الحرية لسجين
العشريتين الدكتور الصادق شورو
وللصحافي توفيق بن بريك
ولضحايا قانون الإرهاب
حــرية و إنـصاف:استمرار محاصرة المعارضين السياسيين والناشطين الحقوقيين
السبيل أونلاين:فيديو:عزة زراد تتحدث عن ملابسات قضية زوجها توفيق بن بريك
زياد الهاني: قرر اتحاد الصحفيين العرب إرسال وفد إلى تونس بداية من 13 مارس ، للسعي إلى إجراء مصالحة في صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين.
حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس:استمرار محاصرة المعارضين السياسيين والناشطين الحقوقيين
السبيل أونلاين:وكالة..مصطلح حرية الصحافة غريب في تونس ووعود الرئيس بلا قيمة
حــرية و إنـصاف:نزار بن حسن:بريد المظالم تقرير حول القضيّة المرفوعة ضدّي بتهم الاعتداء على الأخلاق الحميدة والقذف العلني وإحداث الهرج والتّشويش
محمد القوماني:هل يتغيّر المشهد الإعلامي بتونس ايجابيا؟
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ:بيــــــــــــــــان:تحية للمرأة التونسية في مائوية عيد المرأة العالمي
عبدالسلام الككلي : ردا على تصريحات وزير التعليم العالي:الجامعة العامة لم ترفض إمد… الوزارة رفضت الجامعة العامة
بحري العرفاوي :في المكان والأوساط المعينة
أبوبكر بن الطاهر بطيخ :نداء الى الأخ معز بن غربيّة *برنامج الحق معاك*
بشير الحامدي:التكوين أثناء العطل يسرق منا وقتنا
الوطن:لماذا الإصرار على الاستمرار في خيار الخصخصة ؟
الوطن:ظاهرة اجتماعية تستفحل: العنف : ظاهره وسبل مواجهته
الوطن:الإعداد للمسح الوطني حول مستوى عيش الأسر التونسية:التداين والمقدرة الشرائية وارتفاع الأسعارهل تكون حاضرة؟
وات:ندوة فكرية في الذكرى الأولى لوفاة الراحل النوري البودالي
عبدالباقي خليفة :نحن والغرب ( 1 ) سجال السياسة والثقافة .. التاريخ والجغرافيا
حوارات – الشيخ راشد الغنوشي يتحدث لـ « الأحرار » حول ضوابط تجديد الفكر الإسلامي
د.أحمد القديدي:هل تنجو إقتصادات العرب من صراع « اليورو » و « الدولار » ؟
المولدي شاوش:هل الفكر العربي الإسلامي في أزمة ؟ (1 من 2)
جامعة كاليفورنيا تحول 11 من طلابها للنيابة الجنائية لمقاطعتهم خطاب السفير الإسرائيلي
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
جانفي 2010
العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 26 ربيع الأول 1431 الموافق ل 12 مارس 2010
استمرار محاصرة المعارضين السياسيين والناشطين الحقوقيين
يستمر جهاز البوليس السياسي في تطبيق سياسة التضييق على مكونات المجتمع المدني في تونس من خلال محاصرة المعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومن بين الذين يخضعون حاليا للمحاصرة والمراقبة اللصيقة والمتابعة الممنهجة السيد علي العريض الناطق الرسمي السابق باسم حركة النهضة والسجينين السياسيين السابقين السيدين الصحبي عتيق والعجمي الوريمي والسيد عبد الكريم الهاروني الكاتب العام لمنظمة حرية وإنصاف والسيد عمر القرايدي عضو مكتبها التنفيذي، كما استأنف أعوان البوليس السياسي مراقبتهم ومضايقتهم للأستاذ العياشي الهمامي بعد هدنة دامت قرابة الأسبوع. وحرية وإنصاف 1)تدين بشدة المضايقات المستمرة والممنهجة التي يتعرض لها المعارضون السياسيون والمدافعون عن حقوق الإنسان بما يهدد حريتهم وأمنهم وأبسط حقوق المواطنة التي تضمنها لهم قوانين البلاد والمعاهدات الدولية. 2)تعتبر هذه المضايقات جزءا من حملة واسعة تنتهجها السلطة للتضييق على مكونات المجتمع المدني من أجل فرض الرأي الواحد وخنق الرأي المخالف. 3)تدعو مكونات الحركة الحقوقية في تونس وفي العالم للتضامن مع كل المتضررين من هذه السياسة التي تهدف إلى إسكات الرأي المخالف، كما تدعو السلطة إلى وضع حد لهذه السياسة المخالفة للدستور وللالتزامات الدولية والاستجابة لمطالب مكونات المجتمع المدني في احترام الحريات وحقوق الإنسان وفي مقدمتها حرية التعبير والتنظم والاجتماع والتظاهر السلمي والسفر وسن العفو التشريعي العام.الحرية لسجين عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
فيديو:عزة زراد تتحدث عن ملابسات قضية زوجها توفيق بن بريك
السبيل أونلاين – تونس – خاص للإطلاع على شهادة زوجة الصحفي السجين توفيق بن بريك – الرابط على اليوتوب : http://www.youtube.com/watch?v=r84AvDjv9Bk بعد نشرنا شهادة خديجة الزغلامي إبنة الصحفي السجين توفيق بن بريك والتى كانت برقفة والدها أثناء الحادثة محل الدعوى وشاهدت تفاصيل ما حصل بينه وبين المرأة التى إدعت تعرضها للعنف المادي واللفظي ، ننشر شهادة زوجته السيدة عزة زراد . وكان مراسلنا في تونس زهير مخلوف زار منزل الصحفي السجين توفيق بن بريك بهدف متابعة قضيته ، و إلتقى زوجته وإبنته خديجة بن بريك البالغة من العمر 11 سنة . و أكدت زوجة بن بريك لمراسلنا في تسجيل مصوّر (فيديو) أن زوجها لفقت له قضية كيدية ، وأن سبب محاكمته وسجنه هي مقالاته الصحفية التى كتبها قبيل الإنتخابات الرئاسية والتشريعية التى جرت في 25 أكتوبر من العام الماضي 2009 ، وخاصة كتابته الحوار الإفتراضي بينه وبين الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الأمر الذي أغضب السلطة..التفاصيل في التسجيل المصوّر . من مراسلنا في تونس – زهير مخلوف ( المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 13 مارس 2010 )
قرر اتحاد الصحفيين العرب إرسال وفد إلى تونس بداية من 13 مارس ولمدة ثلاثة أيام، للسعي إلى إجراء مصالحة في صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين.
وتنحصر مهمة الوفد الذي يقوده الزميل محمد يوسف عضو المكتب الدائم لاتحاد الصحفيين العرب ورئيس جمعية الصحفيين بدولة الإمارات في « رأب الصدع.. وعودة الوفاق والوئام بين الجميع بما يخدم صالح الصحافة.. والصحفيين التونسيين في تونس قبل اجتماع الأمانة العامة القادم » للاتحاد الذي تحتضنه تونس أواخر شهر مارس الجاري. حسب ما جاء في البيان الصادر عن أمين عام الاتحاد مكرم محمد أحمد. وسيكون الزميل محمد يوسف الذي يحظى بتقدير كبير في صفوف الصحفيين التونسيين أول الواصلين إلى تونس يوم السبت، في ما يصل باقي أعضاء في اليوم الموالي. وهو ما يعني عمليا أن المحادثات الجدية والحاسمة لن تحصل إلا يوم الإثنين 15 مارس الذي يصادف يوم التصريح بالحكم في القضية التي رفعتها قيادة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين برئاسة الزميل ناجي البغوري لإبطال مؤتمر 15 أوت 2009 الآحادي الذي دبّـره وأشرف على تنفيذه السيد محمد الغرياني أمين عام التجمع الدستوري الديمقراطي للسطو على النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وإلحاقها بركب النقابات التابعة والمتذيلة، وهو ما لا يرتضيه الصحفيون التونسيون لأنفسهم. ويثير هذا التزامن أكثر من تساؤل. فالمتابعون لأزمة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين يتذكرون ذلك البيان الذي نشره أمين عام اتحاد الصحفيين العرب مكرم محمد أحمد في موقع نقابة الصحفيين المصريين بتاريخ 26 أوت 2009 تحت عنوان: تقرير وفد الاتحاد إلي مؤتمر تونس الاستثنائي المنعقد في اغسطس 2009. وذكر فيه ما نصه: وجهت إلينا أكثر من دعوة لحضور المؤتمر الاستثنائي المحدد له 15 أغسطس .. اشترطنا لحضورنا أن يكون الحكم القضائي في القضية التي رفعها الزميل ناجي البغوري لصالح المكتب التنفيذي الموسع ليكتسب المؤتمر مشروعيته القانونية .. وهذا ما حدث وصدر الحكم قبل ظهر الجمعة 14 أغسطس .. ووصلنا إلى تونس في الحادية عشرة مساء نفس اليوم .. وقد قضى الحكم القضائي بأحقية المكتب الموسع في الدعوة إلى عقد مؤتمر استثنائي للجمعية العمومية خصوصا وان أكثر من 600عضو من بين مجموع أعضاء النقابة التونسية الذي يبلغ عددهم800عضوا كانوا قد وقعوا على عريضة بطلب عقد المؤتمر الاستثنائي لم تلقي اهتماما كافيا من النقيب ، كما يقضي الحكم بأحقية الجمعية العمومية للصحفيين التونسيين في اتخاذ ما تراه من قرارات تحقق صالح الصحفيين التونسيين باعتبار أن الجمعية العمومية هي صاحبة الولاية ومصدر شرعية كل قرار يتعلق بشان النقابة الوطنية .( http://www.ejs.org.eg/News/NewsDetails.aspx?NewsId=1905). وهذا التقوّل لا أساس له من الصحة، وتم ترويجه فقط من باب التغطية على حضور وفد اتحاد الصحفيين العرب لمؤتمر 15 أوت الآحادي، وتخليه عن القيام بواجبه في منع السطو على النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وضرب استقلاليتها مثل ما يلزمه قانونه الأساسي. فالحكم الصادر بتاريخ 14 أوت 2009 الذي أشار إليه أمين عام اتحاد الصحفيين العرب هو الحكم الاستعجالي القاضي برفض طلب المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تعليق انعقاد مؤتمر 15 أوت الآحادي لحين البت في القضية الأصلية المرفوعة لإبطاله بسبب خرقه الفاضح للقانون الأساسي للنقابة. وقد رفضت المحكمة هذا الطلب متعللة بأن نظرها فيه سيجبرها على الخوض في مسألة الشرعية وهو ما سيمس بالأصل. لكن نفس المحكمة عادت لتناقض نفسها وتحكم بقبول الدعوى التي رفعها المكتب المنبثق عن مؤتمر 15 أوت الآحادي لوضع يده على مقر النقابة رغم مساس ذلك بالأصل باعتبار عدم النظر في القضية الأصلية التي تطعن في شرعيته؟؟ وهو ما يؤكد إجماع الملاحظين المحايدين على عدم استقلالية القضاء في تونس وخضوعه للتعليمات السياسية. وعدم توقع صدور حكم عادل في قضية النقابة نتيجة ذلك، مثل ما هو حاصل في مجمل القضايا السياسية التي عرفتها بلادنا منذ الاستقلال. وقد اختارت قيادة النقابة التظلم للقضاء ليس لأوهام تنتابها حول استقلاليته وعدله، ولكن لضرورة استكمال مراحل التقاضي على المستوى الوطني.. وحتى لا يقع استغلال ورقة حكم 15 مارس كأداة للضغط ولفرض واقع أخرق، سيكون هذا الحكم موضوع استئناف حيني بما يعيد الوضع إلى حالته السابقة حسب ما جاء به الفصل 144 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية ونصه: « الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف.. ». هذا فضلا عن حق منخرطي النقابة القاعديين في رفع قضايا عدلية تطعن في قانونية مؤتمر 15 أوت الآحادي، انتصارا منهم لسيادة القانون ولاستقلالية نقابتهم. وبالتالي على من يتوقع استخدام هذه الورقة لفرض واقع جديد أن يراجع حساباته. ونحن على ثقة بأن النصر في النهاية سيكون للشرعية. ولا نتحدث هنا عن مبدإ مجرّد.. فالتونسيون جميعا يعلمون كيف كان مآل عمليات الانقلاب التي تم تنفيذها في السابق بتدبير وحشد من الحزب الحاكم وأجهزة الدولة التي سخّـرها، ضد الاتحاد العام التونسي للشغل في أكثر من مناسبة وضد الاتحاد العام لطلبة تونس. حيث كان الخسران والخزي مصيرها جميعا، طالما توفرت الصلابة المبدئية وإرادة مقاومة التسلط والهيمنة. فاتحاد الصحفيين العرب لن يجد منا إلا العون لإنجاح مهمته، إذا كان جادا في مسعاه التوحيدي التصالحي الذي انطلق بالنداء الذي وجهته من عمّـان 10 نقابات عربية في أكتوبر 2009 لعقد مؤتمر موحد للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. وهو مؤهل لذلك رغم سوابقه السيئة، بحكم المصداقية والاحترام الذين يحظى بهما الزميل محمد يوسف رئيس جمعية الصحفيين الإماراتيين رئيس وفد الاتحاد. وقيادة ومناضلو النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الذين أداروا باقتدار معركة التصدي للسطو على نقابتهم وتدجينها في ظروف كانت أشد صعوبة وتعقيدا، وتحمّـلوا جميعهم في ذلك ما تحمّـلوا بصبر وأنفة، يمدون يدهم للوفاق بصدق، بما يخدم قضايا الصحفيين التونسيين ووحدة نقابتهم واستقلاليتها. ويعتقدون بأن الاحتكام لعموم الصحفيات والصحفيين باعتبارهم مصدر الشرعية، هو المخرج الوحيد للنقابة من أزمتها. عاشت نضالات الصحفيين التونسيين.. عاشت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين حرة مستقلة مناضلة.. زياد الهاني وفي ما يلي نص البيان الصادر عن اتحاد الصحفيين العرب: اتحاد الصحفيين العرب وفد الصحفيين العرب للمصالحة بتونس قررت الأمانة العامة لاتحاد الصحفيين العرب إرسال وفد من الاتحاد لزيارة تونس اعتباراً من 13 مارس الحالي ولمدة ثلاثة أيام برئاسة الزميل الأستاذ / محمد يوسف رئيس مجلس إدارة جمعية الصحفيين بدولة الإمارات العربية وعضو المكتب الدائم للاتحاد العام للصحفيين العرب . وصرح الأستاذ / إبراهيم نافع رئيس اتحاد الصحفيين العرب إن مهمة الوفد تنحصر في رأب الصدع بين الأشقاء في نقابة الصحفيين التونسيين وعودة الوئام والوفاق بين الجميع بما يحقق صالح الصحافة والزملاء الأساتذة الصحفيين في تونس قبل اجتماع الأمانة العامة القادم . الأمين العام مكرم محمد أحمد تحريرا ً في 4/3/2010
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 27 ربيع الأول 1431 الموافق ل 13 مارس 2010
أخبار الحريات في تونس
1)منع السيدة عفيفة مخلوف حرم العش من مغادرة تونس: منعت السلطات التونسية السيدة عفيفة مخلوف حرم الدكتور أحمد العش من مغادرة تونس بعد عودتها الثانية لأرض الوطن لزيارة أهلها وذويها.
2)السجين السياسي السابق السيد رضا البوكادي تحت المراقبة اللصيقة: خضع السجين السياسي السابق السيد رضا البوكادي طيلة نهار اليوم السبت 13 مارس 2010 للمراقبة اللصيقة من قبل عدد من أعوان البوليس السياسي الذين تابعوا كل تحركاته وتنقلاته، مما جعله يستوضح لدى الإدارة المعنية عن السبب وراء هذه المضايقات غير المبررة، وتجدر الإشارة إلى أن السيد رضا البوكادي الذي قضى في السجون التونسية ما يزيد عن 12 عاما يعاني من مرض نادر وإن تعريضه مجددا لأي استفزاز أو مضايقة قد يزيد من معاناته الصحية.
3)منع عائلة سجين الرأي حمدي القصري من الزيارة: منعت إدارة سجن المرناقية يوم الجمعة 12 مارس 2010 عائلة سجين الراي الشاب حمدي القصري من الزيارة بتعله خضوعه في الوقت الراهن للعقوبة بالسجن المضيق، علما بأن السجين المذكور يقضي حكما ابتدائيا بالسجن مدة ثمانية أعوام من أجل تهم تدخل تحت طائلة قانون »الإرهاب » الـ (لا دستوري). وتجدر الإشارة إلى أن سجين الرأي حمدي القصري استأنف الحكم المذكور ولا زال ينتظر إنصافه من هذه التهم الكيدية.
