلاثة أمور محورية جاءت بها قناة الجزيرة إلى حياتنا الفكرية والسياسية والإعلامية الراكدة، أولها استحضار الصوت الإعلامي الإسلامي لأول مرة في تاريخ الإعلام في المنطقة العربية، وثانيها تعليم الحوار كطريقة لتوجيه الرأي العام، وثالثها ربط شرق المنطقة العربية بمغربها بعد عميق هوة بينهما، وقد كانت هذه الأمور وما زالت في بعض القنوات الإعلامية من الممنوعات المحظورة في حياتنا، فهزت الجزيرة بها ركود التفكير الجماعي السياسي لدى الجماهير في المنطقة العربية. استحضار البعد الديني في لُحمة المنظومة الفكرية السياسية السائدة -بعد أن كان ذكر الدين في الإعلام السياسي الفكري العربي من عاشر المستحيلات- كان من أهم إنجازات قناة الجزيرة، لقد قامت الجزيرة بعملية تطبيع مع المصطلحات السياسية الإسلامية، ومع الفكر السياسي الإسلامي، ومع رجال هذا الفكر بما لهم وما عليهم، وبما يستحقونه من تكافؤ للفرص مع غيرهم من أصحاب الفكر والسياسة، وبعد تغييب لهذا الفكر عن الإعلام طيلة عقود سيطر فيها الفكر القومي، ومن ثم العلماني والتغريبي على هذا الإعلام، ولقد كان لقناة الجزيرة السبق في استخدام مراسلين بل ومعدي ومقدمي برامج ذوي اتجاهات إسلامية معروفة، ما منح القناة روحا شعبية جديدة، ومصداقية لدى الجماهير لم تكن تتمتع بها من قبلها غير إذاعة لندن الموجهة إلى العالم العربي، والتي كانت بدورها قد بدأت بدغدغة عواطف ملايين المستمعين من المحيط إلى الخليج باستخدامها الفكر الإسلامي والصوت الإسلامي، خاصة ما تعلق بموضوع حرب الإبادة في البوسنة والهرسك، ولا أنسى أن إذاعة بي.بي.سي الناطقة بالعربية في تلك الحقبة بدأت بتلقيح برامجها بقضايا دينية، حتى أن برامج كانت وقفا على الأسئلة السياسية والعلمية ما بين سؤال وجواب، صرنا نسمع فيها أسئلة فقهية بحتة، تختص بأمور لم يعتد المستمع العربي عليها في مثل تلك الإذاعة وفي الحصص السياسية والفكرية، فلقد كان الإعلام العربي يحصر الإسلام في برامج فقهية محددة لا تخرج عن قضايا الحيض والنفاس والطلاق وعدة الأرملة ومفطرات الصائم!! ولعل من أخطر الأسئلة التي لا يمكن نسيانها في تلك الحقبة من حرب البوسنة، والتي ذهلت وأنا أستمع إلى طرحها في برنامج سياسي، وأذهلني أكثر الجواب الدقيق العجيب عليها، كان السؤال عن دين الطفل المولود من أم بوسنية مسلمة وأب صربي أرثوذكسي قد اعتدى عليها أثناء الحرب، وكان ذلك السؤال علامة فارقة في تغيير سياسات إذاعة لندن الموجهة للعرب من دغدغة العواطف القومية لدى هؤلاء القوم إلى اللعب بوتر الدين الحساس في زمن غيرت فيه حرب البوسنة كثيرا من المعادلات في تركيب الفكر في المنطقة العربية ومن إعادة التفكير بالهوية لدى كل شعوب المنطقة الذين وجدوا شرائح عريضة من أبنائهم يذودون عن أهل البوسنة في هاتيك الأيام السوداء. قناة الجزيرة الإخبارية، ومنذ ولادتها كانت أكثر رصدا وأعمق فهما لمتطلبات تلك المرحلة، وبدا أنها عقدت العزم على خوض تلك اللعبة بمهارة عالية وبأصالة متميزة وبتوازن مهني، وكان مراسلوها من البوسنة والهرسك أصواتا حية تعبر عن ضمير أمة مجروحة، مباشرة جاءت حرب البوسنة بعد حرب لبنان، وكانت قناة الجزيرة قد عبرت عن الحربين في قدرة مذهلة على تقديم الصورة الحقيقية بمصداقية عالية الجودة، ندر أن تحاكيها أي جهة إعلامية عربية أو أجنبية أخرى، لقد كانت البرامج الوثائقية التي أعدتها القناة وأنتجتها عن حرب البوسنة وعن حرب لبنان برامج وثائقية استثنائية غير مسبوقة ليس في الإعلام العربي وحده، بل في الإعلام العالمي كذلك. كان الصوت الإعلامي الإسلامي ولأول مرة يلعب ومن خلال قناة الجزيرة دورا مفصليا في صياغة الرأي العام لجماهير هذه المنطقة التي طالما حرمت من هذا الصوت، إن المهمة الخطيرة جدا التي قامت بها قناة الجزيرة لدى إنشائها في تحييد الصوت الإسلامي وجعله صوتا �عربيا� ضمن مجموعة الأصوات القومية والطائفية واليمينية التي كانت تتحدث إلى الأمة وباسم الأمة في إعلامنا خلال 50 عاما، كان من أهم السمات والبصمات التي تركتها قناة الجزيرة على المنطقة إعلاميا وفكريا وسياسيا، والتي لا بد من تفنيدها ودراستها بعمق، أسماء لامعة مثل سمير حسن، وعمر العيساوي، وتيسير علوني، وأسعد طه، وأحمد الزاويتي، وغيرهم ممن لا يحضرني الآن، قام أصحابها بدور إعلامي فريد في حينه، أهم ما في هذا الدور هو تمكن أصحابه من خلال قناة الجزيرة من تقديم عمل صحافي نزيه رفيع المستوى دون أن يؤثر فكرهم أو التزامهم الإسلامي على مهنيتهم أو دورهم الصحافي، ولا يغيب عن أحد من مشاهدين ومراقبين وأعداء وأصدقاء أن أحد الأسباب الرئيسية لمحاولة قصف قناة الجزيرة وفي أكثر من مكان كان هذا الصوت، الصوت الجديد الذي استطاع أن يتفوق على نفسه فيقدم الحقيقة دون أن يسقط في مهاوي هوية التزامه أو انتمائه الشخصي، وهو مرض عضال قل من لم يصب به من الإعلاميين في مشارق الأرض ومغاربها. بيد أن قناة الجزيرة، وبعد أن بدأت بهذا الزخم الهائل مقدمة الصوت الإسلامي جنبا إلى جنب مع غيره من الأصوات التي كانت قد احتكرت الساحة الإعلامية العربية خلال نصف قرن، محدثة توازنا جديدا ومعادلات كانت غائبة تماما عن الساحة السياسية والفكرية والإعلامية في المنطقة العربية، ما لبثت أن وقعت في فخ شبه قاتل عندما سمحت لجماعة القاعدة وأخواتها بأن تستخدمها من حيث تدري أو لا تدري بوقا إعلاميا لما سمي فيما بعد بالإرهاب!! حيث ارتبطت صورة الجزيرة مباشرة بهؤلاء القوم، الذين حاولوا أن يربحوا مساحات واسعة في نفوس الناس في منطقة يتلذذ سكانها بالشعور بأنهم الضحايا دائما، فلما أن سقطت القاعدة شر سقطة وانفضح أمرها وكشفت أهدافها، ونبذ الناس أساليبها الدموية غير الإنسانية وغير الإسلامية وغير الأخلاقية، دفعت الجزيرة ثمنا باهظا لذلك من مصداقيتها ومن جماهيرها، وهو ثمن لا يقدر بثمن مقارنة مع المكانة الرفيعة جدا للجزيرة في نفوس سكان المنطقة من المحيط إلى الخليج، أضف إلى ذلك عشرات الملايين من المهاجرين من المنطقة العربية في مشارق الأرض ومغاربها. إن لعبة الصوت الإسلامي الإعلامي لم تقتصر في قناة الجزيرة على الأخبار السياسية والتقارير الإخبارية والفكر السياسي، ولكنها كانت هدفا أساسيا في إطار توجهات هذه القناة الاستثنائية وبكل المقاييس، أحمد منصور رئيس تحرير مجلة المجتمع الإسلامية الكويتية ذائعة الصيت، استقدم ليكون مقدم برنامج �الشريعة والحياة� في قناة الجزيرة الناشئة، وهذا البرنامج الذي يعرف في أروقة الجزيرة وتاريخها القصير ببرنامج الشيخ العلامة يوسف القرضاوي، كان فتحا غير مسبوق في تاريخ إعلامنا العربي الرسمي الكئيب الطويل، �الشريعة والحياة� بدأ طريقا تبعته فيه كل القنوات الإعلامية العربية ودون استثناء، ربط الجماهير ولأول مرة بدينها فكرا وحياة وسياسة، وجعل من الشريعة المرجع الأساسي للناس جميعا يجدون فيها الإجابات الشافية لكل ما اعترضهم من هموم تتعلق بدينهم أو بدنياهم، وبعضها كان تاريخيا مزمنا، لقد شكل �الشريعة والحياة� في حينه محطة تاريخية فاصلة في علاقة الدين بحياة الناس في المنطقة العربية، وفي وضع الحركات الإسلامية المعاصرة. يتبع.. (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 08 نوفمبر 2009)  


