الخميس، 24 نوفمبر 2005

Home – Accueil الرئيسية

 

 

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2013 du 24.11.2005

 archives : www.tunisnews.net


 

 
 
 
 
المؤتمر من أجل الجمهورية: بيان تضامن ومساندة مع قناة الجزيرة ضد الخطة الأمريكية اللجنة الجهوية لدعم حركة 18 أكتوبر بالقيروان: بـيـان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع القيروان: بيان الاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان: بيان النقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي: بيان سويس إنفو: سويسرا تحتج لدى تونس رويترز: غياب شركاء رئيسيين في قمة لدعم الشراكة الاورومتوسطية الأستاذ عز الدين شمام: ما بعد 18 أكتوبر: المشروع الوطني التونسي إلى أين؟ عبدالحميد العدّاسي: هموم تونسية 3 ود الريّس: ماذا بعد القمة صابر التونسي: رمـوْك عن قـوس واحــدة الزاراتي: بالمقلوب: أما آن لليلنا أن ينجلي ؟ سمير بوعزيز: إنك تصارع من تدافع عنهم… الكرامة: الإفتتاحية الكرامة: محمد عبو : مصارع الإستبداد ومحامي الحرية الكرامة: الـواقع :استبداد وفساد الكرامة:  قائمة كبار المجرمين التونسيين الكرامة: إعتبروا يا أولي الألباب الكرامة: البديل : عقل وإرادة الكرامة: المعارضة التونسية : ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا الكرامة: بن علي – شارون الكرامة: نهاية دكتاتور الكرامة: إلى الطاغية محمد العروسـي الهانـي: الذكرى الخمسين لانعقاد المؤتمر الخامس للحزب الحر الدستوري التونسي الجديد الطاهر العبيدي: فرنسا تنام على براكين ثورة الجياع د. عبد العزيز بن عثمان التويجري: مؤتمر تفتخر به تونس

 

عـــــــــــــــــــــــــاجل !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

أنقذوا حياة كل المساجين السياسيين

إنّ السجين السياسي السيد حمادي الجبالي المعتقل بسجن المهدية قد دخل في إضراب آخر عن الطعام منذ يوم 5 نوفمبر 2005 بمعية المساجين السياسيين السادة بوراوي مخلوف و الهادي الغالي و عبد الحميد الجلاصي و محمد الصالح قسومة و نور الدين العرباوي و قد قرروا مواصلة إضرابهم عن الطعام إلى حين تنفيذ السلطات لوعودها بخصوص إطلاق سراحهم.

ندعو جميع لجان و هيئات 18 أكتوبر و المنظمّات الحقوقيّة و أحرار العالم للتحرّك العاجل من أجل إطلاق سراحهم .

عن لجنة ألمانيا لمساندة حركة 18 أكتوبر الناطق الرسمي طه الصابري   

00491625713249 لمزيد من المعلومات زوروا: www.aktion18oktober.com


نقابة الصحفيين التونسيين

 

بيان تضامني

 

في الوقت الذي ينظم فيه زملاؤنا في قناة « الجزيرة » اعتصامهم في مقرها وأمام مكاتبها الخارجية ، صبيحة هذا اليوم ، الخميس 24 نوفمبر 2005 ، للمطالبة بإجراء تحقيق في وثيقة تفيد بأن الرئيس الأميركي جورج بوش كان ينوي قصف مقر القناة بالدوحة وبعض مكاتبها بالخارج ،

 

تعلن نقابة الصحفيين التونسيين عن تضامنها المبدئي واللامشروط مع الزملاء في قناة الجزيرة وتضم صوتها إليهم للمطالبة بإجراء تحقيق دولي مستقل لتوضيح ملابسات هذه القضية الخطيرة.

 

– وتؤكد نقابتنا على ضرورة إلقاء مزيد من الأضواء على عمليات القصف التي استهدفت مقرات عمل الصحفيين وعمليات إطلاق النار المتكررة التي نفذتها القوات العسكرية الأمريكية ضد زملائنا من مختلف الجنسيات والعاملين بالعديد من  وسائل الإعلام خلال العدوان الأمريكي البريطاني على العراق خاصة وفي كل المناسبات التي سقط فيها ضحايا أبرياء من بين زملائنا الذين لا ذنب لهم سوى سعيهم لإنارة الرأي العام وخدمة الحقيقة

 

24 نوفمبر 2005

 

عن نقابة الصحفيين التونسيين

مسؤول النظام الداخلي

محمد معالي


النهضة تتضامن مع قناة الجزيرة

تلقينا في حركة النهضة باستغراب شديد ما نشرته بعض الصحف البريطانية عن خطة كان يعتزم رئيس الولايات المتحدة بموجبها قصف مكاتب قناة الجزيرة الفضائية في الدوحة وفي مناطق أخرى من العالم ردا على تغطيتها للاعتداء الوحشي الذي شنته القوات المحتلة على مدينة الفلوجة السنة الماضية. ويجمع الملاحظون أن وجود الصحفي اللامع أحمد منصور في الخطوط الخلفية داخل المدينة وتغطيته المتميزة لما أوقعته القوات المحتلة من خسائر في صفوف  المدنيين قد ساهم في الحد من هذه الخسائر. إن ما يتعرض له صحافيو الجزيرة من تضييقات وضغوط من الحكومات العربية ومن نظيراتها الغربية حتى وصل الامر إلى التخطيط لقصف مقراتها – إن صحّ ما نشرته الصحف البريطانية- يفضح مرة أخرى الدعاوى الجوفاء حول مسائل الإصلاح ونشر الديموقراطية لأن فاقد الشيء لا يعطيه. فلا يستغرب من دولة تخطط لقصف وسيلة إعلام لمجرد أن تغطيتها لم تعجبها أن تصطف إلى جانب أعتى الديكاتوريات في الوطن العربي وان تغض الطرف عن مئات المساجين والمعذبين في سجونها. إن حركة النهضة وهي ضحية حملة استئصالية يشنها عليها أحد الحلفاء المقربين من الولايات المتحدة: –         تحيي قناة الجزيرة وتتضامن معها وتشد على ايدي العاملين فيها راجية أن لا تثنيهم محاولات الاعتداء وتكميم الافواه التي يتعرضون لها عن القيام بوظيفتهم المقدسة في تنوير أبناء أمتهم وتسليط الضوء على مشاغل المواطن العربي. –         تستنكر مجرد التفكير في التعرض بالاذى لوسلية إعلامية مدنية فقط لأن تغطيتها لم تعجب الغطرسة الدولية. –         تعبر عن تضامنها مع الصحفي أحمد منصور وتندد بما تعرض له من اعتداء جبان في القاهرة. ‏22‏ شوال‏، 1426 الموافق ‏24‏ نوفمبر‏، 2005 الشيخ راشد الغنوشي حركة النهضة بتونس
(المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 24 نوفمبر 2005)

حزب المؤتمر من أجل الجمهورية السيادة للشعب – الكرامة للمواطن – الشرعية للدولة  

بيان تضامن ومساندة مع قناة الجزيرة ضد الخطة الأمريكية

إثر الخبر المؤسف الذي تداولته العديد من الوسائل السمعية والبصرية، العربية والدولية، بخصوص الخطة الأمريكية لقصف مقر قناتكم الموقرة بالعاصمة القطرية [الدوحة] فإننا، في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، التونسي، نؤكد على ما يلي: 1- تضامننا الكامل مع قناتكم الرائدة وجميع العاملين فيها متمنين لكم السلامة ودوام البقاء والعطاء في فضاء الكلمة الحرة الصادقة. 2- تضامننا مع شعبنا العربي المسلم في قطر وتثميننا لكرمه وصموده في وجه المضايقات والتهديدات التي سببتها استضافته لقناتكم الموقرة. 3- وعدنا ببذل كل جهودنا، عن طريق قنواتنا السياسية والإعلامية المتواضعة، من أجل التحسيس بخطورة القضية لدى الأوساط الأوروبية خصوصا حتى توفير الوقاية اللازمة ضد أي خطر أو مكروه مستقبلي. 4- إعتبارنا الوقوف معكم واجبا أخلاقيا وقوميا يندرج في معركتنا الموحدة من أجل الحريات الإعلامية والسياسية في المنطقة والعالم. 5- إدانتنا للنظام التونسي الذي لم يتجشم عناء التضامن معكم والتنديد بالخطة الأمريكية وذلك لاعتبارات خضوعه للإملاءات الصهيونية. 6- امتنانا لتغطيتكم أحداث الساحة التونسية وتعريفكم المستمر بقضية الحريات في بلادنا. 7- دعوتنا لكم بالثبات على خط الكلمة الحرة والخبر الصادق والتحليل الموضوعي النزيه حتى تظل قناتكم منارة للحقيقة في عالم الكذب والتزييف.   رئيس الحزب  د. منصف المرزوقي             

 

اللجنة الجهوية لدعم حركة 18 أكتوبر بالقيروان

 

القيروان، في 22 نوفمبر 2005

 

بـيـان

 

بعد اطلاعنا على البيان الختامي لإضراب الجوع الذي أصدرته يوم 18 نوفمبر 2005 الشخصيات الوطنية التي أطلقت شرارة 18 اكتوبر 2005

السادة:

أحمد نجيب الشابي الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي

حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي

عبد الرؤوف العيادي نائب رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية

العياشي الهمامي رئيس لجنة الدفاع عن الأستاذ محمد عبو

لطفي الحاجي رئيس نقابة الصحافيين التونسيين

محمد النوري رئيس الجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين

المختار اليحياوي رئيس مركز استقلال القضاء

سمير ديلو ناشط حقوقي وسجين سياسي سابق

 

والذي أعلنوا فيه قرارهم بإيقاف الإضراب عن الطعام باعتبار أن هذا الإضراب قد

 

 « حقق هدفه الأساسي المتمثل في التعبئة ووحدة العمل حول المطالب الثلاثة التي انطلق على أساسها:

حرية التنظم الحزبي والجمعياتي

حرية التعبير والصحافة

إطلاق سراح المساجين السياسيين وسن قانون العفو التشريعي العام « 

 

وبناء على دعوات تقدمت بها شخصيات وطنية « ممن ساندوا الإضراب ودافعوا عن مطالب المضربين«  وأخرى دولية متمثلة في الوفد الذي زار المضربين والذي ضم شخصيات مرموقة مثل السيد صديقي كابا رئيس الفدرالية الدولية

لحقوق الإنسان والسيد أيدن وايت الأمين العام للاتحاد الدولي للصحافيين والسيدة شيرين عبادي المناضلة الحقوقية الحائزة على جائزة نوبل للسلام وغيرهم من الحقوقيين الدوليين والذين أكدوا جميعهم على أن « الإضراب قد لفت

الأنظار إلى مأزق الحريات في تونس« .

 

وبناء على « نقاشات داخلية أجراها المضربون فيما بينهم ومع اللجنة الوطنية للمساندة«  واعتبارا لأن الإعلان عن إيقاف الإضراب رافقه إعلان عن تكوين « هيئة وطنية للمتابعة«  بموافقة اللجنة الوطنية لمساندة المضربين وأن هذه الهيئة

ستعمل على:

« – الحفاظ على وحدة العمل لتحقيق المطالب الثلاثة التي تجمع حولها المضربون وكافة القوى التي عبرت عن مساندتها لهم

فتح حوار وطني حول القضايا الأساسية التي تقتضيها بلورة مشروع بديل ديمقراطي يكفل لجميع التونسيين التعايش فيما بينهم آمنين على حقوقهم وحرياتهم الأساسية« 

 

فإننا أعضاء اللجنة الجهوية لدعم حركة 18 اكتوبر بالقيروان:

 

1- نتوجه بكل عبارات الشكر والتقدير لرواد هذه الحركة الذين ضحوا بأجسادهم وعرضوا حياتهم للخطر من أجل الدفاع عن حريتنا جميعا.

 

2- نعتقد أن حركة 18اكتوبر ستبقى منارة مرتفعة في سماء تونس الخضراء ونعلن للجميع أننا ما زلنا ملتزمين بدعمها ومواصلة النضال من أجل تحقيق المطالب الثلاث التي طرحتها. كما ندعو كافة لجان المساندة في الداخل وفي الخارج إلى مواصلة النضال من أجل هذه المطالب.

 

3- نسجل بكل اعتزاز أن هذه الحركة قد نجحت في تفجير طاقات هامة في مختلف الفئات الاجتماعية وفي كل القطاعات وبالخصوص في الأوساط الشبابية والجامعية والنقابية والأدبية والفنية تفاعلت كلها مع الحركة ودعمتها

وتبنت أهدافها فخلقت فعلا حركية سياسية جديدة على أرض الوطن وفي بلاد المهجر وأعادت المبادرة للمعارضة الديمقراطية وفتحت أمامها آفاقا واسعة للتحرك

 

4- نناشد رواد هذه الحركة وكل الأحرار في تونس أن يعملوا على استثمار هذا الدعم وهذه الحركية بكل مسؤولية وبدون تأخير وذلك بفتح حوار وطني جدي من أجل بلورة مشروع ديمقراطي حقيقي يضع حدا للاستبداد والقمع كما يقطع نهائيا مع عقلية الإقصاء والزعاماتية المرضية والوصاية على الشعب.

 

أحمد السميعي

جيلاني العماري

حفناوي بن عثمان

سيدة الحراثي

صالح المطيراوي

عبد الله عاشور

عبد الوهاب الكافي

محمد الصحبي بالحاج

محمد الحبيب المستيري

محمد ظافر عطي

منير الضيف

نبيل صوة


 
تعرض الأستاذ المنصف الوهايبي إلى اعتداء مريب يوم الجمعة 18 نوفمبر 2005 بالقرب من منزله الكائن بطريق حفوز- القيروان- حيث وقع طرحه أرضا من قبل مجهولين كانا يمتطيان دراجة نارية مما تسبب في أضرار بيده .    وهيئة الفرع التي تشجب بشدة هذا الاعتداء و  تتمنى الشفاء العاجل  للأستاذ الوهايبي حتى يواصل إبداعه الأدبي والشعري فإنها تعبر عن خشيتها من  ان يكون للاعتداء علاقة بنشاطه السياسي والنقابي وان يكون حلقة من حلقات الاعتداء على النشطاء السياسيين والحقوقيين التي ازدادت وتيرتها في بلادنا بمناسبة قمة المعلومات.   لذا فإننا نعبر عن مساندتنا المطلقة للأستاذ المنصف الوهايبي ووقوفنا إلى جانبه، كما نطالب السلطات الجهوية  بفتح تحقيق سريع وجّدي  في موضوع الاعتداء لإنارة الرأي  العام وكشف الجناة.   عن هيئة الفرع  مسعود الرمضاني

الاتحاد لعام التونسي للشغل الاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان بيان
ان المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل الملتئم في جلسة يوم 17-22-2005 ، وبعد تدارسه لأوضاع الحريات بتونس التي مافتئت تتردى يوما بعد يوم ، ومن منطلق كون الاتحاد العام التونسي للشغل جزاء لا يتجزاء من المجتمع المدني وشريكا فاعلا لمختلف مكوناته في السعي إلى مناخ اجتماعي وحياة سياسية متطورة. 1- يعبر عن مشاعر الاشمئزاز من زيارة الوفد الصهيوني لتونس في خطوة لا تحترم شعور عموم التونسيين وتلتف على مطالبهم الداخلية . 2- يساند الاتحاد الجهوي للشغل بقابس في الموقف الذي اتخذه أخيرا تعبيرا عن استهجانه لزيارة الوفد الصهيوني لبلادنا ولمنطقة قابس. 3- يوجه تحية إكبار للمضربين عن الطعام من اجل مطالب مشروعة – الحق في التنظم وحرية التعبير وسن العفو التشريعي العام- كما يثمن المساندة الواسعة لحركة الإضراب. 4- يندد بما تعرضت له جمعية القضاة من تشتيت لقيادتها والاستيلاء  على مقرها رغم كونها منتخبة ديمقراطيا ويعتبر ذلك ضربا لاستقلالية القضاء. 5- يساند نقابة الصحافيين ويعتبر مطلبها في النشاط القانوني تعبيرا عن حس مدني وديمقراطي راق. ويطالب دون تحفظ بحرية التعبير وبرفع الوصاية عن الإعلام. 6- يطالب برفع الحصار عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لانجاز مؤتمرها ومواصلة نشاطها في استقلالية تامة. 7- يدعم الهيئة الوطنية للمحامين في مطالبها ويطالب السلطة بفتح حوار جدي معها لإصلاح قطاع المحاماة . عاش الاتحاد العام التونسي للشغل حرا مستقلا ومناضلا   عن المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان الكاتب العام حسين العباسي


الاتحاد العام التونسي للشغل النقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي   تونس في 21نوفمبر 2005   بيان
يستنكر المكتب التنفيذي للنقابة العامة للتعليم لعالي والبحث العلمي بكل شدة الاعتداء بالعنف الشديد الذي تعرض له الزميل منصف الوهايبي الاستاذ بكلية الاداب والعلوم الانسانية والشاعر المعروف من قبل عناصر مشبوهة قرب منزله بمدينة القيروان ليلة الجمعة 18 نوفمبر 2005 ، ويطالب بتحقيق فوري حول هذا الاعتداء السافر وتتبع مرتكبيه ومن يقف وراءهم . كما تعبر النقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي عن تضامنها مع الأخ منصف الوهايبي وكذلك مع المناضلين الحقوقيين والطلبة الذين تعرضوا إلى المضايقات والتعنيف.     عن المكتب التنفيذي للنقابة العامة الكاتب العام أنور بن قدور
 

 

سويسرا تحتج لدى تونس

 

احتجت الحكومة الفدرالية لدى تونس على إثر الرقابة التي تعرض لها الخطاب الذي ألقاه الرئيس السويسري سامويل شميت في قمة مجمتع المعلومات. من جهته، سيتقدم مارك فورر، مسؤول العمليات في الوفد السويسري إلى القمة، بشكوى إلى الاتحاد الدولي للاتصالات، منظم القمة.

 

استُـدعي السيد عفيف الهنداوي، سفير الجمهورية التونسية لدى سويسرا بعد ظهر يوم الأربعاء 23 نوفمبر الجاري من طرف وزارة الخارجية السويسرية. وقد أبلغه السيد بول فيفا، رئيس الدائرة السياسية الثانية في الوزارة (المعنية بإفريقيا والشرق الأوسط)، شفويا الاحتجاج الرسمي للسلطات السويسرية.

 

وأوضح جون فيليب جانرا، المتحدث باسم وزارة الخارجية لسويس انفو بأن « الحكومة الفدرالية قد كلّـفت أيضا مارك فورر بمراسلة الاتحاد الدولي للاتصالات، المنظم للقمة العالمية لمجتمع المعلومات »، ويعني هذا، بشكل أوضح، أنه يجب على مسؤول العمليات في الوفد السويسري، الذي تحوّل إلى تونس الأسبوع الماضي، أن « يحتجّ ضدّ مُـجملِ العقبات التي وُضِـعت بوجه حرية التعبير وعمل الصحفيين خلال انعقاد القمة » في العاصمة التونسية.

 

وكان صُـحفي قد تعرّض إلى اعتداء عنيف على هامش الاجتماع، كما تمت مضايقة العديد من زملائه خلال تغطيتهم لتحركات المجتمع المدني التونسي والدولي.

 

إضافة إلى ذلك، لم يتمكّـن المشاركون في القمة داخل مقرّ انعقاد المؤتمر من الدخول إلى مجموعة من مواقع الانترنت (من بينها موقع سويس انفو)، التي تتعرض للحجب من طرف السلطات التونسية.

 

رقابة على خطاب الرئيس

 

يجدر التذكير بأن سويسرا التي احتضنت في جنيف الشطر الأول من القمة العالمية لمجتمع المعلومات في شهر ديسمبر 2003، كانت ضيف الشرف في قمة تونس (16 إلى 18 نوفمبر 2005).

 

وبهذه الصفة، مثّـل رئيس الكنفدرالية لهذا العام السيد ساموييل شميت سويسرا في حفل افتتاح القمة يوم الأربعاء 16 نوفمبر الجاري في تونس. وقد ندّد في خطابه – بشكل غير مباشر، ولكن بشدّة – بأوضاع حقوق الإنسان في تونس.

 

حفل الافتتاح كان يُـنقل مباشرة على الهواء من طرف القناة التلفزيونية الرسمية التونسية، لكن تمّ قطعه بشكل مفاجئ في اللحظة التي هاجم فيها سامويل شميت الأنظمة القامعة للحريات، متطرّقا بذلك بشكل غير مباشر إلى نظام الرئيس بن علي.

 

يُـضاف إلى ذلك، أن ترجمة خطاب الرئيس السويسري، التي وزِّعَـت في مقر انعقاد القمة في قصر المعارض بالكرم، حُـذفت منها الفقرات « غير المرغوب فيها ».

 

انتهاك لحرية التعبير

 

من جهته، وزير الاتصالات السويسري موريتس لوينبيرغر صرّح يوم الأربعاء 23 نوفمبر الجاري لممثلي وسائل الإعلام في برن أن « الرقابة التي تعرّض لها خطاب سامويل شميت، تعتبر انتهاكا لحرية التعبير ».

 

كما انتقد الوزير، الظروف التي دارت فيها الندوة الصحفية التي عقدها في تونس في اليوم الموالي للافتتاح (17 نوفمبر). وقال الوزير: « خلال هذه الندوة الصحفية، تواجد أشخاص لم يكونوا صحفيين، وقد هاجم هؤلاء الأعوان سويسرا، باعتبارها بلد الأموال الوسخة ».

 

سويس انفو مع الوكالات

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 24 نوفمبر 2005)


 

غياب شركاء رئيسيين في قمة لدعم الشراكة الاورومتوسطية

 

بروكسل (رويترز) – يسعى زعماء الاتحاد الاوروبي ودول حوض البحر المتوسط الى تنشيط شراكتهم التي بدأت قبل 10 سنوات في اول قمة لهم من المقرر ان تبدأ يوم الاحد لكن غياب عدة شركاء اساسيين حد من الطموحات المبدئية.

 

ويقول خبراء انه بعد عقد من توقيع الاتحاد الاوروبي اتفاقية تجارة ومساعدات وحوار مع عشرة من دول جنوب وشرق المتوسط والتعهد بانشاء منطقة تجارة حرة بحلول عام 2010 ودعم الاصلاح السياسي وحقوق الانسان كانت الانجازات متواضعة.

 

وانفق الاتحاد الاوروبي (20 مليار يورو) 23.56 مليار دولار نصفها في صورة منح والنصف الاخر في صورة قروض وأغلبها وجه نحو مشروعات التنمية لكنه لا يمكنه الاشارة سوى الى تقدم ضئيل تحقق بخصوص التحول الى الديمقراطية أو الحقوق المدنية وبعض الاصلاحات الاقتصادية التباينة في البلدان العشر التي ابرم معها الشراكة.

 

وقال خوسيه مانويل باروزو رئيس المفوضية الاوروبية في مؤتمر صحفي « لا ينبغي التقليل من حقيقة انه يمكننا جمع 35 حكومة على أعلى المستويات لمناقشة بعض من اصعب القضايا التي تواجهنا اليوم.

 

« لكننا لدينا ايضا كثير من الامكانات التي لم يتم استغلالها في تلك العلاقة. »

 

وستكون تلك القمة هي الاولى وتستمر يومان. وكانت الاجتماعات السابقة تعقد على مستوى وزراء الخارجية.

 

وكان الصراع الاسرائيلي الفلسطيني يتسبب دائما في اعاقة التقدم في التعاون السياسي والامني رغم ان ذلك هو المنتدى الوحيد متعدد الاطراف الذي يلتقي فيه العرب والاسرائيليون بانتظام لمناقشة التعاون.

