السبت، 16 سبتمبر 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2308 du 16.09.2006

 archives : www.tunisnews.net


الجزيرة نت: مطالبات بالإفراج عن السجناء السياسيين بتونس رويترز: المجلس الاسلامي الاعلى في تونس مستاء من اساءة البابا للاسلام الجريدة: إعصار في العكاريت لم يتحدث عنه أحد احمد الشايبي:تحية إلى الأساتذة المسقطين عمدا في الكاباس الوسط التونسية:توضيح هام من الأستاذ برهان بسيس موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي: اعتقــال دميــة الطاهر العبيدي:مصادرة بلا حدود نصر الدين بن حديد:أقوال الحبر الأعظم وآراء بخصوص الإسلام:جذور الرمز!!! أعماق المؤسّسة؟؟؟ عبدالباقي خليفة :لا لاستجداء الاعتذار من بابا الفاتيكان نعم للمواجهة الفكرية آمال موسى: عندما يؤجج بابا الفاتيكان نار التطرف رويترز: الأخوان بمصر: بيان الأسف الذي أصدره البابا لا يكفي رويترز: إسلاميون جزائريون بارزون يعودون من المنفى يوم الأحد د.أحمد القديدي:للمجتمع المدني دور في اقتلاع الارهاب سويس إنفو: هل يستجيب بوش للمثقفين العرب؟

Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


 لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »  

حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:

 

 


 

مطالبات بالإفراج عن السجناء السياسيين بتونس

لطفي حجي (*)- تونس

 

قالت الجمعية الدولية لمساندة السجناء السياسيين بتونس إنها أطلقت حملة جديدة للمطالبة بالإفراج عن السجناء الذين حوكموا أكثر من مرة بنفس التهمة وأولئك الذين يعانون من أمراض خطيرة تهدد حياتهم بعد 15 سنة قضوها في السجون.

 

وأعدت الجمعية لهذا الغرض لائحتين ضمت الأولى 35 سجينا حوكموا أكثر من مرة بتهمة الانتماء إلى جمعية غير مرخص لها، في إشارة إلى حركة النهضة المحظورة. في حين ضمت القائمة الثانية 25 سجينا مصابين بأمراض خطيرة تهدد حياتهم.

 

وعن دوافع هذه الحملة في هذا الوقت بالذات قال رئيس الجمعية الدولية لمساندة المساجين محمد النوري للجزيرة نت إن هذه الحملة فرضتها الأوضاع الخطيرة التي يعيشها عدد من هؤلاء جراء الأمراض التي أصيبوا بها في ظروف لا يتوفر فيها الحد الأدنى من القواعد الصحية والإنسانية.

 

وأضاف النوري أنه بخصوص السجناء الذين حوكموا من قبل فإن القانون التونسي وكذلك القوانين الدولية تمنع محاكمة الشخص الواحد أكثر من مرة بنفس التهمة، ومع ذلك عمدت السلطات للقيام بهذا الإجراء حتى تمنع السجناء من مغادرة السجن.

 

ترحيل من إيطاليا

 

وفي السياق ذاته ناشد تجمع التونسيين بأوروبا رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي بوضع حد لما سماه سياسة الترحيل المكثف للتونسيين المتدينين المقيمين في إيطاليا والتي اعتمدتها الحكومة الإيطالية خلال الأشهر الماضية.

 

وكانت السلطات الإيطالية رحلت في الأشهر الأخيرة عشرات التونسيين ممن برأهم القضاء الإيطالي من تهمة الإرهاب، وقد تعرض جميعهم للتعذيب في تونس وإلى الأحكام القاسية، حسب ما ذكر نداء تجمع التونسيين بأوروبا.

 

(*) مراسل الجزيرة نت

 

(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 15 سبتمبر 2006)

 


 

المجلس الاسلامي الاعلى في تونس مستاء من اساءة البابا للاسلام

 

تونس (رويترز) -أعرب المجلس الاسلامي الاعلى في تونس وهو هيئة استشارية حكومية يوم السبت عن استيائه الشديد ورفضه لاساءة البابا للاسلام.

 

وقال المجلس في بيان أصدره يوم السبت « ان المجلس.. يعرب عن استيائه الشديد ورفضه لمثل ما جاء في المحاضرة من ايحاءات تنم عن فهم خاطئ لرسالة الاسلام السمحة وتمس بمشاعر المسلمين في هذا الظرف الذي يقتضي مزيد دعم الحوار ».

 

واقتبس البابا في محاضرة ألقاها في ألمانيا يوم الثلاثاء انتقادات للنبي محمد على لسان الامبراطور البيزنطي مانويل الثاني باليولوجوس في القرن الرابع عشر قال فيها ان النبي محمد جلب أشياء « شريرة للانسانية مثل أمره بنشر الدين الذي يدعو اليه بالسيف. »

 

وأضاف بيان المجلس الاسلامي تأكيده على « ضرورة الاسراع بتدارك الاوضاع بحكمة وتبصر وبما يخدم الاهداف النبيلة للتفاهم والحوار بين الحضارات والاديان ».

 

وصدرت ردود فعل غاضبة من أنحاء العالم الاسلامي على اختيار البابا لهذا الاقتباس وقال كثيرون انه يتعين عليه تقديم اعتذار ليبدد الانطباع بأنه انضم الى حملة ضد الاسلام.

 

ودافع المتحدث باسم الفاتيكان فيديريكو لومبادري عن محاضرة البابا قائلا انه لم يقصد الاساءة للاسلام.

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 16 سبتمبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 

المجلس الإسلامي الأعلى للجمهورية التونسية يعرب عن رفضه لإساءة البابا للإسلام وللرسول

 

جاء في بيان صادر اليوم السبت عن المجلس الاسلامي الاعلى للجمهورية التونسية ان المجلس بعد اطلاعه على ما جاء في المحاضرة التي القاها البابا بنديكتوس السادس عشر من اساءة للاسلام وللرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم يعرب عن استيائه الشديد ورفضه لمثل ما جاء في هذه المحاضرة من ايحاءات تنم عن فهم خاطىء لرسالة الاسلام السمحة وتمس بمشاعر المسلمين في هذا الظرف الذى يقتضي منا جميعا مزيد دعم الحوار القائم بين مختلف الاديان والحضارات.

 

وان المجلس الاسلامي الاعلى الذى يذكر بان تونس التي عملت دوما على ترسيخ مبدا التسامح والحوار واحترام مقدسات الشعوب وحرصت باستمرار على نشر قيم الاعتدال والوسطية ورفض كل ما من شانه ان يسيء للكتب السماوية ورموز الاديان ومقدساتها يؤكد ضرورة الاسراع بتدارك الاوضاع بحكمة وتبصر وبما يخدم الاهداف النبيلة للتفاهم والحوار بين الحضارات والاديان .

 

(المصدر: موقع « أخبار تونس » الرسمي بتاريخ 16 سبتمبر 2006)

 


 

 

إعصار في العكاريت لم يتحدث عنه أحد

بقلم امحمد الجعايبي

 

برقية عاجلة (يمكنكم الإطلاع عليها (*)) لمواطنة من منطقة العكاريت حول إعصار حدث هناك أثارت لدينا جملة من التساؤلات حول مدى اندماج بعض المناطق في مسيرة النمو والتقدم التي تعرفها بلادنا في جميع الميادين.

 

روت المواطنة مباركة العماري أن منطقة العكاريت التابعة لولاية قابس عرفت يوم الاثنين 11 سبتمبر حالة جوية غريبة لم يسبق أن شاهدها أحد في تلك المنطقة، تمثلت في إعصار أثار الحيرة والرعب في قلوب المتساكنين تبعه هطول أمطار غزيرة وجو مخيف من الرعود والبرق.

 

بالفعل لم ينتبه أحد لهذه الحادثة لا فقط من وسائل الإعلام الوطنية أو من الرصد الجوي بل من أي مصلحة أو مركز… من شأنه تحسيس أهالي العكاريت وغيرهم أنهم فعلا جزأ لا يتجزأ من الجمهورية التونسية هذه البلاد التي قطعت أشواطا لا يستهان بها في طريق التقدم وتسجل أرقاما ونجاحات صنفتها ضمن البلدان الصاعدة التي تستقطب الاستثمارات والانتصابات الصناعية والتكنولوجية الحديثة.

 

من المحتمل أن يكون الإعصار الذي عاشته منطقة العكاريت وبالرغم من عنفه الذي أدخل الرعب لدى مواطني الجهة، إعصار طفيف لا خطورة له لكنه يستدعي دون شك أن يهتم به الإعلام الوطني والرصد الجوي وغيرها من المصالح والأجهزة الوطنية الفاعلة.

 

هذا الخلل الفادح يطرح قضية يعيشها بمرارة مواطنو المناطق النائية وهي الإحساس بالعزلة والنسيان وكأنهم يستثنون من مزايا النمو والتقدم والعصرنة ومن مسيرة تونس الرائعة التي تتحدث عنها الصحف الوطنية والأجنبية وحتى التلفزات الفضائية.

 

وهذه الوضعية تنعكس سلبا على الحياة الاقتصادية والاجتماعية لعديد المناطق التي يصح أن نعتبرها هكذا « معزولة » بالرغم من المجهودات الهامة والإنجازات الكبيرة كتلك التي حققها الصندوق الوطني للتضامن.

 

أما التوجه الجديد الذي يطمح لتحميل مختلف جهات الجمهورية مسؤولية رعاية مجهودها التنموي الذاتي فهو يظل في الحقيقة وبالرغم من أهميته البالغة، رهين مجهود وطني جدي وشجاع من أجل إدماج فعلي وسريع لجميع مناطق الساحة الوطنية حتى يقبل المستثمر بالعيش هناك وحتى تتمتع هته الربوع بالموارد البشرية المطلوبة والمرافق الضرورية وحتى يطيب حقا فيها العيش للجميع.

 

(*) هذا ما حدث يوم الاثنين الفارط في منطقة العكاريت في الجنوب التونسي

 

جدت في منطقة العكاريت يوم الاثنين 11 سبتمبر حالة جوية لم يسبق أن شاهدها أحد في تلك الربوع ولا حتى  كبار السن من أهالي القرية، هذا الحدث تمثل في  الإعصار الذي راقبه المواطنون بحيرة على بعد بعض الكيلومترات من هذه القرية الهادئة التابعة لولاية قابس.

 

 فلم يكن هذا الصباح هادئا وعاديا كغيره من أيام هذه المنطقة، وقد اختلط فيه الخوف بالدهشة وبحب الاطلاع، فأصبح البعض يلتقط الصور ويسجل بالصورة والصوت هذا الحدث الجوي.

 

وبعد هذا الإعصار وبعد هذه الظاهرة نزلت تلك الأمطار بتلك الغزارة  وبذلك الكم الهائل وبذلك الجو من الرعود والبرق الذي لم يسبق أن عرفته ولاية قابس مما أدخل الرعب في قلوب المواطنين.

 

ولكن الذي أدهشني أكثر من هذا الحدث هو أنه لا وسائل الإعلام ولا حتى المعهد الوطني للرصد الجوي قد تفطن أو أشار إلى هذه الظاهرة التي تعتبر غريبة عنا خاصة في الجنوب التونسي والتي وإن  لم نعرف مدى قوتها أو درجتها ولم يحدثنا عنها جهاز مختص إلا أنها بدت مخيفة ومفجعة.

 

ونحمد الله أن هذا الإعصار قد كان في منطقة ريفية وخارج مناطق العمران ثم اتجه إلى البحر حيث تشتت ثم اختفى وإلا لكانت هناك ربما خسائر لم تكن في الحسبان ولم تحذرنا منها مصالح الرصد الجوي.

 

مباركة العماري

 

(المصدر: مجلة « الجريدة » التونسية، العدد 40 بتاريخ 16 سبتمبر 2006)

الرابط: http://www.gplcom.com/journal/arabe/article.php?article=858

 

 

 

 

تحية إلى الأساتذة المسقطين عمدا في الكاباس

 

تونس في 16/09/2006

 

الأساتذة المحترمين، قلب تونس النابض

 

قرأت لكم و عنكم الكثير منذ تم الإعلان عن نتائج المناظرة التي كنتم تنتظرون كما عائلاتكم النجاح، لتعوضوا الحرمان الذي طال عهده، لكن أبت وزارة التربية و التكوين أن تعاق أسمائكم مع من نجح و هذا معروف للقاسي و الداني و غير مستغرب.

 

و لكني استغرب صمت الأساتذة الجامعيين و المتفقدين فهم أعلم الناس بما يحدث،حيث يزيفون قرارهم و إرادتهم، لا أخفي أني تتلمذت على يد عباقرة منهم، من أمثال الدكاترة محمد محجوب المسؤول إلا أن فيما أعلم عن لجنة الامتحانات لشعبة الفلسفة و الدكتور الحبيب الجربى الذي أعلم أنه قدم استقالته من الإشراف بعد أن تبين له أن مهمته تقتصر على مجرد الامتحان أما الانتداب فهو موكول إلى وزارة الداخلية، و أعرف الأستاذ القدير مصطفى كمال فرحات و آخرون كثيرون يحترمهم كل من درس الفلسفة في الجامعة التونسية. الذين علمونا أن السكوت على الحق مشاركة في الجريمة، أدعو هؤلاء أولا أن يتكلموا فالتاريخ لا يرحم.

 

إذ كان الأساتذة الإجلاء الذين علمونا مفاهيم مثل  » المعنى » و « الحقيقة » و » الشك » و « التأسيس »…غير قادرين اليوم على الخروج من صمتهم فماذا نقول عن عموم شعبنا حيث يعشش القمع و الخوف و الشعور بالمذلة و « العين ما تفوت الحاجب ». إني أجد نفسي متوجه إلى الجامعيين بالذات و المسؤولية بأكملها ملقاة عليهم و قضيتكم أمانة في أعناقهم.

