الخميس، 23 نوفمبر 2006

Home– Accueil الرئيسية

 

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2376 du 23.11.2006

 archives : www.tunisnews.net


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بيان لجنة الدفاع عن المتحجبات بتونس:  طرد محجبات معهد منزل جميل  اللجنة الوطنية الطلابية للدفاع عن الطلبة الومقوفين: بلاغ إعلامي الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في تونس: الحل الأمني لمعالجة القضايا الطلابية!

نقابة الصحفيين التونسيين:   بلاغ  الصحفي محمد فوراتي أمام القضاء من جديد

التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات: بيان اجتماع المكتب السياسي للتكتل بمنسقي الجهات

رويترز: أمير قطر يزور تونس بعد الأزمة الدبلوماسية بين البلدين وات: تجديد انتخاب السيد الهادى الجيلانى رئيسا للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية

آكي: تونس: الإعلان عن إنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهرونووية الصباح: لأول مرة منذ 3 سنوات – اجتماع بين الوحدة الشعبية والديموقراطي الوحدوي واتجاه نحو تحالف مستقبلي

سليم بوخذير: مسلسل الإعتداءات في تونس على الصحافيين يتواصل أ.د. أحمد بوعزّي: هل تشهد تونس انتخابات نزيهة سنة 2009؟ الطريق الجديد: الدكتور عزام محجوب: الشفافية تتقلص الخطأ في رصد نسب الفقر صــابر التونسي:  قساوسـة التّقـدمية وبرنامج الحوار التونسي زهير الشرفي: تونس في مأزق الخمار

محمد العروسي الهاني: رسالة مفتوحة للتاريخ للسيد رئيس مجلس النواب حول دعم الحوار داخل قبة المجلس  الصباح : «رشيد الـــذوادي» لحسنــي سيـد لبيـــبرجل ساهم بجد في توثيق الصلات الأدبية بين تونس ومصر ايلاف: حسين فهمي يتراجع أمام غضب المحجبات

 توفيق المديني: العسكر يكررون تجربة السوداني سوار الذهب في تسليم الحكم الى المدنيين … «المستقلون» لا «الاسلاميون» تصدروا نتائج الانتخابات في موريتانيا

آمـال موسـى: فرنسـا تعتــذر.. بالمـــال!

في حوار مع الجزيرة نت الريسوني: التجربة السياسية للإسلاميين ليست مقنعة   د. بشير موسي نافع : مؤشرات الخوف والانهيار بالمنطقة الخضراء: قضية الشيخ حارث الضاري ياسين الحاج صالح: أزمة الهيمنة وعسر التغيير السياسي العربي: الدكتاتورية بديلاً!


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 شارع المختار عطية تونس 1001 الهاتف : 71340860 الفاكس:71354984
 
23/11/2006 بيان  

أعلمتنا عائلة السجين السياسي السيد عيسى العامري المعتقل بسجن الكاف و الذي قضى ما يزيد عن خمسة عشر سنة بمختلف السجون التونسية أنه يوجد الآن بمستشفى الكاف في حالة صحية حرجة من جراء إصابته بمرض خطير و نادر وقع تشخيصه من طرف أطباء المستشفى المذكور بكونه يعرف بمرض B7 ( أعراضه حروق بكامل الجلد و خروج الماء من هذه الحروق)  و أن علاجه يستوجب إقامة دائمة بالمستشفى و عناية خاصة و لا يعالج الآن إلا بجرعات من الكورتيكويد قد تسبب له مشاكل صحية أخرى كما أن السجين السياسي السيد عيسى العامري يعاني من مرض السكري و من وجود الماء بعينيه مما يستوجب إجراء عملية جراحية عليه من قبل طبيب مختص. و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين تطالب بإطلاق سراح السجين السياسي السيد عيسى العامري حتى تقع معالجته و متابعة حالته الصحية و تقديم العناية اللازمة له علما بأن بعض المساجين السياسيين المسرحين حديثا كانوا يشكون من جراء إقامتهم الطويلة بالسجن من أمراض مستعصية هم الآن بصدد معالجتها مثلما هو الحال بالنسبة للسيد فتحي الورغي المصاب بالشقيقة و الروماتيزم والآلام الحادة بالرأس و القلب و السيد محمد المسدي الذي يشكو من كسر بالعنق  وآخر بالعمود الفقري و القلب وتآكل غضروف الركبتين و كذلك السيد عبد الله المسعودي المصاب بالبواسير  والقلب و السيد حمادي عبد الملك الذي يشكو من القلب و الرئتين و قصور البصر وضغط الدم و السيد الحبيب اللوز الذي فقد البصر التام بإحدى عينيه والثانية أصابها نقص حاد وآلام بالكلى.    رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري


باسم الله الرحمان الرحيم

لجنة الدفاع عن المتحجبات بتونس

طرد محجبات معهد منزل جميل

اتصلت بنا يوم الاثنين 20/11/2006 مجموعة من  تلاميد و تلميدات المعهد الثانوي بمنزل جميل من ولاية بنزرت  و سلموا  لنا هده الرسالة طالبين منا نقلها للراي العام الوطني والعربي .                                                            

  نحن الممضيات اسفله الطالبات بالمعهد الثانوي بمنزل جميل نتعرض يوميا للانتهاكات و الاعتداءات المادية واللفضية ودلك في اطار الحرب الظروس التي يخوضها النظام التونسيي على الحجاب واخر هده الممارسات والمظالم وقع يوم الخميس  الموافق ل 16/11/2006  حيث وقع طردنا من قاعة الدرس اثناء استعدادنا لاجتياز امتحان في مادة الفرنسية حيث حظر كل من القيم العام المدعو محمد المعلاوي والقيم الداخلي المدعو عز الدين الساحلي وايضا المدير المدعو بشير العياري الى قاعت الامتحانات وتخييرنا بين نزع الحجاب او منعنا من اجتياز الامتحان و امام اصرارنا على عدم نزع       الحجاب وقعت اهانتنا و السخرية من لباسنا و قد قرر المدير رفت التلميدتين محرزية طليبة و مروى الزموري لمدة 3 ايام والبقية وقع حرمانهن من اجتياز الامتحان علما ان عملية الطرد قد شملت اغلب طالبات الصف المحجبات.                  

كما يجب الاشارة الى التحرك النبيل الدي قامت به استادة الفرنسية السيدة نصيرة القوصري من خلال اصرارها وتمسكها بحقنا في اجتياز الامتحان صحبة بعض الاساتدة الشرفاء.

-امنة الورتاني  -مريم بلحاج صالح

-خولة السميراني   -اسلام المزي

وصال البلطي  -محرزية طليبة

واثر هدا النتهاك الخطير لكل القوانين و الاعراف ندعوا كافة المتحجبات المتضررات لعدم السكوت على الجرائم التي تمارس ضدهن والصمود من خلال متابعة هؤلاء الاداريين قضائيا وفي هدا الصدد ندعوا من كل الضمائر الحية و خاصة المحامين  ورجال القانون الشرفاء التدخل والتصال باللجنة لمساعدة هؤلاء الضحايا والقيام بواجبهم المهني و الوطني من اجل انقاد البلاد من ممارسات السلطة القمعية.

 

لمراسلتنا –

protecthijeb@yahoo.fr


 

 
اللجنة الوطنية الطلابية للدفاع عن الطلبة الومقوفين 
بلاغ إعلامي.
 
مثل يوم الثلاثاء  21نوفمبر   أمام المحكمة الابتدائية  بقفصة بحالة ايقاف الرفاق  كمال عمروسية عضو المكتب التنفيذي واللجنة المشتركة، بلقاسم بن عبدالله كاتب عام المكتب الفيدرالي بكلية العلوم تونس أنيس بن فرج  مناضل بكلية الآداب القيروان طه ساسي ع.م.ت وعضو اللجنة المشتركة، غانم الشرايطي كاتب عام م.ف. كلية الاقتصاد قفصة، طايع بوشقرة ع.م.ف. كلية العلوم قفصة ، محمد عزالديني مناضل بالمعهد الأعلى للإدارة والمحاسبة في حين أحيل الرفاق محمد الخامس عمروسية وبوعلي الطبوبي في حالة سراح.وقد جرت وقائع المحاكمة  في جلسة سرية ومغلقة وتم فيها خرق تام لمبدأ علنية المحاكمات المكفول قانونا.
وقد وجهت للرفاق التهم التالية:
·        عقد اجتماع عام بدون ترخيص
·        احداث الهرج والتشويش في الطريق العام.
·        القاء مواد صلبة
·        الاعتداء على الاخلاق الحميدة.
وقد تم تأخير المحاكمة لجلسة يوم الثلاثاء المقبل 28/11/2006 ورفضت هيئة المحكمة وبدون أي تعليل طلب الأساتذة المحامين في الافراج.
هذا وقد كان الرفيق حسين بن عون حوكم أيضا في جلسة يوم الأربعاء 22 نوفمبر بالمحكمة الابتدائية بصفاقس ووجهت نفس التهم تقريبا.وتم حجز القضية للمفاوضة والتصريح لجلسة الثلاثاء 28 نوفمبر.
هذا وتعلم الجنة الوطنية الطلابية للدفاع عن الطلبة الموقوفين والمطرودين بأن الرفاق الموقين في سجن قفصة    كمال عمروسية ، بلقاسم بن عبدالله   أنيس بن فرج  طه ساسي ، غانم الشرايطي ، طايع بوشقرة  محمد العزديني قد دخلوا في اضراب عن الطعام منذ1 اليوم الأول لايقافهم.
كما اللجنة ان الرفيق كمال عمروسية في حالة صحية حرجة وان طه الساسي في زنزانة انفرادية .
تونس في 23-11-2006
اللجنة الوطنية الطلابية للدفاع عن الطلبة الومقوفين.

الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في تونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com Tel:00442083813270 – 00447944550651 P.O.BOX 415,Wealdestone, HA3 3AP,London  

الحل الأمني لمعالجة القضايا الطلابية!

 

بعد الحملة الأمنية ضد الطالبات المحجبات، ونزع حجابهن بالقوة. ومحاكمة الطالب عبدالحميد الصغير بسبب دفاعه عن حق زميلاته في الدراسة. عمدت قوات الأمن يوم الخميس 16 نوفمبرالى إيقاف  كل من كمال عمروسية، وطه ساسي عضوي المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة تونس، وبلقاسم بن عبدالله وغانم الشرايطي عضوي الهيئة الادارية، وأنيس بن فرج ومحمد عزالديني وطايع بوشقرة.وتم ايداعهم السجن المدني بقفصة. و قد احيل جميعهم يوم الثلاثاء الماضي- 21 نوفمبر- صحبة الطالب محمد الخامس عمروسية والموظف بوعلي الطبابي  ( في حالة سراح) على المحكمة بتهمة عقد اجتماع غير مرخص فيه، واحداث الشغب في الطريق العام. وأجل النظر في القضية الى يوم الثلاثاء 28 نوفمبر، بطلب من لسان الدفاع. وإننا في الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في تونس، اذ نعبر عن تضامننا الكامل مع الطلبة في مواجهة الحملة الأمنية، التي تستهدف حرياتهم الشخصية وحقوقهم النقابية.   – نستنكر التعاطي الأمني مع القضايا الطلابية، وسياسة التشويه لنشطاء الإتحاد العام لطلبة تونس، بإحالتهم على القضاء في قضايا الحق العام. – نطالب بإطلاق سراح جميع الطلبة الموقوفين، ووقف التتبعات اللاقانونية ضدهم. – نساند الطالب عبدالحميد الصغير، الذي يشن اضرابا عن الطعام لليوم السابع على التوالي، في مطلبه المشروع للحصول على جواز سفر. – نجدد الدعوة لإطلاق سراح الأمين العام الأسبق للإتحاد العام التونسي للطلبة، عبد الكريم الهاروني، الذي لايزال رهن الاعتقال منذ 16 سنة. – نؤكد  ان اسلوب الحل الأمني الذي تنتهجه السلطة لمعالجة القضايا السياسية والحقوقية والنقابية، لن يؤدي إلا الى مزيد من التعقيد لهذه القضايا.   عن الحملة الدولية من أجل حقوق الانسان في تونس علي بن عرفة لندن  في 23 نوفمبر 2006

 


خبر عاجل لليوم الثاني على التوالي يتواصل الإطراب المفتوح بكلية العلوم بصفا قس احتجاجا على عدم تجاوب إدارة الكلية والجامعة مع مطالب الطلبة المتمثلة في إلغاء القرارات الإدارية الأخيرة و هي:  -احتساب25 في المائة من المعدل بالنسبة إلى الأشغال المسيرة.  -احتساب الغيابات بحيث أنه في صورة غياب مجموع 3 أيام يمنع الطالب من اجتياز المادة في الدورة الرئيسية.  – حرمان الطلبة من أسبوع مراجعة قبل الإمتحنات.  و قد انعقد اجتماع عام جماهيري صباح أمس الأربعاء 22 نوفمبر تم على إثره إقرار اظراب عام مفتوح كما انتظمت مسيرة شارك فيها قرابة 4000 طالب و لا يزال الإظراب متواصل إلى حد هذه الساعة
 