 

ويقول بعض المنتقدين ان الولايات المتحدة كان لها تاثير من خلال حملتها لتحقيق المزيد من الديمقراطية في العالم العربي على مدى العامين الماضيين أكبر مما حققه الاوروبيون على مدى عقد مما يعرف في اصطلاحات الاتحاد الاوروبي بعملية برشلونة.

 

وقالت ناتالي توكسي من معهد الجامعة الاوروبية في فلورنسا « فيما يتعلق بالتجارة.. اتخذت بعض الخطوات الى الامام.. ولكن فقط بخصوص البضائع الصناعية وليس الزراعة او الخدمات التي تمثل نحو 70 في المئة من اقتصادات تلك الدول. »

 

واضافت « استخدمت المساعدات لتحسين البنية التحتية في المنطقة خاصة في مصر.. لكن عملية برشلونة لم تفعل شيئا من شأنه ان يشجع على ادخال اصلاحات اقتصادية أو سياسية حقيقية. »

 

وكانت اسبانيا تامل في ان تجعل الذكرى العاشرة حدثا مدويا يجمع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون وزعماء عرب لم يلتق بهم قط مثل الرئيس السوري بشار الاسد والزعيم الليبي معمر القذافي.

 

لكن التحقيق الذي تجريه الامم المتحدة في اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري الى جانب ما تشهده الساحة السياسية الاسرائيلية من تغيرات قد اعترضا طريق ذلك.

 

ويعيش الاسد ونظيره اللبناني الموءيد لسوريا اميل لحود في عزلة دبلوماسية بسبب التحقيقات في اغتيال الحريري واقنعا بعدم الذهاب الى برشلونة رغم ان رئيس الوزراء اللبناني الاصلاحي فؤاد السنيورة سيكون هناك.

 

وانسحب شارون بعد انهيار ائتلافه الحاكم كما استقال من حزب الليكود ودعا الى اجراء انتخابات مبكرة. ولن يشارك ايضا ملكا المغرب والاردن اللذان ينظر اليهما على انهما ابرز اعضاء التعاون الاورومتوسطي.

 

وقال باروزو « هؤلاء الذين سيتغيبون مخطئون. »

 

وسيشارك جميع زعماء دول الاتحاد الاوروبي الخمس والعشرين الى جانب الرئيس المصري حسني مبارك اكبر الزعماء العرب في الشراكة ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي بدات بلاده الشهر الماضي محادثات الانضمام الى الاتحاد الاوروبي.

 

ومن المفترض ان يكون الانجاز الرئيسي للقمة التوصل الى اتفاقية مبادئ بخصوص مكافحة الارهاب وبرنامج عمل مدته خمس سنوات يشمل تعهدات بدعم الديمقراطية وحرية التعبير وسيادة القانون والحكم الرشيد في منطقة تفتقر الى كل تلك المبادئ.

 

وقال دبلوماسيون انه لا يزال هناك خلاف حول صياغة بيان الارهاب حيث تسعى الدول العربية الى التفريق بين الارهابيين والذين يقاتلون من اجل تقرير المصير. ويعارض الاتحاد الاوروبي اي قيود على تعريف الارهابي.

 

وقال رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس رودريجيث ثاباتيرو امام البرلمان هذا الاسبوع ان القمة ستوسع من التعاون الاورومتوسطي ليشمل مجالات جديدة تحظى بالاولوية مثل الهجرة والعدالة والامن والتعليم وحقوق المرأة.

 

ووفقا لمشروع الوثيقة الذي اطلعت عليه رويترز فلن يرفع الاتحاد الاوروبي من مستوى المساعدات التي يقدمها والتي تبلغ مليار يورو في العام في صورة منح ومليارين في صورة قروض لكنه يعتزم توجيه المزيد نحو الدول التي تجري اصلاحات مثل الاردن او المغرب.

 

من بول تيلور

 

(شارك في التغطية ادريان كروفت في مدريد ومادلين تشامبرز في لندن)

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 24 نوفمبر 2005 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


بسم الله الرحمن الرحيم

 

ما بعد 18 أكتوبر: المشروع الوطني التونسي إلى أين؟

الأستاذ عز الدين شمام

Chammam2005@yahoo.fr

 

يجدر أن لا نبالغ في تحميل محطة 18 أكتوبر كجولة نضالية أكثر من سقفها، والتوقعات التي صاحبتها.

ربما تكمن رمزيتها في أنها مثلت نقلة في واقع المشروع الوطني التونسي في مواجهة سلطة 7 نوفمبر على امتداد 15 سنة الماضية، والذي طبعته مسحة احتجاجية، ونزوع حقوقي هو ترجمة لمعاناة ألاف التونسيين، وما لحق بهم طيلة سنوات الجمر والدمع.

 

والمتأمل في حصاد المرحلة يلحظ أن سلطة 7 نوفمبر خبرت جزء من أداء المعارضة، وكيفت نفسها مع هذا المناخ الاحتجاجي، بحيث أتقنت فن الالتفاف على مطالباتها، مستثمرة حالة التشرذم التي ميزت المجتمع المدني والسياسي.

 

كان رهان السلطة صناعة استقطاب عريض يعزل التيار الإسلامي، ويستجيب نسبيا لمطالب الإصلاح الأمريكي، بإفراز نخبة سياسية وفكرية على المقاس، و إحاطة المجتمع السياسي والمدني بسياج عازل، يحجب قوى عريضة عن الشرعية والتمثيل، وهو ما يسهل فاعلية قوانين محاربة الإرهاب.

ولكن جرت أقدار المجتمع والتاريخ بما لم تشأ مشيئة السلطان، فقد مثلت محطة 18 أكتوبر ولادة استقطاب جديد، يمكن تلخيصه في جبهة المعارضة الوطنية من جهة، والسلطة وتوابعها من جهة أخرى.

 

ولكن يبدو أن ذلك ما يزال في طور جنيني، يحتاج إلى جولات جديدة من التحالفات، وبناء الثقة، وصولا إلى إفراز رمزية قيادية واعية بشروط المرحلة، وتحولها إلى قوة نوعية تخرج من أسر الاحتجاج والمطالبة، إلى رسم أجندة سياسية، هي عنوان ثقافة جديدة تفرض التغيير، ولا تطالب به، وممارسة مدنية وطنية تنقل المواجهة مع السلطة إلى الصراع على أساس برنامج سياسي بديل يبدآ بإطلاق الحريات العامة، والعفو التشريعي العام.

 

لقد صنعت حركة 18 أكتوبر دينامية داخلية أحسنت ربطها بدينامية خارجية عنوانها قمة المعلومات، ولعل هذا التوحيد في المكان والزمان بين اللحظتين، تؤكد لكل من أصابه البرود النضالي أن الفعل النضالي ليس له حدود، وأن المناضل يمكن أن يبدع حيث لا يكون متوقعا.

 

لقد سرّعت الدينامية الخارجية بتسليطها الأضواء على الداخل التونسي بتعرية السلطة، ووضعها في الزاوية الحادة، وأبانت عن حجم الفجوة التي تفصل الحطاب عن الممارسة، حتى غدا الحديث عن الفجوة الرقمية في قمة المعلومات غير مفهوم، دون ربطه بعمق الفجوة التي تفصل سلطة 7 نوفمبر عن ضمانات الحقوق، والحريات التي يتمتع بها التونسي.

 

إنه بالقدر الذي ارتكست فيه السلطة، وعجزت عن الدفاع عن صورتها، نجحت حركة 18 أكتوبر في إسماع مطالبها ووضعها على طاولة القرار الدولي.

 

 

إن الخطوة القادمة هو الذهاب قدما إلى قلب القرار الدولي، والمعادلة الدولية التي تضع بلادنا كغيرها على طريق الحرية، لتفعيل الضغوط، إذ بقدر ما نحسن تحديد أجندتنا الداخلية يجب أن يكون ذلك متكيفا مع المناخ العالمي، وليست الحلول في المحصلة الأخيرة إلا عالمية.

 

انه في الوقت ذاته الذي نبني فيه جبهة الداخل الوطنية، نبني جبهة الخارج لخوض معركة سياسية دبلوماسية دون أن يكون ذلك استقواء بالخارج، ومسا بالاستقلال الوطني.

 

على هذا الأساس يحتاج المهجريون التونسيون إلى إعادة بناء تصورهم السياسي، في تعاقد وثيق مع الهم الداخلي، ففي حين ينهض الداخل بمعركة الحرية، ينبض قلب الخارج بالعودة، ليس كتتويج أو استنفاذ للجهد ، أو تبرم بضيق الخيارات وفداحة المأزق ، فالعودة في سياق النقلة الحاصلة في المواجهة مع سلطة 7 نوفمبر، تتحول إلى ساحة معركة جديدة ، ومضمون سياسي وإعلامي ودبلوماسي يتقاطع مع مستحقات الصراع الأخرى..

 

إن العودة هنا ليست مجرد حلم ينهي كابوس سنوات النفي والتهجير، وليست مغامرة في المجهول، وإنما جولة على طريق جر السلطة إلى مناطق بكر لم تعهدها في ثقافتنا السياسية، وممارستنا المدنية، ومنطقة خارج تفكيرها وإدارتها، يفرض عليها تعاطيا غير مسبوق.

 

لقد فهمت العودة عند الكثير على أنها طرق مجاني لباب الوطن، ولكن العودة التي نعتبرها محطة من محطات إدارة الصراع، تتطلب إعدادا سياسيا، يبدأ ببناء جبهة وطنية، تكون من أهدافها توفير شروط عودة الرمزية القيادية السياسية والفكرية للمشروع الوطني التونسي، ممثلا في وجوه التيار الإسلامي، ورموز من التيار اليساري، والوطني إجمالا، إنها بهذا المعنى الرمزي تصليب لجبهة الداخل، وفرض لحل شامل في قضية الحريات، وردم لهوة عميقة بين أجيال من فاعليات المشروع الوطني التونسي.

ولكن ذلك مشروط بحوار وطني واسع، وتفعيل أدوات التمثيل المهجري، واختبار قدرة المعارضة على التعاطي مع القرار الدولي بالتوجه إلى القوى النافذة، سواء أكانت منظمات دولية أو قوى لها مصلحة حقيقية في إنهاء حالة الاحتقان السياسي، والانسداد المدني، بتوفير شروط المشاركة وإعادة النظر في جملة الاشتراطات التي أخذتها السلطة على نفسها.


 

 

هموم تونسية 3

  

كتبها عبدالحميد العدّاسي

 

انقضت إذن قمّة المعلوماتية و مرّت أيّامُها الثلاثة تاركة لنا فرصة الحديث عن بعض الأشياء أو الظواهر التي برزت خلالها و منها:

الكذب: لم يزل النّظام التونسي بهيآته الرسمية أو بأزلامه من أمثال بسيس و الملّولي وغيرهما ( ذكر الأسماء ليس للتشهير بهم و إنّما لأخذ الحوطة منهم ) يكذب و يتحرّى الكذب حتّى أذلّه الله فكشف عورته، و ذلك لمّا تعدّى أذاه التونسيين المجاملين، فطال بعض الضيوف المنتسبين إلى الكيانات الغيورة على أهلها و أفرادها… و مواطن الكذب كثيرة أتى على ذكرها مشكورين السادة الذين سبقوني بالكتابة على صفحات هذه الغرّاء أو غيرها من الصحف، لعلّ أبرزها على الإطلاق القول بأنّ الاستدعاءات كانت خارجة عن إرادة الإدارة التونسية. فقد ثبت لدى الجميع أنّ الأمم المتّحدة لم تستدع أحدا إلى قصر قرطاج و لم تطوّف بأحد عبر الكنّس اليهودية و لم تتجوّل بأحد في جربة و لا في قابس… 

التذلّل على الصهاينة: وهي لعمري نتيجة حتميّة لمن تكبّر على الله ثمّ على أهله ( أعني أهل بلده ) من الضعفاء، فإنّه من اعتزّ بغير الله ذلّ. و والله لن يزيد بإذلال قومه و ظلمهم إلاّ بعدا من الله       و هوانا على النّاس، و لعلّ ما ذهب إليه هذا الوزير الصهيوني من السخرية من رأس الحكم في تونس الجريحة – حسبما أوردته جريدة السفير اللبنانية – إلاّ بعضا من ذلك الذلّ و الإذلال، و لعلّ صاحب بصيرة لا يُخرج حفرة صدّام و قمّله و ثورة شعره و الحال التي رُئِي عليها إبّان القبض عليه من طرف  » الفاتحين  » عن هذا المعنى، و لعلّ نهاية مماثلة تنتظر صاحب التغيير ( لا قدّر الله )إن لم يسارع إلى مصالحة أهله الأصليين و يجافي  » أهله  » المستهزئين به من الصهاينة المعتدين.

اللاّواقعيّة: لعلّها النقطة الصعبة التي لا يستطيع المرء التوسّع فيها طالما اقتصر دوره على الجلوس أمام الحاسوب، إذ  » المتفرّج فارس  » كما يقول المثل التونسي، غير أنّه يمكنني الحديث عن لاواقعية الشعارات المرفوعة القائلة بأنّ شارون  » سوف لن يطأ تونس إلاّ على أجسادنا و جماجمنا « ، ذلك أنّ الشارع في غالبيته العظمى – للأسف الشديد – لا يزال بعيدا عن سماع و مناصرة هذه الشعارات، ربّما بسب العقدة التي أصابته جرّاء ما لاقى و يلاقي خيرةُ شبابها ورجالاتها الصالحين من محاكمات جائرة و سجن و تضييق و تقتيل و ملاحقة و متابعة. و عجبا لشارون كيف جبُن هذه المرّة ( وهو في تركيبته جبان )، فلو عزم الزيارة لأُفرِغ له قصرُ قرطاجَ لإقامته و ذويه من بني صهيون.

بعد هذا أعود إلى مَا صاحَبَ الأيّام الخوالي من أنشطة، فقد بادر السبعة أو الثمانية إلى إضراب عن الطعام منذ يوم 18 أكتوبر، و قد ظلّ الحدث ينمو و يستقطب الداعمين من حوله حتّى غدا شارة يُتوجّه بها في أرض تونس السجن، واسما يجري ذكره على كلّ الألسنة التي تعطّش أصحابها إلى تقديم ما ينفع البلاد و العباد. و لئن نجحت « حركة 18 أكتوبر » في جمع ثلّة من أبناء تونس، غير مراعية لتوجّه في الفكر أو لمُستوى في التديّن، فقد فشل المناصرون- أحسب – في نكران ذواتهم و الذوبان في بوتقة الذات التونسية. و لعلّ في اسقاط اسم الأستاذ محمد النوري سهوا من طرف الرابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الإنسان عند نشر بيانها الأوّل، و في كثرة اللجان التي قد تكون أحادية التكوين في بعض الأحيان ما يسند هذا الزعم ( لا أعني الكثرة المترتّبة عن تعدّد الجهات الترابية ). كما تميّزت بعض الكتابات الصادرة في الفترة ذاتها بالالتفاف حول الأسماء البارزة من أمثال الأستاذ عبّو ( و لا مزايدة علينا في مناصرته ) و مجموعة جرجيس، دون الانتباه أو التأكيد على المئات ممّن وُصفوا من قِبل بعضهم بمساكين النهضة، و دون التذكير بأنّ إضراب الثمانية إنّما جاء بناؤه على عرصات عشرات الإضرابات داخل السجون التونسية المقيتة.

صنف آخر دأب على إثارة بعض المسائل التي لا تستند إلى منطق واضح و لا تعتمد كثيرا على الواقع، لعلّ منها هذه المؤاخذات المتكرّرة لحركة النهضة و قيادتها. فالجميع يعمل و يخطّط و يبني الحصون السياسية في البلاد و يحوز على الأنصار و يكثّر السواد من حوله، باستثتاء هذه الحركة العجوز القاصرة، وأبنائها ممّن نخر صدأ المهجر عظامهم و عطّلت بُحبوحتُه أفكارهم حتّى صار زعيمهم مجرّد كاتب صحفي من درجة ثانية أو ثالثة، يكرّر ما يقف عنده الصحفيون المهرة النوابغ ولا يفقه حتّى معنى القيادة، ممّا حدا بودّ الريس استعراض ما جاء في لسان العرب تذكيرا له وإفهاما، حتّى رأيت الشيخ حبيسا بين الريّس وودّ الريّس، ذاك يلوم فيه الفعل وهذا يستغرب فيه عدم الفعل.

الملفت أنّ أحدا لم يقف بالشرح على سرّ  » شجاعة البعض و جبن البعض الآخر »، فلماذا قدر مثلا هذا وذاك على زيارة البلاد في أكثر من مرّة و لم يقو هذا الشيخ على الزيارة و لو مرّة رغم النداءات المتعدّدة الصادرة عن بعض الغيورين على الشأن التونسي.

أحسب أنّ النهضة قد بيّنت كلّ أدبياتها فصارت معلومة، و حاولت الحوار فاستغشى الجميع ثوبه ونأى بنفسه ليتركها وحيدة طعمة سائغة للآكلين. وهي اليوم لم يُفتقد أبناؤها أبدا في مكان فيه مناصرة مظلوم أو إجابة داع للحقّ، غير أنّ الظرف يقضي بأن يتصدّر قيادة التغيير تونسيون آخرون من خارخ جسمها، فلعلّهم أن يكونوا أحكم منها، فيجلبوا لتونس ما عجزت هي عنه، وهي لعمري ضالّتنا جميعا: أن نجلب الخير لتونس. بل لقد رأيت من الشجعان الواقعين في حقل نظر اللائمين على النهضة المنزوية على نفسها، من يمنّي النفس بانزوائها و ابتعادها وقتيا عن منطقة الفعل الواقع تحت الأضواء ورأيته شديد الفرح لاستجابتها…

أحسب أنّ الشجاعة اليوم، هي في الصبر عن الفعل – أكثر ممّا هي في الصبر عليه-  مراعاة لمصلحة العمل و لمصلحة تونس. كما أحسب أنّ النهضة و إن ابتعدت عن الصدارة، فإنّها لن تقوى على عدم المناصرة، كما أنّها لن تقوى على طعن أحد في ظهره كما فعل الذين من قبلها بها…

 


 

 
  الأحداث الإعلامية والاستعراضية وصناعة الأحداث كلها عناصر تخدم فكرة وأهداف يروم أصحابها تحقيقها على أرض الواقع. الآن ماذا ستقول المعارضة للشعب التونسي؟ ما هي الأهداف التي حققتها له؟ الحكم عل الذي سبق بأنه استعجال للنتيجة، مقبول. ولكن أين أهدافكم التي ستعملون من أجلها وأين خطوات عملكم لمدة خمسة أو عشر سنين حتى ينخرط معكم الناس. ومن أنتم؟ من تمثلون؟…
 
إن المعارضة إذا لم تتحالف اليوم بصفتها أحزابا و جمعيات مدنية فسأعلن، كمواطن تونسي، إفلاسها لأن لا أحد يعلن إفلاسه بل عادة ما يغرق المفلس في الدين والارتهان. إن المعارضة إذا لم تتحالف اليوم لتعمل على تحقيق الأهداف التي دعت إليها في إضرابها وهي حرية التعبير وحرية التنظم والعفو التشريعي العام وقد رأت قوتها مجتمعة لن تحقق شيئا للشعب التونسي. عدم تحالف المعارضة حول هذه الأهداف سيجعلنا نتساءل: حول جدية هذه المعارضة؟ وحول مدى إيمان هذه المعارضة بما تعمل من أجله؟ واقتناعها بأن هذه الحقوق للجميع؟
 
 بدأت السياسة في تونس بعد الاستقلال معتمدة على الشارع وأدبيات الثورة المخمرة للانقلاب. ثم تحولت مع منعرج بن بريك على الاعتماد على الغرب كحامي إعلامي وفضايحي.
 
في السابق كانت رموز المعارضة تحرك الشارع والآن رموز المعارضة تتحرك وحدها وبدون شارع. فهل هذا لأن المعارضة أصبحت اليوم بدون سند شعبي؟ وتباعا، أظهرت ما كانت تخفيه من تبعيتها للغرب وتعويلها الكامل على حمايته وقدرته على التغيير في بلدانها؟ وهذا يجعلنا نتساءل  أكانت حركة  18 أكتوبر حركة تعميد قبل الصلوات؟ بما تعنيه من إرادة التوجه نحو الشعب. أم مجرد توبة على ما فرطته هذه النخبة في جنب الحرية أثناء ضرب النهضة وأتباعها؟
 
إن عدم تحالف المعارضة سيجعلها كالكواش الذي يحمش ويحترق ليصنع ألف خبزة ولا يأكل إلا خبزة واحدة.
 
نعم لقد أسمعنا الغرب تضامنه معنا واحترام الحريات في تونس. ولكن في نفس الوقت استغل الغرب قمة مجتمع المعلومات ليروج لإسرائيل في تونس، ويغط على انتهاكه حقوق الإنسان في العراق وفي الأحياء المهمشة وفي منعه الحجاب. ويغطي على سياسات الاندماج الفاشلة. كما استغل المناسبة ليقول أنه لا يساند الدكتاتوريات وهي في ظلمته تعشش ومن خبزه تقتات.
 
لقد فرحنا بوقوف فرنسا بجانب العراق ضد أمريكا ولكن اكتشفنا بعد ذلك أن فرنسا لم تفعل شيئا إلا ادخار سمها لخنجرها حتى تضرب لبنان وسوريا. والظاهر أن العرب مازالوا يتفاضلون سيكس وبيكو. فحالهم مثل اثنان يدافعان، الظهر إلى الظهر ملتسقان، ووجه الأول ضد سيكس وجه الثاني ضد بيكو، وعندما تطير قطرة دم على سيكس يضنها الأول أنها من دم بيكو في حين أنها لم تكن إلا من دم أخيه.
 
وعندما يخرج الشيخ القرضاوي عن نسقه من دعوة إلى حوار الأديان وإلى حوار الثقافات وإدانة الإرهاب إلى إدانة الأنظمة الأوروبية لا بد أن نقف للتأمل وإعادة الحسابات. يقول الرجل*:
 
« إن المسئول الأول عن ضياع حقوق الإنسان في العالم العربي هم العرب أنفسهم وليس الغرب ».
 
وأضاف الشيخ القرضاوي: « أن ما قامت به أمريكا والغرب من ضرب للمسلمين في العراق وغيرها بالقنابل الفسفورية والعنقودية والغازات المحرمة، إنما كان ذلك لأنهم يستخدمونها مع إنسان لا حقوق له ».
 
واعتبر القرضاوي « أن ما تتشدق به الدول الغربية، وخاصة أمريكا، من الدفاع عن حقوق الإنسان والمحافظة على الإنسانية، وأنهم رعاتها وحماتها، لا يخص الإنسان العربي؛ لأن العرب عندهم لا حقوق لهم ».
 
وقال القرضاوي « إن أمريكا لا تنفرد بذلك ولا دولة دون دولة، فما قامت به أمريكا وما تقوم به، قامت به فرنسا في الجزائر وإيطاليا في ليبيا وهولندا في أندونيسا، والإنجليز في بلاد شتى ». (ومازالوا يقومون بهذا الدور)
 
وأضاف الشيخ القرضاوي: « هؤلاء هم أول من يجور على حقوق الإنسان، فهم يرعون حقوق الإنسان في بلادهم، أو الإنسان الغربي حيثما كان، بينما الإنسان المسلم أو الإنسان الشرقي فحقوقه مضيعة »**
 
المعارضة التونسية وهيئات المجتمع المدني ضحية ضعفها وليست ضحية عدوها. أين إجاباتكم يا أحزاب المعارضة على ما يدعى إليه اليوم من تكوين جبهة وطنية أو حكومة مجتمع مدني؟ ولماذا لم تكن إجابتكم في البيان الختامي لحركة 18 أكتوبر؟
 
إنني أخشى أن تكون أحزاب المعارضة قد وظفت القمة ـ وهي لا تدري ـ لتزيد بن علي شعورا بقوته ويزيدها وهما بالنصر وبالشرعية، وهي التي تخلى عنها أتباعها والشارع التونسي. فكل من في آخر عمره يريد التكريم والمجاملة. فهل كانت حركة 18 أكتوبر قمة ما ستقدمه أحزاب المعارضة لنفسها ولشعبها؟؟؟
 
المعارضة التونسية، إلى حد الآن على الأقل، لا تفهم لغة الثور الأبيض والثور الأسود وإنما لغة الثور الاسباني***.
 