 

سادتي الأفاضل

 

أعرف أنكم تعانون القمع و الاضطهاد و قد شدت انتباهي الصور المروعة بعد تعنيفكم في مقر وزارة التربية، لو حدث هذا في فرنسا لاستقال الوزير و طاقمه و لمن الوزراء عندكم الكرسي هو الانطولوجيا و المنصب مقدس، فكيف تنتهك حرمة وزارة التربية و تغلق أبوابها في وجه المواطنين، إن هذا لأمر جلل لا يمكن أن يحدث حتى في أكثر الدول قمعا و استبدادا.  لقد شد هذا الأمر كل من أعرفه من الطلبة الفرنسيين هنا في باريس حيث استغرب أحدهم كيف يحدث هذا في تونس الخضراء..

تأكدوا سادتي الأفاضل أن قضيتكم يتابعها الآلاف في باريس و قد خصصنا دون أن نستشيركم فريقا لترجمة بياناتكم إلى كل لغات العالم، كي يعرف الجميع حجم المعاناة لديكم و نساهم في فضح النهج المشبوه الذي فاحت رائحته كثيرا و لزم علينا اليوم أن نتكلم و الا سيلعننا التاريخ.

 

قرأت اليوم في صحيفة   الصباح الالكترونية  http://www.assabah.com.tn/rubrique.asp?Rub_ID=2&Date=20051226

 

و هو ما لم ينشر في الجريدة الرسمية الورقية كما علمت من بعض الاصدقاء في تونس أن الحديث قد كثر عن الرشوة و المحسوبية خاصة في مناظرة الكاباس و قد استبعد كاتب المقال الذي لم يكتب اسمه الحقيقي أن يكون لمن يتهم غيره بالرشوة أدلة…( اني أري من الضروري نشر المقال كاملا و كذلك تحقيق قامت به السيدة ليلى المازني)

وهذا كلام فيه بعض الصواب، فمن يستطيع أن يقول أنه دفع رشوة كي ينجح و من يستطيع أن يقول أنه تلقى رشوة من فلان أو علان… لا أحد طبعا

و لكن سيدي الكريم الرشوة و في مناظرة الكاباس خصوصا أمر واقع و حقيقة ساطعة و سأعطيك بعض الدلائل.

1- الأساتذة المسقطين عمدا تخرجوا منذ 9 سنوات و لنقل لم يحالفهم الحظ في الحصول على شغل.

2- هناك من تخرج و التحق بالتدريس و لم يمر عليه إلا العطلة الصيفية عاطلا عن العمل

3- السؤال الان كيف؟ لا تستغربوا.

الأساتذة المسقطين عمدا لم و لن يدفعوا بينما الآخرون دفعوا( و هذا ليس استنتاجا منطقيا من المقدمتين)

أريد أن أذكر الجميع أن البطالة ظاهرة عالمية و لكنها في تونس ظاهرة مفتعلة. فلو نظرنا في  نسب المعطلين عن العمل في جهات بعينها سنجدها مرتفعة فيحين أنها لا تكاد توجد في جهات أخرى.

و لنضرب مثلا: معتمدية مساكن من ولاية سوسة النسبة ضعيفة جدا و لا تشكل ظاهرة، هل تعرفون سبب ذلك؟

حينما كان السيد بشير كريم صاحب- المقهى الفخم المسمى النخبة و أملاك أخرى كثيرة باسمه و أسماء ذويه- مسؤولا عن الانتدابات كان يتم انتداب الأساتذة المنتسبين إلى معتمدية مساكن فور حصولهم على الأستاذية، و يجب أن يدفعوا طبعا. و لو يفتح تحقيقا جديا سيعرف الجميع حجم الكارثة و تورط أكثر من مسؤول في الرشوة بما في ذلك وزراء و غيرهم.

إن الخوف أبو الملاعين وحده يدفع الناس للانكماش و تفضيل السكوت على القمع و التشريد.

صحيح أنه من العار أن يقال مثل هذا الكلام الذي بدأنا نسمعه حتى من الفرنسيين عن بلادنا و لكنها الحقيقة المرة. فبأي منطق يتم إسقاط أساتذة بشكل متعمد و يتم انتداب آخرين لم يعرفوا البطالة و الفقر و الحرمان، أي منطق لا ينجح من هو بصدد الإعداد لشهادة الدراسات المعمقة في الفلسفة أو الإعلامية، وقد مضى على تخرجهم سنوات عديدة. إن المنطق الوحيد الذي يحكم كل هذا هو الفرز على أسس الولاء و المعارضة. هل يعقل في بلاد تتشدق بالديمقراطية أن تزيح الأجدر وتسقطه بشكل فج.

إني إذ استنكر كل ما حدث معكم سادتي الكرام، الأساتذة المسقطين عمدا، فاني أعاتب النقابات المهنية و على رأسها السيد عبد السلام جراد حيث لم نسمع إلى الان تبني جدي لقضيتكم، وفي اعتقادي إن الاتحاد العام التونسي للشغل و الأساتذة الجامعيين مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الاستماع إليكم و الدفاع عنكم.

إن الكاباس في حد ذاتها ضرب لمصداقية الأساتذة الجامعيين و مس من سمعتهم و شرفهم العلمي فهي تشكيك فيما امدوننا به من معارف نحترمها و نقدسها، لهذا أصبحت على قناعة أن هذه المناظرة هي تشريع للرشوة و المحسوبية و الانتدابات الفوضوية، فان كانت مناظرة شفافة لما لا يتم الإعلان عنها في الكليات لماذا تمر من مراكز التكوين المستمر إلى وزارة الداخلية. لا يمكن لأحد أن يقنعني أن الكاباس هي آلية للفرز البيداغوجي و إلا فما معنى أن تكون حاجة الوزارة لأساتذة الفلسفة هذه السنة أكثر من 400  مائة أستاذ فيحين لا تنتدب إلا نصفهم أو أكثر بقليل، إن الأمر واضح و هو ترك مجال للمحسوبية و الرشوة.

في الختام أضيف صوتي للآلاف الذين يساندونكم في فرنسا و أدعو الوزارة لمراجعة حساباتها و انتدابكم رسميا للتدريس لأنكم تستحقون ذلك لما أبديتموه في نضالكم من عقلانية و قدرة على ظبط النفس

تقبلوا فائق احترامي و تقديري أشد على أياديكم

 

الرجاء من السادة القراء مساندة الأساتذة المسقطين عمدا عبر الكتابة الى تونس نيوز

أو الى بريدهم الالكتروني : excluscapes2006@yahoo.fr

احمد الشايبي: باحث دكتورا فلسفة جامعة السربون    

 

الاولى          السبت 16 سبتمبر 2006

 

الاشاعات حول «الكاباس».. والسبل الكفيلة بالقضاء عليها

«الكاباس» وما ادرك ما «الكاباس» تلك المناظرة الوطنية الاكثر جلبا للمترشحين ما فتئت منذ انبعاثها تسيل الحبر الكثير.. وتحوم حولها الاشاعات بالجملة.. ولن نضيف شيئا عندما نورد ما يقال سرا وجهرا ويعرفه القاصي والداني.. الابن والاب.. العاطل والمسؤول.. الموظف والوزير عن هذه المناظرة.. عن التدخلات والتلاعبات وما قد ينجر عن نشره دون اثباتات تهمة

تستوجب المقاضاة.. وبالتالي فان كل ما يقال ويتردد يبقى مجرد كلام طالما لا يكون مرفوقا بالاثباتات وان التراشق بالتهم يظل امرا يسيرا اما اثباتها فهو الاعسر.

 

ولا اخفيكم سرا اني شخصيا وكلما حدثني احدهم عن تلاعبات في هذه المناظرة وطالبته بتقديم الاثباتات الا وذهب ولم يعد..

 

واتذكر ان اشكالات مماثلة كانت مطروحة عند اجتياز امتحان رخصة السياقة ولو ان الفرق واضح بين الامتحان والمناظرة فتم التغلب على كل الكلام والتجاوزات بوضع كل الآليات اللازمة لدعم الشفافية واليوم يمكن القول انه على مستوى الامتحان النظري في رخصة السياقة لم يعد هناك مجال لادنى شك.

 

وسلطة الاشراف خلال هذه السنة حرصت على ارساء تعامل شفاف ومراقبة جادة لكن المجهودات المبذولة تبقى دوما في حاجة الى الدعم والتطوير كلما كشفت هنات.. فالمهم ان هناك عزيمة صادقة وسعي جاد للقضاء على كل ما يمكنه ان يفسح المجال امام المحاباة والتلاعبات وما الى ذلك من الاتهامات.. وحبذا لو يقع دعوة وسائل الاعلام لمتابعة مختلف مراحل الاصلاح والتفريغ ونشر شهاداتهم في الغرض.

 

ختاما تجدر الاشارة الى ان «الكاباس» مناظرة وليست امتحانا ومعنى ذلك ان بامكان البعض الحصول على معدل مرتفع لكن لا يمكنه الارتقاء لان الحاجيات محددة مسبقا والاختيار يتم للاكثر تميزا.. وقد يكون لهذا الخلط دور كبير في اذكاء نار الاشاعات وقد تتوفر دواع اخرى لاذكائها لذلك ليس افضل من الشفافية لاطفاء هذه النار.. اليس كذلك؟

 

ح / غ

 

تحقيق

بعد أن أسدل الستار على أكبر مناظرة وطنية:

«الكاباس».. اتهامات بالجملة من المشاركين في المناظرة.. ردود بالتفصيل من الوزارة

تونس ـ الاسبوعي

لا ينكر احد ان مناظرة الكفاءة لاستاذية التعليم الثانوي او «الكاباس» تعتبر اول مناظرة وطنية تسيل لعابا وحبرا كثيرا وتطرح تساؤلات بالجملة وتطولها اتهامات بالتفصيل.. ومنذ اسبوع اجتاز اكثر من 55 الف مترشح هذه المناظرة.. هذا التجمع الهام من الراغبين في الالتحاق بصفوف التعليم اخترنا منه عينات لتتحدث عن مشاغلها وتطرح تساؤلاتها كما حملنا هذه التساؤلات وتساؤلات اخرى الى سلطة الاشراف فكان هذا التحقيق.

 لم يبق في قوس الصبر منزع

هدى عمرها 29 سنة تجري المناظرة للمرة السادسة في مادة علمية بادرتنا بالقول حين سألناها «نفذ الصبر لكن نظرات والدي وصمتهم الحزين تجعلني لا اقاطع المناظرة وبنفس الامل الضئيل ادخل وبالفشل ينتهي الامر ليتواصل مسلسل البطالة» وصادقت على قولها وفاء (31 سنة تجري المناظرة للمرة السادسة ايضا «انا اعد بجدية للمناظرة كل سنة حتى اريح ضميري واقنع عائلتي بان الخطأ لا يكمن في واؤكد لنفسي وللجميع ان هناك شروطا اخرى غير استيعاب البرامج التي تخصنا تحدد الأكفأ ثم اني افشل سنويا لاسباب غير واضحة في ذهني فالامر رغم اهميته واستفحاله يظل ضبابيا ولا يلقى اهتماما من طرف المسؤولين وتظل اسباب الفشل غير واضحة وهذا ما يحز في نفسي ولا يترك في قوس الصبر منزع»

 

«الكاباس» اصبحت حلما مستعصى

 

تحدثت خديجة حول هذا الموضوع بصوت يخالطه الكثير من الحزن وقالت هذا الامتحان يجثم سنويا على صدري كالكابوس يوجه حياتي ويسممها وطيلة السنة يبقى يتجاذبني الامل واليأس وانا اعد نفسي لاجراء المناظرة ثم اعيش على وقع الفشل بعد ذلك وتضيف انا لم انجح في العثور على عمل بديل ومقنع منذ 7 سنوات من تخرجي ومللت مرارة البطالة والهواجس منقطعة عن العالم واحيانا افكر بجدية في انهاء كل هذا العذاب بالانتحار» واضافت بأسى «فحتى الاحلام تستعصي مع استعصاء الفوز «بالكاباس» فكل شيء الان متعلق بالوظيفة والفتاة بدونها في مجتمع معولم كائن بلا روح وبلا ألق»

 

الجامعة تعلن فشلها

 

ثريا وانيس يجريان المناظرة لمدة خمس سنوات قالا انهما لا يفهمان لماذا يرسبان سنويا وكيف يحدد الاكفأ عبر مجموعة من الاسئلة التي تشبه احيانا لعبة الكلمات المتقاطعة ( في المادة الادبية التي يمتحنون فيها) ثم باية مقاييس يتم ترشيح هذا والغاء هذا. اضافت ثريا انه من المفارقات ان الاستاذ الجامعي بل الجامعة كمؤسسة تعليم معترف بها والتي توجت جهودنا بشهادة الاستاذية تشكك فيها اليوم باخضاعنا لهذا الامتحان بل وتحكم على نفسها بافلاس اسلوبها في تكويننا وفشلنا سنويا يؤكد فشلها العريض. واكد انيس بعد صمت في كل سنة تؤكد الشائعات ان الاقدمية الى جانب الكفاءة ستكون المقياس الاول ونفاجأ بعد ذلك بناجحين من نوع آخر والوضع على ماهو عليه منذ سنوات يمكن القول ان هناك الكثير من المسكوت عنه في هذه المسألة يجب ان نعالجه باكثر جدية حتى تكون الكفاءة سيدة الموقف.

