السبت، 4 سبتمبر 2010

TUNISNEWS

10ème année, N°3756 du04. 09 .2010  

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادق شورو

وللصحفي الفاهم بوكدوس

ولضحايا قانون الإرهاب


كلمة:أهالي بنقردان يطالبون بالتنمية العادلة ويدينون الانتهاكات الأمنية

كلمة:إيقاف 3 تونسيين بالجزائر بتهمة الإرهاب

كلمة:احتجاجات أمام ولاية صفاقس

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع القيروان:إعــــلام

مراسلة خاصة:عم صالح وضع حدا لحياة معدمة

المجلس الجهوي القطاعي للتعليم الثانوي ببنزرت:بـيـــــــــــــــــان

زياد الهاني:إعلان أديس أبابا حول جماية الصحفيين الأفارقة ومشروع قرار للقمة القادمة للاتحاد الإفريقي

أ ف ب:فرنسي من اصل تونسي من حركة النهضة الاسلامية يعود الى تونس

الصباح:إلغاء « الباك سبور »عطلة بعشرة أيام بعد كل 40 يوم دراسة إلغاء نظام الأسبوع المغلق في الإعداديات

 بسام بونني:حديث الجمعة على صفحات الموقف التونسية

عبدالسلام الككلي:حفل تونسي في إسرائيل:غباء مغنّ أم تطبيع نظام؟

الوطن:بحري العرفاوي:في الواقعيّة السياسيّة

الوطن:الأستاذ الهادي المثلوثي:حديث في السياسة الحكم المستدام والسياسات الهدّامة

الوطن:نورالدين المباركي:شركات عمومية مهدّدة بالإفلاس..وأخرى  ترفع الأسعار لتجاوز عجزها..من المسؤول ؟

أنس الشابي:بالمناسبة: رأينا في تجسيد الأنبيـاء

أبوجعفرالعويني:التصفيڤ ما فيشي تقدّم ناسي

عبدالحميد العداسي:من المسجد إلى المتصفّح (2)

د. عادل بن يوسف:المناضل حافظ ابراهيم: رحيل جندي شمال إفريقيا المجهول

د.أحمد القديدي:شبح الرّعب النووي أمام الغرب و « إسرائيل » (2)

عبد الباري عطوان:ماذا لو نجحت المفاوضات؟

عريب الرنتاوي:المفاوضات المباشرة: «من أول جولاته كسر عصاته»


Pourafficherlescaractèresarabes suivreladémarchesuivan : Affichage / Codage / ArabeWindows)Toread arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

جويلية 2010

https://www.tunisnews.net/22Out10a.htm


أهالي بنقردان يطالبون بالتنمية العادلة ويدينون الانتهاكات الأمنية


حرر من قبل معز الباي في الجمعة, 03. سبتمبر 2010 أصدر نشطاء بمدينة بنقردان عريضة يوم أمس 3 سبتمبر 2010 للمطالبة بحق المدينة في التنمية وتسليط الضوء على معاناتها.

وانطلقت العريضة من تشخيص الأحداث الأخيرة وما عرفته المدينة من توتّر واضطراب غير مسبوق بسبب غلق المعبر الحدودي « راس جدير » الذي أدّى إلى انفجار احتجاجات لدى أهالي المنطقة الذين لا يملكون مورد رزق غير التجارة الموازية بين تونس وليبيا. 

واعتبرت العريضة أن تهميش مدينة بنقردان في برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية وتدنّي نصيبها من فرص التشغيل ولّدا حالة من البطالة وصفتها بالمقنّعة. 

وأدان الممضون على العريضة – التي عنونت بالعريضة الأهلية للنهوض والإنصاف في بنقردان – عسكرة المدينة والمعالجة الأمنية لمطالبهم المشروعة، مسلّطين الضوء على ما وصفوه باستباحة قوّات الأمن للحرمات والأعراض والبيوت واعتدائها على الأشخاص بالعنف والاعتقال والترويع وعلى الممتلكات والمحلاّت التجارية والمؤسسات التربوية كما ندّدوا بصمت الإعلام الرسمي عن الأحداث التي عرفتها مدينتهم. 

وعبّروا عن استنكارهم لما وصفوه بالتعاطي السطحي للجهات المسؤولة مع الأزمة. 

مطالبين بحقّهم في العيش الكريم والسلم الأهلي بعيدا عن التهميش والتواكل ، وحقّهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كباقي المدن.  مع التأكيد على ضرورة معالجة الوضع معالجة حقيقيّة وعميقة تراعي خصوصيّات الجهة الطبيعيّة والبشريّة والاقتصاديّة، وذلك بتطوير قطاع الفلاحة والصيد البحريّ وبعث مشاريع تنمويّة ومناطق صناعيّة وسياحية تستوعب الشباب العاطل. 

 منادين في نفس الوقت بتطبيق سياسة المعاملة بالمثل بين تونس وليبيا في تنظيم العبور بين الطرفين الشقيقين.

(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)بتاريخ 03 سبتمبر 2010)


إيقاف 3 تونسيين بالجزائر بتهمة الإرهاب


حرر من قبل التحرير في الجمعة, 03. سبتمبر 2010 أوقفت السلطات الأمنية الجزائرية سبعة أشخاص من بينهم 3 حاملين للجنسية التونسية وأربع جزائريين بتهمة الإرهاب، حيث اشتبهت بكونهم شاركوا في الاعتداء الذي تمّ في المنصورة بولاية برج بوعراريج والذي خلّف سقوط 18 من عناصر الأمن و3 من المدنيين ونقلت « لوتون » الجزائرية في عددها الصادر بتاريخ غرة سبتمبر عن مصادر أمنية أن تحقيقا شرعت فيه السلط الأمنية مع التونسيين الثلاثة الذين وقع إيقافهم ببرج بوعراريج منذ حوالي الأسبوع، مشيرة إلى أن أحدهم كان على اتصال دائم مع تنظيم إرهابي وأن الثلاثة كانوا على علاقة بتنظيم القاعدة حسب المعطيات الأولية للتحقيق، و لم توفر الصحيفة أية معلومات من مصدر حقوقي لتأكيد ما أورده المصدر الأمني.  وتقدّر السلطات الجزائرية عدد التونسيين الذين دخلوا الحدود الجزائرية للالتحاق بتنظيم القاعدة هذه السنة بين العشرين والثلاثين شخصا وقع إيقاف بعضهم وبقي البعض الآخر في حالة فرار أو تفتيش. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)بتاريخ 03 سبتمبر 2010)

 


احتجاجات أمام ولاية صفاقس


حرر من قبل التحرير في الجمعة, 03. سبتمبر 2010 تجمع عشرات المواطنين من معتمديات الحنشة و جبنيانة و العامرة أمام ولاية صفاقس يوم الجمعة للاحتجاج على تهديدات البنك التونسي للتضامن بعقلة أملاكهم . و كان البنك المذكور قد قدم عن طريق أحد المزودين أبقارا في شكل قروض لعدد من المنتفعين و قد ثبت عن طريق بياطرة المصلحة الطبية بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بصفاقس أن الأبقار مصابة بمرض لا يمكن علاجه مما سبب تدهورا سريعا في حالتها الصحية وهو ما أجبر المنتفعين على بيعها بأسعار زهيدة لم تمكن من إيفاء سوى جزء بسيط من ديون البنك الذي رفض تحمل مسؤولية الخسارة كما أن شركة التأمين رفضت التعويض لأنها قطعت علاقتها بالبنك التونسي للتضامن نهائيا و هو ما زاد في تأزم الوضع المادي للمنتفعين أمام تهديد االبنك بعقلة ممتلكاتهم إن لم يسترجع أمواله.

 

(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)بتاريخ 03 سبتمبر 2010)


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع القيروان 4 سبتمبر 2010 إعــــــــــــــــــــــــــــــــــلام


علمنا أن احد الخواص يعتزم بناء وحدة لمعالجة النفايات الطبية بالمنطقة الصناعية (2) بالقيروان، وان هذه النفايات تشمل مخلفات مستشفيات ولايات الوسط ( المهدية ، سوسة، المنستير والقيروان) .  كما علمنا أن لجنة رخص البناء التابعة لبلدية القيروان المجتمعة بتاريخ 01 سبتمبر 2010 قد رفضت الطلب. إننا ونعبر عن ارتياحنا لهذا الرفض من قبل اللجنة المذكورة ، إلا إننا نخشى من إمكانية تمريره في مرات قادمة،  لذلك ندعو مسؤولي الجهة والمواطنين   لمزيد اليقظة تجاه  مثل هذه المشاريع لما تحمله من مخاطر على البيئة والمحيط والمتساكنين بالجهة، خاصة وان النفايات الطبية تحوي أحيانا  مواد صعبة التحلل مثل بعض المواد البلاستكية والكيمائية التي تضر بالتربة والمائدة المائية والهواء.  عن هيئة الفرع مسعود الرمضاني

 


عم صالح وضع حدا لحياة معدمة


اليوم 01 / 9 / 2010 شيّع أهالي منطقة العلالشة من ولاية المنستير المرحوم صالح قويدر إلى مرقده الأخير بعد رحلة بحث عنه دامت قرابة الأسبوع ليجدوا جثته ملقاة في بئر قرب سبخة سيدي الهاني .

من هو عم صالح ؟

عم صالح كما ينادونه  يبلغ من العمر 41 سنة من أصحاب الشهائد المعطلين . تحصل على الأستاذية سنة 98 . من عائلة ريفية فقيرة ، لم يحض بفرصة عمل ، تقدم لمناظرة الكاباس السنوات الأولى إثر تخرجة فلم يحالفه الحظ فيها جميعا أو هكذا قالوا …  كما لم تقبل المصانع القريبة من الجهة توظيفه أو تشغيله و لو مجرد عامل تنظيف، فأصيب بالإحباط الذي تحول مع الأيام و السنين إلى مرض نفسي كان عقبة جديدة أمام إمكانية تشغيله، علاوة على تعميق عجزه فأنّى له معالجته و هو الفقير المعدم ؟؟

ثم صار يهيم على وجهه ماشيا مسافات طويلة ( 40 كم )، حتى بات مصدر تندر الناس و مبعث سخريتهم. إلا أنه لم يلق الرحمة من أحد لا من أصدقائه و زملائه القدامى الذين أبوا أن يشغلوه و قد صاروا مسؤولين في مؤسسات بالجهة ، و لا من أقاربه الذين عجزوا عن سد حاجاته الدنيا و تأمين مصاريف علاجه . و طوال 12 سنة من البطالة كان حظه من العمل 3 أيام من شهر رمضان الحالي في الحضيرة ( الشانطي ) . و لما نصحه الطبيب بضرورة الإفطار لتناول الدواء شعر بالخجل من مرافقيه كبار السن بالشانطي ، فتوقف عن العمل و من ثم صار يهيم ليلا في البراري إلى أن حانت ساعة الصفر .

هل انتحر عم صالح ؟

ظل أهله يبحثون عنه قرابة الأسبوع ثم تتبعوا أثر قدميه إلى أن وصلوا إلى بئر على حافة السبخة أين وجدوا جثته تطفو… قد يكون سقط فيها دون وعي منه و هو المريض نفسيا، و قد يكون انتحر. و سواء سقط أو انتحر فما كان له أن يعيش…  لقد عاش حياة مرة تعيسة لم يحلم فيها بزوجة و لا بأسرة و أبناء و لا بسيارة أو حتى دراجة عادية، و لا أن يصير شاعرا أو أديبا… لقد كانت تلك الأحلام تراوده في الصغر، لما كان يدرس في شعبة قصيرة ( مهني)، و حين لمس فيه أستاذ العربية النبوغ و التفوق في المادة أصرّ أن يتحول في سابقة نادرة الحدوث إلى شعبة الآداب ( طويل ). و ليته ما فعل … حينها كان يحلم بأن يصير أستاذا و قد صار ، لكن لم يخطر بباله أن طبائع الناس فسدت و سيوافقها زمن من البطالة ، ذلك الخنجر في رقاب الفقراء المسحوقين .

حلمه من 12 سنة أن يحصل على عمل ، أي عمل يؤمن له مصروف الدواء و قهوة و سيجارة رخيصة لا أكثر . هذا المطلب بات عزيزا … عزيزا ، فكيف له أن يعيش ؟؟

لقد لبث فينا طوال هذه السنوات حجة علينا و لم ننتبه. رحل و ترك فينا لعنة تصفع وجوهنا البائسة و وجه مجتمع يدوس أبناءه و يسحقهم. عم صالح مات جائعا مشردا منبوذا فما كان له من حق في هذا… الوطن… إلا اسمه على بطاقة التعريف ، فلم يعيش ؟؟؟

رحمك الله عم صالح رحمة واسعة و عوضك عما حرمت بأفضل منه . و لتنعم روحك الطاهرة بزخرف الخلد و الراحة الأبدية ، أنت الشامخ الذي لم تمد يدا و لم تتذلل و لم تخرج من شدة الجوع و الشقاء شاهرا سيفك في وجوهنا نحن من أعمت قلوبنا التخمة و الموائد و التصنيفات في شهر الرحمة و التكافل و الإحسان .

مراسلة خاصة


بـيـــــــــــــــــان المجلس الجهوي القطاعي للتعليم الثانوي ببنزرت


نحن أعضاء المجلس الجهوي القطاعي للتعليم الثانوي ببنزرت المجتمعون اليوم الخميس 1 سبتمبر 2010 بمقر الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت برئاسة الأخ الكاتب العام المساعد المكلف بالوظيفة العمومية الاخ محمد الأمين التوانسي  و حضور عضو النقابة العامة للتعليم الثانوي الأخت نعيمة الهمامي: 1.      نسجل باستياء استمرار سلطة الإشراف في انتهاج سياسة المماطلة و التسويف و الاستهتار بمطالب القاعدة الأستاذية و ضربها مبدأ المفاوضات الجماعية . 2.      نرفض جلسات الاستماع لعرض مطالب القطاع  و نطالب بالتفاوض مع وفد وزاري له صلاحيات البت و توقيع محاضر الجلسات و نتمسك بتفاوض جدي و مسؤول ينتهي بتلبية مطالب الأساتذة المشروعة. 3.      نتمسك  بمطالبنا  الواردة باللائحة المهنية المنبثقة عن مؤتمر11_12 جانفي 2010 . ·         مضاعفة منحة الامتحانات الوطنية مراقبة و إصلاحا وسحب المراقبة على كل المدرسين. ·         الزيادة في منحة العودة المدرسية ( راتب شهر ) ·         تطوير الارتقاءات المهنية بإحداث  ترقية ثالثة و ترفيع نسبة الارتقاء و الزيادة في القيمة المالية للترقية . ·         إحداث منحة  مشقة المهنة و الإرهاق المدرسي  ونوصي بتحديد قيمتها . ·         تعميم المنح الجامعية على كافة أبناء المدرسين, ·         رفع المظلمة على المعلمين الأول للتربية البدنية و نقترح إمضاء اتفاقية جديدة منصفة ذات مفعول رجعي . 4.      نتمسك بالتقاعد في سن 55 عاما و نطالب السلطة بالوقوف على الأسباب الحقيقية وراء إفلاس الصناديق ومعالجتها. 5.      نطالب بتطوير حركة نقل المدرسين و الوقوف على أسباب ضعف نتائجها (الاكتظاظ، الساعات الاضافية،غلق باب الانتدابات…) 6.      نوصي بإنجاز إضراب بيوم (موفى شهر أكتوبر2010) ورسم خطة نضالية تصاعدية  (عرائض وقفات احتجاجية تجمعات و اعتصامات ). 7.      نطالب بالتنسيق مع قطاع التعليم الأساسي في انجاز التحركات النضالية لتحقيق  المطالب المشتركة ( المنح ، التقاعد  و المعلمون الأول للرياضة و التربية البدنية ).       عن المجلس الجهوي القطاعي الكاتب العام المساعد المكلف بالوظيفة العمومية محمد الأمين التوانسي


إعلان أديس أبابا حول جماية الصحفيين الأفارقة ومشروع قرار للقمة القادمة للاتحاد الإفريقي


الزميلات والزملاء الأفاضل شاركت يومي الخميس والجمعة 2و3 سبتمبر الجاري في اجتماع بأديس أبابا تم خلاله بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي إعداد مشروع قرار حول جماية الصحفيين الأفارقة، سيتم عرضه على القادة الأفارقة للمصادقة عليه خلال قمتهم المقبلة في جانفي 2011.

كما أصدر المشاركون في ورشة العمل التي نظمها الاتحاد الإفريقي للصحفيين من جهتهم إعلانا حول ضرورة جماية الصحفيين الأفارقة الذين يتعرضون أثناء ممارستهم لعملهم وبمناسبتها لشتى الضغوطات والتضييقات والتهديدات، وصولا للسجن وحتى القتل في حالات عديدة.

وقد لقينا تعاونا كبيرا من رئيس الاتحاد الإفريقي السيد جون بينغ الذي وفر كل ظروف النجاح لورشة أديس أبابا.

أرفق لكم نص الإعلان الصادر عن اجتماع أديس أبابا وكذلك مشروع القرار الذي سيتم عرضه على مصادقة القادة الأفارقة. مع فائق الود والتقدير زياد الهاني عضو الهيئة المديرة للاتحاد الإفريقي للصحفيين

 

 الإعلان الصادر عن اجتماع أديس أبابا (باللغة الإنقليزية)

 

Addis Ababa Declaration: Safety and Protection of African Journalists

 

