السبت، 23 يناير 2010

TUNISNEWS

 9ème année, N°3532 du 23 . 01. 2010

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادقشورو

وللصحافيين توفيق بن بريك وزهيرمخلوف

ولضحايا قانون الإرهاب


اللجنة التونسية لحماية الصحافيين:رفض الإفراج عن الزميل توفيق بن بريك

حــرية و إنـصاف:قضية توفيق بن بريك:المحكمة ترفض مطلب الإفراج والتصريح بالحكم في 30 جانفي

المجلس الوطني للحريات بـتونس:مذكرة في شرح الخلفية الكيدية لملف الصحفي توفيق بن بريك

الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي:بيــــــان

يو .بي .آي:مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يزور تونس

حــرية و إنـصاف:المقرر الأممي الخاص بحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية يؤدي زيارة إلى مقر منظمة حرية وإنصاف

الرابطةالتونسية للدفاع عن حقوق الإنسان– فرع بنزرت: بــيــان: إلى الرأى العام

كلمة:بعد عام على وعد أوباما بإغلاق معتقل غوانتنامو، مصير ثمانية تونسيين لا يزال مجهول

الصباح:خلافات… كر وفر في قطاع المحامين

رشيد خشانة:مطبخ قرار أوروبي يحث على الحوار مع الحركات الإسلامية المغاربية

المرصد التونسي:اعتداءات وتجاوزات على المربين في مكثر

المرصد التونسي:النقابي الحبيب بسباس :بيان

البديل عاجل:التلاميذ يصنعون الملاحم

الوطن:الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان هل هي بداية حل ..ونهاية أزمة؟

الأينوبلي في حديث لصحيفة « التونسية » الالكترونية: نعم الشعب التونسي كبير وعظيم ولذلك من حقه مطالبة فرنسا بالاعتذار

الشروق:بن علـي فــي مجلس الـوزراء: نحن في بلد ديمقراطي تعدّدي… الإعلام فيه حرّ والمواطن مسؤول

عبدالباقي خليفة : عندما يحول بن علي تونس إلى غابة النظام التونسي يحتقر الشعب ..

البديـل عاجل: »اِلـِّي تعرفو خير مِ اللي ما تعرفوش »(من تعرفه أفضل ممن لا تعرفه)

توفيق العيّاشي:غلق عدد من المراكز العموميّة للانترنت بسبب عدم التزام أصحابها بالكشف عن هويّات المبحرين

الشرق الأوسط:خبير اقتصادي تونسي يشكك في الأرقام الرسمية حول البطالة

الوطن:سؤال إلى القائمين على إعلامنا العمومي:هل تمّ التّفويت في برامج قناة تونس7 من حيث لا نعلم ؟!!

الصباح:العمرة تعود في 20 فيفري والتلقيح إجباري

الوطن:خطاب  » الهجاء  » وتبخيس السّياسة

البديل عاجل:في ضوء التصنيفات العالمية الجديدة :الجامعة التونسية تتهاوى في « عهد التغيير » البديل عاجل:صمود أسطوري رغم اشتداد الحصار وتعدّد المؤامرات عبد الباري عطوان:نهج القرضاوي هو المستهدف


(Pourafficher lescaractèresarabes suivre ladémarchesuivan : Affichage / Codage /ArabeWindows)To read arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)


منظمة حرية و إنصاف

التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

نوفمبر 2009

https://www.tunisnews.net/31Decembre09a.htm

 


 

اللجنة التونسية لحماية الصحافيين

تونس في 23 جانفي 2010

رفض الإفراج عن الزميل توفيق بن بريك


 

نظرت محكمة الإستئناف بتونس اليوم السبت 23 جانفي 2010 في قضية الزميل توفيق بن بريك  مع منع شقيقه السيد جلال بن بريك من حضور المحاكمة ، وبعد الإستماع إلى مرافعات الأساتذة المحامين الذين دفعوا بعدم وجاهة التهم الكيدية الموجهة للزميل وطالبوا بالإفراج عنه وبإجراء مكافحة مع المدعي، قررت المحكمة رفض طلب إجراء المكافحة بما يعد خرقا واضحا لحقوق الدفاع وفقا لما أكده للّجنة الأستاذ عبد الرؤوف  العيادي وحفظ القضية للنظر إثر الجلسة .  وفي ساعة متأخرة من نهار اليوم أعلنت المحكمة قرارها رفض طلب الإفراج عن الزميل بن بريك وتأجيل التصريح بالحكم إلى يوم السبت القادم 30 جانفي 2010 .  إنّ اللجنة التونسية لحماية الصحافيين :  – تُجدّد مطالبتها بالإفراج الفوري وغير المشروط على الزميل توفيق بن بريك الذي يُحاكم في الحقيقة من أجل كتاباته رغم فبركة سيناريو قضية أخرى يعرف الجميع أنها مُفتعلة . – تنبّه إلى خطورة الوضع الصحي الدقيق للزميل وتحمّل المسؤولية للحكومة على أي تدهور يلحقه وتعتبر عدم الإفراج عنه إمعانا في التنكيل به . – تجدد المطالبة بالإفراج عن الزميل الثاني المعتقل زهير مخلوف وتطالب برفع المضايقات الأمنية عن عائلته وعائلة بن بريك  . * اللجنة التونسية لحماية الصحافيين


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني: liberte.equite@gmail.com تونس، في 07 صفر 1431 الموافق لـ 23 جانفي 2010

قضية توفيق بن بريك: المحكمة ترفض مطلب الإفراج والتصريح بالحكم في 30 جانفي

 


مثل صباح اليوم السبت 23 جانفي 2010 أمام الدائرة الجناحية 14 بمحكمة الاستئناف بتونس برئاسة القاضي محمد علي بن شويخة للنظر في الاستئناف الذي تقدمت به النيابة العمومية طعنا في الحكم الابتدائي الصادر ضد الصحفي توفيق بن بريك والقاضي بسجنه مدة 6 أشهر من أجل تهمة الاعتداء بالعنف والاعتداء على أملاك الغير. وقد حضر عدد من المراقبين الأجانب بينما مُنع أفراد من عائلة الصحفي بن بريك ولم يسمح إلا لزوجته بالحضور، وغصت قاعة الجلسة بأعوان البوليس السياسي كما كان المشهد خارج المحكمة مماثلا إذ ضرب منذ الصباح الباكر طوق أمني بقوات كبيرة من الشرطة. وطالبت النيابة العمومية بتشديد العقوبة، ودافع عن الصحفي بن بريك عدد كبير من المحامين، تعرضوا للتجاوزات الخطيرة التي مرت بها أطوار المحاكمة وخرق الاجراءات الأساسية وانتهاك حقوق السيد بن بريك، وشدد لسان الدفاع على أن المحاكمة لم تكن عادلة وأن المحضر الذي تأسست عليه الإحالة هو محضر مزيف وأن منوبهم لم يمض على المحضر وأن الإمضاء الذي ذيّل به المحضر هو إمضاء مدلس وتوجسوا خيفة من أن الحكم الاستئنافي سيكون مطابقا للحكم الابتدائي وخصصوا جزءا من المرافعات للحديث عن عدم استقلالية القضاء وطالبوا في النهاية بنقض الحكم الابتدائي والقضاء من جديد بعدم سماع الدعوى، وفي صورة عدم إقناع المحكمة بذلك طالب لسان الدفاع إعادة استنطاق الشاهدين اللذين لم يقدما إثبات هويتهما. وقد قرر القاضي محمد علي بن شويخة مساء اليوم رفض مطالب الإفراج والتمديد للتصريح بالحكم إلى جلسة يوم السبت 30 جانفي 2010. وحرية وإنصاف: 1) تعتبر المحاكمة غير عادلة خصوصا وقد وقع هضم حقوق الدفاع ولم تحترم الاجراءات القانونية وتطالب بإطلاق سراح الصحفي توفيق بن بريك وإطلاق سراح جميع من وقع اعتقالهم من أجل آرائهم وانتماءاتهم. 2)تدعو السلطة إلى وضع حد للمحاكمات السياسية والتقيّد بالمعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس والتي تقضي بحماية الصحفيين والناشطين الحقوقيين.    
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


المجلس الوطني للحريات بـتونس

مذكرة في شرح الخلفية الكيدية لملف الصحفي توفيق بن بريك

تونس في 10 ديسمبر 2009  


ما حصل خلال الحملة الانتخابية الأخيرة وبعدها من اعتداء بالعنف الشديد والتهديد به وإيقاف الصحفيين زهير مخلوف ثم توفيق بن بريك الزغلامي واستهداف حرية التعبير بصفة عامة وحرية الصحافة بصورة خاصة، فالأمر يتجاوز ذلك ليتحوّل إلى تصفية حسابات يتولاها النظام بواسطة ميليشيات البوليس السياسي التي أوكل لها تنفيذ مخطط معدّ في أعلى مستوى السلطة قُصد منه ليس فقط التشفي ممّن تجرّأ عليها بواسطة قلمه، وإنّما أيضا إشاعة جوّ من الرعب والخوف وصولا إلى إسكات الأصوات الحرّة. والمطّلع على الملف القضائي الذي لفّق للصحفي توفيق بن بريك يقف على عدة شواهد مستمدة من أوراقه ذاتها، تؤكد الصيغة الكيدية للتتبّع الجاري ضدّه، وهو ما سنتناوله فيما يأتي من ملحوظات: ويمكن تلخيص مظاهر التلفيق في عناوين ثلاثة هي:   –       التزوير الحاصل من البوليس الذي حرّر المحاضر –       عدم البحث في الجرائم بصورة جدّية –       تضمين وقائع خيالية لا يقبلها المنطق السليم بنيّة التوريط.   1- في التزوير:
 
شابت الإجراءات التي تولاها البوليس عملية تزوير شملت عدة محاضر مثلما سيأتي بيانه 1-1 : يُلاحظ بداية أنّ سماع توفيق بن بريك من طرف بوليس « المنارات » لم يكن مضافا عند تصوير نائبيه لملف القضيّة عدد 24843/ 09 التي أحيل فيها، ليفاجأ لسان الدفاع بإضافته لاحقا وهو المحضر عدد 1402 / 1 المحرر بتاريخ 29 أكتوبر 2009 صحبة محضر احتفاظ عدد 517 الذي يحمل نفس التاريخ من طرف « ضابط الشرطة أوّل رشاد الفوغالي رئيس مركز الأمن الوطني بالمنارات ». وقد حمل إمضاءً نُسب إلى توفيق بن بريك الذي بعرضه عليه أنكر أن يكون قد أمضاها مؤكدا أنّ فريق البوليس الذي استقبله بمركز المنارات اكتفى بالتهجم عليه وكيل السباب له من أجل كتاباته. وتهمّد تجريده تماما من ثيابه قصد إهانته، ولم يجر بحثه في موضوع الاتهامات الموجهة إليه ولم يُقدم له محضر للإمضاء. ولعلّ ما جاء بمقدمة المحضر من إشارة إلى أنّه « وبتاريخ اليوم أمكن لأعوان المركز تقديم المعنيّ لمقر المركز.. » يؤكّد ارتكاب البوليس للتزوير المعنويّ إذ أنّه من المعلوم أنّ توفيق بن بريك قد تحوّل من تلقاء نفسه إلى المركز المذكور وقد صاحبه نشطاء المجتمع المدني نذكر منهم العياشي الهمامي ومحمد عبّو وراضية النصراوي، ولم يمثل أمام البوليس في حالة تقديم كما ضُمّن بالمحضر. كما جاء بهامش المحضر أنّ الموضوع يتعلق « بإيقاف مفتش عنه » وهو ما يعكس التعليمات التي تلقاها رئيس المركز وليس حقيقة الإجراء الذي حصل، إذ وكما أشرنا إليه فإنّ بن بريك حضر تلقائيا بالمركز المذكور ولم يجر إيقافه. ويتكرر التضارب في البيانات بين ما جاء بمحضر سماعه عدد 1402/ 1 ومحضر الاحتفاظ به عدد 517 والحاملين لنفس التاريخ، إذ نصّ بالمحضر الأوّل أنّه جرى سماعه وهو بحالة إيقاف على الساعة العاشرة والنصف- علما أنّ إجراء الإيقاف بتطلب تحرير محضر خاصّ به ينصّ عليه وعلى تاريخه يوما وساعة- في حين جاء بالمحضر الثاني أنّه تم الاحتفاظ به بداية من الساعة الحادية عشر والنصف صباحا، بما يعني أنّه كان بحالة سراح وليس بحالة إيقاف قبل سماعه. ويلاحظ من جهة أخرى أنّ ضابط الشرطة الذي تولى بحث المظنون فيه نصّ في مقدمة المحضر عدد 1402/ 1 « تبعا لمحضرنا عدد 1387 بتاريخ 22 أكتوبر 2009 موضوع الاعتداء بالعنف إلخ.. » كما أضاف في آخر المحضر المذكور : « نذكر للجناب أنّ محضر البحث عدد 1387 تمت إحالته على الجناب بتاريخ 26 أكتوبر 2009 حسب الإحالة عدد 1750 بتاريخ 26 أكتوبر 2009 ». وهو ما يعني أنّ مأمور الضابطة العدلية قد استكمل مهمّته على معنى أحكام الفصل 13 فقرة 1 من مجلة الإجراءات الجزائية، ولم يعد من صلاحياته سماع توفيق بن بريك إلاّ إذا صدر إذن كتابي من وكيل الجمهورية المختصّ ترابيا بإجراءات البحث طبقما تقتضيه أحكام الفصل 11 من المجلة المذكورة، إذ كان عليه تقديم المظنون فيه إلى وكيل الجمهورية بعد تحرير محضر في إيقافه لا غير. أمّا أن يتولى سماعه في موضوع التهم المنسوبه إليه فإنّ ذلك يعد تجاوزا لصلاحياته.      ولم يحصل الخرق المتقدم ذكره من باب الصدفة وإنّما كان عملا مبيّتا قُصد من ورائه تمكبن ضابط البوليس الذي تولّى البحث من نسبة تصريحات للمظنون فيه لم تصدر عنه تزويرا وتدليسا وهو ما حدا به إلى الطعن في المحضر المذكور بالتزوير بواسطة عريضة شكوى ضمنت بوكالة الجمهورية لدى محكمة تونس الابتدائية. 2-1 : وتتكرر عملية التزوير في المحاضر الحاملة للأعداد (1387/ 6، 1387/ 7، 1387/ 8) المحررة بتاريخ 24 أكتوبر 2009 حسب ما جاء ببياناتها. ·إذ يلاحظ أنّ المحضر عدد 1387/ 6 والمحضر 1387/8 قد نُصّ بهما على ذات الساعة (العاشرة والربع صباحا) تاريخا لبداية تحريرهما، وهو أمر لا يقبل منظقا وقد تولى ذلك نفس ضابط الشرطة. ·كما يلاحظ أنّ المحضر 1387/7 قد جرى تحريره بداية من الساعة العاشرة صباحا- وهو ما أضيف بخطّ اليد- على خلاف التنصيص الوارد بالمحضرين السابقين الذي تم بواسطة الكمبيوتر، وهو أمر لا يتطابق مع مبدأ التسلسل الزمني. فكيف يرر ذلك المحضر على الساعة 10.00 صباحا في حين نُصّ في الترتيب على أنّه أنجز بعد المحضر 1387/6 الذي يحمل بيان الساعة 10,15 ؟   تأتي القرائن المتظافرة المتقدم ذكرها لتجعل من الطعن في المحاضر بالزور أمرا جدّيا يتحتم معه إيقاف النظر في القضية إلى حين البت في الطعن المذكور، وقد تم تقديم ذلك الطلب إلى المحكمة المتعهدة بالقضيّة برئاسة القاضي فوزي الجبالي بجلسة 19 نوفمبر 2009 بواسطة لسان الدفاع عملا بأحكام الفصل 154 من مجلة الإجراءات الجزائية التي نصّت بفقرتها الثانية على ما يلي: « وإثبات ما يخالف تلك المحاضر أو التقارير يكون بالكتابة أو بشهادة الشهود ». إلاّ أنّ المحكمة المتعهدة رفضت الاستجابة لمطلب الدفاع في إيقاف النظر في القضيّة.   2 – في عدم البحث في الجرائم بصورة جدّية:
شابت إجراءات البحث في التهم المنسوبة للمظنون فيه تقصير فادح مثلما سيأتي تفصيله. حيث لم يتضمّن الملفّ من الأدلة ما تقوم به الجرائم المنسوبة للصحفي توفيق بن بريك، وقد تقاعس الباحث الابتدائي عن إجراء المكافحات المطلوبة بين المظنون فيه وزاعمة الضرر وبيم المظنون فيه والشاهدين المزعومين. كما رفضت المحكمة المتعهدة بالقضيّة استكمال الإجراءات المذكورة بالرغم من الطلب الذي دفعه عد من المحامين في الغرض، تطبيقا لأحكام الفضل 143 من مجلة الإجراءات الجزائية الفقرة 7 التي نصّت على ما يلي: « وتجري المكافحات اللازمة ». فالواضح أنّ ما كان مطلوبا هو وجود ملفّ مهما كانت الإخلالات والنقائص، به يمكن أن يكون ذريعة للقضاء لاستصدار حكم الإدانة المقرر مسبقا من طرف السلطة. فمن الإخلالات الجسيمة، أن يكون أحد الشاهدين غير معرف بهويته طبق القانون إذ نصّ على اسمه ولقبه (شكري العلوي) دون التنصيص على عدد بطاقة الهوية الوطنية التي يعتبرها قانون 1 جويلية 1968 الوثيقة الوحيدة التي تعرّف بهوية الشخص. كما أنّ محضر سماع زاعمة المضرّة لم يكن يحمل إمضاءها، إذ اكتفى رئيس مركز الأمن بوضع ختمه وإمضائه بأعلى المحضر عدد 1387. فالواضح أنّ المظنون فيه وجد نفسه أمام ضابط شرطة ثم أمام محكمة غير محايدين ومنحازين للجهة التي افتعلت الملفّ والتي تتعامل معها بالتعليمات وليس بالقانون.   3 – ثبوت نية التوريط لدى الباحث الابتدائي:

 للمرء أن يتساءل عمّا عاينه ضابط البوليس الذي تولّى البحث في التهم المنسوبة إلى الصحفي توفيق بن بريك، هل هي آثار صدمة أم آثار حادث مرور؟ فقد جاء بالمحضر عدد 1387 قوله: « نذكر أنّنا بمعاينة سيارة المتضررة من نوع رينو كليو شيبي ذات الرقم المنجمي 5387 تونس 66 عاينّا اعوجاج وتطبيق بالجناح الأيمن وتهشيم فانوس الإنارة الأمامي الأيمن ». فهل يقبل عاقل بما جاء بهذه المعاينة التي تبدو أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع، فكيف تحدث صدمة بين سيارة كانت راسية أمام الأخرى وفي حركة إلى الوراء وعلى قصر المسافة بينهما كلّ هذه الأضرار؟ فالمعلوم أنّ قوّة الصدمة محكومة بعنصرين حسب قانون الفيزياء، وهي الكتلة والسرعة. فلقياس قوة الصدمة تعتمد القاعدة (كتلة ضارب السرعة) (masse multipliée par vitesse). وحسب ما جاء على رواية زاعمة الضرر فإنّ الفاصل في المسافة بين السيارتين كان بسيطا، بما يجعل السرعة تميل إلى الصفر، فكيف حصلت الأضرار التي عاينها ضابط البوليس ؟ إلاّ أن يكون الأمر يتعلق بسيارة أخرى تعرضت لحادث مرور. فالواضح من هذه « المعاينة » التي تولاّها ضابط الشرطة أنّها ملفّقة ولا يمكن أن تكون قد جرت على سيّارة زاعمة الضرر لاستحالة حصول مثل تلك الأضرار وبذلك الحجم بسبب صدمة (على فرض وقوعها) على النحو الذي جاء برواية زاعمة المضرّة. ويلاحظ من جهة أخرى أنّ الشاهد المزعوم « شكري العلوي » الذي صرّح حرفيا بمحضر سماعه عدد 1387/2 المؤرخ في 22 نوفمبر 2009 : « شاهدت المتضررة.. تحاول المسك بأحد الأشخاص وتطلب منه التحوّل إلى مركز الشرطة.. ثم قام الرجل بدفع المتضررة والركوب في سيارته والانطلاق بها بعيدا ». أي إنّه لم يعاين صدمة سيارة لأخرى. لكن هاهو يصرّح خلاف ذلك صلب المحضر عدد 1387/8 المؤرخ في 24 أكتوبر 2009 إذ جاء قوله حرفيّا : « إنّ الصورة التي تعرضونها عليّ الساعة هي لنفس الشخص الذي واكبت بتاريخ 22 أكتوبر 2009 اعتداءه على المتضررة والإضرار بسيّارتها ».    الخاتمة  
 لم تقم المحكمة التي نظرت في القضيّة بدورها في تطبيق القانون وبدت منحازة عبر رفضها السماح للصحفي توفيق بن بريك تقديم روايته للوقائع التي أنكر حصولها مثلما جاء بمحاضر البحث، بتعمّد مقاطعته عدة مرات بل وأمَرته بالسكوت عندما حاول شرح الخلفية الكيدية للقضيّة مشيرا إلى دور المصالح المختصّة في افتعالها. وواصلت انتهاك حقوق الدفاع عبر رفض مطلب التأخير الذي تقدم به عدة نائبين جدد في القضيّة، كما رفضت النظر في المطالب الأوّليّة التي قدمها بعض الذين مكنتهم من الترافع من المحامين، قبل أن ترفع الجلسة فجأة وتحجزها للمفاوضة متعمّدة حرمان العديد من المحامين، قبل أن ترفع الجلسة فجأة وتحجزها للمفاوضة متعمدة حرمان العديد من المحامين من الترافع في القضيّة. صدور حكم بإدانة الصحفي توفيق بن بريك يوم 26 نوفمبر 2009 انتظره جميع النائبين في قصيّته بعد متابعتهم لفصولها المسرحية والتي قصّرت في توفير غطاء شرعيّ لعملية تصفية حساب مع صحفي مارس عمله بحرية وجرأة.  
عن المجلس عبد الرؤوف العيادي


الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي حريّة، هويّة، عدالة اجتماعيّة تونس في 23 جانفي 2010  بيــــــان  