 

«دينصور» «الكاباس»

 

منعم عمره 35 سنة وله 7 سنوات يجري المناظرة لما طلبنا رأيه في هذا الموضوع قال ضاحكا بسخرية «انا دينصور الكاباس» فانا ادخل كل عام بنفس الاصرار يدفعني نفس الامل ولكني اخرج بفشل ذريع لا اجد له مبررا واضحا. واضاف بان هذا الفشل الذي يصاحبه منذ احداث هذه المناظرة يجعله يعيش مفارقة تسبب له الكثير من الالم والضيم وقال بانه يدرس طيلة هذه المدة في المعاهد الخاصة وفي السنوات النهائية ويحظى بتقدير المدير وتلامذته واولياؤهم لكفاءته يعاضدهم في ذلك النجاح الذي يحققه التلامذة ولكن المناظرة ما تزال تصر سنويا على اعتباري فاشلا فما امتحن فيه اكاد احفظه عن ظهر قلب لاني ادرسه سنويا ثم انها ليست مقياسا حقيقيا لتقييم ما درسناه وندرسه الان فعن اية كفاءة يتحدثون وماهي شروطهم حتى ننجح سؤال يبقى مطروحا؟

 

سؤال منعم وبقية التساؤلات حملناها لسلطة الاشراف فكان هذا اللقاء مع مدير الامتحانات المهنية بوزارة التربية والتكوين

 

ــــ

 

مدير الامتحانات:

 

هكذا يتم الاصلاح والاعداد للاعلان عن النتائج

 

حرص على تطوير الاجراءات والقضاء على هامش المحاباة والخطإ

 

اكد السيد محمود الشيباني مدير الامتحانات المهنية ان اصلاح مناظرة «الكاباس» يتم في كنف السرية والشفافية فجميع اوراق المناظرة تنزع الاسماء فيها ليرمز لها باعداد سرية لا يعلم حقيقتها غير ثلة محل ثقة لا يمكن الشك في نزاهتهم او حرصهم على السرية وخلال ثلاثة او اربعة ايام يتم تنظيم الاوراق في ظروف يحوي كل منها ما يتراوح بين 100 و150 ورقة امتحان مع جذاذة عليها الارقام السرية الخاصة بكل ورقة ثم توزع بطريقة القرعة على الولايات حيث يتم اصلاحها من طرف لجان اصلاح متكونة من رئيس لجنة واستاذ جامعي ومتفقد ويقع تحديد عدد هذه اللجان بحسب عدد الاوراق التي سيقع اصلاحها بحيث يجب ان يتراوح عدد الاوراق التي على الاستاذ اصلاحها بين 150 و300 ورقة ولا يمكن ان يخصص اكثر من هذا العدد لكل استاذ ثم انه تم اقرار اجراء الاصلاح المزدوج لاول مرة هذه السنة حتى نضمن اكثر شفافية بحيث يكون العدد المسند للمترشح هو معدل العددين المسندين وبعد هذه العملية تتولى لجان المراقبة وضع الاعداد امام الارقام السرية مع المراجعة والتدقيق وبعد الانتهاء من الاصلاح ووضع الاعداد تتم عملية الرقن من طرف راقنين متميزين وتتم ايضا مراقبتهم وتصحيح الاخطاء ان وقعوا فيها ثم تتم بقية العمليات لمعرفة المعدلات الخاصة بكل مترشح وفي اطار الحرص على السرية اتخذ هذه السنة اجراء وضع هذه المعلومات على المنظومة الاعلامية بالارقام السرية فقط ثم وفي اليوم السابق لاعلان النتائج وبعملية منظمة ومدروسة ومبرمجة مسبقا على الحاسوب يقع تعويض الارقام السرية بالاسماء الحقيقية. واضاف المسؤول ان الوزارة تحرص كل الحرص ايضا وفي الامتحان الشفاهي ان تكون اللجان الممتحنة متكونة من استاذ جامعي مع متفقدين وجميعهم لا يعرفون المترشحين لهذا الامتحان لان كل لجنة تمتحن مجموعة من المترشحين مختارة عن طريق القرعة وشدد السيد محمود الشيباني انه هناك حرص جماعي على تطوير هذه الاجراءات حتى نقترب ما استطعنا من المستوى المطلوب من الشفافية والمصداقية والقضاء على هامش المحاباة والخطأ ونقطع دابر الاشاعات وباختصار فلا مجال للسهو او للخطإ او للضغط على الاساتذة المصلحين من اي نوع ومن اي طرف حتى نحقق المصداقية والتكافؤ.

 

ليلى المازني

 


اعتقــال دميــة *

 
يتواصل مسلسل المهازل في بعض بلاد الله حتى يخيل إليك أنك تعيش زمنا يحشر كله في عجائب العالم… دمية صغيرة يلعب بها البنات، لم يعرها أحد اهتماما وتفرغا سوى الصغار أو جيوب الآباء… وإذا بها تصبح محل تتبع وتجسسس وتوجس، ولعلها سوف تصبح قضية دولة وتقرر مصير شعب!   قصة دميتنا صغيرة وغريبة، كانت محل ترحاب الجميع، قبلتها السلطة الحاكمة دون مضض، فهي لا تتكلم ولا تتحرك ولا تتظاهر ولا تزعج، صامتة ليلا ونهارا، تبقى حيث وضعتها الأيدي الصغيرة والكبيرة…فهي مسيّرة ولا مخيّرة، تأتي طوعا وتقوم طوعا وتنام طوعا دون إكراه.   دميتنا مستوردة، فهي ليست خريجة ديار الوطن، تحمل ثقافة مغايرة، ثقافة التقدم والتمدن، فشعرها أصفر وبشرتها بيضاء وعيناها زرقاوان، كل شيء فيها يذكّرك بالجمال والذوق الرفيع وينفّرك من بنات البلد!!، وكم التقت أماني بعض مثقفينا وحكامنا وبرامجهم مع هذه المنحة الإلهية، فجرّوا شعوبهم عنوة وراء هذه الطفرات والقشور…   دميتنا تسمى « باربي« ** أو « ساندي » ، اسم جميل ونطقه أجمل! فأنت تحس بانسياب حروفه كنسمة الصباح الهادئة، أين نحن من فطومة وخدوجة ومحبوبة… أسماء لست أدري كيف قبلناها وتركنا « باربي » و »ساندي » ولم نلتحق بركب التقدم… نحمد الله صباحا مساء على أن سهّل لنا حكامنا التعرف عليها ولم يتركونا في ظلام وظلم أسماء الأجداد، وليغفروا لنا تقصيرنا وتباطئنا… فالقطيعة مع هذه الأجيال المتخلفة تبدأ بالتنكر للأسماء…   دميتنا أطلت علينا في ميني جيب، أو بنطلون وشعر فضفاض ووجه مزركش بأنواع من الزينة والصباغ… كانت « باربي » أمنية بناتنا وأمنية بعض نساءنا المثقفات والمبدعات، كانت « باربي » برامج دراسية تُلقّن، ومناهج تربوية تُمكّن، وسياسات حكومية تُطبّق ونماذج في النمو والتنمية وكثير من أوجاع الرأس…   ومرت الأيام تباعا، ودميتنا تتلاقفها الأجيال وتبجّلها الثقافات ويسندها أصحاب الشأن والقرار، وهي على « الرأس والعين »… حتى أطلّ علينا يوم غريب وحال عجيب…لقد قررت « باربي » بدون استشارة أحد وهي القاصرة أن تلبس لباسنا وتتسمى بأسمائنا وتنتحل هويتنا وتعيش همومنا وتلتقي مع تاريخنا… قررت باربي أن تكون بنت البلد الذي آواها ورعاها وأثبت خطاها… قررت أن تكون مواطنة، فلبست حجاب الجدات وتلقبت بكنايات الأمهات فأصبحت « باربي »  « فلـّة »، وظننا القصة قد انتهت ولكنها كانت البداية…   اعتقِلت « فلـّة » ورُميت في المزابل، واحتُجز بعضها في المخازن، وأصبحت « فلة » رمز التطرف والطائفية والخنوع والاستغلال…، تهدد استقرار البلد وأمنه واستقلاله وازدهاره! من يحملها فهو غير آمن، ومن يتحدث عنها فقد فتح على نفسه أبواب جهنم! ونٌزعت فلة نزعا من أيد صغار بريئة، ورُمي بمحبوبة الجماهير الصغيرة وراء القضبان… ذنبها الوحيد أنها أرادت أن تتكلم وقد نسيت أنها دمية صامتة في أيد كبيرة تحركها كيف تشاء متى تشاء… نسيت « فلة » أنها أنثى ويجب أن تستشير فهي ناقصة عقلا وحركة… نسيت أنها أنثى والأنثى في هذه الديار كإخوانها من الرجال لا حرية لهم ولا بيان سوى أن يكون الجميع دمى متحركة!   بقلم : مواطــن * حسب تونس نيوز أن العديد من المحلات التجارية في أسواق العاصمة التونسية كانت مسرحا في الأيام الأخيرة لمداهمات شنتها فرق أمنية مختصة لإلقاء القبض على فُـلّـة وأخواتها وإفراغ الواجهات والرفوف والمحلات والمخازن منها. (تونس نيوز 13/09/2006)   ** فلة دمية من ابتكار عربي ترتدي الحجاب الشرعي    المصدر: ركن خواطــر موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net


 

مصادرة بلا حدود

 
الطاهر العبيدي tahalabidi@free.fr جنود الخفاء، أم مناضلون بلا أسماء، أم أحفاد إخوان الصفاء، أم مواطنون شرفاء، أم مسافرون متدثرون بتراب الأرض ورمال الصحراء، أم خلاصات أنتلجينسيا الانتماء… بين توصيف هذا وذاك، وبين قول هذا وذاك، وبين تساؤلات هؤلاء وأولئك، يلتقي الكثيرون دون استثناء، أن سفينة وكالة تونس نيوز هي اختصار المسافات، واستنطاق الاختلافات، ومساحة واغتراب، وكتاب مفتوح الكلمات، وعنوان المسير في اتجاه تنضيج الوعي وتحرير الرأي والتعبير، والمساهمة في معركة التغيير، كي يجتمع كل الفرقاء كل النشطاء قصد البناء والتعمير، فتكون هذه المساحة الحاضنة لأحداث متحرّكة، وقراءات مختلفة، ومقاربات مفككة، ونصوص متنكرة، ومقالات ملثمة.. نبض المكان ونبض الزمان ونبض المهاجر والأوطان، وجسرا بين الساكن والمسكون، والفاعل والمفعول، والجار والمجرور، لتصبح بذلك مركبة للعبور إلى تنوير الهمم، والتوغل في عشق الوطن، والتشبّث بقيمة الفعل السياسي المقاوم للقهر والصنم… فلا أحد يستطيع اختزال دور هذا المنبر في تجميع كل الفرقاء، والتقريب بين مختلف الرؤى، والحرص على ضمان حرية الرأي والتعبير وتشريك كل الأقلام، كل التعبيرات وكل الآراء، وكل الفصائل سلطة وفرقاء… فتونس نيوز لم تكن مدينة موصدة الأبواب، ولا قلعة محاطة بالحرّاس والمجانيق والنبال، ممنوعة على عابري السبيل، مغلقة في وجوه الزوار، بل كانت خيمة تسعى لاحتضان الجميع، تجتهد أن تكون على الحياد.. قد يكون هناك من يختلف في بعض التفاصيل، ذلك لأن كل اجتهاد بشري مهما كان مشرقا يبقى عرضة للنقد والتأويل، وتلبية كل الأذواق أمرا مستحيل، وإرضاء الناس من أصعب الأمور… غير أن  ما يمكن أن يكون عند البعض نقائص، وعند البعض الآخر مساوي، وعند آخرين صغائر، إلا أن الثابت والمتحول، والخافت والمتكلم، والصامت والمتحرك، لا يمكن نفي جهد هذا الفريق ومعاناة التفتت والتوزع في معركة المصير، والوفاء للقضية وتحمل أعباء الوزر الثقيل.. سنوات طويلة بلون الضباب، بلون الرماد، بطعم الغربة والأحزان، ليالي وشهور ومسافات بعيدة بلون المنافي والتهجر والرحيل، زمن ثقيل بحجم سنوات الغصة، وسنوات المحنة، وسنوات الغمة، وربّان سفينة تونس نيوز مطويون وراء الحواسيب والشاشات، يتصيّدون أخبار الأوطان، ويقتنصون ذبذبات مدن مغربة بلا ميناء، مثنيون خلف الحواسيب كما المقاتلون وراء البنادق، متمركزون على حدود معارك الشرف لتنضيج الوعي الإعلامي، لترسيخ الأدب الحواري لتفعيل النضج التخاطبي لتركيم الوعي الكتابي… سفر طويل، وحمل عسير، وتضحية أهالي فريق تونس نيوز تضحية تفوق المستحيل، معاناة وتعب مستمر مستديم، سباحة يومية دون راحة ولا انقطاع، وغوص في محيطات المواقع والمنابر والجرائد، بحثا عن وطن مهربا في البريد الإلكتروني، نازحا في البيانات والمقالات والتجمعات والعرائض والمصادر هنا وهناك.. تفتيش مستمر عما قيل ويقال عن هموم الوطن عبر العيون وعبر الأصابع، عبر الهواتف وعبر كل المعابر.. تنقيب مستمر بلا استكانة وبلا ملل عن انشغالات ومواجع الوطن… سفر طويل، وسنوات أطول، ونفس طويل وإصرار على هزم المستحيل، وسائقي مركبة تونس نيوز مرابطون هناك، خلف المكاتب أصابعهم على زناد أزرار الكمبيوتر، وعيونهم تورّق الصفحات وتتمعن كل الرسائل، ممزقون مبعثرون بين تصفيف النصوص والمقالات وترتيب الأولويات، والتقارير وكل المضامين وأخبار الحريات… متمركزون أمام الشاشات على حدود الوطن، وأهاليهم معهم يشقون بشقائهم، يقاسمونهم ملوحة الهجر والتهجير وتعب  السهر والسفر الطويل، يشاركوهم معاناة معركة المصير، يشاركوهم وجع الانتماء إلى الأرض والتراب والوطن ومقاومة المحن والتوزع في وجع أنباء القهر وأخبار السجون أخبار  … عائلات تقاوم هموم وأحزان الطريق، تتحدى واقع السهاد، تتوكأ على صمت الأحزان، ونساء يترقبن في نفس المكان، في نفس الزمان، ينتظرن عودة أزواجهن من رحلة بحث لا تنتهي، نساء خلف الستار، خلف التعب والصبر والوجع والسفر وأثقال السنين، يحلمون بالعيد، يحلمون براحة أسبوعية، ويوما واحدا منزوع السلاح، تغلق فيه الشاشات وتطوى فيه الأوراق والملفات، وتجتمع فيه العائلات بعيدا عن صرير الأزرار وأشعة الشاشات، ويسترحن من عناء تحمل صمت أزواجهن حين يشتغلون، نساء يضنهن هذا الصبر الطويل، وأطفال بلا عطل ولا رحلات، وسبع سنين من النضال والعذابات، وعائلات فريق تونس نيوز يتحملن ضريبة التجند في معركة حرية الرأي والتعبير، وكل واحدة منهن تعزف في صمت وسكون، تلاحين أوجاع التبعثر في مرارة الأيام والشهور والسنين، وتريات تترجم معاناة المسير،  » هذا مصيري يا بني      فما أشقى هذا المصير ».. مختصر الكلام نقول، أن هذا المنبر هو علامة انتصار على واقع الهزيمة وواقع السواد، وتجربة تؤسس لاحتضان الاختلاف وتعددية الآراء، ومساحة للتناظر والتحاور والتفاهم والتجاهر ومعرفة الفرقاء، والمساهمة في تنوير الوعي وتراكم معرفة الآخر، فلا شك أن هذا الجهد الكبير، هو محطة في قطار العمر ورتل السنين ،  تؤرّخ بالرأي والمعلومة والخبر والنص والمقال، مرحلة من مراحل تونس الخضراء، ليكون هذا الفعل رصيدا لجيل العبور، الآتين من رحم الوجيعة ورحم الجذور، ليستخرجوا عناوين كل الفصول، ويطلعوا على شيخوخة أنظمة لم تستوعب أحلام الجماهير، ليطلعوا على دفاتر دول في طريق الانقراض، ليطلعوا على موميات حكومات منزوعة الشرف والذكاء، ليكتشفوا حقيقة نظام احترف السطو على حرية الرأي والتعبير فجند في الخفاء قراصنة بلا حدود، لتعطيل تونس نيوز ومصادرتها خلف الحدود، لم يستطع تحمل منبرا يشتغل ضمن روافد الواجب والعقل والضمير، يختلف عن صحافة المزمار والطبول، وصحافة الشعوذة واستبلاه العقول، فكان واضحا أن مصادرة هذا المنبر المفتوح على السلطة وكل المختلفين هو غباء سياسي من الوزن الثقيل، وأن حجز منبر تونس نيوز يعتبر قمة الانحدار والسقوط لسلطة تتدحرج يوميا نحو الحضيض…   ————————— ملاحظة 1 / للعلم أني لا أعرف أي عنصر من فريق تونس نيوز، لا معرفة شخصية ولا حتى فوتوغرافية، بل لا أعرف منهم أحدا بالاسم، ولكن دفعني لكتابة هذا النص هو تثمينا لهذا الجهد، الذي لا يمكن أن يخفيه سوى جاحد.. 2 / تونس نيوز وقعت مصادرتها والسطو على قائمة مراسلاتها، كي لا تدخل لتونس ولا تصل لمشتركيها الكثر في العالم..