WE, the participants of the Regional Workshop on Safety and Protection of African Journalists meeting in Addis Ababa, Ethiopia, on 2-3 September 2010 at the African Union Conference Centre in partnership with the African Union Commission (AUC) and the Federation of African Journalists (FAJ); WELCOMING the declaration of the Heads of State and Government of the member States of African Union making 2010 the year for Peace and Security – a timely and much needed declaration for the citizens of Africa, including journalists and all other media workers; APPLAUDING the African Union Commission’s (AUC) increased and proactive engagement, support for – and partnership with- journalists and the media community in Africa in their efforts to develop and promote professional, independent and quality journalism and media that operate in safe and secure environment; MINDFUL of the principles enshrined in the Charter of the Organization of African Unity, in particular that « freedom, equality, justice and dignity are essential objectives for the achievement of the legitimate aspirations of the African peoples »; REAFFIRMING the pledge solemnly made in Article 2 of the said Charter to eradicate all forms of colonialism from Africa, to coordinate and intensify cooperation and efforts to achieve a better life for the peoples of Africa and to promote international cooperation having due regard to the Charter of the United Nations and the Universal Declaration of Human Rights; COMMENDING the member States of the African Union for showing strong leadership by putting in place the African Commission on Human and Peoples’ Rights and the African Court on Human and Peoples’ Rights; RECALLING Article 6 of the African (Banjul) Charter on Human and Peoples’ Rights which affirms that “Every individual shall have the right to liberty and to the security of his person. No one may be deprived of his freedom except for reasons and conditions previously laid down by law. In particular, no one may be arbitrarily arrested or detained”; FURTHER RECALLING Article 23 of the African (Banjul) Charter on Human and Peoples’ Rights which states that all peoples shall have the right to national and international peace and security; TAKING NOTE of Article 19 of the Universal Declaration of Human Rights that guarantees freedom of expression as a fundamental right, and confirming that freedom of expression is essential to the realisation of other rights set forth in international human rights instruments; TAKING NOTE of Article 9 of the African (Banjul) Charter on Human and Peoples’ Rights which guarantees the right of every individual to “receive information” and to “express and disseminate his/her opinions within the law”;   TAKING NOTE of the African Declaration of Freedom of Expression adopted in 2002;   WELCOMING the adoption by the Security Council of the United Nations of Resolution 1738 on 23 December 2006 calling on all parties to an armed conflict to fulfil their obligations towards journalists under international law, including the need to prevent impunity for crimes against them and further requesting the UN Secretary-General to include as a sub-item in his subsequent reports on the protection of civilians in armed conflict the issue of the safety and security of journalists, media professionals and associated personnel; UNDERSCORING Resolution 29 entitled “Condemnation of violence against journalists”, adopted by the General Conference of UNESCO on 12 November 1997, which condemns violence against journalists and calls on Member States to uphold their obligations to prevent, investigate and punish crimes against journalists;   UNDERSCORING the Resolution of the 2nd Continental Congress of the Federation of African Journalists (FAJ) in Harare, Zimbabwe, in March 2010 on “Safety of African Journalists and the Culture of Impunity” and the Resolution of the World Congress of the International Federation of Journalists (IFJ) in Cadiz, Spain, in May 2010 on Safety of Journalists; DEEPLY CONCERNED about the increasingly dangerous and hostile environment that journalists face in Africa, often resulting in the killing of journalists and associated media personnel; STRONGLY DISTURBED by the lack of respect by all parties in armed conflict and the arbitrary arrest as well as incommunicado detention of journalists for simply carrying out their journalistic work; EXPRESSING ITS DEEP CONCERN at the continued culture of impunity which undermines fundamental freedoms of African peoples, resulting in the vast majority  of crimes committed against journalists and other media professionals in Africa remaining uninvestigated and unpunished; STRESSING the need to build a culture of safety for African journalists as messengers and communicators of African peoples and to establish the respect for freedom of expression and press freedom as fundamental human rights; REAFFIRMING that censorship, violence, intimidation ,harassment, pressure and threats to journalists are major obstacles to freedom of expression and a free press; and that safety of journalists is closely tied to press freedom, free flow of information and freedom of expression, which are the basis of a healthy democracy, good governance, peace and stability; RECOGNISING that guaranteeing the safety of journalists requires cooperative action and assistance on the part of journalists, media owners, governments, media development organisations, civil society ,inter-governmental organisations and the wider international community; FIRMLY CONVINCED that the urgency of securing the safety of journalists and combating impunity for crimes committed against them is essential to strengthen the fundamental right of freedom of expression;   CALL ON: Members States of the African Union (AU) to: 1.      Condemn in the strongest terms the attacks against journalists and the suppression of the right to freedom of expression and press freedom in line with the African Charter of Human and People Rights and the Universal Declaration of Human Rights. 2.      Investigate actions of violent behaviour against journalists and associated media personnel and to bring to justice the perpetrators of these criminal acts. 3.  Remove status limitation from criminal legislations in relations to crimes committed against journalists and associated media personnel as a direct consequence of their work.    4.  Release all journalists in detention because of their work and decriminalise  press offences.   5.      Provide practical and prompt protection for journalists and other media personnel whose safety and security are endangered for carrying out their media work. 6.      Ensure that their military and security forces recognise, respect and promote the safety of journalists, and guarantee that journalists are able to work in full security and independence on their territory. 7.      Adhere to the commitments of UNESCO Resolution 29 to promote legislation with the intention of investigating and prosecuting the killers of journalists and to combat impunity. 8.      Adopt the African Union resolution on Safety and Protection of African Journalists in the upcoming summit as a continental policy framework and to show African ownership and leadership on the safety of journalists. Journalists’ Trade Unions, Media Organisations and the International Community to: 1. Develop safety of journalists programmes throughout the continent in partnership with the Federation of African Journalists, the International Federation of Journalists, the African Union Commission, and news media organisations as well as human rights organisations and Trade Union movement with the aim to nurture a culture of safety for journalists in Africa, including regular reviews of journalists’ safety issues.   2. Carry out strong and well-targeted action to ensure the safety of journalists and associated media personnel working in hostile environment and to guarantee respect for their professional freedom. 3. Promote awareness of the safety of journalists among the media community by providing safety training for journalists, raising the awareness of media owners/managers about the risks journalists face while working in danger zones and developing safety guidelines based on African realities, culture and values. 4. Support, organise and coordinate extensive campaigns on unpunished crimes against journalists and other acts of violence to generate news coverage of all violations of press freedom and rights of journalists.   5. Promote better working and living conditions for journalists and other media personnel in order not to risk their lives in dangerous assignments and to raise awareness of managers/owners on journalists’ right to freedom of conscience.   6. Support the efforts of the African Union Commission and the Federation of African Journalists in media development in Africa and the promotion of a favourable safe environment for journalists and associated media personnel.    The African Union Commission (AUC) to: 1. Pay particular attention to the Safety of African Journalists and Respect for Freedom of Expression and press freedom;   2. Impress upon African governments that the safety of journalists and associated personnel and their protection  in situations of armed conflict are of paramount importance to assuring freedom of the press, freedom of expression and democratic governance; 3. Strongly advocate for the respect for journalists’ rights, particularly their independence and safety, in its programmes aimed at improving the social, economic and political life of societies in the process of development and political post conflict transition; 4. Support the Federation of African Journalists in its advocacy initiative for the decrimilisation of press offences>   5. Promote a dialogue between peacekeeping African Union Troops in different parts of the continent and journalists’ representatives over the issue of protection of journalists in danger zones.   6. Monitor closely the security situation of Somali journalists and call for urgent and global action to condemn violence and provide practical assistance to victims of aggression.

 

 مشروع القرارالذي سيتم عرضه على مصادقة القادة الأفارقة

 

 

 Draft AU Resolution on Safety and Protection of Journalists

 

RECALLING  the Tripoli Declaration adopted by the Assembly of Union on 31 August 2009 in Tripoli in the Great Socialist People’s Libyan Arab Jamahiriya which proclaimed that the African Heads of State and Government are “determined to deal once and for all with the scourge of conflicts and violence on our continent, acknowledging our shortcomings and errors, committing our resources and our best people, and missing no opportunity to push forward the agenda of conflict prevention, peacemaking, peacekeeping and post-conflict reconstruction”;     REALISING that  the work of journalists and associated media personnel is essential if the scourge of conflicts and violence is to be fully exposed and understood, and if we as leaders are to meet our objective as set out in the Tripoli Declaration “not to bequeath the burden of conflicts to the next generation of Africans”.   COGNISANT of the problems encountered by journalists in dangerous assignments, t and also recognizing the important role of journalists and the media generally as essential to democracy, development combating   corruption, and the protection of human rights and upholding the rule of law; also recognizing the work of journalists and a free press as an essential pre-condition of the right to freedom of expression;     RECALLING  the provisions of Article 19 of the African Charter on Human and Peoples’ Rights on the duty to promote and protect human and people’ rights in particular the right to receive information, to express and disseminate  opinions within the law;   REAFFIRMING its commitment to the objectives and principles enshrined in the Constitutive Act of the African Union and the Resolution on the adoption of the Declaration of principles of freedom of Expression adopted in October 2002 in Banjul, The Gambia;     FURTHER  RECALLING  the Universal Declaration of Human Rights, in particular article 19, which  provides that everyone has the right to freedom of opinion and expression;  which includes freedom to hold opinions without interference and to seek, receive and impart information and ideas through any media, regardless of frontiers;   RECALLING ALSO   the International Covenant on Civil and Political Rights, which reinforces the right to freedom of expression, including the freedom to seek, receive and impart information and ideas of all kinds, regardless of frontiers,  subject to restrictions only as are provided by law and are necessary to respect of the rights or reputations of others, or for the protection of national security or of public order  or of public health or morals”;     TAKING INTO ACCOUNT the United Nations Security Council Resolution 1738 (2006) and  the 1949 Geneva Convention Protocol I, on the protection of civilians in armed conflict, including journalists, media professionals and associated personnel. Recalling United Nations Security Council resolution 1738 (2006) demanding inter alia that all parties to an armed conflict comply fully with the obligations applicable to them under international law related to the protection of civilians in armed conflict, including journalists, media professionals and associated personnel, and urging states to do their utmost to prevent violations of international humanitarian law against civilians, including journalists, and to comply with the relevant obligations under international law to end impunity and to prosecute those responsible for serious violations of international humanitarian law;   Recalling UNESCO resolution 29 « Condemnation of Violence Against Journalists » adopted by the UNESCO General Conference on 12 November 1997 which called on States to remove any statute of limitations on crimes against persons when such crimes are « perpetrated to prevent the exercise of freedom of information and expression or when their purpose is the obstruction of justice » and which urged governments to « refine legislation to make it possible to prosecute and sentence those who instigate the assassination of persons exercising the right to freedom of expression »;     IN ACCORDANCE with Article 11 of the protocol of to the African Charter on Human Rights and Peoples on Rights of Women Rights in Africa, all parties to an armed conflict must respect and ensure respect for female journalists and associated media personnel covering such conflicts.   EXPRESSING  grave concern  on the escalation of acts of violence in many parts of Africa against journalists, media staff and associated personnel   in armed conflicts, While many of these incidents occur in war zones or other deadly locations, journalists are also vulnerable in civilian unrests and military coups, and while investigating other matters, such as corruption. Attempts are also made to use journalists as propaganda tools;       CONCERNED  that reports of death and abuse of journalists continues to grow, noting in particular that thirteen (13) journalists and media workers were killed in 2009, more than in previous years; while some have been arrested, injured, kidnapped or detained;    Renew our commitment to the rule of law and human rights, and to the full implications thereof;   Express the concern that the commission of systematic, flagrant and widespread violations of international law in situations of armed conflict constitutes a threat to peace and security;   Declare that the deliberate targeting of journalists, media personnel and associated personnel is a violation of international law, and a threat to the ambitions of the Tripoli Declaration, as well as the legacy of this generation of African leaders;   Condemn in the strongest terms all forms of violence, including murder, intimidation, abduction, hostage-taking, kidnapping, sexual violence and harassment to which journalists, media personnel and associated personnel are increasingly exposed;   Express  further concern about the illegal arrest and detention of journalists, media personnel and associated personnel, as well as attacks on media organisations and acts of destruction and looting of their property;   Exhort all parties involved in an armed conflict to comply fully with the rules and principles of international law related to the protection of journalists, media personnel and associated personnel;   Call upon all States to take effective measures for the better protection of journalists and to fully implement the Declaration of principles on Freedom of Expression in Africa and to cooperate and support the mandate of Special Rapporteur on Freedom of Expression and Information;   Remind everyone and everywhere that   journalists, media professionals and associated personnel engaged in professional missions in areas of armed conflict are to be considered as civilians,   journalists treated as civilians must be respected and protected as such, provided only that they take no action adversely affecting their status as civilians, and   media equipment and installations constitute civilian objects, and in this respect must not be the object of attack or of reprisals;   Urge everyone including the  public authorities to respect the professional independence and rights of journalists, media staff and associated personnel, to properly investigate all violations of their rights, and to promote their safety, security and freedom of movement in accordance with the law;   Reaffirm the resolve to bring to justice individuals who incite such violence, in accordance with applicable international and national law and to ensure that those who commit crimes against journalists, media staff and associated personnel are prosecuted within the law;   Demand that those who are prosecuted and convicted for crimes against journalists serve their sentences in accordance with the law.   Reiterate the commitment of the African Nations to respect their responsibilities in relation to journalists under international law and under the Africa Charter on Human and Peoples’ Rights, and of role of the media as an essential instrument of democracy and good government generally and in the special contexts of armed conflict and civilian unrest in particular;   Encourage actively all states which have not done so to sign and ratify the Additional Protocol I to the Geneva Conventions, and call upon States that have signed to further strengthen measures to safeguard journalists in areas of armed conflict.   Invite the Chairperson to support the ACHPR Special Rapporteur to investigate, document and produce report unsafely of journalists and media personnel and to propose ways to enhance the safety of such personnel.   Invite the Chairperson of the Africa Union Commission to bring to the attention of the Assembly of Heads of State and Government situations in which the exercise of journalists’ rights   is restricted, violated or denied, and to suggest efficient measures not only to stop such situations but also to prevent them by, inter alia; adopting actions to promote journalists’ rights and disseminate among all social and professional categories a culture of their respect in Africa;   Invite also the Chairperson of the Africa Union Commission to examine with the concerned stakeholders the issue of adopting a new protocol to the Africa Charter on Human and Peoples’ Rights which addresses the rights of journalists and associated media personnel.     Ends


فرنسي من اصل تونسي من حركة النهضة الاسلامية يعود الى تونس


(AFP) – منذ 6 ساعة/ساعات تونس (ا ف ب) – اعلن الفرنسي من اصل تونسي ريتورنادو لطفي تونسي السبت انه عاد « طوعا » الى تونس من الاردن لمواجهة حكم بالسجن 20 عاما صدر بحقه بتهمة الانتماء الى حركة النهضة الاسلامية المحظورة.

وقال تونسي المحكوم عليه غيابيا منذ العام 1995 بالسجن 20 عاما لوكالة فرانس برس « فضلت العودة طوعا الى تونس وتقديم نفسي الى القضاء ». وكان تونسي (45 عاما) توقف في عمان في طريقه من فرنسا لاداء العمرة في مكة، فاعتقلته السلطات الاردنية في السادس والعشرين من آب/اغسطس تنفيذا لمذكرة توقيف دولية صادرة بحقه بناء على طلب السلطات التونسية منذ العام 1992.

وبعدما التقى القنصل الفرنسي في عمان عبر تونسي عن رغبته في العودة طوعا الى تونس بدلا من الانتظار لاسابيع عدة في عمان في انتظار تنفيذ طلب تسليمه الى السلطات التونسية.

وقال تونسي « تلقيت معاملة جيدة من السلطات في مطار تونس قرطاجة وانا الان حر في بلادي بعدما امضيت 20 عاما في المنفى ». ويعيش لطفي تونسي في فرنسا منذ 18 عاما حيث اكتسب الجنسية الفرنسية.

ومنذ العام 1989 بات القانون التونسي يحظر انشاء احزاب سياسية على اساس ديني او عرقي، لذلك فان حركة النهضة الاسلامية محظورة.

(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 4 سبتمبر 2010)

 


الصباح تنشر أبرز مستجدات السنة الدراسية المقبلة      إلغاء « الباك سبور »     عطلة بعشرة أيام بعد كل 40 يوم دراسة     إلغاء نظام الأسبوع المغلق في الإعداديات


العطل المدرسية ستتغير.. وسيتم إلغاء اختبارات الرياضة في البكالوريا أي « الباك سبور » كما سيقع إلغاء الأسبوع المغلق في المدارس الإعدادية هذه أبرز مستجدات العودة المدرسية القادمة إلى جانب عديد النقاط الأخرى على غرار تغيير طريقة تحية العلم التي أوردت « الصباح » تفاصيلها في عدد أمس.

وتجري الاستعدادات حثيثة بوزارة التربية لتأمين العودة المدرسية يوم 13 سبتمبر الجاري لقرابة مليوني تلميذ وتلميذة ينتمون لمختلف المؤسسات التربوية الأساسية والإعدادية والثانوية. وفي انتظار هذا الموعد يمكن الإشارة إلى أنه قد تقرر إعادة تنظيم الزمن المدرسي بإتباع تقسيم جديد للعطل قصد التحكم في عدد أيامها وتوزيعها بكيفية تمكن التلاميذ من ربح أيام دراسة فعلية إضافية.

وللغرض سيتم اعتماد روزنامة جديدة.. تقوم على تمكين التلاميذ من عطلة بعد كل سبعة أسابيع دراسة أي حوالي 40 يوما.

وعوضا عن نظام العطل بأسبوعين في الشتاء والربيع وعطل نصف الثلاثي الأول ونصف الثلاثي الثاني التي تبين أنها تشتت جهود التلاميذ..ستحتوي روزنامة عطل السنة الدراسية القادمة على أربع عطل مدة كل منها عشرة أيام.

وستكون العطلة الأولى في شهر نوفمبر 2010 والعطلة الثانية في شهر ديسمبر 2010 والعطلة الثالثة في شهر فيفري 2011 والعطلة الرابعة في شهر أفريل 2011.

البكالوريا رياضة

إلى جانب مراجعة العطل المدرسية علمت الصباح أنه تقرر بداية من السنة الدراسية القادمة الغاء الاختبارات التطبيقية للرياضة في امتحان البكالوريا أي « الباك سبور ».. وقد يكون مرد اتخاذ هذا الإجراء المظاهر الاحتفالية المبالغ فيها المصاحبة لهذا الحدث التربوي.. إذ أصبحت أجواء الامتحان و »الدخلة » أشبه ما يكون بمقابلة « دربي » قد لا تخلو في بعض الأحيان من أخطار.

وللغرض سيتم في هذه المادة احتساب المعدل الذي يحرزه التلميذ خلال السنة الدراسية.

وعملا بمقترحات العديد من المربين والأولياء والمشرفين على القطاع التربوي تقرر بداية من السنة الدراسية القادمة إلغاء الأسبوع المغلق في المدارس الإعدادية. إذ تبين أن اختبارات التلاميذ في مستويات السابعة والثامنة والتاسعة أساسي لا تستحق تمكينهم من أسبوع مغلق. كما يحول ذلك في كثير من الأحيان دون تمكين المربين من أتمام البرامج الدراسية في الوقت المحدد بالأريحية المطلوبة.

تحية العلم

أمام الإجراء القاضي بتغيير طريقة تحية العلم في المؤسسات التربوية ينتظر أن يوشح علم البلاد كل الأقسام.. إضافة إلى تزيين جدرانها بمعلقات سيردد التلاميذ كلماتها كل يوم وكتب على الأولى النشيد الوطني الرسمي وعلى الثانية: « أحيي العلم المفدى ولاء لتونس ووفاء لشهدائها وإعلاء لقيم الجمهورية: نظام.. حرية.. عدالة ».

ومثلما أشارت إليه « الصباح » في عدد أمس سيعمل التلاميذ على تحية العلم داخل فصولهم أي كل فصل على حدة أمام علم مثبت هناك قرب معلقة فيها كلمات النشيد الرسمي بما يساعد التلاميذ على حفظه وأخرى فيها الكلمات التي سيرددونها قبل التحية بوضع اليد على الصدر وترديد « أحيي العلم المفدى ولاء لتونس ووفاء لشهدائها وإعلاء لقيم الجمهورية ».. وكانت تحية العلم تتم في ساحة المؤسسة التربوية بسماع النشيد الرسمي كما يحدث أن تتعطل آلة التسجيل..

بالإضافة إلى هذه المعطيات يمكن الإشارة إلى أن وزير التربية سيقدم تفاصيل ضافية حول القطاع التربوي وجديد السنة الدراسية القادمة خلال الحوار الذي سيقع بثه بمناسبة العودة المدرسية على قناة تونس 7 والإذاعة الوطنية.

إعداد: سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 4 سبتمبر 2010)


حديث الجمعة على صفحات الموقف التونسية


بقلم بسام بونني

 عزيزي القارئ لا أريد أن أعكّر صفوك بأخبار سيّئة ولا بتحليل من طينة ما أنزل الله به من سلطان. لذا  قررت بمناسبة العيد والعودة السعيدين أن أدعوك لمشاركتي الاعتزاز بإنجازات حقيقية لأعضاء الحكومة وكبار المسؤولين في الدولة، أنت الذي مللتَ، مثلي، الحديث المطنب عن الوهم وما يتبعه من برقيات تهنئة للسياسات الرشيدة والرؤى الثاقبة الفريدة، من قبيل الاختراق التونسي التاريخي في مدينة « ليون » المكسيكية – كلّ التونسيين المواضبين مثلي ولا فخر على متابعة أخبار تونس 7 يعلمون الآن أنّ في المكسيك مدينة إسمها « ليون » – على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للشباب والذي لم يُذكر إسم تونس خلال أعماله إلاّ لمناداة أفراد الدول المشاركة لا أكثر ولا أقلّ.  عزيزي القارئ، ستسمع لأوّل مرة بإنجازات رسمية حقيقية تُشرّف بلادنا حقا. أقول لأوّل مرة لأنّ في تونس، لا أحد يقدر على الآلة السحرية التي تُسمى التعتيم الإعلامي، بما في ذلك بعض صُنّاع القرار. أوّل الإنجازات هو الحلّ الظرفي للأزمة الحدودية التي جدّت في بن قردان، إذ لم يكن من الممكن غلق الملف ولو وقتيا دون تنقّل ثلاثة وزراء تونسيين إلى ليبيا، هم وزير الداخلية ووزير الخارجية ووزير التجارة. بعبارة أخرى، أرسلت الحكومة التونسية بوفد رفيع المستوى قلّ وندر أن تكون أفراده مجتمعة حول طاولة واحدة خارج أرض الوطن، إذا استثنينا ما يفرضه جدول أعمال الزيارات الرسمية التي يقوم بها رئيس الجمهورية للخارج أو الاتفاقيات الثنائية التي توقعها الحكومة في إطار اللجان المشتركة مع الدول الشقيقة والصديقة. القائمون على إعلامنا، بمهنيتهم المعهودة، رأوا أنّ خبر تحوّل ثلاثة وزراء إلى ليبيا ونجاحهم في مهمتهم لم يكن يستحقّ النشر، ولا حتى في صفحات الوفيات. في المقابل، لم يستكثروا علينا المشاركة في الأفراح والأتراح، فأفعمونا بخروج المواطنين في بن قردان للتعبير عن عرفانهم لرئيس الجمهورية. لكن، عرفان على ماذا ؟  أليست مهمة الوزراء الثلاثة بالحلقة الناقصة والأهمّ في مسلسل أُجبر الشارع التونسي على متابعته من خلال وسائل الإعلام الأجنبية ؟ ثاني الإنجازات ما حققه الديبلوماسي، غازي جمعة، قبل أشهر. سفير تونس لدى الأمم المتحدة في نيويورك لعب دورا هاما في تيسير النقاشات الحادة التي طغت على دراسة إمكانية إحداث هيئة دولية للمرأة. وبعد أشهر من العمل باسم تونس، التي اختيرت مقرّرا يمثل دول الجنوب، نجح جمعة، رفقة سفيرة إستونيا عن دول الشمال، في إقناع الجمعية العامة باستصدار قرار يقضي بتأسيس هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين النساء. بنفس المهنية، صام إعلامنا عن ذكر إنجاز يُحسب لتونس ولأحد أفضل ديبلوماسيينا.حتى كاتبة الدولة السابقة لشؤون المرأة، نبيهة قدانة، والتي ساهمت بقسط كبير في تحديث المنظومة القانونية التونسية في ما يخصّ شروط منح الجنسية وقضايا العنف الأسري والاغتصاب، لم تجد صدى لإعلان ترشحها لمنصب رئاسة الهيئة الدولية للمرأة الآنف ذكرها، وهو منصب برتبة أمين عام مساعد للأمم المتحدة. وقبلها، تم التعتيم على تعيين التونسية خديجة الزموري مديرة لقطاع الشؤون الإدارية في اليونسكو.هذا السلوك ليس بالجديد. فقد نُسب، منذ سنوات، تصريح للأمين العام السابق للأمم المتحدة، بطرس بطرس غالي، مفاده أنّ جهات حكومية تونسية طلبت منه إعفاء الديبلوماسي التونسي، محمود المستيري – رحمه الله- من منصبه ممثلا للمنظمة الدولية في أفغانستان. لماذا ؟ للسمعة الجيدة التي كان يحظى بها المسؤول التونسي الراحل لإدارته باقتدار أحد أكثر الملفات تعقيدا في العالم.  وأختم بمثال آخر لا يقلّ أهمية. فالشارع التونسي الذي يحفظ اليوم عن ظهر قلب أسماء « أصدقاء تونس » في فرنسا وإيطاليا ولبنان ومصر وغيرها لم يكتشف أنّ إدارة عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة، وهي أهم إدارة في المنظمة، كان يرأسها تونسي وأنه ظُلم حين وصل بان كي مون إلى الأمانة العامة وأقصاه من مسؤوليته تلك، إلا حين  توفي في زلزال هايتي المدمر، وأعني المرحوم الهادي العنابي. والسؤال الذي يفرض نفسه، هنا، لماذا تتواتر نفس الوجوه السياسية في إعلامنا، حيث تنسب لنفسها إنجازات وفتوحات وهمية لم يعد ينطلي زيفها على أحد، بينما لا يجد آخرون صدى لإنجازات حقيقية هم صانعوها ؟ تحدثنا في مناسبات سابقة عن منطق الإقصاء الممنهج الذي بمقتضاه يتمّّ التعتيم على نشاط المعارضة وعمل المثقفين المستقلين وتحركات الحقوقيين وكل جهد جادّ لا يدخل في خانة الرضا الحكومي، لكن، أن يتمّ التعتيم على أحد المسؤولين الحكوميين، فهذا أمر مرعب يستحقّ البحث والتمحيص لأنه يعكس أساسا حالة التنافر داخل الحكومة والدوائر الرسمية نفسها.     وهذا تهديد حقيقي، في وقت تكثر فيه التموقعات والحسابات في ظلّ حالة الترقب والغموض التي تلقي بظلالها، ومكمن التهديد في تحوّل الحكومة إلى عدوة نفسها.   