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
 
ود الريّس  

wederreiss@yahoo.fr ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* إسلام أون لاين.نت/ 18 – 11 – 2005
** وقد ساعد علماء المسلمين في إنقاذ صحافييهم ولم يتكلموا عما يقع لإخوانهم في تونس: اقرأ ما كتبته في الصمت وصمت علماء المسلمين. ومع إجلالنا للشيخ ولوقوفه إلى جانب شعب تونس. ولكن التعريض لا يكفي أمام تصريح كل العالم. يقول القرضاوي: » وقال الشيخ « إن من أجلى مظاهر ضياع حقوق الإنسان العربي، المحاكمات العسكرية للمدنيين، وإلقاء الأبرياء في السجون بدون تهم، بل الحرمان من تكوين أحزاب على أساس ديني، بحجة أنه لا يجوز قيام حزب على أساس ديني، والأدهى من ذلك أنه يسمح بتكوين حزب على أساس إلحادي »انتهى كلام الشيخ القرضاوي.
*** فمهمة الثور الإسباني أن يموت من أجل أن يستمتع المتفرجون


 

رمـوْك عن قـوس واحــدة

صابر التونسي

 

تابعت يا سيادة الرئيس بكل فخر! واعتزاز! ككل تونسي غيور أحداث قمة المعلومات التي عقدت في تونس وإنني أهنئك سيادة « الرّيّس » على هذا النجاح الباهر فقد عبرت بالقمة بحارا متلاطمة وصارعت أمواجا عاتية وقهرت القراصنة بأنواعهم رغم تقدم سنك وآثار المرض الذي بدا واضحا في ملامحك ونبرتك!

 

وبعد الوصول إلى شاطئ النجاة سالما لا يهم إن تكسرت بعض أخشاب المركب أو تمزقت أشرعته فأصدقاؤك وأحبابك سيمدون لك يد العون المادي والمعنوي لإصلاحه وتجديده!

 

لقد أثبت « سيدي » أنك نقلت شعبك وبلادك من حضيض الجهل والتخلف إلى مراتب متقدمة بين الأمم!

بل لقد بززنا كثيرا من الأمم المتقدمة في العلوم والتقنية وفقهنا كثيرا من التقنيات أفضل من منتجيها! فصار لكل جهاز عندنا بصمته الخاصة مما مكن  » أجهزتنا » من معرفة الطابعة التي طبعت البيانات والمناشير المتآمرة! وسارت أجهزة التنصت على الهواتف تسجل المكالمات المشبوهة أوتوماتيكيا وتصدر إشارات لتنبيه المعنيين! وأما موضوع القمة (الإنترنت) فلا يجادل مجادل أن أحدا قد أحكم السيطرة عليه ومسكه من ناصيته مثلنا! فليس هناك من شاردة ولا واردة تتعلق من قريب أومن بعيد ببلادنا أو قيادتها إلا غربله رجالك المخلصون! جنود الظلام! وميزوا غثه من سمينه وكفوا شعبنا شر الكيد والتآمر وضياع أوقاتنا الثمينة في المتاهات الفارغة!

 

وذلك ما نقمه منا المغرضون والحاسدون!

 

وبقدر إعجابي لأدائك الرائع بالقمة والإعداد لها ،عجبت من حلمك وصبرك على المغرضين! والحاقدين! من أمثال الرئيس السويسري الذي تجاوز أدب الضيافة وبالغ في استغلال كرمنا، وهرف بما لم يعرف  ولمز وغمز بأنه لا حرية للإعلام في بلادنا وأشار وصرح بأن بلادنا تسجن مستخدمي الإنترنت لأنهم من منتقدي النظام!

 

وددت « سيدي » لحظتها وهو مسترسل في كيل تهمه التي « شحنه » بها أعداء تونس من المعارضين المتآمرين! وأشباه الإعلاميين الفاشلين! أن أكون لك بمثابة « مسرور » عند الرشيد فأهوي بسيفي على عنقه وأطيح برأس « العلج » الوقح الذي شبه نفسه بالزعماء ثم تطاول عليهم! ومن هو حتى ينصب نفسه أستاذا ومعلما؟ ألم يعلم أنكم أعلنتموها منذ زمن بأنكم لا تتتلمذون على أحد! وأن « الحكمة » ما ترونه أنتم لا ما يشير به الآخرون!

 

إنه يا سيادة الرئيس مسكين كالهر يحكي انتفاخا صولة « الأسد » فهو رئيس بدون صلوحيات! لا يملك من أمر نفسه ولا رعيته شيئا! وبلاده على صغر حجمها مقسمة مجزأة! تعبث بها القبلية! وتتجاذب أطرافها ثقافات ولغات لشعوب مختلفة!

 

فأنى لمثل هذا القبلي أن يعطينا دروسا في الديمقراطية والحرية! ونحن من صحح هذه المفاهيم وغير مدلولاتها الخاطئة! وأعطاها مفاهيم جديدة! وضبطها بضوابط لابد منها لاحترام « النظام »! من قبيل لا حرية لأعداء الحرية! ولا ديمقراطية لأعدائها! ولا أمان لأعداء « الأمن »!

 

لقد أعجبني « سيادة » الرئيس الموقف « الشهم » و »الشجاع » من « أحرار » قناة سبعة عندما قطعوا عنه الإرسال فهو وأمثاله غير جديرين بمخاطبة شعبنا الحر الأبي من منارته الإعلامية بما يشوش أفكاره وينغص عليه عيشه! ولكن هذا الموقف أساءني لأمرين:

 

الأول أنه قد يوظف من المصطادين في الماء العكر ويستدل به على تكميم الأصوات المخالفة !

 

والثاني أنني حرمت من معرفة مدى الجهل والحسد الذي استحوذ على قلوب هؤلاء! فأعمى أبصارهم عن الإنجازات العظيمة في مجال  » الأمن » وحماية الإعلام من الدسائس!

 

كما حرمت من معرفة ردة فعلك لتأديبه وأمثاله! أم إنك تجاهلته ولم ترد عليه! لأن دعاويه باطلة ومغرضة ولاتستحق الرد!

 

بقي « ياسيادة » الرئيس أمر « دوخني » ولم أفهمه وهو قلة المنافحين عنكم وعن سياساتكم وتناقصهم يوما بعد آخر وضعف حجتهم مما قد يوحي للبعض بأنهم مأجورون مرتزقة لا يؤمنون بما يقولون!ولا همّ لهم إلا ما يجمعون! وقد بت أخشى أن أنظر حول لواء المدافعين عنكم ـ الذي أحمله ـ فلا أجد معي أحدا!

 

في المقابل يستميت أعداؤكم « أعداء » تونس في التشهير بكم وبسياساتكم « الحكيمة »؟ لماذا كل هذا التحامل؟ ما الذي يجعلهم يتوافقون؟ على فرقتهم الشديدة! ويرمونكم عن قوس واحدة بسهام متعددة!

 

لماذا يعرّضون أنفسهم للجوع حتى الهلاك؟ ومن الذي يدفع لهم مقابل ذلك العناء؟! أليس منهم امرؤ رشيد يعرف الحق فيتبعه ثم يحمل عليه غيره؟

 

والمهجّرون من هجرهم؟! ألم يخرجوا من حدود البلاد خلسة؟! ألم تطالب بلادهم باستعادتهم إلى « وطنهم » وبذلت في ذلك كل الوسع حتى « الرشاوي »؟! لماذا يصرخون في كل زاوية من العالم ؟! مطالبين بحق العودة التي لم يمنعهم منها أحد؟! ولو فعلوها لوجدوا كل « الأجهزة »  في انتظارهم!!

 

ولماذا يصرون على حرمان أبنائهم من رؤية أوطانهم؟! وهل قلّت وطنيتهم عن وطنية شالوم حيث عاد على متن طائرة خاصة يلوح بعلمين في نشوة لا تعدلها نشوة! لكنهم لا يستوون!

 

وهؤلاء المساجين ألا يكفيهم عقد ونصف من الزمان حتى تلين رؤوسهم ويتكسر عنادهم واعتزازهم بالإثم؟! أما آن لهم أن يؤوبوا ويتوبوا وقد ابيضت لحاهم في السجن!؟ لماذا يرفضون التمتع بصفح كريم من سيادتكم!؟ من أين لهم كل هذه القسوة والحقد؟! لماذا يرفضون العودة إلى أحضان أهاليهم!؟

لماذا يصرون على تجميد طاقاتهم وحرمان بلادهم منها!؟

 

إنه الجهل والحقد الأعمى قاتل الله أصحابه!

 


 

 

بالمقــلــوب:

أما آن لليلنا أن ينجلي ؟

الزاراتـــي – سبتمبر 2004

 

 

من االمسؤول… عن 50 سنة من المشي للوراء…عن 18 سنة اغتصاب متواصل لبلدنا… هل هذا قدرنا ؟ مالذي أدّى بنا إلى هذا الكابوس المتواصل الذي نعيشه منذ 7 نوفمبر 1987 المشؤوم؟ مالذي يسخّر بلدا يزخر بالطاقات البشرية المبدعة والفكر المنفتح وبالطبيعة الغنّاء ليكون في خدمة قزم نصف أمّي ؟ مالذي حوّلنا إلى عبيد وقناني للسيد الإقطاعي صاحب قطعة الأرض المسمّاة تونس؟ ماالذي يحدث ؟

 

تساؤلات قلب وعقل يؤلمه ما يحصل لبلده، التي انتهك عرضها شاذ نفسي جعل منها مزرعته الشخصية، لكن المشكل الأكبر أن آثار هذا الشاذ لم تقف عن كونها اغتصابا للبلاد وخيراتها ومكتسباتها، بل أدّت إلى تحوّلات إجتماعية ونفسية وسلوكية سوف نعاني منها لعقود طويلة قادمة، لقد تحوّل القسم الأعظم من التونسيين بفضل معجزة تحوّل السابع من نوفمبر إلى زيايين صغار (نسبة إلى زين الكافرين بن علي) يسيرون على نمط تفكيره ورؤيته للحياة، ومن لم تتح له الفرصة تراه قد اقتبس من نور شخصية القلال أو القنزوعي أو السرياطي، والأخر تغريه رائحة الصفقات المشبوهة وشراءات الذمم فيتبع مسلك مليكة والسحباني وآل البيت (حاشا آل الرسول ص)… أمّا عن متبعات ليلى فحدّث ولاحرج، فقد أصبحت تونسنا كلها « ليلات » همهن كسب المال والرقي بالوضع المادي…وهذا جيد، إلا في حال اتباع منهج مدام بن علي، فلا يقف أمامهن أي وازع ولا رادع، استوى الحال أمام طريق الدينار: العفة والشرف؟ لهم ثمن… تخطيط الحياة واختيار المحطات المهمّة وغير ذلك من المحطّات الأساسية كلّه صار على اعتبارات مادية ولاشيء غير ذلك… جيبك هو مقاسك.

 

من ينول رضى المسؤولين في إدارة ما ؟ ذلك المنافق المتملق لأسياده، الزاعق الناعق على مرؤوسيه، هذه من سمات المسؤول الكفء، لكن ذلك لايكفي، يجب أن يكون لديه ملف…فساد، « الناس النظاف برشة يخّوفوا « ، حتى ضربات صغار كغذاء وعشاء على الرايح من طرف الشركة صاحبة العرض، كذلك من المستحسن أن تكون لديه مغامرة نسوية « على الطاير » مع سكرتيرة أو زميلة…أو منظفة، لا يهم ! المهم أنه « وليدها » و »قفز » بهذه أو تلك، كذلك لابأس إن عرف عنه أنه سبّ الجلالة مرة أو اثنين في رواق الادارة غضبا من سائق تأخر أو سكرتيرة لم تنجز عملها… كل هذا يضع صاحبنا في خانة المرضيّ عنهم (خاصّة إذا كان لديه خيط ما يوصله لأعلى). أما فلان …صحيح هو « محراث » وكفء في شغله ومثابر ولاننكر أن الادارة تقوم على أكتافه… لكن … الادارة يلزمها شيء أخر…نموذج ومثال أعلى، نسخة من المسؤول المثالي، سيادته، صانع التحوّل…أو واحد من أعضاده… المسؤول المثالي لايجب أن يخرج عن دائرة معينة من السلوكيات تم تحديدها كضوابط رئيسية في العهد « الجديد »… أحسن لنا الخاتمة يا ربّ !!!

 

صار كل من جُبلت نفسه على الإباء والعزّة وأخلاقه تنزهه عن المفاسد والشرور…شاذا في عرف المجتمع، مغلوبا على أمره تدعو له أمه بالهداية علّه « يفيق على روحو » ويلتحق بالركب ويصير ذئبا كالبقية، ينهش لحم غيره، صار العفيف البعيد عن العلاقات المشبوهة والمغامرات الليلية (والنهارية كذلك)، والذي لم يشاهد بصحبة إحداهن في وضع مخلّ، هذا صار معقدّا مسكينا تنتظره صعوبات في حياته، وتنظر إليه الفتيات كـ »حابس » (واقف) و »طافي » لا يشبع ولايغني من جوع، وتجد البنت التي يتقدم لها أحد هؤلاء في قلق وحيرة من ماضيه « النظيف »… وكذلك البنات صرن يتندرن بتلك التي لم ترافق ولدا حتى سن العشرين !! « يقولون أنها معقدة ورائحتها كريهة » « بل هي مريضة ولاتعجب أحدا من الأولاد » هكذا يتهامسن حولها، بل تنبري بعضهن من طيبات القلب لمساعدتها وحل مشكلتها بالعثور على من يفكّ عقدتها، هاهو شاب وسيم « متفتق » في هذا المجال يعرض خدماته عليك !! انطلقي وعيشي حياتك ! أخرجي معه واسهري وقبّليه واذهبي معه لشقتّه ! من لا تفعل ذلك ؟ بل صار بعض الشباب يحبّذ البنت « الخبرة »، بعضهم يرى أنّه لافائدة في البحث عن بنت « عاقلة » لأن هذا لايوجد في بلدنا ولذلك لاداع لنتعب أنفسنا (؟؟)، وبعضهم يرحّب بالخبرة ويراها دليلا على انفتاحها العقلي وقدرتها على النجاح في الحياة !!! ضاعت المفاهيم واختلطت القيم وراحت الأساسيات البديهيات…

 

صار البلد غابة… خرابة… يداس فيه القانون وتنتهك الحريّة ويهان الشريف ويحتفى بالوضيع…صرت أرى تونسنا تمشي على رأسها !! ياناس البلاد تمشي بالمقلوب ! البلاد راحت ودخلت نفقا مظلما لانرى له مخرجا قريبا! هل من الممكن محو ما يرسمه موسوليني التونسي بسهولة ؟ من يقدر على تصحيح المسار واصلاح ما تبقّى قابلا للاصلاح ؟؟

أمّا عالم المال والأعمال فحدّث ولاحرج… كانت التجارة والاقتصاد عموما في العهد العباسي بل لدى الفراعنة والأشوريين أكثر ثقة ممّا نعيشه اليوم: غابة لاقعر لها، لاقانون ولامنطق ولوائح تنظّم ولاهم يحزنون، المستثمر المواطن المسكين الذي شمّر عن ساعده وبدأ على بركة الله تتلقفه الصفعات من هنا وهناك، الكل يريد نصيبه ولا يخطو خطوة حتّى يزكّي من ماله لهذا المسؤول أو ذاك الموظف… وإن نجح وواصل طريقه فله حكاية أخرى مع مفتش الضرائب والمراقبة الصورية… وإن تخطّى كلّ ذلك ونجح وبارك الله له في ماله وصار من أصحاب الملايين، جاءه الأنساب الكرام أو الاقارب العظام، يحثّون الخطى فارضين نصيبا فيما لايملكون، والويل له إن رفض أو ماطل أو تأفف…وحتّى لو وافق ورضي…فلن يرضوا عنه حتّى يخرج بيده على رأسه وفي أحسن الأحوال يغطّي تكاليف ما يصرف… وغير ذلك من المكاسب، فمثلا لو نفتح ملّف التعليم وكيف تحوّل من مفخرة البلاد إلى شهائد تشترى وتباع ومناهج فارغة ونظاما بلا روح… أما عن عن « الأمن والأمان » فحدّث ولاحرج، هل مازال من يقامر ويخرج بصحبة العائلة في سوق محلّي مثلا ؟ دون أن تنزل على رأسه وتدمغه لفظة أو كلمة لا تخدش حياءه فحسب بل تدميه وتنهشه وتذيبه هو ومن خرج برفقتهم…ناهيك عن عمليات السطو والنشل والنهب والسلب و »البراكاجات » مع توفر الخيار لدى المتضرر بين سلب بالعنف أو بدونه… صرنا في غابة… » بالأمن والأمان *** يحي هنا الإنسان ».

 

الحديث يدمي القلب…في الشتاء الفارط نزلت إلى العاصمة سائحا…اقتربت منّي فتاة في أحد الكفيتريات بمنطقة راقية هناك وطلبت مني ولاعة… ثمّ سألتني إن كنت من جنسية عربية مجاورة ربّما نظرا لملامحي القريبة لأهل هذا البلد، ولمّا أجبتها بالنفي ردّت بإحباط : » غريبة. »،

 

غريبة عنّي أنت يا تونس… أما آن لليلنا أن ينجلـــــــــــــــــي !

 

 
سمير بوعزيز٭   كان من الممكن، قبل عقد ونصف، أن يتحدد صراع النخب التونسية من أجل بديل ديمقراطي ووطني وتقدمي بمعارضتها لنظام الحكم بالأساس وأن يكون لما تقدمه حضور سهل وممكن داخل العمق الشعبي، لما كان لها من قيمة رمزية و حضور إجتماعي. أما اليوم فلقد أصبح جهد المثقفين والنشطاء –سياسيا ونقابيا وحقوقيا وثقافيا- وحضورهم مصطدم بإنقلاب كبير في معايير القيم وأصبحوا معزولين بشكل لافت عما تسمى جماهير، وليس مرد هذا الأمر ما أجتهد النظام على تأسيسه فحسب بل إن اعتبارات إجتماعية عديدة ساهمت في ذلك. إن ثقافة الفردانية والإستهلاك و اللامبالاة بالشأن العام ميزت اليوم مختلف الشرائح الإجتماعية في تعاطيها مع اليومي ومع مجمل القضايا الأساسية التي تهم البلاد. وقد استطاع النظام وبفضل آليته الحزبية المهيمنة والمشرعة للإنتهازية  أن يستغل الوضع الإجتماعي والإقتصادي للناس وبخاصة ما كنا نصطلح على تسميتهم بالبرجوازية الصغيرة والتي إنحدرت إلى تصنيف المتعلمين والتقنيين ومتلقي الخبرات العلمية والفنية، واستطاعت أن تمتلك الأحلام البسيطة وتأسر اليوتوبيا الفردية داخل مكاتب هياكلها وبشروط الولاء والطاعة فتسوي مشاكل الفرد بمقابل الصمت عن العام من المسائل  وبقبول الإندماج داخل القطيع. إن الترهيب الذي يقل عنه الكلام إجتماعي ومعيشي وهو الأساسي المحدد للكثير من واقعنا، وأعتقد أن الترهيب البوليسي لاحق ولم يكن ليؤثر إلى هذا الحد، وكان من الممكن أن ينحسر، لو إستمر دفق الوعي الذي كانت عليه الساحة السياسية والثقافية التونسية في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينات من القرن الماضي، و لايزال الحد منه ممكنا إذا ما أمكن خلق حالة وعي إجتماعي متطورة تؤسسها قيم المواطنة والحرية والعدالة الإجتماعية. وإن كان البعض لازال يأمل في إرادة سياسية من السلطة ذاتها في إحداث تغييرات جذرية- فإني من هذه القلة حتي بإعتبار أنه ضروري لصالحها ويمكن أن تذهب في هذا الإتجاه ليس للإعتبارات المبدئية والإرادة الصادقة ولكن بحكم ضرورات البراغماتية السياسية وضغوطات القوي الكبرى التي هي حليفة النظام قبل أن تكون متعاطفة مع أي فصيل أو حزب تونسي معارض- لكن لا يمكن أن نقف عند باب إنتظار لن يأتي منه شيء إذا لم تتسع دائرة رفض عقلانية وتقدمية ومسؤولة تقدم بدائلها الواضحة ومشروعها المتكامل للدولة والمجتمع. وهذا هو السؤال الأساسي المطروح على النخب المعارضة، ذلك أن تقييما موضوعيا لخطاب المعارضة التونسية وسلوكها يؤكد أن البديل المجتمعي وتصور الدولة لم يتشكل وأن مناسبات كثيرة كان الفعل المركزي خلالها تضخيم الأفعال التي لم تكن غير ردات فعل على ما تأتيه السلطة، وليست أفعالا مبنية على أساس مشروع متكامل وواضح الأهداف والآليات، كما أن السلطة كثيرا ما ذهبت إلى تضخيم حركات يأتيها معارضوها كان تجاوزها وتقبلها يكفل غلق ملفات، ولا أعتقد أن سلوكات السلطة عفوية أو مرتبكة أو مجانية دائما، ومن ذلك قضية الأستاذ محمد عبو التي أصبحت محورا وطنيا للعديد من الأطراف، ولو تم قبول حقه في التعبير لما أخذ ملفه هذا الحجم، وأعتقد أن السلطة كان بإمكانها ذلك وكان بعض مئات سيقرؤون النص وسينسونه بعد ذلك في زخم المنشورات اليومية والنشرات والآراء. ومن الممكن أن السلطة إرتأت أن تصنع لهذا الملف حجما لتبين عنايتها بالتفاصيل وتذكر بحرارة قبضتها للمتجاوزين تشريعاتها التي وضعت بإسم الدولة، بل ولتعلن أن من صلاحياتها بإعتبار العرف أن تتجاوز ما حرصت على وضعه دستوريا وقانونيا، كما أنها بصناعة الملف وتضخيمه عطلت الحوار الوطني  وجهد أطراف عديدة من المعارضة بخصوص ملفات أخرى. اليوم، ليس هينا أن يكون محام عبر عن رأي –قد لا نشاركه فيه أو في آراء أخرى يحملها- في السجن ووجبت المناداة بإطلاق سراحه والتضامن معه، ومهم أن تكون قضيته بوابة للنضال من أجل حرية الرأي والتعبير والنشر، لكن كان من الممكن أن يكون الجميع الآن بصدد معالجة ملفات أخرى عاجلة، وكان من الممكن أن يكون هذا الفرد منخرطا في نضالات إجتماعية مهمة –إن شاء ذلك-. وبالرجوع للفكرة الأساسية المتمثلة في مسافة اللاتواصل القائمة بين هذه النخب والشارع التونسي، يهمنا أن نلاحظ أن تغيير السياسة العامة لن يتم دون تغيير الأغلبية، وأن القول بأن إنتخابات ديمقراطية يمكن أن تكون في صالح المعارضة ليس سليما تماما  لأن حضور المعارضة في الأوساط الشعبية ضعيف أو قد انحصر بفعل ضغط السلطة من جهة وبفعل تشتت القوى الوطنية وصراعاتها التي أنهكتها، كما أنها إعتمدت كثيرا على الإحتجاج بقمع السلطة لها، إضافة إلى عوامل أخري صنعتها السنوات الأخيرة منها صناعة الأسماء والشخصيات/الأفراد التي تنطق بإسم المعارضة والشعب في حين أنها لا تمثل في الأصل غير نفسها –أو قلة- وليس لها أي ثقل على المستوي الشعبي، وفقط تستمد ثقلها من وسائل الإعلام ومن دوائِر أجنبية ليست كلها ذات مصداقية. وقد سقطت قوى وطنية كثيرة لها تمثيلية مِحترمة في ظل هذه الأسماء/العناوين. ولا نريد أن يفسر هذا الموقف على أساس أنه تشكيك من نضالية أيا كان، لكن  البحث في الشكل الأجدر يفترض حدا أدنى من الوضوح –في إنتظار أن نوطن أنفسنا على اعتماد الحد الأقصي وننفلت من الحساسيات وقبول الآراء دون المسبق من الإنتظارات-. وبإعتبار المعطيات الموضوعية، وواقع الحال راهنا لن يكون بإمكان النشطاء السياسيين والحقوقيين التقدمين اليوم إحداث تغيير جذري في المشهد السياسي والإجتماعي التونسي، لكن بإمكانهم إعداد أرضية جيدة للجيل القادم، لذلك وجب العمل على بعدين بالتوازي: المراكمة على مستوي النص –ونحن فقراء كثيرا في هذا المستوي، ويجب أن نقلع عن الشفاهي إلى المكتوب-، والمراكمة على المستوي الحركة بتوحيد الجهود ووضع أجندة واضحة حتي يقع الإقلاع عما سميناه ردود الفعل تجاه خطاب الآخر/السلطوي و ممارساته. و يجب أن يقع العمل على الملفات الإجتماعية بأكثر فاعلية حتي يمكن الوصول إلى كل الفئات، ونحن لا نتعارض بهذا مع الرأي القائل بأن ملف الحريات والديمقراطية هو الأساسي لأن التنمية العادلة والمشروع الوطني إجتماعيا وإقتصاديا تكون الطريق إليه عبر هذه البوابات. لكن النضال من أجل تونس ديمقراطية وآمنة مهمة تفترض تشريك الغالبية بإحداث محاور صراع ضد صمتها واستقالتها، وإن كان النضال لأجل هذه الغالبية فإنه يجب ألا نهمل أن صراعا معها ضروري حتي نعيد إليها ما فقدته، ونعيد ترتيب معايير القيم الذي اختل وربما انقلب تماما. ويجب أن نقلع عن القول بأن السلطة هي التي جعلت شعبنا كما هو الآن في لامبالاة بحاضره ومستقبله –وإن كان الأمر صحيحا- لكنه غير كاف، لأن المختلف بعضه استقال وبعضه أهمل الأولويات، وبعضه لم يحسن إدارة الصراع. ليس سهلا أن نغير الكثير الآن لكن الأمر مشروع و واجب وممكن. و من الضروري أن نوجه لشعبنا الخطاب أكثر مما نوجهه للسلطة، ولنخرج من الإحراج الأخلاقي ولنقل للناس عندنا حقيقتهم كاملة وما أصبحوا عليه. لنقل أننا في صراع مع نظام ومعهم بعد ما أصبحوا عليه، ولن يكون الأمر تجريحا بقدر ما سيكون حبا ودفاعا عنهم، وعندها يمكن أن يكون لنا ما سنسميها من جديد جماهير و سنطرح عليها المهمات من أجل تونس أخرى ممكنة و آمنة للجميع. وإننا بالتاريخ مؤمنون.   ٭ كاتب صحفي من تونس