خاض شباب الحزب الدّيمقراطي التقدّمي إضرابا رمزيّـا عن الطّعام بالمقر المركزي كما بالجهات يوم السّبت 23-01-2010 من السّـاعة السّـابعة صباحا إلى السّـاعة الخامسة مساءا. ويأتي الإضراب عن الطّعام الّذي شارك فيه عدد من كوادر الحزب وقياداته وعلى رأسهم الأمينة العامة السيّدة ميّة الجريبي للمطالبة بالإفراج  عن الصحفيّين المعتقلين زهيّر مخلوف وتوفيق بن بريك. وشارك في هذا الإضراب الوطني العشرات من شباب الحزب الدّيمقراطي التقدّمي ومناضليه وأنصاره وسط حضور أمنيّ كثيف خصوصا بالمقر المركزي للحزب الدّيمقراطي بالعاصمة. إنّ الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي إذ يحيّي تجاوب المناضلين مع هذه الدّعوة لإضراب رمزيّ، فانّه يؤكّد المضيّ قدما في تصعيد النّضال حتّى إطلاق سراح الأخ زهيّر مخلوف وزميله المعتقل توفيق بن بريك.   قائمة المضربين: تونس: وسام الصغيّر، اسماعيل دبارة، نزار بن حسن، رشاد شوشان، أمين العيّـاشي، أسامة بن عمر، الطيّب المشرقي، زياد الهادي، ليلى جميلي. الكاف: رضا كارم، سامي المكّـاوي، قيس الماجري، فؤاد نتشاوي، منير العبيدي. قابس: صالح مخلبي، غسّـان الرّقيقي، أسامة الجريدي، هيثم الجماعي، معز الجماعي. صفاقس: غسّـان البقلوطي، شهاب عبّـاس، وفاء الجوّة، عبد الله طاهري، مروى الرّديفي. القصرين: يوسف بالطيّب، عيسى القادري. باجة: الشّـادلي العبيدي، شهدي العبيدي، سهام بالحاج قاسم، عبد الحق عبيدي، حامد قصّـاب، شكري القسدلّي، حمّـادي الغربي، لزهر الضّـاوي، بليغ حمدي، منذر الذّيب، عادل غزالة، علي خالص، رانية محجوب، رشيد عمدون، فاضل منّـاعي. بنزرت: هيثم بن زيد، حسّـان الصّفاقسي، حمزة بولعابي، ياسين البجاوي، علي النّفاتي، محمّد الحبيب حمدي. مدنين: فتحي الرّحماني، عبد الجليل الحمّودي، أنيس  المدنيني، انتصار القمّودي، عبد الباسط عثمان، مختار بسيسة، صالح بالهويشات، حسن بالطيّب. تطاوين: أحمد فرحات الحمّودي، كمال نصر، حبيب الخرشاني، صالح الرّطيبي، مصباح شنيب. سوسة: حسّـان يونس، نافع راشد، لطفي زايد، سليم الحدّاد. الشّباب الدّيمقراطي التقدّمي

مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يزور تونس


تونس – يو .بي .آي   بدأ المقرر الخاص للأمم المتحدة المكلف تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب مارتان شاينين أمس، زيارة عمل إلى تونس بدعوة من الحكومة التونسية .   وذكرت وزارة العدل وحقوق الإنسان التونسية في بيان أن زيارة مارتان شاينين إلى تونس التي ستستغرق خمسة أيام، تندرج “في نطاق التعاون بين تونس وهيئات منظمة الأمم المتحدة المعنية بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها” . وأضافت أن الزيارة تندرج أيضا ضمن “الالتزامات الطوعية التي اتخذتها تونس”، بمناسبة تقديم تقريرها الوطني لحقوق الإنسان لعام 2008 في سياق آلية الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان .   وسيجري المسؤول الأممي سلسلة لقاءات مع كبار المسؤولين التونسيين، وممثلي المجتمع المدني .وكانت منظمة الأمم المتحدة أشارت في وقت سابق إلى أن شاينين سيجتمع مع وزير الخارجية كمال مرجان، ووزير العدل وحقوق الإنسان الأزهر بوعوني، ومع البرلمان، وعدد من مسؤولي السلطة القضائية والأمن، كما سيزور عدد من السجون .    (المصدر: وكالة أنباء يونايتد برس(يو .بي .آي)  بتاريخ 23 جانفي 2010 )


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني: liberte.equite@gmail.com تونس، في 07 صفر 1431 الموافق لـ 23 جانفي 2010

المقرر الأممي الخاص بحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية

يؤدي زيارة إلى مقر منظمة حرية وإنصاف


في إطار اتصالاته بمكونات المجتمع المدني في تونس زار السيد مارتن شنن المقرر الخاص للأمم المتحدة المكلف بحماية حقوق الانسان والحريات الأساسية بعد ظهر اليوم السبت 23 جانفي 2010 منظمة حرية وإنصاف بمقرها الكائن بنهج المختار عطية عدد 33 بالعاصمة، وقد كان مصحوبا بوفد يتكون من السيدة برغت كاينز لابه والسيد ماتياس فارمولن وعدد من المترجمين، وقد تم اللقاء بحضور رئيس المنظمة الأستاذ محمد النوري وكاتبها العام المهندس عبد الكريم الهاروني وأعضاء المكتب التنفيذي السيدات والسادة جميلة عياد وزينب الشبلي وحمزة حمزة وعمر القرايدي ومشاركة الأستاذة نجاة العبيدي. ودام اللقاء أكثر من ساعتين دار خلاله الحديث حول وضع حقوق الانسان بتونس والتداعيات الخطيرة لقانون مكافحة الإرهاب.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


                                                       الرابطةالتونسية للدفاع عن حقوق الإنسان– فرع بنزرت                                                                                                                                                     
بنزرت في 21 جانفي 2010

بــــــــــــيــــــــــــــان  إلى الرأى العام

 


كثف البوليس  نشاطه  كما  عودنا  به منذ انتصاب  » دولة  القانون  والؤسسات » حيث بشر المجتمع التونسي بأنه بداية من يوم  التحول سيبدأ  نظام  » ألأمن  والأمان…. فلا مجال للظلم  والقهر  » ….الخ.  
لكن سرعان ما تبين,عند التطبيق منذ العقدين ألأخيرين , العكس تماما مما روجه ألأعلام  الرسمي من ألفاض معسولة خاصة من حيث الحريات العامة, لا أحد في تونس قد  تمتع بحقه في هذا  » ألأمن وألأمان » المذكورين . فالأغلبية الساحقة من الشعب التونسي لا تشعر بالاطمئنان الموعود, ذلك أن قانون  » التعاون الدولي لمقاومة الارهاب وغسيل الاموال » قد اعتلى على الدستور التونسي في عدة  جوانب مما جعل انتهاك حرمة المواطنة وقرصنة الحقوق المكتسبة مقننة .
-وفي إطار وحدة  وزارات الداخلية للدول العربية  رحل النظام  السوري إلى تونس يوم 17 جانفي 2010 ثلاثة  طلبة تونسيين حيث كانت في انتظارهم  اعوان المخابرات التونسية بمطار تونس-قرطاج .وفي هذا الجو المفعم  بالرعب من طرف العائلات المعنية , علم فرع الرابطة ببنزرت انه يتعلق الامر بإيقاف الشبان الثلاثة هم  : 1)حمزة بن هيشام بن محمد الصادق الصدقاوي , أصيل بنزرت, سنه 27 عام, مجاز في الشريعة وأصول الدين بجامعة دمشق ومتأهب لمزيد الاختصاص في السنة الجارية. متزوج من بنت سورية ولهما بنتا وولدا , ألأولى 4 أعوام  والثاني عام واحد .  وتجدر الاشارة بالرجوع الى حوالي 3 أشهر قبل ترحيل حمزة الى وطنه, وفجأة علي حين غرة  داهم البوليس السوري مقر سكنى الزوجين المذكورين حيث فتشه تفتيشا دقيقا  بعد أن بعثر وقلب جميع ألأثاث والامتعة (علي طريقة البوليس التونسي) مما جعل ربة البيت تنهار أرضا وأبنائها فوقها يتصايحون. أوقف حمزة المذكور علي البحث حيث تبين أثنائه أن بوليس دمشق قد تلق هاتفا من مجهول يدعي بأن حمزة له شبهة بالإنتماء مع المقاومين في العراق  والحال أن التفتيش لم يعثر  على أي دليل بأكد الوشاية الهاتفية , ورغم هذا بقى رهين ألإقاف 3 أشهر بدون  تهمة قانونية  حتى حان يوم الترحيل إلى تونس !!   2)وحيد بن محمد بن عثمان  أصيل بنزرت, عمره 28 عام, سافر الى العاصمة السورية لطلب العلم وتحصل علي الاجازة في الشريعة وأصول الدين بجامعة دمشق , متزوج ببنت سورية ولهما بنتا وولدا . تقدم الى السفارة التونسية بدمشق لتجديد جواز سفره  النافذ غير أنه بقى يتردد عليها مدة طويلة دون الاستجابة إلى طلبه  !أوقفته السلطات السورية من مقر سكناه  وأمرت بترحيله الى تونس باعتباره  لم تكن لديه وثائق الاقامة القانونية . 3) سامي النابلي , وهو من مواليد تونس كان طالبا  بدمشق (لم نتحصل علي تفاصيل كامل هويته وأسباب ترحيله من دمشق الى وطنه تونس) والاتي أسمائهم ألقي عليهم القبض من طرف البوليس بمدينة بنزرت : -أحمد بن الهادي الغرسلي , ولد بالمانيا , والديه أصيلي مدينة بنزرت , بعد السنة السادسة ثانوي ابتدأ سنته الاولى في اختصاص السينما . أوقفه البوليس في 7 جانفي 2010 -البشير بن محمد بن شعبان , اصيل بنزرت,   مولود في سنة 1976 , المستوى الثقافي السنة السادسة ثانوي, تاجر جوال  . أوقف سابقا مدة شهر سجن لعدم إرضاخه تحليق لحيته . -اسكندر  البوغانمي . جميع عائلات الموقوفين قامت بالبحث والتفتيش عن أبنائهم الموقوفين إلا أن مراكز البوليس ووزارة الداخلية ينفون بأن لديهم هاته الاسماء المذكورة أعلاه مما ضخم في حيرة العائلات وخاصة ألأمهات.  ذلك أن بوليس النظام  التونسي , رغم  وفرته  وهي  أعلى من الضروري  بكثير , يفضل استعمال فنيات التعذيب وبقطع النظر سواء كانت الضحية بريئة  أو مدانة !!  إن فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق ألإنسان ببنزرت :  -يتضامن مع كل موقوف برئ , سواءا  كان إيقافه  سابقا أو حديثا  أو حتى مستقبلا . وستبذل الرابطة ما في وسعها لإبراز براءة  ألأبرياء  
-يطالب السلط أن تضع حدا لإنتهكاتها  المتكررة  وأن تتصرف وفقا لما يحتمه الدستور التونسي – ولا غيره من القوانين المستوردة مثل  » قانون التعاون الدولي لمقاومة ألإرهاب وغسيل ألأموال »  
-يطالب بإطلاق سراح المساجين السياسيين  وأولئك الذين حوكموا  لأجل معتقداتهم  ومبادئهم . عن هيئة  فرع   بنزرت  الرئيس عـلـي  بـن  ســـالـم


بعد عام على وعد أوباما بإغلاق معتقل غوانتنامو، مصير ثمانية تونسيين لا يزال مجهول


حرر من قبل لطفي حيدوري في الجمعة, 22. جانفي 2010 قضى ثمانية معتقلين تونسيين في غوانتنامو ثمانية أعوام توصّلت خلالها تحقيقات اللجان العسكرية الأمريكية إلى براءتهم من صفة المقاتلين الأعداء. لكنّ هؤلاء لم يفرج عنهم حيث يرفضون العودة إلى بلادهم خشية مصير أسوأ حسب ما نقل عنهم، ووفق ما بيّنته تجربة قاسية، رصدها المراقيون، لاثنين من المعتقلين تم تسليمهما في جوان 2007.  ومع انتهاء أجل عام حدده الرئيس الأمريكي أوباما في خطبة تعيينه، يبدو أنّ المعتقلين يواجهون خيارات صعبة منها ما هو مستحيل كالعودة إلى الأوطان.  وكان التونسيان عادل بن مبروك ورياض ناصري قد حوّلت وجهتهما من السجن العسكري الأمريكي إلى إيطاليا حيث ستجري محاكمتهما بتهمة تجنيد مقاتلين على أراضيها. وإذا كانت إيطاليا قد ساعدت في التخفيف من عبء غوانتنامو من هذين التونسيين فإنّ بلجيكا بدورها تطلب اثنين آخرين هما عادل الحكيمي وهشام السليطي.  لكن لن يسمح لتونس بالتخفيف من عبء غوانتنامو حسب قرار أحد القضاة الأمريكيين الفدراليين في أكتوبر 2007، والذي منع ترحيل لطفي بن علي.  وإضافة إلى هؤلاء يوجد رفيق الحامي وعادل الورغي ورضا اليزيدي وصالح ساسي والهادي الهمامي من بين نحو مائتي محتجز في القاعدة العسكرية الأمريكية بكوبا.  الرئيس باراك أوباما تعهد بإغلاق السجن بحلول 22 جانفي 2010 واعترف بأنه من المحتمل ألاّ يتم الوفاء بهذا الموعد بسبب عقبات سياسية ودبلوماسية.  وبذلك يدشنّ المعتقلون التونسيون عامهم التاسع هناك، حيث كان جلهم قد اعتقلوا في أفغانستان وباكستان وإيران بداية العام 2002. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 22 جانفي 2010)


خلافات… كر وفر في قطاع المحامين

 


توتر العلاقات   ولعل أكثر الأسئلة التي يمكن أن تطرح اليوم لمعرفة مجريات الأحداث داخل القطاع هي تلك المتعلقة بسلامة العلاقات داخل الهياكل ومدى سيطرة المتخاصمين على مجريات الأمور عموما.    ففي عمادة المحامين مثلا شهدت الاجواء الداخلية للهياكل خلال شهر نوفمبر الماضي خصومة بين العميد بشير الصيد وعدد من أعضاء مجلس الهيئة الوطنية للمحامين،مما اضطر بالعميد إلى مقاطعة الجلسة وعدم الاستمرار في الإشراف على أشغالها فما كان من المجتمعين إلا إصدار بعض القرارات الــتي اعتبرت «تجريد» للعميد من صلاحياته.   في المقابل أصدر بشير الصيد بيانا اعتبر فيه ما حدث بمثابة الانقلاب على الشرعية داعيا أهل القطاع إلى وضع حد لما أسماه وقتها»بالتجاوزات» والذود عن مصالح المهنة والالتفاف حول مؤسسة العمادة.   تنامي الخلافات   تنامي الخلافات بين عدد من أعضاء مجلس الهيئة الوطنية وعميدهم خلف استياء كبيرا فقد اعتبره العديد بمثابة «السابقة» في العلاقة بين هياكل المحاماة وقد انطلق الخلاف بين الصيد والاستاذ عماد الشيخ العربي حول تمثيليته بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي وبعد انسحاب العميد تواصل الاجتماع وأسندت رئاسة المجلس بإجماع باقية الحاضرين إلى الكاتب العام للهيئة الوطنية للمحامين الأستاذ الهادي التريكي.   وشكلت الخلافات المالية أيضا محور اختلاف بين الهيئة والعميد ,فقد تقرر مثلا منع العميد من سحب أي مبالغ مالية من خزينة الهيئة وتم الإقرار بضرورة أن الأموال المجمّعة من خلاص الاشتراكات لابدّ أن تودع مباشرة بحسابات الهيئة البنكية بصفة دورية ويومية.   وفي أولى ردود الأفعال التي قام بها العميد وقتها إلغاء القرارات الصادرة في غيابه معتبرا أنها اتخذت بشكل غير قانوني.   وقد ازدادت الأجواء سخونة مع اقتراب مواعيد انتخابات المحامين بدءا بجمعية المحامين الشبان في شهر مارس والعمادة في أواخر شهر جوان من سنة 2010. ويمكن القول إن الخلافات سارت في طريق التصعيد بين الجميع، خاصة بعد»محاولة» تجريد المحامين الخمسة من صلاحياتهم وهو الأمر الذي أدى إلى الانشقاق في صفوف المحامين بين رافض للقرار الصادر من قبل فرع تونس للمحامين وبين مؤيد له.   ملفات مطروحة   صرح بعض المحامين أنهم غير معنيين بهذه»الخوضة»لان المشاكل و»الكر والفر»لن تنتهي داعيين الجميع لالتفات أكثر إلى ملفات المحامين والتي بدأت تتراكم يوما بعد يوم خاصة تلك المتعلقة بالمحامي المتربص وما يجده من مشاكل وصعوبات، كذلك كما تمت الدعوة إلى تفعيل دور صندوق الحيطة والتقاعد للمحامين.   خليل الحناشي    (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 23 جانفي 2010 )  


مطبخ قرار أوروبي يحث على الحوار مع الحركات الإسلامية المغاربية

 رشيد خشانة   أطلق باحث فرنسي بارز دعوة لمراجعة الموقف الأوروبي المتوجس من الحركات الإسلامية في المغرب العربي، وحث على التحاور معها انطلاقا من أن تشجيع الإعتدال هو أفضل ضمانة للإستقرار وأقوى حاجز أمام التطرف والعنف.   تحتاج هذه الدعوة غير المألوفة إلى تسليط الضوء على مضامينها وفهم أبعادها، خصوصا أنها تُعزز مواقف مماثلة صاغها خبراء ألمان، فضلا عن كونها تتقاطع مع رؤية الإدارة الأميركية الجديدة. صدرت الدراسة التي تقع في 71 صفحة وتحمل عنوان « المغرب العربي: كيف نقضي على الخوف من الديموقراطية؟ » عن معهد الدراسات الأمنية التابع للإتحاد الأوروبي، وحررها الباحث الفرنسي لوي مارتيناز، وهو مدير دراسات في مركز « سيري » CERI وباحث مشارك في معهد الدراسات الأوروبية. ومارتيناز معروف بمنهجه النقدي المتمرد على القوالب المألوفة وباطلاعه الواسع على الشؤون المغاربية، إذ كتب عدة مؤلفات عن المنطقة منها « الحرب الأهلية في الجزائر » 1998 (بالفرنسية) و »المفارقة الليبية » 2007 (بالإنكليزية)، بالإضافة لمشاركته في كتاب جماعي بالأنكليزية عن ظاهرة العنف الإسلاموي.   لكن ما مغزى أن معهد الدراسات الأمنية الأوروبي هو الذي طلب هذه الدراسة؟ مهمة المعهد الأساسية هي إعداد دراسات ووضع توصيات للإتحاد الأوروبي من أجل بلورة السياسات الأمنية والدفاعية الأوروبية، فهو يقوم بدور همزة الوصل بين الخبراء وصناع القرار الأوروبيين في كافة المستويات. واللافت أن الأفكار التي تُطرح من خلاله ليست رؤى ذاتية أو تهويمات شخصية وإنما تناقش الأوراق عادة في سيمنار أو من قبل مجموعة من الباحثين الذين يجيزونها ويعتبرون نشرها عنصرا مساهما في النقاش، ما يعني أن المعهد هو أحد مطابخ القرار الأوروبي. وأطلق على سلسلة الأوراق اسم « كراسات شايو »، وهي أوراق منفصلة تتناول كل واحدة منها قضية بعينها ويُحررها عادة باحث من العاملين في المعهد أو باحثون آخرون يتم اختيارهم لمهمة محددة.   واللافت أيضا أن مدير معهد الدراسات الأمنية ألفارو دي فاسكنسيلوس تساءل في المقدمة الجسورة التي وضعها للدراسة « هل تخاف أوروبا من الديموقراطية في المغرب العربي، فبعد 15 سنة من ندوة برشلونة مازال الفعل الأوروبي من أجل الديموقراطية غير بارز بما فيه الكفاية إذا ما وُضع في إطار مجمل حصاد العمل الأوروبي. وهذا ما أثبته مارتيناز في دراسته، فهو يُبرز كيف أن الهدف الذي حظي بالأولوية لدى الأوروبيين ليس الديمقراطية وإنما الإستقرار.   مزالق الإنفتاح  
لكنه يؤكد في رد على المُحذرين من مزالق الإنفتاح على التيارات الأصولية، أن الديموقراطية لا تتناقض مع الإستقرار بل على العكس هي مفتاحه، « فالإستقرار يحتاج إلى تنفيذ إصلاحات ديمقراطية عميقة لإسناده » على ما قال في الدراسة. وحتى الإصلاحات الإقتصادية لا يمكن السير فيها إن لم يكن وراءها قادة شرعيون « يحظون بالمصداقية لأنهم منتخبون ديموقراطيا ». وأكد الأكاديمي التونسي عمر بوبكري أن أوروبا تنحو فعلا هذا المنحى في سياستها المغاربية والمتوسطية عموما. وقال لـ إن الإتحاد الأوروبي تبنى في البداية مواقف الحكومات العربية تجاه الحركات الإسلامية من دون تحفظ، وهو ما أدى إلى إقصائها من مشاورات الشراكة و التعاون بناء على نظرة ترى في تلك الحركات تهديدا للمصالح الأوروبية الاستراتيجية في مناطق النفوذ التقليدية. لكن أحداث ما بعد 11 أيلول – سبتمبر 2001، أظهرت الحاجة بالنسبة للأوروبيين إلى التمييز بين الحركات الإسلامية الجهادية والحركات السياسية. وتابع بوبكري مُستخلصا أنه « كان لابد من التعامل مع التيارات الأصولية كحركات سياسية بغض النظر عن الأيديولوجيا الإسلامية التي تقوم عليها، واتجهت بالتالي إلى تمييزها عن الحركات الجهادية التي تستعمل العنف وسيلة لتحقيق أهدافها. وتدعم هذا الأمر استنادا لما أثبتته الأحزاب الإسلامية من قدرة كبيرة على تعبئة الرأي العام، خاصة أثناء بعض المحطات الانتخابية التي ساهمت فيها بشكل ناجع. كما أكدت الاستطلاعات التي أصبحت تهتم بالرأي العام العربي منذ بضع سنوات أن تلك الأحزاب تحظى بمساندة حقيقية وواسعة من شرائح عريضة في المجتمعات العربية.   واعتبر بوبكري وهو أستاذ القانون في جامعة سوسة التونسية أن تلك التطورات مهدت لقبول الإتحاد الأوروبي بفكرة التعامل مع الحركات الإسلامية المعتدلة. لكن الإشكال المطروح، على رأي الباحث، يتمثل في تحديد الحركات المعتدلة من عدمها. وهنا فضل الإتحاد الأوروبي ثانية الاحتكام إلى الحكومات العربية التي أصبحت المرجع في تعريف الاعتدال، لتصبح الحركات التي تقبل بها هذه الحكومات هي المعتدلة و بالتالي فهي التي يمكن للإتحاد الأوروبي التعامل معها، و أقصت بذلك الحركات التي تستبعدها تلك الحكومات بغض النظر عن كون الدوافع الحقيقية للإقصاء غالبا ما تعود إلى رفض هذه الأخيرة (أي الحكومات) لكل مزاحم حقيقي لها على السلطة، « وهو ما يؤدي في آخر المطاف إلى مساهمة الإتحاد في تأبيد الوضع السياسي الحالي عوضا عن مساهمته في دفع التنمية السياسية في جنوب المتوسط » مثلما أوضح بوبكري.    الجمود يُولد القلاقل

يرى مارتيناز في دراسته أن المغرب العربي يواجه تحديات ضخمة ولا يمكن التصدي لها من دون تعاون بين الحكام والمجتمعات الأهلية، فالديمقراطية هي السبيل للتغلب على التحديات. ويُظهر الباحث كيف أن القضاء على الخوف من الديمقراطية هو أساس بناء العلاقة الجديدة التي تمر طبعا عبر تجاوز الخوف من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية.    ويتساءل في هذا المضمار: ألا تُولد المحافظة على الوضع الراهن عدم الإستقرار في المستقبل نتيجة القضاء على النقد الصريح والحر والعلني؟ كذلك ألا يؤدي رفض التعاطي مع تلك الحركات إلى حملها على مزيد من التشدد، « فالدفاع عن الوضع القائم سيدفعها إلى الغلو بسبب إخراج القوى المنتقدة والإحتجاجية من المجال السياسي (الشرعي) ».    ويُرجح مارتيناز الخيار الديموقراطي انطلاقا من المرتكزات الأربعة الآتية:    – نجاعة الديموقراطية باعتبارها الإطار السياسي الأقدر على مجابهة خطر الإرهاب. – ضرورة الديمقراطية بوصفها ممرا إجباريا للتنمية الإقتصادية والإجتماعية في المغرب العربي من أجل مجابهة البطالة، وخاصة في صفوف الشباب والإستفادة من التغييرات السكانية. – تفوق الديموقراطية بصفتها اللازمة للخيارين السابقين وخاصة في مجال مكافحة الجريمة العادية. – دورها في تحقيق التكامل الإقتصادي الذي تتطلع إليه شعوب المنطقة    
 

