الخميس، 9 يونيو 2011

في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNWS 11ème année, N°4034 du 09.06.2011  

archives : www.tunisnews.net


أمّ زياد في حوار خاصّ (فيديو) بـ”المشهد التونسي”:فضّلتُ الانسحاب بعد أن امتلأت الساحة بالثوريّين الجُـدُد

كلمة:حسابات الرئيس المخلوع وعائلته بسويسرا تتجاوز المبلغ الذي تم الإعلان عنه

كلمة:البنك المركزي الإماراتي يجمد أرصدة بن علي وزوجته ومقربين منهما

متساكني منطقة الحسيان عمادة عين جلولة:رسالة إلى السيد والي القيروان

المجلس الجهوي لحماية الثورة بنابل:بيان

عبد الباسط خليل:اتهامات وإشاعات حول فساد اداري ومالي لبعض مسؤولي ولاية نابل

الأمين العام للحزب يستقبل وفدا ديبلوماسيا من الاتحاد الأوروبي

محمٌد رؤوف يعيش:هذه حقيقة برنامج « أحداث عربية »

قائمة تكميلية في الحاضرين بالمؤتمر التأسيسي لنقابة القضاة بتاريخ 22ماي2011

مراد رقية:مجلس حماية الثورة بقصرهلال؟؟؟

كمال بن يونس:المعلن والمسكوت عنه في خطاب السبسي:5 رسائل سياسية و3 خطوط حمراء

صلاح الدين الجورشي:بعد تجاذبات.. تونس تتجه إلى انتخاب مجلس تأسيسي في 23 أكتوبر

عماد العبدلي:الباجي قايد السبسي ينتصر بالضربة القاضية على دعاة التثبيت و التاجيل و التاخير

محمد العيادي:وزراء ومسؤولون سابقون ضحايا النظام البائد فماذا عن الشعب المسكين ؟

علـي مطـيـر:أحـداث المتـلوّي : مـن المـسـؤول ؟

وسام ماني :كفى مغالطة و ركوبا على موجة الثورة

رابطة اليسار العمالي:أسس البرنامج الانتقالي للثورة الدائمة في تـــونس

محمد علي الهادي بن تيتاي:ليس وراء الأحزاب ..إلا الفوضى والخراب

نورالدين بوفلغة:نداء استجماع القوى لاثبات جدارة البقاء

تونس ما بعد الثورة : من قاعدة شاركني أو اندثر الى قاعدة تطوّر أو اندثر

ماتيو مانيودييكس:رمز لنظام زين العابدين بن علي في باريس يبدأ بإفشاء أسراره

منير شفيق:خطاب أوباما أستذة ونفاق وتدخل فظ
الصادق الفقيه:

الثورات العربية ومشروعية التساؤل

عبد الباري عطوان:ثوار الناتو.. ووثائقهم المزورة
قنطرة:تركيا قبل الانتخابات البرلمانية: إردوغان بعيون ناخبيه……  »المعلم الكبير » و »السوبرستار »
نيويورك تايمز:السعودية تشتري استقرارها

ا ف ب:الرئيس اليمني يخرج من العناية الفائقة واعتراضات على عودته إلى الحكم


Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

تابعوا جديدأخبار تونس نيوز على الفايس بوك

الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141


أمّ زياد في حوار خاصّ (فيديو) بـ”المشهد التونسي”: فضّلتُ الانسحاب بعد أن امتلأت الساحة بالثوريّين الجُـدُد


المشهد التونسي – خاصّ أجرى الحوار: غسّان بن خليفة ووليد حدّوق
خصّت الكاتبة الصحفيّة والناشطة السياسية نزيهة رجيبة (المعروفة أكثر بكنية أمّ زياد) موقع “المشهد التونسي” بأوّل مقابلة تجريها مع وسيلة إعلام تونسية بعد 14 جانفي. وتحدّثت أمّ زياد عن أسباب غيابها عن الساحة منذ 14 جانفي وعن رؤيتها لتطوّر الأحداث بعد هروب بن علي. كما عرّجت على واقع الإعلام “بعد الثورة” وعلى تصوّرها للمستقبل القريب. مزيد من التفاصيل في الفيديو أسفله على 3 أجزاء: http://www.machhad.com/?p=3051 (المصدر: « المشهد التونسي » بتاريخ 7 جوان 2011)
 

حسابات الرئيس المخلوع وعائلته بسويسرا تتجاوز المبلغ الذي تم الإعلان عنه

اعتبر السيد « سامي الرمادي » رئيس الجمعية التونسية للشفافية المالية ، أن أموال الرئيس المخلوع وعائلته المودعة بالبنوك السويسرية، أكثر من المبالغ التي أعلنت عنها السلطات السويسرية و التي قدرتها بما يعادل 90 مليون دينار تونسي. وأكد رئيس الجمعية أن للمخلوع وعائلته حسابات إسمية وأخرى مشفرة أو باسم شركات واجهة بسويسرا، لم تعلن عنها الحكومة السويسرية، حسب ما نقلته وكالة تونس افريقيا للأنباء. و من جهة أخرى، كشف نفس المصدر أن مواطنين قاموا بإمضاء عريضة موجهة لسفرات البلدان التي من المتوقع أن للرئيس المخلوع أو لعائلته حسابات بها، لارجاع الأموال المودعة ببنوكها للشعب التونسي.  
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ، بتاريخ 09 جوان 2011)

البنك المركزي الإماراتي يجمد أرصدة بن علي وزوجته ومقربين منهما

أصدر البنك المركزي الإماراتي قرارا يقضي بتجميد جميع أرصدة « بن علي » وليلى الطرابلسي و20 من المقربين منهما، حسب ما نقلته صحيفة إقتصادية إماراتية أمس الأربعاء. وطلب البنك المركزي الإماراتي من جميع البنوك بالبلاد تجميد تلك الأرصدة. وجاء قرار البنك الإماراتي استجابة لطلب من وزارة الخارجية التونسية التي طلبت الشهر الماضي من الإمارات وقطر تجميد أرصدة بن علي وعائلته. وكانت بعض الدول الأوربية قد بادرت عقب الإطاحة ببن علي بتجميد أرصدته وبعض المقربين منه. وكان بن عليّ قد نفى على لسان محامييه اللبناني والفرنسي إمتلاك أي أرصدة أو ممتلكات أخرى خارج تونس. في حين تمكن صهره سليم شيبوب من رفع التجميد عن أمواله في فرنسا. وقد سبق لمحافظ البنك المركزي التونسي أن صرح بغياب إحصائيات دقيقة عن حجم الأموال التي يملكها بن علي وعائلته خارج تونس.  
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ، بتاريخ 09 جوان 2011)  

الحمد لله وحده الحسيان في 9 جوان 2011 رسالة
السيد والي القيروان حفظه الله السيد المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية بالقيروان


بعد التحية، نحن متساكني منطقة الحسيان عمادة عين جلولة معتمدية الوسلاتية نحيط سيادتكم علما بأن منطقتنا شهدت هطول أمطار غزيرة مصحوبة بحجر البرد وذلك يوم الثلاثاء 07 جوان 2011 مساء، مما تسبب في خسائر جسيمة وبليغة تمثلت أساسا في: – إتلاف كامل صابة الحبوب من قمح وشعير. – سقوط نسبة كبيرة من حبّ الزيتون مع تكسير بعض الأغصان، وكذلك الشأن بالنسبة لأشجار اللوز. – إتلاف نسبة هامة من كرم الهندي باعتباره احتياطيا علفيا استراتيجيا. – إصابة عدد من المواشي بجروح. – تعرّض بلور بعض السيارات إلى التكسير. هذا وقد أتت هذه الأمطار على الأخضر واليابس الشيء الذي يعطيها صفة الكارثية في منطقة يُعتبر النشاط الفلاحي بها المورد الأساسي للرزق والنشاط الرئيسي لكافة أهاليها. وأمام هذا الوضع الكارثي فإننا سيدي الوالي، سيدي المندوب، نطلب من سيادتكم إرسال لجنة مختصة لتقييم الأضرار. كما نطلب منكم الوقوف إلى جانب القلاحين لتجاوز محنتهم عبر مساعدات عاجلة. عن الأهالي مراد الثابتي رئيس اللجنة المحلية لحماية الثورة بالحسيان / عين جلولة


بسم الله الرحمان الرحيم نابل في 8 جوان 2011 المجلس الجهوي لحماية الثورة بنابل
بيان  

علمنا أن هناك توجه عام في ما يتعلق بالقضايا المرفوعة ضد من ساهم بالقتل والاصابة بالرصاص الحي لأبناء الثورة.علما وقد تداول العديد من النافذين أنه لن يحاكم أيا ممن شارك بالقتل أو الاصابة أو حتى ممن أعطى الأوامر. نحن المجلس الجهوي لحماية الثورة بنابل من موقع مسؤوليتنا تجاه أبناء الثورة من الضحايا:
1)-نعرب عن وقوفنا بحزم من أجل افشال هذا المخطط. 2)-ندين بشدة كل محاولة التفاف على قضايا شهداء ثورتنا الأبرار ومصابيها. 3)-نطالب بالتسريع في النظر في هذه القضايا دون محاولة لتهميشها . 4)-ندعو لجنة تقصي الحقائق الى ضرورة الاحاطة بكل ملفات المتضررين دون اقصاء لأي كان ونطلب من اللجنة اعادة النظر في بعض الأطراف القضائية الذين كلفوا بالتحقيق في قضايا بالجهات. 5)-نعلن عن تبنينا لقضايا كل المتضررين من عوائل وأفراد ودلك بمتابعة هذه الملفات والتصدي لكل من تخول له نفسه بالتلاعب بدماء أبناء ثورتنا. كما نعلن عن أننا سنتوخى أشكانا نضالية متعددة الى أن ينصف كل من هؤلاء المتضررين ويعاقب كل من ساهم في هذه الجرائم سواء بتقديم التعليمات باستعمال الذخيرة الحية أو من أطلق الرصاص.
المجد للشهداء وللمناضلين  


اتهامات وإشاعات حول فساد اداري ومالي لبعض مسؤولي ولاية نابل

لم تهتم الحكومة المؤقة بتطهير الوزارات و المؤسسات الوطنية من رموز الفساد سواء كانوا تابعين للحزب الحاكم السابق أو مستقلين ولكنهم كانوا يساهمون بشكل مباشر في تفشي جريمة السرقة والنهب والرشاوي والتلاعب بالمال العام في الصفقات العمومية وغيرها. من ذلك فإن مركز ولاية نابل فيه ثلة من المسؤولين ممن تدور حولهم شكوك في التلاعب بالمواطنين وتقاضي رشاوي كبيرة والتلاعب بأملاك الدولة عبر مجلس الولاية. 1) فإذا علمنا أنه من بين ما يشاع أن نبيل المعاوي رئيس مجلس الولاية بولاية نابل قام مؤخرا ببيع منزلا فاخرا في جهة تازركة موجود قرب منزل المنجي شوشان كاتب الدولة الاسبق للداخلية باعه بقيمة مليار و800مليون وهو يملك شقة في الحي السكني بجانب نزل الكيوبس بنابل وكذلك هو بصدد بناء فيلا فاخرة في حي فاخر يوجد وراء منطقة أمن نابل في الطريق السياحية المؤدية من نزل الكيوبس نابل والمركب الثقافي النيابوليس نابل بالاضافة الى منزل على ملكه بمدينة الحمامات ؛ أما عن الاشاعة التي مفادها أن السيارة Polo3 و التي هي على ملك مجلس الولاية والتي يستغلها هو شخصيا بحكم منصبه الاداري قد تعرضت لحادث في ظروف غامضة وتم اصلاحها بمبلغ خيالي يساوي 16 مليون وبعد فترة اعيد ادخالها للاصلاح بمبلغ 5 ملايين أي أن تكلفة الاصلاح تفوق سعر سيارة جديدة .فلابد من التساؤل عن ماهية حقيقة السيارة وحقيقة الحادث وحقيقة القاراج الذي يؤمن عملية الاصلاح؟ 2) السيارات الادارية التابعة لمجلس الولاية كانت تحمل لوحات مكتوبة بالاحمر مثلها مثل السيارات الادارية الاخرى ولكن بعد الثورة لوحظ استبدال لوحات بعض سيارات لمسؤولين بلوحات مكتوبة بالابيض والاسود تشبها بالسيارات المدنية وقد تمتع بهذا كل من رئيس مجلس الولاية المذكور اعلاه وعبد البالقي وغيرهم من المسؤولين المنخرطين في عمليات مشبوهة مع رجال اعمال وبعض طالبي خدمات ورخص من المواطنين. 3) كل من نبيل المعاوي وبرهان بن عيسية وشعبان مقديش يقومون بالتحيل على المواطنين والمستثمرين وذلك بجمع الاموال منهم لصالح جمعية خارج الولاية يرأسها طبيب ويقومون بعد ذلك بتقاسم المبالغ المجموعة. 4) هناك حديث عن تفويت هذه المجموعة في أراضي تابعة للمجلس وكذلك عن سوء تصرف مالي كبير وعن وقوف هذه المجموعة حاجزا بين الوالي وبين المواطنين الذين يرغبون في التشكي او التظلم …كما ان هناك تستر من طرف عبد الباقي على مخالفات لكراس الشروط وللقانون يقوم بها احد اقاربه يملك شركة ترفيه بحرية . ومن بين الأراضي التي وقع التفويت فيها بالبيع أرض بمنطقة المرازقة مساحتها هكتار و 700متروأخرى حذو نزل الرياض وقد تقاسم مبلغ البيع كل من عبد الجواد حديدان والذي نال نصيب 500مليون وفؤاد دغفوس مستشار الرئيس المخلوع ونبيل معاوي و الصادق الخضار رئيس مدير عام شركة السياحة بالوطن القبلي… 5) قام مجموعة من المستثمرين في القطاع السياحي بجهة الحمامات ونابل بتقديم شكاوى وعرائض الى وزارة الداخلية والتي أذنت بفتح تحقيق في شأنها من طرف السلط المحلية الا ان هذه المجموعة المتنفذة داخل مجلس الولاية قامت بايقاف البحث واقناع الوالي السابق بان الملف كيدي ولا اساس له من الصحة رغم ان المشتكين يملكون أدلة على ذلك. عبد الباسط خليل السبيل أونلاين www.assabilonline.net  


الأمين العام للحزب يستقبل وفدا ديبلوماسيا من الاتحاد الأوروبي

 


استقبل الأمين العام للحزب الأستاذ أحمد الاينوبلي صباح أمس الأربعاء بالمقر المركزي للحزب مرفوقا بأعضاء المكتب السياسي وفدا دبلوماسيا يتكون من المسؤول على القسم السياسي بالاتحاد الأوروبي وممثل عن سفارة المملكة المتحدة بتونس وممثلة عن سفارة بلجيكيا بتونس. وتناول اللقاء الوضع العام في البلاد والاستحقاقات المقبلة خاصة انتخابات المجلس التأسيسي ومواقف حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي من كافة القضايا الوطنية والقومية المطروحة . دائرة الإعلام والاتصال

هذه حقيقة برنامج « أحداث عربية »

 


بقلم: محمٌد رؤوف يعيش (*)  
 
استغلٌ الزميل الإعلامي محمٌد كريشان زيارته الأخيرة إلى تونس للإدلاء بسلسلة من الحوارات مع عدد من القنوات الإذاعية والتلفزية، كانت مناسبة تعرٌف من خلالها جمهور المستمعين والمشاهدين على جوانب من مسيرته الدراسية والمهنية، والمراحل التي قادته إلى العمل بقناة الجزيرة الإخبارية، مروراً بالفترة الوجيزة التي قضٌاها مذيعاً في القسم العربي لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (البي . بي . سي). وكان من الطبيعي أن يطرح عليه مقدٌمو ومقدٌمات البرامج في لقاءاتهم تلك، أسئلة تهمٌ بداياته في العمل الإذاعي.  
الإذاعة التونسية : المنطلق
في مطلع سنة 1991 ، عيٌنت مديرا للإذاعة الوطنية ، بما فيها إذاعة تونس الدٌولية كإدارة فرعية، وأذكر أنه قبل أيام من مغادرة الأستاذ صلاح الدين معاوي الإدارة العامٌة للإذاعة والتلفزة، أحال إليٌ مشروع برنامج في الشؤون العربية تقدٌم به الصٌحفي الشٌاب محمٌد كريشان، وكان الأستاذ معاوي قد علٌق على الإحالة بأنه مشروع واعد يستحقٌ التشجيع. وبالإطلاع على خطوطه العريضة، تبيٌن لي أن التصوّر جيّد، لم نعهد مثله من قبل في أدبيات الإنتاج الإذاعي، فضلا عن كون الخطٌ التحريري للمشروع جاء موسوما بالجرأة في تناول القضايا العربية التي عُرضت نماذج منها. وكنت من أوٌل وهلة على ثقة بأن البرنامج سيعطي الإضافة، وسيشكٌل الحدث في الإذاعة التونسية التي كنت باشرت مسؤولية إدارتها حديثا، وذلك لما أعرفه عن معدٌه من حرفيٌة مبكٌرة بدت لي من خلال قراءتي لمقالاته في جريدة الرأي. وقد استحضرت هذه المعطيات، رغم وعيي التام بحساسية المواضيع التي سيتمّ التطرٌق إليها، خصوصا أنٌ ذلك أتى متزامناً حينذاك مع أحداث جدٌ ساخنة في المنطقة العربية، وذات ارتباط وثيق بسياسات الدٌول الكبرى ومصالحها في الشرق الأوسط، ومن أهمٌها حرب الخليج الأولى ، والنزاع العربي الإسرائيلي، وغيرها من الأحداث التي طبعت أوائل تسعينات القرن الماضي. وإدراكا منٌي لدقٌة المسائل التي سيقع بحثها وما تتضمٌنه أحياناً من إشكالات بالغة التعقيد، آليت على نفسي أن أوجٌه اهتماما خاصٌا إلى هذا الإنتاج الجديد، وأصرف قدرا لا يستهان به من وقتي للسهر على إنجازه في أمثل الظروف، سيما أنٌ صاحبه يعتمد، إلى جانب صياغته للتعليق، مجموعة من المصافحات -أغلبها عن طريق الهاتف- مع الشخصيات الفاعلة في الساحة السياسية وأشهر المحلٌلين والخبراء على الصٌعيدين العربي والدٌولي. ولعلٌ الزميل محمٌد كريشان ما زال يذكر موعدنا القارٌ يوم السبت في الساعة الثانية بعد الظهر الذي نخصٌصه أسبوعيٌا للتحاور في شأن الموضوع المقترح، وكان، بتواضعه، يقرأ عليٌ النصٌ الذي أعدٌه ويتولٌى من خلال الملاحظات التي أسوقهـا والنصائح التي أسديها إليه إصـلاح الهنـــات التي تعترضـــه. وقد يكون الصديق العزيز أفاد إفادة جمٌة من هذه اللقاءات الأسبوعية المنتظمة التي أتيحت له خلالها فرص مزيد التٌمرٌس في العمل الإذاعي والتمكٌن من اللٌّغة العربية واكتساب القدرة الفائقة على الإلقاء السٌليم، وهو ما نوٌه به شخصيٌا عند نزوله ضيفا على إذاعة شمس FM ، حيث أثنى على الدٌور المتواضع الذي ما فتئت أقوم به تجاهه طيلة ما يناهز الثلاث سنوات من عمر البرنامج.
أحداث عربية ومقوٌمات النجاح
وليسمح لي المذيعون والمذيعات المعنيون، بالإشارة بكلٌ لطف – إلى أنٌ ما يؤاخذ على طبيعة الحوارات التي أجروها مع مخاطبهم، هو تركيزهم المفرط على الأسباب التي أدٌت إلى إيقاف البرنامج، وقد كان من الأنسب ، علاوة على ذلك، التعمٌق في خصوصياته شكلا ومضمونا فهناك بعض الخفايا التي غابت عن الأذهان، على غرار ما حصل مراراً أنّه بمجرٌد الشٌروع في إذاعة الحصٌة يوم الأحد، كانت وكالات الأنباء العربية والعالمية تتسارع في بثٌ برقياتها العاجلة، مستندة إلى الإذاعة التونسية كمصدر للخبر، حيث تستغلٌ ما جاء في تصريحات الضٌيوف المشاركين، اعتبارا لأهمية أبعادها وانعكاساتها. والحقيقة أنٌ كلٌ حلقة من حلقات هذا البرنامج ، كانت تتميٌز بالجدٌة وقوّة التحليل ووضوح المقاربات، يجتهد معدّها، بكفاءة عالية، في الإحاطة بمختلف العناصر المكوٌنة للموضوع المطروح، وبمهارة لافتة في معالجته من كافّة الجوانب، والخروج بجملة من الاستنتاجات التي تعين المستمع على فهم المقاصد التي حدّدها، في إطار رؤية تستشرف المستقبل وتتلمٌس بوادر الحلول الممكنة، مع حرص دؤوب على تحقيق السبق الإعلامي. وللأمانة أقول، دون مبالغة وبشيء من الاعتزاز ، إنني سعيت جاهدا إلى مواكبة سير حلقات هذا البرنامج، الواحدة تلو الأخرى، ومتابعته في أدقٌ تفاصيله، وكنت أجد متعة في ذلك، رغم المشاغل المهنية المتعدٌدة، وفي ظلٌ الملابسات التي كانت تحفٌ بالقطاع السمعي البصري الوطني في الفترة السابقة والذي شجّعني على توخٌي هذا المسلك «الوعر» هو شدٌة اقتناعي بالأهمية المتزايدة التي بات يكتسيها البرنامج وبالمنزلة الرٌفيعة التي تبوٌأها ضمن الشبكات البرامجية المتعاقبة في الإذاعة الوطنية. ويحضرني، في السياق ذاته، برنامج تلفزي قد لا يزال راسخا في ذاكرة المشاهدين الكبار نسبيا- بعنوان «العالم هذا الأسبوع» الذي تداول على إنتاجه نخبة لامعة من الصٌحافيين العاملين معي في الأخبار التلفزية، أمثال خميّس الشايب والحبيب الغريبي وماهر عبد الرٌحمان والحبيب بن سعيد.
إيقاف تعسٌفي لـبرنامج : « أحداث عربية»
بخصوص دواعي الاستغناء عن البرنامج، وهي النقطة الجوهرية التي شكٌلت قطب الرحى في سائر الحوارات الإذاعية والتلفزية، فإني أودٌ تصحيح الرٌواية التي أوردها الزميل امحمٌد كريشان في أكثر من مناسبة، ومفادها أنني دعوته قبل مرافقته للزعيم الراحل ياسر عرفات في سفره باتجاه أوسلو، إلى إبراز «دور تونس ورئيسها» والحديث عن المساهمة التونسية في الإعداد للاتفاقيات المشتركة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل… وكان قد ذهب في ظنٌه أنٌ إيقاف البرنامج قد تقرٌر نتيجة عدم قيامه بما طلب منه.
و أرى أنٌ من الضٌروري تصويب ما جاء على لسان امحمّد كريشان لأوٌل مرٌة بعد مرور 18 سنة، وأن أؤكٌد أنٌ روايته تلك لا أساس لها في الواقع ، وقد يكون ترجيحه لها اليوم من باب التخمين والبحث عن الأسباب التي ظلٌت مجهولة لديه منذ 1993…
وما أريد الجزم به، أنٌني كنت مع فكرة تقديم وجهة النظر التونسية إزاء بعض القضايا التي يثيرها البرنامج، كلٌما دعت الحاجة إلى ذلك ، خصوصا أنه يبثٌ من إذاعة وطنية، وهذا أمر مشروع ومعمول به حتٌى في كبريات الإذاعات العالمية.
وأودٌ أن أؤكٌد للزميل امحمٌد، الذي أكنٌ له التقدير وأتابع مسيرته المهنيٌة بإعجاب، أنٌ قرار إيقاف برنامجه لم يكن شأنا داخليا ( في مستوى دار الإذاعة والتلفزة )، بل تمٌ اتخاذه في الدوائر العليا، بأمر من رئاسة الجمهورية وإبلاغه إلى الإدارة العامٌة للمؤسٌسة من قبل الوزير المستشار عبد الوهاب عبد الله المكلٌف آنذاك بدائرة الإعلام، وليس هو بناتج عن الوقوع في انزلا قات مهنية…
والذي أرجٌحه اليوم من منظوري الشٌخصي أنٌ هذا الإجراء الذي فاجأني في وقته بل صدمني، كان يستهدف محمٌد كريشان بالذات، وهو الإعلاميّ المستقلٌ، وكم هم المستقلٌون الذين يُحشرون في عداد «المناوئين» للنظام السابق والخارجين عنه، لا لشيء إلاٌ لكونهم لا يسيرون في ركبه، وذلك عملاً بالمبدإ المعروف : «إذا لم تكن معي فأنت ضدّي.»
وعبثا حاولت الدٌفاع عن استمرارية البرنامج، ولمٌا تبيٌنت أنٌ سعيي ذهب أدراج الرٌياح، كان عليٌ أن أبادر إلى الاتصال بصاحبه. وأعترف أنٌني كنت في موقف محرج حينما أخطرته بالقرار، ولم يكن لي من بدٌ ـ احتراماً لواجب التٌحفٌظ سوى التٌظاهر أمامه بتعلاٌت واهية، من قبيل تواضع الإمكانات في الإذاعة والبطء الذي يرافق تسديد المكافآت المالية.
وقد تراءى لي أنٌ كلامي لم يكن مقنعا، الشيء الذي أثار استغرابه واندهاشه و رغم ذلك فقد انصرف لحاله مسلٌما بالواقع.
« أحداث عربية » وأفول الإبداع الإعلامي السمعي
تلك بعض الأضواء الكاشفة أردت ، بعد تردٌد ، تسليطها للقرٌاء الكرام حول حقيقة برنامج « أحداث عربية « الذي شدٌ اهتمام مستمعي ومستمعات الإذاعة التونسية ، وفسح المجال واسعا أمام السٌاسة والمحلٌلين العرب والأجانب للإفصاح عن آرائهم وأفكارهم، على نحو أسهم في إثراء المشهد الإتصالي والسياسي الذي وسم النصف الأوٌل من التسعينات.
وممّا يجدر التذكير به أنٌ برنامج « أحداث عربية « قد أنتجه محمٌد كريشان بشغف كبير ووفق المعايير المهنية الراقية، ويمكن اعتباره بلا منازع من نوع الأعمال الإبداعية الرائدة، ونموذجاً متفرّداً في صنف البرامج السياسية. ولعلّي لا أجانب الصواب إذا أضفت أن هذا البرنامج هو الذي مهّد الطريق للزميل الفاضل لتثبيت مسيرته الإعلامية السٌمعية البصريٌة ودعمها، ومنه حقّق ذيوع الصٌيت، وبه انفتحت أمامه الآفاق رحبةً للانتشار واكتساب هذه المكانة المتميّزة، التي هو بها جدير، في السٌاحة الإعلامية العربية.
(*) مدير الإذاعة الأسبق (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 9 جوان 2011)

قائمة تكميلية في الحاضرين بالمؤتمر التأسيسي لنقابة القضاة بتاريخ 22ماي2011

 