4)حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
وكالة..مصطلح حرية الصحافة غريب في تونس ووعود الرئيس بلا قيمة
السبيل أونلاين – وكالات بعد إعادة انتخاب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في أكتوبر الماضي 2009، راود الكثيرين من المراقبين الأمل بتخفيف القيود المفروضة على حرية الصحافة في تونس، لكن الواقع لم يتغير وما زال الصحفيون يحاولون بكل السبل الحصول على المعلومات. العديد من المراقبين يعتقدون بأن بن علي لم يقدم على خطوة من ذلك القبيل، لخشيته من إفلات زمام السلطة من بين يديه، خصوصا وأن الصورة لم تتضح بعد بشأن من سيخلفه على كرسي الحكم. وقالت « وكالة الأنباء الألمانية » في تقرير: » فبإمكانك أن تعالج موضوعات ثقافية أو تناقش قضايا التعليم أو أن تتناول في مقالاتك المسائل الاقتصادية في حدود معينة، لكن الخط الأحمر يبرز بوضوح عندما يتعلق الأمر بالسياسة أو بالمشاكل في البلاد » . وأشارت إلى أن « الأمل راود الكثير من المراقبين في أن يخفف الرئيس التونسي من القيود المفروضة على حرية الصحافة، بعد إعادة انتخابه (بنسبة تصل إلى 90% حسب المصادر الرسمية) في أواخر شهر أكتوبر الماضي، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث » . وإعتبرت الوكالة أن « حرية الصحافة » مصطلح غريب على الشعب التونسي الذي يبلغ تعداده 10 ملايين نسمة. على الرغم من أن تونس تعتبر متقدمة بمراحل في مجالات مختلفة أخرى بالمقارنة مع البلدان العربية الأخرى، خصوصا في مجالات التعليم والاقتصاد ومحاربة الفقر. الصحفي منير سويسي قال أن الخطوط الحمراء في تونس هي نفسها الخطوط الحمراء في بقية البلدان العربية، وعدد أضلاع مثلث الممنوعات أو ما يعرف بثالوث المحرمات بالقول » لا يسمح بنشر أخبار غير طيبة عن رئيس الدولة أو الملك، كما يحظر تناول كل ما يمس الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان. وأخيرا الحديث حول غياب حرية الصحافة ممنوع. » وفي قائمة منظمة « مراسلون بلا حدود » جاءت تونس في المرتبة 154 ضمن 175 دولة، وتعتبر هذه المرتبة متأخرة للغاية حتى بالمقارنة مع محيطها العربي. وطبقا لمنظمات غير حكومية ناشطة في مجال الحريات، فإن الرئيس زين العابدين بن علي يعتبر من بين 40 شخصية على نطاق العالم توصف بأنها معادية بشكل خاص لحرية الصحافة. ( المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 13 مارس 2010 )
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 27 ربيع الأول 1431 الموافق ل 13 مارس 2010
بعث لنا السيد نزار بلحسن بالتقرير التالي: بريد المظالم تقرير حول القضيّة المرفوعة ضدّي بتهم الاعتداء على الأخلاق الحميدة والقذف العلني وإحداث الهرج والتّشويش
يتمحور ملف القضيّة حول مشاركتي في اعتصام دعت إليه الهيئة المديرة لجمعيّة النّهوض بالطّــالب الشّـابي بتاريخ 27جوان 2009. ويأتي هذا الاعتصام في إطار المطالبة بمنح منحة الجمعيّة الّتي حجبتها بلديّة الشّـابة عن الجمعيّة المستقلّة منذ ثلاثة سنوات، وانطلق الاعتصام على السّـاعة التّـاسعة صباحا أمام مقر بلديّة الشّـابة وتمثّلت مطالبه في ضرورة صرف المنحة وطلب مقابلة رئيس البلديّة مصطفى كمال الشّـابي الرّافض أيّ من أعضاء الجمعيّة. تواصل الاعتصام لثلاثة ساعات وحضره زهاء العشرين ناشط، وتمّ رفع بعض الشّعارات المطالبة بمقابلة رئيس البلديّة، وتمّ تفريق المعتصمين بالقوّة على السّـاعة الثانية عشر من قبل أعوان البوليس بالزّي المدني والنّظامي الّذين خرجوا من مقرّ البلديّة بعد أن ثبت تواجدهم بالدّاخل طيلة الصّباح. وجدير بالذّكر أنّ جميع الحاضرين يومها تصرّفوا بشكل مسئول وواع ولم يخرج أيّ تصرّف ممكن أن يخلّ بالأدب أو الأخلاق الحميدة، وكان من بين المعتصمين عدد من النّساء. توجّهت إلى احدى المقاهي صحبة بعض من كان معتصما أمام البلديّة، وعلمت بعد بضعة ساعات، تحديدا السّـاعة الخامسة مساءا، أنّه وجّه لي استدعاء للحضور في مركز الأمن الوطني بالشّـابة عاجلا. توجّهت إلى المركز على السّـاعة العاشرة ليلا، فتمّ وضعي في سيّـارة شرطة من نوع (berlingo) ونقلي إلى منطقة الأمن الوطني بالمهديّة وتمّ حجز بطاقة هويّتي وهاتفي الجوّال ولم أمكّن من إعلام عائلتي أو أيّ شخص بمكاني. وتمّ استجوابي في منطقة المهديّة حول علاقتي برئيس البلديّة وبجمعيّة النّهوض بالطّـالب الشّـابي وسبب مشاركتي في الاعتصام وتمّت مساءلتي حول المقالات الّتي قمت بنشرها في جريدة الموقف والّتي تناولت عددا من الوضعيّـات في مدينة الشّـابة. طلبوا منّي التّوقيع على محضر بحث ولكنّي رفضت بدعوى عدم قانونيّة عمليّة ايقافي الّتي تأتي باستدعاء في عشيّة عطلة إداريّة (يوم سبت). بقيت في حالة إيقاف إلى حدود السّـاعة الثّـانية عشر من يوم الأحد 28 جوان حيث تمّ نقلي إلى الطّـابق الأوّل من المنطقة الخاص بالبوليس السّياسي وتمّ تبادل أطراف الحديث حول نشاطي الاعلامي والسّياسي واستعمالي لشبكة الانترنيت. ومن ثمّ تمّ اخلاء سبيلي بعد اعلامي بأنّه تمّ حفظ القضيّة نهائيّـا، وتمّ نقلي في سيّـارة خاصّة من نوع (Peugeot 106) خضراء اللّون إلى محطّة سيّـارات الأجرة بالمهدديّة وسلّموني بطاقة الهويّة خاصّتي وهاتفي الجوّال. بعض بضعة أشهر، وجّهت لي محكمة ناحية الشّـابة استدعاء للمثول أمام عدالتها يوم 23 فيفري 2010 بتهم الاعتداء على الأخلاق الحميدة وإحداث الهرج والتّشويش والقذف العلني، ولم يخض القاضي في تفاصيل الواقعة كما هو الحال بالنّسبة للقضايا من هذا النّوع بل اكتفى بذكر اسم لشاهد وتسلّم نيابات المحامين وأجّلها ليوم 16 مارس 2010. وجدير بالذّكر أنّ هذا الاستدعاء يأتي عل خلفيّة نشاطي الإعلامي في الآونة الأخيرة وخاصّة على خلفيّة التّقرير المصوّر لوضعيّة حيّ البراطل الّذي تمّ تشريد سكّـانه وهدمه بدون أيّ موجب قانوني ولصالح عدد من العائلات المتنفّذة، والّذي قمت بنشره في شكل ثلاثة أشرطة فيديو تصوّر وضعيّة الأهالي ووقائع قضيّة الهدم والإخلاء وتمّ نشره في موقع مجلّة وراديو كلمة الّذي أشتغل مع فريقه منذ مدّة ومنه إلى صفحات الموقع الإجتماعي الفايسبوك. ويأتي الاستدعاء للقضيّة في نفس الأسبوع الّذي تمّ فيه نشر الجزء الثّـاني من التّقرير المصوّر الّذي اشتغلت عليه منذ 27 جانفي الفارط. وفيما يتعلّق بملف القضيّة، فهي مفبركة وتحمل بين طيّـاتها خروقات عديدة سأقوم بذكرها في عدد من النّقاط كالآتي: يذكر السيّد نجيب امبارك (رئيس مركز الأمن الوطني بالشّـابة) في محضر البحث الآتي : « في السّـاعة والتّـاريخ أعلاه وردت على المركز مكالمة هاتفيّة من ادارة بلديّة الشّـابة مفادها تهجّم بعض الأشخاص على مقر البلديّة والتّجمهر وسط الطّريق العام معطّلين حركة المرور وعليه تمّ التحوّل رفق دوريّة المركز حيث عثرنا على جمع من الأفراد يتوسّطهم المدعو نزار بن حسن …إلخ » وكانت السّـاعة المذكورة أعلاه هي الثّـانية عشر. وكان رئيس المركز موجودا منذ الصّباح الباكر أمام البلديّة، وكان يتفاوض مع المعتصمين صحبة رئيس فرقة الارشاد بالمهديّة ومساعد رئيس المركز محمّد سلاّم. وزعمهم أن تتمّ عمليّة تعطيل حركة المرور أمام البلديّة غير منطقيّ فالشارع المقابل لقصر البلديّة يتّسع لعشرات السيّـارات وهو من الشّوارع القليلة في المدينة الّذي لا يتضمّن مشاكل في سير السيّـارات ويتمّ اعتماده لاحتضان التّظاهرات والاحتفالات والكرنفالات. كما يقول السيّد نجيب امبارك في محضر البحث : » وعليه تمّ استدعاء تعزيزات أمنيّة لحمل المتجمهرين على احترام القانون واخلاء الطّريق العام ». ورغم ذكر عبارة المتجمهرين تمّ ادراج القضيّة لي دون غيري ما يؤكّد كيديّتها. في وثيقة ثانية من ملف القضيّة، وهي الخامسة بعنوان : سماع المضنون فيه، ورد أنّه تمّ استنطاقي في مركز الأمن الوطني بالشّـابة على السّـاعة الثّـانية عشر ونصف من يوم الاعتصام. وأذكر أنّه بعد الاعتصام مباشرة توجّهت إلى المقهى مع جملة من الأصدقاء ومن ثمّ رجعت إلى منزلي وتمّ استدعائي على السّـاعة الخامسة مساءا وتمّ إيقافي لمّـا توجّهت إلى المركز ونقلت إلى منطقة المهديّة وتمّ هناك تحرير البحث، يعني ورقة واحدة تحمل تلاعبا بالمكان والزّمان كما تمّ استبدال أكثر ما في المضمون. وكانت شهادة عوني الأمن محمّد عبد الصّمد ومحمّد علي بن سالم من قبيل شهادة رئيسهم في العمل رئيس المركز باستعمال تقنية (copier-coller)، ويذكر أحدهم أنّ البلديّة « يتردّد عليها أولياء مرفوقين بابنائهم… » وهي ميزة لمؤسّسات تربويّة وليس مؤسّسة سياديّة كالبلديّة. وفي خرق واضح للقانون، يجلب أعوان الأمن متورّطا في قضيّة حقّ عام وبسيط الثّقافة ويقدّمون له وثيقة ليمضيها من دون الإمعان في تفاصيلها وتظهر فيما بعد شهادة ضدّي من دون أن يدري أنّه شاهد، ولم يكن هذا الشّخص موجودا يومها أصلا أمام البلديّة، واتّصل به عوني الإرشاد (نعمان بن حسن ورفيق الجّربي) وطلبا منه الابقاء على تلك الشّهادة وعدم التحرّك لنقضها وإلاّ سيتمّ توريطه في قضايا لا حصر لها، بل تمّت ملاحقته من قبل العون محمّد سلاّم ورئيس المركز نجيب امبارك لثنيه عن توقيع وثيقة تفيد أنّه لم يكن موجودا يومها وأنّه لم يقدّم أيّ شهادة ضدّي، وتمّ استدعاؤه لمركز الأمن لهذا الغرض وهدّد بــ »10 سنوات سجن »، فمركز أمن الشّـابة صار يعوّض قاعة المحكمة ليصدر الأحكام حسب المقاس واختيارات الأعوان العاملين فيه. الشّـاهد الآخر، لم يكن موجودا أصلا، ولن يتواجد في المستقبل، فهو شاهد زور متورّط في مقايضة شهادته ضدّي مع حفظ بعض القضايا وأكّد ذلك لكثيرين، وهو من أصحاب السّوابق العدليّة، وحوكم لتهم السّرقة الموصوفة والاعتداء على الأخلاق الحميدة ومواقعة قاصر…، ويعرف كلّ من في المدينة ممارساته أو التّجارة الّتي يمارسها الآن لكسب المال وعلاقاته المشبوهة مع عدد من أعوان البوليس. ولم يكن هذا الشّـاهد موجودا يومها فهو كائن ليليّ لا يتواجد قبل السّـاعة الثّـانية مساءا في غير الفراش. ومنذ الجلسة الأولى للقضيّة، يقوم عدد من الأعوان بمراقبة لصيقة لكلّ تحرّكاتي وتدوين بطاقة إرشادات لكلّ شخص يجلس معي ويجهلون هويّته، كما يقوم بعض الأعوان بالاستفزاز وخاصّة في المقاهي، بالاقتراب والجلوس بقربي وترهيب المحيطين بي من الأصدقاء. نزار بن حسن منظمة حرية وإنصاف
هل يتغيّر المشهد الإعلامي بتونس ايجابيا؟
محمد القوماني في ظل الجدال المحتدم خلال الفترة الأخيرة على أكثر من صعيد، حول واقع الإعلام بتونس، وبمناسبة احتفال قناة حنبعل، أول فضائية تونسية خاصة، بعيد ميلادها الخامس، والتي نحيّي القائمين عليها والعاملين بها في هذه الذكرى على ما بذلوه من أجل تثبيت موقعها داخل المشهد المرئي، أطرح وأدعوكم أن تطرحوا معي السؤال التالي: هل يتغيّر المشهد الإعلامي بتونس ايجابيا؟ كما أدعوكم أن نحاول الإجابة بموضوعية تتيح لنا قدرا من الواقعية والصوابية في تقييم المشهد الإعلامي ببلادنا والبحث في نواقصه واقتراح ما يجدّده ويطوّره بعيدا عن خطابات التمجيد والرضا أو العدمية والإدانة. تغيّر ظاهري .. لكن مهم ظل الإعلام عامة والمشهد السمعي والبصري خصوصا، حكرا على الدولة ببلادنا، أحادي الرأي والاتجاه، لحقبة طويلة بعد الاستقلال. فالجرائد المستقلة نظريا والتابعة للقطاع الخاص، كانت واقعيا منحازة بالكامل للسلطة التنفيذية، وتُنعت بشبه الرسمية. ولم تظهر أوّل صحيفة رأي إلا في نهاية السبعينات، والتي اختار لها مؤسسوها من المنشقين عن الحزب الحاكم اسم « الرأي ». ثم بدأت التعددية في الإعلام المكتوب تتكرّس تدريجيا مع صحف الأحزاب وبعض المنابر المستقلة الجديدة التي بدت أكثر جرأة في النقد والانفتاح على الرأي المخالف للسلطة. أمّا وسائل الإعلام السمعية والبصرية فظلت أحادية وحكرا على الدولة إلى فترة قريبة. ولا شك أن هذا المشهد تغير بصورة واضحة ظاهريا على الأقل. بعد الترخيص لإذاعة « موزاييك » أوّلا ثم إذاعة « الزيتونة للقرآن الكريم » لاحقا. وهما المحطتان التابعتان للقطاع الخاص واللتان سجلتا حضورا لافتا منذ انبعاثهما وربما صارتا أكثر استماعا وتواصلا مع التونسيين من الإذاعة الوطنية أو بقية المحطات الرسمية. وربما تغير المشهد أكثر، بعد الترخيص لأول فضائية خاصة في فيفري 2005 وهي قناة « حنبعل »، التي فرضت مكانها في الساحة الإعلامية بسرعة، واستقطبت جمهورا واسعا وخلقت منافسة للتلفزة الوطنية التي هجرها التونسيون تقريبا بعد الثورة الإعلامية التي عمّمت الفضائيات، ووجدوا في « حنبعل » بديلا عنها في متابعة الشأن التونسي. وبذلك دخل القطاع السمعي والبصري عصر التعددية والمنافسة وأنهى التونسيون العشرية الأولى من الألفية الجديدة بمشهد إعلامي تعددي قانونا وأرقاما، مختلفا عن الحالة التي سارت عليها الأمور خلال عقود الاستقلال من القرن الماضي. وهذا أمر مهم في حدّ ذاته. جرأة أكثر.. لكن تحرّر بطيء لا يبدو التغيّر في المشهد الإعلامي بتونس ظاهريا فقط، بل تغيّرا فعليا في المضمون والأداء ونسبة التحرّر والجرأة والنقد وطبيعة العلاقة بالقارئ أو المستمع أو المشاهد. فمنذ عشر سنوات تقريبا عن تدخّل رئيس الدولة المعلوم أمام مديري الصحف، الذي بثّته التلفزة التونسية آنذاك، في تفاعل غير خاف مع الإضراب عن الطعام الذي كان يخوضه الصحفي توفيق بن بريك، والذي أقرّ فيه أعلى هرم السلطة، رتابة المشهد الإعلامي من خلال الصحف المتشابهة في المضمون، والتي تُغني قراءة إحداها عن قراءة البقية، إضافة إلى ضعف الجرأة على النقد وعلى طرق مختلف المواضيع، نتيجة الرقابة الذاتية المُبالغ فيها، منذ ذلك التدخل، أعتقد أن الأمور في المستوى الإعلامي سارت تدريجيا باتجاه التغيير والتطوير. وإن متابعة موضوعية على سبيل المثال للمادة الإعلامية بإذاعة « موزاييك » وقناة « حنبعل » من حيث نوعية المواضيع ومستوى الخطاب النقدي ونسبة البرامج المباشرة ومشاركة الجمهور والجرأة في التدخل والتعبير عن الرأي في المواضيع المختلفة الثقافية والرياضية والاجتماعية، وتفاعل المنشطين مع مشاركات الجمهور، إن متابعة كهذه لتؤكد بالمقارنة بما كانت عليه الأمور فيما سبق، أن تغييرا إيجابيا في المشهد الإعلامي حصل. فنقد أداء الجامعة الوطنية لكرة القدم وتسمية الأمور بمسمياتها دون مداراة، والكشف عن إخلالات أو نواقص أو بنية تحتية مُذهلة في بعض الملاعب أو الجمعيات ومقارنة الخطاب والشعارات المرفوعة من قبل المسؤولين بواقع الحال وإحراج بعضهم في حوارات مباشرة، ومواجهة الرأي بالرأي الآخر في بعض المواضيع الخلافية، وتقييم أداء التحكيم في المقابلات ورفع ملابسات أو كشف بعض ما يدور في الكواليس عن تصرفات لاعبين أو مسيّرين للجمعيات الرياضية أو المشرفين على هذا القطاع…هذه المؤشرات في الميدان الرياضي التي نسوقها على سبيل الذكر لا الحصر، تقوم شواهد على ما نُقرّه من تطور ايجابي. ويمكن أن نضيف إليها مؤشرات عديدة في معالجة قضايا اجتماعية متنوعة لا تخلو من جرأة في كشف المستور أو التنبيه إلى حالات كارثية أو إحراج بعض المسؤولين أو مواجهة صاحب الادّعاء أو الحق بالطرف المقابل أو إعطاء الفرصة لأصحاب الرأي أو الاختصاص للمشاركة …وقد لمعت أسماء منشطين أو مشاركين في برامج تفاعل الجمهور مع جرأتهم أو صراحتهم أو إتقانهم لعملهم أو تمكنهم من ملفاتهم أو تحملهم لمسؤولياتهم، فأحبهم الناس وأقبلوا على برامجهم. وتلك مؤشرات أيضا على تطور وعي الجمهور الذي سئم الخطاب الخشبي والتدخلات المُعدّة سلفا وصار يقارن مِهنية الإعلاميين كما يقارن درجة الحرية والمصداقية ونسبة الجدّة والإبداع والقدرة على الإفادة أو الإقناع في ما يسمع أو يشاهد، ما دامت الثورة الإعلامية تتيح له مجالا واسعا لحرية الاختيار. إن مقارنة محلّية موضوعية بما كان سائدا، لتُرجّح التطور الايجابي الحاصل في الجرأة والنقد، خاصة في المشهدين السمعي والبصري الذين أحلنا عليهما فيما تقدم، من خلال إذاعة « موزاييك » و »قناة حنبعل »، بصرف النظر عن موقفنا أو نقدنا لهاتين المحطتين في جوانب أخرى. ويمكن أن نضيف إليهما في المشهد المكتوب الإشارة إلى درجة الجرأة العالية في صحف بعض أحزاب المعارضة، على غرار « الموقف » و »الطريق الجديد » و »مواطنون ». إذا صحّ ذلك محليا، فإن المقارنة العالمية، بل حتى العربية، ببعض المحطات الإذاعية والتلفزية، لتكشف بطء نسق التحرّر في المشهد الإعلامي التونسي من حيث القوانين المنظمة للقطاع ومن حيث الأداء والمضمون أيضا. نحو نسق أسرع ومشهد أفضل ربما اختارت الحكومة التعويل على القطاع الخاص لتطوير المشهد الإعلامي الذي ماانفك الخطاب الرسمي في مناسبات عديدة يدعو إلى تطويره لمواكبة تقدم البلاد والاستجابة لتطلعات المواطنين. وقد تتطور المؤسسات الإعلامية العمومية لاحقا من خلال تعاطيها مع ما تقتنيه من برامج بات ينتجها القطاع الخاص، على غرار برنامج « الحق معاك » في قناة تونس7، أو من خلال منافستها للمؤسسات الخاصة. وفي كل الأحوال سيجد القطاع العمومي نفسه مضطرا لمواكبة نسق التطور والتحرّر ليحافظ على مكان له ويحقق الرسالة الموكولة إليه. وإذ نتفهّم النسق البطيء في تحرّر القطاع العمومي وإن كنا لا نبرّره، فإننا نتطلع إلى نسق أسرع من التحرّر، بمعنى رفع القيود والتوجيه والتحكم من طرف الدولة، في القطاع الخاص. فالإعلام سلطة رابعة كما يُوصف، يحتاج إلى درجة من الاستقلالية عن السلطة التنفيذية، دون أن ينفصل عنها أو يتضارب معها، كما هو مطلوب عموما في استقلال السلطات المختلفة وتوازنها في نظام ديمقراطي. ومن هذا المنظور نُقرّ مطلب المعارضة المتكرّر بأن تحرير الإعلام يتم بإلغاء كل سلطة تقديرية يخوّلها القانون الحالي لوزير الداخلية أو لغيره في هذا المجال، والترخيص لكل الراغبين في إصدار صحف أو مجلات أو إنشاء محطات إذاعية أو تلفزية وفق كراس شروط عادل، وإخضاع وسائل الإعلام العمومية وفي مقدمتها مؤسّستي الإذاعة والتلفزة إلى مراقبة هيئة وطنية مستقلة وتعددية مشهود لها بالكفاءة والموضوعية. فوظيفة الدولة تطبيق القانون وليس توجيه الإعلام، وإن في إلغاء وزارة الإعلام خطوة أولى في الإقرار بأن الإعلام حرّ أو لا يكون. وقد صارت إجراءات إصدار وسيلة إعلام ورقية أو بعث مؤسسة إذاعية أو تلفزية تتم عبر الإنترنيت وبأسرع وقت ممكن في بعض الدول. وتلك من علامات تحّرر النظام السياسي. وكم يبدو المشهد الإعلامي الحالي بحاجة إلى انتعاشة وإلى إدخال حيوية عليه بالترخيص لصحف جديدة أو محطات إذاعية أو تلفزية، خاصة بعد أن بيّنت التجربة كما أسلفنا نجاعة العملية وايجابيتها دون مخاطر تُذكر. هذا من جهة القوانين المنظمة على سبيل المثال. أما من جهة المضمون فإن توسيع هامش الحرية كما هو الحال في المجال الرياضي الذي ألمحنا إلى بعض مؤشراته فيما سلف، ليشمل مجالات أخرى بنفس القدر، بما في ذلك القضايا السياسية الداخلية والخارجية، سيشكل نقطة تحوّل بارزة في تحرير الإعلام. وإن الجمهور الذي يتابع الملفات الرياضية وبعض الملفات الاجتماعية ويتفاعل معها بدرجة من التلقائية والجرأة والثقة، يحتاج لتوازنه ولكسب ثقته بالإعلام الوطني في سائر القضايا، إلى تعميم هامش الحرية ومستوى الأداء في مختلف الملفات والمجالات. ومن مؤشرات تحرّر الإعلام وثقة الجمهور به، أن يتعرّف المواطنون على وجوه المعارضة والمسؤولين عن الجمعيات المستقلة وأصحاب الفكر ممن لا يُجارون السلطة أو لا يوافقونها الرأي أو التقدير للمسائل، وأن ينصتوا إلى آرائهم، كما هو الحال في المجال الرياضي على الأقل. فلم يعد مقبولا في ظل التعددية السياسية المقرّرة في الدستور، أن تظل بيانات أحزاب المعارضة والجمعيات المستقلة محجوبة عن التونسيين وممنوعة من التداول العمومي باستثناء ما يلاقي منها هوى في السلطة أحيانا. ولم يعد لائقا أن يفاجأ التونسيون مرات ببلاغات أو مقالات مقروءة أو مسموعة ترد على بيانات أو مقالات أخرى لا يتداولها الإعلام الداخلي أصلا . ولا مبرّر لاستمرار منابر الحوار ـ على قلتها ـ في عزف لحن واحد وتكرار آراء الحكومة وتثمينها من قبل الموالين لها، دون أدنى مشاركة للرأي الآخر. وقد يكون في رفع العراقيل أمام توزيع صحف المعارضة، وتسهيل عقد مؤتمر توحيدي لنقابة الصحافيين، رسالة ايجابية قوية وعاجلة في تأكيد الإرادة الرسمية في تسريع نسق تحرير الإعلام. إن تونس التي تتوفر على جميع شروط البنية التحتية للانتقال الديمقراطي(دولة قوية، عدم وجود صراع اثني أو طائفي، نمو اقتصادي، نخب مثقفة ومنفتحة، أسرة نواتية تحررية، اقتصاد ليبرالي، طبقة وسطى واسعة، نسبة تمدن عالية…) تحتاج إلى مشهد إعلامي أفضل. وتلك بوّابة لا غنى عنها في مسار الإصلاح المتجدّد الذي نتطلع إليه. فالموجود، بكل المقاييس، مهما كان ايجابيا، يظل دون المنشود.