مطبخ قرار أوروبي يحث على الحوار مع الحركات الإسلامية المغاربية (2 من2)

 

 
شدد الباحث الفرنسي لوي مارتيناز، وهو مدير دراسات في مركز « سيري » CERI وباحث مشارك في معهد الدراسات الأوروبية، في دراسة حديثة تحمل عنوان « المغرب العربي: كيف نقضي على الخوف من الديموقراطية؟ »، على أن الديموقراطية أداة فعالة من أجل درء خطر الإرهاب لأنها تنتزع من أصابع التنظيمات المتطرفة الذرائع التي تمكنها من تجنيد العناصر التي تتعرض للتهميش والإقصاء. كما أنها تمكن من استيعاب الحركات المعتدلة التي تشكل أفضل سياج أمام التطرف والعنف، وهي أيضا الأقدر على التصدي لتحريف تعاليم الإسلام « فمن أجل إفشال الإرهاب لابد أن تقنع الحكومات شعوبها بشرعية ما تفعله وهي تحتاج في الوقت نفسه إلى ثقة مواطنيها فيها ».     ومن هذه الزاوية اعتبر مارتيناز أن مشاركة « حزب العدالة والتنمية » في المسار السياسي المغربي أنعشت آمالا كثيرة في المغرب العربي بأسره. لكنه أبدى أسفه لأن الوضع لم يسر في الإتجاه نفسه في بلدان أخرى، مشيرا إلى أنها أقنعت الإتحاد الأوروبي باسم مكافحة الإرهاب بأن الإنفتاح الديمقراطي ينطوي على مخاطر جمة مُعتمدة في ذلك على الفوز المحقق للجبهة الإسلامية للإنقاذ في الإنتخابات التي أجريت في الجزائر سنة 1991. لكن مارتيناز نبه إلى أن الجزائر لم تعرف قبل تلك التجربة مسارا ديمقراطيا متدرجا قائما على توافق بين القوى السياسية.     وحاول أيضا ترسيخ الفكرة القائلة بأن الديموقراطية هي الشرط الضروري لمواجهة التحديات الإجتماعية وبخاصة البطالة والمعضلات الإجتماعية المرتبطة بها. ولاحظ في هذا السياق أن هناك أخبارا مُفرحة في المنطقة، فمن جهة حافظت الإقتصادات على نسبة مرتفعة من النمو منذ سنة 2003، بينما تراجعت نسبة الولادات مُحدثة نوعا من الثورة السكانية. غير أن نسبة العاطلين وخصوصا بين الشباب ظلت مرتفعة، فإحصاءات البنك الدولي أظهرت أن على البلدان المغاربية أن تُوجد 16 مليون فرصة عمل بين سنتي 2000 و2020 لاستيعاب المقبلين الجدد على سوق العمل. كما أكد مارتيناز استنادا دوما إلى توقعات البنك الدولي أن على تلك البلدان أن تؤمن 22 مليون فرصة عمل خلال العقدين المقبلين لامتصاص البطالة التي تتجاوز نسبتها 20 في المائة من حجم القوى العاملة، وتشغيل العاطلين الحاليين وكذلك الذين سيفدون إلى سوق العمل.     أما التحدي الثالث فهو المتمثل في مكافحة الجريمة وهو عمل يحتاج إلى تحقيق تقدم في تكريس دولة القانون، التي هي روح الديمقراطية. فصلابة الأنظمة تُقاس بطريقة تعاطيها مع المجرمين بمن فيهم الإرهابيون لأن السير الجيد لدواليب دولة القانون هو الذي يُعطي الثقة للعناصر الإجتماعية المؤثرة ويُطمئن المستثمرين. وفي السياق نفسه اعتبر مارتيناز أن تعزيز التعاون الإقليمي بات مسألة جوهرية لتحقيق التنمية الإقتصادية ومجابهة الجريمة المنظمة إن كانت إرهابية أم لا. كما أن صغر حجم السوق المغاربية يجعل منها أسواقا مقطعة الأوصال لا تستقطب المستثمرين الأجانب سوى لقطاع الطاقة. ورأى أنه بإقامة سوق مغاربية عند أبواب أوروبا يصل حجمها حسب تقديره إلى 75 مليون مستهلك، سيصبح التعاون الإقتصادي الإقليمي عنصر دفع هاما للتنمية والإستثمار. وكما أثبتت تجارب عديدة، بما فيها التجربة المغاربية، لا يمكن للتعاون الإقليمي أن يُفضي إلى التكامل ما لم يكن هناك التقاء سياسي على قاعدة الديمقراطية. ويجب التصحيح هنا أن عدد سكان المغرب العربي ببلدانه الخمسة تجاوز 90 مليون ساكن، وحتى لو اختزلناه في البلدان الوسطى الثلاثة (الجزائر والمغرب وتونس) فإن عدد السكان لا يقل عن 80 مليون ساكن.    وربما جاز التساؤل هنا أيضا عن مُبرر اعتماد مارتيناز على التجربة المغاربية للتدليل على الترابط العضوي بين التكامل الإقتصادي من جهة وضرورة الإلتقاء حول المرجعية الديمقراطية من جهة ثانية، فلديه تجربة أقوى وأنصع لا ندري لماذا غفل عنها هي مسار الوحدة الأوروبية، وخاصة في أعقاب انهيار الأنظمة الإستبدادية في كل من اسبانيا واليونان والبرتغال في سبعينات القرن الماضي، ثم الأنظمة الشيوعية السابقة في أوروبا الشرقية والوسطى في العقد الأخير منه.    هدف ذو أولوية  
وبالإعتماد على معاينة التفاوت في مستويات تطور الأنظمة السياسية المغاربية، نصح مارتيناز بلدان الإتحاد الأوروبي بجعل تعزيز الجهود الرامية إلى إحلال الديمقراطية في المغرب العربي هدفا ذا أولوية في سياسة الجوار الأوروبي. وشدد على ضرورة اقتناع الأوروبيين بأن الديمقراطية هي طريق الإستقرار في المغرب العربي أسوة بتجربة أوروبا الشرقية والوسطى. على أنه أوضح أن الديمقراطية ليست منظومة جاهزة ومكتملة وإنما « هي سلسلة متواصلة من الإصلاحات السياسية والإنفتاح التدريجي الذي تكون العناصر الداخلية هي المؤثرة فيه وينخرط فيه الأفراد والمؤسسات والدولة والمجتمع ».   غير أن كثيرين في العالم العربي يُشككون في قدرة الأوروبيين على مراجعة موقفهم من الديمقراطية في الجنوب انطلاقا من المكانة الضئيلة التي منحوها للديمقراطية في « الإتحاد من أجل المتوسط ». ويحق التساؤل هنا عن مدى تجاوب صناع القرار الأوروبيين مع التوجهات التي يُرجحها الباحثون والمخططون، وكذلك عن وسائل الضغط المتاحة لدى الإتحاد الأوروبي لحمل شركائه في الدول المغاربية على انتهاج الخيارات نفسها، انطلاقا من أن الحوار مع التيارات الإسلامية المعتدلة هو مصلحة أوروبية قبل أن يكون مصلحة مغاربية؟ وما يترك السؤال عالقا أنه لم تُعرف ردود الفعل الأوروبية على ورقة مارتيناز.    في هذا الإطار أشار الدكتور بوبكري إلى أن « دعم الديمقراطية لم يحظ في مشروع الإتحاد من أجل المتوسط بالمكانة التي يستحقها على عكس ما تطلعت إليه عديد القوى السياسية في ضفتي المتوسط ». وعزا ذلك إلى عدة أسباب مرتبطة بظروف إنشاء الإتحاد والأطراف التي كانت وراء نشأته، إذ جاء مشروع الإتحاد في ظرف اتسم بتزايد المشاكل المرتبطة بالهجرة من جنوب المتوسط نحو أوروبا، إضافة إلى التحديات الأمنية التي تطرحها « الحرب على الإرهاب ». لذلك توخت دول شمال المتوسط نهج البراغماتية السياسية لتحقيق نتائج ملموسة في هذه الملفات الحساسة والحاسمة في المحطات الانتخابية، وفضلت بناء على ذلك تدعيم الأنظمة القائمة جنوب المتوسط مقابل التزام هذه الأخيرة بالتعاون في موضوعي مقاومة الهجرة ومحاربة « الإرهاب ». واعتبر أن هذا التوجه ساعد على فوز عدد هام من الأحزاب اليمينية في أوروبا بالإنتخابات في السنوات الأخيرة و خاصة فرنسا، وهي أحزاب تعطي الأولية لتحقيق المصالح القومية على حساب الالتزام بالديموقراطية وحقوق الإنسان كما قال. ورأى أن ذلك هو ما هيأ المجال لتوافق أوروبي حول مشروع الإتحاد بصيغته الحالية.  
تصدير الديمقراطية؟  
غير أن مارتيناز أقر في دراسته بأن فرض الديموقراطية من الخارج غير مُجد فضلا عن كونه مستحيلا. ورأى في المقابل أن الأجدى هو دعم الخطوات التي تُنجز على طريق الإنفتاح والإصلاح، وجعل المكاسب التي تتحقق في البلدان المنطلقة على درب الديموقراطية « نوعا من العدوى التي تنتشر في الجسم المغاربي بأسره ». واعتبر اتفاق الإتحاد الأوروبي والمغرب على منح الأخير منزلة الشريك المُميز أول اختبار لهذه الطريقة، التي تتمثل في إدماج داخلي في الإتحاد لكن من دون الوصول إلى مرتبة العضوية. إلا أنه اشترط التخلي عن الخوف الأوروبي من تكريس الديموقراطية في بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط، أي الذعر من احتمال أن تُسفر صناديق الإقتراع عن بروز قوى إسلامية، مثلما كان الشأن في الإنتخابات البرلمانية الفلسطينية الأخيرة التي أفضت إلى فوز حركة « حماس » الإسلامية بالأكثرية في المجلس التشريعي الفلسطيني.   لكن التخلص من ذلك الذعر يبدو غير ممكن في الأمد المنظور، فلا يمكن تصور زعماء مثل شيراك أو خليفته ساركوزي يتبنون هذه الرؤية على رأي مارتيناز. كما أن النخب الحاكمة في إيطاليا أو اسبانيا لا يمكن أن تؤمن بهذا الخيار المحفوف بالمزالق حسب رأيها، سواء أكان حكامها من اليمين أم من اليسار، علما أن الإسبان تولوا رئاسة الإتحاد مطلع السنة الجارية. ونلاحظ هنا تباعدا في المواقف من هذه المسألة بين دول جنوب أوروبا (المطلة على المتوسط) ودول الشمال مثل السويد وبريطانيا وهولندا وألمانيا التي تتطرق علنا لمسألة الديموقراطية في المغرب العربي ولا تكتفي بالحديث عنها بصوت خفيض من وراء الستار.   وما من شك بأن دول الجنوب وضعت بصمتها على مسار الشراكة بين أوروبا والبلدان المتوسطية الذي همش قضية الإصلاحات الديموقراطية في بلدان الضفة الجنوبية. وفيما كان كثيرون يتطلعون إلى أن يشكل الإتحاد من أجل المتوسط فرصة لإبراز الإلتزام الجماعي الأوروبي بالدفاع عن الخيار الديموقراطي، ظل الإتحاد يسبح في خلافات صغيرة أبعد ما تكون عن تلك الأهداف الكبرى. واستطرادا يمكن القول إن الإتحاد ساهم في تأبيد الأوضاع السياسية الحالية في بلدان الجنوب عوض المساعدة على دفع التنمية السياسية في جنوب المتوسط.   (المصدر:  جريدة القدس العربي ( يومية – لندن ) بتاريخ 22 جانفي 2010 )


اعتداءات وتجاوزات على المربين في مكثر


* مدير مدرسة إعدادية يهين الأستاذ أمام التلاميذ  
في المدرسة الإعدادية بمكثر  » إعدادية القراوة  » قام المدير باهانة أستاذ التربية البدنية أمام التلاميذ وردا على هذا الاعتداء المعنوي قامت النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بمكثر بإصدار بيان احتجاجي عبرت فيه عن تضامنها التام مع الأستاذ المتضرر وطالبت بوقف هذه التجاوزات الخطيرة في حق الاستاذ والتي تعكر صفو المناخ التواصلي بالمؤسسة. كما تم ترويج عريضة للغرض تجاوز عدد الممضين عليها 150 أستاذ . * قيم عام يهين أستاذ في إعدادية ابن رشد اما في المدرسة الاعدادية ابن رشد فقد عمد القيم العام الى الاعتداء لفظيا باستعمال كلمات السب والشتم تجاه أستاذ أمام التلاميذ وقد وقع ترويج عريضة جديدة لإدانة هذا الاعتداء علما أن الأستاذ المتضرر سيرفع الأمر للقضاء نقابي – سليانةالمرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux  


النقابي الحبيب بسباس :بيان


تمر هذه اليوم 64 سنة على تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل وقد تعاقبت كل هذه السنوات الحبلى بالمكاسب والانتصارات كذلك بالهزات والانتكاسات لتجسد حراكا نقابيا أسس لتجربة نضالية احتلت مكانة متميزة وريادية على الصعيد العربي والإقليمي . لكن للأسف تحي الحركة النقابية ذكرى التأسيس هذه المرة ويحدوها شعور بالمرارة لما ألت إليه الأوضاع داخل نقابتهم التاريخية لدرجة دفعت بعض الرموز والطاقات المناضلة في بعض تجارب تنظيمية بديلة بعد أن انتابها اليأس نهائيا من إمكانية صلاح أمر الاتحاد العام التونسي للشغل وانسداد كل أفق لتغيير حقيقيي نهض بالمنظمة ويرد لها اعتبارها ويعيدها للعب دورها الذي بعثت من اجله في خدمة قضايا الشغالين والبلاد . كما دفعت هذه الأوضاع عديد الطاقات والكفاءات ذات الخبرة والمصداقية إلى الاستقالة نهائيا من كل ممارسة نضالية في ظل وضع اختلت فيه قوانين اللعبة وطغت فيه ثقافة الاقصاءات والاستثناءات لتعبد طريق البقاء لقيادة لا هم لها ولا هاجس إلا تامين مواقعها واحتكارها بكل الوسائل وبشتى الطرق لدرجة أصبحت المجاهرة بالمبادئ جريمة والالتزام بأهداف المنظمة او بقوانينها او بتقاليدها يعرض أصحابها للملاحقة والتصفيات مما خلق عقلية وصولية استفحلت تدريجيا لدرجة جعلت جل المسؤولين النقابيين بشخصيتين متناقضتين شخصية تردد الخطاب السائد وتستهلك جمل الولاء والتأييد في الدوائر المتنفذة وأخرى ناقمة او متهكمة في المجالس الخاصة وعند الانفراد بالذات . الإخوة النقابيون أبناء الاتحاد العام التونسي للشغل تمر اليوم 64 سنة على تأسيس منظمتكم وهي فترة طويلة وكافية لمراكمة تجربة نقابية عميقة من حقنا جميعا ان نفتخر بها وان تعتز برموز ساهموا في فترات متلاحقة في تشييد صرح منظمة عريقة لها تاريخ مجيد حافل بالمآثر والمكاسب والتضحيات ستظل أسماءهم مهما طال الزمان عالقة في القلب والذاكرة . وسيذكر التاريخ كذلك سيرة القيادة الحالية ودورها الكبير في تشويه صورة منظمتنا وضرب مصداقيتها سواء عند الشغالين والنقابيين في بلادنا أو في الأوساط والمحافل الدولية حيث تقلص حضور اتحادنا بعد أن فقد جل المواقع التي احتلها في السابق بالرغم مما ينفق شهريا من أموال باهضة لتامين رحلات مكوكية لوفود لا هدف من سفرها سوى التسوق والسياحة في إطار لعبة جديدة من الترضيات لترميم تصدعات وتناقضات باتت نتخر المركزية النقابية وامتدت لجل الجهات كما تراجعت جماهرية المنظمة وتقلص عدد انخراطاتها وتضاءلت تمثليتها مما يهدد باختلال التوازن الاجتماعي في ظرف يحتاج فيه الشغالون والبلاد الى نقابة قوية ممثلة وقادرة على تقديم البدائل والتصورات . الاخوة النقابيون أي صورة للمركزية النقابية الحالية في أعين النقابيين ؟ وأي حال عليه ألان وهي تتوج مسيرة أجيال جديدة سأكتفي هنا فقط بالتالي
1 – قيادة مفككة وأمين عام مع تأجيل التنفيذ
لقد انتج مؤتمر المنستير قيادة بثلاثة عشر عضوا من بينهم امين عام اجمع الكل على انتخابه كما اجمع الكل على التفكير في خلافته من قبل حتى اعلان النتائج مما فتح الباب منذ اليوم الاول لظهور تصدعات حادة افقدت المركزية تماسكها وقللت من انسجامها امام صورة باهتة لامين عام غير ماسك بملفاته عاجز عن تسيير مكتبه يقوده الشعور بالرحيل في أي لحظة ينظر لفريقه ومساعديه وهم يتكالبون على وراثته من قبل حتى اعلان النتائج مما فتح الباب منذ اليوم الاول لظهور تصدعات حادة افقدت المركزية تماسكها وقللت من انسجامها امام صورة باهتة لامين عام غير ماسك بملفاته عاجز عن تسيير مكتبه يقوده الشعور بالرحيل في أي لحظة ينظر لفريقه ومساعديه وهم متكالبون على وراثته وهو لا زال على قيد الحياة وينظر اليه النقابيون وغبيرهم من الاطراف على انه مجرد واجهة مؤقتة لا يمكن التعاطي معه بجدية او التفاعل معها بالسلب او الايجاب وقد انطلقت الحملة الانتخابية للامانة العامة الفعلية مبكرا باشكال انتخابية مختلفة راهن فيها البعض على الردع ولجان النظام وراهن البعض الاخر على اشاعة المجاملات وتبادل القبلات وضاعت ملفات الشغالين في زحمة حرب الخلافة وبات كل شيء مؤجلا حتى يتضح لمن ستؤول الاوضاع وماهي السينايوهات المحتملة لتامين الاستقرار وضمان حد ادنى من التفاهم والانسجام .
2 – قيادة متهاونة في ملفات الشغالين صارمة في تصفية النقابيين :
في زحمة ما سبق ضاعت ملفات الشغالين ولم يكترث احد بمشاكلهم او بالمفاوضات او بحلول لقضايا تتعقد يوما بعد اخر بفعل التحولات الاجتماعية والاقتصادية السريعة التي املتها التحولات الدولية الجديدة وفقدت القيادة الحالية حضورها الميداني المباشر لقيادة فعليةتخطط وتبرمج للمستقبل وتتابع اليومي والمباشر ولم تظهر صرامتها الا في لجان النظام التي تحولت الى لجان ردع تهيئ لتوازنات جديدة عوض فيها الردع سياسة الترضيات وتحول القانون الى وسيلة لضرب القانون لخلق موازين قوى جديدة تسمح بتعديل القاون والغاء الفصل الذي يحدد المدة النيابية للمكتب التنفيذي فتتالت بذلك مشاهد التصفيات وتواصل مسلسل الاقصاءات ليشمل حتى الجهات التي شاركت في انتاج طبخة مؤتمر المنستير وتواطأت بالصمت او المشاركة في لعبة التدليس والتلاعب بالجهاز الذي انفتحت شهيته ليلتهم حلفاء الأمس ويعبد الطريق للمجهول. الاخوة النقابيون ان هذا الوضع لا يجب ان يستمر الى ما نهاية وان الامل وحده كفيل بتغيير السائد الى ما هو افضل وان الياس ليس من شيم المناضلين مما دفع العديد من النقابيين المخلصين والعاقدين العزم على انقاذ منظمتهم مصرين على التواصل والاستمرار على بناء جبهة نقابية تنهي نزيف التصفيات وتضع حدا لما يحصل داخل المنظمة من مهازل تؤسس لتصحيح حقيقي بالفعل والممارسة لا بالشعارات الكاذبة والمزايدة . عاش الاتحاد العام التونسي للشغل حرا مستقلا ومناضلا .
اخوكم الحبيب بسباس — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux


