Home – Accueil – الرئيسية
TUNISNEWS
7 ème année, N° 2455 du 10.02.2007
الجزيرة.نت: اعتقالات وعمليات دهم واسعة في أوساط إسلامية بتونس يو بي أي:محكمة تونسية تأمر بسجن ثلاثة شبان بتهمة ترويج ‘أخبار زائفة’ المكلف بالمعاينة في ما سُمي بالموجهات المسلحة معاق بصريا أصلا كلمة: أضواء على الأنباء كلمة: مقارنات جريدة « الصباح »:أستاذ جامعي في علم الاجتماع يطلق صيحة فزع:تونس تحتل المرتبة الرابعة عالميا في نسبة الطلاق… وات: تونس تشارك في اجتماع وزراء الدفاع ببلدان الحوار المتوسطي والحلف الاطلسي يو بي أي: تونس ترحب باتفاق مكة بين حركتي فتح وحماس يو بي أي: محادثات برلمانية تونسية-مصرية لتعزيز التعاون الثنائي الحزب الاشتراكي اليساري: البيان التأسيسي مواطن تونسي:بن علي والحرب الاستئصالية الشاملة أبو سحنون: قراءة خبرية للتغييرات الأخيرة نــورالدين الخميري: النّخبة التّونسيّة وملف حقوق الإنسان محسن زمزمي وفخرى شليق: وأبى شاعرنا جمال الفرحاوي إلا أن يؤبن فقيدنا رضا حمدى جريدة « الشعب »:نادلات المقاهي والمطاعم :بين دهشة الحرفاء والحاجة للعمل « الجريدة »:السيد دخيل متوجها للمسؤولين عن الإعلام:هـاتُـوا أفـكـاركـم « الجريدة »:شهادة حية بين الأمس واليوم… الأحلام الموؤودة الوحدة: خمسون: أسئلة حارقة تدافع عن قيم المواطنة الوحدة: في مؤسسة التميمي: هجوم عنيف على محمد الصياح حبيب الرباعي: زيادة همّ، بدون إضعاف للهمـّة توفيق المديني: موريتانيا: الديموقراطية الفتية في امتحان أول انتخابات رئاسية تعددية د. أبو خولة: بعد اتفاق مكة:هل ستواصل حماس السقوط في فخ الهدنة ؟ الشرق: المحلل السياسي المغربي بلال التليدي لـ « الشرق »: حزب العدالة والتنمية الأوفر حظا في الانتخابات القادمة موقع إسلام أونلاين: قادة أمريكيون: الحملة الأمنية ببغداد تستهدف السنة
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
اعتقالات وعمليات دهم واسعة في أوساط إسلامية بتونس
نسب كريستوف عياد في صحيفة ليبراسيون للمجلس الوطني للحريات في تونس، قوله إن عدد الذين تم استجوابهم في تونس منذ الأحداث الدامية التي وقعت في جنوب هذا البلد قبل أسابيع يقدر بالمئات, أما المعتقلون فإن المؤكد أن عددهم في شهر يناير/كانون الثاني الماضي وحده تجاوز المائة.
وقال عياد إن المواجهات الدامية التي شهدتها تونس ما بين 23 ديسمبر/كانون الأول و3 يناير/كانون الثاني الماضي وأودت بحياة 20 شخصا، تبين أنها لم تكن بين السلطات التونسية و »عصابات إجرامية » وإنما بينها وبين مجموعة جهادية شاذة مدججة بالسلاح حسب تعبيره.
ونقل عن مصدر دبلوماسي في تونس قوله إن النظام التونسي بدا منذ ذلك الحين هستيرياً, وبلغ القمع مستوى لم يبلغه منذ تسعينيات القرن الماضي, عندما عمد النظام إلى اجتثاث حزب النهضة الإسلامي, لكن الفرق الكبير بين ما جرى آنذاك وما يجري الآن هو أن السلطات لا تواجه حركة سياسية يسهل تفكيكها وإنما خطرا مستشريا يصعب احتواؤه.
وذكر عياد أن عمليات دهم واسعة طالت مناطق عدة في ضاحية سليمان بتونس، وفي سيدي بوزيد وسوسة والكاف وجمال وبنزرت, مشيرا إلى أن قوات الأمن يبدو أنها باشرت تنفيذ اعتقالات بالجملة على أسس ضبابية وتعسفية. وأضاف أن من بين من اعتقلوا من جديد أشخاصا اعتقلوا في السابق بتهمة التخطيط للذهاب إلى العراق قبل أن يطلق سراحهم, أما المعتقلون الجدد فتهمهم تتراوح بين التردد على هذا المسجد أو ذاك أو زيارة موقع إسلامي ما، أو لأن سوء حظهم جعلهم من بين من كان أحد المتهمين الآخرين يتردد عليهم.
اختفاء وتعذيب
وأورد عياد في هذا الإطار حالة محمد أمين جزيري, الذي قال إنه اختفى يوم 24 ديسمبر/كانون الثاني 2006 بعد أن أرسل له أحد أصدقائه رسالة SMS يتوسل إليه فيها أن يأتيه في المستشفى فورا.
لكن جزيري اختفى واختفت سيارته معه, وأصرت الشرطة على نفي معرفتها أي شيء عنه, وبعد تحريات أجرتها أسرته تبين أنه محتجز، وأن صديقه كان محتجزا على ذمة التحقيق, ولم يرسل له أي رسالة.
وذكر عياد أنه يبدو أن التحقيقات صاحبها استخدام منظم للتعذيب, بل إن اثنين على الأقل ممن اعتقلوا في سوسة وسيدي بوزيد ماتا، وقامت الشرطة باستدعاء أسرهما إلى المقبرة للتعرف عليهما قبيل لحظات من دفنهما. المصدر:ليبيراسيون (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 10 فيفري 2007)
محكمة تونسية تأمر بسجن ثلاثة شبان بتهمة ترويج ‘أخبار زائفة‘
تونس / 10 فبراير-شباط / يو بي أي: قضت محكمة تونسية بسجن ثلاثة شبان تونسيين لمدة تتراوح ما بين 3 أعوام و3 أعوام ونصف بتهمة « ترويج وإشاعة أخبار زائفة »،وذلك في قضية نشر بيان في أحد المواقع الألكترونية بشأن المواجهات المسلحة التي وقعت في الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة مطلع العام الجاري.
وقالت مصادر حقوقية تونسية اليوم السبت إن هذه الأحكام صدرت عن الدائرة الجنائية الرابعة التابعة للمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة حيث أقرّ القاضي بثبوت ادانة المتهمين الثلاثة،وذلك على الرغم من تمسك الدفاع ببراءة موكليه من خلال الطعن في الاجراءات التي أتبعت ،وفي محاضر التحقيق الأولي.
وأوضحت أن المعنيين بهذه القضية هم ثلاثة شبان في مقتبل العمر سبق أن اعتقلتهم السلطات الأمنية التونسية على خلفية اقدامهم على نشر بيان في أحد المواقع الألكترونية على شبكة الأنترنيت باسم »شباب التوحيد والجهاد في تونس » تبنوا فيه المسؤولية عن الأحداث الأمنية التي شهدتها تونس مطلع العام الجاري. وأشارت الى أن القاضي استند الى الفصل 306 مكرر من القانون الجنائي التونسي حيث أصدر حكماً بسجن المتهمين الأول والثاني لمدة ثلاث سنوات وستة أشهر،وبسجن المتهم الثالث لمدة ثلاث سنوات باعتباره شريكاً.
وكان مصدر رسمي تونسي قد نفى في الحادي عشر من يناير/كانون الثاني الماضي وجود تنظيم يحمل إسم »شباب التوحيد والجهاد بتونس » الذي تداولته بعض وسائل الاعلام عقب المواجهات المسلحة بين قوات الأمن التونسي وعناصر مجموعة ارهابية.
وأشار المصدر في حينه الى ان عمليات البحث والتحريات أثبتت أنه »لا وجود للتنظيم المزعوم وأن البيان المذكور تمت صياغته وبثه على شبكة الانترنيت وبعض وسائل الاعلام من قبل شخصين مقيمين في تونس،تم الكشف عن هويتهما وايقافهما،حيث اعترفا بقيامهما بهذا العمل من باب الدعابة غير المسؤولة والسمجة ومغالطة وسائل الاعلام والرأى العام ».
ولفت مراقبون إلى أن هذه المحاكمة تعد الثالثة من نوعها التي تشهدها تونس في غضون أقل من شهر ،حيث سبق للدائرة الجنائية الثانية التابعة للمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة أن أصدرت قبل ثلاثة أيام أحكاماً بسجن 8 شبان لفترات تتراوح ما بين 5 و11 عاماً بتهمة الانضمام إلى « تنظيم إرهابي وارتكاب جرائم إرهابية ».
وتزامنت هذه الأحكام مع صدور أحكام مماثلة عن المحكمة العسكرية التونسية تقضي بسجن سبعة تونسيين لمدد تتراوح ما بين 5 و8 أعوام بتهمة « الانتماء لمنظمة ارهابية ناشطة في الخارج في زمن السلم »،وذلك في إشارة إلى التنظيم الجهادي السلفي »أهل السنة والجماعة ».
وفي الثالث والعشرين من الشهر الماضي،أصدرت محكمة تونسية أحكاماً في حق 23 شاب تونسي لمدد تراوحت ما بين 5 و9 أعوام ،وذلك عملاً بقانون مكافحة الارهاب .
وكانت تونس أقرت قانون مكافحة الارهاب المعروف باسم » القانون المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الارهاب ومنع غسل الأموال »،في العاشر من ديسمبر/كانون الأول من العام 2003 . وتم بموجب هذا القانون محاكمة العديد من الشبان،واعتقال العشرات إثر المواجهات التي شهدتها تونس بين قوات الأمن ومجموعة مسلحة وصفها وزير الداخلية التونسي رفيق بالحاج قاسم بـ »السلفية الإرهابية » أسفرت عن مقتل 12 من المسلحين واعتقال 15 منهم.
المكلف بالمعاينة في ما سُمي بالموجهات المسلحة معاق بصريا أصلا
محمد البختي ( 22 سنة ) أحد المتهمين في قضية « المواجهات المسلحة » بمدينة سليمان ، وقع إعتقاله قبل المواجهات المزعومة بأيام كما روت عائلته ، و من الغريب أنه مُتهم في أوراق القضية بأنه » هو من قام في المجموعة بمعاينة الأماكن و الجبال و رادارات البوليس في المواجهات » ، لكن الغريب أن هذا المتهم هو أصلا لا يرى على مقربة منه فما بالك إذا كان الشيء بعيدا عنه ، فالشاب ببساطة معاق بصريا في كلتا العينين ، و هذه شهادة معاق صادرة من وزارة الشؤون الأغجتماعية تؤكد ذلك ، فما هذه الأكذوبة
* المصدر : مراسلة خاصة من تونس
أضواء على الأنباء
إضاءة أمّ زياد
بن علي جار « دانتي » آخر أخبار مقتنيات الجمهورية التونسية تقول إنّ تونس ابتاعت مؤخرا نصبا في إحدى مدن الشمال الإيطالي أطلقت عليه بلغة « دانتي » via Zeinelabidine Ben Ali. وقد استأثر « الحدث » كالعادة بالصفحات الأولى من وسائل الإعلام التونسية المكتوبة والمسموعة والمرئية وحى الافتراضية. ولما كان إعلامنا الرسمي متضلعا في العلوم الإنسانية ويتوفر على قدر كبير من ملكات التحليل والتكبير وربط المتشابهات ببعضها فإنّه (أي إعلامنا الرسمي) لم يغفل تفصيلا هاما من تفاصيل الحدث المذكور آنفا وهو أنّ الـvia الإيطالية المذكورة تفضي إلى معلم معماري قديم ارتبط باس « دانتي ألياري » الشاعر الإيطالي القديم الذي خلّد اسمه بملحمته الشعرية المعروفة « الكوميديا الإلهية »… وبذلك صار رئيسنا جارا لواحد من عظماء الأدب الإنساني. لانبيّ في قومه كما يقال أو في بعض قومه كما تقول الواقعة المذكورة، فالحاقدون ومن في قلوبهم مرض لم يرق لهم هذا التكريم لرئيسهم وطفقوا يباعدون باستهزاء بين الجارين الجديدين بن علي و »دانتي » وذلك في تجاهل آثم لحقيقة أنّه لا فرق بين أبناء آدم وحوّاء… في الانتماء إلى جنس البشر. أحيانا توجد بعض الفروق متفاوتة القيمة بين المنتمين إلى جنس البشر ولعلّ أبرز الفروق بين دانتي وجاره أنّ الأوّل أبدع ملحمة فنّية كان له من التواضع ما جعله يسمّيها مهزلة في حين صنع الثاني مهزلة واقعية يصرّ على إكراه الناس على اعتبارها ملحمة…
… حتى صحيفة الشرق الكويتية ! من يسمع عن هذه الصحيفة ؟ ومن يقرؤها ؟ قليلون بلا شكّ وخاصة في تونس. ولكنّ ذلك لم يمنع هذه الصحيفة من أن تعرفنا أكثر مما نعرفها ونعرف أنفسنا. لقد أسندت جريدة الشرق الكويتية لقب « شخصية العام 2006 » لبن علي دون غيره من سكّان الأرض الذين تميّزوا في العام المنصرم بمن فيهم « لابي بيار » ومبتدع بنك الفقراء الذي حصل على نوبر. شيء رائع بلا ريب أن يحلّق هذا اللقب الكبير فوق المعمورة ويختار أن يحطّ في قصر قرطاج ! ولكن الأكثر روعة هو ما جاء في حيثيات إسناد اللقب المذكور من أنّ بن علي صنع كلّ المعجزات المنسوبة إليه من قبل الجريدة الكويتية بعيدا عن الشعارات والضجة الإعلامية المفتعلة. كم كنت أودّ أن أكون في غرفة التحرير بقناة تونس 7 أثناء صياغة الخبر المذكور لكي أرى أثر العبارة الأخيرة على وجوه المحرّرين… الذين لا شغل لهم إلاّ إطلاق الشعارات والضجة الإعلامية المفتعلة ! أراهن أنّ التنكيت كان يملأ أجواء غرفة التحرير… أقصد التنكيت الأسود.
يا فرحتي… ابني في السجن بعد شهر طويل من الانتظار والحيرة والخوف والتردد على مصالح الأمن دون جدوى استطاع بعض أولياء الموقوفين على خلفية الأحداث الأخيرة أن يحصلوا على جواب شاف مفاده أنّ أبناءهم محالون على التحقيق القضائي وأنّهم مقيمون بالسجن. لقد كانت فرحة أحد هؤلاء الأولياء عارمة وهو يزفّ خبر وجود ابنه في السجن لأحد النشطاء الحقوقيين الذين تابعوا اختفاءه… بل قيل لي إنّ هذا الوليّ همّ بأن « يخلّص المبروك ». إنّ المرء ليتفهّم مثل هذه المواقف من أناس خطف أولادهم وبقوا مجهولي المصير مدة طويلة. ولكن ذلك التفهم لا يمنع من استغراب هذا الواقع المفزع الذي صار فيه السجن رحمة بالقياس إلى كلّ ما يمكن أن يتوقعه المواطن التونسي من هذا النظام الذي يستتر بالقانون بقدر ما يتشدق باحترامه…
أين هي ؟ كانت معنا في كل يوم لا تكاد تغيب عن شاشة تلفزتنا ولا عن الصفحات الأولى من جرائدنا… وحتى إن صادف ألاّ نراها يوما فإنّنا نسمع عنها من خلال نشاط اجتماعي أو ثقافي يتم تحت سامي إشرافها أو من خلال كلمة توجّهها إلى هذا المؤتمر أو ذاك أو يلقيها عنها بعض نسوان. كنّا نراها في كل المناسبات الرسمية ونسمع لها آراء ومواقف فيما يجدّ من أحداث كبرى على الصعيد الدولي والوطني. واليوم مرّ موكب تلقّي تهاني السلك الديبلوماسي دون أن تكون حاضرة وجدّ في بلدنا حدث جلل ولم نسمع لها في الموضوع رأيا ولا منه موقفا… أين هي رئيستنا ؟
مفزع ! علمت « كلمة » من مصادر غير دقيقة أنّ بعض الشبان المعتقلين على خلفية الأحداث الأخيرة يستهدفون بصفة خاصة بسبب اتصال ذويهم بجمعيات حقوقية تولّت الإعلام عن ظروف إيقافهم… وممّا قيل لنا أيضا أنّ بعض الجهات الأمنيّة قد تكون حذّرت أهالي هؤلاء الشبّان من مغبّة الاتصال بالحقوقيّين ووسائل الإعلام مؤكّدة لهم أنّ ذلك « يغرق » أبناءهم ويضاعف معاناتهم. هذه بلا ريب أنباء مفزعة خاصة بالنسبة إلى الحركة الحقوقية التي تجد نفسها في دور مناقض تماما لدورها بحيث تصير دون قصد نقمة على هؤلاء الشبان عوض أن تكون سندا لهم ومطالبة بمحاكمتهم محاكمة عادلة وفي ظروف إنسانية. لست أريد ولا أستطيع أن أؤكّد هذه الأنباء أو أن أكذّبها ولكن ما أستطيع قوله بصفة مؤكّدة هذه المرة هو أنّه إبّان الزيارة الأخيرة التي قام بها الصليب الأحمر الدولي إلى السجون التونسية عمد أعوان السجون إلى « التنبيه » على المساجين بقولهم « إنّكم ستكونون أمام هؤلاء الضيوف دون مانع ولا حاجز ولكم أن تقولوا ما تشاؤون و »المفاهمة » معكم تكون فيما بعد »… ولهذا قال جميع السجناء الذين اتصل بهم وفد الهلال الأحمر إنّ كل شيء على ما يرام في السجون التونسية.
بن علي 2009 ! (مرة أخرى) ما تزال المناشدات تتهاطل على بن علي من كل حدب وصوب تجمعيين… والأحزاب الكرتونية تناشد هي الأخرى على طريقتها بالتلويح والتلميح في انتظار التصريح الذي سيأتي في أوانه. بعض السذج أو الطيّبين من الملاحظين السياسيين توهّموا أنّ هذا التبكير بالمناشدة جاء ردّا على تحركات المعارضة وعلى نداء المرزوقي للمقاومة. أمّا أنا- ورغم أنّي ساذجة وطيّبة- فأرى أنّ المقصود بالردّ ليس المعارضة ولا المقاومة… بل الشق الآخر من النظام الذي يعدّ نفسه للخلافة… فما هو رأي القراء في رأيي ؟
قريبا ملعب « ڤولف » في سيدي حسين حي سيدي حسين واحد من أحياء الشقاء التونسي في عهد « المعجزة الاقتصادية »، وقد تهاطلت الأمطار بغزارة من سنوات خلت فأغرقت الكثير من أحياء تونس الكبرى ونال هذا الحيّ من الفيضانات نصيب الأسد فشرّد أهله وأقاموا في العراء أو في بعض المباني الحكومية، وممّا نتذكّره أنّ أهالي هذا الحيّ ثاروا في وجه معتمدهم وكادوا يفتكون به يوم جاء يعللهم بوعود كانوا يعرفون مسبقا أنّها لن تنفّذ. أمّا ما تذكره « كلمة » وسائر الصحف الموالية والمعارضة فهو الطوق الأمني الذي ضرب على حيّ سيدي حسين لمنع الصحافة من دخوله والاتصال بسكّانه المنكوبين. يوم 7 فيفري 2007 « ناب ربّي » على حي سيدي حسين وتجوّل فيه رئيس الدولة فيما سمّي « زيارة فجئية »… واللافت أنّ هذا الحيّ المكتظ بالسكان كان أثناء « الزيارة الفجئية » مقفرا يذكّر بالمدن الأشباح التي نراها في أفلام « الوستارن ». أمّا ما هو لافت أكثر فهو أنّ أبواب هذا الحيّ التي لم تفتح من سنين قليلة لصحفيين لا يملكون إلاّ أقلامهم وأوراقهم قد فتحت على مصراعيها أمام كاميرا شريط الأنباء لتصوّر بناءه المتآكل وأنهجه الضيّقة المليئة بالحفر والمطبّات والتي تشقّها شبكة من جداول المياه المتسخة. المهمّ… لقد وعد الرئيس أثناء هذه اللفتة الكريمة بأن يصلح حال هذا الحيّ… وأن يوفّر فيه فضاءات للترفيه… ولذلك لا نستغرب إذا رأينا في مقبل الأيّام… أو الأعوام ملعب سيدي حسين لرياضة « الڤولف » التي نتذكّر أنّ « بي بي جنيور » قال إنّها « رياضة شعبية ». لقد ذكّرتنا هذه الزيارة الفجئية بالهليكوبتر والرئيس الفتيّ الذي يركبها وهو يرتدي سترته الجلدية وعلى عينيه نظارات شمسية… في منطقة « البرّامة » وغيرها.. ولكن هل يمكن أن يعيد التاريخ نفسه ؟ ابن خلدون يقول « لا ».
(المصدر: العدد 50 من مجلة كلمة الإلكترونية الصادرة يوم 10 فيفري 2007)
مقارنات
أمّ زياد يقال إنّ مواجهات مسلّحة جدّت في الضاحية الجنوبية للعاصمة وخلّفت قتلى وجرحى. ويقال في الجانب الآخر أنّ شيئا من ذلك لم يحدث وأنّ الأمر لا يعدو أن يكون إخراجا سينمائيا لواحد من أفلام الرعب القصد منه إشعار العامّة بالذعر وبالحاجة إلى منقذ… وقد نعرف أو لانعرف أبدا أيّ القولين كان صادقا. وقديما قيل لنا إنّ شرذمة ضالة شنّت هجمات مسلّحة على مراكز سياحية وأوقعت قتلى وجرحى. ولم يكن هناك أيّ قول آخر يشكّك في هذا الذي قيل ولذلك لم نعرف إلى الآن صحّته من كذبه غير أنّ ذلك لم يمنع من أنّنا عرفنا المنقذ الذي أنقذ تونس من حمام دم محقق وجاء يعدها بدولة القانون والمؤسسات. يقال إنّ المواجهات المسلحة المذكورة تمّت بين قوى الأمن ووحدات من الجيش الوطني وبين مجموعة إرهابية مسلّحة تسلّلت من الخارج واستعانت ببعض العناصر الداخلية السلفية الجهادية وكان هدفها (أي العصابة) الإطاحة بالنظام الكافر وإقامة دولة إسلامية. ويقال في الجانب الآخر إنّ المواجهات كانت بينيّة تقابل فيها الأمن والجيش الوطنيين مع عناصر أمنيّة كانت تسعى إلى زعزعة الأمن وإقامة الحجة على عجز الجناح المتنفذ حاليا في السلطة لفائدة جناح آخر يستعدّ لاستلام المشعل… وهذا أيضا قد نعرف صدقه من كذبه وقد لا نعرف ذلك أبدا. ولكن قديما قيل لنا إنّ بعض الأحداث العنيفة ومنها خاصة حادثة باب سويقة لم تكن من فعل الاتجاه الإسلامي بل كانت عملا مخابراتيا… ولا نعرف إلى الآن مدى صحّة هذه الرواية ولكن عرفنا في المقابل أنّ المنقذ المذكور أعلاه استفاد أيّما استفادة من حادثة باب سويقة ومثيلاتها وسدّ بها الطريق على أيّ منقذ غيره يمكن أن يزعم القدرة على إنقاذ تونس ومنافسته فيه. يقال إنّ الشبّان الذين ألقي عليهم القبض على خلفية الأحداث المذكورة كانوا محدودي العدد وأنّ الإيقاف لم يشمل إلاّ المتورطين في العنف أو الإعداد له وأنّهم اعتقلوا وسيحاكمون بالطرق التي ينصّ عليها القانون وبما يكفله لهم القانون من المعاملة الإنسانية وحق الدفاع.. وإلى آخره.. وفي الجمعة المقابلة يقال إنّ عدد هؤلاء بالمئات… أو حتى بالآلاف وإنّهم خطفوا ولم يعتقلوا بطرق قانونية وإنّهم بقوا مجهولي المصير مدة شهر وإنّهم خضعوا أثناء إقامتهم في أقبية الداخلية إلى تعذيب وحشي مراقب طبّيا على أيدي جلاّدين ملثمين كانوا يتنادون بأسماء مستعارة منها « باتريك » و »شارون » إلخ. وإنّ هؤلاء الشبّان قد أحيلوا على التحقيق القضائي بمحاضر مزيّفة التواريخ « احتراما » لمدة الاحتفاظ القانونية. وعن هذه المحاضر يقال إنّها متشابهة مستنسخة من بعضها تصبّ كلّها في اتجاه محاكمات ستكون على دفعات هذه المرّة وليست محاكمة هائلة كتلك التي شهدناها في صيف 92 وستكون على مقتضى قانون الإرهاب ومنخرطة في « المجهود الدولي لمقاومة الإرهاب » وليست محاكمات « حق عام » تقليدية مثل محاكمات أوائل التسعينات. ولكنّ هذا لن يمنع المحاكمات الجديدة من أن تدلّ مثل سابقاتها على حاجة المنقذ المذكور أعلاه إلى وقود هائل من حيوات الأبرياء والمذنبين على حدّ سواء ليدعم أركان حكمه في الداخل والخارج وليشلّ كلّ تحرك معترض على سياسته. وسواء أوقعت المواجهات أو لم تقع وسواء أوقعت بالطريقة التي تنقلها المصادر الرسمية أو بطريقة أخرى فإنّ من الواقع ومن الثابت أنّ وجوه المقارنة والشبه قائمة بين المشهد التونسي الحالي وسلفه الذي كان قبيل قدوم بن علي وبعيده. بل إنّ الشبه ليطول حتى بعض الجزئيات الأليم منها والسخيف، فأقبية التعذيب قد صار موظفوها يحملون ألقابا مناسبة للعصر الجديد، إذ استبدل « بوكاسا » بـ »شارون » ومداهمات البيوت وسرقة أمتعة أهلها هي هي ومقترفها هو دائما البوليس السياسي والمحاكمات الجماعية هي هي وإن كان سيعمد اليوم إلى تفتيتها اجتنابا لإثارة الضجّة الإعلامية التي تطوّرت تقنياتها في هذا الزمن… وسبحان الله… حتى جزء من المعارضة يبدو مستعدّا للوقوع في المصيدة من جديد والانخراط في جوقة التنديد بالإرهاب رغم انخراط هذه المعارضة في المطالبة بالعفو التشريعي العام لفائدة ضحايا الأخت الكبرى للحملة التي تشهدها بلادنا اليوم. من عشرين سنة نصبت نفس المصيدة لقطع الطريق على صقور محددة كانت تنتظر سقوط جثة بورقيبة وإفزاع بعض الهداهد التي كانت ترجو من وراء رحيله فرجا. أمّا اليوم فيصعب التحديد نظرا إلى كثرة الغربان المتربّصة أمّا الهداهد فهي هي في استعدادها لنقر الحيّات دون رؤية الفخ.
(المصدر: العدد 50 من مجلة كلمة الإلكترونية الصادرة يوم 10 فيفري 2007)
أستاذ جامعي في علم الاجتماع يطلق صيحة فزع: تونس تحتل المرتبة الرابعة عالميا في نسبة الطلاق… دعوة لتوعيـة الشبـاب بأن الـزواج هو مشروع جاد وعليهم حسن الاختيــار
تونس – الصباح أطلق أستاذ علم الاجتماع بلعيد أولاد عبد الله صيحة فزع بسبب تفشي ظاهرة الطلاق في تونس.. وقال في لقاء معه إن تونس تحتل المرتبة الرابعة عالميا في نسبة الطلاق.. ودعا محدثنا إلى ضرورة الوقاية من هذه المعضلة الاجتماعية وذلك بمزيد توعية الشباب المقبلين على الزواج وتحسيسهم بأن الزواج هو مشروع جاد.. ويتعين عليهم حسن اختيار القرين.. وإدراك أن الحياة الزوجية تختلف عن حياة العزوبية.. وتعزى أهم أسباب الطلاق على حدّ تعبيره إلى الظروف الاقتصادية والاجتماعية للقرينين.. ودعا إلى إيجاد الظروف المناسبة للسكن بالنسبة للمتزوجين الجدد وذلك بتخفيض تكاليف السكن الاجتماعي وطالب بمراجعة توقيت العمل بما يسمح لأفراد الأسرة بإيجاد الوقت اللازم للالتقاء والتعاون على حل مشاكلهم وعلى تصريف شؤونهم.. كما بين أنه من الضروري تكثيف الفضاءات الترفيهية والثقافية الموجهة للأسر وتعزيز دور المؤسسات العاملة في المجال الاجتماعي للتصدي لمشاكل الحياة الزوجية وحلها بالتراضي.. وعوضا عن إسراع الزوجين المتخاصمين إلى المحكمة والاستنجاد بالمحامي سيكون من الأفضل لهما التوجه نحو مراكز الرعاية الاجتماعية والتوفيق العائلي ومكاتب الوساطة.. ولاحظ أن المختصين في علم الاجتماع مدعوون إلى القيام بدور الوساطة وإلى الانفتاح على اختصاصات أخرى والتعاون معها لحل مشاكل الحياة الزوجية والحيلولة دون وقوع الطلاق الذي يتسبب في تشتيت شمل الكثير من الأسر.. ودعا في هذا الصدد المقبلين على الطلاق إلى زيارة مؤسسات تعنى بالطفولة الجانحة والمشردة وذوي الحاجيات الخصوصية لكي يكونوا على بينة من آثار الطلاق.. والجدير بالتذكير، أن أسباب الطلاق في تونس مختلفة وكثيرة حيث بينت دراسة حول انعكاسات الطلاق على الأزواج والأبناء أن المشاكل الاجتماعية تتسبب في 48 فاصل3 بالمائة من حالات الطلاق وهي تتمثل في المعاملة السيئة والعنف ـ الذي يتم عادة بعد تناول الزوج الخمرـ كما تتمثل في الادمان على المخدرات وفي الخلافات حول تربية الأبناء وقلة الاكتراث وعدم الشعور بالمسؤولية والاختلاف في المستوى العلمي بين القرينين والتفاوت في السن.. ونجد 22 فاصل 7 بالمائة من حالات الطلاق تعود إلى عقم أحد الزوجين أو إصابته بمرض عقلي أو بإعاقة وتتسبب المشاكل الجنسية وخاصة الخيانة الزوجية وقلة الثقة وشدة الغيرة بين الأزواج في 15 فاصل 8 بالمائة من حالات الطلاق في حين أن رداءة الوضعية المادية بسبب البطالة والفقر تتسبب في 13 فاصل 2 بالمائة من تلك الحالات .. وهناك دراسة بينت أن الطلاق يؤدي إلى تدهور ظروف السكن للأسرة التونسية في 64 بالمائة من الحالات حيث يتم تغيير مقر السكنى إلى مقر أقل رفاهية.. ويؤدي ذلك إلى ضعف مردودية الأبناء في الدراسة وإلى إصابتهم باضطرابات نفسية وبالأرق و إلى ميولهم إلى العنف والتشرد و يؤدي إلى تدهور علاقاتهم بآبائهم.. الاستعانة بأهل الاختصاص يذهب الأستاذ بلعيد أولاد عبد الله إلى التأكيد على ضرورة الاستعانة بخبرات ودراسات المختصين في علم الاجتماع لأنه ليس من المعقول أن تبقى بين الرفوف وداخل أسوار الجامعات.. ودعا للتفكير في بعث مهن جديدة يفرضها الواقع مثل الوساطة العائلية ومستشار العلاقات الزوجية والشخص المعالج للصراعات داخل الأسرة ومختص في المرافقة البيداغوجية والتربوية للأطفال والمختص في حل مشاكل الزواج المختلط التي بدأت تطفو على السطح أمام تزايد عدد التونسيين الذين يتزوجون بأجانب.. وعبر الأستاذ أولاد عبد الله عن استغرابه من أن يقوم خريج علم الاجتماع ببعث مشروع خاص يتمثل في فتح « تاكسيفون ».. في وقت تبرز فيه الحاجة أكيدة لبعث مراكز تعنى بالرعاية الاجتماعية.. وبين أن الدراسات الاجتماعية تقدم البدائل لعديد المشاكل الاجتماعية لكن الاستفادة منها تبقى محدودة أو منعدمة.. وذكر أن هناك برامج في نفس المجال لكنها لا تقوم على دراسات اجتماعية مثل برامج تعليم الكبار والعائلات المعوزة ومجال الدفاع الاجتماعي الذي بغيابه ظهر الانحراف والعنف.. وبين أن خريج علم الاجتماع يمكنه أن يبعث مؤسسة اجتماعية بمقابل..وأن هناك مكانة في المستقبل للمهن الاجتماعية في تونس على غرار إحداث المؤسسات المختصة في حل المشاكل الزوجية والتربية والتأهيل ومؤسسات رعاية المسنين وفتح محضنة مدرسية وغيرها.. سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 10 فيفري 2007)
محادثات برلمانية تونسية-مصرية لتعزيز التعاون الثنائي
تونس / 10 فبراير-شباط / يو بي أي: بحث رئيس البرلمان التونسي فؤاد المبزع اليوم السبت سبل تعزيز العلاقات البرلمانية بين بلاده ومصر مع نظيره فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المصري الموجود حالياً في تونس للمشاركة في اٍجتماعات مكتب المجلس البرلماني الأورو-متوسطي. وقال مصدر برلماني تونسي اٍن الجانبين أكدا على « متانة العلاقات بين مجلس النواب التونسي ومجلس الشعب المصري،وعلى أهمية دعمها تماشياً مع التطور الذي يشهده التعاون التونسي-المصري على مختلف الأصعدة ». وأضاف أنه تمّ خلال هذه المحادثات تبادل وجهات النظر بشأن المسائل المدرجة على جدول أعمال اٍجتماعات مكتب المجلس البرلماني الأورو-متوسطي،ودور هذا المجلس في دعم مباديء التعاون والجوار بين شعوب ضفتي المتوسط. وكانت أعمال هذه الاٍجتماعات قد بدأت اليوم السبت في تونس بحضور رئيس البرلمان التونسي فؤاد المبزع،ونظيره المصري فتحي سرور ورئيس البرلمان الأوروبي هانز غيتر بوتورينغ، بالاٍضافة اٍلى رئيسة البرلمان اليوناني. وبحث المشاركون في هذه الاٍجتماعات ترتيبات عقد الدورة العادية الثالثة للمجلس البرلماني الأورو-متوسطي التي ستستضيفها تونس يومي 16 و17 من الشهر الجاري من أجل تحديد جدول أعمالها،والمشاريع المطروحة عليها،وخاصة منها اٍمكانية عقد مؤتمر برلماني في القاهرة لبحث السلام والاٍستقرار في المنطقة.