بين حجابنا و صليبهم  أو بين علمانّييهم و علمانيّينا


رضا المشرقي/ايطاليا

 

منذ  ما يناهز السنتين و النيف كتبت مقالا حول الدين عند الغرب و الدين عندنا، حاولت أن أبين فيه قيمة الدين عند الغرب و أهميته، و قد استدليت بقضية رفعها مسلم ضد تواجد الصليب على جدران المستشفى الذي ترقد فيه أمه حيث اعتبر ذلك استفزازا لأمه، و قد جاءه حكم المحكمة بأن الصليب عامل و حدة و هوية و ليس مجرد رمز فهاجمني آنذاك المدعو أشرف عبد القادر على موقع ايلاف الالكتروني و اتهمني بالمغالطات و نعت خيالي بالمريض و لم تأتي الفرصة للردّ عليه غير أن حكم محكمة حقوق الانسان الأوروبية الأخير حول تعليق الصلبان في المدارس الايطالية دفعني الى الحديث مرة أخرى حول هذا الموضوع.

فقد أحدث هذا الحكم زلزالا في ايطاليا قبل أن ينتقل الى بقية الدول الأوروبية ولأول مرة نرى اليمين و اليسار في خندق واحد يدافعون عن « وحدة الأمة » و « رمز عزتها » بل ذهب وزيـر الاصلاحات الدستوريـة الايطالي، و الذي ينتمي الى رابطة الشمال، « كالديرولو » الى قوله بأن الصليب لن يمس، في حين اعتبر رئيس الوزراء الايطالي « برلسكوني »  أن الحكم « غير ملزم وليس هناك ما يمنعنا من الاحتفاظ بالصلبان في الصفوف المدرسية » و كلنا نعرف مدى تشبث الغربيين بمبادئ العدالة و حقوق الانسان و بعلمانية الدولة عندهم و لكن عندما يصبح الأمر يمس مبادئهم و معتقداتهم المسيحية فانهم يتحد علمانيّهم بمتديّنهم بل ينزع علمانيّهم رداء العلمانيّة ليلبس الصليب لأن  الغرب فصل دستوريا علاقة الدولة بالدين و لكن عمليا بقيت هذه العلاقة قائمة بين المد و الجزر فترى  هذه العلاقة تغيب اذا كان النقد داخليا و لكن سرعان ما تطفو على السطح اذا كان الناقد خارجيا  أو شعر أهل البلد أن المسيحية محل تشكيك او تهديد، فأين ذلك من العلمانيون العرب الذين يسبحـون صباحا و مساءا بمبادئ الوطنيـة وحقوق الانسان و الهوية الوطنية و لكنهم في أول اختبار تراهم يتساقطون كأوراق الشجر في الخريف و قد اختبرناهم في أول معركة تعرض لها مواطينهم و هي ما تمس بحرية اللباس أو ما عرف بـ « معركة الحجاب » هنا و هناك فلم يتعاطفوا و لم يدافعوا هؤلاء العلمانيون عن الحرية التي كانوا يبشروا بها و الهوية التي ادعوها بل رأينا أن الرئيس الفرنسي السابق « شيراك » قبل أن يمنع الحجاب بفرنسا استشار أحد العلمانيين العرب المتنورين كمثل « محمد أركون » و قد قدم له بحثا وصل الى مفاده « أن الحجاب رمز ديني عنصري »، و لم نجد تعاطفا أو نصرة من مدّعي « العلمانية المستنيرة » و خاصة من أبناء جلدتنا ممن يتكلمون بألسنتنا بل حتى النساء اللبراليات لم نسمع لهن همسـا فقد تركن المحجبات يواجهنا مصيرهن لوحدهـن و يدافعن على حريتهن بمفردهن و حالهن يقول « اذا كان هذا اختياركن فتحملن مسؤوليتكن » و لذلك لم نسمع كلمة من الجمعيات  الديمقراطية النسوية التي تملئ العالم العربي و الاسلامي باسم الحداثة.

وبالرغم من أن الفرق شاسع بين « تعليق الصليب في المدارس » و « لبس الحجاب عند المرأة المسلمة » فان كان الأول مجرد رمز للمسيحية فان الثاني واجب شرعي ملزمة به كل مسلمة الاّ أن الأول جنّد اليمين و اليسار، المتدين و العلماني، السياسي و رجل الشارع في بلاد الغرب في حين أن الآخر وجد نفسه يواجه مصيره بتعاطف الاسلاميين فحسب فتلاشت حقوق المواطنة و غابت حرية اللباس ما دام الأمر فيه ضحية من المسلمين و رأيت أغلب علماني و متنوري العالم العربي قد دخل جحره و آثر السكوت و السلامة على الدفاع عن مبادئ المواطنة.

فأن يعتبر الصليب « عامل وحدة و رمز الوطنية »  عند العلمانيون الغربيون و أن يعتبر « الحجاب لباس طائفي نشاز » عند علمانيينا فلعمري انه منطق العدالة العرجاء. و انني كمسلم، بقدر اعجابي بالساسة والعلمانيين الغربيين من هذا الموقف الذي ظهروا فيه مدافعين عن هوية أمتهم، فنسوا خلافاتهم السابقة و نسوا الهوة بينهم، ولم يشذ منهم الا الشيوعيون الراديكاليون، بقدر ما استائني موقف علمانيينا ومتنورين الذين أصبحوا ملكين أكثر من الملك، فالحداثة عندهم لا تكون الا بالدوس عن الهوية الاسلامية و التنوير لا يكون الا بدق نعش الحضارة الاسلامية و لسان حالهم يقول « نحن و الزمن عليكم… »


عين عربية  الجزائر  وملف الفساد هل تُنهي قرارات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مرضا عمره 47 سنة؟