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ
بيــــــــــــــــان تحية للمرأة التونسية في مائوية عيد المرأة العالمي
تحل اليوم 8 مارس 2010 الذكرى المأوية ليوم المرأة العالمي الذي أقر إحياءه لأول مرّة المؤتمر العالمي للنساء الإشتراكيات باقتراح من المناضلة الإشتراكية كلارا زيتكين سنة 1910 تخليدا لتضحيات النساء ونضالاتهن من أجل حقوقهن الإقتصادية والإجتماعية والسياسية منذ نهاية القرن 19. للتذكير كانت الدّولة الإشتراكية الأولى في العالم بقيادة لنين أعلنت في عام 1921 يوم 8 مارس يوما عالميا للمرأة ثم لعبت القوى الإشتراكية خصوصا والتقدمية عموما التي قادت وأطرت نضالات النساء دورا حاسما لكي تقر منظمة الأمم المتحدة في سنة 1973 إعتبار 8 مارس يوما عالميا للمرأة. * إن الإحتفال بهذا اليوم يجب أن يتجاوز الطابع الشكلي ليرتبط بقضايا نضال النساء والرجال على حدّ السواء من أجل القضاء على مظاهر التمييز ضد النساء والتقدم على درب المساواة التامّة في الحقوق بين سائر أبناء المجتمع. * لقد آن الأوان لترفع مظاهر الغبن عن المرأة ، ويقع الكف عن تهميش دورها الإجتماعي والإقتصادي والسياسي ، والكف عن اعتبار حقها في العمل والأجر المتساوي مع الرجل مسألة فيها نظر ، خاصة ونحن نرى ما يقع من ترويج لوجهات نظر رجعية ترى أن » مكان المرأة الطبيعي هو البيت حيث يجب أن تبقى وتكف عن مزاحمة الرجال » . وإن هذه المواقف تحمل في نهاية الأمر النساء مسؤولية تفاقم البطالة ومختلف مظاهر الأزمة الإجتماعية والقيمية التي تعيشها البلاد وهي تهدد بالتراجع من مكاسب المرأة سواء في مادة الأحوال الشخصية أو في الشغل والتعليم والصحة وفي الحياة المدنية والسياسية التي تحققت بفضل نضال النساء والقوى التقدمية والنيّرة في تونس. * إن المطلوب اليوم هو تثبيت تلك الحقوق وتفعيلها حتى لا تبقى حبرا على ورق ، وتطويرها لما هو أفضل ولن يتسنّى ذلك إلا بالجهود النضالية للمناضلات والمناضلين التقدميين مجمعة ومتضافرة في مشروع وطني تحري وتقدمي. ولن يتحقق ذلك إلا برفع كل القيود الإجتماعية والثقافية والفكرية والسياسية التي تحول دون إنخراط جماهير النساء في ممارسة حقوقهن كما تحول دون تحملهن مسؤولية النشاط الإنتاجي والخدماتي وقيادة هياكل المجتمع المدني من احزاب ونقابات وجمعيات والإشراف على هياكل إدارة الشأن العام في مجتمعنا. *إن معركة تثبيت الحقوق وتطويرها في مجتمعنا هي جزء من نضال النساء الوطني والتحرري في محيطنا العربي والعالمي فنضال المرأة التونسية هو جزء من نضال المرأة العربية من اجل مقاومة قوى التخلف والإستبداد والرّجعية التي تسعى لتكبيل جماهير النساء وإخضاعهن لتصوّرات مختلفة وتحرمها من حقوقها الإنسانية والمدنية الأساسية وتسعى للحيلولة دون مساهمتها الفعلة في تحرير المجتمع وتحرير الوطن الذي يتعرض للإحتلال الصهيوني والهيمنة الأمبريالية في عديد المناطق وخاصّة في فلسطين والعراق . إن إطلاق حرية النساء هو إطلاق لهذا المخزون النضالي التحرري محليا وعربيا وعالميا ، إذ ان تحرير المرأة التونسية والعربية عموما هو جزء من قضية تحرر المرأة على الصعيد الإنساني في اتجاه بناء المجتمع العادل المناهض لكل مظاهر الحيف والظلم ومن أجل الإنتصار لقضايا المجتمع الوطني والإنعتاق الإجتماعي في كل بقاع العالم. وإذ يتوجه حزب العمل الوطني الدّيموقراطي بتهانيه للمرأة التونسية بهذا العيد فإنه يؤكّد بهذه المناسبة يؤكّد مساندته لمطالب النساء وخاصة منها: 1) ضرورة أن تدفع الدّولة تحفظاتها على الإتفاقية الدّوليّة الخاصة بمناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة. 2) إقرار المساواة الكاملة بين الرّجال والنساء في الحقوق والواجبات 3) تفعيل حق المرأة في الشغل ومبدأ تكافىء الفرص في العمل بين الرّجال والنساء. 4) إقرار المساواة الفعلية في الأجور بين النساء والرّجال. سيما وقد أثبت النساء العربيات أحقيتها في المساواة عبر مساهمتها في النضال الهادف للتحرّر الوطني والإنعتاق الإجتماعي والنهوض بالمرأة مثل المناضلات نبيهة بن ميلاد وقلاديس عدة وبشيرة بن مراد من تونس وجميلة بوحيرد من الجزائر وليلى خالد من فلسطين وغيرهن. تونس في 08/ 03 /2010 حزب العمل الوطني الدّيموقراطي قائمة مراسلات حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ info@hezbelamal.org للاتصال بنا : aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى SUBSCRIBE للإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى UNSUBSCRIBEلفسخ الإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها http://www.hezbelamal.org/ موقع حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ
ردا على تصريحات وزير التعليم العالي في المجلس الأعلى لتنمية الموارد البشرية: الجامعة العامة لم ترفض إمد… الوزارة رفضت الجامعة العامة
انعقدت الدورة السادسة للمجلس الأعلى لتنمية الموارد البشرية يوم 13 فيفري بالوزارة الأولى وسنستعرض هنا ردود وزير التعليم العالي على مداخلات أعضاء المجلس. فقد نفى السيد الوزير أن يكون الإصلاح قد فرض علينا من البنك الدولي الذي لا تتجاوز مساهمته 2 بالمائة من المخصصات الحالية للبرنامج وهي موجهة بالأساس إلى البنية التحتية وخاصة البناءات. كما تعرض إلى النقص الفادح الكبير الملحوظ في الإطارات الجامعية كما ونوعا .مؤكدا مشاطرته الرأي القائل بالارتفاع الكبير لنسبة الإطار غير القار كما هو الشأن بالنسبة لعدد أساتذة التعليم الثانوي وهو ما ستعمل الوزارة على تلافيه في اقرب وقت ممكن على حد قوله . وقلل الوزير من جهة أخرى من أهمية التصنيفات العالمية التي صدرت أخيرا وأظهرت غياب المؤسسات الجامعية التونسية في ترتيب أفضل الجامعات معللا ذلك بعدم وجاهة المقاييس المعتمدة في تلك التصنيفات . أما بخصوص نقابة التعليم العالي فقد أكد السيد البشير التكاري تواصل الحوار شريطة الحفاظ على الثوابت وهي الإقرار بضرورة تطبيق منظومة » إمد » وذلك لنجاعة المنظومة وقدرتها على تامين التشغيلية مضيفا أن 2 بالمائة من المنتوج الداخلي الخام يخصص للتعليم العالي العمومي ( الطريق الجديد 27 فيفري 2010). لا نريد أن نناقش تصريحات السيد الوزير حول ضعف الإطار الجامعي الذي أصبح معضلة وان كان إقرار الوزير بذلك ليس جديدا ولا يطمئننا البتة إذ أن سابقه قد اقر بذلك مرارا وتكرارا بمناسبة مناقشة ميزانية وزارة التعليم العالي وآخرها تصريحاته حول هذا المشكل سنة 2008 ورغم ذلك ظلت الأمور على حالها وظل ألاف الحاملين لشهادة الدكتوراه عاطلين عن العمل أو خاضعين لنظام التعاقد بكل ما فيه من هشاشة وامتهان لكرامتهم . ولا نريد أيضا أن نناقشه حول مكانة الجامعات التونسية في التصنيف العالمي إذ أن الطعن في المقاييس هو المخرج السهل طالما لم يفدنا بالمقاييس المنصفة التي لا شك أنها ستجعل من جامعاتنا رائدة زمانها . لا نريد أن نناقشه في كل ذلك فما نعتقد أننا سنخرج اثر نقاشنا بطائل . نريد فقط أن نتوقف بعض الشيء عند تصوره للعلاقة بالهيكل النقابي الجامعي. هل وجد حوار ليتواصل؟ يؤكد السيد وزير التعليم العالي أن الحوار مع نقابة التعليم العالي سيتواصل وهو تعبير غامض يحتاج إلى توضيح . لقد رفضت الوزارة منذ عشر سنوات التفاوض مع الهيكل النقابي الجامعي . واتخذت بمفردها كل القرارات المتحكمة في مصير الجامعة. سن القانون الجامعي الإطاري بدون استشارة أحد و جاءت الأوامر التنظيمية فوقية منزلة على إطار مغيب تماما. وحتى الجلسات التي جمعت بين الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي والوفد الوزاري حول مستحقات امد كانت أشبه كما سميناها دائما في مقالاتنا السابقة بجلسات استماع انتهت باتفاق أجرد على زيادات هزيلة تكفلت المركزية بإمضائه مع الوزارة الأولى الشيء الذي أدخل القطاع في حالة من اليأس من جدوى العمل النقابي.مع تنامي الدعوات إلى الانسلاخ من المنظمة الشغيلة. كل ذلك وسط مناخ من العزوف منقطع النظير عن الانخراط في أي نضال يهدف إلى تحسين أوضاع الجامعيين.. من رفض منظومة امد؟ أولا فليسمح لنا السيد الوزير بان نبدي بعض الاستغراب من استعمال كلمة « ثوابت » في الحديث عن منظومة امد . التي ليست غير اختيار قد نلجأ إلى تغييره مثلما غيرنا من قبله كثيرا من الاختيارات. ولم يقل لنا احد أن ما اخترناه كان من الثوابت وإلا صار الثابت كالمتحول لا فرق بينهما غير إرادة المتكلم. لقد اعتقدنا أن الثوابت تتعلق بمسائل جوهرية ترتبط بالتعليم العمومي وبمجانيته وجودته وبحق كل تونسي متحصل على شهادة الباكالوريا في مقعد بالجامعة. لقد تصورنا أيضا أن الثوابت تتصل بمسؤولية الدولة في ضمان شغل كريم لكل متحصل على شهادة عليا. ولكن فلنصرف النظر عن كل ذلك لنرى ما يمكن أن تخفيه الكلمات من معان. لا شك أن السيد الوزير يرد بهذا الكلام على الانتقادات التي وجهتها الجامعة العامة لمنظومة أمد . وكأنه استشعر من هذا النقد رفضا للإصلاح. ونحن إنارة للرأي العام نقدم لقرائنا الكرام الاستنتاجات التي قدمتها الجامعة العامة على لسان كاتبها العام السيد سامي عوادي بمناسبة الندوة التي نظمتها يوم 2 دسيمبر 2009 وموضوعها « التقييم الأولي لمنظومة امد » وذلك بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس والتي شارك فيها خبراء من المغرب والجزائر وفرنسا . سنكتفي هنا بالاستنتاجات والاستخلاصات التي انتهت إليها الجامعة العامة اثر الاستبيان الذي قامت به والذي شارك فيه حوالي 400 أستاذ جامعي. الجامعة العامة لم ترفض إمد، الوزارة رفضت الجامعة العامة. إن موقف الجامعة العامة من منظومة إمد كان دوما من داخل المنظومة ذاتها أي أنها لم ترفض ابدا الانخراط في هذا الإصلاح الذي فرضته سيرورة العولمة أحببنا ذلك أم كرهنا لكنها ظلت تنادي ومنذ كان الإصلاح في طور المشروع بضرورة استشارة المعنيين به من أساتذة وطلبة ومكونات مجتمع مدني ذات صلة بالإصلاح التربو ي . وهو ما لم يتم . لذلك جاء الإصلاح منقوصا ومشوها ولم تتوافق نتائجه الأولى مع الأهداف التي رسمت له وتمثلت أهم النواقص في : أ ) نقص في إشراك مختلف الأطراف المعنية وخاصة منها الهياكل العلمية والمهنية ( مجالس علمية ومجالس جامعات ونقابات ) وفي ذلك إخلال بمبدأ وقاعدة التصرف الرشيد ب) عدم تهيئة الظروف المادية والبيداغوجية لانطلاق عملية الإصلاح ج)عدم دراسة متطلبات الشغل حتى يتاح رسم ملامح الإجازات ومحتوى برامجها د) نقص في التقدير الصحيح للعلاقات بين التكوين الأساسي والتكوين الممهن أو التطبيقي وأدى كل ذلك إلى أن التكوين الذي تلقاه الخريجون الأوائل في إطار الإجازة لم يكن مستجيبا لمتطلبات سوق الشغل والاقتصاد الوطني لان تلك المتطلبات بقيت غير معلومة بدقة . وبقي العامل الأساسي المتحكم في توجيه الطلبة ليس المتطلبات الحقيقية لسوق الشغل في الاختصاصات التقنية الجديدة بل كان هاجس الوزارة التقشف في المصاريف أي التركيز على الاختصاصات التي يكون فيها تكوين الطلبة اقل كلفة . وعوض الاهتمام بأسباب ضعف التشغيلية وقع الاكتفاء بتوجيه إصبع الاتهام إلى الاختصاصات الأدبية والإنسانية وتعويضها باختصاصات تطبيقية لا تطبيق فيها أحيانا ولا خبرة ولا مؤهل حقيقي وهكذا جاء الإصلاح مشوها وخاليا من كل مبادرة أو تجديد فعلي بل أدى إلى ضعف المستوى التكويني في كل الاختصاصات تقريبا كما آل في كثير من الأحيان إلى مزيد إرهاق الأساتذة بسبب تعدد الوحدات وكثرة اختبارات المراقبة المستمرة وتمطيط السنة الجامعية كل ذلك بدون فائدة ترجى للطالب وبدون مقابل للأستاذ في جو من التشكك العام من الأساتذة والطلبة من جدوى إصلاح أكثرهم لا يفهمون تفاصيله بل يقعون ضحية له وكأنه قدر غامض مسلط عليهم. ماذا يمكن أن يعني السيد الوزير بتصريحاته ؟هل يعني أن إمد من المقدسات التي لا تناقش لعلويتها التي تجعلها من اختصاصات الدولة التي لا تقل عنها علوية؟ هل نفهم من كلامه انه يضع شرطا جديدا من قبل وزارة لا رغبة لها في الحوار الجاد بعد أن حسمت قضية التمثيل النقابي ؟. هل يكون اعتبارا إمد من الثوابت مدخلا لرفض أي نقاش حول ضرورة تطوير المنظومة وتعهدها بالمراجعة والنظر كما يقع ذلك في كل بلاد الدنيا.؟ أم هل يكون ذلك تعلة لرفض النقاش حول القوانين الأساسية المرتبطة بالأسلاك الجامعية المختلفة أو أية مسألة أخرى باسم مساسها بالثوابت. لسنا على علم بما يخبئه المستقبل ولكن عندما يستبعد ممثل الجامعة عن حضور أشغال المجلس الأعلى للبحث العلمي الذي انعقد أخيرا وهو الخبير في شؤون الجامعة تدريسا وبحثا ويعوضه عضو من المركزية مع احترامنا للجميع فان شيئا ما يخبأ للجامعة التونسية وممثلها النقابي قد يكون من صنع وزارة غير قابلة للحوار ومنظمة شغيلة متعاونة جدا. عبدالسلام الككلي الموقف 12 مارس