حفل تونسي في إسرائيل:غباء مغنّ أم تطبيع نظام؟


أسال الحفل الذي أقامه مغنون تونسيون  في إسرائيل مصحوبين بمجموعة من أشهر العازفين كثيرا من الحبر واختلفت الآراء بشأنه حد التناقض. ففي حين اعتبرته كثير من الأحزاب والنقابات عملية تطبيع مع إسرائيل  رأى فيه آخرون عملا فرديا معزولا لا نملك معه غير السخرية من محسن الشريف ومن معه مثل ما فعل ذلك فتحي بلحاج يحيى في مقال صادر له بتاريخ 13 اوت 2010 في مجلة الأوان الالكترونية بعنوان  » بيبي طلع موش بو العروسة » ويسايره  البعض في هذا الموقف حسب ما ورد في مقال لحبيب القزدغلي  الذي يقول  »  إنه  » يتفهم الصدمة التي عبر عنها المحتجون على هتاف الفنان باسم ناتنياهو معتبرا ذلك سلوكا فرديا غبيا كما جاء في كلام السيد الخياطي ويرى انه لا يمكن تحميل مسؤولية  ذلك لنقابة الفنانين وانه ليس هناك ما يفيد أن جهة رسمية ما كانت وراء التشجيع على تنظيم الحفل  » انظر الطريق الجديد من 14 الى 20 أوت 2010 . وبقطع النظر عن الأسباب السياسية والإيديولوجية التي تبرر هذا الموقف أو ذاك  وبقطع النظر أيضا عن الهتاف باسم ناتنياهو فالقضية ليست هنا. نريد أن نتوقف عند بعض المسائل :

 حفل من اجل الدعاية السياحية ؟

لا بد من التنبه أولا أن الحفل كان يقدم إلى يهود كل شيء يدل أنهم من أصل تونسي. فالغناء تونسي والرقص تونسي واللباس كذلك والعادات ومنها عادة الرشق. لم يكن المغني بحاجة إلى تقديم تونس إلى جمهور يعرفها  ويزورها أو يراد له أن يزورها تنقله الطائرات الإسرائيلية التي تحط مباشرة في جربة و هي تحمل في عرف المدافعين الأشاوس عن حرية المعتقد   يهود تونس لا إسرائيليين لعل الكثير منهم يعمل بالجيش الإسرائيلي وتلطخت يداه بدم الأبرياء  يأتون من المستعمرات الإسرائيلية . »التي يمثّل السكن  فيها الانتماء العملي بل « النضالي » للنظرية الصهيونية  بالمفهوم التاريخي والسياسي مدعمة بكل الوسائل التي من شأنها تغيير الواقع من خلال التصرفات المكرسة بأعمال البناء والإنشاءات واستقدام المهاجرين اليهود » من كل بلاد الدنيا ومن ضمنها تونس ، ولذلك يضرب المغني لجمهوره موعدا في الغريبة المعبد اليهودي الواقع في جزيرة جربة  الذي نفذت فيه عملية إرهابية منذ عدة سنوات لعلها أثرت في تدفق الإسرائيليين « الحجاج » إليها. فالحفل كما يدل كل شيء على ذلك كانت له غايات تتعلق  باستجلاب الإسرائيليين إلى  معبد الغريبة خاصة في نطاق الدعاية لما يسمى بالسياحة الدينية.  و المغني ليس غبيا كما قد يعتقد البعض بل هو يعرف بالضبط طبيعة المهمة التي ذهب من اجلها الى الأرض المحتلة. مع العلم انه كان مصحوبا بمجموعة من المغنين المشهورين وابرع العازفين في فرقة الإذاعة والتلفزة الرسمية .

هل للسلطة مسؤولية في هذا الحفل؟

لا يحتاج التونسي إلى كبير ذكاء ليدرك أن هذا الحفل  ما كان ليكون لولا علم السلطة ومباركتها ولذلك فإنها رغم الضجة التي أثارها الحفل  لم تعبر عن أي موقف بل آثرت الصمت وهو صمت مريب لا تفسير له عندي غير التورط فيه بشكل أو بشكل آخر مع العلم أنها المستفيدة الأولى من الدعاية السياحية التي ذهبت الفرقة من اجلها لإسرائيل رغم معرفة كل أفرادها بلا شك بالمخاطر التي يمثلها الحفل على مصيرهم المهني .وعلى كل سواء كان الحفل بتنظيم احد الوسطاء اليهود أو من تنظيم السلطة  ذاتها. فقد كان المغني يعلم علم اليقين( مهما كان درجة وعيه ) بالجانب الدعائي  من الحفل . هذه مسألة أولى، المسالة الثانية تتعلق بثقافة الولاء وتأليه الحاكم التي استشرت في تونس و التي ينخرط فيها كثير من الفنانين. مع العلم ان السلطة تستعملهم  في الدعاية الرسمية  كما تستعملهم  اليوم لبدء مناشدة الرئيس   للترشح لولاية سادسة رغم أن هذا الترشح مخالف للدستور. سيلاحظ القارئ اذا نظر في قائمة المناشدين عدد الفنانين الذي امضوا على هذا البيان وليسوا من فناني الأعراس .  . إذن لقد ذهب المغني التونسي إلى إسرائيل لا لإحياء حفل خاص فلا احد يصدق ذلك  إلا إذا  كان الأبله  الذي لا يوجد إلا في ذهن   بعض المثقفين  بل  للدعاية إلى السياحة  الدينية بكل ثمراتها السياسية ولكن ربما أيضا للدعاية للسلطة ذاتها التي أرسلته والتي لا بفوّت أي فرصة للتعبير عن ولائه لها   . اما القول بأنه يجهل  اسم ناتنياهو حين هتف بحياته فهو أمر اقرب إلى النكتة الساذجة التي صدقها  البعض لا لأنهم سذج بل لأنها تخدم غرضهم في استبعاد أي بعد سياسي من الزيارة ولا ادري لماذا يفعلون ذلك وأي جهة يخدمون إذ أن هذا الكلام قاله المغني بعد تصريح سابق ادعى فيه أن الخبر والفيديو ملفقان ولكنه حين عجز عن المواصلة في سياسة التكذيب وجد الحل في القول بجهله باسم  من هتف  له. الأرجح عندي أن الهتاف  باسم ناتنياهو أمر غير مقصود في البداية ولكن المغني لم ير فيه أي حرج . لسبب بسيط جدا هو انه يعمل علم اليقين انه في حماية السلطة التي أرسلته أو سهلت له الزيارة وانه لا يحرجها  البتة ما فعله لان التونسي غير المعارض  أو فلنقل المواطن العادي إذا سافر إلى الخارج يلاحقه إحساسه بالسلطة ولذلك يخشاها في الخارج كما يخشاها في الداخل ولا يتصرف عموما إلا بما فيه السلامة أو إعلان الولاء.  بل إنني اذهب إلى  أكثر من ذلك إذ أن ما حيرني هو تزامن إخراج هذا الفيديو مع حملة المناشدة المذكورة.  قد لا اذهب إلى اعتبار السلطة وراء إخراجها و لكني ازعم أنها تستفيد أيما استفادة  من كل ما وقع  إذ يبرز هنا الفارق بينها وبين مكونات المجتمع المدني أحزابا ونقابات التي أصيبت » بالهستيريا  » على حد تعبير البعض بعد نشر الفيديو .هذه المكونات التي قد تلوم الدوائر الغربية النظام التونسي على خنق أنفاسها  بطريقة جعلت بلادنا تتصدر قائمة البلدان المعادية لحقوق الإنسان   ولكن  الحكم  لا يزال رغم ذلك يراهن على إدراكها  » للدور المتقدم الذي تلعبه في محاربة التطرف والعنف » وفي نشر قيم  الاعتدال و السلام  التي من آياتها  ربط علاقات ظاهرة وخفية مع إسرائيل . هذه السياسة التي تجد من المثقفين « الديمقراطيين » من يسندها أحيانا بأنصاف ألفاظ . إذا كنت في تونس رجلا حداثيا آو علمانيا اكتشفت بسهولة أن خلافك الحقيقي ليس مع السلطة القائمة بل مع الهستريا الجماعية التي تنتظرنا  هذه هي الحقيقة  البائسة و المغلوطة التي توصل إليها كثير من المثقفين  ومنهم من يمكن أن يتعلل بذلك لإراحة ضميره وهو يمضي على لائحة المناشدة سالفة الذكر كبستاني يقتلع الأعشاب الطفيلية من حديقة الورد اليانعة وهو  مطمئن لما يفعل سعيد به …يحاجج به غيره في ما يشبه الهروب إلى الأمام . انه قول لا يتجاسر بعضهم على الاصداع  به بصراحة ولكنه يشتم في كل كلمة من كلماتهم.

عبدالسلام الككلي الموقف العدد بتاريخ 4 سبتمبر 2010


في الواقعيّة السياسيّة


بقلم: بحري العرفاوي    » الواقعية السياسية » لا تبشر بوهم ولا تطالب بغير الممكن وهي أيضا لا تستقبل المستقبل مدبرة ولا تقيم في الواقع تمجده وتمتدح أهله وتلعن كل ناقد وكل متسائل تصمه بالحقد والتآمر… « الواقعية » متجددة ومتحركة بتحرك وتجدد مكونات الواقع ومؤثراته لذلك يُفترض حرصُ السياسيين جميعا ـ في الحكم وفي المعارضة ـ على تأليف قراءة مشتركة لهذا  » الواقع » وتلك بداية القدرة على التحاور والتخاطب والتنافس حتى لا يكون التحاور أشبه ما يكون بالتراشق ، وحتى لا تكون السياسة  بما هي أرقى الفنون ـ حالة نزاع غير مهذب في مراقي المناصب وفي ساحات المكاسب … وحتى لا تترسخ في أذهان  » الجمهور » فكرة مفادها أن السياسيين أحزابا وأفرادا إنما هم محترفو لصوصية سياسية مدفوعة بغرائزية فردية.

حين ينظر السياسيون في الواقع يتأملون تفاصيله ويدققون في مكوناته ويستقرؤون تجلياته وتقلباته ، وحين يُجيدون الإستماع إلى خطاب « العامة » إذ  تعبر بمفرداتها وانفعالاتها وحتى بذاءاتها…عندها يكونون بصدد ممارسة  » السياسة » يقتحمون بها آفاقا ممكنة يتشوفونها ويأملون إدراكها.

نأمل أن يُنتقل من القاموس الحزبي إلى القاموس الوطني بحيث تغيب مفردات التخوين والتجريم والتدنيس لتحل مفردات الإختلاف  والإئتلاف والتصاغي والتدافع … وذاك يستدعي أولا جرأة سياسية على خلع « الأبواب الموصدة » وعلى كسر « علبة اللغز » حتى لا يظل الناس متوجسين وحتى لا يلجأ كثيرون إلى « تقية » يُبدون ما لا يُبطنون وحتى لا يتبرأ ذو فكرة من نفسه وحتى لا يكلم أحد نفسه في الظلمة … يستدعي أيضا تسليم الجميع بالحق الكامل لشركاء الوطن في مقتضيات المواطنة من الحقوق والواجبات … لكل نبتة بذورها وجذورها وخلاياها في التراب … أمران لا يُغرسان ولا يُنتزعان بالقوة: الفكرة ورجفة القلب.

لماذا يخاف دعاة العقل من منتجات العقل لا يُقلبونها ولا يبحثون فيها عن قبس وعن نبضة حياة وجمرة سؤال؟… هل يُصدق « غالبون » أنهم حسموا معركة الأفكار والعقيدة؟ هل يجدون أمانا وهم نائمون على مستودع أنفس وأنفاس ودعوات لا يسمعها المكلفون بتأمل تقاسيم الوجوه وحركات الشفاه؟

لا خوف من الكلمات ما لم تشحن بالديناميت، وما لم تدعُ إلى أذى …  » إقرأ » ذاك مفتتح القرآن ..و »في البدء كانت الكلمة » ذاك بدأ الإنجيل .. وعيسى يتكلم في المهد ذاك مخاض ولادة المعاني… القول ترجمة الذات، والصمت قفل أو ظلمة نفس … لا خوف من الذين يتكلمون ولا ريبة في الأصوات المرتفعة ، إنما الخوف من الصامتين لا يُعرف ماذا ينوون وماذا يرون وماذا يتمنون ويستعجلون… وإنما الريبة من المادحين يقولون ما يشتهيه الممدوح ولا يصدقه.

ننظر في الآفاق الممكنة معا ثم نذهب إليها جميعا مختلفين ومؤتلفين ، نذهب واعين وعازمين ومصطبرين لا مكرهين ولا متربصين لإدبار ولا يُزايد أحد على أحد في حب التراب أو في وفاء لذاكرة وثرى.

 » الآفاق الممكنة » يمكن أن تكون مستخلصة من رؤى متعددة المصادر تتسع لتشوفات تتراءى لواقفين على منابر مختلفة من هامات الوطن… ويمكن أن تظل مرتهنة لمن لم يتكلموا بعد أو لم يُسمعوا لرداءة الصوت أو لضعف السمع.  » الآفاق الممكنة » تتأسس على الرغبة الجماعية وعلى الروح الوطنية الجامعة حين يتعاقد الشعب بكل فئاته وأحزابه وأفراده على الذهاب إلى المستقبل برؤية واضحة وبفكر متقد وبعزم على إدراك الأهداف القصوى.  (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 153 بتاريخ 3 أوت 2010)


حديث في السياسة الحكم المستدام والسياسات الهدّامة


بقلم الأستاذ الهادي المثلوثي إذا كان للشعب العربي أن يفخر فلا خير له من أن يفخر باستدامة العروش وتأبيد الأنظمة الفردية والعائلية بصورة قطعية وفي جميع الأحوال. ودوام الحال على هذا المنوال هو دليل قدرة الحاكم على المسك بالقوة وباللطف برقاب الناس وهو دليل على قدرة المحكومين على تسليم رقابهم طوعا وكرها ضمانا لاستقرار مقاليد الحكم. وهذه مسألة لا تقبل الجدل لأننا نؤمن إيمانا لا رجعة فيه بمقولة « وأطيعوا أولياء الأمر فيكم وأصحاب السطوة عليكم » ونصدق غصبا وجهلا بأن « الاستقرار أساس الإعمار » وأن التنمية « المستدامة تحتاج إلى سلطة قوامة ». وها قد أنعم علينا قدرنا لزوم الطاعة والولاء لأنظمة قوامة تصل الليل بالنهار من أجل تعزيز البناء وحماية الاستقرار. فقد مرت عهود على بذل الجهود وتقديم التضحيات لتوطيد العروش، وجيشت الجيوش لحماية أصحاب السمو والجلالة والسيادة والفخامة. وعلينا حقوق وواجبات إزاء هذه الإنجازات لكونها أعظم مفاخرنا وعناوين مآثرنا وأعمدة نهضتنا. وكل شعب بما لديه يفخر والحمد لله لدينا أفخم العروش وأحكم الحكام. أفلا يطيب العيش في ظلهم ونحن ننعم بأبوتهم ونعيش تحت رحمتهم؟ وإن كان فيهم قسوة وأخذت فينا قبضتهم خنقا فذلك من باب الرعاية والحماية لضمان ولائنا والتمتع بطاعتهم والفخر بعطائهم. كل ذلك يدعونا إلى احترام الحكم والحكام وندعو لهم بالثبات والدوام. والحذر كل الحذر من الاعتقاد بأن استدامة الحكم والتفرد بالقوامة والرأي والقرار يفضي إلى سياسات هدامة. والحقيقة أن دوام الحال على نفس المنوال من التدبير والتسيير يؤدي حتما إلى الملل والكلل فالإحباط والانحطاط. وقد استبد بنا دوام الحال وضاقت النفوس وانسدت سبل النجاة من حكم ليس لديه من وسائل العلاج غير المزيد من الاستبداد والتمادي في استدامة سطوته وفرض سياساته الهدامة التي قوضت تطلعات المجتمع وأطاحت بقيمه ورمت به في طاحونة الإحباط بمختلف أبعاده والانحطاط في مختلف صوره، حتى صار لا مفر من التكالب على المقالب والتفاخر بارتكاب الكبائر والتعايش مع المصائب. لقد نجحت السلطة القوامة والعروش المستدامة من المحيط إلى الخليج في تدمير الشعوب وتحويلها إلى رعاع بلا قوة ولا إرادة، بلا انتماء ولا إيمان إلا البعض القليل ممن هدى ورحم ربك وهو بصير وعلى كل شيء قدير. ولكن لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ومن ناحية ثانية لو تفجر الغضب الكامن في النفوس لأطيح بعروش النكبة وما عليها من رؤوس لا تحسن غير إدارة الفساد وتأبيد الاستبداد.   (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 153 بتاريخ 3 أوت 2010)


شركات عمومية مهدّدة بالإفلاس..وأخرى  ترفع الأسعار لتجاوز عجزها..من المسؤول ؟


متابعة نورالدين المباركي   تونس/ الوطن قبل نحو أسابيع نشرت  مجلة  » جون أفريك ايكونوميك  » دراسة جاء فيها أن  8 شركات عمومية  مصنفة بين أكبر عشر شركات تتمتع بأكبر رقم معاملات في تونس. وشملت هذه الدراسة نحو 500 شركة ( عمومية وخاصة)  موجودة في تونس .

ومثلت نتائج هذه الدراسة إشارة قوية إلى ما يمكن أن يكون عليه القطاع العمومي في تونس .. لكن في المقابل فإن أوضاع عديد الشركات و المؤسسات العمومية الأخرى تشير إلى أنها تعاني صعوبات و خسائر ..مما قد يدفع إلى التفكير في خوصصتها  .خاصة أن الأسباب المباشرة التي تقدم دائما  لخوصصة الشركات العمومية  هي الخسائر التي تتخبط فيها وعدم قدرتها على المنافسة …الخ .