أشار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عند إشرافه على افتتاح السنة القضائية يوم الأربعاء الماضي 28 أكتوبر 2009 إلى  أخطر الملفات التي كثر الحديث عنها في الجزائر، وأهدرت الكثير من طاقات البلاد البشرية والاقتصادية ألا وهو ملف الفساد. بل ذهب الرئيس إلى أبعد من ذلك عندما توعّد المتورّطين في قضايا الفساد والرشوة ونهب المال العام بالمتابعة القانونية . وتشير العديد من التحاليل والتعاليق التي صدرت في الصحافة الجزائرية وغير الجزائرية حول هذا الموضوع إلى أنّ تضخم هذا الملف هو الذي كان وراء هذه التصريحات والقرارات الرئاسية إلى الدرجة التي جعلت الرئيس يُنصِّب لجنة وطنية لمكافحة الفساد. وقد تكون قضية الشركة الصينية المكلفة بإنجاز الطريق السيار شرق غرب – وهو مشروع إنشائي ضخم – هي القطرة التي أفاضت الكأس عندما اشتكت الشركة المذكورة إلى الرئيس بوتفليقة من أن مسؤولين كبارا في وزارة الأشغال العمومية طلبوا منها تقديم أموال مقابل السماح لها بمواصلة العمل في المشروع. ومما لاشك فيه أن الشركة قد راسلت سفارة بلادها في الموضوع والسفارة بدورها قامت باتصالاتها مع وزارة الخارجية الجزائرية ورئاسة البلاد مما جعل القضية تخرج عن إطار المعالجة الداخلية القابلة للاحتواء والتلاعب إلى ميدان العلاقات الدولية . كما مسّت آفة الفساد عديد الوزارات منها وزارة الصيد البحري التي أمضى مسؤول كبير فيها اتفاقا يسمح لشركة أجنبية بالصيد في المياه الإقليمية الجزائرية دون أن يعود أي مليم من عائدات الصفقة إلى خزينة الدولة وكأنّ البلاد إقطاعيات  خاصة معروضة للبيع للحساب الخاص . وملف الفساد في الجزائر يتمّ الحديث عنه منذ عقود. واستعملت أجهزة الدولة ومؤسساتها لخدمة نهم الذين يريدون الثروة بأيسر السبل وأسرعها.  و مسّ الاحتكار عديد المواد الاستهلاكية في الجزائر، إذ لم يكن مفهوما وجود طوابير طويلة في أواخر الثمانينات لمواطنين يرغبون في الحصول على مادة زيت طهي الطعام النباتي في بلد نفطي مثل الجزائر. وكانت تروج إشاعات كبيرة على احتكار توزيعه من قبل شخصيات تحتل مراتب عالية في صلب السلطات المدنية والعسكرية الجزائرية آنذاك. ولكن تلك الأخبار كانت دائما تُكَذَّبُ من قبل الإدارة .وكان الرئيس بوتفليقة إلى وقت غير بعيد يصرّ على نقاوة سلوك أعضاء حكومته بل ذهب به الأمر في أواخر 2006 إلى توبيخ وزير له هدّد بكشف أسماء كبيرة في الحكومة مورطة في الفساد  . إن الحديث عن الفساد في الجزائر من قبل أعلى هرم السلطة  يدل على شجاعة كبيرة من قبل الرئيس بوتفليقة في محاولة الحسم مع هذا الداء الذي يُعطِّل العملية التنموية في بلد يملك ثروة باطنية هامة ولكنه في نفس الوقت يعاني من مشاكل اجتماعية كبيرة  تمظهرت مؤخرا في احتجاجات عنابة و وهران وديار الشمس والتي عبّر الرئيس بوتفليقة نفسه عن تفهمه لأسبابها.وربما يكون الرئيس بوتفليقة هو الرئيس العربي الوحيد الذي أقر بوجود الفساد في مؤسسات الدولة في حين يصر رؤساء عرب آخرون على عدم الاستماع إلى استغاثات شعوبهم. كما يصر هؤلاء القادة على نكران أي وجود للفساد لأن المفسدين دائما ما يُظهرون كل آيات الولاء والدعم للأنظمة السياسية القائمة مقابل حماية هذه الأخيرة لهم، وكل ما يهمهم هو المحافظة على مكاسبهم. أما الدولة ومؤسساتها وأجهزتها فهي بالنسبة إليهم لسيت سوى قنطرة يمرون عبرها إلى مصالحهم. ربما تضع إجراءات الرئيس بوتفليقة حدا لتمترس المفسدين بأجهزة الدولة ومؤسساتها وتقع متابعتهم دون حصانة يسعون بكل الطرق إلى امتلاكها، خاصة وأن كثير من المحللين يربطون بين أخطر الأزمات السياسية والاجتماعية التي شهدتها الجزائر المستقلة  وملف الفساد . ويبدو أن كثيرا من العراقيل والحواجز التي تنصب أمام تحول ديمقراطي حقيقي في الجزائر  تبنيها آلة الفساد لتحصن نفسها من خطر المساءلة والملاحقة. إعلاميون من هذا الزمان تحيّة لشرفاء تونس: لا يغرّنكم غدر الزمان، فلطالما رقصت على جثث الأسود الكلاب، ولا تظنن برقصها تتعالى على أسيادها. تبقى الأسود أسودا والكلاب كلابا. وبعد، قد لا نحتاج إلى أرقام كثيرة وإحصائيات مطوّلة، ولن نحتاج إلى ذكر المراتب المتقدمة التي تحتلها تونس على عدّة أصعدة، ولا إلى شهادات الدهشة والذهول التي تتهاطل على تونس كالمطر للوصول إلى حقيقة أنّ تونس حققت ما يشبه معجزة في مجال الاقتصاد والاجتماع. وهذا الأمر يقرّ به خصوم الحكم قبل أصدقائه. لكن! تونس ليست مدينة فاضلة : هناك عيوب وأخطاء ونقائص يجتهد النظام في التغاضي عنها وحجبها، ويكتفي بما تحقق ويزعم أن ليس بالإمكان أحسن ممّا كان. في المقابل توجد فئة تعي جيّدا إلى أيّ الشواطئ تتجه سفينة السلطة وأي مصير ينتظر البلاد، تؤمن أنّ هناك مخاطر وآلاما محدقة بالوطن. وتعلم أنّ الانكفاء والتقوقع