توضيح هام من الأستاذ برهان بسيس

 
الوسط التونسية-خاص: http://www.tunisalwasat.com في اتصال هاتفي صبيحة هذا اليوم السبت 23 شعبان 1427 ه الموافق ل 16 سبتمبر 2006,أكد الأستاذ برهان بسيس لمدير موقع صحيفة الوسط التونسية السيد مرسل الكسيبي أن المقصود بلفظ الزي الطائفي في مقاله المنشور على صدر صحيفة الصباح التونسية يوم أمس الجمعة 22 شعبان لم يكن المحجبات أو الزي الاسلامي وانما كان تحديدا زيا فضائحيا ارتدته الفنانة أمينة فاخت أثناء اعتلائها لحفل تكريم تحت اشراف وزارة الثقافة التونسية في اطار مهرجان مدينة الحمامات التونسي والدولي. وفي نفس السياق أكد الأستاذ بسيس على أنه بهذا التوضيح أراد أن يزيل كل الشبهات حول مقاله المعنون بأفكار ضد التطرف ,حيث أنه بهذا التوضيح لايريد أن يترك الباب مفتوحا أمام « الغلاة » لاساءة التأويل . ومن جهة أخرى أكد الأستاذ بسيس على أن الكثيرين أساؤوا فهم هذا المقال المشار اليه انفا ,ليؤكد في هذا الاطار على أن الخلاف السياسي لاينبغي أن يفسد للود قضية. وعلى ضوء ذلك تنشر الوسط التونسية هذا التوضيح مؤكدة على أن ماكتبه زميلنا الأستاذ مرسل الكسيبي في نص افتتاحيته كان مبنيا على دلالات ظاهر اللفظ في المقال ,حيث انه لم تقع الاشارة من قريب أو من بعيد الى الفنانة أمينة فاخت وانما ورد النص في اطار لم يحتمل حين نشره غير مافهمه كاتب افتتاحية عدد الوسط التونسية ليوم 22 شعبان 1427 ه,وهو ماأكده أيضا مجموعة من الكتاب والاعلاميين الذين قرؤوا نص الأستاذ بسيس المنشور على صفحات الصباح التونسية. هذا وأكد زميلنا مرسل الكسيبي على أن الأستاذ بسيس نقل رسالته التوضيحية هاته مؤكدا اطلاعه على نص الرد الذي كتبه زميلنا مرسل في افتتاحيته المعنونة ب « الديمقراطي العقلاني وثقافة التصنيف والتحريض » ,ليشيد في النهاية بما يبذله الزميل مرسل من جهود اعلامية تحظى بكثير من المتابعة والاستحسان. *تاريخ نشر هذا التوضيح على الوسط التونسية http://www.tunisalwasat.com السبت 23 شعبان 1427 ه

 


 

 

جهل أم حقد أم..؟!

 

ليس من شك ان للسيد المسيح (ع) قدسيته لدى المسلمين كونه نبياً من انبياء الله العظام كما جاء وصفه في القرآن الكريم بافضل الاوصاف وادقها. بيد ان رسالته تعرضت للتشويه في حياته كما في غيابه، فالمسيحية التي كان من سماتها نشر القيم الالهية السامية والمساوات والاخلاق تحولت الى اداة اشبه بامبراطوريات القرون الوسطى حتى اصبحت اليوم شاهد زور لجرائم الكبار بعيدا عن تعاليم السيد المسيح وسلوكياته، وكانت الانحرافات تأتي دائما عبر حرف الحقائق وتزييف التاريخ حتى غيرت معالم هذا الدين السماوي وجردته من قيمه، وقد كانت الحروب الصليبية التي اشعلها الغزاة باسم المسيحية من أهم محطات هذا الانحراف ومن ثم الصفقة الشهيرة مع الصهاينة والتي تم بموجبها التنازل عن دم السيد المسيح و منحهم حصة فى الجنة! بعدما كانوا يعتبرونهم من اصحاب النار.

 

وقد جاء التصريح المشين والمهين الذي ادلى به بابا الفاتيكان من على اطلال النازية في مسقط رأسه بالمانيا ليعيد الى الاذهان حقدا صليبيا ضغط على زره الرئيس الامريكي جورج بوش قبل البدء بغزواته لافغانستان والعراق وتشجيعه على قتل المسلمين الابرياء في فلسطين ولبنان.

 

ان حديث البابا وكتصريح بوش لم يأت عن زلة لسان بقدر ما هو نابع عن جهل ان لم نقل عن حقد. يجب على من يدعي الزعامة المسيحية ان يجيد دراسة قيم السيد المسيح ومن ثم تكون لديه معرفة بالقيم الاسلامية، فهما دينان سماويان لهما هدف واحد وهو تحرير الانسان من التبعية للطاغوت، والاسلام الذي يدين له اليوم ربع سكان العالم هو انقى من ان يدنسه بعض السفهاء ولا شك بان البابا عندما طرح هذه المغالطة اهان نفسه وموقعه ومن يتبعه قبل ان يهين المسلمين. ويكفي للبابا ان نقول بان الذين تجرأوا على تزييف التاريخ وترويج الاكاذيب خذلوا انفسهم ودفنوا في مقابر التاريخ قبل ان يتمكنوا من تحقيق مآربهم.

 

 

ونحن واثقون من ان المسيحية الحقيقية براء من مثل هذه العقليات المتخلفة ولن تتأثر باقوال الدخلاء وادوات الصهاينة.

 

جمعية اهل البيت الثقافية – تونس

 


 

 

أقوال الحبر الأعظم وآراء بخصوص الإسلام:

جذور الرمز!!! أعماق المؤسّسة؟؟؟

نصر الدين بن حديد

 

الذين سارعوا إلى التقليل من أقوال الحبر الأعظم «بنيديكت السادس عشر» حاولوا أن يجعلوا ممّا ذهب إليه بخصوص العلاقة بين الإيمان والعقل أو الجهاد ضمن أبعاد لا تمسّ أو تسيء لجوهر الدين الإسلامي في شيء وأنّها جاءت ـ كما أعلنت أكثر من جهة ـ ضمن محاضرة «علميّة وأكاديميّة لم تشكّل العلاقة أو المقارنة بين الديانتين الكاثوليكيّة والإسلام عنوانًا أو جوهرًا لها»…

 

مهما كانت التعلاّت «الباحثة عن التهدئة» ومهما ذهبت التفاسير «الملطّفة»، فقد غاب عن هؤلاء الذين تصدّروا للدفاع عن حسن نيّة أو ضمن رغبات أخرى، أنّه لا يمكن أن ننظر مهما كانت القناعات ومهما تكن المرجعيّة أو المرجعيّات إلى «الحبر الأعظم» في صورة «الشخص أو الفرد الذي يمثّل ذاته أو يعبّر عن مجرّد رأيه»، أو أن نعتبر هذه «القراءة التاريخيّة» ضمن ما «يقبل من نواحي الأصل ضمن تباين الآراء وتعدّد القراءات»…

 

إنّ «الحبر الأعظم» هو في الآن ذاته رمز الديانة الكاثوليكيّة بأكملها وهو ـ في نظر الديانة والمؤمنين ـ علامتها الأولى وأكثر صورها إشراقًا وأشدّ تمثّلاتها دلالة وأبعدها عمقًا وأرفعها مقامًا وأعظمها قوّة وأمضاها قدرة وأعلاها قدرًا أيضًا، ففيه وعَبْرَهُ تتوحّد الشرعيّة في كامل أبعادها، ليصير المرجع والأصل والسند، بل هو الأوحد والوحيد والمطلق، دون الناس والعالم استثناء، حيث لا نقاش لرأيه ـ لدى الكاثوليك ـ ولا ردّ لقضائه أو «الفتاوى» التي تصدر عنه، حين يأتي رأيه وقراره من قداسة الدين ذاته…

 

هو أيضًا وإضافة وكذلك مؤسّسة قائمة الذات، سواء اعتبرناه مرجعيّة دينيّة أو «رئيس» دولة [ضمن التعريفات الدوليّة القائمة]، مع ما يلزم لذلك أو يؤسّس ضرورة ووجوبًا من علاقات الفعل وردّ الفعل أو التفاعل سواء على مستوى تبادل الأخبار أو توجيه التعليمات، لنَخْلَصَ إلى أنّه من المستحيل أن نصدّق وبأيّ صورة كانت أنّ هذا الرجل قد انزوى بمفرده ليخطّ المحاضرة، دون أن تعلم بها أو بتفاصيلها حاشيته والعاملون معه، بل يمكن الجزم أنّ «بنيديكت السادس عشر» قد مكّن البعض ـ على الأقّل من أتباعه ـ من الاطلاّع على النصّ، إن لم نقل أنّهم شاركوه البحث والتفكير ومن ثمّة التحبير، ليكون السؤال ضمن بعده «اللاّهوتي الضيّق» وأيضًا «السياسي الواسع أو الأوسع»، ليس عن نوايا الرجل وقناعاته، بل [وهنا تكمن الخطورة ويكمن السؤال] في مدى تقديره ـ هو ومن معه من «الخبراء» ـ لتأثير أقواله بخصوص الدين الإسلامي، وقراءتهم لوقع المحاضرة وردود الأفعال سواء على المستويات الإسلاميّة الشعبيّة أو المؤسّسات التمثليّة، سواء كانت «رسميّة» من حيث علاقتها بالسلط القائمة أو رسوخها وعراقتها كمثل المرجعيات الشيعيّة…

 