خلال الأيام الماضية نشرت أرقام حول خسائر عدة مؤسسات عمومية ..وهي خسائر تدعو للبحث في أسبابها و دوافعها.. الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه والديوان الوطني للتطهير    حسب ما نشر مؤخرا في التقرير المالي للشركة فإن عجز الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه تضاعف مسجلا حوالي 52 مليون دينار عام 2009، مقابل 25.35 مليون دينار عام 2008. أما بالنسبة للديوان الوطني للتطهير فإن خسائره تعمقت سنة 2009 بحوالي 75.32 مليون دينار، مقابل عجز بحوالي 70.46 مليون دينار عام 2008. وقال عدد من المراقبين إن العجز المالي لهذه الشركات ربما هو الذي كان وراء الرفع مؤخرا في أسعار معلوم التطهير و استهلاك المياه.   الشركة الوطنية العقارية للبلاد التونسية

قالت مصادر اعلامية إن أرباح الشركة الوطنية العقارية للبلاد التونسية(SNIT)  تراجعت خلال السنة الفارطة بنحو 50 بالمائة مقارنة بالنتائج المسجلة عام 2008.  و أضافت المصادر ذاتها أن الموازنة المالية لهذه الشركة العمومية أظهرت أنّ النتيجة الصافية للسنة المحاسبية 2009 بلغت 345.5 مليون دينار، مقابل حوالي 721 مليون دينار.   في شركة فسفاط قفصة

كنا نشرنا في « الوطن » أن الموازنة المالية لشركة فسفاط قفصة لعام 2009 أظهرت  أنّ النتائج الصافية قد تراجعت بصفة حادة وملحوظة تصل إلى نسبة 71 بالمائة مقارنة بعام 2008، حيث تقهقرت الأرباح من 935 , 995 مليون دينار عام 2008 إلى 211 , 282 مليون دينار عام 2009. وتراجع مجموع ايرادات الاستغلال بنسبة 55 بالمائة مقارنة بنفس الفترة المذكورة، حيث تراجعت قيمتها من 1.420 مليون دينار عام 2008 إلى 408 , 636 مليون دينار عام 2009.   الشركة التونسية لصناعة الاطارات المطاطية   كشف التقرير المالي لهذه الشركة عن ارتفاع قيمة ديونها البنكية العام الماضي إلى حوالي 156 مليون دينار عام 2008، مقابل 148.7 مليون دينار عام2007، أي بارتفاع قدره 4.9 بالمائة.  وحسب مهتمين بالشأن الاقتصادي فإن الشركة تشتكي حاليا من قلة الموارد المالية، وقد أصبحت غير قادرة حتى على شراء ما تحتاجه من مواد أولية. وبالتالي انخفض، حجم الإنتاج، العام الماضي، بنسبة طفيفة (1.3 بالمائة) مقارنة بعام 2008.  كما بلغت خسائرها حوالي 11.357 مليون دينار، لكنها أقل قيمة من عام 2008، حيث تمّ تسجيل خسائر بحوالي 18.571 مليون دينار.   الشركة التونسية للسكر

  كشفت القوائم المالية للشركة التونسية للسكر إلى حدود 31 ديسمبر 2009، ( عرضت في الجلسة العامة لهذه الشركة خلال شهر جوان الفارط) أنّ الشركة سجلت السنة الماضية  خسائر بلغت أكثر من 5 ملايين دينار. وقال مراقبون إن هذه الخسائر تنضاف إلى حصيلة النتائج السلبية للشركة في السنوات الأخيرة (أكثر من 7 ملايين دينار عام 2008 على سبيل المثال).   وسجلت الشركة التونسية للسكر رقم معاملات بقيمة 70.33 مليون دينار عام 2009، مقابل 86.89 مليون دينار عام 2008، أي بانخفاض يساوي 19 بالمائة.   إن الأوضاع المالية لهذه الشركات العمومية   في حاجة إلى المتابعة بعيدا عن منطق التفكير في  » التخلص منها » و بيعها للقطاع الخاص كما حصل مع عديد الشركات الأخرى ..خاصة أن الواقع بيّن ان مؤسسات القطاع العام يمكن أن تحقق أفضل الأرباح  و أفضل أرقام معاملات اذا تم تسييرها  بشكل جيد و بكل حرص . (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 153 بتاريخ 3 أوت 2010)


بالمناسبة: رأينا في تجسيد الأنبيـاء


٭ أنس الشابي

تداولت وسائل الإعلام مؤخرا الحديث حول عرض بعض المسلسلات التي تناولت الأنبياء فجسدتهم في سياقات درامية. والغريب في الأمر أن جلّ الداعين إلى السماح بتمثيل أدوار الأنبياء استندوا إلى:

٭ معادلة وهمية بين الإسلام والإبداع ركنوا فيها إلى القول بأن الدعوة إلى منع تجسيد الأنبياء تعني رفضا للإبداع وذهب البعض إلى الحديث عن نبيه الوحش وصديقنا المرحوم فرج فودة…. في مقارنة لا تصح بأي وجه من الوجوه بين تونس ومصر.

ب) الخلط بين آراء ومفاهيم متباينة ومتناقضة بـنِـيَّـةِ الوصول إلى أنّ تجسيد الأنبياء عمل مشروع دينيًّا وهم في سبيل ذلك مزجوا مناهج معرفية متغايرة ومصطلحات متنافرة في سياقات يسودها الاعتباط والتسرّع والناظر في المقالات التي صدرت يلحظ أنها تعاني خللا معرفيا فاضحا حيث وصل الأمر بالبعض إلى التساؤل عن معنى المقدس، وذهب البعض الآخر إلى القول بأن تمثيل الأنبياء يقصد به الدعوة إلى الدين والفضائل الأخلاقية ومقاومة الأعمال الهابطة، وفتح الله على صنف آخر من الكتاب بالقول إن التجسيد ليس من أركان الإيمان أو الإسلام، كل هذا فضلا عن أولئك الذين أطنبوا في الحديث عن عصر الصورة ورفعوا شعار حقوق الإنسان والتنوير ومواجهة التطرف والانتهازية لتسويق أسمائهم.

دون الدخول في المماحكات اللفظية نقول وعلى الله الاتكال، لمسألة تجسيد الأنبياء في وسائل الاتصال الحديثة جوانب يقتضي الدرس الإتيان عليها هي التالية: ٭ القاعدة العامة عند الحديث عن الأعمال الروائية والموسيقية والفنية وغيرها أنها من الأفعال المباحة التي يجوز للمؤمن إتيانها وتعاطيها وفق هدف أساسي هو التجويد في الصنعة والإتقان في الأداء بصرف النظر عمّا يَردُ فيها من أحداث ووقائع قد لا تجد قبولا أو تُـقـيَّـمُ سلبيا من قبل المتلقي.

٭ الإبداع تناولٌ لأحداث ومشاعر وهواجس يصوغها المبدع في سياقات خاصة به لا تنضبط لمعايير أو مقاييس مُـتـَّفـق عليها ومن هنا فإن محاسبة المبدع على صياغة فنية معينة استنادا إلى القيم السائدة هي محاسبة تُـفسد العملية الإبداعية وما بالعهد من قدم فتجربة البلدان الاشتراكية مع الآداب والفنون وتوجيهها لخدمة الطبقة العاملة ما زالت حاضرة في الأذهان وما زالت بقاياها حية في ثنايا بعض الأنظمة.

٭ التأريخ للأحداث والشخصيات أمر مرغوب فيه ومُحَـبَّـذ إن استهدف إشاعة قِـيَـمَ الخير والعدل والتضحية في سبيل الوطن ومواطنيه لكنه يصبح محلا للاستخفاف والهزء إن لم يكن العمل الفني متقنا اتقانا كاملا، فقبل سنوات عُرض مسلسل نازلي فاضل إلا أنه فشل في إبلاغ المشاهد التونسي أهميّة الدور الذي أدته الأميرة في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين في مرحلتها التونسية خصوصا وذلك لأن المخرج لم يتقن صياغة هذه المرحلة من مختلف النواحي كاللهجة واللباس والديكور…. لهذا السبب بالذات لم يترك مرور هذا المسلسل أي أثر في ذاكرة التونسي هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نلحظ أن الشخصية الواحدة في الأعمال الدرامية تتغير بتغير المخرج والكاتب والسيناريست والمؤدي فالملك فاروق الذي ظهر في السنوات الأخيرة في أعمال متعدّدة ليس هو الملك الأصل بل هو نسخ منه أضيفت إليها الانتماءات الثقافية والسياسية لمن صنعوا تلك الصورة.

٭ تستند الأعمال الدرامية إلى أصل في الواقع منه تستمد الأحداث والأحكام التي يَتصرَّف فيها المؤلف بالتغيير أو بالإلغاء أو بالإضافة وفق ما يقتضي السرد أو ما يُسمَّى الضرورة الفنية، فالمسلسلات التاريخية وإن كانت لها أصول في الواقع إلا أنها ليست كذلك لأن تصوير الوقائع بتفاصيلها كما حدثت أمر مستحيل استحالة مطلقة كما أن ادِّعاءه ينفي عن المبدع أي جهد سوى النقل فالمشهد الواحد قد يبنى على واقعة واحدة إلا أن مقتضيات العمل الفني تستلزم إثراءه بما يشدّ المشاهد من موسيقى وحوار وديكور وإضاءة وغير ذلك.

٭ النبوة ركن أساسي من أركان العقيدة ينتج عنها الإيمان بالرسالات وصدق الأنبياء وغير ذلك من القيم التي وردت مُفـصّلة في كتب العقيدة والسيرة، وواضح أن صورة النبي لدى المؤمن بنبوّته هي غير صورته لدى غير المؤمن به ومن ثم فإن تناول هذه المسألة والتوسّع فيها إلى حدود التجسيد يجب أن يأخذ بعين الاعتبار إيمان الداعين إلى ذلك والقائمين عليه ومن الإخلال المنهجي أن يُرَوِّجَ البعض القول بأن الإبداع يسمح بتناول مقام النبوة ويغفلون في نفس الوقت عمدا البحث في عقيدة المتناول.

٭ يحتلّ الأنبياء مركزا أساسيا في البناء الديني لأنهم الصلة بين السماء والأرض ونـقـلـة العقيدة والشريعة والقيم، لهذا السبب بالذات قال الرسول (ص): «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» محذرا من إتيان هذا الفعل الشنيع وهو أمر ينسحب على كلّ الأنبياء ويجب أن يأخذ بعين الاعتبار في كل ما يتعلق بالرسالات وأصحابها. وبما أن البناء الدرامي يستلزم اختلاق الوقائع والأحداث وافتعال الصور والأصوات ممّا لا يمكن عدّه إلا في باب الكذب أي تزوير الحقائق بالإلغاء أو بالإضافة أو بالتغيير فإن التجسيد منهي عنه شرعا لما ذكر.

٭ ينفرد الشيعة من بين الفرق الإسلامية جميعها بتصوير النبي(ص) وآل بيته الكرام (ض) وتمثيل أحداث كربلاء… إلا أنهم لا يصوّرون الشخصية المحوريّة التي يقوم عليها البناء العقيدي الشيعي أي المهدي المنتظر، وقد بحثت طويلا علني أعثر على رسم له فباء جهدي إلى فشل تساءلت بعده لماذا يجسّد الشيعة كلّ الأنبياء ولا يجسّدون المهدي المنتظر؟ وأيّهما أولى بالتقديس والاحترام الأنبياء أو شخصيّة وهميّة لا وجود لها إلا في أذهان مخترعيها؟.

٭ إيران دولة إيديولوجية تتصف مع كوريا الشمالية في أنهما الدولتان الوحيدتان اللتان تلعبان البروباغندا ولديهما دور أساسي في الترويج لسياستهما وتلميع صورتهما. وقد اتبعت إيران سبيلين لتحقيق إستراتيجيتها في الهيمنة:

أولاـ مساندة كل التيارات المناهضة في مختلف الدول العربية خصوصا، دون النظر إلى خلفيتها العقيدية ودعمها ماديا وأدبيا تارة في العلن وأخرى في السرّ، ومنذ أن تولى خاتمي الرئاسة اتجه النظام الإيراني إلى تحسين علاقاته بالأنظمة العربية مع الإبقاء على الخيوط موصولة مع الحركات المناهضة دون الإعلان عن ذلك.

ثانياـ استغلال كل وسائل الاتصال الحديثة للترويج للمذهب الشيعي بعد أن أصبحت له دولة تحميه وتأتمر بأمره فغزت الفضائيات سماء المنطقة وانتشرت الكتب والمجلات وأسست مراكز البحث…… وما تجسيد الأنبياء إلا وسيلة من الوسائل التي تستهدف تخريب عقائد الآخرين لأنهم «كفار» فقد نشر التيجاني السماوي معلم تقني سابق في قفصة كتابا بعد أن تشيّع سمّاه: «ثم اهتديت» طبع في تونس وفي لندن وروّجته المؤسّسات الإيرانية في البلاد العربية بكثافة لا نظير لها والمفهوم من عنوانه أن التيجاني اهتدى لما تشيّع أي أنه كان كافرا أيام كان سنيا، ومن كانت له عينان فليتأمل، علما بأن النشريات والأفلام والمسلسلات التي تصنعها أجهزة البروباغندا تقدم مجانا أو بمقابل زهيد الأمر الذي يدفع إلى الاحتراز والتثبت من بضاعة يلفها الغموض ويجب أن توضع في موضع المراقبة قبل الترويج.

لكلّ ما ذكر أعلاه نرى أن عرض هذا النوع من المسلسلات التي تُجسِّد الأنبياء مناف لما تواضع عليه الناس واستقر في أنفسهم طيلة قرون إضافة إلى أنه ملتبس بالترويج لعقائد وأنظمة لا تخفي سعيها إلى الهيمنة فالحذر في هذه الحالة متحتم على الجميع. (المصدر:النشرة الإلكترونية لجريدة الشروق التونسية يوم  السبت 4 سبتمبر 2010)

 


التصفيڤ ما فيشي تقدّم ناسي


أبوجعفرالعويني السلام عليكم احسن أخينا المحترم علي يحي كتابة  المقال و قد وجب  تناول الموضوع,وقد ذكّرني هذا المقال حادثة  في هذا المجال » أي التصفيق » و كان ذلك في شهر أوت 1983 بسوق الاحد – قبلي ,وقد دعي المهاجرون لاجتماع مع الوالي بن حفصة,وكان رئيس مركز الحرس بسوق الاحد يسمى العباسي, في اواخر حكم بورقيبة,وكان ذلك العهد يشبه تماما هذا العهد, »عهد بن علي « والذي انقلب على رئيسه لتجديد دماء الدستور,وواصل برنامج التغريب  وزاده تشددا وتطرّفا ,إذ بدأ بتصريح علني عن تجفيف منابع التديّن ,وقد آن أوان التجديد ,إن كان يريد اصحاب هذا الحزب  الوطني المخطوف, البقاء على الساحة الوطنية,ولنرجع للموضوع. ما كنت أريد حضورذلك الاجتماع ,ولكنّ أخي ووالدي يرحمهم الله ,رغّباني في الحضوروالتحدّث عن موضوع نقص المياه,وقد بدأ النشاط في غراسة النخيل, ذهبت  اذا وبصراحة لا يحلو لي إلاّ اللباس التونسي ,الجبة والسروال العربي, كذلك وأنا بديار الغربة لا اترك هذا اللباس الاّ نادرا,مع اعفاء اللحية تكون شكوك الامن التونسي مطابقة تماما,فلمّا دخلت قاعة الاجتماع كانت تضج بالتصفيق, وظننت أنّ الحضور يصفقون فرحا بقدومي ,سيما أكثرهم معروفون لديّ, وكان العباسي رئيس المركز,عينه عليّ منذ ولوجي القاعة حسب قوله, ولم أكن أصفّق اثناء حديث المسؤولين, من الوالي الى رئيس الشعبة,رغم وجود اثنين من اترابي اصدقاء وزملاء في الدراسة,ولكنّ كرهي للتصفيق واعتباري له خلّة من النفاق, جعلني اتبرّم منه,وانتهى مهرجان القاء الكلمات ,وقام الجمع لالقاء النشيد الوطني,ولم يسبق لي حضور اجتماع حزبي  كهذا ولم اكن انتمي لأيّ حزب,وما كنت احفط النشيد الوطني الجديد,إلاّ ما يخص شعر الشابي إذا الشعب يوما أراد الحياة, وقد كان النشيد الأول أيام الإستقلال / ألا خلّدي يا دمانا الغوالي جهاد الوطن لتحريرخضرائنا لا نبالي بأقسى المحن  وقد اسرع الضابط ليقول لي قم للنشيد ,فقمت ولكني لم أتابع المنشدين لعدم حفظي لذلك ,و لمّا بدأ قصيد الشابي تابعت ,فانبرى معاتبا ألا تحفظ إلاّ هذا ؟أجبت بنعم ,ومن هناك بدات المتاعب ومشكلة مع ذلك الظابط ,  رويت جانبا منها سنة 2007على صفحات الحوار وتونس نيوز ,وقد قلت قصيدا بالعامية ,سأورد منه باب التصفيق,وهو الموضوع الذي نحن بصدده ,وقد ذكرني بذلك مقال أخينا علي   يحي ,ذكّره الله الشهادة, يوم تذهل العقول و تزيغ الابصار. وقد قلت عن التصفيق ,وسأنشرها كاملة لاحقا بإذن الله . آآآآ ــ آش ڤلت يـاعباسي التصفيڤ ما فيشي تقدّم ناسي والله يـا لوما الجَهَل الرّاسي* بطّـال* لا تڤعد عشير معانا ……. الرّاسي* القابع بطّـال*لا يمكن السلام للجميع وصحة شريبتكم,طابت ايامكم ونسأله تعالى أن يجعل العشرالاواخر,عتق لنا من الناروأن يدخلنا الجنة مع الابرار,آمين.


من المسجد إلى المتصفّح (2)      


عبدالحميد العداسي

 