والاستقالة ستفضي إلى كارثة حقيقيّة، كما أنّها أفكار ورؤى إصلاحيّة هامّة. هذه الفئة آثرت بشجاعة أن تنبه وتدق ناقوس الخطر محاولة منها إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل غرق الجميع، واضعين مصلحة تونس فوق كلّ اعتبار، لكنّها جوبهت بالقمع والتنكيل والمعتقلات والمنافي والحصار والتعتيم وخاصة تفاقم وتيرة الاعتداءات البدنية وتطويع السلطة الرابعة لشنّ حملات التشويه في انقلاب وتسيب قانوني وأخلاقي خطير، حتى أمسى كلّ من يوجه نقدا ولو بسيطا للحكم، أو يلجأ للتعبير عن رأيه في الإعلام الأجنبي في ظلّ احتكار السلطة لكلّ وسائل الإعلام في الداخل، عرضة للتجريع والتعويض والقذف بأقبح وأقذع العبارات والنعوت من مثل الخيانة والعمالة والتواطؤ. وتلفيق الاتهامات الكيديّة في مسعى لشيطنتهم وتشويههم أمام الرأي العام. وبصراحة أصابتنا الحيرة.: هل نضحك على أشباه الصحفيين وحال المؤسسات الصحفيّة المريبة والمأجورة، أم نهزأ ونسخر من هذه الترهات والخزعبلات التي تشهد على نذالة وخسّة مخبريها. أم نبكي ألما وقرفا على ما بلغته الصحافة من تردّ وضحالة وبؤس وانحطاط؟؟ عجبي من إعلاميّين يرون أن الوقت والزمان صالح للابتهاج ومناسب للرقص في حفلة الحزب الحاكم على جثثنا وملائم لقرع الطبول والنفخ في المزامير، وأن الانتصارات والنجاحات كافية لجعلها نظير ونحلّق. وأنّ الخراب احتمال مشكوك فيه. وأنّ الجنازة عرس ومظاهرات حبّ، والغبار حقول من الأمنيات والأحلام. والأرض معطاء حصلت على مرضاة الربّ رغم أنّها جدب وقحط إلاّ من الدخان والأنين…للأسف مازال بعض المرتزقة والمأجورين يجهلون أن ما يكتبون تافه في تفاهتهم ومبتذل في ابتذالهم لأنّه لغة تعوم في الفراغ ومجرد حشد من مفردات ورغوة وثرثرة وسفسفطة فاقدة للمعنى، مجرد لهاث مرهق لاكتشاف مصطلحات الشتيمة وهرولة مهينة للتكسّب والتمعّش عوض التعبير عن ضمير المجتمع وتطلعاته لمجتمع الحرية والعدالة والمساواة . لكن كيف ذلك، ونحن إزاء إعلامي مشوّه ومصاب بالهذيان والحمّى؟ ماذا نتوقع منه غير مادّة مشوّهة وكريهة. وليس منباب التهويل إذا قلنا إنّ التفاهة والقذارة التي تقرأها أسبوعيّا في صحف معيّنة تتعفف عن ذكر اسميهما حتّى لا يصيبنا شيء من عفنهما – هي بشكل أو بآخر انعاس لتفاهة متغلغلة في نفس صاحبها لأنّ الكتابة لا تكون مهزلة إلاّ لأن وراءها إعلاميّا هو نفسه مهزلة وعار على المهنة. للأسف نقولها، إنّنا نعيش زمن السقطات والمسخ الأخلاقي، زمنا يستبّد الجبن والقصور فيه بالصحفي فلا يقدر على بلوغ الرشد والأنوار فيستطيب العيش في الكهوف والزوايا المظلمة. ولا يتكلم إلاّ بلسان السلطان، ولا يسلك إلاّ وفق تعاليمه فتتحوّل إلى بوق دعاية ودمية متحركة للترويج لمشروع الحاكم الهادف إلى تحويل الشعب إلى قطيع طيع يسهل الإشراف عليه وتسييره. فهل حقّا سيصدق هذا الشعب الواعي والناضج أن الدكتور بن جعفر  وأحمد إبراهيم والمرزوقي والشابي وغيرهم من المناضلين الشرفاء مفخرة تونس والإنسانية جمعاء – مجانين وعملاء وخونة؟ أم سيدرك أن من يستحق العلاج من رضع العمالة والتملق والتزلف حدّ الثمالة وافتقد ملكة العقل وانخرط في صياغة مقالات الخزي والشنّار يلعن فيها أبناء تونس الأحرار كحرفة من لاحرفة له ولا ضمير ولا أخلاق ولا دين له، ويتخذّ التطاول سبيلا للبقاء على مسرح الأحداث، بل بلغ به الجبن مبلغا عميقا جعله يحجب هويته ولا يعرّف بنفسه لأنّه إن فعل كتب نهايته وبانت حقيقته كصحفي تشبّع بذميم الصفات وقبيحها، وكإعلامي استغنى عن الحريّة بوهم الحريّة إذ يتوهم أنّه حرّ بمجرد أن منحت له إمكانيّة الاختيار في سبّ رجالات تونس البررة، وكعبد موسوم بالقصور والعجز مطلوب منه الطاعة والامتثال للأوامر فيخلق لوحة جنائزيّة من القيم والمفاهيم البائسة لتبرير وضاعته. أجل لقد كيّفت التعليمات والمنافع هذا الرهط من الصحفيين وعلبت أفكارهم وخلقت لديهم وعيا زائفا بالحريّة والديمقراطية، فعملوا على تحرير الحسّ النقدي وسلب كرامة الكلمة وتحويلها إلى سلطة تخضع للمساومة والمتاجرة. لكن الشمس الساطعة ستقضي حتما على خفافيش الظلام والأصوات المبحوحة، وسيلقى بالمرض نفسيا والمرتشون والنفعيون والمزيفون إلى مزبلة التاريخ لا بمناضلين صفتهم الشجاعة والإقدام والإيثار والحلم والبذل والعطاء وطهارة اليد. وكمال قال المتنبّي النابغة  » أنام ملء جفوني عن شواردها *** ويسهر الخلق جرّاها ويختصم .. والحكمة تؤكد أنّه كلّما كان المشتوم متفردا في عظمته وسموه ،كان الشاتم متفردا في نذالته وسفالته . أمّا تونس فما زال أمامها الكثير لتحقيقه، ولن تستطيع مواجهة ورفع التحدّيات إلاّ بجهود كلّ أبنائها دون إقصاء أو تهميش. وحيد براهمي 
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 124   بتاريخ 4 نوفمبر 2009 )  