بحري العرفاوي :في المكان والأوساط المعينة
بحري العرفاوي نشر السيد حسن بن عثمان نصا* تعرض فيه لمقالاتي بجريدة «الصباح» وقد نهج فيه نهجا لا يبدو علميا لذلك أسوق جملة من الملاحظات أهمها: النقد واللدغ السيد حسن بن عثمان يريد تبليغ «معلومة» محددة يظنها مؤذية أو يمني النفس بأن تكون كذلك حيث يعتمد منهجا «معاصرا» في «النقد» يقومُ على» اللدغ» وعلى كشف «الأوساط المُعَيّنة» التي ينتمي إليها المعني بالنقد أو «اللدغ» تأملوا قوله: «الذي هو شاعرٌ معروف في أوساط معينة ويُعبر فكريا عن انتماء إلى اتجاه مخصوص». أشكرك على تشريفي بأنني «معروفٌ». وأما عن الأوساط المعينة فأرجو أن تدل عليها لإتمام «المعروف» ولعلك واحدٌ من تلك «الأوساط» بما أنك من الذين يعرفونني! وأما إن كنتَ بصدد تحسس نافذة تتسلل منها فدونك وإياها! وأما تأكيدك انتمائي «إلى اتجاه مخصوص» فتلك «معلومة «أجهلها عن نفسي إذ بي شوق إلى الإنسان / المفرد الجمع وإلى الفكرة حرة شجاعة وإلى شركاء المكان لا أستثني أحدا وأعتز بأنني ذو حمية وطنية لكل تونسي من حيث هو كذلك. كأن بالسيد حسن بن عثمان يُقدمُ نفسه خبيرَ» نوايا» يطمحُ إلى تكليفه بمهمة الكشف عن المتسللين في اللغة إذ يقولُ : «فاللغة تكشف هوية من يكتب ويتكلم بها>>. التأويل والتهويم السيد حسن بن عثمان لم يكن معنيا بقراءة النص الذي صدر لي بمنتدى «الصباح» بتاريخ 10 فيفري 2010 بعنوان « في الديمقراطيات العربية « إنما كان على عجل لعمل أي عمل! إنه لم يقرأ النص لا في ظاهر قوله ولا في إيحاءاته ـ مع إنه روائي نشهدُ لهُ بثراء قاموسه وكثافة صوره وطرافة أفكاره ـ رغم انتمائه لعوالم « لا تحت الأرض ولا فوقها» ولمحطات «بروموسبور» ولمحيط «… يفقد صوابهُ « لفرط « الشِيخان»! أنا لا أريد أن أصدق بأن السيد حسن بن عثمان جادّ في استنتاجاته تلك أو إن تلك حدود فهمه حين يقول متعجبا: «نتعجب تمام التعجب من هذا المصطلح الغريب الذي يُحوّل مواطني الدولة الواحدة إلى «شركاء مكان» أي إن ما يجمعهم لا يعدو سوى مكان من الأمكنة يتشاركون في الإقامة عليه. وهكذا وحسب منطوق هذا المصطلح من الممكن تحويل الدولة مثلا إلى شركة بما أنها تضم «شركاء مكان» حسب تعبيره الغريب العجيب. وحينها بإمكان الشركاء حلها أو تقاسمها أو وضع أسهمها في البورصة»… مثل ُهذه المفردات لا يليق إطلاقها على الوطن ولا أجدُ حماسة في الرد عليها ولا أريدُ تصديق كونك تعني ما تقول أو تظن بمن تعتبره شاعرا مثل هذه التصورات ذات الإحالات التجارية وأنت تمضي نصك بـ«كاتب وروائي>>. شركاء المكان إذا كان لا بُد من توضيح ما هو متضح فلا بأس من القول بأن صاحب النص هذا ليس «معروفا في أوساط معينة» فقط، بل إنهُ ذو نزوع كوني في تعلقه بفكرة «الحياة» وبقامة «الإنسان» وبقيم الجمال والحرية والحب…. لهُ أشواق أرحب من أيّ «اتجاه مخصوص» ولهُ شجاعة أدبية تدل عليها نصوصهُ،لا يُخفي قناعة ولا يُبيت نوايا فلا تجهد نفسك في استنباطات لن يصدقك فيها أحدٌ. في مقالات شتى وبمواقع عدة أشرنا إلى أن «المكان» ليس مجرد مساحة جغرافية إنما هو تاريخ وثروة وثقافة ومستقبل وأجيال وحركة في الزمن وبالزمن… وشركاء المكان ليسوا فقط المختلفون في الأفكار والإنتماءات إنما هم أيضا المختلفون في الماهية والنوع من جنس الكائنات غير العاقلة من الحيوانات البرية والأهلية ومن الزواحف أيضا نحفظ وجودها وسلامتها ونحسن التعامل معها ونحفظها من الإنقراض ونمنع الإساءة إليهاـ مع التوقي الدائم من مُحاولات لدغهاـ.. شركاءُ المكان أشجار ونباتات وزهور وأشواكٌ نحرص على حضورها في بيئة متوازنة تكون فيها الحياة ممكنة، شركاء المكان علامات أثرية من صخور وتماثيل ونحوت ونقوش ومخطوطات هي كلها بعض مكونات هوية المكان الذي نسميه «الوطن» نربو به عن أي تسمية مما لا نصدق كونك استنتجتها من مصطلح « شركاء المكان>>. إن كان السيد حسن بن عثمان جادا في الكتابة بما هي فعل في التاريخ وإنتاج للمعنى وتنمية للوعي وهندسة للأرواح وانسياب في تفاصيل الحياة فإنهُ قادرٌ على أن يكون واحدا من العلامات الدالة إلى المستقبل… أعتقد أن من أوكد مهام المثقفين ليس فقط خوض النقاش إنما وبالأساس البحث عن جدواه حين يطرحون القضايا الحقيقية وحين يعتمدون مناهج منتجة للمعاني والأفكار وحين يلتزمون قيما تربو عن كل أشكال الإيذاء وعن الأدوار غير الثقافية فلكل ميدان أهله (!) وهم أدرى بتفاصيله ومواقيته. كاتب وشاعر تونسي bahri.arfaoui@yahoo.fr (الصباح 5 مارس2010) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * (نص حسن بن عثمان موضوع الرد … الصباح 20 فيفري)
شركاء المكان؟ حسن بن عثمان
تحتضن صفحة المنتدى بجريدة «الصباح» اسماء لها وزنها فكريا وثقافيا وتحتضن توجهات فكرية وثقافية متنوعة. على سبيل المثال، نشير إلى مقالات* بحري العرفاوي الذي هو شاعر معروف في أوساط معيّنة ويعبّر فكريا عن انتماء إلى اتجاه مخصوص، وقد سجّل أكثر من مرّة ما سمّاهم «شركاء المكان» فيما كتبه، ونجده في مقاله الأخير ليوم الأربعاء (10/2/2010) بعنوان «في الديمقراطيات العربية» يختم بالتساؤل التالي، الذي هو لبّ موضوع مقاله: «إلى أي حدّ نحن مستعدون للقبول بشركاء المكان إذا ما اختلفوا معنا في فكرة أو عاطفة أو رجاء؟ إلى أي حدّ نحتمل خصومنا ونصطبر على من أساء إلينا؟ إلى أي حدّ نحن مستعدون للإعتراف بخطإ تبين لنا عندنا وبصواب تبين لنا عند غيرنا. تحتاج الديمقراطية تواضعا للحقيقة والمصلحة لا فلسفة ودساتير فقط>>. نتفق معه على أن الديمقراطية تحتاج تواضعا للحقيقة والمصلحة، لكن نتعجب تمام التعجّب من هذا المصطلح الغريب الذي يحوّل مواطني الدولة الواحدة إلى «شركاء مكان»، أي أن ما يجمعهم لا يعدو سوى مكان من الأمكنة يتشاركون في الإقامة عليه، وهكذا، وحسب منطوق هذا المصطلح، من الممكن تحويل الدولة مثلا إلى شركة بما أنها تضمّ «شركاء مكان» حسب تعبيره الغريب العجيب. وحينها بإمكان الشركاء حلّها أو تقاسمها، أو وضع أسهمها في البورصة؟ إذا كان الناس الذين يسكنون بلادا واحدة لا يشتركون في المكان وفي الزمان وفي الكثير من ضروب الإيمان، فلا يمكن أن يكونوا شركاء في أي شيء، وخصوصا في المكان، والمشترك هنا ليس، طبعا، بمعنى التطابق واهدار المختلف والمتنوع، ولكنه يتعلّق بالمشترك الوطني التاريخي والقيمي والقانوني والدستوري والتنموي، وبالمشترك المستقبلي، وفي كلمة، بكل ما تنتظم به المجتمعات الإنسانية وبه تبلور هُويتها وتنخرط في نحت كيانها، أما عن الديمقراطية، سواء كانت غربية أو هندية أو حتّى صينية أوعربية… فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يدور نقاشها أو صراعها حول الكليات، وإنما مجالها الجزئيات، والجزئيات فقط، وإلاّ تحوّلت إلى إقتتال طوائفي وتحزّبات فتن وأوبئة تستأصل «شركاء المكان» أنفسهم، بل المكان ذاته. لا بد من النقاش ومزيد النقاش، ولابد من الإنتباه للغة النقاش، فاللغة تكشف هُوية من يكتب ويتكلم بها، وكم نحن في حاجة إلى أكثر من «منتدى» على غرار منتدى جريدة الصباح في عهدتها الجديدة. كاتب وروائي تونسي hassenbenothman59@yahoo.fr ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * (المقال المقصود … الصباح 10 فيفري)
في الديمقراطيات العربية بحري العرفاوي*
الديمقراطية كمفردة وكدلالة لم تنشأ في فضائنا العربي الإسلامي إنما وفدت ضمن مشهد حضاري شامل رافق حملة نابليون بونابرت على مصر (1798ـ1801 )، لم تكن تلك الحملة عسكرية فقط إنما كانت حضارية بالأساس حيث تنتصر ثقافة الغالبين عادة. تلك الحملة مثلت صدمة للوعي العربي وأنتجت سؤالا مفصليا: لماذا تقدم الآخرون وتخلف العرب؟ وكانت الإجابات ثلاث: دعوة إلى التأسي بالسلف، دعوة إلى المواءمة بين مقومات الهوية ومنتجات العقل ثم دعوة إلى التحرر من التراث كله باعتباره عائقا أمام مشاريع التقدم. نشأت حركات إصلاحية جادة تحاول تجديد الفكر العربي والمفاهيم الدينية كي تتسع لمنتجات العقل الغربي من معارف وتنظيمات ومبادئ من جنس الحرية والعدالة والمساواة. قيم تجد لها امتدادا في الإسلام وربما أمكن قياس الديمقراطية على الشورى في بعض الوجوه… مصلحون عديدون من مختلف الأقطار العربية متزامنون ومتتابعون على امتداد أكثر من قرن تكلموا في عوامل الإصلاح وأسباب التقدم تكلم الطهطاوي (1801ـ 1873) في ضرورة استفادة البلاد الإسلامية من «الإفرنج» « في كسب ما لا تعرفه» كما تكلم خير الدين باشا التونسي (1810ـ 1890) في «إجراء تنظيمات سياسية تناسب التنظيمات التي نشاهدها عند غيرنا في التأسيس على دعامتي العدل والحرية الذين هما أصلان في شريعتنا» وتكلم أحمد بن أبي الضياف (1804 ـ 1874 ) في « السياسة الشرعية التي حقيقتها الفعل الذي يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد وإن لم يضعه شرعٌ ولا نزل به وحي» وتكلم عبد الرحمان الكواكبي (1849ـ 1903). في « طبائع الإستبداد « رابطا بين المعرفة والتحرر وبين الجهل والإستعباد. تكلم محمد عبده وجمال الدين الأفغاني والطاهر الحداد وكثير ممن أفاقوا على وقع أحذية عسكر ترعبهم وتثير إعجابهم في آن فتكنولوجيا القتل بقدر ما تخيفنا بقدر ما تثير انتباهنا فتتوالد أسئلتنا عن سبب تخلفنا قبالة تقدم غيرنا. لم يكن ثمة متسع من الوقت كي يُجيب المصلحون أولائك عن أسئلة التخلف والتقدم وكي يقتربوا من الشروط الحقيقية للإصلاح وأولها «الديمقراطية» حيث تتالت موجات الإستعمار على كل الدول العربية لتنشغل العقول عندها بسؤال المقاومة وأساليب تهريب السلاحّ! هل كان ممكنا الإستماع إلى خطاب الديمقراطية وإلى فلسفة الأنوار مترجمة في فوهات المدافع والدبابات؟ «الديمقراطية» بما هي ثقافة سلوكية وفلسفة في الحكم هل كان يمكن إشاعتها في طقس عاصف تدك فيه الماكينة الإستعمارية كل مقومات «الدولة» وتدفع باتجاه نشأة وقود «الثورة»؟… كانت الأوطان بأشد حاجة لذوي نزعة قتالية دفاعية ولم تكن معنية بخطاب «الديمقراطية>>. حين نشأت «دولة الإستقلال» كان خطاب «التنمية» هو السائد وكانت الحاجة أيضا إلى تأكيد سلطة الدولة … «الجماهير» كانت بصدد الإحتفال الدائم بالإستقلال ولم تكن منشغلة بمطلب الحرية ـ داخليا ـ أو ما يُصطلح عليه « ديمقراطية» في أبعادها الفكرية والسياسية … بعض من شركاء حكومات الإستقلال أو من النخبة الناشئة لم يكونوا ليمثلوا إحراجا إذا ما عبروا عن اختلاف أو خيبات أمل. كان الناسُ بحاجة إلى من يدفع عنهم أشباحا مما رأوا ـ أيام الإستعمارـ من جوع وبرد وحر وأوبئة وخوف… لم يكن هؤلاء ليسألوا عمن يحكم أو بما يحكم. بعد أكثر من نصف قرن من استقلال جل الدول العربية مازالت بيئتها عاجزة عن استنبات « ديمقراطية» حقيقية في اتجاهاتها الأفقية والعمودية تمتد من الأسرة إلى المؤسسة إلى الجمعيات والأحزاب إذ الديمقراطية ليست مجرد آلية انتخابية بقدر ما هي ثقافة سلوكية ونظامٌ اجتماعي بأبعاده السياسية والفكرية والإجتماعية. علينا أن نسأل بشجاعة ثقافية وبجرأة سياسية إن كانت «الشخصية» العربية قد تحررت من «عقدة الإستبداد» ؟ استبداد الفكرة واستبداد الشهوة واستبداد القرار واستبداد التدبير والتصريف واستبداد التفسير والتعريف؟. لا جدوى من «جبرية سياسية» لا تكف عن اتهام فاعلٍ خارجي ولا تجرؤ على الإشارة أحيانا إلى حيث تفترض الإشارة… يُفترض توجيه الأصابع إلى أنفسنا أحيانا لنسأل: إلى أي حدّ نحن مستعدون للقبول بشركاء المكان إذا ما اختلفوا معنا في فكرة أو عاطفة أو رجاء؟ إلى أي حدّ نحتمل خصومنا ونصطبر على من أساء إلينا ؟ إلى أي حد نحن مستعدون للإعتراف بخطإ تبين لنا عندنا وبصواب تبين لنا عند غيرنا؟ تحتاج الديمقراطية تواضعا للحقيقة والمصلحة لا فلسفة ودساتير فقط. * كاتب وشاعر تونسي bahri.arfaoui@yahoo.fr
فضيحة تصفية رواق الاتحاد-تسجيل حي يكشف اضطراب عملة حضيرة الهدم مع اللافتة المثبتةأبو بكر بن الطاهر بطّيخ حي الرياض/5016قصرهلال الهاتف الجوّال/93259199 الهاتف القار/73545075
نداء الى الأخ معز بن غربيّة *برنامج الحق معاك*
قناة تونس7 الموزع الصوتي/88401702
-الموضوع/لفت نظر الى فضيحة ومظلمة كبيرتين.