(الدّعـــــــــــــاء)   تغيّب الشيخ إبراهيم الليلة، غير أنّ الموعظة استمرّت… فقد حضر أخوه (والمؤمنون كلّهم إخوة) الشيخ سامح (أبو أحمد)، وهو شاب مصري كذلك، فتحدّث عن الدعاء ملخّصا أنّ الدعاء من الذكر وأنّ الذكر من أرقى الأعمال، مركّزا على تأكّد الدّعاء في رمضان… فلمّا جاء ذلك الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسأل، قال: يا رسول الله: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وقد أطّرت الآية الكريمة بآيات رمضان والصيام فيه، فكان ذلك إشارة إلى تأكّد الدّعاء عند الصيام في رمضان…   ثمّ استفسر الشيخ، لمَ يستنكر البعض من النّاس عدم استجابة دعائهم!…، ليبيّن بعد ذلك معلّما ومذكّرا، أنّ للدّاعي شروطا لا بدّ من توفّرها فيه وفيما يدعو به وفي الطريقة التي يدعو بها كي يكون مستجاب الدعاء… ·  فلا بدّ أن يكون الدّعاء بإخلاص، ومِن مخلص، قال تعالى: « فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين »، أي أخلصوا لله إذا طلبتم حوائجكم، وأخلصوا له أعمال البرّ والطاعة                        ·  كما يجدر بالمؤمن أن يدعو وهو موقن بالإجابة، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « القلوب أوعية، وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإنه لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل »…   · أكل الحلال وتطييب المطعم، فقد قام سعد بن وقّاص رضي الله عنه مرّة، فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال. « يا سعد، أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده، إنّ الرجل ليَقْذفُ اللقمة الحرام في جَوْفه ما يُتَقبَّل منه أربعين يومًا، وأيّما عبد نبت لحمه من السُّحْت والربا فالنار أولى به »، نسأل الله العفو والعافية… ونحن نذكر قصّة ذلك الشيخ الذي كان يعترض الصبايا يشاكسهنّ على قارعة الطريق ويقول عن نفسه، شيخ مفتون أصابته دعوة سعد…       · عدم الاستعجال المفضي إلى القنوط، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « يُسْتَجَاب لأحدكم ما لم يَعْجل، يقول: دعوتُ فلم يستجب لي »… وعنه أيضا، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: « لا يزال يستجاب للعبد ما لم يَدْعُ بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل ». قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: « يقول: قد دعوتُ، وقد دَعَوتُ، فلم أرَ يستجابُ لي، فَيَسْتَحسر عند ذلك، ويترك الدعاء »…   · الدعاء بالمعروف، أي أن يكون المدعو به من الأمور الجائزة الطلب والفعل شرعا، كما قال صلّى الله عليه وسلّم: (ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم) فيدخل في الإثم كل ما يأثم به من الذنوب، ويدخل في الرحم جميع حقوق المسلمين ومظالمهم…   قال الشيخ: وأمّا الاستجابة فإمّا أن تكون آنية في الدنيا أو أن تدّخر إلى يوم القيامة أو أن تُردّ بها مصائب لا يعلم أثرها على العبد إلاّ الله…   قلت: وقد قرأت قولا لابن عطاء ما نصّه: إنّ للدعاء أركانا وأجنحة وأسبابا وأوقاتا، فإن وافق أركانه قوي، وإن وافق أجنحته طار في السماء، وإن وافق مواقيته فاز، وإن وافق أسبابه أنجح… فأركانه حضور القلب والرأفة والاستكانة والخشوع، وأجنحته الصدق، ومواقيته الأسحار، وأسبابه الصلاة على محمد صلى الله عليه…   فاللهمّ اجعلنا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات… وتقبّل منّا الدّعاء وانفعنا به في آخرتنا ودنيانا… وصلّ وبارك على محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا…     (سمكـــة وصيّـــاد)   الحمد لله الذي به تتمّ الصالحات والصلاة والسلام على خير الأنام محمّد بن عبدالله، وبعد   حدّثنا اليوم الشيخ إبراهيم عن قصّة صيّاد آخر وسمكة أخرى…، فقد توكّل على الله مسترزقا… رمى شبكته ودون تأخير سحبها فوجد بها سمكة غاية في الجمال أذهلته عن مواصلة الصيد، فقفل راجعا إلى البيت… ولمّا طلب إلى زوجته قلي السمكة بادرته بعد حين بجوهرة فريدة استخرجتها من بطن السمكة عند تهيئتها وتنظيفها… سرّ الرّجل وزوجه أيّما سرور ثمّ سرعان ما انطلق إلى جواهري المدينة يريد بيعها واشتراء ما به يدخل السرور على العائلة المعوزة… اعتذر الجواهري عن الشراء، فالسمكة غالية القيمة ترجح دكّانه بكلّ ما فيه… نصحه بالتوجّه إلى العاصمة حيث إمكانيات الشراء متوفّرة أكثر… لم يتأخّر، فسافر بعد أن أعلم زوجه… وهناك ظلّ متنقّلا من جواهري إلى آخر، والكلّ يعبّرعن عدم القدرة على الشراء نظرا لقيمة تلكم الجوهرة… نصحه واحد منهم بالتوجّه إلى قصر الملك إذ لا أحد غيره يملك قيمة ما لديه… طرد عنه خوفه ورهبته من الملك ثمّ توجّه إلى القصر معلما الحرس والعسس والحجّاب أنّ لديه حاجة الملك… كان اللقاء بين الفقير والملك وكانت المفاجئة كبيرة، فقد أعجب الملك أيّما إعجاب بتلك الجوهرة معبّرا عن عدم قدرته على تقييمها وضبط ثمنها… ثمّ اقترح الملك اقتراحا أرضى الصيّاد الفقير… قال له: لديك ثلاث ساعات كاملة تنتقي فيها كلّ ما يعجبك من كنوز القصر…   ابتدأ الصيّاد الفقير جولته مشدوها، فجرّته الرّوائح إلى مطبخ القصر، وهناك أرسل شهوته راتعة فيما يأكل الملك، فمازال يملأ بطنه حتّى ما ترك فيها مجالا للنّفس… شبع شبعة لم يتخيّلها أمثاله حتّى في المنام الذي كثيرا ما يثير المحرومين… خرج من المطبخ يتقوّى على السير فإذا أمامه غرفة نوم الملك… لم يتأخّر في دخولها ولم يتأخّر إعجابه بها وبما فيها من أسرّة وبسط وفرش، فارتمى على سرير لم يطأه قبله إلاّ الملك نفسه فما لبث أن استغرق في نوم عميق لم يقطعه إلاّ وخز الحرس يعلمه بانقضاء الثلاث ساعات، دون أن يأخذ لزوجه المسكينة وأولاده المنتظرين له متضاغين ما يسدّ رمقهم!… ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله!…   مشهد مؤسف حقّا… وهنا سأل الشيخ: أيّها الإخوة هي قصّة قد تكون نهايتها جدّ مؤسفة، فما المغزى منها هداكم الله؟!… تكلّم شاب لبيب مبيّنا أنّ الدنيا خضرة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « الدنيا خضرة حلوة فمن أخذها بحقها بورك له فيها، ورب متخوض فيما شاءت نفسه في مال الله ومال رسوله صلى الله عليه وسلم له النار يوم القيامة »… أمّن الشيخ على ذلك، ولكنّه بعد تحريض الحاضرين ودعوتهم إلى الاجتهاد أكثر، أشار إلى أنّ الثلاث ساعات هي هذه الأيّام الثلاثون التي أكرمنا الله بها في رمضان… فليجتهد كلّ واحد منّا في الطاعات فيها، حتّى لا ينقضي رمضان إلاّ وقد بات حاله أحسن ممّا كان عليه قبل رمضان… وهل يكون حال من غفر له ما تقدّم من ذنبه كما كان قبل رمضان؟!… فعن عروة بن الزبير أنّ عائشة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم أخبرته أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرغّب الناس في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة أمر فيه، فيقول: « من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه »… وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبيّ صلى الله عليه و سلم صعد المنبر فقال: « آمين آمين آمين »، قيل: يا رسول الله إنك حين صعدت المنبر قلت: آمين آمين آمين، قال: « إنّ جبريل أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين فقلت: آمين، ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله قل: آمين فقلت: آمين، ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله قل: آمين فقلت: آمين »…   جزى الله الشيخ إبراهيم خيرا، وجعلنا ممّن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، ونسأل الله أن نكون ممّن صام رمضان وقام لياليه إيمانا واحتسابا فغفر لهم ما تقدّم من ذنوبهم، وصلّ اللهمّ وبارك على محمّد النّبيّ الأميّ وعلى آله وصحبه وسلّم، والحمد للهربّ العالمين….     (خلوة ووقفة مع آية)   قال تبارك وتعالى: [بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (11) إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12)]… كنت في وضعيّة خاصّة لمّا مررت بهذين الآيتين الكريمتين من سورة الفرقان، فقرأتهما قراءة جديدة وتوقّفت عندهما وبهما عند صور أعجز عن التعبير عنها… ثمّ ذكرت آية سورة الرحمن: « يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ »، فرأيت النّار بآيتي الفرقان ممن تتعرّف على المجرمين فتعرفهم ولذلك فهي تُسمعهم تغيّظها وزفيرها، تنبئهم بما ينتظرهم لمّا يساقون إليها زمرا (نسأل الله العفو والعافية)… ثمّ أقلعتُ عن الخوض أكثر، فعلمي لا ينجدني وكتب التفسير لا تصاحبني في ظروفي تلك… ففرت إلى التمثيل والمقاربة – ولله المثل الأعلى – فرأيت النّار كأنّما كانت أسدا قد جوّع داخل قفصه، ورأيت الكفّار أولئك الذين بطشوا في الدنيا وتكبّروا ولووا رؤوسهم واستهزؤوا وكذّبوا وظلموا بمثابة فريسة ضعيفة وهنانة أحضرت وحبست بانتظار الوقت المناسب لإطعام ذلك الأسد…، كان السياج الذي يفصلهما يزيد من لهفة الأسد وشرهه… يحدّث نفسه بأخذها أخذة لا تعلم هي مدى بشاعتها… يبالغ في ذرع الأرض جيئة وذهابا، ويكثر من التكشير عن أنيابه يستعرضها ومن الزئير يرهبها به متوعّدا… فيأخذها الفرَق ويُنهيها الخوفُ حتّى لتكاد تلج الأرض لولا عدم قدرتها على ذلك… ترى نبض قلبها يكاد يخرق جلدها… تراها لا تقوى على النّظر باتّجاه الأسد… تركض في كلّ الاتّجاهات تبحث عمّا يمكن أن يمثّل حماية – دون جدوى – لها… ثمّ يحين وقت الإطعام فتفتح الكوّة فتُدخل منها المسكينة وقد صاحبها منادٍ يردّد أين المفرّ… فيأخذها الأسد ملبّيا نداء جوعه بلا رحمة… يكسّر عظامها تكسيرا ويمزّق جلدها تمزيقا… يسفك دمها دون اقتصاد… يقطّع لحمها أشلاء دون تمييز أو مراعاة مفاصل فيه… يأكلها حيّة متحرّكة تملأ معدته عويلا ومناشدة!…   أذهلني هذا المشهد الذي صنعه تفكّري، وتأثّرت كثيرا لهذه الخاتمة الدمويّة وكدت أبكي للفريسة الضعيفة لولا انتباهي أخيرا لدورها الافتراضي الذي إنّما أردت به تقريب مصائر أناس كفروا حتّى عُرفوا بسيماهم… حتّى رأتهم النّار من مكان بعيد… حتّى سمعوا لها تغيّظا وزفيرا… نسأل الله العفو والعافية… اللهمّ أجرنا من النّار ومن حال أهل النّار، وارحمنا واغفر لنا يا عزيز يا غفّار….     (محطّة تنقية أخرى)   قال تبارك وتعالى: [يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ]… وكان صلّى الله عليه وسلّم يعلّمنا ولايزال دعاء: « يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك »… وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما، في هذه الآية: إنّ المؤمن إذا حَضرَه الموت شهدته الملائكة، فسلموا عليه وبشروه بالجنة، فإذا مات مَشَوا مع جنازته، ثم صَلَّوا عليه مع الناس، فإذا دفن أجلس في قبره فيقال له: من ربك؟ فيقول: ربي الله. فيقال له: من رسولك؟ فيقول: محمد صلى الله عليه وسلم. فيقال له: ما شهادتك؟ فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمدا رسول الله. فيُوسَّع له في قبره مد بَصَره. وأما الكافر فتنزل عليه الملائكة، فيبسطون أيديهم – « والبسط »: هو الضرب – يضربون وجوههم وأدبارهم عند الموت. فإذا أدخل قبره أقعد، فقيل له: من ربك؟ فلم يَرْجع إليهم شيئا، وأنساه الله ذكر ذلك. وإذا قيل: من الرسول الذي بُعثَ إليك؟ لم يهتد له، ولم يرجع إليه شيئًا، كذلك يضل الله الظالمين…   حول موضوع الموت والجنازة وشهودها، دندن الشيخ إبراهيم، مبيّنا أنّ الجنازة والصلاة عليها هي من أهمّ محطّات التنقية التي تقدّم الحديث عن أربع منها والتي يجب الانتباه إليها، فالموت يأتي بغتة… يستوي عنده الصحيح والسقيم والصغير والكبير… فلا بدّ إذا من التفكير فيه والإعداد لما بعده قبل حلوله… فإنّ « كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ »… فالدنيا ليست عند المسلم إلاّ جسر إلى الآخرة أو هي وسيلة يطوّعها إلى مساعدته في التزحزح عن النّار… وأمّا الحياة فهي هناك – بعد مرحلة القبر – في الجنّة بإذن الله تعالى، صحبة النّبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا…وممّا يؤكّد أهمّية صلاة الجنازة باعتبارها محطّة تنقية ما جاء في الحديث الشريف: «ما من مسلم يموت فيصلى عليه أمة يبلغون ثلاثة صفوف إلّا غفر الله له»، قال الطبرانى في معجمه: الأمة أربعون إلى المائة وجاء التصريح بالعدد فى حديث مسلم وهو: «ما من مسلم يصلى عليه أربعون إلا شفعوا فيه»… فهنيئا للمسلمين هذا الشرف وهنيئا للفرد فيهم أو منهم هذه الحظوة… وهنا سأل الشيخ إبراهيم عن عدد الحضور في جنائز المسلمين في الغرب، سائلا الله أن يكثّر سواد المسلمين وأن ينعم عليهم في بلاد إقامتهم برفع الأذان عاليا في مكبّرات الصوت – كما في بلاد الإسلام – بدل أن يظلّ الأذان مكبوتا « مخنوقا » داخل المساجد والمصلّيات… ثمّ ذكر وذكّر بجنازة الصحابي الجليل سعد بن معاذ ذلك الذي اهتزّ لموته عرش الرحمن، والذي حضر جنازته سبعون ألف ملك، ما نزلوا إلى الأرض قبل قبل نزولهم لحضور الجنازة، كما حدّث بذلك مالك عن يحيى بن سعيد… مهيبا بالحضور على أن يعملوا على إشهاد النّاس جنائزهم وعليها، فقد جاء عن أبي هريرة قال: خرجتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة، فلما صلى على الميت قال الناس: نِعم الرجل! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجَبت! ثم خرجت مَعه في جنازة أخرى، فلما صلوا على الميت قال الناس: بئس الرجل! فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: وجَبت. فقام إليه أبيّ بن كعب فقال: يا رسولَ الله، ما قولك وجبت؟ قال: « قول الله عزّ وجلّ: « لتكونوا شُهداء على الناس » »… وفي الآية يقول تعالى: « وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا… »    وحديث الشيخ عن الموت وعن الجنائز جرّه – كعادة الدعاة المخلصين – إلى النصح للشباب ولسائر المؤمنين بالحرص على طاعة الله سبحانه وتعالى، والمرابطة ببابه، فهو الكريم الذي لا يفزع عند الشدائد والمحن والملمّات إلاّ إلاّ إليه… خاتما بالدعاء من أجل صلاح الحال والمآل وصلاح الشباب والكهول والشيوخ ذكرا وأنثى وصلاح الدنيا والآخرة… فجزاه الله عنّا كلّ خير…   وإلى لقاء بإذن الله…      


المناضل حافظ ابراهيم: رحيل جندي شمال إفريقيا المجهول


د. عادل بن يوسف – كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة – (قسم التاريخ)