مراسلة بتاريخ 23 نوفمبر 2006
 


 

نقابة الصحفيين التونسيين المقر المؤقت: مكتب الأستاذ شوقي الطبيب 11 شارع الدكتور الحبيب ثامر   تونس 1000 
الفاكس: 71336539   بلاغ 
بعد مناقشات مستفيضة بين أعضاء المكتب الموسع لنقابة الصحافيين التونسيين، وانطلاقا من التزامهم بالمبادئ الثابتة التي قام عليها عمل النقابة، منذ تأسيسها في شهر ماي 2004، وبعد مناقشة قرار الإتحاد العام التونسي للشغل الذي جاء استجابة لرغبة الصحافيين التونسيين ومطلبهم التاريخي في بعث نقابة للصحافيين التونسيين. وبعد استعراض نتائج المحادثات التي دارت في تونس بين وفد « الفيج » ومؤسسي النقابة من جهة وبين هذا الوفد وقيادة الإتحاد العام التونسي للشغل. قرر المجلس الموسع للنقابة تكوين لجنة اتصال من بين أعضائه تتولى تمثيل النقابة في هذه المفاوضات ومتابعة العمل مع الإتحاد العام التونسي للشغل من أجل تجسيد القرار المشترك، وشُكّلت اللجنة من الزملاء: – محمد معالي – محمود الذوادي – لطفي حجي – بشير واردة – رشيد خشانة عن المجلس الموسع الإمضاءات لطفي حجي        محمود الذوادي         محمد معالي

الصحفي محمد فوراتي أمام القضاء من جديد

 

استدعت محكمة الاستئناف بقفصة الصحفي محمد فوراتي للممثول مجددا أمامها يوم 1 ديسمبر القادم. وهذه المرة الخامسة التي تنتصب فيها المحكمة في قضية قديمة حكم فيها بعدم سماع الدعوى. وتعتبر هذه المرة الثالثة  التي تعيد فيها محكمة التعقيب القضية إلى الاستئناف مجددا مما يعتبر سابقة غريبة في القضاء التونسي.   وللتذكير فإن القضية المهزلة تتمحور حول الانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها وجمع أموال دون رخصة. ولم تجد المحكمة في مستندات الاتهام إلا جملة من المقالات التي كتبها الصحفي في مجلة أقلام اون لاين هو عضو في هيئة تحريرها. وكانت المحكمة حكمت بعدم سماع الدعوى في حق الصحفي وكل من لطفي داسي ورضا عيسى ومحسن النويشي. فمن حرك القضية من جديد وأخرج الملفات من درج المحكمة بعد خمس سنوات كاملة؟ من المؤكد ان هذه المحاكمة الجديدة تدخل في إطار المضايقات التي يتعرض لها الكتاب والصحفيون المستقلون والاحرار في تونس والسعي الدؤوب لتكميم الأفواه ولإرهاب بعض الأقلام التي خيرت نهج الاستقلالية والمهنية.  كما ان هذه التصرفات تاتي لمزيد ضرب حرية الرأي والتعبير وخنق الصحافة والصحفيين.


بيان اجتماع المكتب السياسي للتكتل بمنسقي الجهات

 

   استعرض المكتب السياسي للتكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات، خلال اجتماعه يوم الأحد 19 نوفمبر2006  بمنسقي الجهات، جملة من المستجدات و إثر نقاش معمق حولها، اتخذ المشاركون المواقف التالية :  1ـ  يعتبر التكتل أن الزوبعة المصطنعة التي أثيرت في الأسابيع الأخيرة حول الحجاب تتعمد إلهاء الرأي العام عن مشاكل البلاد الحقيقية و قضاياها المصيرية و في مقدمتها مستلزمات الإصلاح السياسي وإيجاد الحلول للمشاكل الاجتماعية، و بخاصة منها تفاقم بطالة حاملي الشهادات . و لعل هذه الحملة تكشف أساسا عن محاولة السلطة استرجاع مصداقية قد تدهورت في منظور شركائنا الغربيين .  و إذ يرفض التكتل توظيف مثل هذه المسائل من أي طرف في الفضاء السياسي، فإنه يعتبر أنه كان أحرى بالسلطة أن تشنّ حملات من نوع آخر. في مقدمتها مقاومة الفساد بمختلف مظاهره، والتي تجاوز بعضها حدود البلاد و أصبحت موضوع حديث العام و الخاص مما يسيئ إلى هيبة الدولة و سمعة مؤسساتها . 2ـ  يعتبر أن مطالبة مجلس النواب و مجلس المستشارين- و هما شكليّا مؤسستان « تعدديّتان »- بترشيح الرئيس الحالي لانتخابات 2009 ـ إضافة إلى الاستغراب من التوقيت السابق لأوانه و ما تثيره هذه الدعوة من تساؤلات حول دوافعها الحقيقية غير المعلنة ـ تذكرنا بأسلوب سيئ الذكر وقع توخّيه من طرف « البرلمان » سنة 1975 من أجل إقرار الرئاسة مدى الحياة لفائدة الرئيس بورقيبة آنذاك .   على أن هذه الحملة تطرح في نفس الوقت على القوى الديمقراطية مسؤولية الإعداد المبكّر لـموعد2009، و تكثيف النضال من أجل أن يجسم هذا الموعد تغييرا جذريا على كل المستويات، بداية من التنصيص على حرية الترشّح لرئاسة الجمهورية و مرورا بالظروف المحيطة و الضامنة للتعددية السياسية و الحريات في المراحل السابقة للانتخابات، و وصولا إلى ضبط القواعد الضرورية لانتخابات تنافسية شفافة و سليمة . 3ـ  يعبر التكتل عن ارتياحه إثر إطلاق سراح عدد من المساجين السياسيين و من ضمنهم قياديون بارزون من حركة النهضة . ولكن هذا الارتياح لانتهاء معاناتهم و ذويهم لا يخفي أن الحل منقوص، و هو ما يعكس غياب الإرادة السياسية في طي صفحة الماضي و استبدال النهج الأمني بالأسلوب السياسي و الإعلان عن العفو التشريعي العام، و هو مطلب أجمعت عليه كل أطياف المعارضة الوطنية .   و لعل أوضح مؤشر على غياب هذه الإرادة في إصلاح الأوضاع ، ما تشهده البلاد من انتهاكات متواصلة للحريات تمثل أبرزها في : ـ الإعتداءات اللا أخلاقية و المضايقات التي تعرض لها الدكتور منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية و التي دفعت به إلى الاعتصام بمنزله . ـ التجاوزات التي تعرض لها القيادي البارز لحركة النهضة و السجين السابق السيد حمادي الجبالي بمناسبة حفل عائلي . ـ حملة الطرد و الإيقافات و المحاكمات التي استهدفت مسؤولين في الاتحاد العام لطلبة تونس على خلفية نشاطهم النقابي . ـ المحاكمات بالجملة لعدد من الشبان في إطار قانون مكافحة الإرهاب اللادستوري . 4ـ  يعبر التكتل من جديد عن استيائه تجاه ما تعرضت له قيادته من استخفاف عند تقديمها لوزارة الداخلية إعلاما بإصدار جريدة الحزب. و يؤكد عزم مناضليه على مواصلة النضال لمواجهة هذا التمييز الذي لا مبرّر له  و تبليغ صوت التكتل للمواطنين . 5ـ يؤكد التكتل تشبثه بالعمل المشترك و بضرورة تجميع قوى المعارضة. وإذ يثمن ما أمكن إنجازه رغم العراقيل في إطار هيئة 18 أكتوبر خلال السنة الماضية فإن التكتل يدعم مواصلة الحوار و تعميقه بين الأطراف المكونة للهيئة و يدعو إلى توسيعه إلى بقية القوى المؤمنة بضرورة التغيير بما يوفر للندوة الوطنية للمعارضة كل ظروف النجاح . 6ـ يحيّي التكتل المجهودات المبذولة من طرف النقابيين لإنجاح مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل و يعبّر عن أمله في أن يكون هذا المؤتمر مناسبة لطرح برامج و حلول حتّى يجري التنافس حولها لا حول الأشخاص ، و أمله أن تفضي أشغال المؤتمر إلى تجسيم استقلالية المنظمة الشغيلة بما يدعم النضالات من أجل الديمقراطية و احترام الحريات . 7ـ وحول ما ميّز مجريات  » أيام قرطاج السينمائية  » التي أسدل الستار عنها آخر الأسبوع الماضي ، فإن التكتل الديمقراطي ليحيّي الروح التحررية التي فرضها المشاركون و الفنانون رغم الصعوبات و العراقيل المألوفة و يؤكد بهذه المناسبة حق المثقفين و الفنانين، و خاصة في ميداني المسرح و السينما، في إبداع حرّ، لا وصاية و لا رقابة عليه، ينطق بما تزخر به الساحة الثقافية و الفنية التونسية من طاقات هائلة . 8ـ يندّد بالاعتداءات الهمجيّة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الباسل و يدين بشدة رعونة إسرائيل التي ما كانت لتسخر بهذا الشكل من شجب المنتظم الدولي لولا المساندة الأمريكية اللاّمشروطة .  و حول المأساة التي يعيشها الشعب العراقي الشقيق نتيجة الاحتلال الغاشم فإن التكتل، إضافة إلى أن المغامرة الأمريكية العدوانية قادت إلى الدّمار و زادت الوضع في المنطقة تعقيدا ،  يعتبر أن الحل  مرتبط  بنهاية الاحتلال و بقدرة  العراقيين على  تجاوز  خلافاتهم  و تحقيق مصالحة حقيقية تخدم قضية العراق و تصون وحدة ترابه حتى يسترجع مكانته في المنطقة .        إن التكتل إذ يحيّي كل المناضلين الصادقين من أجل الحرية على مختلف الأصعدة السياسية و الاجتماعية و الثقافية ببلادنا، و إذ يعبّر عن مساندته لضحايا القمع و التعسف و المضايقات، يذكّر بأن الانخراط في الإصلاح السياسي هو المقياس الذي قامت عليه السلطة الحاكمة الحالية و أنه  يبقى المقياس الأساسي لتقييم التغيير.و لذلك فإن التكتل يدعو السلطة إلى الإنصات إلى الرّغبات العميقة لدى المواطنين و وضع حد لسياسة الانغلاق على القوى الحية بالبلاد و ذلك بوقفة وطنية صادقة تشارك فيها كل الأطراف و تنخرط معها البلاد في إصلاح سياسي حقيقي يجنبها العثرات و تعود معه الثقة المفقودة .   الأمين العام مصطفى بن جعفر  
 
 


أمير قطر يزور تونس بعد الأزمة الدبلوماسية بين البلدين

 

تونس (رويترز) – قالت مصادر رسمية يوم الاربعاء ان الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني أمير دولة قطر التقى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في زيارة لتونس جاءت بعد نحو شهر من سحب تونس تمثيلها الدبلوماسي في قطر بسبب برامج قناة الجزيرة. وقالت وكالة الانباء التونسية الحكومية (وات) إن « اللقاء كان مناسبة لتناول العلاقات التونسية القطرية ومسيرة التعاون بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات خدمة للمصالح المشتركة ». واضافت ان « المحادثة تناولت اخر مستجدات على الصعيد العربي وبالخصوص في منطقة الشرق الاوسط الى جانب قضايا ومسائل ذات اهتمام مشترك ». ولم يعرف ان كان القائدان قد بحثا معا سبل حل الازمة الدبلوماسية بين بلديهما بعد ان سحبت تونس سفيرها في الدوحة احتجاجا على ما وصفته بالحملة العدائية التي شنتها قناة الجزيرة عليها. وأعلنت تونس غلق سفارتها في قطر الشهر الماضي بعد أن بثت قناة الجزيرة القطرية حوارا مع المعارض التونسي المنصف المرزوقي دعا فيه التونسيين الى المقاومة للمطالبة باطلاق الحريات في البلاد.   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 22 نوفمبر 2006)  

تجديد انتخاب السيد الهادى الجيلانى رئيسا للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية

 

الكرم 23 نوفمبر 2006 ( وات ) – اختتمت أشغال المؤتمر الوطنى 14 للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية يوم الاربعاء بقصر المعارض بالكرم بتجديد انتخاب السيد الهادى الجيلانى رئيسا للمنظمة للخمس سنوات المقبلة . وقد انتخب المؤتمرون الذين فاق عددهم الألفين أعضاء المكتب التنفيذى ال18 بنظام القطاعات .   ويتكون المكتب التنفيذى الجديد للاتحاد من السادة والسيدات:   – قطاع الصناعة // الهادى الجيلانى / على سلامة / محمد الصحراوى / ليلى خياط / طارق بن يحمد / روجى بيزميت. – قطاع الخدمات // حمادى بن سدرين / رضا بوعجينة / عادل بوصرصار/ وداد بوشماوى – الحرف والمهن الصغرى // عزالدين قرفة / نجوى فحيمة – الصناعات التقليدية // لسعد الباجى / زهرة ادريس بشر – قطاع التجارة // المنصف بركوس / المولدى العيارى /لزهر الاسطى / نبيل التريكي .   (المصدر: وكالة تونس إفريقيا للأنباء بتاريخ 23 نوفمبر 2006)
 