تونس ترحب باتفاق مكة بين حركتي فتح وحماس
تونس / 10 فبراير-شباط / يو بي أي: رحبت تونس بالإنفاق الذي وقعته حركتا حماس وفتح الفلسطينيتين أمس الأول في مكة المكرمة برعاية العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز. وقالت وزارة الخارجية التونسية في بيان وزع مساء اليوم السبت إن تونس « سجلت بارتياح حصول اتفاق بين الأشقاء الفلسطينيين المشاركين في لقاء مكة المكرمة من أجل تحقيق الوحدة الفلسطينية المنشودة وإرساء وفاق وطني يحفظ مصالح الشعب الفلسطيني الشقيق وتماسكه« . وأضافت إن تونس ومن منطلق حرصها على وحدة الصف الفلسطيني ودعمها الثابت للقضية الفلسطينية العادلة « ترحب بهذا الاتفاق وتتطلع إلى أن يساهم في وضع حد للاحتقان الداخلي ويؤسس لمرحلة هامة تكرس المصلحة العليا للشعب الفلسطيني في هذا الظرف الدقيق« . وباركت الخارجية التونسية في بيانها الجهود التي بذلها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتحقيق هذا الاتفاق، وأهابت مجدداً بالمجموعة الدولية وفي مقدمها اللجنة الرباعية لتكثيف الجهود والمساعي لوضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني واستئناف مسيرة السلام لإيجاد حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية« . وكانت اللجنة الرباعية التي من المقرر أن تجتمع في الـحادي والعشرين من شهر شباط/فبراير الجاري، قد اكتفت اليوم بتجديد « دعمها حكومة فلسطينية تتعهد بنبذ العنف وبالاعتراف بإسرائيل والموافقة على الاتفاقات المعقودة والالتزامات بما فيها خريطة الطريق« .
تونس تسجل بارتياح حصول اتفاق بين الأشقاء الفلسطينيين
تونس 10 فيفري 2007 (وات) أصدرت وزارة الشؤون الخارجية البيان التالي: سجلت تونس بارتياح حصول اتفاق بين الاشقاء الفلسطينيين المشاركين في لقاء مكة المكرمة من أجل تحقيق الوحدة الفلسطينية المنشودة وارساء وفاق وطني يحفظ مصالح الشعب الفلسطيني الشقيق وتماسكه. وان تونس من منطلق حرصها على وحدة الصف الفلسطيني ودعمها الثابت للقضية الفلسطينية العادلة ترحب بهذا الاتفاق وتتطلع الى أن يساهم في وضع حد للاحتقان الداخلي ويؤسس لمرحلة هامة تكرس المصلحة العليا للشعب الفلسطيني في هذا الظرف الدقيق. كما تبارك تونس الجهود التي بذلها خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز لتحقيق هذا الاتفاق. وتغتنم تونس هذه المناسبة لتهيب مجددا بالمجموعة الدولية وفي مقدمتها اللجنة الرباعية لتكثيف الجهود والمساعي لوضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني الشقيق واستئناف مسيرة السلام لايجاد حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية ». (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات) الرسمية بتاريخ 10 فيفري 2007)
تونس تشارك في اجتماع وزراء الدفاع ببلدان الحوار المتوسطي والحلف الاطلسي
اشبيلية 9 فيفري 2007 (وات) انعقد يومي الخميس والجمعة 8 و9 فيفري 2007 باشبيلية (اسبانيا) اجتماع لوزراء الدفاع ببلدان الحوار المتوسطي ومنظمة حلف شمالي الاطلسي ويندرج هذا الاجتماع وهو الثاني بعد اجتماع تاورمينا بايطاليا في فيفرى 2006 في اطار مبادرة تعزيز الامن والاستقرار ببلدان ضفتي البحر الابيض المتوسط. ومثل تونس في هذا الاجتماع السيد كمال مرجان وزير الدفاع الوطني الذى ابرز في مداخلته النظرة الثاقبة والسديدة للرئيس زين العابدين بن علي في معالجة قضايا الامن والاستقرار بالمنطقة في اطار المقاربة الشاملة بين الامن والاستقرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. واشار الوزير الى تعلق تونس الدائم بالشرعية الدولية وبمبادىء الامم المتحدة الرامية الى اقرار السلم والامن في العالم والى ايمانها العميق باهمية المساهمة في اقامة مجتمع دولي تسوده الطمانينة على اساس العدل والتعاون والتضامن مما جعلها لا تتوانى في المشاركة في كل المبادرات الهادفة الى تجسيم هذه القيم والمبادىء خاصة في المنطقة المتوسطية التي لها انعكاس كبير على الامن والسلم العالميين. وقد كانت للسيد كمال مرجان على هامش هذا الاجتماع عدة لقاءات مع نظرائه في البلدان المشاركة وكذلك مع السيد جاب دى هوب شافر الامين العام لمنظمة حلف شمالي الاطلسي تناولت بالخصوص الوضع العام بالمنطقة المتوسطية والسبل الكفيلة بتعزيز التعاون الثنائي بين تونس وهذه البلدان من اجل تركيز مقومات السلم والامن والاستقرار بالمتوسط . وتجدر الاشارة الى ان تونس تعد من بين بلدان الضفة الجنوبية للبحر الابيض المتوسط المشاركة في مبادرة الحوار المتوسطي الذى انطلق سنة 1995 . (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات) الرسمية بتاريخ 9 فيفري 2007)
الحزب الاشتراكي اليساري البيان التأسيسي تونس في 25 أكتوبر 2006
تأسس الحزب الاشتراكي اليساري , في 1 أكتوبر 2006 بعد أن وضع الأسس النظرية و السياسية لبرنامجه و ضبط أهدافه العامة و المرحلية التي يتقدم بها للطبقة العاملة و عموم الشعب التونسي و الرأي العام و هي عبارة عن تأليف للاطروحات و المواقف و الآراء التي عرف بها مناضلوه في الحركة الديمقراطية . أن تأسيس الحزب الاشتراكي اليساري ليس إضافة رقم جديد في الساحة السياسية ولا هو إمعان في مزيد شرذمة اليسار بل هو تلبية لرغبة جمع من المواطنين و المواطنات في الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة و الشعب و الوطن أمام المخاطر الداخلية والخارجية التي تهددها , وعن أرائهم الخاصة التي ميزتهم في الساحة السياسية عن غيرهم في المبادئ والنظرية و الأهداف و البرنامج و أساليب النضال و التمشي السياسي دون أن يجعلوا منها حواجز بينهم و بين سائر القوي اليسارية و الديمقراطية . وهو يعتبر نفسه فصيلا من فصائل الطبقة العاملة في تونس و في العالم و مكوّن من مكوّنات حركتها الاشتراكية الأممية , و يعمل على توحيد اليسار باعتبار ان وحدته هي التي تخول للطبقة العاملة و الجماهير الكادحة دخول المسرح السياسي و تجعل منه ممثلها السياسي الفعلي . و يأخذ الحزب الاشتراكي اليساري على عاتقه قضية الديمقراطية و الحرية السياسية باعتبارها سبيلا للتحرر الاجتماعي و الوطني و القومي و للانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية . فالحزب الاشتراكي اليساري وهو يرفع راية الاشتراكية من جديد كان قد وقف على أخطاء تجربتها الماضية في الاتحاد السوفياتي و في بلدان الكتلة الشرقية – سابقا – وله مقترحات بديلة سوف يعرضها على الرأي العام للبحث و النقاش كما انه وهو يتبنى الاشتراكية العلمية يضفي عليها روح العصر لأنه أدرك أهمية الإثراء الذي أدخلته الثورات العلمية و التقنية الاتصالية على الفكر الإنساني عامة و على الفكر الاشتراكي بالتحديد , وأدرك أيضا أهمية التغييرات التي أحدثتها في الواقع , ومسك بالتحولات التي أدخلتها الرأسمالية في مرحلة العولمة على الأوضاع الدولية و الإقليمية و المحلية و على الطبقات الاجتماعية و علاقاتها ببعضها البعض و تمثل ما يتطلبه ذلك من حاجة الى تطوير المفاهيم و المقولات النظرية لكي يتمكن من إيجاد المخارج و الحلول للتناقضات القائمة في المجتمع لتحريره من استغلال واضطهاد الإنسان للإنسان . و في ما يلي يقدم الرأي العام و الطبقة العاملة و الشعب الخطوط الكبرى لمقترحاته الخاصة بالتغييرات المنشودة : * التحولات التي تشهدها الرأسمالية في طورها الراهن و الأوضاع الدولية: غزت الرأسمالية جميع الأقطار و صبغت الإنتاج و التوزيع و الاستهلاك بصبغة » كسموبوليتية » فنزعت عن الصناعة أساسها الوطني وولدت حاجات جديدة بدل الحاجات القديمة و فرضت نمطا استهلاكيا حول الإنسان الى سلعة و منحت راس المال حرية الحركة و الاستطان بعد ان ازالت من امامه كل العراقيل الحواجز القانونية و السياسية و الجمركية و القومية و بعد ان حققت ثورات علمية و تكنولوجية و اتصالية و اعلامية احدثت انقلابا كليا في جميع المجالات . و كان لهذه التحولات انعكاساتها المباشرة على اساليب و علاقات الانتاج التي شهدت تحولات مذهلة حتى انها حولت العلم و المعرفة الى وسيلة انتاج مما احدث تغييرات اساسية على بنية الطبقات الاجتماعية بما في ذلك الطبقة العاملة . لقد اصبحت علاقات الانتاج » الوطنية » التي كانت تمثل دائرة فعل راس المال » الوطني » علاقات انتاج » عالمية » تمثل دائرة فعل الراسمال » العالمي » او « الراسمال المعولم » فظهرت الاحتكارات العالمية , الشركات المتعددة الجنسيات التي اصبحت تشكل القاعدة الاساسية للاقتصاد الراسمالي العالمي , و تراكمت الثورة بين ايدي اقلية احتكارية عالمية بشكل لم يسبق له مثيل قابلها تنامي البؤس و البطالة , في البلدان الفقيرة و الغنية سوية بشكل حكم على ما يناهز عن مليار بشر بالعيش تحت الفقر و على اربع مليارات ان تعيش على مشارفه . و قد اخذت العولمة النيو ليبيرالية شكل امبريالية جماعية لان الشركات العملاقة متعددة الجنسية جعلت مصالح الدول الصناعية الكبري متشابكة بشكل يفرض عليها البحث عن حلول توفيقية مع منافسيها و تجنب الحلول الفردية و بالاضافة الى ذلك فان ميزان القوي الاقتصادي و العسكري مختل لصالح امريكا التي اضحت امبراطورية عالمية مما غلب الوفاق على التنافس او التناحر بين الكبار رغم الخلافات و الاستقطابات الظرفية . و مثلت العولمة النيوليبيرالية هجوما سافرا على الطبقة العاملة و الشعوب و الامم المضطهدة فقد تصاعدت وتيرة استغلال العمال و الشغالين و سائر الكادحين عن طريق الترفيع في انساق العمل و احالة اجزاء واسعة من الطبقة العاملة على الهامشية في اطار برامج « اعادة الهيكلة و » تنحيف » المؤسسات او » نقلها » اين يمكن تحقيق اقصي الربح و اعتماد » مرونة التشغيل » و الاجور المنخفضة بالاضافة الى الزيادة في الاسعار بصورة مستمرة و التضخم المالي و التراجع في المكاسب الاجتماعية … الخ و تخلى الدولة عن دورها في الخدمات الاجتماعية و التعليم و البحث العلمي و التشغيل و الصحة و الثقافة و النقل و التخطيط العمراني .. الخ . و مثلت العولمة النيوليبرالية ايضا هجوما مركزا على الحريات و حقوق الانسان حيث عمد اليمين و اليمين المتطرف في البلدان الراسمالية المتقدمة باسم مقاومة الارهاب الى اذكاء العنصرية ضد المهاجرين , وبصورة خاصة ضد العرب و على القيم الانسانية التقدمية و على الايديولوجيات التحررية التي الهمت الطبقات المستغلة و المضطهدة في نضالها من اجل تحقيق تحررها السياسي و الاجتماعي و كان هذا الهجوم اشد ضراوة على الاشتراكية خاصة بعد فشل تجربتها و انهيار انماط التنمية التي مثلتها في العديد من البلدان حيث شجعت كل مظاهر الانحلال القيمي و الاخلاقي والمجتمعي في صيغة تيارات سلوكية و ثقافية و فكرية لا اجتماعية بدعوى » الحضارة الكوسموبوليتية » وهي تيارات تهدد هوية الشعوب الثقافية و القومية و تدفع الى المجهول . و مكنت العولمة النيوليبيرالية التيارات الظلامية و الفرق الدينية المتعصبة ( في مختلف الاديان ) من النشاط بكل حرية ورصدت لها المليارات من الدولارات و من البيترودولارات كي تغرق الطبقة العاملة و الشعوب في متاهات التأويلات اللاهوتية لاستغلالها و اضطهادها و مآسيها و في اتون الصراعات العرقية و العنصرية و الدينية للتمويه على حقيقة التناقضات الطبقية و على الصراع الطبقي و الوطني . وروجت لمفاهيم رحعية و « تبشيرية » للمواطنة و الديمقراطية و حقوق الانسان بشكل يسمح لها بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان و في حق الشعوب في تقرير مصيرها و يمكنها من استقطاب و تطويع النخب و مكونات المجتمع المدني بما في ذلك عن طريق التمويل . ورغم ان الطبقة العاملة و الشعوب وجدت نفسها بعد فشل التجربة الاشتراكية , في حالة من الضياع و الحيرة منجذبة وراء التيارات الرجعية و الظلامية , متحصنة بالعقائد في نضالها الاجتماعي و الوطني و مفتونة بالعمل الاقلي و الإرهابي الذي تنتهجه بعض المجموعات الارهابية المتسترة بالدين , فان العديد من فصائلها التي تتبني الاشتراكية العلمية تعمل على تطوير الصراع النظري و السياسي ضد الايديولوجيات و النظريات الرجعية و الظلامية من اجل اعادة الاعتبار للفكر الاشتراكي العلمي في تحليل الاشياء و الظواهر و في بلورة مخارج عقلانية للصراع الطبقي و الوطني و في تعبئة القوي الشعبية في النضال ضد النيوليبيرالية و ضد التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان و الشعوب , من قبل امريكا و اوربا باسم » عالمية حقوق الانسان » و مشاريع الاصلاح الديمقراطي » فنشات و نمت حركة عالمية مناهضة للعولمة النيوليبيرالية نظمت العديد من التظاهرات بمناسبة انعقاد اجتماعات ال » 8 G » و بعض لقاءات الكبارالاخري تدفع العولمة النيوليبيرالية بتناقضات النظام الراسمالي , الطبقية و الوطنية و فيما بين القوي العظمي الى مزيد من التوتر و الاحتدام , حيث كثرت النزاعات بين بين الكبار في السياسة الدولية و شهدت جميع البلدان تقريبا نضالات عمالية ضد الاجراءات و السياسات المعادية للطبقة العاملة و اخري شعبية ضد السياسة العدوانية التي تنتهجها الدول الكبري حيال الشعوب و الامم المضطهدة . ان قانون التطور اللامتكافئ يجعل هذه التناقضات بفعلها المتكامل تضعف حلقة او مجموعة حلقات في سلسلة النظام الرأسمالي تؤهلها للانفصال نحو عالم اشتراكي جديد و بما ان الطبقة العاملة تبقي من الزاوية التاريخية صاحبة مشروع التحولات النوعية القادمة لذلك مطروح عليها ان تتبوأ مقام الناطق باسم جميع الكادحين و الشعب و باسم الوطن الذي تجاوز في هذه المرحلة من التطور التاريخي حدود قطعة الأرض التي تملكها الفلاح الصغير الى » القرية العالمية » . ان الطبقة العاملة العالمية وهي تدافع عن مصالحها الخاصة أخذت على عاتقها مهمة الدفاع عن مصالح الشغالين كما انها وهي تكافح من اجل تحررها النهائي من كل أشكال الاستغلال و الاضطهاد , أخذت على عاتقها مهمة تحرير المجتمع الإنساني بأسره وهي تستعد للتقدم بمشروعها الاشتراكي من جديد بعد ان تنزع عنه اثقال تجربتها السابقة . و لكي تلعب دورها التاريخي فهي في حاجة أكيدة إلى بناء اداتها السياسية الاميمة المؤلفة من تجمع الأحزاب و التنظيمات التي تتبني الاشتراكية العلمية في جميع البلدان التحولات العالمية تضع المنطقة العربية قلب الأحداث : و بما أن الاحتكار أضحى عالميا و أساس الحياة الاقتصادية في عالمنا المعاصر فمن الطبيعي أن يبحث عن أسواق واسعة او يدفع الى إنشائها , تتجاوز الحدود القطرية الضيقة و تمثل أوربا الموحدة و مناطق التبادل الحر حول الأقطاب الثلاثة : أمريكا أوربا و اليابان نماذج خاصة لتأقلم العالم الرأسمالي مع إحجام المصالح التي تمثلها الشراكات العملاقة متعددة الجنسيات . و في هذا الإطار يتنزل مشروع » إصلاح الشرق الأوسط و شمال أفريقيا » القائم على أساس الشراكة بين الولايات المتحدة الأمريكية و أوربا الموحدة و بقدر ما تسعى أمريكا و أوربا إلى الهيمنة على موارد الطاقة و المواد الأولية في المنطقة و تبحث على خدمة مصالحها الوطنية , أصبحت تسعى إلى إنشاء سوق عربية موحدة تتناسب و الأحجام العملاقة للشركات متعددة الجنسية و إدخال تعديلات على نظم الحكم العربية من خلال » دفعها إلى التحديث السياسي » و « إدماج المعارضة الإسلامية المعتدلة في الحياة السياسية » و إعدادها كي تتحول إلى أحزاب تداول على السلطة و إجراء » عقد تاريخي بين التيار الإسلامي الوسطي و التيار العلماني » و الضغط بكل الوسائل من اجل ضمان حدود امنة لإسرائيل و تطبيع علاقاتها مع الدول العربية و إزالة العوائق السياسية و الثقافية و القانونية أمام دخولها السوق العربية الموحدة حال إنشائها من الباب الكبير . و لتحقيق هذا الغرض احتلت امريكا العراق بالتحالف مع بريطانيا و تحرشت على سوريا وركزت قواعدها العسكرية في دول الخليج و السعودية و في الخليج و البحر الاحمر و البحر الابيض المتوسط , وكثفت اسرائيل هجماتها على الشعب الفلسطيني و شنت حربا على لبنان استدرجت امريكا بمناسبتها فرنسا كي تاخذ مكانها في المنطقة من خلال الدور الذي ستلعبه في لبنان و سوريا . وزيادة على ذلك فقد اصبحت امريكا تتدخل بصورة نشيطة في الاوضاع السياسية للبلدان العربية حتى ان سفاراتها تحولت و كانها مكونة من مكونات الوضع الداخلي في العديد من البلدان و نخص بالذكر ما حدث بشان الرئاسة و التشريعية في مصر و التي نزلت فيها بكل ثقلها من اجل اشراك الحركة الاسلامية في العملية الانتخابية كخطوة في اتجاه تشريع وجودها السياسي . لقد وضعت التحولات الدولية مرة اخري المنطقة العربية في قلب الاحداث العالمية التي طبعت مطلع هذا القرن فالقت على كاهل الشعبين العراقي و الفلسطيني في مرحلة اولى و على الشعب اللبناني في مرحلة ثانية , مهمة كشف حقيقة » مشروع الاصلاح » الامريكي الاوروبي و ادعاءاته حول الديمقراطية و حقوق الانسان و اظهاره على انه مشروع هيمني جديد و استعماري بكل ما في الكلمة من معني و كشف قصور الانظمة العربية في الوقوف في وجه التدخل الامبريالي و ان جبروت دولها توجهه فقط ضد شعوبها لمنعها من مؤازرة بعضها البعض و من التعبير عن ارادتها بكل حرية و من تكتيل جهودها في النضال من اجل تحررها السياسي و الاجتماعي و تحقيق وحدتها كما كشفت ايضا عن قصور مكونات الحركة الديمقراطية و اليسارية التي انجزت وراء وهم « التعويل على الدعم الخارجي لاجراء الاصلاحات المرجوة على النظم السياسية العربية » وراء وهم الحملات « التبشيرية » الامريكية و الاوروبية حول الحريات و الديمقراطية و حقوق الانسان . لقد اصبح الوضع في المنطقة العربية اشد خطورة خاصة امام كثافة القناع الديني الذي اصبح يغطي المقاومة الوطنية في العراق و فلسطين و لبنان و يخيم على النضال الديمقراطي ضد النظم الدكتاتورية و الاستبدادية لانه يشوه النضال الوطني و الديمقراطية و يغرقه في اتون الصراع الديني و العقائدي و يزيح كل امكانية لحلول العقلانية فالمنطقة العربية حبلى بالاختلافات المذهبية و الدينية و العرقية و الثقافية , زيادة على ما تعانيه من اضطهاد قومي و استعماري و استعماري – استيطاني صهيوني ومن هيمنة امبريالية و نهب لخيراتها . و قد شهدت نزاعات وحروب خلفت اثارا يصعب محوها من الذاكرة الشعبية , وزادها تعقيدا الارهاب المتستر بالدين الذي اخذ صفة المقاومة الوطنية في فلسطين و العراق و لبنان ضد الاستعمار الامريكي و الصهيوني و العمليات الارهابية التي استهدفت العديد من العواصم الاوروبية و على الاخص نيويورك التي اخذت صبغة مناهضة الامبريالية بصورة عامة و امريكا بالتحديد . ان الخلط بين الدين و السياسة يشرع الارهاب باسم « الجهاد » و يجر الشعوب الى الاعتقاد بان مآسيها و حرمانها و اضطهادها و استغلالها بلايا » انزلها الله على عباده المؤمنين » لاختبارهم و بما ان البلية ربانية فحلها لا يكون الا ربانيا و على « ايادي عباده الصالحين » و بهذا الشكل يجرد المواطن من حقه في العناية بالشان العام باسم الدين و لفائدة « اهل الحل و العقد » . و نستنتج من قراءة الاوضاع في المنطقة العربية ان المسالة القومية و قضايا التحرر الوطني في العديد من البلدان مازالت مطروحة بكليتها و متشابكة بالتحرر السياسي و الاجتماعي للشعوب أي بالمسالة الديمقراطية التي تعد البوابة لتناول بقية القضايا مما يتطلب توضيح الاهداف ووسائل تحقيقها . لقد اخرجت العولمة طرح المسالة القومية من التصورات الرومانسية الى ميدان الامكانيات الواقعية : وحدة السوق ووحدة العملة و البرلمان الموحد في اطار المنطقة او في اطر اقليمية حسبما تفرضه التوازنات الدولية و الاقليمية و هكذا اصبح ممكنا للطبقة العاملة و الشعوب العربية الخروج من الاطار الجغراسياسي القطري و الافق البورجوازي الضيق لصياغة الوحدة في افق اشتراكي تتحقق على مراحل تراعي فيها الخصوصيات الوطنية و الإتنية و الثقافية و التطور السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الارتقاء الحضاري . و تمثل الدولة العلمانية الديمقراطية الاطار الامثل الذي تتثبت فيه الحقوق الوطنية للشعوب العربية و تتحقق في ظله وحدتها و حقوقها السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و غيرها باعتبارها تنفي , بمجرد وجودها , كل اضطهاد ديني او عرقي او عقائدي و تكرس حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها وحقها في السيادة الوطنية و تفتح طريق حل شامل لمعضلات المنطقة . المسالة الديمقراطية و الملامح العامة لبرنامج الحزب الاشتراكي اليساري: أرسى الحزب الحر الدستوري ( التجمع الدستوري الديمقراطي – حاليا ) نظام حكم دكتاتوري تراجع فيه عن مبادئ و قيم و آليات النظام الجمهوري التي أعلنها في 25 جويلية 1957 . فقد جعل منه نظام حكم فردي و من السلطتين التشريعية و القضائية سلطتين تابعتين للسلطة التنفيذية و في خدمتها , ومن الانتخابات مجرد تزكية , وافرغ مفهوم المواطنة و المجتمع المدني من مضمونهما الحقيقي و همش المواطن عن المشاركة في الحياة السياسية و فرض عليه العزوف عن العناية بالشأن العام و عطل إمكانية التداول على الحكم و اضعف مكانة الدستور من جراء التنقيحات المتتالية المدخلة عليه و اثقاله بقوانين ترتيبية و المحافظة على وجود تشريعات تتعارض مع روحه . و على هذا الأساس فان نظام الحكم القائم يعد عائقا أمام تحقيق الديمقراطية في بلادنا و أمام إمكانية إقامة نظام جمهوري حقيقي . وزيادة على ذلك فان المشروع الاستبدادي المتستر بالدين الذي تعمل حركة النهضة و الحركة الإسلامية عموما على إقامته يعدّ خطرا حقيقيا على الحريات و الديمقراطية و السلم الاهلية و حقوق الانسان و تهديدا لمكاسبنا الحضارية و الثقافية و الاجتماعية بما يدفع اليه من ردة عامة في المجتمع و من تحويل للدين الى مدار للصراع و الفتنة تتخفى وراءه الاغراض السياسية الحقيقية و المصالح الاقتصادية الفعلية و من تعويض لارادة الشعب بارادة « اصحاب الشوري » و الغاء المؤسسات و المجتمع المدني و تعويضه باشكال من التاطير العقائدي . و بذلك فهو يمثل عائقا امام انتقال البلاد الى الديمقراطية وقامة نظام جمهوري فعلي . و يعد المشروع الاستبدادي باسم الدين خطرا جديا لانه يمثل ايضا احد محاور « مشروع اصلاح الشرق الاوسط و شمال افريقيا » الامريكي – الاوروبي الذي يعمل على تاهيل » الاسلام السياسي المعتدل » كحزب تداول على الحكم و لانه يستفيد من الهجوم الشامل الذي تشنه الفضائيات الخليجية على كل ما هو نيّر و تقدمي في ثقافتنا وتراثنا و مكاسبنا , ويستفيد ايضا من انعدام وجود فضائيات حوار جاد يؤصل مكاسبنا و يحفز الطاقات النيّرة للدفاع عنها و يكشف امام الشعب المخاطر الحقيقية التي تتهدده . لقد ارتبكت الحركة الديمقراطية و اليسارية امام حدة الاستقطاب الثنائي بين السلطة و الحركة الاسلامية و على الاخص بعد ان اضحت هذه الاخيرة عالمية و تحظي بمكانة في مخططات الثمانية الكبار و القوي الرجعية الاقليمية ( ايران و السعودية ) و لم تقدر على التقدم بمشروع ديمقراطي بديل متباين مع كل اشكال الدكتاتورية و الاستبداد . لذلك فان المشروع الديمقراطي مازال مطروحا برمته و ان المخاطر الداخلية و الخارجية التي تتهدده كبيرة و ان العوائق تشكل البديل الديمقراطي مازالت قائمة . و مع ذلك فان الحزب الاشتراكي اليساري يعتبر ان تحقيق الديمقراطية في بلادنا مهمة ملقاة على عائق القوي الديمقراطية دون غيرها وهو يعمل على توحيد الحركة الديمقراطية التقدمية كي تتمكن من التقدم امام الشعب باعتبارها معارضة جدية للسلطة و مناهضة للمشروع الاستبدادي المتستر بالدين و صاحبة مشروع جمهوري ديمقراطي قائم على مبادئ و قيم و اليات الديمقراطية المتمثلة في : – فصل الدين عن الدولة و حيادها تجاه المعتقد ورفض توظيف الدين في السياسة من قبل أي كان في السلطة او المعارضة . – احترام الحريات العامة و الفردية و حرية المعتقد و حقوق الانسان و ضمان ممارستها و حمايتها من الانتهاك – المساواة التامة بين المراة و الرجل و عدم التمييز بين مختلف افراد المجتمع على اساس الجنس او العقيدة – قيام جمهورية ديمقراطية على المواطنة الكاملة . – اعتبار الاقتراع االعام المباشر المصدر الشرعي الوحيد للحكم – احترام المجتمع المدني باعتباره فضاء للمواطنة و الحرية و التعاقد ومجالات من مجالات السلطة و المضادة – حياد الادارة تجاه المواطنين بقطع النظر عن معتقدهم و انتمائهم السياسي . – التداول على الحكم و الفصل بين السلطات و استقلالية القضاء على السلطة التنفيذية و مراقبة السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية و يعتقد الحزب الاشتراكي اليساري ايضا ان الجمهورية الديمقراطية المنشودة بامكانها ان تاخذ طابعا شعبيا اذا ما تحمل اليسار الموحد مسؤولياته التاريخية في تفعيل قطاعات الشعب المنظمة في الاطر النقابية و الجمعياتية التي له فيها تاثير وفي مساعدة الشعب على اقتحام الفضاءات العامة و اشركه بصورة فعالة في النضال من اجل تحقيق البديل الديمقراطي المنشود خاصة و ان مكتسبات عديدة تحققت في بلادنا دون غيرها من البلدان العربية تتمثل في مرور الدولة التونسية من النمط الاقطاعي – الاستعماري الى الجمهورية حيث تم التضييق في مجالات تدخل الدين في الشان العام بالغاء المحاكم الشرعية و ارساء القضاء المدني في التقاضي على منظومة من القوانين الوضعية التي صادق عليها ممثلو الشعب في البرلمان و الغاء نظام الحبس و جعل الزواج و الطلاق شانا مدنيا محكوما بالقانون و اقرار الاقتراع العام كاساس لنظام الحكم يمكن الشعب من اختيار من يمثله ومن يحكمه … و غيرها من الاجراءات التي كان بامكانها ان تحرر الدولة التونسية نهائيا من التداخل بينها بين الدين لتصبح دولة سياسية باتم معنى الكلمة أي جمهورية ديمقراطية . لكن اعادة صياغة علاقة الدين بالدولة التي اصبحت توظفه حيث استغل لاغراض تعبوية ومجاراة العقائد العامة واستمالة الشق المعتدل من رجال الدين و مجانية الضغوطات التي كانت تمارسها السعودية و مصر على بلادنا و التصور الكلياني للدولة – النمط الكمالي التركي – مثلا عائقا اساسيا امام عملية الانتقال التاريخية الى الديمقراطية و جعل الجمهورية تاخذ الشكل الدكتاتوري بدل الشكل الديمقراطي . لذلك لا يمكن للجمهورية ان تاخذ شكلها الديمقراطي الا اذا جعلت من العلمانية و اللائكية اساسا من الاسس التي تقوم عليها فالعلمانية باعتبارها رؤية للعالم و الظواهر و الاشياء و المجتمع و الدولة تحتكم الى العقل فهي ليست سياسة او اداة تنفيذ سياسة سلطة او دولة ما , كي تقرن بالقمع و الدكتاتورية و الاستبداد و الاستعمار و الامبريالية و الشان نفسه بالنسبة للائكية التي تعني فصل الدين عن الدولة و فصل الشان العام عن الشان الخاص . ان الدولة العلمانية التي تحقق فيها فصل الدين عن الدولة تشيع حرية المعتقد لانها تعتبره شانا خاصا تحترمه و تصونه وهي محايدة تجاه جميع العقائد و تحجر استغلالها كما تحجر توظيف المساجد و الجوامع ودور العبادة في السياسة . الملامح العامة لبرنامج الحزب الاشتراكي اليساري (1) ان الحزب الاشتراكي اليساري يتبنى الاشتراكية العلمية و يناضل في سبيل مجتمع اشتراكي يضع حدا للاستغلال و الاضطهاد الطبقيين . فالاشتراكية باعتبارها نظاما إنسانيا قائما على العدالة الاجتماعية و الديمقراطية و التقدم و الرقي و يمثل ارقي ما وصلت اليه الإنسانية على جميع الأصعدة تتطلب مقومات و أسسا و قدرات ووسائل متفوقة على الراسمالية من كل وجه سواء من زاوية تامين الوفرة و الرخاء او الارتقاء الثقافي و العلمي و المعرفي و الحضاري و السياسي و الاجتماعي من اجل اشباع حاجيات الانسان المادية و الروحية تطبيقا لشعار : » من كل حسب قدرته و لكل حسب عمله » لكنها تبقي عاجزة عن التخلص من عدم المساواة في توزيع موارد الاستهلاك التي تظل خاضعة » للتوزيع حسب العمل » و لما تتعاظم الثروة الاجتماعية بشكل تصبح معه الوفرة معطى واقعيا و يتطابق نمط وسائل الانتاج و الثروة مع الطابع الاجتماعي للعمل و الانتاج و تصبح قوي الانتاج تتطور باطراد دون عائق يذكر عندها فقط يمكن للانسانية ان تتجاوز الافق المحدود للحق البورجوازي و يمكن للمجتمع ان يكتب على يافطته : » من كل حسب طاقته و لبكل حسب حاجته » و في ظل الاشتراكية تتحول الدولة بهيئاتها العليا و المحلية تحولا جذريا على اساس مبادئ و قيم و قواعد تمكن من » انتقال السلطة الى الجماهير الشعبية بالذات التي تنشئ قوتها بالذات » كي تجعل منها الشكل السياسي لتحررها الاجتماعي » و لتحرر المجتمع ككل و يتحقق هذا الانتقال عن طريق الاقتراع العام و سحب الثقة من أي موظف في الدولة لم يعد يحظي بثقة منتخبية و اشاعة التداول على المسؤولية في كل المستويات و خضوع الهياكل التنفيذية للهياكل التمثيلية و تحديد اجر الموظفين بما يساوي اجرة عامل و الاقرار باستقلالية محلية اكمل ما يمكن و تحويل الجيش الى جيش شعبي و الامن الى مشمولات الهيئات المحلية المنتخبة على ان يخضع موظفوه لسحب الثقة في أي وقت و تمثل هذه المبادئ و القيم و الاليات اتجاه تحقيق الديمقراطية الاكمل باعتبارها الضامن لتمش عقلاني وواقعي في وضع المخططات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ….الخ (2) يجعل الحزب الاشتراكي اليساري من برنامج اليسار الموحد برنامجه المرحلي باعتباره يعبر عن مصالح الطبقة العاملة و الشعب الكادح و يضع على يافطته النضال في سبيل الاشتراكية كهدف استراتيجي و ياخذ على عاتقه انتقاليا انجاز المهمة الديمقراطية – الوطنية على الوجه الاكمل و الاتم . و لكي تكون للجمهورية اسسا ثابتة يعتقد الحزب الاشتراكي اليساري انه ينبغي تضمين المبادئ و القيم و الاسس و الاليات الديمقراطية بشكل واضح وصريح في دستور جديد , يفتح عهدا جديدا امام الشعب التونسي عهد الحرية و العدل و التقدم و الارتقاء الحضاري . و ومن اجل ذلك لا بد من مرحلة انتقالية تتوفر فيها الحريات حتى يتمكن الشعب التونسي من التعرف على مختلف المشاريع المعروضة عليه ومن اختيار مختلف القوى السياسية ليختار بوعي و مسؤولية من يحكمه ومن يمثله . البرنامج الانتقالي : و انتقاليا يناضل الحزب الاشتراكي اليساري في إطار تحالف ديمقراطي تقدمي واسع من اجل تحقيق إجراءات عاجلة تمكن الشعب من المشاركة في الحياة السياسية و من التعرف على مختلف المشاريع المجتمعية و مشاريع النظم السياسية المعروضة عليه كي يضمن حصول نقلة نوعية في المجتمع ككل و ليس لدي النخب او جزءا منها فقط . و تتمثل هذه الاجراءات العاجلة في : أ – إصدار قانون عفو تشريعي عام يعيد الاعتبار لأصحاب الرأي بمختلف أجيالهم و للسياسة مكانتها في المجتمع بإخراجها من دائرة التجريم . ب- تحرير الحياة السياسية و تمكين الراغبين في تكوين أحزاب و جمعيات و اصدار دوريات و بعث وسائل اتصال على اساس مدني من ذلك . ج- فصل جهاز الحزب الحاكم عن اجهزة الدولة و في المقام الاول عدم تحمل رئيس الدولة مسؤوليات حزبية و ضمان حياد الادارة تجاه المواطنين و الاحزاب و الجمعيات وجعل الحكومة مسؤولة امام مجلس النواب …. د – ازاحة القوانين التي تعطل ممارسة الحريات و احداث اخري تضمنها و تحميها من الانتهاك ه- تنقيح المجلة الانتخابية بما يضمن حق الترشح و الانتخاب و يرفع عن العملية الانتخابية تحكيمية الادارة و هيمنة الحزب الحاكم ومنها الغاء نظام القائمة الأغلبية و تعويضه بالتمثيلية النسبية و الغاء نسبة المقاعد المخصصة للمعارضة و إعادة للاقتراع العام الحر و المباشر كوسيلة يعبر بها الشعب التونسي عن ارادته و يختار من يمثله ومن يحكمه و تجريم كل تزوير و تلاعب بالانتخابات . و- احترام حرية المعتقد على ان تكون الدولة محايدة تجاه المعتقد و ان يحجر توظيف الدين و المساجد و الجوامع و بيوت الصلاة في السياسة من قبل أي كان في السلطة و المعارضة . ز- انشاء مجلس دستوري يتالف من قضاة ورجال قانون و شخصيات مشهود لهم باستقلاليتهم عن الحزب الحاكم يتظلم لديه المواطنون و الشخصيات المعنوية و يشرف على صياغة القوانين الخاصة بهذه المرحلة الانتقالية . ص- تحرير الاعلام ورفع يد الحزب الحاكم و السلطة التنفيذية عليه و تخليصه من الدور الدعائي الذي فرض عليه كي يتحمل رسالته في ايصال الخبر و المعلومة و في نشر قيم العدل و الحرية و التآخي بين الشعوب و الغاء كل انواع الرقابة عليه و حل وكالة الاتصال الخارجي و تعميم الدعم لدوريات الراي . ع – مراجعة الاختيارات الاقتصادية و الاجتماعية في اتجاه بناء اقتصاد وطني يلبي حجيات السوق الداخلية في اطار من التكامل المغاربي و العربي و التعاون الاقليمي و العالمي على اساس التكافؤ و يحمي الشغالين و الكادحين من الاهتراء المادي و المعنوي و يفتح افاق التشغيل امام الشباب . ف- ضمان الشفافية في المعاملات و في علاقة الإدارة بالمواطن في علاقة المجتمع السياسي بالمجتمع و مقاومة سوء التصرف و المحسوبية و الجهوية . س – اعتبار التربية و التعليم و البحث العلمي قطاعا استراتجيا تقوم عليه نهضة الشعوب و به تحقق الامم و البلدان تنميتها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الحضارية , لذلك على الدولة تحمل مسؤوليتها من اجل ضمان اجبارية و مجانية التربية و التعليم و اعتماد الكفاءة في التعليم العالي و البحث العلمي ورفع مستوي التاطير الجامعي و اجراء اصلاح شامل للمنظومة التربوية و التعليمية بما من شانه ان يضع حدا للارتجالية و يعطي للعقلانية مكانتها و يعيد الاعتبار للشهائد العلمية …. ق- الدفاع عن المكاسب الحضارية و الاجتماعية و الثقافية للمجتمع التونسي و على الجانب النير و العقلاني من التراث العربي و العمل على تطويره و الارتقاء به الى مستوى الذي بلغته الانسانية من تطورو تقدم و فتح المجال للثقافة الشعبية و التقدمية كي تنتعش و تاخذ مكان الصدارة في مخططات السلطة و التخلي الواضح على دعم الثقافة ذات المضامين الهابطة و الرجعية و التفاعل الايجابي مع الثقافة التقدمية العالمية . م- تعديل السياسة الخارجية في اتجاه مساندة قضايا التحرر الوطني و الاجتماعي في العالم و النضال ضد الصهيونية و الهيمنة الامبريالية و مناصرة الشعب الفلسطيني و الشعب اللبناني في نضالهما ضد الاستعمار الاستيطاني و العنصري الاسرائيلى و الشعب العراقي في حربه التحررية ضد الاستعمار الامريكي – البريطاني و عامة الشعوب العربية من اجل تحريرها القومي و بناء وحدتها ضد الهيمنة الامبريالية المحاور البرنامجية للمرحلة الراهنة