التلاميذ يصنعون الملاحم


مثلت مدينة جبنيانة في المدة الأخيرة مسرحا لمواجهات عنيفة مع البوليس، حيث كانت الحركة التلمذية في الصفوف الأمامية لمقاومة الحملة الأمنية التي أرادت وأد حركة نضالية سلمية ومنعها من الانتشار خارج المعاهد، لذلك قام البوليس منذ البداية بضرب الحركة بقوة شديدة، فلم يتوان عن انتهاك حرمة المعهد الثانوي بجبنيانة والاعتداء بالعنف ضد كل من يعترضه: أساتذة، قيمون، تلاميذ، عملة… حتى تجهيزات المعهد لم تسلم من بطشه وجبروته، فتم تهشيم القاعات وتكسير معداتها مستعملا القنابل المسيلة للدموع والهراوات والحجارة الأمر الذي أدى إلى خسائر مادية كبيرة وتسجيل إصابات وجروح في صفوف الأسرة التربوية والتلاميذ استوجبت نقلهم إلى مستشفى الجهة والذي رفضت إدارته مدّ المصابين بشهادات طبية من أجل رفع قضايا عدلية ضد الجناة… كل هذه الأحداث كانت نتيجة عدم تقبّل الجهاز الأمني والحزب الحاكم في الجهة حركة تضامنية قام بها التلاميذ من أجل التعبير عن مساندتهم المبدئية واللامشروطة مع مساجين الحركة الطلابية الذين يقبعون إلى حدود اللحظة في سجن المرناقية بتونس العاصمة. هذا الرفض وهذا التعامل الأمني مع حركة سلمية كانت أسبابه واضحة وهي رعب الجهاز الأمني لبن علي من تطور هذه الحركة واتخاذها أشكالا تصعيدية وانتشارها خارج معاهد الجهة لتمس أكثر المتساكنين تضررا من الفقر والتهميش والبطالة والفساد الذي يعانونه مثلهم مثل كل التونسيات والتونسيين. وجدير بالذكر أن الأحداث الدامية التي شهدتها المنطقة لقيت تضامنا منقطع النظير لدى الأحزاب والمنظمات والنقابات المهنية وصحافة المعارضة نظرا للطابع السلمي للحركة الاحتجاجية ولوضوح أهدافها. فقد أبدع تلاميذ جبنيانة في التعبير عن آرائهم ومواقفهم المتضامنة مع الحركة الطلابية التونسية ونقابتها الاتحاد العام لطلبة تونس وما يعانيه المناضلات والمناضلين من سجن وملاحقات وطرد من الدراسة ومنع المنظمة الطلابية من عقد مؤتمرها في ظروف طبيعية، فرفعوا اللافتات وأنشدوا الأغاني الملتزمة ونفذوا الاعتصامات وأبدعوا شعارات عادت بنا إلى زمن كانت فيه الحركة التلمذية مرتبطة عضويا بالحركة الطلابية وساهمت في منظمتها الاتحاد العام لطلبة وتلامذة تونس في النضال ضد الدكتاتورية ومن أجل المساواة ونصرة حركات التحرر في العالم. نضالات تلاميذ جبنيانة، أرعبت الحزب الحاكم والبوليس اللذين تأكدا من جدية هذه الحركة وإمكاناتها الكبيرة والتي كسبت تعاطف الأساتذة والعملة والقيمين وهو ما جعل النظام يستدعي ما تيسّر من قوات حفظ الأمن والبوليس السياسي المدججين بكل أنواع أدوات القمع لضربها والتخلص منها. ورغم الضربات المتكررة التي تلقاها التلاميذ وأساتذتهم إلا أن الحركة تواصلت، فقد نظم الأساتذة ونقاباتهم إضرابا جهويا في كافة المعاهد (104 معهد) ثم سرعان ما التحقت بها نقابات قطاعية أخرى لتساهم بدورها في صدّ بطش الحملة الأمنية وتدافع عن حرمة أماكن الدراسة وقدسيتها، لتدخل بذلك كل الجهة في حالة من الاحتقان والغضب بسبب التعامل الأمني للسلطة واعتمادها على جهاز البوليس في فض مشاكلها المتراكمة، حتى عادت بنا الذاكرة إلى الوراء قليلا نحو انتفاضة الحوض المنجمي (التي احتفلنا في الأيام الفارطة بذكرى اندلاعها) وكيف واجهت السلطة مطالب الآلاف في حياة كريمة وظروف ملائمة للعيش، بالحديد والنار والاغتيال… ومن البديهي أن مدينة جبنيانة تعيش بدورها التهميش الذي ضرب الآلاف من شبابها والخصاصة والفقر الذي تعيشه مئات العائلات في خضم انعدام تنمية عادلة وفساد يمارسه أشخاص متنفذون سواء في الحزب الحاكم أو في الإدارات ومراكز الأمن وتصحر ثقافي أضحى محل تندّر، وما زاد الطين بلّة تفاقم الكحولية وتجارة المخدرات والآثار المسروقة، والتي تورط فيها في أحيان كثيرة أناس مرتبطون بالأجهزة الأمنية… صحيح أن الحركة التلمذية في احتجاجها الأخير، نادت برفع اليد عن الحركة الطلابية والاتحاد العام لطلبة تونس، لكن القمع الذي لقيته أظهر هو الآخر ما تعيشه المدينة من انغلاق وضرب للحريات وفساد، وهو كذلك أمر لا تغفل عنه الحركة التلمذية عندما ردّدت شعار « يا بوليس يا حقير يا عدو الجماهير »، بما أنه منعهم من التعبير عن آرائهم وانتهك حرمة الدرس والعلم وحاصر المدينة وأرعب أهاليها، لذلك فإن الحركة واعية تمام الوعي بشعاراتها وبقدرتها على تنظيم صفوفها ومواصلة طرح مطالبها سواء إطلاق سراح الطلبة المساجين أو البطالة والتهميش التي تعانيه المدينة أو كذلك المشاكل المباشرة التي يتخبط فيها التلاميذ مثل الاكتظاظ في القاعات وقلة التجهيزات ونقص الإطار التربوي ومشاكل المبيت والنقل والعنف وندرة النشاط الثقافي الهادف، وهي مشاكل تعاني منها الأغلبية الساحقة للتلاميذ في كل معاهد المنطقة، الشيء الذي يبرز أن عملا جبارا ينتظر التلاميذ في نضالهم من أجل حقوقهم المشروعة ونضالهم ضد الدكتاتورية لذلك فإن مطلبا مركزيا مثل عودة اللجان التلمذية للعمل والتأطير والتوجيه والتفاوض مع الإدارات يُعدّ مطلبا ملحا في هذه المرحلة. من جهة أخرى، وحتى لا يتم الاستفراد بهذه الحركة وعزلها والقضاء عليها من قبل الدكتاتورية، يتوجب على مكونات الإطار التربوي من أساتذة وقيمين أن يساعدوا التلاميذ لتدعيم تلك العلاقة الراقية والقائمة بينهم. فالأستاذ يجب أن يصغي إلى مشاكل تلاميذه وأن يخلق ثقة معهم، فذلك من أهم الدعائم التي بإمكانها أن تقضي على ظاهرة العنف المسلط ضد الإطار التربوي، هذه الظاهرة تستفيد منها السلطة كثيرا إن لم نقل أنها تغذيها حتى توجد علاقة مشوشة بين التلاميذ والإطار التربوي وحتى تمنع أيّ إمكانية لظهور حركات احتجاج تلمذية بل تسعى إلى ظهور جيل تلمذي سطحي ومهمّش وهو ما على الجميع الوعي به ومقاومته. لقد أقامت الأحداث الأخيرة في جبنيانة الدليل على إمكانية بروز احتجاج تلمذي واع ومنظم يرسم أهدافه بكل وضوح، كما أقامت الدليل على إمكانية عودة العلاقة المتينة بين الحركة التلمذية والحركة الطلابية وأيضا العلاقة الراقية بين التلاميذ وأساتذتهم والمرشدين التربويين والقيمين والذين خاضوا نضالا مشتركا ضد الدكتاتورية وجهازها البوليسي. إن دروسا جوهرية من تجربة تلاميذ جبنيانة وإطارهم التربوي وجب أخذها في بقية المعاهد الأخرى التي تئن وطأة المشاكل والحصار البوليسي والانحراف وعديد الأمراض، وإمكانية عودة ظهور حركة تلمذية وطنية، بنفس عنفوان انجازات انتفاضة الخبز وحرب الخليج الأولى والثانية وانتفاضة الحوض المنجمي، واردة جدا. فألف قبلة لتلاميذ جبنيانة وإلى الأمام.  
صف واحد في النضال تلامذة وطلبة وعمال شادين شادين في سراح المعتقلين  
 
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 22 جانفي 2010)

 


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان  هل هي بداية حل ..ونهاية أزمة؟


إعداد : نورالدين المباركي تونس /الوطن يتابع الرابطيون و المهتمون بالشأن الحقوقي في تونس منذ فترة خطوات »تحريك  » ملف الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في اتجاه الخروج من الأزمة التي تعرفها هذه المنظمة منذ سنوات . ويأمل الجميع أن تفضي الاتصالات و اللقاءات التي تجري منذ أسابيع إلى مخرج حقيقي يمكّن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من استعادة دورها ومكانتها على الساحة الحقوقية والوطنية كمنظمة حقوقية مستقلة. وقد أصدرت الهيئة المديرة للرابطة نهاية الأسبوع المنقضي بيانا كان موضوع متابعة واهتمام من الرابطيين و الحقوقيين الهيئة المديرة : نحو « خريطة طريق » جماعية وجهت الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان دعوة إلى الرابطيين الذين « رفعوا قضايا عدلية  » للاجتماع بمقر الرابطة و »التوصل إلى خريطة طريق جماعية تفتح المجال أمام الحل الذي يتشوّف له جميع الرابطيين ». وقالت في بيان نشر نهاية الأسبوع المنقضي إنها « تجدّد ايمانها بالتعاون مع مختلف الأطراف المعنية وتعتبر الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من المأزق المتواصل « . وأكّدت الهيئة المديرة في البيان ذاته أن المؤتمر الوفاقي الذي تدعو إليه يقتضي التعاون من قبل الجميع و « يتضمن بالضرورة تقديم  التنازلات الضرورية وتجنّب الزوايا الحادة حتى يتم التوصل إلى  الصيغ التي ترضي الجميع و تحافظ على استقلالية الرابطة تجاه جميع الأطراف.. » كما توجهت الهيئة المديرة إلى مختلف الجهات الإدارية والسياسية  » لتقديم العون وتسهيل انجاز المؤتمر الوفاقي المأمول والذي لازلنا نأمل في عقده قبل نهاية شهر مارس المقبل كما ل بن يونس (رابطي): إعطاء الأولوية للمستقبل شخصيّا مع عقد مؤتمر للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في أقرب وقت بمشاركة كافة الأطراف ، وفي ظل إعطاء الأولوية لمستقبل الرابطة كمكون رئيسي من مكونات المجتمع المدني بدل الدوران في حلقة مفرغة من خلال الخلافات حول الماضي. أعتقد أنه لابد أن تتراجع الهيئة المديرة عن قرار طرد مئات الرابطيين والنشطاء الحقوقيين المستقلين من خلال إجراء حل بعض الفروع ودمجها. ومعروف أن من بين الذين شملهم الطرد و الإبعاد شخصيات كانت من رموز المعارضة والنضال من أجل الحريات وحقوق الإنسان في تونس طوال العقود الثلاثة الماضية. عبد الرحمان كريم (رابطي):العودة إلى القانون الأساسي و النظام الداخلي أعتقد أن هذه الدعوة هامة باعتبارها تهدف إلى استبعاد مواطن الخلاف  بشأن  تسيير الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان  وإيجاد الحلول للخروج من الأزمة التي طالت . وقد سبق للهيئة المديرة للرابطة أن دعت سنة 2004 لمثل هذا الالتقاء غير أن الشروط لم تتوفر وقتها لعقده..مما ساهم في بقاء القضايا  المنشورة ضدها . الآن جميع الرابطيين  تقريبا متمسكون بأن تسترجع الرابطة مكانتها و الخروج من المأزق  مما يدفعني للقول إنه من غير المستبعد عقد هذا اللقاء. لكن في المقابل  يبدو أن هذا الأمر  ربما يأتي على نقيض ما بلغ إلى علمنا من مساعي بين الهيئة المديرة وعدد من الرابطيين ممن تقدم  بقضايا على خلفية « دمج الفروع » ..مما قد يُفهم  منه أن هذه الدعوة ربما هي قطع الطريق أمام الحوارات  الجارية.من ناحيتي وقد سبق لي منذ سنة 2004 أن ناديت ببعث لجنة للتحكيم و ايجاد الحلول بشأن النقاط الخلافية بين الرابطيين ، أرى من المفروض الرجوع إلى القانون الأساسي و النظام الداخلي لحل كل الإشكالات. وعموما أرحّب بكل إجراء وخطوة من شأنها أن تدفع في اتجاه الخروج من أزمة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان نوفل الزيادي (رابطي): حوار الفرصة الأخيرة للرابطيين هو حوار كنا طالبنا به في إطار مبادرة الــ108 منذ خمس سنوات واعتبرنا أنه المخرج الوحيد للرابطة من أزمتها في وقت اختلطت فيه السبل وسادت فيه أساليب المزايدة والتشهير والتخوين والتجريح وأصبح فيه العديد من ذوي أصحاب المسؤولية مستبدين بالرأي. وهو حوار أردناه أن يكون حيويا وتفاعليا ، من ناحية ، بين الرابطيين فيما بينهم (منخرطون وأعضاء هيئات فروع وهيئة مديرة وقدماء). وأطلقنا عليه تسمية « الحوار الرابطي /الرابطي » ، ومن ناحية أخرى بين الرابطة والمجتمع السياسي خاصة مع السلطة السياسية حول وظيفة الرابطة ودورها واستقلاليتها. لذلك أردنا أن يكون حوارا مفتوحا على القضايا الجوهرية المتعلقة بهوية الرابطة ووظيفتها المجتمعية والحضارية، ولم نحصره فقط في الخلاف القائم مع الهيئة المديرة حول مسألة « الدمج » أو التجاوزات القانونية الحاصلة في مؤتمرات بعض الفروع ونخص بالذكر مؤتمر « باب بحر- تونس المدينة ». وتتمثل هذه القضايا في: 1 – مكانة الرابطة الحضارية والمجتمعية ودورها في الدفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها من كل انتهاك أو تعدّ. 2 – وظيفة الرابطة ودورها في نشر ثقافة حقوق الإنسان وقيم العقل والتسامح والديمقراطية. 3 – استقلالية الرابطة عن جميع الأحزاب والتجمعات السياسية سواء أكانت في السلطة أو المعارضة، وعدم حشرها في السياسة بمعنى تحويلها إلى جبهة معارضة للسلطة أو موالية لها. 4 – إقامة علاقات تعاون مع النسيج الجمعيات ومع الهيئات المعنية بحقوق الإنسان دون أن يمس بالسيادة الوطنية أو باستقلالية الرابطة. 5 – رفض التمويل الخارجي مهما كان ماتاه باعتباره يمس مباشرة باستقلالية القرار الوطني  . 6 – تطوير الديمقراطية الداخلية للرابطة قانونا وممارسة انطلاقا من الإنخراط وهيئات الفروع والمجالس الجهوية والوطنية والمؤتمرات إلى التداول على المسؤولية واحتضان الطاقات الشابة وإعدادها الإعداد الجيّد لتحمّل المسؤولية . وبالنظر لأهمية القضايا المطروحة وتعطل التواصل والحوار داخل الرابطة لسنين طوال فلا ينبغي أن نرهق الإستعداد للحوار الذي عبّرت عنه الهيئة المديرة بتحديد سقف زمني له تمليه متطلبات خارجية عن الرابطة. إن حوارا جديا حول القضايا المذكورة أعلاه وغيرها من شأنه أن يعيد للرابطة مكانتها في المجتمع ويكفل استقرارها . لذلك ينبغي المضي به إلى غايته. ومتى فرغنا منه ينعقد المؤتمر. وحينها فقط يمكن أن نقول أننا استفدنا من الأزمة وحققنا خطوة عملاقة في اتجاه توفير ضمانات أكبر لحقوق الإنسان في بلادنا. وبهذا المعنى يمكن أن نقول أيضا أن الحوار الذي قد يفتح في أقرب وقت ممكن هو حوار الفرصة الأخيرة للرابطيين . فإما أن يتحملوا مسؤوليتهم وخاصة منهم أعضاء الهيئة المديرة في انجاح هذا الحوار وعدم الزيغ به عن أهدافه، وإن فشلوا  عليهم أن يتركوا الرابطيين يختارون الطريق الذي يرونه صالحا للدفاع عن حقوق الإنسان.   (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد121بتاريخ 22 جانفي   2010)  

الأينوبلي في حديث لصحيفة « التونسية » الالكترونية:  نعم الشعب التونسي كبير وعظيم ولذلك من حقه مطالبة فرنسا بالاعتذار


حاوره : وجدي  أجرت صحيفة التونسية الإلكترونية  حوار مطولا مع الأخ الأمين العام حول جملة من قضايا الساعة وهذا أهم ما ورد في هذا الحوار.  
* لعل التساؤل الأبرز في هذا التوقيت يهم استعدادات الحزب للمحطة الانتخابية القادمة؟  
على مستوى الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أصبح من تقاليدنا السياسية المشاركة في كل المحطات الانتخابية كما أن المجلس الوطني المنعقد مؤخرا أكد هذا المبدأ ودعا المناضلين للاستعداد للانتخابات البلدية المقبلة وفي هذا الإطار سندعو إلى اجتماع موسع يضم أعضاء المكتب السياسي والكتاب العامين للجامعات والمستشارين البلديين من مناضلي الحزب لوضع أجندة للاستعداد العملي لهذا الموعد وستحاول هياكل الحزب وفق إمكانياتها البشرية والمادية خوض هذا الاستحقاق. *بالنظر إلى صعوبة التواجد في كل الدوائر هل تسعى الحركة للتنسيق في إطار تحالفات انتخابية مع أطراف أخرى؟  
الحزب سيدخل الاستحقاق بإمكانياته الذاتية ولن يدخل أي تحالفات مع أي طرف آخر والأكيد أننا لن نستطيع تغطية كل الدوائر فإمكانياتنا المادية والبشرية لا تسمح بذلك وسنشارك حيثما أمكن لنا المشاركة دون تعسف على حضورنا الميداني ودون مغالطة أو تسويق للوهم.  *أثارت استقالة عضو المكتب السياسي  أحمد الغندور  لغطا إعلاميا كبيرا؟  
استقالة السيد أحمد الغندور لم تثر أي جدل إعلامي بل استحوذت على اهتمام صحيفة يومية خصصت لها ما يزيد عن 8 مقالات وحاولت هذه الصحيفة أن تعطي لهذه الاستقالة أسبابا وتداعيات ونتائج رسمها كاتب المقالات وما يثير الجدل فعلا أن هذا الصحافي غاب عن الحملة الانتخابية الرئاسية والتشريعية للحزب ولم يكتب حولها ولو سطرا يتيما    واستفاق بعدها ليدرك أن هناك حزبا يعاني انقسامات وتجاذبات وتطورات ولم ينصفنا في هذه المقالات من ذلك أنه لم يكتب اسم الحزب صحيحا. ومن جهة أخرى فإن استقالة الغندور مع أنها شأن داخلي حزبي فلا بأس من توضيح، فالسيد أحمد الغندور رشحه الحزب خلال الانتخابات الفارطة لترأس إحدى قوائم الحركة إلا أنه تنازل عن رئاستها لفائدة إحدى المناضلات بنفس القائمة إلا أن القيادة ألزمته بترأس القائمة التي نجح خلالها في الفوز بعضوية مجلس النواب غير أنه بعد الانتخابات قام ببعض التصرفات التي ناقشها المجلس الوطني واعتبرها مخالفات حزبية وقد فاجأ الغندور المجلس وقدم وثيقة معرفة بإمضائه وثابتة التاريخ قبل انعقاد المجلس الوطني معلنا تعليق عضويته ظنا منه أن قيادة الحزب ستلزمه بسحب تعليق العضوية إلا أن المجلس الوطني واصل محاسبة الدكتور الغندور معتبرا أن تعليق العضوية لا يحجب المحاسبة حينها قرر العضو المذكور تقديم استقالته شفاهيا أمام المجلس الوطني إلا أن الصحيفة المذكورة راحت تكيف مقالاتها على أن استقالة الغندور غير قانونية ولم تكلف نفسها عناء الإطلاع على القانون الأساسي للحزب والذي ينص في الفصل 50 بالفقرة الثانية على أنه يعتبر مستقيلا كل من صرح بذلك شفاهيا أثناء اجتماعات المجلس الوطني أو في وسائل الإعلام هذه الفقرة واضحة ولا تحتمل التأويل ولا تقتضي وجوبية القبول لا من الأمين العام والمكتب السياسي أو المجلس الوطني. وعوضا عن الإطلاع على النص اجتهد البعض وأوجدوا وهما اسمه الصراع بين الأجنحة والأقطاب أحدهما معتدل والآخر متطرف كما وقع الإيحاء بأن الأمانة العامة للحزب لا حول لها ولا قوة أمام حالة تسيب داخل الحزب حيث وقع الحديث عن خط يريد التوافق وآخر يريد القطيعة والحال خلاف ذلك تماما فالحزب له مؤسساته ويسير وفق منهج وخط سياسي معلن وهو حزب الحوار وصاحب مبادرة الحوار الوطني والأمور تسير وفق ما هو مرسوم لها من قيادة الحزب ومؤسساته. *منذ أن أطلقتم مبادرتكم الداعية إلى اعتذار فرنسا عن المرحلة الاستعمارية وهذا الطرح يشهد تفاعلا متباينا بين مختلف مكونات المشهد الوطني؟  
مبادرة الاعتذار هي مبادرة حزب سياسي يتموقع في المعارضة وبالتالي فهو حرّ أن يطرح ما يشاء وعلى المكونات الوطنية الأخرى أن تتفاعل معه سلبا أو إيجابا وهذا ما حصل فمهمتنا كأصحاب مبادرة أن نحاول الإقناع بها وإيجاد حالة لفيف حولها وهي ليست دعوة كما أكدنا سابقا للمس من مصالح تونس لدى فرنسا. إن من يروّج لهذا هو كمن يحدد موقفه من المبادرة حيث أن لفرنسا مصالح أيضا لدى التونسيين وقد تكون هذه المصالح أكثر من مصالحنا معهم فلماذا لا نقول أن من مصلحة فرنسا أن تعتذر على الحقبة الاستعمارية. *ولكن هذه الدعوة إلى الاعتذار تصطدم بقانون جويلة 2005 الذي أقرته باريس لتمجيد دورها الاستعماري؟

فرنسا لمّا مجدت الاستعمار كانت محاولة داخلية فرنسية للتخلص من تبعات أفعالها وجرائمها الاستعمارية وهذا القانون لا يلزمها إلا هي. الاعتذار هو حق مشروع وإزالة مخلفاته عن شعبنا مسؤولية الدولة الفرنسية إلا إذا كانت باريس تعتبر نفسها من خلال هذا القانون دولة استعمارية إلى اليوم. إن فرنسا تريد من خلال هذا القانون أن توحي لأجيالها الجديدة أن الاستعمار إيجابي وجميل وحمّال لرسالة حضارية وهو ما يعني مستقبلا أنه كلما سجلنا نقصا أو تخلفا في بلد معين لا بد من النزول إليه بالبوارج تحت ذريعة التقدم. *تزامنت هذه الدعوة مع انطلاق اتحاد الشغل في إجراءات المطالبة بمحاكمة قتلة فرحات حشاد؟
نحن نعتبر أن توجه الاتحاد العام التونسي للشغل إلى محاكمة قتلة الزعيم فرحات حشاد خطوة على صعيد هذا الاعتذار. فما هو المطلوب من فرنسا ليس في نهاية المطاف اعترافا مؤثرا واعتذارا بروتوكوليا أمام أضواء الكاميروات.  قال أحد الطلبة  في شهادة له على صفحات جريدة « الوطن »  لو أن ساركوزي قام بمبادرة بسيطة كزيارة روضة الشهداء ووضع إكليل من الزهور فسيمثل ذلك خير اعتذار للتونسيين.
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد121بتاريخ 22 جانفي   2010)
 


بن علـي فــي مجلس الـوزراء: نحن في بلد ديمقراطي تعدّدي… الإعلام فيه حرّ والمواطن مسؤول