صدور  العدد الأول من نشرية الكرامة

 

نشرية الكرامة رئيس التحرير :  سليم بن حميدان المدير الفني   : عماد الدائمي لمراسلتنا      : alkarama@alkarama.net عنوان الموقع : http://www.alkarama.net لتحميل العدد   : (En PDF  ( 528 ko)  –  En HTML (120 ko

 
 
الكرامة 

لسان حملة الكرامة من أجل التغيير الديموقراطي بتونس  

العدد الأول – أكتوبر2005 – الطبعة الاكترونية 

الإفتتاحية:  

 

 

 
انتهكت الدكتاتورية في بلادنا كل القوانين والأعراف وتمادت في جرائمها إلى الحد الذي لم تبق فيه للتونسيين أي ذرة من عزة أو كرامة. لقد تبخرت كل أحلام الإستقلال وجميع وعود الديمقراطية والتنمية بل إننا نكاد نجزم أن واقعنا اليوم هو نقيض تلك الأحلام والوعود بشكل صارخ ومخيف. فالحصيلة على الأرض أشبه ما تكون بحريق هائل دمّر كل شيء وأفقد التونسيين أي معنى للحياة فأحال وجودهم سوادا قاتما وحزينا تنعدم معه أي رؤية للمستقبل. لم يعد التونسيون في حاجة إلى تكرار مثل هذا الكلام لأنه وببساطة أضحى حقائق ساطعة لا تقبل التشكيك أو الدحض، وقد قيل قديما [من الفاضحات بيان الواضحات]. أبواق الدعاية الرسمية وحدها ظلت تكابر وتنفخ في أوهام التغيير الذي جاء به [العهد الجديد] فيما يشبه آلة الكذب والخداع التي مارستها كل الأنظمة الإستبدادية عبر التاريخ. السؤال الوحيد الذي يطرحه اليوم كل تونسي هو : كيف السبيل إلى استرداد كرامتنا الوطنية بأيسر السبل وأقل الخسائر ؟ سؤال هو في الآن نفسه مؤشر وعي وإرادة وذكاء : وعي بكارثية الأوضاع وإرادة صارمة في تغييرها ورغبة ذكية في أن يحدث هذا التغيير بشكل سلمي وحضاري يجنب البلاد كوارث العنف والنزاعات الأهلية. وعليه، فإن صمت التونسيين اليوم هو دليل حكمة وتعقل أكثر منه مؤشر صبر وتحمل. فقد عبروا عن نفاد صبرهم ورفضهم للدكتاتورية المتسلطة بأرقى الوسائل المدنية. وليس تواتر الإعتصامات وتوسع حركة الإضرابات واكتظاظ المعتقلات بسجناء الرأي وإصرار الأحزاب المعارضة والممثلة الحقيقية لإرادة الشعب على مطالبها في حياة ديمقراطية وكريمة إلا أدلة قاطعة على رفض نظام مافيا النهب والفساد الذي خرب بلادنا. سياسة النظام اليوم تتمثل في زرع ألغام الكراهية وتغذية الأحقاد وكسر التضامنات الوطنية وزعزعة الثقة بين أبناء الشعب الواحد ومسك الناس من أمعائهم حتى يصرفهم عن الاهتمام بالشأن العام ويمنعهم من مجرد التفكير في مستقبلهم فضلا عن العمل على تغييره واجتثاث سرطان الاستبداد والفساد الذي أنهكهم. غير أن الحصيلة لم تكن إلا مزيدا من الإصرار والعناد والثبات على الحقوق لأن الأمر يتعلق بأسمى معاني المواطنة ألا وهي الكرامة الإنسانية. فلتكن انتفاضة الكرامة إذن هي عنوان الثورة الديمقراطية الجديدة التي تلج بها تونس الحبيبة عصر الحداثة والحرية والنهضة الحقيقية الشاملة. ولتكن هذه النشرية إضافة نوعية في رصيد النضال الوطني تتجاوز التحليل والنقد إلى البناء والفعل من أجل تحقيق التغيير المنشود :

 

فلا عاش في تونس من خانها  

ولا عاش من ليس من جندها

نموت ونحيــــا على عهدهـــــا حياة الكرام وموت العظــــــــام

 
 
لا يزال الأستاذ محمد عبو قابعا وراء القضبان إثر اختطافه من طرف البوليس السياسي يوم 1 مارس 2005. وكما كان متوقعا فقد تآمر القضاء التابع، إبتدائيا واستئنافيا بأمر مباشر من أعلى هرم السلطة القضائية، على إدانته والحكم عليه بثلاث سنوات ونصف. لقد عرف الأستاذ عبو بدفاعه الجريء والمستميت عن الحريات و حقوق الإنسان في بلد ينتهكها بشكل منهجي وعلني. فهو عضو في الهيئة المديرة للجمعية التونسية للمحامين الشبان، وفي المركز التونسي لاستقلال القضاء حيث كلف بمتابعة ملف [القضايا العادلة] وفي المجلس الوطني للحريات في تونس، وهو أيضا عضو مؤسس في الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين و في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، كما أنه كلف، عدة مرات، من قبل منظمات عالمية غير حكومية للدفاع عن قضايا حقوق الإنسان أمام محاكم الدول المعنية. اشتهر الأستاذ عبو بمرافعاته اللامعة دفاعا عن ضحايا القمع البوليسي إثر موجة المحاكمات السياسية التي تكثفت في البلاد في عهد النظام الحالي وتحديدا طيلة عقد التسعينات وحتى اليوم. كما اشتهر بقلمه الحاد والجريء، الذي ينتقد بشكل لاذع ومباشر حالة القمع والتجاوزات البوليسية للنظام التونسي. فكلفه أحد مقالاته، الذي شبه فيه السجون التونسية بمعتقل أبو غريب سيء الذكر، الإيقاف والمحاكمة.إن النظام التونسي الذي يستعد لاحتضان الدورة الثانية للقمة العالمية حول المعلوماتية يبدو في حالة اضطراب وتوتر قصوى أمام تصاعد حركة الإحتجاج على حكمه الدكتاتوري الفاسد مما دفعه للهروب إلى الأمام محاولا إثبات قدراته الأمنية الفائقة وهو لا يدري أنه يدق بذلك آخر إسفين في نعشه. وليست موجة التعاطف منقطع النظير التي حركتها قضية الأستاذ محمد عبو، سواء لدى المحامين أو في أوساط القضاة والسياسيين، على اختلاف انتماءاتهم الفكرية والحزبية، إلا تأكيدا جديدا على سخط التونسيين ونفاذ صبرهم وتعطشهم إلى دولة الحريات والديمقراطية التي يحمل مشعلها اليوم محام شاب وشريف. إن ما يقوم به نظام بن علي يشبه إلى حد كبير رقصة الديك المذبوح الذي يصيح وينتفض بقوة عجيبة قبل أن يفارق الحياة بلا رجعة. كلنا اليوم أمل، لا بل يقين، أن محمد عبو سيكون من آخر ضحايا هذا النظام الجبان، وأنه سيظفر إنشاء الله قريبا بوسام الحرية والكرامة الوطنية .  
 
 

منذ انقلابه المشؤوم ليلة 7/11/1987 تربع نظام بن علي سيدا على شعب مسالم وديع فحكمه بالكذب والتزوير والسجون والتعذيب والنفي والإرهاب. جرائم فظيعة ارتكبها في حقه لا يصدق كثير من التونسيين أنها حدثت في بلدهم الذي تصوره وسائل الإعلام الرسمي على أنه بلد الأمن والاستقرار والضيافة. نظام يمن عليهم أن عبد الطرقات ونظف الشوارع وأقام المستشفيات وكأنها تكرم منه وصدقة، مخفيا عنهم أنه باع أكثر شركاتنا الوطنية وخصم من مرتبات الموظفين والكادحين ما يوفر لكل شباب تونس فرص شغل كريم يبعد عنهم شبح الموت ومرارة الغربة عن الأهل والأصدقاء. نظام حقق ولا شك نقلة نوعية في ارتفاع معدلات البطالة والانتحار وتفشي الفساد والجريمة على أعلى مستويات الدولة. نظام أصبح وزراؤه وأعوانه ملاحقين في عواصم الغرب بسبب بطاقات الجلب الصادرة في حقهم بتهم التعذيب وارتكاب جرائم ضد الإنسانية [انظر مثلا بطاقة الجلب الصادرة من القضاء السويسري في حق وزير الداخلية الأسبق عبد الله القلال] نظام يقمع الحريات السياسية والنقابية والدينية وينفذ حكم الإعدام البطيء والتهجير القسري في حق الآلاف من التونسيين الذين عارضوه أو دعوه إلى الإصلاح وكف الأذى. نظام شجع الرذيلة وروج للفساد والمخدرات وسهل للمجرمين التنقل ووفر لهم الحصانة الدبلوماسية [ألم يغادر منصف بن علي، شقيق الرئيس، فرنسا بجواز سفر دبلوماسي إثر صدور بطاقة جلب في حقه لاتجاره بالمخدرات ؟] سجل حافل بالفضائح والمآسي التي يتداولها التونسيون جميعا في جلساتهم ونواديهم إما في شكل حكايات تشبه الخيال أو نكت يتندرون بها. غير أن الذي يحدث هذه الأيام يجعلنا ننتبه إلى المنعرج الحاسم الذي أخذته الأمور، فالصراع على أشده داخل القصر تمهيدا لمعركة الخلافة بعد أن أعيى السرطان بن علي و لم تجد محاولات إيقافه نفعا. وقد امتد الصراع إلى أجهزة الدولة بين أجنحة متنافسة على استرضاء طرف من الأطراف المرشحة للخلافة مما يفسر التوتر البالغ والارتباك السياسي في التعامل مع موضوع دعوة المجرم شارون وقمع المحامين وحملات اعتقال الشباب. توتر هو دليل ضعف وإيهام بقوة جوفاء، مما يفسر تمرد الشعب ونزعه لرداء الخوف الذي انتقل إلى قصر قرطاج. إن العنف الذي يمارسه نظام بن علي لم يعد ذاك الذي مارسه في الماضي القريب، بل إنه أشبه ما يكون برقصة الديك المذبوح الذي يكفي أن نحمي أنفسنا من قاذوراته عندما ينتفض ويصيح.  

 
 
[وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون]  

 سننشر تباعا قائمة الجلادين الذين تورطوا في أعمال تعذيب شنيعة تجاه الآلاف من التونسيين خلال العشريتين الأخيرتين (حسب المعايير المحددة في الفصل الأول من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب). وقد سبق أن وردت أسماؤهم في تقارير لمنظمات حقوقية تونسية ودولية. وأصبحوا منذ سنوات محاصرين في تونس تحت وطأة الخوف من العدالة الدولية … ممتلئين رعبا من انتقام الشعب يوم يستعيد حريته المسلوبة وكرامته المهدورة ..  

الخزي والعار لهؤلاء المجرمين الأشرار والمجد والخلود لشهداء الحرية الأبرار عزالدين جنيح حسن عبيد علي منصور منصف بن قبيله حمادي حلس (شهر محمد الناصر) رضا الشابي عبد الحفيظ التونسي محمود بن عمر عمر السليني محمود الجوادي بشير السعيدي زياد القرقوري عبد الرحمن القاسمي (شهر بوكاسا) محمد الطاهر الوسلاتي جمال العياري عبد الفتاح الأديب عبد الكريم الزمالي محمد قابوس محمد المومني عادل التليلي حمودة فرح عماد الدغار رشيد رضا الطرابلسي مراد العبيدي (… يتبع)  

نداء : الرجاء من كل من يمتلك معلومات عن أحد هؤلاء الجلادين إرسالها إلينا .  

 

كان لسنين خلت وزيرا للداخلية يصول ويجول ويتحكم في رقاب الرعية … تصطك لدى سماع اسمه الأسنان وتخفق القلوب وتسرح الأذهان . واليوم أضحى مطاردا، رغم مكره، كالفأر لا يجرؤ على الخروج من جحره .. فر من سويسرا منذ سنوات .. مذعورا بلباس النوم من أحد المستشفيات .. واليوم يقاضيه أحد ضحاياه السابقين .. غيابيا أمام محاكم السويسريين .. كمجرب حرب وآمر للجلادين .. لن يقدر بعد اليوم على مغادرة البلاد .. وسيبقى أبدا قلقا مترقبا لإنتفاض النار من تحت الرماد .. خائفا مرعوبا من ثأر الضحية وإنتقام العباد .. لن يهنأ له بال .. ولن يهرب من مصيره الحتمي ولو فر للجبال .. وسيناله يوما عذاب الله بعد غضب الرجال.. فاعتبروا يا أولي الألباب من المثال .. وذروا الخوف لكي تحققوا المحال , , أما أنتم يا مجرمين .. فالبثوا فيها إلى حين ..  إن موعدكم الصبح .. أليس الصبح بقريب.  
 

 

يحلم التونسيون جميعا بوطن الحرية والعدل حيث يستوي القوي والضعيف أمام سلطة القانون وتحترم كرامتهم وقيمهم وأشواقهم. يريدون وطنا لا تعذيب فيه ولا مهانة لأحد، أعراضهم كما حقوقهم فيه مصانة وخيراتهم محفوظة بين أياد خادمة أمينة لا تنفقها إلا في الصالح العام. وهم إذ يمقتون النظام الدكتاتوري القائم الذي أذلهم ونهب ثرواتهم وأساء لسمعة بلادهم بين أمم الأرض فإنهم قرروا خلع رداء الخوف والمضي بحكمة وتصميم من أجل تحويل الحلم إلى واقع مشرق يستعيد فيه المواطن كرامته والشعب سيادته والدولة هيبتها. وهم يدركون أن تحررهم ولحاقهم بقطار الحداثة والتقدم مشروط بتخلصهم من براثن العبودية لهذا النظام الذي ثبت لهم أنه لا يصلح ولا يصلح. شرط ركيزته ثقة كل تونسي في نفسه وفي الآخرين من حوله، هذه الثقة التي هزها الاستبداد بسياسته الخبيثة [فرق تسد] حتى يتمكن من ضربهم ببعضهم والتربع سيدا عليهم يقودهم كما البعير أو يرمي بفلذات أكبادهم في أعماق البحر بعد أن انسدت في وطنهم أبواب العيش الكريم وآثروا ركوب قوارب الموت على الحياة بذلة في وطنهم القاسي. اختلاف التونسيين وتنافسهم صوره الاستبداد على أنه فوضى واقتتال لا طائل من ورائه وأنه هو الراعي الأوحد للحمة الوطنية كما تفعل الدكتاتوريات في كل العالم وعبر التاريخ. هذه الحيلة لم تعد تنطل على شعب مثقف هو من أكثر شعوب المنطقة تحضرا ومدنية. شعب كان رائد الحركة الدستورية في كامل الوطن العربي والعالم الإسلامي. اختلاف التونسيين وانتماؤهم إلى أحزاب وإيديولوجيات متعددة وأحيانا متناقضة، قومية وإسلامية ويسارية وليبرالية ودستورية، لن يكون عائقا أمام إصرارهم جميعا على العيش المشترك في وئام واحترام وعزة وسلام تحت ظلال دولة ديمقراطية حديثة تحكم فيها الأغلبية وتحترم الأقلية، الحرية فيها للجميع ولا إقصاء لأحد. لقد عبر التونسيون عن هذه الحقيقة خلال الأيام الأخيرة فوحدوا جهودهم للمطالبة بالعفو التشريعي العام وإقامة حياة سياسية تعددية وانتخابات حرة ونزيهة ورفضوا جميعا التنقيح الدستوري الأخير الذي كرس الرئاسة مدى الحياة وحكم الحزب الواحد. لقد عبروا جميعا عن رفضهم الغاضب لزيارة مجرم الحرب شارون وقبله عن إدانتهم الصارخة للغطرسة الصهيونية في فلسطين والاحتلال الأمريكي في العراق. توحد التونسيون جميعا، يساريين وقوميين وإسلاميين، من أجل مطالب الحريات والعدالة الاجتماعية والحداثة والحفاظ على الهوية العربية-الإسلامية لتونس الغد، تونس الأمل والأمن والسلام والتغيير الحقيقي الذي يعيشه كل الناس لا زمرة منهم فحسب.

فلتسقط الدكتاتورية ليحيا التونسيون أحرارا كراما

 

 
الحزب الديمقراطي التقدمي
« يناشد الحزب الديمقراطي التقدمي كافة القوى السياسية الديمقراطية وهيئات المجتمع المدني المستقلة أن تضاعف من تآزرها وتكاتفها لصد الهجمة التي تشنها الحكومة على الحريات ولفتح طريق للتغيير والإصلاح قوامه التعبئة الشعبية، ويؤكد أن كل أشكال التضييق والقمع لن تثنيه عن أداء رسالته حتى تنصر الحرية والديمقراطية في بلادنا ». المنجي اللوز- عن المكتب السياسي -6ماي 2005
التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات
.. »إنّ هذا الوضع المقلق يضع على كاهل المعارضة الوطنية الجدية مسؤولية جسيمة، فهي مطالبة بالتصدي لهذا التدهور الخطير وما سيترتب عنه من انعكاسات منتظرة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي قد تضع استقرار البلاد في الميزان. و لكنّ التصدي لا يكفي حيث أنّ البلاد في حاجة إلى بروز مشروع بديل متوازن ومتكامل ومقنع حتى تلتف حوله و تناضل من أجل تجسيمه كل القوى المؤمنة بضرورة التغيير الديمقراطي ». مصطفى بن جعفر – البوابة- 20 ماي 2005
حزب العمال الشيوعي التونسي
« إن الشعب التونسي بكل طبقاته وفئاته، وأحزابه وجمعياته ومنظماته وشخصياته التي لها مصلحة في الحرية السياسية، مدعو أكثر من أي وقت مضى إلى التخلص من الدكتاتورية. ومن نافل القول إن هذه الدكتاتورية لا يمكنها بأي شكل من الأشكال، ومهما وَهَمَ الواهمون، أن تتمقرط أو تتنحى من تلقاء نفسها. وهذه الحقيقة يؤكدها حوالي نصف قرن من حكم حزب الدستور بقيادة بورقيبة ثم بن علي. إن الديمقراطية لن تتحقق بواسطة هذه الدكتاتورية أو بالتعاون معها بل ضدها وعلى أنقاضها. وما من شك في أن الشعب التونسي الذي يحفل تاريخه بالنضال والتضحيات قادر على هزمها وبناء النظام الديمقراطي الذي ينشده… » مقال -وضع حد للدكتاتورية لإرساء الديمقراطية السياسية- موقع البديل,
حزب المؤتمر من أجل الجمهورية
 »..إن المؤتمر يدعو مجدّدا لتشكيل المقاومة الديمقراطية من كل الديمقراطيين لائيكيين وإسلاميين، من داخل التنظيمات ومن خارجها، من داخل المعارضات ومن داخل أجهزة الدولة ، على قاعدة برنامج سياسي واضح وصريح مبني على :  تكثيف المطالبة برحيل الدكتاتور والتمسّك برفض أي حق له في مواصلة حكم بلادنا باعتبار نظامه فاقدا للشرعية وغير قابل للإصلاح وغير قابل بالمصالحة ويحكم على التونسيين بمواصلة العيش في كنف الخوف والفقر واليأس الأمر الذي من شأنه أن يولّد طال الزمان أو قصر ردود فعل عنيفة«بيان ليوم 22 جانفي 2005
بيان مشترك بين حركة النهضة وحركة الديموقراطيين الاشتراكيين
« إن هذا الوضع الذي تعيشه تونس داخليا وخارجيا يفرض على جميع القوى الوطنية المناضلة من اجل الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان -داخل تونس وخارجها – وبدون أي استثناء أو إقصاء، أن تتحمل كامل مسؤولياتها في هذا المجال. وذلك على أساس : أ – رفض العنف والإرهاب والانفراد والهيمنة سبيلا للعمل السياسي أو الفكري سواء أكان المتورط السلطة أم كان طرفا من أطراف المجتمع، وذلك لصالح اعتماد المنهج السياسي الديمقراطي للتعامل، وقواعد النظام الجمهوري ودولة القانون والمؤسسات الديمقراطية واحترام الحريات العامة وحقوق الإنسان وهوية مجتمعنا العربية الإسلام . »  بيان 19 مارس 2001

 

 

 

أحد المقالين الذين حوكم من أجلهما المحامي الرمز محمد عبو.  