يمتلك الفاتيكان عددًا يمكن القول دون مجازفة أنّه الأكبر والأشدّ رسوخًا والأثبت قدمًا ـ في الغرب ـ على مستوى دراسة الدين الإسلامي، سواء ما خصّ النصوص القائمة كالقرآن الكريم والأحاديث النبويّة الشريفة وكذلك ما أنتج الفكر الإسلامي من مؤلّفات عبّر تاريخ الحضارة العربيّة الإسلاميّة تمثيلا وتراوحًا بين مجمل الطوائف ومختلف الاتّجاهات الفكريّة والفلسفيّة أيضًا، وترجع هذه الدراسات في شكلها العلمي [بالمفهوم الأكاديمي المباشر] إلى ما يسمّى عصر النهضة الأوروبي الذي عقب الحروب الصليبيّة التي مثّلت الصدمة الأكبر وإن لم تكن الأولى بين الشرق/الإسلام من جهة والغرب/المسيحيّة من جهة أخرى… ممّا يعني أنّ «الكرسي الرسولي» ـ سواء كان الرمز أو المؤسّسة ـ لا يمكن أن يحمل أو يدّعي «جهلا معرفيّا» بالإسلام دينًا كان أو حضارة أو فكرًا أو في صورة تمثّلاته السياسيّة والاجتماعيّة والبشريّة، أو ـ وهنا تكمن المصيبة والطامّة العامّة ـ على مستوى قراءة الردود وتقديرها ضمن منظور سياسي أو ما يراه البعض من حوار/صراع بين الديانات والحضارات…

 

سواء كان المرء من أشدّ المؤمنين بـ«نظريّة المؤامرة» وأنّ هناك «مجموعة صهيونيّة/يهوديّة/مسيحيّة/غربيّة» تقف وراء انتشار أغاني «الرأي» في الجزائر بما «تحمل من فحش ودعوة إلى الانحلال الخلقي» أو هي من أغرق مصر عمدًا وعن قصد بـ«المبيدات المسرطة» و«أفلام المقاولات الهابطة»، أو نَشَرَ «المخدّارت بكميّات هائلة وأسعار زهيدة في القدس الشرقيّة لدفع السكّان إلى بيع أملاكهم» سواء كان المرء على هذا الرأي أو هو من العقلانيين/الحداثيين الذين يأخذون الأمور ضمن ظواهرها، سواء ضمن هذه الحالة أو تلك، لا يمكن سوى الربط بين ما قدّم «الحبر الأعظم من قراءة لعلاقة الإيمان بالعقل ولمفهوم الجهاد في الإسلام، وما تحدّث به جورج بوش الثاني عن «الإسلام الفاشي» وإن حاولت «حواشي» هذا الأخير و«مفسّروه ورواته» العمل على إقناع العمق العربي الإسلامي بأنّ واشنطن تخصّ حصرًا بهذه المقولة «الفئة الضالّة» التي صنّفها «المعيار الرسمي الأمريكي» ضمن دائرة «الإرهاب»… دون قدرة عقل العربي/المسلم على إغفال ما يجدّ في العراق أو ما يحدث في فلسطين أو ما هو عليه الحال في أفغانستان أو في الشيشان أو ربّما كشمير وغيرها من مواطن التوتّر كالسودان والصومال ليكون الختام أو هو البدء بالعدوان الصهيوني على لبنان وقدرة المقاومة الإسلامية الباسلة على «قلب المعادلة وكسر جدليّة التاريخ في مفهومي الصهيوني/الأمريكي»!!!

 

إذا سلمنا جدلا بأنّ «الحبر الأعظم» لم يأت قوله من باب «حسن النيّة وصفاء السريرة ونقاء المقصد»، يكون من الطبيعي والمعقول، إن لم نقل من الأكيد أن نطرح عديد الأسئلة على قدر كبير من الأهميّة، وأهمّها عن الغاية والمقصد والمرمى من وراء هذه الأقوال في هذا التوقيت بالذات وثانيًا يخصّ قراءة الباثّ [أيّ الكرسي الرسولي] لردود الأفعال أو الانفعالات المنتظرة والمرتقبة [من قبل الجانب العربي الإسلامي] وبالتالي السؤال والتساؤل عن الردود [سواء كانت تهدئة أو تصعيدًا] المرتقبة من قبل «المنظومة الكاثوليكيّة» بأكملها، التي لا يمكنها سواء التقيّد بقول الحبر الأعظم وتبنّي مقولاته ومن ثمّة الدفاع عنها ومهاجمة أعدائه وأعدائها, وثالثًا مدى القراءة التي ستقدّمها النخب عامّة [السياسيّة والثقافيّة] ليس عبر الكتابات والتصريحات فقط، لكنّ ـ وهنا تكمن الخطورة ـ في البحث والسعي للتماهي مع العمق الشعب والمخيال الجمعي الذي لا يمكنه أن يبقى بمعزل عن هذه «القراءة التاريخيّة» للإسلام دينًا وفكرًا وحضارة، وخاصّة حاضرًا.

 

تجاوزًا للبعد «اللاّهوتي اللصيق والضيّق» التي حاولت دوائر الفاتيكان والمرجعيات الكاثوليكيّة أن تنزل ضمنه قراءة «الحبر الأعظم»، يمكن القول أنّ «هذه الشهادة التاريخيّة» ستزيد من حالة «الاحتقان القائمة راهنًا» في أوروبا بخصوص «الوجود العربي/المسلم»، مرورًا بقضيّة الحجاب وعدم قدرة أو رغبة الأقليّة المسلمة في الذوبان والغرق داخل البحر الغربي/مرورًا، نهاية بما يسمّى «الإرهاب» الذي يمثّل حسب قراءة رائجة في الغرب، الوجه العصر والترجمة القائمة لمفهوم «الجهاد»…

 

ربّما يكون توقيت «هذه القراءة» مرتبط بالزيارة التي من المنتظر أن يؤدّيها الحبر الأعظم إلى تركيا، بلد التناقضات، الذي يشكّل دخوله المحتمل/المرفوض إلى المجموعة الأوروبيّة إحدى التحدّيات الكبرى التي تواجه هذا البلد والقارة الأوروبيّة، حين أعلنت مرجعيات سياسيّة أوروبيّة عديدة، كمثل الرئيس الفرنسي السابق والمستشار الألماني السابق، حينا أعلنا وأكّدا أنّ تركيا لا يمكن ولا تملك أدنى حظّ أو فرصة لدخول المجموعة الأوروبيّة، وأضاف رئيس البرلمان الفرنسي الحالي، في حوار مع القناة الثانية الفرنسيّة، أنّ الهاجس الأكبر الذي يواجه أوروبا هو خطر الغرق ضمن المحيط العربي/المسلم، حيث من المنتظر أن يصل عدد المسلمين في دول المجموعة إلى الربع مع حلول سنة 2025…

 

لسائل أن يسأل: هل وجود القوّات الأوروبيّة في لبنان يمثّل مقدّمة ورأس حربة «الجيوش الحرب الصليبية» التي أعلنها «بنيديكت السادس عشر»؟؟؟ قد يجد البعض في هذا السؤال «فنطازيا» تحيل على عبثيّة/سرياليّة خطيرة ـ إن لم تقل قاتلة ـ لكنّ أسامة بن لادن وأيمن الظواهري ويملكان من امتدادات حقيقيّة أو مخترقة ستجد في هذه المقولة بدء إجابة ومنطلق عمل يملك القدرة على اقناع قطاعات واسعة وشرائح أوسع من المسلمين، حين لم تغادر «المؤسّسات الإسلاميّة الرسميّة» أسئلة «زواج الإنس بالجان!!!» وأيضا فتاوي الصلاة على متن الطائرات… تلك هي المأساة أو ربّما هي التراجيديا التي خطّ «الحبر الأعظم» سطورها الأولى، لكنّه لا يملك علمًا بنقطة الختام.


 

 

لا لاستجداء الاعتذار من بابا الفاتيكان نعم للمواجهة الفكرية

ما الجديد الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم .. الجهاد والحروب الصليبية

عبدالباقي خليفة

 

أكدت تخرصات بابا الفاتيكان المعروف بميوله النازية إبان شبابه ونزوعه للتعصب الكنسي الأعمى ضد الاسلام على أن الاسلام والمسلمين يواجهون حربا صليبية جديدة بمستويات مختلفة ، لكن الردود أو على الأقل بعضها كانت ارتجالية ، بل وسطحية في بعض الأحيان ، وكان الأجدى الرد المباشر على ما أراد ،بنيديكت السادس عشر،أن يغش به مستمعيه في ألمانيا والعالم ، والرد بشكل واضح ومباشر على السؤال  المطروح في محاضرته  » ما الجديد الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم  » حسمبا أورده عن امبراطور بيزنطي مخاطبا من وصف بمثقف فارسي حيث قال الإمبراطور  » أرني ما الجديد الذي جاء به محمد، ( صلى الله عليه وسلم ) لن تجد فيه إلا أشياء شريرة وغير إنسانية، مثل أمره بنشر الدين الذي يبشر به بحد السيف « وهو ترديد للمقولة  » الاستشراقية القديمة عن  » انتشار الاسلام بالسيف  » أو أن  » الإسلام لا يدين العنف بالشدة المطلوبة، وأن المشيئة الالهية فيه منقطعة عن العقل  » .

 

لا لاستجداء الاعتذارات : لم يعتذر يوحنا بولس الثاني ، بابا الفاتيكان السابق عن الحروب الصليبية ضد الاسلام والمسلمين ،وبالتالي لن يعتذر بنديكت السادس عشر،عن إساءاته للرسول صلى الله عليه وسلم ،ولن تؤدي المظاهرات رغم ما فيها من غضبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ودينه ، الرسالة كاملة كما يجب . كما أن التصريحات التي تدعو للحوار ( ؟ ) وتشير إلى حصول جولات سابقة في مضماره ، وهو نوع من الهروب من المواجهة الفكرية والرد المباشر ، لأسباب سياسية على حساب الدين ، لن يزيد أعداء الاسلام والجهلة إلا غرورا . فما قاله بنديكت السادس عشر ،كما سمى نفسه بعد توليه منصبه على إثر خلاف شديد داخل الكنيسة الكاثوليكية ،ومماحكات مع الكنائس في أميركا اللاتينية التي طالبت بأن يكون بابا الفاتيكان منها ولو لمرة واحدة بدل احتكار الاوروبيين للمنصب . ما قاله لا يستوجب سوى الرد الفكري ولا شئ غير ذلك ،ومن الردود المطلوبة ما دعا إليه الشيخ عياش الكبيسي وهو المناظرة بين ، بنديكت السادس عشر ،وأحد علماء المسلمين حول مكانة العقل في الاسلام والنصرانية التي يدين بها ، والشرور التي ارتكبت عبر التاريخ باسم المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام .

 

جهالنا وجهالهم : وللأسف الشديد فإن الحملة التي يقودها الغرب ضد الاسلام والمسلمين والتجمعات المسلمة في أوربا وأميركا تتصاعد يوميا ،ولايمكن الرد عليها بالكلمات الرنانة والرثائية . كما أن الردود الدفاعية والتبريرية لا تف بالغرض ، فهي لا تنصر الدين الحق كما يجب ، ولا تلجم العدو عن عدوانه ولا توقف إسفافه . وذلك لعدة أسباب منها أن تخرصات بنديكت السادس عشر ، تأتي كما أسلفنا ضمن مشروع غربي لخلق عدو بديل عن الشيوعية منذ نهاية الثمانينات وبداية تسعينات القرن الماضي . وامتدادا كما أدرك الكثيرون لحرب بوش  » الصليبية  » التي أعلنها إبان غزو أفغانستان ، ومن ثم العراق ، ثم قانون منع الحجاب في فرنسا ، والرسوم الدنماركية المسيئة والتي أعيد نشرها في عدد من الصحف النرويجية والفرنسية والايطالية وغيرها ، وحملات طرد المسلمين في ايطاليا ودول أخرى، وتسليم بعضهم إلى أنظمة القمع مثل نظام بن علي في تونس . وقد ترافق ذلك مع حملة داخل البلاد الاسلامية تهدف لتجفيف ينابيع الاسلام وتغيير مناهج التعليم وطرد الطلبة المسلمين من البلدان الآسيوية والافريقية وغيرها كما حدث في مصر والاردن وتونس وباكستان وغيرها . وتلفيق التهم للنشطاء الاسلاميين في العالم كله . لذلك لا مكان للاعتذار بل المواجهة الفكرية .

لقد استهجن المسلمون الرسوم الدنماركية كما استهجنوا من طالبهم بالرد الفكري لأن البذاءة والعدوان والسباب خارج إطار الفكر بل هو الانحطاط الفكري ذاته ، وها قد سنحت فرصة للرد الفكري والتصدي لتخرصات بابا الفاتيكان .

 

الفرصة السانحة : أمر آخر مهم هو ما قيل عن ، صراع الحضارات ، بأنه ، صراع جهلة ،لقد ردد عدد من الغربيين وفي المشرق هذه المقولة ، وبعد أن تورط بنديكت السادس عشر ، فأين سيصنفونه ، هل سيعترفون بوجود صراع حضارات من طرف واحد ، أم يصنفونه ضمن فريق الجهلة ؟ ويالهم من جهلة !! .

المشكلة أن جهلتنا أناس ضيقوا الأفق ، قليلو العدد ، ضعفاء اقتصاديا وعسكريا ، وملاحقون أمنيا واعلاميا ، مثل متطرفينا تماما أو هم أنفسهم ، بينما جهلة الغرب ومتطرفيه ، باباوات مثل ، بنديكت السادس عشر، و روؤساء مثل جورج بوش وبلير وشيراك ، وكتاب ورسامي كاريكاتير وصحافيين مثل ، أوريانا فلاتشي ، التي هلكت مؤخرا . جهلتنا ومتطرفونا منبوذين ومبعدين و جهلتهم ومتطرفوهم يحكمون ويقودون ، فأيهم أكثر خطرا على العالم ؟ ، إنها معادلة صعبة في عالم الفكر والسياسة .