قرطاج ـ (وات): حدد الرئيس زين العابدين بن علي في الكلمة التي افتتح بها صباح أمس الجمعة أعمال مجلس الوزراء معالم خطة العمل الحكومي في الفترة القادمة مبينا مهام الوزير الأول وأعضاء الحكومة لوضع سياسة الدولة موضع التنفيذ وفق خيارات رئيس الجمهورية وما يوليه من أهمية لمشاغل المواطنين وتطلعاتهم وما رسمه من أهداف وتوجهات للخماسية المقبلة في برنامجه «معا لرفع التحديات». وفي ما يلي نص كلمة رئيس الدولة: « بسم الله الرحمان الرحيم نفتتح اليوم على بركة الله أشغال مجلس الوزراء الأول بعد التحوير الوزاري الأخير. ويطيب لنا أن نتوجه إليكم جميعا بالتهنئة الحارة على المسؤوليات الحكومية التي أوكلت إليكم راجين لكم النجاح والتوفيق في مهامكم. كما نعبر بهذه المناسبة لأسلافكم من الوزراء وكتاب الدولة الذين غادروا الحكومة عن شكرنا وتقديرنا على ما بذلوه من جهود وما أدوه من خدمات مؤكدين لهم في الوقت نفسه حرصنا على إحاطتهم بالرعاية التي هم بها جديرون وعلى الاستفادة من تجاربهم في مواقع جديدة. ونشير في هذا السياق إلى أن التحوير الوزاري الأخير يندرج في نطاق سعينا إلى تطوير العمل الحكومي حسب كل مرحلة وخصوصياتها وما تستوجبه من مواكبة دائمة للمستجدات الوطنية والدولية. وان في أدائكم جميعا لليمين أمام رئيس الجمهورية تكريسا جليلا وحاسما للالتزام بالنص الذي أقسمتم عليه في ممارسة مهامكم حتى تكونوا بالثقة أهلا وللمسؤولية أجدر وحتى تثبتوا بكل كفاءة واقتدار أنكم أحسن قدوة وأفضل مثالا. ومن المفيد أن نجدد التأكيد في هذا المقام أن الفريق الحكومي يعمل على تنفيذ السياسة العامة التي يضبطها رئيس الجمهورية في كل القطاعات والاختصاصات بتنسيق من السيد الوزير الأول وبمتابعة منه. والسيد الوزير الأول مكلف كذلك في نطاق الاختيارات التي يحددها رئيس الجمهورية بتيسير عمل الوزراء في انجاز ما هو منوط بعهدتهم وتوجيههم إلى الحلول التي يمكن اتخاذها في حالة بروز إشكال أو صعوبة. كما أنه مكلف بتحقيق الربط والتكامل بين عدة وزارات عندما يتعلق الأمر بموضوع معين يتطلب توحيد الجهود والإمكانات في العمل الحكومي. أما الوزير فهو المسؤول الأول عن كل الشؤون التي تهم وزارته والعاملين فيها تسييرا وتصرفا وتصورا وتنفيذا. وأما كاتب الدولة فليس منافسا للوزير ومدعاة للحيطة والاحتراز بقدر ما هو مساعد له ويتحمل بدوره قسطه من المسؤولية في تسيير الوزارة في مجال اختصاصه تحت إشراف الوزير المعني بالأمر. فالوزير وكاتب الدولة يعملان في نطاق جماعي قوامه التعاون والتكامل والانسجام وان مهمة الوزير تتجاوز الاشراف على سير دواليب وزارته لتشمل التنسيق بين مختلف الادارات والمصالح والمؤسسات التابعة لها وتنشيط عملها وتحسين أدائها وتطوير خدماتها واجادة التصرف في ما يتوفر لديها من موارد بشرية وإمكانات مادية. وان الوزير مطالب بالتعاون مع كل الكفاءات والجهات التي من شأنها أن تقدم له الإضافة المطلوبة في ما يقوم به من أعمال وما يتخذه من مبادرات وينبغي الإقلاع نهائيا عن التردد في اتخاذ القرار حول مسألة من المسائل بحجة انتظار التعليمات أو ترقب صدور الأوامر من فوق فالوزير يتمتع بكل الصلاحيات التي مكناه منها لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب بشأن أي موضوع معروض على أنظاره واختصاصاته إلا في الحالات الاستثنائية التي تكتسي صبغة دقيقة وصعوبة معينة. كما أن مهمة الوزير لا تقتصر على حل المشاكل القائمة وانجاز الأعمال الجارية بل تتعداها إلى التحلي بالاجتهاد والاستنباط والمبادرة ضمن استراتيجية عملية شاملة في معالجة القضايا المطروحة ورفع الصعوبات الماثلة ورسم الافاق ووضع التصورات وتقديم الاقتراحات وإضفاء الحيوية وروح العمل الجماعي على نشاط وزارته. واذ تشرع بلادنا هذه السنة في انجاز برنامجنا للخماسية القادمة تحت شعار «معا لرفع التحديات» فان الواجب يدعوكم جميعا الى القيام بالتعبئة اللازمة لمتابعة تنفيذ هذا البرنامج والحرص على تحقيق أهداف كل وزارة في ما يخصها وبالتعاون مع سائر الاطراف المعنية حتى تكسب تونس المزيد من التطور والمناعة ونرتقي بها الى مرتبة الدول المتقدمة. وأذكر السادة الوزراء في هذا السياق بضرورة ايلاء العناية اللازمة بمكاتب العلاقات مع المواطن . فهذه المكاتب أردناها أن تكون مهيأة لاستقبال المواطنين وارشادهم وتمكينهم من الحصول على الخدمات الادارية التي يحتاجون اليها بما يتعين من سرعة ونجاعة بعيدا عن كل مظاهر الاجترار والفتور وفي نطاق ما نص عليه القانون والتراتيب الجاري بها العمل. ونظرا الى ما نوليه من أهمية خاصة لمشاغل المواطنين وما نبديه من حرص على تلبية مطالبهم وقضاء حاجاتهم فقد أوكلنا الاشراف على مكاتب العلاقات مع المواطن الى الوزير مباشرة ليتولى تسييرها تحت أنظاره اطار سام له معرفة عميقة ودقيقة بكل دواليب الوزارة والمسالك المعتمدة التي تيسر له تقديم الخدمات المنشودة. لذلك ندعو السادة الوزراء الى متابعة عمل مكاتب العلاقات مع المواطن ومراقبة سيرها ومدها بكل المستلزمات الضرورية التي تساعدها على أداء دورها في أحسن الظروف مع التدخل الحازم الذي يقتضيه المقام في حالة حصول اخلال أو قصور أو اهمال. كما ندعوكم الى ايلاء بالغ العناية والمتابعة للملاحظات والتقارير والدعوات الصادرة عن الموفق الاداري ودائرة المحاسبات والمحكمة الادارية وفريق المواطن الرقيب للعمل بها والفصل فيها مع التدخل لدى الادارات الراجعة اليكم بالنظر للاجابة الفورية وفي الاجال القانونية والترتيبية الجاري بها العمل عن كل شكاية أو عريضة أو مطلب أو استرشاد وذلك حفاظا على مصالح المواطن وحماية لحقوقه وحرصا على أن تكون الادارة في خدمة المواطن لا عبءا عليه. ونذكر من ناحية أخرى بأن الوزير مدعو الى متابعة سير نشاط دواليب وزارته والاطلاع على النقائص والمآخذ المسجلة في المجال سواء من قبل الصحافة أو من قبل المواطنين. ونحن نؤكد مجددا الاهمية التي نوليها لمكاتب الاعلام بالوزارات ودورها في الانارة والارشاد والاجابة عن التساؤلات والملاحظات والانتقادات التي تتعلق بنشاط الوزارة المعنية بالامر دون أن يكون ذلك مدعاة للحرج والتبرم فنحن في بلد ديمقراطي تعددي الاعلام فيه حر والمواطن فيه مسؤول. لذلك يجب أن نحترم الرأي المخالف ونقبل النقد البناء ونستفيد في الان نفسه من كل اقتراح سديد وتقويم مفيد ونوفر للصحافيين والمواطنين الخبر الصحيح والمعلومة المطلوبة بكل صراحة وواقعية. نجدد لكم في خاتمة كلمتنا تهانينا الحارة راجين من الله أن يوفقنا جميعا لما فيه خير بلادنا وشعبنا» ونظر المجلس اثر ذلك في مشروع قانون ينقح ويتمم القانون المؤرخ في 14 جانفي 2004 المتعلق بالخدمة الوطنية وذلك بهدف توسيع مجال أداء الخدمة الوطنية خارج وحدات القوات المسلحة ليشمل كافة الوزارات والمؤسسات العمومية. كما نظر المجلس في مشروع قانون يتعلق بتوحيد سن الرشد المدني. ويتنزل هذا الاجراء الذي تضمنه البرنامج الانتخابي لسيادة الرئيس بالنسبة الى الخماسية القادمة في اطار استكمال التوجهات الحديثة للتشريع التونسي التي تعتبر الشاب الذي بلغ سن الثامنة عشرة قد وصل درجة من النضج والوعي والادراك تخول له تحمل المسؤولية المدنية الكاملة والمشاركة الفاعلة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بالبلاد. ويهدف المشروع الى تحقيق الانسجام والتوافق بين الاحكام الخاصة بالمسؤولية الجزائية وأحكام المسؤولية المدنية. ونظر المجلس بعد ذلك في مشروع قانون يتعلق بتنقيح واتمام بعض الفصول من مجلة الحقوق العينية. ويندرج المشروع في اطار سياسة الدولة الرامية الى تعصير وسائل عمل الادارة وضمان سرعة انجاز الخدمات الادارية ونجاعتها. وهو يهدف بالخصوص الى تكريس المسك الاعلامي لسجلات ادارة الملكية العقارية بالتوازي مع المسك اليدوي والى احداث برنامج مشترك بين ادارة الملكية العقارية والمحكمة العقارية وديوان قيس الاراضي والمسح العقاري في اطار مشروع النظام المعلوماتي العقاري الهادف الى تشبيك الخدمات بين الادارات المذكورة والربط بينها اعلاميا. كما نظر المجلس في مشروع قانون يتعلق بتنقيح بعض الاحكام من مجلة المرافعات المدنية والتجارية. وهو يهدف الى ضبط عناصر التأجير وإضفاء مزيد من الموضوعية والدقة على الأجور المطلوبة من طرف الخبراء العدليين المنتدبين من قبل المحاكم سواء في اطار القضايا أو عند تكليفهم بموجب أذون على العرائض. ونظر المجلس في مشروع قانون يتعلق بتنقيح واتمام قانون سنة 1993 المتعلق بالخبراء العدليين. ويتضمن المشروع عددا من الاحكام تهدف بالخصوص الى ضمان التناسق بين الترسيم بقائمة الخبراء العدليين وحاجيات المحاكم في مختلف الدوائر من حيث العدد والاختصاصات. كما اقر المشروع صفة الخبير العدلي للذوات المعنوية لاول مرة ضمن التشريع التونسي مع وضع شروط اضافية خاصة بها. وفي اطار الحرص على مزيد تنظيم شروط المباشرة نص المشروع على وجوبية الاعلام بمحل المخابرة والانتصاب بالدائرة الابتدائية المعين بها الخبير. من جهة أخرى وحرصا على ضمان الحماية الضرورية للمياه التونسية والثروات البحرية الوطنية وضمان ديمومة استغلالها نظر المجلس في مشروع قانون ينقح ويتمم القانون المؤرخ في 31 جانفي 1994 المتعلق بالصيد البحري. وتهدف هذه الاجراءات الى الحد من المخالفات المرتكبة بالمياه التونسية من طرف وحدات الصيد البحري التونسية أو الاجنبية خاصة وأن تونس شرعت في تطبيق نظام الراحة البيولوجية. ونظر المجلس اثر ذلك في مشروعي قانونين يتعلقان ببرنامج توسيع واعادة تهيئة 19 محطة تطهير و130 محطة ضخ بالبلاد التونسية. ويشتمل المشروع الذي سينتفع به حوالي مليون و200 ألف مواطن في اثنتي عشرة ولاية على الترفيع في الطاقة الحالية لمحطات التطهير من 68 الف متر مكعب يوميا الى 126 ألف متر مكعب في اليوم وتحسين نوعية المياه المعالجة بالاضافة الى تجهيز عدد من المحطات بمعدات لانتاج الطاقة الحرارية والكهربائية اللازمة لتشغيلها. ثم نظر المجلس في مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاق تعاون مالي قصد انجاز مشاريع تنموية بالبلاد التونسية. واستمع المجلس الى بيان حول الوضع الفلاحي استعرض تقدم موسم الحبوب وما اتخذ من اجراءات لتمكين الفلاحين من القيام بأشغالهم في أفضل الظروف وذلك على مستويات التمويل والبذر والتسميد. كما استعرض البيان سير موسم الزيتون على مستوى الجني والتصدير وكذلك النتائج المسجلة في القطاعات الفلاحية الاخرى. وشدد رئيس الدولة على تعزيز العناية بالفلاحة البيولوجية لما تفتحه من افاق هامة للقطاع على مستويات الانتاج والتشغيل والتصدير. وأذن سيادة الرئيس بادراج الفلاحة البيولوجية كبند قار في جدول أعمال مجلس الوزراء. واستمع المجلس الى بيان حول النتائج الاقتصادية المسجلة سنة 2009 حيث تميزت بتطور ايجابي لمختلف المؤشرات مع المحافظة على سلامة التوازنات الكبرى بالرغم من تداعيات الازمة العالمية وذلك بفضل السياسات والبرامج الخصوصية واستثمارات الدولة الاضافية لدعم الحركية الاقتصادية وكذلك الانتعاشة الملحوظة التي شهدها النشاط الاقتصادي بداية من المنتصف الثاني للسنة المنقضية والتي مكنت من تدارك حدة الضغوطات المسجلة على مستوى أداء الاقتصاد خلال الفترة الاولى منها. وأفاد البيان أن نمو الناتج بلغ 3.1٪ سنة 2009 بفضل البرامج والاجراءات الرئاسية الخصوصية وهو ما مكن من الترفيع في الدخل الفردي ليبلغ 5119د خلال نفس السنة متجاوزا بذلك الهدف المرسوم. كما أبرزت نتائج سنة 2009 مواصلة حركية الاستثمار التي سجلت تطورا ب 4ر10 بالمائة خاصة بفضل زيادة الاستثمار العمومي ب 7ر21 بالمائة مما مكن من المحافظة على نسق ايجابي لاحداثات الشغل والتوفق في تقليص الضغوط عليه والحفاظ على عدد هام من مواطن الشغل وذلك بفضل الاجراءات الرئاسية وبرامج مساندة المؤسسات التي شهدت صعوبات اقتصادية. وبخصوص المدفوعات الخارجية أبرزت نتائج سنة 2009 مواصلة التحكم في العجز التجاري رغم انخفاض الصادرات وذلك بسبب انخفاض الطلب الخارجي. وتطرق البيان الى تواصل تحسن مختلف مؤشرات التنمية البشرية والاجتماعية ومؤشرات تحسن ظروف العيش حيث تم تسجيل تطور المقدرة الشرائية للاجور والضغط على الاسعار. كما سجلت سنة 2009 تعزيز المكاسب على مستوى البنية التكنولوجية باعتبار دورها الحيوي في الترفيع في مستوى الانتاجية وتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني وهو ما تبرزه عديد التقارير الصادرة عن هيئات عالمية مختصة والتي تشير الى تحسن ترتيب تونس في كثير من المجالات وخاصة تلك المتعلقة بمناخ الاعمال والادارة الالكترونية والبنية التكنولوجية وجودة الحياة وتطور مؤشر اللحاق بالبلدان الاوروبية الذي ارتقى إلى 3ر30 بالمائة وذلك بفضل الاصلاحات والسياسات المعتمدة على المستويات الهيكلية والقطاعية وتعميقها في اطار تحقيق الاهداف المرسومة بالبرنامج الرئاسي. واستمع المجلس في الختام إلى بيان بخصوص التقرير السنوي حول وضع الطفولة بتونس لسنة 2009 أبرز توفق البلاد في تنفيذ أهداف البرنامج الرئاسي لتونس الغد 2004/2009 وتطور وضع الفتاة التونسية في اطار منهاج عمل بيجين الذي انخرطت فيه تونس منذ 15 سنة وحرصت على تحقيق أهدافه. وأبرز التقرير تحسن الأوضاع الصحية للام والطفل حيث ارتفعت نسبة التغطية بالتلاقيح الى 97٪ للاطفال في سن 12/24 شهرا وبلغت نسبة عيادات مراقبة الحمل 96 ٪ وتدعمت العناية بالصحة النفسية للمراهقين بتطوير خلايا الانصات والارشاد بالمؤسسات التعليمية. كما ارتفعت التغطية بخدمات التربية المبكرة لتبلغ 30٪ بالنسبة الى رياض الاطفال وارتفعت نسبة تلاميذ السنة الاولى من التعليم الاساسي الذين تلقوا تربية قبل مدرسية الى أكثر من 72٪. وتكريسا لحق الاطفال المعوزين وذوي الاحتياجات الخصوصية في الاندماج في مجتمع المعرفة تطور عدد المدارس الدامجة للاطفال حاملي الاعاقة الى 291 مدرسة تحتضن 1266 طفلا معوقا. وتم اطلاق برنامج وطني لدعم قدرات الامهات ومرافقتهن في مجال التعهد بأطفالهن ذوى اضطرابات التعلم. كما تم تعميم المطاعم المدرسية على كافة المدارس ذات الاولوية التربوية ليصل عددها الى 2249 مطعما يستفيد منها حوالي 227 ألف تلميذ. وحرصا على نشر الثقافة الرقمية بين صفوف الناشئة بلغت نسبة التغطية بالتجهيزات الاعلامية في الوسط المدرسي 100٪ بالمرحلتين الاعدادية والثانوية وحوالي 70٪ بالمرحلة الابتدائية. وتعززت مراكز اعلامية الطفل والطفل المعوق سنة 2009 بمركز جديد أذن سيادة رئيس الجمهورية باحداثه بجزيرة قرقنة نظرا لخصوصية موقعها الجغرافي. وأكد التقرير أن عدد فضاءات الترفيه والتثقيف تجاوز 24 ألف فضاء ينشط بها أكثر من مليون و288 ألف طفل في اختصاصات متعددة. وأكد الرئيس زين العابدين بن علي على احكام تنفيذ الاجراءات المقررة لفائدة الطفولة عموما والطفولة فاقدة السند على وجه الخصوص بما يكفل المساواة التامة وتكافؤ الفرص بين كل أطفال تونس ويدعم قدرات الاسرة في مجال التنشئة ويستجيب لتطور حاجيات الطفولة وآليات الاحاطة بها.  
 
(المصدر: النشرة الإلكترونية لجريدة الشروق التونسية الصادرة يوم 23 جانفي 2010)


عندما يحول بن علي تونس إلى غابة النظام التونسي يحتقر الشعب ..

 