1) المنتصر بالله بن فرج : قاضي بالمحكمة الابتدائية بتونس 2) سعيدة المهذبي: مستشارة بالدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس 3) وليد البرقاوي: قاضي السجل التجاري بالمحكمة الابتدائية بالقيروان 4) لمياء الزرقوني: وكيل رئيس بالمحكمة الابتدائية بتونس 5) نائلة التريكي: مستشارة بمحكمة الاستئناف بتونس 6) عبد الخالق مستورة: مستشار بمحكمة التعقيب 7) عبد الرزاق حنيني: مساعد الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس 8) أحمد الغالي: مستشار بمحكمة الاستئناف بتونس 9) حكيم بنسلطان: قاضي بالمحكمة الابتدائية بتونس 10) شادية الصافي: مستشارة بمحكمة الاستئناف بتونس 11) ابراهيم بوصلاح: قاضي بالمحكمة الابتدائية بتونس 12) محمد البجاوي: مستشار بمحكمة الاستئناف بنابل 13) فوزية الزرقي: مستشارة بمحكمة الاستئناف بتونس 14) هشام الباجي: مستشار بمحكمة التعقيب 15) نضال بن علي: قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية ببنزرت 16) محرزية نويوي: قاضي بالمحكمة العقارية 17) عواطف ونان: قاضي بالمحكمة الابتدائية بتونس 18) مريم بن نجمة: رئيس دائرة بمحكمة الاستئناف بتونس 19) وردة الشابي: ملحق قضائي 20) سارة العباسي: قاضي بالمحكمة الابتدائية بتونس 21) منية السافي: قاضي الأطفال بالمحكمة الابتدائية بسوسة2 22) منصور شلندي: قاضي الائتمان والتصفية بالمحكمة الابتدائية بقابس

مجلس حماية الثورة بقصرهلال؟؟؟

 


مراد رقية  
لقد اقترنت ثورة الكرامة والحرية في سائر أنحاء وطننا العزيزبتركيز هياكل نوعية الهدف منها حماية مسار ومكتسبات الثورة على المستويات الوطنية والجهوية والمحلية،والتكفل كذلك بتوفير الحماية الأهلية للمواطنين وللمؤسسات في ظل تبخر الجهازين الاداري والأمني عبر ما اصطلح عليه ب »لجان حماية المدينة »؟؟؟
ومثلما كان لمدينة قصرهلال في العهد البائد موعد متميز مع الاقصاء والتهميش والحرمان من المرافق ومن الخدمات بأياد محلية ارتبطت مصالحها بمصالح المنظومة الاستبدادية ومافياتها السياسية والاقتصادية،فان المدينة التاريخية كان لها بعد14جانفي2011 موعد مع منتحلي الصفة وسماسرة العهد الثوري من خلال سعي بعض الأطراف غيرالملتزمة بمشاكل مدينتها في المرحلة السابقة بركوب الموجة،والوصول الى الواجهة والظهوربمظهرالمنقذ والراعي للمدينة استفادة من الوضع الجديد القائم،والحصول على نصيبه من سلطة القرار؟؟؟
ولعل من هذه الهيئات،أو من هذه الهياكل التي ركب عليها وسعي بامتياز،وباصرار الى افراغها من مضمونها »مجلس حماية الثورة بقصرهلال »فسمعنا أول الأمر بأن هناك مسعى لتكوين »مجلس حماية الثورة بقصرهلال »،ثم عتّم على الموضوع لفترة،وعادت هذه الهيئة للظهور على السطح لمناسبة تنظيم امتحان البكالوريا ومشاركتها مع الفرع المحلي لاتحاد الشغل،وجمعيات المواطنة المتعددة لتوفير الرعاية والاسناد مع الأولياء لمجتازي الامتحان الوطني؟؟؟
لقد كانت مجالس حماية الثورة في أنحاء البلاد الأخرى محور الانتقال الديمقراطي المؤقت عبر نقل السلطة من المعتمديات والمجالس البلدية المرتبطة تعيينا وممارسة بالنظام البائد الى هياكل جديدة عبر المطالبة بوصول معتمدين جدد،وتركيز نيابات خصوصية بمختلف الوحدات الكبرى والمتوسطة والصغرى؟؟؟ والسؤال الذي يطرح بالحاح بمدينة قصرهلال،هل تحول »مجلس حماية الثورة بقصرهلال » الى جهازمعرقل ومكبّل ومحبط للانتقال الديمقراطي؟؟؟فماهي المهام التي أنجزها بعد اغتصابه والاستيلاء عليه ،هل نجح في تحقيق مهمته الأصلية،أم هل تحول الى مجرد شاهد زور على المرحلة،وهل أن مشاركته في لجنة تأمين حماية امتحان الباكالوريا هو مجرد محاولة لتبرير شرعية هذا الهيكل غير الثوري،الصوري،المتنكرلمهامه؟؟؟
لقد صمت القائمون على هذا الهيكل عن نكبة مدينتهم في المرحلة السابقة،وحتى عندما اقترح عليهم المشاركة في قائمة مستقلة للانتخابات البلدية رفضوا وتراجعوا،فما هي يا ترى الأسباب التي تبرر اليوم ابتزازهم واغتصابهم لهذا الهيكل؟؟؟ ان التاريخ لا يرحم من سعى باصرار قبل14جانفي2011 وخاصة بعده الى عرقلة مسار المدينة رغبة في تحقيق أهداف شخصية ضيقة،وارضاء لنرجسيات كان من المفترض ارضاءها وتلبيتها في مجالات رياضية،أو فنية،أو حتى مهنية لا تحجز على مصير حوالي أربعون ألف متساكن بمدينة قصرهلال؟؟

المعلن والمسكوت عنه في خطاب السبسي : 5 رسائل سياسية و3 خطوط حمراء


في نفس قصر المؤتمرات بشارع محمد الخامس الذي يحتضن منذ عشرات السنين احداثا سياسية وطنية وعربية ودولية مهمة كان امس الاجتماع الذي اختار رئيس الحكومة السيد الباجي قائد السبسي ان يخاطب منه الشعب ويوجه من منبره رسائل سياسية بالجملة لممثلي مختلف الاحزاب والاطراف السياسية والاجتماعية الوطنية والخارجية.
بحضور اعضاء الحكومة ومئات من مثلي المجتمع المدني والإعلاميين والأحزاب السياسية. كما حضر الحدث أعضاء الهيئات الثلاث التي تشكلت بعد ثورة 14 جانفي برئاسة السادة توفيق بودربالة وعبد الفتاح عمر وعياض بن عاشور والسيد كمال الجندوبي وبقية أعضاء اللجنة العليا للانتخابات. وكان في اختيار المكان وتوسيع قائمة الحضور بشكل غير مسبوق منذ مدة رسائل سياسية عديدة من أهمها حرص الحكومة على الوفاق السياسي الوطني وعلى تجديد الثقة في اللجان الاستشارية ومن بينها اللجنة العليا المستقلة للانتخابات وفي مؤسسات الحكومة التي أورد السبسي أن لديها « شرعية » الانجاز.
الرسالة السياسية الثانية هي الحرص على « حياد الحكومة » في هذه المرحلة الانتقالية. هذا الحرص برز في كلمة رئيس الحكومة أولا ثم في اختيار قصر المؤتمرات بالعاصمة (وليس قصر الرئاسة او مبنى مجلس النواب او المستشارين بباردو).
 
حضور مستقلين ومعارضين
والمعروف أن قصر المؤترات بشارع محمد الخامس تابع لبلدية العاصمة وهو مفتوح منذ الثورة لكل الاحزاب والاطراف السياسية والاجتماعية والجمعيات. وكان الحضور « رمزيا » بدوره عكس ارادة لابلاغ الشعب التونسي رسائل سياسية رمزيا لان الدعوات شملت شخصيات علمية وسياسية واعلامية وحقوقية مستقلة ويسارية واسلامية ودستورية ليست عضوا في الهيئة العليا لحماية الثورة وفي بقية اللجان من بينها السادة مصطفى الفيلالي وابو يعرب المرزوقي ومحمد الصياح وعبد الفتاح مورو والطاهر بوسمة ومجموعة من المحامين من بينهم السيد محمد الصفراوي الذي عرف بكونه من مجموعة الـ25.. فضلا عن مجموعة من الناشطات في الجمعيات النسائية والثقافية والحقوقية.
 
الانتخابات ستجري
الا ان الرسالة السياسية الاهم التي وجهها الوزير الاول في خطابه بحضور « شهود » من مختلف التيارات والاحزاب والقوى والاجيال كانت أن الانتخابات ستجري ..أي انه لا مبرر لتخوفات بعض الاطراف التي اعلنت انها تخشى ان يكون التاجيل من 24 جويلية الى اكتوبر »خطوة لسلسلة من التاجيلات وربما الى الغاء الانتخابات لاحقا تحت مبررات امنية مثل وقوع تفجيرات اوالاحساس بان اخطارا خارجية تهدد البلاد ». الوزير الاول اعلن ان نتيجة سلسلة لقاءاته مع ممثلي الاحزاب المعارضة للتخلي عن موعد جويلية ومع غيرها ورئاسة لجنة الانتخابات والهيئة العليا للاصلاح كانت وفاقا حول تنظيم الانتخابات في 23 اكتوبر القادم.. واورد ان الاستعدادات ستنتهي وقتها وان الدولة بمختلف اجهزتها ستعمل على انجاح « المسار الانتخابي التعددي الاول من نوعه في تاريخ تونس » عبر مبادرات عديدة من بينها الوقف النهائي لكل مظاهر الفلتان الامني والاجتماعي والاعلامي..
 
وقف الفلتان الامني
وقد كانت الرسالة السياسية الرابعة في هذا السياق واضحة حيث رفع السبسي شارة حمراء كتب عليها بالبنط العريض:الحزم في تطبيق القانون.. الباجي قائد السبسي اعلن بالمناسبة ان الحكومة ستواصل مهامها خلال المرحلة الانتقالية التي وقع تمديدها الى يوم 23 اكتوبر لكن بشروط من بينها الحزم في وقف الفلتان الامني والاجتماعي والاعلامي والسياسي …. وبعيدا عن المجاملة أورد الوزير الاول ان الحكومة لن تقبل خلال المرحلة القادمة مختلف اشكال التحركات المطلبية ولا الاضرابات والاعتصامات وسجل ان خسائر الدولة في المرحلة الماضية بسبب « التحركات العشوائية » فاقت كل التوقعات ..  
« لا تناقض بين الديمقراطية والاسلام »
الرسالة السياسية الخامسة التي وجهها الوزير الاول في كلمته تهم علاقات تونس الدولية بعد مشاركته على راس الوفد التونسي في قمة العمالقة الثمانية الكبار فخاطب ساسة تونس محملا اياهم مسؤولياتهم قائلا: العالم اجمع ينظرون الى ثورتنا بتقدير كبير.. ونحن قادرون على انجاحها وعلى تقديم نموذج رائع للديمقراطية العصرية . وقد خاطبت قادة الدولة الثمانية في قمة فرنسا قائلا: ستؤكد تونس لكم وللعالم ان شعوبنا قادرة على انجاح ثوراتها وانه لا تناقض بين الديمقراطية والثقافة العربية الاسلامية اي بين التعددية والاسلام .. بخلاف ما كان سائدا لدى صناع القرار في الدول الغربية .. بهذه الرسالة التي وجهها الباجي قائد السبسي مباشرة للشعب وقياداته الرسمية والمعارضة، رفع سقف التحديات التي تواجه الطبقة السياسية.. معتبرا ان انجاح الديمقراطية والاصلاح السياسي في تونس سيكرس رهانا ثقافيا حضاريا وليس مجرد خطة سياسية تقليدية..
 
تحذيرات من الافلاس
في نفس الوقت حذر السبسي من خطوط حمراء اقتصادية واجتماعية تحاصر تونس شعبا ومجتمعا ودولة ونخبا من ابرزها البطالة التي تجاوزعدد المتضررين منها الـ700الف.. والعدد مهدد بالارتفاع لان السوق ستقبل قريبا حوالي 80 الف متخرج جديد من المؤسسات الجامعية.. كما ان انخفاض نسبة النمو العامة تعني فقدان حوالي 16 الف موطن شغل عن كل نقطة.. وربط الوزير الاول بين هذه الخطوط الحمراء الاقتصادية وارتفاع اعباء صندوق التعويض التي بلغت حوالي الف و400مليون دينار(مقابل 400مليون عام 1984 عندما انفجرت ثورة الخبز)..والاسباب عديدة من بنيها الارتفاع السريع في اسعار المحروقات في السوق العالمية .. ولفت الوزير الاول نظر الساسة والنقابيين والراي العام الى ان الاضرابات العشوائية والاعتصامات وقطع الطرقات والتحركات المطلبية كلفت الدولة والشركات المستثمرة خسائر بالجملة.. لم يعد من الوارد القبول بها.. فضلا عن كون الزيادات غير المبرمجة في الاجور كلفت الحكومة مئات الملايين من الدنانير التي كان مفترضا ان تنفق لصالح برامج مكافحة البطالة والخلل بين الجهات..
البؤس والبطالة في المناطق الداخلية
الخط الاحمر الثاني الذي نبهت اليه كلمة الوزير الاول كان ملف المناطق الداخلية التي ترتفع فيها نسب الفقروالبطالة والتهميش والامية.. في هذا السياق حذر رئيس الحكومة من تراكم مخاطرالانفجار بسبب ملفات من نوع « المتلوي » و »الحوض المنجمي » عموما ومشاكل سيدي بوزيد والقصرين والشمال الغربي وجهات الجنوب الفقيرة.. واوضح الوزير الاول ان وعودا قدمت لتونس في قمة الثماني بفرنسا بالحصول على مساعدات مالية هائلة خلال الاعوام القادمة من بينها 10مليارات من اوروبا حوالي مليار يورو منها ستقدمها فرنسا وحدها و10 مليارات لاحقا من دول خليجية.. لكن ذلك لن يتحقق الا اذا توفر الامن والاستقرار وتوقفت الاضرابات العشوائية والاعتصامات..
 
470 الف لاجئ من ليبيا الى تونس  
الخط الاحمر الكبير الاخر الذي حذر الباجي قائد السبسي من مضاعفاته هو الحرب الدائرة في الشقيقة ليبيا والتي اورد ان « الدول الاطلسية لم تستشرنا عند شنها لكننا نتحمل مضاعفاتها وقد دخل تونس منذ اندلاعها حوالي 470 الف لاجئ من جنسيات عديدة غالبيتهم الساحقة من بين الاشقاء الليبيين ».. حرب ليبيا تحد له ابعاد كثيرة في تونس من بينها الاعباء التي تتحملها القوات المسلحة والمؤسسة الامنية بسبب حالة التعبئة الاستثنائية في المناطق الحدودية برا وبحرا..لا سيما في المناطق الجنوبية للبلاد..  
 
كمال بن يونس
 
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 09 جوان 2011)
 

بعد تجاذبات.. تونس تتجه إلى انتخاب مجلس تأسيسي في 23 أكتوبر


بقلم : صلاح الدين الجورشي – تونس- swissinfo.ch
 
خلافا للهواجس التي كشف عنها البعض، أعلن الوزير الأول الباجي قايد السبسي عن الموعد الجديد لتنظيم انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، والذي سيكون يوم 23 أكتوبر 2011. وحتى يجعل من الإعلان حدثا وطنيا يكتسي طابعا استثنائيا، اختار رئيس الحكومة المؤقتة دعوة ممثلي كل الأحزاب ومختلف الشخصيات ذات العلاقة المباشرة برعاية المرحة الإنتقالية إلى الحضور. فهل سيكون ذلك كافيا لإعادة الثقة من جديد في خارطة الطريق التي كاد أن يلغيها قرار تأجيل الانتخابات؟ النهضة.. تعلق مشاركتها وتتهم
قبل اجتماع الوزير الأول بيومين، عقدت حركة النهضة مؤتمرا صحفيا وجهت خلاله أصابع الإتهام إلى جهات لم تسمها تقف وراء ما اعتبرته « وجود مؤامرة » ترمي إلى منع الإنتخابات تحت مبررات عديدة من أجل الإلتفاف على إرادة الشعب وعلى الثورة، واستبدال انتخابات المجلس التأسيسي بأجندة أخرى، وذلك خوفا من نتائج الحسم الشعبي التي تتوقع النهضة بأنه سيكون لصالحها. كما اعتبر رئيس الحركة راشد الغنوشي أن هناك تيارا من لون واحد يعمل على الإنفراد بالقرار، متسائلا: « هل قدرُ بعض النخب السياسية إغراق الشعب في ما يشبه أجواء الحرب الباردة »؟. وقبل ذلك بعشرة أيام تقريبا، قررت حركة النهضة تجميد عضويتها في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والإنتقال الديمقراطي، فاتحة بذلك الباب أمام احتمال انهيار هذه الصيغة التوافقية التي تم التوصل إليها بعد ما عُرف باعتصام « القصبة 2 » وتولي الباجي قايد السبسي مسؤولية تسيير الحكومة المؤقتة الثالثة منذ هروب زين العابدين بن علي، الذي سيصبح – خلال الأيام القادمة – أول رئيس سابق في تونس تتم محاكمته غيابيا. خطوتان مهمتان
بعد 14 يناير 2011، وفي ظل تصاعد الحماس الثوري الذي طبع خطاب معظم الأطراف السياسية، تم تشكيل هيئة مدنية ضمت أحزابا ومنظمات مجتمع مدني، أطلق عليهــا تسمية « مجلس حماية الثورة »، وكادت هذه الصيغة أن تكون مقبولة لولا إصرار أصحابها بدفع من بعض مكوناتها على أن تتحول إلى « سلطة تقريرية »، أي أن تكون في الآن نفسه بديلا عن البرلمان وأن تكون قراراتها مُلزمة للسلطة التنفيذية المؤقتة رئيسا وحكومة، وهو ما تم رفضه من طرف الحكومة ومن قبل عديد الأطراف الأخرى، فهذا الأمر لا يمكن أن تتمتع به إلا « هيئة شرعية منتخبة ». في خضم الإختلاف الذي نشب بين الحكومة وممثلي ذلك المجلس، تم التوصل إلى صيغة وسطية قبلت بها أغلبية الأطراف، وتمثلت في تطوير لجنة الإصلاح السياسي التي تشكلت مباشرة بعد الرابع عشر من يناير، وذلك بتعزيز صلاحياتها وتوسيع عضويتها، مما جعلها أقرب إلى البرلمان المصغر غير المنتخب الذي لا يتقاسم الصلاحيات التنفيذية مع الحكومة. كما تم الإضطرار إلى توسيع عضويتها مرة أخرى بتطعيمها بعدد واسع من المستقلين للتخفيف من هيمنة الأحزاب القديمة. وبالرغم من الجدل الذي دار حول هوية هؤلاء « المستقلين »، إلا أن الأطراف المتحفظة قبلت ذلك على مضض. وبفضل هذا التوافق تم إنجاز خطوة هامة تمثلت في التوافق حول قانون انتخابي أخذت صياغته وقتا طويلا، لكنه جاء متقدما في الكثير من عناصره. أما الخطوة الثانية التي أنجزتها هذه الهيئة فقد تمثلت في تشكيل هيئة عليا مستقلة لتنظيم الانتخابات، وذلك عبر انتخاب مرشحيها من قبل أعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة. وقد جاءت هذه الإنتخابات لتعمق أزمة الثقة بين الأطراف بعد استبعاد العناصر التي رشحتها، وهو ما جعلها تعتقد بأن الهيئة الجديدة « يُهيمن عليها طرف سياسي « ، في إشارة إلى حركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا) دون الطعن في شرعيتها. تغيير في التكتيكات

بعد ذلك، جدت حادثتان دعتا حركة النهضة إلى تغيير تكتيكها. تمثلت الأولى في مناقشة « مسودة العهد الجمهوري »، وهي وثيقة اقترحتها بعض الأطراف السياسية والمستقلة قبل أن تتبناها الهيئة العليا، وذلك بهدف وضع ضوابط مرجعية « تُـلـزم » الجميع باحترامها بقطع النظر عن نتائج الإنتخابات القادمة لأعضاء المجلس التأسيسي الذي سيعد دستورا جديدا للبلاد.
ولم يكن خافيا أن هذه الأطراف أرادت أن تجنب باقتراحها الدستور القادم من أي تلوينات أيديولوجية من شأنها أن تعرّض التوافق العام الذي كان سائدا من قبل إلى التهديد. يأتي ذلك في أجواء المخاوف التي تهيمن على الكثيرين من احتمال أن تحظى حركة النهضة بالأغلبية في المجلس التأسيسي القادم، رغم أن القانون الإنتخابي لن يسمح بذلك حسب تقديرات الذين وضعوه. المهم أن النقاشات الحادة التي دارت حول المسودة الأولى قد كشفت عن وجود تباين في الآراء بين أعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، وأثارت تحفظات ممثلي النهضة الذين ردوا الفعل بقوة على خصومهم الأيديولوجيين والسياسيين. أما الحادثة الثانية فقد تمثلت في إعلان الهيئة المستقلة للإنتخابات عن استحالة تنظيمها في موعد 24 جويلية. وهو ما جعل حركة النهضة « تتأكد » من وجود نية لإقصائها، وسارعت بالهجوم على الهيئة والتشكيك في نوايا أعضائها وفي مقدتهم رئيسها السيد كمال الجندوبي الذي حاول بكل الطرق أن يدافع عن استقلالية قرار الهيئة ونزاهة أعضائها ولكن دون جدوى. الأولوية للمجلس التأسيسي
في ظل هذه الأجواء المسكونة بعدم الثقة، والتي يسودها دفع قوي نحو العودة إلى حالة الإستقطاب الثنائي الذي أصبح ملازما للحياة السياسية كلما عادت حركة النهضة بقوة إلى الساحة وأظهرت رغبتها في البروز كقوة رئيسية ومحددة للمسار العام. ففي مداخلة لعلي العريّض، رئيس الهيئة التأسيسية لحركة النهضة ألقاها في سياق ندوة نظمها مؤخرا منتدى الجاحظ بالتعاون مع المنتدى العالمي للوسطية في العاصمة التونسية، شن هجوما على الأطراف التي ترفض أن « تصعد فوق الميزان لمعرفة حجمها الحقيقي »، حسب تعبيره. وفي المقابل قال محمد الكيلاني، رئيس الحزب الإشتراكي اليساري أن الشعب التونسي « لم يقم بالثورة ليُسلم البلاد إلى راشد الغنوشي » (رئيس حزب حركة النهضة). وفي هذه الأجواء المشحونة، أطلقت عدة أحزاب وشخصيات « مبادرة وطنية من أجل الجمهورية » هدفها الإعداد لمسودة دستور يتم عرضها على الإستفتاء العام، بحجة أن « التمسك بانتخاب مجلس تأسيسي سيؤدي إلى فراغ آخر »، وبتعلة أن الوضع الحالي « لا يحتمل الإعتماد على مؤسسات وقتية ». في نهاية المطاف، لم يأخذ الوزير الأول في الحكومة المؤقتة باقتراح حركة النهضة التي دعت إلى تنظيم الإنتخابات يوم 18 سبتمبر، كما أنه لم يقرّ موعد 16 أكتوبر الذي سبق للجنة العليا المستقلة لتنظيم الإنتخابات أن اقترحته، بحكم أنه لم يأخذ بعين الإعتبار تزامن عيد الفطر مع موعد انطلاق تقديم الترشحات للمجلس التأسيسي. من جهة أخرى، أكدت الحكومة – بتعيينها لموعد جديد – مرة أخرى تمسكها بنفس الأولويات، أي تقديم المجلس التأسيسي على الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية. وبذلك تكون قد سحبت من الجميع أيّ مبررات يُمكن أن تقدم لمراجعة التاريخ المقرر مرة أخرى. لأن ذلك لو حدث فإنه سيكون بمثابة الإغتيال السياسي لعملية الإنتقال الديمقراطي برمتها. فهل توقـف مسلسل المفاجآت غير السارة نهائيا، وهل ستنصب الجهود الآن على توفير الشروط التقنية والسياسية لتنظيم انتخابات يأمل التونسيون أن تنقلهم إلى وضع أقل غموضا وهشاشة؟ هذا ما ستكشف عنه أيام الصيف الحارة.
 
(المصدر: موقع « سويس انفو » (سويسرا) بتاريخ 09 جوان 2011)
 

الباجي قايد السبسي ينتصر بالضربة القاضية على دعاة التثبيت و التاجيل و التاخير

 