 

الجديد الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم:

 

1 ) كان السؤال استنكاريا و بمثابة حكم امبراطوري لا معقب له ، ولم يكن صاحبه في حاجة لانتظار الجواب ، جفت الاقلام ورفعت الصحف ، بدليل أننا لم نسمع جواب من وجه له السؤال في محاضرة البابا بنديكت السادس عشر ، فمثل هذا السؤال لا يمكن أن يفحم مسلما يوصف بالمثقف ، وهذا كما يبدو ( قمة الاحتفاء بالعقل ) لدى رواة الأسطورة ، أسئلة تحمل في طياتها أجوبتها ( المنطقية والعقلية ) على الطريقة النصرانية ، أو البابوية ؟!!!

 

2 ) الجديد الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، هو التوحيد الخالص ،توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية وتوحيد الذات والصفات بما لم يسبق له مثيل في تاريخ الرسل والرسالات . وتخليصها مما علق بها من شرك وخلط بين الشعوبية والعمل الصالح . وفي الحديث  » أفضل ما قلت أنا والنبيين من قبلي لا إله إلا الله  » . التوحيد الذي أرسل الله به الرسل جميعا ، ولم تحافظ على نقائه سوى أمة الاسلام . فاليهود ورغم أنهم موحدون إلا أنهم يدعون أنهم شعب الله المختار ، بينما ربط الاسلام الخيرية بالعمل الصالح ، وليس الانتماء للعروبة أو غيرها من الشعوبيات . 

 

3 ) الجديد الذي الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، هو القول الفصل في عيسى بن مريم عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام ، بعد أن اختلف حوله ليس اليهود والنصارى فحسب بل النصارى أنفسهم ،حيث يعتقد اليهود إنه  » ابن الشيطان  » وأمه زانية ، ويعتقد النصارى إنه  » إله أو ابن الله وأقوالا أخرى مختلفة حول طبيعة أمه مريم العذراء عليها السلام . وكانت العقيدة النصرانية قد شهدت صراعا مريرا بين أتباعها في عصورها الاولى، بين الموحدين والمثلثين إلى أن تم انتصار الفريق الثاني على الاول بعد تنصر الملك قسطنطين وعقده مجمع 120 ميلادية الذي اضطهد فيه الموحدون وقتلوا تقتيلا على الطريقة النصرانية التثليثية  ( المنطقية والعقلية ) ؟!!!

 

فالجديد الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، هو التأكيد على بشرية عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم ، فلو كان عيسى إلاها لأمر الناس بعبادته ،حتى المصادر النصرانية لا تشير إلى أن أتباع عيسى كانوا يعبدونه كما يعبد النصارى عيسى عليه السلام اليوم . فلا يمكن لإله أن لا يأمر الناس بعبادته . فالله يأمرنا بعبادته ، والله تعني المعبود ، وفي القرآن ينفي عيسى عليه وعلى نبينا السلام طلبه من أتباعه ذلك « … إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما نفسك  » .

 

4 ) الجديد الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، هو العدالة والتسامح وعدم الاكراه في الدين  » لا إكراه في الدين « وقد عاش النصارى بين ظهراني المسلمين منذ فجر الرسالة وحتى اليوم ،ولو كان الاسلام انتشر بالسيف لما بقي نصراني واحد في العالم الاسلامي اليوم . لقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم لجنازة يهودي ، وطلب القرآن من المسلمين ،مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن ، وأن لهم ما لنا وعليهم ما علينا . وكانت وثيقة المدينة بين المسلمين واليهود أول وثيقة لحقوق الانسان في التاريخ . وعلى ذلك نسج عمر بن الخطاب عند فتح القدس ، ومحمد الفاتح في البلقان ، والعهدة العمرية وفرمان الباب العالي لا تزالان محفوظتان حتى يوم الناس هذا .

 

5 ) الجديد الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، هو أخلاق الحرب ، التي لم يعرف التاريخ لها مثيلا ،  » لاتقتلوا طفلا ولا شيخا ولا امرأة ، ولا تقطعوا شجرة …  » بينما الجميع و في مقدمتهم بنديكت السادس عشر يعرفون أسباب إنشاء الصليب الاحمر في أوربا .

 

6 ) الجديد الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو المساواة بين الناس على مختلف ألوانهم وأعراقهم  » لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى  » فيصلي الجميع في صف واحد ، وهم سواسية أمام القضاء  الاسلامي ، بينما كان و إلى الآن كنائس خاصة بالسود و أخرى للبيض .

 

7 ) لا يمكن الحديث عن الجديد الذي جاء به الاسلام وهو ما لا يمكن حصره أو حتى واحد في المائة عبر مقال دون التطرق إلى شرور الحروب الدينية التي شهدتها أوربا على مدى ألف سنة ، والحروب بين فرنسا و بريطانيا التي استمرت 50 سنة ، حيث تعتبر الحروب التي شهدها التاريخ الاسلامي بما فيها المصائب المعاصرة هامشية مقارنة بالدماء التي سالت بين المسيحيين أنفسهم ، ومنها الحربين العالمتين الاولى و الثانية .

 

8 ) لا يمكن الحديث عن الجديد الذي جاء به الاسلام ، والرد على تخرصات انتشار الاسلام بالسيف دون الإشارة إلى الطريقة التي انتشرت بها النصرانية في آسيا و افريقيا و كيف كان يؤخذ العبيد إلى أميركا التي أبيد سكانها الأصليون الهنود الحمر الذين قتل منهم 112 مليون نسمة لو عاشوا حتى اليوم لكان عددهم ربع سكان العالم ، فهناك أقيمت مقابر جماعية للهنود وعلى تلك المقابر بنيت دولة جديدة ترفع  » لواء الديمقراطية وحقوق الانسان  » . وكيف انتشرت النصرانية في أميركا اللاتينية  » النصرانية أو الموت « . كيف قضى مئات الآلاف من العبيد في عرض البحر حيث كان يلقى بهم في اليم عندما تكون هناك حاجة لذلك . ولم يشهد تاريخ الاسلام حالات تعذيب وحشية كالتي ابتكرتها الوحشية الكنسية في محاكم التفتيش ، أو التي تفتقت عنها الذهنية الكنسية كسلخ متمرد زنجي مثقف و صناعة محفظة من جلده وهو ، كونتا كينتي ، المعروف والشهير في أوساط المثقفين .

 

حروب الابادة ومصادرة العقل : إن من الفظائع التي ارتكبها النصارى في أميركا وغيرها كانت مخالفة العهود ، ولو أنهم اطلعوا على ما يقوله الاسلام عن احترام العهود ، لعلموا الجديد الذي جاء به ، ولما تجرأ أحد على مهاجمته . لقد خانوا وغدروا بالسكان الأصليين  ليس في أميركا وحدها بل في مختلف أنحاء العالم ، وفي الوقت الذي يقدس فيه الاسلام العهود والمواثيق يسجل التاريخ الاوروبي بأنها كانت لديهم  » مجرد قصاصة ورق  » و قد ثبت ذلك في معاهداتهم مع المسلمين وغير المسلمين قديما وحديثا ، وجملة  » مجرد قصاصة ورق  » يمكن العثور عليها كثيرا في كتب التاريخ الاوروبي ، مثلها مثل كلمة   » لا تساوي قيمة الحبر المكتوبة به  »

 

ومن المفارقات أن تكون محاكم التفتيش ،الكنسية التي كانت تجبر الناس على النصرانية ،كذلك النازية والفاشية والابرتايد والمافيا ، بضائع أوروبية خالصة ومن ثقافة نصرانية ، وهي رموز الشرور في العصر الحديث ،تماما كما كانت جرائم الحروب الصليبية الرهيبة وما قبلها ، وهي حروب إبادة ، والمحاكم الكنسية التي كانت تحرق العلماء وهم أحياء ، ومع ذلك لا يخجل البعض ومنهم الرئيس بوش من وصف الاسلام بالفاشية أو رئيس وزراء ايطاليا سابقا سلفيو برلسكوني من القول بأن الحضارة النصرانية أرقى من الحضارة الاسلامية . أو بنديكت السادس عشر من الحديث عن الشرور ؟ !! .

 

وكان الطبيب نوستراداموس  يحتفظ بكتاب الطب لابن سيناء قد اضطر لاحراقه خشية أن يحرق مكانه من قبل الكنيسة  بعد أن فقد زوجته الاولى بسبب كتاب لعربي مسلم . ولا ننسى غاليليو الذي أحرقته الكنيسة لانه قال بدوران الأرض ، وكان المثقفون النصارى يطلبون موافقة الكنيسة على قراءة كتب ابن رشد الذي يعد أحد أهم أركان النهضة العلمية في الغرب ، وغيره من علماء العروبة و الاسلام .

 

لقد أحيا الاسلام الانسانية وبنى أمة وأرسى أسس العلاقات البشرية  بين بني البشر بما لم يسبق له مثيل بل لم يصل العالم إلى مستواه حتى اليوم ، ولا يزال نداءه الخالد يصدع في العالمين ،  » قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم أن لا نعبد إلا الله ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأننا مسلمون  » وقوله تعالى  » يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم  » ولم يعرف الاسلام الابادة  التي شهدتها الشعوب المستضعفة في أوربا على يد البابوات ومنطقة البلقان ( مذابح البوغميل ثم المسلمين ) والقوقاز و آسيا وافريقيا وأميركا واستراليا على يد النصارى بل أكد على أن  » من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا  » وكان المسلمون بشهادة المنصفين من الغربيين ومنهم صاحبة  » شمس الله تشرق على الغرب  »   » أرحم الفاتحين  » ولم يجبروا أحدا على اعتناق الاسلام فالاجبار نوع من القتل غير المبرر ، بينما مارس النصارى الابادة وليس القتل فقط لمن رفض النصرانية ولا سيما في الاندلس ، والبعض خيروهم بين الدخول في النصرانية أو الهجرة من البلد الذي ولدوا فيه ولا يعرفون غيره .

يكفي قراءة كتاب في التاريخ الأوروبي ليعرف المرء مصدر الشرور في العالم .

 


 

 

عندما يؤجج بابا الفاتيكان نار التطرف

بقلم: آمال موسى

 

تشبه التصريحات الاخيرة للباب بنديكتوس الـ16، عملية رمي عود كبريت في مكان مؤهل للاشتعال وللانفجار.

هكذا ودون مقدمات في توقيت عالمي يمشي فيه الجميع على الجمر، رأى بابا الفاتيكان وهو اعلى سلطة مسيحية ان يطلع العالم على تأملاته بخصوص علاقة الاسلام بالعقل وصورة النبي محمد (ص).

ورغم ان الدين الاسلامي وأهم رموزه قد شهدا خلال هذا العام ابشع حملة عدائية ومغرضة، الا ان ما صرح به بابا الفاتيكان لم يخل من وقع المفاجأة وايقاع الصاعقة.

فهي تصريحات لم تخطر لا على البال ولا على الخاطر وتتعارض مع تاريخ مؤسسة الفاتيكان في دعم الحوار بين الاديان واحترام الاديان التوحيدية الثلاثة وتجنيبها كافة اشكال الاساءة.

 

 

 

فما حصل ليس موقفا سلبيا او صمتا مقصودا، حول تطاول شخص ما او جهة معينة على الدين الاسلامي، بل هو انتقاد صريح ومدروس تولى بابا الفاتيكان بنفسه التفوه به في المحاضرة التي القاها بألمانيا. اي ان في هذه الحالة، يصح التعامل مع تلك التصريحات على انها تعبير رسمي عن موقف المسيحيين من الاسلام وبالتالي من المسلمين  وهنا تكمن خطورة التصريحات في ناطقها وتمثيليته ورمزيته أكثر من مضمون التصريحات نفسها.

 

وطبعا التطاول الصادر عن اعلى رمز مسيحي اليوم ضد النبي محمد (ص) والقول انه لم يأت الا بما و سيء وغير انساني، اضافة الى حالة الاستنكار والخيبة التي يخلقها، يذكرنا باساءة لم نتجاوزها بعد، وهي الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لشخص النبي محمد والتي انطلقت من النرويج والدنمارك لتشمل بعض العواصم الغربية الاخرى.

 

فهل نحن امام اساءات لا رابط بينها ام انها خطة موزعة الادوار بين اطراف رسمية واخرى غير رسمية؟

 

وفي الحقيقة امام زلات اللسان الكثيرة التي انطلقت مع جورج بوش الابن اثناء احداث 11 سبتمبر 2001 والتي افتتحها باستعمال عبارتي «الحرب الصليبية» مرورا بالرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول وصولا الى تصريحات اعلى رجل دين في العالم المسيحي، فان فرضية الهجمة الشرسة التي يتعرض اليها الاسلام والتعاطي معه كعدو بديل للشيوعية تطرح نفسها خصوصا وان مجالات والتقليص من  دلالات ما حصل تبدو ضعيفة جدا والحال انها صادرة لا عن فنان كاريكاتوري حر ولا عن لاهويين اصحاب اطروحات متطرفة، بل هي صادرة عن بابا الفاتيكان الذي من بين ادواره المحافظة على  هيبة الدين المسيحي التي لا تكتمل ولا تتحقق سوى بحماية هيبة الاديان الاخرى.