عبدالباقي خليفة  
يستطيع النظام أن يسجن الدكتور الصادق شورو لأكثر من 20 عاما ، ويستطيع أن يبقي زهير مخلوف في السجن ، بعد انتهاء فترة الحكم الظالم الصادر بحقه . ويستطيع أن يخرج عن طاعة السيد الفرنسي ، ويسجن توفيق بن بريك ، فمصلحته الذاتية أقوى من أي شراكة ، حتى وإن كانت من جهة العمالة والوكالة . لكنه لا يستطيع أن يسجن الشعب التونسي لو قدر له الحصول على قيادة وطنية تضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار حزبي كان أو ايديولوجي ، وتحمي خياراته ، وتوجهاته ، بالتضحيات الجماعية ، بدون وصاية أو استنقاص ، كما يفعل النظام الحاكم في تونس ، والذي يحتقر الشعب إلى أبعد الحدود ، ويتهمه بالتخلف ، وقلة الحيلة ، والسذاجة ، وكل الصفات المعيبة التي لا تنم عن أي احترام أو تقدير أو دور في ممارسة السلطة ، ومراقبتها ، وتغييرها وفق الآليات الديمقراطية المعروفة في العالم . ولأن النظام ينظر إلى الشعب باحتقار فضيع ، فإنه لا يتوانى في استخدام أقذر الوسائل ضد المعارضة . فالنظام لم يوفر أحدا من المعارضة ، لأنها مشروع ايقاظ للشعب الذي أعلن النظام امتلاكه ، كما لو كان قطعانا من العبيد الآبقين ، الذين يجب أن يكونوا تحت المراقبة الدائمة والمتواصلة والمستمرة ، وهو ما ورثه عن الزعيم المؤسس ، الحبيب بورقيبة ، الذي استكثر نفسه على الشعب ، وتمنى لو كان رئيسا لشعب أوروبي . احتقار النظام التونسي للشعب تتمثل في عدة مستويات منها ( 1 ) تزييف إرادة المواطنين ، والزعم بأنه يحكم بتفويض من الشعب . 2 ) احتقار المعارضة المعبرة عما يشعر به المواطن من غبن وقهر وعدوان من قبل أزلام النظام وعلى كافة المستويات السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها . 3 ) إرهاب المواطنين والسماح لقوات القمع بالاعتداء عليهم ، دون أن يكون للمواطنين الحق في الاقتصاص القضائي العادل ، لا سيما إن كانوا من المعارضة ، وما جرى في حالات نادرة تمت فيها محاكماة الجناة ، كان المعتدى عليهم مقربين من بعض من هم في السلطة ، أو لذر الرماد في العيون ، أو كل ذلك جميعا . 4 ) تعذيب المعارضين وأسرهم والمتعاطفين معهم كل بطريقة خاصة ، الاعتقال والتعذيب النفسي والبدني للمعارضين ، والسجن لمدد طويلة قابلة للتمديد خارج نطاق ( القانون ) وفي ظروف بربرية لا انسانية ، وهو ما جعل الكثير من المساجين يصابون بأمراض قاتلة وخبيثة ، فضلا عمن ماتوا تحت التعذيب . أما تعذيب أسرهم فبنقل المناضلين إلى سجون ومعتقلات بعيدة عن الولايات ( المحافظات ) التي ينتمون إليها . مما يرهق الأسر نفسيا وماديا عند الزيارات . ولأن آدمية الانسان ليست لها قيمة لدى نظام 7 نوفمبر ، فإن الذين يقدمون مساعدات لأسر المناضلين من أي منطق كان يعتبر داعما للارهاب وتسلط عليه أقسى العقوبات الجزائية . في وقت يتحدث فيه النظام عن القيم ( الوطنية ) وما يروجه نفاقا  » التونسي للتونسي رحمة  » ففي الوقت الذي يردد فيه ذلك الشعار يسوم من يطبقه أشد أنواع التنكيل والقمع والعقوبات . 5 ) ومن أكبر مظاهر احتقار النظام التونسي الحاكم للشعب ، هو الكذب عليه في كل شئ ، وفي المثل التونسي  » من احتقرك كذب عليك  » أو  » من كذب عليك احتقرك  » . فما بالك بنظام امتهن الكذب ، وأصبح خطابا مكررا وممجوجا إلى أبعد الحدود ، حتى أصبحت خطابات بن علي هي نفسها في كل مناسبة . وأصبح المواطن التونسي يعرف سلفا ماذا سيقوله بن علي قبل الالقاء ، لأنه نسخة مكررة من خطابات سابقة . وذلك فيما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الانسان ، ومحاربة التطرف والارهاب ، والشراكة الاوروبية ، والاتحاد المغاربي ، والقضية الفلسطينية ، وهلم جرا … 6 ) من تلك المظاهر أيضا ، ارهاب من يقدم مساعدة لضحايا نظام 7 نوفمبر ، ويعتبر رئيس الجمعية الخيرية الألمانية  » مرحمة  » المناضل محسن الجندوبي أكبر الأمثلة ، فقد أحيل غيابيا على قضاء نظام 7 نوفمبر في 31 ديسمبر الماضي بتهمة تقديم مساعدات للمتضررين من سيول الرديف بالجنوب التونسي . ويمكن القول أن مفلسفي الاستبداد والديكتاتورية في تونس لا ينظرون للشعب كشعب ، ولا للمعارضة كمعارضة ، وإنما يزينون للنظام تصرفه كما له أنه مجموعة من الحيوانات المفترسة ، وسط أنواع من القطعان والفرائس . فهناك من وجهة المفلسفين للقمع والاستبداد والديكتاتورية ، نماذج في الغابات والأحراش لما يجري في تونس ، والعكس صحيح ، أي هناك نماذج في تونس لما يجري في الغابات والأحراش ، نماذج القطعان ، ونموذج خلايا النحل . وهي النماذج غير الانسانية التي بنى عليها كل من داروين ، وفرويد ، ودوركايم ، وماركس ، قوالب نظرياتهم في صراع البقاء ، والنزعات النفسية ، والاجتماع ، وتطور النظم الاقتصادية ، وحشر فيها التاريخ البشري حشرا . ( انظر مقدمة روزا لكسمبورغ في كتابها ، المجتمع البدائي ، ) وإن كان من السهولة بمكان التدليل على نماذج القطعان كما يراها النظام ، فإن نموذج خلايا النحل تكاد تكون مفقودة ، وهو ما يدركه النظام ، ويتحتم على المعارضة ايجاده . نماذج القطعان يتمثل في طريقة النظام في معاملة المعارضة ، ورد فعل الأخيرة فهو كلما عقر معارضا ، لم تزد المعارضة على رفح حالة التوتر لديها ، سواء عبرت عن هذا التوتر بالكتابة ، أو التصريحات ، والبيانات ، والعرائض ، أو بانتظار الدور ، فإنه لا يختلف من وجهة نظر النظام عن ردود فعل القطعان عندما يسقط أحد أعضائها فريسة بين مخالب حيوان مفترس . في حين تفتقد المعارضة لروح خلايا النحل ، التي تتداعى لمصاب بعضها بعضا ، وتقدم التضحيات اللازمة ، حتى الحياة تجود بها من أجل خلاياها المهددة . أسوق ذلك وأمامي العشرات من القضايا ، الواردة في البيانات الصادرة عن منظمات ، حرية وانصاف ، برئاسة الاستاذ محمد النوري ، واللجنة التونسية لحماية الصحافيين ، والحملة الدولية لحقوق الانسان ، والجمعية الدولية للدفاع عن حقوق الانسان في تونس ، ومنها استشهاد الشاب محمد بن سعيد العكرمي في مستشفى مدينة صفاقص يوم 30 ديسمبر 2009 م ، حيث دفن في مقبرة سيدي خليف ببنقردان في مدنين في اليوم الموالي . وجاء استشهاده بعد معاناة طويلة مع مرض الربو الذي أصيب به في سجون بن علي ، حيث تعرض كغيره من ميئآت المساجين للاهمال الصحي ، أثناء الاعتقال حيث حكم عليه سنة 2006 م بالسجن لمدة 4 سنوات ، وهو ما يصل إلى حد القتل العمد . لا سيما وأن إدارات السجون ومنها سجن صفاقس لم تهتم بمطالب المساجين بمتابعة أوضاعهم الصحية ومنهم الشاب العكرمي . ومنها اختطاف الشاب عزوز بن صالح بن منصف بودربالة . و » مواصلة التنكيل بالزميلين المعتقلين توفيق بن بريك وزهير مخلوف ، وبعائلتيهما على خلفية نشاطهما الاعلامي ، ومنعه من المشاركة في جنازة أخته المتوفاة بل من سماع خبر وفاتها . وتعذيب سجين الرأي رمزي الرمضاني بسجن المرناقية يومي 24 و25 ديسمبر 2009 . وهذه مجرد أمثلة نسوقها ، أما الضحايا والحالات فهي بالآلاف في تونس ، فما نسوقه  أمثلة للذكر لا الحصر . وعلى الرغم من النداءات المتكررة الوطنية والدولية التي تطالب باطلاق سراح بن بريك ومخلوف، لا تزال السلطة تمعن في تجاهل تلك النداءات ، مثلما تمعن في انتهاكها للاعراف والقوانين التي تضمن للصحافيين حقهم في التعبير عن آرائهم وأداء رسالتهم « مما دفع عدد كبير من الصحافيين التونسيين للاعلان عن إضراب جوع يوم 28 ديسمبر الماضي . كما تعاملت السلطات باستخفاف مع قضية الشيخ الدكتور الصادق شورو ( 62 عاما ) الأستاذ في كلية الطب والرئيس السابق لحركة النهضة ، والذي أعيد للسجن بعد أكثر من 18 عاما قضاها وراء القضبان ، بسبب إصراره على ممارسة حقه في التعبير ، ورفض أن تكون تونس ملكية خاصة لبن علي وأصهاره وإقليمه وزبانيته والمقربين منه . كما تجاهل النظام نداء العلماء والمفكرين وقادة الرأي الذين دعوا لاطلاق سراح الشيخ الدكتور الصادق شورو .  » لقد تعرض الشيخ الدكتور الصادق شورو لصنوف بالغة من التعذيب والتنكيل والتضييق أورثته عدة أمراض تفاقمت في غياب الرعاية الصحية اللازمة زالتغذية المناسبة لوضعه الصحي المتدهور  » ( من مقدمة النداء ) وكان من بين الموقعين ، الدكتور يوسف القرضاوي ، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين . ومنور حسين أمير الجماعة الاسلامية في باكستان ، والشيخ فيصل مولوي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، وثلة مرموقة من العلماء والمفكرين والكتاب والدعاة . ويواصل النظام افتراس المعارضة بطريقته الخاصة ، كالحكم بالسجن 4 سنوات نافذة على الزميل الفاهم بوكدوس في 13 يناير 2010 . وتستمر محاصرة الصحفيان لطفي الحجي وسليم بوخذير ، وإصدار حكم بالسجن على لطفي داسي لمدة شهر وتغريمه بمبلغ 6 آلاف دينار لجمعه أموال لصالح ضحايا النظام . وبلغ النظام مستوى من سوء استخدام السلطة حد إفساد المشاريع الصناعية والفلاحية للمواطنين مثل ما حصل للسجين السابق زياد الفقرواي ، حيث تعبث مليشيات النظام باللباس المدني بممتلكات المواطنين ، كما تتصرف العصابات والقتلة المحترفون . ومن ليس له مشروع اقتصادي يفسده النظام ، يسلط عليه السفلة والمأجورون ليعتدوا عليه بالعنف الجسدي أو اللفظي أو كلاهما كما حصل مع سجين الرأي السابق الأزهر زروق ، وعمار عمروسية وفتحي تيتاي ، ويحدث ذلك أمام محكمة الاستئناف بمدينة قفصة يوم 18 يناير 2010 م . أوتمارس عليه سادية قطاع الطرق كما حصل مع الصحافيين رشيد خشانة وناجي البغوري اللذان منعا من التوجه إلى مدينة القيروان للمشاركة في ندوة ، وذلك يوم 3 يناير 2010 م . وقد أصدرت منظمة حرية وانصاف لوحدها خلال شهر أكتوبر الماضي 37 بيانا وخلال نوفمبر الماضي 36 بيانا ، رغم عمل المكتب التنفيذي للمنظمة في ظل الحصار الامني الذي يفرضه نظام 7 نوفمبر ، رغم ذلك رصدت المنظمة 93 انتهاكا للحريات الفردية والعامة ولحقوق الانسان في تونس في شهر أكتوبر الماضي فقط ،  بعد مسرحية الانتخابات الرئاسية . واعتبرت المنظمة محاكمة الدكتور الصادق شورو الرئيس السابق لحركة النهضة بتهمة ملفقة هي ، الاحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها ، والحكم عليه بالسجن لمدة عام كامل … بعد قضائه 18 سنة خلف القضبان منها 14 سنة في عزلة انفرادية تامة ، تعد المظلمة الأطول والأشد في حق سجين سياسي . وأن النضال من أجل اطلاق سراحه مطلب وطني وقضية عادلة … خاصة بعد تدهور حالته الصحية . ( يرجى العودة لتقارير منظمة حرية وانصاف الشهرية لمزيد من المعلومات ) . وحتى يتم سن عفو تشريعي عام كالذي صدر في 25 يوليو 1989 م وتعود الحقوق إلى أصحابها ، وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير ، والتنظم ، والتنقل ، والاجتماع ، والتظاهر السلمي . وحتى لا تغرق البلاد في مستنقع الانسداد السياسي والاقتصادي ، والاجتماعي ، أكثر مما هو حاصل ، وتتغير لغة المطالبات . وحتى يتوقف احتقار النظام للشعب وقواه الحية ، ويتوقف تشكيكه في مقدرة الشعب على تحديد مصيره ، لا بد من تحقيق بعض الشروط . . 1 ) كسر حاجز الخوف والاستعداد التام لتقديم التضحيات ، من خلال شعار كلنا الصادق شورو . أو كلنا  الصادق شورو، وبن بريك ، ومخلوف . وإذا كان هؤلاء في السجن فماذا نفعل نحن في الداخل والخارج ؟! 2 ) دعم اللجان القائمة المدافعة عن قضايا الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان من خلال اشتراكات يدفعها المناضلون في الداخل والخارج . 3 ) تقديم الدعم المالي والمعنوي والحقوقي لضحايا الوحش المفترس ، الذي ينظر للبشر في تونس كما لو كانوا قطعانا من الحيوانات . وذلك من خلال اشتراكات ، ومساهمات غير مشروطة من الأفراد والمنظمات والجهات المختلفة . 4 ) جعل مطلب الحرية ، هو الهدف الأساس للجميع ، وترك الخيارات المجتمعية للاستفتاءات الشعبية ، والتفاهمات الحزبية ، بعد تحرير تونس من الخوف ورموز الرعب والارهاب الحاكم .
 


« اِلـِّي تعرفو خير مِ اللي ما تعرفوش » (من تعرفه أفضل ممن لا تعرفه)

« اِلـّي تعرفو خير مِ اللي ما تعرفوش »، هذه العبارة التي تجري مجرى الأمثال في بلادنا، وفي أقطار عربية أخرى بصيغ مشابهة، يقع تداولها بشكل خاص في المواعيد الانتخابية. فأمام اليأس من أيّ تغيير عن طريق انتخابات حرة وديمقراطية، ترى العديد من الناس يرددون تلك العبارة في أحاديثهم. وقد ردّدها البعض بالفعل بمناسبة المهزلة الانتخابية ليوم 25 أكتوبر الماضي بعد أن يئسوا من إمكانية رحيل بن علي الموجود في الحكم منذ 22 سنة والمرشح، الفائز حتى قبل إجراء الاقتراع بما لا يقل عن 90% من الأصوات، لولاية خامسة، وإذا « أطال الله في عمره » سيكون الفائز من الآن، وبعد « تحوير الدستور » لإلغاء شرط السن القصوى (75 سنة)، في « انتخابات » 2014 لولاية سادسة ما دام « الشعب يحبه ويتمسك به » وحتى إن كان وَعَدَهُ منذ اليوم الأول لوصوله إلى الحكم في نوفمبر 1987، وعدا قاطعا بأن « لا رئاسة مدى الحياة »!! قلنا إذن ردّد التونسيون أو بالأحرى عدد منهم القول المأثور « اِلـّي تعرفو.. ». وإذا حاولتَ أن تعرف لماذا يردّد مخاطبك هذا القول فإنه سرعان ما يجيبك: « يا أخي بن علي تعودنا بيه… تخاف لا يجينا حد ما نعرفوشو ونوليو نرحمو على بن علي كيف ما رحمنا على بورقيبة… » ثم يصمت مخاطبك. وإذا « قرأ فيك الثقة » فإنه ينتقل بك إلى « الرسمي » فيضيف: « حكامنا بكلهم سرّاق… وإذا واحد منهم مش سارق، اِلـّي معاه سرّاق… يأتي الواحد منهم للحكم وهو « تِرْ فِرْ » فإذا به سرعان ما يملأ جيوبه ويفقرنا ويفقر البلاد… بن علي نفسه لما جاء إلى الحكم كان هو وعائلته « كح بح »… انظر اليوم كيف استغنى واستغنى أفراد عائلته وأنسابو… ما خلاو فيها شيء… ماو عاد خير يبقاو هوما على الأقل عبّاو، خير ما يجينا « جيعان » جديد يكمل علينا ويحبّلو باش يستغنى هو وعائلتو وأنسابو وأبناء عمو… ». إن من يتمعّن في هذا الكلام يدرك ما فعله الاستبداد بقطاعات واسعة من شعبنا. فالناس أصبحوا يشعرون بأنهم لا قوة ولا حول لهم على « الحاكم ». فهو « قضاء وقدر » تماما كما كانت الأمور أيام البايات، عندما كان الحكم وراثيا، لا دخل لعامة الناس فيه. وبما أنهم يعتقدون أن الأمر ليس بيدهم فإنهم يفكرون بعقلية « اِلـّي تعرفو.. » و »شدّ مشومك لا يجيك ما أشوم منو » إلى غير ذلك من الأمثال التي لا تنتعش إلا في مناخات الاستبداد. ومن البديهي أن هذه العقلية لا نجدها في البلدان التي تمكنت فيها شعوبها من افتكاك حقوقها السياسية وأصبح لها دور نشيط في الحياة العامة. إن الناس في البلدان الديمقراطية يعرفون المرشحين للوظائف العامة، للرئاسة والبرلمان والبلديات، إلخ. يعرفونهم بفضل حرية التعبير والصحافة والاجتماع، ويزدادون معرفة لهم خلال الحملات الانتخابية، وبهذه الصورة تتوفر لهم فرصة الاختيار، الاختيار بين مرشح وآخر، على أساس ما يقدمه من برامج ومقترحات وأفكار… وحتى إذا ما أخطأ الناس في اختيارهم فإن لهم من الوسائل الديمقراطية ما يمكنهم من محاسبة من انتخبوه. فبإمكانهم انتظار الموعد الانتخابي الموالي واختيار غيره ويكونون بذلك قد عاقبوه على عدم الإيفاء بوعوده. وإذا ما كانوا في عجلة من أمرهم بسبب ما لحق بهم من ضرر، فبإمكانهم التجند لعزله، عبر العرائض واللوائح، وعبر الاجتماعات والمظاهرات والمسيرات والاعتصامات، ناهيك أن « الحاكم » ذاته قد يرى أن من مصلحته ومصلحة البلاد و »النظام » الاستقالة أو الدعوة إلى انتخابات جديدة حتى يعرف إن كان الناخبون مازالوا يثقون به أم لا. ولذلك لا تجدُ الأمثال من نوع « اِلـّي تعرفو.. » و »شدّ مشومك… » أرضا خصبة لها في البلدان الديمقراطية لأن الناس « كلهم معروفون » أو بالأحرى بالإمكان معرفتهم بفضل ما توفره الحريات من إمكانيات، ولأن « المشوم » بإمكان الناس تغييره والبحث عما هو أفضل منه، لأن الإمكانية موجودة لاجتناب « الأشوم منه ». أما في بلادنا « المحروسة » فوسائل الإعلام لا تتحدث إلا عن شخص واحد وهو بن علي، وهي مغلقة أمام معارضيه ومنتقديه، وهو ما يحدّ من معرفة الشعب لهم. كما أن الانتخابات لا يترشح لها إلا بن علي وجماعته وحتى إذا ما عنّ لهم فسح المجال لـ »آخرين » للترشح فهم يختارونه من « الموالين » الذين يترشحون ليقولوا للناس « صوّتوا لبن علي… » وبالتالي فإن إمكانية الاختيار غير متوفرة لعموم الشعب. ثم إن نتائج الانتخابات معروفة عندنا مسبقا ولا مجال للتخمين حولها. وبالتالي فإن « الحاكم » عندنا معروف لا يتغير إلا بانقلاب أو بالوفاة. أمّا الأساليب الديمقراطية فلا مكانة لها في هذه الربوع. ومن هذا المنطلق تنتصب السلطة عندنا قوة رهيبة جاثمة على عقول الناس وعلى أجسامهم، « لا حول ولا قوة لهم عليها » مما يجعلهم يفكرون بعقلية أن لا دخل لهم فيها وهو ما يغذي عندهم التفكير بـ »اِلـّي تعرفو.. » و »شد مشومك »… إن المعركة مع الاستبداد ليست في الواقع منحصرة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بل تتعداها أيضا إلى المستوى الفكري والثقافي. فالتغيير لا يمكن أن يحصل، والجماهير الشعبية لا يمكن أن تنهضن إلا إذا تمت مقاومة العقليات الاستسلامية « القدرية » التي تنظر للحكم على أنه « قضاء وقدر » ولا تؤمن بأن الشعب هو الذي يصنع التاريخ، وينجز التغييرات وأنه القادر على كنس الحكام المستبدين إذا وثق بقدراته، ووعى وتنظم. إن المعركة من أجل الحرية السياسية والديمقراطية ينبغي أن ترتبط إذن بالمعركة الفكرية الثقافية من أجل القضاء على فكر الاستبداد وثقافته المتغلغلين في العقول.  
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 22 جانفي 2010)


غلق عدد من المراكز العموميّة للانترنت بسبب عدم التزام أصحابها بالكشف عن هويّات المبحرين


توفيق العيّاشي     شنّت فرقة رقابيّة تابعة لوزارة تكنولوجيا الاتّصال خلال الفترة الأخيرة حملة واسعة على المراكز العموميّة للانترنت انتهت بغلق عدد منها، بعد أن ثبت عدم احترام أصحابها للتعليمات التي تُلزمهم بالتثبّت في هويّات روّادها وتسجيل البيانات الشخصيّة الخاصة بهم، وقد طال الغلق عددا من هذه المراكز وسط العاصمة اثنان منها في شارع الحريّة. وأكّد بعض أصحاب هذه المراكز أن أشخاصا يحملون شارة خاصة بوزارة تكنولوجيا الاتّصال قاموا بزيارة مفاجئة طالبوا على إثرها بالكشف عن سجلات البيانات المُتعلّقة بهُويّات رواد المركز. وقد أمرت فرقة المراقبة التابعة للوزارة كلّ من ثبت عدم التزامه بالإجراء بالغلق الفوري لمراكزهم بعد إخلائها من الحُرفاء، هذا وتمّ إشعار أصحاب هذه المراكز أنّ قرار غلق محلاّتهم سيكون بصفة مؤقّة. و قد سبق للوزارة المعنيّة أن تقدّمت منذ سنوات بتوصيّات صارمة تلزم فيها وُكلاء المراكز العموميّة للانترنت بالتثبّت في هُويّات حرفائهم وتدوين بياناتها في قصاصة أعدتها الوزارة للغرض قبل كلّ عمليّة ابحار، وتتضمن قُصاصة البيانات الاسم واللقب ورقم بطاقة التعريف الوطنيّة وساعة انطلاق نفاذ الحريف إلى الشّبكة، هذا فضلا عن رقم خاص يتكفّل بوضعه وكلاء المركز. وقد بقي تطبيق هذا الإجراء لفترة طويلة رهين مزاجيّة وكلاء المراكز الذين خيّر عدد كبير منهم عدم الالتزام به بسبب الاحتجاجات المُتكررة للحرفاء من الرقابة المجحفة على عمليّة نفاذهم إلى شبكة الانترنت، هذا فضلا عن عدم صدور منشور أو قانون كتابي إلزامي يفرض على أصحاب المراكز العموميّة للانترنت التّقيّد بتعليمات وزارة تكنولوجيا الاتّصال. هذا ويخضع استعمال الانترنت في المراكز العمومية إلى رقابة مُزدوجة بين لجان مراقبة قارة تعود بالنظر الى وزارة تكنولوجيا الاتّصال وحملات مراقبة مناسباتيّة تقوم بها مصالح وزارة الداخليّة هذا فضلا عن الدور الذي يلعبه وكلاء المراكز العموميّة للانترنت في مراقبة المضامين التي ينفذ إليها حرفاؤهم وتحجير النفاذ إلى المواقع الممنوعة . كما تضطلع الوكالة الوطنية للانترنت بالإشراف التقني العام على شبكة الانترنت في تونس باعتبارها المسؤولة عن تأمين النّفاذ الى مختلف خدمات الانترنت في تونس والإشراف على جميع مزوّدي الخدمات، وقد توجّهت عديد التقارير الحقوقيّة في تونس والخارج بانتقادات حادة للدور الرقابي التقني الذي تلعبه الوكالة الوطنيّة للانترنت، متّهمة إيّاها بالوقوف وراء حجب عدد كبير من المواقع والمدوّنات الالكترونية التي تنتقد وضع الحُريّات وحقوق الإنسان في تونس. ويذكر أن إحداث المراكز العموميّة للانترنت في تونس يخضع لكرّاس شروط صدر سنة 1998 يضع ضوابط استغلال ومراقبة شبكة المراكز العموميّة للانترنت، وقد بلغ العدد لجملي لهذه المراكز في تونس 200 مركزا سنة 1999 وتطوّر عددها ليبلغ 320 مركزا سنة 2004 حسب التقرير الذي أعدّه المرصد الوطني لحريّة النشر والإبداع في تونس، قبل أن يتقهقر هذا العدد بصفة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة جرّاء التعقيدات الإجرائيّة والإدارية المفروضة على باعثي هذا النوع من المشاريع اظافة إلى قرار عدد من أصحاب المراكز إغلاق محلاتهم، وقد أكّدت أوساط حقوقيّة أنّ العدد الجملي للمراكز العموميّة للانترنت اليوم لا يتجاوز 200 مركزا. وتجدر الملاحظة أنّ « الطريق الجديد » قد اتّصلت قبل إعداد هذا التقرير بكلّ من الوكالة الوطنيّة للانترنت ووزارة تكنولوجيا الاتّصال للاستفسار عن إجراء غلق عدد من المراكز العموميّة للانترنت، ولا زلنا ننتظر ردّ الادرات المعنيّة إلى غاية الآن

  (المصدر : جريدة الطريق الجديد الناطقة باسم حركة التجديد – العدد201)


خبير اقتصادي تونسي يشكك في الأرقام الرسمية حول البطالة

تونس: المنجي السعيداني   شكك الخبير الاقتصادي التونسي حسين الديماسي في الأرقام الرسمية التي تقدمها السلطات التونسية حول ملف البطالة، وقال في ندوة علمية عقدت بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض، إن نسبة البطالة في تونس    استقرت بداية من سنة 1966، تاريخ أول تعداد عام للسكان يحصي الفئة النشيطة بين 14 و16 في المائة.  وأكد أن الخطاب الرسمي حول هذه الظاهرة يؤكد أن الحكومة نجحت في تقليص هذه النسبة، واعتبر أن قراءة أولية للأرقام المتعقلة بهذه الظاهرة تؤيد هذا الادعاء، فحسب تعداد 1994 كانت نسبة البطالة 16 في المائة، لتنخفض سنة 1999 إلى نحو 15 في المائة ثم لتبلغ 14.2 في المائة حسب مسح سكاني أجري سنة 2008. غير أن التقلص لم يكن إلا ظاهريا، حسب الديماسي، ولا يعبر عن تحسن في قدرة الاقتصاد الوطني على خلق مواطن عمل إضافية، ويفسر هذا التقليص بثلاثة أسباب، أولها ما سماه بـ«الشد المدرسي» والذي يعني تأجيل دخول الفئات الأصغر سنا سوق العمل. ويتعلق السبب الثاني بطفرة «الهجرة إلى الخارج»، وهنا أكد الديماسي أن الأمر لا يخص مئات من «الحارقين»، فالظاهرة أعمق وأخطر، إذ لا يُنتبه إلى الأعداد الهائلة التي تهاجر عبر طرق أخرى مثل الدراسة أو السياحة والتي لا تقل أعدادها عن 20 ألف مهاجر تونسي سنويا هم نوابغ البلاد ونخبها. أما السبب الثالث لتفسير هذا التقلص فهو ما سماه المحاضر «التلاعب بالمصطلحات التي تستعمل في تعداد العاطلين». فخلال التعدادات السابقة عن سنة 2004 كان السؤال الذي يحدد العامل من العاطل نصه «أنت خلال الأسبوع الماضي هل اشتغلت ولو يوما واحدا؟» فإذا اشتغل، أيا كانت طبيعة الشغل عرضيا أو مؤقتا، يعتبر من الناشطين وإلا أضيف إلى سجل العاطلين. أما خلال تعداد سنة 2004 فتغير السؤال وأصبح «خلال الأسبوع المنقضي هل اشتغلت ولو ساعة سواء بمقابل أو دون مقابل؟». وبناء على ذلك تراجعت نسبة البطالة، ليس في الواقع وإنما في الأرقام الرسمية بفعل تغيير المقياس والكلمات. وقال الديماسي إن تركيبة العاطلين تغيرت كذلك ومست خلال العقد الأخير خريجي الجامعات التونسية الذين تطورت نسبتهم من 3.2 في المائة سنة 84 إلى 6.21 في المائة سنة 2008، وخلال تعداد سنة 1984 بلغ العدد الإجمالي للعاطلين 350 ألفا، ليقفز إلى 520 ألف عاطل سنة 2008، أي ما يفوق نصف مليون عاطل. وقال حسين الديماسي إن مهمته الأساسية كباحث «تكمن في تشخيص الواقع الاقتصادي والاجتماعي بشكل دقيق، تاركا البحث عن البدائل للأحزاب، فهذا دورها الأساسي». نقلا عن جريدة الشرق الأوسط    (المصدر: جريدة الشرق الأوسط ( يومية – لندن) بتاريخ 23 جانفي 2010) 

سؤال إلى القائمين على إعلامنا العمومي: هل تمّ التّفويت في برامج قناة تونس7 من حيث لا نعلم ؟!!