الاتحاد الاشتراكي الاتحاد الاشتراكي

26 – 07 – 2010

في ليلة يوم الأحد 11 يوليوز 2010 انتقل عميد المناضلين والمقاومين المغاربيّين المقيمين بالخارج، الدكتور حافظ إبراهيم إلى الرفيق الأعلى وذلك ببيته بالعاصمة الاسبانية مدريد عن سنّ تناهز 94 سنة. وقد ووري جثمانه الطاهر الثّرى يوم الاثنين 12 يوليوز بالمقبرة الإسلامية بغرينون من ضواحي مدريد. وكان في توديع الفقيد المناضل أفراد عائلته وعدد من الشخصيات الإسبانية والمغاربية الرفيعة.ونظرا للخدمات السياسية الجليلة التي قدّمها الفقيد الراحل لفائدة القضية الوطنية وقضايا تحرّر أقطار المغرب العربي من الاستعمار الفرنسي والقضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، يتحتّم علينا اليوم كمؤرخين وباحثين أن نعرّف بالرجل وبمسيرته النضالية للأحيال التي لا تعرفه وذلك اعترافا منّا له بالجميل وبمزاياه وأفضاله التي لا تحصى على هذا الوطن، وعلى أقطار شمال إفريقيا عموما علما بأنّه قد ربطتنا بالرجل وبعائلته علاقات وطيدة تعود إلى مدة تفوق 10 سنوات، كانت قد أثمرت بيوغرافيا علمية اعتمدنا فيها بالأساس على شهادة المترجم له نفسه وبعض الوثائق من أرشيفه الخاصّ وعديد المصادر والمراجع المتّصلة بنضاله، وأخيرا على التقارير التي اهتمّت به وبالأشخاص والتنظيمات التي ارتبطت به، والمودعة في عدد من مراكز الأرشيف العمومي بكل من فرنسا وتونس وإسبانيا…1.نشأته وتكوينه:ولد حافظ ابراهيم بقرية أكودة بالسّاحل التونسي في 14 ماي 1916 وسط أسرة عريقة علمًا ونسبًا. شارك جده إبراهيم في حرب القرم إلى جانب الأتراك واستشهد في إحدى المعارك ضد الجيش الروسي. أمّا والده الشيخ راجح إبراهيم (…-1933) فقد كان إماما عالما ومثقّفا محافظا (منارة الساحل كما يدعى في الصحف التونسية حينئذ). بعد تخرّجه من جامع الزيتونة سنة 1903 عُيّن قاضيا بمحكمة الدريبة بتونس العاصمة لكنّه آثر الانتصاب كوكيل بمدينة سوسةأمّا والدته فهي عائشة بنت الكناني من أول العائلات المتعلّمة بالبلدة. كان حافظ آخر أبناء الشيخ راجح الثلاثة (ابنان وبنت) يواجه منذ صغره صعوبات صحية بسبب نحافته ومرضه المتواصل. فقد كان حسب شهادته يذهب إلى المدرسة حاملا معه الحراب السينغالي وأحيانا المسدّس للدفاع عن النفس، وهو ما سيكسبه أهليّة بالسّلاح وبالحروب والمعارك.في سنّ الثامنة التحق حافظ ابراهيم بالمدرسة الابتدائية العربية- الفرنسية بأكوده (التي تأسّست سنة 1910) فأظهر تفوّقا من بين أترابه. وفي سنة 1929 اجتاز بتفوّق شهادة ختم الدروس الابتدائية ليلتحق في السنة الموالية بكوليج سوسة. وأمام ما أظهره من تفوّق، التحق في السنة الموالية بالقسم الرابع عوضا عن الخامس. وفي ماي من سنة 1930 شارك في إضراب نظّمه تلامذة المعهد احتجاجا على الاحتفال بمائوية الإحتلال الفرنسي للجزائر وتنظيم المؤتمر الأفخارستي بتونس، فتمّ طرده لمدة عن الدروس بتهمة تنظيم إضراب والتحريض عليه. وفي سنة 1934 اجتاز امتحان البكالوريا «شعبة الفلسفة» بتفوّق وكان اختياره على موضوع في مادة الفلسفة عن النوم، نال فيه أحسن عدد في الإيالة التونسية وربّما في الامبراطورية الفرنسية (18 من 20) أمّا الإختبار الشفاهي فقد اجتازه أمام الفيلسوف الفرنسي الشهير ريني بواريي «Réné Poirier» الذي نوّه بمستواه وصوّب له بعض الأجوبة ودفعه لدراسة الفلسفة بفرنسا. وتشاء الصدف أن يجد هذا الأستاذ ضمن أساتذته بالسربون في السنة الموالية.دراسته العليا ونضاله الطلابي بفرنسا:في أكتوبر 1935 التحق الشّاب حافظ ابراهيم بالعاصمة الفرنسية باريس لدراسة الفلسفة حيث تتلمذ في سنته الأولى على كبار الأساتذة الفرنسيّين من أمثال بول فاليري «Paul Valéry» وريني بواريي «RénéPoirier»… كما حضر دروسا لكل من إميل أوگيست شارتيي «Emile Auguste Chartier» المعروف باسم آلان «Alain». غير أنّ صدور مرسوم وزاريّ في نهاية سنة 1935 يقضي بأنّ لا يُسمح بتدريس الفلسفة لغير الفرنسيّين، جعله يتوجّه للترسيم بشعبة الطب بمدينة مونبيليي، حيث تعرّف على عديد الطلبة المغاربة بمقهى ريشليو من أمثال: أحمد العلوي، عبد اللطيف بن جلّون، والمهدي بن عبّود الذين درسوا الطب. وفي 6 جوان 1944 تمكّن من النجاح والتخرّج بعد أن أتمّ كل تربّصاته بمستشفى مونبيليي (بين 1939 و 1940) وبالمستشفى المختلط العسكري- المدني بمدينة بايون بين 1940 و 1941 ثمّ بالمستشفى الاسلامي ببوبيني من ضواحي باريس بين 1941 و 1944 )وذلك بحكم اندلاع الحرب العالمية الثانية وانتصاب السلطات الألمانية بأغلب المدن الفرنسية.منذ سنته الأولى بباريس انخرط حافظ إبراهيم بجمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين بفرنسا ليصبح عضوا بمكتبها مكلّفا بالأرشيف والمكتبة خلال السنة الجامعية 1935-1936 . كما تردّد على مقرّ جمعية نجم شمال إفريقيا حيث تعرّف على كل من خيضر عمّار ومحمّد الجيلاني. وأثناء الحرب العامية الثانية ولأسباب أمنية انتقل من مدينة بايون إلى الجزائر العاصمة حيث مكث ثلاثة أشهر تعرّف خلالها على كل من عبد الكبير الفاسي والمهدي بن بركة اللّذان كانا يدرسان بكلية العلوم هناك.وفي مطلع سنة 1944 وبموافقة من السطات الألمانية التي أصبحت صاحبة السيادة بفرنسا منذ جوان 1940 تمّت إزاحة المكتب الإداري القديم لجمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين بفرنسا، وتكوين مكتب جديد أصبح على إثره حافظ إبراهيم رئيسا لهذه الجمعية الطالبة العريقة يساعده في ذلك كل من: محمّد الدوخ – من الجزائر – (نائب رئيس)، وأحمد العلوي – من المغرب – (كاتب عام)، ومحمّد الميلي – من تونس – (أمين مال)، ومصطفى عون – من تونس- (كاتب عام مساعد)وخلال الجلسة الافتتاحية للمكتب الجديد ألقى الطالب حافظ إبراهيم خطابا هاما ذكّر فيه بدقة الوضع السياسي بأقطار المغرب العربي الخاضعة للاستعمار الفرنسي منذ القرن التاسع عشر، وبدقّة المرحلة الحاليّة في الكفاح الوطني وإمكانية الاستفادة من الظرفية الناجمة عن الاحتلال الألماني لفرنسا ولشمال إفريقيا. وقد أثار هذا الخطاب حفيظة السلطات الفرنسية التي رأت فيه دعوة صريحة إلى التعاون مع السلطات الألمانية فاتّهمته بالتعاون مع العدو بالتنسيق مع مجموعة المغربي أحمد بن موسى و»التونسي» عبد الرحمان ياسين.وبالتوازي مع هذا النشاط الطلابي كثّف حافظ إبراهيم اتّصالاته بمجموعة الشّعبة الدستورية للحزب الدستوري الجديد بباريس التي توقّفت عن النشاط منذ مداهمة مقرّها بالحيّ اللاتيني وتفتيشه إثر أحداث 9 أفريل 1938.وعلى إثر إنزال جيوش الحلفاء بفرنسا في 6 جوان 1944 وتحسّبا لإمكانية إلقاء القبض عليه ومحاكمته من طرف السلطات الألمانية بتهمة التعامل مع المحور بعد تحرير التراب الفرنسي، غادر حافظ إبراهيم خفية فرنسا في غشت 1944 على متن زورق صغير نهرا في اتّجاه إسبانيا حيث استقرّ إلى غاية وفاته. وفي أواخر غشت 1945 التحقت به زوجته هيلان (فرنسيّة من أصل إيطالي كانت عائلتها قد فرّت من بطش النظام الفاشي منذ وصول موسوليني إلى الحكم بإيطاليا). وكان قد أبرم عقد زواجه بها بجامع باريس على يدي الشيخين معروف الدواليبي وعزّة الطرابلسي.٭ نضاله السياسي بإسبانيا:من طبيب إلى صاحب مخبر للأدويةبعد إقامته لفترة وجيزة بمدينتي سان سيباستيان «Saint Sébastien» و فونتارابي «Fontarabie» على الحدود الفرنسية – الاسبانية توجّه حافظ إبراهيم إلى مدريد بغاية الاشتغال بالطب، غير أنّ القانون الاسباني كان يمنع ممارسة هذه المهنة من قبل حاملي الشهادات الأجنبية. لذلك اضطرّ إلى فتح مخبر للأدوية مستغلاّ دراسته لفترة وجيزة لمهنة الصيدلة. وقد نجح في ذلك بفضل مساعدة زوجته والسلطات الإسبانية. وقد بقي يدير هذا المخبر الذي حقّق شهرة واسعة على الصعيد الدولي طيلة قرابة نصف قرن إلى غاية إيثاره تلقائيا منذ قرابة عشرين سنة غلقه والركون إلى الراحة بسبب تقدّمه في السنّ. غير أنّ هذه المهنة لم تكن إلاّ عطاءً لنشاطه السياسي وتحديدا لفائدة قضايا التحرّر بأقطار المغرب العربي.داخل «مكتب استعلامات العالم العربي»:بحكم العلاقة التي ربطته بعبد الرّحمان ياسين وأحمد بن موسى منذ فترة إقامته بفرنسا، وحسب تقارير الشرطة الفرنسية انضمّ حافظ إبراهيم منذ وصوله إلى إسبانيا إلى «مكتب استعلامات العالم العربي» الذي بعثه عبد الرّحمان ياسين بمدريد إبّان الحرب العالمية الثانية بالتعاون مع جهاز المخابرات الإسبانية و إشراف العقيد كرّي كوري، والذي تواصل عمله إلى غاية سنة 1948 بوفاة عبد الرّحمان ياسين. غير أنّ حافظ إبراهيم ينفي انضمامه لهذا المكتب الذي كان على صلة متينة بمفتي فلسطين، الحاج أمين الحسيني وبعديد الوطنيّين التونسيّين القادمين من ألمانيا عبر التراب الفرنسي على غرار: الحبيب ثامر، الرشيد إدريس، مصطفى العربي والهادي السعيدي والطيّب سليم وحسين التريكي والصادق بسباس…وإن لم تكن لدينا معلومات دقيقة حول نشاط هذا المكتب ونوعية الخدمات التي قدّمها للقضية الوطنية والدور الذي اضطلع به حافظ إبراهيم داخله، فإنّ هذا المكتب قد نجح في حماية الوطنيّين التونسيّين الذين «تورّطوا» في التعامل مع قوات المحور وتمكينهم من الاستقرار بإسبانيا. كما أنّ حافظ إبراهيم قد نجح إلى حد كبير في رفع الشبهات عنه والنشاط داخله ثمّ خارجه والنجاح في التمويه على أعوان الشرطة الفرنسية ممّا جعل أحدهم يصفه في أحد التقارير ب «الذكيّ جدا والخطير جدا»Très intelligent et très dangereux «!مساندة القضية الوطنية والتعريف بها في الخارج:بعد المحطة الأولى من نضاله الوطني بفرنسا، واصل حافظ إبراهيم نضاله لفائدة القضيّة الوطنية لبلاده انطلاقا من مدريد. تشير التقارير الاستخباراتية ووثائق الأرشيفات العمومية الفرنسية والإسبانية إلى حرصه المتواصل على التعريف بتونس وبالحزب الدستوري ومطالبه من فرنسا، سواء لدى الأوساط السياسية الإسبانية والأجنبية المعتمدة بمدريد، أو من خلال زيارته للعديد من الأقطار الأوروبية والعربية – الإسلامية التي تربطه بها علاقات عمل. وقد استغلّ في كل ذلك شبكة العلاقات التي كانت تربطه بالعديد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية الدولية دون أن يتمّ تكليفه رسميا بذلك من قبل أيّ طرف أو تنظيم سياسي بتونس، فكان بذلك خير سفيرا للقضيّة التونسية بالخارج، غير أنّ نشاطه الحقيقي لم ينطلق إلا بداية من سنة 1952 إثر فشل تجربة الحوار مع فرنسا واندلاع المعركة التحريريّة.في أواخر يناير 1952 سافر حافظ إبراهيم إلى مصر حيث التقى بالزعيم صالح بن يوسف ليعرض عليه إمكانية تزويد المقاومة التونسية بالسّلاح، غير أنّه لم يتّفق مع بن يوسف حول طريقة العمل والوسائل التي يجب اتّباعها في المقاومة. وفي الحقيقة يمكن تفسير هذا الاختلاف بين الرجلين باحتراز صالح بن يوسف ومن ورائه الحبيب بورقيبة وربّما رفضهما التعاون معه تماما بسبب ماضيه القريب و»نورّطه» مع الألمان إبّان الحرب العالمية الثانية. وقد تأثّر حافظ إبراهيم بهذا الصد من طرف زعيم الحزب أيّما تأثّر ممّا جعله يكتب في رسالة وجّهها إلى الباهي الأدغم المقيم بنيوورك بتاريخ 6 شتنبر 1952 قائلا: « …ولقد ذهبت إلى الشّرق في الحقيقة لا للتجارة والاطلاع، ولكن قبل كل شيء لمد يد المساعدة لإخواني، ناسيا الماضي بما فيه من ضغن وإحن… ولكن يا للأسف إذ وجدت غير ذلك ورجعت بحزن يعقوب على يوسف يوم كاد أن يقتله اخوته…».إثر ذلك توجّه حافظ إبراهيم إلى كل من العراق وسوريا ولبنان داعيا إلى القضية التونسية. كما زار إيران ومكث بها شهرا كاملا في ضيافة أبي القاسم الكاشاني الذي اتّفق معه على إقامة مؤتمر إسلامي بالتنسيق مع رئيس وزراء تركيا مندريس الذي كان قد التقى به في تركيا خلال شهر رمضان من نفس السنة.وعلى إثر وصول الضبّاط الأحرار بمصر برزت في أوساط بعض الوطنيّين المغاربيّين المقيمين بالقاهرة فكرة بعث جيش تحرير المغرب العربي. وتنفيذا لذلك التقى عبد الكبير الفاسي بحافظ إبراهيم ليعلمه إثر لقاء جمعه بجمال عبد الناصر بالقاهرة عبر أستاذ القانون حسن أبو السعود، غير أنّ الزعيم المصري اقترح عليه لتنفيذ المشروع إقصاء علاّل الفاسي من هذا التنظيم، وهو ما رفضه قطعيّا حافظ إبراهيم بقوله : «…إذا ما رفض المصريّون مساعدتنا سنبحث عن حلّ آخر…» وقد سانده في ذلك عبد الكبير الفاسي وعبد الرحمان اليوسفي.وفي شهر فبراير 1955 غادر حافظ إبراهيم إسبانيا بواسطة جواز سفر مزيّف سلّمه له عبد الكبير الفاسي متوجّها إلى جينيف للإتّصال بصالح بن يوسف قصد إقناعه بإمكانية التدخّل لدى بورقيبة كي يوقف مفاوضات الاستقلال الداخلي مع فرنسا. غير أنّ صالح بن يوسف سخر من مقترحه واكتفى بالقول له: «… هل أنّ مفرقعات الدار البيضاء جعلتك تحلم بأشياء خيالية! » .وفي سنة 1956 ساند حافظ إبراهيم مبادرة بعث قيادة موحّدة لجيوش تحرير المغرب العربي تضمّ كلا من: أحمد بن بلّة (كممثّل عن جبهة التحرير الجزائرية) وعبد الكريم الخطابي (كممثّل عن جيش التحرير المغربي) والطاهر الأسود (كممثّل عن المقاومة اليوسفيّة)، إضافة إلى العقيد عزّ الدين عزّوز، بمعنى أنّه قد انحاز إلى صالح بن يوسف على منافسه الحبيب بورقيبة، كما تثبته المراسلات بين الرجلين منذ سنة 1955، وهو ما جعل بورقيبة يصنّفه ضمن «اليوسفيّين» ولا يرغب في ملاقاته لعدة سنوات.وإثر حصول تونس على الاستقلال التامّ ظلّ حافظ إبراهيم يتردّد على تونس وتحديدا على مسقط رأسه قرية أكودة. وقد توصّل بعض المقرّبين منه إلى المصالحة بينه وبين بورقيبة الذي لم يتردّد أثناء زياراته الرسمية إلى إسبانيا في زيارته صحبة حرمه وسيلة بن عمّار ببيته بمدريد والتباحث معه حول مجالات التعاون التونسي- الإسباني. كما نسج على نفس المنوال العديد من كبار المسؤولين في الحكومة على غرار: الباهي الأدغم، الهادي نويرة، الأستاذ محمود المسعدي، الهادي البكوش…هذا لم يدّخر حافظ إبراهيم أيّة جهد في القيام بمساعي وساطة لإذابة الجليد الذي قد يطرأ من حين إلى آخر على العلاقات بين تونس وإسبانيا أو بين تونس وبعض الدول المغاربية المجاورة أو بين هذه الدول وإسبانيا وحتى بعض الدول الأوروبية التي تربطه بها صداقات.وهكذا ساهم حافظ إبراهيم من موقعه بفرنسا كطالب ثمّ من إسبانيا في التعريف بالقضيّة التونسية وكسب أنصار لها في الخارج، غير أنّ تجاوب الوطنيّين معه لم يَرْقَ إلى درجة عليا مقارنة بما بلغه تعامله مع الوطنيّين في المغرب والجزائر، وذلك بسبب علاقته بقوّات المحور إبّان الحرب العالمية الثانية.1 المزيد التفاصيل حول الدكتور حافظ إبراهيم ونضاله المغاربي أنظر دراستنا بعنوان: مقدمة لدراسة مساهمة الحكيم حافظ إبراهيم في النّضال ضد الاستعمار الفرنسي بشمال إفريقيا، المجلة التاريخية المغاربية، عدد 102-103، منشورات مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات، زغوان مارس 2001، ص ص 47- 65. و كذلك كتاب محمّد خليدي و حميد خبّاش، جهاد من أجل التحرّر: الحكيم عبد الكريم الخطيب ? الحكيم حافظ إبراهيم، منشورات إفريقيا، الطبعة الأولى، الرباط، 1999، 92 صفحة. وقد أمدّنا الدكتور حافظ إبراهيم من مدريد بنسخة من هذا الكتاب أرفقها بكلمة رقيقة بخط يده بتاريخ 27 سبتمبر 2000، وذلك عن طريق ابنته الزميلة عائشة إبراهيم، أستاذة اللغة والآداب الفرنسية بكلية العلوم الإنسانية والإجتماعية بتونس.الدكتور حافظ إبراهيم و تموين ودعم المقاومة المغربية المسلّحةتموين ودعم المقاومة المغربية المسلّحة:منذ اندلاع المقاومة المسلّحة رسميّا بالمغرب الأقصى في 20 غشت 1953 وتنامي حاجتها للسّلاح والذخيرة اتّصل قادة المقاومة المغربية بحافظ إبراهيم عبر عبد الكبير الفاسي. وعلى إثر لقائه بالزعيم علاّل الفاسي بالقاهرة، بدأ حافظ إبراهيم في مد يد المساعدة للمقاومة المغربية منذ شهر شتنبر 1953 عبر ربط قادتهم وموفوديهم بالتجّار الإسبان المختصّين في ترويج الأسلحة. كما أعد للمقاومة شبكة محكمة التننظيم لنقل السلاح والذخيرة من مدريد وبرشلونة في اتجاه المدن المغربية وأساسا الدار البيضاء، مستخدما خدمات البعض من أعوان الشرطة والجمارك بكل من إسبانيا والمغرب. كما نجح في إفراغ شحنة الباخرة الأردنية «ديناDina» التي غرقت في عرض سواحل مدينة الناظور وهي محمّلة بحوالي 750 قطعة سلاح، كانت موجهة من مصر إلى المغرب.وفي أواخر سنة 1954 وبالتعاون مع زعيمي جبهة التحرير الجزائرية، أحمد بن بلّة والعربي بن مهيدي، سعى إلى نقل العمل المسلّح المغربي إلى داخل فرنسا، غير أنّ مساعيه قد اصطدمت بيقظة البوليس الفرنسي. وأمام إقدام السلطات الفرنسية على تسليط كل أشكال التعذيب على رموز المقاومة المسلّحة بالمغرب قصد الحصول على أكثر ما يمكن من معلومات حول المقاومة أثناء عمليات الاستنطاق فقد طلب من حافظ إبراهيم إعداد أقراص تُعجّل بوفاة المقاوم، فما كان منه إلاّ أن قدّم لهم أقراص «ستركيلين» التي تمّ استخدامها في الغرض. ورغم امتلاكه للسّلاح ببيته فقد طلب منه إبراهيم فردوس سلاحا لقتل القايد المتواطئ مع فرنسا، التّهامي القلاوي أثناء زيارته لمدريد وإقامته بنزل «البلاص»، لكنّه رفض ذلك بدعوى ضرورة استمالته وأمثاله كمبارك الجديدي وبولعيش وغيرهم إلى الصفّ الوطني.ولم تتوقف علاقة الدكتور حافظ إبراهيم بالمغرب الأقصى عند الاستقلال التامّ لهذا البلد في 2 مارس 1956، بل تواصلت إلى ما بعد هذا التاريخ حيث حافظ على علاقاته بأبرز رموز المقاومة الذين تقلّدوا مناصب عليا في الحكومة والإدارة المغربية الجديدة، كما ربطته علاقة متينة بالملك محمّد الخامس.وفي هذا الصدد يكفي القول بأنّ حافظ إبراهيم هو الذي أقنع الملك محمّد الخامس بوجوب التحوّل إلى تونس رفقة قادة جبهة التحرير الجزائرية لعقد الندوة التونسية – المغربية حول القضية الجزائرية. غير أنّ السّلطات الفرنسية قد أقدمت على تحويل وجهة الطائرة المقلة لهم وإنزالها عنوة بمطار الجزائر العاصمة يوم 22 أكتوبر 1956. ولم تتوقّف علاقة الدكتور حافظ إبراهيم بالأسرة العلوية بالمغرب على الملك محمّد الخامس، بل تواصلت مع الملك الجديد الحسن الثاني منذ تسلّمه مقاليد الحكم بالمغرب بعد وفاة والده سنة 1961. فكان كلّما حلّ بالمغرب يُستقبل كشخصية سياسية مرموقة، كما كان يكلّف من حين إلى آخر من طرف المَلِكَيْن ببعض المأموريات الديبلوماسية الصعبة بمدريد أو بالجزائر العاصمة أو من طرف الحكومة الإسبانية لدى الحكومة المغربية بالرّباط.بطاقة مقاوم مسلّمة من السلطات المغربية للدكتور حافظ إبراهيم بتاريخ 21 مارس 1985تموين جيش جبهة التحرير الجزائرية بالأسلحة:بحكم المساعدة التي قدّمها للمقاومة المسلّحة المغربية تردّد اسم الدكتور حافظ إبراهيم في أوساط قيادة جبهة التحرير الجزائرية حتّى قُبيل اندلاع الثورة وذلك بغاية الحصول على السّلاح الضروري للمقاومة.الدكتور حافظ إبراهيم في صورة تذكارية إلى جانب أحمد بن بلّة وزوجته زهرةفي سنة 1954 وقبيل انطلاق عمل أحمد بن بلّة في بارن بسويسرا (حيث كان مكلّفا بالتنسيق مع المقاومة المغربية) انتظم لقاء بين الجزائري بن بولعيد والمغربي عبد الكبير الفاسي تمّ خلاله الاتّفاق على توحيد حركات التحرير بأقطار المغرب العربي الثلاثة في انتظار اندلاع الثورة المسلّحة بالجزائر. وفور انتهاء هذا الاجتماع توجّه عبد الكبير الفاسي إلى مدريد لإعلام حافظ إبراهيم بقرب اندلاع الثورة وحاجة المقاومة الجزائرية إلى السّلاح.وفي الأثناء تعرّف حافظ إبراهيم على محمّد بوضياف شُهر «محمّد مزّوني» وأحمد بن بلّة شُهر «محمّد الدريدي». ومنذ ذلك التاريخ شرع حافظ إبراهيم في توجيه السّلاح نحو الجزائر وفقا لقدراته والامكانات المادية للثّورة الجزائرية فكانت الصفقة الأولى من السّلاح التي استخدمها الثوّار الجزائريّون بتموين من حافظ إبراهيم على حد شهادة أحد قيادي جبهة التحرير الجزائرية، المناضل محمّد البجاوي نفسه.وقبيل عودته إلى الجزائر أسند أحمد بن بلّة مسؤولية الاشراف على شبكة المخابرات لجبهة التحرير الجزائرية بإسبانيا إلى محمّد اليوسفي، الذي اتّصل بكل من عبد الكريم الخطيب و حافظ إبراهيم اللّذين مكّناه من جواز سفر يحمل إسم «مصطفى مالك: في خدمة سعادة سفير المغرب بإسبانيا». كما التقى حافظ إبراهيم بالسيّد الغالي العراقي الحسيني، أحد القادة البارزين في المقاومة وجيش التحرير المغربي. وإثر هذا اللّقاء بمدة وجيزة طالب الملك محمّد الخامس من هذا الأخير صرف المبلغ المالي الذي تبرّعت به الحكومة العراقية لفائدة جبهة التحرير الجزائرية. وإثر حصول المغرب على استقلاله واصل حافظ إبراهيم رفقة الدكتور عبد الكريم الخطيب مساعدة الثّورة الجزائرية ماديا ومعنويا. ففي يوم 20 أكتوبر 1956 حلّ أحمد بن بلّة بمدريد أين التقى بحافظ إبراهيم والأستاذ عبد الرحمان اليوسفي وأحمد بوضياف الذي أعلمهم بعد لقائه بالأمير مولاي الحسن برغبة والده السلطان محمّد الخامس الملحّة في مقابلة قيادة الثورة الجزائرية قبل تحوّله إلى تونس للمشاركة في أعمال الندوة التونسية- المغربية حول الثورة الجزائرية التي ستحتضنها تونس العاصمة بداية من يوم الإثنين 22 أكتوبر.وفي الساعة الثالثة والنصف تحديدا قدمت طائرة خاصة حملتهم إلى الرباط. وفي حدود الساعة السادسة مساءً التقى الملك محمد الخامس في مكتبه بكل من أحمد بن بلّة ومحمّد خيضر ومحمّد بوضياف وآيت أحمد ومصطفى الأشرف إضافة إلى الدكتور وعبد الرحمان اليوسفي وذلك بمحضر وليّ العهد الأمير الحسن .الملك محمّد الخامس أثناء لقائه بقادة جبهة التحرير الجزائرية بمكتبه بالقصر الملكي بالرّباط يوم 20 أكتوبر 1956 ويُرى الدكتور حافظ إبراهيم الثاني من اليسار إلى اليمينإثر إلقاء القبض على قادة جبهة التحرير بعد تحويل وجهة طائرتهم أصبح «بوسوف» مسؤولا عن ج.ت.ج بالمغرب الذي كثّف اتصالاته بحافظ إبراهيم. ومنذ نونبر 1956 وعلى إثر الهزائم التي مُني بها جيش التحرير الجزائري أمام القوات الفرنسية قرّر الملك محمّد الخامس تكثيف مساعدته لج.ت.ج فأمر بصرف مبلغ 250 مليون فرنك لفائدة حافظ إبراهيم و الخطيب. وهو مبلغ مكّن من شراء 2750 بندقية من صنف موزر Mauser والمعدّات اللاّزمة لها. وقد نجح الدكتور حافظ إبراهيم في إفراغ هذه الشحنة بالمغرب ووضعها على ذمّة بوسوف بداية من فيفري 1957. وبعدها بمدة قصيرة أمدّ حافظ إبراهيم كريم بلقاسم بمبلغ قيمته 100.000 دولار، فيما أمدّ السيّد الشريف (مستشار الملك محمّد الخامس) محمّد اليوسفي مبلغا بقيمة 117 مليون فرنك لإعادة تنظيم شبكة تسليح الثّورة من مدريد.كما ربط حافظ إبراهيم في نفس الفترة علاقة متينة بوزير الدفاع الإسباني، مونوسوانتش، الذي أعرب عن استعداده لتقديم تسهيلات كبيرة للمساعدة على شراء السلاح للثورة الجزائرية شريطة موافقة الدولة المعنية بالصفقة. غير أنّ استعداد إسبانيا للدخول في منظّمة الحلف الأطلسي وتجديد ترسانتها الحربية قد حال دون ذلك. وهكذا يكون الدكتور حافظ إبراهيم قد ساهم مرّة أخرى انطلاقا من موقعه بمدريد في خدمة حركة المقاومة المسلّحة الجزائرية قُبيل اندلاعها في 1 نوفمبر 1954 وذلك بتقديم الدعم اللوجستي والمادي اللاّزمين لانجاح الثورة الجزائرية إلى غاية تحقيق الجزائر لاستقلالها سنة 1962. وبعد استقلال الجزائر حافظ المترجم له على علاقات وطيدة بقادة الحكومة الجزائرية فكان دوما محلّ ترحاب واستقبال من طرفهم عند حلوله بالجزائر، سواء في زيارة رسمية لإحياء ذكرى أو مناسبة سياسية وطنية، أو لحضور مؤتمر أو ندوة علمية تُعنى بتاريخ الثورة الجزائرية، فلا يتردّد كبار المسؤولين في الحزب والدولة في تكليفه بالقيام ببعض المهامّ الدقيقة لدى حكومة مدريد. ونتيجة لهذا الدور المتميّز في المصالحة بين الدول لم تتردّد رئيسة الوزراء في الكيان الصهيوني، السيدة ڤولدا ماير «Golda Meir» (1969- 1974) إثر حرب 1967 في الاتّصال بالدكتور حافظ إبراهيم عبر زميل وصديق له كان يدير مخبر دولي شهير للأدوية بفرنسا قصد التوسّط لإقناع بعض الملوك والرؤساء العرب بوجوب مد قنوات حوار مع دولة إسرائيل تمهيدا للتطبيع التدريجيّ معها، وهو مقترح رفضه قطعيا الدكتور حافظ إبراهيم.خاتمة:هكذا كان الدكتور حافظ إبراهيم كما شبّهه بعضهم ب «جندي شمال إفريقيا المجهول»أو بمثابة «مادة الأقليتينين «LAglutinine» التي تجمع بين الأضداد ومِلْكًا لشمال إفريقيا كلّها يعمل على جميع الجبهات… » على حد قول رفيق دربه الدكتور عبد الكريم الخطيب.لئن رحل عنّا حافظ إبراهيم فإنّ مآثره ونضالاته وبصماته على الساحة السياسية المغاربية لا تحصى ولا تعد. فبالرغم من استقراره بإسبانيا فلم يميّز إطلاقا بين القضية التونسية والقضيّتين الجزائرية والمغربية، فلم يبخل ولو لحظة واحدة عن تقديم يد المساعدة بكل الطرق والوسائل التي كانت بحوزته حتى تقتلع بلدان المغرب العربي الثلاثة استقلالها من فرنسا وتنعم شعوبها بالحرّية. أملنا أن يهتمّ باحثو ومؤرّخو المغرب العربي بهذا المناضل المغاربي الأصيل ومآثره وأن يُطلق اسمه على نهج أو ساحة بتونس العاصمة وكبرى المدن التونسية وأن تحمل مؤسّسة أو جائزة تُعنى بالتقارب والعمل المغاربيَيْن اسم الراحل حافظ إبراهيم.د. عادل بن يوسف – كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة – (قسم التاريخ)1 محمّد البجاوي، حقائق حول الثورة الجزائرية، منشورات قالّيمالر، باريس 1970، ص 126. ب(الفرنسية):MohameedLebjaoui, Vérités sur la révolution algérienne, Gallimard, Paris, 1970, p. 126.الدكتور حافظ إبراهيم و تموين ودعم المقاومة المغربية المسلّحةتموين ودعم المقاومة المغربية المسلّحة:منذ اندلاع المقاومة المسلّحة رسميّا بالمغرب الأقصى في 20 أوت 1953 وتنامي حاجتها للسّلاح والذخيرة إتّصل قادة المقاومة المغربية بحافظ إبراهيم عبر عبد الكبير الفاسي. وعلى إثر لقاءه بالزعيم علاّل الفاسي بالقاهرة بدأ حافظ إبراهيم في مد يد المساعدة للمقاومة المغربية منذ شهر سبتمبر 1953 عبر ربط قادتهم وموفوديهم بالتجّار الإسبان المختصّين في ترويج الأسلحة. كما أعد للمقاومة شبكة محكمة التننظيم لنقل السلاح والذخيرة من مدريد وبرشلونة في إتجاه المدن المغربية وأساسا الدار البيضاء، مستخدما خدمات البعض من أعوان الشرطة والجمارك بكل من إسبانيا والمغرب. كما نجح في إفراغ شحنة الباخرة الأردنية «دينا»Dina» التي غرقت في عرض سواحل مدينة الناظور وهي محمّلة بحوالي 750 قطعة سلاح، كانت موجهة من مصر إلى المغرب. وفي أواخر سنة 1954 وبالتعاون مع زعيمي جبهة التحرير الجزائرية، أحمد بن بلّة والعربي بن مهيدي، سعى إلى نقل العمل المسلّح المغربي إلى داخل فرنسا، غير أنّ مساعيه قد اصطدمت بيقظة البوليس الفرنسي. وأمام إقدام السلطات الفرنسية على تسليط كل أشكال التعذيب على رموز المقاومة المسلّحة بالمغرب قصد الحصول على أكثر ما يمكن من معلومات حول المقاومة أثناء عمليات الاستنطاق فقد طلب من حافظ إبراهيم إعداد أقراص تُعجّل بوفاة المقاوم، فما كان منه إلاّ أن قدّم لهم أقراص «ستركيلين» التي تمّ استخدامها في الغرض. ورغم امتلاكه للسّلاح ببيته فقد طلب منه إبراهيم فردوس سلاحا لقتل القايد المتواطئ مع فرنسا، التّهامي القلاوي أثناء زيارته لمدريد وإقامته بنزل «البلاص»، لكنّه رفض ذلك بدعوى ضرورة استمالته وأمثاله كمبارك الجديدي وبولعيش وغيرهم إلى الصفّ الوطني.ولم تتوقف علاقة الدكتور حافظ إبراهيم بالمغرب الأقصى عند الاستقلال التامّ لهذا البلد في 2 مارس 1956، بل تواصلت إلى ما بعد هذا التاريخ حيث حافظ على علاقاته بأبرز رموز المقاومة الذين تقلّدوا مناصب عليا في الحكومة والإدارة المغربية الجديدة، كما ربطته علاقة متينة بالملك محمّد الخامس. وفي هذا الصدد يكفي القول بأنّ حافظ إبراهيم هو الذي أقنع الملك محمّد الخامس بوجوب التحوّل إلى تونس رفقة قادة جبهة التحرير الجزائرية لعقد الندوة التونسية – المغربية حول القضية الجزائرية. غير أنّ السّلطات الفرنسية قد أقدمت على تحويل وجهة الطائرة المقلة لهم وإنزالها عنوة بمطار الجزائر العاصمة يوم 22 أكتوبر 1956. ولم تتوقّف علاقة الدكتور حافظ إبراهيم بالأسرة العلوية بالمغرب على الملك محمّد الخامس، بل تواصلت مع الملك الجديد الحسن الثاني منذ تسلّمه مقاليد الحكم بالمغرب بعد وفاة والده سنة 1961. فكان كلّما حلّ بالمغرب يُستقبل كشخصية سياسية مرموقة، كما كان يكلّف من حين إلى آخر من طرف المَلِكَيْن ببعض المأموريات الديبلوماسية الصعبة بمدريد أو بالجزائر العاصمة أو من طرف الحكومة الإسبانية لدى الحكومة المغربية بالرّباط.بطاقة مقاوم مسلّمة من السلطات المغبية للدكتور حافظ إبراهيم بتاريخ 21 مارس 1985تموين جيش جبهة التحرير الجزائرية بالأسلحة:بحكم المساعدة التي قدّمها للمقاومة المسلّحة المغربية تردّد إسم الدكتور حافظ إبراهيم في أوساط قيادة جبهة التحرير الجزائرية حتّى قُبيل اندلاع الثورة وذلك بغاية الحصول على السّلاح الضروري للمقاومة (أنظر الصورة المرافقة).الدكتور حافظ إبراهيم في صورة تذكارية إلى جانب أحمد بن بلّة وزوجته زهرةففي سنة 1954 وقبيل انطلاق عمل أحمد بن بلّة في بارن بسويسرا (حيث كان مكلّفا بالتنسيق مع المقاومة المغربية) انتظم لقاء بين الجزائري بن بولعيد والمغربي عبد الكبير الفاسي تمّ خلاله الاتّفاق على توحيد حركات التحرير بأقطار المغرب العربي الثلاثة في انتظار اندلاع الثورة المسلّحة بالجزائر. وفور انتهاء هذا الاجتماع توجّه عبد الكبير الفاسي إلى مدريد لإعلام حافظ إبراهيم بقرب اندلاع الثورة وحاجة المقاومة الجزائرية إلى السّلاح.وفي الأثناء تعرّف حافظ إبراهيم على محمّد بوضياف شُهر «محمّد مزّوني» وأحمد بن بلّة شُهر «محمّد الدريدي». ومنذ ذلك التاريخ شرع حافظ إبراهيم في توجيه السّلاح نحو الجزائر وفقا لقدراته والامكانات المادية للثّورة الجزائرية فكانت الصفقة الأولى من السّلاح التي استخدمها الثوّار الجزائريّون بتموين من حافظ إبراهيم على حد شهادة أحد قيادي جبهة التحرير الجزائرية، المناضل محمّد البجاوي نفسه1. وقبيل عودته إلى الجزائر أسند أحمد بن بلّة مسؤولية الاشراف على شبكة المخابرات لجبهة التحرير الجزائرية بإسبانيا إلى محمّد اليوسفي، الذي إتّصل بكل من عبد الكريم الخطيب و حافظ إبراهيم اللّذان مكّناه من جواز سفر يحمل إسم «مصطفى مالك: في خدمة سعادة سفير المغرب بإسبانيا». كما إلتقى حافظ إبراهيم بالسيّد الغالي العراقي الحسيني، أحد القادة البارزين في المقاومة وجيش التحرير المغربي. وإثر هذا اللّقاء بمدة وجيزة طالب الملك محمّد الخامس من هذا الأخير صرف المبلغ المالي الذي تبرّعت به الحكومة العراقية لفائدة جبهة التحرير الجزائرية. وإثر حصول المغرب على استقلاله واصل حافظ إبراهيم رفقة الدكتور عبد الكريم الخطيب مساعدة الثّورة الجزائرية ماديا ومعنويا. ففي يوم 20 أكتوبر 1956 حلّ أحمد بن بلّة بمدريد أين التقى بحافظ إبراهيم والأستاذ عبد الرحمان اليوسفي وأحمد بوضياف الذي أعلمهم بعد لقائه بالأمير مولاي الحسن برغبة والده السلطان محمّد الخامس الملحّة في مقابلة قيادة الثورة الجزائرية قبل تحوّله إلى تونس للمشاركة في أعمال الندوة التونسية- المغربية حول الثورة الجزائرية التي ستحتضنها تونس العاصمة بداية من يوم الإثنين 22 أكتوبر. وفي الساعة الثالثة والنصف تحديدا قدمت طائرة خاصة حملتهم إلى الرباط. وفي حدود الساعة السادسة مساءً التقى الملك محمد الخامس في مكتبه بكل من أحمد بن بلّة ومحمّد خيضر ومحمّد بوضياف وآيت أحمد ومصطفى الأشرف إضافة إلى الدكتور وعبد الرحمان اليوسفي وذلك بمحضر وليّ العهد الأمير الحسن (أنظر الصّورة المرافقة).الملك محمّد الخامس أثناء لقاءه بقادة جبهة التحرير الجزائرية بمكتبه بالقصر الملكي بالرّباط يوم 20 أكتوبر 1956 ويُرى الدكتور حافظ إبراهيم الثاني من اليسار إلى اليمينوإثر إلقاء القبض على قادة جبهة التحرير بعد تحويل وجهة طائرتهم أصبح «بوسوف» مسؤولا عن ج.ت.ج بالمغرب الذي كثّف اتصالاته بحافظ إبراهيم. ومنذ نوفمبر 1956 وعلى إثر الهزائم التي مُني بها جيش التحرير الجزائري أمام القوات الفرنسية قرّر الملك محمّد الخامس تكثيف مساعدته لج.ت.ج فأمر بصرف مبلغ 250 مليون فرنك لفائدة حافظ إبراهيم و الخطيب. وهو مبلغ مكّن من شراء 2750 بندقية من صنف موزر «Mauser» والمعدّات اللاّزمة لها. وقد نجح الدكتور حافظ إبراهيم في إفراغ هذه الشحنة بالمغرب ووضعها على ذمّة بوسوف بداية من فيفري 1957. وبعدها بمدة قصيرة أمدّ حافظ إبراهيم كريم بلقاسم بمبلغ قيمته 100.000 دولار، فيما أمدّ السيّد الشريف (مستشار الملك محمّد الخامس) محمّد اليوسفي مبلغا بقيمة 117 مليون فرنك لإعادة تنظيم شبكة تسليح الثّورة من مدريد.كما ربط حافظ إبراهيم في نفس الفترة علاقة متينة بوزير الدفاع الإسباني، مونوسوانتش، الذي أعرب عن استعداده لتقديم تسهيلات كبيرة للمساعدة على شراء السلاح للثورة الجزائرية شريطة موافقة الدولة المعنية بالصفقة. غير أنّ استعداد إسبانيا للدخول في منظّمة الحلف الأطلسي وتجديد ترسانتها الحربية قد حال دون ذلك. وهكذا يكون الدكتور حافظ إبراهيم قد ساهم مرّة أخرى انطلاقا من موقعه بمدريد في خدمة حركة المقاومة المسلّحة الجزائرية قُبيل اندلاعها في 1 نوفمبر 1954 وذلك بتقديم الدعم اللوجستي والمادي اللاّزمين لانجاح الثورة الجزائرية إلى غاية تحقيق الجزائر لاستقلالها سنة 1962. وبعد استقلال الجزائر حافظ المترجم له على علاقات وطيدة بقادة الحكومة الجزائرية فكان دوما محلّ ترحاب واستقبال من طرفهم عند حلوله بالجزائر، سواء في زيارة رسمية لإحياء ذكرى أو مناسبة سياسية وطنية، أو لحضور مؤتمر أو ندوة علمية تُعنى بتاريخ الثورة الجزائرية، فلا يتردّد كبار المسؤولين في الحزب والدولة في تكليفه بالقيام ببعض المهامّ الدقيقة لدى حكومة مدريد. ونتيجة لهذا الدور المتميّز في المصالحة بين الدول لم تتردّد رئيسة الوزراء في الكيان الصهيوني، السيدة ڤولدا ماير «Golda Meir» (1969– 1974) إثر حرب 1967 في الاتّصال بالدكتور حافظ إبراهيم عبر زميل وصديق له كان يدير مخبر دولي شهير للأدوية بفرنسا قصد التوسّط لإقناع بعض الملوك والرؤساء العرب بوجوب مد قنوات حوار مع دولة إسرائيل تمهيدا للتطبيع التدريجيّ معها، وهو مقترح رفضه قطعيا الدكتور حافظ إبراهيم.خاتمة:هكذا كان الدكتور حافظ إبراهيم كما شبّهه بعضهم ب «جندي شمال إفريقيا المجهول» أو بمثابة « مادة الأقليتينين «L?Aglutinine» التي تجمع بين الأضداد ومِلْكًا لشمال إفريقيا كلّها يعمل على جميع الجبهات… « على حد قول رفيق دربه الدكتور عبد الكريم الخطيب.لئن رحل عنّا حافظ إبراهيم فإنّ مآثره ونضالاته وبصماته على الساحة السياسية المغاربية لا تحصى ولا تعد. فبالرغم من استقراره بإسبانيا فلم يميّز إطلاقا بين القضية التونسية والقضيّتين الجزائرية والمغربية، فلم يبخل ولو لحظة واحدة عن تقديم يد المساعدة بكل الطرق والوسائل التي كانت بحوزته حتى تقتلع بلدان المغرب العربي الثلاث استقلالها من فرنسا وتنعم شعوبها بالحرّية. أملنا أن يهتمّ باحثوا ومؤرّخوا المغرب العربي بهذا المناضل المغاربي الأصيل ومآثره وأن يُطلق اسمه على نهج أو ساحة بتونس العاصمة وكبرى المدن التونسية وأن تحمل مؤسّسة أو جائزة تُعنى بالتقارب والعمل المغاربيَيْن اسم الراحل حافظ إبراهيم.د.