 

كما ان سيطرة فرضية الكراهية التي يتعرض لها الدين الاسلامي، في الغرب، تعني في المقابل ان صوت الجماعات المتطرفة الاسلامية سيجد الذرائع التي تجعله عاليا ومؤثرا، في حين ان الاصوات المعتدلة والتنويرية، سيخفت تأثيرها وستجد نفسها معزولة، عديمة التأثير، هذا اذا لم تتهم بالتستر على الاساءات المتزايدة ضد الاسلام وقرابة مليار ونصف مسلم.

 

وعند الحديث عن الافاق التي تفتحها مثل هذه التصريحات للراديكالية الدينية سواء بالنسبة للتنظيمات الكبرى او تلك الجماعات الصغرى التي هي بصدد التشكل والتكاثر فان الخوف الاساسي رصيدها الشعوب الاسلامية وبالخصوص فئة الشباب التي تمثل اكثر من 60%  من المجتمعات العربية والاسلامية وهو ما يعني ان الحرائق المنتشرة في طريقها الى مزيد من التأجيج وللأسف فان الطرف الذي سمح لنفسه بصب البنزين على النار في هذه المرة هو بابا الفاتيكان الذي اثبت انه شخص غير مسؤول وهذا اقل ما يمكن ان يقال عن سلطة دينية عبثت حتى بأصول البروتوكول الديني.

 

وفي هذا السياق لا يسعنا سوى ان نسخر وان نتغبن على كل تلك الندوات الخاصة بالحوار بين الاديان التي اغدقت فيها الاموال والجهود في حين ان الشروط الدنيا للحوار غائبة ولا يمتلكها لا الكبير ولا الصغير!

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 16 سبتمبر 2006)

 


 

 

الأخوان بمصر: بيان الأسف الذي أصدره البابا لا يكفي

 

القاهرة (رويترز) – قال الإخوان المسلمون بمصر إن البيان الذي أصدره البابا بنديكت السادس عشر يوم السبت معربا عن الأسف لإثارة ضيق المسلمين بتعليقاته الأخيرة لا يصل إلى المطلوب.

 

وقال محمد حبيب نائب المرشد العام لجماعة الإخوان لرويترز « نريد اعتذارا شخصيا (من البابا). نشعر بأنه أخطا بحقنا خطأ بالغا ولا يزول هذا الخطأ إلا بالاعتذار الشخصي. »

 

وتساءل نائب المرشد العام لجماعة الإخوان « هل قدم (البابا) اعتذارا شخصيا عما أصدره من تصريحات وما صدر عنه من اقتباسات واضح تمام الوضوح انه مقتنع بها. لا »

 

وفي محاضرة ألقاها البابا بنديكت السادس عشر في جامعة ريجينسبورج الألمانية يوم الثلاثاء بدا وكأن البابا يؤيد فكرة يعارضها معظم المسلمين وهي أن المسلمين الأوائل نشروا دينهم باستخدام العنف.

 

وأبدى البابا يوم السبت أسفه للمسلمين بعد أن رأوا أن كلمته عن الإسلام كانت مسيئة مبديا احترامه لعقيدتهم وأنه يأمل أن يفهموا « المعنى الحقيقي » لكلماته.

 

وقال الكردينال تارسيسيو بيرتوني وزير الدولة في الفاتيكان في بيان « يشعر البابا بالأسف البالغ لأن بعض فقرات كلمته ربما بدا مسيئا لمشاعر المؤمنين بالإسلام. »

 

وكرر البابا في محاضرته انتقادات للنبي محمد جاءت على لسان الإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني باليولوجوس في القرن الرابع عشر الذي كتب في حوار مع رجل فارسي إن كل ما جلبه النبي محمد كان شرا وغير إنساني مثل « أمره بنشر الدين الذي يدعو اليه بحد السيف. »

 

وأضاف البابا الذي استخدم كلمات مثل « الجهاد » خلال محاضرته « العنف يتعارض مع الطبيعة الإلهية وطبيعة الروح. »

 

ونشرت صحيفة الأهرام يوم السبت تصريحات للبابا شنودة الثالث بابا الكنيسة الأرثوذكسية المصرية رفض فيها « أي إساءة للإسلام والمسلمين سواء كان ذلك صادرا عن شخصية لها مكانتها العالمية أو أي شخص عادي. »

 

وقال البابا شنودة « تعاليم المسيحية وتعليمات السيد المسيح توجب علينا ألا نسيء للآخرين لا في عقائدهم ولا في فكرهم. »

 

وندد زعماء مسلمون يوم الجمعة بتصريحات البابا بنديكت وقال كثير منهم إنه يتعين أن يقدم اعتذارا شخصيا ليبدد الانطباع بأنه انضم إلى حملة ضد دينهم.

 

واستنكر اتحاد الصحفيين العرب ومقره القاهرة ما نسب إلى البابا بنديكت من « إساءة واضحة للإسلام. »

 وقالت الإمانة العامة للاتحاد في بيان « يجب التفريق بقوة بين حرية التعبير التي نحترمها وبين حملات ازدراء أديان الآخرين والتي ندينها بشدة. »

 

وطالبت بحوار هاديء موضوعي بين الديانتين السماويتين.

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 16 سبتمبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


 

إسلاميون جزائريون بارزون يعودون من المنفى يوم الأحد

 

الجزائر (رويترز) – قال زميل لثلاثة زعماء بالجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة بالجزائر إن الثلاثة سيعودون من المنفى يوم الاحد في دلالة اخرى على التقارب بين الحكومة والمتشددين الذين سعوا ذات يوم لاقامة حكم اسلامي بالبلاد.

 

وسيكون رابح كبير وعبد الكريم غماتي وولد عدة اول زعماء من الجبهة الاسلامية للانقاذ يضعون حدا لمنفاهم الاختياري منذ انزلقت الى الفوضى الدولة الواقعة في الشمال الافريقي في اعقاب الغاء الانتخابات التي جرت عام 1992.

 

وقال مدني مزراق وهو زعيم سابق للجناح المسلح لجبهة الانقاذ خلال اعمال العنف التي وقعت في التسعينيات لرويترز ان هذا يبين ان المصالحة الوطنية تحقق نجاحا كبيرا في الجزائر.

 

وكان كبير وهو رئيس الهيئة التنفيذية للجبهة الاسلامية للانقاذ في الخارج قد فر من الاقامة الجبرية في منزله عام 1992 وعاش في المانيا منذ عام 1993 حيث عمل منسقا لشبكة من اعضاء الجبهة ومؤيديها في الغرب. وعمل غماتي نائبا له وولد عدة المتحدث باسمها.

 

وشن الاسلاميون تمردا مسلحا في عام 1992 بعد ان الغت السلطات وقتها بدعم من الجيش انتخابات برلمانية كانت الجبهة على وشك الفوز بها.

 

وكانت السلطات تخشى اندلاع ثورة على غرار الثورة الايرانية.

 

وتشير التقديرات الى ان ما يصل الى 200 الف شخص قتلوا في اكثر من عشر سنوات من القتال الذي اتسم بمجازر مروعة في جبال القطاع الشمالي الساحلي.

 

وتفاوض مزراق لاستسلام الجيش الاسلامي للانقاذ الجناح المسلح للجبهة في اواخر التسعينيات وامضى سنوات في محاولة اقناع زملاء سابقين بالتخلي عن الكفاح المسلح.

 

وما زال مزراق وزملاؤه بالجبهة الاسلامية للانقاذ يريدون اقامة دولة اسلامية ولكن هذه المرة من خلال الوسائل السياسية.

 

ودعا مزراق الحكومة الى رفع الحظر عن الجبهة الاسلامية للانقاذ التي ما زالت محظورة. ولا تزال حالة الطواريء التي اعلنت عام 1992 سارية.

 

وتقول الحكومة انها ترحب بعودة جميع زعماء الجبهة السابقين الى البلاد شريطة عدم سعيهم لاعادة تشكيل الجبهة.

 

ويقيم عباسي مدني زعيم الجبهة الاسلامية للانقاذ في قطر. لكن معظم قادة الجبهة يعيشون في الغرب حيث اقام بعضهم صلات مع جماعات غربية لحقوق الانسان في التسعينيات وعملوا جاهدين على تصوير السلطات الجزائرية بأنها منتهك لحقوق الانسان.

 

وليس لمسؤولي الجبهة الاسلامية للانقاذ اي نفوذ على الجماعة المسلحة الرئيسية التي ما زالت تقاتل ضد الحكومة وهي الجماعة السلفية للدعوة والقتال والتي رفضت مساعي مصالحة طموحة من جانب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

 

ومن اجل انهاء العنف الذي ما زال ينشط في مناطق معزولة طرح بوتفليقة مجموعة من اجراءات المصالحة بهدف دعم الاستقرار بالبلاد.

 

وفي إطار البرنامج اطلق سراح 2200 مقاتل اسلامي من السجن وانضم العديد منهم لتلقي مساعدات حكومية للحصول على عمل وهي خطوة اشاد بها مزراق.

 

وانتهت في اواخر اغسطس اب الماضي مهلة استمرت ستة اشهر للعفو عن مئات المقاتلين الاسلاميين الذين ما زالوا يقاتلون لكن الحكومة قالت انها ستمنح العفو رغم ذلك عن اي مسلح يخرج من الادغال ويسلم سلاحه.

 

من الامين شيخي

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 16 سبتمبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 


 

 

المجتمع المدني والإرهاب

بقلم: د. أحمد القديدي (*) 

 

لنتفق أولا على المصطلح! فالإرهاب ليس المقاومة المشروعة للاحتلال كما يقول كل العرب والمسلمين الشرفاء، وكما يقول القانون الدولي كذلك، ولكن أيضا كما يقول العرب والمسلمون الأمناء، وكما يقول القانون الدولي كذلك، فالإرهاب الأعمى الذي يضرب الأبرياء ويقتل المدنيين العزل ويحل الدم الذي حرمه الله هو الذي نستهدفه وسنظل له أعداء إلى يوم الدين.

 

وهذه الأيام تطلع علينا الصحف بجريمة اغتيال سياح أوروبيين في عمان عاصمة المملكة الأردنية بدعوى الانتقام لاستشهاد شقيق الجاني في لبنان! والمجرم يقتل سياحا كل ذنبهم أنهم اختاروا الأردن وفضلوا قضاء الإجازة في بلد عربي إسلامي مضياف وذي حضارات على قضاء إجازتهم في اسبانيا أو ايطاليا أو فرنسا وهي بلدان توفر لهم البحر والشمس والأمن!

 

غريب أمر هذا الإرهاب المجنون الغاشم والذي يقتل بلا وجه حق ويشوه صورة العربي في العالم وهي لا ينقصها تشويه! وتحمل لنا الأنباء كذلك صور المداهمات التي نفذتها السلطات البريطانية لإفشال مخططات إجرامية ترمي إلى الاعتداء على المسافرين على متن الطائرات أو القطارات الآمنة أو المجمعات التجارية المدنية في بلاد عرف مجتمعها ولا أقول سياسة حكوماتها بالعدل وادماج الوافدين وتوفير الحماية للمضطهدين دستورا وقانونا.

 

ومن جهة أخرى تطلع علينا الشاشات من تركيا بمشاهد استهداف الفنادق والمنتجعات التي يؤمها الأتراك والأجانب ويعيش على ريعها مئات الآلاف من المواطنين في ذلك البلد المسلم الكبير.

 

و في المملكة المغربية يقع اكتشاف شبكة تقول السلطات انها تخطط لأعمال عنيفة تقوض الأمن وتفتح أبواب الفتنة. أما في العراق فالفرق واضح بين المقاومة التي لا يجادل فيها مجادل وبين الإرهاب الذي يقتل الشيعي لأنه شيعي والسني لأنه سني والكردي لأنه كردي.

 

وبالطبع فإن الاحتلال الذي لا مشروع لديه هو المسؤول الأول عن تردي حالة الأمن بسبب القضاء على مؤسسات الدولة العراقية من جيش نظامي وأجهزة أمن وبنية تحتية وجامعات متقدمة واختراق المجتمع العراقي النبيل بمئات المندسين من مختلف المصالح الجاسوسية المشبوهة والشركات العالمية العابرة للقارات المستفيدة من بث الفوضى وإذكاء نار الفتنة.

 

وعندما أجزم بأن الإرهاب الفردي الذي ذكرت عينات منه ما هو إلا نتيجة تكاد تكون حتمية للإرهاب الرسمي الذي تمارسه قوى الاحتلال ضد الشعوب المغلوبة على أمرها، فإني لا أمارس أية عقيدة إيديولوجية بل أستعرض الأرقام والحقائق الصادرة عن مصادر الدول الجائرة نفسها وعن مراكزها الاستراتيجية ووزاراتها:

 

فالضحايا المدنيون للحرب في العراق وأفغانستان فاق تعدادهم المئة والثلاثين ألفا منذ العمل الإرهابي الذي دمر البرجين في نيويورك يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 أي أننا إذا اعتبرنا بأن الإرهاب هو قتل المدنيين بدون وجه حق فإن ضحايا الإرهاب الرسمي يفوق ضحايا الإرهاب الفردي بمئات المرات.

 

وفي فلسطين ولبنان ليس هناك وجه مقارنة بين ما اعتبرته إسرائيل إرهابا عربيا وبين ما قامت به تلك الدولة من مجازر راح فيها الشهداء المدنيون الأبرياء بالآلاف. ثم انه من العبث أن تدين بعض الدول الإرهاب الفردي لأنه ينتقم من المدنيين ما دامت الدول أيضا تنتقم من المدنيين. فنحن إذن شاهدون على نفس السلوك المدان أصدر الفعل عن شخص أم صدر عن دولة، وهذا هو الإرهاب كبيره وصغيره وهو دوامة العنف والعنف الأشد منه لا تنتهي إلا بانتهاء الأسباب.