سيناريوهات عباس البديلة


عبد الباري عطوان كثيرة هي المرات التي اعلن فيها السيد محمود عباس الانسحاب من مهامه السياسية، اعتراضا او حردا، كان آخرها قبل استشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات بعام، ولكن قراره الذي اتخذه يوم امس الاول بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة يبدو مختلفا، وربما يكون الاصعب. الرئيس عباس اتخذ هذا القرار لسببين رئيسيين، كشف احدهما في خطابه الذي اعلن فيه انسحابه من انتخابات الرئاسة، وهو محاباة الولايات المتحدة الامريكية للحكومة الاسرائيلية، وتراجعها عن موقفها المعلن بضرورة تجميد الاستيطان في الاراضي المحتلة كافة، بما في ذلك القدس المحتلة، كشرط للعودة الى مفاوضات التسوية السلمية. اما السبب الثاني، وكان بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير، فتمثل في الموقف الرسمي المصري الذي عبر عنه السيد احمد ابو الغيط وزير الخارجية، بعد زيارة نظيرته هيلاري كلينتون الخاطفة الى القاهرة، وقال فيه ما معناه ان مصر تؤيد العودة الى المفاوضات دون شرط تجميد الاستيطان طالما ان هناك مرجعية محددة لها. من الواضح ان الرئيس عباس شعر ان الادارة الامريكية تخلت عنه، وتعاملت معه بازدراء شديد، وذهبت الى ما هو ابعد من ذلك عندما اقنعت الحكومة المصرية بتبني موقفها المحابي لاسرائيل، الأمر الذي وجده طعنة في الظهر، او ‘خيانة’ من دولة عربية كبرى، على حد وصف الدكتور محمد اشتيه احد اقرب مساعديه، ولكن دون ان يسمي هذه الدولة بالاسم. ولعل الطعنة الاكبر التي تلقاها السيد عباس هي تلك الموجهة من السيدة كلينتون في تعليقها على قرار ‘استقالته’ من انتخابات سباق الرئاسة، عندما قالت انها ستتعامل مع الرئيس عباس في اي ‘موقع كان’، مما يعني انها ليست اسفة كثيرا على خطوته هذه، وهو موقف مفاجئ، فسره الكثيرون على انه رسالة تقول للسيد عباس بانه اذا كان يريد الضغط عليها من اجل تغيير سياستها في محاباة اسرائيل، فإنه مخطئ لان هذه الضغوط لن تعطي ثمارها. ‘ ‘ ‘ في جميع المرات السابقة التي اعتكف، او انسحب فيها السيد عباس، لم يكن الرجل الاول في حينها، وكان يعيش تحت خيمة كبيرة اسمها ياسر عرفات، يلجأ الى مصالحته في نهاية المطاف، ولكن السيد عباس يحتل منصب الرجل الاول في قمة اربع مؤسسات فلسطينية هي السلطة الفلسطينية، رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئاسة اللجنة المركزية لحركة ‘فتح’، ورئاسة دولة فلسطين، وفوق هذا وذاك لا توجد خيمة الرئيس عرفات ولا كوفيته، الامر الذي سيجعل مسألة تراجعه عن موقفه هذا اكثر تعقيدا، وان كان ممكنا. خطاب الرئيس عباس الذي اعلن فيه انسحابه كان مدروسا بعناية، وحافلا بالرسائل الى اكثر من جهة، ويؤشر الى المستقبل، ولكن الفقرة التي تهجّم فيها على حركة ‘حماس’ لم تكن موفقة، وجاءت خارج السياق، وتنتقص من جدية قراره هذا، وتجعل البعض يميل الى ‘نظرية المناورة’ التي حاول ان يبددها وينفيها في الخطاب نفسه للتأكيد على جدية موقفه. كان الأحرى بالرئيس عباس، وبعد ان اتخذ هذا الموقف الاحتجاجي القوي من الخذلان الامريكي له، ان يبقي خياراته الاخرى مفتوحة، بما في ذلك خيار المصالحة مع حركة ‘حماس’ وفصائل المقاومة الاخرى، ولو على الاقل من قبيل ‘التكتيك السياسي’ وتعزيز اوراق الضغط، والتلويح بالبدائل الاخرى، ولكنه لم يفعل، ولعل مردود ذلك تدخلات بعض مستشاري السوء الذين اوصلوه الى هذا الطريق المسدود بنصائحهم الملغومة بضرورة الاستمرار في الرهان على عملية سلمية مغشوشة وعبثية، ووضع بيض السلطة كله في السلة الامريكية. ‘ ‘ ‘ هناك عدة نقاط يجب التوقف عندها لتفسير خيارات الرئيس عباس في المستقبل القريب، وعدة سيناريوهات اخرى للخروج من مأزقه ومأزق حركة ‘فتح’ الذي اوجده بخطوته تلك: اولا: بات تأجيل انتخابات الرئاسة والمجلس التشريعي التي دعا اليها الرئيس عباس في كانون الثاني (يناير) المقبل امرا مؤكدا، لعدم التأكد من جدية انسحاب عباس، ونهائية قراره هذا، وعدم وجود اي من شخصيات ‘فتح’ النافذة التي يمكن ان تتقدم لملء الفراغ، وخوض انتخابات الرئاسة وتولي مسؤولية السلطة. ثانيا: من الواضح ان اسرائيل والولايات المتحدة، وبعض الدول العربية لم تعد تؤيد الرئيس عباس وسلطته، بل لم تعد ترى في القضية الفلسطينية وتسويتها اولوية في الوقت الراهن، حيث بات الملف النووي الايراني وكيفية التعاطي معه هما الاهم. ثالثاً: تصاعد احتمالات الحرب في المنطقة، وتزايد التحرشات الاسرائيلية بسورية وايران وحزب الله، من خلال اعتراض سفن تحمل اسلحة في عرض البحر، او الحديث عن صواريخ في حوزة ‘حماس’ يصل مداها الى تل ابيب، او تخزين ‘حزب الله’ اسلحة وصواريخ متقدمة مضادة للطائرات في جنوب لبنان. ‘ ‘ ‘ اما عن السيناريوهات او الخيارات التي يمكن ان يلجأ اليها الرئيس عباس في الايام او الاشهر المقبلة فيمكن حصرها في النقاط التالية: أولاً: الاستمرار في رئاسة السلطة والمواقع الاخرى بعد تأجيل الانتخابات وقياس ردود الفعل على انسحابه، الامريكية منها على وجه الخصوص، على صعيد وقف المحاباة لاسرائيل، وتقديم بعض التنازلات للسلطة على صعيد الاستيطان، وهذا امر غير ممكن، لان السيدة كلينتون عندما تراجعت عن شرط تجميد الاستيطان كانت تنفذ قرار مؤسسة الرئاسة الامريكية، اي ان قرارها هذا لم يكن مزاجياً او شخصياً مثل قرارات معظم القادة العرب. ثانياً: ان تلجأ الولايات المتحدة الى استخدام سلاح المال ضد السيد عباس، بحيث يعجز عن الايفاء بالتزاماته المالية ودفع الرواتب، وهناك عجز مقداره 400 مليون دولار في ميزانية السلطة، الامر الذي يضعف موقف عباس ومكانته امام مؤيديه واعضاء حزبه الحاكم، اي حركة ‘فتح’، مما يدفعه للتراجع والخضوع للاملاءات الامريكية بالعودة الى مائدة المفاوضات، مسقطاً شرط تجميد الاستيطان، والبحث عن مخارج ‘مشرفة’ للتراجع مثل تنظيم مظاهرات ومسيرات شعبية تطالبه بذلك، وتؤكد مساندتها له. ثالثاً: ان تكون واشنطن استفزته بموقفها الاخير لدفعه الى خطوة الانسحاب هذه، لانها تأكدت من انتهاء دوره لبدء دور قيادة اخرى اكثر تناغماً معها، وهي قيادة السيد سلام فياض، رئيس الوزراء، الذي بات يملك اهم سلاحين في يده وهما المال (المساعدات الامريكية) والأمن (قوات الجنرال الامريكي دايتون). رابعاً: الرئيس عباس شخص ‘عنيد’ ومعروف بحرصه على كرامته الشخصية، وهناك احتمال بأن يؤدي استمرار الخذلان الامريكي له الى دفعه للمضي قدماً في قراره بعدم الترشح، وربما الذهاب الى حل السلطة، ولكن هذا الاحتمال يظل ضعيفاً بالنظر الى تراجعاته السابقة، وضغوط المحيطين به بالاستمرار في سياسته الحالية، والعودة الى الحظيرة الامريكية مجدداً وخلق المخارج اللازمة لهذا التراجع. خامساً: يظل احتمال الاستماع الى الجناح الوطني في حركة ‘فتح’ الذي اصر على تبني خيار المقاومة المسلحة، في البيان الختامي للمؤتمر وارداً، وفي هذه الحالة قد يتم البدء في تصعيد المقاومة السلمية مثل العصيان المدني والمظاهرات، وربما العودة الى الحجارة. سادساً: في حالة انسداد كل احتمالات التجاوب الامريكي مع ‘حرد’ السيد عباس، فان فرص المصالحة مع فصائل المقاومة الاخرى، وحركة ‘حماس’ على وجه التحديد، تظل امراً وارداً، ولكن هذا يتطلب تغييراً جذرياً في بنية السلطة ونهجها، وابعاد العديد من الرموز المحيطة برئيسها، وحدوث تغيير ايضا في خطاب حركة حماس ومواقفها تجاه الرئيس عباس في هذه الحالة. ‘ ‘ ‘ نتمنى ان يستمر الرئيس عباس على موقفه هذا، وان كنا نتحفظ في الذهاب بعيداً في هذه التمنيات، لان الرجل اقدم على خطوة صعبة، وقد تكون مكلفة جداً بالنسبة له شخصياً، لان الغرب والولايات المتحدة بالذات، استثمرت المليارات في قيادته وسلطته، وليس من السهل عليها بلع انسحابه هذا دون رد فعل قوي من جانبها اللهم الا اذا كانت قد اعدت البدائل، وتأكدت من قدرتها على فرضها ومن ثم استمرارها في قيادة السلطة في مرحلة ما بعد عباس. الاصرار على قرار الانسحاب قد يكون الانجاز الاهم في تاريخ السيد عباس السياسي، بعد ان انتهت اجتهاداته الاخرى الى فشل مخجل، ومضيه قدماً فيه قد يغير الكثير من المعادلات، ليس في الساحة الفلسطينية فقط، بل في المنطقة العربية برمتها. من حق الرجل ان يريح ويرتاح، ولكن السؤال الاهم هو عما اذا كان مسموحاً له بذلك؟ من المفارقة ان انسحاب الرئيس عباس سيؤشر لنهاية مرحلته السياسية بشكل مشرّف، يمحو له بعض اخطائه وخطاياه او معظمها، اما تراجعه فسينهيها ايضا، ولكن عكس ذلك تماماً. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  08 نوفمبر 2009)  


تركيا ونموذج إنساني جديد

 