 

عادل بن يوسف – كلية ىلآداب والعلوم الإنسانية بسوسة – (قسم التاريخ)

 

1 محمّد البجاوي، حقائق حول الثورة الجزائرية، منشورات قالّيمالر، باريس 1970، ص 126.

(بالفرنسية):Mohameed Lebjaoui, Vérités sur la révolutionalgérienne, Gallimard, Paris, 1970, p. 126


شبح الرّعب النووي أمام الغرب و « إسرائيل » (2)


بقلم:   د.أحمد القديدي*   نواصل عرض أهم ما جاء من مواقف و من توصيات قي مؤتمر برلين حول الملف النووي الإيراني الذي تحدثنا عنه في مقالنا السابق حيث ظل المؤتمر يراوح مكانه بين هذين الموقفين المتناقضين: موقف الصقور الغربيين و الإسرائيليين الداعي إلى الحرب و موقف من نسميهم العقلاء الداعين إلى التعاطي السياسي مع الأزمة. الى أن تقدم أحد المشاركين من المجموعة الدولية للأزمات ( أنترناشنال كريزيس جروب) الدكتور غولديمان فنعت الموقفين الإسرائيلي و الإيراني بأنهما تنقصهما المرونة و لا يتحليان بالقدر الأدنى من الثقة المتبادلة، و قال بأن الحكمة تقتضي عدم المطالبة بوقف تخصيب اليورانيوم ثم انتظار أن تخالف طهران بنود اتفاقية عدم الانتشار لتسليط عقوبات عليها إذا ما ثبت أنها  تسعى لإنتاج السلاح النووي. و أكد المتحدث بأن وكالة الطاقة الذرية لها من الخبراء و المعرفة ما يجعل المجتمع الدولي يطمئن إلى مراقبتها و نتائج تحرياتها، و أضاف أنه في حال سعي إيران إلى امتلاك الطاقة النووية المدنية فان دول العالم تقرر مساعدة إيران في جهودها تلك. و أوضح بأن على إيران مواصلة التخصيب الضعيف لليورانيوم في مفاعل بوشهر و فتح أبواب المراقبة للوكالة بصورة كاملة. و جاءت ردود الفعل من بعض الجهات الأمريكية والإسرائيلية منددة بهذا المقترح بدعوى أن المراقبة الناجعة مستحيلة و باعتبار أن أمن إسرائيل في خطر محدق و بأن البرازيل سبق أن اغتنمت مثل هذا التعاطي لتصنع سلاحا نوويا.

لكن المفاجأة الكبرى في المؤتمر جاءت من مداخلة رئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي السابق زبيغنيو بريزنسكي  الذي ساند هذا المقترح بحماس، قائلا بأن الخطر يكمن في أن تحذو دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط حذو إيران و تسعى هي الأخرى لامتلاك السلاح النووي، أما إذا التحقت إيران بباكستان و الهند فهي تظل تحت طائلة رد الفعل الدولي على أيدي الولايات المتحدة و رد الفعل الإقليمي على أيدي « إسرائيل ». و كانت حجة بريزنسكي هي أن السلاح النووي الإيراني لا يشكل تهديدا لأمن الولايات المتحدة الأمريكية بسبب عدم تكافأ القوى أما « إسرائيل »، يقول المسؤول الأمريكي السابق فإنها تملك التجربة و العتاد النوويين منذ عقود و قادرة على الدفاع عن أمنها.

و يتقدم بريزنسكي بسلة من المقترحات أمام ممثلي إيران فيقول: علينا نحن الأمريكان أن نفتح مفاوضات مباشرة مع الإيرانيين مع عدم عدائنا لمحادثات الثلاثي الأوروبي الفرنسي و الألماني و البريطاني لكن بتوخي نفس الطريقة التي جربناها مع كوريا الشمالية حين تفاوض ست حلفاء مع الحكومة الكورية، و أن نتخلى عن الخيار العسكري لأنه غير ناجع و يحمل مخاطر لا تقدر اليوم و غدا، واضعين نصب أعيننا هدف تأجيل البرنامج النووي الإيراني إذا عجزنا عن إيقافه.

ثم قدم بريزنسكي رؤيته الأشمل للملف الإيراني فقال انه من المستحيل معالجة القضية النووية الإيرانية بمعزل عن محيطها الاستراتيجي، و اقترح الخبير الأمريكي وضع هذا الملف في دائرة أوسع من القضايا الجيواستراتيجية الإقليمية و الدولية وهي حسب رأيه:

1- ضرورة العمل في الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي على إيجاد صيغ مقبولة وسريعة و عملية للقضية الفلسطينية بتحريك مسار السلام الذي تعطل لأن هذا الصراع المفتوح سيظل المهيمن الرئيس على كل السياسات في العالم الإسلامي.