تونس: الإعلان عن إنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهرونووية

 
تونس (23 تشرين الثاني/نوفمبر) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء – أعلنت الشركة التونسية للكهرباء والغاز (شركة حكومية) أنها ستشرع في إعداد الدراسات لتطوير إنتاج الكهرباء باعتماد الطاقة النووية وتركيز أول محطة كهرونووية في تونس. وأضافت الشركة أن الدراسات التي ستقوم بها والتي ستدوم 4 سنوات تهدف إلى تركيز محطة كهرونووية بطاقة إنتاج في حدود 900 ميغواط في أفق 2020. وأوضحت الشركة أن « هذه الدراسات ستهتم بالنواحي الفنية والاقتصادية للمشروع وتحديد الإطار القانوني والهيكلي للمحطة مؤكدة أن التوجه نحو اختيار الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء في هذه الفترة يعتبر جد ملائم ضمن إطار تميز بالارتفاع المشط لأسعار المحروقات. وتعتمد حاليا عديد من الدول المتقدمة والنامية على الطاقة النووية على غرار الصين التي تقوم حاليا بالتحضير لتركيز محطات كهرونووية بطاقة إنتاج تصل إلى 40 ألف ميغواط إضافية في حدود 2020. ويشكل الغاز الطبيعي اليوم في تونس أول طاقة يعتمد عليها لإنتاج الكهرباء وقد مكن ذلك من تحقيق أرباح خلال تسعينيات القرن المنصرم والسنوات الأولى من العشرية الحالية، بفضل اعتماد الدورة المزدوجة في إنتاج الكهرباء ومع تطور الطلب من 4 إلى 5% سنويا على الكهرباء، فان مجال توليد الكهرباء في أفق 2020 سيكون خاضعا بنسبة 95% للغاز الطبيعي. وتسعى تونس حاليا إلى تركيز ثلاث محطات تعمل بالرياح وبطاقة 120 ميغواط، ستكون جاهزة خلال سنة 2009، ومن المتوقع أيضا أن تدخل محطة غنوش التي تعمل بتقنية الدورة المزدوجة وبطاقة تصل إلى 400 ميغواط حيز الانتاج سنة 2009، وستتعزز القدرة الإجمالية لتوليد الكهرباء في تونس في سنة 2012 بإقامة محطة بالهوارية تعمل باعتماد نفس التقنية بطاقة 1200 ميغواط، وسيوجه ثلثي إنتاج هذه المحطة التي سيتم إنشاءها بفضل تعاون تونسي إيطالي نحو ايطاليا، كما سيتم إحداث محطة بتقنية الدورة المزدوجة بقدرة 400 ميغواط بمنطقة بنزرت.
 
(المصدر: وكالة  (آكي) الإيطالية للأنباء  بتاريخ 23 نوفمبر 2006)


مجموعة جنرال هولدنج توسع استثماراتها السياحية في تونس

 

تونس (رويترز) – قالت مجموعة جنرال ميديترانيان هولدنج يوم الاربعاء انها ستوسع استثماراتها السياحية بتونس بانشاء مجمع للسياحة الصحية يستهدف العملاء الاوروبيين بقيمة مليون دولار. وقال مسؤول من المجموعة المملوكة لرجل الاعمال البريطاني من اصل عراقي نظمي أوجي لرويترز ان المشروع الذي ستطلقه المجموعة هو مجمع صحي يتكون من مصحة تجميل ومنطقة للعلاج الطبيعي بفندق رويال بمنتجع الحمامات السياحي. وأضاف أن المجمع الذي تبلغ قيمته مليون دولار يستهدف استقطاب عملاء اوروبيين للسياحة الصحية التي تسعى تونس لتدعيمها في اطار تنويع منتجاتها السياحية. وأنشأت المجموعة مشروعا فندقيا وعقاريا منذ عشرة أعوام باستثمارات قيمتها 50 مليون دولار ويشتمل على فندق ضخم و150 وحدة سكنية. وتتوزع استثمارات هذه المجموعة في عديد من بلدان العالم في مجال المصارف والفندقة والنفط والصناعة والطيران.   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 22 نوفمبر 2006)  


قـضـاء خلال السنة القضائية 2004-2003 بلغت أحكام الطلاق بالجبر أو بالرضاء… أكثر من عشرة آلاف حكم حسب المعهد الأعلى للإحصاء. أزعجني هذا الرقم وترك في نفسي أعمق الأثر. أولا لأنه يدل على تفاقم ظاهرة تفكك الأسر. وثانيا لأنني تصوّرت لحظة أن الطلاق يحتفل به في العرس في عاداتنا التقليدية… فقلت في نفسي: «ماذا كان يحدث لليالينا لو كان الطلاق يتم أيضا بسهرة مزاودية». محمد قلبي (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 نوفمبر 2006)  


لأول مرة منذ 3 سنوات: اجتماع بين الوحدة الشعبية والديموقراطي الوحدوي واتجاه نحو تحالف مستقبلي

 

تونس – الصباح:   علمت «الصباح» أن السيدين محمد بوشيحة الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية، وأحمد الإينوبلي الأمين العام للإتحاد الديموقراطي الوحدوي، التقيا صبيحة أمس بمقر حزب الوحدة الشعبية، على انفراد في خطوة تنسيقية هي الأولى من نوعها منذ عدة أعوام.. واستغرق هذا الاجتماع، الذي تم بمبادرة مشتركة من الجانبين، زهاء الساعتين، تناقش فيه الطرفان حول الوضع السياسي العام بالبلاد، وكيفية التنسيق الثنائي بين الحزبين سواء على مستوى التحركات أو المواقف من القضايا السياسية الداخلية والخارجية.. وقرر الطرفان، ضرورة الالتقاء حول جملة من المطالب المشتركة لتفعيل دور الحزبين في المشهد السياسي الداخلي، سيما وأن الشعبية والوحدوي، يتشابهان في تقييمهما لبعض الملفات والقضايا السياسية والاقتصادية المحلية، فيما يتقاسمان المقاربة للشأن العربي والدولي.. وقال السيد هشام الحاجي، عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية في تصريح لـ«الصباح»، أن هذا الاجتماع يأتي في إطار التنسيق بين حزبين يلتقيان حول عدد من المقاربات ، كما يملكان نفس الشبكة من العلاقات مع الخارج، وخاصة مع الأحزاب العربية وبعض منظمات المجتمع المدني، الأمر الذي يجعل عملية التنسيق بينهما يسيرة، بل هي عنصر إضافة للحزبين ودورهما في الساحة السياسية.. وكان الاتحاد الديموقراطي الوحدوي، دعا في مؤتمره السابق، إلى ضرورة إقامة حوار مع الأحزاب الأخرى، بغرض تفعيل دور الحزب في المشهد السياسي، خصوصا بعد عدة أشهر قضاها الحزب في حالة بحث عن توازنه إبان الشغور الحاصل في الأمانة العامة.. ومن المتوقع، أن يدخل الحزبان في سلسلة من اللقاءات، ستشمل في المستقبل كوادر الحزبين وأعضاء المكتبين السياسيين، لبحث كيفية التنسيق المنتظم، وضبط بعض الأنشطة المشتركة، إلى جانب تحديد آليات للتنسيق الثنائي في مجالات عديدة.. ويعد هذا اللقاء، مؤشرا على بداية تحالف بين الحزبين على أرضية الحد الأدنى المشترك، الذي من المتوقع أن يتطور لاحقا إلى برامج ثنائية مشتركة.. الجدير بالذكر، أن الحزبان عانيا من قطيعة استمرت لأكثر من ثلاث سنوات، وتعد هذه المرة الأولى التي يجتمع فيها الطرفان منذ تلك الفترة..   والسؤال المطروح في الأوساط السياسية، يتمحور حول ما إذا كان هذا الاجتماع سيصمد مع الأيام أم سيكون مآله نفس مصير التحالفات التي حصلت في وقت سابق؟   صالح عطية   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 نوفمبر 2006)


ر. .م.ع «الستاغ» في ندوة صحفية: الاستعداد لانجاز أول محطة كهرونووية بتونس بطاقة 900 ميغاواط

 
تونس – الصباح: متابعة لقرارات رئيس الدولة بتكليف الشركة التونسية للكهرباء والغاز بالشروع في الدراسات لتطوير انتاج الكهرباء بالطاقة النووية عقد امس السيد عثمان بن عرفة الرئيس المدير العام للشركة ندوة صحفية حضرها عدد كبير من وسائل الاعلام وبحضور الاطارات العليا لهذه المؤسسة.. وقد سلط فيها الأضواء على الاستعدادات الحثيثة لانجاز المحطة الكهرونووية.. التي ينتظر ان تكون جاهزة للاستغلال في حدود سنة 2020… في بداية اللقاء استعرض السيد بن عرفة انعكاسات ارتفاع اسعار برميل النفط العالمي على ميزانية الدولة حيث كلفت الزيادة بدولار واحد ما فوق الـ45 دولارا لبرميل النفط اكثر من 15 مليون دينار…  وساهم تضاعف السعر الى 3 مرات خلال السنوات الأربعة الماضية بما فيها السنة الحالية في وضع خطة استراتيجية تهدف بالأساس الى ترشيد استهلاك الطاقة لدى المؤسسة الاقتصادية والفرد وتفعيل دور الطاقات المتجددة والبديلة مثل الطاقة بالرياح والطاقة الشمسية ضمن منظومة الانتاج. ويندرج انجاز أول محطة كهرونووية بالبلاد التونسية ضمن هذا التوجه… فعلى المستوى العالمي تعتمد فرنسا – على سبيل المثال على الطاقة النووية بنسبة 83% لتلبية حاجياتها الاستهلاكية، وبرمجت اليابان 10 مولدات بالطاقة النووية الى غاية سنة 2014 اي بنسبة 40% من الطاقة الكهربائية… وبرمجت الصين تركيز 10 الاف ميغاوات اضافية الى غاية سنة 2020 اي ما يمثل 6 مرات الطاقة النووية الحالية في هذا البلد الأسيوي.. اما في المغرب وتركيا ومصر فهي بصدد اعداد دراسات لانجاز محطات للكهرونووية ضمن دوراتها الانتاجية   900 ميغاوات وحسب السيد عثمان بن عرفة فإن الاشارة الى هذه العينات من الكبر الدول المستغلة للكهرونووية لانتاج الطاقة يجعلنا في تونس نولي عناية فائقة لانتاج الكهرباء بالطاقة النووية وبما ان الطريقة المتوخاة للوصول الى الكهرباء عبر الطاقة النووية وما تتطلبه من دراسات والاستفادة بالخبرات والكفاءات فان تحقيق هدف تركيز مثل هذه المحطة في تونس سنة 2020 يعتبر من الوجهة العلمية امرا عاديا ومتعارف عليه فالعملية تنقسم الى 3 عناصر: العنصر الأول هو الدراسات التي ستتواصل اربع سنوات والعنصر الثاني مرحلة الاشغال والتي قد تتواصل 7 سنوات واخيرا ناتي لمرحلة الاستغلال لنبلغ هدف الاستفادة من الطاقة التي سنجنيها من المصدر النووي.. بطاقة تبلغ900 ميغاوات.. والمساهمة بنسبة تتراوح ما بين 15 و20% ضمن المعدل الجملي لبقية عناصر الطاقة مثل البترول والغاز الطبيعي والرياح والطاقة الشمسية ومياه السدود استغلال على مدى 80 سنة وضمن الاستراتيجية الشاملة لكل هذه المصادر ولغاية سنة 2020 فان الطلب سيكون بمعدل 4% سنويا اي بقيمة 22 مليار كيلواط.. وفي هذا السياق ولابراز مردودية الانتاج يقول السيد عثمان بن عرفة ان استغلال الطاقة ضمن كل عنصر على حدة يمكن ان يتجاوز فترة 80 سنة ومحطة الكهرونووية يشتملها ايضا هذا التوجه.. مضيفا انه على سبيل المثال فإن اول محطة للطاقة في تونس تاسست سنة 1903 بقيت تشتغل الى غاية سنة 1983 وهكذا يتبين ان كل المؤشرات يبرز ان الاستعداد لانجاز المحطة الكهرونوووية مع مطلع سنة 2020 تجندت له الشركة التونسية للكهرباء والغاز منذ الان معتمدة على كفاءات اطاراتها ومهندسيها وفنييها ومسيرها فمنذأكثر من 45 سنة تنجز مشاريعها وخدماتها بخبرات تونسية وستواصل على نفس المنوال عند انجاز المحطة النووية المنتظرة   مزايا الطاقة النووية وحول مزايا الطاقة النووية ذكر السيد عثمان بن عرفة انها اصبحت اليوم في مرحلة منافسة مع المصادر الاخرى فسعر الكيلواط في الساعة للطاقة النووية اقل بنسبة 70% من مصادر الطور بالبخار والفيول اضافة الى المزايا الاقتصادية التي يجنبها المؤسسة عند استغلالها لها.   نجيب اللوز   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 نوفمبر 2006)