دعت الحكومة التونسية رئيس وزراء الكيان الصهيوني أرييل شارون إلى تونس لحضور ندوة دولية حول تكنولوجيا المعلومات في نوفمبر المقبل وهو ما سيوفر فرصة تاريخية للقاء تاريخي بين صانع صبرا وشاتيلا وصانع التغيير. فالرجلان تجمع بينهما عديد الصفات، فكلاهما عسكري وكلاهما خبير في قمع الإنتفاضات بالإضافة لكون كلاهما قد ابتلى بتورّط عائلته في جرائم فساد مالي زد على ذلك أنّهما في بحث متواصل عن الدعم الدولي. ويعتبر لقاء الرجلين المرتقب – إن حصل – لقاء مهمّا جدّا سيعبّر به الرئيس بن علي عن كونه فعلا رجل سلام في الشرق الأوسط وعن كون فلسطين هي قضيته الشخصية وربّما الأولى ولا أدّل على ذلك من كونه طبّع مع « إسرائيل » حتى قبل التطبيع مع شعبه الذي يحكمه منذ أكثر من 17 سنة بالترهيب. ولا شكّ أنّ هذه الزيارة المرتقبة ستكون مقدمة للتعاون بين البلدين وتبادل الخبرات من الجانبين فيمكن « لإسرائيل » مثلا أن ترسل لنا خبراء فلاحيين مساعدة لنا على تحقيق الإكتفاء الذاتي الفلاحي. أمّا تونس فيمكنها أن ترسل بعض قضاتنا الأفاضل للمساهمة في وضع حدّ لحالة التسيب في النظام القضائي « الإسرائيلي » فقضاتهم يبرّئون من حين لآخر بعض الفلسطينيين ويصدرون أحكاما خفيفة على من لم يثبت عليه اعتداء على الأشخاص على عكس قضاتنا الذين لا تأخذهم في الحق لومة لائم والذين لم يتسامحوا حتى مع أبناء بلدهم الذين خطّطوا للسفر لمساعدة المقاومة الفلسطينية وأصدروا أحكاما بلغت بالنسبة للبعض 15 سنة سجنا. كما أن تونس يمكنها أن تسدي خدمة لشارون بإنقاذ ابنه من التتبعات العدلية التي يخضع لها لو قبلت « إسرائيل » أحد قضاة النيابة العمومية لدينا ليشغل منصب مدّع عام لديها إذ يمكن ساعتها غلق ملفه بدعوى أنّه طرابلسي أو أنّه تابع لإدارة أمن الدولة أو لمركز شرطة قلعة العطش وبالإضافة لذلك فإنه يمكن تبادل الخبرات في التعذيب : نعلّمهم مفاحشة الموقوفين والموقوفات ويعلمون رجال أمننا تقنية استعمال الحجارة لكسر الأيادي. نحن شعب لا يستحي فلرئيسنا أن يفعل ما يشاء ولا سيما إذا كان موقفه الأخير قد يجعل بعض الأوساط في الغرب ترضى عنه ومادمنا لا نستحي فلماذا لا نخوض ضدّه حملة في الغرب لإقناعهم بأنّه قد تجاوز كلّ الخطوط الحمراء وأنه غرس الحقد في النفوس لدرجة تهدّد بالإنفجار.  هذا المقال نشر سابقا في موقع تونس نيوز وموقع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية.  
 

 

« لو دامت لغيرك ماآلت إليك »  

في فيفري 2000 وجهت محكمة سنغالية تهمة ارتكاب التعذيب إلى حسين حبري، دكتاتور تشاد السابق المقيم في المنفى، ووضعته تحت الإقامة الجبرية في منزله بالعاصمة داكار. وفي مستندات القضية المرفوعة إلى قاضي التحقيق، قدمت منظمة « مراقبة حقوق الإنسان »، ومنظمات أخرى، البيانات التفصيلية الخاصة بسبع وتسعين حالة من حالات القتل السياسي، و142 حالة تعذيب، و100 حالة « اختفاء »، و736 حالة اعتقال تعسفي، قامت بتنفيذ معظمها « إدارة التوثيق والأمن » التابعة لحسين حبري. ولقائل أن يقول « ليس سجل بن علي ووزارة داخليته بأقل ثقلا من ملفات حسين حبري ». السؤال الذي ينبغي على كل تونسي أن يطرحه على نفسه هو : هل بلغ تخلفنا إلى الحد الذي نعجز فيه حتى عن منافسة واحدة من أكثر دول العالم تخلفا ؟ ليس عيبا أن نتلقى من غيرنا دروس الكرامة والحال أننا نسينا درس الأجداد :

لا تسقني مــاء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل

 

 

[قصيدة لأبي القاسم الشابي بتاريخ 18 فيفري 1927 وكأنّها تحكي واقع تونس اليوم]

يقولون : [ صوت المستذلّين خافت                  وسمع طغاة الأرض أصخم وفي صيحة الشعب المسخّر زعزعُُ                 تخرّ لهـا شـمّ العروش، وتهدم ولعلعة  الحقّ  الغضوب  لها صدى                 ودمدمة الحرب الضروس لها فـــم إذا التـفّ  حــول الحقّ  قـوم  فإنّه                   يـصرّم أحــداث الـزّمـان ويـُبرم  

                                        *******

لك الويل يا صرح المظالم من غد                 إذا نهض المستضعفون وصمّموا ! إذا حطم  المستعبدون  قيودهـــم                   وصبّوا حميم السخط أيّان تعلم… ! أغرّك أنّ الشعب مغض على قذى                 وأن الفضاء الرّحب وسنانُ مظلم ؟ ألا إنّ  أحــــلام  البــــــلاد دفـين                    تجمجـــم في أعماقها ما تجمجم ولكن  سيأتي  بعد لأي  نشورهــ                    ويـنـبـثـق الـيوم الـذي يـتــرنــــم هو الحقّ  يغفي ثم ينهض ساخطا                  فيهدم ما  شاد  الظّلام  ويحطم

 

خدمة للوطن   :  نناشد كل من وصلته نسخة من هذه النشرة طباعتها وتوزيعها على أوسع نطاق ممكن داخل تونس وخارجها. 

 


نشرية الكرامة رئيس التحرير :  سليم بن حميدان المدير الفني   : عماد الدائمي لمراسلتنا      : alkarama@alkarama.net عنوان الموقع : http://www.alkarama.net لتحميل العدد   : (En PDF  ( 528 ko)  –  En HTML (120 ko  

 


 

 

 

تونس في 19/11/2005

 

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على أفضل المرسلين

 

الذكرى الخمسون لانعقاد المؤتمر الخامس للحزب الحر الدستوري التونسي الجديد

 

بقلم محمد العروسـي الهانـي

مناضل دستوري من الرعيل الثاني

 

 

تخليدا وترسيخا للذاكرة الوطنية يحيي الأحرار من المناضلين الدستوريين ذكرى انعقاد المؤتمر الخامس للحزب الحر الدستوري التونسي الجديد يوم 15 نوفمبر 1955 الذكرى الخمسين العزيزة على قلوبنا والتي لا تمحى من ذاكرتنا الوطنية.

 

في نخوة واعتزاز وشرف الإنتماء لأعرق حزب سياسي في القرن العشرين يحيي الأحرار الدستوريين الأوفياء لثوابت وقيم وتاريخ كفاحهم التحريري الوطني البطولي الشجاع الذكرى الخمسين لانعقاد المؤتمر الخامس للحزب الحر الدستوري التونسي الجديد في 15 نوفمبر 1955 بمدينة صفاقس المناضلة .بعد أن تم الحصول على الاستقلال الداخلي الحكم الذاتي يوم غرة جوان 1955 يوم  النصر المبين الذي عاد فيه القائد الأوحد والزعيم الفذ المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله الى أرض الوطن حاملا لواء النصر وبشائر الاستقلال. وعلى اثر العودة تم امضاء وثيقة الاستقلال يوم 3 جوان 1955 وبعد الجولة الواسعة المارطونية التي قام بها الزعيم بورقيبة الى كامل أنحاء البلاد شرقا وغربا جنوبا وشمالا شارحا سياسة المراحل الإيجابية « خذ وطالب« .

 

وتعزيزا لدور الحزب صاحب الريادة والقيادة وتحكيما لإرادة المناضلين الأحرار وتثبيتا لسياسة المراحل البورقيبية ودعما لتوجهات واختيارات الحزب وبحماس نواب الشعب الدستورية المنضوية تحت راية الحزب وبدعم من أحرار ولاية صفاقس وفي طليعتهم المرحوم الحبيب عاشور النقابي الوطني والدكتور احمد علولو رئيس جامعة صفاقس الدستورية ،انعقد المؤتمر الحاسم التاريخي بمدينة صفاقس وحضره 1234 نائبا من نواب الشعب الدستورية على 1300 نائب أي أن نسبة الغيابات كانت 66 ما يعادل %5 من مجموع النواب في 31 جامعة دستورية في كامل أنحاء البلاد وكانت أكبر نسبة غياب بجهة سليانة 21 نائب لم يحضروا المؤتمر التاريخي.

 

وحضر المؤتمر ممثلي الأحزاب والدول الشقيقة والصديقة بدعوة من الحزب الحر الدستوري التونسي وكان بحق مؤتمر البعث والمنعرج الحاسم في تاريخ البلاد والحياة السياسية العامة ،والبلاد تمر بمرحلة حاسمة ودقيقة للغاية لا تخفى على أحد.

 

وبفضل حكمة الزعيم الحبيب بورقيبة المهندس البارع والطبيب الحكيم الماهر، وحماس ووفاء مناضلي الحزب وارادتهم القوية ،خرج الحزب بعون من الله منتصرا وحسم وقضى على بذرة الخلافات التي كادت أن تعصف بالبلاد وتنكث العهود والالتزامات والاتفاقيات بين تونس وفرنسا وتجر البلاد إلى الفوضى والرجوع إلى الحالة التي كانت عليها قبل الإستقلال وتخسر كفاحا دام ربع قرن. لكن فطنة القيادة وذكاء الزعيم والحب المفرط للوطن من طرف المناضلين الأحرار صانعي مؤتمر المعجزة في 15 نوفمبر 1955 بصفاقس، جنبوا البلاد كل أسباب الانحلال والفوضى والخلافات وحكموا العقل ولم ينساقوا وراء الغرور والتفوا وراء القائد الزعيم وحسموا أمرهم وأمرهم شورى بينهم , صدق الله العظيم .

 

وكان مؤتمر صفاقس بحق منعرجا حاسما في حياة الحزب وحقق ما يصبو إليه الوطن من وحدة وكرامة وعزة وتقدم ومناعة واستقرار وأمن في النفوس وبناء الدولة العصرية واستكمل البناء السياسي وتعزز الاستقلال الداخلي وتوج يوم 20 مارس 1956 بالاستقلال التام بعد مضي أربعة أشهر وخمسة أيام فقط على انعقاد مؤتمر صفاقس التاريخي. واسترجعت تونس كل مقومات السيادة والحرية والعزة وشكلت الحكومة الوطنية حكومة الإستقلال يوم 14 أفريل 1956 برئاسة الزعيم الحبيب بورقيبة الذي أسندت إليه حقيبتي الخارجية والدفاع واستمر الحزب في بناء الدولة العصرية بقيادته الحكيمة المتبصرة. وكان مؤتمر صفاقس هو مصدر القوة ومصدر القرارات والمقترحات الهادفة منبع الفكر والتصورات الايجابية المرجع الغني والسند الأكبر للحكومة التي هي ملزمة بقرارات وتوصيات المؤتمر ولوائحه الهامة.

 

ومما تجدر الإشارة إليه بأمانة وللتاريخ أن اللوائح التاريخية التي أصدرها نواب الشعب الدستورية والأفكار التي طرحها مناضلوا الحزب والتصورات التي وضعوها في صلب المؤتمر بحرية وحماس وصدق هي الدعامة الأساسية والمرجع الذي لا ينبض معينه, والقوة الدافعة لانجاح رسالة الحزب واشعاعه على الدوام والمضمون والجوهر لعمل الحكومة والدفع الحقيقي للنماء الشامل. والتشريعات الرائدة التي حققها النظام يعود الفضل فيها كلها الى لوائح مؤتمر صفاقس 1955 . ولن نتصور على الاطلاق مهما كانت عباقرة اليوم والدكاترة والفلاسفة أن يضيفوا شيئا على ما وضعه وطرحه وتصوره أحرار الحزب في مؤتمر صفاقس 1955 .

 

وأدعوا المهتمين بالشأن السياسي في تونس وفي العالم أن يرجعوا إن شاؤوا للوائح مؤتمر صفاقس 1955 سيجد الشيء العجاب. وآنذاك يدركون ما أفرزته المدرسة البورقيبية بعد كفاح مرير دام ربع قرن ثم ازداد جمالا وبهاء بعد نصف قرن على الإستقلال الداخلي.

 

وبعد مرور نصف قرن على انعقاد المؤتمر التاريخي الذي يحق لنا نحن حاملي مجد الحزب وأمانته التاريخية الأوفياء لزعيمه الذي لم ولن يمحى من ذاكرتنا أبدا بل العكس فهو كمعدن الذهب كلما صقلته ازداد جمالا وبهاءا كما يقولون. واليوم بعد وفاته زاد الحب والوفاء والإعجاب له.

 

ولا يسعني بعد هذه اللمحة الوجيزة إلا أن أترحم بكل إجلال وإكبار وخشوع على روح الزعيم الأوحد والقائد الفذ المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة الذي صنع الحدث ورفاقه في الديوان السياسـي في مؤتمر صفاقـس وهم علـى التوالي: الباهــي لدغــم, جلـولي فارس،الصادق المقدم ،المنجي سليم ،الهادي نويرة ،علي البلهوان ،الطيب المهيري ،احمد التليلي ،عبد الله فرحات رحمهم الله وبقي على قيد الحياة الأستاذ محمد المصمودي ثم الأخ عبد المجيد شاكر الذي عينه رئيس الحزب مديرا للحزب وألحق بالديوان السياسي وهو أصغر مديرللحزب آنذاك.

 

ونورد للتاريخ بعض المقتطفات من كلمات أعضاء الوفود الشقيقة والصديقة الذين حضروا أشغال المؤتمر.

 

قال الشيخ احمد حسن الباقوري وزير الأوقاف في الحكومة المصرية لقد استمعت الى خطاب الرئيس الحبيب بورقيبة فوجدت أنه ألقى بحجة وبمنطق يدل على فقه واسع سليم« 

 

أما السيد خير الدين الزركلي مندوب المملكة العربية السعودية: أود أن ألقي كلمة تليق بهذا الجمع الكريم المحتشد لتدشين قوميته أو ما شئتم أن تطلقوا من النعوت وان سمح لي المجاهد الأكبر أن أسميها ثورة فكرية عاصفة أتت أكلها والحمد لله وستضاعف نتائجها المقبلة باذن الله. وصدق الزركلي السعودي فيما قال فحققت تونس كل الانتصارات والمكاسب التي تمناها مبعوث السعودية.

 

وقال السيد عبد الرحمان قلهود وزير العدل الليبي : »لأني سعيد جدا عندما أحظى بمثولي في هذا المؤتمر العظيم وهو أول مؤتمر عقد في هذا البلد اذا أصبح دولة وأصبح مستقلا.

 

أما كلمة السيد عبد المجيد محمود وزير الدولة العراقية فقد جاء فيها بالخصوص : »أهنئكم بهذا الأسد الرابض أسد تونس الذي يكسو رأسه الوقور شيب هو غبار الوقائع وأثار ما كابده من محن وما قاساه من نفي وتشريد وسجن في سبيل اعلاء كلمة هذا الوطن وتحريره واستقلاله

 

هذه كلمة مبعوث العراق أسوقها وهي مسجلة بكتاب حول مؤتمر صفاقس حتى لا يتهم أو يدعى محمد أبو القاسم كروا تحريف التاريخ أو التجني في شهادته بمنتدى الفكر لمؤسسة التميمي أن مبعوث العراق قال كلاما غير هذا. وللتاريخ فإن كلام كروا مردود عليه والتاريخ لا يرحم. ياسي محمد كروا

 

أما الآنسة موكورجي عن حزب المؤتمر الهندي قالت أن للحزب الحر الدستوري الجديد والشعب التونسي أن يفخرا بما حققاه ولنا الثقة التامة في أن مناقشات المؤتمر ستضفي الى اتخاذ قرارات هامة تضمن مستقبل تونس وشعبها.

 

أما السيد هانري دي مونتيتي رئيس هيئة العمل والتعاون التونسـي الفرنسي فقـد قـال: » آسف لعدم قدرتي على مخاطبتكم بالعربية وأعبر عن شكري وتقديري لكم ولرئيسكم الأستاذ الحبيب بورقيبة وأقول لكم أني لم أقف هنا وأتحدث إليكم باسم فرنسيي تونس الديمقراطيين إلا لأن العقلية الفرنسية أصبحت تزداد يوما بعد يوم. وقد كونا حركتنا لهذا الغرض ونريد بواسطتها الوصول الى بناء هذا المجمع البشري المشترك وسنعيش الى جانبكم في هذا البلد الأمين ونطلب منكم أن تقرؤوا لنا حسابا باعتبارنا ضيوفا عندكم نحترم سيادتكم. وتقبلوا شكري لكم ولرئيسكم الأستاذ الحبيب بورقيبة اذا سمحتم لأحد الفرنسيين الديمقراطيين بالتحدث في هذا المؤتمر« .         

 

ومسك الختام نورد مقتطفات من خطاب الرئيس الحبيب بورقيبة في افتتاح مؤتمر صفاقس 15 نوفمبر 1955 للعبرة والدرس وللتاريخ وفاء للعهد و لروح الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.

 

من خطاب الرئيس الحبيب بورقيبة

 

الإستقلال الذاتي خطوة الى الأمام :

 

ضيوفنا الكرام،

اخواني،

أخواتي الفضيلات،

 

إنه لمن المشرف الاثيل أن يجتمع نواب الشعب التونسي بعد كفاح مرير ليتدبروا أمرهم وينظموا صفوفهم ،ويرسموا الخطة المثلى  التي يجب السير على هديها ويسطروا للحكومة المنهاج الذي يجب أن تتجه فيه لتظفر هذه الأمة بما كانت تصبو اليه منذ زمن بعيد من عزة وكرامة وازدهار وسيادة حقة واستقلال تام.

 

وإنه مما يثلج الفؤاد وينم عن تطور عميق أن يشاركنا في هذا العمل الجبار نواب ووفود من الشعوب العربية الشقيقة ،ومن شعوب الأمة الاسلامية ومن الشعوب والأمم المحبة للاخوة والسلام والتعاون الذي لا تشوبه هيمنة أو اضطهاد أو قهر ،قهر القوي للضعيف ،لأن الأمة التونسية عربية اسلامية منذ ثلاثة عشر قرنا ونصف إلا أقلية منها ضئيلة وستبقى عربية مسلمة الى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.

 

الشعب ضحى بالنفس والنفيس:

وقد كافح الشعب التونسي وفي  مقدمته هذا الحزب ،وضحى بالنفس والنفيس وسالت دماء أبنائه واستشهد رجاله وأبطاله منذ سنة 1933 للابقاء على عروبة هذه الديار واسلامها .فقد قاوم آنذاك سياسة التجنيس التي كانت تهدف الى اخراج الجانب العظيم من الأمة التونسية المسلمة والحاقها بالجنسية الفرنسية وقد كافح وصمد في وجه الرصاص والحراب الاستعمارية الى أن أغلق باب التجنيس ،فبقيت الأمة التونسية بحمد لله مسلمة عربية ليوم الناس هذا وسيبقى كذلك الى يوم يبعثون.

 

كما كافح هذا الشعب سياسة استعمارية أخرى أشد بأسا كانت ترمي الى اخراج التونسيين من الجنسية التونسية ،بل الى ادخال الفرنسيين والجالية الفرنسية الموجودة بتونس في حظيرة الأمة التونسية وبهذا يتم لها ازدواج السيادة ،ويصبح للجالية الفرنسية حق مشاع في سيادة البلاد .وحاول الاستعمار الفرنسي اعتبار الفرنسيين والأجانب المقيمين بالبلاد تونسيين يشاركون في الانتخابات كجزء من الأمة التونسية.

 

الركون الى الرأى وملكة التمييز :

فواجب الأمة إذا وفى مثل هذا الظرف أن تعمل الرأى وتحكم ملكة التمييز ،وتبحث بنفسها عن الصواب فلا تنكمش على نفسها وتلوذ بالحياد وتبقى تبصر من بعيد خلاف زعيمين وتسدل على عينيها غشاوة وتقول « اني منتظرة أن تتفقوا سواء كان اتفاقكم على حق أم على باطل ثم اقتدي بكم وأسير خلفكم. »

 

والذي أطلبه منكم أن تفكروا مليا في الجوهر لأن الزعيم ليس له إلا أن يوجه بينما على الأمة أن لا تقتنع برأيه الا بعد التروي وأن تصدع بحكمها له أو عليه.

 

وقد حرصت دوما على أن أسخر مواهبي وما حباني به الله من مدارك وما ظفرت به من تجربة في سبيل البحث والاجتهاد. وهذا ما أدعوكم إليه اليوم حتى تتبعوا من الأمور أصلحها فيتضح الموقف وينحسم الخلاف.

 

 ان الخلافات السياسية لا تفض بمجرد العاطفة المشبوبة بل لا تنتهي الا متى تسلط عليها العقل والإدراك وغاص المرء في غورها لاستجلاء المواقف حتى يبت فيها بنزاهة وتجرد وترفع عما تشوبه الغايات الدنيئة فلا تحدوه إلا رعاية المصالح العليا للأمة .

 

وبذلك وعلى هذا مستوى من الإدراك ،تحسم الخلافات بدون غوغاء ولا هرج.

 

ولن أختم كلمتي قبل أن أحذركم عواقب الاغترار فقد ظللت خمسا وعشرين سنة أرشدكم إلى ما فيه خيركم وصلاحكم ،أرشدكم في الكفاح وأرشدكم في كل  الظروف القاسية التي مرت بنا وهديتكم السبيل وكنت دوما في الطليعة سواء في الحرب أو السلم .

 

والتاريخ يشهد والحمد لله أني خدمت هذه الأمة باخلاص وأني نجحت في مهمتي إذ ظفر الشعب اليوم بما ينعم به من حرية مكنتنا من عقد هذا المؤتمر الخالد ومن الاجتماع بإخواننا من المشرق والمغرب.

 

ولا أدل على نجاعة هاته المرحلة التي نجتازها رغم ما تتصف به من نقص في بعض الميادين من صدور أوامر حكومتنا الى السفراء كي يؤشروا جوازات سفر اخواننا من العرب وتمكيننا لهم من زيارتنا وحضور مؤتمرنا تشريكا لهم في فض مشاكلنا. ومهما كانت ملكة الاقناع عندي قوية فإني مؤمن أن الرشد من عند الله يمنحه من يشاء.

 

« إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء« 

والسلام عليكم ورحمة الله

انتهــى خطاب الزعيــم بورقيبــة

       

ووفاء لروح الزعيم في الذكرى الخمسين لانعقاد المؤتمر التاريخي الخالد الذي يستحق اهتماما واسعا في الأوساط  السياسية داخل البلاد وخارجها وأعلاما أكثر مصداقية لإعطاء التاريخ حقه وإعطاء الزعيم حقه ورفاقه الذين ساندوه وآزروه ووقفوا إلى جانبه أيام الشدة والمحن.

 

 

ونختم هذه الخواطر بكلمة بليغة للتاريخ:

 

أننا نعاهد قائدنا وزعيمنا الذي هو بجوار ربه, نم أيها القائد هانئا فإن إخوانك وأبنائك الأوفياء وبناتك المناضلات على العهد دوما ثابتين وعلى الوعد صادقين وعلى المنهج مخلصين وعلى الثوابت متمسكين وعلى القيم والمبادئ باقين « إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين » وجزاكم الله خيرا على ما قدمتموه من أعمال وتضحيات جسام لا تمحى من الذاكرة الشعبية على الدوام. والله على ما نقول شهيد.