1) من اجل جمهورية ديمقراطية :
ان الحزب الاشتراكي اليساري الذي يضم جهوده الى الحركة الديمقراطية من اجل تغيير ديمقراطي فعلي يعمل ان يكون للشعب في هذا التغيير الدور الحاسم و الفعال كي يتمكن من تحرير المجتمع بأسره لما يحقق تحرره من الاستغلال و الاضطهاد . و لتحقيق هذا الهدف يناضل من اجل ان يتضمن دستور الجمهورية الديمقراطية ما يلي : – ان يكون الاقتراع العام الحر و المباشر الوسيلة التي يعبر بها الشعب عن اراداته و يختار من يحكمه و من يمثله و المصدر الشرعي الوحيد للسلطة و ذلك باخضاع كل هيئات التسيير و المسؤوليات للانتخاب و سحب الثقة و جعل السلطة التنفيذية تحت مراقبة السلطة التشريعية و ان تكون المؤسسات التمثيلية مؤلفة على قاعدة التمثيلية النسبية حتى تساعد على إشراك كل القوي و الفئات في الحوار و التسيير و القرار . – تحجير الترشح للمسؤولية او التمثيل البدي أو الولائي او النيابي لأكثر من دورتين متتاليتين بمال في ذلك رئاسة الجمهورية – ضمان الحريات العامة و الفردية و حقوق الإنسان و اعتبارها غير قابلة للنقض . – الفصل بين السلطات و استقلالية القضاء – التنصيص على علوية الدستور و تمكين القضاة من حق إزاحة القوانين التي لا تتماشي مع روحه – الغاء القوانين غير الديمقراطي و تعويضها باخري تحمي الحريات و تضمن ممارستها
2- بناء اقتصاد وطني تضامني:
ويناضل من اجل ان تكون لسلطة الجمهورية الديمقراطية اختيارات اقتصادية قادرة على تمكين الاقتصاد الوطني من اساس ثابت يقوم عليه و ذلك عن طريق : أ – استعادة الدولة لمكانتها الاقتصادية من خلال حماية و تطوير القطاعات الاستراتيجية العمومية و تشجيع الراسمال الوطني على الاستثمار و لعب دوره في التنمية كي يصبح قادرا على المساهمة في تلبية حاجيات السوق الداخلية و حاجيات الشعب ب- التنمية المستقرة التي لايمكن تحقيقها الا في اطار اقليمي بين الدول المغاربية و في اطار تعاون عربي و عالمي قائم على التكافؤ و السيادة الوطنية على الثورات و الاختيارات . ج – تنمية الادخار الوطني و التعويل عليه في الاستثمار والتحرر من كابوس المديونية بحيث لا يجري التوجه للسوق المالية العالمية و للاقتراض الا عند الضرورة و بعد دراسة دقيقة د- اتباع سياسة ضريبية تصاعدية على الدخل و الثروة و توظيف اداءات خاصة على المواد الكمالية و البذخ ه- ضبط خطط اقتصادية تحقق التوازن بين الجهات في التنمية و تدفع الى تطوير الامكانيات الخاصة للاقتصاد الوطني بدل الالتجاء الى التوريد و- تطوير الفلاحة و على الاخص في قطاعات الاستهلاك الشعبي بما يضمن الاكتفاء الذاتي ز- حماية النسيج الصناعي الوطني من التفكك ص- ربط العلم و التكنولوجيا بكافة فروع الاقتصاد و ضبط خطة لتطوير اقتصاد المعرفة ع- تدخل الدولة في تجارة الجملة الداخلية عبر الدواوين و فرض أسعار احتكارية على الخواص و مراقبة تجارة التفصيل و احتكار التجارة الخارجية للموارد الإستراتجية
3- اختيارات اجتماعية تحمي مصالح الشغالين و الشعب الكادح :
يدافع الحزب الاشتراكي اليساري على ان تكون اختيارات الجمهورية الديمقراطية في خدمة مصالح الشغالين و الشعب الكادح وذلك ب: أ- تحميل الدولة مسالة تامين التشغيل للشباب في المؤسسات العمومية و الشبه عمومية و الخاصة و حماية الشغالين من الطرد التعسفي . ب- جعل الأجور تتناسب و المجهود الذي بذله الشغالون من اجل تنمية الثروة الوطنية و تحسين ظروف عيش الكادحين و التحكم في الأسعار كي لا تؤثر سلبا على مقدرتهم الشرائية ( ربط الأجور بالأسعار ) ج- ضمان الحق النقابي للشغالين و حق باقي الفئات في تنظيمات مهنية تدافع عن مصالحهم د- تطوير المكاسب الاجتماعية للمراة وإزالة مظاهر الميز بينها و بين الرجل ووضع حد لكل مظاهر التسلط و العنف و الامتهان التي تستهدفها ه- تمكين العاطلين عن العمل و المعوزين من جراية تحمي كرامتهم و تضمن لهم حدا ادني معاشيا . و- مقاومة المظاهر الجديدة للتشغيل ومن ضمنها المناولة ز- اقرار نظام موحد للضمان الاجتماعي و المنح العائلية ومنحة الاجر الوحيد بما يساعد العائلات الكادحة على توفير ظروف لائقة لتربية ابنائها ورعاية افرادها وصيانتهم اجتماعيا ص- اقرار نظام موحد للتامين على المرض بما يساعد الطبقات الشعبية على علاج جدي ورعاية صحية جيدة لا تقل شئنا عن التي يتمتع بها غيرهم من الميسورين مع توسيع مجالات الاستشفاء العمومي ع- العناية اللازمة بالبيئة و المحيط من اخطار التلوث بمختلف اشكاله لضمان محيط حياتي سليم للسكان ف- التصدي للمضاربة على الاكرية و الحد من اسعارها المشطة و على الاراضي الصالحة للبناء و فرض تهيئة عمرانية و بنية تحتية استراتيجية و فرض المناطق الخضراء اللازمة و حماية الاراضي الفلاحية من الزحف العمراني … الخ س- العناية بالمهاجرين باعتبارهم مواطنين تونسيين لهم نفس الحقوق و الواجبات كغيرهم من المواطنين بما في ذلك تمكينهم من التمثيل النيابي و مساعدتهم على الاندماج في البلدان المضيفة او العودة اذا قرروا ذلك و مساعدة الذين هاجروا بصورة غير شرعية على تسوية وضعياتهم و عدم تركهم عرضة للمساواة المهنية و التشغيل غير الانساني
4- تعليم ديمقراطي علماني :
و يعتبران التربية و التعليم و البحث العلمي قطاع استراتيجي تقوم عليه نهضة الشعوب و به تحقق الامم تنميتها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الحضارية و به تتاهل لحياة سياسية متحضرة و متطورة خاصة و ان ثورات علمية و تكنولوجية و اتصالية و معلوماتية شهدتها العشرية الاخيرة من القرن الماضي ومطلع القرن الحالي , اشاعت المعرفة وحولتها الى مجال مفتوح امام الشعوب للاستفادة منها , لذلك يحرص على ان تعمل الدولة على اقلمة اختياراتها الاقتصادية و التعلمية مع مقتضيات التنمية الحديثة و ازالة العراقيل التي تقف حائلا امام حرية الابحار و تلقي المعلومة عبر الشبكة و تشجيع المواهب على مواكبة الاكتشافات و الابتكار لذلك تعمل على : أ- مراجعة منظومة التربية و التعليم و التكوين و البحث العلمي بما يخدم مصلحة الشعب و الوطن ب- احداث هيكل وطني لمعالجة قضية الترابط بين منظومة التكوين و التعليم و التشغيل ج- تعميم التعليم وجعله مجانيا في جميع المراحل د – اعادة الاعتبار لمكانة التعليم في المجتمع و للشهادات العلمية قيمتها و للجامعة موقعها المتميز كمركز للعلم و المعرفة و الثقافية و البحث العلمي ه- وضع التربية و التعليم على اسس تشيع في الشباب و المجتمع روح العقلانية و الالتزام المدني و- ادماج التكوين العلمي و المهني في منظومة موحدة مع تشجيع الاختصاص المبكر ز- تحسين التاطير من خلال الرفع من عدد المأطرين ومن درجة مؤهلاتهم العلمية الى مستوي المقاييس العلمية و تحسين اوضاع رجال التعليم و فتح الافاق امامهم كي يوظفوا كل جهدهم في العناية بالناشئة و تشجيع البحث العلمي بما يؤهل بلادنا لتحقيق استقلاليتها المعرفية .
5- ثقافة شعبية و تقدمية :
و بما ان الثقافة تكون الوجدان العام للشعب و تمثل الإطار الايديلوجي العام الذي يحدد هويته فان الحزب الاشتراكي اليساري يعمل على إعطائها بعدا شعبيا و تقدميا متأصلا في النيّر و العقلانية …… .تراثنا و من تراثنا العالمي و جعلها متمايزة مع المضامين …. و الرجعية و الظلامية حتي تكون في خدمة الشعب و الوطن لذلك فهو يناضل من اجل : أ- ان تأخذ الدولة على عاتقها مشروع إرساء ثقافة شعبية و تقدمية ب- خلق مناخ يحترم و يشجع حرية الفكر و الإبداع و يلغي كافة أشكال الرقابة ج- فتح مجالات دائمة للحوار عبر » المجالس الثقافية » في كافة المستويات المحلية و الجهوية و الوطنية مالفة من هيئات ممثلة لأهل الفكر و الثقافة و الفن د- رصد وجمع إحياء و ترميم و صيانة تراثنا العريق ه- وضع بنية اساسية تتلائم و العصر طبقا لخريطة ثقافية وطنية تتوافق مقاييس اليونسكو و- دعم الصناعات الثقيلة و الكتاب على وجه التحديد و تشجيع السنما و المسرح ز دعم التكوين الفني و الثقافي و تشريك اهل الاختصاص في اعداد الخطط الخاصة لذلك ص- تشجيع الاعلام الثقافي و فتح المجال امامه في المؤسسات الاعلامية العمومية ع- ضم العاملين في حقل الادب و الثقافة و الفن الى صناديق الضمان والحيطة الاجتماعية و التامين على المرض .
6- سياسة خارجية مناهضة للإمبريالية و الصهيونية :
إن التحول الديمقراطي الذي يناضل في سبيله الحزب الاشتراكي اليساري الى جانب القوي الديمقراطية و الطبقة العاملة و الشعب من شانه ان يضع بلادنا في موقع مناهض للهيمنة الإمبريالية و الصهيونية و مناصر لقضايا التحرر الوطني و الاجتماعي و ان يعزز مكانتها بين الشعوب عبر الأنموذج الحضاري الذي تقدمه كنمط منصهر في العقلانية و النير من التراث الوطني و العالمي و في التحرر الاجتماعي و السياسي و في مبادئ و قيم الديمقراطية و حقوق الإنسان . و بالنظر إلى التحولات الكبري التي شهدتها منذ مطلع العشرية الأخيرة من القرن الماضي يتحتم على بلادنا الاندماج في مشروع بناء مغاربي يخدم مصلحة الشعوب و البلدان المكونة له و يكون قادرا على التعامل من التكتلات الاقتصادية الكبري و الجيوسياسية و ينبغي على بلادنا أن تسهم أيضا في التقارب العربي على أساس المصالح المشتركة لجميع الأقطار و في إيجاد الحلول الملائمة للأوضاع الخطيرة التي تعيشها المنطقة العربية . كما ينبغي ان تقوم علاقات بلادنا الدولية على علاقات التكافؤ مع مختلف الأطراف و على احترام السيادة الوطنية و استقلالية القرار و عدم التدخل في الشؤون الداخلية و على التعاون مع القوي الديمقراطية و على مناصرة قضايا التحرر في العالم و القضايا العادلة و على مناصرة نضال الشعوب العربية ضد العدوان الإمبريالي و الصهيوني في كل من العراق و فلسطين و لبنان من اجل تحقيق تحررها الوطني , و على مناهضة الهيمنة الإمبريالية على كافة شعوب المنطقة العربية التي تقف في وجه وحدتها . وعلى هذا الأساس فانه يناضل من اجل دعم التضامن الاممي بين العمال و الشعوب و الأمم المضطهدة و يعمل تبعا لذلك على تمتين روابطه بالأحزاب اليسارية و التنظيمات الشعبية لمناهضة العولمة النيوليبيرالية . Parti socialiste De Gauche الحزب الاشتراكي اليساري تونس في 25 أكتوبر 2006
بن علي والحرب الاستئصالية الشاملة
بقلم: مواطن تونسي قام بن علي بزيارة فجئية هي الأولى منذ سنوات لأحد الأحياء الفقيرة في تونس و رأينا وسائل الاعلام التي عودتنا على تمجيد انجازات السابع من نوفمبر و القول بأن تونس في أفضل حال و أنها جنة على وجه الأرض (استقرار ورخاء و أمن و نماء و عيش رغيد لجميع الناس و مناطق خضراء) رأيناها هذه المرة وعلى غير عادتها تنتقد أوضاع هذا الحي وإهمال المسؤولين له و تبرز معاناة الناس. والحقيقة أن تقريبا كل الأحياء الشعبية ليست المحيطة بالعاصمة فقط بل بكل المدن الكبرى في تونس تعاني الفقر و التهميش و الجريمة والحال نفس الحال قبل التغيير وبعده. و أتساءل بكل براءة عن صندوق سمي 2626 يهدف للقضاء على مناطق الظل. و على حد علمي فإن المواطنين لا يزالون كل 8 ديسمبر مجبرون على التبرع له بمبالغ محترمة فأين تلك الأموال، و لماذا لم تصرف لتحسيين وضعية هؤلاء الناس. أم أنه من لا وزن سياسي له لا نصيب له. أم أنهم عبيد لا يستحقون أي مرفق فمعظمهم عمال حضائر و معينات منزليات. و أين الدولة ؟ و ميزانيتها؟ أليست لخدمة الشعب؟ أين برامج القضاء على الفقر؟ أليست من أولويات الدولة؟ هل فشل رجل التغيير ؟ماذا فعلتم خلال 20 سنة؟ هذه الأحياء عرفت بالجريمة عصابات سرقة وسطو تنظم و تخطط و تسطو داخل هذه الأحياء وخارجها، و المعادلة بينهم و بين أجهزة الأمن معروفة: اذا سرقتم داخل أحيائكم فلن نتتبعكم أنتم أحرار لكن مقابل ذلك كونوا عيوننا التي لا تنام على كل شيء و خاصة أتباع دين الأسلام. أما اذا سرقتم خارج أحيائكم قأنتم مسؤولون عن سلامتكم من أجهزة الأمن في المناطق الراقية. و سنضربكم بيد من حديد اذا تعرضتم لأي سائح. هذه هي الاستراتيجية الأمنية في التعامل مع هذه الأحياء الفقيرة. و لذلك فهي معروفة بالمخدرات و الاغتصاب و العربدة و البراكاجات. بن علي يعلم هذه الحقائق جيدا. و سياسيا تعتبر معطيات ممتازة: الفقراء و ما أكثرهم في تونس ينشغلون بكسب لقمة العيش، بغياب الأمن و الخوف من الجريمة، بالعراك بين الجيران بسبب الفضلات و مجاري المياه…مستواهم الثقافي محدود لا يطالبون بأي شيء و ليس لهم الوقت أو الكفائة للدخول في السياسة. أما شباب هذه المناطق الفقيرة فمعظمه عاطل عن العمل. لا مستوى تعليمي أو ثقافي، لا أموال، لا كفائة مهنية أو إجتماعية و بالتالي أمامه حل وحيد هو الإنحراف أو الحرقان. وهذا أيضا معطى سياسي ايجابي فمادام الشاب منحرفا فهو بعيد عن التدين و بالتالي عن التطرف. و نجد الدولة ممثلة في جهازها الناجع الأمن تسعى للتستر على مروجي المخدرات و بائعي الخمر خلسة و في الحقيقة هم في العلن و بائعات الهوى بدينار أو أقل(ربما أسعارهن مدعمة من أجهزة الأمن على حساب صندوق التعويض) من جهة أخرى تم السماح لمسرحية خمسون بالعرض و تم استدعاء كل من حزب التقدمي و التكتل للمشاركة قي ندوة تحت اشراف الوزي الأول حول التكوين المهني والتي يظن البعض أنها مؤشرات إنفتاح من الرئيس، وهو ذر للرماد في العيون ليشغل اليسار عن الحرب الاستئصالية الشاملة التي بدأ يدق طبولها. على صعيد أخر يجتمع الرئيس مع بعض رؤساء الأحزاب المعارضة الصورية و يقوموا اثر ذلك بلقاءات صحفية يذكرون قيها أن الرئيس مع مزيد الاحاطة بالشباب و هو ضد التهميش. وهنا أحذر الشباب من خطوة الانضمام الى الأحزاب المعارضة حتى المساندة منها لأن هذا يعني حرمانهم تلقائيا من العمل في الوظيفة العمومية. أما مسألة التهميش و هذا لب الموضوع قمن المعروف أن بن علي و طاقم مستشاريه من بن ضياء الى القروي مرورا بالغرياني وعبد الله من محترفي سياسة فرق تسد وايديولوجياتهم مع فلسفة الاقصاء و التهميش و التنكيل بمن يختلف معهم و يؤمنون بمبدأ من ليس معنا فهو ضدنا. و بالتالي فإن نغمة رئيس الدولة ضد سياسة الاقصاء و التهميش لا يصدقها أحد مادامت لأجهزة الأمنية تقوم بالأبحاث الأمنية حول موظفي الدولة ويمنع العديد و العديد من الكفاءات من الولوج الى قطاعات التعليم والصحة و الوظيفة العمومية والجيش و الأمن لا لشىء الا بهدف تهميش و اقصاء جزء من المجتمع. وهذا من الأسباب المباشرة لانتشار الأيديولوجيا الانتحارية في تونس والتي يتحمل بن علي مسؤوليتها وحده. هذه الايديولوجيا لا تقتصر على منتسبي القاعدة فقط، بل تشمل الشباب الذي ينوي الحرقان، و الشباب الذي يقود سياة شعبية أو دراجة نارية بسرعة جنونية في طريق عادية مليئة بالحركة و الذي يدخن 4 علب سجائر في اليوم و الذي يشرب الكحول يوميا أو القوارص أو الكول فور و المظاهر عديدة ومنتشرة جدا في تونس اليوم خاصة بين الشباب. ما الذي ينتظره بن على من شاب متميز في دراسته في أخلاقه في ثقافته يرفض قبوله في مناظرة وطنية نجح فيها الأول لأسباب أمنية و ما هي هذه الأسباب الأمنية؟ من عائلة ملتزمة و شوهد عديد مرات يصلي الصبح قي المسجد المجاور لمنزلهم. هكذا و بكل بساطة. مثال أخر: عدد من الحرس الوطني يطردون من أجل قيامهم بصلاة جماعية في غرف أحد زملائهم. ماذا ننتظر من هؤلاء بعد هذا الظلم ؟ أنا لا أستغرب أن يتطرف هؤلاء أو أن يفجر أحدهم نفسه. نتيجة لهذه السياسة الإقصائية و التهميشية لجانب هام من المجتمع التونسي. شاهدنا في الدول الغربية كيف يتم التعامل مع المتطرفين من بني جلدتهم من النازيين الجدد والمثليين…تأطير و عناية واعتراف بحقوقهم و نقاش علني معهم، هكذا يكون التعامل معهم لا اقصاء و لا تهميش لأنهم متساوون في المواطنة. أطرح تساؤلا: لو تم الاعتراف بوجود الفكر السلفي في تونس منذ سنة 1996 و تمت مناقشة أفكارهم و الاحاطة بهم وادماجهم في المجتمع خاصة المتخرجين منهم (لأن معظم منتسبي هذا الفكر هم من مستويات تعليمية جيدة و من أوساط اجتماعية متوسطة و راقية) هل كنا سنرى أحداث الضاحية الجنوبية؟ الضغط يولد الانفجار، شباب يحارب في لقمة عيشه في معتقده في حياته ، ماذا ننتظر منه في جو مساعد على التطرف و الانتحار. هذه مسؤولية بن علي، سياسته الاقصائية المتطرفة أدت بشباب تونس المثقف المتعلم الكفئ الى الانضمام الى تنظيم القاعدة في العراق (5 في المائة حسب بعض التقارير) والى تنظيم القاعدة في المغرب العربي و ماخفي ربما كان أعظم. أما اليوم فكيف يتعامل مع الأزمة و قد حل البلاء؟ نفس الطريقة لأمنية التي أتبعت في التسعينات الاستئصال و بن علي ليس لديه سوى حل أمني واحد الاستئصال، و اليوم أكثر اصرارا علي الاستئصال لأنه جرب في التسعينات سياسات أخرى موازية للأستئصال مثل تجفيف منابع الاسلام (ربما كان يعتقد أنه قوي الى حد محاربة الله) و نشر دين كرة القدم و تغريب الشباب و نشر ثقافة الميوعة وتلحيد الاعلام الرسمي ونشر المخدرات الخفيفة في أوساط الشباب و شرب الخمر ومحاربة مؤسسة الزواج عند الشباب و تعويضها بالعلاقات العابرة. لم تنجح هذه السياسات و حتى نتائجها خلقت الكثير من المشاكل للحكومة و لبن علي نفسه. اجتمع بالقربي وزير التربية مؤخرا ليحثه على احياء بعض هذه السياسات رئيسنا لا ييأس قي عقيدته الاستئصالية. اليوم أظن أن الأمور مختلفة عن التسعينات، في التسعينات كانت لبن على بعض الشرعية اليوم لا، قي التسعينات كانت أوامر بن علي تنفذ بدقة من قبل رجال الامن ، اليوم هناك حسابات و موازين قوى و مصالح، في التسعينات كان بن علي قي صحة جيدة اليوم الصحة ذهبت و العمر تقدم والشفتين أصبحتا مرتخيتين وهو ما يذكرنا بالزعيم السابق الحبيب بورقيبة. وفي كل يوم ننتظر و ينتظر وينتظرون خاصة من في القصر و أكثر من الشعب التونسي حلول الأجل المحتوم. في التسعينات لم يكن للطرابلسية وال بن علي أي حضور اليوم وجودهم أفقد بن علي كل مشروعية. في التسعينات قناة تلفزية واحدة و اعلام أحادي اليوم انقلبت الموازين. قي التسعينات لم تكن هناك حرب خلافة في القصر اليوم بن علي يخشى على نفسه في كل لحظة من مؤامرة أو انقلاب. 10 فيفري 2007
قراءة خبرية للتغييرات الأخيرة
مقدمة : تبقى التعيينات و التحويرات في المسؤوليات في ظل نظام بوليسي من أهم المواضيع التي تشد الكواليس السياسية فتكثر قبلها التخمينات و التصورات و تأتي بعدها القراءات و الاستنتاجات التي تصل في الكثير من الأحيان إلى تصورات اقرب للنظري منها للواقعي نتيجة التعتيم الإعلامي والاحتقان السياسي والتغييب اليومي للجماهير عن مجريات الأحداث بل حتى للنخب السياسية والفكرية مهما كان موقعها أو قربها من المؤسسات التنفيذية الأقرب للصورية باعتبارها إطارا ديكورا للسيد الأول …… و هكذا وفي كل مناسبة يعود الحديث في الكواليس وتقوى حركة الشائعات والتسريبات وحتى الحقائق …ذلك انه قبل سنة من ألآن راج الحديث عن تحوير وزاري منتظر بمناسبة راس السنة – أي بداية سنة 2006 – كما تم الحديث عن ذلك بمناسبة خمسينية الاستقلال وما تمثله من بعد رمزي ومرحلي في تاريخ البلاد ثم تم التكهن بذلك أول الصائفة ( بل وتم تسريب كامل التغيير الوزاري والذي نص يومها على تولي عبدالوهاب عبدالله الوزارة الأولى وانتقال مرجان إلى الداخلية ورفيق الحاج قاسم إلى العدل………..) ثم آخر الصائفة ( تم الترويج إلى ضغط السيدة الأولى من اجل تولي الزنايدي منصب الوزير الأول وبن ضياء خطة نائب الرئيس….. ) …ثم قيل في ذكرى التحول ثم بعدها … فقيل أثناء مناقشة الميزانية ثم بعدها … فقيل راس السنة 2007 ثم بعده …وكل ذلك ناتج عن طبيعة الوضع والأداء السياسي لسلطة الجنرال القائمة وما تعودت عليه من ممارسات شبيهة بما راج ويروج من توقعات وأحداث ….فيكفي العودة لقراءة التحويرات و التعيينات التي تمت منذ حلول الجنرال بدل سلفه بورقيبة للتأكيد من أن التخمينات و الحديث المتواصل عنها أمر وارد بطبعه ….. فهذه القراءة تؤكد بان عدد التحويرات الشاملة أو التي تمس عددا هاما من المسؤوليات الحكومية نسبتها هامة ومعتبرة فلقد أعلن منذ التحول عن تحوير شامل في 8 مناسبات طوال الــ 19 سنة من حكم الجنرال بن علي وذلك من مجموع 74 تحويرا بينما نجد أن حوالي 80 بالمائة من التحويرات مست أقل من 4 مسؤوليات بينما 58 بالمائة مست مسؤولية واحدة , و هكذا فقد يكون الحديث عن تعديلات وزارية له معنى أفضل و اصح من الحديث عن تحويرات حكومية و وزارية و بالتالي يمكن استنتاج أن التعديلات يمكن أن تأتي في أي وقت يري فيه الجنرال أي رئيس الجملوكية التونسية حاليا ضرورة ذلك ولأي اعتبار يراه ضروريا لحسن سير عمل الحكومة و للنجاعة كما يفهمها في ظل طبيعة الوضع السياسي والاحتقان الكبير المسيطر عليه …. و إضافة إلى ذلك فقد شهدت الحكومة منذ التحوير الموسع في نوفمبر 2004 – أي اثر انتخابات 2004 الرئاسية والتشريعية – عديد التعديلات أهمها ما تمّ في أوت 2005 … هذا إضافة إلى عدم توقف التعيينات في عديد المواقع الأخرى من المسؤولية فالتعديلات و التعيينات والتي تكون بعضها » تقنيّة » بالأساس أو نتيجة اختلاط الأوراق على سيد قرطاج الحالي وتقلص هامش النخب الانتهازية والموالية والممسوكين بعديد الملفات …..وبذلك تكون التحويرات موسمية وارتجالية مما يعني أنها يمكن أن تأتي في كل لحظة فلم تعد التعيينات مرتبطة بمواسم أو مناسبات أو مواعيد مثل كان الأمر كذلك في عقد التسعينات و هكذا نجدها منذ خمس سنوات تتم في كل شهر وفصل من فصول السنة . و مع ذلك و بالرغم من أن التحويرات و التعيينات غير مرتبطة بالمناسبات و المواعيد فهي في عديد الأحيان وعندما تكون موسعة خاصة بل ومرآة لمرحلة فالمنطلق الأساسي الواضح الذي يراد إظهاره في كل تحوير موسع هو » خصوصيات المرحلة و أهدافها » [1] …وهو ما أراد بن علي بنفسه يوم التعديل الوزاري الأخير عندما ألقى يومها بالذات كلمة بمناسبة تقبله التهاني بالسنة الإدارية الجديدة من أعضاء السلك الدبلوماسي حيث أكد : » … بان تونس تواصل بثبات تنفيذ ما جاء في البرنامج الانتخابي لتونس الغد و أن إنجازات عديدة و هامة تحققت على المستويات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية كانت موضع إشادة و ثناء من قبل الهياكل و المؤسسات الدولية المتخصصة… »[2] بل أن المخطط التنموي الجديد أريد له من طرف الحزب الحاكم أن ينطلق هذه السنة مستمدا من « البرنامج الانتخابي لتونس الغد » ، بل يمكن التأكيد انه ليس هناك مرحلة جديدة باتم معنى الكلمة على الأقل من هنا إلى الذكرى العشرين للتحول – والتي كان الجنرال وصفها بالموعد التاريخي و بأنها ستكون مناسبة للتقويم و التخطيط لمستقبل الأجيال القادمة- ذلك انه لا خير يرجى في الأفق من الجنرال وحاشيته المتملقة….. و حتى تكتمل الصورة أكثر بدأ الترويج لخطاب : » أن الحديث عن الحكومة كمرآة للمرحلة و أهدافها لا يتوقف عند الأشخاص فقط بل بالأساس على هيكلة الحكومة – ,أي هيكلة وأي حكومة – رغم أن الجميع يعرف الطبيعة الكلاسيكية لهذه الحكومة ذات الهيكلة التقليدية وشبه الثابتة أداء على الأقل والمهمشة واقعا وميدانا وفعلا من اجل الشعب وقضاياه ….. أو ثابتة بل وانه لا ديناميكية لها بل وأنها غير متفاعلة مع التطورات الإقليمية والدولية وطبيعة التطور التكنولوجي وتطور وعي النخب والجماهير فلا الوزارات و لا كتابات الدولة تشكل أو تتحرك حسب اهتمامات واولويات المرحلة الراهنة ولا أي تحوير سابق جاء أو حدث … هدف للبحث عن درجات النجاعة ولو في حدها الأدنى لتحقيق أهداف الاهتمامات و الاولويات التي تنادي بها النخب والمعارضة والأصوات الحرة والمستقلة و إلا بماذا يفسر إعادة التوزيع غير المدروس منهجيا لاهتمامات نفس الوزارة على عدة وزارات في واحدة أو إعادة توزيع المهام بين الوزارات…… في حين يراد القول أن ما يحدث هو لخدمة الأهداف و تحقيق النجاعة القصوى لعمل الحكومة و مزيد تحديد المهام و المسؤوليات …؟؟؟؟؟؟ ملاحظات و استنتاجات حول التحوير الوزاري الأخير : أولا يمكن الجزم أن التعديل الأخير الذي تم في الحكومة جاء من أجل هدفين : 1- لسد الشغور الحاصل على مستوى الكتابة العامة للحكومة …… 2- لإعادة تجميع التعليم العالي و البحث العلمي في نفس الوزارة للارتباط الوثيق بينهما …. ( مع العلم وانه تم الإعلان عبر بلاغ صحفي مختصر يوم 13 جانفي – قبل التحوير بأسبوعين تقريبا – عن تعيين مدير عام جديد للمرصد الوطني للعلوم والتكنولوجيا…..