 


                                   
بقلم: محمد رضا سويسي       ليس هذا السّؤال سوى واحدا من عدّة تساؤلات تتردّد على ألسنة العديد من المواطنين الّذين لم يكونوا بحاجة إلى جهد كي يدركوا أنّ الجزء الأكبر من مساحة البث لقناة تونس7 أصبحت مهيمن على أغلب برامجها من طرف شركات خاصّة للإنتاج التّلفزي التي أصبحت تؤثّث هذا الفضاء الإعلامي العمومي بما طاب لأصحابها والمشرفين عليها من برامج في مختلف المجالات من الفنّ إلى البرامج الاجتماعيّة والقانونيّة  والرياضية وبرامج الأطفال بمضامين وأساليب حوار وخطاب مثيرة لأكثر من تساؤل وشبهة تحت غطاء الجرأة الإعلامية وحرّية الإعلام، فالحديث في الشّأن الاجتماعي تحوّل إلى حديث في شؤون أفراد  » عندهم ما يقولونه » للجمهور عن مشاكلهم الخاصّة الّتي لا تهمّ غيرهم بل إن الكثير منها يدخل  تحت طائلة الحديث الشّريف القائل:  » إذا عصيتم فاستتروا » كما أنّ إثارة بعض الملفّات القانونيّة لإرجاع الحقوق إلى أصحابها قد حوّل برنامجا تلفزيّا إلى سلطة كأنها أقوى وأقدر من كلّ الهيئات القانونية أمّا فيما يهمّ الأطفال فتلك الطّامّة العظمى إذ لم يجد القائمون على هذه الشّركات المنتجة إلاّ برنامجا رديئا بل مشكوك في هويّته يضع الأطفال في أوضاع تفوق أعمارهم ومستوى نموّهم العقلي فضلا عن انبتات الإطار الّذي يوضعون فيه عن هويّتهم الوطنيّة وانتمائهم بحيث يسقطون عنهم مشاركين ومشاهدين كلّ ملمح لبراءة الأطفال وينفون عن البرنامج كلّ بعد تربوي فلا يبقى فيه إلاّ التّهريج والصّخب وإفساد أذواق وربّما تربية أبنائنا.    وعلى ذات نهج التّفويت في فضاءات البث لقناتنا أضاف القائمون على هذه القناة برنامجا آخر رياضيّا أصبح يفسد علينا كلّ سهراتنا من خلال حديث لوجوه أكسبها الله قدرات استثنائيّة على الكلام والقول في كل المجالات والاختصاصات بحيث أنّك تراها اليوم تتحدّث في القانون وغدا في الرّياضة والله أعلم بما لم نكتشفه بعدُ من مواهبها .     إن إنتاج شركة  واحدة لمختلف هذه البرامج واحتكارها دونا عن شركات إنتاج أخرى مع إبقاء مساحات بث ضيّقة جدّا للإنتاج الخاص بقناة تونس7 الّذي أصبح يكاد يقتصر على شريط الأنباء والنّشرة الجوّية وبعض البرامج الوثائقيّة أو الحواريّة يجعل التّساؤل مشروعا حول الوضعيّة الّتي آلت إليها حالة قناة تونس7 ومن ورائها حالة الإعلام العمومي الّذي يتمّ تمويله من الميزانيّة العامّة للبلاد ومن حالة جبائيّة مفروضة على المواطن من خلال فاتورة استخلاص معاليم استهلاك الكهرباء وهي ضريبة تتمتّع بها القنوات العموميّة دونا عن القنوات الخاصّة التي أصبحت بدورها تستقطب نسبة من المشاهدين لتبقى الأغلبيّة السّاحقة من هؤلاء من نصيب القنوات الفضائيّة النّاطقة بالعربية وبغيرها الوافدة علينا من كل أنحاء الوطن العربي والعالم.     لقد أصبح لدى المواطن اليوم انطباع بأنّ هذا الإعلام العمومي لم يعد عموميّا بفعل هذه السّيطرة للإنتاج الخاص وبالتّالي فإنّه لم يعد هناك من داعٍ للإبقاء على ارتباط هذا الإعلام بالقطاع العمومي تمويلا بعد أن انفصل عنه تقريبا إنتاجا، كما أنّ هذا المواطن أصبح يتساءل أيضا عن مآل ذلك التمويل العمومي أمام ضعف الإنتاج الخاص بقناة تونس7 كمّا وكيفا فأين التّحقيقات التّاريخيّة والبيئيّة القادرة على تحقيق الإضافة المعرفيّة النّوعيّة؟  وأين البرامج الحواريّة التّعدّدية القادرة على شدّ انتباه النّاس والإجابة على تساؤلاتهم؟ وأين هو العمق الثقافي والحضاري المغاربي والعربي والاسلامي والإفريقي إذا ما استثنينا بعض المظاهر السّطحيّة جدّا والّتي ليس لها أيّ تأثير مقارنة بحجم الهجمة الإعلامية الّتي نتعرّض إليها والّتي تحوّلت قناتنا الوطنيّة ـ للأسف ـ من خلال بعض البرامج إلى رديف لها؟!    إنّ إعلامنا العمومي بحاجة حقيقيّة وماسّة إلى إعادة الاعتبار وإلى إعادة التّفكير فيه جيّدا فهو المرآة الّتي تعكس صورة البلاد في العالم وهو أداة رئيسية في صياغة ذوق ومواقف النّاس من مختلف الظّواهر الّتي تحيط بهم وهو قبل كلّ هذا أداة لإنعاش الروح الوطنيّة والوعي بالانتماء والإدراك الصّحيح لحقيقة الأوضاع الّتي يعيشونها.  وهذه كلّها أهداف لن تتحقّق أبدا بواسطة إعلام التّهريج ودغدغة غرائز النّاس على حساب وعيهم وهو ما نشاهده اليوم عبر البرامج المفروضة علينا على قناة نموّلها ونصرّ على اعتبارها جزءا من ملك المجموعة الوطنيّة رغم ما نراه من تفويت مقنّع فيها تحت غطاء شراء برامج جاهزة من شركات إنتاج خاصّة. أخيرا فإننا إذ نسجّل أن ظاهرة تعدد شركات إنتاج البرامج التلفزية المتنوعة منتشرة في العالم فإن التلفزات الوطنية تحرص دوما على انتقاء المادة الجيّدة والمفيدة والمنسجمة مع الخيارات الوطنية للدول وهي البرامج الملتزمة بعناوين المسؤولية الإجتماعية لوسائل الإعلام. كما أننا نؤكد على حق المجموعة الوطنية في أن تعرف بكم نشتري التلفزة الوطنية هذه البرامج من شركات الإنتاج الخاصة في ظل حديث على مبالغ مالية طائلة كثمن لهذه البرامج. لذلك كله نتساءل لماذا لا تتّجه تلفزتنا الوطنية إلى إنتاج برامج جادة حول رموزنا الوطنية وتاريخ شعبنا وأمتنا عبر مختلف محطات تاريخنا؟
 
  (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد121بتاريخ 22 جانفي 2010)

العمرة تعود في 20 فيفري والتلقيح إجباري

 


و يتوقع أن يتمكن  المعتمرون  من السفر قبل المولد النبوي الشريف على اثر برمجة الخطوط الجوية التونسية انطلاق أول رحلاتها يوم 20 فيفري. حسب معلومات توفّرت لـ »الصباح »، حددت اللجنة شرطا جديدا للمعتمرين تمثل في إجبارية خضوع الراغبين في العمرة  للتلقيح ضد فيروس  أنفلوانزا الخنازير وجوبا قبل السفر بأسبوعين.   ويأتي هذا القرار تحسّبا من إمكانية تفشّي العدوى خصوصا وأن الموسم الشتوي في بعض البلدان الإسلامية على غرار أندونيسيا وماليزيا قد بدأ بما يعني أن احتمال الإصابة بالفيروس ممكن وقابل للتفشّي إذا ما تحوّل مصابون أو حاملون للفيروس إلى البقاع المقدّسة حيث يتوفر عنصر الاختلاط بأعداد كبيرة في أماكن محدودة جغرافيا.   ارتفاع متوقع   بخصوص الأسعار الجديدة التي سيتم العمل بها  في وكالات الأسفار, أفادنا مصدر مطلع انه لم يتم تحديد تعريفة العمرة لكن يتوقع المتتبعون للملف ارتفاعا ما بين 10 و20 بالمائة، مقارنة بالسنة الماضية. ويفسّر هذا الترفيع حسب الجهات المعنية إلى تواصل هدم النزل والعمارات المحاذية للبقاع المقدسة بصفة مكثفة مما خلق نقصا في طاقة الاستيعاب السكنية في مكة,و هو ما  افرز ارتفاعا في الأسعار .   وللتذكير فإن التعريفة العادية للعمرة في السنة الماضية كانت في حدود 400 دينار (للإقامة والتنقل داخل مكة) في حين أن سعر تذكرة الطائرة ناهز ألف دينار. أي أن الكلفة الجملية للعمرة كانت في حدود 1500 دينار ولن تشهد هذا العام تغييرا كبيرا حسب القائمين على هذا القطاع.   عبر أصحاب وكالات الأسفار عن تخوفهم الناتج عن اقتراب موعد العمرة .»إذ  لم يعد يفصلنا عنها الكثير وفي المقابل لم يتم إلى حد الآن الانطلاق في الاستعدادات .» كما جاء على لسان احد أصحاب الوكالات.   تجنب العمرة الموازية  
قال السيد عمر الورفلي صاحب وكالة أسفار بالعاصمة» طالبت وكالات الأسفار  بفتح العمرة في ظل توفر شرط لقاح انفلوانزا الخنازير الذي ألغى العمرة السابقة و هو ما من شأنه أن يجنب المعتمرين اللجوء إلى العمرة الموازية أو التعرض إلى» التحيل» من قبل السماسرة. « ويأمل أصحاب وكالات الأسفار المتخصصة في تنظيم رحلات العمرة في تجاوز الأزمة المالية نتيجة الخسائر التي تكبدتها جراء  إلغاء العمرة الصيف الماضي .إذ  كانت هذه الوكالات ستنقل حوالي 30 ألف تونسي إلى السعودية لأداء مناسك العمرة مقابل مبلغ 5 آلاف دينار عن كل معتمر مما جعل إجمالي الخسائر يبلغ 150 ألف دينار.    ذكرى بكاري   (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 23 جانفي 2010 )   


خطاب  » الهجاء  » وتبخيس السّياسة

بقلم : عبد الفتاح الكحولي   من أهمّ سمات العصر الرّاهن التراجع المذهل لدور السياسة في التدبير العام إذ ارتبطت ظاهرة العولمة بالنفوذ المتزايد للشركات الكبرى وتقلّص نفوذ الدول إلى الحدّ الذي جعل بعض زعماء الدول الكبرى يطلق صيحة فزع أمام النتائج الكارثية المترتّبة عن التبخيس المنهجي للعامل السياسي والهدر المستمر للرّصيد التاريخي للسياسة ودورها المحوري في استقرار المجتمعات وإذا كانت تلك أبرز سمات هذا العصر دوليا فإننا نسجّل على الصعيد الوطني بروز بعض الظّواهر التي تترجم عن تبخيس حقيقي للسياسة. لقد برز في السنوات الأخيرة داخل الحقل السياسي التونسي خطاب لا علاقة له بمفردات السياسة وبرهاناتها الحقيقية يتميّز باستسهال غير مسبوق في إطلاق الأحكام وانتهاك صارخ للقيم الأخلاقية إلى الحدّ الذي يجعل الملاحظ الموضوعي يطرح أسئلة حادّة حول جدوى الانخراط في العمل السياسي. إن هذا الخطاب الذي أخذ في الحضور بقوة في الصحافة المكتوبة والالكترونية وحتى في الخطاب الشفوي الذي يبث يوميا يحمل سمات مضادة لصورة السياسي في المجتمع وللدّور النبيل للسياسة في خدمة المصلحة العامّة. إذ يعمد هذا الخطاب إلى توظيف كل ما تتوفّر عليه اللغة من مفردات الشتيمة والهجاء المقذع بعيدا عن كل التزام بمعايير الخطاب السياسي  و أخلاقياته المتعارف عليها. كما يعمد هذا الخطاب إلى الإيهام بمعرفة لا حدود لها بكلّ ما يجدّ بل حتى بما يدور في كواليس السياسة وبما يتّصل بالحياة الخاصّة للناشطين السياسيين فهؤلاء يعرفون كل شيء أو هكذا يتوهّمون. ويعمد هذا الخطاب أيضا إلى إبراز طهوريّة خالصة تميّز منتجيه في مقابل رسمه لصورة مغرقة في الشّيطانية إذا تعلّق الأمر بالآخر المخالف فمُنتجُو هذا الخطاب هم حرّاس الحقّ وسدنة مملكة الخير ومعبد الفضيلة أمّا مخالفوهم فمتآمرون وشاهدو زور ومنهاوون إلى الدّرك الأسفل من السّوء. إنه الانقلاب في أقصى تجلياته من كلّ التزام بضوابط صياغة الخطاب السياسي وانعطاف خطير نحو التباس تاريخي بين زمن الشّعر وزمن السياسة إذ أنّ هذا الخطاب لا يجد مسوّغاته إلا في سياق اندراجه ضمن « الهجاء » بل ضمن نمط مخصوص منه هو الهجاء المقذع الملتبس بالسّباب والذي لا فضل لصاحبه فيه غير جمال النّظم. إن المفاعيل السلبية لهذا النمط من الخطاب تتجاوز المستوى الشخصي والأخلاقي إلى ما هو أخطر من ذلك إذ ينخرط في رسم صورة قاتمة ومشوّهة للسياسة والسياسيين ويزيد في تأبيد حال النفور من الانخراط في الشأن العام عندما يصوّر المشهد السياسي على أنه حلبة صراع مفتوح لا ضوابط تحكمه ولا حدود تحدّه فأيّة علاقة بين انتظارات المواطن ومضمون هذا الخطاب؟ إن توسيع دائرة المشاركة في الشأن العام تتطلب إنتاج خطاب يهتمّ بمشاغل المواطن الحقيقية والمباشرة بعيدا عن كل تعميم وعن كل شعاراتية توقظ الحلم ولا تحقّقه، هذا المواطن المشغول بقضاياه الحقيقية لن يجد في ذلك الخطاب ما يجذبه نحو دائرة المشاركة لأنه غير معني بأشكال وهميّة من الصراع وغير معني بالفرجة على مشهد « صراع الديكة » بل هو معني يكل ما يتقدم به وإن – بخطوات محسوبة-  في اتجاه حلّ مشاكله وتوفير شروط أفضل لحياته . إن هذا الخطاب منخرط بوعي أو بغير وعي في تبخيس السياسة والتنفير من الانخراط في الشأن العامّ وهو تجلّ من تجلّيات الأزمة التي يتخبّط فيها خطابنا السياسي ممّا يستوجب الإسراع في تأهيل هذا الخطاب وتحديد المعايير الضرورية لإنتاج خطاب سياسي فاعل ومؤثر ومرتبط بتحقيق المصلحة العامة ولكن يبقى السؤال: إذا كانت مصلحة الإمبراطوريات الاقتصادية الكبرى واضحة في سعيها إلى تبخيس السياسة فما هي مصلحة منتجي هذا النّمط من الخطاب؟   (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد121بتاريخ 22 جانفي 2010)
 

في ضوء التصنيفات العالمية الجديدة : الجامعة التونسية تتهاوى في « عهد التغيير »

 


منذ سنوات عديدة ما انفك مدرسونا وباحثونا وطلبتنا وكل المهتمين بشأن التعليم في بلادنا وخاصة الجامعي منه، يطلقون صيحات الفزع عبر هياكلهم العلمية والنقابية وحتى عبر بعض وسائل الإعلام المستقلة، للتنبيه إلى الأزمة العميقة التي يتخبط فيها القطاع التربوي جراء السياسات العشوائية التي ينتهجها نظام الحكم. إن هذه السياسات التي تقدّم على أنها « إصلاحات » هي أولا مملاة من دوائر أجنبية، في مقدمتها « البنك الدولي » وهي تندرج ضمن اختيارات عامة، تهدف إلى ضرب التعليم العمومي وإخضاعه للمصالح المباشرة والمتقلبة لأصحاب رأس المال المحليين والأجانب على حساب المصالح الأساسية للوطن والشعب. وهي ثانيا سياسات مفروضة فرضا على كافة الأطراف المعنية، فالسلطة هي التي « تفصّل وتخيّط ». وما على هذه الأطراف إلا التنفيذ في مناخ قمعي لا سلطة فيه إلا للإدارة والبوليس السياسي الذي يراقب عن كثب الطلبة والأساتذة على حد سواء، ولا يتورّع عن التدخل متى شاء وكيفما شاء. لقد أدى كل هذا إلى تدهور التعليم الجامعي في بلادنا ولم تعد الشهادات الممنوحة في جامعاتنا ومدارسنا العليا تتمتع بالمصداقية. كما تراجع البحث العلمي بشكل مفزع. فالأستاذ تحوّل إلى مجرّد مدرّس يلقي درسه وفقا لمنهج مسطر، والطلبة مجرد متلق ينسخ ما يملى عليه في انتظار امتحان يسعى إلى كسبه بكل الطرق بما في ذلك الغش والإرشاء ليحصل على شهادة تؤهله في الغالب لكي يصبح « عضوا » في نادي « أصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل ». وقد ظلت السلطة تسدّ أذنيها في وجه كل نقد، مواصلة نفس السلوك الذي تسلكه في كافة المجالات، التي لا تقل بدورها تأزما عن القطاع التربوي وهو أن « كل شيء على ما يرام في العهد الجديد » وأن كل نقد أو معارضة ما هي إلا « صيد في الماء العكر » و »عدم عرفان بالجميل » وبـ »الإنجازات العظيمة المحققة بقيادة سيادته » الذي « لا يخطئ » والذي هو « عالم عليم بكل شيء ». وتستعمل السلطة للتضليل، جملة من الأرقام حول نسبة التمدرس وعدد الطلبة ومراكز البحث والمخابر ووحدات البحث وعدد الناشطين فيها علاوة على عدد « الأقطاب التكنولوجية » حجة على « سلامة السياسة الجامعية » التي قررها « سيادته »، دون الخوض بالطبع في جودة التعليم الجامعي في بلادنا ومدى استجابته للحاجات المباشرة والاستراتيجية للشعب التونسي. وقد جاءت في الآونة الأخيرة بعض التقارير العالمية المتعلقة بالتعليم العالي والبحث العلمي لتوجه صفعة جديدة إلى نظام بن علي وتكشف عن زيف ادعاءاته وتضع التونسيات والتونسيين أمام حقيقة مرة تتمثل في أن جامعتنا لا تتقدم بل هي تتدحرج إلى أدنى المراتب عربيا وإفريقيا وعالميا وهو ما يمثل خطرا جسيما على مستقبل تونس. ومن الملاحظ أن وسائل الإعلام الموالية للسلطة والتي اعتادت نقل التقارير المجاملة والمادحة الصادرة في معظمها إن لم نقل كلها عن مؤسسات وأطراف مشبوهة، تجاهلت هذه التقارير الجديدة رغم أنها صادرة عن مؤسسات تتمتع بنسبة عالية من المصداقية بالنظر إلى اعتمادها في تصنيفاتها على معايير موضوعية لا يمكن للمرء أن يعارضها أو يشكك فيها، ورغم أنها تمثل، بالنسبة إلى أيّ دولة، فرصة للتقييم. يتعلق التقرير الأول بـ »التصنيف الأكاديمي للجامعات على الصعيد العالمي » المسمى « تصنيف شانغهاي » لأفضل 500 جامعة في العالم لعام 2009. وقد بدأ هذا التصنيف الذي يقوم به باحثون من جامعة « جياو-تونغ » بشانغهاي (الصين) في عام 2003. وهو ما انفك يشد الأنظار منذ ظهوره لأول مرة رغم انتقادات بعض المختصين، إذ أصبح مرجعا هاما في الدول المتقدمة لتقويم جودة التعليم والبحث العلمي في بلدانها. ويعتمد « تصنيف شانغهاي » على جملة من المعاير (6) في عدة مجالات (4). ولكل معيار نسبة مئوية في الحاصل العام. وهذه المجالات والمعايير هي التالية:  أولا: في مجال جودة التعليم (معيار واحد): عدد الخريجين الحاصلين على جائزة نوبل (جائزة نوبل للسلام والأدب لا يقع احتسابهما)، أو جوائز أخرى عالمية ذات مصداقية (10%).  ثانيا: في مجال جودة الجامعة (معياران): عدد أعضاء هيئات التدريس الحاصلين على جائزة نوبل أو على جوائز عالمية مشهود بمصداقيتها (20%)، وعدد الباحثين المعتمدين أكثر من غيرهم في اختصاصاتهم (20%).  ثالثا: في مجال المنشورات (معياران): عدد المقالات المنشورة في مجلتي « طبيعة » و »علم » في ما بين 2000 و2004 (20%) وعدد المقالات المفهرسة في: « Sciences Citations Index » و »Arts and Humanites Index » (20%).  رابعا: في مجال حجم الجامعة (معيار واحد): الأداء الأكاديمي للجامعة نسبة إلى حجمها (10%). إذا أمعنا النظر في قائمة الـ500 جامعة الأفضل في العالم، فإننا نلاحظ أن المراتب الأولى احتلتها الجامعات الغربية وعلى رأسها الجامعات الأمريكية (152 جامعة على 500) فالأنجليزية (40 جامعة) فاليابانية (31 جامعة) فالألمانية (40 جامعة دون أن تكون لها جامعة مصنفة ضمن العشرين الأوائل). وقد احتلت بلدان أوروبية صغيرة الحجم مراتب هامة ضمن هذا التصنيف (سويسرا، السويد، هولندا، الدانمارك، النرويج…). وحصلت 7 جامعات « إسرائيلية » على مكانة ضمن أفضل 500 جامعة في العالم، وكذلك 9 جامعات كورية جنوبية و6 جامعات برازيلية وجامعتان يونانيتان وجامعة إيرانية وأخرى تركية. ولم تحصل سوى جامعة واحدة عربية وهي جامعة سعودية، على مرتبة متأخرة ضمن تصنيف « شانغهاي ». أما الجامعات التونسية فقد غابت تماما عن هذا التصنيف دون أن يثر ذلك أي تعليق في الأوساط الرسمية ولا نقاشا في وسائل الإعلام حول أسباب هذا الغياب رغم حضور بلدان أخرى كانت في وقت من الأوقات متخلفة عن تونس أو هي في نفس مستوى تطورها (كوريا الجنوبية، البرتغال، اليونان، السعودية، تركيا، إيران…). أما التصنيف الثاني فيتعلق بتصنيف موقع « ويبومتريكس » الخاص بجودة التعليم الجامعي في العالم. ويستند هذا التصنيف إلى معايير كمية لحساب فعالية المواقع الإلكترونية للجامعات: حجم المعلومات الخاصة بالجامعات في مواقعها الإلكترونية، وضوح هذه المعلومات، ثراء الملفات إلخ. يتم هذا بالاستناد إلى أربعة « محركات بحث » (غوغل، ياهو، لايف سيرش، إكسباليد) ويُعتمد لقياس الأبحاث التي تم نشرها موقع « غوغل سكولار » المختص في فهرسة المحتويات العلمية. إن المعايير المستند إليها في هذا التصنيف هي معايير لها صلة بـ »العالم الرقمي » الذي يزعم نظام بن علي أنه « فارس » من « فرسانها » وعضو من الأعضاء « الكبار » في نادي « مجتمع المعرفة ». ولو كان هذا الزعم صحيحا لوجدنا له أثرا في تصنيف « ويبومتريكس ». ولكن، على العكس من ذلك، يكشف هذا التصنيف الطابع الديماغوجي لمزاعم نظام بن علي ويبيّن لنا أن المجال الرقمي الوحيد الذي قد يكون أفلح فيه بن علي هو التقنيات المتعلقة بمراقبة المواقع التي تنتقد نظامه، وكذلك البريد الإلكتروني لخصومه ومعارضيه. أمّا في مجالات العلم والمعرفة فلا شيء غير الفشل الذريع. تعرّض تصنيف « ويبومتريكس » لأفضل 100 جامعة عربية فإذا بجامعة تونسية واحدة وهي « الجامعة الافتراضية التونسية »، تحصل على مكانة بينها برتبة 53. ولا يمكننا أن نفهم فداحة الأمر إلا إذا قارنا وضعنا بوضع إخوتنا في الفلسطينيين الذين يعيشون تحت نير الاحتلال الصهيوني وحصاره وعدواناته المستمرة ومع ذلك فإن 9 من جامعاتهم أدرجت ضمن أفضل 100 جامعة عربية، من بينها 5 جامعات متقدمة في الترتيب عن « يتيمتنا ». وتمثل جامعة غزة واحدة من هذه الجامعات الخمس وقد حصلت عربيا على المرتبة 14. أما على الصعيد الإفريقي فإن وضع تونس لا يختلف كثيرا إذ أن جامعتين (2) فقط احتلتا مكانة ضمن أفضل 100 جامعة إفريقية. وهاتان الجامعتان هما « الجامعة الافتراضية التونسية » (50) وأخرى متخصصة في تكوين المهندسين (60). وبالمقابل فإن 13 جامعة مغربية و11 جزائرية أدرجت ضمن أفضل 100 جامعة إفريقية. وكما كان متوقعا احتلت المراكز الأولى في هذا التصنيف الجامعات الجنوب إفريقية والمصرية. وقد حصلت جامعات « داكار » (السينغال) و »وقادوقو » (بوركينا فاسو) والبنين على مراتب أفضل من مرتبتي جامعتينا. وأخيرا، وعلى الصعيد العالمي، فإن « الجامعة الافتراضية التونسية » هي الوحيدة التي افتكت مكانا ضمن أفضل 6000 جامعة في العالم، وقد حصلت على المرتبة 5806، في حين دخلت التصنيف 5 جامعات فلسطينية، حصلت كلها على مراتب متقدمة على الجامعة التونسية (جامعة غزة، المرتبة 2392). كما أن 12 جامعة سعودية و6 جامعات مصرية و5 جامعات أردنية أدرجت ضمن الـ6 آلاف جامعة الأفضل عالميا. هذه هي حال جامعتنا وفقا لتصنيفي « شانغهاي » و »ويبومتريكس ». وهي حال مزرية كما نرى تكذّب كما قلنا المزاعم الرسمية حول « القفزة العملاقة » التي عرفها التعليم العالي والبحث العلمي في « العهد الجديد ». إن جامعتنا في أزمة، وهو ما لا يتطلب طول تحليل، فالبيانات كما رأينا واضحة ولا نعتقد أن من قدّمها وفقا لمعايير محددة « معارض » لنظام بن علي أو « في نفسه مرض ». ولا تمثل أزمة جامعتنا سوى جزء أو مظهر من الأزمة العامة التي تعصف ببلادنا. فما من مجال اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي لم يطله التخريب في « العهد الجديد ». إن وضع جامعتنا، وقطاعنا التربوي بشكل عام، ليحفز كل القوى الحية ببلادنا على ضرورة الإسراع بالتغيير لإيقاف تيار الانهيار الذي يجرف مجتمعنا على كافة المستويات. وإنّ للأستاذة والباحثين والمدرسين والطلاب والتلاميذ والأولياء مسؤولية مباشرة اليوم في التصدي لسياسة نظام بن علي الرجعية في المجال التربوي. لقد رفعت حركة فيفري 1972 الطلابية المجيدة، قبل 38 عاما شعار « جامعة شعبية، تعليم ديمقراطي، ثقافة وطنية ». وما يزال هذا الشعار يكتسي راهنية إلى اليوم. فلا نهوض لجامعتنا وللقطاع التربوي بصفة عامة إلا في إطار مشروع وطني، ديمقراطي، شعبي. ولكنّ التغيير لن يأتي من فراغ، فعلينا أن نواجه خوصصة التعليم، وتبضيعه، وتخريبه بناء على « إصلاحات » مفروضة فرضا من البنك العالمي لمصلحة الرأسمال الأجنبي والمحلي وبهدف إفقاد بلادنا مقومات نهوضها.
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 22 جانفي2010)  