« تمخض الجبل فولد فارا »: هذا المثال العربي الشهير يصلح للتعليق على خلاصة المشهد السياسي و الأعلامي بتونس بعد ان اعلن الوزير الأول « المؤقت » تاجيل الانتخابات او لنقل تاخيرها الى موعد 23 اكتوبر 2011.فبمجرد الاطلاع على تصريحات ممثلي اهم الاحزاب يطالعنا سؤال محير :هل كان هناك ما يستدعي كل هذا الغليان الذي كان ينبئ باسوأ المآلات اذا كان الخلاف متعلقا فقط باضافة بضعة ايام الى التاريخ الاشكالي المتمثل في 16 اكتوبر، ليصبح دعاة التاجيل من القائلين بالتأخيرو يصبح دعاة التثبيت (24 جويلية) من القابلين بالتاخير (مع استمرار رفضهم للتاجيل) و يصبح دعاة التاخير سادة المشهد كما سنرى لاحقا. قد يبدو للناظر من الوهلة الاولى ان هذه الخلاصة شديدة التبسيط لازمة حقيقية كانت ستعصف بالبلاد في ظل تعدد المطالبات بالاستعاضة عن انتخاب المجلس التأسيسي بعقد جمهوري أو استفتاء على الدستور أو عديد المقترحات الأخرى التي كانت تهدد بحالة من الفوضى العارمة. و لكن قراءة جملة التصريحات المعلنة بعد إلقاء الوزيرالاول لخطابه حول تاخيرالاتنخابات إلى 23 أكتوبر 2011 ستؤكد أنالأحزاب في عمومها لم تكن ضمن نسقية تغليب المصلحة العامة وقراءة مستلزمات المرحلة و إنما ضمن نسقية الدفاع عن مصالحها الحزبية الخاصة و الاعتبارات النفسية المترتبة عن تحقيق انتصارات رمزية و معنوية على الخصوم. فها هي هيئة الإشراف على الانتخابات على لسان كمال الجندوبي تتنازل بقدرة قادر على حقها في أن تكون الجهة الوحيدة المخولة لتحديد موعد الانتخابات باعتبار ذلك من صلاحياتها « السيادية » ضمن قراءتها الخاصة للمرسوم الأمر بتشكيلها و ذلك بعد أن دافعت باستماتة طوال أسابيع عديدة عن هذا « الحق ». فالتأخير الذي قرره الوزير الأول لإنقاذ « ماء وجه » الجميع كان في النهاية تكريسا سياسيا من أعلى هيئات الدولة لخيارات هذه الهيئة الانتخابية التي تعاني من خلل كبير في التوازنات المكونة لها و التي ينخرط بعض أعضائها علنيا في مسار سياسي معلن الهدف منه تكريس هيمنة اليسار على النتائج المرجوة من الانتخابات. و ها هو الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي، السيد حمة الهمامي، يعبر على قناة « موزاييك » عن فائق فرحه بهذا التأجيل| التأخير لأنه باختصار يصب في جوهر إستراتيجيته التي تقوم على الإمساك بخيوط اللعبة من داخل الهيئة عن طريق « المستقلين » و من الخارج عبر إحراج بقية الأحزاب المشاركة في تلك الهيئة بكونها المسئولة عن كل انسداد لقبولها العمل من داخل المنظومة التي يتحكم فيها قايد السبسي. و بهذا يؤكد السيد حمة الهمامي انه أكثر الأطراف تأثيرا في صياغة المشهد السياسي مستفيدا من تنسيقه الوثيق مع صديقه الفرنسي الذي نجح في تنصيبه على رأس هيئة الإشراف على الانتخابات. و مرة أخرى « فوجئنا » بالسيد الهمامي يتنازل عن السقف المرتفع من المطالب الذي كان يزايد به على الأحزاب الأخرى لتنحصر « شروطه » في بعض المطالبات الاجتماعية، متناسيا بذلك سقف مطالبه في المجالات السياسية و الأمنية. أما بقية أطراف الطيف الذي كان يدعو إلى التأجيل، و هو في اغلبه من التشكيلات اليسارية الاقصائية و العلمانية، فقد استغلت هذه الفرصة التي ساهمت مسبقا في إخراجها للتنديد ب »مهاترات » الأطراف التي كانت تدعو إلى تثبيت موعد 24 جويلية و تصويرها كأطراف غير مسؤولة، محاولة في مقابل ذلك تقديم نفسها كأطراف تمتلك الحكمة و الاستشراف (الإشارة هنا إلى التصريحات المتشنجة للسيد احمد إبراهيم ، رئيس حزب التجديد الذي يحيرني أمر تحوله إلى « شخصية » مؤثرة رغم أني لا أخفيكم شكي في إمكانياته الذهنية QI المحدودة جدا). أما تصريحات السيد شكري بلعيد التي اعتبر بمقتضاها أن مولانا السبسي قد حقق للثورة مطالبها و زيادة فتكشف عن مدى التنسيق القائم بين هذا التيار و حكومة التجمع الانتقالية. و فيما بدا واضحا أن تيار « التأجيل|التأخير|التعويم » كان واثقا من مساره، بدا تيار التثبيت (المتشكل أساسا من حزبي حركة النهضة والمؤتمر من اجل الجمهورية) متخبطا، متذبذبا، باحثا للهزيمة المدوية عن « تبريرات » تبدو عند التحليل واهية. فحين تصرح الأستاذة فريدة العبيدي عن حركة النهضة بان « أهم شيء هو في تحديد موعد انتخابي جديد »، فإنها تؤكد أن الأمر عند حركة النهضة أصبح متصلا بتحقيق انتصار رمزي يتلخص في تحديد تاريخ جديد يخالف ما اقترحته هيئة كمال « الجندوبي الهمامي » مع التنازل الخطير عن كل ما رافق جدل الأسابيع الأخيرة من تمسك بالشرعية التوافقية و بخارطة الطريق التي زكتها النهضة في شهر مارس حين عوض قايد السبسي الوزير المتخلي محمد الغنوشي. كما ان هذا الموقف اقتضى تناسي كل الاتهامات الموجهة الى المسار الانقلابي لهيئة حماية الثورة ووليدتها غير الشرعية أي هيئة الإشراف على الانتخابات. و لقد فوجئت شخصيا، بعد كل مخاضات الأسابيع الفارطة، بقول الأستاذة العبيدي (ووافقها في ذلك الأستاذ سمير ديلو باستعماله لنفس الكلمات تقريبا) بان النهضة ستبذل قصارى جهدها من اجل إنجاح المحطة الانتخابية المقبلة دون إتباع ذلك بأي اشتراط إضافي يضمن عدم الانحراف مجددا عن المتفق عليه، و خاصة الاستجابة و لو جزئيا لمطالب الشارع في تحقيق منجزات حقيقية و ليس وهمية للثورة على الصعيدين السياسي (قضية التجمع الذي بلغت الوقاحة بأزلامه أن يتوحدوا في تحالف مشكل مما لا يقل عن 18 حزبا، تركيبة الحكومة التي يبدو أنها تدين بالولاء مناصفة للحزب الحر الدستوري الذي يقوده ابن وزيرنا الأول هيب الله دولته و للتيار اليساري العلماني الاقصائي) والاقتصادي (الإنارة الشفافة عن حقيقة الوضع الاقتصادي للبلاد الذي يتخذ ذريعة للتخويف من الاعتصامات و التحركات و الإضرابات) والأمني (الحل الفعلي للبوليس السياسي و إنارة الشعب حول مصير الجلادين و القتلة و القناصة و ما اتخذ من إجراءات ضدهم بعد مرور قرابة الخمسة شهور على انتصار الثورة). فهذا الخيار المتردد المتذبذب سيجعل من الشهور الأربع القادمة، في ظل التعهد للوزير الأول بالحفاظ على التضامن و التوافق، فرصة جديدة سانحة لتثبيت هيمنة حزب فرنسا بشقيه الدستوري و اليساري على دواليب الدولة والإدارة و الأمن. و فيما بدا موقف المؤتمر من اجل الجمهورية أكثر تحددا على مستوى الخطاب وأكثر انسجاما مع الخط الذي تبناه الحزب إلى حد الآن، فان تصريحات رئيسه بدت كعادتها « متوترة متشنجة » تغلب الشكل على المضمون و تهدد بالعودة إلى الشارع دون أن تظهر على هذا الموقف علامات الجدية في التوجه إلى جعل هذا التهديد واقعا. لقد أصاب السيد منصف المرزوقي حين أشار إلى « فولكلور » استدعاء الأحزاب لتكون شاهدة زور على « وفاق » لم يناقش مسبقا (وذلك خلاف ما صرحت به الأستاذة العبيدي) و حين ذكر ببعض مطالب شباب الثورة كإقالة وزير الداخلية الحالي. إلا أن الملاحظ أن الأسلوب المعتمد في هذا الخطاب لا يعكس إرادة جدية في توفير شروط التوصل إلى ممارسة توافقية لصناعة رأي عام موحد حول مطالب دقيقة تتصل بتامين الانتقال الديمقراطي في الفترة الطويلة التي لا زالت تفصلنا عن الانتخابات (على افتراض أنها ستجري في موعدها و هو أمر لا يعلمه حقا إلا الله). فالبحث الموتور عن التفرد بالخطاب، و إن كان مشروعا ضمن حدود معينة، يصبح سلبيا إذا تحول إلى رغبة جامحة في استباق الحملة الانتخابية. وهكذا يكون انتصار تيار التأجيل | التأخير غير مكتمل المعالم و تكون هزيمة تيار التثبيت ملطفة بعض الشيء فيما يحقق الوزير الأول انتصارا بالضربة القاضية على الجميع. نعم لقد انتصر الباجي قايد السبسي بالضربة القاضية حين أمكنه أن يخاطب صفوة النخبة التونسية بخطاب بورقيبي المعالم مفعم بتحقير الشعب (فالعروشية تخلف « زمني » كما قال متناسيا ما توارد حول الأسباب الحقيقية لأحداث المتلوي) و بالاستخفاف بذكائه و الاستهزاء بكل صوت مخالف لهيبته ( كالسيد سميح السحيمي رئيس حزب المستقبل من اجل التنمية و الديمقراطية الذي نالته الشتائم دون ان ينبري احد للدفاع عنه و لو شكلا). و أدهى ما في الأمر انه استمع إلى تصفيق حاد على هذا الخطاب الفارغ الذي يذكرنا بالخطابات « العروية » لولي نعمته بورقيبة. نعم لقد انتصر الباجي قايد السبسي بالضربة القاضية حين عوم القضايا كعادته و لم يجب بدقة عن المواضيع التفصيلية التي تعج بها البلاد و لا قدم لها حلولا و لو مؤقتة. و لقد بلغ الأمر به حد التنويه بسيئ الذكر الأزهر العكرمي المعروف بولاءاته المشبوهة للخارج في محاولة لفرض أمثال هذه الوجوه على المشهد السياسي التونسي في مسار تنزيل الأجندة التي يشتغل عليها « سياح الثورة » من مختلف الدول الغربية التي تنشط في تونس. نعم لقد انتصر الباجي قايد السبسي بالضربة القاضية حين لم يقدم أية ضمانات و لا حتى مقترحات لتمكين الأحزاب السياسية و المجتمع المدني من المشاركة في صياغة القرار السياسي و الاقتصادي و الأمني للفترة المقبلة التي تفصلنا عن الانتخابات، بما يعني انه سيواصل الحكم بحكومته  » التكنوقراطية » شكلا، المتادلجة و اقعا. إن هذه الانتصار المدوي للباجي قايد السبسي سيمكنه من: 1. تمديد مدة حكمه المطلق إلى تاريخ الانتخابات خلافا لما صرح به مرارا و تكرارا مما يعطيه وقتا كافيا لاستكمال الخطة القاضية بإفراغ الثورة من مطالبها المتصلة بحل التجمع و التغطية على الحقائق و الفضائح المالية و السياسية و الأمنية التي تسمح بتنظيم عدالة انتقالية فعلية (فالتركيز على الطرابلسية رغم جرائمهم في حق البلاد الهدف منه الحيلولة دون محاكمة الصانعين الحقيقيين للقرار السياسي في عهد بن علي). 2. مواصلة ارتهان القرار الاقتصادي الوطني للخارج بحجة الأزمة و الحاجة إلى المساعدة كما رأينا ذلك في تصريحاته إبان قمة الثمانية ((G8 و بيان هذه الأخيرة الذي ربط ربطا صريحا بين المساعدات المالية و الاقتصادية و بين وجوب اعتماد الجولة لخيارات ثقافية معلومة على البلاد بحجة الحفاظ على الإرث الحداثي لتونس. 3. تهميش حركة الشارع تهميشا كليا من خلال رفع (أو لنقل فرض) شعار التضامن و التوافق على الأحزاب السياسية حتى لا تعارضه ولا تقف إلى جانب تحركات الشارع و المطالب الشبابية و الاجتماعية العادلة التي أهملت أو تكاد منذ وصول الباجي قايد السبسي إلى الحكم. و هذه في المحصلة اخطر النتائج خطورة على الثورة و مطالبها لأنها تحيد الشارع الذي كان العامل المحدد في إسقاط بن علي. 4. تثبيت المشهد الحالي المتسم بكل مقومات « الفوضى الخلاقة » وفق التعريف الأمريكي (تداخل الشرعيات و تعدد دوائر التسيير المعلنة و الخفية للدولة، الوضع الأمني المتوتر الذي تتحكم فيه مزايدات الجهاز الأمني، فوضى الشارع المتنازع بين « الباندية » (البلطجية بلغة المشارقة) و البوليس « المنقب » من جهة، وبين مختلف التعبيرات الإيديولوجية والسلوكية التي ظهرت مع الثورة، و أخيرا الوضع الاقتصادي الهش الذي لا تتوفر بشأنه مقاربة وطنية جدية و الذي تتداول بشأنه إشاعات لا تحصى و لا تعد. وهذه « الفوضى الخلاقة » هي التي تحول التوتر إلى حقيقية يومية لا يمكن الفكاك منها. فما هو الحل ضمن هذا المشهد الذي يبدو قاتما؟ لا خلاف غي أن هذا المشهد لن يتغير إلا باستعادة الشعب للمبادرة السياسية و الإعلامية و الميدانية من خلال قواه الصادقةالتي ترفض أن تكون ورقة التوت التي تغطي على عورة هذا المشهد البائس الذي لا يليق بشعب ابهر العالم بثورته. و على هذه القوى أن تنجح عبر المسارات المتعددة و المتكاملة في فرض المحاور الحقيقية على الحكومة و الأحزاب حتى لا تشعر بأنها طليقة اليدين في إفساد و إهدار ما ضحى به الشهداء و الجرحى و المعذبون على مدى العشريات المتلاحقة من عمر « جمهورية » لم تر النور بعد. و يحتاج ذلك فيما يحتاجه إلى استعمال جرعات جديدة من دواء « ارحل| DEGAGE » المضاد للديكتاتورية والانتهازية و تسليطه على الحكومة و مسئوليها و الأحزاب و قياداتها التي تشترك في رفض التداول الداخلي على التسيير و تسخر كل شيء لخدمة القائد الملهم. عماد العبدلي ناشط سياسي و حقوقي سويسرا 9 جوان 2011
 

وزراء ومسؤولون سابقون ضحايا النظام البائد فماذا عن الشعب المسكين ؟

 


بين فينة وأخرى تتحفنا بعض الصحف التونسية الباهتة – صحف ما قبل 14 جانفي – بلقاءات صحفية مع مسؤولين سابقين في النظام البائد بعضهم وزراء وبعضهم كتاب دولة وبعضهم مدراء عامون , وكلهم مجمعون على أنهم كانوا ضحايا النظام البائد سواء ضحايا للرئيس المخلوع أو لزوجته المصون , ويظهر أن هذه اللقاءات التي هي اقرب منها للصفحات الاشهارية المدفوعة الأجر تهدف إلى تبييض بعض وجوه النظام البائد وتقديمهم للقراء كمسؤولين نزهاء أكفاء قاموا بواجبهم كما يجب وهو ما جلب لهم غضب رأس النظام ويبدو أن الغاية الأساسية من ذلك تمكين هؤلاء من مناصب جديدة تناسب مؤهلاتهم ومناصبهم السابقة أو على الأقل الإفلات من المحاكمة إن كانت هناك محاكمة .
أكيد هناك مسؤولون ظلموا في ظل النظام السابق لكنهم في الغالب قليلون جدا لان النظام كان يختار رجاله بعناية فائقة ويعرف كل كبيرة وصغيرة عنهم اي هم يمتلكون مواصفات المسؤول الناجح بالطبع حسب متطلبات النظام البائد وبالتالي فان اغلب هؤلاء المسؤولون سابقا الضحايا حاليا هم كاذبون متزلفون انتهازيون يريدون ركوب الموجة الجديدة بعد الثورة والحفاظ على بعض من وجاهة مهددة .
المؤلم في هذه اللقاءات الصحفية كلها , أن هؤلاء المسؤولون السابقون يقدمون أنفسهم كضحايا رغم أنهم تمتعوا بكل الامتيازات من السيارات الفارهة و وصولات البنزين التي لا تنتهي والمنح المليونية والسفرات الماراطونية وغيرها من الامتيازات الأخرى التي قد نجهل بعضها لأنها كانت من أسرار الدولة , هم ضحايا رغم كل تلك الامتيازات التي تمتعوا بها فماذا عن الشعب المسكين الذي كان ضحية فعلا للاستبداد والظلم والقهر وانتهكت كل حقوقه وديست كرامته صباحا ومساء ؟
ألا تستحي تلك الجرائد من نشر تلك اللقاءات التي يظهر أنها معدة سلفا وحسب تنظيم محكم تطرح فيها الأسئلة بعناية وتختار فيها الأجوبة بعناية اكبر ؟
إن نشر تلك اللقاءات بتلك الصورة الفجة هو جريمة في حق القراء وتلويث للحقائق وانتهاك لحرمة التاريخ , الم يحن الموعد بعد حتى تتوب تلك الجرائد وتكفر عن ذنوبها وما اقترفته في حق القراء من نشر ملايين الصفحات المزيفة للواقع خلال العهد البائد؟؟
أما هؤلاء المسؤولون السابقون الضحايا حاليا ألا يستحون ؟ أليس أجدر بهم أن يصمتوا ؟؟ الم يكفهم ما لهفوه من امتيازات خلال العهد البائد ؟ مسكين هذا الشعب فيه مسؤولون سابقون بمثل هذه الصفاقة والوقاحة … محمد العيادي ناشط نقابي وحقوقي معارض قبل 14 جانفي

أحـداث المتـلوّي : مـن المـسـؤول ؟

 


ما حدث في المتلوّي من قـتل و تدميـر و خـراب ، فظيع و مؤلم و محيّـر ، كيف لأبنـاء المدينـة الواحـدة تقاسموا الحلو و المـرّ ، الأفراح و الأتراح ، ردهـات طويلـة من الزّمن أن يتقـاتلوا و يعتدي بعضهم على بعض بتلك الفضاضة و الوحشـيّـة ؟
و الغريب أنّ ساستنـا و نخبنـا و محلّلينا يرجعون ذلك إلى العروشيّـة ناعتينـها بالمقـيـتـة و المتخلّـفـة و الرّعـناء و العمياء ٠٠٠ و هم ذاتهـم من يلجأ إليها و يحتمـي بها و تصبح إيجابـيّة و تحقّق مكاسب متى تعلقّ الأمر بتمثيلـيّة حزبيّـة و إنتخابات و كسب أنصـار و منخرطـين ٠ فلم توجـد العروشيّـة إلاّ بسبب حسابات سياسويّـة ، و السّاسة هم من أحيوها و من خلقوها في أذهـان النّاس حتّى صدّقوهـا ، و الدّليـل على عدم وجودها فقدان أبرز ركن في مفهوم القبلـي أو العشائـري بمدينـة المتلوّي بالذّات ألا و هو القيادة ، فهل وجد في هذا الطّرف أو ذاك قادة بإمكانـهم التفاوض و التكلّـم بإسم القبيـلة أو العشيـرة ؟ فعن أي قبليّـة يتحدّث هؤلاء ؟ إنّ سكـّان المتلوّي وحـدة تجاوزت الإنقسـام مهما كانت طبيعتـه بعد فصول زمنيّـة من العيـش المشـترك الضاربـة في التاريـخ و ما تبعه من مصـاهرة و إختلاط دماء و تقارب ، و لكن حاجة البعض و النّظرة النّفعيّـة دعت إلى إحيـاء مثل هذه النّعـرة ، بدء ا بالحسـابات السياسيّـة الضيّـقـة و إعتماد سياسـة  » فرّق تسدّ  » ، ألم يكن من الأجدى تنظيـم مناظرة و لو محليّا لإنتداب مجموعة الشبّـان للعمل بشركـة فسفـاط قفصة ؟ أليسـت المحاصصة في الإنتداب بين أولاد بو يحي و الجريديّـة هي من أحيت التّفرقـة و أجّـجت البغضاء و الضعينة و الحقـد ؟ إنّـه الفتيـل الذي أضرم النّار في البيـت الواحـد ، فأتى على الأخـضر و اليابـس ، و هل يتحمّـل أبنـاء المتلوّي مسؤوليّـة في كلّ ذلك ؟
والغريب أنّ وسائل إعلامنـا و نخبـنا ما تزال تلوك تلك العبارات الممجوحـة من قبيـل  » أعداء الثورة  » و  » أزلام النظام  » و  » العصابة التجمعيّـة  » ٠٠٠ عوض البحـث بكلّ موضوعـيّة و تجرّد و حياد عن الأسبـاب الحقيقيّـة التي أدّت إلى إنفجـار الأوضـاع بالحدّة التي رأينهـا و من ثمّة وضع الحلول الملائمـة و تحديد المسؤوليات ثمّ المحاسبـة ٠ فأهالي المتلوّي لا يتحمّـلون مسؤوليّـة فيما حدث ، و لا الأيادي الخفـيّة ، بل من يتحمّـل المسؤوليّـة هي الأيادي المعلومـة التي أرادت التفصّي من المسؤوليّـة هي التي وجب قطعهـا ٠ فضروريّ المصارحـة بالحقيقـة مهما كانت مرّة أحيانا و التّخلـيّ عن ضبابيّـة الخطاب و فوقيتـه ٠ و إنّ هذه المأساة ، أظهرت مرّة أخرى ، تجاهل الخطاب السياسي واقع المجتمـع و المعاناة اليوميّـة للمواطن ، و القطيعـة بين النخبـة السياسيّة و الشعـب ، هذه النّخبـة التي دخلـت في نقاشات حول تواريـخ الإنتخابات و في تسابق محموم في الإعداد لها و جمـع الأموال داخليّـا و خارجيّـا و توزيعهـا يمينا و يسارا من أجل حشد الأنصار و تنظيـم المهرجانات الخطابيّـة المنبتّـة عن واقع و هموم المواطن الذي يحتاج إلى الأمن في نفسه و ماله و عرضه و إلى رغيف الخبـز و إلى الحدّ من تزايـد أسعـار بعض الموّاد و الفاتورات أكثر من حاجتـه إلى المناظرات الخطابيّـة و إلى لغـة الترغيـب و الترهيـب و التخويـف و التّخوين و التّكفيـر و التشفّـي و الحقد و الكراهيـة و الغوغائيّة و التفاهـة و الضحالة إنّ مثل هؤلاء لا يستحقّون ثقـة الشّعب لأنّهم عنوان للإنتهازيّة التّي شعارها الغايـة تبرّر الوسيلة ، و لو على حساب مبادئهم و قناعاتهم و مرجعياتهم فالأمر يستدعي التوقّي و الحذر قبل فوات الأوان ، فمن يدوس المبادئ و القيم بإمكانه دوس شعب بأكملـه عملا بالقاعدة القانونيّة المعروفـة :  » من يستطيع الكثير يمكنه القيـام بالأقل  » ٠ علـي مطـيـر


كفى مغالطة و ركوبا على موجة الثورة

 


هو واحد من أولائك الذين نضب ماء الحياء في وجوههم و أدمنت ذواتهم التزلف و التذلل فلا هم صدقوا ضمائرهم في الماضي و لا هم استحيوا في الحاضر و اتقوا الله و العباد .
لا يخجلهم أبدا أن يتلونوا مع الأحزاب و رموز السلطة فأي كان صاحب النفوذ و السلطة حتى و إن كان الشعب في هذه الفترة ، فهم يتقربون إليه و يسفحون ذآبة أنفة أو كرامة قد يملكونها ، إنه السيد  » رياض جغام  » ذاك الذي جفت حنجرته من الهتاف لبن علي و عصابته . هل كان ساذجا إلى حدود 14 جانفي ليعرف زيف النظام البائد و ظلمه و استبداده… ثم ماذا تغير من أكتوبر 2009 تاريخ كتابته لمقاله  » إفرح يا ولد الزين بن البلد  » بمجلة  » حضرة موت  » إلى 14 جانفي 2011 .

لقد صرح في المقال المذكور بمواقفه تلك في فترة اشتد فيها استبداد النظام و قمعه و بلغ القهر و كبت الحريات حدا جعل الأوضاع تنفجر في ديسمبر 2010 و جعل الناس يخرجون للشوارع كاشفين صدورهم للرصاص . فالقهر الذي سلطه نظام بن علي على الشعب كان لا يطاق و كان من المتوقع أن تصدر ردود فعل مضادة من الشعب .
لم يكن خافيا على أحد من التونسيين ما كانت تقوم به عائلة بن علي و أصهاره من سلب و نهب و إفتكاك للأرزاق و تسخير كل إمكانيات الدولة لصالحهم و تطويع كل القوانين و الوسائل ليثروا ثراء فاحشا متوحشا . إنه يدعي أنه بن البلد ، فلماذا لم يستغرب إثراء عائلة بن علي المتوحش إنه يعرف جيدا أنهم كانوا من عائلة جد متواضعة إن لم نقل فقيرة ، فمن أين لهم أن يملكوا القصور و العمارات و العقارات و المؤسسات و الأموال واليخوت و السيارات الفاخرة و النزل من الأقربين إلى تابعي التابعين ، و حتى بيوت الله سمسروا و استثمروا فيها مما جعل صديقنا  » رياض جغام  » ينعت  » حياة بن علي  » بالمرأة الفاضلة لأنها بنت مسجد من أموال الشعب .
ألم يعرف صديقنا و لم يخبره  » كبار الحومة  » عن حقيقة هذه العائلة ، إن كل ذلك وقع على امتداد فترة حكم بن علي أي قرابة 23 عاما فلماذا لم ينتبه صديقنا إلى ذلك إلا بعد ثورة 14 جانفي ( أعذرني يا و لد بن علي خان البلد الصريح بتاريخ 12 ماي 2011 ) هل يريد أن يوهمنا أن ما وقع كان بين أكتوبر 2009 و جانفي 2011 .
إن هذا لعمري لعين المراوغة و التزييف و إ ستبلاه الناس ، ثم لنفرض أنه كان ساذجا أو طيبا أو صادقا و لم يفهم ما كان يحدث من قهر و سلب و نهب و في هذه الحالة نقول له رب عذر أقبح من ذنب ، فكيف تسمح لنفسك أن تمجد شخصا و تمدحه و أنت لم تتحر في حقيقة أفعاله ، أتغالط الناس و تساهم في عملية التعتيم و طمس الحقائق و قلبها التي برع فيها النظام السابق ؟
إن شخصا بهذه الصفات لا يمكن أن نصدقه اليوم فكفى مغالطة و ركوبا على موجة الثورة ، و لا تضحك علينا مرة أخرى و لا تتزلف لنا فنحن متأكدون أنك ستكون مواليا متملقا لأي شخص يعتلي السلطة أو لأي طرف يفوز في الانتخابات مهما كان لونه أو فكره أو توجهاته فكفى نفاقا . حمام سوسة وسام ماني


أسس البرنامج الانتقالي للثورة الدائمة في تـــونس

 