2009-11-08 حزب العدالة والتنمية قد يُدخل تركيا والعالم الإسلامي، وربما العالم أيضا، في مرحلة سياسية وفكرية جديدة، فتركيا بقيادتها للعالم الإسلامي على مدى ستة قرون أدخلته في مراحل من الأفكار والنظم السياسية بدءاً بالخلافة العثمانية التي كانت امتداداً للمركزية الإسلامية على مدى القرون الثلاثة عشر السابقة للحرب العالمية الأولى والتي كانت نهاية الدولة العثمانية ثم الجمهورية العلمانية الأتاتوركية التي فتحت المجال لإدخال تركيا والعالم الإسلامي في مرحلة من التغريب والعلمانية والاقتباس شبه الكامل والحرفي للنموذج الغربي، ولكن تركيا اليوم باختيارها لنموذج حزب العدالة والتنمية تبدو مقدمة ومن ورائها على الأغلب العالم الإسلامي بجملته على مرحلة تجمع بين الإسلام والعلمانية. لقد كانت المواجهة بين الدين والعلمانية أزمة عصفت بالغرب على مدى قرون عدة، وبرغم أن أوروبا ووراءها معظم دول العالم وحضاراته قد اختارت الانحياز إلى العلمانية ومحاولة إقصاء الدين عن الحياة العامة والسياسية أو تحييده فإن ذلك لم يحسم المعركة بالفعل لدى الشعوب والمجتمعات وضمائر الأفراد والناس، فقد بقي الدين محركا أساسيا لا يمكن تجاوزه، وظلت الدوافع الدينية لدى المسلمين والمسيحيين بشكل أساسي الذين يشكلون أكثر من نصف سكان العالم، وبدرجة أقل لدى أتباع الأديان الشرقية الآسيوية (البوذية والهندوسية والكونفوشيوسية) تفسّر وتوجه التقدم والنهضة والتخلف والفشل والنجاح والصراعات والحروب والنزاعات والاتجاهات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسلوك الجمالي والحياتي وتنظيم الموارد وتوزيعها والتضامن والتكافل والوحدة والاختلاف. ثمة ما يقترب من الإجماع لدى جميع أتباع الأديان بأن الدولة الدينية ليست دينية في الحقيقة ولا يريدها الدين، ولم تعد المجتمعات والدول جميعها ترغب بالعودة إلى الدولة الدينية التي سادت في العصور الوسطى، وإن كانت الدولة الإسلامية لم تكن دينية بالمعنى والمفهوم الذي طُبق في أوروبا والغرب أو في الصين والهند واليابان، فإنه أيضا (النموذج الإسلامي في العصور الوسطى) خضع لمراجعات مهمة، وحظي بصياغات وتصورات عدة يجمع بينها نموذج مختلف عن نموذج الحكم الذي طبق في العالم الإسلامي في القرون السابقة، ولكنه نموذج مدني يضع التجارب والاجتهادات الإنسانية أساسا للحياة والحكم بمرجعية دينية، فهي نماذج وإن كانت لا تتناقض مع الدين أو تختلف معه فإنها أيضا إنسانية بمعنى أنها تجارب واجتهادات تخضع للتغيير والتعددية والنسبية، وليست عملية دينية بحتة منزلة من السماء يجب تطبيقها كما هي، فما نزل من السماء هو الوصايا والتطبيقات التي يجب الالتزام بها من العدل والإصلاح والقيم والأخلاق أو المبادئ المنصوص عليها في الحياة والمعاملات، ولكن الناس يجتهدون ملتزمين بهذه المبادئ في اختيار أنظمة حكمهم وحياتهم في السياسة والاقتصاد والاختيار والعلاقات الاجتماعية والسياسية وفي سائر شؤون الحياة، وهم في ذلك تتعدد تطبيقاتهم وأفهامهم وتجاربهم، ويمكن اعتبارها جميعها إسلامية إلا ما كان منها متناقضا مع الإسلام، وحتى في حالة تناقضها مع الإسلامي فلا يعني ذلك أنها ليست إسلامية، لأن المسلمين يخطئون ويصيبون في الفهم والتطبيق، ويتقدم ويتراجع التزامهم بالدين وتأثرهم بغيرهم وبالتاريخ والجغرافيا والأحداث والبيئة المحيطة، وكما أن المسلم لا يفقد صفة الإسلام بتخليه عن بعض مبادئ الإسلام فإن تجارب المسلمين وتطبيقاتهم نفسها في الحكم والحياة لا تخرجها ولا تخرج أصحابها من الدين بمجرد مخالفتها للدين. وقد تبدو إشكالية معقدة برغم سهولة وتعدد تطبيقها وفهمها في التاريخ والجغرافيا الإسلاميين وضياع والتباس تحريرها ونقدها وتبريرها وتفسيرها في الخطاب الإسلامي الفقهي والسياسي، ولكن التجربة التركية (حزب العدالة والتنمية) التقطت هذه الرؤية البسيطة وحولتها إلى برنامج سياسي وعام للدولة في تركيا، وقد يكون نموذجا عالميا تقتبسه جميع الأديان والحضارات، فحزب العدالة والتنمية يقدم نفسه ببساطة على النحو التالي: نحن مسلمون، ونجد في كون الدين مرجعا أساسيا للحكم والحياة موردا كبيرا في التقدم والنهضة، ولكننا في التطبيق والعمل والسياسية نقدم تجربة إنسانية لا ننسبها إلى الإسلام بمعنى أنها الإسلام، ولا ننزع عنها أيضا صفة الإسلام، ولا ننفي تأثرها به، فلسنا ألمانيا ولا الحزب الديمقراطي المسيحي ولا المحافظين الجدد، نحن أتراك ومسلمون نقيم دولتنا وجمهوريتنا مجتهدين بتطبيق العدل والحريات والتقدم والتنمية والنهضة، ونعتقد أننا بذلك لا نخالف الإسلام، ونعتقد أيضا أن الإسلام لا يطلب منا نموذجا محددا وهيئة منزلة في الحكم كما في الصلاة والصيام والحج، وقد نخطئ أو نبتعد عن الإسلام في نظر آخرين أو حتى في نظر أنفسنا، ولكنا نجتهد في ذلك مقدرين مصالح ومفاسد نوازن بينها ونحاول وعيها وإدراكها، ونميز بين الإنساني والديني، وهو تمييز ليس سهلا ولا متاحا للأفهام والتطبيقات بسهولة، ونميز أيضا بين النص الديني وبين فهمه وقراءته، فنحن نفهم النصوص ونقرؤها ولا نقول إن تجربتنا وفهمنا هو النص نفسه.   ibrahim.gharaibeh@windowslive.com  (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 08 نوفمبر 2009)  