كما تم تعيين مدير جديد للخدمات الجامعية بالمنستير …. ) فالظاهر بأنه تعديل » تقني » بحت ولكنه سياسيا جاء من اجل إظهار وإلغاء ما يتردد بشأن الأحداث الأخيرة من تخمينات و تكهنات يرددها الشارع السياسي ونخبه بل أن بن علي أراد أن يقول على ضوء هذا التغيير أن تلك الأحداث » تم وضعها بين قوسين » [3] أي انه لا سبيل ان تؤثر تلك الأحداث بما تعنيه من دلالات و تقويمات و تعديل ما يجب تعديله وبالتالي يمكن أن نستنتج بسهولة ووفقا لما يتردد في قصر قرطاج أو كواليس الحزب الحاكم وكنتيجة موضوعية لتأجيل اللجنة المركزية أن السلطة ترفض رفضا باتا أن يصبح ما بين قوسين مرحلة فلا معنى لذلك برأيها من الأساس وهو ما أراد السيد علي بن نصيب المحامي (ربما هو قيد التمرين) عن السلطة- أنظر مقاله المغرق في التطبيل يوم 26 ماي 2002 بالصباح التونسية – إبرازه بقوله : » وسط تكهنات غير واقعية بان تترك الأحداث الإجرامية التي شهدتها بعض جهات الجمهورية بصمة في الحياة السياسية في البلاد , جاء التحوير الوزاري الذي ادخله الرئيس زين العابدين بن علي على تشكيلة الحكومة هذا الأسبوع ليؤكد أن سير العمل الحكومي في تونس يرتبط باولويات واضحة و استراتجيات عمل منهجية تجسم البرنامج الانتخابي لرئيس الدولة و توجهاته المستقبلية في تفاعلها مع حركية الواقع و استجابتها السريعة لشواغل المواطن و مشاغله وهي في ذلك لا تتأثر بالحوادث المعزولة بل تتعامل معها بهدوء و حكمة بعيدا عن التشنج و الانفعال و فيه في ذلك للنهج الذي رسمه الرئيس بن على لمسيرة التغيير باعتبارها ثورة هادئة لا تعرف الوقف أو السكون… »[4] ومما يجب إيراده من ملاحظات : v أن هذا التعديل هو رقم 74 منذ التحول أي بمعدل يقارب أربع تحويرات في السنة الواحدة ….. v عودة السيد عبد الحكيم بوراوي [5] إلى الحكومة التي سبق أن كان فيها كــ » كاتب دولة للوظيفة العمومية و الإصلاح الإداري « ( من ماي 1999 إلى نوفمبر 2004 ) قبل أن يعين رئيسا أولا للمحكمة الإدارية ويدور في الكواليس السرية أن عودة الرجل للوزارة هي احد الحلول المبحوث عنها لتعويض الوزير الأول في منصبه مستقبلا بعد تلاشي إمكانيتي تولي عبدالوهاب عبدالله المنصب أو السيد منذر الزنايدي [6]، وذلك لتشابه الرجلين – بوراوي والغنوشي – من حيث الاهتمامات وطبيعة الشخصية وهو ما يحبذه الجنرال بن علي وما أحبه في الوزير الأول الحالي الذي طالب مرارا بإعفائه من مهامه ……. ……. v مع العلم وان الذين غادروا الحكومة ثم عادوا إليها بلغ عددهم 14 عضوا كما ان الذين تحملوا مسؤولية بالحكومة منذ التحول وصل عددهم إلى 175 شخصا ………. v و بإعادة توحيد التعليم العالي و البحث العلمي و إعادة إحداث كتابة دولة جديدة بالتعليم العالي يبقى عدد أعضاء الحكومة هو نفسه أي 49 عضوا وزير دولة يتوزعون كالآتي حسب الترتيب التصاعدي بروتوكوليا : 19 كاتب دولة – كاتب عام حكومة – 26 وزيرا – وزير معتمد- وزير دولة – وزير أول ………….. v التحق بالحكومة وجهان جديدان وهما : — السيد عبدالرؤوف الباسطي [7]: والذي عين بخطة كاتب دولة مكلف بالشؤون المغاربية والعربية والأفريقية وهو احد وجوه النخب الإعلامية والدبلوماسي منذ سنة 1999 وآخر منصب يتولاه هو سفير تونس بالأردن منذ نوفمبر 2002 . v — السيد عبدالعزيز الرصاع : [8] وهو الذي عين كاتب دولة لدى وزير الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة مكلفا بالطاقة المتجددة والصناعات الغذائية ، هو رجل تكنوقراط رغم نشاطه ألجمعياتي بل و عضو بمجلس عمادة المهندسين …… v أن هذا التغيير بشكله الذي أعلن عنه يعني استراتيجيا في المدى المنظور أن عديد الوزراء أصبحوا قارين لا لأدائهم بل لأنهم أصبحوا جزءا من التحالفات وتاريخ الجنرال : 1- منذرالزنايدي المدعوم غربيا و »شوشو » والدة ليلى والعائلة ككل …. رغم ان هذا الوزير لا يمكن التشكيك في قدراته المهنية فهو وزير ناجح في أداء مهامه بل وبامتياز …… 2- الزواري : للدور الذي لعبه في بناء التجمع بل ليبقى منافسا لبن ضياء وأيضا لعلاقات التصاهر ( بعد تطليق زوجته المحامية وزواجه الجديد المرتبط بالتحالفات السياسية …..) رغم التكمبينات ضده من مثل إخراج المترو عدد 5 ملونا بعلم تركيا على أساس انه علم تونس في الاشهر الاولى لتوليه وزارة النقل …. 3- محمد الحبيب الحداد : للخدمات الجليلة التي قدمها أثناء فترة ولايته على نابل للطرابلسية ( أراض سياحية وعقارات لا تحصى ولا تعد ) … 4- منتصر وايلي : لان والدته صديقة لام ليلى ولأسباب عدة أخرى لن نذكرها الآن ….. نزيهة الشيخ – كاتبة الدولة للصحة المكلفة بالمؤسسات الصحية لأنها تأتمر بأوامر ليلى و …. 5- وزيرة التجهيزة الحالية: لعضويتها في المكتب التنفيذي لجمعية بسمة غير المعلن عنه إلى حد الآن و…الخ.. من الأمثلة التي سنعددها في مقالات لاحقة …… 6- رافع دخيل : أو المعروف بــــ » شوشو ليلى » منذ إشرافه على فسفاط قفصة ثم الخطوط التونسية فالشؤون الاجتماعية بل وقيل انه نقل لوزارة الاتصال والعلاقة مع مجلسي النواب والمستشارين لأنها كانت ستترأس الأخير ….. تعيينات القصر : إن ما أريد إبلاغه للرأي العام من أن الأحداث الأخيرة لم تؤثر ولم تربك الدولة والحكومة ظهر جليا وواضحا من خلال التغيير الذي اجري على أهم مسؤولية سياسية بالقصر أي طرد السيد المهيري من منصبه كمسؤول أول على الدائرة السياسية والإعلامية بالقصر وكمستشار خاص للرئيس – مع العلم وانه وال ومحام سابق – الذي مرر معلومة 25 قتيلا كنتيجة للمواجهات إلى وكالة رويتر للأنباء … وقد تم تعويضه بالسياسي و التجمعي الشاب محمد الغرياني القادم من سفارة تونس في لندن وهو الشخص الذي يعتبره بن علي ابنه الروحي مع العلم وان السيد الغرياني له سيرة ذاتية أقرب للفسيفساء فقد كان مقربا للإسلاميين في المرحلة التلمذية بالقيروان قبل أن يقترب من حزب البعث لينتقل تباعا للتجمع الدستوري الديمقراطي بناء على توصيات ونصائح من البعض ليتولى الأمانة العامة لطلبة التجمع إضافة إلى إشرافه على ولاية سيدي بوزيد ليكون من بعد ذلك مسؤولا أول على ملف التربية والشباب في الحزب الحاكم ….. على أن سيد قرطاج سابق الأحداث الأخيرة بأسبوعين مجريا تغييرات كبرى على إدارة قصره وخاصة في المسؤوليات التوثيقية والإعلامية ….. كما أجرى منذ مدة بعيدة تغييرات داخل القصر الرئاسي حتى في الجانب الأمني وااللوجستي ولعل أهم تلك التغييرات في إعفاء السيد ط . ق من الإشراف على البروتوكول بضغط من السيدة الأولى عندما منعها الأخير من مصافحة في غير محلها أثناء زيارته لواشنطن ….. تعيينات السلك الدبلوماسي: شهد السلك الديبلوماسي عديد التغييرات التقنية رغم انه يكون نتاج للتغييرات في القطاعات الأخرى واستقبال المغضوب عليهم وهو تواصل وتكريس لسياسة اغلب الدول العربية غير الرئيسية …أما أهم ما تم من تعيينات في المدة الأخيرة فهو القطعالذي ساد اياما حول تعيين السيد القنزوعي في ماطا سفيرا هناك وختم بإقرار إرساله أخيرا ( مع ما يعنيه ذلك لطبيعة البلد المعين فيه استخباراتيا ولوجستيا وقربه من تونس – 30 دقيقة فقط بالطائرة – ….) … كما ينتظر قدوم عبدالرحمان الحاج علي من سفارة موريتانيا سواء لتعويض بنور – والذي اختفى يوم 23/12/2006 وأغلق هاتفه الجوال ولم يظهر إلا من الغد …….. – على رأس ادرة الأمن ، أو ما تردد من انه سيسمى على راس إدارة جديدة تعني بمكافحة الإرهاب مربوطة مباشرة ببن علي ……….. تعيينات أخرى : و إضافة إلى الحكومة والقصر فقد سجلت الأيام الأخيرة تعيين منصر الرويسي[9] رئيسا للهيئة العليا لحقوق الإنسان و الحريات العامة و قد تزامن تعيينه مع الأحداث الأخيرة ومع ما سمي بالبعد الجديد الذي أخذه هذا الهيكل الذي يوصف في أوساط السلطة بالهام لطبيعة انه منح مهام و مشمولات جديدة من طرف الرئيس بن على ، على أن تعيينات ستحصل في المدة القادمة في تركيبة الهيئة بل وتدور أخبار مؤكدة في الكواليس عن انضمام بعض الوجوه الحقوقية الى الهيئة ………. و يحضى الرويسي بثقة الجنرال لطبيعة ادوار لعبها في بداية عهد بن علي وأساسا في ملفي النهضة واتحاد الشغل يومها، إضافة إلى بلورته لعديد المشاريع ( مشروع حزب التغيير – ….) قيادته عديد الوزارات رغم فشله التام وخاصة في وزارة التربية ويأتي تعيينه في المنصب الحالي نتيجة الاعتقاد انه يحضى باحترام و تقدير كبيرين من مختلف الأوساط السياسية و الاجتماعية ….. ويرى البعض أن ذلك مقدمة لتوليته وزارة العدل في المستقبل المنظور بينما يرى آخرون انه إيذان بغلق ملف الربطة بشكل سلبي – خاصة وان السيد الملولي يتبجح وان الرابطة ستشمع – بينما يذهب آخرون إلى القول انه تقريب للرويسي من معهد الدراسات الاستراتيجية لطبيعة المرحلة المقبلة …. أما اقرب تفسير فهو أن بن علي تقلص هامش الرجال الثقاة عنده وان المستقبل المنظور لم يعد له فيه مستقبل …. ولعل ما يؤكد ذلك ولو بشكل غير مباشر ان تعيين الرويسي والذي سيمنح امتيازات وصلاحيات الوزير هو شروع وزيرين سابقين آخرين في خططتهما الجديدة بالعاصمة اثر ترشيحهما من طرف الرئيس بن على و هما : o الشاذلي النفاتي الأمين العام السابق للحزب الحاكم و الوزير السابق و الذي عاد من مصر ليرأس مركز تونس للجامعة العربية عوضا عن نورالدين حشاد وقد تم حديث في كواليس القاهرة عن ارتباطات غربية وتحديدا أمريكية للرجل في المدة الأخيرة وانه زار العاصمة واشنطن سرا قبل من مدة من ترشيحه للمنصب الجديد ….. o صلاح الدين معاوي المستشار السابق لدى بن علي و الوزير السابق و المسؤول البارز في مجال الأعلام – الرئيس السابق بوكالة الاتصال الخارجي – و الذي عاد من السعودية ليدير اتحاد الإذاعات العربية و مقره تونس….. و مع هؤلاء نجد عددا آخر من الذين سبق أن تحملوا مسؤوليات في التجمع و الحكومة وهم اليوم في مواقع أخرى من المسؤولية يشاركون و يساهمون لطبيعة الخدمات التي قدموها للجنرال ومن بين هؤلاء : ü الصادق شعبان : العضو السابق بالديوان السياسي و الوزير السابق و الذي يدير حاليا معهد الدراسات الاستراتيجية والذي ابعد لطموحاته وعلاقاته الغربية المتعددة رغم انه كان يعتبر منظر سلطة الجنرال إلا انه عوض بزهير مظفر كمنظر جديد رغم أن الرجل أوضح وفقا للدراسات القانونية لطلبته سنة 1988 أن ما قام به بن علي غير قانوني بالمرة وانه ليس شرعي بالضرورة …. وهو أيضا صاحب نظرية حزب الأغلبية [10]….. ü الدالي الجازي العضو السابق بالديوان السياسي و الوزير السابق و الذي يرأس حاليا المجلس الاقتصادي و الاجتماعي والذي غيب من الحكومة بعدما حضر حفلا لا يرغب سيد قرطاج في حضوره من طرف احد من رجاله …. بل تم متابعة خطواته وتحركاته حتى أن الأمن يعرف حتى أوقات لقاءا ته بإحدى عشيقاته موعدا موعدا أي مثلما مورس مع السيد محمد مواعدة وغيره …او كما يمارس مع السيد بوشيحة حاليا ….. ü الحبيب عمار : وهو الشريك الفعلي لبن علي في القيام بانقلابه يوم 07/11/1987 تم إبعاده بعد فترة من التغيير إلا أن بن علي يكلفه بعديد المهام الأقرب للشكلية ( الإشراف تباعا على دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 2001 – قمة المعلومات سنة 2005 -…..) كما يرأس جمعية الصداقة التونسية النمساوية كما تطلق يداه تجاريا ( يتحدث العديد من التجار عن تجارته الشخصية في مجالات خاصة جدا ومربحة – محلات كريمتيه في الملابس الجاهزة والتي تدار بعيدا عن اعين رجال الضرائب والقمارق وهي الوحيدة التي استثنت من حملة كبرى للديوانة على محلات مثيلة لها في ديسمبر 2005 – شركات ابنه التجارية المعروفة بتجاوزاتها المتعددة ……..) كما تم تعيين رئيس جديد لمحكمة التعقيب ورئيس جديد للمحكمة الإدارية ( السيد غازي الجريبي خلفا لعبدالحكيم بوراوي ) و الاثنان سيلتحقان بالمجلس الدستوري بعد تقديم التقرير السنوي للمجلس لبن علي الأسبوع الفارط …. بينما تم تعيين محمد محجوب مديرا عاما للمركز الوطني للترجمة ……. تعيينات وتغييرات في الوزارات : إضافة إلى ذلك تمت عديد التغييرات بل ستلحق بتغييرات أخرى في لاحق الايام القادمة في عديد الوزارات ونذكر من تلك التغييرات ما يلي في بعض الوزارات تدليلا فقط … وحتى يصمت عنا المحاميان بدون بدلة المحاماة المدعوان « برهان بسيس » و »علي بن نصيب » والا فان ملفيهما مرشحان للعرض التفصيلي تاريخا وفضائحا في قادم الأيام ومن انذر فقد اعذر …. v الوزارة الأولى : حيث تم منذ مدة ( الرائد الرسمي عدد 9 ) تسمية السيد حمدي الجربي مراقبا للمصالح العمومية بالوزارة … كما تمت تسمية السيد نبيل السالمي مراقبا للمصالح العمومية بالوزارة….. v وزارة التربية والتكوين : تم تعيين رضا بسباس مديرا جهويا للتعليم بصفاقس ….كما تم تعيين الجامعي كمال عمران مستشارا لوزير التربية السيد الصادق القربي – المتحدث عن مغادرته للوزارة سوى بشكل نهائي أو في اتجاه وزارة الصحة ، مع العلم وان السيد عمران كان في وقت سابق مستشارا لوزير التعليم العالي السابق الصادق شعبان ….. على انه قد يعلن عن تغييرات في الوكالة التونسية للتكوين المهني بعد الفضيحة التي لم يعلن عنها بعد وهي سوء التصرف الكبير في القروض المتحصل عليها في معهد تكوين المكونين برادس رغم تعيين مديرة جديدة على خلفية ذلك وهي السيدة منيرة يوسف عبدالله بالتوازي مع تعيين الحبيب الحدادي على رأس مركز القيروان …..بينما تم تعيين المولدي البدوي مديرا للعلاقات مع المؤسسات وابراهيم التومي مديرا للتراخيص والتقييم وعبدالحفيظ العبيدي مديرا للتفقد بالمرحلة الثانية من التعليم الاساسي والثانوي ……… v وزارة السياحة : تم تعيين نزار سليمان مديرا إداريا بالديوان الوطني للسياحة ، كما تم إجراء عديد التغييرات التقنية في اروقة الوزارة او في ممثلياتها في الخارج او بعض من اداراتها الجهوية فقد تم مثلا : تعيين أنيس البرادعي ممثلا مساعدا لديوان السياحة ببكين اما السيدة رجاء نعمان ممثلة مساعدة بميلانو ………….. v وزارة الداخلية : هذه الوزارة لا يتم الإعلان عن التعيينات والتغييرات فيها …إلا ان ما يجب الإشارة إليه أن سلك الحرس الوطني ستشمله تغييرات هيكلية وواسعة النطاق في مارس القادم… أما إداريا فقد يتم إبقاء والي جندوبة السيد الهادي سليم بحالة مباشرة بعد بلوغه التقاعد وهو ما سيتم بالنسبة لعديد المعتمدين الذين هم في الخطة منذ اقل من ثلاث سنوات ، خاصة وانه يتم وضع اللمسات لتعيينات جديدة بالسلك بعد حركة هذا الأسبوع والتي اعتبرت موسعة مقارنة بحركتي جوان وأوت الماضيين ……… إضافة إلى تغيير 6 معتمدين من بينهم 5 من ولاية بن عروس على خلفية الأحداث الأخيرة وتغيير اغلب العمد بولايتي بن عروس ونابل على خلفية تورط عمدة من قرمبالية في الأحداث الأخيرة ( صهر احد أفراد المجموعة ) بل ويتم الحديث في كواليس الوزارة عن نية الدولة في تكوين ضباط امن لتولي مهام العمدة مستقبلا بينما ما تم ابقاء السيد محمد الحبيب حريز – الصحفي الرئيس بمؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية – مكلفا بمهمة إدارة الشؤون السياسية بحالة مباشرة لمدة سنة ابتداء من غرة فيفري 2007 …. ومن ناحية أخرى تم تغيير في منصب رئاسة قسم متابعة الصفقات والذي تولته السيدة شاذلية الحباسي ( حرو بوقرين ) وهو ما تم أيضا في رئاسة قسم متابعة أنشطة المؤسسات التابعة للوزارة ..مع العلم وان الاثنان توليا المهمة بخطة وامتيازات رئيس مصلحة إدارة مركزية … v وزارة الفلاحة : أصدرت الوزارة في 09/01/2007 بلاغا صحفيا تم فيه الإعلان عن أكثر من 13 تكليفا اقرب للجانب التقني بالتوازي مع انتخاب الهيئات الجهوية لاتحاد الفلاحين وتمت تلك التكليفات بولايات : مدنين – المهدية – باجة – القيروان … [11] v وزارة الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين : تم تعيين السيدة منية نقيب يحياوي مديرة للتنظيم والأساليب والإعلامية بالوزارة في حين تم الإعلام في بلاغ صادر عن الوزارة يوم 02/02/2007 ، وبدون أي أدنى توضيح أنه تم تعيين مدير عام جديد للأعلام بالوزارة وهو السيد محمد الميساوي ….كما تم منذ أسبوعين تعيين السيد محمد شلبي على راس المركز الإفريقي لتدريب الصحافيين وذلك خلفا للأستاذ رضا النجار ( تقاعد ) و رضا بوقزي مديرا لإذاعة تونس الدولية خلفا لكمال الشريف ( تقاعد ) والوجهين الجديدين بدآ حياتهما المهنية بصحيفة « الإعلان » سيئة الذكر ….. إضافة إلى تغييرات أخرى اقرب للتقنية منها للسياسية ….. v وزارة المالية : هذه الوزارة شملتها تغييرات عديدة اقرب للتقنية لكن سلك الديوانة التابع للوزارة ستشمله حركة واسعة يعد لها في مارس المقبل …. من ناحية أخرى عين رؤوف صفر مديرا عاما للامتيازات الجبائية والمالية بالوزارة ( وهو من أهم المناصب إثارة للجدل ……..) v وزارة التجارة والصناعات التقليدية: تم إقرار جملة من الإجراءات في المجلس الوزاري المنعقد يوم الجمعة 02/02/2007 في مجالي : تجارة التوزيع ومسالك توزيع منتوجات الفلاحة والصيد البحري …سيترتب عنها جملة من التغييرات إضافة إلى تعيين السيد يوسف ناجي ( الوالي السابق بمنوبة ورجل الداخلية ثم الخارجية في أواسط التسعينات قبل ترأسه الخطوط التونسية … كما انه رشح منذ مدة لوزارة النقل عوضا عن الزواري – تسريبات بداية السنة السياسية – …) كرئيس مدير عام لمركز النهوض بالصادرات خلفا للسيد فريد بن تنفوس الذي عين مديرا تنفيذيا للوحدة الفنية للاتفاقية العربية المتوسطية للتبادل الحر ….. v وزارة النقل : واهم تلك التغييرات هو تعيين السيد نبيل الشتاوي رئيسا مديرا عاما لشركة الخطوط التونسية بينما تم تعيين محمد الشريف رئيسا مديرا عاما لديوان الطيران المدني والمطارات …….إضافة إلى تعيين محمد رضا الطرابلسي كاتبا عاما للوزارة في ديسمبر الماضي ….. v وزارة العدل : وهي التغييرات التي أعلن عنها يوم 02 جانفي 2007 أي يوم واحد قبل انطلاق مواجهات سليمان …إضافة إلى أن الذين وقع تعيينهم بل والأصح نقلهم من مواقع إلى أخرى هم رهان الرئيس على حد عباراته المنقولة عنه في بعض المناسبات وعمليا تم التعيين محمد اللجمي ( المعروف بغطرسته وتكمبيناته ودسائسه المتعددة …. ) رئيسا أولا لمحكمة التعقيب خلفا للمبروك بن موسى الذي بلغ سن التقاعد وكان « محمد اللجمي » يشغل قبل التعيين خطة وكيل دولة عام مديرا لمصالح العدلية بينما تم تعيين السيد محمد الصالح بن عياد وكيل دولة عام مديرا للمصالح العدلية خلفا للجمي اما بن عياد فقد كان يشغل قبل التعيين خطة متفقد عام بالوزارة ……. كما تم تعيين عبدالرؤوف بن الشيخ بتلك الخطة بعد أن كان رئيسا للمحكمة الابتدائية بتونس التي أصبح رئيسا لها السيد بلقاسم البراح …… v وزارة الخارجية : وهي الوزارة التي شملها التغيير الوزاري بذهاب صلاح الدين الجمالي وتعويضه بالسيد عبدالرؤوف الباسطي فان جملة من التغييرات سبقت ذلك وهذه الوزارة أجريت عليها عديد التغييرات لان الوزير الجديد صاحب مزاج استبدادي وتسلطي خصوصا وانه كان سنة 1987 مجرد قارئ صحف لبورقيبة وهو المنصب الذي مكنه من تنبيه بن علي لأمور يخطط لها وبناء على ذلك وأشياء ومعطيات أخرى قام الجنرال بانقلابه …. وعمليا تم تعيين المولدي الساكري مديرا عاما لإفريقيا والاتحاد الإفريقي بالوزارة ….. v مجلس النواب : تغييرات تقنية أهمها تسمية محمد صمود المهندس الأول في رتبة مهندس رئيس…… v المؤسسات العمومية : ينتظر إجراء تغييرات على راس عديد الهياكل والمؤسسات العمومية ، أما من حيث التغييرات التي وقع أجراءها فمنها مثلا : 1— – عين احمد محجوب رئيسا مديرعام اتصالات تونس رئيسا لمجلس ادارة الشركة التونسية للمقاولات السلكية واللاسلكية ( صوتيتال ) والهادي الدريدي مديرا عاما لها وقد راج تعليق سوء التصرف المالي في علاقة بعديد المتنفذين بالموضوع ( وما خفي في الموضوع اخطر بكثير….) 2– إبقاء عبدالعزيز شعبان الرئيس المدير العام لشركة السكك الحديدية بحالة مباشرة لسنة خامسة بداية من 01/02/2007 …. 3– في قادم الأيام ستجرى حركة كبرى على راس المؤسسات البنكية…….. وأول تلك المؤسسات بنك تونس العربي الدولي ( البيات ) فبعد اخذ ورد حول انسحاب شكيب نويرة ثم العدول عن ذلك ، فتقديمه لاستقالته يوم 11 جانفي 2007 وانه سيغادر منصبه في مارس القادم على ضوء خلاف مع احد المساهمين ( إسماعيل المبروك شقيق مروان المبروك زوج سيرين ابنة الرئيس والمديرة الحالية لشركة بلانات ….) فان ما هو حاصل الآن أن السيد شكيب نويرة – وهو أيضا رئيس مشروع المنطقة الصناعية بالفجة ….- سيواصل رئاسته للبيات إلى غاية جوان القادم حسب آخر ما تم تداوله في الأيام الأخيرة وانه سيعوض بالسيد الطاهر صيود الرئيس الأسبق للبنك المركزي والوزير والسفير السابق …… 4– تم تعيين العياشي البوسي مديرا لدار الكتاب بتونس كما تم تعيين محمد المي مديرا لمكتب تونس والمغرب العربي لمؤسسة البابطين للإبداع الشعري ( ومن مآسي نظام بن علي ان يتم هذا التعيين ….أما لماذا فذلك موضوع ثان ليس هذا مجاله ……. 5– تم تعيين عبدالقادر الشعباني مديرا للتوثيق والأرشيف بإدارة الملكية العقارية ….. 6– جرت تغييرات عديدة في الخطوط التونسية : المنصف باديس مديرا للخطوط الموريتانية الجديدة وكان يشغل خطة مدير مركزي للمنتوج والتي عوضه فيها المدير السابق للمراقبة السيد منصف الذهبي بينما تم تعيين حمادي السامري كمدير مركزي لمتابعة الشركات الفرعية وعلاقاتها بالخطوط التونسية وقد كان مديرا للخطوط الفنية كما تمت تعيينات أخرى عديدة تهم مديري البرمجة وبرمجة الطيران والتعديل والإدارة العامة للخطوط الفنية ( أصبح مديرا لها السيد الهاشمي صيود المدير السابق للعمليات الجوية ) ….. 7—تم في المجلس الاقتصادي والاجتماعي تعويض محمد الهاشمي بلوزة ( بعثي سابق و الكاتب العام الحالي لولاية تونس وعضو حالي باتحاد الكتاب …) بالسيد عبدالكريم الخالقي كممثل عن الجمعيات ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والفنية والثقافية والعائلية … في حين تم استبدال السيدة ليلى البوزايدي ( موظفة سابقة بوزارة التربية اقيلت لاسباب غامضة ….) بالسيد كمال عمران ( ليس الجامعي ) كممثل عن الادارة والمؤسسات العمومية ….. أي تغييرات وأي إصلاحات؟ : هكذا إذا يدار البلد ( ما خفي كان أعظم ولا يمكن ذكره بالتفصيل أو حتى ذكر بعضه حفاظا على مصالح البلد وأسراره – وهم لم يحافظوا عليها -….) ولن يستطيع بن علي قطع خطوات للإصلاح حتى لو أراد ذلك إلا أن ما يجب ملاحظته: – أن تغييرات كبرى تتم داخل الحزب بدون ضجيج سنتعرض لها إن شاء الله في مقال لاحق بمناسبة انعقاد اللجنة المركزية ولعل أهمها تغيير الملحق الإعلامي للامين العام للتجمع وتعيين الصحبي بن منصور كملحق جديد ….. – أنه ربما يقع إجراء بعض التغييرات التكتيكية سياسيا حتى تمر العاصفة وألا بماذا نفسر دعوة حزبي التكتل الديمقراطي والحزب الديمقراطي التقدمي للمشاركة وإبداء الرأي في الندوة الوطنية للاستشارة حول التكوين المهني ( وفعلا حضرت مية الجريبي الاجتماع …..) في نفس الوقت الذي يتحدث فيه البعض في الكواليس عن قول بن علي » قضينا على العصابة … ولسنا مضطرين للقيام بأي إصلاحات …… »… – ما هو تفسير الحملة الإعلامية غير المباشرة على حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ( لم تشارك في اللقاء الديمقراطي- ينتظر عقد مؤتمرها في 2008 – ….. ) بل ان إجراءات تمت للدفع نحو هرسلتها ( عدم استدعاء بولحية إلى حد الآن في حين تم استقبال بوشيحة والاينوبلي وثابت – ماذا تعني سرقة مكتب بودربالة – بعد مواقف في مجلس النواب وإقالة صديقه المهيري – بعد شهرين من سرقة مكتب الحركة وحرق جزء من أرشيف صحيفة المستقبل على الطريقة المخابراتية البحتة – تسريبات في كواليس القصر وأجهزة المخابرات حول إعداد » صنيعة السلطة » جلال لخضر لمنصب الأمانة العامة عوضا عن بولحية …) – لماذا تتواصل محاصرة مناضلي حزب العمال- والذي يراد هرسلته وتهميشه عبر الاعتراف بمجموعة الكيلاني او ما اصبح يعرف بـــ: PSG – وحركة النهضة ( رغم إدراك قيادات سياسية وأمنية أن ما تم بشأن النهضة في بداية التسعينات كان خطأ استراتيجي لا يغتفر باي حال وسيدفع ثمنه كامل البلد … ) والوحدويون الناصريون رغم النضال السلمي لهؤلاء على طوال أكثر من 15 سنة أمام السجون والمنافي والمحاصرة اليومية اللصيقة ……. – أن الرئيس ومن وراءه وزرائه لم يعد يهمهم الرأي العام أو المعارضة أو سمعة البلد بل كيف يقودون البلد بطريقتهم وضمان مصالح الحزب الحاكم أو بالا حرى مصالحهم ومصالح أسيادهم من المتنفذين . – أم محاصرة آل الطرابلسي حكاية فارغة لأنهم تمكنوا من كل المؤسسات والقطاعات عبر زرع البيادق والانتهازيين وأساسا في قطاعي التجارة والسياحة ( انظر البلاغ الإعلامي حول شراء كارطاغو لنزل بلاص بقمرت – مشروع للا حليمة في جرجيس – كارطاغو جربة – نزل الحمامات الجنوبية والأراضي السياحية – …..) – لماذا غاب المدعو عماد ولماذا غابت مجلته من الاكشاك بعد صدور 50 عددا رغم انه لم يمضي على الافتتاحية منذ العدد 43 ؟ – لماذا غابت صور السيدة الأولى من الصحف اليومية منذ يوم 23/12/2007 تاريخ اندلاع أول المواجهات في الأحداث الأخيرة ، أم أنها غابت عن أسوار القصر من جديد ؟ إننا نتساءل فقط ولعل ذلك حق من حقوقنا التي لا يستطيع جلادونا نزعها منا ……. – أن الرئيس أصبح حبيس قصره – باستثناء زيارة فجئية كل أربعة اشهر لذر الرماد على العيون ……. – مع قرار غير معلن بعدم حضور أي نشاط يذكر خارج البلد – حتى لا يكون ربما » ولد الطايع الثاني في المغرب العربي المجمد منذ سنة 1994 » من ذلك أن الجنرال مثله وزير الخارجية في لقاء « تجمع دول الساحل والصحراء » وتم تمرير تقرير طبي انه مصاب بالتهاب بل وحاد في الحنجرة وهو تكرار لسيناريو أكتوبر 2005 عندما رفض يومها الذهاب لبنزرت لإحياء ذكرى الجلاء منذ أكثر من سنة ….. أبو سحنون – مهندس فلاحي المرسى 07/02/2007 [1] أنظر تحاليل صحفيي الارتهان : 1- أسبوعية الحدث : » ما لم ينشر عن التعيينات الأخيرة في الحكومة ومسؤوليات أخرى » ، عماد الحضري ص5 بتاريخ 31/01/2007 – الحدث عدد 10728 ……. 2- يومية الصريح : « تحوير هادئ في مسيرة متجددة » – علي بن نصيب – ( رغم أنه سجين سياسي سابق ) بتاريخ 27/01/2007 ص15 [2] راجع كلمة الجنرال يومها – الصريح 26/01/2007 ص 19 – العدد 1744 . [3] العبارة وردت في تحليل رئيس تحليل الحدث – العدد 10728- إلا انه نقل أن الرئيس قد رددها لبعض حاشيته المقربة ….. [4] « تحوير هادئ في مسيرة متجددة » علي بن نصيب الصريح بتاريخ 27/01/2007 ص 15 [5] السيد عبد الحكيم بوراوي من مواليد 08/03/1954 بسوسة متحصل على الإجازة في الحقوق وشهادة المرحلة العليا من المدرسة الوطنية للإدارة وقد عمل بوزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العدل ثم بالوزارة الأولى حيث عمل بها تباعا : كمستشار للقانون والتشريع ثم مدير فمدير عام مكلفا بمهمة لدى الوزير الأول وفي مارس 1990 عين مديرا لديوان الوزير الأول فكاتب دولة ومن ثم تم تعيينه رئيسا أولا للمحكمة الإدارية …. [6] أحد الذين لم يغادر الوزارة منذ سنة 1988 والمقرب من عائلة الطرابلسي – أهدت زوجته سريرا مذهبا لمحمد زين العابدين يوم ولادته – وقد انتقل في شهر ديسمبر إلى القصرين واجتمع بإطاراتها وقيل أن ذلك حدث على خلفية قرب توليه منصب الوزير الأول ….. وهو من اهم المرشحين لخلافة بن علي ويعتبر المرشح الثاني بعد السيد مرجان ….. [7] وهو من مواليد 19/08/1947 بتونس العاصمة ومتحصل على الأستاذية في اللغة والآداب العربية وعلى شهادة تكميلية في الآداب الأجنبية من كلية 09 افريل بالعاصمة …عمل أستاذ بمارس الترشيح وبمركز الفن المسرحي من سنة 1970 إلى سنة 1973 قبل ان يشغل خطة مدير للدراسات بمركز الفن المسرحي من سنة 1973 إلى سنة 1978 فمديرا للتلفزة التونسية من سنة 1979 إلى سنة 1981 ثم شغل خطة مسؤول عن البرامج في اتحاد إذاعات الدول العربية من سنة 1981 إلى سنة 1988 فخطة مدير عام من سنة 1989 إلى سنة 1998 وفي سنة 1999 عين سفيرا بلبنان وشغل سنة 2000 منصب رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية ثم سفيرا بالأردن في نوفمبر 2002 وهو المنصب الذي شغله حتى تاريخ تسميته الأخيرة …. [8] وهو من مواليد 22/10/1957 بتونس ومتحصل على شهادة مهندس أول من المعهد القومي العالي للصناعات الكيميائية بنانسي بفرنسا ( جوان 1981) وعلى شهادة مختص من المعهد القومي العالي للنفط والمحركات بباريس ( جوان 1982) وعلى شهادة الدراسات المختصة في التصرف في مؤسسات النفط من المعهد العالي للدراسات التجارية بمنريال بكندا ( جوان 1992) بدأ حياته المهنية بالمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية في سبتمبر 1982 برتبة مهندس مختص فرئيس مشروع من 84 الى 1986 وفي سنة 1992 شغل خطة كاهية مدير الإنتاج وفي أكتوبر 1994 كلف بمأمورية بوزارة الاقتصاد الوطني ثم بوزارة الصناعة مكلفا بالطاقة والمناجم من 1994 الى 1995 فمكلف بوحدة التصرف في البرنامج الثلاثي من 1995 إلى 1999 …. وفي ديسمبر 1999 عين مديرا للطاقة وهو المنصب الذي شغله الى حدود التسمية الأخيرة …. وهو عضو بمجلس عمادة المهندسين وعضو بجمعية قدماء المعهد العالي للدراسات التجارية بمونريال …… [9] والسيد الرويسي من مواليد 09/09/1940 بدقاش ومتحصل على الإجازة ثم الدكتوراه في علم الاجتماع من تولوز والسربون إضافة إلى شهادات ودراسات عليا في الحسا بيات والرياضيات والفيزياء والديمغرافيا وشغل سابقا خطة ملحق باحث بالجامعة التونسية وجامعة هارفارد الأمريكية وعمل أستاذا بالجامعة وخبيرا لدى الأمم المتحدة بدمشق والرباط وتحمل عديد المسؤوليات في عهد بن علي ومن بينها مستشار لدى الرئيس ووزير للشؤون الاجتماعية والثقافة والتكوين المهني والتشغيل والتربية ثم تم تعيينه سفيرا بباريس أما جمعياتيا فقد ترأس الحملة الانتخابية الرئاسية سنة 1989 وسبق ان كان كاتبا عاما لاتحاد الطلبة بتولوز ثم تولى مسؤولية الكتابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي ثم رئيسا للجنة الوطنية للبحث العلمي كما تولى عضوية اللجنة المركزية للتجمع رغم انه كان من قيادات البرسبكتيف في الستينات رغم توجهات والده – يوسف الرويسي – القومية العربية …..كما كان عضوا بالمجلس الأعلى للاتصال وبمجلس المستشارين ….. [10] وشرحها في كتاب بعنوان » من الحزب الواحد إلى حزب الأغلبية » – تونس 2004 [11] انظر الصريح يوم 10/01/2007 وأعادت نشره يوم 15/01/2007 ص 12
نـــــورالدين الخميري: النّخبة التّونسيّة وملف حقوق الإنسان
يشهد الوضع التّونسي هذه الأيّام جملة من الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان قلّما عرفتها البشريّة عبر تاريخها الطويل ، حيث تنوّعت أشكالها لتأخذ أبعادا خطيرة لم يعد من الممكن الإكتفاء بإصدار البيانات في شأنها بل يتطلّب الأمر من المهتمّين بحقوق الإنسان ومؤسّسات المجتمع المدني ومنظماته المدنية والسيّاسيّة الإنخراط في الكفاح من أجل احترام حقوق وحريّات المواطن عبر صياغة الأولويات والإستراتيجيّات التي تيسّر النّضال من أجل تحسين الأوضاع وإشعار المجتمع الدولى والهيئات العالميّة بخطورة الإنتهاكات التي تمارسها السّلطة التّونسيّة ضدّ المعتقلين السيّاسيّين على اعتبار أنّها تشكّل خرقا لجميع المبادئ الإنسانيّة التي تنادي بها المواثيق والمعاهدات المتعلّقة بحقوق الإنسان .