 

مسلسل الإعتداءات في تونس على الصحافيين يتواصل

بقلم : سليم بوخذير * جاء مسلسل المضايقات و التحرّشات الأمنية القاسية التي تعرّض لها زميل صحفي جزائري في تونس مؤخرا ليطرح و بإلحاح مجدّدا نقاط الإستفهام الوافرة حول الطريقة التي إختارتها السلطات التونسية لنفسها للتعامل في السنوات الأخيرة مع الصحافة و الصحافيين سواء الأجانب منهم أو حتى من أبناء البلد ، ساعة يُحاول أيّ منهم أن يكون مُحايدا. ففيما نزل مبعوث صحيفة « الوطن » الجزائرية الزميل عدنان مهدي ضيفا على تونس في أيام إحتفالات الحكومة التونسية بالعيد التاسع عشر لتولّي الرئيس زين العابدين بن علي الحكم في 7 نوفمبر – تشرين الثاني 1987 ، ظانّا أنه لن يجد أي عوائق في طريق مهامه الصحفية . فوجئ بمسلسل طويل من المضايقات الحادة (عُُد إلى تقرير منظمة « مراسلون بلا حدود » في هذا الشأن) و التي كان أبسطها تخصيص ما لايقلّ عن 6 أعوان أمن لاحقوه بشكل مُلاصق منذ وصوله إلى الفندق ، ثم إرتفع عدد هؤلاء ليصير أكبر عندما توجه المبعوث إلى مدينة « سوسة » جنوب العاصمة تونس لإجراء مقابلة مع المعارض التونسي الدكتور المنصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ، و لينتهي الأمر بإختطافه مرتين متواليتين من قبل البوليس و إساءة معاملته و تفتيشه و إهانته و تعنيفه . هكذا ، و فيما كان يُفترض أن يُعامل الزميل الجزائري على أنه ضيف على البلد جاء ليؤدّي عمله الصحفي المحايد ، جرّوه إلى المخافر و أهانوه فعاد إلى الجزائر سريعا مُكرها ، ناسين أنّ الزميل هو مجرّد صحفي و ليس أصلا بأي حال من الأحول طرفا في الخلافات السياسية المطروحة بين المعارضين و الحكومة ، فهو صحفي . . ليس أكثر و لا أقل . و مع أنّ بعض المحسوبين على الحكومة ، يردّدون في الكواليس أنّ توجّس السلطات في تونس من مسألة الصحافيين له أسباب إضطرارية، فهي تنظر إليهم عادة على أنهم فاسحو المجال لمعارضيها بأن يتحدثوا و ينتقدوا ن حسب تعبير هؤلاء ، إلاّ أن هذا هو بدوره في غير محلّه ، فحكومة بن علي بهذا المنطق لا تكون « ذكية » حتى عندما تقرأ المسألة من هذه الزاوية فحسب ، فالصحافيّون و مثلما هم مُتيحو الفرصة لمعارضيها ليتحدّثوا ، هم أيضا فاتحو الباب لها هي لتُدلي بدلوها ولتردّ و تُناقش ، و كان يجب عليها أن تعاملهم بإحترام دون محاولة « الفتك » بحقهم في التحرك و الخوض في ما يرونه صالحا من المواضيع على أن تمارس هي حق الإدلاء برأيها في الأمر ، و في الرأي و في الرأي المخالف فليتنافس المُتنافسون عندئذ. إنّها مسألة خطيرة جدا أن تُساء معاملة صحفي و بهذه الصورة غير المقبولة مثلما حدث مؤخرا مع الزميل الجزائري في تونس لمجرّد أنه صحفي ، و لكنّها أيضا مسألة لا نعتقد أنها ذكية أو أنّها قد تكون مفيدة للحكومة التونسية في شيء ، ففي إعتقادنا إنّما هي تُضرّ بنفسها بحصول مثل هذه الإعتداءات المتكرّرة تحت موافقتها ، أوّلا لأنّ مثل هذه الممارسات لم تُثن الزميل الجزائري عن كتابة كلّ ما أراد كتابته عن مُعارض السلطات في تونس د. المرزوقي ، و ثانيا لأن المنظّمات الحقوقية الدولية المدافعة عن حرية الصحافة لم تسمح بأن يمرّ هذا الإعتداء على الصحافي الجزائري دون أن تندّد به و بشدّة ، و هو أمر أحرج السلطات التونسية بلا شكّ.. كما أنّ هذا الذي جرى إنّما أعاد إلى الأذهان و بقوّة ، في عديد وسائل الإعلام هذه الأيام ، أطوار الحادثة المروّعة التي إستهدفت الصحفي الفرنسي « كرستوف بولتنسكي » مبعوث صحيفة « ليبيراسيون » الفرنسية عندما تعرّض للطعن بسكين و إنتزاع وثائقة و أدوات تسجيله أمام أعين البوليس عشية القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي إحتضنتها تونس من 16 إلى 18 نوفمبر –تشرين الثاني 2006 ، الأمر الذي جعل الضجّة التي أثارتها الواقعة و الإنتقادات الموجّهة لتونس بسببها ، تعود لتُطرح بقوّة هذه الأيام بعد سابق هدوئها . فأي فائدة إذن في محاولة لجم أفواه لا تُلجم ؟ و أيّ حكمة في محاولة بلا نجاح لكسر أقلام لا تُُكسر ، هذا إذا إفترضنا جدلا أن الإعتداء أو التضييق على صحفي هي أصلا مسألة تستطيع أن تكون مفيدة لأي طرف يحترم قيم الحقيقة في هذه الدنيا ؟ و من هنا ، لقد صار حريا في رأينا بهذه الحكومة أن تحاول أن تُراجع هذه الطريقة الصدامية التي تصرّ على رسمها مع الصحافيين من زاوية مصلحتها هي على الأقل ، و ليس فقط من زاوية مصلحة الإعلام و أهله . فمثلا نحن نسألها : هل كان قرار غلق السفارة التونسية بالدوحة لمحاولة الضغط على قناة « الجزيرة » قرارا ذكيا ؟ هل نجح هذا القرار في إقناع المشاهدين بأن هذه القناة لم تكن موضوعية و محايدة تماما في تعاملها مع الأحداث التونسية ؟ و أصلا ، هل نجح هذا القرار و معه الحملة الإعلامية الواسعة لمحاولة تشويه قناة « الجزيرة » التي إحتضنتها الصحف الحكومية بتونس على مدى الأسابيع الماضية ، في أن تُغني « الجزيرة » عن تناول الأخبار الواردة لها من تونس أو حتّى في أن تفتكّ من « الجزيرة » ثقة الجمهور الواسع الذي يتابعها من تونس ؟ ومن جهة أخرى ، هل أمكن بالمضايقات المتعدّدة التي ما فتئ يتعرض لها مراسل « الجزيرة » بتونس لطفي حجّي ، أن تمنعه من إرسال أخبار تونس بالصورة المحايدة التي لا ترضي الحكومة إلى القناة ؟ و هناك أمثلة أخرى في هذا السياق ، فهل نجحت مثلا مًصادرة صحيفة « القدس العربي » مرارا و تكرارا في تونس و غيرها من العناوين الإعلامية الدولية ، في حجب محتويات أعدادها عن الجمهور التونسي ؟ هل فات السلطات أنّ كلّ هذه العناوين لها مواقع على الأنترنت يُبحر إليها النّاس عندما تُصادر أعدادها في الأسواق و يطّلعون عليها حتّى و إن وقع حجب مواقعها على الأنترنت بفضل « سلاح » البروكسي الذي صار وسيلة مفضلة للجمهور التونسي للإطلاع على الشبكة العالمية . فبدل معاداة الإعلاميين و محاولة الضغط على عديد المؤسسات الإعلامية بالخارج لإثنائها عن تناول الأخبار التونسية و هو هدف لم ولن يتحقّق لها كما هو واضح ، كان أولى في رأينا أن تتأقلم الحكومة التونسية مع مسألة أن الإعلام صار مُعولما اليوم و سقفه أصبح أعلى بكثير جدا من سقف محاولات الصنصرة ، و أن تُحاول مستقبلا أن تقتدي بعديد الدول التي تُوصف بالذكية في تعاملها مع الإعلام الخارجي ، عندما تتيح له فرصة أن يستمع إلى من يخالفها الرأي و لكنها في المقابل تُمرّر عن طريقه وجهة نظرها هي التي ترى أنّها الأسلم ، و هكذا : لا تشتكي هي و لا يجوع المشاهد و القارئ . . . * كاتب وصحفي من تونس
 
(المصدر: موقع الوطن  بتاريخ 23  نوفمبر 2006)


هل تشهد تونس انتخابات نزيهة سنة 2009؟

أ.د. أحمد بوعزّي   منذ الاستقلال دأبت السلطة في تونس على السيطرة التامة على عملية الانتخابات ابتداء من تعيين مناضلي الحزب الحاكم للإشراف على عمليات التصويت وتعداد الأصوات إلى استعمال موظفي الدولة في عمليات تعليق الدعاية الانتخابية للحزب الواحد وغيرها. وفي سنة 1981 ظن الشعب التونسي أنه أصبح راشدا لمدة أربع وعشرين ساعة وذهب الناس إلى الاقتراع في اليوم المحدد وكانت المشاركة كثيفة بين المرسّمين ووقع تدليس النتائج بأمر حكومي كما اعترف بذلك الوزير الأول السابق مؤخرا وندم على عدم استقالته آنذاك ووجد التونسيون عزاءهم في النكتة السياسية حيث قالوا أن أوراق الانتخاب لها خصائص الحناء فقد أدخلوها يوم الاقتراع في الصندوق خضراء فخرجت منه حمراء في اليوم الموالي.   وجاء بيان السابع من نوفمبر يقول بأن الشعب التونسي بلغ من الوعي ما يجعله سيد نفسه بواسطة صندوق الاقتراع وأنه لا مكان لرئاسة مدى الحياة إلى غير ذلك من الشعارات الديمقراطية، واعتقدنا أننا دخلنا مرحلة جديدة من تاريخنا الوطني تقينا الهزّات والأزمات السياسية ورجع لنا الأمل ورجع الناس للمشاركة في انتخابات 1989 ولكن النتيجة كانت تسعة وتسعون في المائة في الرئاسية وكل مقاعد مجلس النواب للحزب الحاكم ولم تختلف الأرقام عن سابقاتها إلا فيما بعد الفاصل. ولتلميع صورة الحكم وحتى لا يـُترك أي شيء للصدفة اخترع النظام « زكاة الانتخابات » وهي 20 بالمائة من المقاعد توزّعها السلطة على ضعفاء الحال من أحزاب المعارضة كل حزب حسب ولائه للحاكم. ورغم الترخيص لأحزاب جديدة بالوجود القانوني فإن مقاعد الزكاة ذهبت فقط للأحزاب « الأليفة ».   وحتى ينسى الشعب التونسي أجواء الانتخابات ولا يفكـّر الناس في الحصول على بطاقة ناخب فقد غيـّرت الحكومة دورية الانتخابات البلدية لتقع جميع أنواع الانتخابات (رئاسية، تشريعية، بلدية) في تونس مرة كل خمس سنوات في نفس اليوم أو بينها بضعة أشهر. وزيادة على ذلك فالحزب الحاكم يكلـّف الإدارة بتعطيل قائمات المعارضة النزيهة وبإسقاطها متجاوزا للقانون وللأخلاق، وقد دبّ اليأس لدى أغلب المواطنين واقتنع كثير منهم أن الانتخابات لا فائدة منها وفقد النظام مصداقيته في هذا الميدان نهائيا وانتشر الفساد والمحسوبية نتيجة غياب الجانب الردعي للانتخابات، وعزف المواطنين عن التصويت وحتى عن ترسيم أنفسهم على القائمات الانتخابية.   ولعبت الإدارة دورا لا بأس به في تعطيل الناخبين غير المتأكد من ولائهم وذلك بعدم ترسيمهم على القائمات الانتخابية فالإحصائيات الرسمية تقول أن حوالي ستة ملايين تونسي لهم الحق في الوجود على هذه القائمات ولكن المرسّمين اليوم لا يتجاوزون ثلاث ملايين ونصف المليون أغلبهم من الذين يسوقهم العمدة ورئيس الشعبة إلى المكاتب يوم الاقتراع ليصوتوا تحت الخوف.   وارتفع عدد مكاتب الاقتراع إلى درجة تعجيزية عطـّلت المعارضة الجدّية عن إرسال ملاحظين لكل مكاتب الاقتراع وسهّلت بالتالي إمكانية حشو الصناديق بأوراق لم يضعها الناخبون، ونسبة الناخبين اليوم تبلغ 250 مرسّما لكل مكتب الشيء الذي جعل مكاتب الاقتراع فارغة من الناخبين والملاحظين أغلب ساعات يوم الانتخاب وهو ما يشكـّك في نزاهة العملية برمّتها.   واليوم وبعد خمسين سنة من الاستقلال لم ننعم ولو مرة واحدة بانتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة ولم نر حزبا واحدا يصرّح بمعارضته لسياسة الحكومة يحصل على مقعد واحد في البرلمان، زد على ذلك أن الحكومة خاطت قانون الأحزاب على قياس علاقتها بكل حزب فهي توزّع المساعدات المالية للأحزاب « الأليفة » فقط ولا تتلقـّى أحزاب المعارضة الصريحة ولا جرائدها مليما واحدا من تلك الملايين التي يدفعها المواطنون والمواطنات لخزينة الدولة، بل نرى أحزابا « إدارية » تحصل على مساعدات مالية لإصدار جرائد لا وجود لها وعلى مساعدات مالية لكراء مقرات لا وجود لها و »قياداتها » تستعمل تلك الأموال لأغراض أخرى.   فهل سيتحصل الشعب التونسي على حق التصويت الحر المباشر وهل سينعم بانتخابات نزيهة سنة 2009 ؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن يسأله كل تونسي ويوجهه لنفسه قبل أن يوجهه لغيره، وإن أراد الحصول على تحوّل في الثقافة السياسية والانتخابية في تونس فـَعَليْهِ أن يطالب بعدة مطالب انطلاقا من اليوم وحتى سنة 2009. أولها المطالبة بانتخابات نزيهة وشفافة بحضور مراقبين أجانب (الحكومة تقبل بحكـّام أوروبيين لمقابلات كرة القدم فلماذا لا نقبل ملاحظين أوروبيين في الانتخابات) وهذا المطلب لا يعارض موقف الحكومة الرسمي الذي يقول وأنها تريد انتخابات نزيهة وشفافة، ثانيها المطالبة بتحوير الدستور لإفساح المجال في الانتخابات الرئاسية ولإلغاء « زكاة الانتخابات » لأنها تكرّس مبدأ استمداد حق الحصول على مقعد في أحد المجالس من الحزب الحاكم وليس من الناخبين، ثـُمّ ما معنى أن يحصل حزب على 10 بالمائة من المقاعد بينما لا يتعدّى عدد الأصوات التي حصل عليها 3 بالمائة، فهذه ليست ديمقراطية، ثالثها المطالبة بتخفيض عدد مكاتب الاقتراع بنسبة مكتب واحد لكل ألف ناخب، رابعها وأهمها المطالبة بالترسيم في القائمات الانتخابية لأن المرسّم فيها يمكنه:   أن يصوت للمرشّح الذي يعجبه أو أن يشطب كل المرشّحين أو أن يمتنع عن التصويت أو أن يكون ملاحظا باسم حزب من الأحزاب في مكتب اقتراع فيشارك في عدّ الأصوات لتكون النتائج نزيهة أو أن يكون مسؤولا عن مكتب اقتراع أو أن يطالب بإعادة عدّ الأصوات إذا كان غير راض على إبدال ورقته بورقة ذات لون مخالف، أمّا إذا كان الشخص غير مرسـّم فهو لا يستطيع أن يقوم بأي من كل هذا،   أعتقد أن الحصول على انتخابات نزيهة سنة 2009 ممكن لو تضافرت الجهود ولو طالب المواطنون بذلك بكل هدوء ومسؤولية ولكن بإلحاح، والحزب الديمقراطي التقدمي يتوجه بنداء إلى كل مواطن ومواطنة غير مرسّمين في القائمات الانتخابية وخاصة الواعين منهم ليبادروا في شهر جانفي 2007 بالتوجه إلى البلديات التي يرجعون لها بالنظر حاملين بطاقات تعريفهم وبطاقات تعريف أفراد عائلتهم البالغين ويعمـّروا الاستمارة الخاصة بالترسيم في القائمات الانتخابية… تلك هي أول خطوة لانتخابات نزيهة ولم يبق لذلك إلا ّ شهرين.   (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 381 بتاريخ 17 نوفمبر 2006)
 