مثلت الثورة التونسية أولى ثورات القرن الواحد والعشرين ودشنت أفاقا جديدة في طبيعة الثورات العالمية في عصر العولمة، سواء من حيث القوى والحركات الاجتماعية التي تداولت على صنع أحداثها أو الوسائل الاتصالية المستخدمة أو كذلك من خلال تطور نسق الشعارات والمطالب من داخل السيرورة الثورية التي تفتحها محليا وقوميا وعالميا. أنجزت ثورة 14 جانفي خارج السياق العام للثورات الاجتماعية والتحررية الذي ميز النصف الأول من القرن العشرين وخارج سياق الثورات السياسية في أوروبا الشرقية أواخر نفس القرن، أما خصوصيات هذه الثورة من حيث طبيعة القوى الاجتماعية الفاعلة في أحداثها وعلاقتها بالحركات السياسية فقد أخرجت الثورة التونسية من النماذج الكلاسيكية لصنع الثورات وقيادتها، وبذلك فهي تطرح مهاما ثورية أكثر تعقيدا وأكثر إلحاحية من تلك التي واجهتها أغلب الثورات السابقة خاصة بعد السيرورة الثورية التي ما فتئت تتوسع محليا وعربيا وربما عالميا مما يتيح فرصا وإمكانيات واسعة لاستمرارية الثورة وتجذرها على صعيد النضال الأممي الذي يعرف نفس التناقضات بين استفحال أزمة اللبرالية الجديدة وتضرر الشعوب والطبقات المستغلة والمفقرة والمهمشة وسط سيرورة استنهاض عالمية تقودها الحركات الشبابية والعمالية والثقافية المعادية للرأسمالية.
إن طبيعة التناقضات الاجتماعية الجديدة التي انضافت للتناقضات الطبقية القديمة وظهور فئات وشرائح اجتماعية أكثر تضررا من الفئات والشرائح العمالية المستغلة، جعل من ظواهر التهميش والإقصاء برهانا آخر على فشل الرأسمالية العالمية والمحلية على إدماج قطاعات واسعة حتى داخل تناقضاتها الكلاسيكية التي كانت تحاول تصريفها بواسطة تدخل الدولة في الاقتصاد تحت مسميات مختلفة. فمع انتصار خيار اللبرالية الجديدة عالميا بعد سقوط جدار برلين وانعكاساته على الخيارات الاقتصادية في تونس، فسحت سلطة بن علي المجال أمام الرأس مال العالمي لفرض برنامجه اللبرالي حتى أصبحت تونس مختبرا لهذه السياسات المعادية لجماهير الشعب الكادح. وبذلك أصبحت السوق الداخلية غير قادرة على استيعاب المخلفات الاجتماعية للسياسات اللبرالية في الخوصصة وتحرير الأسعار وانسحاب الدولة من إلتزاماتها الاجتماعية والاقتصادية، خاصة بعد استشراء الفساد المالي والإداري والسياسي الذي كان ينهك الاقتصاد المحلي بمزيد من الديون والارتهان للخارج فتوسعت القاعدة الاجتماعية للفئات المتضررة وشملت مختلف الشرائح المتوسطة والدنيا من عمال القطاع الخاص والقطاع اللاشكلي (عمال البناء وعمال تجارة التفصيل والعمل عن بعد..) وعمال المناولة والتعاقد الدوري… أما الفئات الأكثر تضررا فتمثلت في المعطلين عن العمل سواء من أصحاب الشهادات الجامعية أو من ذوي التكوين المهني المحدود أو كذلك ممن لا تكوين لهم على الإطلاق، وأصبحت معدلات مدة البطالة تتوسع من سنة إلى أخرى حتى فاقت العشر سنوات في عديد الحالات وهو ما جعل من ظواهر التهميش والإقصاء والحرمان تنضاف إلى ظواهر الاستغلال والاضطهاد وتراجع المقدرة الشرائية. أما على المستوى السياسي فقد أنتج النظام التسلطي والاستبدادي وضعية من خنق الحريات وتعميم القمع السياسي والأمني والتضييق على حرية العمل النقابي واختراق مكونات المجتمع المدني بالتصفية والتآمر والتدجين حتى وصل نظام بن علي إلى مأزق سياسي لم تعد تفيد معه حملات الدعاية والمناشدة وأصبح يمثل عبء سياسيا حتى على بعض حلفائه من القوى الامبريالية خاصة مع استفحال أزمة الخلافة رغم آليات الزبونية السياسية التي يستخدمها بتحويل الحقوق المدنية والسياسية إلى امتيازات مقايضا إيّاها بالولاء الناشط لبن علي والمقربين منه.
لا شك في أن العديد من قطاعات بورجوازية الأعمال والبورجوازية التجارية كانت قد عقدت تحالفات مع بؤر الفساد المالي والإداري في أجهزة الدولة واستفادت من كثير الامتيازات الجبائية والقمركية على حساب العمال (سياسات الإعفاءات والتأهيل الشامل، تدني الأجور باسم السلم الاجتماعية) والفئات الدنيا منهم (المناولة، مرونة التشغيل، التملص المقنن من الضمانات المهنية والاجتماعية…)، غير أن قطاعات أخرى من البورجوازية الصناعية وتجار التفصيل وغيرهم تضررت من هذه الوضعية بتشجيع الأنشطة التصديرية على حساب تلك الموجهة إلى السوق المحلية.
الثورة التونسية: الطبيعة المزدوجة
اندلعت الثورة التونسية بعد جملة من المراكمات النضالية التي كانت تظهر من حين إلى آخر في شكل احتجاجات فردية أو جماعية أو حركات اجتماعية مطلبية تمحورت حول مواجهة القمع والملاحقات والاعتداء على الحريات الفردية والعامة والمطالبة بالتشغيل والحفاظ على بعض موارد الرزق والإضرابات العمالية في العديد من القطاعات المناضلة. بعد أن تسارعت وتيرة بعض الحركات الاحتجاجية مثل أحداث الحوض المنجمي في 2008 وأحداث بنقردان صيف 2010 ، لم تكن حادثة إقدام أحد الشبان على إحراق نفسه في مدينة سيدي بوزيد يأسا واحتجاجا الأولى من نوعها إلا أنها كانت الحادثة التي جلبت حركة من التعاطف والغضب عبّر عن درجة من الاحتقان لدى الشباب اليائس من آفاق الاندماج المهني في مناطق كثيرة من « تونس الأخرى » التي راكمت عقودا من التهميش والإقصاء نتيجة اللاتوازنات الجهوية الموروثة والتي ازدادت حدة خلال ما يزيد عن عقدين من اللبرالية الاقتصادية وانسحاب الدولة الممزوجتان بالتسلط السياسي والمركزية المفرطة والفساد الإداري والمالي.
كما تغذت كراهيّة الجماهير الشعبيّة لنظام بن علي، بالإضافة إلى رفضها للاستغلال والاستبداد، من مشاعر الظلم والإذلال والوعود غير الصّادقة، وممارسات عائلتي بن علي والطرابلسية والعائلات المتصاهرة معها والتي تحوّلت إلى كراهية عميقة لسلطة بن علي. أخيرا، حفّزت الصّعوبات الاقتصاديّة، التّي فاقمت بدورها الأزمة الاجتماعيّة، الطبقات الكادحة وجماهير الشباب على الثورة على نظام بن علي. فخلافا لما كانت تدعيه السلطة الدكتاتوريّة حول حسن تماسك الاقتصاد في وجه الأزمة الاقتصاديّة العالميّة، فإنّ العديد من القطاعات الاقتصاديّة الحيويّة قد تأثرت بشكل ملموس جرّاء تباطؤ النموّ وانخفاض الطلب في البلدان المتعاملة مع تونس وفي مقدمتها فرنسا. وهو ما يدلّ عليه انكماش الاستثمار، وتراجع مؤشر الإنتاج الصناعي، وركود القطاع السياحي وتقهقر الصادرات، وتدنّي نسب النموّ الاقتصادي إلى ما دون التوقعات بكثير.
يتضح من خلال الحركات الاجتماعية التي بادرت بالاحتجاجات والقوى الاجتماعية التي واصلت الانتفاض أو تلك التي انتهت بها إلى ثورة اجتماعية أسقطت جزء كبيرا من مكونات النظام التسلطي، أنها عبرت عن عديد الفئات الاجتماعية أهمها تلك التي عانت من إقصاء مزدوج بحكم انتماءاتها الاجتماعية الطبقية العمودية وانتماءاتها الجهوية والمحلية الأفقية خاصة بفعل وضعية البطالة وانسداد الآفاق المهنية والاجتماعية أمامها. أما القوى الاجتماعية الأخرى التي شاركت في الثورة وواصلت دعمها حتى إسقاط العديد من أسس النظام السياسي السابق، فقد عبرت بدورها عن فئات وسطى واسعة تضررت من التسلط السياسي والإقصاء المدني مثل الفئات الشبابية التلمذية والطلابية التي كانت ترى مستقبلها في وضعيات البطالة المزمنة وانسداد الآفاق.
الطبقة العاملة والاتحاد العام التونسي للشغل: لقد برز من جديد، من خلال الثورة، الدور المركزي للطبقة العاملة في الصراع الطبقي في تونس، حيث كان لعموم الأجراء دور هامّ في تحقيق التعبئة الجماهيرية وفي تعميم الحركة الثوريّة في كامل البلاد وكذلك على مستوى تجذير مطالب الثورة وشحذ عزيمة الجماهير حتى إسقاط الدكتاتور. ممّا يعطي لجماهير الشغيلة دورا أساسيّا في السّيرورة الثوريّة الرّاهنة.
تجلت مُساهمة الطبقة العاملة في الثورة في مرحلة أولى من خلال الاندفاع العفوي للشغيلة في الاحتجاجات الشعبيّة، خاصّة الشباب العامل والفئات المهنيّة المستخدمة في قطاعات التشغيل الهش والمحدود، وكذلك جماهير الشبيبة المعطلة عن العمل، ثم على إثر انعقاد الهيئة الإداريّة يوم 10 جانفي والضغط النضالي لليسار النقابي على القيادة البيروقراطية داخل الاتحاد العامّ التونسي للشغل وخارجه، أعلن الاتحاد بوضوح وقوفه إلى جانب الثورة تحت الضغط وتجسم ذلك من خلال برمجة سلسلة من الإضرابات العامّة الجهويّة، القناة الرئيسيّة لتدخل الطبقة العاملة والطبقات الكادحة عموما في الثورة. وهو ما أكسبها قوّة ضاربة كان لها الكلمة الفصل في حسم الصّراع مع سلطة بن علي لفائدة الثورة. وفي المقابل، لم يكن للأحزاب السّياسيّة دور مهم في تنظيم الجماهير الشعبيّة والطبقة العاملة على وجه التحديد حيث اعتمدت الحركة الثوريّة على آلاف المناضلات والمناضلين المحليّين الذين أفرزتهم الأيام الثوريّة على ساحة النضال، ولم تنجح الثورة في فرز قيادة سياسيّة ذاتيّة مُمركزة وطنيّا ولها برنامجها الثوري الخاصّ.
لذلك فإنّ من أوكد مهامّ الطليعة الثوريّة ضرورة السعي إلى توحيد صفوفها حول برنامج حدّ أدنى، بما يضمن لها القدرة على التأثير على ميزان القوّة الطبقي والصراع السّياسي الدّائرة رحاه ما بين قوى الثورة المضادة التي تسعي إلى إبقاء تونس تحت الهيمنة الأجنبيّة، وشعب يكدّ ويعرق من دون الاستفادة من ثمار جهده التي تستحوذ عليها أقليّة محليّة وأجنبيّة ثريّة، وهو ما سيمكنها من الالتحام بالطبقة العاملة والجماهير الكادحة وجماهير الشباب من أجل فرز قيادة سياسيّة ثوريّة تضمن تلاحم الطليعة الثوريّة مع جمهرة المناضلات والمناضلين الثوريين في كافة مدن وجهات البلاد.
إن تحقيق أهداف الثورة من منظور طبقي يفترض عدم الوقوف بها عند حدود الديمقراطية السياسية وحقوق المواطنة الاجتماعية ولابد أن تستمر السيرورة الثورية حتى تتسع لتطلعات كل الطبقات والفئات والشرائح الاجتماعية ذات المصلحة في التغيير الشامل والعميق، من الجماهير المستغلة والمضطهدة والمهمشة ممثلة في:
ـ العمال بالفكر والساعد بما في ذلك الفئات الدنيا من عمال البناء والحضائر والقطاع اللاشكلي والعمال الفلاحيين الخاضعة لما يسمى بمرونة التشغيل والتي تعاني من تدني الأجور وانقطاعها ومن غياب الضمانات المهنية والاجتماعية. ـ صغار ومتوسطي الفلاحين والتجار، وأصحاب الحرف والمهن الحرة وأصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة المتضررين من الاحتكار ومن صعوبات التسويق ومن آليات التمويل البنكي المتجهة لخدمة بورجوازية الأعمال في القطاعات التصديرية على حساب السوق المحلية. ـ الموظفين العموميين من أعوان وكوادر، المتضررين من فساد الأجهزة البيرقراطية الهرمية والزبونية الإدارية القاتلة لكل عمليات الابتكار والمبادرة وخاصة من نظام الحصتين و48 ساعة عمل أسبوعيا. ـ المعطلين عن العمل من الجنسين في جميع الاختصاصات وممن لا اختصاص لهم داخل جميع الجهات خاصة الجهات الداخلية التي تشكو من محدودية الاستثمارات التنموية في جميع القطاعات والمقصيين تماما من كل نشاط اقتصادي واجتماعي.
المهام الانتقالية
أفرزت ثورة 14 جانفي وضعا ثوريا جديدا وديناميكية نضالية تفتح آفاقا واسعة لمواصلة الثورة وتعبئة نضالات الجماهير نحو المهام الانتقالية القادرة على المرور بالمطالب السياسية الديمقراطية إلى مطالب إقتصادية اجتماعية لفائدة الجماهير المهمشة والمستغلة والمضطهدة من أجل إعادة توزيع الثروة والسلطة والمشاركة الفعلية في إعادة إنتاجهما. فاستمرارية الثورة ومواصلتها في جميع المجالات وعلى جميع الجبهات هو الكفيل بتحقيق مشروع مجتمعي جديد أساسه الديمقراطية القاعدية والعدالة الاجتماعية المعممة والمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات المدنية لتحرير الطاقات الفردية والجماعية من كل أشكال التسلط والوصاية والهيمنة. غير أن مشروع المواطنة هذا لابد أن تحققه الفئات والشرائح التي ساهمت في الثورة بالتحالف مع الطبقات الجماهيرية المتضررة من الرأسمالية ومن نسخها اللبرالية والتي لها مصالح مباشرة وتاريخية في إحداث التغيير المجتمعي الشامل والعميق لكل البنيات على أسس انتقالية تربط بين برنامج الحد الأدنى في المواطنة والديمقراطية والإصلاح وبين برنامج الحد الأقصى في التحرر منالاستغلال والاضطهاد والتهميش والاقصاء، كما تصوغه الجماهير وتطمح إليه دون فواصل مرحلية أو تاريخية تهدد آمال المستغلين والمضطهدين والمهمشين والمقصيين وتجهض تطلعاتهم المشروعة في التحرر و الانعتاق والمشاركة. ولتحقيق هذهالمهام الانتقالية لابد من تجذير المطالب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكثيفها في مهام سياسية نابعة من رؤية برنامجية ذاتمحتويات طبقية واضحة تفتح مجالات ملموسة لانخراط العاطلين والعمال والفئات الوسطى وصغار ومتوسطي الفلاحين والتجار، وأصحاب المهن الحرة… في النضال الميداني عبر مختلف الأشكال الممكنة أو المبتكرة وتحفيزها لتحقيق أهدافها كاملة في تقاسمالثروة والسلطة والعمل على تأزيم الوضع الاقتصادي والسياسي وإحراج الحكومات البورجوازية بمزيد من المطالب التصاعدية.
فعلى المستوى السياسي يكون النضال متجها نحو مزيد توسيع دوائر المشاركة المدنية والسياسية في جميع مؤسسات الدولة وهيئاتها التشريعية والتنفيذية لتحقيق الديمقراطية المحلية باعتماد آلية الديمقراطية الانتقالية التي تقوم على مبادئ الاقتراع القاعدي والتداول الإلزامي والتمثيل النسبي. فقد خلّف النظام الموروث تفاوتات عميقة بين الفئات والطبقات والجهات لا تتيح فرصا متساوية في إمكانية التمثيل الديمقراطي الصادق لمختلف المكونات الاجتماعية المتضررة من العهد السابق إقصاء وتهميشا واستغلالا واضطهادا، ويكون بالتالي من مواصفات العدل الديمقراطي أن تمثّل الفئات والشرائح الأكثر تضررا من غيرها بطريقة نسبية تراعي حجمها العددي في الواقع وخصوصية مطالبها في التحرر والمساواة والمشاركة والإدماج ، وهي الفئات التي يمكن إجمالها في:
ـ الجهات المهمشة التي عانت من اللاتوازنات الجهوية وكانت ضحية انعدام العدالة التنموية في التشغيل والبنية التحتية والخدمات الاجتماعية والترفيهية. ـ الفئات الشبابية المقصية من حقوق المواطنة ورزحت تحت طائلة البطالة الهيكلية وعانت من مختلف أشكال الوصاية والتهميش والتعتيم. ـ الفئات العمالية الدنيا الأكثر استغلالا والأقل تمثيلا نقابيا ومدنيا مثل عمال البناء والقطاع اللاشكلي وكل الخاضعين لنظامي المناولة والتعاقد الدوري. ـ جماهير النساء المعرضّات لأشكال مزدوجة من الاستغلال والاضطهاد والتهميش والإقصاء بفعل العلاقات الاجتماعية الذكورية المدعومة بعناصر الثقافة التقليدية وعلاقات الاستغلال الرأس مالي المبضعة للمرأة.
إن هذه المرحلة من تطور نسق الثورة محليا وعربيا يفترض توحيد نضالات الجماهير حول جملة المهام السياسية الآنية المرتبطة بتصفية الإرث التسلطي والتصدي للثورة المضادة بحل أجهزة الأمن السياسي ومنع العودة السياسية للتجمّعيين عبر أشكال حزبية متحايلة على إرادة الجماهير والمطالبة بتحرير القضاء والإعلام تحريرا كاملا على اعتبار أن حرية الصحافةتختزل حرية التفكير والتعبير والنشر، والمحافظة على كل المكتسبات الاجتماعية والتحديثية وتطويرها في مجال الحريات الخاصة والعامة وتحييد الدين ودور العبادة عن مسرح الحياة السياسية والمساواة الكاملة بين النساء والرجال بما في ذلك الإرث والولاية والتمثيل النسبي. وهي جملة المطالب التي يمكن أن تصاغ من داخل الاستقطابات السياسية الثلاثية لطبيعة المرحلة الانتقالية والمشاريع المجتمعية المتنازعة والتي تتمحور حول القطب اللبرالي والقطب السلفي والقطب اليساري التقدمي. لقد اتضح اليوم أن التعبيرات السياسية اللبرالية ما فتئت تتآمر على الثورة من خلال الحكومات المتعاقبة التي نجحت الثورة في كنس بعضها في حين مازالت الحكومة الحالية تحاول مصادرة المهام الثورية ارتباطا بمصالح الرأس مال المحلي والعالمي وببقايا النظام السياسي البائد والتستر على رموزه السابقين بل تحاول بعثهم من جديد في شكل تلوينات حزبية عديدة معروفة الارتباطات والتوجهات ضمانا لاستمرار النهج الرأس مالي والامبريالي في الاستغلال والتسلط والاضطهاد. فقد عمدت قوى الثورة المضادة على تنويع مؤامراتها ابتداء من التلاعب بفصول الدستور وتشكيل حكومات مستميتة في الدفاع عن بقايا النظام وزبائنيته والدفاع عن المصالح الامبريالية في تسديد ديون بن علي، وقطع الطريق على الجماهير بالانقلاب على مجلس حماية الثورة وتعويضه بالهيئة المنصبة ذات المهام الالتفافية مرورا باستعادة الهيمنة على وسائل الإعلام والقضاء ووصولا إلى مقايضة الأمن بأبسط الحريات وتعمد إرهاب المواطنين بالانفلات الأمني بل وتعمد فسح المجال أمام أجهزة الأمن السياسي لإثارة الفوضى وقمع النضالات المشروعة وذلك من أجل إنهاك الجماهير والقوى الثورية والتقدمية وإقصائها من مهمة إنجاز المجلس التأسيسي الشعبي لفائدة قوى اليمين والقطب البورجوازي اللبرالي.  
أما التعبيرات السلفية فقد أظهر بعضها العداء البين للمصالح الطبقية الجماهيرية وللديمقراطية وللحريات العامة والخاصة ولكل مظاهر الحداثة المدنية والسياسية شاهرا سلاح التكفير والعنف والاعتداء على المواطنات والمواطنين كاشفا عن حقيقة المشروع السلفي وتجذره في الرجعية والمعاداة الفظة لأبسط الحريات والحقوق الفردية والجماعية. وبالموازاة تقدم بعض الحركات السلفية الأخرى نفسها كأحزاب سياسية تدعي الديمقراطية والتسامح لتغالط الجماهير وبعض النخب وحتى بعض السياسيين واليساريين (تجمع 18 أكتوبر)، لكنها في كل منعرج تكشف حقيقة برنامجها السياسي والاجتماعي والاقتصادي مستندة إلى ما تعتبرة « حكم الله » وما تدعو إليه من دولة تيوقراطية معادية لمصالح العمال والجماهير الشعبية وللدولة المدنية المواطنية التي لا تميز بين المواطنين على أساس الدين واللون والجنس والعرق.
إن المشاريع الأصولية الاستردادية التي تنادي بها هذه الحركات باسم الدين والتراث والهوية تبين عمق معاداتها للمرأة ولمكاسبها ولكل آفاق تحررها وانعتاقها كما تكشف عن خطورة المشروع المجتمعي التي تعمل على إرسائه بكل ما يحمله من تهديدات مدنية وثقافية وفكرية مستغلة في ذلك المشاعر الدينية للجماهير المفقرة والمضطهدة. وقد بين تاريخ هذه التيارات، إن في تونس أو في تجارب أخرى في المنطقة العربية والعالم الإسلامي مد ارتباطاتها المعلنة أو الخفية، الحينية أو الدائمة، المالية أو الإيديولوجية بدول مغرقة في الرجعية والعمالة سواء كانت خليجية أو حتى إيرانية. فطبيعة الانحدار الطبقي والاجتماعي البائس لهذه الحركات من فئات وسطى وبورجوازية صغيرة مفقرة أو مهمشة مدعومة برؤى إيديولوجية يائسة ومغتربة عن العصر يجعلها غير قادرة على أن ترى أفقا غير الماضي التليد تعمل على النكوص إليه بكل بنياته البدائية وولاءاته التقليدية وتصوراته القروسطية.
فالنضال الجدي ضد السلفية في كل القطاعات وعلى كل الجبهات يمر حتما عبر إيجاد قطب عمالي شعبي ديمقراطي من خلال برنامج يقطع مع كل أنماط التفقير الاجتماعي والتهميش المدني والتغريب الثقافي والارتهان الخارجي، ويكون على القوى الثورية أن تستعد للالتقاء مع الأطراف الديمقراطية والتقدمية لخوض معارك خصوصية ضد هذا التهديد الرجعي المعادي للجماهير والعمال والنساء وكل التحرريين على أن تبقى قوى اليسار الثوري القاطرة الأساسية في قيادة هذه المعارك السياسية.
غير أن القطب اليساري القادر على تحقيق أهداف الثورة ومهامها الانتقالية من منظور طبقي ممثلا في قوى اليسار الراديكالي، مازال في أغلب مكوناته مرتبكا في وضوحه الفكري ومترددا في تبني المطالب الجماهيرية والوطنية والطبقية تستهويه لعبة المواقع داخل المؤسسات البورجوازية أكثر من دفع النضالات الميدانية وقيادتها وتفعيل أطر التنظم الذاتي ممثلة في مجالس حماية الثورة محليا وجهويا ووطنيا. أما على الصعيد الجبهوي اليساري، فإن تجمع 14 جانفي تحول إلى هيكل مفرغ من أي دور سياسي فاعل عدى بعض البيانات اليتيمة، منقطعا عن حركة النضال اليومي، عاجزا حتى عن صياغة بعض التصورات البرنامجية أو المبادرات النوعية وانشغلت عنه أغلب مكوناته بالعمل الحزبي الخاص على حساب العمل الجبهوي عوض أن تتكامل معه ضمن رؤية إستراتيجية موحدة في حدها الأدني على خوض المعارك السياسية المقبلة لفائدة الجماهير ذات المصلحة في التغيير نحو البناء الاشتراكي.
وجدت الثورة التونسيّة نفسها مُلزمة بمهامّ ذات طابع ديمقراطي، وأخرى لها صلة بالهيمنة الامبرياليّة على البلاد ومهامّ ذات بعد اجتماعي اقتصادي، ممّا يفسّر الطابع المركّب لهاته الثورة، أي تلازم هذه الأبعاد الثلاثة في السّيرورة الثوريّة الجارية. وإذ نشير إلى هذه الطبيعة التاريخيّة والاجتماعيّة المحدّدة للثورة التونسيّة، فإنّ ذلك ينبع من قناعتنا أن مهمّة الثوريّين تتمثّل تحديدا في السّعي لدمج مختلف هذه الأبعاد في برنامج ثوري متماسك والنضال الجدّي من أجل تحقيقه وذلك من خلال المهام التالية :
ـ تثبيت الحقوق والحريّات الديمقراطيّة وتوسيعها: من الطبيعي أن تسعى الثورة التي قامت ضدّ السّلطة الدّكتاتوريّة إلى تفكيك آليّاتها وأدواتها واستبدالها بأخرى تضمن التعبير الحرّ والمُمارسة المُستقلّة، وتصون الحُرّيّات الفرديّة والعامّة، وتعترف بالحقوق وتضمن ممارستها الحرّة وتعمل على دعمها وتوسيعها، كما تكون مرآة عاكسة للإرادة الشعبيّة وخاضعة للرّقابة الديمقراطيّة والمحاسبة. لقد تقدّمت الثورة اليوم أشواطا ملموسة على هذا الدّرب، بعد أن فرضت على حكومة الثورة المضادة الماسكة بالسلطة حلّ التجمّع الدستوري الديمقراطي، وحلّ الدستور والدعوة إلى انتخاب مجلس تأسيسي، والشروع، ولو ببطء شديد، في محاكمة بعض المسؤولين في النظام السّابق.
لكن هذه الخطوات وعلى أهميتها لا تزال هشّة وقابلة للتلاشي ما لم تتدعّم بمكاسب عديدة تخصّ ضمان الحقوق الاجتماعيّة والاقتصاديّة الأساسيّة، وكذلك التقدّم على مستوى إعادة تملك السّيادة الشعبيّة وضمان حقّ تقرير المصير للشعب التونسي. حيث أنّ الديمقراطيّة هي، بالإضافة إلى ترسانة الحقوق والآليّات والأدوات التي تنظمها وتنظم سيرها، سياق متداخل الابعاد السّياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة.
لا يشك أحد اليوم في دور المطالب الاجتماعيّة والاقتصاديّة لعُموم الكادحين وجماهير الشّبيبة في تفعيل الثورة وتجذير مطالبها، في مقدمتها مطلب التشغيل، ولكن أيضا ظروف العمل وشروطه، خاصّة الأجر والترسيم والمناولة وشروط الهشاشة، والتي يتوقف عليها الدّخل الذي يحدد بدوره مستوى العيش والفقر. فعلى عكس ما تدعيه الحكومة المؤقتة ووسائل دعايتها، وأغلب الأحزاب السّياسيّة، لا تحتمل هذه المسائل الانتظار مراحل أخرى، كما أنّها لن تكون حاصل ما يسمّى ‘الانتقال الديمقراطي’، بل على العكس تماما، يمثل النضال المتماسك من أجل المجابهة العاجلة لمظاهر الفقر المدقع من خلال ضمان دخل أدنى قارّ لكافة العائلات المُعدمة، الواقعة تحت عتبة الفقر، والتي تفيد الأرقام الرّسميّة أن عددها يقارب 200 ألف، أي ما يمثل حوالي عُشر سكان تونس. إلى جانب ضمان منحة قارّة للتعويض عن البطالة لكافة المُعطلين عن العمل، والرّفع في مستوى الأجر الأدنى الصّناعي والفلاحي مع إلغاء نظام 48 ساعة، والشروع الفوري في مفاوضات قطاعيّة بهدف الترفيع في مستوى الأجور، و مراجعة مجلّة الشغل لمنع كافة اشكال التشغيل الهشّ والعمل بعقد محدّد المدّة ولحماية العمل وإقرار مبدأ العمل بعقد غير محدّد المدّة لكافة المشتغلين بعد استيفاء مدّة تربّص يقع التفاوض حولها. وتطوير نظام الحماية الاجتماعيّة وتعميمه ومراجعة قاعدة العلاج المجاني بهدف توسيع دائرته ليشمل كافة العائلات ذات الدّخل الضعيف.
ـ تحقيق السّيادة الشعبيّة الوطنيّة: تمكّنت القوى الرأسماليّة العالميّة، على خلفيّة أزمة النّظام البورقيبي، من فرض سياسة التعديل الهيكلي على تونس منذ 1986 ثمّ جرى تثبيت هذا النظام وتوسيعه تحت حكم بن علي، بواسطة التوقيع على اتفاقية « الغات » وأكثر من اتفاق حماية الاستثمار الرأسمالي وخاصة اتفاق الشراكة الأورومتوسطيّة، ممّا أفقد الدّولة التونسيّة جزءا هاما من سيادتها، في حين خسر الشعب بالإضافة إلى حريّته، حقّه في تقرير مصيره بنفسه. ولا تزال تونس، بعد قيام الثورة، تعيش تحت نير هذه السّياسات والمُعاهدات التي تُعدّ بلا منازع من بين العقبات الرئيسيّة التي تمنع تونس من القطع مع النظام الاستغلالي واللاوطني البائد.
ليس برنامج التعديل الهيكلي مجرّد لائحة إجباريّة من الإجراءات الماكرو اقتصاديّة التي يجري تطبيقها فقط، بل هو بالإضافة إلى ذلك تعبير عن مشروع سياسي يتمثل هدفه الأساسي في جعل الكوكب، مجالا لتدخل آمن وميسور للشركات الرأسماليّة العابرة للقوميات. بعبارة أخرى هو جسر عبور الرأسماليّة العالميّة الجديدة إلى تونس، وهي نفس الاستراتيجية التي يتم تطبيقها في سائر البلدان الأخرى من خلال دفع مسار العولمة الرّأسماليّة الليبراليّة وتيسير انتشارها من خلال التحرير الاقتصادي، وإزالة القوانين غير المناسبة وإضعاف دور الدّولة في المجالات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافية.
وبقدر ما تضعف اجراءات التعديل الهيكلي قدرة المواطنين على ممارسة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعيّة والثقافية وحقهم في حياة أفضل وحقوقهم المدنيّة والسياسيّة وحقّهم في العيش في بيئة سليمة، فإنها تضعف بالقدر نفسه قدرة الدّولة على ضمان هذه الحقوق لهم ورعايتها وتطويرها، تماما كما يضعف المرض الجسم ويحدّ من قدرته ويشل طاقته. وبالتالي يشترط تقدّم مسار الثورة العمل بتماسك وثبات على إسقاط هذا البرنامج الذي ألحق بالجماهير الشعبيّة والطبقات الكادحة أشدّ الأضرار وأوكل للدوائر الإمبرياليّة الحقّ في تقرير مصير تونس.
كما يمثل النضال ضد السياسة الاستعمارية الأوروبية الجديدة التي يجسمها اتفاق بثبات على الشريط الجنوبي لضفاف المتوسط في إطار مشروع الشراكة الأورومتوسطية، تسعى الإمبريالية الأمريكية بدورها، من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير، إلى تدعيم حضورها العسكري والاقتصادي في هذا المجال الجيوستراتيجي الهامّ، الذي تتنافس فيه على دور الزعامة مع الإمبريالية الأوروبية.
ـ القضاء على الاضطهاد المضاعف للنساء: لقد انخرطت جماهير النساء بتونس بشكل كبير وملحوظ في الثورة حيث كانت لهن مشاركة فعالة بكل مراحلها ومظاهرها لما لهن من مصلحة في تقويض نظام بن علي الذي طالما تشدق بحقوقهن لذر الرماد على العيون, حقوق طالما استعملها تعلة وواجهة لحداثة وديمقراطية مزعومتين وأفرغها من محتواها التقدمي والتحرّري.
تعاني النساء في تونس من اضطهاد مضاعف: اضطهاد الخيارات الاقتصادية والاستغلال الرأسمالي المفقرة لأوسع الجماهير النسائية من جهة واضطهاد النظام الأبوي ألذكوري المتغلغل والذي يتمظهر عبر عقليات ومشاريع محقرة للنساء وقوانين تمييزية تجاههن. إن المجتمع الذي نصبو إليه لا بدّ أن يعمل على إلغاء كافة مظاهر التمييز ضد النساء وإقرار المساواة الكاملة بين الجنسين. فوضع النساء بتونس رغم ما حققنهن من مكاسب لا يزال يتميز بتكريس العقلية الأبوية عبر قوانين تمييزية مثل التوزيع اللامتساوي للأدوار داخل العائلة ومواصلة اعتبار الزوج ربا للعائلة يتمتع وحده بولاية الأطفال (إلا في حالات نادرة)، أو التوزيع اللامتكافئ للثروات داخل العائلة عبر قوانين للميراث لا زالت تعطي الذكر حظ الأنثيين وهو ما يساهم إضافة لعديد المعطيات الاقتصادية والاجتماعية في تفقير النساء وتأنيث الفقر.
كما أن العنف المسلط على النساء يبقى ظاهرة متفشية إذ أن امرأة على أثنين تتعرض لنوع من أنواع العنف الجسدي، أو الجنسي أو الاقتصادي. عنف تصعب مقاومته في ظل القوانين والمؤسسات الحاليّة. وتبقى المشاركة السياسية للنساء محدودة في جميع مجالات الفعل السياسي سواء كان ذلك في مسؤوليات الحكومة (وزيرتان فقط في الحكومة المؤقتة، أو في النقابات 1% من السؤولين النقابيين بالاتحاد العام التونسي للشغل)، وفي الأحزاب السياسيّة وحتى في منظمات المجتمع المدني. كما تواجه النساء اليوم عديد التحديات لعل من أهمها مجابهة الفكر الرجعي السلفي الذي تجلى في الفترة الأخيرة عبر نداءات بعض الأطراف الإسلامية المتطرفة لرجوع النساء للبيت والتخلي عن الشغل ,ومحاولة إجبار النساء على لبس الحجاب.
وتجمع الدراسات على ان ّ نسب البطالة والفقر عند النساء تتجاوز بكثير نسبها عند الرجال ويسود العمل الهامشي وسوق المناولة في استغلال العمل النسائي ولعل وضع عاملات المنازل مثال واضح على هدا الاستغلال، ولا تزال أجور النساء اقل من أجور الرجال في العديد من القطاعات وخاصة في العمل ألفلاحي، وتجابه النساء العاملات متاعب اليوم المضاعف بين العمل داخل المنزل وخارجه.
فمن أوكد مهام الثورة العمل بصفة مزدوجة ضد الاستغلال والتفقير للنساء وضد التمييز والعقلية الدكورية وسنعمل على رفع التحفظات على اتفاقيّة القضاء على كافة مظاهر التمييز ضد المرأة بما يعنيه ذلك من مساواة داخل العائلة وفي الإرث، وتبني خطة فعالة للتصدي للعنف المسلط على النساء بدمج الإجراءات القانونيّة والاجتماعية اللازمة لذلك، والعمل على مجابهة تأنيث الفقر عبر منع تهميش عمل النساء وتجريم المناولة وتحقيق ظروف العمل اللائق لهن والمساواة في الأجر، وتدعيم المشاركة في الحياة السياسية والحياة العامة عموما عبر اعتماد المناصفة كمبدأ عامّ، والعمل على مجابهة العقليات المحقرة للنساء والتي تعرقل حضورهن في الحياة العامة.
لقد تبين أن الشباب عامل محدد في الصيرورة الثورية. فاجأت جماهير الشباب بمشاركته الهامّة والفعالة في الثورة كل من اقتنع بعزوفهم عن النضال ضد الاستغلال والظلم ومن اجل الحرية والكرامة وأكدت الدور التاريخي لهده الفئة في الصيرورة الثورية. ولا بد من العمل على الاستجابة للمطالب المشروعة للشباب والتي في مقدمتها ضمان حقّ العمل وإصلاح النظام التعليمي العمومي باعتباره أساس التنمية الوطنيّة المنشودة كما العمل على توفير الشروط الملائمة لتحقيق الذات وتفجير الطاقات الشبابية عبر الانخراط في الحياة العامّة (أحزاب، جمعيات…) والنّوادي الثقافية والفنّية والأطر الرياضية، وكافة أشكال التنظيم والتعبير الذاتي والمستقل لجماهير الشبيبة. وأخيرا مراجعة القوانين المنظمة للعلاقات بين الجنسين التي يغلب عليها التكلس والطابع الزجري والتي لا تتماشى مع متطلبات الواقع المتحرّك ومع السلوكيات السائدة في ظل تأخر سنّ الزواج واستشراء العزوبة.
ـ المحافظة على البيئة وحماية المحيط كمعطى أساسي في التنمية العادلة: تشهد تونس العديد من المخاطر البيئيّة نتيجة للاختيارات الاقتصادية المدمرة للطبيعة حيث تسود ثقافة الربح بغض النظر عن الانعكاسات البيئيّة. وتبقى الدراسات التي تقوم بها الوكالة الوطنية للمحافظة على البيئة مجرد وثائق إدارية لا تراعي حقيقة المخاطر التي تهتك المحيط مثل ما تشهده مدن الحوض المنجمي خاصة الرديف، وكذلك قابس وصفاقس وغيرها من المدن التونسية. كما يسود تعتيم إعلامي كبير على اللجوء للأغذية المعدلة جينيا حيث اعتمدت العديد من المشاتل المعدلة جينيا دون نقاش وحتى إعلامنا بذلك. كما أن المصادر الطبيعية للطاقة غير مستغلة بما فيه الكفاية على غرار الطاقة الشمسية وفي المقابل لوحت سلطة بن علي بشراء مفاعلات نووية رغب ساركوزي في بيعها لتونس. وبالتالي فإنّ خيار حماية المحيط والتوازنات البيئيّة أمر على غاية من الأهميّة نعتبره الفيصل في مجمل الخيارات السياسية والاقتصادية.
إن جملة هذه المهام الانتقالية العاجلة يمكن اختزالها في المطالب التالية في انتظار صياغة البرنامج اليساري العمالي المفصل من داخل نضال جماهير العمال بالفكر والساعد والمهمشين من المعطلين والشباب والمفقرين في الأحياء الشعبية والأرياف والمظطهدين من النساء والأطفال وحاملي الإعاقات:
ـ من أجل تصفية الإرث التسلطي بمنع العودة السياسية لرموز النظام السابق ومتابعتهم قضائيا والحل الكامل لجهاز الأمن السياسي ومحاكمة المتورطين في التعذيب والقتل والارتشاء وإعادة هيكلة مختلف الأجهزة الأمنية وتكوين الأعوان في احترام القانون وحقوق الإنسان وتحسين ظروفهم المهنية والاجتماعية (احترام ساعات العمل القانونية والعطل الأسبوعية والسنوية والزيادة في الأجور…) وتحييد المؤسسة الأمنية مع تجريم تجاوز القانون والارتشاء أوالتلاعب بالواجبات الأمنية تجاه المواطنين.
ـ من أجل تفعيل المجالس الجهوية والمحلية باعتباها أدوات للتنظم الذاتي وإيجاد الحلول الديمقرطية لتجاوز الصعوبات التمثيلية والتوافقية التي تواجهها، والتصدي لمحاولات تدجينها والالتفاف على مطالبها داخل الهيئة العليا المنصبة، في إطارالمجلس الوطني لحماية الثورة باعتماد الديمقراطية المحلية لإنجاز مؤتمرها الوطني الممثل ديمقراطيا والذي يحدد مهامه بكل استقلالية في مراقبة الحكومة وبناء برنامج نضال ميداني تصعدي والإشراف على الانتخابات.
ـ من أجل مجلس تأسيسي يمثل خيارات الثورة، منتخب ديمقراطيا يستبعد رموز النظام السابق وممثلا على قاعدة التمثيل النسبي للشباب والجهات والنساء (المناصفة بين الجنسين داخل المجلس وليس من خلال القوائم المترشحة) وعلى قاعدة تحييد الدين (بمنع توظيف دور العبادة وتجريم التكفير والتشهير بالعقائد) والحد من سطوة المال وسلطة الأعيان من البورجوازيين والملاكين الكبار في الحملات الانتخابية (بالاقتصار على التمويل العمومي) وهو ما يفترض إشراف المجلس الوطني لحماية الثورة على صياغة قانونه الانتخابي والإشراف على العملية الانتخابية.
ـ من أجل تصفية الجهاز البيرقراطي الجاثم على الاتحاد العام التونسي للشغل بإلغاء امتيازات ونفوذ القيادة البيرقراطية على منظمة الشغيلة التونسية عبر آليات محاسبة ومراقبة مستمرين بما فيها إجراءات إمكانية سحب الثقة من كل المسئولين النقابيين وتقليص فترات التمثيل النقابي في جميع الهياكل وفتح المبادرات النضالية أمام القاعدة في جميع القطاعات من خلال تغيير النظام الداخلي لفائدة القاعدة العمالية الواسعة.
ـ من أجل إلغاء الديون التي راكمها النظام السابق وتوظيف أصولها ومرابيحها في البرامج التنموية والتشغيلية داخل الجهات المحرومة وإعادة المؤسسات التي تمت خوصصتها في إطار منظومة الفساد إلى القطاع العام وتنظيم تسييرها من قبل العاملين فيها وإيقاف نزيف الخوصصة واسترجاع الأموال والثروات المهربة وفرض الضريبة التصاعدية على الدخل إلى جانبتجريم كل محاولات التهرب الجبائي والتحايل على الحقوق المهنية والاجتماعية للعمال.
ـ من أجل إصلاح زراعي على أسس من العدالة الإنتاجية المحلية وتجميع الملكيات المشتتة والتسهيلات البنكية لفائدة صغار ومتوسطي الفلاحين وإعادة هيكلة قوانين الشغل الفلاحي بما يساوي بين العمال الصناعيين والفلاحيين في الأجور والضمانات المهنية والاجتماعية وتهيئة البنية التحتية الريفية والقروية وتوفير مختلف الخدمات الاجتماعية والاتصالية.
ـ من أجل بناء خطط نضالية داخل مختلف الحركات الطلابية والتلمذية باستكمال بناء منظماتها التمثيلية بطريقة ديمقراطية على رأسها الاتحاد العام لطلبة تونس حرا ديمقراطيا ومناضلا وفك ارتهانه بالحسابات الحزبية مهما كانت طبيعتها، واستكمالاتحاد المعطلين عن العمل بتوسيع تمثليته وبعث صندوق للبطالة مع تمثيله في عمليات الانتداب في إطار المقاييس الواضحة والشفافة.
ـ من أجل إطلاق الحريات العامة والخاصة بما فيها حرية التفكير والتعبير والنشر والتنظم والتظاهر والاعتصام دون شروط مسبقة وضمان حرية المعتقد وحمايتها دون تمييز إلى جانب حرية الصحافة وإلغاء كل أنواع الرقابة على المنشورات والأنترنات وتمكين الصحفيين ومستعملي الشبكة العالمية من الضمانات القانونية والمهنية الكفيلة بتجاوز مختلف أشكال الرقابة والرقابة الذاتية مع تحرير القضاء والفصل الكامل بين السلطات وتحرير المجتمع المدني من هيمنة المجتمع السياسي.
ـ من أجل إصلاح جذري للتعليم في مختلف مستوياته بتشريك التلاميذ والمدرسين والأولياء والخبراء، وإعادة الاعتبار للمدرسة والمدرس وتخليص التعليم من التوظيف السياسي والاستعمال الدعائي ورفع مستواه البيداغوجي والمعرفي إلى جانبالإحاطة التربوية والتنشيطية بالتلاميذ خارج أوقات الدراسة والتصدي لأسباب العنف المدرسي وخاصة المسلط منه على الفتيات والمدرسّات والإداريات وإلغاء التعليم الخاص في مختلف المستويات.
ـ من أجل إعادة بناء جبهة 14 جانفي على أسس برنامجية ميدانية وطنيا ومحليا بما يتيح لها إمكانيات المبادرة السياسية النوعية بالخروج من وضعية رد الفعل والانخراط في السيرورة الثورية المفتوحة على احتمالات نضالية واسعة قادرة على استيعاب مطالب الجماهير المباشرة والتاريخية والدفاع عنها في منظور توحيد اليسار الراديكالي على أسس لا تكتفي بالمطالب السياسية بل تتجاوزها إلى المهام الاقتصادية والاجتماعية، وتعبئة حزامه غير المنظم لخوض المعارك السياسية القادمة بحظوظ أوفر والتوجه نحو بناء الأداة الثورية لاستكمال المشروع الثوري والاتجاه لبناء الاشتراكية على أسس جديدة.
ـ من أجل تحقيق الوحدة المغاربية في إطار المغرب الكبير مع مراعاة الحقوق الثقافية الأمازيغية وذلك على طريق تحقيقوحدة الأمة العربية التي تصنعها الجماهير ذات المصلحة في التغيير والتوحيد وتحرير فلسطين من الدولة الصهيونية العنصرية مع صون حقوق الأقليات القومية، وهي المهام التي فُتحت أمام تحقيقها آفاق سيرورة ثورية عربية مستمرة لن تنجح إلا بإسقاط الأنظمة السياسية الحاكمة وقوى الاستعمار الجديد المساندة لها بقيادة الأداة الثورية الموحدة نضاليا في عموم المنطقة العربية.
ـ من أجل حكومة ديمقراطية عمالية شعبية ذات برنامج اجتماعي واقتصادي عاجل على رأس أولوياته التشغيل والحماية الاجتماعية (مجانية الصحة والتعليم وخدمات الانترنات…) وإلغاء عقود الشغل الدورية والمناولة والزيادة في الأجر الأدنى الصناعي وتوحيده مع الأجر الأدنى الفلاحي وإدماج الرقابة العمالية في تسيير جميع المؤسسات العامة والخاصة إلى جانب إلغاء الاتفاقيات الاقتصادية الخارجية بمراعاة المصلحة الوطنية واحترام مبدأ السيادة الكاملة.
إن عجز الحكومة عن تحقيق هذه المهام بسبب ارتهانها بالقوى والمصالح الداخلية والخارجية، يفقدها كل شرعية تدعيها ويطرح على اليسار الثوري مهاما نضالية مشتركة في مختلف القطاعات والجهات ذات بعد انتقالي تتدرجي لا يمكن فصل مطالبه الديمقراطية والإصلاحية عن المطالب السياسية الاقتصادية والاجتماعية لمختلف الفئات والشرائح والطبقات الشعبية المعنيةبالتغيير في الاتجاه الاشتراكي، وهي المطالب التي باتت تتراكم يوما بعد يوم وتفتح سيرورة ثورية متواصلة لا يمكن لجم ديناميكيتها مستقبلا. لقد أفصحت ثورة 14 جانفي عن العديد من الدروس لعل أهمها ما يرتبط ببناء الأداة أو الأدوات الثورية من داخل الدينامكية النضالية لمختلف الحركات الجماهيرية وببناء البرنامج العمالي الشعبي من داخل المطالب المباشرة والمهام التاريخية للطبقات والفئات والشرائح المعنية دون إسقاط أو وصاية. فعدالة الإنتاج وعدالة التوزيع والعدالة الديمقراطية التي ينادي بها الثوريون تعني اليوم تعميم الشغل والرفاه والتقاسم العادل للثروة بين الطبقات والفئات والجهات والأجيال، كما تعني إعادةتوزيع للسلطة مقابلة مختلف الأطروحات الديكتاتورية بالديمقراطية العمالية الشعبية من داخل مشروع مجتمعي بديل يكون فيه الجهد بالفكر أو بالساعد المصدر الأساسي للمشاركة في إنتاج الحياة الاجتماعية والتمتع بالتوزيع العادل للمنتوجات والخدمات، ويكون فيه العمل مصدرا للتحرر والإبداع بدل أن يكون مصدرا للاستغلال والتفاوت والاغتراب، وهي المقدمات الضرورية للتصور الاشتراكي الأممي الذي يطمح إليه كل الثوريين في العالم مهما اختلفت توجهاتهم.
يمثل أعضاء رابطة اليسار العمالي تجمعا سياسيا من مناضلي الحركات العمالية والديمقراطية والنسوية والشبابية ذوي النزعة التضامنية الأممية والتوجه الديمقراطي القاعدي، والذين عرفوا بمعاداتهم للرأسمالية والاستبداد ولكل أشكال الاستغلال والاضطهاد والتمييز، ينخرطون في نضال الجماهير مساهمين في بناء المشروع الثوري لعموم المنطقة العربية، لا يطرحون أنفسهم بديلا جاهزا بل يطرحون تصوراتهم البرنامجية على كل اليساريين الثوريين والطلائع المناضلة في مختلف القطاعات وعلى الفئات والطبقات التي لها مصالح مباشرة وتاريخية في تغيير المجتمع تغيرا جذريا في اتجاه اشتراكي جديد يقطع مع تجارب الانحطاط البيرقراطي والاستبداد الدكتاتوري. رابطة اليسار العمالي جوان 2011