ولعلّ ما تناقلته المواقع الإخباريّة أخيرا من شهادات و معلومات حول عمليّات القتل والتّعذيب في ظروف غامضة واعتداءات فضيعة على المعتقلين التّونسيّين شمل إلى جانب حبسهم في زنزانات انفراديّة معزولة ولمدد طويلة و إكراههم على التوقيع على محاضر بحث لتهم ينكرونها أصلا ، استعمالا لأبشع أنواع التّعذيب تجاوزما كان معروفا من أساليب قديمة كالصّعق الكهربائي والكابلووات وقارورات الزّجاج ليأخذ أشكالا و أنواعا أخرى أكثر بشاعة ووحشيّة ليصل الأمر إلى حدّ تهشيم الجماجم والتهديد بالإغتصاب والخطف ، ممّا يلقي على نخبها الوطنيّة مسؤوليّة أخلاقيّة كبيرة للتّصدّي » لأحفاد بنوشي الجدد » وفضح ممارساتهم الهمجيّة على اعتبار أنّ إعلانات حقوق الإنسان والدّساتير والمواثيق والمعاهدات التي أمضت عليها تونس بدون تحفّظ تشكّل في الحقيقة درعا واقي لحماية هذه الحقوق من أجل تحقيق سبل الكرامة الإنسانيّة وفقا لمبادئ الديمقراطيّة التي تتطلّبها الشّعوب .
إنّها إذا أمانة تاريخيّة ومسؤوليّة نتقاسمها جميعا أمام استمرار سجن السيّد محمّد عبو لمدّة تقارب السّنتين وهي كذلك وبنفس الأهميّة أمام استمرار محنة الإسلاميين لأكثر من ستّة عشرة سنة ولن تكون أقلّ من ذلك أمام عودة المداهمات و تجدّد الإعتقالات بقوّة في صفوف الشّباب والتنكيل بهم .
فهل آن الأوان أن ينشط الرأي العام التّونسي مطالبا باحترام حقوق الإنسان التّونسي وحرّياته على اعتبار أنّ مصلحة المجتمع تتجسّد في المحافظة على كرامة الفرد وإنسانيته ومنع كلّ أنواع التعسّف التي يتعرّض لها ، باعتباره الخليّة الأساسيّة لبنائه ؟.
أملنا أن تدرك النّخبة التّونسيّة وكلّ أطياف المجتمع المدني رغم اختلافاته الإديولوجيّة أهميّة هذا الملف الإنساني لإرغام السّلطة على وضع حدّ لهذه الإعتداءات الفضيعة لأنّ نجاحنا في تحقّق ذلك يكون قد فتح لنا الطريق لتأديّة بعض الخدمات لشعبنا من أجل التمتّع بحقوقه وحرّياته على اعتبار أنّ هذه الحقوق والحرّيات من أقوى دعائم الحريّة والسّلام .
نـــــورالدين الخميري ـ ألمانيا
2007.02.11
وأبى شاعرنا جمال الفرحاوي إلا أن يؤبن فقيدنا رضا حمدى
ونحن مازلنا على وقع صدمة فراقك أيها الفقيد المسافر إلى حيث العدل الإلهي أبهرتنا القلوب المؤمنة التي تداعت لشد أزرنا وتبديد الأحزان التي ألمت بنا وشاركتنا لحظات الترحم على روحك الطاهرة بتلاوة القرآن فربما تلاحق الدعوات النابعة من قلوب مؤمنة محتسبة أثرك وتصعد خلفك لتتضرع إلى من يسمع الدعاء, وأبى شاعرنا المبجل جمال الفرحاوي إلا أن يؤبنك بأبيات مفعمة بصدق المشاعر ليعبر عن ما خالج قلبه وقلب من حضر من الأحبة الذين تحلقوا على الذكر وتلاوة القرآن والدعوات الصادقات لك بالمغفرة وحسن المآل.. فقد لا تفي مناقبك القصائد العصماء يا فقيدنا رضا ولكن قليلا مما تستحقه سيرتك النقية تجبر مشاعرنا الأخوية على ملامسة النزر البسيط من صفاوة شمائلك وترسم لمن لا يعرفك صورة تنطق بصدق كدحك نحو الله وشديد صبرك على المظالم من سجن وتجويع ومحاصرة لم تفل في عزيمتك واصرارك على الثبات من أجل أن تبقي شامخا معتزا بدينك وعدالة قضيتك كالجبل الذي لا تهزه الرياح. أخواك: محسن زمزمي وفخرى شليق
كم في الجوامع زانك القرآن
حل الحِـمام بفؤادي وتربّعــــت بربوع قلبي يا أخي الأحزان
أفــجعتنا برحيلك يا طــــــــــيبا عاش كريما دربه الإيمــــان
أرضاءُ إناّ والمَـنـُون يلفّك قــــد عششت في هجرنا الأشجان
حـرا قضيت حياتك بعقيـــــــدة أبدا أخافـَـك يا أخي سجَّـــان
كم يا رضاءُ قد سَمَوْتَ بعــزة وأبَـنـْتَ أنك دونهم إنســــان
كم يا بصبرك يا أخَيَّ تجملــتْ أرض الجنوب كأنك الريحان
حنّاؤها وأريجها أنت الــــــذي كم في الجوامع زانك القرآن
كم يا عفيفا عرفنا فيك شهامــة ورجولة ناءت بها الأزمــان
أرضاءُ إنـَّـك والقضاء يلـُـــفك طويت بك للعزة أغصـــــان
أرضاءُ يا نجما تناءى برفعـــة وسما علوا دربه الجنـــــــان
أرضاءُ يا… أدميت فينا مدامعا أضناها هجر دونه النسيـان
أنا ما رأتـْـك مقلتاي يا أخــــي لكنها قد تبصـــــــــر الآذان
ويرى الحبيب حبيبه بفــــؤاده ويراه خلا دونه الخــــــلان
سر لقضائـــك يا أخي غانمـــا وانعم بظل زانه الإيمــــــان
هي المنايا توزع آجالــــــــــها وتلمها كل له أزمـــــــــــان
وزمانك كان التوضؤ خاشــعا وملبيا صوتا هــــــو الآذان
يا طيبها من لحظة شفافـــــــة عرَجْتَ فيها لربك الرحمان
أسلمت جسما طاهرا متوضئا رْوحٌٍِ تسكب زانه الريحــان
يا آل حمدي وآل زمزم منهـم صبرا أحبتي دونه الأشجان
قوم إذا ذكر البلاء تجلـــــدوا وتجملوا قوم هم الشجعـــان
كم من شهيد قد مضى من بينهم كم من أبيِّ رامه الهجــران
أهل تميزوا في الجنوب بعزة هم للأصالة أصل هم الأغصان
صّبرهُمُ يا ربِّيَ بفقيدهــــــــم وارزقهُمُ منا ّ له سلـــــــــــوان
جمال الدين أحمد الفرحاوي
لاهاي في 10/2/2007
نادلات المقاهي والمطاعم : بين دهشة الحرفاء والحاجة للعمل
تحقيق سلمى الجلاصي خفيفات ومبتسمات يلبين طلبات الزبائن بتواتر غاب عنه الارتباك، يتنقلن بين الطاولات في وثوقية وصرامة تثيران الاعجاب، انهن نادلات المقاهي والمطاعم اللواتي بتن يغزون بعض الفضاءات العمومية المفتوحة لاستقبال الحرفاء. منذ سنوات خلت لم يكنّ هنا، كانت المقاهي فضاء رجاليا بامتياز في مستوى تقديم الخدمات، عندما شاهدت منذ خمس سنوات تقريبا أول نادلة في احدى النزل تملكني احساس مزدوج بين الدهشة والاعجاب لما ناولتني تلك الفتاة قهوة صباحية سألتها من اين هي فقالت من القصرين وقد درست في مجال التكوين الفندقي ، حييتُ شجاعتهاوإقدامها ومضيتُ … وفارقتني دهشتي الأولى لما بدأت ألاحظ غزو الأنوثة للمقاهي ولكن هل بات تواجدهن مألوفا لدى كل الحرفاء : هل تقبلهن الزبائن، ألا يتعرضن للمضايقة نتيجة الاحتكاك اليومي بالجمهور ، هل يعملن ليلا، هل يقدمن الكحول، هل أجرهن مساوٍ للرجال…؟ حملنا كل هذه الأسئلة وتوجهنا بها لبعض النادلات فكانت محطتنا الأولى مع «مريم» التي تعمل في هذا الميدان منذ سنتين … ولما سألناها لماذا اختارت هذا العمل قالت انها الصدفة وحدتها التي قادتها فهي لم توفق في بلوغ مراحل متقدمة من الدراسة وكان أول عمل لها في هذا الميدان فأحبته، وبسؤالها عن إمكانية تعرضها لمضايقات وكيف تقبّل الحرفاء وجودها قالت انها في البداية كانت تحسّ وهي تجوب بين الطاولات أن الجميع ينظر إليها، وكان بعض الحرفاء يلقي اسئلة تزعجها من نوع هل انت مخطوبة أم لا، أو يطلب منها ان تدوربالطاولة ليتملّى من قوامها، ولكن الحرفاء تغيروا لاحقا ولم تعد مريم تتعرض لمثل هذه المضايقات إذ ألفوا وجودها بل انهم إذا غابت يسألون عنها، أما عن أجرها الشهري فقالت مريم أنه لا يتجاوز 250 دينار وهي لا تتمتع بالتغطية الاجتماعية. حرج خفي «سهام» التي تعمل في كافيتيريا في شارع مرسيليا برغم ثبات حركتها وهي تضغط على آلة صنع القهوة أو و هي تتنقل بين رفوف الكؤوس وراء «الكونتوار» كانت شديدة الارتباك والتحفظ في الاجابة عن أسئلتنا واكتفت بالقول أنها مضطرة للعمل من أجل إتمام جهاز عرسها وأجرها يساعدها على ذلك وهي غير مضمونة اجتماعيا ولا تسعى لذلك وهي قنوعة بما تناله ولن تواصل العمل في هذا الميدان برغم انها لا تتعرض للمضايقات ، كانت تجيبنا بإقتضاب ورفضت أن نلتقط لها صورة وقد حاولت جاهدة أن تخفي حرجها من ممارسة هذه المهنة عبر التأكيد أكثر من مرة أن ذلك سيكون لفترة وجيزة فحسب. أتجنب تشغيل الرجال لما كنا بصدد استجواب بعض النادلات في احدى المطاعم فوجئنا بربّ العمل يرحّب بنا إنه السيد ـ فيليبو ـ من سيسليا الذي فتح مطعمه هذا منذ أشهر وقد اختار أن يكون جلّ العاملين عنده من النساء إذ قال انه يتجنب تشغيل الرجال قصدا فالرجل يعتقد أنه أهم من المرأة وهو يرفض هذا الإعتقاد لأن للمرأة كفاءات عالية ويجب أن تمنح فرصة لاثباتها، ثم ان المرأة من أجل اثبات جدارتها تبذل جهدا أكبر وهو ما يكون غالبا لصالح العمل. إن الرجال يعانون من تضخم الأنا: تجد البعض منهم جنودا ويتصرفون كجنرالات، أنا ادفع للمرأة النادلة 300 د في الشهر مع التغطية الاجتماعية والأكل في المطعم وهذا أكثر من «السميغ» فالمرأة عندما تحسّ أن جهدها مقدّرتبذل جهدا أكبر. العاملات في هذا المطعم ولأن عددهن يفوق عدد الرجال بالمكان كنّ سيدات الموقع وكن فرحات بعملهن الذي يتناوبن على إنجازه بحيث لا تتجاوز الواحدة منهن ثماني ساعات عمل ولما سألناهن لماذا اضافة الى خدمة الزبائن يباشرن عمليات التنظيف قلن أن هذا يدخل في أصل عملهن ولكنهن غير تعبات ولا يتذمرن من وضعيتهن… مقهى نسائي في شارع خفي وهادئ قادتنا الصدفة لهذا المقهى الرائع، كانت القهوة الصباحية الساخنة لذيذة وقد قدمتها لنا فتاة مبتسمة، طيلة جلستنا لم الحظ أي نادل من الرجال ولما ذهبتُ لدفع الحساب كانت القابضة سيدة جميلة سألتها عن سرّ غياب الذكور عن الخدمة في هذا المقهى فقالت إن وكيلته امرأة أيضا توجهنا لسؤالها عن السبب في تشغيل النساء فقالت أنهن أكثر لطفا مع الزبائن وهن لا يتحيلن عن الحرفاء من أجل الاكراميات الاجبارية كما أنهن أكثر سرعة واستجابة للعمل وقد تعوّد حرفاؤنا على هذا الاطار المؤنث في المقهى، «عربية» التي تعتبرها العرفة مشرفة على باقي النادلات وهن أربع فتيات قالت أن أجرها 220 د فقط وهي تعمل منذ سنة ولا تتمتع بالتغطية الاجتماعية ولما حاولنا معرفة مدة العمل اليومي قالت أنها لا تحسب، إنه من الصباح الى المساء المهم أن تكون راضية عمّا تقدمه وعن عملها وعلاقاتها بزميلاتها وبالحرفاء. ظاهرها تقدم وباطنها…؟ النادلات يغزين المقاهي ويشتغلن بدلا عن الرجال توجهنا بسؤالنا لحريف يجلس في مقهى عن رأيه فقال إن وجود النساء لطيف على العموم ولكني اشفق عليهن، إن الاعراف غالبا ما يستغلون حاجاتهن للعمل فيكلفهن بساعات عمل لا تنتهي كما أنهن في الغالب يقمن بأعمال الخدمة والتنظيف ويجلسن وراء «الكاسة» وقد يعملن في الليل وكل ذلك بأقل من أجر العامل الواحد من الرجال كما أن خجل المرأة يدفعها غالبا لاخفاء مطالبها الحيوية كالتغطية الاجتماعية أو الزيادة في الاجر أو حتى التقليص من ساعات العمل. استغلال مقنّع صديقتي التي رافقني خلال جولتي على النادلات محامية وقد طلبت الادلاء برأيها فقالت أن عمل النساء بهذه الطريقة في ظاهره يدل على بعض أشكال التحرر فالنساء في كل مكان ولكنه في الحقيقة يشي بتفاقم ظاهرة استغلال المرأة في أعمال شاقة ودون أدنى حقوق وبأجر أقل وجهد أكبر، ان وجود هؤلاء النسوة في مواقع عمل مثل هذه لا يخضع لشروط قانون الشغل .ولا تخضع العاملات للحماية أو التغطية الاجتماعية إنها فقط حاجة للعمل عند النساء ورغبة في الربح عند المؤجرين . وبين هذين الرأيين تركن العاملات الى خدمتهن والقانون لأهله وتوجهنا لنقل استجواباتنا الى الورق آملين أن يجتمع العمل الى العدالة … (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 10 فيفري 2007)
السيد دخيل متوجها للمسؤولين عن الإعلام
هـاتُـوا أفـكـاركـم
بقلم جمال العرفاوي طالب السيد رافع دخيل وزير الاتصال والعلاقات مع مجلسي النواب والمستشارين المسؤولين الإعلاميين بأن يتقدموا بأفكار وبرامج من شأنها أن تطور المشهد الإعلامي التونسي. السيد دخيل الذي كان يتحدث خلال حفل تنصيب أقيم صباح الأربعاء للمدير العام الجديد للإعلام السيد محمد الميساوي رئيس التحرير السابق لجريدة « لابراس » حضره غالبية المسؤولين عن المؤسسات الإعلامية العمومية بالإضافة إلى رئيسي جمعية الصحفيين التونسيين وجمعية مديري الصحف، دعا إلى ضرورة الإسراع بإعداد برامج تستجيب وتطلعات التونسيين : « أريدها أن تكون جاهزة خلال أسابيع وليس خلال أشهر »، مذكرا بهذا الصدد بما أعلنه رئيس الدولة خلال خطاب الذكرى 19 للتحول الذي دعا فيه كافة القوى الحية في البلاد إلى المشاركة في طرح برامجها ورؤاها للمستقبل وتحدد موعدا نهائيا لها الذكرى الـ20 للتحول. من جهة أخرى كشف السيد رافع دخيل على أن التوصيات التي انتهت إليها الندوة الوطنية التي انعقدت خلال الأسابيع الماضية بالعاصمة التونسية ستجد طريقها للتنفيذ وبوسائل وأساليب جديدة ولعل من أهمها تغيير مهمة الملحق الإعلامي إلى « رجل اتصال » بالمنشآت العمومية مع تمكينه من حضور الجلسات الرسمية التي تعقدها مؤسسته ليكون على اطلاع على مجريات الأمور. الوزير كشف أيضا أن اللقاءات الدورية التي كان يعقدها المسؤولون مع ممثلي وسائل الإعلام الوطنية ستعود إلى سالف نشاطها. كما دعا الوزير المدير العام الجديد للإعلام إلى تطوير أسلوب عمل الإدارة العامة للإعلام واستغلال الكفاءات التي تزخر بها الوزارة مع الحرص على استخدام وسائل الاتصال الحديثة. الوزير كشف أيضا على أن لقاء سيعقد قريبا مع وزارة التجارة من اجل تنظيم قطاع الإشهار. ومن جهة أخرى أوضح السيد رافع دخيل أن ما تم تداوله أخيرا حول تقدم انجاز مقر الإذاعة والتلفزة التونسية يستحق شيئا من التوضيح مشيرا إلى أن رقم الـ96 بالمائة الذي ذكرته الصحف في الآونة الأخيرة يهم أشغال البناء لا غير، أما التجهيزات السمعية البصرية فان أمرها لم يحسم بعد : « الوضع يحتاج إلى مناقصات محلية ودولية وبالتالي فان الحديث عن أرقام الآن سابق لأوانه ». أما فيما يتعلق بالأنشطة المستقبلية للمركز الإفريقي لرسكلة وتكوين الصحفيين فقد كرر الوزير دعوته للمسؤولين عليه لتنويع مواردهم المالية وأنشطتهم : « لقد دعوتهم إلى وضع برنامج جديد يستجيب لحاجيات الإعلاميين في تونس مثل إجراء تربصات وحلقات رسكلة داخل المؤسسات ». الوزير كشف بان تدريب منشطين تلفزيونيين سيكون من ضمن مهام المركز. (المصدر: « الجريدة » (أسبوعية اليكترونية – تونس)، العدد 61 بتاريخ 10 فيفري 2007) الرابط: http://www.gplcom.com/journal/arabe/article.php?article=1438&gpl=61
شهادة حية بين الأمس واليوم
… الأحلام الموؤودة
بقلم ليلى شيبوب في الثمانينات من هذا القرن، هنا في هذا الركن الهادئ في عمق الجنوب التونسي، كانت الحياة صعبة حد الحزن وبسيطة حد الموت وكانت المعرفة غائبة حد الجهل. لكنني مازلت أذكر تلك السيدة الكريمة التي تركت أثرها بين ربوع هذه الأرض الجافة. سيدة مرت من هنا فمكثت هنا رغم صعوبة الحياة في وقت كان الكل يتوق فيه للرحيل. على حافة طريق ترابية وقرب « فاسدقية » كبيرة شيُّّد مبنى المدرسة الابتدائية في منطقة « الرماثي » الريفية : ثلاثة أقسام ومنزلين صغيرين للمعلمين ومطعم أو « كنتينة » كما كان يسمّيه التلاميذ. كانت المدرسة صغيرة لكنها جميلة حتى أنها كانت تقريبا على بساطتها أفضل ما شُيّد في تلك المنطقة وقتها. وأنت تدخل المدرسة في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات لا يمكن أن يجتاحك سوى اعتقاد راسخ بأن المجتمع هنا رجالي مائة بالمائة. وإذا رأيت فتاة هنا أو هناك في إحدى الصفوف فتلك حالات نادرة سريعا ما تختفي عن الأنظار. لم يكن يحق للمرأة هنا أن تتعلم وإذا تعلمت فلكي تتمكن فقط من كتابة اسمها أو في أقصى الحالات لقراءة الرسائل، كما كان يردد الآباء آنذاك. لذلك لا تراها تتردد على المدرسة لوقت طويل. وكلما تَدَرّجْتَ تصاعديا بين الصفوف إلا وتراجعت نسبة الإناث وربما صادفك قسم عدد الفتيات فيه لا يتجاوز الصفر. لم تكن النساء هنا تعلمن شيئا عن حقوق الطفل ولا عن حقوقهن ولا عن حقوق الإنسان ولا حتى الحيوان سوى ما جادت به الفطرة والطبيعة والمجتمع. كانت المرأة تعزف لحنا صامتا منفردا حد البكاء دون أن تعي مصدر اللحن ولا سبب البكاء. لكن شادية كانت تدرك كل شيء وربما كانت معارفها تفوق طاقة أكثر الرجال معرفة في المنطقة. كانت وحدها تناضل من أجل مجتمع أكثر تفتحا وأكثر وعيا ومن أجل مستقبل أرقى وشباب أكثر اتزانا. كانت تحاول إقناع هذا العالم الصغير المعزول بمعادلة بسيطة جدا ألا وهي : « العلم لا يقل أهمية عن الخبز ». كانت مهمة صعبة حد الاستحالة لكنها أصرت على نشر الفكرة كلما استطاعت. كنت أعرف هذه المرأة تماما كما أعرف أمي. كانت مليئة بالحب والحياة والتفاؤل والصبر والصمود والعطاء. وكنت أحب شعرها الذي لم تتبقى منه اليوم سوى بعض الأوراق البالية بين صفحات كتبي القديمة وبقايا كلمات متناثرة في ذاكرتي لم يمحوها الزمن. كانت أول من غرس بذرة الوعي في ذلك المحيط الجاف. ونمت البذرة مع مر السنين حتى أصبحت شجرة خضراء متفرعة وغمرت المدرسة الألوان حتى أصبح لون الميدعات الوردي يعم المكان. أذكر اليوم هذه السيدة وأنا أعود بعد سنوات إلى هذه المنطقة التي لم تعد كما كانت منعزلة. أذكرها وأنا أنظر إلى هذا الوجه الطفولي الحزين أمامي وكأنه وجه قادم من زمن مضى. هو وجه راضية ابنة الـ12 ربيعا وهي تحدثنا عن سبب حزنها : « … لقد نجحت فانقطعت عن الدراسة… كنت تقريبا واثقة من هذا المآل… وخشيت النجاح فقط حتى لا أبارح المدرسة… لكنني نجحت وغادرتها… لقد أكرهوني على ذلك رغم تشبثي بالدراسة وحبي للكتاب »… أمضت راضية ست سنوات في هذه المدرسة قبل أن تُكلّل بنجاح امتحان السنة السادسة ابتدائي، فكان لا بد لها من الانتقال إلى مدرسة إعدادية بالمدينة، وهو ما رفضته العائلة بشدة رغم توفر نقل عمومي خاص بالتلاميذ، فكان الحل أن أرغمت على مغادرة مقاعد الدراسة لتلتحق بركب أخواتها الثلاث الأكبر منها سنا واللاتي مررن بنفس التجربة غير أن أكبرهن كانت أقل حظا بكثير لأنها لم تدخل المدرسة قط. …يحدث هذا سنة 2007، زمن التقدم التكنولوجي والعولمة والإنترنات، زمن الطرقات والمواصلات والكهرباء. يحدث هذا في منطقة لا يخلو بيت فيها من راديو أو تلفاز، في عصر تغير فيه مفهوم الأمية ليتجاوز مجرد الكتابة والقراءة، في عصر تعددت فيه الجمعيات والمنظمات والمؤسسات التي تدافع عن حقوق الطفل والمرأة… تتركنا راضية لتأملاتنا التي ربما كانت على يقين أن لا طائل منها لتلحق مسرعة بأغنامها التي حادت عن المكان المخصص للرعي. هكذا تبدأ الصغيرة حياتها الجديدة، وهنا ليس ببعيد عن « جبل الظواهرية » تئد كل صباح أحلامها الصغيرة قبل أن تكبر. منذ خمس سنوات غادرتنا شادية دون رجعة لكنني أبدا لم أبكيها كما بكيتها هذا اليوم… (المصدر: « الجريدة » (أسبوعية اليكترونية – تونس)، العدد 61 بتاريخ 10 فيفري 2007) الرابط: http://www.gplcom.com/journal/arabe/article.php?article=1434
في مؤسسة التميمي:
هجوم عنيف على محمد الصياح
تغطية: محمد الفاتح الكافي مقاربتان مختلفتان، وتجربتان متباينتان أسلوبا ومنهجا وتوجها في كتابة جزء من تاريخ الحركة الوطنية أرادت لهما مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات أن تجتمعا في منتدى الذاكرة الوطنية يوم السبت الماضي في شخصي محمد الصياح الوزير ومدير الحزب في فترة الحكم البورقيبي التي أرّخ لها ـ تأريخا آنيا ـ مركزا على شخص الحبيب بورقيبة من منطلق رسمي وآحادي مهيمن… والمنصف الشابي الذي كتب عن مسار آخر كان رمزه الزعيم المناضل الشهيد صالح بن يوسف، من منطلق كما قال عنه الدكتور عبد الجليل التميمي إيديولوجي مغاير انطلاقا من القناعات المبدئية التي آمن بها، حيث كان الانتماء العروبي لتونس والمغرب العربي أحد الثوابت التي لا تناقش، وقد صاحب ذلك أهمية الحوارات التي أجراها مع العديد من القيادات والزعماء السياسيين التونسيين والمشرقيين والتي بلورت لديه رؤية أخرى تأخذ في الاعتبار الانتماء الحضاري للشعب التونسي والحرص الشديد على استقلالية أخذ القرار الاقتصادي والسياسي والمعرفي وعدم تغييب المناضلين الشرفاء الذين جاهدوا بالقلم والسلاح إذا ما أريد لتاريخ الحركة الوطنية أن يكتب كتابة نزيهة وبناءة وفاعلة باعتبار أن منهجية كتابة تاريخ الحركة الوطنية هي مسؤولية في منتهى الدقة لجيلنا وللأجيال القادمة ….