الدكتور عزام محجوب:

الشفافية تتقلص الخطأ في رصد نسب الفقر

حاورته هندة العرفاوي

تعد ظاهرة الفقر من اشد الظواهر الحاملة للدلالات حول البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لأي بلد، وهي أيضا المؤشر حول مستوى ونوعية الخدمات الصحية والاجتماعية وهي أيضا مؤشر يقرأ من خلاله مستوى الأجور وتزايد الأسعار، ومدى قدرة أي بلد على استيعاب جميع فئاته داخل نسق التنمية والإحاطة بالفئات ضعيفة الدخل فيه وتمتع الطبقات السفلى بجميع الخدمات من صحة وغذاء وتعليم… يتزامن الحديث عن هذا الموضوع مع الحديث عن التحرك لمقاومة الفقر الذي صادف في العالم الاجتماعات السنوية للمؤسسات المالية الدولية. ولكن ما أثار الموضوع بشكل مباشر هو ظهور بعض اللقطات في إحدى القنوات التلفزية في شهر رمضان عن عائلة تونسية تقطن في أحواز العاصمة إلتقتها الكاميرا عن طريق الصدفة عرت واقعا مريرا يخشى أن يكون اشد إيلاما إن كانت الحالة تتعدد وتتنوع في مدننا وقرانا ويخيف من العودة إلى واقع كانت تونس تعتقد أنها تجاوزته منذ أحقاب.عائلة اجتمع لديها الفقر مع البطالة مع الإعاقة مع عدم التمتع بتغطية صحية ولا بإعانة مادية ولا معنوية. الدكتور عزام محجوب الخبير الاقتصادي أوضح لنا من خلال هذا الحوار أبعاد هذا الموضوع، بمختلف تفرعاته ودلالاته ومدى خطورته على مستقبل التنمية في بلادنا.  

    

*تختلف المفاهيم والنسب التي تحدد بعض الإحصائيات الخاصة بالفقر فمن الذي يحصرها في 4% إلى من يقول أنها تصل إلى 30 %، وبعد أن اظهر احد البرامج التلفزية عائلة فقيرة تجتمع فيها عديد المؤشرات التي كنا نعتقد أنها اضمحلت من تونس كيف نحدد مفهوم الفقر ثم كيف يقع القياس؟

– يحدد الفقر من خلال ثلاثة مفاهيم كبرى تعطي مقاييس مغايرة:

المفهوم الأول هو الأكثر رواجا وهو ما يسمى بالفقر المادي ويعني أن هناك حدا أدنى للدخل أو الإنفاق الذي بدونه لا يمكن تلبية ما يمكن أن نسميه الحاجيات الأساسية للإنسان. والقياس يتم هنا بما يسمى بعتبة الفقر، هذه العتبة تمثل الحد الأدنى من الدخل بالنسبة إلى الفرد أو إلى الإنفاق بالنسبة إلى الفرد والأسرة الذي بدونه تكون في حالة فقر مدقع. هذا الفقر بمفهومه المطلق والشديد هو السائد والذي يجعل أن هناك اخذ ورد حول كيفية حصر العتبة ووضع القياس.

المفهوم الثاني وهو الأقل رواجا هو الذي يسميه البعض الفقر بمفهومه الإداري الذي يوجد في كل البلدان وتهتم به المؤسسات الحكومية مثل وزارة الشؤون الاجتماعية التي تحدد مثلا ما نسميه بالعائلات المعوزة. عندنا في تونس برنامج منذ التسعينات يقع فيه رصد وحصر هذه العائلات حسب مقاييس للدولة وللشؤون الاجتماعية وبالتالي يقع مد تلك العائلات بإعانات مادية. في هذه الحالة مادامت لدينا الأرقام نعرف عدد العائلات المعوزة، ونعرف بصفة عامة عائلة يساوي أسرة بالمفهوم الإحصائي ونستطيع بالتالي أن نفهم ما تمثله العائلات المعوزة بالنسبة لكافة العائلات والأسر التونسية. وأرى أن هذا المقياس نسبته صحته نسبيا مرضية، ولو أن هناك دائما إشكال حول الرصد الصحيح للعائلات المعوزة. هناك بعض الأخذ والرد حول هل أن كل العائلات المعوزة داخلة في الإحصاء، وهل أن من تصلهم الإعانات هم حقيقة من المعوزين. لكن بقطع النظر عن هذا الإشكال يعتبر هذا المؤشر هاما جدا بالنسبة إلى جهاز حكومي وربما هو الذي يشتغلون به عمليا أكثر من مؤشر العتبة. فعتبة الفقر مؤشر ليس دائما للإعلام وحصر الأوضاع عموما ولكن الثاني له قيمته ممكن نعرفه وان نتحصل عليه.

المفهوم الثالث هو الذي يسمى بالفقر البشري وهو مصطلح جديد دخل منذ بعض السنوات عن طريق برنامج الأمم المتحدة للإنماء(PNUD (. وهذا المقياس يأخذ الفقر من عدة جوانب: نسبة الأمية، نسبة الناس الذين لديهم احتمال كبير أن يتوفوا في سن مبكرة دون الأربعين سنة، نسبة التمتع بالماء الصالح للشراب، نسبة الأسر والناس الذين يتمتعون بكل وسائل التطهير، نسبة التمتع بالصحة الأساسية و سوء التغذية لدى الأطفال في السنوات الأولى. والمعدل مؤشرا يعطيك نسبة الناس في بلاد معينة نتيجة لهذه الأسباب. هذا المؤشر لم يأخذ رواجا وأرى أن ذلك غير صائب فهو يعطي صورة أدق عن الوجه البشري للفقر. لأن الأمية ليست وحدها التي تتسبب في الفقر أو عدم التمتع بما يسمى الخدمات الأساسية. هذه ثلاثة مقاييس كبرى تعطي مؤشرات مغايرة.

فيما يخص المؤشر الأول هو المعتمد في الوقت الحاضر على المستوى العالمي. يأخذ عتبة الفقر بدولار واحد في اليوم للفرد خاصة بالنسبة للبلدان الأقل نمو أما بالنسبة للبلدان النامية وذات الدخل المتوسط كتونس فيعتمد على عتبة الفقر بدولارين.

بالنسبة إلى تونس وبعتبة دولاران فنسبة الفقر تساوي 6.6% ما بين 1990 و2003. بحيث لا بد مهما اختلفت الأمور وان نعترف أن تونس قد تخلصت من الفقر الشديد بصفة لا يمكن أن نجادلها إلا في المستوى. اعتمد المعهد الوطني للإحصاء بتونس منذ 1980 على مؤشر عتبة فقر وحصرها في اعتبار الإنفاق الأدنى الذي يمكن من تلبية الحاجيات الغذائية أساسا وبعض الحاجيات الأخرى. وبالنسبة إلى الحاجيات الغذائية اعتمد على نسبة من الحريرات في اليوم( 1830). وبالتالي بالحساب والأسعار والكميات حصر عتبة الفقر عام 1980 في المستوى الحضري 120دينار وفي المستوى الريفي 60 د.ثم يتم كل خمس سنوات تعديل عتبة الإنفاق بالأخذ بعين الاعتبار التضخم المالي. تفيد الأرقام الرسمية أن نسبة الفقر قد تقلصت من 12.9% سنة 1980 إلى 4.2 % سنة 2000. في سنة 2000 يقدر عدد السكان الذين دون عتبة الفقر بحوالي 400 ألف (أي ما يمثل60.000 أسرة ). لو افترضنا أن أسرة تساوي عائلة بمفهوم الإحصاء ففي نفس السنة كان عدد العائلات المعوزة حوالي 114 ألف. وبالتالي هناك آلاف من العائلات المعوزة التي هي في حالة احتياج وغير محسوبة تحت عتبة الفقر. من هذه الزاوية يمكن تقدير نسبة الفقر الإداري ب5.7 %إذن لا بد من إعادة النظر في منهجية ضبط عتبة الفقر: – بتعديل السلة الغذائية

-تعديل الفارق بين عتبة الفقر في الأرياف والمدن.

-الرفع من مستوى العتبة حتى يؤخذ بعين الاعتبار الأشكال الجديدة للهشاشة و الاحتياج.

 

*هناك مؤشرات أخرى هل يمكن وضعها في الاعتبار ظهرت وصارت فاعلة في المجتمع: البطالة ،التسريح عند إغلاق بعض المعامل وبعض المؤسسات أو في حالة الخوصصة،العمل في القطاعات غير المنظمة..فهل تعد هذه مؤشرات لرصد نسبة الفقر؟

– يمكن التفريق بين الفقر بشكله المطلق، المدقع وأنا في هذا الصدد أتذكر حالة الفقر المدقع التي كنا نراها في الشوارع عندما كنت صغيرا. مهما يكن الأمر تقلص هذا النوع من الفقر بصفة جذرية. الآن تقدمت بلادنا وصار الفقر بمعنى الهشاشة والاحتياج.اطلب أن لا نبقى ندقق في مشكلة الفقر المطلق فقط ولكن في مظاهر الفقر والاحتياج التي صارت مختلفة. صرنا مثلا الآن في أوروبا نتحدث عن « الفقر الجديد ».وهذا سندخله نحن في تونس .المؤشر كان مثلنا :يضعون عتبة للاحتياج ،وقد انتهى العمل بهذا المؤشر لان الفقر في صورته المطلقة اضمحل. الآن ماذا يعتمدون يأخذون متوسط الدخل ومن يحصل على نصف متوسط الدخل يعتبرونه فقيرا. لا بد لنا نحن أن نغير المقاييس لان البلاد تقدمت.فنسبة دخل الفرد تحسنت في الخمسين سنة الأخيرة. وبالتالي الفقر صار يأخذ ظواهر أخرى إلا في بعض الحالات (كما رأينا في البرنامج في رمضان عندما يجتمع البطالة مع المرض والإعاقة في نفس الوقت يتحول الأمر إلى فقر مدقع وهذا ما نقول في تونس انه تقلص).هذا ما يمكن أن نسميه الفقر بالمفهوم العام الطبيعي الذي يرادف كلمات Précarité et vulnérabilité.