ليس وراء الأحزاب ..إلا الفوضى والخراب كثير من التونسيين يتساءلون.. إلى اين تسير بنا فوضى الأحزاب وما البديل..

 


البديل عن الأحزاب هو تونس الشعب…تونس باكملها…تونس باليسار والوسط واليمين تونس بالغني والفقير .. تونس بالداخل والساحل .. تونس بالشمال والجنوب…أما تجارة الاحزاب بانواعها فإنها لا تكون إلا على حساب الوطن..نريد تونس التي عاشت 14000 سنة منذ الحضارة القفصية بدون أحزاب.. نريد تونس لكل التونسيين لا غير…. وهذا أمر ممكن جدا لو تم معاملة الأحزاب كشخوص معنوية والترشيح والترشح على مستوى الأفراد..أما أن يتم تسليم البلاد لمجموعة من الأحزاب المتناحرة والتي لا يمكن ان تتفق على قاصم مشترك لانه لا يوجد أساسا ما يجمعها.. وهي تسير بنا نحو الهاوية ونحن نتفرج كضحايا العي من الخرفان والنعاج..فهذا أمر لا يمكن أن ينجح ولا يجوز أن يستمر وأعطيك مثال: تخيل أن حزب معين أفراده يعدون نصف مليون فرد هذا يعني ان هناك نصف مليون ناخب تونسي متجانسين في اختياراتهم يعني لما يذهبون لصندوق الأقتراع كلهم سيرشحون الشخص إيكس يعني كأن عدد الناخبين في مساحات الإختيار قد نقص بنصف مليون ناخب بقية الناخبين من حقهم الترشيح والترشح ونحن نعلم مسبقا ان من ضمن إثنى عشر مليون تونسي هناك نصف مليون قد وحدوا برنامجهم في شكل حزب يتم إذن معاملة هؤلاء المتحزبين كلهم بنفس الطريقة لأنهم متجانسين في تفكيرهم واختياراتهم يصيرون كأنهم شخص واحد وهو حزبهم الذي يعكس نفس المشروع ونفس التوجه الذي يخصهم ..والذي لا يخص عامة الشعب بكل الاحوال يعني الحزب يساوي الفرد أدبيا ومعنويا وكأن الشعب التونسي اصبح إحدى عشر مليون ونصف فقط وليس من حق الحزب مهما كان حجمه أن يبتلع أفراده وبقية إفراد الشعب بالإقصاء والمنع من الترشح واقتصار الترشح على ممثلي الاحزاب وتصبح بلادنا دولة الحزب أو دولة الحزبين أو الثلاثة أو التحالف الحزبي .. والنتيجة في كل الحالات هي نفسها..دكتاتورية الحزب الحاكم والشخص قائد الحزب الحاكم او التحالف الحزبي والشخص قائد التحالف..قد بدانا فعلا نرى أثر الشخصنة وبناء الرموز من فراغ مثلما هو حاصل لدي معظم الاحزاب..كل واحد منهم عامل شخص ينفخ فيه ويبنيلو في كاريزما مزوره ويبندر له بشكل قد يصل درجة العبادة هذا ينطبق على الاحزاب حتى لو بلغ عددهم الف حزب..في كل الحالات لا يمكن ان نصدقهم بكونهم يمثلون الشعب..ولذلك ليس من حقهم احتكار السلطة دون الشعب ما نطالب به بسيط جدا لكن الاحزاب لكونهم خونه أنانيون ولا تهمهم إلا مصالحهم الضيقة فإنهم يرفضونه: نطالب بالترشيح والترشح على مستوى الأفراد وعدم اعطاء الاحزاب اي إمتياز إنتخابي .. لا على مستوى الترشح ولا على مستوى الترشيح..ودولة المؤسسات بالشعب الواعي والمثقف والواثق في مستقبل بلاده سيبدع في تنظيم العملية بمنتهى الشفافية متى ماقتنع بها وبجدواها .. بعيدا عن المصالح الفئوية الضيقة للأحزاب وعندها يمكن ضمان ديمقراطية العملية الإنتخابية وكسب رضاء الناس واستتباب الامن وإعادة الدورة الإقتصادية كأحسن ما يكون ..وعندها فقط سيعود الناس لعملهم وأنتاجهم لأنه سيعيش في بلد يحسبها له .. ساهم في بناء نظامها .. وليس بغير ذلك لانه لا امن ولا عمل مع الحيف والظلم أما تسليم البلاد للإحزاب فإنهم بذلك سيقتسمونها ويغتصبونها بعيدا عن الشعب وإرادته وثورته ونبقى نحن ننتفض كالذبيح حتى الثورة القادمة هذا إذا لم ننحدر إلى أتون الحرب الاهلية إن الخصوصيات الموضوعية للأحزاب القائمة حاليا وتركيبتها فكرا وعددا .. قد اقتضت إعادة التجمع للعمل بالساحة السياسية.. فقاموا بإعادته دون الرجوع للشعب الذي رفضه .. وقد صرحوا بذلك بكل وقاحة وأمام الملأ .. وانظروا حولكم سترون مصداق قولي .. وقد اعادوه في سياق توازنات ومقايضات بالداخل والخارج محدده ومعلومة هذا عين الخيانه الموصوفة للوطن ولا يجوز التغاضي عنها فخائن القضية يعاقب .. ولا يعين قائدا ولا رئيسا ولا نسؤولا ولا يمكن ان يمثل الشعب باي حال من الاحوال..وتمثيله للشعب سرقة ونزوير وخيانه وهذا ما كان ليحدث .. لو كان الترشح على مستوى الأفراد..لأنه في حالة الترشيح الفردي لا يفيدهم التجمع بشيء حيث سيتم إلغاء النفوذ تاثرا وتاثيرا..وسيذوب تأثير سم النفوذ المالي والعلاقاتي في الكثرة والإختلاف ما نطالب به وهو صيغة الترشيح على مستوى الأفراد وعدم إعطاء الأحزاب أي أفضلية إنتاخابية لا على مستوى الترشح ولا على مستوى الترشيح..هذا الأمر موجود في جميع الديمقراطيات في البلدان التي تحترم نفسها وتحترم شعبها بدءا بفرنسا ولا اقول أنتهاءا بماليزيا وجنوب إفريقيا والهند وبنقلاديش لم يتم إلغاء الترشيح الفردي وتعقيدة وتقريده وتقزيمه إلا في ديمقراطية تونس الوليدة التي يريد الأحزاب احتكارها والتفرد بالحكم فيها وهم شرذمة أقلية امام سواد الشعب ولا يتجاوزون مجتمعين 15 بالمئة من الشعب أي حزب تونسي مهما بلغ عدد أفراده ..لا يمكن له الإدعاء بانه أغلبية مقارنة بالشعب..إذن لماذا نسلم له مقاليد السلطة هكذا بجرة قلم خطها هو بنفسة في غياب إرادة الناس إن ما يحدث في تونس اليوم هو مجرد تقنين للدكتاتورية وإضفاء بعض الديكور الديمقراطي الشعاراتي الرنان عليها كنا في دكتاتورية الحزب الواحد والآن سننتقل لدكتاتورية التحالفات الحزبية وغقلية مشيني ونمشيك .. وفي كل الحالات هي دكتاتورية بأتم معنى الكلمه وهي العن وأخطر من سابقتها لانها تتستر بعملية ديمقراطية شفافة يشهد بها العالم وقناتي الجزيرة والعربية لاول مرة .. لكنها بنيت على أسس خادعة ومقاييس مزوره إذن فهي لا تعكس إرادة الشعب وستكون عملية منظمة لسرقة الثورة وتزوير إرادة الناس لا غير لا عدالة ولا ديمقراطية دون الترشيح الفردي ومعاملة كل الترشيحات على قدم المساوات سواءا كانت ترشيحات حزبية تخص فئة متجانسة في الفكر والإختيار أو ترشيحات شخصية حقيقية تخص شخص واحد بمفرده يثق فيه الشعب لقد بلغنا أللهم فاشهد كتبه. محمد علي الهادي بن تيتاي https://www.facebook.com/?ref=home#!/note.php?note_id=190557400996146
 

نداء استجماع القوى لاثبات جدارة البقاء

 