أما المقاربة الثالثة فقد تناولها الدكتور على المحجوبي من وجهة نظر أكاديمية غير منحازة رغم أنها ووجهت بالنقد باعتبارها ركزت على كون المحرك الأساسي للتاريخ هو العامل الاقتصادي وهو الذي أجج روح الثورة للتحرر من الاستعمار في حين رأى بعض المتدخلين أن هناك عوامل أخرى أساسية لعبت في الحركة الوطنية في تونس وغيرها دورا رئيسا في تحريك التاريخ مثل العامل الاجتماعي والوعي بالانتماء الحضاري والثقافي بكل موروثاته… وقد قدم الدكتور التميمي الأستاذ المحجوبي ضمن فريق الباحثين والمؤرخين الجامعيين الذين بحكم تشربهم بالمنهجية الأكاديمية وعمق خبرتهم بمختلف المدارس التاريخية ـ والفرنسية بصفة خاصة ـ قد آلوا على أنفسهم توخي الأمانة والدقة في كتاباتهم، وسعوا إلى إلقاء أضواء كاشفة وجديدة من خلال تركيزهم على تداعيات تاريخ الزمن الحاضر، ومن هذا المنطلق قاموا بمعالجة عدد من المسائل المحرمة في إطار الدارسات الجامعية، بعيدا عن الصيغ الرسمية أو تأثير الإيديولوجيات المختلفة عليها، وقد التزموا بالمنهجية العلمية وبالعمل على موقعة بحوثهم على الصعيد الدولي باعتبار ذلك من أساسيات الدراسات المستقبلية اليوم.. وفي حين تعرض الدكتور المحجوبي إلى نقد منطلقاته في منهجية كتابة التاريخ من وجهة النظر المادية باعتبارها لا تخرج عن تأثير المرتكزات الإيديولوجية هي الأخرى، تعرض محمد الصياح إلى كثير من النقد وصل إلى حد الهجوم على ما أتاه من موقعه الرسمي الذي استغله لتمجيد شخص بورقيبة ومحوره تاريخ الحركة الوطنية حوله، إلى الحد الذي اعتبره الصياح حملة ضده وتحاملا حذّر في معرض ردّه على التدخلات من الانجرار فيها على حساب الحوار النقدي المتجاوز لصيغ التهجم والتحامل التي يمكن أن تدخلنا ـ حسب تعبيره ـ في دائرة مفرغة من الفعل ورد الفعل تدخل الجميع في نفس المنطق والسياق، مؤكدا من ناحية أخرى اعترافه بالخطأ وأنه برغم الاتهامات التي وجهت إليه فإنه لم يقدم تأريخا رسميا بقد ما كانت كتاباته مجرد مساهمات معترفا بأنه كان منحازا لبورقيبة وأفكاره وتوجهاته… وهو ما فسره المختلفون معه على أنه تزييف للتاريخ وتجاهل لعدد كبير من الحقائق والوقائع وتغييب لجملة من الشهادات والوثائق والمستندات… ومن جهته أشاد الأستاذ المنصف الشابي بشخصية المناضل الشهيد صالح بن يوسف الذي قال عنه إنه كان يملك كل مقومات الزعامة الشيء الذي دفع الهادي نويرة إلى مراسلة بورقيبة منبها إياه إلى أن الحزب سيخرج من بين يديه لحساب الزعيم صالح بن يوسف… كما أكد الأستاذ الشابي أن لديه الكثير مما يمكن أن يقال حول ملابسات عملية اغتيال صالح بن يوسف داعيا الحضور والسيد محمد الصياح تحديدا إلى مراجعة الوثائق التاريخية، في إشارة منه لا تخلو من توجيه اتهامات تحتاج إلى تفنيد أو تأكيد نهائي حول القضية… وفي تدخله ضمن النقاش العام أشار الدكتور الحبيب الجنحاني إلى أن هناك ثغرة في تاريخ الحركة الوطنية باعتبار أن كثيرا من الوثائق أخذت عن دولة الاستعمار الفرنسي، ومؤكدا أن بورقيبة استغل الحركة الوطنية لصالح السلطة السلطوية، وأنه لا يمكن أن يؤرخ لزعيم وهو في السلطة، متسائلا عن الصراع البورقيبي اليوسفي ت في منتصف الخمسينات ـ هل كان حزبيا داخليا أم اندلع انطلاقا من أبعاد أخرى ـ أما الأستاذ رضا التليلي فقد دعا إلى عدم الخجل من الحقائق الموضوعية والأحداث المكونة للتاريخ، مضيفا أن ما قاله الصياح يأتي في إطار ـ البروباقندا ـ السياسية، وأن ما كتبه لم يكن تأريخا للحركة الوطنية بقدر ما كان يندرج في إطار علاقة السلطة بالحركة الوطنية مشيرا إلى أن الجهوية قد لعبت دورا سلبيا جعلت من الصراع البورقيبي اليوسفي صارع جنوب ضد الشمال أو الساحل بمعنى أدق، كما لا يمكن إهمال الأوضاع الجيوسياسية إقليميا وعالميا… وكما أكد الأستاذ علي شلفوح أن تاريخ تونس لم يكتب بعد، أشار الأستاذ بلقاسم الشابي وسانده في ذلك الأساتذة عبد الكريم عمر والساكري ومسيليني إلى الدور الهدام والتدميري للمدرسة الاستعمارية في كتابة التاريخ والتي أرادت انتزاع تونس من محيطها الطبيعي وانتمائها إلى إطارها العربي الإسلامي…في حين تصدى الأستاذ محمد البصيري العكرمي للدفاع عن محمد الصياح ـ حسب تعبيره ـ مؤكدا أن الصياح جاء بالصدفة وقد زجّ به في كتابة تاريخ الحركة الوطنية… أما الدكتور محمد ضيف الله فلم ير عيبا خلال تدخله في كون محمد الصياح كتب من موقع رسمي باعتبار أن التاريخ يكتبه المنتصرون مضيفا أنه لا توجد في الجامعة أطروحات أو رسائل جامعية تتناول الحزب الدستوري الجديد ـ الذي غير تسميته إلى الحزب الاشتراكي الدستوري ـ في مؤتمر بنزرت عام 1964.. في حين أكد الدكتور عليّة العلاني على ضرورة انتهاج المدرسة السوسيولوجية التي تشمل تداخل كل العوامل والعناصر في كتابة التاريخ… وأنه والآن بفضل مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات بدأنا ندخل مرحلة التعاطي الموضوعي والتدقيق العلمي في كل ما يتصل بتاريخ الحركة الوطنية أو التاريخ عموما وفي غيره من الموضوعات في مختلف المجالات والميادين.. (المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس)، العدد 533 بتاريخ 3 فيفري 2007) الرابط: http://www.elwahda.org.tn/wehda.php?link=14&id_watania=1428
خمسون: أسئلة حارقة تدافع عن قيم المواطنة
محمد بعد الكثير من الانتظار كان لجمهور المسرح في نهاية الأسبوع الماضي في فضاء المسرح البلدي بالعاصمة موعد مع العرض الأول لمسرحية خمسون للمخرج الفاضل الجعايبي التي أسالت الكثير من الحبر قد عرضها في تونس…
• البطاقة الفنية: مسرحية خمسون كتبت نصها جليلة بكار وتولى اخراجها الفاضل الجعايبي في حين ساعد في الاخراج سامي النصري وقدمها على الركح كل من جليلة بكار، فاطمة بن سعيدان، جمال مداني، بسمة العشي، وفاء الطبوبي، لبنى مليكة، دنيا الدغماني، معز المرابط، رياض حمدي، خالد بوزيد، حسني العكرمي ومشاركة صوتية لفتحي العكاري… السيناريو والدراماتورجيا لجليلة بكار والفاضل الجعايبي، السينوغرافيا والملابس لقيس رستم الكوريغرافيا لنوال اسكندراني، الموسيقى بينيو سكالزي، الانارة الفاضل الجعايبي وايفان لاباس، توظيب الملابس جليلة مداني، أدارة الانتاج للحبيب بالهادي.
• الحـكايـة استاذة شابة محجبة تفجر نفسها في ساحة معهد ثانوي بالوردية بدون ضحايا وبدون أسباب منطقية لتبدأ الشرطة في التحقيق حول ملابسات الحادث وضمن مجريات البحث يقع استدعاء صديقتها أمل الفتاة المحجبة العائدة من باريس للتحقيق معها هذه الفتاة سليلة العائلة اليسارية لتنفتح المسرحية على عديد الأحداث والوقائع انطلاقا من فشل الفكر اليساري إلى المد السلفي إلى وقائع الايقاف والتحقيق وأخطاء السلطة ليتحول العمل إلى جرد لخمسين سنة من الاستقلال عاشت خلالها البلاد عديد التقلبات الاجتماعية والثقافية والسياسية… من اليسار العاجز المريض الممثل في شخص يوسف والد أمل المريض بالسرطان إلى أمها المرأة المحبطة الممزقة بين ابنتها المتهمة بالارهاب وزوجها الممثل لتاريخها النضالي العاجز المريض إلى وقائع التحقيق المذلّ في طرح للكثير من القضايا المنبثقة عن الواقع… الحرية والتحجر والتراجع الفكري الارهاب الضياع والفقر والكبت بكل أنواعه والشعور بالذل الذي يدفع إلى الدخول في بوتقة التدين السلفي كحل انتحاري لواقع محلي وعربي وعالمي مصبوغ بالصراعات العمياء الفاقدة لكل وعي وحس انساني.
• ضـحايـا:… بعيدا عن الاسقاط الفكري… ومحاولة لإعادة انتاج الواقع وتفكيكه خمسون لم تجرم أحدا… بل دفعت لنا بالعديد من الضحايا… مريم ويوسف بن ناصر الممثل في جيل الستينات والسبعينات والمحمل بأفكار اليسار الطوباوية سقط ضحية عدم توافق أفكاره مع الواقع وضحية السلطة الممثلة في ـ قدور البوليس السياسي الذي كان ضحية الأفكار المروعة فيه على أنه يقوم بواجبه الوطني ضد أعداء الوطن وضحية أعرافه.. فهو إن لم يعذّب يوسف ورفاقه فإنه هو الذي سيعذب… دوجة … أمل… أحمد الماي جيل كامل يسقط ضحية واقع انحبس فيه الفكر التنويري البناء وضحية التيه والفقر المعرفي والفكري وضحية واقع عربي ودولي موسوم بالظلم والذل لم يجدوا البديل إلا في الارتماء في أحضان التيار السلفي لانسداد الآفاق.. متعلقة بسراب التغيير عبر الماورائيات…
• ناقوس خطر: خمسون هي صيحة فزع ودق ناقوس خطر لأن القادم يمكن أن يكون أقسى وأعظم في ظل واقع محكوم بالاحباط والكبت والخوف واللامبالاة وانحسار الفكر الحر النيّر… خمسون دعوة صريحة إلى العودة إلى الذات والتجذر في الهوية الوطنية وإلى قيم الحرية والديمقراطية وضمان حق الانسان المواطن أن يكون حرا حتى لا يسقط في مستنقع التهميش الذي سيقوده حتما إلى الفكر الهدام وإلى التطرف وحتما إلى الارهاب.. خمسون انتصار للدين بمعنى سماحة الدين بمعنى الدين لله لا بمعنى العودة من خلاله بنا إلى ظلمات الانحطاط وأفكار التكفير ودعوة إلى الحرية إلى طرح الأفكار والمواقف بكل حرية ولعل عذوبة هذا الأثر الفني قد كمنت في تعرية وتفكيك واقع عقود من الزمن.. عقود من الاستقلال بكل جرأة بعيدا عن الاسفاف والاسقاط
• رؤية مقنعة وأداء ممتع من الناحية الفنية للعمل كانت خمسون تواصلا لتجربة الجعايبي الثرية ولتوجهاته الفنية بالاعتماد على سينوغرافيا بسيطة وعميقة في نفس الوقت كانت في خدمة الحكاية… فضاء قائم على الفراغ إلا من بعض الكراسي التي تحوّل وتشكّل الفضاء… من غرفة التحقيق إلى فضاءات أخرى… هذا مع العمل على التعبيرات والتشكيلات الجسدية للممثلين الذين كان آداءهم مقنعا جدا وذلك بلعب جلهم على الكثير من الشخصيات المختلفة فالممثلة جليلة بكار التي جسدت دور مريم اليسارية المحبطة نحجت نجاحا كبيرا في تجسيد وتقمّص شخصية وسيلة المحققة وكذلك جمال المداني الذي عبر من خلال اشتغاله على شخصية قدور البوليس أنه ممثل من طينة الكبار هذا إلى جانب الحضور المتميز للممثلة المتألقة فاطمة بن سعيدان التي ألقت مسحتها الكوميدية على العمل هذا دون نسيان الحضور الممتاز لجل الممثلين والممثلات على غرار لبنى مليكة وبسمة العش، أو وفاء الطبوبي ورياض حمدي ومعز المرابط وخالد بوزيد وحسني العكرمي..
• مساحة للنقاش خمسون كعمل مسرحي وأثر فني حقق ميزة الامتاع والفرجة فإنه تخطى ذلك إلى طرح عديد القضايا والأفكار الجديرة بالبحث والنقاش ليس في الإطار المسرحي فحسب وانما في أطر ومجالات أخرى وهنا تكمن أهمية الأثر الفني الذي لا ينتهي بانتهاء العرض وإنما يدفع إلى السؤال وإعادة السؤال.. وبهذا كانت خمسون انتصارا للفن الهادف والفكر الحر… (المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس)، العدد 533 بتاريخ 3 فيفري 2007) الرابط: http://www.elwahda.org.tn/wehda.php?link=19
زيادة همّ، بدون إضعاف للهمـّة
بقلم: حبيب الرباعي المهتمون بالشأن السياسي مطالبون ببذل الوسع في استجلاء الأحداث الواقعة يوميا أو تلك التي يعلن بعض صانعي القرار عن تنفيذها في المستقبل المنظور. ويعتبر الجهد المبذول في هذا الإطار ، شرطا أساسيا لضمان أكبر قدر من وضوح الرؤية لمستقبل الحراك السياسي، سواء على مستوى مجالات محددة (اقتصادية ـ اجتماعية ـ ثقافية…..) أو وضوحها على المستوى الإقليمي أو القطري. ووضوح الرؤية يساعد القوى السياسية ـ عامة ـ على وضع أهداف تتسم بالواقعية والجدية، من حيث تفاعلها مع معطيات الواقع من جهة، والقدرة على اختيار وسائل كفيلة بتحويل مساراته (أي الواقع) نحو المصلحة الإنسانية المقدرة. ولإن كان السعي للتخطيط النظري ضروري لكل من ألزم نفسه القيام بدور إيجابي في العملية السياسية سوءا في وطنه أو خارجه، إلا أنه غير كاف لتحويل الأهداف التي ترسمها المخططات إلى حراك عملي، دون أن يكون هنالك حوافر باعثة على الفعل الحقيقي، تكون بمثابة النبض الذي يميز الأحياء عن غيرهم. ولعل تذكير الناس بهمومهم التي أريد لهم أن ينسوها، أو تحميلهم هموما مخفية لا يعلمها إلا المطّلعون، ثم ضم هموم الأفراد المحدودة إلى دائرة اهتمامات الآخرين لتكوين هم جماعي مشترك، يعد من أكبر الحوافز المساعدة على تحويل الأهداف النظرية إلى فعل ميداني مؤثر في الواقع. وهذا هو الشغل الشاغل للناشطين في الحقل السياسي في العالم، كل بحسب أهدافه وخلفياته الثقافية والفكرية. خلاصته جعل اهتمامات أكبر قدر من الجماهير تدور حول ما حددوه من هموم وقضايا تشغلهم حينا من الدهر. وكمثال بسيط وقريب على ذلك، أذكّـر بسعي الإسرائيليين ـ ومن نفر من العرب لتثبيت وجودهم ـ إلى تلقين الفلسطينيين درسا حسيا، وهو أن مبادئ الحق والعدل والحرية، وقيم الكرامة والإنسانية لا يمكن أن تصمد أمام همّ المأكل والمشرب والملبس والمسكن والمركب. وكأنها رسالة موجهة إلى الشريحة الكبيرة التي صوتت لحماس ـ من خارج تنظيمها ـ إلى ضرورة إعادة نظرهم في ترتيب قضاياهم التي تمثل مركز تحركاتهم، على أساس جعل الإحتياجات الذاتية أول وأكبرهمّ لهم. وكما تلاحظون فإن لهذه المراهنة على تحويل هموم الشعب الفلسطيني، ترتكز على عنصرين أساسيين ذكرهما النبي صلى الله عليه وسلم: (أولهما اتجاه همّ الإنسان: فإما أن يكون نحو الدنيا أو نحو الآخرة) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِى قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِىَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهَ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا قُدِّرَ لَهُ ». عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ الْمَعَادِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِى أَحْوَالِ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِى أَىِّ أَوْدِيَتِهِ هَلَكَ ». (رواه ابن ماجة (ثانيهما: حجم هذا الهمّ: فيجوز للمسلم أن يجعل قضية رزقه وضرورات حياته هما من همومه، على أن لا يكون هو الأكبر. وهذا يعني أن الهموم ليست متساوية في ذهن المسلم من حيث حجمها، لذا يندب له اللجوء إلى الله تعالى والتضرع إليه كي لا يطغى عليه في وقت من الأوقات همّ الدنيا فيأخذ الحجم الأكبر من اهتماماته) فعن ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ لأَصْحَابِهِ « اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ…(إلى أن قال)…وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا ». إن النفر القليل الذين يحكمون عالمنا العربي والإسلامي مهيأة لهم الظروف بشكل جيد للإستبداد ما دامت هموم غالبية الشعوب التي « يقودونها » متمركزة حول حاجياتهم الضرورية والتحسينية ، مما يجعل جهد هؤلاء الحكام ـ منذ خروج المستعمر ـ ينصب حول تقوية هموم شعوبهم المستضعفة نحو متاع الدنيا والتنافس حولها، حتى إن الإنسان ليتحسر ويموت كمدا إن فاتته متعة من متع الحياة الدنيا ، وأنتم تدركون أن توجيه الشعوب نحو هم الدنيا وجعله الأكبر من بين اهتماماتهم، أمر مقدور عليه و متيسر ولو لحفنة لا تتجاوز المئات، كما هو حاصل في مجتمعاتنا العربية والإسلامية. مما مهد الطريق أمام خصم المسلمين الأكبر لانتهاك مقدساتهم دون الخشية من أحد. فالفلسطينيون (مثلا) لا يزالون يأكلون من الأموال التي سرح الصهاينة جزءا منها، وهم الذين بلغت بهم الخصاصة والحاجة إلى حد التآكل الداخلي. وفي يوم واحدا (اليوم الثلاثاء 6 .1. 07) يحصل حراك في إرادات سياسية مختلفة : حماس فتح إسرائيل. طرف ينفذ سياساته وآخر يدافع عن حياض الإسلام وثالث لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. كنت أتابع عملية إزالة الصهاينة للهضبة التي يقع فوقها الممر المؤدي إلى باب المغاربة مباشرة من خلال قناة الجزيرة بألم وأسى شديدين، وأستمع إلى مداخلات لعلماء ومسؤولين من بعض الدول العربية، ومن بين هذه المداخلات كانت مداخلة لشيخ الأزهر، الذي قال عندما سألته المذيعة عن موقفه من الحدث الذي يشاهده العالم في نقل مباشر من القدس الشريف قال: ماذا حصل؟ أخبرته المذيعة بما يجري فرد: وما هو السبب؟ فشرحت له المذيعة الأمر فقال: يجب على الفلسطينيين أن يوقفوا هذا العمل! ردت المذيعة بأن الدخول إلى تلك المنطقة من باب المستحيل فقال: أليست أدواتهم في الهدم عبارة عن جرافات؟ إذا ليقفوا أمامها! حاولت المذيعة من هنا وهناك لتحسيسه بخطورة الأمر فقال: أنت ماذا تريدين؟ وفي أثناء كلامها كان الشيخ الكريم يتكلم ثم قال: فيه أمر آخر.. فشكرته وانتهت المداخلة!!! أمام الحقائق المرّة التي تسمعونها يوميا عبر الفضائيات، أضع بين أيديكم هذه الحقيقة اليقينية التي مصدرها الوحي، وهي أن أوضاع المسلمين الداخلية عامة والعربية على وجه الخصوص تسير في اتجاهات غير منضبطة، غير أن نهايتها معلومة وهي أن حالة الضياع التي عليها المسلمين وانشغالهم « بهموم » وضيعة، سيؤدي إلى هدم الكعبة المقدسة تحت مرآى ومستمع كل الناس كما ترون الحال الواقع في القدس، بل أشد وأقسى على المسلمين الصادقين مما نشاهده هذه الأيام. فالهوان الذي سيكون عليه المسلمون في زمان علمه عند ربي، ـ قد لا يكون بعيدا ـ يعطي الفرصة لأحقر الناس أن يسوّي الكعبة المشرفة بالأرض.. نعم هو رجل واحد وليست دولة تسندها دول مهيمنة كما هو الحال بالنسبة للقدس التي لم يستطع المسلمون تحريرها منذ ستين سنة. رجل حبشي أسود، صغير الرأس، أصلع، صغير الأذنين، نحيف الساقين، يتفاحج في مشيته، يهدم الكعبة حجرا حجرا بكل أريحية وهدوء وينقل أصحابه حجرها إلى البحر وكأن البلاد خالية من سكانها والمسلمون أموات غير أحياء. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة » (البخاري ومسلم) والتصغير هنا للتحقير، أي ضعيف هزيل لا شأن له. إذا فالمسلمون مقبلون على أمر خطير لا يأتيهم هذه المرة من أمريكا أو حليفاتها، بل من أثيوبيا الآن. وليس هو بالرجل العملاق المخيف مثل جالوت أو بطل من الأبطال الوهميين الذين تصنعهم هوليود بل هو ضعيف نحيف وكأنه نازح من دولة ضربتها المجاعة، قال صلى الله عليه وسلم: « كَأَنِّى بِهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ ، يَقْلَعُهَا حَجَرًا حَجَرًا » . (البخاري) أفحج : أي متباعد بين الفخذين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ وَيَسْلُبُهَا حِلْيَتَهَا وَيُجَرِّدُهَا مِنْ كِسْوَتِهَا وَلَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ أُصَيْلِعَ أُفَيْدِعَ يَضْرِبُ عَلَيْهَا بِمِسْحَاتِهِ وَمِعْوَلِهِ ». (أحمد) أفيدع: الأفدع هو الذي له عوج في مفاصله الأحاديث الواردة في الموضوع تتحدث عن رجل واحد يفعل هذا الفعل الشنيع الذي يتمنى الإنسان ألا يدرك زمانه، هذه الأخبار المفزعة تعطينا صورة قاتمة عن أوضاع العالم الإسلامي فيما نستقبل من سنين، وكأن بيت الله الحرام بيع لهذا الرجل!! يجردها من كسوتها ويهدمها بمسحاته ومعوله حجرا حجرا لا يستخدم وسائل معاصرة للهدم السريع، فالرجل ليس في عجلة من أمره ولا أحد يقف في وجهه وهو الضعيف الذي لا يقوى حتى على المشي العادي. نعم سيحال بيننا وبين بيت الله تعالى وسينفرد هذا الحبشي التعيس ببيت الله فقد جاء في حديث علي رضي الله عنه المرفوع » استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يحال بينكم وبينه، فكأني برجل من الحبشة أصلع – أو قال أصمع (صغير الأذنين) – حمش الساقين قاعد عليها وهي تهدم » وفي رواية « أصعل » أي صغير الرأس وفي رواية » قائما عليها يهدمها بمسحاته » (أنظر فتح الباري كتاب الحج ـ باب هدم الكعبة) هذا الحبشي وجماعته عبارة عن انتهازيين يستفيدون من الصراعات التي ستحدث أو تتطور بين المسلمين العرب، إلى درجة أنهم لا يرعوا لبيت الله تعالى حرمة. نعم سيطغى السياسي الحزبي الفئوي، على المقدسات الدينية، ستطغى الزعامة والرآسة على كل القيم والمبادئ والضوابط الشرعية إلى الحد الذي تستباح فيه حرمة بيت الله العتيق. عن أبي قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يُبَايَعُ لِرَجُلٍ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَلَنْ يَسْتَحِلَّ الْبَيْتَ إِلاَّ أَهْلُهُ فَإِذَا اسْتَحَلُّوهُ فَلاَ يُسْأَلُ عَنْ هَلَكَةِ الْعَرَبِ ثُمَّ تَأْتِى الْحَبَشَةُ فَيُخَرِّبُونَهُ خَرَاباً لاَ يَعْمُرُ بَعْدَهُ أَبَداً وَهُمُ الَّذِينَ يَسْتَخْرِجُونَ كَنْزَهُ ». (أحمد) إلى هنا أتساءل: 1. ـ إذا اتفقنا أن كبار الساسة وواضعي الإستراتيجيات في العالم المتقدم يخططون على أساس رؤية مداها عشرات السنين، بحيث يمهدوا الأرضية لأجيالهم القادمة. وإذا اتفقنا أن تخطيطهم مبني على تغليب الظن في مسارات الأحداث في المستقبل المجهول. فلماذا لا نخطط ـ نحن معشر المسلمين ـ للأجيال القادمة من أحفادنا ـ إن شاء الله ـ على أساس حقائق جاءتنا عن طريق وحي السماء؟ 2. ـ ألا تذكرنا الجرفات التي تقتلع حجارة الطريق المؤدي إلى باب المغاربة بفعل الحبشي؟ 3. ـ أليس حال المسلمين الآن قريبا من حال أحفادنا الذين سيدركون زمن الحبشي؟ 4. ـ هل أغنت عن المسلمين متابعتهم لكل حدث يقع وكل تحليل يقال؟ 5. ـ بماذا استفاد المسجد الأقصى من مقولات أولئك الذين يجلسون على كراسي فاخرة في الفضائيات من مختلف التيارات السياسية ليشرحوا لنا خواطرهم؟ وهل سيستفيد المسجد الحرام في الزمن الذي سيحصل فيه ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم من مثل اللغط الذي نسمعه من هنا وهناك؟ 6. ـ كيف تستعد الحركات الإسلامية للأخطار التي ستقدم عليها الأمة؟ 7. ـ هل تستبعد هذه الأخبار؟! لماذا يستعد اليهود لمستقبل صراعهم الحتمي مع المسلمين فيما آمنوا به من صدق حديث النبي صلى الله عليه وسلم « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِىُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِىٌّ خَلْفِى فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ. إِلاَّ الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ ». فقطعوا أشجار الزيتون وغرسوا شجر الغرقد. لماذا يستعد اليهود لهذا الحديث الذي تصدر ب »لا تقوم الساعة.. » أي أنه حدث قريب من قيام الساعة ونحن لا نستعد لحدث لم يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنه قريب من قيام الساعة في أي رواية من الروايات!؟ 8. ـ هل أن الحبشي الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم من بقايا يهود فلاشا في أثيوبيا؟ 9. لماذا لا يعتمد الذين يتصدون للتخطيط السياسي في الحركات الإسلامية المعاصرة على الحقائق التي أشارت إليها كثير من الأحاديث الصحيحة التي تخبرنا بأنه سيكون لمناطق أو دول شأن عظيم مثل الحبشة والترك والروم…فيكون لهم شرف المساهمة في إعداد الجيل الذي سيثبت على الحق في ذلك الزمن « لاَ يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ». (مسلم) « لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ ». (مسلم) 10. هل أن الحكمة في العمل السياسي تقتضي أن يعيش الإنسان الأحداث الميدانية يوما بيوم le jour au jour أم عليه أن يستبق الأحداث ويتهيأ لما هو آتي؟ ألم يعلمنا الله تعالى أن نركز التفكير في مستقبل أيامنا أكثر من تركيزنا على الزمن الحاضر إذا تعلق الأمر بمحن وابتلاءات؟ متى نأخذ كلام الله تعالى بأكثر جدية فلا نقدم عليه قول البشر، ونوقن بأن كل حرف فيه معجز وكل تقديم وتأخير فيه معجز أيضا استمع إلى المولى عز وجل وأنصت له وهو يقول: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) فقدّم الموت على الحياة، بالرغم من أن الحياة هي التي نعيش في غمارها والموت عارض يأتي في نهاية حياة كل واحد منا، وكأن المولى جل ثناؤه يشير لنا بوجوب ترتيب الأولويات في شأن الابتلاءات المحدقة بنا (لِيَبْلُوَكُمْ) بحيث نقدم الاهتمام أو توجيه الهم الأكبر نحو ما هو مقبل أكثر من اهتمامنا بما نحن متقلبون فيه، خاصة فيما هو حاصل في المستقبل يقينا كما هو الشأن بالنسبة للموت أو ما جاء الوحي ليخبرنا عن حصوله خبرا يقينيا. 11. أليست سرعة التحولات والأحداث التي يشهدها عالمنا العربي الإسلامي قريبة من سرعة التغيرات المناخية التي أذهلت كل الباحثين والمتخصصين في المجال؟ إذا لم تحصل الإبتلاءات التي ستقع على أمة الإسلام مما أخبرنا عنه الصادق المصدوق في زماننا ـ وعلم ذلك عند ربي ـ فإننا سنساهم في كل الأحوال في الأجواء التي ستحف بتلك الأحداث من خلال تنشئة أبناءنا في هذا الإتجاه أو ذلك، وترك إرث اجتماعي وسياسي وثقافي مؤثر في الجيل الذي سيظهر فيه ذلك الحبشي. فالله المستعان عما يحصل و ما سيحصل. تحية طيبة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
موريتانيا: الديموقراطية الفتية في امتحان أول انتخابات رئاسية تعددية
توفيق المديني
تعتبر تجربة موريتانيا الديمقراطية جديرة بالاهتمام، في ظل عالم عربي يعيش حالاً من الانغلاق السياسي. وبات أغلب المحللين المعنيين في شؤون المغرب العربي يراقبون الماراثون الانتخابي الذي أطلقه المجلس العسكري للعدالة والديموقراطية بعد تسلمه السلطة في الثالث من آب (أغسطس) 2005.
فبعد أربعة عقود من التزوير في الانتخابات باعدت بين الشعب والمؤسسات المنتخبة التي افتقدت الصدقية بسبب ذلك، وتدخل الإدارة بشراسة لفرض شخصيات معينة، ها هي واشنطن وباريس وغيرهما من العواصم الغربية، تقر بنزاهة الانتخابات التي جرت في موريتانيا في الشهرين الماضيين (البرلمانية والبلدية وانتخابات مجلس الشيوخ)، التي انتهت بنجاح، وأشاد الجميع بنزاهتها وحياد المجلس العسكري والحكومة الانتقالية. وترجمت هذه الانتخابات نزعة الموريتانيين إلى الحرية والتغيير وإلى المشاركة السياسية، بتكاثر الجمعيات والنقابات والأحزاب وبتطور حرية الصحافة المحلية والتعبئة في الجامعات وفي أوساط الشباب والنساء والنخب المبعدة عن السلطة والمنظمات غير الحكومية والحركات الإسلامية.
فللمرة الأولى في تاريخ هذا البلد تتاح فرصة التناوب السلمي على السلطة ويعطى الناخب حق اختيار من سيحكمه، في ظل سلطة أكدت أكثر من مرة التزامها الحياد، وسنت قوانين تمنع أعضاءها من الترشح، ما يعني أن حكام موريتانيا الجدد ستحددهم هذه المرة صناديق الاقتراع لا الدبابات كما جرت العادة. وتشهد موريتانيا يوم 11آذار (مارس) المقبل أول انتخابات رئاسية تعددية تتساوى فيها الحظوظ بين المرشحين. فقد ارتفعت وتيرة التعبئة الإعلامية والشعبية في موريتانيا إلى اللون البرتقالي تحضيراً للانتخابات الرئاسية التي تنطلق حملتها الدعائية بعد أيام. وبدا أن نفير الحملة المبكرة للرئاسة سيطر على كل الانشغالات الرسمية والشعبية وسط تعبئة غير مسبوقة في وسائل الإعلام والأجهزة الإدارية والحزبية.
وإذا نظرنا إلى خريطة القوى السياسية والاجتماعية الموريتانية المتنافسة على ضوء ما أفرزته الانتخابات الأخيرة يمكن تحديد المرشحين الرئيسيين لهذا الاستحقاق الانتخابي الرئاسي:
1- أعلنت ثلاثة أحزاب سياسية هي: «حزب التجديد الديمقراطي» الذي يمثل يمين اليسار، وهو أحد أهم الأحزاب التي تشكلت عقب الإطاحة بولد الطايع، وحزب «التجمع من أجل موريتانيا تمام»، و «الجبهة الشعبية» الذي يترأسه أبيه ولد الشيخ ماء العينين، بعيد تأسيسها خلال الفترة القريبة الماضية لائتلاف جديد يدعى «وطن»، دعمها للرئيس الموريتاني السابق محمد خونه ولد هيداله الذي رشح نفسه لخوض الانتخابات الرئاسية. وكان هيدالة ترأس موريتانيا بين 1981 و1984 واطاحه قائد أركان الجيش وقتها معاوية ولد سيدي أحمد الطايع. وقد اعتزل بعد خروجه من السجن الحياة السياسية، وأظهر زهداً كبيراً وعاش مع مصحفه ونوقه في الصحراء قرب نواكشوط، قبل أن يقنعه بعثيون ويساريون وأنصاره من إسلاميين ووطنيين بمقارعة ولد الطايع في انتخابات 2003، التي فاز فيها بنسبة 18 في المئة من أصوات الناخبين على رغم آلة التزوير التي استخدمها ولد الطايع والحزب الجمهوري الحاكم وقتها. وخرج ولد هيداله من تلك الانتخابات مباشرة ليدخل السجن ويحاكم بتهمة تدبير محاولة انقلابية في أثناء إعلان نتائج الانتخابات، وحكم عليه بتجريده من الحقوق السياسية والمدنية خمس سنوات، لكنه استفاد من العفو الذي أصدره المجلس العسكري للعدالة والديموقراطية (الحاكم) بعد تسلمه السلطة في الثالث من آب 2005. وكان إعلان ترشح ولد هيداله مفاجأة، بعد أن تخلى عنه أصدقاؤه السابقون من إسلاميين وبعثيين ويساريين، ورأت أغلب التحليلات أنه سيخوض الانتخابات منفرداً بعد تفرق أنصاره من الحركات السياسية بين ثنائية الغالبية والمعارضة السابقتين.