الأمم المتحدة اعتمدت مؤشر جديد وهو احتساب نسبة الأمية وفي مجال الصحة، قصر مدة الحياة، وفاة قبل 40 سنة، عدم التمتع بالمرافق الأساسية، سوء التغذية.. نرى أن آخر الأرقام التي صدرت سنة 2003 عن تونس تثبت أن نسبة الفقر 18.5 % أي أن تقريبا خمس المواطنين يشتكون مما يسمى الفقر البشري بمفهوم برنامج الأمم المتحدة.إذا تمكنا مثلا من الأخذ بعين الاعتبار هذا المؤشر وحاولنا أن ندرس بعض الحالات يمكن أن نصل حسب تقديري إلى مستوى 30 أو 35%. مفهوم الهشاشة يستخدمه البنك الدولي ويعتمد فيه ما يمكن تسميته بالعمل الهش،ثم العمل داخل القطاع غير المهيكل.أذا أخذنا هذه الاعتبارات نجد أن النسب أعلى بكثير .نسبة البطالة حسب الإحصائيات الرسمية تصل إلى 14 أو 15% .نسبة الهشاشة في العمل أيضا نسبة معتبرة أيضا. في منتصف التسعينيات نسبة الشغل في القطاع غير المنظم وصلت إلى 40% في تونس.وإذا قمنا بإحصائيات حول العمل غير القار نجد نسب كبيرة.

إذا اعتمدنا كذلك الحد الأدنى من الأجور نرى أن نسبة العمال الذين يتقاضون نصف الأجر الأدنى نسبة لا يستهان بها.وإذا اعتبرنا أن « السميق » هو حد أدنى كدخل، فما بالك إذا اعتبرنا أن هناك نسبة غير ضعيفة من العمال الذين يتقاضون نصف الأجر الأدنى.هذه يجب أن تشكل في قالب معطيات جملية تعطي صورة أدق عن حالة الاحتياج والفقر.وإذا أضفنا إليها أن نسبة التغطية الاجتماعية في مجال الصحة -وهو أيضا مؤشر -ولو أن لدينا نسبة متصاعدة فإنها لا زالت دون المستوى المطلوب. بينما لهذا تأثيره على مجال الصحة.فالعائلة في تونس تصرف كثيرا بصفة خاصة على مجال الصحة. إذا لم تكن لديك تغطية اجتماعية ووصلت إلى حالة مرض مع بطالة تكون في حالة هشاشة وبالتالي فهذه ظاهرة جديدة للفقر في بلادنا.

 

*هناك مجموعة من الظواهر الأخرى مربوطة بالأداء السياسي على المستوى الداخلي تكون عائق في وجه التنمية مثل الرشوة، الفساد المالي…هناك مستوى آخر هو التراجع في الاستثمار الخارجي.وهناك أيضا شيء مربوط بمستوى عالمي، هيمنة سياسة معينة مرتبطة بهيمنة مالية و مسألة المديونية.. مجموعة مؤشرات نبدأها على المستوى المحلى.

-لو كانت هناك أرقام متوفرة وشفافية حول الإعلام وحول الرصد و بالتالي حوار وجدل ورصد ربما تكون السياسات أنجع. لأنه إذا وضعت مثلا مؤشر تقول فيه إن الريف بالنسبة إلى الحضر نصف الإنفاق. هذه السياسة أدت إلى القول انه منذ منتصف الثمانينات صار الفقر حضري. بينما كل الدراسات المتوفرة لدى المؤسسات الدولية تقول الفقر لا زال ظاهرة أكثر ريفية منها حضرية.إذن انعدام الشفافية الكاملة فيما يخص الإعلام والأرقام، وعدم مراجعة أساليب القياس ممكن أن تتولد عنها سياسة خاطئة.المسالة الثانية هي في رصد العائلات المعوزة حيث صارت انتقادات في أوائل التسعينات حول كيفية حدوثها.وهناك من قال أن الأرقام تفتقد إلى الشفافية . إذا توفرت الشفافية تتقلص ظاهرة الغلط في الرصد.بمعنى انه يمكن ربط الأمور السياسية بمفهومها العام أي بالأمور الإجرائية.أحب أن أقول إن ظاهرة الفقر أو الاحتياج بصفة عامة يمكن مقاومتها بشيئين:

1-   السياسة الإنمائية

2-   السياسة التوزيعية

لدينا من الدراسات العلمية التي تفيد انه كلما توفرت نسبة عالية من النمو الاقتصادي وتحسن بصفة ملحوظة توزيع الثروة إلا وتقلصت ظاهرة الفقر.وبالتالي إذا قارنت بين بلدين لهما نفس نسق النمو لكن في هذا البلد السياسة التوزيعية تعمد إلى الحد من الفوارق الاجتماعية في البلد الثاني تتقلص..هنا لابد من الأخذ بعين الاعتبار أن هذا يرجع إلى السياسة.فالدولة ممكن أن تسهل عملية محو الظواهر بتوخي سياسة إنمائية وسياسة توزيعية في نفس الوقت.فالسياسة الداخلية فيها هامش معين من التحرك. لاشيء يمنع القول أن لديك سياسة إنمائية وفي نفس الوقت تعديلية من ناحية التوزيع. بقي الآن بما أننا صرنا في اقتصاديات مفتوحة هناك ضغوطات عالمية تجعل نسق النمو لا فقط يتأثر بمدى صحة سياستك الداخلية ولكن أيضا بالمعطيات الخارجية. لكن أنت لك أيضا دور إذا كانت لك سياسة تترتب عنها نسبة في ارتفاع الأسعار قوية و في نفس الوقت عجز في الميزانية و ميزانك التجاري يشكو من خلل كبير. سياستك هذه تؤثر سلبيا على سياستك الإنمائية،كذلك إذا لم تكن لديك سياسة توزيعية يؤثر ذلك أيضا على سياستك العامة.

لكن ما دام اقتصادك متأثر أكثر فأكثر بالخارج كما حصل في تونس- والتقلبات الخارجية لها تأثير كذلك على الاملاءات الخارجية- هناك مثال في تونس نسبة التداين تفوق 50% . نسبة لم تتقلص خلال هذه المدة، الآن صرنا نلجأ إلى الاقتراض لدى البنوك والمؤسسات الخاصة (من اليابان ومن السوق المالية الدولية) بقصد تسديد الديون.يوجد شيء ايجابي هنا وهو الثقة لإقراض تونس،لكن في نفس الوقت ناسف لأننا دخلنا – ولسنا وحدنا- في دوامة الاقتراض من اجل تسديد الديون.هذا متأت في نفس الوقت من السياسة المالية المتبعة وفي نفس الوقت من التقلبات التي جعلت الديون ترتفع بحيث أن الاقتصاد التونسي يتأثر أولا بالعوامل الداخلية السياسية ،ثم الأمطار ،ثم باتجاه أوروبا إذا كان هناك عام ليس فيه سياحة وفيه كساد ،وإمكانية تصديرنا لأوروبا فإذا تعبت أوروبا تعبنا معها. وفي نفس الوقت هناك سياسات داخلية إذا كانت صائبة ممكن أن تحد من وطأة الأعباء الخارجية وإذا كانت خاطئة تدعم الضغوطات الخارجية وتلعب أكثر دور في تقليص التنمية.

 

*هل ترى أن الفوارق الاجتماعية اتسعت؟

-مع الأسف في الوقت الحاضر ليس لدينا معطيات عن توزيع الدخل وتوزيع الثروة أو الممتلكات لدينا فقط معطيات حول توزيع الإنفاق .في مجال التوزيع لدينا بعض المؤشرات العامة التي تتطلب أكثر عمق وأكثر تدقيق للحكم بصفة أدق على قضايا التوزيع والسياسة التوزيعية. لدينا في تونس مثلا مؤشر يسمى مؤشر جيني للتوزيع يمتد من الصفر إلى الواحد كلما اقتربت من الصفر إلا وكانت الأمور حسنة في مجال التوزيع. في تونس يمتد تقريبا إلى 0.4 وحسب المنظمات الدولية ليس هناك تغيير هام خلال العشرين أو الثلاثين سنة التي مرت لكن بالمقارنة مع غيرها من البلدان موقع تونس وسيط. فهناك عدد كبير من البلدان التي نسبة التوزيع فيها أحسن من تونس بكثير لكن هناك كذلك وخاصة في أمريكا الجنوبية عدد من البلدان مستواها دون مستوى تونس. بحيث أنه حسب مستوى دخلها من المرجو أن يكون توزيعها أحسن بالمقارنة مع بلدان مماثلة لها نجد أن مؤشر 0.4 مقبول نسبيا بالمقارنة مع البلدان التي وصلت لنفس مستوى النمو. ثم نأخذ مؤشر آخر يسمى مؤشر الفوارق يأخذ 20% التي في الموقع الأسفل من ناحية التوزيع (فقراء) ثم 20 % في الأعلى ونقارنها نرى انه في سنة 1990 ال20% الأكثر فقرا يمثلون اقل من 6% مما يحصل  لل20% الأكثر غنى.وسنة 2000 صارت 6.9 %  بحيث أن التغيير طفيف نسبيا. الفوارق لا تتغير إلا بعد فترة طويلة من ناحية الأرقام بحيث إذا انطلقنا من توزيع غير عادل ولم نتمكن من تحسينه في ظرف 20 أو 30 سنة فان هناك إشكال. فهناك بلدان أخرى كانت في نفس مستوى التوزيع كتونس ثم تحسنت نسبيا نسب توزيع الثروة فيها.بحيث ليس لدينا أرقام كافية ودراسات ضافية تكون أدق من ناحية توزيع الثروة . وهنا نتدخل فقط في نقطة واحدة وهي قضية الإنفاق لأنه عندما يكون لدينا دخل لا فقط ننفق وإنما ندخر أيضا.. فلو أخذنا المداخيل وأخذنا ما يسمى بالممتلكات لكانت الأمور غير ذلك. بحيث أن هنا الإشكالية في أن المعطيات التي لدينا محصورة تعطى للإنفاق فقط.لكن الإنفاق في حد ذاته مؤشر وليس كامل لان الفقير ربما ينفق كل دخله بينما الغني ينفق ويدخر. كذلك زيادة على الدخل هناك ممتلكات. في بعض البلدان مثل فرنسا لديهم إمكانية لحصر الفوارق الاجتماعية ليست مبنية فقط على التوزيع، الإنفاق، بل على توزيع الدخل ثم على توزيع الثروة بصفة عامة.هذا يكون أدق.للأسف نحن في تونس ليس لدينا ما يمكننا من ذلك.

 

(المصدر: الطريق الجديد  – العدد54 – نوفمبر 2006)


 

 

 

قساوسـة التّقـدمية (1 من 4)

وبرنامج الحوار التونسي

 

بقلم: صــابر التونسي

 

قبل أن أشاهد البرنامج الحواري لقناة الحوار التونسي ليوم 19 نوفمبر 2006 كنت أظن أن بعض المصطلحات قد اندثرت وانقرضت بانقراض أصحابها أو تطورهم واستعمالهم لغيرها مما يواكب العصر! ولكن ظني لم يكن في محله ولعل مرد ذلك لجهلي ورجعيتي وانشغالي بأشياء غير ذات أهمية من قبيل حق التونسيات في حرية اللباس والدفاع عن ضحايا القمع مهما كانت مشاربهم الفكرية والساسية.

وقد تبين لي أنني وكثير من أمثالي مهما جلدنا ذواتنا أو خرجنا من جلودنا فلن يقر لنا بعض « قساوسة التقدمية » بأننا يمكن أن نكون لهم شركاء في هذه الصفة لأنهم احتكروها في مخازنهم ولم يتركوا لنا من بضاعة نقتنيها غير « الرجعية » أو أن نجثم على ركبنا أمامهم متوسلين عساهم يتكرمون علينا بصك للتقدمية أو يدفعوا عنا منقصة الرجعية! كما يفعل المذنبون في الكنائس لنيل صكوك الغفران!

ولقد ترددت كثيرا في الرد على الحوار المذكور من باب أن قناة الحوار التونسي تمثل إضافة للحقل الإعلامي التونسي المناوئ للإستبداد، اتفقتُ معها أم اختلفتُ وقد حسمت التردد بعد أن  قررت الفصل بين السيد الطاهر بلحسين صاحب القناة والسيد بلحسين المشارك في الحوار!