 

وجمعية الوفاء للمحافظة على تراثكم التاريخي الخالد ونضالكم الوطني العزيز لا يسعها إلا الاستمرار في نشر مبادئكم السامية عاملة وصامدة وفاعلة و حاضرة  دوما في الوجدان والإحساس والضمير وفي الشرايين تجري مجرى الدم لتغذية العقول والقلوب من معدن الوطنية الصادقة التي غرستموها في شعبكم الوفي.

 

ونرجو أن تجد الجمعية الدعم من طرف كل الأوفياء للزعيم الراحل والغيورين للثوابت الراسخة ويصدعوا بالحب دون تردد ولا ريبة.

 

وعلى كل القوى الحية الوطنية إلا الدعم والمساعدة لأهداف الجمعية الوطنية التي تكونت في النصف الأول من العام الحالي 2005 وعسى أن تشارك في الاحتفالات العامة التي ستقام عام 2006 في الذكرى الخمسين لعيد الاستقلال 20 مارس 1956 –2006 .

 

ومن المعلوم أن الجمعية تقدمت بملف حول الحصول على التأشيرة القانونية يوم 13 جوان 2005 وذكرت برسالتين متتاليتين الأولى بتاريخ 21 جوان 2005 و7 جويلية 2005 ولحد الآن تنتظر الرد الايجابي والقبول النهائي مع الملاحظة إن الأجل القانوني للرد والإجابة القانونية لا يتجاوز 90 يوما وإذا اعتبرنا تاريخ 13 جوان 2005 فان يوم 13 سبتمبر 2005 يكون الأجل القانوني لنشاط الجمعية وتعتبر قانونيا جمعية ذات صلاحيات طبقا لما نص عليه قانون 7 نوفمبر 1959 كما وقع تنقيحه في 1988 وفي 1992 ولنا الثقة في شخص سيادة الرئيس زين العابدين بن علي الضامن للقانون والساهر على تطبيقه والعادل في تنفيذ كل القوانين المتعلقة بالحياة السياسية والاجتماعية لدعم المجتمع المدني وتطوير أداء رسالته.

 

وما القمة العالمية لمجتمع المعلومات المنعقدة بتونس إلا تأكيد لدور المجتمع المدني وترسيخ مفهوم العمل الجماعي في إطار الجمعيات والقوانين المشار إليها أعلاه.

 

و أعتقد أنه بعد انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات سوف تتلقى جمعية الوفاء للمحافظة على التراث الوطني للزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله التأشيرة القانونية من رئاسة الجمهورية , لأن الرسائل المشار اليها صحبة الملف , وجهت إلى رئاسة الجمهورية يوم 13 جوان 2005 مضمونة الوصول منذ قرابة خمسة أشهر و 07 أيام ولم تتلقى الجمعية أي رد طيلة هاته الفترة بينما القانون يحدد فترة الانتظار ب 90 يوما.

 

و لا زلنا ننتظر الرد الإيجابي على مطلبنا الشرعي , بعد أن وجدنا أبواب أخرى موصدة لم تستجب لمطلبنا , فوقع الالتجاء إلى رمز الأمة الضامن للحريات و الساهر على تطبيق القانون و الراعي لشؤون الأمة طبقا للقوانين المشار اليها آنفا .

 

و ما إحيائنا للذكرى الخمسين لمؤتمر صفاقس إلا تأكيد على روح الوفاء للزعيم الحبيب بورقيبة .

 

والله ولي التوفيق.

والســـلام./.

 

محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري  

حمـام الشط – تونــس


 

فرنسا تنام على براكين ثورة الجياع

 

الطاهر العبيدي  

استيقظت فرنسا على حرائق غضب الضواحي الباريسية، التي يعشّش فيها الفقر والبطالة والضياع  والأمل المفقود، في أحياء تركت لمصيرها تعاني البؤس والإهمال واللامبالاة، ضمن تجمّعات سكانية كثيفة، متذمّرة من رداءة السكن وغياب المرافق والفقر والحرمان، وعزلتها وانكماشها في مربعات الإحساس بالدونية وغياب الآفاق، والتأوّه من الظروف الاجتماعية القاسية ولسعات العنصرية، والتذمّر من الظروف الاجتماعية الكالحة وقسوة الحياة المادية، لتنفجر غضبا ويكون الانفجار بداية السؤال:

لماذا الغضب الذي أشعل كل هذه النيران؟ من هم هؤلاء الذين احتلوا كل نشرات الأخبار؟ هل هم صغار أم كبار؟ هل هم مهاجرون شرعيون أم مقيمين غير شرعيين؟ أم فرنسيون من مختلف الثقافات والبلدان والجذور؟ ما هو لونهم السياسي والإيديولوجي؟ ما هي الأسباب التي دفعتهم للتعبير بهذا الشكل المدان؟ من يقف ورائهم؟ ما هي مطالبهم؟ هل هو غضب محلي أم غضب مستورد؟ هل هي حالة عامة أم خاصة؟ هل سينتهي الشغب بتمديد إعلان الطوارئ؟ أم سيظل الغضب نائما كالبركان؟

 

لتفكيك هذه الأسئلة نحاول هنا رسم الممكن المتاح لفسيفساء المجتمع الفرنسي، الذي تتزاوج وتتشابك وتداخل فيه مختلف الثقافات، وتتواجد فيه العديد من الجنسيات، تتعايش تحت سقف مبادئ الجمهورية الفرنسية- حرية – مساواة- إخاء-

الهجرة اختيار أم اضطرار

لمحاولة فهم الخطوط الجيومترية للهجرة إلى فرنسا، نعود قليلا إلى الوراء، وتحديدا آخر الخمسينات وبداية الستينات، حين قامت فرنسا بجلب اليد العاملة من مستعمراتها في إفريقيا والمغرب العربي، للمساهمة في بناء فرنسا التي دمّرها الألمان، بالتزامن مع انطلاق الثورة الصناعية، التي تحتاج يد عاملة كبيرة، وتتطلب طاقة بشرية ضخمة، لتحريك المصانع المتنوعة والمتعدّدة في مختلف المجالات، مستفيدة من الأجور الزهيدة لليد العاملة الأجنبية، زيادة على البنية الجسدية التي يتمتع بها الوافدون، الذين أغلبهم من الشباب السليم جسديا، وكان هذا الجيل في أغلبه أميا، جيلا لم  تحفظ له الذاكرة التاريخية، سوى عرق الجبين، وبصمات تعب السواعد في الجسور التي بناها، والطرقات التي عبّدها، والمعالم التي شيّدها، والأنفاق التي حفرها، فلا هو عاش ولا هو عاد، وظلوا على هامش المجتمع، في بيوت متواضعة وأحياء متناثرة، وأسسوا فضاء خاصا بهم، تجمعهم وحدة المصير، ووحدة الأوطان، ووحدة اللغة، ووحدة الديانة والثقافة والعادات، ليأتي من أصلابهم جيل ثاني وثالث، ترعرع على أرض غير أرض الآباء الأجداد، وتغذى من ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه، وكبر في بيئة تختلف عن بيئة الآباء والأجداد، وظل جيلا متأرجحا بين ثقافة العائلة، وثقافة وطنه الفرنسي بالتبني، فكان متدليا بين محيطين، فلا هو مقبولا في وطن الآباء والأجداد، ولا هو مندمجا في مجتمعه الفرنسي، الذي ولد فيه ويحمل جنسيته ويتقن لغته، وظل جيلا ممزقا بين الانتماء والانصهار..

استقراء حالة الغضب

لمعرفة حالة الغضب التي اجتاحت فرنسا، فلا بد من التعريج حسب اعتقادنا على نقطة مركزية، وهي العلاقة العدائية بين شباب هذه الضواحي المنتفضة ورجال الأمن، التي عادة ما تتسم بالكراهية المتبادلة، وتشهد في كثير من الأحيان التصادم والاستفزاز، نتيجة للمشاهد اليومية المتكرّرة، في العديد من الأماكن العمومية وفي مترو الأنفاق وفي الطرقات وفي السيارات، أثناء دوريات البوليس، حيث كثيرا ما يشاهد بعض الشباب الفرنسي من الملونين أو من أصول مهاجرة، يخضعون لعملية تفتيش تقترب من الاتهام، حيث يقع بحث جيوبهم مع رفع أيديهم، بحثا عن المخدرات أو ممنوعات، أو طلب الاستظهار بالهويات وتتم هذه المشاهد أمام الناس، وهذه المعاملة تختزن نوعا من النقمة ضد هذه الممارسات، وتسبطن شعورا بالإهانة والاستنقاص، إلى جانب وقوع بعض الأحداث المتفرقة، التي عادة ما تخلف ضحايا في صفوف الشباب الأفارقة والعرب، الذين عادة ما يكونون فرنسيو الجنسية، فتفسّر على أنها من قبيل الدفاع الشرعي أثناء المطاردات أو التفتيشات، تقابل غالبا بغليان ومظاهرات احتجاجية وردود أفعال غاضبة، تنصبّ على ما يرمز للبوليس  لتحرق فيها سيارات الأمن وبعض المراكز، وتبقى محدودة ومقتصرة على مناطق الحدث، ليقع امتصاصها سياسيا غير أن النار تبقى مشتعلة تحت الرماد. 

وللإشارة فإن الإحصائيات الرسمية تشير، إلى أن واحد وعشرون  في المائة من رجال الأمن هم من المنتمين إلى حزب الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف)، الذي من أولوياته محاربة الهجرة، واعتبار المهاجرين هم غزاة جياع، وسبب مآسي فرنسا، إلى جانب العديد من الأمثلة الواقعية، التي تناولتها الصحافة الفرنسية علنا بمختلف منابرها، وهي أن البعض من شباب الضواحي حين يتقدمون للوظائف يجابون بالرفض والاعتذار، بسبب أسمائهم العربية أو الإفريقية، وأبعد من ذلك بسبب عناوين سكنهم في هذه الأحياء، المتهمة بالفوضى والكسل والمشاكل، رغم امتلاكهم للمؤهلات العلمية والكفاءات المهنية والجنسية الفرنسية، مما يخلف شعورا مرا بالغبن السياسي والإحساس الصارخ بالميز العنصري في تكافأ الفرص. ونتيجة لتكدّس البنايات وتراكمها في هذه الأحياء البائسة، والزحام السكني في عمارات هي أشبه بناطحات الفقر، عادة ما تعاني من تعطل المصعد على مر الأيام، وعدم الصيانة والإهمال والتبعثر وغياب الأمن، مما يجعل غالبية الأطباء يخافون التنقل ليلا للبيوت الواقعة في هذه الأحياء لإسعاف المرضى، إضافة إلى البطالة المتفشية في صفوف شباب هذه المحافظات بشكل لافت، مما يجعل هذه الضواحي عرضة لتفشّي الجريمة والعنف والجنس والمخدرات والاغتصاب واللصوصية، وانتشار مظاهر الانحدار، التي تحيل على تضخّم  بروز ظاهرة تردّي السلوك المدني عند بعض الشباب المراهق، الذين تثير تصرفاتهم الاشمئزاز وعدم احترام الآخر، والمبالغة في التسيّب الاجتماعي، وعدم الانضباط في الأماكن العامة والمؤسسات العمومية، وكأنه نوعا من التعبير العكسي، الذي يراد به لفت الأنظار، فيجلب عليهم الكثير من الاحتقار.

الاندماج بين الحقيقة والخيال

ركزت السياسة الفرنسية من اليسار إلى اليمين، على ما يسمّى بالاندماج الإيجابي، وهو مفهوما بقي غامضا ومصطلحا متدليا بين التنظير والتنفيذ، حيث اعتمدت على تشجيع الشركات الصغرى والمتوسطة، للتواجد في الضواحي الباريسية الفقيرة، لأجل توفير فرص الشغل لشباب الضواحي، مع إسناد امتيازات لها، بغية التخفيف من حدّة البطالة، غير أن أغلبية هذه الشركات لم تلتزم بتطبيق هذا الاتفاق، وجلبت يد عاملة من أماكن أخرى، متحاشية أبناء هذه الضواحي، ما يفسر أنها كانت أغلبها عرضة للحرق أثناء أحداث الشغب، يضاف إلى ذلك بعث جمعيات توعوية تعنى بهذه الأحياء، وقع تخفيض الاعتمادات المخصصة لها ماديا، مما جعلها شبه معاقة على إنجاز الممكن المأمول، هذا وظلت سياسة الاندماج إلى حد ما حبيسة الخطب والحملات الانتخابية، ولم تجسّد مصطلحا مفهوما على الأرض، لان الاندماج الذي ينادى به هو ذاك الذي يراد به الانسلاخ الكلي من الهوية والثقافة والانتماء العقائدي، وقد أثبتت التجارب الملموسة والمعاشة، أن الذين اندمجوا بهذا الشكل اصبحوا أقرب إلى الانبتات من الاندماج، ليظلوا رغم الانسلاخ الكلي مطبوعين بجنسياتهم الأصلية، ومنعوتين بجذورهم الثقافية، ومعنونين بلون جلودهم البشرية، كما هو مثل

  » الحركيين » وهم الجزائريون الذي حاربوا إلى جانب فرنسا وقت الاستعمار، ورغم التضحيات التي قدّموها لصالح المستعمر، ضد أهل بلدهم وضد عقيدتهم وضد أرضهم وضد حضارتهم، ورغم امتلاكهم للجنسية الفرنسية ورحيلهم مع فرنسا عند استقلال الجزائر، برغم كل هذه التضحيات، على حساب الأهل والوطن والعقيدة، إلا أن الحركيين ظلوا شريحة مغبونة معرّفة بحركيين الجزائر.

القطرة التي أفاضت الكأس

ابتدأت أحداث الشغب التي اجتاحت فرنسا، على إثر موت شابين صغيرين، أحدهما تونسي والآخر مالي، حين فرّا من البوليس الذي طاردهما، فاختبئا في غرفة مولد كهربائي دون أن يعرفا، فصعقهما الكهرباء على الفور، بمنطقة  » كليشي سو بوا  » إحدى الضواحي الباريسية الفقيرة، التي تتواجد فيها كثافة سكانية ذات أصول مهاجرة، لتنتقل بعدها إلى ضاحية  » سان سان دوني  » أكبر الضواحي الباريسية مساحة، وأكثرها فقرا وهموم اجتماعية، لتكون الشرارة التي تجتاح بقية الضواحي وتنتقل للمدن، وممّا زاد الغضب تأجّجا هو تصريح وزير الداخلية  » نيكولا ساركوزي  » الذي وصف المحتجين » بالرعاع والأوباش والحثالةّّ »، مما أشعل نار الغضب لأن أغلبية المحتجين يعتبرون أنفسهم أبناء البلد، بحكم امتلاكهم للجنسية الفرنسية، وعدم ولادتهم بأوطان أخرى غير الوطن الفرنسي، الذين ولدوا وعاشوا وترعرعوا فيه، ما جعل السلطات الفرنسية تعلن حالة الطوارئ لأول مرة، منذ 6 أفريل 1955 حين طبّق في الجزائر العاصمة أثناء الاستعمار، ولم يطبّق في فرنسا سوى يوما واحدا آن ذاك، وقد استنفرت أجهزة الأمن لمحاربة الشغب، وتمّ استدعاء تسع آلاف عون أمن احتياط، ووقعت محاكمات استعجاليه لمن قبض عليه متلبسا، واتخذ وزير الداخلية قرارا بترحيل من تورّط في أعمال الشغب إلى بلده الأصلي، حتى وإن كان يحمل الإقامة القانونية الدائمة، وقد فسّر هذا الإجراء بأنه إشارة ذات دلالات سياسية، ومغازلة لحزب اليمين المتطرف الذي بدأت طروحاته تزحف وتلقى رواجا سياسيا، لأن وزير الداخلية  » نيكولا ساركوزي » هو أحد المسكونين بهاجس الرئاسة، خصوصا بعد أن فاز بسهولة برئاسة « حزب اتحاد الحركة الشعبيةّّ »، ليخلف  » ألان جوبي » الوزير الأول السابق، الذي تزلزل مستقبله السياسي على إثر الإضراب العام سنة 1996، الذي دام شهرا كاملا وشل فرنسا، وأكيد أن هذه الأحداث ستنعكس سلبا على الطموح الرئاسي « لنيكولا ساركوزي »، ويظل رئيس الوزراء « دوفيل بان » بعد هذه الزوبعة أكثر تأهلا وحظوظا للرئاسيات، نظرا لأن هذا الأخير هو أديب وشاعر، يحظى باحترام لدى المثقفين ويتمتع بشعبية، وتحترمه الجالية التي لم تنس له موقفه من حرب العراق، لما كان وزير خارجية فرنسا، وخطابه الشهير في مجلس الأمن قبل بداية الحرب على العراق، وتظل الصورة جلية في تأثيرها على المعادلات السياسية المستقبلية الفرنسية.

أحداث الشغب تجليات محلية

يمكن القول أن أحداث الشغب التي اندلعت في الفترة الأخيرة، هي نوع من الغضب الاجتماعي الخام الذي لم يستعر وجها أيديولوجيا، فكان احتجاجا اجتماعيا على القول الذي صودر، وضد واقع التهميش والتجاهل والفروقات الاجتماعية الصارخة، وهي تجليات محلية لم تتبن خطابا مستوردا أو فكرا مهاجرا، بل تفلتا وتعبيرا على وجود شريحة هامة من أبناء فرنسا من ذوي أصول مهاجرة، ظلت متأرجحة بين المواطنة الإيجابية والمواطنة السلبية، التي تنتفض من أجل تجسيد الحقوق الاجتماعية، والتعبير عن وجودها عبر الغضب الموجّه ضد الرمزية المؤسساتية للدولة الفرنسية، التي تجاهلت لسنين طوال واقعها الاجتماعي ووضعها الاقتصادي ومعاناتها العائلية، وقد ظهرت في السنين الأخيرة تعبيرات، تترجم معاناة أحياء البؤس، وذلك ببروز أغاني  » الراب  » التي تسجّل واقع الأحياء، والميز العنصري والبطالة ومعاناة العائلات، وشكل التعامل مع البوليس ونقد السياسة الفرنسية والهجرة، عبر الأغنية السريعة على إيقاع صاخب وجمل موسيقية قصيرة، تختزن التمرد والانتفاضة على واقع الرسوب في المناطق الوسطى، والعديد من التعبيرات المسرحية في شكل

 » مونولوق « ، تصوّر في مجملها مساحات الظل في الضواحي المحرومة، وتبقى تمثيلية الجالية عبر الأطر المختلفة تمثيلا رسميا أكثر منه تمثيلا واقعيا غير ملتحم مع القضايا والهموم الاجتماعية والبيئية والنفسية،  مما يضع فرنسا أمام مسؤولياتها السياسية والأخلاقية والتاريخية..

دور العائلة الملغى

بيّنت أحداث الشغب، أن أغلب المنتفضين كانوا أحداثا، تتراوح أعمارهم بين أربع عشر سنة وستة عشرة سنة، ممن لفضتهم المدارس الابتدائية في سن مبكرة، ليحتضنهم الشارع في انتظار بلوغ السن القانوني، لإيجاد شغل أو القيام بتربصات مهنية، ما يجعل فترة الانتظار طويلة تثير نوعا من الضجر الاجتماعي، خصوصا وأن الأغلبية تنتمي لعائلات ذات دخل محدود ووفيرة العدد، زيادة على وجود قوانين ضاغطة تكاد تلغي دور العائلة وتنفي موقعها في مراقبة الطفل بطريقة حازمة، وتتدخل مؤسسات تربوية أخرى على الخط، لمجرد شكوى طفل من عائلته، ليقع سحبه من عائلته الأصلية لتتولى مؤسسة  » الأداس  » التكفل بتبنيه، ما يجعل العائلة تخشى هذا الإجراء، وتجعلها محطاطة في التعامل مع طفلها، مما ينجرّ عنه تسيب الأطفال والانحراف، وظهور الكثير من الأمراض السلوكية المتردية جدا، وتطفوا على السطح حالات التفكك العائلي والمآسي العائلية، حيث أن العائلة في المجتمع الفرنسي تشكو من برودة العلاقة، ما يفسر موت خمسة عشر ألف مواطن من المسنين الكبار  سنة 2003 على إثر موجة القيض، وقد تولت السلطات الفرنسية دفن الكثير منهم، حيث لم يلب أهاليهم نداءات تولي دفنهم، مخافة دفع التكاليف المادية.

آثار أحداث الشغب على المهاجرين

تشهد فرنسا أزمة اقتصادية خانقة نظرا لتضخم البطالة، وهجرة الشركات الصناعية الكبرى إلى الاستقرار في دول العالم الثالث، مستفيدة من اليد العاملة الزهيدة، وخفض الضرائب والإمتيازات الجمرقية، وتقلص الشراكة بينها وبين مستعمراتها الإفريقية، التي تشكل الرئة التي تتنفس منها، نظرا للزحف الأمريكي ومحاولة افتكاك هذه المواقع الفرنسية، إلى جانب أن فرنسا خسرت العراق الشريك الاقتصادي المهم في الخليج، كما أن سياسة الخوصصة والضرائب المرتفعة، قلصت اليد العاملة كثيرا، وغلاء الأسعار وانخفاض الأجور وارتفاع أسعار النفط، كل هذه العوامل وغيرها من العيار الثقيل، جعلت فرنسا تتخبّط في أزمة اقتصادية خانقة، جعلتها تحاول الضغط على المصاريف في كل الاتجاهات، منها التأمين الصحّي الدواء المنح العائلية، تخفيض الاعتمادات المخصّصة للضواحي الفقيرة، مما انعكس سلبا وضاعف من حالة الهيجان…

ولا شك أن أحداث الشغب، وإن لم تكن منظمة ومؤطرة سياسيا، وكانت غضبا انفجاريا دون لون إيديولوجيا، تجاوز التعبير السلمي ليستهدف مؤسسات الدولة، وحرق السيارات بطريقة عشوائية، وبأسلوب تدميري لا يميز بين المطالبة بالحقوق الاجتماعية عبر الطرق المدنية المتاحة، وبين الاحتجاج العدمي الذي يجلب الاشمئزاز بدل التعاطف، فإنها قطعا ستنعكس سلبا على الجالية عموما، وتضعها في وضع حرج، حيث تعالت أصوات معادية تنادي بتفريغ فرنسا من المهاجرين، وتعتبر هذه الأحداث التي سيطرت عليها النزعة الانتقامية، هدية مجانية لليمين المتطرف، الذي يضع الأزمة الاقتصادية على عاتق المهاجرين، ويعتبرهم  سبب البلاء، مما ينذر بتضاعف القوانين المتشدّدة ضد المهاجرين.. 

المعارضة تصريح وأقوال

المعارضة الفرنسية المتمثلة في اليسار بجميع تشكلاته، وعلى رأسها الاشتراكيين، ظل صوته خافتا في التعليق على هذه الأحداث، حيث تحاشى المعارضة واصطف وراء التصريحات الرسمية للحكومة، خشية أن يشار له بالإصبع بأنه هو من خلق وضعية الضواحي، حين كان في الحكم 14 سنة، وانفرد قليلا عن السرب زعيم الخضر « نوال مامار » ليرفع صوته مشيرا إلى أن الضواحي لم تعالج معالجة جدية.

 

وتبقى فرنسا وتحديدا باريس، هذه المدينة المستيقظة ليلا نهارا، مدينة متحف  » لوفر » مدينة الحدائق والمنتزهات الجميلة، مدينة ساحة « الكونكورد » والباستي » « وشاتلي » والحي اللاتيني، مدينة برج  » إيفل  » ونهر  » السين  » تبقى هذه المدينة مفتوحة على العالم، وموصدة في وجه أبناء الضواحي البؤساء وغيرهم من المتسولون الساكنين على رصيف الحرمان في ظل ليبرالية متوحشة لا تؤمن بالعواطف ولا تسمع أنين الجياع ولا تأوهات الفقراء.