 

وهنا فإن المجتمع المدني العربي مطالب بتحمل أمانة اقتلاع الإرهاب بنوعيه من جذوره، بدءا بتنقية برامج التربية والتعليم وكذلك المحتوى الثقافي من كل كراهية أو حقد للآخر المختلف بسبب اختلافه، أي تركيز البنية الفوقية الفكرية على العقل. فالعقل كأنما أصبح لنا عدوا بينما نحن علمناه للحضارات الأخرى ومنها الحضارة الغربية، باعتراف النزهاء من أبنائها.

 

وأنا أعيد هذه الأيام مطالعة أشهر الكتب الأكاديمية التي كتبها علماء غربيون حول أسس حضارتهم، وأهمها كتاب المؤرخ الفرنسي/ جون توناي الصادر في باريس عام 1957 بعنوان (الحضارة الغربية:

 جذورها وقيمها ومبادئها) يؤرخ فيه لبداية النهضة الغربية بدخول العلامة ابن رشد سنة 1169 إلى الثقافة الأوروبية ليفتح لها أبواب الفلسفة اليونانية وأبواب الفكر المسلم القائم على العقل. وهذا المؤرخ الفرنسي خص الراشدية المسلمة بفصل كامل يشكل خمس الكتاب المذكور.

 

ولعل رسالة المجتمع المدني العربي هي أن تقوم بدورها في اقتلاع جذور الخرافة والتطرف من الثقافة والسلوك لدى الفرد والجماعة، تلك الجذور الوهمية التي دفعت شابا مصريا إلى محاولة اغتيال كاتب عملاق بحجم الراحل العزيز نجيب محفوظ أو رفع قضايا باطلة ضد المفكر الحر نصر حامد أبو زيد، أو التسابق نحو تكفير الناس بدون علم وبدون حق.

 

وأنا كمسلم لي مواقفي وأفكاري في قضايا أمتي لكني أمتنع قطعيا عن إدانة هذا أو ذاك ممن يخالفني الرأي أو تشويه سمعته أو هتك عرضه كما يفعل الجبناء الذين ابتلينا بهم في بعض المواقف. فالمستقبل مهما كانت مواقعنا للاختلاف والائتلاف وليس لوحدانية الرأي وقمع الرأي المخالف. وهي الثقافة التي علينا نشرها وإشاعتها لنقوى على أعدائنا، لا بالإرهاب بل بالقوة العقلية والقدرة على ممارسة الحرية التي هي مسؤولية.

 

(*) كاتب تونسي

 

(المصدر: صحيفة البيان الإماراتية الصادرة يوم 16 سبتمبر 2006)

 

 


 

سويس إنفو: هل يستجيب بوش للمثقفين العرب؟

 

ناشدت مجموعة من المثقفين العرب والمسلمين الرئيس بوش أن يقرن القول بالعمل فيما يتعلّـق بالتزام الولايات المتحدة بدفع عملية الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي في العالم العربي، ووقف المساندة الأمريكية لنظم الحكم غير الديمقراطية.

 

جاء ذلك في رسالة مفتوحة إلى الرئيس بوش، صدرت في الذكرى الخامسة لهجمات 11 سبتمبر، كان أول الموقعين عليها الدكتور رضوان مصمودي، رئيس مركز دراسة الإسلام والديمقراطية في واشنطن. سويس إنفو أجرت معه المقابلة التالية:

 

سويس إنفو: ألا يرى الموقّـعون على الرسالة، أن اعتقاد الرئيس بوش بأن التحول الديمقراطي في المنطقة سيبدأ من العراق، يقدم نموذجا مُـخيفا لفرض الديمقراطية على ظهور الدبابات، ويشكل بالنسبة للشعوب العربية تجسيدا للمثل القائل كالمستجير من الرمضاء بالنار؟

 

دكتور مصمودي: نحن نُـؤمن بأن الديمقراطية لا تُـفرض ولن تنجح إذا كانت مفروضة من الخارج، ومن باب أولى، أنها لا تأتي على ظهور الدبابات، وهو ما ثبت فشله بالفعل في العراق، ولابد أن تقتنع الإدارة الأمريكية بأن التجربة العراقية لا تشجّـع الشعوب العربية على تصديق الدعوة الأمريكية لنشر الديمقراطية انطلاقا من العراق.

 

ومع ذلك، فمعظم الدراسات والاستطلاعات التي أجريت في عدد من الدول العربية تُـظهر تطلّـع الشعوب العربية إلى مُـمارسة حقّـها في الديمقراطية، وكل ما تطلبه تلك الشعوب من أمريكا، هو الكفّ عن دعم النظم الدكتاتورية غير المُـنتخبة في معظم الدول العربية، وهذا هو ما تنطوي عليه الرسالة الموجّـهة إلى الرئيس بوش وتَـنبيهه إلى عدم السقوط في فخّ الفزّاعة الإسلامية، التي تُـصوِّرها له تلك الأنظمة الاستبدادية، لتخويفه من أن الانتخابات تأتي بالإسلاميين.

 

سويس إنفو: ومن أين أتَـيتم بالأمل في أن يتخلّـى الرئيس بوش عن تفضيل الدكتاتوريات العربية على إرادة الشعوب العربية ورغبتها في التحوّل الديمقراطي؟

 

دكتور مصمودي: نحن لم نقع في الوهم. فنحن مُـدرِكون تماما للتراجع الذي شهدته الشهور الثمانية الأخيرة في زخم الدعوة الأمريكية لنشر الديمقراطية، والتفاوت الهائل بين الطنطنة والقول في الخطاب السياسي للرئيس بوش، وبين الدعم غير المشروط لأنظمة حُـكم قمعية وغير ديمقراطية في العالم العربي. ولكننا نطلب في الرسالة من الرئيس بوش، إما أن يكون جادّا في دعمه للتحول الديمقراطي في العالم العربي أو أن تكفّ الولايات المتحدة تماما عن الطنطنة بدعمها للديمقراطية.

 

ونحاول لفت نظره في الرسالة، إلى أنه من مصلحة الشعوب العربية ومن المصلحة الإستراتيجية للولايات المتحدة، إيجاد ديمقراطية حقيقية تسمح للشعوب العربية بتقرير مصيرها بنفسها ومعالجة المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي جعلت المنطقة العربية تغلي من الإحباط واليأس، وأن أي تراجُـع أو تأخير في دعم ذلك التحوّل، سيُـلحق أبلغ الضرر بمصالح الولايات المتحدة في العالم العربي ويُـولِّـد المزيد من مشاعر الكراهية لها، ويزيد فُـرص وقوع البعض في دائرة العنف.

 

سويس إنفو: ولكن، ألم يلاحظ الموقِّـعون على الرسالة أن الولايات المتحدة لم تقبل التعامل مع من أفرزتهم العملية الانتخابية، مثل الإخوان المسلمين في مصر وحركة المقاومة الإسلامية حماس في فلسطين؟

 

دكتور مصمودي: نحن نُـدرك تماما أن الأنظمة العربية استغلّـت تخوُّف الرئيس بوش من الإسلاميين، فعمدت إلى تخويف الغرب بصفة عامة، والولايات المتحدة بصفة خاصة، من أنها لو سمحت بانتخابات حقيقية ونزيهة، فإن الإسلاميين سيفوزون بهذه الانتخابات.

 

لذلك، نبَّـهنا الرئيس بوش في الرسالة إلى أن تلك الأنظمة تستخدم الفزّاعة الإسلامية لتمديد وترسيخ الأوضاع القائمة، وأن المشاركة الديمقراطية هي الطريق الوحيد لمكافحة التطرُّف وممارسة الضغط على كل الجماعات السياسية، بمن فيهم الإسلاميين، من أجل اتخاذ مواقف أكثر اعتدالا وبراغماتية، وقبول قواعد تداول السلطة سلميا.

 

وأوضحنا أيضا للرئيس أن أي تيار سياسي من حقِّـه تقديم برنامجه إلى الشعب، ومن حق الشعب أن يختار حتى الإسلاميين، طالما أنهم ينبذون العُـنف كمبدإٍ لتحقيق أهدافهم السياسية.

 

سويس إنفو: الرئيس بوش طالب مصر بأن تقود حركة التحوّل نحو الديمقراطية، ولكنه لم يُـبد أي معارضة للجهود المبذولة لتوريث السلطة إلى جمال مبارك واستبعاد أي منافسين له، حتى لو أجْـرِيت انتخابات بعد رحيل أبيه؟

 

دكتور مصمودي: هذا التّـراجع الأمريكي يُـخيف دُعاة الإصلاح في العالم العربي، ونحن نعتبره مُـضرّا بمصالح الولايات المتحدة وحركة التحول نحو الديمقراطية في المنطقة، ونفسِّـر ذلك، بأن الرئيس بوش وقَـع في فخ التخويف من الإخوان المسلمين في مصر أو مشاركتهم في مجلس الشعب.

 

لذلك، قدّمت الرسالة ما حدث في مصر كمثال على السّـماح لأنظمة حُـكم صديقة، تدعمها الولايات المتحدة، باتّـخاذ خُـطوات تتناقض تماما مع أي تحول نحو الديمقراطية، مثل الهجوم الضّـاري من النظام المصري على نشطاء المعارضة وتأجيل الانتخابات المحلية وتجديد العمل بقانون الطوارئ واعتقال المئات من النشطاء وتعذيبهم، واستخدام بلطجية الحكومة في التحرّش الجنسي والإهانة العَـلنية للنساء الناشطات والصحفيين، بالإضافة إلى الحكم بالسِّـجن على أيمن نور، المعارض السياسي الليبرالي الذي نافس الرئيس مبارك في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

 

سويس إنفو: إذا استجاب البيت الأبيض للرِّسالة وطلب مناقشتها معكم، كيف ستتعاملون مع الحُـجج الأمريكية التي صاحبت التراجع ،عمليا، عن دعم الديمقراطية، مثل أنها عملية تحتاج إلى وقت طويل أو أنه يجب أولا دعم الليبراليين قبل الدّفع باتِّـجاه الانتخابات؟

 

دكتور مصمودي: سنُـبلغ الإدارة الأمريكية حينئذ أن تأخير المشروع الديمقراطي لن يخدِم، حتى فكرة دعم الليبراليين، فهم يتعرّضون كغيرهم من دُعاة الإصلاح للقمع والتهميش، بل هم أول ضحايا الكبت والاستبداد في العالم العربي، وسنحاول إقناع من يتيسّـر مقابلتهم من المسؤولين الأمريكيين بأن الوسيلة الوحيدة لإنقاذ المنطقة العربية من مخالب العنف والتطرف، هي الديمقراطية، وأن المنطقة أصبحت فوق بُـركان غضَـبٍ يغلي من الفقر والبطالة وضعف النمو الاقتصادي والتدهور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وأن الوضع لا يحتمل هذا التأرجح أو التراجع عن ممارسة النفوذ، لصالح دفع مسيرة التحوّل نحو الديمقراطية في العالم العربي، ونحن نُـدرك أن التحوّل يحتاج وقتا وجُـهدا، ولكننا سنُـبلغهم أنها تحتاج أيضا إلى جدّية وإلى ممارساتٍ على أرض الواقع تتماشى مع القول.

 

 سويس إنفو: لو سلمنا جدلا بأن الرسالة قد تفلح في تحويل الطنطنة الأمريكية إلى خطة عمل بخطوات محدّدة لدعم مسيرة الإصلاح في العالم العربي، ما هو تصور الموقِّـعين على الرسالة للدَّور الأمريكي؟

 

دكتور مصمودي: سيكون أول مطلب من الإدارة الأمريكية أن تُـصر على إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في الدول العربية ويقبع الآلاف منهم في سجون البلدان العربية، وهو ما يتناقض مع أبسَـط قِـيم الديمقراطية. ويمكن للولايات المتحدة استخدام علاقاتها الخاصة مع حكام تلك الدول في التلويح لهم بأن استمرار العلاقات الطيبة والتعاون الاقتصادي والدعم السياسي أو العسكري، سيكون مُـرتبطا بمدى احترامهم لحقوق شعوبهم، ومدى التزامهم بتحقيق إصلاحات اجتماعية وسياسية واقتصادية، وبمدى نجاح مسيرة التحول الديمقراطي من الداخل.

 

كما سنقترح على الإدارة الأمريكية توفير حوافز اقتصادية وتجارية وتكنولوجية للأنظمة العربية التي تظهر جدّية في السماح بخُـطوات ملموسة للتحوّل الديمقراطي، مثل المغرب والأردن، وسنُـنبّـه الإدارة الأمريكية إلى أن أسلوب تفضيل التعامل مع دكتاتور عربي على التعامل مع حكومات عربية مُـنتخبة، قد لا تكون بالضرورة مُـتعاونة تماما مع الولايات المتحدة، ينطوي على مخاطر بعيدة المدى، لأنه عندما يرحل مثل ذلك الدكتاتور سيصُـب شعبه ثورة غضبه على الولايات المتحدة، وإذا تمكّـن من تمرير السلطة إلى أحد أبنائه، فلن يكون ذلك صمّـام أمان، بل فتيل اندلاع انتفاضة شعبية لرفض التوريث وتزايد المشاعر المناهضة للولايات المتحدة عبر أجيال قادمة ستشعر بأن واشنطن كانت السّـبب في تأخير التحوُّل الديمقراطي في العالم العربي بمساندتها لحكام مستبدّين، مقابل بقاء الوضع على ما هو عليه في المنطقة، خِـدمة للمصالح الأمريكية على حساب طُـموحات وآمال الشعوب العربية.

 

أجرى المقابلة في واشنطن محمد ماضي

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 16 سبتمبر 2006)

 

Home – Accueil الرئيسية

 

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.