في رمزية التواصل العربي


حسن حنفي   حتى في مفردات الحياة اليومية تكون للأشياء والتفاصيل الصغيرة دلالاتها المهمة، مهما صغرت. ومن مهمات الفكر ملاحظتها وإدراكها واستنباط أحكام منها. فنحن نعيش في عالم من المعاني قد لا ندركها دائماً عندما يموت الوعي السياسي. وندركها عندما يصحو. فالواقع والأحداث والسلوكيات للأفراد والجماعات تكشف عن أكبر الاختيارات السياسية والتقلبات الأيديولوجية. فالمذاهب السياسية ليست مجردات نظرية بل هي أوضاع ترى في الحياة العملية ومهما كان الشيء صغيراً فإنه قد يحمل دلالة كبيرة. والمهم، في كل الأحوال، هو القدرة على الملاحظة والإدراك. مثال ذلك سعر طابع البريد، مع ما قد يبدو للبعض من خفة أو فضول ومبالغة في هذا الموضوع. صحيح أنه لم يعد له وجود إلا في المكاتبات الرسمية لنقل وثائق وشهادات حكومية وإدارية لا تكفي فيها الصور الإلكترونية أو الضوئية بل لابد من الأصول خشية التزوير. ولا يكفي فيها ختم يشهد بأن الوثيقة طبق الأصل بل لابد من الأصل. والأصل عن طريق البريد المسجل أو السريع الموقع عليه من الطرفين، الراسل والمرسل إليه. ما زالت الطبقات الشعبية تعتمد عليه في اتصالاتها لأنها لا تملك وسائل إلكترونية حديثة. وما زالت الاتصالات الورقية هي السائدة في الريف. تنتظر الأسر ساعي البريد وهو يحمل الأنباء السارة أو المؤلمة. وعبرت الأغاني والفنون عن هذه الظاهرة. وهناك فيلم « البوسطجي » الذي دفعه حب الاستطلاع لفتح الخطابات وقراءة ما فيها حتى يقضي على ساعات الملل الطويلة وهو أعزب فتسبب في مآسٍ إنسانية. والمعايدات في المناسبات والأعياد ما زالت تتم بالاتصالات البريدية ببطاقات ملونة ورسومات وزخرفات لا تستطيع الصور الإلكترونية القيام بها. وطابع البريد لا يمكن صناعته منزلياً بل لابد من شرائه من مكتب البريد. وقد يشتد الزحام عليه في المواسم والأعياد مثل الزحام على مكاتب صندوق التوفير وصرف المعاشات. وبصرف النظر عن قول موظف طوابع البريد « كل سنة وأنت طيب » ولها معناها المحدد وإشارة واضحة، وكل لبيب بالإشارة يفهم، وتحمل مآسي شعب وفقره الذي يدفعه إلى الاستجداء مهما كان في وظيفة حكومية، فإن سعره المطبوع عليه له دلالته. ففي الستينيات، في ذروة المد القومي، كان سعر طابع البريد المحلي في مصر خمسة عشر قرشاً للداخل وثلاثين قرشاً وربما خمسة وعشرين قرشاً للوطن العربي أي ما يعادل الضعف. وكان سعر البريد الدولي خمسة وسبعين قرشاً للخارج أي حوالي أربعة أضعاف. وكانت لكل هذه الفروق دلالة سياسية لا تخطئها الملاحظة. فالمسافة بين القُطري والعربي كانت أقل بكثير من المسافة بين القُطري والدولي. كانت مصر جزءاً من الأمة العربية. وكانت الأمة العربية امتداداً طبيعياً لمصر. كانت مصر هي الوطن الأصغر، والوطن العربي هو الوطن الأكبر « وطني حبيبي الوطن الأكبر ». وكانت الدعوة قائمة: لماذا لا يكون سعر طابع البريد محلياً وإقليمياً، مصرياً وعربياً واحداً إذا كنا أمة عربية واحدة؟ وكانت المسافة بيننا وبين أوروبا وأميركا كبيرة. فقد كان الوقت ذروة النضال ضد الاستعمار وحركات التحرر في العالم الثالث وحركة عدم الانحياز تشعر دولها بقربها من بعضها بعضاً ووحدتها في الأهداف وإن تباعدت بينها القارات والمحيطات. وكانت الدعوة قائمة حينها: ولماذا تكون فرص التواصل مع آسيا وأميركا اللاتينية مثل أوروبا وأميركا، من خلال سعر ثمن طابع البريد، والهند والصين وماليزيا وإندونيسيا من العالم الثالث، قريبة منا وجدانياً وسياسياً أكثر من أوروبا، وهي امتداد شرقي للوطن العربي، ومصر والهند ويوغوسلافيا هي الأقطار التي كونت كتلة عدم الانحياز؟ يكشف سعر طابع البريد في مصر، على رمزية الموضوع وهامشيته، ومنها إلى الوطن العربي، في الستينات عن عروبة مصر، وفي السبعينات وحتى الآن عن « غربية » مصر، يقول البعض. وعلى رغم زيادة العمالة العربية إلى العراق ودول الخليج والأردن وليبيا، التي لا تقل عن الهجرة الشرعية أو غير الشرعية للغرب، إلا أن ذلك لم يقوِّ الترابط بين مصر والوطن العربي. فهي عمالة مهددة في أي وقت بالعودة إلى أوطانها. تخضع لطبيعة العلاقات بين مصر والبلدان المستقبلة. وعلى رغم أن تحويلات المصريين من الخارج تمثل مصدر الدخل القومي الأول للعملة الأجنبية مع قناة السويس إلا أن ذلك لم يجعل الرباط بين مصر والوطن العربي أكثر قوة وصلابة. ولا يخضع سعر طابع البريد، واستطراداً سبل الاتصال والتواصل، بين مصر والخارج لسعر التكلفة فقط، فتكلفة إرسال الخطاب من مصر إلى السودان أو الأردن أو ليبيا أو حتى إلى السعودية ودول الخليج أقل من تكلفته إلى أوروبا وأميركا. وكذلك الأمر في ساعات الطيران. وهل يخضع كل شيء للتجارة؟ وإذا كانت العلاقة بين مصر والعرب تجارة فلماذا لا يكون الأمر كذلك بين مصر وأوروبا أو بين مصر وأميركا؟ لا شك في أهمية الاتصالات. فمصدر الاتصال في روسيا الممتدة عبر آسيا هي الطاقة بالإضافة إلى السكة الحديد. والإمبراطورية العثمانية المترامية الأطراف من البلقان إلى أواسط آسيا كانت السكة الحديد هي عنصر الترابط بينها بقطار الشرق السريع، من الغرب إلى الشرق، ومن دمشق إلى الحجاز من الشمال إلى الجنوب ذهاباً وإياباً. وإن الذي ربط دول أوروبا المترامية الأطراف – وكذلك الولايات المتحدة الأميركية- هي شبكة الطرق السريعة، والاتصالات الميسورة، وخطوط الطيران المتكررة بين عواصمها ومدنها. وإذا كانت الخدمات تقدم للعربي السائح، الإسكان والترفيه، وإذا كنا نقبل من العرب الاستثمارات وإنشاء « المولات » الكبرى والمراكز التجارية، وشراء ما تبقى من شركات القطاع العام، وإذا كنا نقبل من العرب الاستثمارات للتعمير، والمعونات للتصنيع، وإذا كانت الدول العربية الغنية أوطاناً بديلة للعمالة العربية الفقيرة فلماذا يُعتبر الوطن العربي طبقاً لأسعار طابع البريد أجنبياً، سعره أربعة أضعاف سعر المحلي؟ لماذا يشعر المواطن في مصر بأنه عندما يراسل أخاه في الوطن العربي كأنه يراسل عالماً أجنبياً وليس امتداداً إقليمياً له؟ وفي الوقت نفسه، لماذا يشعر العربي وهو يشتري طابع البريد، بكل دلالته على الاتصال ورمزيته، إلى الدول الأجنبية أن سعره يكاد يقارب سعر الطابع للوطن العربي أو يزيد قليلا؟ هل المسافة بين العرب والغرب أقل من المسافة بين العرب والعرب؟ وفيم كانت المواجهة الطويلة ضد الغرب أثناء حركة التحرر الوطني واتهامه بالاستعمار والسيطرة والهيمنة والاستغلال؟ وفيم نتهمه بالعنصرية والمركزية الحضارية واحتقار شعوب وثقافات العالم الثالث؟ فيم كل هذه الأدبيات التي أفنت أجيال عمرها في صياغتها بمقولاتها المختلفة، الاستعمار القديم، الاستعمار الجديد، الاستعمار الثقافي، الهيمنة، العولمة؟ وترن في أذن العربي أغنية شائعة تصف العلاقة بين العرب والغرب « القريب منك بعيد، والبعيد عنك قريب ». إن قضايا الأمة العربية، والوحدة العربية، والوطن العربي خارج سياسات الحكومات وتقلبات نظم الحكم. هي من الثوابت التي لا تتغير تماماً لأنها من الثوابت العربية، مثل ما يقابلها من ثوابت الوحدة الأوروبية، إذ مهما توالت الأحزاب الحاكمة في فرنسا أو إيطاليا أو ألمانيا، اشتراكية أو ديمقراطية أو ليبرالية فثمة ثوابت لا يطالها التغير أو التبدل. وكذلك الوحدة الأميركية مهما توالى على حكمها الحزبان الكبيران، الجمهوريون أو الديمقراطيون. وهذا يضع سؤالا يطرحه الجميع: من هو الوطني، ومن هو الأجنبي؟ لقد أصبح الوطني، بهذا المعنى، أجنبياً في وطنه، والأجنبي وطنياً في غير وطنه، كما قال أحمد شوقي من قبل: أحرامٌ على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس؟ عن التجديد العربي الرابط http://www.arabrenewal.org/articles/31393/1/Yi-NaOiE-CaEaeCOa-CaUNEi/OYIE1.html