كتبه: د. نورالدين بوفلغة النمسا 135 يوما بقيت لموعد تاجل مرتين بعد الزيادتين في الموعد المنقلب عليه مرتين, يبقى الحذر واجبا والترقب مطلوبا,والمفاجعات غير مستغربة, والتونسي فطن لا يلدغ من موعد ثلاث مرات… ان المطبخ الذي يطلع علينا في كل حين بتحيين جديد لموعد الانتخابات يعيش أزمة مع نفسه, هو ذاته لا يعرف لها سبيلا الى التعافي, انها ازمة لجهة عدم جهوزيته ليحافظ على مكتسبات سقطت عليه هبة من السماء, ثم هي ازمة رجال هم أنفسهم صناع الازمة, اما مع ثورة تكاد تشعل النار في أثوابهم من الاطراف حتى الوسط,- اذ في كل مناسبة يستعر فيها التجاذب في رسم السياسات او في تنفيذ الاستحقاقات, استحقاقات تامة الشروط بالتنفيذ, وأخرى انتهت صلاحية استعمالها ووجب سحبها من معارض الواجهات السياسية والاعلامية منذ زمن ليس بالقصير. كرئاسة كان يفترض بها دستوريا ان تنتهي مدتها بعد ستين يوما من بعد الاستلام والتسلم,الى رئاسة حكومة جاءت مؤقتة ولم ترض بالتوقيت فسعت الى التمديد والتوريط والتأبيد…الى غيرها من الاستحقاقات الناجزة- ثم هي أزمة تفتعل الازمات لربح الوقت حينا ولجس النبض حينا آخر, الى أي مدى يا ترى سيبقى التونسيون في حالة ترقب؟ وهل تفي الازمة بوعدها بالانفراج؟ وهل يحتاج الصامتوت الى التثوير من جديد؟ ام ان ما يعده المطبخ سوف يكون متاحا لآكليه, حالما تدق ساعة الصفر من الايام المتبقية ؟ هل تتغلب ارادة الثورة على طبيعة الفوضى؟ ما يحتاج منا الى صبر يزيد عن أربعة أشهر, اليس جديرا بأن نستجمع له ما بقي من صبر وألم حتى يولد الأمل؟ اما ان نكون في مستوى التحدي او أن تعود الدكتاتورية  
بعد مرحلة الحمل الاولى التي تخلق فيها جنين الثورة تعد تونس اليوم في شهرها السادس من الحمل بهذا المولود الذي يبشر بكل خير, والذي طالما انتظره الاهل والاصدقاء والاقرباء, وطالما خافه فرعون, الذي يتربص بالمواليد الذكور من كل عام, فرعون الذي خرج من القصر وترك موسى فيه يكبر, مازال يحن الى عرشه, وجبروته, كما تحن الحاشية والملأ الى أن يعيدوا سيدهم الى كرسيه, ويعودوا هم –طواعية الى العبودية- والايام المتبقية, هي عبارة عن أشهر المخاض العسيرة التي تلي الحمل والتخلق واكتساء العظام لحما… ثم تخرج علينا العروس تونس تحمل جنينها على ذراعيها, مفاخرة به بين الامم… مباهية به الاصدقاء… موارية به عن أهل السوء والسحرة والمشعوذين خشية السحر, او المس… ان لم نكن في مستوى اعداد مهد يلائم مخرجات ثورتنا, ان لم نكن اهلا لحماية وليدنا المكرم… طاف علينا طائف فرعوني جديد وما اكثرهم هذه الايام, يخرجون كما يخرج المسيح الدجال… ان الوضع الجديد, لهو بغاية الحساسية, وان مجتمع الدراويش أعني أصحاب النوايا الحسنة الذين يحسنون الظن بالناس كل الناس, ليس لهم اليوم مكان بين الثعابين والسباع… اجتماع الاعدقاء(مزج لاصدقاء مع أعداء) معارضة الامس حكومة اليوم لن نحتاج الى الاقتباس, من كليلة ودمنة, او –لا فا بل دي لا فونتان- حتى نصف الوضع اليوم بالرمز الافتراضي… ولكن يجب أن نملك الجرأة ان نعيش زماننا وندلي بما نعيش ونلحظ من تشاكس في القيم, وتنافربين الوسيلة والغاية تسقط معهما الاقنعة,أديولوجية كانت, او ميكافيلية تكون أحياناأخرى…
ان انقلاب القيم, بالعود على العداوات الموجودة اصلا في ذهن صاحبها فقط, لتدعو الى الغثيان من هذه النخبة اليسارية المتجمدة التي ابتلينا بها في هذه الايام, نخبة وقفت بالا مس مع الجزار على الضحية, وتقف اليوم جزارا تبغي ذبح الضحية, لا يمكن ان تستغرب منها ان تأتي باقل بشاعة من هذه الجرائم البشعة. والمطلوب اليوم الحذر ثم الحذر ثم الحذر المغلظ من هذه التضاريس السياسية التي تمارس الا نقلاب على نفسها حينا وعلى الطيف السياسي أحيانا أخرى… ماذا نقتبس من تركيا مع ناهية هذا الاسبوع؟ تقبل تركيا الفتاة اليافعة, التي تشق طريق الحداثة بوعي واقتدار منقطع النظير, تمضي الى محطة انتخابية ناجزة واعدة في عمرها السياسي الفتي… تركيا, بديع الزمان النورسي, نجم الدين أربكان, والطيب أردوغان ستلبس بدلتها الثالثة متربعة على عرش مرصع بورود المحبة ورود التضحية ورود العطاء , غزلت نسيجها عودا عودا, خيطا خيطا أياد مسلمة مستسلمة, مختارة لتركيتها وطنا, ورحما للجميع… تركيا المليئة بالامس القريب بما لا يحصى من الالغام المزروعة أصلا في كل ناحية منها,أثبتت للعالم, أن الوطنية هو التعالي عن الذات والفناء في الوطن… تركيا الامس حرب مع الاكراد المنشقين, هي اليوم سلم مع الاكراد المنظمين لمسيرة البناء, تريكا الامس الغارقة في المديونية, هي اليوم تحتل المرتبة السابعة عشر عالميا, في سلم الدول الاكثر تقدما لا في سلم الدول النامية, تركيا الامس ذيل اسرائيل المتارجح, هي اليوم شوكة في حلقها تتبختر…
ماذا نحتاج من تركيا؟
بالرغم من التشابه الذي ينحصر بيننا في الارث العلماني أتاتورك- بورقيبة, فان العمق الاسلامي أشد تشابها في التكوين المتجانس لجهة الشعوب, فكلا الشعبين مسلم جرب قصرا العلمانية واكتويا بها شر اكتواء؟ فهل نأخذ نفس الدواء الذي تعافت به تركيا؟ أم نبقى أذيالا لللائكية العسكرية الجبرية التي ابتلتنا بها الدولة المحتلة سابقا؟
هل نخلص أنفسنا من القطيعة مع هويتنا ونتصالح مع لغتنا وديننا ونغذي شعوبنا بهذا الرحيق المختوم أصلا بالاصالة والثبات والتضحية والعطاء والانكسار امام الله وحده لا امام أعتاب البنوك الدولية والدول البنكية…. ان تركيا هي الدولة الوحيدة التي ليس لها مديونية, والتي يجري بنك النقد وراءها ليقرضها وهي تستعصي وتتمنع وترفض الاقتراض أصلا, لا لعدم حاجتها لتطوير نفسها… انما لعدم بيعها نفسها والسجود أمام بنوك يقف قادته امام المحاكم الدولية بخصوص التعدي والتفحش والعهر والعربدة الجنسية…
فهل تكون تونس على نفس هذه الجرأة؟ وهل تنحو تونس هذا النحو؟ وهل نستقبل انتخابات تدفع بنا الى هذا الاتجاه؟ وهل يولد المولود التونسي على الفطرة- فطرة الله التي فطر الناس عليها؟ ام يولد شيوعيا, او مسيحيا, او يهوديا؟ د. نورالدين بوفلغة النمسا 10 جوان 2011

تونس ما بعد الثورة : من قاعدة شاركني أو اندثر الى قاعدة تطوّر أو اندثر


تربى الغرب على قاعدة « Think out of the box » أما نحن في تونس فقد تمت تربيتنا على قاعدة « شد مشومك لا يجيك ما أشوم ». هذه الامثال البالية التي تكرس الجمود والرضاء بالرداءة بل والاقتناع بها على أنها الافضل هي التي ساعدت الانظمة الديكتاتورية المتخلفة السابقة على احكام سيطرتها على المجتمع و التسلط عليه و بثّ جوّ من الركود و التحنط الفكري و الاجتماعي و السياسي. عاشت تونس خلال الخمس و الخمسين سنة الماضية على وقع حكم سلطوي مبني على تأليه شخص الرئيس سواء في حقبة بورقيبة أو بن علي. و قد بنيت أسس النظام على الولاء أولا و أخيرا، و لا يقتصر هذا على المناصب العليا الادارية و السياسية في الدولة بل يتجاوزها ليشمل قطاع المال و الاعمال و ذلك على مستوى اسناد القروض البنكية و الظفر بالصفقات العمومية و اللزمات وخصخصة المؤسسات العامة و غيرها من الجوانب التي يمكن للسياسي أن يجود به على الاقتصادي.
غير أن ممارسات السلطة السياسية لم تكن بعيدة عن أعين بقية أفراد الشعب و بعض من مجتمع رجال الأعمال و الذين لم يكونوا ينظرون بعين الرضا لما يحدث، لكنهم لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا أمام استئساد السلطة السياسية على الدولة و المجتمع. و هنا لا أخص نظام بن علي وحده بالفساد بل ان حقبة الرئيس الرحل بورقيبة كانت أيضا واحة للمحسوبية. غير أن عهد الرئيس المخلوع تميزت بقاعدة « شاركني أو اندثر »، وهي تمثل أقصى أنواع الفساد وقاحة وقسوة. وقد أدى هذه التمشي من الفساد الممنهج الى ظهور « قطط سمان » لم يكن لها -قبل مشاركتهم لعائلات السلطة- شأن يذكر كما أدت أيضا الى اندثار أسماء كانت معروفة في عالم المال و الاعمال في تونس نظرا لعدم تناغمها مع جو الفساد السائد حينها في البلاد.
في فترة الرئيس المخلوع كان يكفي أن يستظهر صاحب الشركة بأن شريكة واحد من أفرد عائلات السلطة حتى يكون النجاح حليفه في أي خطوة يخطوها أو أي مشروع يقيمه. التسهيلات لم تكن بنكية أو ادارية أو جبائية فحسب بل كانت تتجاوز ذلك بالحصول على معلومات سرية حول المشاريع المستقبلية للدولة أو لبعض المؤسسات تعطية الاسبقية للفوز بها أو قطف بعض ثمارها.
جاءت الثورة المباركة من حيث لم يحتسب شركاء العائلات الحاكمة السابقة، و زال الغطاء البنكي و الاداري و الجبائي و جفت المعلومات عن المشاريع المستقبلية، لقد تغيرت قواعد اللعبة أو هذا ما يبدو. القاعدة اليوم أصبحت « تطور أو اندثر ».
قد يقول البعض بأن الفساد موجود في كل زمان و مكان و أنّ العائلات الحاكمة زالت غير أنّ من كانوا ينفذون الخدمات الخاصة مازالوا موجودين في قواعدهم آمنين نسبيا. قد يبدو هذا صحيحا الى حد ما، لكن الحقيقة هي أن تونس اليوم بصدد اعادة التبلور ليس سياسيا فقط بل و سيشمل ذلك جميع القطاعات. كما أن الاعين التي كانت من قبل تراقب الفساد دون القدرة على الابلاغ خوفا من البطش اليوم بمقدورها كشف أي لعبة قذرة تدور في الخفاء. لقد أصبح المواطن أكثر ايجابية في الاهتمام بالشأن العام وهو سيكون المحركة الاساسي لمحاربة الفساد، لانه لن يسكت اذا عاين شيئا لا يعجبه أو تشوبه شبهة ما.
من كان يبني مجده و مستقبله على الولاء لشخص ما أو عبر الانتماء لجهة ما، فقد حرم من ذلك و لم تبق سوى قاعدة البقاء للأفضل و النجاح للمتميز. والكفاءة سواء على مستوى الاشخاص أو على مستوى المؤسسات هي التي ستحدد مدى النجاح أو الفشل.
الفاسدون اليوم في تونس يرقصون رقصة الديك المذبوح، قد تراهم في بعض وسائل الاعلام يحتجون و يشجبون و ينتقدون، أو في المحاكم يدافعون عن أنفسهم، أو في جحورهم مختبؤون الى حين، لكن القطار قد فاتهم و نرجوا أن يكون الى الابد. لتطوى صفحة مظلمة من تاريخ تونس المستقلة، صفحة رسمت بلغة الاقصاء و التهميش لمعظم التونسيين، صفحة كانت سياسية التنويم و التخدير للشعب تمارس بصفة متواصلة مما أدى الى تصحر فكري و ابداعي رهيب، اضافة الى بعض مظاهر التفكك الاجتماعي و الانهيار الأخلاقي.
تونس اليوم ستكون للأكفأ سواء في المجال الاقتصادي أو السياسي، و لأن عجلة الزمن تسير داوما الى الأمام و لان سنة الله في كونه هي التغيير و التطور فإن الرجوع الى الوراء صار مستحيلا و من يحاول عبثا القيام بذلك أملا في استرجاع المجد الضائع فانه كمن يركب باخرة أو طائرة و يحاول بجهده الفردي جرها الى الخلف.
علينا جميعا أن نغير القوالب الجاهزة التي تربينا عليها والمتعلقة بالخوف من المبادرة و الخوف من المستقبل و الخوف من الأشخاص الذين لا نعرفهم. علينا أن نؤمن بحظوظنا كاملة و بقدرتنا على بناء دولة حديثة ماديا متماسكة اجتماعيا، متأصلة أخلاقيا.
و في كل الاحوال فإننا لسنا مخيّرين فإمّا أن نتطور أو سنندثر، فالعالم من حولنا يتغير وبسرعة رهيبة، و نحن قادرون على أن نتطور ونلتحق بمن سبقنا. صحيح أننا قضينا كوطن أكثر من نصف قرن في التخدير و الحركة البطيئة لكن الامثلة أمامنا للأمم التي تحررت من التخدير تثبت أن التغيير و التطور سيكون سريعا جدا لتدارك ما فات و ليس أدل على ذلك من تجارب اسبانيا اثر حكم فرنكو، و اندنيسيا اثر حكم سوهارتوا، و البيرو اثر حكم فوجيموري. كل هذه التجارب تثبت أنه عندما يتحرر المجتمع من تخدير الديكتاتوريات فإنه يحطم حلقات الفساد في البدأ و هو ما قد يأخذ بعض الوقت ثم يتسارع تطوره الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي اثر ذلك. و نحن في تونس لسنا أقل نضجا من هذه الشعوب لنحقق ما عجزنا عن تحقيقه في نصف قرن من الزمن. كريم السليتي: خبير بمكتب استشارات دولي  

رمز لنظام زين العابدين بن علي في باريس يبدأ بإفشاء أسراره

 


بقلم ماتيو مانيودييكس ترجمة لمقال Le «36 Botzaris», symbole du régime Ben Ali à Paris, commence à livrer ses secrets المنشور بميديابارت
 
ليلة الثلاثاء قبل وقت قصير من الساعة السابعة مساء، قامت العشرات من شرطة مكافحة الشغب الفرنسية بإخلاء المقرّ السابق للتّجمّع الكائن بـ 36 نهج بوتزاريس من العشرات من التونسيين الذين المعتصمين فيه منذ أسبوع. وكان المقر ذي سمعة سيئة لدى التونسيين بفرنسا حيث كان أحد النقاط المهمّة لرصد المواطنين التونسيين في فرنسا من قبل نظام الرئيس زين العابدين بن علي المخلوع في 14 يناير الماضي. أغلب المعتصمين بالمقر هم من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من لامبدوزا أو الحاصلين على تصريحات مؤقتة للإقامة في أوروبا من قبل الحكومة الإيطالية، و قد وقع احتجاز هؤلاء المهاجرين و الذي يبلغ عددهم 74 شخصا لفترة قصيرة من قبل الشرطة الفرنسية قبل إخلاء سبيلهم في الليل..
قضى بعضهم الليلة في ضواحي باريس و البعض الآخر تمكن من إعادة الدخول للمقر. و قد حاول بعض النشطاء السياسيين المتواجدين على عين المكان إيجاد مأوى للآخرين في مراكز مختلفة بباريس.. في النهاية اعتصام 36 نهج بوتزاريس لم ينجح. جمعية مجموعة ضد النسيان التي قامت باستقبال الثلاثين تونسي الأوائل الذين وصلوا باريس، وغيرها من المؤيدين التونسين (فوضويين ، جماعات مناهضة للعولمة…) كان لها علاقات متوتّرة بين بعضها و تبادلت التهم فيما يخص المسؤول عن تدخّل الشّرطة الفرنسية و إخلاء المكان.
وفقا للشرطة، فان السفارة التونسية المالكة للمبنى قامت بالفعل بتوجيه طلب للشرطة في باريس لإخلائه مشيرة إلى « تدهور » الوضع و وصول مهاجرين إضافيين… و تحدّثت كذلك عن إتلاف لتجهيزات داخل المبنى. و مع ذلك تبدو الأضرار طفيفة. …
الأكثر إثارة للقلق في هذه الحالة هو أن العديد من التونسيين القادمين في غالب الأحيان من المناطق المحرومة من تونس ، بما في ذلك أطفال لا يتعدّى سنّهم الـ 15 ولا يتقنون الا بعض الكلمات من الفرنسية. يجدون أنفسهم وحيدين في مواجهة مصيرهم المجهول.
قائمات أعضاء التجمع في فرنسا
ورغم ذلك فقد رفعت هذه الحادثة الحجاب عن بعض الأنشطة السياسية للتجمّع و المسؤولين عن الرقابة لصالح نظام زين العابدين بن علي في فرنسا. ففي غرف لا تزال محافظة على أجهزة الكمبيوتر والمعدات المكتبية والسجلات والميداليات والصور تم العثور على العديد من الوثائق من قبل الذين تمكنوا من دخول المبنى : بدءا من و قائمات تفصيلية لأعضاء في التجمع الدستوري الديمقراطي ، الحزب الحاكم السابق.. يمكن مشاهدة الفيديو الذي تم تصوير في الليلة الفاصلة بين الثلاثاء و الأربعاء على الرابط التالي http://www.youtube.com/watch?v=4OPV0iYlS6Q&feature=youtube_gdata_player رسميا كان المقر مركزا ثقافيا في خدمة الجالية التونسية في فرنسا مع تقديم دروس في اللغة العربية و توفير مقرات للجمعيات .التونسية الطبقات العربية الحرة ومكاتب للجمعيات . لكن بالنّسبة للتونسيين في فرنسا، فقد كان يمثّل رمزا لدكتاتورية النظام السابق « يقول المنذر صفر، معارض و لاجئ سياسي بفرنسا منذ عدّة سنوات : كان مقرا للبوليس السياسي للرئيس بن علي في فرنسا، هنا كان يتم إيواء أولئك الذين تدفع لهم الأموال لتخريب مظاهراتنا ضد نظام بن علي. ويضيف المنذر صفر : بالنسبة لعديد التونسيين أصبح هذا المكان المقر غير الرسمي للتجمع الدستوري الديمقراطي بفرنسا.
في المبنى ، وجد الزوار أيضا في هذه الأيام قائمات مفصلة ، لكل منطقة ، من أعضاء التجمع في فرنسا. و هي معلومات مهمّة و خطيرة قد تحدث قنبلة بعد شهور قليلة من قيام الثورة في تونس. يقول أحد ساكني الحي الذي يتواجد فيه المقر و الذي أتى لمساندة التونسيين : هذا المبنى ، شهدته مغلق الأبواب لسنوات… و لم أقتنع بعد زيارة المبنى منذ أيام أن يكون مركزا ثقافيا… هناك غرفة للاجتماعات وطابق كامل شاحب قاتم لا يوحي بصراحة أن له طابعا ثقافيا.  
و وفقا لرجاء قوصري، مساعدة لطب الأسنان و ناشطة في المجال الحقوقي والتي كانت موجودة يوم الثلاثاء ليلا أمام المبنى لمساندة التونسيين : هذا المبنى كان مبنا لتعذيب المعارضين التونسيين.. و قد عثرنا حتى على أسلحة داخل المقر.
وقد وجد الزوار بعد تفتيش المكان حزما من مقالات لصحف معارضة, كما عثروا أيضا على رسالة من التجمع إلى شيخ مدينة باريس ، برتران ديلانوي ، يطلب فيها تمكينه من استئجار قصر الرياضة le Palais Omnisport de Paris-Bercy و ذلك في 1999 في إطار الحملة الانتخابية الرئاسية للرئيس بن علي.
و أخيرا وجدوا بطاقة صغيرة، مع التوقيع (مطبوعة مسبقا) من قبل بن علي تعود لسنة 1999 و موجّهة لغابرييل كابرا طبيب عام من منطقة مونترويل الفرنسية و هو تونسي أصيل جزيرة جربة و عضو في التّجمّع الدستوري الديمقراطي و مسؤول على صندوق 26/26 بفرنسا ذلك الصندوق الذي من المفروض أن يمول مشاريع التنموية و الذي تأتى موارده من إتاوات على الأجور أو المؤسسات. والمقصود من البطاقة (يبدو أنّه لم يتم إرسالها) هو شكره على مشاركته في الحملة الانتخابية عام 1999. في هذه الانتخابات الرئاسية تحصل بن علي على 99,4 بالمائة من الأصوات. هذا الأربعاء، ستعيد السفارة التونسية بفرنسا السيطرة على المقر … هل ستحاول اتلاف الوثائق، التي يحتمل أن تكون حسّاسة؟
يوم الثلاثاء، لم يستغرب أنصار التونسيين الربط بين اقتحام الشرطة للمقر و تسريب بعض الوثائق التي عثر عليها في المقر عبر الشبكة الاجتماعية « تويتر.
ماتيو مانيودييكس الأربعاء 8 جوان
نشر و ترجمة صفحة ثورة مستمرةhttp://www.facebook.com/revolution.continue  

تركيا قبل الانتخابات البرلمانية: إردوغان بعيون ناخبيه……  »المعلم الكبير » و »السوبرستار »

 


مع قرب موعد الانتخابات البرلمانية التركية التي ستجرى في الثاني عشر من الشهر الجاري فإن كافة الاستطلاعات والمؤشرات تشير إلى أن حزب العدالة والتنمية بزعامة إردوغان سيحصل على ما بين 45 و50 في المائة من الأصوات، فيما تبدو أحزاب المعارضة منهكة ومفككة ودون رؤية سياسية. توماس زايبرت من إسطنبول يضعنا في أجواء الحملة الانتخابية.
الشمس مشرقة، والجماهير تهلل وتلوح بأعلام ملونة. على سقف باص الدعاية الانتخابية يقف رجل ويعلن مُستثاراً عن مقدم « السوبرستار ». يصيح الرجل في الميكروفون قائلاً: « الآن سيجيء المعلم الكبير ». خلف السياج، وحول الباص الذي يحمل رمز والشعارات الانتخابية لحزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، يتزاحم عشرة آلاف شخص في ساحة لولبورغاس الواقعة شمالي غرب تركيا. أشخاص عديدون ينتظرون منذ ساعات – وكأنهم ينتظرون المخلص. وعندما يهبط رجب طيب إردوغان من الباص أخيراً محيياً الجماهير المهللة المتحمسة، فإنه يطلب في البداية من مساعديه سترة سميكة. المعلم الكبير يشعر بالبرد.
يبدو واضحاً أن إردوغان تقدم في العمر خلال السنوات الأخيرة. لقد تهدلت كتفاه وأصبحت خطواته أكثر تمهلاً. بين الحين والآخر تفاجئ رئيس الحكومة البالغ من العمر 57 عاماً نوبات سعال تقطع خطبته الانتخابية. يلاحظ المرء علامات الإرهاق على الرجل الذي غيّر وجه تركيا أكثر من أي رئيس وزراء آخر خلال الثلاثين عاماً الأخيرة والذي يقارنه أتباعه بمصطفى كمال أتاتورك، المؤسس الأسطوري للجمهورية التركية.
ستكون هذه آخر معاركه الانتخابية، هكذا أعلن إردوغان الذي رشح نفسه في الانتخابات البرلمانية التي ستجري في الثاني عشر من يونيو / حزيران. بعد هذه الدورة لن يترشح ثانيةً. وبعد عدة سنوات يريد أن يصبح رئيساً لتركيا – هكذا يقول خصومه. ولكن هدفه الآن هو الحصول على أغلبية برلمانية ستكون مهمة في المشاورات التي ستجري في الشهور القادمة حول دستور جديد لتركيا. وبإمكان إردوغان أن ينتظر مجيء الثاني عشر من يونيو / حزيران بمنتهى الهدوء: فحزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية سيحصل – حسب استطلاعات الرأي – على نسبة تتراوح بين 45 و50 في المئة من الأصوات، متقدماً بذلك على كافة الأحزاب الأخرى.
ويحق لإردوغان من الآن أن يسجل نصراً مهماً له، إذ لم يعد الشقاق الإيديولوجي بين العلمانيين وحزب إردوغان وناخبيه من سكان الأناضول التقيين يلعب أي دور تقريباً، وذلك بعد سنوات قليلة كاد خلالها أن يؤدي هذا الشقاق إلى حظر حزب العدالة والتنمية. لم يعد الحجاب هو الموضوع المسيطر على انتخابات 2011، بل الاقتصاد وفرص العمل. « لقد نجحنا في تخفيض البطالة من 130 إلى 4,3 في المئة »، يصيح إردوغان والجماهير الملتفة حول الباص تلوح بحماسة برايات حزب العدالة والتنمية ذات اللون الأبيض والبرتقالي وبأعلام تركيا الحمراء. وعندما بدأت مجموعة تهتف « السلطان إردوغان » يقاطعها « المعلم الكبير » بتواضع. كلا، ليس هو بالسلطان العثماني. « لسنا في الحكم لكي نسود ونتحكم، بل لكي نخدم ». ثم يشير إردوغان إلى الطريق السريع الذي يبلغ طوله 13 ألف كيلومتر والذي شُيد في عهد حكومته، وبعدها يبدأ في إحصاء إنجازاته الأخرى.
الجيش يفشل على طول الخط
إنها معركة انتخابية عادية إذن، غير أن ما يحدث ليس عادياً في تركيا. فعندما كان الساسة الأتراك قبل أربع سنوات يكافحون للحصول على أصوات الناخبين للبرلمان في أنقرة، لم يكن أحد يتحدث عن الطرق السريعة أو أرقام البطالة، بل كان الأمر يدور حول « روح تركيا ». آنذاك هدد رجال الجيش بانقلاب على سلطة إردوغان، لأن عبد الله غول – الصديق المقرب من رئيس الوزراء والورع مثله – كان على وشك أن يصبح رئيساً للدولة.
غير أن الجيش أخفق على طول الخط، ومنح الناخبون إردوغان وحزبه نتيجة يحلم بها كل حزب: 47 في المئة من الأصوات. وهكذا أصبح غول رئيساً للبلاد وتغيرت طبيعة البلاد السياسية على نحو دراماتيكي، ثم ضعفت سلطة رجال الجيش أكثر فأكثر عندما بدأت الإصلاحات السياسية وعندما شرعت النيابة العامة تجري تحرياتها ضد القادة العسكريين المتعطشين للانقلاب. وفي عام 2008 نجا حزب العدالة والتنمية بالكاد من المنع لأنه أراد رفع حظر ارتداء الحجاب في الجامعات التركية. وفي العام الماضي تم رفع الحظر في صمت تام بدون أن يقيم أحد الدنيا أو يقعدها.
هذه الأوضاع التي أصبحت عادية هي من صنع رجل آخر أيضاً، وهو رجل كان على مبعدة أمتار في ذلك اليوم من مظاهرة حزب العدالة والتنمية، كما توقف فيما بعد في ساحة لولبورغاس أيضاً. إنه كمال كيليكداروغلو الذي يكبر رئيس الوزراء بخمس سنوات ويقدم نفسه باعتباره إصلاحياً. كيليكداروغلو هو الزعيم الجديد للحزب العلماني (CHP) ذي التوجه الأتاتوركي، وهو الذي راح ينادي بالمطالب الاشتراكية الديمقراطية المعتادة، مثل زيادة فرص العمل والعدالة الاجتماعية، بدلاً من إطلاق التحذيرات الدائمة تخوفاً مما أطلقوا عليه استيلاء الإسلاميين على السلطة مثلما كان يفعل حزبه.
لا يذكر كيليكداروغلو الحجاب بكلمة في ذلك اليوم بساحة لولبورغاس. إنه يعرف أن أي حزب تركي سيدفن كافة آماله في الصعود إلى كرسي الحكم إذا توجس خيفة من أي علامة على التقوى والورع، ولم ير فيها سوى فعل من أفعال القوى الأصولية الظلامية، مثلما ظل الحزب العلماني يفعل طوال سنوات. النساء اللاتي يرتدين الحجاب لم يرهن المرء في الحشد المحيط بإردوغان فحسب، بل في وسط أنصار العلمانيين الذين تجمعوا أمام المنصة التي أقيمت في ساحة لولبورغاس. إنهن ينتظرن أن يسمعن وعداً بأن حياتهم في لولبورغاس ستصبح أسهل.
كيليكداروغلو يلبي هذه الرغبة. « معنا لن تصبح هناك بطالة »: هكذا يعد الحشود في حالة انتصار حزبه في الانتخابات. « المصانع المغلقة سيُعاد افتتاحها ». في المنطقة المحيطة بلولبورغاس تبلغ النسبة الرسمية للبطالة 14 في المئة ، أي أعلى من المتوسط في تركيا بنسبة 3 في المئة، غير أن النسبة تبلغ بين الشباب نحو 25 في المائة. ويتفق خصوم وأنصار حزب العدالة والتنمية على أن نقص فرص العمل يمثل المشكلة الأكثر إلحاحاً. « اسم الحزب ليس مهماً، المهم أن يفعل شيئاً »، يقول الجواهرجي إفكان كاهفا.
يراهن كيليكداروغلو أيضاً على السخط المتنامي لدى الناخبين بسبب علامات الفساد لدى حزب العدالة والتنمية. « أولادكم عاطلون عن العمل، ولكن أولادهم يعيشون في القصور »، يقول زعيم المعارضة عن عائلات كبار الساسة التي تعيش في أنقرة. ولكن لا يبدو أن كيليكداروغلو يستطيع بمثل هذه الخطب أن يصل إلى هدفه في الوقت الحالي، أي أن يحل محل إردوغان، إذ أن استطلاعات الرأي تفيد حصول الحزب العلماني على نحو 25 في المئة من الأصوات لا غير.
مديح عظيم للمعلم العظيم
رغم تقدمهم في استطلاعات الرأي فإن الشبهات تحوم حول حزب إردوغان، حزب العدالة والتنمية، بأنه يحاول تحجيم المنافسين مستخدماً وسائل قذرة. فمنذ أسابيع تهتز أركان الحزب اليمني القومي المعارض (MHP) بسبب ظهور أفلام فيديو جنسية في شبكة الانترنت تُظهر قادة الحزب المتزوجين في أوضاع غرامية مع عاشقات يكن في العادة أصغر سناً بكثير. في إحدى الحالات يُشاع أن صديقة أحد قادة الحزب حصلت من عشيقها على سيارة رباعية الدفع – على حساب الحزب.
فور ظهور تلك الأفلام فقد الحزب اليمني القومي على الفور مكانته بين الناخبين، والآن يخشى الحزب ألا يتمكن من الحصول على ما يكفي من الأصوات للدخول إلى البرلمان – وهو ما سيفيد حزب العدالة والتنمية في المقام الأول. ولهذا تتهم قيادة الحزب اليمني إردوغان بأن حكومته هي المتسببة في نشر تلك الأفلام. لكن إردوغان ينفي ذلك. « نحن لا نهتم بغسيلكم القذر »، هكذا صرح مؤخراً. على كل حال لم يستطع الحزب اليمني القومي حتى الآن أن يقدم أدلة ملموسة على اتهاماته.
مثل هذه الأدلة، في حالة وجودها، يجب أن تصمد أمام كافة الاختبارات الممكنة إذا كان الهدف هو إلحاق الضرر البالغ بمكانة إردوغان لدى الشعب. إردوغان يتمتع بشعبية تزيد بنسبة عشرة في المائة عن شعبية حزبه، أي أنها تبلغ ما بين 55 و60 في المئة على حسب ما يقول الخبير في استطلاعات الرأي بكير أغيردير. مثل هذا المستوى من الشعبية لا يصل إليه أي سياسي آخر في تركيا، وهي تعتبر بالنسبة لسياسي يدير دفة الحكم منذ ثماني سنوات شيئاً غير عادي حتى بالمقارنة مع الدول الأخرى. « إنه أفضل رئيس وزراء منذ ثمانين عاماً »، يقول أحد الناخبين في إسطنبول، وهو ناخب لا يرى غير ذلك شيئاً يستحق المديح في الحكومة التي تتمركز في أنقرة البعيدة.
شعبية « المعلم الكبير » التي تتخطى الأحزاب تمثل عائقاً أمام المعارضة. ويرى ناخبو حزب العدالة والتنمية في إردوغان رجلاً قام بترسيخ اعتراف المجتمع الدولي ببلادهم كقوة إقليمية صاعدة. « اليوم يصغي العالم إلينا »، يقول مفتخراً أحد أتباع حزب العدالة والتنمية في ساحة لولبورغاس؛ بل وحتى أتباع الحزب العلماني في المدينة أصبحوا ينظرون باحترام إلى رئيس الوزراء. « إنه يتميز بالذكاء والاجتهاد »، تقول ديميت غولفرن البالغة من العمر 32 عاماً والتي تنتخب الحزب العلماني؛ إذ إن إردوغان يرمز إلى الصعود السياسي والاقتصادي لتركيا خلال السنوات الماضية، أما كيليكداروغلو، زعيم المعارضة، فيبدو أمامه كأنه محاسب. هذا ما تعترف به غولفرن بلا مواربة: « أمام إردوغان يبدو كيليكداروغلو ضعيفاً بعض الشيء. »
(المصدر: موقع « قنطرة – حوار مع العالم الإسلامي » (ألمانيا) بتاريخ 7 جوان 2011)
 