أخي معز، نسرد على مسامعكم وقائع فضيحة ومظلمة تدور أحداثها في مدينة قصرهلال المناضلة. أتصل بكم بصفتي مساهم بالوراثة في شركة رواق الاتحاد بقصرهلال، »شركة راوق الاتحاد » شركة خفية الاسم،تشتمل أصولها على قاعة سينما وقطعة أرض تابعة لها معدة للاستعمال كمسرح للهواء الطلق،وجملة المساحة هي1815 متر مربع،تخضع هذه الشركة لقانونها الأساسي،والى مجلة الشركات التجارية. أسست هذه الشركة في 19 جويلية1946،تعد578 مساهما،ويتكوّن رأس مالها من1513 سهما،رأس مالها ثمانية آلاف دينار،قيمة السهم الاسمي الواحد خمسة دنانير،عندما نقسّم رأس المال على قيمة السهم نجد8000000 /5000=1600 مع العلم بأن العدد الرسمي للأسهم هو1513 فيكون الفارق87 سهما،وهي الأسهم التي وقع شطبها أو شفطها من قائمة الأسهم عند الترفيع في رأس المال من 5000د الى8000د ولا أحد يعرف السبب؟؟؟ أخي معز، انني في المدة الأخيرة،كبقية ورث ة المساهمين الأوائل في حيرة شديدة،فنحن نطالب رئيس مجلس ادارة الشركة الغائب من المدينة والمقيم بتونس العاصمة السيد حسين الزياتي باطلاعنا حالا عن حقيقة وضع الشركة الشهيدة بعد مباشرة اغتصابها وهدم أحد أهم أصولها وهي »قاعة سينما رواق الاتحاد »؟؟؟ فوجئنا يوم10 فيفري2010 بتعليق معلقة خشبية كبيرة الحجم على واجهة قاعة السينما وقطعة الأرض التابعة لها تفيد ببيعها لشركة »أوليس للتوزيع »،ولا حظنا في أعلى المعلقة وجود عبارة »الجمهورية التونسية »وكذلك عبارة »بلدية قصرهلال »، ولسائل أن يسأل ما هو مبرر استعمال المشرفين على المشروع (المفوّت والمشتري وبلدية قصرهلال) لهاتين العبارتين على معلّقة تهم مشروع خاص بالأساس لا صيغة عمومية له؟؟؟هل الغاية منه ارهاب المساهمين حتى لا يبادرون بالمطالبة بحقوقهم؟؟؟ وفي3مارس2010 اتصلت شخصيا بالسيد معتمد قصرهلال الذي لقيت منه قبولا حسنا،وقعت المقابلة على الساعة الثانية بعد الزوال،فأصغى باهتمام شديد لحيثيات الموضوع وبادر في الحين بالاتصال بالسيد كاتب عام بلدية قصرهلال وأمره بتغطية العبارتين المذكورتين من لافتة المشروع،وقد تم ذلك فعلا في نفس اليوم على الساعة الرابعة مساء،وله الشكر الجزيل على وقفته الحازمة نصرة للحق وللقانون مع رجائنا بأن يحيل الملف بمجمله الى التفقدية العامة الادارية والمالية لوزارة الداخلية والتنمية المحلية. ولا حظنا وهو الأخطر والباعث على الاستياء بأن أشغال الهدم قد بدأت يوم22 فيفري2010 وهي تتواصل الى حد هذا اليوم،ولا نعلم من خوّل لرئيس مجلس الادارة بالتصرف والتفويت في ما لا يملكه؟؟؟ والغريب العجيب أن رئيس مجلس الادارة،المتغيب عن مدينة قصرهلال،واللائذ بالصمت المحيّر القاتل بمقر اقامته بتونس العاصمة لم يتصل بالمساهمين أصحاب الحق الشرعيين ولم يعلمهم بثمن الصفقة الى حد هذا اليوم خصوص وأنه قد خالف وداس القانون الأساسي للشركة وخاصة المادة49 منه ؟؟؟ ان المادة 49 من القانون الأساسي للشركة تنص على مايلي، « في حالة ما اذا بلغت خسائر الشركة ثلاثة أرباع رأس المال،يكون مجلس الادارة مطالبا بعقد جلسة عامة بكل المشتركين للنظر في امكانية حل الشركة،أو مواصلتها » وطبقا للفصل49 فانه يتضح جليا بأن بيع الشركة،أو حلّها ليس من مشمولات رئيس مجلس الادارة،بل هو من صلاحيات المساهمين في الشركة وحدهم ف،وهذا يعني بأن رئيس مجلس ادارة الشركة قد قام بتجاوز صارخ للقانون الأساسي وخصوصا للمادة49 منه مما استوجب المحاسبة والمقاضاة؟؟؟ أخي معز، نطلب منكم ونرجوكم التدخل السريع حتى نتمكن من تحصيل حقوقنا،ونناشدكم بحرارة مقولة »ما ضاع حق وراءه طالب » الاتصال بنا بعد اتصلنا بكم دون جدوى عبر موزع برنامجكم الصوتي المدرج رقمه في مقدمة الر سالة،واننا نضع على ذمتكم الملف القانوني الكامل للشركة،ولعل أحسن ما يختم به في اختزال أطوار هذه الفضيحة قول اخواننا الجزائريين »انها حقرة كبيرة »ودمتم في خدمة الحق والمستضعفين مع الشكر مسبقا.
أبوبكر بن الطاهر بطيخ
عن مدونة مراد رقية
التكوين أثناء العطل يسرق منا وقتنا
التكوين في الإعلامية ضرورة ولابد منه ونحن كمعلمين نطالب به كحق لابل أكثر نحن نطالب بأن تكون البنية الأساسية أي مخابر الإعلامية في المدارس في المستوى وتمكن فعلا من توظيف تكنولوجيا المعلومات في التعلم لأن هذا الشعار مازال حبرا على ورق وسيبقى كذلك إن بقيت حال تجهيزات مدارسنا على ماهي عليه. حقنا في التكون في الإعلامية لا نفهمه كما تسوق لذلك الوزارة والنقابة العامة للتعليم الإبتدائي في أنه إختياري. نحن نرى أنه أحد الحقوق التي يجب الحصول عليها ومطلب لابد من تلبيته ولا بد أن يقع أثناء أوقات العمل مثله مثل التكوين في أي مجال تعليمي آخر. لماذا التكوين في الإعلامية هو وحده إختياري؟ أليست الإعلامية مجال تعلم مثلها مثل المجالات الأخرى؟ لماذا هذا الإستثناء ؟ وما مبرات هذا الإختيار؟ أننتظر في المستقبل أن نجري التكوين في الرياضيات أو في الفرنسية مثلا أثناء العطل أيضا ونسوق إلى أنه إختياري؟ وما يمنع حصول ذلك إن سلمنا اليوم بهذا البرنامج ؟ أيعقل هذا يا نقاباتنا ؟ الوزارة بصدد تمرير مشروع شراكة مع شركة مختصة في الربح وفي تسويق الحواسيب وأجهزة الحواسيب والبرمجيات ومن مصلحتها كسب حرفاء جدد. قطاع التعليم أرضية ربح كبيرة وسوق تتجدد بإستمرار. وهي [ الشركة] ناشطة عالميا في هذا القطاع منذ سنوات لغايات أهمها خوصصة التعليم وجعل المتعلم والمعلم ينفقان على التعليم والتكوين وإن لم يكن بالمال فبالوقت فلا بأس. منظورنا ومنظور الوزارة وشريكتها مختلف حول غايات وأهداف التعليم وطرق التكوين. جعل التكوين في الإعلامية إختياريا ما هو إلا محاولة لجعل مسؤولية التكوين في الإعلامية تقع على كاهل المعلم . بهذا ستححق الشركة والوزارة ما ترغبان فيه دون أن تنفقا مليما واحد. المعلمون هم الذين سينفقون . المعلمون سينفقون من وقتهم من أجل ذلك . المعلمون في الظاهر سوف لن ينفقوا شيئا لكن الحقيقة أنهم سينفقون ما معدله ستة أيام عمل هذه المرة وربما أياما أكثر في المستقبل. الوقت هو الذي سيصرف مقابل هذا التكوين. أليس لوقتنا ثمن ! نحن مطلبنا يرتكز على أن التكوين في الإعلامية حق لنا ومطلب من مطالبنا ويجب أن يكون أثناء العمل مثله مثل أي تكوين في أي مجال آخر وما على الوزارة إلا تحقيق هذا المطلب. منطق أن التكوين إختياري والذي تتبناه الوزارة والنقابة العامة ينسف حقنا هذا ويسرق منا وقتنا وقت راحتنا بعد مجهودات مضنية طيلة ثلاثية كاملة. لذا لابد للنقابة العامة أن تراجع موقفها من التكوين وتتخلى عن الإتكاء على صيغة « إختياري وليس إجباري » هذه وتنظر إلى الموضوع من زاوية أشمل. زاوية حق المعلم في العطلة وحقه في التكوّن في الإعلامية أو في غيرها من مجالات التعليم لكن أثناء العمل. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بشير الحامدي تونس في 14 مارس 2010
لماذا الإصرار على الاستمرار في خيار الخصخصة ؟
بقلم: محمد مسيليني عندما أرست الأزمة المالية والاقتصادية بظلالها على العالم وشعرت الحكومات وخاصة حكومات الدول النامية أو الفقيرة بحجمها وخطورتها على النشاط الاقتصادي وخاصة على مقدرات الفئات الشعبية وفي مقدمتهم الأجراء كان اللجوء للخيارات الحمائية البديل الوحيد الممكن للإنقاذ والتصدي للازمة وفي مقدمتها ضخ الأموال العمومية لإنقاذ المؤسسات وشراء الديون والتأميم إن لزم الأمر. لقد كتب الكثير عن الأزمة وأسبابها وقيل الكثير عن مخاطر اقتصاد السوق والعولمة وانخرام العلاقات الاقتصادية الدولية ودورها في خلق الأزمات المتتالية وتهديدها لمقدرات الشعوب والفئات الشعبية خاصة. لقد كنّا نبّهنا الحكومة التونسية حتى قبل إقرارها بالأزمة وأثارها على الاقتصاد الوطني إلى ضرورة إعادة النظر في خيارها الاقتصادي والتزامها بالعولمة . لقد كتبنا على صفحات هذه الجريدة عديد المقالات بيّنا فيها موقفنا من الأزمة وطرحنا البدائل الممكنة للتصدي لها كما خاطبنا الحكومة وكل الإطراف السياسية والشعب التونسي من خلال ما طرحه حزبنا في المجالس العليا للتنمية من خلال مضامين حملة الانتخابات الرئاسية والتشريعية أكتوبر 2009. لقد كان جليا لدينا ولدى العديد من المفكرين وأهل الاختصاص وكذلك العديد من قادة الدول الكبرى أن القطاع العام يمثل السّند الوحيد للدول خاصة النامية منها لمواجهة الأزمات في عالم تهيمن عليه سياسات النهب والهيمنة وسيطرة الأغنياء على الفقراء. عالم يتجه أكثر فأكثر إلى التكتل وخلق الكيانات الكبرى. كنا نتوقع أن تعيد الحكومة النظر في خصخصة مؤسسات القطاع العام وخاصة تلك التي لا تعاني وضعا ماليا صعبا أو على الأقل التريث في برنامجها التخصيصي حتى تتبين الوضع الاقتصادي الوطني والدولي وحتى ترفع الأزمة أوزارها . غير أننا فوجئنا بقائمة طويلة تضم عددا هاما من مؤسسات القطاع العام التي تطرح للتفويت منها ما هو صناعي مثل شركة الفولاذ ومنها ما هو مالي أو خدماتي وهو ما يدل على أن الحكومة سائرة في نهجها دون حتى الاستئناس بالرأي المخالف ولا بالحوارات الوطنية التي بذلنا فيها من الجهد الوطني الصادق وإلاّ لا معنى في هذه الحال للمجالس العليا للتنمية ولما تقدمه الأحزاب ومنها حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي من حلول وبدائل مغايرة للسائد، بدائل أثبتت الأيام وخاصة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية صحّتها. هل تعاني كل هذه المؤسسات من صعوبات مالية وهيكلية؟ وإذا كان ذلك كذلك ما هي الأسباب الكامنة وراء الصعوبات المالية والعجز المالي؟ هل لأنها مؤسسات عمومية وتكلف المجموعة الوطنية اعتمادات كبيرة؟ هل تعاني كل هذه المؤسسات من مشكلة إنتاج أو تسويق أو ارتفاع كلفة؟ أم أن المشكلة الأساسية تكمن في طرق التسيير والتصرف فيها لسنوات طويلة؟ لماذا لا تعمد الحكومة إلى نشر الوضعيات المالية والمحاسبية لهذه المؤسسات حتى تكون العملية شفافة تماما. لقد أكدنا أكثر من مرة وأثبتت الأحداث صحة قولنا أن مساهمة القطاع الخاص في مواجهة معضلة البطالة كانت متواضعة ودون المأمول ويستوي في ذلك الاستثمار الخاص الداخلي والخارجي ولعل الثاني أقل تشغيلية من الأول بحكم طبيعة القطاعات التي يهتم بها ويستثمر فيها وبالمستوى التكنولوجي الذي يعتمده. ورغم ما يتوفر عليه من تشجيعات وامتيازات فإن هذا القطاع الخاص لم يهتم بالجهات الداخلية وذات الأولوية ولم يساعد بشكل جدي وهام في الحد من البطالة وخاصة بطالة حاملي الشهادات الجامعية. إن القطاع العام سيظل قاطرة التنمية وضمانتها خاصة في الدول النامية التي لم تبن بعد قاعدتها الاقتصادية القوية والمستقلة كما أن هذا القطاع العام والدور الفاعل للدولة في النشاط الاقتصادي يبقيان الضمانة الوحيدة للحفاظ على السلم الاجتماعي ومواجهة مشكلات التنمية وفي مقدمتها البطالة والتشغيل. هذا ليس رأينا لوحدنا ولكنه في حقيقة الأمر الحل الذي التجأت إليه العديد من الدول اللبرالية الكبرى لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية والحد ولو مؤقتا من المضاربات والتلاعب بمقدرات الشعوب. مازلنا نتذكر الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية والحكومات الفرنسية والألمانية وغيرها بل إن الدعوات قد برزت من هنا ومن هناك ومن كافة أقطاب النظام الرأسمالي بضرورة إعادة النظر في المؤسسات المالية العالمية وفي آليات العولمة والعلاقات الاقتصادية الدولية. الأزمة الاقتصادية مازالت متواصلة ولا شيء يدل على تعافي العالم منها بل إن أزمات إمارة دبي واليونان وغيرها أكبر دليل على استمرارها ولنا لهذا الموضوع عودة. في هذه الظروف بالذات لا تتوانى الحكومة عن عزمها التفويت في مؤسسات عمومية تنهي ما تبقى منها وقد نفاجأ بإعلان الحكومة في القريب عزمها التفويت في الصوناد والستاغ ومؤسسة التلفزة والمستشفيات العمومية والمطارات والمواني لأنها ببساطة شديدة ووفق منهج المؤسسات المانحة ونصائح بعض المؤسسات المالية الدولية لا تعتقد في وجود قطاعات استراتيجيه غير قابلة للتفويت. إن الأمر يفترض دراسة أسباب عجز هذه المؤسسات وإيجاد الحلول لها ونحن على يقين أن الشعب على استعداد لتحمّل عجزها ما دامت تقدم خدمات وهو أفضل بكثير من خوصصة هذه الخدمات. (المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 128 بتاريخ 12مارس 2010)
ظاهرة اجتماعية تستفحل: العنف : ظاهره وسبل مواجهته
بقلم : محمد رضا سويسي إنّ العائد إلى اصدارات السنوات الأخيرة في مختلف العلوم الإنسانية على المستوى العالمي يلاحظ الحضور الكثيف لمحور العنف كمبحث اجتماعي ونفسي وحتى سياسي ضمن هذه الإصدارات مما يكشف بوضوح العناية المتزايدة بهذا المحور وهي عناية بلا شك فرضها استفحال الظاهرة وانتشارها في مختلف المجتمعات وتحولها إلى معيق للتطوّر الإجتماعي بل إلى حركته اليومية العاديّة. ويعتبر العنف شكلا سلبيا من أشكال التواصل والتفاعل مع المجتمع وهو قديم قدم المجتمع الإنساني وقد استعمله الإنسان في كثير من الأحيان اضطراريا للدفاع عن نفسه وممتلكاته في مواجهته محاولا اغتصابها عنوة سواء كانت هذه الممتلكات فردية أو اجتماعية كما هو الشأن مع محاولات الهيمنة الإستعمارية على الشعوب التي اضطرت إلى اللجوء إلى العنف في شكل حركات مقاومة نبيلة للدفاع عن وجودها المادّي والمعنوي (الهويّة) وعن ثرواتها التي كانت هدفا للعدوان الخارجي. والقول هنا بأنّ العنف شكل سلبيّ من أشكال التواصل ليس حكما معياريا أو أخلاقيا بل المقصود أنه شكل التواصل البديل عن الشكل الآخر الإيجابي الذي هو الحوار والتفاعل اليومي في التعاطي مع المشكلات القائمة إذ أنّ غياب هذا الشكل من التواصل الذي يمثّل في حدّ ذاته متنفّسا بقطع النظر عمّا سيؤول إليه من نتائج فإنّ الوجه الآخر للعلاقات الإجتماعية سيطفو إلى السّطح ونعني به الشكل العنيف بمختلف مظاهره إذ لا يقتصر العنف على العنف الجسدي المتداول بل يتعدّاه إلى أشكال أخرى من التمرّد في اتّجاه النفس والأسرة والمجتمع بمختلف جوائره ومؤسساته. وبالنظر إلى ما عرفته الدراسات حول العنف من تطوّر يعكس بلا شكّ تطوير الظاهرة ذاتها كجزء من تطوّر المجتمعات الإنسانية ، أصبح علماء الإجتماع والأنتروبولوجيّون يتحدّثون عن ظاهرة « العنف المديني » violence urbaine التي يعرّفها هؤلاء بقولهم : » تدلّ عبارة العنف المديني على ظاهرة تتجلى في التجمعات الكبرى، وبالأخصّ في الأحياء المهمّشة – لا سيما تلك التي تعاني من نسبة بطالة مرتفعة – والتي تكاد تتماهى بشكل كلي مع « الضواحي » في فرنسا والمناطق التي تسكنها أقليات إثنيّة في الولايات المتحدة يتألف أبطالها بشكل رئيسي من شبان يتجوّلون ضمن جماعات ( ضمن زمر) ويمارسون مختلف أشكال العنف إليهم ضدّ النظام العام وداخله. تنطلق تجليات هذا العنف من عمليات التخريب إلى مواجهات مع قوى الأمن يمكن أن تتحوّل إلى شغب يستجلب قمعا عنيفا . وهي تتخذ أشكالا وسيطة متعدّدة :التجارة غير المشروعة في المدارس ، الإستحواذ على الغنائم، سرقة المتاجر؟، ممارسة « صراع الثيران » في سيارات مسروقة، إحراق سيارات، تعدّيات كلامية وجسدية على رجال الخدمات العامة ، اصطدامات مقصودة ، سطو مسلّح وعمليات تخريب متنوّعة… » -1 – معجم الأتنولوجيا والأنتروبولوجيا، تأليف بيار بونت وميشال إيزار وآخرون ، بيروت 2006 – فإذا استثنينا العنف المرضي وهو حالات نفسية فردية تتطلب علاجا طبيّا حسب الحالة فإن أغلب حالات العنف الجماعي هي ردود فعل على أوضاع معيّنة إما نتيجة رداءة حقيقية في تلك الأوضاع أو نتيجة سوء تقدير وفهم خاطئ لمجريات الأمور لدى المجموعة المُقدمة على العنف لكن ذلك يعكس في كل الحالات وضعا يجب معالجته و العمل على إزالة أسباب العنف فيه. وفي التعريف السالف الذكر هناك إشارة واضحة إلى التهميش كسبب من أسباب العنف ومعنى التهميش هنا أن لا يكون الفرد –أو المجموعة- ذات وجود فاعل في مجتمعها وغير حاصلة على حقوقها الاجتماعية من حق في الشغل وفي تكوين أسرة وفي المساهمة في مختلف أنشطة المجتمع السياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها . أما مظاهر هذا العنف فهي عديدة تتراوح بين أشكال متعددة من العنف المادي وبين العنف اللفظي وتعمّد المُجاهرة بالألفاظ المنافية للأخلاق ولقيم المجتمع لتصل إلى أشكال أخرى من التمرد كتعمد تعطيل حركة المرور والاستخفاف بالمربين و الأساتذة في مختلف مراحل الدراسة وصولا الى ارتكاب جرائم تقع تحت طائلة القانون الجزائي مثل العنف باستعمال أسلحة بيضاء أو السرقة وغيرها. إن قراءة في صفحات القضايا و صدى المحاكم في الصحف الوطنية يجعلنا نستنتج بلا مشقة مدى تفشي العديد من هذه الظواهر الخطيرة التي أصبحت تهدد سلامة المجتمع و أمنه واستقراره كما أن مجرّة الحركة اليومية في الشارع والتنقل في وسائل النقل العمومي يكشف نوع الخطاب الذي أصبح سائدا بين الناس – وهو خطاب لا يقتصر على الشباب فقط – ، والذي يعكس أزمة قيم حقيقية هي بدورها من نتائج أزمة التواصل في المجتمع . إن تحول العنف بمختلف مظاهره إلى ظاهرة ملفتة في المجتمع هو اليوم أمر واقع لا سبيل لإنكاره بل إن الوضع السليم اليوم هو العمل على دراسة الظاهرة بعمق و السعي إلى علاجها بأساليب علمية وشفافة بعيدا عن الخطاب الدعائي الساعي إلى إخفاء الحقائق و التغاضي عنها و التخفيف من وقعها في المجتمع أيضا لكن بعيدا عن التهويل الهادف إلى إرباك المجتمع وإدخاله في حالة من الخوف والفوضى. لذلك فان موضوع العنف في المجتمع يتطلب فتح حوار حقيقي في شأنه يكون للباحثين والخبراء في الاختصاصات التربوية والنفسية و الاجتماعية والاقتصادية فيه كلمتهم حتى يمكن علاج الظاهرة في أسبابها وجذورها مما يحد ّ منها ومن أثرها على سلامة المجتمع و أمنه واستقراره كما يتطلب مزيد العناية بالناشئة والشباب منذ مرحلة الدراسة بتعهد الحالات الملفتة بالمتابعة بصفة مبكرة وهو ما لا يتسنى إلا بتكثيف عمل خلايا متابعة و الاتصات في المؤسسات التربوية . إن موضوع العنف في المجتمع أصبح اليوم من الأهمية وتعدد المظاهر بما يجعله يتجاوز في طرحه تلك المحاور المتداولة و المكررة مثل العنف داخل الأسرة أو كما يقال عنف الرّجل على المرأة وهو من مظاهر العنف التي تجاوزها مجتمعنا في تونس بدرجة كبيرة بفعل الوعي والقانون إلى أبعاد أخرى أكثر خطورة خاصة مع تفشي استعمال تكنولوجيات الإتصال المتطوّرة التي تحوّلت إلى أدوات إضافية في يد « المتمرّدين » والرافضين لوضعهم في المجتمع بوعي كان أم بتعنت وجنوح.
(المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 128 بتاريخ 12مارس 2010)
الإعداد للمسح الوطني حول مستوى عيش الأسر التونسية: التداين والمقدرة الشرائية وارتفاع الأسعارهل تكون حاضرة؟
تونس/ الوطن قالت مصادر في المعهد الوطني للإحصاء أن التراتيب التنظيمية والإعدادية لإنجاز المسح الوطني حول الإنفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر التونسية الذي سينطلق بصفة رسمية خلال شهر ماي القادم ويدوم سنة كاملة ، قد تم الانتهاء منها . وأضافت أن هذا المسح سيعطي فكرة عن توزيع جملة النفقات حسب شرائح الأسر التونسية وكذلك متوسط الإنفاق والأخذ بعين الاعتبار كل ما هو إنتاج ذاتي للأسر. وتجدر الإشارة إلى أن نتائج مسح سنة 2005 أفرز أن معدل إنفاق الأسرة وصل إلى 8211 دينار سنويا و1820 دينار للفرد، أمّا هيكلة الإنفاق فهي تتوزع على 634 دينار (34.8%) للتغذية و414 دينارا (22.8%) للسكن و166 دينارا (8.6%) للباس و188 دينارا للنظافة والعلاج و195 دينارا للنقل و67 دينارا (3.7%) للاتصالات مقابل 1.1% في مسح سنة 2005. وأشارت المصادر ذاتها أن نتاج هذا المسح والتي ستكون جاهزة في سنة 2011 ستبرز مدى تطوّر نسق الاستهلاك في المجتمع التونسي وارتفاع الإنفاق الأسري في عدّة مجالات كانت في السابق من الكماليات فأصبحت من الضروريات. ومن جهة أخرى كان البنك المركزي التونسي حذر في أكثرمن مناسبة من توسّع ظاهرة التداين الأسري وقدّم أرقاما حول هذه الظاهرة التي تشمل فئات واسعة من الأسر التونسية. وعادة ما تحمّل الأسرة المسؤولية لأنها من وجهة نظر البعض « تنفق أكثر من امكاناتها المادية » وتضع الأسباب الثانوية في مرتبة الأسباب الرئيسية في تفسير توسّع هذه الظاهرة وانتشارها من ذلك اعتبار « الاشهار » سببا رئيسيا في التداين الأسري !. هذه الأفكار موجودة ويروّج لها في عدد من وسائل الاعلام وفي الوقت ذاته يتمّ تجاهل الأسباب الحقيقية والرئيسية التي تكمن وراء هذه الظاهرة وهي تدهور المقدرة الشرائية للتونسي. لقد بيّنت عدّة دراسات مختصّة نسبة تدهور المقدرة الشرائية للتونسي خاصة خلال السنوات الأخيرة وفي المقابل فإن حاجياته والتزاماته الأسرية تشهد نموا وتطورا وهذا من شأنه أن يدفع إلى عدّة ظواهر منها البحث عن موارد مالية غيرما يتقاضاه من أجرته ويعبّر التونسيون عن هذه النقطة بالقول « الوقت صعب لذلك لا بد من تدبير الرأس ».
(المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 128 بتاريخ 12مارس 2010)
ندوة فكرية في الذكرى الأولى لوفاة الراحل النوري البودالي
بن عروس 13 مارس 2010 (وات) نظمت الجمعية التونسية للدراسات والبحوث حول « التراث الفكري التونسي » يوم الجمعة بفضاء الخلدونية بالعاصمة ندوة فكرية إحياء للذكرى الأولى لرحيل المناضل النقابي والوطني محمد النوري البودالي. وتحدث في هذه الندوة كل من السادة مصطفى الفيلالي ونصر بن سلطانة ومحمد الحبيب عزيزي وعادل بن كحلة ليبرزوا تباعا الجانب الفكري في مسيرة الراحل الذي ترجم في عدد من المؤلفات وإسهامه في التنظير لمفهوم التاريخ وسياسة الدفاع الشعبي الشامل ودوره في الحركة الثقافية والفكرية في تونس وفي إعداد الملفات الكبرى الخاصة بكبريات القضايا الوطنية والاقتصادية والاجتماعية صلب الاتحاد العام التونسي للشغل. وأبرزت المداخلات اقتران الفكر بالعمل والفعل لدى النوري البودالي وتوخيه منهجية القراءة الاقتصادية للاحداث التاريخية فضلا عن المكانة الهامة التي يحتلها بعد الهوية في مؤلفات الراحل. وقدم منير البودالي نجل الفقيد للمشاركين في هذا اللقاء شهادة عن والده الراحل محمد النوري بن عمار بن حمادي البودالي اعلن فيها اعتزام الاتحاد العام التونسي للشغل اطلاق اسم والده على إحدى قاعات المقر الجديد للمركزية النقابية وهو الشأن نفسه بالنسبة لبعض مجالس البلديات التي قررت اطلاق اسم النوري البودالي على بعض الأنهج والساحات في المدن التي تربى الراحل وعمل وأقام فيها كالكاف وحمام الأنف وبئر مشارقة. وللتذكير فإن النوري البودالي ولد في 20 مارس 1919 وشغل مهام نقابية وبرلمانية وحزبية كثيرة وشارك في معركة الجلاء عن بنزرت وترك مجموعة من المؤلفات القيمة حملها عصارة رؤاه وأفكاره ودروس تجربته النضالية الثرية. وقد توفي الفقيد يوم 26 جانفي 2009 وصدره موشح بأوسمة الاستقلال والجمهورية والشغل والصحة
(المصدر:كالة الأنباء التونسية (وات)بتاريخ 13 مارس 2010)
نحن والغرب ( 1 ) سجال السياسة والثقافة .. التاريخ والجغرافيا
عبدالباقي خليفة نحن في حاجة لبحث المنابع الأصيلة للأفكار ، وعلاقتها بالبيئة التي نشأت فيها ، وبالإرث التاريخي لجذورها المتشعبة ، وعلاقتها بالدين والميتافيزيقا ، وطلاسم العقل البشري بتناقضاته المختلفة والمعقدة . فالعقل البشري ليس آلة ، وإنما آلية ، قادرة على النمو ، وقابلة للضمور، لدى كل فرد . وهناك العقل الفرد والعقل الجمعي ، والعقل الغالب ، والعقل المنبت ، والعقل المستنبط ، والعقل المستهلك ، والعقل المبدع ، والعقل المستنسخ ، والعقل الممتد ، والعقل المنقطع ، والعقل السائل ، والعقل المتحول ، والعقل الراسخ .. وكما العقل ، لا يستقر الكثير ممن يأخذ طابع المعقول على إطلاقاته ، أو معقولياته . والمعقوليات ليست واحدة لدى جميع العقول ، فهي متعددة ، ولا توجد وحدة للعقل البشري حول الكثير من « المعقوليات « . وتاريخ الفلسفة والعلوم جميعا تؤكد هذه الحقيقة ، ولا تزال المدارس الفكرية تستدرك الواحدة على الأخرى ، والاساتذة على أساتذتهم وطلابهم ، والطلاب على أساتذتهم ، والطروحات على الطروحات الأخرى ، وستظل كذلك حتى يوم القيامة . وهكذا كان الأمر مع هيغل وماركس ، وسارتر وكامي ، وأرسطو وابن رشد ، ودوركايم وابن خلدون ، والفرابي والغزالي . فليس للبحث نهاية ، ويمكن إعادة قراءة مسلمات التاريخ في ضوء المعارف وطرق البحث المعاصرة للوصول لبعض الحقيقة ، فالحقيقة الكاملة الجامعة الشافية ، تبقى غيبا ، وحتى يوم القيامة . والعقل المسلم في تجلياته المختلفة يتمحورفي مختلف التصنيفات السابقة . وربما محاولات حجره قسرا في قوالب معينة هي التي جعلته يعتكف في الذاكرة ، أو ينطلق في المجهول ، أو يتكور في الانبتات ويذوب في الاستهلاك ، ويغرق في المحاكاة والاستنساخ . وربما كان ذلك جوابا للسؤال المطروح ، ما الذي جرى ، لتتوقف أرض المسلمين عن الدوران ، وتتسطح بيضة الاسلام العلمية في العالم . يعيد البعض ذلك إلى وقف باب الاجتهاد لمدة 800 عام ، ولكن ذلك على وجاهته ، ليس السبب الوحيد لتأخر المسلمين ، وتقدم غيرهم . فقد مرضت السياسة ، وفقدت روح التحفيز على الابداع والاجتهاد ، فتجمد التفكير ، وتوقف البحث ، وانحصر التأمل . وكانت المقولة التي لا تزال سائدة اليوم في بلاد المسلمين ، ليس بالامكان أحسن مما هو كائن . وعندما تستمع للبعض وهو يعدد الانجازات ، تحسب أن بلده هو القوة العظمى الوحيدة في العالم . توقف البحث والابداع واكتفى الجميع بالتقليد ، وهنا تقليد الآخر ، بعد ما تجاوزنا تقليد الماضي ، فلا أحد يتحدث عن تقليد الماضي ، بمفهوم العيش فيه ، سوى العقل المعتل بتقليد الآخر والمريض به . فالقضية أكبر من وقف عملية الاجتهاد ، لأن الاجتهاد أوقف أكثر منه توقف . في موضوع الدين ترك الأمر للأموات الأحياء بعلمهم ، وفي موضوع الدنيا ترك الأمر للساسة الأحياء الأموات بأنانيتهم ، وتقديم ذواتهم وشهواتهم على مسؤلية السلطة ، وعلوية النص ، وشرعية اليمين ، أوالأمة . وإذا نظرنا إلى التراث الفقهي في مجال العبادات نجده بحورمن الحبر ، وجبال من الورق . وهذا ليس استنقاصا من أهميته بل إشادة بجهود المحبرين والكاتبين . لكننا لا نجده كذلك فيما يتعلق بالاقتصاد والسياسة ، مما يعني أن الاجتهاد لم يوقفه الفقهاء وإنما السلاطين . والسياسة كان لها دور أيضا في ظهور الفرق ، وانزواء الكثيرين إلى زوايا ، في بناء الاسلام الفسيح ، هربا من الحياة ومن تبعات تحمل المسؤولية والشهادة على الناس . وربما مثل الأئمة الأربعة ، وعدد قليل من العلماء عبر العصور كالعز بن عبدالسلام ، وبعض المجددين في القرون الأخيرة ، الأفغاني وعبده ورشيد رضا . ثم المودودي ، والندوي ، والبنا ، وقطب . ثم الغزالي والقرضاوي والترابي والغنوشي . وتاريخنا يختلف عن التاريخ الغربي ، فعلاقة الدين بالسلطة في الغرب كانت تحالف . أما في التاريخ الاسلامي فهي هيمنة السياسة على الدين ، منذ الانقلاب الأموي ، وهي حالة لا تزال قائمة حتى اليوم . لقد كان للسياسة دور في تخلف المسلمين منذ عصور الانحطاط .. وفي الوقت الراهن ؟ فالسياسة مارست دور التخدير ، وتفجير الخلافات داخل الأمة ، وتقديم أهل الثقة على أهل الخبرة ، وتحويل الأمة إلى قطعان ، وثرواتها إلى ممتلكات خاصة . والفرق التي ظهرت في التاريخ الاسلامي كالقدرية والجبرية وغيرها نتاج سياسي بامتياز بشكل مباشر أو غير مباشر. ولكن للانصاف كانت هناك ، فترات ذهبية في التاريخ الاسلامي أدى فيها الحكام دورا ايجابيا شجعوا العلماء ، وحثوهم على البذل والعطاء . أما اليوم فحال المسلمين لا يسر ، إذ أن البحث العلمي والتكنولوجي بالأخص لا يحظى بالأهمية التي تليق به . لا سيما ونحن في عصر القوة والأقوياء ، وليس الأدب والشعراء . فقد بلغ الأدب والشعر أوجهما عندما سقطت الأندلس . وبعض بلاد المسلمين تعيش ارهاصات أندلسات أخرى . من خلال تشجيع التيارات المعادية لقيم الأمة بأسماء تخفى الكثير من حقائقها على مردديها . ويرى الكثير من العلماء والمفكرين المسلمين ، مثل مالك بن نبي ، والشيخ محمد الغزالي ، والشيخ راشد الغنوشي ، ومحمد عمارة ، وعلي عزت بيجوفيتش ، وغيرهم أن من أسباب تخلف المسلمين ، ما يصفه العلامة يوسف القرضاوي ب الجمود والجحود ، أو بتعبير الشيخ راشد الغنوشي ، مع التصرف ، بطش الحجاج وسكرة الحلاج . إن البحث عن الحلول السهلة ، لا يمكن أن يخرج الأمة من التخلف . سواء باستساخ النموذج الغربي ، تحت أسماء ومصطلحات تؤخذ من بيئتها الخاصة ، لتزرع في البيئة الاسلامية بشكل متعسف ، وأحيانا مجرد استجابة للضغوط ،أو إرضاءا للغرب ، مع دعاية الضرورة . أو باستنساخ الحلول من الماضي دون مراعاة لطبيعة العصر الذي نعيش فيه ، وتطور الحياة في مختلف المجالات . والحل الصحيح هو توظيف الطاقات والامكانات من أجل ايجاد حلول لمشاكلنا ، بالاستفادة من الماضي ، ومن تجارب الآخرين بدون ببغائية أو نسخة طبق الأصل . الحل الاسلامي على مستوى المصارف ، وعلى مستوى القيم الاجتماعية ، وعلى مستوى البيئة ، وفي مجال التسامح والتعدد الثقافي والاثني وغيره أثبت جدارته ، وإن كانت بعض جوانبه في حاجة لتوضيح أكبر . وأنا أنصح المشتغلين بقضية التطوير أن يقوموا بحوارات واسعة مع العلماء والمفكرين والمثقفين وتبادل الأفكار معهم قبل إعلان أي آراء أو اطلاقات معينة ، هي مجرد تأثير بشكل ما بالغرب ، أو انقطاع عن الجذور . وحتى لا يعتبر أحد نفسه ، أو ينظر إليه على أنه قيم على الشعب والأمة يفكر نيابة عنهم ، ويقرر باسمهم بأن الثقافة الوافدة والثقافة الأخرى يجب أن تحل محل ثقافتنا ، بعد أن يوصف الثقافتين كما يراها هو أو مجموعته . والتأثر طبيعة انسانية ، وأنا هنا لا أنكرها ولا أتجاهلها ، ولكن على المشتغلين بالتطوير أن يكونوا فاهمين لتاريخهم وللثقافة الاسلامية ، حتى تكون أفكارهم تجديدية حقيقة وليس استنساخا . ولينتجوا أفكارا جديدة تحافظ على المبادئ الأساسية للاسلام ، لأنه لا نهضة لأمتنا بدون ذلك . ونفي هذه المبادئ أو الدعوة للقطع مع التاريخ والثقافة الاسلامية دعوة للانتحار الثقافي وللتلاشي ، فالذاتية مطلوبة لا سيما وأن الآخر لن يعطيك هويته مهما تتيمت بها . وستظل الآخر التابع ، أو الآخر النسخة غير الأصلية . بل الآخر المغلوب وحتى القرد الذي يحاول تقليد ( العالم الحر ) دون أن يملك جميع خصائصه وذاتيته .. روح الاسلام هي الطاقة التي نحتاجها للفعل الحضاري والتميز الثقافي . لا يمكن أن نضيف شيئا للعالم ، إن لم نكن مسلمين . لأنه بدون الاسلام لن نكون نحن ، وفي نفس الوقت لن نكون الآخر . بدون الاسلام سنكون مسخا ليس له هوية ، وفي نفس الوقت لا يمكنه الحصول على هوية بديلة .. إذن الاسلام قدرنا ، ونحن في حاجة إليه أكثر من حاجته لنا . العالم يريد أن يسمع آراءنا لعلها تضيف شيئا ، وليس أن نكرر على مسامعه آراءه هو ، فهو عندما يسمع البعض ممن يكررون آراءه يشعر بأنه يتقيأ .