(المصدر: / العربية نت / www.alarabiya.net / 24 – 11- 2005 )


 

مؤتمر تفتخر به تونس
د. عبد العزيز بن عثمان التويجري

المدير العام للمنظمة الاسلامية للعربية والعلوم والثقافة ـ ايسيسكو

 

تعقيبا على مقال عبد الرحمن الراشد «لماذا استضافته.. ولماذا اختاروها؟»، المنشور بتاريخ 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وبحكم مشاركتي على رأس وفد من منظمة «الايسيسكو» في هذا المؤتمر، وحضوري عددا من ندواته وموائده المستديرة، التي ساهمت الايسيسكو في تنظيم بعضها، اقول ان القمة العالمية لمجتمع المعلومات في تونس كانت ناجحة تنظيما ومحتوى، بل فاقت المرحلة الاولى التي عقدت في جنيف عام 2003 في الكثير من الجوانب والترتيبات التنظيمية.

 

ويحق لتونس البلد العربي المسلم ان يفخر بمثل هذا الانجاز، الذي لا يجوز التشويش عليه بمبالغات لم تكن موجودة في البلد المضيف خلال انعقاد المؤتمر. فلم تكن هناك اضرابات ولا اعتصامات، سوى الاضراب عن الطعام الذي قام به عدد محدود من افراد المعارضة، الذين لم تتخذ السلطات ضدهم أي اجراء، بل سمحت حتى لشيرين عبادي بزيارتهم وأخذ الصور معهم.

 

واذا كانت تونس تعاني من اشكالات سياسية، وتعد من ابخل البلدان في الحريات واكرمها قمعا للنشاطات التعبيرية، كما قال الراشد، فكيف قبلت الامم المتحدة ودول العالم الموافقة على عقد هذا المؤتمر الدولي الكبير في تونس، واقدمت على الاسهام في أعماله؟ وكيف حظي بإشادة عدد كبير من رؤساء الدول والمنظمات الدولية المشاركة فيه؟

 

انني ادعو عبد الرحمن الراشد الى شيء من الموضوعية والانصاف في الحديث عن هذا الانجاز التاريخي الكبير، الذي يجدر بنا جميعا اعطاءه ما يستحقه من تقدير.

 

(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 24 نوفمبر 2005)

 

وهذا تذكير بمقالتي عبد الرحمان الراشد حول قمة تونس بصحيفة الشرق الأوسط ليومي 17 و21 نوفمبر 2005:

 

لماذا استضافته.. ولماذا اختاروها..

عبد الرحمان الراشد

alrashed@asharqalawsat.com

 

حيرنا حرص الحكومة التونسية على استضافة قمة المعلوماتية العالمية، وهي من اكثر بلدان العالم محاربة لاستخدامات التقنية في نقل وتبادل المعلومات. كما يدعو للاستغراب رغبة المنظمين في اختيار تونس محطة لإعلان القمة المعلوماتية لأول مرة، وهي البلد الذي يناقض كل ما يطرحونه ويدعون اليه.

 

تونس بلد ناجح اقتصاديا واجتماعيا لكنه مشهور بإشكالاته السياسية، ومتفق على انه من ابخل البلدان في الحريات وأكرمها قمعا للنشاطات التعبيرية. لذا عندما وافقت على استضافة قمة دولية في موضوع كهذا، نظن انها فتحت كهفها وعلى نفسها مشاكل عديدة. فقد تحول المؤتمر الى مناسبة لفحص النظام السياسي والأمني التونسي بشكل لم يسبق له مثيل منذ عشرين عاما.

 

سألت احد المهتمين بالشأن التونسي عن السبب، فقال ان الرئيس التونسي نفسه محب للتقنية، ومن اول القادة الذين تثقفوا في الشأن المعلوماتي، ويربط نفسه بحاسوب في كل مكان يعمل فيه بما في ذلك منزله، وانه يريد تطوير القواعد المعلوماتية لأغراض تعليمية وخدماتية وغيرها.

 

حماس الرئيس للاستخدام المدني للكمبيوتر ربما لا تشوبه شائبة، وقد يكون سببا في نقل تونس الى عصر جديد ، لكنه لا يبرر توريط بلاده في مؤتمر معلوماتي كشف عن المستور.

 

كما ان المنظمين الذين اختاروا تونس بدا واضحا انهم انفسهم لا يفقهون في استخدام التقنية، والا لاكتشفوا منذ اول ساعة عمل عقدوها في اي فندق ان الانترنت بطيئة العمل في البلاد بسبب كثرة الحجب على كثير من المواقع الدولية، فجاء اختيارهم تونس ليثبت خطأ عناوينهم التي تتحدث عن انسياب المعلومات واستخداماتها المختلفة.

 

ففي العالم العربي توجد مجتمعات اكثر انفتاحا في الشأن المعلوماتي بينها مصر والأردن.

 

خلال ايام المؤتمر شغلت الاحتجاجات والاعتصامات والاضرابات والنقاشات الاعلام الدولي، تتحدث عن سوء الحريات في تونس بعد ان كانت البلاد تغمض عنها عيون وسائل الاعلام الدولية.

 

أجندة تونس، الوثيقة التي اعتمدها المؤتمرون تقدم تناقضا صارخا بين الاسم والمكان، في بلد من عشرة ملايين نسمة فيه نصف مليون مستخدم للانترنت. كانت استضافة في غير محلها.

 

وهذا يماثل قيام قطر بافتتاح مركز إقليمي لحقوق الانسان، وهي التي تعاني محليا، مثل غيرها، من مخالفات فاضحة، في السجن والمنع والطرد وتزييف المعلومات. وهذا ما يجعل المرء يتساءل لماذا تقوم دول عربية باستضافات تتناقض مع ممارساتها، لماذا تفعل ذلك.

 

هل تظن تونس ان الحديث عن حرية المعلومات عالميا سيضفي عليها صورة الدولة الحرة ، فقط لأنها خصصت قاعة لمائة

 

وسبعين وفدا من انحاء العالم؟ وعندما تقوم قطر بتأثيث شقة تسميها حقوق الانسان عن الدول الاخرى، هل تعمي بذلك الناس عن نقص الحقوق في بلادها؟ ليس صحيحا، بدليل ان مؤتمر المعلومات في تونس فضح الحجب المتعمد فيها وكثرة المخالفات القانونية.

(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 20 نوفمبر 2005)

 

وهذا تذكير بالمقال الذي نشره عبد الرحمان الراشد في صحيفة الشرق الأوسط يوم 17 نوفمبر 2005

 

معركة تونس

عبد الرحمان الراشد

alrashed@asharqalawsat.com

 

منذ ما ينيف عن الستة أشهر والكثير يكتب حول قمة المعلومات المنعقدة الآن في تونس. المعركة لها جوانب مختلفة من سياسية وأمنية واقتصادية وتقنية، سبقتها اجتماعات عديدة تحاول وضع خريطة عالمية للإنترنت توزع المهام والغنائم.

 

ويماثل مؤتمر تونس مؤتمر سان فرانسيسكو عام 1945 الذي أسس للأمم المتحدة ووضع اسس العلاقة الدولية، ورتب لقواعد التعامل بين البلدان. ويدلل عقده والاهتمام به خطورة التغيرات التي يمكن ان تحدثها ثورة الاتصالات التي توجت إلكترونيا على نطاق واسع منذ التسعينات، وظلت بدون تنظيم فصارت نهباً للشركات القوية وكذلك مرتعاً للتنظيمات الخارجة على القانون.

 

والمؤسف جدا ان حكوماتنا لم تتحرك لمواجهة أخطار الفوضى والاستغلال الذي تسلل الى الإنترنت إلا بعد أن أعلنت الحكومات القوية أن العرب نقلوا أمراضهم من كراهية وإرهاب الى الإنترنت، وانها لن تسمح بترك الحبل على الغارب كما فعلت من قبل في قضايا التعليم والجمعيات الخيرية. ونقول انه مؤسف، لأن المؤسسات الرسمية العربية دائما تصل متأخرة بعد خراب اوضاعها، فتريد اصلاحها. فهي نجحت الى حد كبير في منع الإنترنت من ان يصبح مرتعا لتجارة الجنس، لكنها تساهلت في القضايا الارهابية وطروحاتها، كما فعلت قبل احداث الحادي عشر من سبتمبر.

 

 

العديد من الأحداث الماضية كشفت عن وجه قبيح للإنترنت في منطقتنا، التي يفترض انها أكثر مناطق العالم حاجة لهذه الوسيلة من اجل التطوير والتنمية، ليستخدم عوضا عن ذلك في إشاعة الكراهية. فالغالب اليوم إلكترونيا تثقيف المواطن العربي ضد السنة والشيعة والدروز والمسيحيين وأهل الفرق والأديان الأخرى، وبلغ مرحلة لم يعرف لها مثيل من قبل، حتى في زمن الحروب الدينية الصريحة. هذه هي بضاعة دكاكين الإنترنت اليوم بكل أسف، لا تستخدم من أجل المشاركة في درس علمي او تنمية مدارك الاطفال او الاجابة على حاجات الناس المباشرة، وكذلك من اجل الترفيه عنهم.

 

الإنترنت اليوم يلعب دور المهيئ لحروب المستقبل القريب والتي تطل بوجهها البشع من خلال ما نراه من عمليات ارهابية. فمعظم ما اصاب المجتمعات الحديثة على الارهاب بدأ من شاشة الكومبيوتر، كما رأينا في حال بريطانيا، وكذلك احتمال توسيع دائرة الشغب في فرنسا بالترويج له وتنظيمه عبر الإنترنت. اما ما يحدث في منطقتنا فهو أمر يصعب شرحه، من محاولات صريحة لتوسيع دائرة الحرب في العراق الى كل الدول المجاورة، من خلال مواقع إلكترونية تجاهر بدعواتها القتالية والفكرية المعادية. فمنطقتنا رغم فقرها لم تبخل على المتطرفين بالمواقع الإلكترونية، ولم تستطع حكوماتنا رغم خوفها من الارهاب، أن تحد من قدرتهم على الوصول الى اكبر عدد من مواطنيها.

 

(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 17 نوفمبر 2005)

 

 


 

سورية بين السندان الوطني والمطرقة الأمريكية

عادل الحامدي (*)

 

لم يعد الخوف من المستقبل يؤرق القادة السياسيين وصناع القرار السياسي كما لم يعد الشك في امكانية نجاح المشروع الديمقراطي علي المستوي الكوني مقصورا علي أدمغة الحكماء والمستشارين الذين تعتمدهم الحكومات في رسم المخططات وإعداد البرامج الكفيلة بضمان الحاضر والمستقبل.

 

انطلق المشروع الإصلاحي الديمقراطي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية علي إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر المشؤومة، هذا المشروع الذي اختلف حوله الناس بين مؤيد متحمس ومعارض متوجس غدا اليوم أقرب منه إلي الكابوس بعد أن شهدت الأحداث والوقائع علي طوباويته بل ومسؤوليته المباشرة علي مزيد الانقسامات العالمية والتكتلات الإقليمية المتوثبة والغليان الدولي المحموم والفوران الاجتماعي الإثني وما يحدث في فرنسا ليس إلا مثالا علي ما نرجحه خصوصا بعد أن انفض منتدي المستقبل للتنمية الديمقراطية الذي انعقد مؤخرا بالعاصمة البحرينية دون أن نسمع تلك الأصوات المبشرة بالخير العميم والرفاه القادم والجنة الديمقراطية الموعودة.

 

إن المتمعن فيما انتهت إليه التطبيقات القسرية والمرتجلة لمشاريع التحرر ومحاولة دمقرطة العالمين العربي والإسلامي وتحديدا ما تم في كل من أفغانستان والعراق يصاب بالحسرة واليأس بل والاكتئاب لما آلت إليه المغامرة العسكرية لدول التحالف، فالدمار والخسائر والأرواح التي حصدت خصوصا في العراق والتكلفة الباهظة والفواتير العالية وتجييش العالم، كل ذلك يكاد يحجب الإنجازات والنجاحات التي تحققت إلي حد هذه الساعة ما يؤكد هشاشة العملية الديمقراطية برمتها والأخطر من ذلك عدم صدق النوايا التي ما انفكت تعبر عنه بعض العمليات والافراط في استعمال القوة والأسلحة المحرمة كما حصل في الفلوجة أو في ملجأ الجادرية.

 

لا يزال الإسلام بخير ما بقي الشام بخير، تذهب بعض الروايات إلي نسبة ما يشبه هذه المقولة إلي المصطفي صلي الله عليه وسلم، لكن الشام علي عظمة مكانته في التاريخ كما في القلوب ليس إلا عضوا في جسد مريض منهوك يعصره قيوم الداخل، والخارج المتربص يرهبه تارة ويمنيه طورا.

 

الصين لنا والهند لنا والعرب لنا والكل لنا، أضحي الإسلام لنا دينا وجميع الكون لنا وطنا .. هذا ملخص ما بشرت به طلائع الإخوان منذ عقود وهي تحاول إعادة الروح الإسلامية الصافية إلي شباب أمة لم يعد لها من خصائص هذه الكلمة إلا غثاء كغثاء السيل يلهث وراء كسرة يابسة أو شربة ماء وسط أعاصير عاتية من الشك في الحاضر والمستقبل.. بله في الماضي أيضا…

 

منذ أواسط الأربعينات وحتي الستينات والاستعمار يرحل عن دول الشتات. بدأت رحلة الاستعمار من سورية سنة 1946 وختمت بالكويت عام 1963 وترك هذا الاستعمار الذكي والمخطط البارع السلطة علي مستوي الدول العربية كلها في أيدي النخبة السياسية الأقرب مودة إلي فؤاده وهواه ومصالحه.

 

ومنذ استقلالها أواسط الأربعينات وسورية يحكمها البيان رقم واحد تلو الآخر إلي حين وصول حافظ الأسد رحمه الله إلي سدة الحكم فاستقرت سورية التي خرجت من الوحدة مع مصر بعد أن أدركت أن قلب العروبة والإسلام يحكمها جمال عبد الناصر وليس عمرو بن العاص… صمدت عاصمة بني أمية أمام صلف إسرائيل وهي تعيش عصر التفوق العسكري ولولا دفاع أطراف الحرب الباردة بعضها ببعض لفسدت منطقة الشرق الأوسط فسادها هذه الأيام ولما استطاع الأسد الأب رفض مقابلة وارن كريستوفر الذي أقفلت طائرته الأمريكية عائدة من دون أن تعانق عجلاتها أرض العاصمة السورية ولما استطاع المسؤول الأمريكي البارز مصافحة الأسد إلا في الموعد المحدد سوريا…

 

أصبح اليوم التعايش بحمد أمريكا ممكنا بين إسرائيل وكل العواصم العربية بل غدا واقعا ملموسا في جلها والحمد لله رب العالمين وحده، ولكن الاستعارة المثيرة للرثاء والتهكم ممكنة فنحن نعيش في زمن كل شيء فيه ممكن بما في ذلك قيام الساعة.. أضحي التعايش بين إسرائــــيل والعاصمـــــة الإسلامية النووية الوحيدة أمرا معاشا وأي غريب في ذلك فلم يعد من عرب اليوم من يدعو إلي شطب إسرائيل من الخارطة. ومن للإسرائيليين بعد بني عمومتهم من العرب، بل هل من دين قبل الدين الإسلامي منح اليهود العرب بل وكل اليهود من المغرب إلي إيران الأمن والأمان وفوقه حرية المعتقد؟ ولو أنصفت العبرية وعدلت لما ترددت في إنجاز الوعود بإقامة الدولة التوأم أي فلسطين المصغرة.

 

أحلف غير حانث: لا يحكم إمام بالهوي والجبر والظلم والتسلط إلا شاركه في الحكم ثنائي الجوع والخوف، وهذان الشران هما ما يأكل أكباد العرب من كان منهم في القصر ومن كان في الكوخ، فمات الحب وقبر الحوار واغتيل الأحرار وسجن من قلبه بقية من بقايا النبوة والرجولة. لكن لا ييأس من روح الله مؤمن أبدا.

ولم أضرب مثلا بما بين العواصم العربية وعاصمة إسرائيل عبثا ولكن لأسأل أهل الذكر سؤالا يحير بل أسئلة تؤرق كل ذي بصيرة ليس عن المصالحة بين الأنظمة فيما بينها بل عن المصالحة بين الحكومة العربية وحكومة الظل العربية وأقصد بها المعارضة العربية علي وجه الدقة والتحديد.

 

فالبيوتات باتت كلها من زجاج وأحجار الديمقراطية لا تستثني بيتا واحدا من الاستهداف والدفع به إلي التغيير. وأحسب أن سورية الصمود تحتاج إلي لم الشمل وتفويت الفرصة علي رياح التغيير العاتية خاصة وأن فترة السماح التي منحها إياه الشعب السوري قد طالت دون التحديث اللازم لأدوات الحكم ودون عملية غسل سريعة للأدمغة الوطنية التي لا تزال تعمل علي وتيرة النبض العالمي لما قبل الحرب الباردة، فسورية كانت ولا تزال وستبقي بوابة العالم العربي المطلة علي المتوسط بما يجعل منها أهم الثغور التي تحول دون تسلل العواصف إلي عمق الوطن العربي وموقعا مهما يفرض علي القيادة السورية الشابة أن تفهم أن الوقت من بترول وأن شعار المصالحة الذي رفعه إعلان دمـــــشق الذي أمضت عليه كل الحركات المعــــارضة الســــورية بما في ذلك جماعة الاخوان المسلمين التي لا تزال خارجة عن القانون في نظر القانون، كان كل ذلك فرصة جادة للرد علي التحية بأحسن منها من القيادة السياسية وتطوير المبادرة وترقيتها إلي مصالحة عامة لا تستثني أي طرف سياسي يروم مزاولة نشاطه في وضح النهار ويقر بشرعية الحكم والالتزام بالمصالح القومية لسورية.

 

إن استهداف سورية من الداخل أو الخارج في هذا الوقت بالذات لا يضر بالسوريين وحدهم بل يزج بالمنطقة كلها فيما هو أسوأ من ألف فيتنام، كما أن القيادة السورية عليها أن تبادر إلي ترميم البيت بكل جدية وبعيدا عن أي نوع من التسويف أو الإقصاء لا لأن سورية تتعرض إلي الضغوط الدولية بل لأنه لا مستقل لحكم الرجل الواحد ولا أمان لشعب يتفرد بحكمه حزب حتي ولو كان حزب الله!!؟

 

الأسد رحمه الله سياسي عربي مرموق حكم سورية بيد من حديد كأغلب الأنظمة العربية وكانت له خلافات مع الغرب ومع الإدارات الأمريكية المتعاقبة لكنه لم يفرط في الحقوق السورية ولا في شبر واحد من أرضها وكانت له علاقات مع الغرب يسودها الاحترام المتبادل، وكان حكيما إلي أبعد حدود الحكمة والتعقل وفهم الواقع العربي والمتغيرات الدولية، وعندما أجمعت ثلاثون دولة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية علي محاربة النظام العراقي قاتل الجندي السوري إلي جانب الجندي الأمريكي وعلي أمريكا أن تعي ذلك جيدا وأن تذكر أن الأخلاق لا تتنافي مع العمل السياسي وإن تغيرت المصالح وتبدلت التحالفات، لكن القيادة السورية التي تبدو واثقة من نفسها بعد سماعنا لخطاب الرئيس بشار الأسد الأخير يجب عليها كل الوجوب أن تغير ما بها من نقائص وأولها القبول بمشاركة المعارضة السورية في المغانم والمكاره.

 

(*) كاتب واعلامي من تونس يقيم في بريطانيا

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 24 نوفمبر 2005)

 

 

ردا علي مخاوف الشارع المسيحي

مرشد الاخوان يطمئن الأقباط علي حقوقهم اذا ما وصلت الجماعة للسلطة في مصر

القاهرة ـ القدس العربي ـ من حسام أبو طالب:

 

نفي مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أن يكون هناك أي تفكير في اضطهاد الأقباط في حالة إذا ما تمكنت الجماعة من أن تحصد أغلبية بالنسبة لمقاعد مجلس الشعب.

قال عاكف في تصريحات خاصة لـ القدس العربي ندرك تماما أن هناك من يريدون الوقيعة بيننا وبين الأقباط بغرض تشويه صورتنا أمام أشقائنا في الوطن وأصدقائنا في العالم .

وأشار إلي أن الحرب الشرسة التي بدأت قوي مختلفة إدارتها ضد الجماعة لن تنجح في أن تشوه صورتها.

اضاف بأن تاريخ الإخوان يشهد بأنهم يؤمنون بحق الأقباط في حياة حرة وكريمة وأن لهم ما للمسلمين وعليهم ما علي المسلمين من حقوق وواجبات.

وحول التصريحات المنسوبة لرموز قبطية بشأن حالة الذعر من التفوق الملحوظ للإخوان في انتخابات مجلس الشعب قال عاكف يهمنا في المقام الأول أن يعلم الأقباط أنهم محل رعاية وتقدير من أشقائهم وان مصر عاشت علي مدار تاريخها تعمل من أجل أن ينصهر الجميع داخل بوتقة واحدة مع احتفاظ كل فصيل بخصائصه .

وتأتي تصريحات عاكف ردا علي حالة القلق التي بدأت تستشري في أوساط الشارع القبطي الذي ينظر باندهاش لنتائج انتخابات مجلس الشعب في المرحلة الأولي والجولة الثانية من المرحلة الثانية والتي كشفت تفوقا واضحا للإخوان.

واشار الفنان التشكيلي إبراهيم عبد الملاك الي أن حالة الخوف التي ظهرت مؤخرا من تفوق الجماعة في الانتخابات لا تعتري فقط بعض رموز الأقباط أو الشارع المسيحي ولكنها ايضا تعرف طريقها لشرائح عديدة داخل المجتمع المصري بمسلميه ومسيحييه حيث هناك حالة خوف حقيقي من أن يؤدي وصول الإخوان للسلطة لاحتكار الفكر الوهابي وتحريم العديد من المعاملات والتضييق علي المفكرين.. من جانبه عبر جمال أسعد عبد الملاك عضو مجلس الشعب السابق والسياسي القبطي عن تشككه من فكرة وصول الإخوان للحكم في غضون فترة قريبة وبالرغم من ذلك طالبهم بضرورة أن يعلنوا عن برنامجهم في حالة الوصول مع الأخذ في الاعتبار ضرورة عدم تبني أفكار قد تؤدي إلي إحياء النعرات الطائفية.

واعتبر نجاح الجماعة في حصد المزيد من مقاعد البرلمان خلال المرحلة الحالية جزءا من حصد ثمار المجهود الذي بذله الإخوان علي مدار الفترة الماضية حيث توجهوا للناخبين ولم يناموا داخل المكاتب المكيفة كما حدث بالنسبة للعديد من أحزاب المعارضة والتي تراجع أداؤها بشكل غير مسبوق.

علي صعيد آخر عبرت مصادر كنسية عن توجسها من وصول جماعة الإخوان المسلمين للحكم وخشية أن تقوم باضطهاد الأقباط.

وفي تصريحات خاصة لـ القدس العربي اشار الاب فلوباتير راهب كنيسة العذراء مريم بمنشية البكاري بحي فيصل بمحافظة الجيزة إلي ضرورة أن يكون حكم مصر خلال المستقبل مراعيا لحقوق الجميع بدون تمييز لأي فئة علي حساب اخري.