13قتيلا واكثر من 30 جريحا في اطلاق نارفي اكبر قاعدة عسكرية امريكية في العالم

 


فورت هود (الولايات المتحدة الأمريكية) ـ اف ب: فتح ضابط امريكي من اصل فلسطيني كان سيرسل الى العراق، النار الخميس في اكبر قاعدة عسكرية امريكية في العالم، مما ادى الى مقتل 13 جنديا وجرح 30 آخرين، قبل اطلاق النار عليه واصابته بجروح خطيرة. ويرقد الميجور نضال مالك حسن في العناية المركزة في قاعدة فورت هود بعد اطلاق النار عليه في الوقت الذي يسعى محققو الجيش الجمعة لمعرفة الاسباب التي دفعته الى اطلاق النار على زملائه. وقالت عائلة حسن انه تعرض لمضايقات في عمله لانه مسلم، كما كان خائفا من احتمال ارساله للخدمة في العراق. وتوقف العمل في قاعدة فورت هود، اكبر قاعدة عسكرية في العالم، ومن المقرر ان تجري في القاعدة اليوم مراسم حداد على القتلى. واطلق حسن (39 عاما) النار من مسدسين لم يحصل عليهما من الجيش، في مركز طبي لمعالجة الجنود الذين يتم ارسالهم من القاعدة الى العراق وافغانستان، حسب مسؤولين. وقال قائد القاعدة الجنرال بوب كون ان احد المسدسات كان شبه رشاش ‘وهو ما يفسر كثافة النار التي اطلقها’. واكد كون ان حسن نفذ الهجوم وحده. وفتح الكومندان مالك حسن النار في الساعة 13.30 بالتوقيت المحلي (19.30 تغ) في المركز الطبي، وتوجه بعد ذلك الى قاعة تجري فيها مراسم توزيع شهادات يحضرها حوالى 600 شخص. وكان اول من تصدى لحسن ضابطة اصيبت برصاصة، ولكنها بقيت على قيد الحياة وتمكنت من اصابته. واضاف كون ان حسن ‘لا يتحدث حاليا الى المحققين’. وقال ‘برغم هول ما حدث، الا انه كان من الممكن ان يكون الوضع اسوأ’، مشيدا برد الفعل السريع على اطلاق النار. ومعظم الضحايا من العسكريين ونقل العديد منهم الى مستشفى محلي اطلق بعد ذلك نداء عاجلا للتبرع بالدم مع تدفق الجرحى على غرفة الطوارئ. وسادت مشاعر الصدمة القاعدة العسكرية عقب الحادث. وقالت ماري كيلر الرئيسة والمديرة التنفيذية للمركز العسكري لتعليم الاطفال الذي يساعد الشبان على التأقلم مع الحياة في الجيش ‘لا استطيع تصور ان احدا توقع ما حدث’. واغلقت القاعدة الواقعة وسط تكساس عدة ساعات في الوقت الذي سعى المحققون لمعرفة دوافع الهجوم. وبعد مقابلة ما يزيد عن مئة شخص في الموقع، يبدو ان السلطات استبعدت امكانية وجود شخص ثان اطلق النار. وحسن هو طبيب نفسي عسكري كان يهتم بالجنود العائدين من مهمات في افغانستان والعراق. وقال ابن عمه نادر حسن انه ‘كان مرعوبا من فكرة ارساله’ الى العراق، وانه كان يتعرض للمضايقة من قبل الجنود الاخرين خاصة بعد هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001. وصرح لصحيفة ‘نيويورك تايمز’ ان حسن ‘اراد ان يفعل كل ما يمكنه بما تتيحه الانظمة لضمان عدم ارساله’ الى العراق. واشار الى انه ‘عين محاميا عسكريا لمحاولة ايجاد حل للمشكلة. وكان مستعدا لان يدفع تعويضا للدولة حتى يتمكن من الاستقالة من الجيش لكنه استنفد كل الامكانيات وابلغ لتوه بانه سيرسل الى ارض المعركة’. ونضال مالك حسن مولود في الولايات المتحدة لابوين فلسطينيين جاءا من مدينة صغيرة قرب القدس، حسبما ذكر قريبه. وقد عاش في فرجينيا (شرق الولايات المتحدة) ودرس في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا التي شهدت في 2007 حادث اطلاق نار كان الاسوأ في تاريخ الولايات المتحدة واسفر عن سقوط 32 قتيلا. وقالت نوال حسن، عمة نضال حسن، لصحيفة ‘واشنطن بوست’ ان نضال الذي وصفته بانه مسلم ملتزم يتعرض للمضايقات بسبب ديانته منذ هجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001 وسعى مرارا الى الاستقالة من الجيش. وعرضت شبكة ‘سي ان’ الاخبارية فيديو مراقبة يظهر فيه حسن يرتدي ‘دشداشة’ في متجر صغير في القاعدة ويشتري القهوة ورقائق البطاطس قبل ساعات من اطلاق النار. ودانت منظمة مجلس العلاقات الامريكية الاسلامية (كير) بشدة حادث اطلاق النار. وقالت في بيان انه ‘هذا العنف المجاني والاعمى لا تبرره اي عقيدة سياسية او دينية’. من جانبه عبر ابراهيم هوبر احد اعضاء المنظمة عن تخوفه من ان تنقلب المأساة ضد المسلمين. وفي كلمة بثها التلفزيون مباشرة، دان الرئيس الامريكي باراك اوباما ‘الهجوم العنيف المروع’ وتعهد بكشف ملابسات الاحداث التي لا تزال غامضة. وقال اوباما ان ‘افكارنا وصلواتنا تتجه الى الجرحى وعائلات الذين قتلوا’. وقال ‘ان فقداننا الجنود الامريكيين الشجعان في ميدان المعركة في الخارج صعب للغاية.. ومن المروع ان يتعرضوا لاطلاق النار في قاعدة عسكرية على الاراضي الامريكية’. ووقف مجلس والشيوخ دقيقة صمت. وامر حاكم تكساس ريك بيري بتنكيس الاعلام حتى الاحد. ويعد هذا الحادث ضربة جديدة للجيش الامريكي الذي يتعرض حاليا الى ضغوط شديدة بسبب سنوات الحرب في العراق وافغانستان والذي يعاني من ارتفاع نسبة الانتحار والاكتئاب. وتتحمل قاعدة فورت هود التي تضم الاف الجنود والمدنيين، اعباء كبرى. وقد تسببت ضغوط نشر الجنود من هذه القاعدة مرات عديدة الى مناطق الحرب في افغانستان والعراق بأكبر عدد من حالات الانتحار في القواعد الامريكية حيث بلغ 75 حالة منذ عام 2003. وينتشر نحو 15 الفا من فرقة الفرسان الاولى التابعة لهذه القاعدة حاليا في العراق. ومنيت هذه القاعدة بأكبر عدد من القتلى مقارنة مع القواعد العسكرية الامريكية الاخرى. وقال مصدر رسمي أردني الجمعة إنه لا توجد قيود في السجلات الأردنية تفيد بأن منفذ اعتداء القاعدة العسكرية الامريكية ‘فورت هود’ في تكساس أردني الجنسية. وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه لـ’يونايتد برس انترناشونال’، ‘إن نضال مالك حسن مواطن امريكي ولد ونشأ في الولايات المتحدة، ودخل جيشها، وتدرج في الرتب العسكرية إلى ان وصل إلى رتبة رائد وهو ليس أردنيا’. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  08 نوفمبر 2009)

 

Home – Accueil الرئيسية

 

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.