2- تمكنت الغالبية الرئاسية السابقة من لملمة صفوفها في الأسابيع الماضية، وتجمعت في تحالف «الميثاق» الذي ضم 18 تشيكلاً وحزباً سياسياً، أغلبها من الحزب الجمهوري (الحاكم سابقاً)، وأعلنت دعمها المرشح المستقل سيدي ولد الشيخ عبدالله الذي يعتبـر مقـرباً من المجلس العسكري للعدالة والديموقراطية (الحاكم). ويعتبر ولد الشيخ عبدالله في الساحة السياسية من أكثر المرشحين للرئاسة حظوظاً بعد تأييد عدد من القوى السياسية له، وخصوصاً أحزاب الغالبية الرئاسية السابقة التي تمكنت من كسب ولاء المجلس العسكري الحاكم الذي دفع برجال الأعمال وشيوخ القبائل الى دعمها، بل أظهرت الانتخابات الأخيرة أن العسكر خرجوا عن حيادهم ودفعوا حتى بزوجاتهم لخوض الانتخابات مرشحات عن المستقلين. ويشكل المستقلون القوة السياسية الرئيسة، لا سيما بعد فوزهم في الانتخابات التشريعية والبلدية الأخيرة، وحققوا فوزاً كبيراً في انتخابات مجلس الشيوخ. ويتبين من نتائج جولتي انتخابات مجلس الشيوخ أن تجمع المستقلين الذي تأسس من أنصار الرئيس السابق معاوية ولد الطايع فاز بالغالبية المطلقة إذ أحرز 33 مقعداً من أصل 53، فيما سينتخب المجلس ثلاثة أعضاء يمثلون الموريتانيين في الخارج. ومن المعروف أن تحالف رجال الأعمال وشيوخ القبائل شكل الدعامة التي ارتكز عليها نظام ولد الطايع في الفترة الأخيرة، ما جعل البعض يخشى عودة هذا التحالف إلى مركز التأثير والنفوذ، عن طريق المستقلين ولعل النشاط القوي لمنسقية اللوائح المستقلة في الآونة الأخيرة والمدعومة كما يبدو من أقطاب هذا الحلف والخارجة أخيراً من رحم الحزب الحاكم في عهد ولد الطايع يعزز هذا التصور. فلا يزال المال السياسي يلعب دوراً كبيراً في حسم نتائج الاقتراع حيث نزلت قوى الفساد بثقلها من أجل حسم الغالبية المريحة في مجلس الشيوخ الذي تكتسي نتائجه أهمية خاصة كونها تتم عشية انطلاق حملة السباق الرئاسي. واللافت أن ظهور المستقلين أثار في المشهد السياسي الكثير من الجدل، إذ كان وقع حضورهم بمنزلة الصاعقة للكثير من الأحزاب والتشكيلات السياسية التي فوجئت بهذا الصعود القوي للمستقلين، القريبين جداً من المجلس العسكري الحاكم، والذين باتوا يشكلون رأس الحربة حالياً في الغالبية الرئاسية السابقة. وكانت هذه الأخيرة تستخدم المخاوف التقليدية لحض الناخبين على عدم التصويت لمرشح المعارضة، وتحذرهم من وصول المعارضة الى الحكم، لأنها ستعمل على إعادة المبعدين الأفارقة الذين هُجروا من البلاد إلى دول الجوار في نهاية الثمانينات، ولن تتغاضى عن ملفات الفساد الماضية وهي تمس شخصيات قبلية وجهات اجتماعية يعتبر المساس بها إيذانا بحرب أهلية.
3- في المقابل، تمثل الشخصية السياسية المعروفة أحمد ولد داده، أبرز مرشحي المعارضة الموريتانية السابقة، التي أظهرت أحزابها فشلاً ذريعاً في الوصول الى اتفاق على مرشح واحد للرئاسة بعد تقديم أربعة من أهم قادة أحزابها ملفات ترشحهم، وخسرت الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ. وأظهرت هذه الانتخابات أن ائتلاف قوى التغيير الذي حقق الفوز بالغالبية النسبية في الانتخابات البلدية والتشريعية الماضية فقد تلك الغالبية بعد تشكيل تجمع «الميثاق»، بسبب عجز المعارضة عن توحيد صفوفها وضبط قواعدها، وفقدانها التمويل، ما أتاح الفرصة للغالبية السابقة باستخدام المال لشراء أصوات المستشارين البلديين، وتحقيق غالبية مطلقة في الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ.
إضافة إلى هؤلاء المرشحين، هناك مرشحون غير معروفين يتنافسون في هذه الانتخابات، من بينهم أيضاً المحافظ السابق للبنك المركزي ألين ولد زيدان (42 سنة) والقيادي السابق في تنظيم «فرسان التغيير» العسكري محمد ولد شيخنا (45 سنة). وأعلن حزب اتحاد قوى التقدم (اليساري) في نهاية مؤتمر عقده ترشيح رئيسه محمد ولد مولود (53 سنة) وهو أستاذ تاريخ في الجامعة.
وتكمن قيمة الانتخابات الموريتانية في أنها تغرس خميرة تربية سياسية جديدة في نفوس المواطنين، حتى وإن كان بعض المراقبين يشكك في إمكان حدوث تغيير جوهري في الواقع السياسي في هذا البلد، نظراً الى أن جزءاً مهماً من القاعدة الانتخابية لا يزال بعيداً من امتلاك حق الاختيار الحر، ولا تزال عوامل كثيرة تؤثر فيه وتحدد وجهته سواء تعلق الأمر بالانتماء القبلي والعشائري أو البعد الجهوي والعرقي، فضلاً عن التأثير القوي للوبيات المال والأعمال وكبار الموظفين.
كاتب تونسي
الحياة – 10/02/07//
بعد اتفاق مكة:
هل ستواصل حماس السقوط في فخ الهدنة ؟
د. أبو خولة سبق لي أن حذرت من مغبة الوقوع الفلسطيني في فخ « الهدنة طويلة الأمد ». و دعمت رأيي بالعمل بفرضية قبول إسرائيل بعرض حماس للهدنة طويلة الأمد، و تساءلت عما سيؤول إليه الوضع مع نهاية الفترة المحددة. كتبت: » أليس من المؤكد أن تفرض إسرائيل قيودا صارمة على التسليح الفلسطيني في ميثاق الهدنة، بينما ستواصل هي تطوير قدراتها العسكرية الهائلة؟ ألا يعني هذا أن ميزان القوى سيكون أسوا بالنسبة للفلسطينيين عند انتهاء الهدنة مما هو عليه اليوم؟ ألا يعني هذا خلق واقع جديد يخسر الفلسطينيون على إثره الكثير مقابل ما يمكن أن يحصلوا عليه اليوم؟ و ختمت مقالي الأول : » اليوم وقيادات حماس تراجع المقترح الكارثي للسيد خالد مشعل بشأن « الهدنة طويلة الأمد » عليها أن تتذكر ما فعلته هذه الأخيرة بجزر « المالوين » الأرجنتينية والجزر اليابانية التي احتلتها روسيا خلال الحرب العالمية الثانية. في كلتا الحالتين، خلقت الهدنة طويلة الأمد واقعا جديدا على الأرض أصبح من شبه المستحيل تغييره اليوم. وهذا ما سيحصل بالتأكيد إذا تمكنت حركة حماس الأصولية من تمرير مقترحها على القيادة الفلسطينية الجديدة وقبلت إسرائيل بذلك. » من الجانب الفلسطيني لا حياة لمن تنادي، إذ استمرت قيادات حماس تجدد لنفس العرض -بمناسبة و بدون مناسبة-. لعل الأهم بهذا الشان ما نشرته صحيفة معاريف بان السيد احمد يوسف ، المستشار السياسي لرئيس الوزراء إسماعيل هنية، قد وضع خلال محادثات مع محافل أوروبية – أساسا مراكز أبحاث ذات صلة بحكومات سويسرا و بريطانيا و النرويج – مسودة للاتفاق بشان هدنة بين حكومة حماس و إسرائيل، تتعهد بمقتضاه حماس القبول بمجرد انسحاب إسرائيل إلى خط متفق عليه داخل الضفة الغربية – و ليس خارجها كما كان عليه الحال أيام كلينتون-باراك، مما يعني أن هذا الخط « داخل الضفة » سيصبح الأمر الواقع الجديد الذي لن تستطيع أية حكومة فلسطينية في المستقبل تغييره. بل ستعتبر أية محاولة في هذا الاتجاه عملا عدوانيا مدانا عالميا، تماما كما اكتشفت الطغمة العسكرية في الأرجنتين عندما حاولت استرجاع جزر المالوين. مع إفلاس حكومة حماس في كافة المناحي التي تخص » الظروف المعيشية للفلسطينيين » ، و هو الأساس الذي انتخبت الحركة الأصولية من اجله حسب استطلاعات الرأي، و الاقتتال الداخلي الذي حصد الأرواح الفلسطينية بالعشرات، لم يعد أمام السيد خالد مشعل إلا الهروب إلى الأمام، أي السقوط في فخ الهدنة. و هذا ما أكدته و كالات الأنباء في تقاريرها من غزة في 7 فبراير الماضي. تقول هذه التقارير أن السيد مشعل قد اتخذ 4 قرارات هامة رغم معارضة مجلس شورى الحركة وهي: (1) عدم الرد على العمليات الإسرائيلية، (2) الامتناع عن الحسم العسكري ضد فتح في قطاع غزة، (3) فرض أية اتفاقية يتم التوصل إليها في لقاء مكة على حركة الجهاد و الجان الشعبية، و (4) الشروع في حوار -مباشر أو غير مباشر – مع إسرائيل من اجل التوصل إلى هدنة طويلة الأمد. اتفاق مكة الأخير لن يكون بأفضل من الاتفاقات السابقة إذا لم يكن وراءه مشروع دولي لفرض حل عادل للنزاع و إذا لم تقترب حماس بإسرائيل على غرار منظمة التحرير لقطع الطريق أمام قوى التطرف الرافضة لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة و القابلة للحياة. في هذه الحالة لن يكون أمام حماس غير مواصلة الجهاد اليائس بحكم فقدانه لأفق سياسي، أو مواصلة الدعوة إلى هدنة طويلة الأمد، تطبيقا لفقه الجهاد الموروث عن القرون الوسطى. و بما أن الزمان لا يعود إلى الوراء -أي لا يعمل لصالح حماس- ، ستوفر هذه الهدنة الغطاء و الوقت اللازم (حوالي 15 سنة) لإسرائيل لخلق الواقع الجديد على الأرض. دع عنك ما يقال عن رفض إسرائيلي مبدئي للاتفاق مع حماس، فإيقاع هذه الأخيرة في فخ الهدنة الذي نصبته لنفسها، يمثل الهم الأساسي في الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي اليوم. و قد بدا هذا بصفة معلنة منذ مدة، عندما وجه الرئيس السابق للموساد « افرايم هاليفي » خلال مقابلة له مع صحيفة « يدعوت احرنوت » بتاريخ 62 مايو الماضي، دعوة صريحة بهذا الشان قائلا: » إن التوصل إلى اتفاق هدنة طويلة الأمد بين إسرائيل و الحكومة الفلسطينية برئاسة حماس خيار يستحق أن يخضع للدرس ». لاحظ أن الرئيس السابق للموساد ذكر حماس كمفاوض لا منظمة التحرير أو الرئاسة، وهو يدرك جيدا أن الإيقاع بزعامات حماس في فخ الهدنة سيكون اسهل بكثير مما لو جرت المفاوضات مع الرئاسة الفلسطينية، التي تريد حلا للنزاع بقيام دولة فلسطينية في حدود نهائية. تدرك بعض الأصوات الفلسطينية اليوم خطورة الورطة الجديدة التي ستتسبب فيها حماس للقضية. و هذا ما عبر عنه الناطق باسم حركة فتح جمال نزال منذ فترة عندما صرح بان وثيقة حماس « تعرض قبول الفلسطينيين بما هو دون المطالب التي تحققت بتطبيق أوسلو و توقف المقاومة لخمس سنوات مقابل احتفاظ حماس بالسلطة » ، معتبرا الوثيقة « اخطر وثيقة منذ وعد بلفور من حيث أنها تكرس الاحتلال و تضفي عليه شرعية » ، مضيفا : « الجهل السياسي سمح لواضعي هذه الوثيقة أن يتناسوا حقيقة أن خريطة الطريق التي ترفضها حماس تعرض دولة فلسطينية و حلا لمشكلة اللاجئين في المدى القصير ». على هذا الأساس، لن تجد إسرائيل بأفضل شريكا افضل من زعامات حماس، التي ما زال دماغها ينبض بنفس غريزية دماغ مفتي القدس أيام النكبة الشيخ أمين الحسيني، الذي سبق له أن رفض عرض منظمة « بيل » البريطانية بالتخلي عن 20% فقط من ارض فلسكين لليهود، ليلهث أبناؤه الروحيون اليوم للحصول على اقل من 22% من ارض فلسطين التاريخية (انظر مقالي السابق بعنوان: العقل الغريزي الفلسطيني من أمين الحسيني إلى خالد مشعل). يبدو أنه لم يعد هناك بديل غير صفقة بين الإسرائيليين و قيادات حماس. و سوف يعني هذا -على ارض الواقع- تملص إسرائيل النهائي من متطلبات خريطة الطريق و سابقاتها. و بذلك تتسبب زعامات حماس لشعبها في نكبة جديدة ربما تكون اكبر من النكبات الفلسطينية السابقة، بحكم التزامها بفقه الجهاد القروسطي بدلا من التزامها بقواعد العلم السياسي الحديث الذي لا يقرا حسابا إلا لموازين القوى على ارض الواقع. لا عجب أن تفضل حماس الفقه على السياسة بينما الالتزام بقواعد علم السياسة هو وحده القادر على خدمة المصلحة الفلسطينية العليا، كما تفضل الحركة الأصولية الحصول على قصر في الجنة على الحصول على دولة فلسطينية اليوم … فهي في المحصلة النهائية مجرد فرع لتنظيم الإخوان المسلمين في مصر بقيادة المرشد عاكف الذي صرح انه يفضل أن يحكمه مسلم من ماليزيا على أن يحكمه قبطي من مصر، بالإضافة إلى طزاته الشهيرة في مصر… فعلة حماس هي من علة الإخوان المسلمين… كراهية الوطن!!! Abuk1010@hotmail.com
المحلل السياسي المغربي بلال التليدي لـ « الشرق« : حزب العدالة والتنمية الأوفر حظا في الانتخابات القادمة
** المغرب يعيش انفتاحا سياسيا.. والفصل بين السلطات غير موجود ** مرور عشر سنوات دون حصول تغيير في الملفات الكبرى جعل اليأس من الاحزاب يزداد
حاوره محمد فوراتي تعيش المملكة المغربية حالة سياسية متحركة استعدادا للانتخابات القادمة والتي من المتوقع أن تجري في شهر سبتمبر المقبل. وفي انتظار هذا الموعد الهام في تاريخ المغرب الحديث وفي تاريخ التجربة الديمقراطية الوليدة فإن التخمينات والتوقعات وبعض عمليات سبر الآراء ترشح حزب العدالة والتنمية الاسلامي للبروز كقوة سياسية جديدة، في حين تراجعت شعبية الاحزاب الوطنية والليبرالية والاشتراكية مثل حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي واليسار الموحد. كما تشهد المغرب رغم هامش الحريات تهديدا من الجماعات الأصولية المتشددة واتساع لطبقة العاطلين والفقراء وهو ما يطرح الكثير من الأسئلة حول المستقبل الذي يتسابق الجميع لتفسيره حسب رؤيته السياسية والاقتصادية. المحلل السياسي المغربي بلال التليدي يحاول في هذه الحوار إنارة المشهد المغربي مفسرا أسباب صعود نجم العدالة والتنمية، وإحتمالات فوزه في الانتخابات البرلمانية. كما يسلط الضوء على خصائص التجربة السياسية المغربية والفروق بين تياراتها الاسلامية المختلفة من ناحية وبين بقية التيارات السياسية الناشطة في الساحة. والأستاذ بلال التليدي كاتب صحفي ورئيس تحرير جريدة « التجديد المغربية »، وباحث مختص في الحركات الإسلامية. ** استاذ بلال كيف تقرأ التجربة الديمقراطية الوليدة في المغرب؟ يصعب الحديث عن ديمقراطية حقيقية في المغرب، ذلك أن للديمقراطية مستلزمات ومتطلبات لا تكاد الحالة المغربية تستجيب لها، فلا يوجد في المغرب فصل حقيقي بين السلط، والقضاء لا زال خاضعا للسلطة التنفيذية، والحكومة من الناحية الدستورية لا تتمتع بسلطات حقيقية تسمح لها بتنفيذ برنامجها السياسي، والوزير الأول نفسه لا يتمتع بصلاحيات تتيح له ضبط بقية الوزراء وإخضاعهم للبرنامج الحكومي. ولذلك، يصعب الحديث عن ديمقراطية حقيقية في المغرب، وحتى ما يصطلح عليه بالانتقال الديمقراطي لم توفر شروطه بعد، ولم تتأسس أرضيته، فلا يخفى أن من بين شروط الانتقال الديمقراطي حصول توافق حقيقي بين القوى الوطنية والديمقراطية الفاعلة وبين نظام الحكم على عناوين أساسية يكون الالتزام بها لفترة محدودة في الزمن تمهيدا للانتقال نحو الديمقراطية. فحسب كل مفاهيم علم الاجتماع السياسي، ووفق مفاهيم علوم السياسة، المغرب لا يمكن بحال أن نتحدث فيه عن انتقال ديمقراطي، هذا فضلا عن تقويم الأحزاب التي قبلت بالانخراط في تجربة التناوب، فلقد صرح عبد الرحمان اليوسفي – الكاتب العام السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي والوزير الأول السابق – قائد ما يسمى بالتناوب التوافقي في المغرب بفشل التجربة وعزا ذلك إلى ضعف صلاحيات الحكومة وطبيعة النظام السياسي المغربي الذي لم يقدم أي تنازل في اتجاه منح الحكومة سلطة حقيقية. ومع كل هذه الاعتبارات التي تؤكد عدم وجود ديمقراطية حقيقية في المغرب، يمكن القول إن وضع الحريات في المغرب هو أحسن حالا بالقياس إلى كثير من البلدان العربية، فالمغرب بالتوصيف الصحيح، يعيش انفتاحا سياسيا، تتسع فيه مساحة الحرية لكنها قد تضيق، ويعرف فيه الإعلام تنوعا وهامشا كبيرا للتعبير الحر، لكن قد يتقلص هذا الهامش فتحاكم الصحافة، ويعيش أيضا تعددية سياسية، لكن سرعان ما تنقلب في بعض الأوضاع إلى أحادية في التدبير يتولى أمرها المقربون من دوائر صناعة القرار السياسي، وقد تتولى الحكومة التدبير المطلق لبعض الملفات، وقد يتوارى دورها وتنسحب تماما من بعض الملفات ويضطلع المحيط الملكي بتدبيرها دون الاتفاق على ضابط معين يحدد اشتغال هذا الطرف أو ذاك. لكن على العموم، أتصور أن مناخ الانفتاح السياسي سيقوي من قدرة المجتمع المدني، وستتعزز وظائف المراقبة والمطالبة بالدمقرطة، وسيفرض الوعي الحقوقي نفسه، وسنكون بالضرورة وبحكم المناخ الدولي المشجع للحركة الحقوقية أمام فترة يضطر فيها النظام السياسي وكافة القوى الفاعلة للتوافق على عناوين كبرى لإنجاز الانتقال الديمقراطي، ومن ثمة الوصول إلى ديمقراطية حقيقية. ** ما هي الأسباب التي أدت إلى صعود حزب العدالة والتنمية الاسلامي؟ خلافا لبعض التحليلات التي تزعم الانطلاق من أرضية سوسيولوجية، فصعود العدالة والتنمية لا علاقة له بالوضع الاجتماعي المأساوي، فنحن لسنا أمام حركة شعبوية تجعل المسألة الاجتماعية عنوانا تعبويا تستقطب به الشرائح التي ترزح تحت حزام الفقر. حزب العدالة والتنمية بالتوصيف الدقيق هو حركة نخبة متعلمة منحدرة في الغالب من الطبقة الوسطى، وهي تتبنى خطابا فكريا سياسيا لا يفترق كثيرا في مفرداته ومسلكياته عن باقي الأحزاب الوطنية والديمقراطية الموجودة في المغرب. ما يميز حزب العدالة والتنمية عن بقية الأحزاب هو التجدر في صفوف الشباب، وإعادة الاعتبار للمرجعية في بعدها التخليقي والتدبيري. ما حدث في المغرب هو أن الأحزاب الديمقراطية والوطنية لم تعد تولي اهتماما كبيرا لتقاريرها المذهبية، فلم يعد الماركسي ماركسيا، ولم يعد الوطني يولي اعتبارا كبيرا لقضية المرجعية الإسلامية إلا في مناسبات ومواسم محدودة، وإنغمس العمل السياسي في روتين الجزئي، وصار الحزب السياسي يمارس السياسة بدون إطار نظري ناظم، حتى صار كبير همّ الأحزاب ومشروعها الأعظم هو الحصول على مجرد مقاعد للمناورة بها وتعزيز شروط تفاوضها للمشاركة في الحكومة بفريق وزاري وازن. وكان من نتيجة ذلك هو فقدان ثقة الجماهير في الأحزاب السياسية وفي العمل السياسي برمته، وقد استبشر المغاربة خيرا بتجربة التناوب التوافقي إلا أن مرور عشر سنوات عليها دون حصول تغيير يذكر خاصة في الملفات الكبرى الاجتماعية والاقتصادية جعل اليأس من الأحزاب يزداد. ولذلك، فصعود نجم حزب العدالة والتنمية ينبغي أن يقرأ من داخل هذا السياق، فالوضع الدولي المحكوم بالهيمنة الأمريكية، والمظلومية التاريخية للأمة، فضلا عن تبني العدالة والتنمية للمرجعية الإسلامية وتبنيه لقضايا الأمة في فلسطين ولبنان والعراق، والتجدر في وسط الشباب وفي الوسط الجامعي والشبيبي، والمصداقية التي يتمتع بها في مسلكيته السياسية… وكل هذه العوامل ساهمت بقدر كبير في بروز حزب العدالة والتنمية. ** وهل هناك برنامج سياسي او اقتصادي يزيد من شعبية الحزب؟ قد يكون مفيدا أن نقول بأن صعود نجم العدالة والتنمية لا يرجع بدرجة كبيرة إلى برنامجه السياسي، فالشعب المغربي لم يتعود بعد قراءة البرامج والمقارنة بينها، إذ لم يحدث أن طبق برنامج سياسي لفصيل سياسي معين، بل الذي ساهم في بروز حزب العدالة والتنمية بشكل كبير هو الوضع العالمي والفراغ الحاصل في البنية الحزبية بالمغرب، ومن الطرافة في هذا الباب أن أحد الوزراء في الحكومة الحالية صرح لأحد برلمانيي حزب العدالة والتنمية قائلا: »لا داعي بالنسبة إليكم أن تقوموا بالحملة الانتخابية، فالموج سيوصلكم إلى البرّ دون أن تحتاجوا إلى تجديف ». فهذا التصريح وغيره يكشف الأرضية الممهدة سلفا لفوز حزب العدالة والتنمية دون أن نقلل من أهمية خطابه السياسي المعتدل والمنفتح على كل شرائح الشعب، ودون أن نقلل أيضا من الكفاءة الفنية التي يمتلكها أطر الحزب والتي قد تؤهلهم من امتلاك برنامج حقيقي للإصلاح. ** لكن لماذا تراجعت شعبية الأحزاب الوطنية والديمقراطية الأخرى؟ في اعتقادي الأمر يعود إلى ثلاثة أمور: الأول مرتبط بتنكرها لتقاريرها المذهبية، والحزب الذي لا يؤطر مسلكيته السياسية بخط نظري يضطر إلى ممارسة السياسة بمنطق اليومي الذي يقودك إلى معادلات جد ضيقة تستسلم عندها في المحصلة إلى ما لا يتوافق وتطلعات القواعد الحزبية مما يرشح وقوع انشقاقات وانسحابات، وهذا ما حدث بالضبط لحزب الاتحاد الاشتراكي، وقد يقود في بعض الأحيان إلى نشوء بيروقراطية حزبية وشمولية تقتل العمل الحزبي، وتدفع بالناشطين إلى أحد أمرين: إما الانزلاق إلى مواقع الارتزاق، وإما تجميد العمل، وهذا ما حصل في كثير من الأحزاب الوطنية. الأمر الثاني: مرتبط بعدم وجود ديقراطية داخلية في الأحزاب تسمح بتجديد النخب، وإعطاء إمكانية للترقي التنظيمي داخل الحزب، وهو ما يرشح ظهور كتل ضغط معارضة في مقابل كتل المحافظة، وغالبا ما ينتهي الوضع إلى تصفيات سياسية بدم بارد، وهو حال كثير من أحزابنا السياسية. أما الأمر الثالث فمرتبط بالمشاركة داخل الحكومة وما يستتبعه من تنكر للرصيد النضالي الذي بناه الحزب زمن معارضته، ومثال الاتحاد الاشتراكي واضح في هذا المجال، فقد كان من أشد المعارضين للخوصصة، وكان من المدافعين على أوضاع الفقراء والمهمشين، وهو اليوم ومن داخل الحكومة يدفع بالخوصصة في كل القطاعات الحيوية، بل ويمضي في سياسات اقتصادية أقل ما يقال عنها أنها ترعي التوازنات المالية على حساب طبقة الفقراء والمحتاجين. إن هذا التنكر للثوابت وللرصيد النضالي للحزب هو الذي جعل الجماهير تقلب ظهر المجن على هذه الأحزاب، بل تعبئ نفسها لتصويت عقابي ضد الأحزاب الديمقراطية التي تنكرت لمبادئها وانخرطت في الحكومة بنفس السياسة الليبرالية وربما أشدّ. ** وما موقع القضايا الاجتماعية والاقتصادية في تفكير حزب العدالة والتنمية؟ مجرد طرح سؤال عن موقع القضايا الاجتماعية والاقتصادية في تفكير حزب العدالة والتنمية يحيل إلى الانتقاد الشائع الذي يوجه إلى الحركة الإسلامية من كونها حركة أخلاقية تحتمي بالمرجعية وتفتقد لبرنامج سياسي واقتصادي يجيب على الإشكالات الحقيقية التي يعاني منها المجتمع. حزب العدالة والتنمية شأنه شأن كل الحركات الإسلامية التي اقتنعت بضرورة الانخراط في المؤسسات السياسية كانت نشأته في البدء دعوية، وكانت ممارسته السياسية في البدء محكومة بالطابع التخليقي، لكن مع حصول قدر من التراكم السياسي والخبرة في الممارسة السياسية طرح إشكال هوية الحزب بين أولوية التخليق أو رهان التدبير، واستطاع الحزب أن ينتج خطابا سياسيا متوازنا لا يلغي الهوية الإصلاحية التخليقية لكن لا يجعلها أسّ برنامجه، بل تكون فقط الإطار الناظم للتدبير. ولذلك فالمسألة الاجتماعية والاقتصادية باتت من هذا المنطلق تشكل أولوية رئيسة في برنامج حزب العدالة والتنمية المغربي، فهناك قناعة واضحة لدى قيادة الحزب أن التعبئة على أساس المضمون التخليقي والمرجعي لا يمكن أن تكون بديلا عن البحث عن برامج حقيقية تحل مشكلة البطالة والتنمية في المغرب. ولا شك أن متابعة أدبيات الحزب في هذه الفترة الأخيرة تعطي الانطباع بأن الحزب من خلال انفتاحه على الأطر والكفاءات والخبرات الفنية يسعى إلى بلورة برنامج واقعي وطموح يأخذ بعين الاعتبار الانتظارات الجماهيرية منه، ويتفهم الإكراهات والتحديات المعيقة، ويبحث من خلال هذه المعادلة أن يبني علاقته بالجماهير لا على أساس المصداقية الأخلاقية فقط، وإنما بناء على قوته الاقتراحية في المجالات الاجتماعية والاقتصادية. ولقد أثبتت الدورات البرلمانية السابقة الحضور القوي للحزب على ساحة المقترح التدبيري، بل أثبتت قدرته على المعارضة السياسية ذات الخلفية الاجتماعية، ويمكن أن نمثل لذلك ببعض الشواهد والأمثلة، فمتابعة الحزب لقضايا الخوصصة ولعدم احترام الحكومة لقانون التنافس، وخرقها لدفاتر التحمل في تفويتها لعدة قطاعات حيوية يشهد على مركزية المسألة الاجتماعية والاقتصادية في فكر العدالة والتنمية، بل وأيضا في برنامجه السياسي والاقتصادي بالنظر إلى الإجراءات والتدابير التي يقترحها في هذا المجال. ** تتوقع بعض استطلاعات الرأي أن العدالة والتنمية ستكون الأوفر حظا في الانتخابات البرلمانية القادمة، إلى أي حد ستصدق هذه الاستطلاعات، وهل هناك من حظوظ للحزب للفوز بالأغلبية ومن ثمة تشكيل حكومة؟ الاستطلاعات التي أجريت لحد الآن هي التي صدرت عن المعهد الأمريكي الجمهوري، وبالنظر إلى نتائج الاستطلاعين الذين أجراهما هذا المعهد، يمكن الحديث عن فوز بمعدل 46 في المائة من أصوات الناخبين. لكن، لا أحد من النخب السياسية في المغرب تعامل بإيجابية مع نتائج هذه الاستطلاعات بما في ذلك حزب العدالة والتنمية نفسه. الأمر مفهوم بالنسبة للأحزاب السياسية المنافسة، فهذه الاستطلاعات في نظرها « مخدومة » وتسعى للتأثير في العملية الانتخابية، بل تسعى لتنزيل استراتيجية أمريكية تعطي للفاعل الإسلامي المعتدل دورا رئيسا في الإصلاح السياسي بالمغرب، فقد باتت مراكز البحث الأمريكية تراهن على قدرة العدالة والتنمية على الانتقال من الإصلاح الهرمي إلى التحول الديمقراطي(كارنجي)، لكن كثيرا من المتتبعين تلقوا تحفظ العدالة والتنمية على نتائج هذه الاستطلاعات بكثير من الاستغراب، إذ كيف يمكن لفاعل سياسي أن يرفض استطلاع رأي يقوي مركزه السياسي والإعلامي، لكن التفسير الذي يقدمه قادة الحزب لهذا التحفظ يركز على الخلفية التي تؤطر مثل هذه الاستطلاعات، فالحزب يرفض أي تضخيم وأي تهويل من شأنه أن يؤثر على المعادلة السياسية داخليا وخارجيا. فالتهويل من شأنه أن يؤلب الخارج ويدفع بعض قوى التحفظ الغربي لمزيد من ممارسة الضعوط على النظام السياسي في اتجاه التقليل من دور العدالة والتنمية، والتضخيم قد يضعف شروط العدالة والتنمية في تشكيل تحالفات طبيعية مع بعض الأحزاب، فالتضخيم قد يخلق حالة من الاصطفاف المضاد الذي لن تكون نتائجه في صالح الحزب. ** وهل يستطيع العدالة والتنمية إذا فاز في الانتخابات التشريعية القادمة تشكيل حكومة؟ على العموم، لا يمكن، في المغرب وفي ظل القانون الانتخابي المؤطر، لأي حزب من الأحزاب أن ينال أغلبية مطلقة، فما هو مسموح به في ظل الشروط السياسية الراهنة هو فوز نسبي لحزب معين لا يسمح له بتشكيل الحكومة إلا بالتحالف مع أكثر من ثلاثة أحزاب، وأي حزب فائز سيجد نفسه بالضرورة مجبرا على التحالف مع قوى مقربة من المحيط الملكي. بعبارة أخرى، لا يمكن لأي تحالف سياسي أن ينجح في تشكيل الحكومة دون وجود أحزاب تدور في فلك المحيط الملكي. هذه هي ضمانة تشكيل حكومة مقبولة من طرف الملك، وهذا هو المشهد السياسي الذي يمكن أن نتصوره بعد انتخابات 2007. حظوظ العدالة والتنمية وافرة بالفوز بما يقرب 65 مقعدا حسب تقديري الخاص ( من جملة 325 مقعدا في البرلمان المغربي) ، لكن هذا الرقم لن يؤهله لتشكيل الحكومة، مما سيجعله أمام سيناريوهين اثنين لا ثالث لهما: الأول تشكيل الحكومة بمعية حزب الاستقلال وبعض الأحزاب المقربة من المحيط الملكي كالتجمع الوطني للأحرار والحركات الشعبية، أو سيناريو المعارضة. وما سيحكم المشهد السياسي في المغرب هو صراع العدالة والتنمية واليسار. فإما حكومة عدالة وتنمية بمعارضة يسارية، وإما خيار الاستمرارية، وهو ما يعني معارضة قوية للعدالة والتنمية. ولحد الساعة، لا يبدو أن هناك ما يرجح سيناريو حكومة العدالة والتنمية، بحكم المساعي السرية التي تجمع بعض مسؤولي وزارة الداخلية مع أحزاب الأغلبية الحكومية والتي يدور مضمونها حول طرق دعم خيار الاستمرارية ومنع سيناريو فوز العدالة والتنمية. لكن هذه المساعي لا تمتلك على أرض الواقع قدرات تدبيرية تمكنها من بلوغ أهدافها بحكم ضعف أحزاب الأغلبية وتخبطها في مشاكل داخلية، هذا فضلا عن الإخفاق الشامل في تجربتها في التدبير والحكامة. فهذه كلها معطيات تعيق حصول سيناريو الاستمرارية، لكن لا ينبغي أن ننسى المعيقات المقابلة، ليبقى في الأخير الحسم للإرادة الملكية في ترجيح أحد السيناريوهين. ** وهل تخشى العدالة والتنمية من المناخ الدولي؟ لحد الساعة لم يصدر من الفاعلين الدوليين الأساسيين ما يؤشر على التخوف من تجربة العدالة والتنمية، ربما يعود الأمر إلى أن التنافس السياسي في المغرب ليس على الحكم وإنما هو على التدبير، بما يعني أن الاتحاد الأوربي وأمريكا يعتبرون الملكية هي الحاكمة وهي الضامن الرئيسي لمصالحهم في المغرب، وربما يعود الأمر لخطاب العدالة والتنمية ومسلكيته السياسية، فالعدالة والتنمية يتميز في خطابه السياسي عن كثير من الحركات الإسلامية، فهو لا يطرح شعار الدولة الإسلامية، ولا حتى شعار الإسلام هو الحل، وإنما يعتبر نفسه اجتهادا سياسيا ينطلق من المرجعية الإسلامية، ويؤمن بالديمقراطية والتعددية ويتبنى الحوار ويرفض العنف، ويتواصل مع الغرب ومحيطه الأكاديمي والسياسي، ويعرف بخطابه وبسلوكه السياسي، ويهتم ببناء قوته الاقتراحية، ويقدم نموذجا متميزا في الديمقراطية الداخلية وفي الشفافية، ولعل تقرير « ترانسبارنسي » الأخير حول الديمقراطية الداخلية داخل الأحزاب المغربية وكذا الشفافية يعطي فكرة واضحة عن هذا الحزب، ثم إن الاتحاد الأوربي يبحث في المغرب عن فاعل سياسي تتوفر فيه هذه الشروط للتعاون في مجال مكافحة الهجرة السرية ومكافحة المخدرات وغيرها من الموضوعات الشائكة التي لم تنجح الحكومات السابقة في الوفاء بالتزاماتها حولها. لهذه الأسباب وغيرها، يمكن أن نتحدث عن مناخ دولي غير معيق، ولا نستطيع أن نتحدث عن مناخ دولي معين. لكن، يبدو أن ما يفصلنا عن الانتخابات ليس بالوقت اليسير، ويمكن أن تقع أحداث ما، يمكن أن تؤثر على هذا المسار، وأتصور أن ما يمكن أن نحسب له دورا في مجال التأثير هو ملف الإرهاب، فهو الملف الوحيد الذي تستثمره بعض القوى السياسية وحتى بعض الجهات التي تسعى للتأثير في دائرة صناعة القرار السياسي في المغرب للضغط في كل الاتجاهات لإضعاف وتحجيم دور العدالة والتنمية. ** كثيرا ما تتهم الحركات الإسلامية بأنها معادية للفكر التعددي وفاقدة لبرنامج سياسي واقتصادي كيف ترى هذا الأمر في المغرب وما هي المقومات العمومية لخطاب حزب العدالة والتنمية خصوصا وأن بعض الكتابات الغربية تشبهه بالأحزاب المسيحية الديمقراطية في أوربا؟ مسألة امتلاك هذا الطرف لبرنامج سياسي أو عدم امتلاكه لم تعد تخضع لعملية الادعاء أو الاتهام، وإنما هناك مواقع لاختبار القوة الاقتراحية لهذا الحزب أو ذلك، وأعتقد أن المكان الطبيعي لاختبار وجود برنامج سياسي واقتصادي ما أو انتفاؤه هو البرلمان، وقد أثبت غير قليل من المتتبعين للشأن السياسي في المغرب أن حزب العدالة والتنمية يتمتع بحضور قوي ولافت على مستوى الأسئلة الشفوية، وتشكل مناقشاته للقوانين والتصريحات الحكومية السابقة أقوى المساهمات المعللة بتحليلاتها وأرقامها. وكل التعديلات التي يقترحها الحزب، وكل مشاريع القوانين التي بادر بها الحزب لا تنصرف إلى البعد التخليقي فقط كما قد يتوهم، وإنما تمس المعضلة الاقتصادية والاجتماعية في صلبها. هذا من جهة، أما الشق الثاني من سؤالك والمتعلق بخطاب العدالة والتنمية، فأتصور أنه لا مجال للحديث عن علمانية مؤمنة، أو عن أحزاب على شاكلة الأحزاب الديمقراطية المسيحية. ما يوجد في الحالة المغربية هو اجتهاد خاص في علاقة الدين بالسياسة، وعلاقة السياسة بالدعوة، فالتجربة المغربية تسمح بالحديث عن تمايز حقيقي بين الدعوي والسياسي إذ لم يعد الفاعل السياسي الإسلامي مقتنعا بممارسة السياسة بمنطق الدعوة، ولا عاد مقبولا بالنسبة للحركة الإسلامية الدعوية أن تمارس الدعوة بمنطق سياسي. مجال الدعوة أوسع، وينصرف إلى تنمية القيم المنتقضة وتأكيد القيم المعروفة، ومجال السياسة ينصرف إلى التدبير ورعاية مصالح الناس، كما يهتم بحماية مكتسبات القيم التي تعارف الناس عليها وكانت محل إجماع. يمكن للدعوة، طبقا لهذا التمايز، أن تبشر بكل القيم الواردة في النصوص الشرعية، لكن لا يمكن للحزب السياسي من داخل دائرة التدبير أن يرسم قانونيا إلا القيم ذات المقبولية الجماهيرية، وللدعوة أن تقوم بدورها في استرجاع القيم المنتقضة ورفع منسوبها إلى درجة المشروعية الاجتماعية حتى تنال الترسيم القانوني الذي يضطلع الحزب بالقيام به. هذا التمايز في الوظائف يجنب البلد الاحتراب القيمي، ويجعل العمل الحزبي الإسلامي مسنودا بدعم شعبي، ويسحب من العلمانيين كل البسط التي يمكن توظيفها « ديمقراطيا » للإجهاز على أي مكتسب قيمي إسلامي، وفي نفس الوقت ينفي تهمة تورط العمل السياسي الإسلامي في المنزع الأخلاقوي. ** هل هناك تشابه بين حزب العدالة والتنمية المغربي والتركي؟ على الأقل التشابه أو التطابق واضح على مستوى الاسم، وبالمناسبة فإسلاميو تركيا هم الذين استعاروا الاسم من إسلاميي المغرب، غير أنهم كانوا أكثر ذكاء حين تبنوا رمز المصباح الحديث في إشارة إلى البعد الحداثي في تطلعات حزبهم، في الوقت الذي اختار الحزب المغربي رمز المصباح التقليدي في إشارة إلى البعد التأصيلي. صحيح أن كلا التجربتين تمران في واقع سياسي تختلف عناصره ويتباين نسقه عن الآخر، فتركيا يتأطر نظامها السياسي بالعلمانية الأتاتوركية، بينما المغرب يتأطر بازدواجية مرجعية دستورية تحضر فيها المرجعية الإسلامية والمرجعية الحقوقية الكونية على حد سواء. فالنظام المغربي ملكي قائم على شرعية دينية، وهو في نفس الوقت ملكية برلمانية دستورية تعترف بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا. فالاختلاف بين النسقين السياسيين يحكم الاختلاف في رؤية كل من الحزبين للعمل السياسي، كما يحكم أسلوبهما في الممارسة السياسية. لكن على الرغم من ذلك، فيمكن أن نتحدث عن قواسم مشتركة: نجملها فيما يلي: – البعد عن منطق الشعار في العمل السياسي وصرف العناية إلى المبادرة والقوة الاقتراحية بما يعني توفير أطر فنية قادرة على صياغة البديل. -عدم الارتهان إلى المنطق الدعوي في ممارسة السياسة، وهو ما يعني بناء السياسة على معايير المصلحة والموازنة بين الأولويات. – تحكيم منطق المصلحة في بناء التحالفات، وعدم رهنها بمفاهيم عقدية ضيقة، وهو ما يعني إمكانية فتح حوار حقيقي مع العلمانيين واليسار على أرضية برنامجية في أفق التمهيد لتحالف على برنامج الحد الأدنى. – إعطاء أهمية كبرى لمدخل التنمية الاجتماعية والاقتصادية ولمدخل الإصلاح السياسي. – الانفتاح على الغرب وفتح حوار حقيقي مع نخبه. – التدرج في السعي إلى التأثير في دوائر صناعة القرار السياسي، وتجنب الانزلاق إلى مواقع تضخيم قدرات الحزب. هذه باختصار أهم العناصر المشتركة التي تميز تجربة الحزبين في المغرب وتركيا، بالإضافة إلى كونهما معا حصيلة عملية مراجعة سياسية وفكرية لتجارب سابقة. فحزب العدالة والتنمية راجع الكسب الحركي لحزب الرفاه التركي، وحزب العدالة والتنمية المغربي قام بقطيعة معرفية وسياسية مع تجربة الشبيبة الإسلامية المغربية ومع كل تجارب الإخفاق الحركية . ** تعتبر جماعة العدل والإحسان حركة إسلامية ذات جماهيرية فما الفرق بينها وبين العدالة والتنمية؟ الأمر يعود أولا إلى الاختلاف في الرؤية السياسية وفي العناصر التي أفرزتها، كالقراءة السياسية لتجربة الانكسار التاريخي الذي عاشته الأمة، والقراءة الأصولية لأحاديث الطاعة والخروج على الحاكم، فضلا عن الاختلاف في قراءة الواقع السياسي وفي تقويم تجربة المشاركة السياسية الإسلامية في العديد من الأقطار الإسلامية. وعلى العموم، يمكن اعتبار الدخول في المؤسسات السياسية أحد أهم النقاط التي يختلف فيها الفصيلان، فبينما تؤمن العدالة والتنمية أن المشاركة السياسية والدخول إلى المؤسسات السياسية يعتبر مدخلا مهما من مداخل التغيير، يرى العدل والإحسان أن تطويق المؤسسات الدستورية من الخارج والطعن في شرعيتها وفي شرعية الحاكم الدينية يعتبر المدخل الحقيقي للتغيير. هذا فضلا عن الاختلاف في الأفق الاستراتيجي لكل فصيلين، فبينما ترى العدل والإحسان أن إقامة الخلافة على منهاج النبوة هو الأفق الاستراتيجي لكسبها السياسي المراهن على القومة كوسيلة للتغيير، يزيح حزب العدالة والتنمية مطلب إقامة الدولة الإسلامية من خطابه، ويعتبرها مجرد خطاب استهلاكي، ويحقن في خطابه مفردات مثل دولة الحق والقانون، ومثل التنمية، والعدالة والحضارة الشاملة، ويتقاسم مع الفاعلين السياسيين الآخرين التطلعات السياسية، ويحدد أفقه الاستراتيجي بناء على هذه الرؤية. وقد نجح حزب العدالة والتنمية في كسب تعاطف إعلامي مميز من طرف كثير من الأوساط السياسية والإعلامية في الوقت الذي ينظر فيه لحركة العدل والإحسان كحركة ماضوية خاصة بعد أن جنح مرشدها إلى إدخال الرؤية الصوفية في حقل السياسة حين تنبأ بحدوث حدث عظيم سنة 2006، وهو ما لم يحدث الشيء الذي عرّض مصداقية هذه الحركة لكثير من الطعون وأثار كثيرا من انتقادات الطبقة السياسية والفكرية والإعلامية في المغرب. ** وهل تعتبر حضور السلفية الجهادية في المغرب خطرا على التجربة الديمقراطية الناشئة؟ بدءا، ما كان لهذه الحركة أن تجد في المغرب فرصة للنمو والانتشار لولا الدعم الذي لاقته في عهد الملك الراحل الذي راهن كثيرا على تشجيع الوهابية لمحاصرة الحركة الإسلامية الحديثة وايضا جماعة العدل والإحسان الصوفية. فمعلوم أن أدبيات الجماعات السلفية تحرم التحزب والتكتل في جماعة، ومعلوم أيضا أنها أشد عداء للتراث الصوفي وخاصة منه الطرقي. وقد تم توظيف هذه الأدبيات لمحاصرة الاستقطاب الحركي من جهة، ولضرب تمدد العدل والإحسان ذات الرؤية الصوفية. لكن الذي حدث، هو أن هذا التيار أصبح غير متحكم فيه نظرا لعدم خضوعه لأي تراتبية تنظيمية، فكل شيخ له أتباع، ولكل رؤيته وآراؤه، خاصة منها السياسية. ومع عولمة الهيمنة الأمريكية، بدأت بعض فصائل هذا التيار تنحو في اتجاه امتلاك آراء سياسية رافضة للوجود الأمريكي في الجزيرة العربية، ثم مستنكرة للتحالف العربي مع قوى الاستكبار، ثم بعد ذلك مفعلة لأدبيات الولاء والبراء في الحكم يكفر الأنظمة ووجوب جهادها. لكن هذه الحركات بقيت هامشية لا امتداد جماهيري لها، وبقي فكرها في الأغلب مستنكرا من طرف جمهور المغاربة. فالمغاربة يرفضون هذه الصيغ من أشكال التدين، ويقفون بالطبيعة ضد نزعات الغلو في الدين، خاصة ما كان منها مستبيحا للدم. ولم يعرف في المغرب أن حدث إجماع ما بالدرجة الذي حدث في إدانة ما وقع من تفجيرات إرهابية في الدار البيضاء نجهل إلى حد الساعة حيثياتها ومعطياتها إذ لم يفتح لحد الساعة تحقيق شفاف حول هذه الأحداث. وعلى العموم، فمسار انتقال البلد للديمقراطية لا يمكن أن تؤثر فيه جماعات الغلو هذه، لأن كل فصائل الحركة الإسلامية ذات الرصيد الجماهيري ترفض أسلوب عمل هذه الجماعات، ولا ترى لها أي نفع يعود على مصلحة الإسلام والوطن. (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 9 فيفري 2007)
بين العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة
عبد الوهاب المسيرى (*) ما هي العلمانية؟ هذا السؤال قد يبدو بسيطا، والإجابة عنه أكثر بساطة، فالعلمانية هي فصل الدين عن الدولة، أليس كذلك؟ قد يندهش القارئ إن أخبرته أن إجابتي عن هذا السؤال بالنفي وليس بالإيجاب. ولتوضيح وجهة نظري أري أنه من الضروري أن أطرح قضية منهجية خاصة بالتعريف، إذ أرى أن هناك نوعين من التعريفات تداخلا واختلطا وأديا إلى نوع من الفوضى الفكرية، إذ أن هناك التعريفات « الوردية » التي تعبر عن الأمل والتوقعات من ناحية، ومن ناحية أخرى هناك ما تحقق بالفعل في الواقع، وكثيراً ما يكون البون بينهما شاسعا. ومع هذا يستمر كثير من الباحثين في استخدام التعريفات الوردية التي وردت في المعاجم حتى بعد أن اتضح أن ما تحقق على أرض الواقع جد مختلف. تم تعريف العلمانية أواخر القرن التاسع عشر باعتبارها « فصل الدين عن الدولة » وكان التصور أن عملية الفصل هذه ستؤدي لا محالة إلى الحرية والديمقراطية وحل مشكلات المجتمع، فيَحل السلام في الأرض وتنتشر المحبة والأخوة والتسامح. ولكن كلمة « دولة » كما وردت في التعريف آنف الذكر لها مضمون تاريخي وحضاري محدد، فهي تعني بالدرجة الأولى المؤسسات والإجراءات السياسية والاقتصادية المباشرة. كما أن الدولة في القرن التاسع عشر حين وُضِعَ التعريف، كانت دولة صغيرة وكياناً ضعيفاً، لا يتبعها جهاز أمني وتربوي وإعلامي ضخم، كما هو الحال الآن، ولا يمكنها الوصول إلى المواطن في أي مكان وزمان. وكانت كثير من مجالات الحياة لا تزال خارج سيطرة الدولة، فكانت تديرها الجماعات المحلية المختلفة، منطلقة من منظوماتها الدينية والأخلاقية المختلفة، فالنظام التعليمي على سبيل المثال لم يكن بعد خاضعاً للدولة، كما أن ما أسميه « قطاع اللذة » (السينما-وكالات السياحة، وأشكال الترفيه المختلفة مثل التلفزيون) لمَ يكن قد ظهر بعد. والإعلام لم يكن يتمتع بالسطوة والهيمنة التي يتمتع بهما في الوقت الحاضر. والعمليات الاقتصادية لم تكن قد وصلت إلى الضخامة والشمول الذي هي عليه الآن. كل هذا يعني في واقع الأمر أن رقعة الحياة الخاصة كانت واسعة للغاية، وظلت بمنأى عن عمليات العلمنة إلى حد كبير. ويلاحظ أن تعريف العلمانية باعتبارها فصل الدين عن الدولة يلزم الصمت بخصوص حياة الإنسان الخاصة والأسئلة الكونية الكبرى مثل الهدف من الوجود والميلاد والموت، ولا يتوجه إلى مشكلة المرجعية ومنظومة القيم التي يمكن أن يحتكم إليها أعضاء مجتمع واحد. ولكن حدثت تطورات همشت التعريف الوردي القديم، منها تعملُق الدولة وتغوُّلها وتطويرها مؤسسات « أمنية وتربوية » مختلفة ذاتَ طابع أخطبوطي يمكنها أن تصل إلى كل الأفراد وكل مجالات الحياة. ثم تغوَّل الإعلام وتعملق هو الآخر وأصبح قادرا على الوصول إلى الفرد في أي مكان وزمان، والتدخل في تعريفه لنفسه وفي تشكيل صورته عن نفسه، وفي التدخل في أخص خصوصيات حياته وحياة أطفاله، وفي صياغة أحلامهم ولاوعيهم. والإعلام بالمناسبة مؤسسة غير منتخبة ولا توجد أي مؤسسة لمراقبتها ومساءلتها. والسوق هي الأخرى لم تعد سوقاً، وإنما أصبحت كيانا أخطبوطيا يسيطر على الإعلام وعلي كل مجالات الحياة، وهو يوجه رؤى البشر ويعيد صياغة أحلامهم وتوقعاتهم. كل هذا نجم عنه تضييق وضمور -وأحياناً اختفاء- الحياة الخاصة. في هذا الإطار، كيف يمكن أن نتحدث عن فصل الدين عن الدولة؟! أليس من الأجدر أن نتحدث عن هيمنة الدولة والسوق والإعلام، لا على الدين وحسب، بل على حياة الإنسان العامة والخاصة. إن ما يتشكل على أرض الواقع أبعد ما يكون عن فصل الدين عن الدولة، وإنما هو أمر أكثر شمولا من ذلك، لأن آليات العلمنة لم تعد الدولة وحسب، وإنما آليات أخرى كثيرة لم يضعها من وضعوا تعريف العلمانية في الحسبان، من أهمها الإعلام والسوق والدولة المركزية القوية. ومع هذا كله ظل التعريف القديم قائماً، ولذا حينما نستخدم لفظ « علماني » فهو لا يشير إلى الواقع، وإنما إلى التعريف الوردي الذي تخطاه الواقع، ويدور الحوار بشأن العلمانية في ضوء التعريف الوردي القديم وليس في ضوء معطيات الواقع الذي تحقق. لكل هذا وجدت أنه لا مناص من إعادة تعريف العلمانية انطلاقا من دراسة ما تحقق في الواقع بالفعل وليس من التعريف المعجمي، على أن يحيط التعريف الجديد بمعظم جوانب الواقع الذي تمت علمنته. فحاولت أن أقوم بتطوير نموذج تحليلي من خلال ما أطلق عليه « التعريف من خلال دراسة مجموعة من المصطلحات المتقاربة ذات الحقل الدلالي المشترك أو المتداخل ». فجمعت معظم المصطلحات التي تُستخدم في وصف أو نقد المجتمعات العلمانية الحديثة مثل التسلع والتنميط والاغتراب وإزاحة الإنسان عن المركز، ثم جردت النموذج الكامن وراءها جميعا. فلاحظت أن معظمها يشير إلى حالة إنسانية (مثالية) تتسم بالتكامل والتركيب والكلية والحرية والمقدرة على الاختيار والتجاوز، وهي حالة يكون فيها الإنسان مستقلا عن الطبيعة المادة، متميزا عنها، متجاوزا لقوانينها لأنه يتحرك في حيزه الإنساني الذي له قوانينه الإنسانية (الاجتماعية والحضارية) الخاصة، ومن ثم فهذه الحالة هي ما يشكل إنسانية الإنسان وجوهره. ولكن هذه المصطلحات تشير أيضا إلى أن ثمة انتقالا من هذه الحالة الإنسانية الجوهرية المتجاوزة الافتراضية إلى حالة واقعية ومتحققة في المجتمعات العلمانية الحديثة تتسم بذوبان الإنساني في المادي. من كل هذا استخلصت نموذجا يمكن تلخيص ملامحه في صياغة بسيطة جدا: العلمانية التي تحققت في الواقع تعني أن ثمة انتقالا من الإنساني إلى الطبيعي المادي، أي من التمركز حول الإنسان إلى التمركز حول الطبيعة، أي الانتقال من تأليه الإنسان وخضوع الطبيعة إلى تأليه الطبيعة وإذعان الإنسان لها ولقوانينها ولحتمياتها، أي أن هذه العلمانية تشكل سقوطا في الفلسفة المادية.
وانطلاقا من هذا قمت بالتمييز بين ما أسميه « العلمانية الجزئية » التي يمكن أن أطلق عليها « العلمانية الأخلاقية » أو « العلمانية الإنسانية » وهي « فصل الدين عن الدولة » من ناحية، ومن ناحية أخرى ما أسميه « العلمانية الشاملة » وهي رؤية شاملة للكون بكل مستوياته ومجالاته، لا تفصل الدين عن الدولة وعن بعض جوانب الحياة العامة وحسب، وإنما تفصل كل القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية عن كل جوانب الحياة العامة في بادئ الأمر، ثم عن كل جوانب الحياة الخاصة في نهايته، إلى أن يتم نزع القداسة تماماً عن العالم، بحيث يتحول العالم (الإنسان والطبيعة) إلى مادة استعمالية. وهي رؤية شاملة، لأنها تشمل كلاً من الحياة العامة والخاصة، بحيث تتساوى كل الظواهر الإنسانية والطبيعية وتصبح كل الأمور مادية. إن العالم من منظور العلمانية الشاملة (شأنها في هذا شأن الفلسفة المادية) خاضع لقوانين مادية كامنة فيه لا تفرق بين الإنسان وغيره من الكائنات. كل هذا يعني نزع القداسة عن الطبيعة والإنسان وتحويلهما إلى مادة استعمالية، يوظفها القوي لحسابه. والعلمانية الشاملة بطبيعة الحال لا تؤمن بأية معايير أو مطلقات أو كليات، فهي لا تؤمن إلا بالنسبية المطلقة، بل إنني أذهب إلى أن ثمة ترادفا بين العلمانية الشاملة والرؤية الداروينية الصراعية، ولذا أسميها العلمانية المادية أو العلمانية المنفصلة عن القيمة أو العلمانية الداروينية. إذ إنه في غياب المعايير التي تتجاوز الذات الإنسانية تظهر آلية واحدة لحسم الصراع وهي القوة، ولذا نجد أن البقاء للأقوى، ولعل المنظومة الداروينية الصراعية هي أقرب المنظومات من نموذج العلمانية الشاملة. والعلمانية ليست ظاهرة اجتماعية أو سياسية محددة واضحة المعالم تتم من خلال آليات واضحة (مثل إشاعة الإباحية) يمكن تحديدها بدقة وبساطة، كما أنها ليست -كما يتصور البعض- أيديولوجية ولا حتى مجموعة من الأفكار التي صاغها بعض المفكرين العلمانيين الغربيين، (وأن هذه الأفكار نشأت في أوروبا بسبب طبيعة المسيحية) باعتبارها عقيدة تفصل الدين عن الدولة وتعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله. وللتحقق من معدلات العلمنة في مجتمع ما، فإن على الباحث أن يتناول عمليات العلمنة الواضحة وآلياتها المباشرة ومؤشراتها الظاهرة، فإن وجدها، صُنِّف المجتمع باعتباره مجتمعاً علمانياً، وإن لم يجدها فهو، بكل بساطة، مجتمع إيماني! وانطلاقا من هذا التصور الاختزالي تصبح مهمة من يود التصدي للعلمانية هي البحث عن هذه الأفكار العلمانية والممارسات العلمانية الواضحة، وعن القنوات التي يتم من خلالها نقلها. ومهمة من يبغى الإصلاح هي ببساطة استئصال شأفة هذه الأفكار والممارسات، عن طريق إصدار تشريعات سياسية معينة، وفرض رقابة صارمة على الصور والأفكار الواردة من الخارج. إن من يدرس ظاهرة العلمانية باعتبارها مجموعة من الأفكار المحددة والممارسات الواضحة، يتجاهل الكثير من جوانبها وبالتالي يفشل في رصدها، إن مصطلح « علمانية » كما هو متداول لا يشير إلا إلى هذه الجوانب الواضحة والظاهرة التي أشرنا إليها، فهو دال قاصر عن الإحاطة بمدلوله. فالعلمانية ثمرة عمليات كثيرة متداخلة بعضها ظاهر واضح والآخر بنيوي كامن، وتشمل كل جوانب الحياة العامة والخاصة، الظاهرة والباطنة، وقد تتم هذه العمليات من خلال الدولة المركزية، بمؤسساتها الرسمية، أو من خلال قطاع اللذة من خلال مؤسساته الخاصة، أو من خلال عشرات المؤسسات الأخرى (ومنها المؤسسات الدينية) أو من خلال أهم المنتجات الحضارية أو أتفهها. ولذا فدائما ما أشير إلى ما أسميه « العلمنة البنيوية الكامنة » إلى وصف ما أتصور أنه أهم أشكال العلمنة وأكثرها ظهوراً وشيوعا التي تتسرب لنا، وتتغلغل في وجداننا، دون أي شعور من جانبنا، من خلال منتجات حضارية يومية وأفكار شائعة وتحولات اجتماعية تبدو كلها بريئة أو لا علاقة لها بالعلمانية أو الإيمانية. خذ علي سبيل المثال سلعة من أكثر السلع شيوعا وأبسطها، التِّيشيرت T-Shirt الذي يرتديه أي طفل أو رجل، وقد كتب عليه مثلاً « اشرب كوكا كولا ». إن الرداء الذي كان يُوظَّف في الماضي لستر عورة الإنسان ولوقايته من الحر والبرد، وربما للتعبير عن الهوية، قد وُظِّف في حالة التِّيشيرت بحيث أصبح الإنسان مساحة لا خصوصية لها غير متجاوزة لعالم الحواس والطبيعة المادة. ثم تُوظف هذه المساحة في خدمة شركة الكوكاكولا (على سبيل المثال) وهي عملية توظيف تُفقد المرء هويته وتحيّده بحيث يصبح منتجاً بائعاً (الصدر كمساحة) ومستهلكاً للكوكاكولا (هذا مع العلم بأن الكوكاكولا ليست محرمة فهي حلال) أي أن التِّيشيرت أصبح آلية كامنة من آليات العلمنة إذا حولت الإنسان إلى مادة استعمالية، ومع هذا لا يمكن القول إن الكثيرين يدركون ذلك. وما قولكم في هذه النجمة السينمائية المغمورة (أو الساطعة) التي تحدثنا عن ذكريات طفولتها وفلسفتها في الحياة وعدد المرات التي تزوجت فيها وخبراتها المتنوعة مع أزواجها، ثم تتناقل الصحف هذه الأخبار وكأنها الحكمة كل الحكمة! وقد تحدثت إحداهن مؤخرا عما سمته « الإغراء الراقي » مما يدل على عمقها الفكري الذي لا يمكن أن تسبر أغواره. أليس هذا أيضاً علمنة للوجدان والأحلام إذ تحوَّلت النجمة إلى مصدر للقيمة وأصبح أسلوب حياتها هو القدوة التي تُحتذى، وأصبحت أقوالها المرجعية النهائية؟ وقد يكون وصف أقوال هذه النجمة بأنها منافية للأخلاق أو للذوق العام وصفاً دقيقاً، ولكنه مع هذا لا يُبيِّن الدور الذي تلعبه النجمة وأفكارها في إعادة صياغة رؤية الإنسان لنفسه وتَصوُّره لذاته وللكون بشكل غير واع، ربما من جانبها ومن جانب المتلقي معا. إن بعض المنتجات الحضارية التي قد تبدو بريئة تماماً ومجرد تسلية مؤقتة تؤثر في وجداننا وتُعيد صياغة رؤيتنا لأنفسنا وللعالم، إذ إن أولئك الذين يرتدون التِّيشيرت، ويشاهدون الأفلام الأميركية (إباحية كانت أم غير إباحية) ويسمعون أخبار وفضائح النجوم ويتلقفونها، ويشاهدون كماً هائلاً من الإعلانات التي تغويهم بمزيد من الاستهلاك، ويهرعون بسياراتهم من عملهم إلى محلات الطعام الجاهز، وأماكن الشراء الشاسعة يجدون أنفسهم يسلكون سلوكاً ذا توجُّه علماني شامل ويستبطنون عن غير وعي مجموعة من الأحلام والأوهام والرغبات هي في جوهرها علمانية شاملة دون أية دعاية صريحة أو واضحة. وربما كان بعضهم لا يزال يقيم الصلاة في مواقيتها ويؤدي الزكاة. ونظراً لعدم إدراك البعض لأشكال العلمنة البنيوية الكامنة هذه، فإنه لا يرصدها. ولذا، يُخفق هذا البعض في تحديد مستويات العلمنة الحقيقية. وعلى هذا، فقد يُصنَّف بلد ما باعتباره إسلامياً (مثلاً) لأن دستور هذا البلد هو الشريعة الإسلامية مع أن معدلات العلمنة فيه قد تكون أعلى من بلد دستوره ليس بالضرورة إسلاميا، ولكن معظم سكانه لا يزالون بمنأى عن آليات العلمنة البنيوية الكامنة التي أشرنا إليها. (*) كاتب ومفكر مصري (المصدر: ركن « المعرفة » بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 8 فيفري 2007)
قادة أمريكيون: الحملة الأمنية ببغداد تستهدف السنة
وكالات – إسلام أون لاين.نت بغداد- كشف قادة عسكريون أمريكيون عن أن نظراءهم العراقيين يحثونهم على السعي وراء أهداف سنية كعنصر التركيز الأول في خطة تأمين بغداد، واعتبروا أن الخلاف الأمريكي العراقي حول هذه النقطة هو السبب وراء تأجيل التطبيق الكامل للخطة الهادفة إلى إخلاء شوارع العاصمة العراقية من المسلحين. وقال ضباط أمريكيون في مقابلات أجرتها معهم وكالة « أسوشيتد برس » للأنباء في قاعدة « فيكتوري كامب » غربي بغداد ونشرها موقع « ياهو »: إن التأخير في التطبيق الكامل للخطة الأمنية ببغداد يعود في جزء منه لعدم الاتفاق بين القادة العراقيين والأمريكيين بشأن « أي الأحياء ينبغي تطهيرها أولا من المسلحين ». وبحسب الضباط الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم فقد طالب العراقيون المسئولين الأمريكيين بالتركيز على الأحياء السنية. وأوضحت المصادر نفسها أن ممثلي وزارة الداخلية العراقية التي يقودها الشيعة قللوا في الوقت ذاته من شأن التهديد الذي تمثله ميليشيا جيش المهدي التابعة للزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر، والتي توجه لها الاتهامات بالمسئولية عن الكثير من أعمال العنف والقتل ضد سنة العراق. مخاوف من مواجهة جيش المهدي وأرجع الضباط الأمريكيون رغبة قادة وزارة الداخلية العراقية في عدم الدخول في مواجهة مع جيش المهدي إلى إمكانية أن تقلل هذه المواجهة من الدعم الذي تحظى به الحكومة التي يقودها الشيعة، بل وقد تؤدي إلى إشعال مزيد من العنف. وكانرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي (شيعي) قد صرح مؤخرا بأن « العملية الأمنية في العاصمة العراقية لن تستهدف جماعة دينية أو مذهبية محددة، وأن القانون سيطبق على الجميع ». لكن قائدا عراقيا فضل عدم الكشف عن اسمه أقر بوجود خلافات بين المخططين العراقيين والأمريكيين حول أفضل الطرق لتنفيذ العملية وعلى أي الأحياء السنية أم الشيعية ينبغي أن تركز الحملة الأمنية، وقد أدت هذه الخلافات بحسب المصدر نفسه كذلك إلى تأجيل اتخاذ قرار بشأن مكان نشر الوحدات العراقية التي تتوافد للمشاركة في العملية الأمنية. نتائج أقل من المتوقع فيالوقت نفسه تتحدث التقارير الإعلامية عن أن نتائج الحملة الأمريكية العراقية الأمنية للبحث عن المسلحين والأسلحة والتي يشارك فيها آلاف الجنود كانت أقل من المتوقع. فخلال العملية تمشيط أمريكية واسعة لحي الحرية (أغلبية شيعية) ببغداد والذي شهد عمليات مسلحة من قبل ميليشيات شيعية في ديسمبر الماضي ضد العائلات السنية؛ وهو ما دفع مئات الأسر السنية إلى الفرار، لم يتم العثور إلا على القليل من الأسلحة والمسلحين. النتائج كانت مشابهة خلال عملية التمشيط لحي « الشعب » ذي الغالبية الشيعية شمال شرق بغداد، حيث لم تعتقل القوات المشتركة سوى 16 مشتبها بهم، ولم تصادر سوى 3 مدافع رشاشة من طراز كلاشينكوف في الحي الذي قالت الاستخبارات الأمريكية عنه إنه مكان لتفريخ صانعي القنابل. وفي تعليقهم على نتائج حملات التمشيط هذه أرجع ضباط أمريكيون في تصريحات لوكالة « أسوشيتد برس » ذلك لإمكانية أن تكون المعلومات الاستخباراتية مغلوطة أو أن تكون الدعاية الضخمة التي سبقت الحملة الأمنية أتاحت الوقت لهروب المسلحين. مخاوف أمريكية من الفشل ويخشى القادة الأمريكيون من فشل هذه الحملة الأمنية ببغداد، وقال القائد العسكري الأمريكي الجديد في العراق الجنرال « ديفيد بترايوس » اليوم السبت: إن العراق سيحكم عليه بالصراع الطائفي المستمر إذا فشلت الخطة الأمنية. وأضاف قائلا: « المهمة ممكن تنفيذها.. التصورات الخاصة بتحقيق نجاح جيدة. إذا فشل ذلك فسيحكم على العراق بالعنف والصراع المدني المستمرين ». واعتبر بترايوس خلال مراسم تسلمه قيادة 130 ألف جندي أمريكي في العراق من الجنرال جورج كيسي في قاعدة أمريكية قرب مطار بغداد أن « الأخطار في العراق جمة ». وبترايوس خبير في « مكافحة التمرد »، ويعتبر أحد أفضل قادة الجيش الأمريكي. وقال لأعضاء الكونجرس الأمريكي في يناير الماضي: إن الوضع في العراق « أليم »، ولكن هناك بصيصا من الأمل. وحث على نشر القوات الأمريكية الإضافية للعراق بأسرع وقت ممكن، ومن المتوقع أن تشتد الحملة الأمنية في بغداد تدريجيا خلال الأسابيع والشهور المقبلة. وقاد بترايوس الفرقة 101 المحملة جوا بالجيش الأمريكي خلال الغزو الانجلوأمريكي للعراق في مارس 2003. (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 10 فيفري 2007)
Home – Accueil – الرئيسية