حوارات – الشيخ راشد الغنوشي يتحدث لـ « الأحرار » حول ضوابط تجديد الفكر الإسلامي الجمعة, 12 مارس/آذار 2010
حاوره الصحفي: عامر محمود يعد الشيخ راشد الغنوشى من أبرز فقهاء الحركات الإسلامية فى الفترة الحالية ويصفه البعض بالمنظر الأول لهذه الجماعة. الغنوشي من مواليد عام 1941، وهو سياسي ومفكر إسلامي تونسي، زعيم حركة النهضة التونسية . ولد ببلدة الحامة بالجنوب التونسي وبعد أن أتم دراسته فيها وفي قابس، انتقل للدراسة في جامع الزيتونة وبعد أن نال الشهادة الثانوية انتقل إلى دمشق ليدرس الفلسفة، ثم منها إلى باريس (فرنسا) بنية مواصلة الدراسة في جامعة السوربون عاد إلى بلاده في فترة الستينيات ليعمل بالمعاهد الثانوية حيث درس في السبعينيات مادة الفلسفة. مؤسس حزب حركة النهضة الإسلامي التونسي، غير المعترف به. يتميز الغنوشي بقراءته التجديدية للإسلام السياسي حيث ينادي بحقوق المواطنة (أي تساوي جميع المواطنين في الحقوق و الواجبات بغض النظر عن المذاهب و الديانة). تلقى الشيخ الغنوشي تعليمه الإبتدائي بالقرية، ثم انتقل إلى مدينة قابس ثم إلى تونس العاصمة حيث أتم تعليمه في الزيتونة. انتقل بعد ذلك إلى مصر لمواصلة دراسته، خصوصا وأنه كان من المعجبين بتجربة عبد الناصر القومية، لكنه لم يستقر بها طويلا وانتقل إلى دمشق في سوريا، حيث درس بالجامعة وحصل على الإجازة في الفلسفة وهناك بدأت تتبلور المعالم الأولى لفكره الإسلامي. انتقل الشيخ راشد الغنوشي إلى فرنسا لمواصلة الدراسة بجامعة السوربون وبموازاة الدراسة بدأ نشاطه الإسلامي وسط الطلبة العرب والمسلمين، كما تعرف على جماعة الدعوة والتبليغ، ونشط معها في أوساط العمال المغاربة. تأسيس حركة الاتجاه الإسلامي (النهضة) في نهاية الستينيات عاد الشيخ الغنوشي لتونس وبدأ نشاطه الدعوي وسط الطلاب وتلاميذ المعاهد الثانوية الذين تشكلت منهم حركة الاتجاه الإسلامي المعروفة بالنهضة. له العديد من المؤلفات اهمها »طريقنا إلى الحضارة » و »نحن والغرب »و »حق الاختلاف وواجب وحدة الصف »و »حقوق المواطنة في الدولة الإسلامية »و »الحريات العامة في الدولة الإسلامية »و »الحركة الإسلامية ومسألة التغيير ». وقد ترجم بعض من كتبه إلى لغات أجنبية، كالإنجليزية، والفرنسة، والتركية، والإسبانية والفارسية. يعتبر الغنوشي من مؤسسي الندوة العالمية للشباب الإسلامي عام 1971،وأحد مؤسسي المؤتمر القومي الإسلامي، الذي يجمع بين التيار القومي العربي والتيار الإسلامي ،وأحد مؤسسي حلقة الأصالة والتقدم، التي تعنى بالحوار الإسلامي المسيحي، والتي تضم عددا من كبار المفكرين الإسلاميين والأوروبيين والأمريكيين. »الأحرار » أجرت حوارا شاملا مع الغنوشى الذي اجاب عن الأسئلة باستفاضة. وهى أجابات تحمل فكر الغنوشى ورؤيته فكان الحوار ثريا: - بصفتك من قيادات الحركة الإسلامية فى الوطن العربى… كيف تنظر لمستقبل هذه الحركات؟ - مستقبل الحركة الإسلامية من مستقبل الإسلام نفسه لأن مبرر وجودها خدمة رسالة الاسلام وأمته، امتدادا لعمل النبوة، التي توقفت سلسلة مبعوثيها ببعثة النبي العربي محمد رسول الله عليه السلام، إلا أن الرسالة لم تتوقف فحاجة البشرية الى توجيهات ربّها حاجة مركوزة في أصل الخلقة، ومعنى ذلك انتقال مهمة التبليغ عن الله وهداية البشرية بإذن ربها الى صراطه المستقيم، من النبي الخاتم الى أمّته وريثة له في الامتداد بالرسالة الى يوم الدّين. ولقد كان خطاب النبي الى أمته الحاضرة بين يديه والغائبة على صعيد عرفة في آخر حجة له مودعا، واضحا في توريثها الرسالة »فليبلغ الشّاهد منكم الغائب » ولقد استلمت الأمة هذه الوديعة ونهضت بأدائها أفرادا وجماعة كل بحسبه. فكان أول منجزاتها والرّسول عليه السّلام يسجّى قبل أن يوارى مثواه الأخير أن حققت لدولته الامتداد فبايعت أقرب أصحابه إليه خليفة له، نائبة عن الأمة في إنفاذ الرّسالة، فكان الحرص على ألا يوجد فراغ في هذا الموقع، ذا أولوية على أداء واجب دفن الميّت، وظلّت على امتداد القرون رغم ما حصل من ضروب انحراف تحرص على إقامة الأداة التنفيذية لرسالة الإسلام ألا وهي الحكم. ولأن وجوب إنفاذ رسالة الإسلام منوطة بالأمة باعتبارها المستخلفة عن الله ورسوله في إقامة الدين، فهي صاحبة الشرعية، فهي المسئولة عن إقامة الحكم ومراقبته وتقويمه إذا اعوج عودا به الى الصراط المستقيم، أي العدل وفق شريعة الله، ولأن هذا المقصد نسبي في تحققه، فالأمة مسئولة عن الاستدراك على الحاكم واستكمال ما قصر فيه عبر جهود علمائها وإقامة ما يكفي من المؤسسات الأهلية لملء الفراغات التي يتركها الحكم، لا سيما إذا كان الحكم شرعيا أي معترفا بالشريعة مصدرا أعلى للحكم والتشريع حتى وإن قصر عن بلوغ الأمثل، وارتكب مظالم ومنكرات، يمكن أن يجبر ذلك من طريق ما يقوم به العلماء من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة المؤسسات كالوقف والمدرسة.. وظل الأمر كذلك على امتداد القرون حتى سقوط آخر صورة للحكم الإسلامي 1924 ، فكانت صدمة كبرى وزلزالا عاتيا فلأوّل مرّة في تاريخ الإسلام تسقط المظلّة الجامعة من فوق الرّؤوس ويتشظى الجسم الإسلامي ، في أعقاب تلك الصدمة ولدت الحركات الإسلامية أي العمل الشعبي المنظّم من منطلق رؤية اسلامية جامعة للإسلام عقيدة وشريعة اقتصادا وأخلاقا دينا ودولة، واعتبار النضال من أجل إعادة بناء دولته وحضارته جهادا إسلاميا واجبا، فما لبث هذا المنظور للإسلام ولإحيائه أن انداح في أرجاء العالم ولا يزال يمتد ويستقطب إليه أوسع تيارات الإسلام المعاصر دافعا الى أضيق الطريق كل محاولات علمنة الإسلام التي جربت ونجحت مع العقائد الأخرى فتم تهميشها أو احتواؤها وإعادة تركيبها على مقاس الحداثة الغربية بما هي إعلاء شئون الدنيا على شئون الدين وتحكيم العقول في النبوات والإنساني في الإلهي. الإسلام وحده من خلال الحركة الإصلاحية أمكن له أن يستوعب الحداثة بشروطه ولخدمته، مهمشا كل التصورات العلمانية الشمولية المتشددة والجماعات القائمة عليها مستفيدا من كل كسب حضاري يتساوق مع شرائعه ومقاصده. لقد حررت الحركة الإصلاحية الإسلامية الإسلام مما التصق به وكبّله وجمّد فعاليته من تراث انحطاطي أغنوصي، فانطلقت آلياته الاجتهادية والجهادية تحريرا للعقول من ربقة الجمود والتقليد وتحريرا لفاعلية المسلم من عقائد الجبر فدبت الحياة في الجسم الإسلامي الخامد إحياء فكريا وأدبيا وفقهيا ففشت الفكرة الإصلاحية وعمت الحركات الجهادية دار الإسلام بما انكسرت معه موجات الاحتلال، وما تبقى منها هو تحت مطارق المجاهدين.واضح اليوم تراجع الفكر العلماني المتطرف وفشله والجماعات القائمة عليه في الحلول محل الإسلام أو تطويعه، أو تحقيق انجاز مما وعدت به على مستوى الحكم فلا تحققت في ظلّها وحدة للعرب، ولا تحرير لفلسطين، ولا ديمقراطية ولا تنمية اقتصادية، وهو ما أعطى مشروعية للتبشير مجددا بالإسلام منقذا تحت شعار الإسلام هو الحل، وما حصل في تركيا خلال زهاء قرن من ضياع جريا وراء سراب تقدم على خطا أوربا واتخاذ الإسلام وأمته ظهريا، شاهد على فشل ذريع للمشروع العلماني مقابل ما حققه في سنوات معدودات أبناء المشروع الإسلامي، عودا إلى قيم الإسلام وارتباطا بأمته. - ماذا عن النماذج المتواجدة داخل العالم العربى؟ - تمثل حركة حماس في المستوى العربي وكذا حزب الله نموذجا لما يمكن للحل الإسلامي أن ينجزه في مستوى مواجهة العدو في ظل موازين قوة مختلة لصالحه خضعت لها الدول والجماعات. ولا يعني شعار الإسلام هو الحل أن المشروع الإسلامي يمتلك حلولا جاهزة كاملة لكل المعضلات المطروحة على أمتنا وعلى البشرية، ولو كان الإسلام كذلك ما كان صالحا لكل زمان ومكان، ولطوى الزمن حلوله منذ العصر الاول، ولانتفت الحاجة للاجتهاد المتجدد في كل عصر ومصر وحال، ولا يقول بذلك مسلم يمتلك مسكة من عقل وعلم بالإسلام وتراثه. - البعض يرى ان شعار « الاسلام هو الحل » شعار فضفاض يتم استخدامه وتوظيفه بصورة خاطئة..ما رأيك؟ - نعم « الإسلام هو الحل » إذا توافرت الشروط، ومنها الايمان والعلم والعمل بعقائده وشرائعه وشعائره وأخلاقياته ومقاصده وتراثه، وكذا العلم بالواقع المراد البحث له في الإسلام عن حلول، هي بالضرورة متوافرة لديه إن لم تكن بالنص الصريح وهي الأقل عددا فمتضمنة في المقاصد. ولو أن أحدا سأل هل في الإسلام حل للأزمة الاقتصادية التي تجتاح العالم بقيادة الفلسفة الرأسمالية العلمانية الملحدة التي حولت الحياة بكل جوانبها مجالا لسيطرة حفنة من المرابين عبر شركات عابرة للقارات وظفت في خدمتها الدول والجيوش والإعلام والثقافة والسياسة، ودمرت البيئة؟ لقلنا نعم، بالأكيد في شرائع الإسلام ومقاصده القائمة على العدل واقتسام الرزق بين كل الأحياء حلول. لو طبقت هذه الآية »والأرض وضعها للأنام « الرحمن » « سواء للسائلين » « فصلت » ما احتجنا لمؤتمرات المناخ التي منع الرأسماليون من أن تحد من نهمهم، إلى آيات وأحاديث كثيرة كلّها تؤكد على العدل بين البشر، وأن الله سبحانه خلق هذا الكون بكل خيراته ومدخراته للبشر بل للأحياء جميعا ، وتنهى عن الظلم والاحتكار والإفساد، وتتخذ من قارون وفرعون النّموذج الأفدح للإفساد السياسي والاقتصادي. لو أن جاهلا بالإسلام متهما إياه بالقصور عن حل مشكلات البشرية الاقتصادية مثلا »ألا يعلم من خلق » كلف نفسه عناء مطالعة كتيب صغير للعلامة القرضاوي »مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام »دون حاجة للمطولات، لانزاح عنه هذا الشك، فكثيرا ما يكون الناس أعداء ما جهلوا. إن الإسلام لم ينزل اليوم حتى نرتاب في قدرته على حل مشكلاتنا فقد جربته الأمة، لقرون مديدة وأنتج حضارة زاهرة، أدارت شئون البشرية لأكثر من ألف سنة. - انت تتحدث عن مثالية مكانها الوحيد هو الجنة؟ - صحيح أنها ليست مثالية فالجنة ليست في الدنيا، حيث العدل نسبي، ولكن التاريخ يثبت أن مجتمعات اسلامية في مراحل تاريخية كثيرة عرفت القضاء على الفقر حتى ما عاد للزكاة من متلقّ، هذا إذا تكاملت حلول الإسلام اندفاعا الى العمل بنيات إيمانية عبادية وقياما لنظام الأسرة المتضامنة وللحكومة العادلة غير النهابة وللمجتمع المدني الناهض المتحرر ولقضاء مستقل وشيوع ثقافة اسلامية تعلي من شأن العمل والإبداع ومخافة الله، وقيام شكل من الوحدة يوفر سوقا واسعة تقوم على الشراكة بين العمل ورأس المال وليس على الاستغلال الربوي، ومحافظة على البيئة بدل تدميرها إرضاء لصنم الربح الذي تتعبد عنده الرأسمالية، الى جانب نظام دفاعي كفء. وكل ذلك وأكثر في الإسلام. في شرائعه وقيمه ومقاصده حلول لكل مشكلات البشرية إذا توافرت العقول المؤمنة والارادات المصممة، وإذا فشلت تجربة هنا أو هناك بسبب غلو أو قصور أو جهالة عند هذا الشخص أو هذا الحزب أو تلك الدولة، فهي ليست حجّة على الإسلام،فليس في الإسلام كنيسة تحتكر النطق باسمه وإنما الأمة كلها هي المعصومة. وإذا كان المستقبل تجليا متطورا للواقع، ورغم رداءة هذا الواقع الذي صنع على الرّغم من الإسلام وعلى حسابه، السجون والمهاجر مزدحمة بدعاته، فإن المؤكد أن المستقبل بإذن الله للإسلام ودعاته، فعلى صعيد عالم الأفكار وهو مهم في قراءة المستقبل لم يبق في مواجهة الفكرة الإسلامية شيء مما كان يصارعه، وعمل على الحلول محله من شيوعية وليبرالية علمانية متطرفة وقومية منابذة للدين كلها نفقت وقد اختبرت على صعيد الواقع فتضاءلت أحزابها ولم يبق لشرعية دولها من سند غير العنف والظهير الأجنبي والاستظهار حتى بالعدو الإسرائيلي ولو كان الثمن بناء جدار فولاذي لإحكام الخنق على غزة حاملة المشروع الإسلامي والأمة وراءها ما انتهى اليه المشروع العلماني في مصر من حال مقابل ما غزة الإسلام يجسد حال المشروعين الإسلامي والعلماني ويلقي الضوء على مستقبل كل منهما. صحيح أن المشروع الإسلامي بلا رأس غير الفكرة، وهو ما يورط تياراته الفائرة غضبا على ما يقترفه النظام الدولي وأتباعه في الأمة من كيد وإجرام، فتتورط في أعمال حمقاء، لا تفيد غير العدو، ولكن ذلك لا ينفي أنها هوامش في التيار الإسلامي يضخمها الإعلام ويمدها بالحياة القمع المحلي والدولي. الثابت أن ما يسمّى بالإرهاب يجد منابته الأساسية في البيئات المحرومة من الحرية المحكومة بأنظمة فاسدة مدعومة من الغرب بينما البيئة التركية مثلا لم تصلح منابت له. الثابت أن الحركة كسبت معركة الهوية كسبت معركة الرأي العام، ولذلك يتوقع الجميع أنه كلما توافرت مساحة من حرية التباري بين أنصار الفكرة الإسلامية ومنافستها العلمانية أن الحظوظ الأكبر للفوز إنما هي للفكرة الإسلامية. ومهما ظل الميزان الدولي يحول دون ترجمة ما هو تحت فيما هو فوق فلن يبقى ذلك الى الأبد فالغرب ليس قدرا، هزمنا جناحه الشيوعي وعلى نفس الأرض يختبر اليوم بديله الرأسمالي، المتوحل مع الإسلام وأمته لا يدري كيف يخلص مما اعتاد واستمرأ من تسلط على أمة الإسلام واستغلال، ولا التخلص من الأخطبوط اليهودي الماسك بخناقه والمانع له من إعادة التفكير في مصالحه باستقلال عنه، حتى ولو انتهى الأمر بقبوله مرغما على التعامل مع عالم اسلامي محكوم لا من بيضه المصنوعين على أعينه بل من سوده السكان الأصليين، وهو لا محالة كائن بإذن الله، إذ الغرب في النهاية عقلاني مصلحي، لا سيما وأن الإسلام بصدد تحوله معطى أساسيا في البنية الغربية بما سيجعل صاحب القرار ملزما بأخذ هذا المعطى بعين الاعتبار كلما كان بصدد اتخاذ قرار يخص الإسلام وأمته كما يفعل اليوم كلما كان بصدد اتخاذ قرار ذي علاقة باسرائيل أو باليهود، الأمر الذي أخذ يضيق به ذرعا. ذلك هو المستقبل كما يتبدى لنا والله أعلم. – من وجهة نظرك ما التحديات التي تواجه الحركات الإسلامية حاليا؟ - ماذا تعني بالحركة الإسلامية؟ يندرج تحت هذا المفهوم طيف واسع من الجماعات والشخصيات وحتى الدول، الذين يؤمنون بالإسلام عقيدة وشريعة شعائر وأخلاق دين ودولة، ويعملون بذلك في أنفسهم وفي محيطهم الخاص والعام حتى يسود هذا التصور ويعلو باعتباره كلمة الله الأخيرة ودينه الأمثل وصراطه المستقيم الهادي من اتبعه الى السعادة في الدارين، أوجبه سبحانه على عباده وهداهم بكل الرسل اليه وآخرهم النبي العربي محمد رسول الله عليهم جميعا صلوات الله وسلامه. فكل المنتسبين لهذا التصور والناذرين حياتهم ليسود في أنفسهم ومحيطهم أفرادا وجماعات جزء مما يعرف بالحركة الإسلامية - فما هي التحديات التي تواجه هؤلاء؟ - كثيرة ولا شك، لأن أهدافهم جسام أن يغيروا عالما لا يسير في معظمه وفق هذا التصور بين قوى معادية له عن علم أو جهل وبين أخرى لا مبالية به،قوى لا يقتصر نفوذها على بلاد غير منتسبة للإسلام بل يتعداها الى معظم البلاد التي تنتسب اليه جهلا أو نفاقا فتشارك في الكيد له ولدعاته، وهو ما جعل الإسلام يعيش نوعا من اليتم والغربة بعد انهيار الكيان السياسي العقدي الجامع للأمة والناطق باسمها الذاب عنها يستمد من ذلك شرعيته. لقد نجح أعداء الإسلام في الإطاحة بذلك الكيان، فتشظى الاجتماع الإسلامي وتمزق شر ممزق، فتم اختراق الجامعة الإسلامية على كل المستويات وخصوصا في مستوى النخبة التي أمكن لأعداء الإسلام تنشئتها على أيديهم ومكّنوها على قلتها بالقياس لعامة الجماهير المؤمنة من مفاصل ومراكز القوة والنفوذ في عالم الإسلام فهي في واد والجماهير في واد آخر، وهذا هو التحدي الأول :انتاج نخبة اسلامية على كل صعيد، نخبة مؤمنة بالإسلام عقيدة وشريعة ناذرة نفسها لرسالته فكرا وعملا، بما يكفل استعادة الإجماع الغائب في الأمة في مجتمعات الإسلام بين النخبة والجماهير، فتكون القيادة في كل المستويات من الأمة تحمل تصوراتها وهمومها، فتطيعها عن وعي وحب لأنها تطيع نفسها، تطيع خالقها الذي أمرها أن تطيع قيادة منها »وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم » وهي اليوم ليست منا بل علينا. إن من أكبر التحديات أمام الحركة الإسلامية انتاج نخبة اسلامية واسعة تغطي كل المجالات على أساس التصور المذكور حاملة لرسالة الإسلام في بسط هذا الوعي برسالته وتعبئة أوسع قطاعات الأمة وتوحيد صفوفها وراء الهدف الاعظم: تحكيم الإسلام في بلاد الإسلام بما يكفل ردم الهوة السحيقة القائمة في معظم بلاد الإسلام بين الدولة والأمة، وبما يحقق أقدارا ومستويات من الوحدة ومن التمثيلية الشعبية والتطبيق الإسلامي باعتبار الإسلام ووحدة أمته إيدولوجية الدولة والأمة. مشكلة الامة الكبرى والأولى اليوم أن الدولة ضد الامة كما ذكر أحد المفكرين. غياب دولة الامة بمعنيين: الدولة التي تحمل فكرتها والتي تمثل إرادتها، فلا تكون قطرية ولا علمانية ولا منافقة بالإسلام تستخدمه بدلا من أن تخدمه. يقف في طريق هذا الهدف الكبير ميزان قوة دولي متغلب، بعد أن نجح في هدم آخر كيان تمثيلي للأمة يقف حارسا بأساطيله الضخمة للحؤول دون قيامه مجددا، والامة منذ قرنين وهي تصارعه وتقاومه ولا تستسلم له رغم ميلان ميزان القوة المادية لصالحه ولكن بقوة معنوية تعززها قوى مادية بسيطة أمكن للامة أن تطرد من أرضها جحافل العدو المدججة بأعتى الأسلحة وشبابها المجاهد يطارد بقاياه، ولن يلبث حتى يدحرها بإذن الله . فالحرب قبل كل شيء صراع إيرادات واستعدادات للتضحيات، وإيرادات الأمة واستعداداتها للبذل في تصاعد وعلى الضد من ذلك معنويات العدو. ومن التحديات الفكرية الداخلية فشو مذاهب التشدد في بعض أوساط الحركة الإسلامية بأثر رد الفعل والفقه البدوي الزاحف من الصحراء على الحقول الخضراء، ينشر التكفير والضيق بالخلاف والتعدد وما ينتج عن ذلك من تمزيق للاجتماع الإسلامي وتحارب أهلي بين المذاهب سنة وشيعة صوفية وسلفية، بما لا تبقى معه فضل طاقة لمحاربة العدو، ولطالما ما حذرنا صاحب الدعوة عليه السلام من تكفير المسلم وقتاله. ومذاهب التشدد منذ الخوارج ما كان له قتال معتبر وإثخان إلا في المسلمين. ومع أن التشدد صوته عال بفعل نفخ أبواق العدو فيه يبقى أقلية وسط التيار الإسلامي الواسع المعبر عن عموم الأمة بكل مذاهبها. ومن التحديات الداخلية أيضا ضحالة الرؤية الاستراتيجية العلمية في تحليل الأحداث والصراعات، بما يفسح مجالا واسعا لدى بعض الأوساط للتفسير التآمري والمذهبي الطائفي للأحداث فالعلماني أو الشيعي أو الامريكي أو اليهودي ..دائما متآمر ووراء ما يحدث، حتى عندما تكون أسباب الحدث ظاهرة ولا علاقة لأحدهم بها، بما يضعف أو يعدم من النظر العلمي الموضوعي ومن وظيفة العقل في النقد والتمحيص ودور السّنن، ويجعل الفاعل المسلم دائما ضحية الغير، هذا إذا لم يكن الأمر أفدح بما يفسح أمام الرؤى من مجال لتفسير ما يحدث وفي التخطيط للتعامل معه.