السعودية تشتري استقرارها


قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن السعودية تعتمد إستراتيجية شراء استقرارها الداخلي بضخ أموال ضخمة لرفع رواتب الموظفين وتحسين الخدمات العامة والبنية التحتية. وكانت المملكة قد ضخت إلى اليوم حوالي 130 مليار دولار حسب الصحيفة، وأنها اعتمدت هذا الأسلوب مباشرة بعد سقوط نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي ومن بعده نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك. وترى الصحيفة أن المملكة نجحت حتى الآن في هذه الإستراتيجية رغم بعض مشاعر عدم الرضا الموجودة هنا وهناك داخل المملكة. يذكر أن المملكة العربية السعودية تعتمد بشكل كبير على المؤسسة الدينية الرسمية التي عملت على مر العقود على ترسيخ سلطة العائلة الحاكمة في المملكة. وتستذكر الصحيفة إصدار المفتي العام للمملكة فتوى حرمت التظاهر في الشوارع، وهي فتوى تلقفها خطباء الجمعة في المملكة بعد ذلك. وكان ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز قد منح الموظفين السعوديين مكافأة عبارة عن راتبين وصرف 70 مليار دولار على مشاريع إسكان لذوي الدخل المنخفض. كما لم ينس الملك مكافأة المؤسسة الدينية وشرطتها المعروفة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخصص لهم مبلغ 200 مليون دولار، وهو ما اعتبره المتشددون السعوديون انتصارا كبيرا على القوى الليبرالية في المملكة. وتورد الصحيفة على لسان محمد العريفي أحد خطباء الجمعة الشباب هجوما لاذعا على القوى الليبرالية السعودية حيث قال « إنهم لا يأبهون لاستقرار البلاد، جل همهم هو الخلط بين الجنسين. يريدون أن تقود المرأة السيارة وأن يذهبوا إلى الشواطئ ليتفرجوا على النساء وهن يرتدين مايوهات السباحة ». العريفي شبّه الدعم الذي حصلت عليه المؤسسة الدينية السعودية بأنه « سبيل لقطع ألسنتهم (الليبراليين) ». وكانت السعودية التي وصفتها الصحيفة بأنها « حليف أميركي رئيسي » قد بذلت جهودا حثيثة لحماية الممالك المجاورة والحد من تغلغل إيران في المنطقة، وبينما أدلت الولايات المتحدة بدلوها في الحراك السياسي الذي عمّ عددا من البلدان العربية، التزمت الصمت عندما تعلق الأمر بالسعودية. الصمت الأميركي لم يقتصر على الشأن السعودي الداخلي، بل تعداه إلى غض النظر عن الجهود التي قامت بها المملكة لكبح جماح الاحتجاجات التي وصلت شرارتها إلى البحرين وعُمان. وتقول الصحيفة إن جهود المملكة لم تنقذها بشكل كامل من مطالب التغيير، التي أتت من جماعات دينية متشددة مثل « الصحوة » التي طالبت بمجلس شورى منتخب. يذكر أن السعوديين على اختلاف مشاربهم يتفقون بشكل كبير على أن التغيير الديمقراطي ليس بالمطلب الأهم في المرحلة الحالية، وأن هناك قضايا أكثر إلحاحا تحتاج إلى حلول ناجعة، مثل مشكلة الإسكان والبطالة والفساد والبيروقراطية وشفافية الموارد النفطية. ووصفت الصحيفة العاهل السعودي بأنه شخص محبوب في السعودية ويراه السعوديون على أنه أب روحي للبلاد. وكانت حكومته قد قامت بعدد من الإصلاحات وصفها الناشطون السعوديون بأنها جهود إصلاح تفتقر إلى التخطيط، مثل تطوير التعليم الابتدائي عن طريق إدخال اللغة الإنجليزية وتحسين نوعية المواد العلمية التي تدرس. وتشهد انتخابات المجالس البلدية في السعودية المزمع إقامتها في سبتمبر/أيلول المقبل استعدادات كبيرة من جماعات شبابية تسعى للفوز بمقاعد تضمن لها تمثيلا سياسيا أكبر. يذكر أن نصف المجالس البلدية معين وليس منتخبا. ولكن السؤال الذي يظل يطرح نفسه هو: أي تاثير سيكون للمجالس البلدية المرتقبة، حيث يشعر الكثير من النشطاء السعوديين أن الأمور تراوح مكانها منذ زمن بعيد وإلى أجل غير مسمى. وتورد الصحيفة قول فؤاد الفرحان مؤسس حركة شباب جدة « ندعي بأننا الصوت الثالث، لقد سئمنا اللعبة التقليدية أي الصراع بين المحافظين والليبراليين ». المصدر:نيويورك تايمز (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 09 جوان 2011)

الأمير طلال بن عبد العزيز: في المملكة أقلية مؤثرة لا ترغب بالتغيير


2011-06-09  
نيويورك- (يو بي اي): ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) أن السعودية تستخدم الأموال الملكية لشراء السلام حالياً، فيما قال شقيق العاهل السعودي الأمير طلال بن عبد العزيز إن في المملكة أقلية « مؤثرة » لا ترغب بالتغيير. وأشارت الصحيفة الخميس إلى انه فيما تواجه دولة بعد أخرى في العالم العربي انتفاضات، وحدها السعودية وهي الدولة الأغنى، ما تزال في منأى عن الاضطرابات، لكنها رأت أن ضح الأموال هو الذي يساهم في الحفاظ على الهدوء. ولفتت إلى أن المملكة تنفق 130 مليار دولار لرفع الأجور وبناء المساكن وتمويل المنظمات الدينية، ما يساهم في كبح غالبية المعارضة. ولفتت إلى أن العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز بدأ يضخ الأموال بعد سقوط الرئيسين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك، في مسعى منه للفوز بإخلاص المؤسسات الدينية. كما أشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة التي حثت الدول العربية الأخرى على إجراء تغييرات ديمقراطية، احتفظت بالصمت تجاه السعودية وجهودها لكبح الثورات الشعبية في كل من البحرين وعمان. وفيما نجحت الجهود السعودية على المدى القصير، فإن بعض النقاد يقولون ان إستراتيجيتها بشراء الرأي العام لا تدوم لأنها لا تعالج المشاكل الخفية. ونقلت عن الأمير طلال بن عبد العزيز (79 سنة) قوله إن « المشكلة هي أن بعض القادة لا يفهمون ما يحصل ولا يريدون التعلم من الدروس فيما تتكشف الأمور أمام أعينهم، هم لا يريدون التعلم من دروس التاريخ ». وأضاف الأمير طلال، وهو أب المستثمر الملياردير الوليد، إن « هؤلاء يريدون الحفاظ على سلطتهم ومالهم ومواقعهم ولذا يريدون استمرار الأمور على ما هي عليه ». وتابع انهم « خائفون من كلمة تغيير وهذه مشكلة لأنهم قصيرو النظر والصعوبة هي انني لا أعلم كيف أغير طريقة تفكيرهم ». ولفتت (نيويورك تايمز) إلى أن العائلة المالكة السعودية لم تسلم من الدعوات للتغيير. وتقدمت مجموعات بما لا يقل عن 3 عرائض تدعو الى انتخاب مجلس استشاري، وسجلت تظاهرة واحدة في 11 آذار/ مارس الماضي، وحدد هدف هو الإطاحة بالحكومة لكنها فشلت فشلاً ذريعاً. ونقلت عن الأمير طلال قوله « للأسف ثمة أقلية في العائلة المالكة (السعودية) لا تريد التغيير »، مشدداً على انها « أقلية وإنما مؤثرة ». وإذ أشارت إلى ان انتخاب المجالس البلدية في السعودية الذي أجل منذ العام 2009 حدد الآن في 29 أيلول/ سبتمبر المقبل، أكدت ان كثراً هم من يبنون عليها، والسؤال المفتوح هو عن نوع التأثير الذي ستخلفه. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 09 جوان 2011)

الرئيس اليمني يخرج من العناية الفائقة واعتراضات على عودته إلى الحكم


2011-06-09 صنعاء- (ا ف ب): خرج الرئيس اليمني علي عبد الله صالح من العناية الفائقة في أحد مستشفيات الرياض الخميس بعد « نجاح » عملية جراحية خضع لها وفقا لصنعاء في حين يشدد الشبان معارضتهم لعودته إلى سدة الحكم. وأعلنت وكالة الانباء اليمنية الرسمية أن صالح الذي اصيب في هجوم استهدف أحد مباني القصر الرئاسي في صنعاء، غادر غرفة العناية المركزة بعد « نجاح » عملية جراحية في الرياض. وأكدت « خروج صالح من العناية المركزة إلى جناحه الملكي » في مستشفى عسكري في الرياض. واضافت إن « الالعاب النارية والاعيرة المضيئة غطت سماء العاصمة صنعاء والمحافظات اليمنية ابتهاجا بنجاح العملية الجراحية وخروجه ». ومن جهتها، قالت مصادر طبية إن ما لا يقل عن ثمانين شخصا اصيبوا بجروح طفيفة في صنعاء جراء اطلاق النار. وفي المقابل، قال وسيم القرشي أحد المتحدثين باسم (ثورة الشباب) في صنعاء لوكالة فرانس برس إن صالح (69 عاما) الذي يحكم اليمن منذ 33 عاما « انتهت فترة رئاسته وعلى الكل أن يعمل لئلا يعود إلى البلد الا كمواطن عادي ». واضاف إن الشبان المعتصمين في ساحة التغيير قرب جامعة صنعاء منذ اواخر شباط/ فبراير الماضي « سيواصلون الضغوط على نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي عبر الاعتصام والتظاهر حتى يوافق على تشكيل مجلس رئاسي انتقالي ». وقد اصيب صالح في الثالث من حزيران/ يونيو الحالي بقذيفة سقطت على مسجد القصر الرئاسي خلال صلاة الجمعة. كما اصيب مسؤولون آخرون بينهم رئيس الوزراء ولقي 11 شخصا مصرعهم في القصف الذي اتهمت به احدى القبائل. وكان مسؤول سعودي أعلن الأربعاء أن الحال الصحية للرئيس اليمني اصبحت « مستقرة » واصفا معلومات صحافية عن تدهور وضعه بان « لا أساس لها ». ونقلت صحيفة (الوطن) السعودية الخميس عن رئيس لجنة التنسيق في الجالية اليمنية في المملكة طه الحميري قوله إن الرئيس صالح « بحال جيدة وقمت بزيارته فتحدث الينا مستفسرا عن أوضاع الجالية ». وفي جنوب اليمن، قتل ثلاثة عشر شخصا على الأقل منهم « عشرة من عناصر القاعدة » وثلاثة جنود، في معارك جديدة حول زنجبار كبرى مدن محافظة ابين معقل الشبكة المتطرفة، كما أعلن الخميس لفرانس برس ضابط في الجيش اليمني. وقال الضابط الذي طلب عدم الكشف عن هويته إن « اشتباكات عنيفة اندلعت من جديد في المساء » في ضواحي زنجبار « وقتل خلالها ثلاثة جنود من الفرقة المدرعة 119 واصيب اربعة آخرون بجروح ». واضاف « تفيد معلوماتنا، ان عشرة على الاقل من عناصر القاعدة قد قتلوا وان آخرين اصيبوا ». واوضح الضابط ان « الجيش احرز تقدما » في زحفه نحو زنجبار التي يسيطر عليها منذ 29 ايار/مايو الماضي متطرفون مسلحون قالت السلطات انهم عناصر من القاعدة، كما قالت السلطات. وخلص الضابط الى القول « نحاصر المدينة من كل الجوانب (…) ويمكن ان نشن الهجوم الحاسم في الساعات المقبلة ». وكانت صحيفة نيويورك تايمز ذكرت الاربعاء ان الولايات المتحدة صعدت في الاسابيع الاخيرة غاراتها الجوية في اليمن بواسطة طائرات بدون طيار ومقاتلات ضد ناشطين من القاعدة. واشارت إلى أن الهدف من الضربات منع انصار القاعدة في جنوب البلاد من الاستيلاء على السلطة مستفيدين من الفراغ السياسي الحالي. وكان رئيس هيئة الاركان المشتركة الأمريكية مايكل مولن أكد في القاهرة الاربعاء ان الفوضى في اليمن تجعل تنظيم القاعدة « أكثر خطورر ». وقد اعلنت وزارة الدفاع اليمنية الثلاثاء أن ثلاثين عنصرا من القاعدة قتلوا خلال هجوم شنه الجيش على زنجبار. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 09 جوان 2011)

خطاب أوباما أستذة ونفاق وتدخل فظ

منير شفيق إن أول ما يجب أن يذكره المرء وهو يستمع إلى خطاب أوباما ما رُسِمَ من هالة حول خطابه في القاهرة، ومن قبل خطابه في تركيا في بداية عهده. فقد أثبتت التجربة أن ثمة هوّة بين ما يقول وما يطبّق على الأرض، أو في أحسن الحالات، ما يريد وما يستطيع تحقيقه. ناهيك عما يتراجع عنه كلما اختلف مع نتنياهو. التجربة مع خطابات أوباما جاءت مخيّبة لآمال كل الذين لم يفرزوا بين ما هو نفاق وما تستبطنه الكلمات، أو بين الأهداف الحقيقية. فأوباما تابع الكثير من سياسات الرئيس جورج دبليو بوش، وعندما كان يبدو مختلفاً يكون ساعياً إلى الأهداف نفسها. ولكن بكلمات أو شعارات أخرى، وأحياناً بأسلوب آخر. في خطابه الأخير الذي نحن بصدده يبدو مرحِبّاً بثورتيْ التغيير اللتيْن انتصرتا في تونس ومصر. ولكن من دون أن يقول أن كلاً من زين العابدين بن علي وحسني مبارك كانا ينفذان في سياستيهما الخارجية والداخلية الاقتصادية ما هو مطلوب منهما أميركياً. ولم يزل مطلوباً من العهود الجديدة. فالمطلوب: السياسة نفسها إزاء الكيان الصهيوني، السياسة نفسها إزاء الارتهان لأميركا، السياسة نفسها في الموقف من المقاومات وكل ممانعة تراعي الحقوق الفلسطينية، كما الأجندة نفسها التي تحملها الإدارة الأميركية ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي لمسار الاقتصاد المصري والتونسي. بل حتى في موضوعيْ الفساد والاستبداد فثمة علاقة بينهما والسياسات الأميركية. ولهذا لا يستطيع أوباما التخلي عنهما، أو عدم الاستمرار في تطبيقهما. فالفساد يعني عشرات ومئات مليارات الدولارات التي تُحوّل إلى بنوك أميركا وشركاتها وبورصتها وعقاراتها. ثم هل يصدّق أحد أن أوباما يحتمل ما يمكن أن تفرزه صناديق الاقتراع العربية من نتائج، أو يحتمل ما سيعبّر عنه الشباب إزاء السياسات الصهيونية والأميركية في فلسطين. من هنا يعلم أوباما أن ما حملته رياح التغيير في كل من الثورتيْن في مصر وتونس ذاهبة في الاتجاه المعاكس للسياسات الأميركية ليس في الموضوع الفلسطيني فحسب، وإنما أيضاً في كل مجال آخر ولا سيما في الاقتصاد. فأوباما أراد في كل خطابه أن يحرف تلك الرياح لتهبّ كما تشتهي سفن أميركا والكيان الصهيوني. بل إن الخطاب كله مؤسّس لتحقيق هذا الهدف. بل لم ترد فيه كلمة أو جملة إلاّ وأُريدَ منها تحذير الثورات العربية من أن تشقّ طريقها الذي يراعي المصالح العليا لمصر وتونس والعرب والبلدان الإسلامية والعالم ثالثية. فحسني مبارك وزين العابدين بن علي لم يكونا مجرد فاسديْن أو باحثيْن عن التوريث فحسب وإنما كانت لهما، أيضاً، سياسات خارجية وداخلية يريد أوباما من التغيير أن يسير باتجاههما حرفاً حرفاً، عدا في بعض الجوانب المتعلقة بحريّات صحفية أو سياسية، أو التحكم في صناديق الاقتراع. ولكن بشكل أقل فظاظة وفضيحة من الحال السابقة. صحيح أن ثمة انحناء في الخطاب أمام ثورات التغيير، وصحيح أن ثمة الكثير من كلمات النفاق بعد أن فرضت نفسها على أرض الواقع وأخذت تشق طريقها. ولكن الخطاب كله اتسّم بالتعالي والأستذة وإعطاء التعليمات، وهو يتناول قضايا الحريّة والديمقراطية والاقتصاد. ويا للوقاحة حين يستغرق بإعطاء الدروس ضدّ ما يسمّيه الكراهية. فأوباما حين تناول الكراهية اتجّه خطابه نحو الفلسطينيين والعرب. ولم يلحظ أيّة علاقة للكيان الصهيوني وعنصرييه بها أو بشيء منها. فأوباما لا يعتبر أن تهجير ثلثيْ الشعب الفلسطيني من وطنهم ومصادرة بيوتهم وأراضيهم وحتى تراثهم الفني والثقافي والحضاري يدخل في أعمال الكراهية وجرائم الحرب والإبادة. وأوباما لا يرى في إطلاق الرصاص المتفجّر على الشباب الذين وقفوا على الشريط الشائك في 15/5 مصرّين على الإعلان عن حق العودة، ومن دون سلاح، أية كراهية؟ فالكراهية من نصيب الذين يطالبون بحق العودة إلى ديارهم وليس من جانب الذين يطلقون النار بلا داع أو ضرورة. وعندما يتحدث عن الحل الذي يريد أن يسعى إليه يشدّد على يهودية دولة الكيان الصهيوني والاعتراف بها « وطناً قومياً لليهود » لا يدرك أنه بذلك يشطب كل الحقوق الفلسطينية ويزوّر التاريخ ويتبنى المقولة الصهيونية بالكامل. وبهذا لا يكون الحل الذي يقترحه، كما يتوهم البعض، عملية تسوية سياسية تقوم على اعتبارات واقعية ومصلحية وموازين قوى، وإنما تضمن حلاً أيديولوجيا يُراد فرضه على العرب والمسلمين والفلسطينيين. فإذا كانت التسوية السياسية مرفوضة فكيف التسوية الأيديولوجية التي تقوم على أساس نظرية توراتية مفبركة أيديولوجياً حتى الحدّ الأقصى. ثم يجب الانتباه إلى أن تناول أوباما الوضع العربي بعامّة والوضع في كلٍ من ليبيا واليمن والبحرين وسوريا يحمل في ما يحمل تدخلاً فظاً في الشؤون الداخلية ومحاولة للإملاء والصيد في الماء العكر وتوجيه الدفة لتحقيق هيمنة أميركية تستبق نتائج الصراع. فخطاب أوباما نفث السم حيثما دار والتفت. فأوباما يتدخل هنا حتى بالتفاصيل ورسم خرائط طريق ويقرّر من يريد أن يرحل وكيف يجب أن يرحل، وتحت أية شروط. ومن يمكن أن يبقى ولكن كيف يبقى وتحت أية شروط. فإلى جانب ما تحمله كلمات الخطاب من تدخل في الشأن الداخلي وحض على التآمر، لا يلحظ (أوباما) أن موقعه الواقعي في ميزان القوى يجعل من تدخله والطريقة التي يتدخل بها قفزاً في الهواء أو رمياً للصنارة في البحر من دون أن يتأكدّ إن كانت ستصيد أو ستعود خائبة أو ستعود بالتافه من السمك. إن أوباما لا يريد أن يتصرّف ضمن حدوده وإمكاناته وهذا أمر مكرّر في الإمبراطوريات وهي تتهاوى وتظن أنها ما زالت في أوج عظمتها. إذا كان أوباما يظن أنه تمكن من الوضع في ليبيا وهو الوضع الوحيد الذي يمكنه أن يعامله كما لو كان يملك زمامه بسبب تدخله العسكري هو والأطلسي في التأثير في مجرى الصراع فإن تأثيره في الأقطار الأخرى جميعاً ثانوي، وأقل بكثير مما يحاول أن يوحي. فهو يحاول الإيهام بأنه القادر على تحويل دفة الصراع في الاتجاه الذي يريد ولكن ذلك مجرد إيهام. وإن كان له من بعض الصدقية، فصدقيته آتية من تبرّع بعض القوى الداخلية في الاستقواء به، والتآمر معه على شعبها ولكن هذه القوى تواجه قوى شعبية أكبر منها. وحتى في المثل الليبي ثمة قوى شعبية كبيرة تعارضها ولا بدّ من أن تدخل معها في صراع بعد رحيل القذافي. على أوباما أن يتأدّب ويعرف حدوده وهو يخاطب الفلسطينيين والعرب والمسلمين بل شعوب العالم الثالث بل الدول الكبرى الأخرى، فالخطاب الذي ينبع عن عنجهية وأمجاد ماضية لا قيمة له حين تكون موازين القوى تكذبه أو هي في طريقها لتكذيبه. ولكن هذا الخطاب وجد من يرحّب به ويقرأ فيه تغييراً. وذلك حين عرض الخطوط العريضة لحل القضية الفلسطينية حيث أخذوا منه الإشارة إلى أن تقوم الدولة الفلسطينية في حدود 1967. وذلك بالرغم من اشتراطه الاعتراف بيهودية دولة الكيان الصهيوني وإسقاط حق العودة. والأنكى أعلن الناطق الرسمي باسم محمود عباس أنه على استعداد للعودة إلى المفاوضات على أساس خطاب أوباما. أي إذا قبِل نتنياهو مبدأ إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الـ67. طبعاً في هذا الإعلان طعن للمصالحة، وعودة « حليمة لعادتها القديمة » مع ابتلاع الشق المتعلق بأن تكون « دولة إسرائيل الوطن القومي لليهود »، ومع تجرّع كأس إسقاط حق العودة. ولكن مع ذلك تراجع أوباما، ومن دون أن يطرف له جفن، بعد يومين من خطابه العتيد موضحاً أنه لا يقصد أن تقوم الدولة الفلسطينية على حدود الـ67 وإنما بعد أن يجري تبادل الأراضي والإقرار بما حدث من تغيير على أرض الواقع (أي كل ما هو مخالف للقانون الدولي). وبهذا يكون قد قدّم هديّة ثمينة لكل من يمكن أن يكون قد خدع في لهجة الخطاب النفاقية والخبيثة التي وجهها لثورتيْ مصر وتونس. والأهم هدية للناطق الرسمي الفلسطيني الذي ذهبت به الخفة سريعاً للموافقة على بدء المفاوضات وفقاً للخطوط العريضة التي وردت في خطاب أوباما. والسؤال: متى تدرك المعارضات العربية أن أوباما في خندق نتنياهو، أو كلاهما في سلة واحدة. ومن ثم يصار إلى التعامل معه باعتباره تعاملاً مع نتنياهو؟ ولكن السؤال غير موجّه إلى سلطة رام الله حيث الحال « فالج لا تعالج ». (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 09 جوان 2011)