صمود أسطوري رغم اشتداد الحصار وتعدّد المؤامرات

 


مرّ عام على العدوان الصهيوني الوحشي على غزة الفلسطينية. وكان من نتائج هذا العدوان استشهاد ما لا يقل عن 1419 فلسطينيا جلهم من المدنيين ومن بينهم عدد كبير من الأطفال، وجرح ما لا يقل عن 5300 آخرين وتدمير 5356 مسكنا و15 مستشفى من مجموع 27، إضافة إلى عدد من المدارس والمنشآت الصناعية وأماكن العبادة. وقد استعمل الصهاينة في حربهم على غزة ما لديهم من أسلحة فتاكة بما في ذلك الفسفور الأبيض. ومن المعلوم أن الكيان الصهيوني كان تذرّع، لشن هذه الحرب، بـ »صواريخ » حماس والمقاومة الفلسطينية عامة التي تطلق على المستوطنات الإسرائيلية. وما من أحد كان يجهل أن الهدف الحقيقي للحرب كان القضاء على المقاومة وكسر إرادة الشعب الفلسطيني لخلق المناخ المناسب لفرض المشاريع الإمبريالية الصهيونية عليه. وهو ما كان يتطلب في نظر الصهاينة وحلفائهم، من الغرب ومن العرب، اجتثاث سلطة « حماس » وتدمير البنى التحتية للمقاومة وإلحاق غزة بـ »رام الله » المكبلة بسلطة عبّاس. ولم يكن خافيا على أحد أن قادة الكيان الصهيوني أولمرت، باراك، ليفني… ما كان بمقدورهم ارتكاب جريمتهم الشنعاء في غزة دون دعم إدارة بوش الأمريكية وبعض العواصم الغربية الأخرى ودون تواطؤ الرجعية العربية وبالخصوص نظام حسني مبارك، وتشجيع محمود عباس وبطانته الذين كانوا يتهيأون لاستعادة السيطرة على غزة بعد أن يحل بها الخراب والدمار. وفي الحقيقة فإن الحرب على غزة، جاءت لتكشف مرة أخرى، بعد الحرب على لبنان في صائفة 2006، الترابط العضوي المفضوح بين الإمبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني والرجعية العربية. إن هذه الأخيرة، لم تعد تخفي، كما كان في السابق، تورطها المباشر في محاولات القضاء على بؤر المقاومة في البلاد العربية وبالأخص في فلسطين ولبنان. فالحرب على غزة مثلا أعلنت في القاهرة على لسان وزيرة خارجية الكيان الصهيوني. والنظام المصري حمّل مسؤولية العدوان لحماس. كما أنه ضرب طوقا على غزة حتى لا تجد أيّ متنفس وحتى يسهل على الكيان الصهيوني تدميرها. ولكن غزة صمدت صمودا أسطوريا بأهاليها وبفصائل مقاومتها على اختلاف مشاربها الفكرية والسياسية. لقد عجز الكيان الصهيوني عن تحقيق أهدافه المباشرة (إطلاق سراح الجندي الأسير) والإستراتيجية (القضاء على المقاومة). وخاب معه مبارك وعباس وكل الذين راهنوا على سقوط غزة في ظرف أيام إن لم يكن في ظرف ساعات ليخلو لهم الجو ويفرضوا على الشعب الفلسطيني ما يريدون فرضه من مشاريع استسلامية خدمة لأولياء نعمتهم في واشنطن. لقد كانت الحرب على غزة فشلا عسكريا وسياسيا ذريعا لكل المتآمرين عليها. وها إننا نلاحظ حالة كل الأطراف الضالعة في هذه المؤامرة. فالقادة الصهاينة يخشون الملاحقة القضائية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. ونظام مبارك ملعون في كل مكان وعباس محبط لا يعرف ماذا يفعل. لكنّ أعداء غزة والشعب الفلسطيني عامة لم يكفوا عن مناوراتهم ومؤامراتهم. وهم يحاولون بشكل بائس، تحقيق ما عجزت الحرب عن تحقيقه بأساليب أخرى. ويمثل تشديد الحصار إلى جانب مواصلة الاعتداءات وأعمال القتل أفتك هذه الأساليب. لقد تحولت غزة إلى محتشد كبير يطوقه الأعداء من كل جانب: 70% من الغزاويين يعيشون لاجئين في المخيمات، و80% منهم يعيشون تحت خط الفقر. و47.5% منهم لا يقدرون على توفير تكاليف الغذاء. ولا يتمتع بالماء الصالح للشراب وفق المعايير الدولية سوى 10% من الغزاويين. ويعيش 40 ألف من هؤلاء بدون إنارة كهربائية. وقد أغلقت 90% من المنشآت الصناعية أبوابها بسبب الحرب والحصار. ويغلق الكيان الصهيوني كافة المعابر المؤدية إلى غزة مما يعني حرمانها من الإمدادات بالغذاء والدواء وغيرهما. أما معبر رفح، من الجهة المصرية، فهو لا يفتح إلا قليلا وتحت الضغط. وكأن ذلك كله ليس كافيا فقد عمد النظام المصري، بالوكالة عن الولايات المتحدة و »إسرائيل » إلى بناء جدار (يقال إنه فولاذي) على طول الحدود مع غزة (طوله 10 كلم وعمقه 30 متر حسب العديد من المصادر) لإحكام السيطرة عليها وحرمانها مما تبقى لها من وسائل لتوفير شيئا من البضائع حتى ولو كان التهريب عبر الأنفاق. وعلى ما يبدو لن يتوقف الأمر عند هذا الحدّ. فبالإضافة إلى الجدار الذي يشيّد بإشراف أمريكي، فرنسي، إسرائيلي، سيتم إحكام القبضة على غزة من جهة البحر وإقامة سلك شائك يمتد من العريش إلى البحر. وبهذه الصورة يكتمل الحصار المضروب على غزة إسرائيليا ومصريا بهدف خنقها، بل بهدف إبادتها. ومن الجهة الأخرى، أي في الضفة حيث يقبع عباس الذي كان أيّد العدوان على غزة، وطلب في أكتوبر الماضي تأجيل التصويت على تقرير « غولدستون » الذي يدين « إسرائيل » بارتكاب جرائم حرب في غزة واعتبر بناء الجدار الفولاذي « شأن مصري داخلي »، يواصل الكيان الصهيوني تهويد القدس بخطى حثيثة وتوسيع المستوطنات معوّلا على خدمات « سلطة رام الله » في حماية الصهاينة من ضربات المقاومة. ولا تحرّك الأنظمة العربية ساكنا بما فيها « أمير المؤمنين »، ملك المغرب ورئيس لجنة القدس، و »خادم الحرمين الشريفين » الملك السعودي عبد الله، بل إن الحكام العرب لا يترددون في الضغط على الفلسطينيين بمناسبة أو بغير مناسبة لتقديم المزيد من التنازلات على حساب ثوابتهم الوطنية. ولكن رغم هذه المؤامرات التي لا تتوقف فإن غزة لن تركع، وإن الشعب الفلسطيني بأسره لن يستسلم، والحصار ذاته بما في ذلك، جدار العار المصري، لن يجدي نفعا. فأحرار العرب وأحرار العالم إلى جانب غزة وإلى جانب فلسطين قاطبة. إن خطين أساسيين يتواجهان اليوم في فلسطين وفي كامل المنطقة. خط المقاومة من جهة وخط الاستسلام من جهة ثانية. وما من شك في أن النصر سيكون للأول مهما كانت الصعوبات التي تعترض سبيله، لأنه يستمد قوّته من روح الشعب ومن عدالة القضية. أما الثاني أي خط الاستسلام فمصيره المزابل مهما وجد من دعم من عتاة الامبريالية والصهيونية. واليوم كما بالأمس فإن اتحاد الشباب الشيوعي التونسي، يدعم خط المقاومة، في غزة وفي الضفة وفي كامل تراب فلسطين حتى تحقيق النصر النهائي. واليوم كما بالأمس يقف اتحاد الشباب إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة الحصار والاعتداءات الصهيونية اليومية والمؤامرات الرجعية العربية والخسيسة. إن اتحاد الشباب الشيوعي التونسي إذ يجدد التعبير عن موقفه هذا فإنه يجدد أيضا تأكيد أهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة المؤامرات الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية على الشعب الفلسطيني. إن استمرار انقسام الصف الفلسطيني لا يخدم إلا الأعداء. وما من شك أن الوحدة الوطنية لا يمكن أن تتم إلا على أساس التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية وبالمقاومة نهجا لتحقيقها. كما أنه لا يمكنها أن تتم وتستمر إلا باعتماد الديمقراطية أسلوبا في بنائها وتكريسها.  
 
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 22 جانفي 2010)  


نهج القرضاوي هو المستهدف

عبد الباري عطوان


23/01/2010 يتعرض الدكتور يوسف القرضاوي الى حملة اعلامية شرسة هذه الايام من قبل اطراف عديدة في الوطن العربي، محسوبة بالدرجة الاولى على ما يسمى بمحور ‘الاعتدال’، لانه ادان السور الفولاذي الذي تبنيه السلطات المصرية، تنفيذا لاتفاق مصري ـ اسرائيلي، لخنق المحاصرين المجوّعين في قطاع غزة. الاتهام الابرز الموجه الى الدكتور القرضاوي رئيس المجلس العالمي للعلماء المسلمين، اقدامه على تسييس الدين، وادلاؤه بدلوه في القضايا المطروحة، والفلسطينية على وجه الخصوص، اي ان هؤلاء يريدونه واحدا من اثنين: الاول: ان يلتزم مسجده، ولا يشاهد مجازر الاسرائيليين في قطاع غزة، والخراب الذي حل بالعراق على ايدي الاحتلال الامريكي، ويدير ظهره كليا للفتن الطائفية التي تعصف بالعالمين العربي والاسلامي، ويقصر فتاواه على قضايا النكاح، وزواج المسيار، وآداب الوضوء ومفسداته،وهكذا. الثاني: ان يتدخل في السياسة، ولكن على طريقة شيخ الازهر محمد سيد طنطاوي، ومجمع البحوث الاسلامية الذي يرأسه، اي ان ‘يبصم’ على جميع قرارات الحكومة، وان يصافح شمعون بيريس الرئيس الاسرائيلي، ويشرّع حصار قطاع غزة. الشيخ القرضاوي، ومجموعة كبيرة من امثاله، بعضهم معزول ومطارد، والبعض الآخر خلف القضبان، يرفضون ايا من الخيارين، وينحازون الى ضميرهم الوطني وعقيدتهم السمحاء، وتعاليم دينهم، ويتصدون لمهمة محاولة انقاذ الأمة من حال الوهن والهوان والمذلة التي وصلت اليها بفضل حكام فاسدين فشلوا في كل شيء، وسخّروا انفسهم في خدمة مشاريع الهيمنة الامريكية. نسأل لو ان الشيخ القرضاوي والقلة القابضة على الجمر من العلماء الأفاضل من امثاله، قد ايدوا الجدار الفولاذي، واصدروا فتاوى تؤيد الاستعانة بالقوات الاجنبية لتدمير العراق ومن ثم احتلاله، ودعموا مبادرة سلام عربية تعترف باسرائيل وتعطيها اربعة اخماس فلسطين، واسقطوا جميع الخيارات الاخرى، هل كان هؤلاء سيواجهون هذه الحملات الاعلامية الهابطة في مضامينها والفاظها؟ الاسلام كان، ولا يزال، اكبر انتفاضة على مدى التاريخ ضد الظلم الاجتماعي، والتمييز الطبقي العنصري، والعبودية في ابشع صورها واشكالها، وانحاز دائما للحق والعدالة والمساواة، ونشر رسالة العقيدة والاصـــلاح ومواجهة اشكال الاستبداد والطغيان كافة. ‘ ‘ ‘ وعاظ السلاطين، الذين يتعيشون من هبات الزعماء ورواتب وزارات الاوقاف، يريدون إسلاما مختلفا، يبرر الظلم، ويشرّع القمع، ويدعو للخنوع، تحت مسميات عزل الدين عن السياسة واطاعة ولي الامر، حتى لو كان فاسدا مقصّرا في واجباته الدينية والوطنية. نحن مع فصل الدين عن السياسة، اذا كان هناك ساسة يقودون الامة على طريق التقدم والازدهار وتحقيق الرخاء والعدالة، وحفظ كرامة الامة وعزتها، واستعادة حقوقها المغتصبة، ولكن عندما يعزّ وجود هؤلاء في منطقتنا الاسلامية، ونحن نستثني هنا اردوغان ورفاقه في تركيا، ومهاتير محمد في ماليزيا، فإن من واجب رجال الدين ان يملأوا الفراغ، وينزلوا الى الساحة لانقاذ الأمة من محنتها. هكذا فعل الأزهر عندما تغوّل الاحتلال البريطاني، وفسدت القيادة في مصر، وهكذا فعل المجاهد محمد الخامس في المغرب، وعبد الكريم الخطابي في الجزائر، وعمر المختار في ليبيا، والحاج امين الحسيني في فلسطين. فهل هؤلاء اخطأوا عندما خاضوا غمار السياسة ورفعوا راية الجهاد ضد الظلم والطغيان؟ ونحن هنا لا نريد العودة الى تجارب الاسلام السياسي في زمن الايوبيين والمماليك، والفاطميين والعثمانيين، وانتصاراتهم المشرفة التي غيرت مجرى التاريخ. حتى السلطة الفلسطينية المنبثقة من رحم الاحتلال التي اصبح لها أئمة مساجد، دخلوا غمار الحملة على هذا العالم الجليل، وسخّروا المنابر للتطاول عليه بطريقة مخجلة، بل وطالبوا بالتراجع عن تصريحات لم يفهموا مضمونها، في غمرة نفاقهم لرئيسهم، فانطبق عليهم مثل ‘الدب الذي قتل صاحبه’. الدكتور القرضاوي قال ‘اذا’ كان الرئيس محمود عباس تواطأ مع العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، واقدم على تأجيل تقديم تقرير غولدستون للمناقشة امام المجلس الحقوقي الدولي، فانه يستحق الرجم، ولكن هؤلاء الاقل خبرة ومكانة انبروا في حملة ظالمة ضد الدكتور العلامة، مؤكدين بذلك الشبهات التي حامت حول الرئيس بدلا من ان يفندوها او يتجاهلوها تماما، لان من المفترض ان رئيسهم لم يؤيد العدوان ولم يؤجل التقرير، حسب ما يقول في تصريحاته العلنية. ‘ ‘ ‘ هذه الحملات، المرشحة للاستمرار والتصعيد فيما هو قادم من ايام، بفعل اكتمال بناء الجدار وعملية الخنق المرجوة من ورائه، وبدء الاستعدادات لغزو لبنان والعدوان على غزة مجددا، هذه الحملات لا تستهدف شخص الشيخ القرضاوي فقط، وانما النهج المقاوم الذي يؤمن به ويعمل على ترسيخه، من خلال برامجه الدينية والدعوية، وتروّج له كتبه (ستون كتابا). ومن المفارقة انه يواجه حملات تحريض مماثلة من قبل اسرائيل وانصارها في الغرب، ادت الى منعه من دخول عديدة على رأسها بريطانيا والولايات المتحدة، بحجة دعمه للارهاب ومساندته للعمليات الاستشهادية. فالاسلام الذي يتبنى ‘ثقافة المقاومة’ يصنّف على انه الاسلام المتطرف، او الاسلام الارهابي، الذي يجب تجريمه ومقاومته، فهل هناك دولة عربية او اسلامية واحدة تعلن مساندتها لمقاومة طالبان للاحتلال الامريكي، وهي مقاومة مشروعة لاحتلال غير مشروع؟ وهل هناك حكومة عربية تدعم المقاومة علانية في العراق او فلسطين؟ ألم تدعم انظمة عربية الاسلام المقاوم للاحتلال السوفييتي لافغانستان لاكثر من ثماني سنوات، عززته بإنفاق اكثر من عشرين مليار دولار، فهل الاحتلال الامريكي ‘حلال’ والسوفييتي ‘حرام’؟ كفّروا العروبة وتياراتها عندما كانت عروبة مقاومة للهيمنة الامريكية، والآن يعودون اليها لاستخدامها في ضرب ‘الاسلام السياسي’ المقاوم، مثلما استخدموا الاخير ضدها اي ‘الاسلام’ في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، ولمصلحة المشاريع الامريكية ايضا. ‘ ‘ ‘ نحن الآن امام معجزة انقلاب السحر على الساحر، بعد ان اتضحت اللعبة وانفضح اللاعبون، وبات كبيرهم الذي علمهم السحر (امريكا) يواجه الهزائم في العراق وافغانستان، وقريبا في اليمن بعد الصومال، وفلسطين على الطريق. فالشعوب نضجت وتعلمت، والقيادات الاسلامية والعربية باتت في الخندق نفسه، وتتعاون من اجل الهدف نفسه. وبسبب ثورة الوعي هذه، وتصاعد حالة الغليان في الشارعين العربي والاسلامي، يعكفون حاليا على اصدار قوانين من اجل ‘احتلال’الاعلام العربي، من خلال تجريم كل محطة تلفزيونية تؤيد المقاومة، تحت ذريعة التحريض على قتل الامريكيين. نحن امام ‘ارهاب’ اعلامي جديد، فإصدار قنوات امريكية وبريطانية والمانية وفرنسية وحتى صينية باللغة العربية لم يعد كافيا، لا بد من تشريعات جديدة تكتم انفاس كل صوت يعارض الاحتلال ويطالب بمقاومته، ونفس الدكتور القرضاوي وصوته على رأس قائمة المطلوب كتمهم. سيطروا على منابر المساجد من خلال طرد الائمة الملتزمين بالعقيدة وقيمها وتعاليمها، واستبدلوهم بوعاظ السلاطين، والآن يريدون السيطرة على المنابر الاعلامية، واغلاق تلك التي تشق عصا الطاعة على امريكا وحلفائها في المنطقة. نعتذر للدكتور القرضاوي عما اقدم عليه بعض السفهاء منا، الذين ضلّوا الطريق، واعماهم النفاق عن رؤية الحقيقة، والانتصار لعلامة كبير كان دائما رأس حربة في الدفاع عن قضيتهم العادلة، وعانى من اجل ذلك، ولا يزال، الكثير. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 23 جانفي 2010)

 

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.