وإنني أتفق مع السيد الحبيب أبو الوليد المكني في ما ذهب إليه من أن السيد مدير الحوار (إياد)  قد كان متجردا وأفلح في أن يدير الحوار بموضوعية واقتدار ولذلك أحييه وأتمنى له التوفيق.

وكذلك لا يمنعني اختلافي مع السيد لطفي الهمامي من أن أحييه على اقراره بحق الإختلاف وإدانته لإستعمال السلطة عصاها لفرض « التنوير والتقدم » أو لمنع النساء من « إهانة » أنفسهن و »اعتدائهن » على كرامتهن الإنسانية بالخُمُرْ.

مشكلتي مع سي الطاهر بلحسين وما ذهب إليه من نعت الإسلاميين بالرجعية ـ رغم أنه اعترف مشكورا بحقهم في الوجود ـ وجعله من نفسه مرجعا يحمل التقدمية في يسراه والرجعية في يمينه (على افتراض أن له يمين) ويوزعهما كيف يشاء!

وإنني أقول دون تهكم بأنني مستعد أن أجثم على ركبتيّ أمام السيد بلحسين لأنال منه صك التقدمية شرط أن يثبت لي أنه فعلا تقدمي مستنير يحترم، عقول الناس ومشاهديه وأنه لم يتعمد أكثر من مرة المغالطة ومجافاة الحقيقة في ما طرحه!

وأرجو أن يلاحظ سي الطاهر أنني لم أعتمد كلمة أخرى بدل « مجافاة الحقيقة » رغم أنها أكثر تعبيرا ورغم أنها في الثقافة الغربية التي يعتمدها سي الطاهر غير مستهجنة! ولكنك يا سي الطاهر أنت أكبر سنا و(أكثر مالا!) لذلك سألزم نفسي قدر المستطاع اجتناب التجريح والعبارات المستفزة من مثل مقارنتك للحجاب ب « شكيمة البهيم » وذلك إيمانا مني بأن كل إناء بما فيه ينضح « وكل واحد وبضاعتو ».

وأسرد الآن بعضا من مغالطات سي الطاهر مع توضيح وجه المغالطة دون الإتيان عليها جميعا.

 

الأولى: ذكر سي الطاهر أن الإسلاميين لم يحاكموا فقط من أجل أفكارهم وإنما من أجل فعل سياسي وأشار بالمثال الذي استعمله أنهم قد حاولوا الإنقلاب على السلطة!

وهذه دعوى خَصْمِهِمْ، عجز القضاء عن اثباتها رغم عدم استقلاليته، وقد برأت الدوائر الأجنبية المستقلة الإسلاميين وعاملتهم على أنهم ضحايا لممارسة أفكارهم رغم محاولة السلطة المستميتة لإلصاق تهمة « الإنقلابيين » بهم! ومع ذلك عندما يوجد قضاء مستقل تفتح الملفات ويتبين الحق من عدمه، ولا يليق بك أن تصدق الجلاد وتكذب الضحية إن كنت مدعيا للنزاهة والحيادية!

 

الثانية: مسألة أن الحجاب يحط من كرامة المرأة ويهينها كإنسان!

من الذي يحدد اللباس الّذي يحقق كرامة المرأة أو الذي يخل بها، سي الطاهر وقلة من أمثاله أم مئات الملايين  من النساء اللواتي يرتدين الخُمُر ولا يقبلن المساومة عليها. وهب أن ما زعمت صحيح، أليست دعوتك لاستعمال سيف السلطة لإزالته هو نفس منطق الإستعمار لما استعمر الشعوب لتنويرها وإخراجها من ظلمات الجهل!؟ ألا يحق وفقا لمنطقك هذا أن يقول غيرك أن العري هو المُحط بكرامة المرأة ولا بد من تغييره بالقوة؟!

وليست المشكلة في ما تعتقده أنت أو يخالفك فيه غيرك ما لم تُستعمل القوة لفرض القناعات.

أليس وجود من يعتبر أن ستر المرأة لكامل بدنها (عدا الوجه والكفين) حطا من كرامتها الإنسانية ـ رغم اتفاق أهل العلم الإسلامي قديمهم وحديثهم شرقيهم وغربيهم نسائهم ورجالهم على وجوب ذلك واعتباره فريضة على المرأة ـ مبررا لمن يقول بأن الصوم تعذيب للنفس وإهلاك لها وجب منعه بالقانون والدستور وكذا الحج فهو طقوس متخلفة ووثـنيات وضياع للأنفس والأموال وكذا الزكاة فهي اعتداء على المال الخاص، والصلاة إرهاق ومضيعة للوقت!! وليس غريبا أن يقال ذلك فمثله قد قيل ولكن الغريب أن يقال ذلك « بدعوى » الغيرة على الإسلام وأن قائليه مسلمون منذ 1400 عام!!

ويقول سي الطاهر بأن أي زي يحط من كرامة المرأة أو الإنسان عموما يجب منعه بقانون أو « حتى » دستور!! وأنا معه شرط أن يكون هناك اتفاق على أن زيّا بعينه يمثل إهانة للإنسان، وشرط أن يقرّ معنا بأن ثـقافات الشعوب وطبائعها وعاداتها وتقاليدها ودياناتها مختلفة إختلافا يصل إلى مفاهيم القيم الإنسانية نفسها! وبعد ذلك نتفق على من يقرر القوانين ويضع الدساتير: الإنقلابيون الذين ليس لهم سند شعبي أم الحكومات التي تمثل شعوبها؟!

ألا يكون محقا من يدعو لإجبار قبائل جنوب الصحراء (الطوارق) على التخلي عن اللثام وفقا لدعوة سي الطاهر أو أن يفرض على السيخ نزع عمائمهم التي لا يتخلون عنها حتى إن تعارض ذلك مع سلامتهم الجسدية فاستثنوا مثلا من وجوب استعمال الخوذة عند سياقة الدراجات النارية وكذلك جنودهم وشرطتهم وقواتهم المشاركة في القوات الدولية لحفظ السلام يلبسون عمامات زرقاء بدل القبعات الزرقاء!!

إذا قدر لنا يا سي الطاهر أن تحكمنا ـ ويبدو أن ذلك مطمحك وهو حقك ـ دون سند شعبي فسنقاومك وذلك واجبنا وأما إن اختارك الشعب لحكمنا فسنعارضك وذلك حقنا!

 

الثالثة: سي الطاهر يقر جزء من المنشور 108 المتعلق بالحجاب ولا يقر الجزء المتعلق باللباس الخليع (الميني جيب) وهو يعتبر أن النساء الأوائل اللواتي لبسن الحجاب قد خرجن عن الإجماع المجتمعي وأما اللواتي لبسن « الميني جيب » فلا يعد ذلك منهن خروجا عن الإجماع المجتمعي!  والمرأة عنده حرة في ذلك مادام محاوره (السيد إياد) يلبس « شورط » في الصيف!

وللتوضيح أقول بأن مشكلتي أساسا مع أسلوب التبرير، كما برر أيضا مسألة الإشهارات العارية حيث قال « بينك وبينها زر جهاز التحكم « إن لم يعجبك أطفئ الجهاز » وتناسى بأن الحديث عن الكرامة الإنسانية وليس عن إعجاب المشاهد من عدمه!!

وددت لو يجيبني سي الطاهر عن موقفه من النساء اللّواتي يَعْرُضن أنفسهن في شبابيك للعرض (الفيترينات) عاريات والقيام بحركات لصيد الزبائن؟!

وإن سمح لي سي الطاهر بأن أخمّن جوابه بناء على ما سبق! وهو أن لا أحد يجبرني على الدخول إليها!

عندها أقول بأن الحديث ليس على من مر من هناك  عمدا أو خطأ وإنما الحديث عن تلك « الإنسانة » التي تبيع نفسها في « فترينة » ومدى موافقة ذلك للكرامة الإنسانية؟!

 

الرابعة: الحركة الإخوانية ليس لها برنامج غير احتكار السلطة إلى الأبد!!

أقول لك من البداية إن كان زعمك هذا صحيحا فإن  » الإخوان » منافقون دجالون وكذابون، فكيف يسمحون لأنفسهم بالتشهير بالإستبداد الحالي ويطالبون بإزالته ويشهرون ببن علي لأنه تنكر لوعده الأول « بأن لا مجال لرئاسة مدى الحياة!!

وبما أن الحديث على »إخوان » تونس فالأمر محتاج إلى إثبات منك، إما من تجربة سابقة لهم، أو من أدبياتهم وتصريحاتهم.

وبما أنه لم تكن لهم تجربة بالحكم سابقة يمكن الإحتكام إليها، لم يبق لك إلا أن تحترم مشاهديك و تنقل لهم من أدبيات « إخوان » تونس ما يبرهن صدق قولك وإن لم تفعل بؤت بالأوصاف آنفة الذكر. وما أعلمه أن الأمر مجرد إدعاء باطل لا أساس له من الصحة ولا مصداق له في الواقع، وما أعلمه أيضا أن زعيم التيار « الإخواني » السيد راشد الغنوشي قد صرح منذ بداية الثمانينات بأنه سيقبل إذا اختار الشعب الشيوعيين ب 51% وأن ليس له بعد ذلك إلا التوجه للشعب ليغير خياره! وهو ما عرضه لانتقادات من بعض الأوساط الإسلامية وهو مازال على موقفه إلى اليوم وقد كرره في أكثر من مناسبة! وهو نفس موقف كل من عبرت عنهم : »بكوادر الحركة الإخوانية »!

وما رأيك يا سي الطاهر لو توضح موقفك وتجيبنا عن السؤال التالي: ماذا لو اختار الشعب « الجاهل » في اختيار حر ونزيه « الرجعيين » من الحركة الإخوانية ؟ هل تقبل بخيار الشعب وتعمل سلميا ضمن آليات الديمقراطية لتغييره أم أنكم ستستعدون الشرق والغرب لإسقاطهم وتكررون تجربة حماس؟

الحق أنني أتوقع أن يتطابق موقفك مع موقف صهرك ورفيق دربك السيد محمد الشرفي الذي أعلن أنه سيصعد للجبال إذا استلم الإسلاميون السلطة! ولم لا وهم يناصرون المحجبات على ما في ذلك من امتهان لكرامتهن!!

 

(يتبع إن شاء الله)

 


تونس في مأزق الخمار

 