– نقلا عن صحيفة الأحرار المصرية بتاريخ 11 فيفري 2010
هل تنجو إقتصادات العرب من صراع « اليورو » و « الدولار » ؟
د.أحمد القديدي* يوم السبت الماضي و بصورة فاجأت الخبراء إرتفعت قيمة العملة الأمريكية الخضراء حيث بلغت حوالي 1,30% بالنسبة لغريمها الجديد (اليورو) وهو ما يعتبر لا حدثا نقديا فحسب بل حدث سياسي في زمن إشتباك الإقتصادي بالسياسي و في لحظة أزمات عالمية عديدة. ثم إن المظاهرات اليونانية العارمة التي خرجت هذه الأيام تندد « باليورو » هي في الواقع تدعو إلى عودة السيادة الوطنية على العملة و الإقتصاد عوض قبول دكتاتورية اليورو و إملاءات الإتحاد الأوروبي. ثم إن إقتصادات العرب ليست منعزلة عن صراع العملات القوية و لا عن أزمات المصارف الغربية لأن هذه المصارف تملك نسبة 17% من رؤوس أموال المصارف العربية شرقا و غربا و لأن عملات الدول النفطية مصطفة على قيمة الدولار. بعد أن كنت منذ أسبوع واحد بقطعة « يورو » معدنية يمكنك أن تحصل على « دولار » ونصف في أي شباك بنك من أي بلد في العالم. إنها نسبة مبادلة قياسية بين أكبر عملتين تنتميان إلى الغرب المتقدم و المتأزم في نفس الوقت. « اليورو » يصرف في شهر أكتوبر 2009 ب1,50 من العملة الخضراء و في شهر مارس 2010 ب1,28، ولسائل أن يسأل هل المستفيد الأول هو « اليورو » ودول الإتحاد الأوروبي التي تتعامل به منذ عشرة أعوام؟ الجواب يأتينا من وزراء المال والإقتصاد ببعض دول الإتحاد، يقول السيد (إيريك وورث) وزير الميزانية الفرنسي يوم الجمعة الماضي لصحيفة « لو فيجارو » الباريسية بأن فرنسا مثلا تخسر و تربح من تفوق « ليورو » على « الدولار » فنحن نخسر حين نبيع طائرة الإيرباص للشركات الأجنبية لأن سعرها يرتفع و تفقد قدرتها التزاحمية إزاء « بوينغ » و لكننا نربح حين نشتري نفطنا بالدولار لأنه منخفض أمام اليورو. أما مستشار الرئيس ساركوزي السيد (هنري غينوه) فلا يرى في هبوط « الدولار » سوى ما سماه الكارثة لأن أوروبا ستتخلف في المجالات التصديرية عن الولايات المتحدة و اليابان و الصين وتجد إنتاجها متراكما في المخازن لأنها تبيع باليورو. إضاءة أخرى تأتينا من رجل عائد لتوه من الصين وهو ليس ككل بني أدم العاديين لأن إسمه هنري كيسنجر الدبلوماسي الأمريكي الداهية. يقول هذا الرجل يوم الخميس الماضي: » إن الصين أصبحت لا تثق في عملتنا (الدولار) و ترفض سيطرته التقليدية على الإقتصاد العالمي، و يضيف كيسنجر قائلا: » إن هذا الوضع المالي و الإقتصادي مرتبط جدليا بموقف صيني سياسي لأن بيكين لم تعد تثق في إدارة الولايات المتحدة لشؤون العالم بسبب ما يسميه القادة الصينيون ( الإنحياز الأيديولجي الأمريكي الذي يقود سياسة واشنطن الخارجية) و يدلل كيسنجر على رأيه بأن الصين تتوجس خيفة من المعالجة الأمريكية لأزمة 2008 لأنها تعتبر هذه السياسات الغربية غير مسؤولة و مخيبة للأمال ». أما عالم الإقتصاد الفرنسي المعروف (نيكولا بافراز) فقال لمجلة (لوبوان) الأسبوعية : إن العالم بلغ اليوم مرحلة عجيبة على صعيد الإقتصاد الدولي فخذ مثلا التوازن الإقتصادي و المالي الأمريكي الراهن فهو كله خاضع لمشيئة الصين الشعبية لأن الصين تملك في خزائنها أكبر كنز إحتياطي بالدولار في العالم. وهي لا تطلق هذا الكنز من عقاله من منطلق إلتزاماتها إزاء صندوق النقد الدولي، و لهذا السبب فإن واشنطن تتعاطى مع بيكين بحذر و أدب، خشية أن ينهار الإقتصاد الأمريكي في لحظات إذا ما تمردت الصين على المنظومة العالمية للتبادل النقدي و التجاري ! و يضيف عالم الإقتصاد بأننا وصلنا مرحلة تتميز بإرتهان إقتصاد أعظم دولة رأسمالية بإرادة أعظم دولة شيوعية ! على صعيد مختلف فإن تحليلات أعمق جاءتنا من الولايات المتحدة ذاتها، فأسبوعية (ستراتيجيك ألرت) في عددها ليوم 22 أكتوبر الجاري ربطت بين هبوط قيمة « الدولار » وبين الأزمة الأمريكية العالمية التي ما تزال تعصف بالإقتصادات القوية. قالت الأسبوعية بأن سنة 2009 سجلت إنهيار 106 مؤسسة مصرفية أمريكية و بأن الصناعة الأمريكية أصبحت مهددة بالصناعة الصينية و الهندية و البرازيلية في كل المجالات و بأن لا حكومة بوش الإبن و لا حكومة أوباما إهتدت إلى الحل الحقيقي و الناجع للأزمة و هذا الحل حسب (ستراتيجيك ألرت) هو إعلان إفلاس النظام النقدي و الإقتصادي الدولي المشهور بنظام (بريتن وودس) و إقامة نظام أكثر عدلا. و تقترح الأسبوعية لتحقيق ذلك إبتكار تعاون قوي بين الولايات المتحدة و الصين و الهند و روسيا لأن هذه الدول-الأمم تشكل منظومة إقتصادية و نقدية متكاملة بإمكانها التخلي نهائيا عن النظام العالمي المنهار و القائم على الهيمنة و الربح السريع و استغلال ثروات الأمم المستضعفة و الإعتماد على ما يسمى الإقتصاد الإفتراضي أو الوهمي كالذي تسبب في إفلاس عديد البنوك و إلتجاء الدول الغربية إلى عمليات ضخ أموال دافعي الضرائب في خزائن البنوك لإنقاذها و من خلالها إنقاذ النظام الرأسمالي الذي تصفه الأسبوعية الأمريكية بالموحش و عديم الأخلاق و فاقد الضمير. و نأتي إلى المحور الأهم وهو: ماذا يهمنا نحن العرب من عملتهم ؟ و هنا أقول بأنها عملتهم صحيح لكنها مشكلتنا نحن ! و لعل أستاذ الإقتصاد في (جامعة باريس دوفين) الزميل (بيار شالمين) لخص هذا المحور يوم الإثنين الماضي على صفحات يومية (لو فيجارو) حين كتب: إن دول الخليج العربي و روسيا تقدمت بإقتراح منطقي وهو أن يقع تدريجيا تعويض » الدولار » كعملة تسعير النفط بسلة عملات. بقي أن نعرف موقف واشنطن من هكذا مقترح لنتأكد من أن الدول العربية المنتجة للنفط لا تنوي الدخول في مواجهة مع مصالح أمريكا وليس في نيتها زعزعة عرش الدولار! *رئيس الأكاديمية الأوروبية للعلاقات الدولية بباريس (المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 128 بتاريخ 12مارس 2010)
هل الفكر العربي الإسلامي في أزمة ؟ (1 من 2)
بقلم : المولدي شاوش مرّ الفكر العربي الإسلامي على مدى التاريخ، بعديد المحطات التي أثرت فيه سلبا أو إيجابا، من عهد الرسالة المحمدية إلى عهد خلفائه، والى الحكم الأموي فالعباسي، ومن جاء بعدهما… . عندما نقلّب هذه الصفحات التاريخية ونتعمق في أغوارها، من عهد الخلفاء الراشدين إلى القرون الوسطى، ندرك بما لا مجال فيه للشكّ أنّ هذا الفكر سجّل حضوره على مساحة مترامية الأطراف من الكرة الأرضية زمانا ومكانا، منتجا ومبدعا في مختلف الاتجاهات الفكرية والمعرفية والحضارية، وقد كان لذلك الأثر الفعال في صقل حياتنا وحياة الآخر،يوم أن ساد الفكر المتوازن الساحة الحضارية الإسلامية ، فأثرى الفضاءات هنا وهناك ، ونشر النور مشرقا ومغربا ، فانتشرت المدارس الفكرية بمختلف اتجاهاتها الدينية والفلسفية والعلمية …. والتي أنجبت عديد العلماء والعباقرة الذين حفظ لهم التاريخ حق الريادة في عديد المجالات المعرفية، وإلى جانب هذا كانت لكلّ هذه المذاهب السنية مدرسته الخاصة ورؤاه الفكرية المتباينة مع غيرها، ودون خروج عن جادة الدين القويم. وقد بوأهم هذا وأكسبهم القدرة الفائقة وبراعة البحث العقلي والمعرفي في دراسة كنه النصوص الدينية التي يقصدها المشرع لإستخراج مضامينها الشرعية المسايرة للطبيعة الإنسانية . (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ) سورة الروم الآية 31 ( فوصف الإسلام بأنه الفطرة، معناه أنه فطرة عقلية. لأن الإسلام عقائد وتشريعات ، وكلها أمور عقلية أو جارية على وفق ما يدركه العقل ويشهد به …. وأيمّة السنة لم يصلوا إلى درجة الاجتهاد من فراغ، بل عندما شبوا ونضجوا، نالوا من المعرفة على أيدي علماء أجلاّء الشيء الكثير. خاصة وأنهم وجدوا في عصر دخلت فيه بلاد الاسلام علوم كثيرة من علوم الفرس واليونان وغيرهما ودخل في الاسلام علماء كثيرون من غير المسلمين، فعمّ الثراء الفكري في القرنين الثاني والثالث الهجريين، وهذا هو العهد الذهبي للدولة الاسلامية. وكلّ هذا يدلنا دلالة واضحة على عمق معارفهم التى أوصلتهم إلى كنه نصوص القرآن والسنة النبوية لاستخراج المضامين الشرعية المسايرة لحياة الناس في درب التيسير، ودون انزلاق في المحاذير والانغلاق والتطرّف . ورغم ما لهؤلاء الأيمّة من علم بأصول الدين واللغة ، فإنهم متواضعون إلى أبعد حدود التواضع، لايدعون امتلاك الحقيقة. حيث يقول الامام ابو حنيفة : « لا يزال الرجل عالما ما دام يطلب العلم، فإن ظن أنه علم فقد جهل » وذلك يدل على أن هؤلاء الأيمّة لهم من سعة العلم ما يجعلهم يختلفون، وتتسع صدورهم لذلك الاختلاف، من أجل الوصول إلى الحقيقة والمقاصد الشرعية، وتحقيق اليسر والسماحة، ما يجعله مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلّم : « ما خيرتبين أمرين الا اخترت أيسرهما ». ويقول الإمام أبو اسحاق الشاطبي في كتابه « الاعتصام « : روى ابن وهب عن القاسم ابن محمد قال :أعجبني قول عمر ابن عبد العزيز: » ما احب ان اصحاب محمد صلى الله عليه وسلّم لا يختلفون، لأنه لو كان قولا واحدا لكان الناس في ضيق، وانهم أيمّة يقتدى بهم، فلو اخذ رجل بقول احدهم لكان سنة ». والذي نستنتجه : أن الإجتهاد من أهل الذكر مشروع وله جوانب إيجابية خلاقة في حياة الناس . إذ لو يغلق باب الاجتهاد لضاق العلماء والناس ، فوسّع الله على الأمة بوجود الخلاف في فروع الدين والأخذ بالمصالح المرسلة التي لم يرد في الشريعة نص معين يدعو إلى اعتبارها أو إلغائها ، ولكن اعتبارها يجلب نفعا أو يدع ضرا إيمانا منهم بأن الشريعة الإسلامية قد اشتملت على مصالح الناس لكن بشروطها المعقولة .وهذا ما جعل الشاطبي يقول : » إن أحكام الشريعة ما شرعت إلا لمصالح الناس ، وحيث ما وجدت المصلحة فثمّ شرع الله ) عن كتاب الموافقات .
( المصدر: صحيفة » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 128 بتاريخ 12مارس 2010)
جامعة كاليفورنيا تحول 11 من طلابها للنيابة الجنائية لمقاطعتهم خطاب السفير الإسرائيلي
تب: د.أحمد غانم – فى سابقة ربما تكون الأولى فى تاريخ الجامعات الأمريكية، قامت جامعة كاليفورنيا فرع إرفين بتوجيه إتهامات جنائية لعدد من طلابها الذين قاموا بمقاطعة خطا ب السفير الإسرائيلي أثناء ندوة عقدت بالجامعة. وأثارت هذه الحادثه اندهاش المجتمع الجامعي الأمريكي الذي لم يكن يتصور أن تحول جامعة عريقة طلابها للنيابه بسبب نشاط سياسي!. وقد بدأت الاحداث عندما حاول 11 طالبا من طلاب جامعة كاليفورنيا إفساد محاضرة للسفير الإسرائيلي لأمريكا مايكل أورين كان يلقيها بدعوة من إدارة الجامعة. فبحيلة ذكية ومبتكرة اتفق الطلاب فيما بينهم أن لا يحتجوا كلهم مرة واحدة ولكن يقوم واحدا منهم كل عشرة دقائق للإحتجاج بصوت عال على سياسة إسرائيل بينما يقوم الباقين بالتصفيق له لإفساد المحاضره وبعد أن يتم طرده يقوم طالب آخر ويكرر نفس المحاولة مما اضطر السفير للخروج من القاعة عدة مرات. وقد أثارت هذه الحيلة الذكيه حنق إدارة الجامعة التي قررت فى سابقة غير معهوده فى تاريخ جامعات أمريكا توجيه اتهامات جنائيه للطلاب عن طريق المدعي العام بمقاطعة أورانج كونتى بكاليفورنيا مما أثار حفيظة المنظمات العربية والإسلامية فى أمريكا التي تضامنت مع الطلاب فى حقهم الدستوري فى إبداء أراءهم السياسية تطبيقا للبند الأول من الدستور الأمريكي. كان السفير الإسرائيلي قد قطع حديثه عدة مرات حتى ينهي الطلاب إحتجاجاتهم وفى المرة الأخيره عاد السفير موجها حديثه للطلاب المحتجين الذين يبدوا من ملامحهم أن لهم أصولا شرق أوسطية قائلا « لقد قضيت سنوات عديده من حياتي أعيش وأتعلم فى الشرق الأوسط المعروف عنه كرم الضيافة. وأنا هنا ضيف على جامعتكم كأنني فى بيتكم فأين كرم الضيافة الشرق أوسطي؟ ». المعروف أن الإحتجاج أثناء المحاضرات ممارسة عاديه ومتكررة وخصوصا فى المحاضرات والإجتماعات السياسية وبعد أن يقوم الشخص بالتعبير عن رأيه يخرج من القاعة وتستأنف الندوة ولكن الجديد كان الحيلة الذكية المنظمة التي أدت لقطع الندوة مرات عديدة والتي أطارت عقل إدارة جامعة عريقه مثل جامعة كاليفورنيا لدرجة تحويل طلابها للنيابة بتهم جنائية. الطريف أنه أثناء خروج الطلاب من القاعة وقف السيد داري دالين اليهودي رئيس منظمة تحالف القدس اليهودية الذي كان يحضر الندوة صارخا فى وجه الطلاب « سترسبون جميعا » مع أنه ليس حتى أستاذا فى الجامعة !. من ناحيتها أطلقت المنظمات العربية الأمريكية حملة تضامن مع الطلاب لإرسال إيميلات لبريد رئيس الجامعة على أن لا يحتوي على أية إساءة لحث رئيس الجامعة شخصيا على التدخل لإسقاط التهم عن الطلاب حفاظا على مستقبلهم وعلى مستقبل حرية التعبير فى جامعة عريقة مثل جامعة كاليفورنيا. فهل ستصر إدارة الجامعة على توجيه الإتهامات الجنائيه للطلاب أم ستتراجع حفاظا على سمعتها وتحت الضغوط السياسية الغاضبة والتي تعدت المنظمات العربية الأمريكية لتشمل منظمات حقوق الإنسان والتي رأت فى فعل الجامعة سابقة خطيرة لم تحدث فى تاريخ الحرم الجامعي الأمريكي.
و هذا تصوير بالفيديو لما تم في الندوة http://videohat.masrawy.com/view_video.php?viewkey=d89c14c1d75d61cd4498