الثورات العربية ومشروعية التساؤل


الصادق الفقيه مشروعية التساؤل الداء هو الدواء المعطى الأكبر الخاتمة تتفق كثير من الآراء على أن ما نشهده من حراك سياسي وثورات شعبية على مستوى العالم العربي لا مثيل له في التاريخ. إننا نعيش بالفعل أوقاتا مثيرة ولحظات تاريخية تتبدل فيها الأدوار بين الإنسان الفرد والمجتمع، وبين الشارع والحكومات، وتتغير فيها موازين القوى بين هرم السلطة وقاعدته، ويحاسب المحكومون الحكام. فنحن لا نشهد شعبا يزيح من ضعفت سلطته لمصلحة من قويت شوكته، وإنما نقرأ تحولا في منظورات الفكر السياسي الكبرى، التي حاولت أن تقدم تفسيرات تقيمية للثورات. إننا أمام وجه جديد للحقيقة التاريخية؛ وجه، ربما اعتبره البعض أعظم إنجاز سياسي في أكثر سنوات العالم العربي إحباطا. لقد قامت هذه الثورات كخطوة لاستعادة التوازن الإستراتيجي إلى الخيارات الوطنية والقومية بعيدا عما تدفع إليه الحقائق القديمة من ذرائعية ومبررات، ورغبة شعبية جياشة في إقصاء حالة العجز، التي كانت تعزز المخاوف من اقتحام المجهول لدى الشارع العربي. وليس ثمة ما هو أصعب من محاولة القفز إلى المستقبل دون تبين للأبعاد المراد القفز فوقها، أو المسافة المطلوب قطعها، وقبل ذلك وبعده، صِحَّة الإعداد الأمثل للتقدم إلى الأمام. لأن قراءة، أو توقع، شكل النظام القادم في الدول العربية الملتهبة بالثورات، بل تصور سؤال المستقبل فيها، أمر شديد الصعوبة والخطر.  
مشروعية التساؤل إن التساؤل يستبطن غالبا الإجابة من حيث تحديد أفقها، واحتمالاتها، ومن حيث موضوعها. لأنه يضبط مسبقا فضاء الإجابة، بل إنه يخلق الإجابة من حيث إمكان مقاربتها وتوفير إطار لنشأتها وتطورها. إذ أن التفكير في التساؤل هو تفكير محدِّد ومهئّ لاحتمالات الجواب وفضائه، وأهميته من حيث مشروعيته المنطقية والواقعية، ومن حيث مساهمته في صياغة قياسات مفاهيمية معيّنة، وتحديد الملامح العقلية وتوجهاتها. إذ يعبّر الجواب، بهذا المعنى، عن الانخراط والارتهان المسبقين لفضاء تشكلت ملامحه من خلال هذا التساؤل المطروح، بمعزل عن الفروض والاستنتاجات. وإذا استطعنا أن نترجم التساؤلات البديهية عن الثورات العربية إلى تساؤلات سياسية، فيمكن أن نقول: هل كل ما بشرت به هذه الثورات كفيل بإيقاف عجلة الظلم والفساد وضمان صنع مستقبل أفضل للشعوب العربية؟ ولا شك أن الإجابة التي ستبرز تجاه هذا التساؤل، وأخرى غيرها، ستساعد على بلورة المبادئ والنظريات المناسبة لتطوير وتحسين هدف هذه الثورات, لأن السؤال الأساسي يعود إلى وضع اليد على الضابطة، التي من خلالها نستطيع معرفة المسائل المطلوب معالجتها، وتمييزها عن مجرد المطالبة العشوائية بإسقاط النظام. والسؤال المطروح في الوقت الحالي هو: إلى أين يحملنا المشهد الثوري العربي؟ وللإجابة عن هذا السؤال لا نريد إثبات صحة الأطروحة القائلة إن الثورات العربية هي نتاج فعل الشباب فقط لا غير، لأن هذا الزعم، الذي يقترب من الحقيقة ولا يستقصيها جميعا، سيدخلنا في إشكاليات يصعب التعامل معها حول طبيعة الدولة والحكومة التي يريدونها. فقد شهدنا بأن مجتمعات الشباب الافتراضية في الدول العربية أنجزت الكثير لإنجاح هذه الثورات، إلا أن هذه المجتمعات مبعثرة في فضاء هلامي معقد تتداخل فيه الكثير من المعادلات والتنوعات، والفئات العمرية، والقوى الاجتماعية والسياسية. وسيفضي بنا الركون إلى هذا الافتراض وحده إلى تجاهل قوى المجتمع الحية الأخرى، خاصة القوى الحزبية والنخب السياسية ذات الخبرة والدربة. لهذا، فإن الإجابة التي تغفل هذه الحقيقة ستظهر مواقف متعارضة، تتميز بتناقضات ذاتية وقصدية، وتوجهها جملة من الدوافع الكابحة لإيجابية التغيير وتمامه، الذي يجب أن يستهدي، بجانب حماسة الشباب، بخبرات النخب السياسية وتنظيمات قوى المجتمع الحزبية والمدنية. إذ أن الظاهرة الافتراضية، التي نشأت في الفضاء الرقمي العام، لا يمكن أن تكون البديل لهذا الواقع المُتَشَكِّل في المجتمعات العربية، لأنها ببساطة ذات طابع معنوي فضفاض؛ ومن الصعب قياسها وضبط التعبير عنها، في حين أن التغيير، باتجاه إدارة أجهزة الدولة، يتطلب عمل المؤسسات.  
الداء هو الدواء على الرغم من أن المتتبعين لحركة الثورات العربية يعترفون بأن أزمة الحكم، وأزمة الأحزاب والقوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، والنخب، والمثقفين، والمؤسسية، في مجملها، هي أعراض لمرض حقيقي، قبل هذه الثورات وبعدها، لأنها هي مقدمات الضعف، وبوادر التصدع في البنى الأساسية للدولة ونُظمها. ولكن هذا لا ينفي مطلقا ضرورة استصحاب هذه الفعاليات والآليات في إدارة الشأن العام في المرحلة المقبلة. كما لا ينفي السؤال الذي يقفز إلى الذهن، ويكون ملحاً على الإجابة، وهو: متى كان الإحساس بالأزمة؟ وأين يقع مصدرها؟ وما هي النتائج التي ترتبت عليها؟ ولماذا تأخر التحرك الشعبي كل هذا الوقت؟ ولماذا الشباب قبل الشيوخ؟ وهل قدمت الثورات العربية الحل؟ وما هي الجدوى المستقبلية للتغيير؟ وما إذا كان مجرد الانعتاق من ربقة عهود الحكم الجاثمة على صدر الشعوب سيكون خيرا كله، بغض النظر عن تصرفات القوى الحية في المجتمعات العربية؟ وقد لا يهم كثيرا، في هذه الفاصلة التاريخية، إذا اختلفت الأجوبة، وتباينت الإيضاحات، وتعارضت التفسيرات، لأن هذه وأمثالها أسئلة منطقية لابد أن يواجهها الجميع، لأنها تتعلق بالجميع؛ إنها قضية مستقبل الإنسان العربي، ولا بد لكل فرد أن يبحثها على نحو ما، لأنه، وفي كل عملية مهمة من أعمال الحياة، لا بد أن يقفز الأفراد فوق مشكلاتها المعقدة، بتقدير أن التفرج على عجز الفرد، وقصور المشاركة، أمارة سلبية لا أثر للإيجاب فيها. لهذا، لا ندعي هنا الإنابة عن أي إنسان في الإجابة عن هذه الأسئلة، لأن أنظمة الحكم متعددة وغير متشابهة، والمجتمعات العربية طالها انقسام الحالة القُطرية، فباعد بين أحكامها ومعايير قياساتها للأشياء والأحداث، التي قد تسهل، نسبيا، محاولة هذه الإجابة إذا حاكم بها هذا الإنسان واقعا يعيشه، وهو جزء من تركيبته، وبعض من تاريخه، ويمارس الشهود على حاضره وحركة مده وجزره. ولكن عندما يكون البحث عن إجابة هذه الأسئلة في تضاعيف واقع آخر، وتفسير كنه الأزمة في دولة أخرى، فإن الموضوعية تقتضي، أولا، التخلي الطوعي عن الكثير من التصورات والأحكام السابقة، التي لونت النظرة العامة للآخر القريب والبعيد. والتنازل، ثانيا، عن كل تراكمات الماضي في مستوى الفكر، ومؤثرات الصور النمطية، والتي عززتها قيود الحدود القطرية بين الشعوب العربية. ولهذا، فإن إمكانية الإجابة عن أي نحو معقول، وفك رموز مسألة على هذا المقدار من السعة والتنوع، تحتاج إلى منهج خاص في التناول، وطريقة مبتكرة في المعالجة. لأن مسبباتها لم تجابه، على ما يبدو، بطريقة نقدية مستقلة من قبل. وإذا جرت مجابهتها، فإما أن الجهل والغرض والتحيز كان يرافق وسائل معالجتها في الماضي، أو أن الإمساك بالقضية من طرف واحد، أو من باب المقارنة المبتسرة بين الحالات العربية، كان يتم بطريقة مخلة وناقصة، وفي أحيان كثيرة، غير موضوعية. وأياً كانت المعايير، أو زاوية النظر، التي نقيم بها حصيلة الثورات العربية، فبالنسبة للكثيرين يبدو أن التفاؤل أمر في تمام الوضوح. من هنا، فإن أي تساؤلات، في هذا الوقت المبكر، عن مستقبل هذه الثورات، نخشى أن يؤخذ، أو يبدو ليس فقط رجما بالغيب، وإنما رجما لهذه الثورات من حيث لا نحتسب، ولا نرغب. وذلك تحسبا لخوف البعض من أن ينتج عن هذه التساؤلات، حالة تشويش، ربما تقود في نظر البعض للتشويه، وتحفز على الطعن في النوايا، وتبرر لرافعي ألوية المعارك الوهمية خوض غمار حرب كلامية ضد المخالفين. رغم أن التساؤل أمر مشروع، وجوابه على درجة كبيرة من الأهمية، إلا أنهما لا يمكن أن يختزلا، في هذه اللحظة التاريخية، في مجرد استفسار ورد، أو صيغة تركيبة لغوية فقط، وإنما لهما وظائف ودلالات تتجاوز الاختزال اللّغوي إلى الإطار المفاهيمي، وتؤثران على الأنماط السلوكية للفرد والمجتمع، والمؤيدين والمعارضين لهذه الثورات. والشاهد على ما نقول، ارتباك الأقلام واصطكاك أسنانها، كلما حاولت العبور من حالة الابتهاج بالثورات إلى مرحة التوفر على إجابات للأسئلة الكثيرة، التي تكتنف مسيرتها وتقرر وجهتها، خاصة فيما يتعلق بالثورات غير السلمية، التي تزهق فيها الأرواح في ليبيا وسوريا واليمن. وللخروج من هذه الوهدة، وعبور الحرج في هذا المنعطف، فلا بد من النظر في موضوع الأزمة من خلال رصد بعض المعالجات الفطنة، التي ينبغي أن يتكفل بها النخب والمثقفون والمفكرون ومراكز البحث والجامعات المعروفة، الذين عليهم جميعا شحذ العزم والهمة، والمبادرة للغوص في عمق القضايا. والمناداة على القوى الحية في المجتمعات العربية للجهر بصوتها حول الأزمة، والعمل على تمييز أصوات مفكري كل بلد عربي يئن تحت وطأتها، من الذين تناولوا قضية وضع بلادهم الخاص بالجرح والتعديل. ومن ثم، التبادل الذي يثري الفكرة ويُسَرِّع المعالجات لمصلحة الجميع.  
المعطى الأكبر لقد أيدنا الثورات الشبابية من أجل التغيير الإيجابي في الدول العربية، بعد أن أدركنا جميعا أن غياب العدل خلف انحرافات سياسية وأخلاقية وإنسانية كبيرة, كان أبرزها، إلى جانب تعثر مشروع الوحدة، غياب مفهوم الدولة والحكومة والوطن والمجتمع والأمة والنظام, وتجذر ظاهرات الحكومات القُطرية العاجزة، وعموم الفوضى والاضطراب في النظام السياسي والاجتماعي, الذي قدم الذرائع وفتح الأبواب أمام كل المؤامرات والمخططات المشبوهة، التي استهدفت تفكيك روابط الوطن العربي, ومنع تماسكه، وقطع الطريق أمام وحدته وقوته. وقد أبنا في مقال نشر يوم الأربعاء 6/4/2011 بموقع « مركز الجزيرة للدراسات »، بعنوان: « الثورات العربية ومخاض الوحدة الطويل »، أن هذه الثورات هي حراك جمعي خلاق للشارع العربي، ومواجهة شاملة مع الماضي المُقْعِد. وهي قبل كل شيء، لحظة تاريخية فارقة؛ سياسيا وثقافيا، وَلَّدَتْ في العالم العربي فكرة الوحدة العربية من جديد، وبقيادة الشعوب العربية نفسها هذه المرة، بعد أن خذلتها النخب، وأجهضها القادة. بيد أن الذي نطلبه من هذه الثورات هو التغيير، الذي يختلف عن مفهوم الفتنة والصراع، أو كما في ثورتي تونس ومصر، رغم أنهما أزاحتا الرئيسين وغيرتا الحكومتين، ولكنهما لم تتسلّما السلطة في الحالتيْن، ولم تقتلعا النظامين في البلدين. وربما كان لهما في ذلك بعض الحق، أو كثيره، لأن الثورة الحقيقية تنبع من الهم العام، الذي يكره الظلم والفساد، لا الخصومة مع ممسكات الدولة، ولا الرغبة في فض عرى مؤسسات المجتمع ونقض نسيجه. وقد تساءلنا كثيرا عن حدود ومغزي شعار « الشعب يريد إسقاط النظام »، وعما إذا كان الناس يريدون إسقاط الحكومة أم تفكيك النظام، الذي سيؤدي حتما لانهيار الدولة، وانفراط عقد المجتمع. لأنه مهما كان مدى التماهي بين الرئيس ونظامه، فقد وجب بعد ذهابه التفريق بينه ومختلف مؤسسات الدولة وأجهزتها. كما وجب التفريق بين الثورة والأزمة والانقلاب والفتنة، لأن الأزمة والفتنة، اللتين تعيش مظاهرهما ليبيا وسوريا واليمن، هما حالتان تصفان فترة حرجة غير مستقرة، قد تترتب عليها نتائج خطيرة، وتنطويان على تهديد جدي للأهداف، التي تقوم من أجلها الثورات، وقد لا تكافئ النتيجة الثمن، الذي يدفع الآن من أجلها. وربما يحمد لثورتي تونس ومصر أنهما أجابتا بضمير العاقل لا عجلة المنفعل برغبة المفاصلة الكاملة مع الماضي، مع إصرارهما على إكمال مسيرة الإصلاح. إذ أنه إذا انهار النظام بضربة لازب، فلن نكون أمام أزمة فحسب، بل أمام فتنة، تنقلب فيها الرغبة في التغيير إلى تمرد يمتهن التدمير. لذا، فإن اعتماد منابر الحوار، لا استمرار التظاهر، هو مطلوب اللحظة في تونس ومصر لمعالجة أي قصور يقف عقبة أمام هذا التغيير، خاصة بعد أن صارت المنابر حرة ومتاحة.  
الخاتمة إن تشخيص أزمة الحكم العربية لم يكن بسهولة وصفها، ولم يكن أبدا بالمهمة اليسيرة، ولا بالنزهة العقلية المريحة. ذلك، لأنه لم يكن هناك اعتراف من قبل الحكومات بهذه الأزمة، ولم تكن هناك حرية للتعبير عنها بطريقة تمكن من قياسها بالمعايير المادية، ومن ثم تشخيصها، وحساب نتائجها، ومعالجتها، وفقا لذلك. وموضوع الاتفاق الآخر هو أن للأزمة أشكالا تختلف باختلاف البلدان العربية، وإن تشابهت في سماتها العامة. وجلها كان يتبدى في شكل احتقان يتطلب وقفات للمراجعة، التي هي في غاية الأهمية بالنسبة لقيمة المعرفة، والتي مثلت تمظهراتها حذر الإنسان مما ينتظره عقله، حينما تبدو الوقائع صريحة وصارمة. ويتضح عجز الفكر، ومناهج المعرفة الحاضرة، عن إنقاذ الواقع المأزوم. وقد تكون بعض الحكومات العربية، بضغط من الثورات، وفي سياق رغبتها في الاستمرار، قد قامت بإجراء إصلاحات لحسم بعض القضايا والاستجابة لبعض المطالب، ولكن أزمة مشروعيتها، بما أنها أدق وأعمق، وبما أنها، من حيث طبيعتها وتجلياتها، تتلبس الظواهر الأكثر تعقيدا، والأشد خداعا، لأن إجراءاتها ترتبط بمجموعة القيم والمفاهيم والقوانين الناظمة لسلوك الحكم، ولأن تجريدياتها تحدث في مملكة الإخفاء ذاتها، داخل عقل السلطة. لهذا، فإن هذه الأزمة تمنعت، وتعصت عن إظهار المرحلة التي بلغتها في المجتمع، وفكر الدولة العربية المعاصرة، واستدعت كل هذه الثورات والانتفاضات؛ السلمية والمسلحة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 09 جوان 2011)

ثوار الناتو.. ووثائقهم المزورة


عبد الباري عطوان 2011-06-08 وقفنا منذ اللحظة الاولى مع الثورات العربية ومطالبها العادلة في تغيير انظمة ديكتاتورية قمعية فاسدة، واستبدالها بانظمة ديمقراطية تعيد للمواطن العربي كرامته، وتؤسس لنظام المؤسسات والمحاسبة والشفافية والقضاء العادل المستقل. وكان طبيعيا ان يكون موقفنا نفسه تجاه الثورة الليبية التي اندلعت شرارتها الاولى في مدينة بنغازي ضد نظام الطاغية معمر القذافي الذي حول ليبيا الى مزرعة لاولاده واقاربه، وادار ظهره لقضايا الامة، ونقل ليبيا من انتمائها العربي الاسلامي الى الفضاء الافريقي للتحلل من اي مسؤولية تجاه امته التي ادعى انه احد ابطالها في بداية توليه للحكم من خلال انقلاب عسكري اطاح بالحكم الملكي عام 1969. كتبت شخصيا اكثر من عشرين مقالا على الصفحة الاولى، او في زاوية ‘رأي القدس’ تأييدا للثورة الليبية، ولكن عندما بدأ حلف الناتو بزعامة الولايات المتحدة الامريكية التدخل في الشؤون الليبية عسكريا، وارسال البوارج الحربية وحاملات الطائرات الى السواحل الليبية، بدأنا نعيد النظر في موقفنا، ونبدي معارضتنا لهذا التدخل في وضح النهار، لاننا نحن الذين وقفنا ضد التدخل العسكري في العراق تحت غطاء تحرير الكويت عام 1990، ووقفنا في الخندق العراقي ضد الغزو ومن ثم الاحتلال، لا يمكن ان نقف مع غزو مباشر من قبل حلف الناتو لليبيا، وهو غزو بدأ تحت غطاء حماية المدنيين من مجزرة كان يعد لها نظام الطاغية معمر القذافي، وحماية المدنيين امر مشروع ومرحب به في ظل غياب اي تدخل رسمي عربي، خاصة بعد ان بدأت قوات الناتو تقصف مدنا ليبية بصواريخ كروز، وتقتل المئات من المدنيين، بل والعسكريين الليبيين الذين هم عرب ومسلمون، ويعتبرون اشقاءنا واهلنا، تماما مثل اشقائنا واهلنا في جميع المناطق الليبية الاخرى الواقعة تحت سيطرة حلف الناتو وحمايته. عبرنا عن موقفنا المشكك في النوايا الانسانية لحلف الناتو في ليبيا على صفحات ‘القدس العربي’ وفي مقالات في صحف بريطانية بينها صحيفة ‘الغارديان’، وكذلك عبر شاشة تلفزيون ‘بي.بي.سي’ باللغتين العربية والانكليزية، وتعرضنا بعدها لهجمات اعلامية شرسة، ومنظمة، تشرف عليها وتديرها شركات علاقات عامة امريكية وبريطانية وربما اسرائيلية ايضا، ازدادت شراسة، اي الحملة، بعد ان انتقدنا بشدة الرسالة التي نقلها الصهيوني الفرنسي برنار ليفي الى بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل نيابة عن المجلس الوطني الانتقالي الليبي، وكشف فيها ‘عن نية المجلس الحفاظ على امن اسرائيل ومساندته مقابل العدالة للفلسطينيين، واستعداده لاقامة علاقات طبيعية مع جميع الدول الديمقراطية بما فيها اسرائيل’. ‘ ‘ ‘ بعد ايام معدودة من نشر هذا المقال الذي حظي بتأييد كبير من عشرات الآلاف من القراء العرب، وتناقلته مئات المواقع الاليكترونية، فوجئنا بتوزيع وثيقة ‘مزورة’ تتهمنا بتلقي مرتب شهري قيمته 4000 دولار امريكي كـ ‘مكرمة’ من العقيد معمر القذافي اعتبارا من عام 2008. ومن المؤسف ان محطة ‘العربية’ بثت صورة عن هذه الوثيقة الى جانب مواقع اخرى. مثل هذا الاسلوب الرخيص والهابط لا يمكن ان يصدر عن جهة تقول انها تناضل من اجل اقامة نظام ديمقراطي يقوم على العدالة والشفافية وحرية التعبير واطلاق الحريات. وانما عن نسخة اخرى مشوهة عن نظام الزعيم الليبي الديكتاتوري الفاسد الذي تخصص في اغتيال الخصوم جسديا قبل اغتيال شخصياتهم. انه امر محزن ان هؤلاء الذين يقفون خلف هذا العمل المخجل (الوثيقة المزورة) يلجأون الى التشهير الشخصي عندما تعوزهم الحجة ويخذلهم المنطق للرد على القضايا السياسية التي نتناولها في الحديث عن الوضع في ليبيا. الاستاذ عبدالرحمن شلقم وزير الخارجية الليبي السابق الذي من المفترض ان تكون هذه الوثيقة صدرت عن مكتبه او وزارته، نشر مقالا في هذه الصحيفة، ردا على مقال انتقدت فيه التدخل العسكري الغربي في ليبيا، اكد فيه انني لم استفد ماديا بصورة مباشرة او غير مباشرة من النظام الليبي، والسيد شلقم، الذي اجل واحترم، يعرف جيدا ضخامة العروض المالية التي تلقيتها شخصيا من النظام الديكتاتوري ورفضتها دون تردد لمعارضتي لهذا النظام وسياساته. هذه ليست المرة الاولى التي نواجه فيها مثل هذه الحملات القذرة، ولن تكون الاخيرة، طالما اننا مصرون على قول الحقيقة، والوقوف في خندق هذه الامة وقضاياها والعدالة والكرامة لشعوبها. ولن نسكت مطلقا عن اي نظام او مجموعة او ‘ثوار مزعومين’ يتملقون العدو الاسرائيلي، ويتخذون من انصاره وداعمي عدوانه على الامة اصدقاء ومستشارين، وابرزهم الفرنسي برنار ليفي الذي يعتبر حركة ‘حماس’ ارهابية، ويبرر العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة الذي استخدم فيه الفوسفور الابيض لحرق 1400 مواطن عربي مسلم، وتدمير اكثر من ستين الف منزل وتشريد اهله. ما لاحظناه في هذه الحملة التي نتعرض لها من قبل انصار المجلس الوطني الليبي، هو تطابقها بالكامل مع حملة اسرائيلية منظمة استهدفتنا وما زالت، تتهمنا بمعاداة السامية، وتأييد ضرب ايران لاسرائيل، من حيث الاتصال بالمحطات الغربية التلفزيونية لمنع ظهورنا على شاشاتها، وتحريضهم ضدنا، وهذا امر غير مستغرب طالما ان اقرب صديق لثوار الناتو هو الخواجة ليفي. عندما وقفنا ضد العدوان على العراق اتهمنا مساندوه من عراقيين وغيرهم بتلقي اموال من الرئيس الشهيد الراحل صدام حسين، والحصول على كوبونات نفط، بل ذهب الراحل الدكتور احمد الربعي الى حد القول ان صحيفة ‘القدس العربي’ لن تستمر يوما واحدا بعد سقوط نظام صدام حسين، وها هي ‘القدس العربي’ مستمرة، وها هي قوائم كوبونات النفط واسماء المستفيدين منها متداولة للجميع. ‘ ‘ ‘ الذين استفادوا من اموال القذافي وعطاياه وكونوا ثروات تقدر بالملايين، هم الذين خدموا نظامه لاكثر من اربعين عاما، وكانوا يهتفون امامه دائما ‘فاتح ثورة شعبية’ ويدافعون عن نظامه بل وينفذون اوامره بقمع الشعب الليبي ومصادرة حرياته، وبعض هؤلاء نقلوا البندقية من كتف الى اخرى واصبحوا الآن يقودون ‘الثورة’ ضده، وليس نحن الذين لم تدخل صحيفتنا ليبيا على الاطلاق، ورفضنا العديد من الدعوات للقاء ‘الزعيم’ القذافي حملها الينا بعض الثوار الحاليين، بل توسل الينا بعضهم لقبولها، ووضعوا طائرات خاصة تحت تصرفنا. ختاما، سنظل في خندق الشعب الليبي وثورته الشعبية الحقيقية النظيفة قبل ان يخطفها الانتهازيون عملاء الناتو، الذين يتعيشون على فتاته ويحتمون بدباباته. فنحن نعرف الشعب الليبي جيدا، واقتسمنا معه لقمة العيش، الكريم، ونشهد انه شعب اصيل في شهامته وعروبته، مخلص لدينه وعقيدته، ويملك تاريخا مشرفا في محاربة الاستعمار الغربي، وتقديم آلاف الشهداء، بقيادة قائده ومعلمه وشهيده الابرز عمر المختار، ويقيننا ان هذا الشعب الذي احببناه واحبنا، لن يقبل بان تخطف ثورته من قبل بعض المتسللين والانتهازيين. هؤلاء الذين سربوا هذه الوثيقة المزورة، وتخفوا خلف اسماء مستعارة، واتصلوا بمحطات تلفزيونية غربية، وبريطانية خاصة، رفضت الاستماع اليهم ونشر الوثيقة، بهدف التحريض ضدنا، اذا كانوا واثقين من ان ما ينشرون هو حقائق، فليأتوا الى بريطانيا واتحداهم ان يجدوا صحيفة تنشر لهم اكاذيبهم، وان نشرت، فان القضاء البريطاني سيكون الحكم بيننا. نحن لا نعمم هنا.. فهناك شرفاء كثيرون في صفوف الثوار والثورة، بل هم الاغلبية الساحقة، حديثنا هنا ينصب على الانتهازيين الوصوليين الذين سرقوا هذه الثورة ونصبوا انفسهم قادة لها على حساب الشهداء والجرحى، والمفجرين الحقيقيين للثورة في وجه الطاغية الكبير وابنائه الطغاة الصغار. سنقاضي كل من حاول الاساءة الينا، في كل مكان يتوفر فيه القضاء العادل، لاننا اصحاب حق، وكنا نتمنى لو ان محطة العربية، ولنا فيها زملاء اعزاء، قد تحققت من هذه الوثيقة المزعومة، واتصلت بنا لاخذ وجهة نظرنا مثلما تقتضي الزمالة والاعراف والتقاليد المهنية، ولكنها لم تفعل. نعاهد القارئ بان مثل هذه المحاولات لن ترهبنا، ولن تحيدنا عن خطنا وسنواصل مسيرتنا في دعم الشعوب وثوراتها الطاهرة لنيل حقوقها كاملة دون نقصان، فنحن لسنا طلاب مال والا لكنا نقف حاليا على ظهر دبابات الناتو او الدبابات الامريكية قبلها في العراق. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 08 جوان 2011)

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.