وعبر فلوباتير عن قلقه من أن تواجه مصر خلال المستقبل قلاقل مشيرا إلي ضرورة ان ندافع عن الوحدة الوطنية كما طالب بضرورة حماية حقوق الأقباط والعمل علي دعم ما لهم من مطالب عادلة وعلي رأسها حق المساواة في الوظائف العليا والتعيين بالجامعات بالإضافة لحق بناء دور العبادة بدون قيد أو شرط.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 24 نوفمبر 2005)


الخوف من « الاخوان »

عبدالوهاب بدرخان    

 

هناك واقعة تروى بهمس في بعض الكواليس الرسمية العربية، مفادها ان ارييل شارون، ما غيره، استناب نفسه عن بعض الحكومات العربية وأفلح حيث لم تفلح هذه عند الرئيس جورج بوش. اذ تمكن من إفهامه بأن ثمة خطراً في الضغط الذي تمارسه واشنطن لاجراء انتخابات حرة ونزيهة في العالم العربي. فمثل هذه الانتخابات، في رأيه، ستؤدي الى برلمانات يسيطر عليها الاسلاميون. وبالتالي فلا مصلحة لاسرائيل ولا للولايات المتحدة، ولا أخيراً لـ «الحكومات المعتدلة» في المنطقة، في نتيجة كهذه.

 

كان شارون يدافع أمام الأميركيين عن مطلبه بإقصاء حركة «حماس»، فضلاً عن حركة «الجهاد الاسلامي»، عن الانتخابات الفلسطينية. لكنه حذّر أيضاً من قوة «الاخوان المسلمين» في مصر وسورية، لافتاً الى أن زخم العداء لاسرائيل، وللولايات المتحدة، انتقل من القوميين الذين تعرضوا للهزائم الى الاسلاميين الذين يشكلون كما يرى شارون سنداً ثابتاً لـ «الارهاب»، ولا سبيل الى تليين مواقفهم طالما انها ترتبط بالدين وتؤدلجه.

 

لعل هذه «الحكمة» الشارونية هي التي ساهمت في تلطيف الفظاظة الأميركية التي انتهجت لدفع الأنظمة العربية الى اصلاح أوضاعها. إذ أن شارون وعصابته يبحثان باستمرار عما يمكن أن يديم حال الحرب والاحتلال، كما يديم حال العسكرة الدائمة في المجتمع الاسرائيلي. وعلى رغم ان الرئيس بوش جعل من الحرية والديموقراطية شعاري سياسته الشرق أوسطية خلال ولايته الثانية، إلا أن خيبات الأمل التي حصدها عراقياً ألقت ظلالاً كثيفة على هذه السياسة، رغم انها لا تزال متبعة كرديف سياسي للذراع العسكرية في الحرب على الارهاب.

 

لا بد أن نتائج الانتخابات المصرية دقت ناقوس الخطر مجدداً، بما تشهده من تكريس لوجود لـ «الاخوان» وتأكيد لشعبيتهم في المجتمع. وهذا ما أوجب العودة الى الأساليب التقليدية من اعتقالات و «بلطجة» وتدخلات تكاثرت في المرحلة الثانية من الانتخابات، وهي مرشحة للتكرار في المرحلة الثالثة. لكنها، مع ذلك، لم تستطع كسر الصعود «الاخواني» أو تغيير مساره. وليس معلوماً ما الذي يضطر السلطة الى كل هذا الخوف والتوتر طالما أن الحزب الوطني الحاكم سيحصل في النهاية على غالبية تفوق ثلثي مقاعد البرلمان.

 

لكن ما تبين بوضوح هذه المرة هو ان مثل هذه الغالبية لا تعني بالضرورة ان الحزب الحاكم قوي، وانما هو جسم كبير وضخم تكتنفه نقاط ضعف كثيرة. فالمجتمع بات يريد تغييراً جلياً وملموساً، إلا أنه لا يرى في هذا الحزب الوسيلة الصالحة لهذا التغيير حتى لم يكن هناك خيار آخر سواه. أمام الإقبال على «الاخوان» فقد يعزى في جانب كبير منه الى قوة انضباطهم وتنظيمهم، لكنه قد يعكس أيضاً رغبة في تصويت «هادف» يسعى الى ابلاغ الحزب الحاكم رسالة تحذيرية.

 

خاض «الاخوان» معركتهم متطلعين الى فرض الاعتراف بهم، وبالتالي منحهم الترخيص الرسمي بالعمل وانهاء وضعهم كـ «جماعة محظورة». عملياً، تصرف «الاخوان» في هذه الانتخابات متجاهلين «الحظر» تماماً. لكن السلطة احتفظت لنفسها بحق معاملتهم كحزب ممنوع متى ارتأت ذلك. وبمقدار ما استخدمت السلطة بروز «الاخوان» للدلالة الى «حرية» الانتخابات ومصداقيتها، بمقدار ما انها استخدمت قمع «الاخوان» واعتقالهم دليلاً على استجابتها لمخاوف الداخل والخارج من تجاوز «الاخوان» حدودهم. وبذلك تكون نفعت مجازفة السماح لحزب محظور بالعمل العلني، بل بخوض الانتخابات، لتستطيع القاهرة ان تقول بعدئذ للأميركيين وغيرهم: تريدون ديموقراطية على طريقتكم، خذوا عينة مما ينتظركم. ألم يقل ميلاد حنا: «لو كانت هذه الانتخابات نزيهة وشفافة لكان الاخوان المسلمون فازوا بغالبية المقاعد»؟

 

الواقع ان المشكلة لا تكمن في الضغوط الأميركية وانما في كون الاصلاح تأخر حتى أصبح أي تغيير مرشحاً لأن يقع وقع الصدمة. لا شك ان الورشة التي تنتظر البرلمان الجديد شائكة ومعقدة، لأنها مدعوة للتعامل مع تراكمات سلبية تعفنت بفعل الزمن مثلما تعفن قانون الانتخاب الحالي. والأكيد ان التغيير المطلوب يجب أن يكون لمصلحة البلد، لا لمصلحة «الاخوان» أو سواهم، ولذلك فهو يستحق خطوات خلاقة وشجاعة لأن هذه اللحظة التاريخية مرتبطة بمستقبل الشعب لا بمصير حزب أو نظام.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 24 نوفمبر 2005)

 

عن الانتخابات المصرية: طوفان التغيير

منتصر الزيات (*)

 

لم يقدّر «الإخوان المسلمون» إمكان تحقيقهم فوزاً ضخماً على النحو الذي حدث في الانتخابات البرلمانية المصرية، وكان جل ما تمناه قادة كبار في مكتب الإرشاد هو بضعة مقاعد فقط. ولم تصدر تلك التوقعات عن تقدير حقيقي لقوة «الإخوان»، بقدر ما تعكس عدم الثقة في أجواء الانتخابات وهيمنة السلطة على جميع مستوياتها، بما فيها تحديد نسبة مشاركة المعارضة بمختلف فصائلها في البرلمان.

 

وجاء فوز «الإخوان» بهذا العدد الكبير من المقاعد كأول الانعكاسات التي تؤكد حقيقة ضعف «الحزب الوطني الديموقراطي» (الحاكم) نفسه، وتؤكد أنه قوة سلطوية أكثر مما هو تنظيم حزبي سياسي يعتمد على الجماهير، وأن وجوده مرتهن بتركيبة معادلة تؤمن إبعاد «التيار الديني»، كما يحلو لهم وصفه، عن تحقيق الغالبية داخل البرلمان.

 

وتثير النتائج بالضرورة حقيقة ضعف تأثير كل الأحزاب السياسية في الرأي العام المصري، وفقدانه الثقة فيها، إضافة إلى تراجع الحجم التاريخي الموروث لحزب «الوفد». ولا شك في أن الأحزاب تتحمل جزءاً غير قليل من المشكلة لأنها ارتضت التفريط في حقوقها، بل عقد بعضها تحالفات استراتيجية مع «الوطني» في منعطفات تاريخية على حساب التيار الإسلامي، فتراخى عن مقاومة استبداد السلطة وتجاوزاتها ضد حقوق الإنسان حتى وقع فريسة القيود التي كبلت بها السلطة الحياة السياسية.

 

غير أن أهم ما يمكن استخلاصه هو مدى الضجر الذي تولد لدى قطاعات واسعة من المصريين من سياسات الحزب الحاكم والرغبة الملحة لديهم في تحقيق التغيير بطرق سلمية وتداول هادئ للسلطة. وأتصور أن إعاقة هذه الرغبة أو تعطيلها بأساليب بوليسية أو بيروقراطية كما حدث في الجولة الثانية قد يصنع حال احتقان تؤدي إلى خسائر غير مستحبة، تعترض رغبة المصريين في عدم اللجوء إلى أي وسائل غير ديموقراطية لتحقيق مستقبل افضل.

 

نستطيع أن نقرر بوضوح أن أي انتخابات شفافة في مصر لا بد أن تؤدي بالضرورة إلى فوز «الإخوان» بغالبية تسمح لهم بتشكيل الحكومة، وهو أمر شاذ غير مقبول قانوناً: أن تحكم جماعة محظورة غير مؤسسة بالقانون والدستور، على رغم أهليتها واقعياً ومجتمعياً لأن تحكم أو على الأقل تشارك في تدافع مجتمعي سليم نحو بؤرة اتخاذ القرار.

 

ولعل «الغالبية الإخوانية» هي أحد السيناريوات التي أراد النظام تقديمها لدق ناقوس الخطر في وجه قوى دولية كثيرة تطالب بإجراء انتخابات حرة في مصر، ليذكرها بأن انتخابات كهذه لن تقدم سوى البديل الديني، كما أنها إحدى أهم مسوغات الإصرار على ترك الجماعة خارج نطاق المشروعية القانونية والدستورية.

 

على أن اللافت هو مدى الحاجة إلى إصلاح الثقوب في عملية الإشراف القضائي على العملية الانتخابية، على النحو الذي يطالب به «نادي القضاة»، باعتباره الجهة المنوط بها تحقيق مصالح القضاة والحفاظ على كرامتهم، بمقدار تمتعه بتأييد شعبي واسع النطاق، صنعته محاولات النادي المتتالية تصحيح مسار العمل السياسي بتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية وتحقيق إشراف قضائي حقيقي كامل على العملية الانتخابية، بندب قضاة الحكم الذين يجلسون على المنصة وتمكينهم دون غيرهم من الإشراف القضائي على الانتخابات.

 

وهنا يشار إلى أن تجاوز الخلل الذي شاب العملية الانتخابية في بعض الدوائر التي شهدت تجاوزات أو ادعاءات بالتزوير، لن يكون ممكناً من دون النظر في مدى المسؤولية الناتجة من وجود رؤساء للجان من جهات قضائية لا تتحقق لها الصفة القضائية الكاملة التي يريدها النادي، ومن خلفه جموع الشعب المصري. ولا نفهم سبب الإصرار على تنحية المرشحين أو مندوبيهم من مراقبة عملية الفرز وإعلان النتائج، فالصناديق الزجاجية الشفافة لا تغني عن ضرورة حضور ومتابعة عملية الفرز تحقيقاً للشفافية الكاملة.

 

كان واضحاً أن الحزب الوطني يعاني حال اضطراب واضحة، فعلى رغم العبارات الإنشائية الكثيرة التي نفت بها قياداته ما تردد عن وجود صراع بين اتجاهين قديم وجديد داخل الحزب، فإن الحال قد تغني أحياناً عن المقال. ويكفي رصد التصرفات والإجراءات المتضاربة داخل كواليس الحزب، للحصول على ما يشبه الجزم بوجود هذه الإشكالية داخله. كان من هذه الإجراءات تأخير إعلان قوائم مرشحي الحزب النهائية حتى اللحظات الأخيرة، ما اضطرت معه اللجنة العامة للانتخابات إلى تأجيل موعد تقديم أوراق التشريح لتلافي تلك المشكلة.

 

أما الحرب التي دارت رحاها في دائرة قصر النيل القاهرية بين مرشح لجنة سياسات الحزب الحاكم حسام بدراوي ومرشح الجيل القديم نجل رئيس الوزراء المصري الأسبق هشام مصطفى خليل، فتكررت في غير موضع. ودفعت حالات مشابهة مرشحين بارزين للوطني إلى التنسيق مع مرشحي «الإخوان» والتحالف معهم. لكن عدم وضوح الرؤية لدى الحزب الحاكم كان السمة البارزة في حال الاضطراب التي عانى منها، فهو من جهة يعلن رغبة في تحقيق إصلاح سياسي، ومن جهة أخرى يحاول وقف مسيرة الإصلاح، لتضاف هذه المشكلة الحاسمة إلى إشكاليات أخرى متضافرة تعوق إمضاء طريق سهل نحو إصلاح سياسي حقيقي في مصر. لكن علينا أن ننتظر لنرى ماذا بعد.

 

(*) ناشط إسلامي مصري – مقرر لجنة الحريات في نقابة المحامين.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 24 نوفمبر 2005)

 

الاخوان المسلمون… هل من خطوط حمر لفروعهم في الأقطار؟!

ياسر الزعاترة  (*)

 

شبّه مسؤول أميركي أخيراً تنظيم «القاعدة» وفروعه المنتشرة في الكثير من دول العالم بمجموعة «ماكدونالدز» التي تتيح لكل فرع حرية التصرف بالبضاعة، خلافاً لشركة «اي بي ام» التي تدير فروعها على نحو مركزي. وهو وصف ينطبق الى حد كبير على التنظيم الدولي للاخوان المسلمين الذي لا يتعامل مع فروعه بأكثر من النصيحة أو الاستماع الى تقارير دورية عن أدائها مع تأكيد استمرار البيعة للمرشد العام، وبتعبير أدق، للاخوان المصريين بوصفهم المرجعية الكبرى للتنظيم.

 

قد تبدو هذه الطريقة التي يتبعها التنظيم الدولي في التعاطي مع فروعه هي الأسلم وفق كثير من المقاييس، لعل أهمها ضمان الإبقاء على تماسكه وعدم دفع بعض فروعه الى الخروج أو التمرد، فيما يراها البعض مناسبة في سياق التحرك السياسي ضمن نظرية «أهل مكة أدرى بشعابها»، وضمن منهجية التنظيم الكلية القائمة على عدم توافر منهج حدي في التعاطي مع المسائل السياسية والفقهية، فضلاً عن الوسائل التنظيمية.

 

كل ذلك يبدو مفهوماً بشكل من الأشكال، وقد يكون صحيحاً ايضاً في أكثر الحالات، لكنه ليس كذلك في كل الحالات، خصوصاً في ظل المرونة الفقهية الواسعة، والمرونة الأوسع في طرائق العمل السياسي، والتي تمكنت من استيعاب فروع تستخدم العنف وأخرى تتحالف مع الأنظمة بشكل سافر، حتى وهي مرفوضة من الجماهير الشعبية.

 

ربما كان ذلك مفهوماً بشكل من الأشكال لو كانت الدنيا لا تزال معزولة عن بعضها بعضاً ولم يعد بوسع أي أحد معرفة ما يجري في أي بلد مهما كان بعده اذا كان معنياً بذلك، كما يمكن أن يكون مفهوماً لو لم يكن بوسع قادة التنظيم أن يستمعوا لقيادة الفرع المعني، بل بعض معارضيها اذا توفروا، ومعهم بعض الكوادر الدنيا، فضلاً عن الاستماع الى مجموعات اسلامية أخرى تعارض سياسات قادة ذلك الفرع.

 

هناك بالتأكيد مجلس شورى للتنظيم الدولي، فضلاً عن مكتب للارشاد، وليس في ذلك ما يصنف في دائرة السرية، أقله من زاوية الفكرة، ما يعني ان بوسع قيادة التنظيم ومجلسه الشوري، وهو من مختلف الأقطار أن يستمع لرأي المعنيين في قيادة الفرع ويقدرها بناء على ما يتوفر من معلومات أخرى، ثم يأخذ الرأي المناسب الذي يمكن أن يفرض على قيادة الفرع.

 

هناك جانب على درجة من الأهمية يخص هذا الملف، أعني صورة الجماعة الكلية أمام جماهير الأمة، وفي وعيها الجمعي، وهو وعي صار بوسع المراقبين أن يقروا بوجوده في ظل ثورة الإعلام، وفي ظل الهجمة الأميركية – الصهيونية على الأمة والمخططات التي تعنى بإعادة تشكيل هذه المنطقة على وجه الخصوص.

 

نعم هناك قضايا تهم الأمة، ومن الطبيعي أن تكون مهمة بالنسبة الى تنظيم يطرح نفسه طليعة للتغيير فيها، وبالطبع في سياق استعادة وحدتها، وحيث يجب ان لا تقر برامج جماعة بهذا الحضور ولها كل تلك الأحلام الكبيرة بواقع القطرية والتجزئة القائم إلا في سياق العمل من أجل تجاوزه، أما اعتباره شأناً نهائياً فهو الفشل الذي ما بعده فشل، خصوصاً عندما تكون المخططات الأخرى حاضرة وتسعى الى مزيد من الشرذمة والتفتيت ولا تكتفي حتى بما هو قائم منها.

 

لا يمكن أن يكون ولاء الفرع القائم في هذا القطر أو ذاك للتنظيم الدولي مقدماً على ولائه للمبادئ والفكرة، فضلاً عن القيم التي تحكم صراع الأمة مع عدوها، بما في ذلك انسجامه مع المسار العام لجماهير تحب الفكرة الاسلامية وتنتمي اليها.

 

أياً يكن الأمر فإن المسار السياسي، الاستراتيجي على وجه الخصوص، ينبغي أن يتحدد من خلال الشورى الجمعية وليس من خلال الشورى القطرية فقط، خصوصاً ان هذه الأخيرة يمكن أن تنطوي على قدر من التدليس، فأن يؤخذ قرار من مجلس الشورى القطري بفارق صوت أو صوتين لا يعني بحال أن القرار كان صائباً، خصوصاً في ظل السطوة الأمنية والسياسية لبعض الدول على قيادات التنظيم، وفي العموم فإن غالبية هشة من هذا النوع قد لا تعبر تعبيراً حقيقياً عن توجهات مجموع الكوادر الذين ربما انتخبوا ممثليهم على أسس أخرى وفي ظروف مختلفة في بعض الأحيان.

 

ما نريد قوله هو ان ثمة معطيات كثيرة يمكن أن تؤدي الى قرار غير صائب، ولا ينسجم لا مع توجهات الجماهير في القطر المعني، ولا مع مصالح الأمة العليا، فضلاً عن عدم انسجامه مع صورة الجماعة أمام جماهير الأمة، وبالتالي الفكرة الاسلامية وريادتها لمشروع التغيير بشكل عام.

 

من هنا ينبغي على التنظيم الدولي أو مجلسه الشوري الذي يتشكل من عدد من رموز العمل الاسلامي الاخواني في الأقطار أن يفرض رأيه على قيادة القطر المعني اذا شعر أن مسارها السياسي يمكن أن يؤثر سلبياً على العمل الاسلامي في ذلك القطر، كما على صورة الجماعة في أقطارها المختلفة بشكل عام، وكل ذلك تبعاً لتقدير موقف يوازن بين الداخل القطري وبين مصالح الأمة بشكل عام.

 

وما من شك ان مساراً كهذا لا يمكن أن يكون قد أقر بالغالبية كما يتوقع أن تدلس قيادة القطر المعني، اللهم إلا إذا كانت قيادة متماهية في صورة شخص ما، كما كانت الحال في الجزائر، حيث سيطر الشيخ محفوظ نحناح على التنظيم برمته وأقصى جميع مخالفيه، وكان يقول لمن حوله «انني أرى ما لا ترون»، فيما كان الخوف يسيطر على الكثيرين تبعاً للظروف الأمنية الاستثنائية التي تعيشها البلاد.

 

لقد أخذ الشيخ محفوظ رحمه الله، مواقف سياسية لم تكن مقبولة من قبل رموز الجماعة وقادتها وكوادرها في الأقطار المختلفة، إلا أن ذلك لم يدفع القيادة نحو مواجهته أو فرض مسار آخر عليه، ولو فعلوا لكنا أمام خيارين، فإما رضوخه للقرار الجمعي، وإما تمرده ومن ثم تجرؤ مخالفيه على السير في الوجهة الأخرى وأخذ شرعية التنظيم الدولي ومعها كوادر التنظيم وجماهيره.

 

ما ذكّرنا بهذا كله هو ما وقع في العراق بالنسبة الى الحزب الاسلامي، أكان في قراره دخول مجلس الحكم خلافاً لقناعات الشارع العربي والاسلامي وقناعة التنظيم الدولي، أم موقفه الأخير بشأن الدستور الذي جلب العار على جماعة الاخوان برمتها.

 

ولعل مصدر الخطورة هنا يكمن في التقدير اللاحق للقرار كأن يقال ان مجموعة الشيخ نحناح قد كسبت من مسار الشيخ، ما ينطوي على مديح له وذم لكل من رأوا غير ما رأى، وهم كثيرون في قيادة التنظيم الدولي، فيما ينطوي على تجاهل لاحتمال أن يكون الخيار الآخر هو الأفضل لو سار عليه، ليس للتنظيم فقط، ولكن للجزائر برمتها التي كانت على وشك تغيير وجهتها أيام عقد روما عام 1996 حين بادر الشيخ نحناح الى التمرد على جميع قوى الجزائر وتحالف مع العسكر ضدها، كما ينطوي على تجاهل لمعادلة ان أية سلطة لا بد ان تمنح من حالفوها بعض المكاسب قبل ان تشرع في قضمها تباعاً بعد ذلك.

 

ينطبق ذلك كله على الحزب الاسلامي العراقي الذي قد يحصد تحالفه الانتخابي بعض المكاسب في الانتخابات المقبلة تبعاً لعدم وجود منافس مقنع في الوسط العربي السني وبسبب الاصطفاف الطائفي، مع أنه لو وقف ضد الدستور ورفض ضغوط زلماي خليل زاد واغراءاته ولم يستمع الى أكاذيب جلال طالباني لكان وضعه أفضل بكثير، فيما يعلم الجميع أنه لو دعمت هيئة علماء المسلمين قائمة أخرى ولو باشارة عابرة لفازت تلك القائمة وعزلت قائمة الحزب، وفي العموم فإن مشاركة الحزب في الانتخابات لن تكون الدواء الشافي لعلل العرب السنة ولا علل العراق، وستبقى المقاومة هي عنصر التخريب الأساسي على مشروع الاحتلال.

 

ما يجري في العراق صراع يهم الأمة بأسرها ولا ينبغي أن يترك اخوانياً، ليس للحزب الاسلامي أو الاخوان العراقيين فحسب، بل ولا حتى لعموم العراقيين ما دام يؤثر على مستقبل المنطقة برمتها، الأمر الذي ينطبق على الصراع العربي – الصهيوني الذي يمكن القول ان حركة «حماس» قد مثلت الاخوان فيه أفضل تمثيل ومنحتهم فكرتهم الكثير من الشعبية في الأوساط العربية والاسلامية.

 

خلاصة القول هي ان على التنظيم الدولي للاخوان المسلمين بزعامته المصرية المقبولة والمحترمة من الجميع أن يكون حاضراً بقوة في خيارات الفروع السياسية، فالغنم بالغرم، وما دام مسار الفروع يؤثر على الأصل والفروع الأخرى، فإن على الفرع أن ينسجم بدوره مع الآخرين، فيما يعلم الجميع ان مقولة «أهل مكة أدرى بشعابها» لم تعد ذات معنى في ظل العولمة الاعلامية، فكيف اذا كان موطن الخلاف يتعلق بالجبال الشاهقة والسهول العريضة، كما قال أحد قادة الاخوان غير العراقيين لقائد اخواني عراقي في سياق جدال حول مواقف الحزب الاسلامي التابع للاخوان في العراق.

 

(*) كاتب من الأردن.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 24 نوفمبر 2005)

 

Home – Accueil الرئيسية

 

 

أعداد أخرى مُتاحة

29 juin 2004

Accueil   TUNISNEWS   5 ème année, N° 1501 du 29.06.2004  archives : www.tunisnews.net « رَادْ أتَاكْ تونس » : المـؤتمر الثـاني –

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.