2- وضع خطة للخروج من المأزق العراقي بالرجوع إلى الخطة الرباعية التي اقترحتها (هذا كلام بريزنسكي نفسه) و تعلق الاعلامية موريال ميراك ويسباخ على هذه المقترحات فتقول في صحيفة نوفل سوليداريتي الفرنسية: لاحظنا بأن الوفد الإيراني المشارك في مؤتمر برلين تعاطف مع هذه المقترحات و نحن نعتقد بأنها فرصة ملائمة للسلام و معالجة الملف النووي الإيراني في حزمة التعاطي الأشمل مع قضايا الصراع في الشرق الأوسط و تحديدا في فلسطين و العراق. و تتساءل الإعلامية: هل تستطيع واشنطن و لندن اقتناص هذه الفرصة التاريخية المتاحة لهما و الخروج من أزمة منذرة بكل المخاطر؟   *رئيس الأكاديمية الأوروبية للعلاقات الدولية بباريس (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 153 بتاريخ 3 أوت 2010)

 


ماذا لو نجحت المفاوضات؟


عبد الباري عطوان

كان المرحوم جمال الصوراني (ابو عمر) عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية يجسد ‘الحكمة’ في قراراته ومواقفه، ويكفي انه حصل على ليسانس الحقوق من الجامعة الامريكية في بيروت، عندما كان اهل قريتي يذهبون الى مدينة يافا (ايام عزّها) من اجل فك طلاسم رسالة مكتوبة تصل اليهم من الحاكم البريطاني، او ادارته، لان غالبيتهم الساحقة كانوا اميين. الرجل كان الى جانب حكمته، يتمتع بالظرف، وسرعة البديهة والنكته المعبرة، وهذا ما يفسر حرص الرئيس عرفات على ان يكون احد ابرز رفقائه في معظم سفراته الخارجية.

مناسبة حديثنا عن المرحوم الصوراني واقعة قد تلخص لنا حقيقة المواقف الفلسطينية والعربية بل والدولية تجاه المفاوضات المباشرة التي انطلقت رسمياً يوم امس الاول، ففي احد ايام شهر كانون الاول/ديسمبر عام 1990، اي بعد اربعة اشهر على غزو القوات العراقية للكويت، وتصاعد المؤشرات على احتمال حدوث عدوان امريكي على العراق انتقاماً و’تحريراً’ للامارة، زار وفد فلسطيني برئاسة المرحوم الشهيد عرفات بغداد وكان السيد الصوراني عضواً في الوفد، فبادر الرئيس صدام حسين الى اقامة مأدبة غداء على شرفه، اي الوفد. واثناء الغداء اسهب الرئيس العراقي في وصف قوة العراق وثقته في صد اي عدوان امريكي، وهزيمته. المرحوم الصوراني لم يتحل بفضيلة الصمت، او هزّ الرأس تأييداً وتأكيداً، مثل الاعضاء الآخرين في الوفد، فبادر الى توجيه سؤال للرئيس صدام: ‘سيدي الرئيس انا لا أشك بكل كلمة قلتها حول قوة العراق.. ولكن افرض.. مجرد الافتراض ان العراق هُزم، حتى لو كان هذا الاحتمال اقل من خمسة في المئة، هل حسبتم حساب ذلك؟.. الرئيس الذي فوجئ بالسؤال رد بأن العراق سينتصر (وكان يبني حساباته على ان امريكا لن تهاجم العراق، وقال لي عرفات شخصياً ان جهات كبرى، رفض ان يسميها، اكدت له اي لصدام ذلك)، وطمأن الحضور بنبرة واثقة. وهنا قال السيد الصوراني سيدي الرئيس انا اقول افرض.. افرض.. وهنا لكزه الرئيس عرفات في ساقه من تحت الطاولة، طالبا منه الصمت بعد ان لاحظ امتعاض الرئيس صدام (الاستاذ عبدالله حوراني احد شهود هذه الرواية).

النغمة السائدة حالياً في اوساط النخبة السياسية والشارع الفلسطيني في آن، وبعض الصحف العربية، تعكس رهانا على فشل المفاوضات المباشرة، ويكاد يجمع الجميع على هذه النتيجة، ويسردون القرائن التي تؤكد وجهة نظرهم هذه، ونحن معهم، ولكن ماذا لو حدث العكس، وتمخضت المفاوضات عن تسوية رغم ضعف هذا الاحتمال؟ وجرى فرضها بالقوة، والتواطؤ العربي، والقمع الاسرائيلي، والجبروت الامريكي، على الفلسطينيين، وبعد عرضها على مجلس الامن الدولي واعتمادها كتسوية دولية؟ فهل هناك خطة، لدى حركات المعارضة، والرافضين لهذه المفاوضات، لمواجهة مثل هذا الاحتمال الكارثي في حال جاءت هذه التسوية التي لا توفر الحد الادنى من المطالب الفلسطينية؟

قد يجادل البعض بأن اتفاقات اخرى جرى توقيعها وفشلت، او جرى افشالها، وان الفلسطينيين صمدوا في كامب ديفيد عام 2000، ورفضوا الضغوط الامريكية، فلماذا لا يتكرر الشيء نفسه هذه المرة ايضاً. فلماذا القلق والتطيّر، واطلاق صرخات الهلع والعويل مبكراً، وبعد يوم واحد من بدء المفاوضات؟

الرئيس عباس يتبنى استراتيجية واضحة، ملخصها انه لن يقول ‘لا’ لامريكا حتى لا يُتهم بانه الطرف المسؤول عن افشال المفاوضات، والعملية السلمية بالتالي، ولهذا قرر الذهاب الى واشنطن، والمشاركة في المفاوضات المباشرة متنازلاً عن كل لاءاته السابقة، وقال في تصريحات ادلى بها في اليمن (واحدة من الدول القلائل التي تستقبله حالياً) انه لن يخسر شيئاً اذا ما ذهب وفشلت المفاوضات.

الامريكيون يعرفون هذه الاستراتيجية، ونتنياهو يحفظها عن ظهر قلب، ولذلك يضغطون عليه وهم مطمئنون انه سيرضخ في النهاية لاملاءاتهم، فنتنياهو اصر على المفاوضات المباشرة، وكان له ما أراد، وتشدد في ضرورة الذهاب دون شروط مسبقة او مرجعية للمفاوضات، وحصل على ما طلب، واشترط ان تكون المفاوضات بينه وبين الرئيس عباس كل اسبوعين وفي جلسات مغلقة، فلم يجد غير السمع والطاعة، ولم يبق الا طلب واحد، مؤجلة الاجابة عليه، وهو اعتراف السلطة باسرائيل كدولة يهودية، وستتم تلبية هذا الطلب بالقياس لما حصل في الطلبات السابقة.

نتنياهو سيخرج فائزاً في حال فشل المفاوضات او نجاحها، فاذا فشلت فهذا يعني انه لم يقدم اي تنازلات للفلسطينيين، الامر الذي سيجعله بطلاً في اوساط حلفائه وائتلافه، واذا نجحت فانها ستنجح بشروطه، اي الحفاظ على القدس موحدة مع تنازلات شكلية طفيفة، والاعتراف بيهودية اسرائيل، ومتطلباتها الامنية اي السيطرة على حدود الدولة المنزوعة السلاح مع الاردن.

الرئيس عباس سيخرج خاسراً في الحالين، الفشل او النجاح. فالفشل يعني عدم تعاطيه بايجابية مع الشروط الامريكية التي هي اسرائيلية في الاساس، مما قد يؤدي الى اسقاطه من السلطة ورئاستها، واستبداله بشخص آخر ‘اكثر تجاوباً’ (سلام فياض مثلاً) او حل السلطة من الاساس. اما نجاحه في الوصول الى تسوية، ودون تفويض شعبي او مؤسساتي فلسطيني مثلما هو حاصل حالياً، فهذا يعني ‘تخوينه’ وربما التمرد عليه داخلياً، ان لم يحدث ما هو اكثر من ذلك. ***

صحيح ان الرئيس عباس يحظى بغطاء عربي يتمثل في حضور الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الاردني الملك عبد الله لحفل تدشين انطلاق المفاوضات، وبيان سعودي بمباركة هذه الخطوة، ولكنه غطاء واحد مفروض بالترهيب ايضا وكل يشارك لاسبابه واجنداته التي لا علاقة لها بالاجندة الفلسطينية على اي حال، واذا وجدت هذه العلاقة فبشكل ضعيف ولكن ما يحتاجه الرئيس عباس هو الغطاء الفلسطيني، وهو ما يفتقده حالياً. فعرفات فضل الغطاء الفلسطيني على الغطاء العربي، ولهذا خرج بطلاً من كامب ديفيد، ودخل التاريخ كأحد اعظم شهداء القضية العربية والاسلامية، وغفر له الكثيرون معظم اخطائه.

هناك خطران كبيران يواجهان الشعب الفلسطيني من جراء الانخراط في هذه المفاوضات المباشرة، وما قد يتمخض عنها:

الاول: تغييب الشعب الفلسطيني بالكامل عن هذه المفاوضات، فهي ستكون في معظمها سرية ومغلقة بين عباس ونتنياهو، مثلما حدث في الاجتماع الاول في واشنطن، ولا احد يعرف ما دار بينهما بمن في ذلك المرافقون ‘الاربعة المُبشرون بالدولة’. فماذا يطبخ عباس مع نتنياهو في الغرف المغلقة لا احد يعرف غيرهما. الثاني: تأكيد عباس بانه سيطرح ما يمكن ان يتوصل اليه من اتفاقات على الشعب الفلسطيني في استفتاء عام. فالسؤال هو كيف سيتم هذا الاستفتاء، وهل سيشمل اهالي غزة، او الفلسطينيين في الشتات الذين هم اكثر من ثلثي الشعب الفلسطيني وكيف، وما هي الضمانات بعدم تزويره، وشاهدنا ديمقراطية السلطة في انصع صورها من خلال الاعتداء بالضرب على حلفائها والشخصيات المستقلة الداعمة لها اثناء ندوة النادي البروتستانتي في ميدان المنارة في رام الله.

نضال الرئيس عباس والمجموعة المحيطة به بات محصوراً حالياً في مسألة تمديد تجميد الاستيطان في القدس المحتلة والضفة الذي ينتهي في 26 من الشهر الحالي، فماذا لو جرى ‘نحت امريكي’ مرفوق بضغوط لصيغة ما لتجاوز هذه المسألة، بحيث يستمر الاستيطان في مناطق ويتوقف في مناطق اخرى؟

نحذر من امكانية التوصل الى تسوية منقوصة ومفروضة لان هناك مخارج عديدة لتزوير الحقائق، فماذا لو قال لنا صائب عريقات ان كل ما فعله الرئيس عباس هو القبول بما قبله الرئيس عرفات في كامب ديفيد، مع بعض التعديلات البسيطة مثل الالتفاف على مسألة السيادة في القدس، مضافاً الى ذلك ان الظرف الدولي تغير، وان الفلسطينيين في وضع ضعيف، وبدون غطاء عربي لنضالهم بعد ان تخلى عنهم العرب كلياً وتركوهم وحدهم يقررون شأنهم. طبعاً لن يذكرنا احد بالقرار الوطني الفلسطيني المستقل وعن العرب بالذات الذي كان موضع فخر للمنظمة وجماعتها. *** حركة ‘حماس’ ارادت ان توصل رسالة قوية عشية انطلاق المفاوضات من خلال العملية الفدائية الموجعة في الخليل، مفادها ‘نحن هنا’، ولكن السؤال المشروع الذي يطرحه الطرف الآخر هو: اذا كانت الحركة قادرة على تنفيذ عمليات ضد اهداف اسرائيلية في الضفة في الوقت والمكان اللذين تشاء، فلماذا تأخرت ثلاث سنوات على الأقل، ثم لماذا لم تتزامن هذه العملية مع اخرى من قطاع غزة، مثل استئناف الصواريخ مثلاً؟

ندرك جيداً ان لحركة ‘حماس’ اسبابها، مثلما ان لها ردودها ومبرراتها. ولكن نرى من حقنا ان نسمع اجابات مقنعة على هذه التساؤلات المطروحة في الشارع. ولعل النقطة الاخرى التي تستحق التوقف عندها هي الصمت السوري الرسمي على المفاوضات المباشرة، فباستثناء مقالات افتتاحية في بعض الصحف السورية تندد بها، لم نسمع مسؤولاً سورياً واحداً اعطى رأيه بها على غرار ما فعلته ايران ورئيسها.

ثلاثة عشر فصيلاً فلسطينياً اجتمعت في دمشق واتفقت على تصعيد المقاومة في الاراضي المحتلة كرد على المفاوضات المباشرة، هذا قرار جميل، ولكن المفروض ان تتصاعد هذه المقاومة لان هناك احتلالاً وبغض النظر عن عقد مفاوضات مباشرة او عدمه.

العملية الفدائية الانجح والاكثر تأثيراً في المفاوضات المباشرة ورعاتها والمشاركين فيها هي التي يمكن ان تنفذها كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية، وتتمثل في اعلان الانسحاب من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، او تجميد هذه العضوية ومقاطعة اجتماعات اللجنة حتى يتم اصلاحها بحيث تضم فصائل المقاومة الفاعلة وتكون اكثر تمثيلاً للشعب الفلسطيني. فالانسحاب او التجميد سيسحب شرعية التفاوض باسم الشعب الفلسطيني من الرئيس عباس. الجبهة الشعبية اعلنت انها تدرس مسألة تجميد عضويتها في اللجنة قبل ايام، ونأمل ان لا تستغرق هذه الدراسة اشهراً او سنوات. فالمسألة لا تحتاج الى دراسة، خاصة بعد ان تعرض مسؤولون فيها للضرب والاهانة، عندما قرروا معارضة المفاوضات المباشرة في ندوة النادي الارثوذكسي.

يجب ان نعترف بان ما افشل اتفاقات اوسلو بروز البديل الفلسطيني المقاوم (حركات المقاومة الاسلامية الى جانب كتائب شهداء الاقصى التابعة لحركة فتح) ورفض اسرائيل تنفيذ هذه الاتفاقات. ولذلك لا بد من استيعاب هذا الدرس، والعودة الى الانتفاضة، خاصة في الضفة الغربية المحتلة كرد على السلام الاقتصادي ومشروع اعلان دولة مسخ يجرى الاعداد له حالياً من خلال هذه المفاوضات.

العالم الغربي ليس مؤسسة خيرية تتعاطف مع الضعفاء، وانما هو عالم لا يتحرك الا اذا تهددت مصالحه الاستراتيجية، فقد صمت بشكل مخجل على قطاع غزة، ولم يتحرك ضد الحصار الا بعد مجزرة سفن الحرية، وادانة اسرائيل عالمياً كدولة مارقة، وبدء عملية نزع الشرعية عنها. الولايات المتحدة القوة الاعظم في العالم لم تهرب من العراق تحت جنح الليل الا بسبب المقاومة، وهي تستعد للتسليم بهزيمة اخرى في افغانستان بسبب شجاعة الطالبان ورغبتهم الجامحة بالتضحية من اجل وطنهم.

من العيب ان نذكّر الشعب الفلسطيني بهذه البديهيات وهو السيد في هذا الميدان، ومن العار ان يبحث البعض عن اعذار وحجج لتبرير استسلامهم او رضوخهم للامر الواقع السيئ والمهين، مثل عدم توازن القوى او غياب الدعم العربي.

 (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 4 سبتمبر 2010)


المفاوضات المباشرة: «من أول جولاته كسر عصاته»


عريب الرنتاوي

ماذا يعني « اتفاق الإطار » الذي سيجري التوصل إليه في نهاية عام من المفاوضات المباشرة، ماذا عن « التفاصيل » التي تقبع تحتها وخلفها كل شياطين الأرض، ألم تكن هذه « التفاصيل »، إن جاز لنا أن نسميها كذلك، هي السبب في انهيار كامب دايفيد الثانية تموز – يوليو 2000؟ ما الذي سيندرج في إطار « اتفاق الإطار » وما الذي سيترك خارجه؟

ثم من ذا الذي سيضمن تطبيق الاتفاق على امتداد عشر سنوات، وهل ضمن الفلسطينيون من قبل تنفيذ اتفاق أوسلو « الإطاري » أيضاً في نهاية خمس سنوات – وليس عشرة – هي عمر المرحلة الانتقالية، أما تزل كثير من بنود الاتفاق ب عالقة في الهواء برغم مرور 17 عاماً على توقيعه؟…

من الذي سيقرر بأن الفلسطينيين قد أنجزوا ما عليهم من استحقاقات وأن الوقت قد حان لكي ينتقل الإسرائيليون لتنفيذ « الدفعة التالية » من الاستحقاقات المتوجبة عليهم، ألم نجرّب ذلك من قبل، ألم نشهد هذه المسرحية العبثية من قبل، ألم يقل العالم كله بأن الفلسطينيين أوفوا بعهودهم، من دون أن ينجح في « زحزحة » « إسرائيل » قيد أنملة عن مواقفها المتعنتة، ما الذي سيمنع هذه الحكومة أو الحكومات التي ستليها في « إسرائيل » من أن تدعي دائما بأن الفلسطينيين مقصرون في أداء قسطهم من الاستحقاقات، وهل نستبعد أن يتذرعوا غداً بعجز سلطة رام الله عن تعديل صورة اليهود في الدين الحنيف للقول بأن هذه السلطة ما زالت تمارس التحريض، وأن « إسرائيل » لن يكون بمقدورها الانتقال خطوات إضافية للأمام على طريق تطبيق « اتفاق الإطار »، ما لم تقدم سلطة رام الله على إعادة صياغة وتنقيح « خطاب الوحي »؟. ليس استباقاً للأمور، ولا هو حكم مسبق لمآلات آخر جولة من التفاوض المباشر وحصادها، ولكنها القراءة المتأنية لمشهد اليومين المتعاقبين في واشنطن، حيث تكشفت لنا « لغة الجسد وإيماءاته » و »قراءة الوجوه وقسماتها » عن أن السلطة كانت تعاقب نفسها بالاستنكاف عن الالتحاق بركب المفاوضات المباشرة، إذ بدا الانفراج مرتسماً على ملامح أركانها ومحيّا رموزها وابتساماتهم العريضة التي لم تنقطع لنتنياهو وغيره من نظرائهم الإسرائيليين، لقد بدوا متلهفين لهذا اللقاء ومتشوقين لاستئناف طقوس التفاوض التي أدمنوا عليها لعشرين عاماً متصلة، لقد أكثروا من اللقاءات المنفردة الطويلة والجماعية الأكثر طولاً، دفعة واحدة انهارت كل الحواجز والجدران، وتبادل الجانبان الأنخاب على وقع الاتفاق العميق على استئصال قوى التطرف والغلو التي تحاول تعكير صفو المفاوضات، وكان صدى تفاهماتهم في واشنطن، يتردد في الخليل ورام الله ونابلس وغيرها من مدن الضفة، وينعكس نشاطاً محموماً وتنسيقاً حميمياً لملاحقة فلول حماس وأنصارها وكوادرها في الضفة، في حملة مكارثية تكاد تأتي على الأخضر واليابس.

سنعود بدءاً من منتصف أيلول للصور التي تذكر بلقاءات عباس – أولمرت نصف الشهرية، في منزله – رمز فساده – وفي سقيفة يوم العرش التي استظل كبار المفاوضين الفلسطينيين بظلالها تعبيراً عن الرغبة في مشاركة جيرانهم أحد أعيادهم الدينية، وسنعاود التفرج على المسرحية السمجة ذاتها.

لن يعكّر صفو هؤلاء إلا اضطرارهم مرة أخرى للتنازل عن « شرط وقف الاستيطان » واستمرار العمل بقرار التجميد الكاذب والمخادع، لأنهم سيصدعون لتحذير أوباما الأخير: إن انسحبتم من المفاوضات فأنتم وحدكم الخاسرون، وسيجدون أنفسهم بعد عام أو أقل كثيراً، على عتبة التنازل الأكبر عن مطلبهم بالحل النهائي الشامل والتنفيذ قصير المدى للاتفاقات المبرمة، سيدخلون في لعبة اتفاق الإطار والتنفيذ على مدى عشر سنوات، وسيدفعهم خوفهم من انهيار الأمور تحت وقع عمليات حماس المتجددة، إلى المزيد من « المرونة » أمام المطالب الإسرائيلية الأمنية وغيرها، وسنكون مرة أخرى أمام الحل على مراحل، أو الحل الانتقالي المرحلي بعيد المدى. أما إن كانت شروط نتنياهو التفصيلية من النوع العصي على الهضم والابتلاع، فسنعود للعبة التلاقح الخطر بين سلام نتنياهو الاقتصادي وسلام فيّاض المؤسساتي، ولعلها « صدفة خير من ألف ميعاد » أن يتزامن موعد انتهاء المفاوضات المباشرة مع موعد انتهاء بناء مؤسسات الدولة العتيدة، أواخر آب بداية أيلول القادمين. هل ثمة صدفة تتكشف عن ضرورة أكثر من هذه الصدفة، سؤال نبقيه برسم القارئ العزيز.

(المصدر: صحيفة « الدستور » (يومية –  الأردن) الصادرة يوم 4 سبتمبر 2010)

 

Home – Accueil الرئيسية

 

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.