 
     إذا أردتُ الحديث حول ما يجري من ملابسات تخص اللباس الطائفي فإنني أقول قبل كل شيء بأن السلطة الحاكمة هي المسؤولة عن كل ما يجري و كل ما قد ينتج عن الإحتكاكات و الإحتقانات الحالية. فهي التي منعت الشعب و نخبه المثقفة من الحوار الصريح و الجدي في موضوع الخمار خاصة و في علاقة المواطن بالتراث بصفة عامة.      السلطة لم تلتزم بالحياد بين دعاة السلفية وبين مفكري الحداثة. فإنك ترى مثلا: كيف كان المرحوم عبد الرحمان خليف يُرسل خطبه الأصولية والسلفية أسبوعيا في خطب الجمعة بين مئات المصلين والأتباع، في حين تمتنع نفس السلطة عن توفير الفضاءات للندوات التي تبرمجها منظمات المجتمع المدني أو أحزاب المعارضة وكثيرا ما سعت إلى منعها أصلا رغم انحصار تلك الندوات في عدد لا يتجاوز بعض العشرات في غالب الأحيان ورغم أنها لا تتكرر إلا بعد أشهر. ناهيك عن أن الخطاب الأصولي السلفي الذي يرفض علوية المنطق والعقل وقيم المحبة والمساواة بين كل الناس ما زال يسيطر على الكتب الرسمية في المدرسة وعلى الصحافة الرسمية وكل أجهزة الإعلام.(أطلب مقالي: »مراجعة كبرى أم أصولية من جديد »كمثال على أحد الكتب المدرسية).     يتابع مواطنونا برامج قناة الجزيرة الفضائية أكثر من متابعتهم للقنوات الفضائية الرسمية، فهل تجهل السلطة مثل هذا الأمر؟    هل أقول بأن السلطة تنام على أذنيها منذ عقود؟     هل تجهل حقا المحتوى الأصولي السلفي في بضاعة قناة الجزيرة والعشرات من قنوات السلفيين الأخرى، حتى تتمادى في امتناعها عن الرد الفكري والحضاري السليم والناجع و تتمادى في منع مثقفينا ومفكرينا من المواجهة بكلمة الحق والحقيقة؟ ( قد يكفيني الاستدلال هنا بامتناع كل من جريدتي الصباح والشعب منذ أشهر عديدة عن نشر مقال لي بعنوان « الخمار بين الفهم الأصولي والمعاني الأصلية » ). ألم تعرف السلطة إلى الآن أن المواجهة الأمنية للحركات الأصولية، خاصة عند غياب الحوار الفكري، يكون لها نتائج عكسية تماما، أم هي تريد تلك النتائج العكسية في آخر المطاف؟    هل تجهل السلطة أن السلفيين قد يكفيهم التقاء حلقاتهم وجماعاتهم أمام المسجد لكي يتناقلوا الأخبار والإشاعات بأن فلان كافر وعلان ملائكة، ولكي يرسلوا الخبر بأن قناة الجزيرة ستتحدث عن كذا في ساعة كذا،و أن زعيمهم الفلاني قد أرسل بيانا في موقع كذا من شبكة الأنترنات؟…    هل يوجد لدى السلطة برنامج جدّي يجعل من المسجد مكانا محايدا للصلاة وليس للتعبئة السياسية الأصولية والسلفية؟    هل أئمة السلطة ينشرون فكرا أصوليّا سلفبّا موروثا أم هم لا ينشرون غير نداءات المحبة والمساواة بين البشر نساء ورجالا، أحرارا وعبيدا، مسلمين وغير مسلمين؟    ما الذي يقوله أو سيقوله هؤلاء الأئمة حول الحجاب وهم ضحايا القنوات الفضائية المحروسة في الخليج العربي، ذلك الخليج الرافض للفلسفة والإصلاح الديني ولكل من حرية الفكر والمعتقد ؟    ما الذي سيقولونه وهم من غزى يوسف القرضاوي بيوتهم وتحدّث كيف ما شاء في كل صغيرة وكبيرة، ما الذي سيقولونه بعد أن قُتل فرج فوده وغيره من مخالفي المنهج السلفي، وبعد أن جُهّزت القوائم الجديدة لقتل هدى سلطان وجمال البنا والعشرات من المثقفين ورجال الدين المتنورين، وبعد أن صار حسن الترابي نفسه مهددا بالقتل، ولم تشفع له العقود التي أمضاها زعيما لحركة الأصوليين في السودان حين صرح ببعض من حقوق المرأة وأراد إصلاح البعض من لاهوته السابق؟     من من الحركات السياسية المعارضة أو الحاكمة يعتمد اليوم على ما أسميه « جهازا إعلاميا شبه سري » كالذي تعتمده الحركات الأصولية، ذلك الجهاز المتمثل بالإصدارات، عبر شبكة الأنترنات، التي لا نسمع بها ولا نطلع عليها في حين أنها تنتشر بسرعة البرق بين حلقات الأصوليين والأقربين منهم: يلتقون أمام المساجد فيتناقلون كلمة السر من مثل: « هناك بيان لصالح كركر في موقع كذا من شبكة الأنترنيت » فتنسخ للبيان نسخ بأضعاف ألفيّة حسب عدد المساجد في البلاد وتوزع للأقربين قبل وقوع نظر الأطراف الأخرى والمخالفة لمشروعهم السلفي على نص البيان. من من المفكرين أو السياسيين يسعى أو يقبل بأن تصل بياناته إلى جزء من المواطنين دون الآخر وأن تُسمع خُطبه في المساجد دون نقد ورد؟     بين يديّ الآن بيان* للسيد صالح كركر وجدته صدفة في موقع إلكتروني، أقدّم للقارئ الكريم فقرة منه لكي يعرف كيف يمكّنهم جهاز » الإعلام شبه السري » من تمرير اتهاماتهم الخاطئة لمن يخالفهم الرأي. يقول كركر في مفتتح بيانه: »يا سيادة رئيس الرابطة التونسية للدفاع على حقوق الإنسان، يا أستاذ مختار الطريفي، يا سيادة رئيس فرع البلاد التونسية للعفو الدولية، أيتها النساء الديمقراطيات كثيرا، تنعموا جميعا أيها السادة والسيدات الأفاضل وافرحوا وقروا عيونا، فإن حليفكم، طاغية قرطاج، لم يخيب لكم آمالكم فيه، واستجاب لندائكم وحقق لكم رجاءكم فيه وهو الآن مستعينا بعشرات الآلاف من عبيده الأذلاء، من أعوان أمنه وبوليسه السياسي، بصدد مقاومة الحجاب بكل شراسة ووحشية… »    إن كنت غنيا عن نسخ عبارات الحقد والشتم العديدة في البيان سابق الذكر، فإنني أرى من واجبي أن أتساءل عن مقدرة صالح كركر على اكتشاف نوايا رئيس السلطة ونوايا المنظمات التي ذكرها في بيانه.   هل أن رئيس الدولة حقا ليس له أي رأي أو موقف من قضية الخمار أو أي نوايا خاصة حتى تكون قراراته مجرد استجابة ل »رغبة » مزعومة للمنظمات الثلاث التي تتحمل أعباء المضايقة بأشكال عديدة.    متى صرحت أي من المنظمات الثلاث بما يزعم كركر أنه من نواياها؟ متى طلبت أي من المنظمات الثلاث من السلطة أن تقوم بما يدعيه كركر في بيانه؟    هل كل من يخالف رأي كركر في قضية الخمار يصبح مسؤولا عن كل ما لا يستسيغه صاحب البيان أو يصبح شيطانا يوسوس لرئيس السلطة أو ينقل إليه نواياه؟    لكن كركر لم يدخل الموضوع  الأصلي في بيانه. فهو لم يقدم أي توضيح حول التساؤلات المتعلقة بقضية الخمار:    أليس هذا « الفولار » الأسود مطلبا لحركات سياسية ينتهي مشروعها بالانقسام والاحتراب الطائفيين؟    هل هذا « الفولار » الأسود فرض ديني لا يمسه الاجتهاد ولا النقض أم قناعة خاصة لفقهاء القرون الوسطى يرددها زعماء الحركات الأصولية المعاصرة بسبب عجزهم عن التخلص من الفقه القديم  وعن والوقوف عند حدود مقاصد الخير والاستقامة في النص القرآني؟    قد يجيبون بأن الموضوع  في بيانه إنما يتعلق بحرية اللباس ولا يتعلق بمعاني ومقاصد حمل الفولار الأسود، لكن إذا كان حقا يدافع على حرية اللباس فلماذا  لا  يعارض إجبار المرأة على حمل ذلك الفولار في إيران وأفغانستان والسعودية وغيرها؟…هل يقبل بما حدث للفتيات الخمسة عشر اللاتي فررن من الحريق الذي شبّ في مدرستهن فمنعهن حرّاس الفولار السعودي من الهرب لأنهن فقدن الفولار في أتون الحريق أو نسين حمله؟… لعله مرتاح لموتهن و لا يعتبر مثل هذا السلوك معاديا لحرية اللباس؟     هل يلزمنا بالفعل نمط مظهري في مدارسنا وفي مؤسّسات الدولة والعمل الجماعي أم يجب أن نفسح للجميع بحرية اللباس داخل تلك المؤسسات؟    أليست مجالات العمل المتعددة هي التي تفترض أنواعا من اللباس كبدلة العامل في المصنع وبدلة الجندي في الحرب والثكنة وبدلة الطاهي في المطبخ والجراح في بيت العمليات…أم أن بدلة رب البيت القريشي وزوجاته في القرن السابع هي الصالحة لكل زمان ومكان؟ كيف سيتزاوج الفولار والنقاب والجلباب والقلنسوة إلخ… مع بدلات العمل العصري؟ من فوق من؟ من قبل من؟    هل فعّل النظام السلفي الإيراني قواعد اللباس للقرن السابع أم اظطر  لتجاوزها في العديد من الميادين لكي لا يتعطل العمل والإنتاج ولكي تبقى تلك القواعد  سندا للتمييز الإجتماعي والسياسي وحده ؟    هل حملُ الخمار فرض ديني حقا أم أن القرآن، الذي يمثل النص المركزي للإسلام، لم يأمر بحمل الخمار مثلما بينتُه في مقالي سابق الذكر منذ سنة 2005 ومثلما صار يقول به جمال البنا أو حتى حسن الترابي ؟    هل تحمل بناتنا ونساؤنا الفولار الأسود عن قناعة حرة أم نتيجة للخوف من التكفير ونتيجة للطوفان العارم من الدعاية الأصولية في القنوات الفضائية المحروسة للأصوليين والسّلفيين بشتّى ألوانهم وفي  كل صحافتنا أيضا وحتى في مدارسنا بعد ما فاض لاهوت القرون الوسطى  عن دروس التربية والتفكير الإسلاميين ودخل إلى برامج الفلسفة والتاريخ..؟    كل هذه التساؤلات لا يجيبون عليها في بياناتهم ويكتفون بالحديث عن حرية حمل الفولار الأسود حتى لو كان بلونه وشكله حاجبا للصوت والنور… للكلمة والحكمة…        زهير الشرفي- أكتوبر 2006.

*) ملاحظة من هيئة التحرير المقصود هنا مقال لسيد صالح كركر نشرناه في  عد د  1240 بتاريح 12 أكتوبر 2003 نعيد نشره توضيحا لقرائنا الكرام
 

لماذا كل هذه الوحشية ضد الحجاب؟

بقلم: صالح كركر

 

يا سيادة رئيس الرابطة التونسية للدفاع على حقوق الإنسان، يا أستاذ مختار الطريفي، يا سيادة رئيس فرع البلاد التونسية للعفو الدولية، أيتها النساء الديمقراطيات كثيرا، تـنـعّـموا جميعا أيها السادة والسيدات الأفاضل وافرحوا وقروا عيونا، فإن حليفكم، طاغية قرطاج، لم يخيب لكم آمالكم فيه، واستجاب لندائكم وحقق لكم رجاءكم فيه وهو الآن مستعينا بعشرات الآلاف من عبيده الأذلاء، من أعوان أمنه وبوليسه السياسي، بصدد مقاومة الحجاب و صاحبات الحجاب بكل شراسة ووحشية، التي عُـرف بها، وهو أهل لها.

 

فانعموا وطاغيتكم، يا دعاة الحداثة المغشوشة والواردة، بالعراء والإباحية والاستهتار، يا جماعة الخير والعفاف والاستقامة الكاذبة. لكن لا تنسوا أبدا وتذكروا، يا جماعة الشهامة ولا شهامة والاستقامة ولا استقامة، أن ستالين فعل أكثر من طاغيتكم الذي تحالفونه وتحتمون به، وكذلك كمال أتاتورك وكذلك بورقيبة، سيدكم ومعلمكم الأول لمعاداة الإسلام وقيمه وثقافته، في ثوب ما كان يسميه إصلاحا وتجديدا، كلهم ذهبوا مخزيين ملعونين، واللعنة تلاحقهم إلى يوم الدين، و بقي الإسلام وقيمه العظمى عزيزا منتصرا.

 

لا تنسوا و تذكروا يا جماعة الحداثة ولا حداثة تحالفكم مع الطاغية على ضرب الإسلام والقيم الإسلامية كما تحالفتم معه بالأمس القريب لما انقض على السلطة واغتصبها دون أن يكون أهلا لها، تذكروا أن نضالكم و نضاله واحد، وأنكم جميعا معه في خندق واحد ضد دين الشعب وقيمه وثقافته وهويته. تذكروا ذلك جيدا ولا تنكروه أمام الشعب أبدا إذا سألكم في يوم من الأيام عن ذلك.

 

اعلموا أيتها السيدات والسادة أن التحالفات لا تحصل على المأكل والمشرب، فذالك شأن البهائم التي إذا التقت إنما تلتقي على ذلك وعلى طلبات غرائزها أما البشر إذا ما التقوا وتحالفوا، فإنما يتحالفون على أساس الأفكار والتصورات والسياسات، كما تحالفتم أنتم ضمنيا مع طاغية قرطاج على أساس الحقد على الإسلام والثقافة الإسلامية والقيم الإسلامية. وهذا الكلام يا أستاذ مختار الطريفي ليس هو سبا ولا شتما ولا أسلوب غير لائق في التعامل، إنما هو تعبير بكل أمانة على حقيقة ما وقعتم فيه من خطأ فادح، سوف لن ينساه التاريخ لكم، وكذلك الشعب. ونحن لا نطلب منكم أن تكونوا مؤمنين أو أن تكونوا مسلمين مطبقين أو غير مطبقين، لأن ذلك شأنكم لا يهمكم إلا أنتم. إنما الذي نطلبه منكم هو أن تحترموا هذا الشعب وتحترموا له دينه وقيمه وثقافته وهويته، وأن تكفوا عن مغالطته.

 

أما من جهة السلطة، ويا ليتها كانت سلطة حقا بل إنما هي حفنة من الأنذال الرعاع الذين ليس لهم حسبا ولا نسبا ولا مبادئ ولا أخلاق، فقد أطلقت أعوانها وعبيدها ضد النساء المتحجبات، مثلما تنقض الكلاب الشريرة أو المصابة بداء الكلب ضد الخلق الأبرياء في الطرقات.

 

وقد أمر المتسلط على السلطة في البلاد عبيده من أعوان أمنه باقتراف هذه الجريمة الشنعاء نتيجة كفره وضلاله وانحلال أخلاقه. ولو كان له الحد الأدنى من الإيمان لخشي الله وأليم عقابه ولم يأمر من أمره باقتراف هذا العدوان الصارخ. و قد أمر بذلك أيضا بنية مقاومة للفضيلة وإشاعة للفاحشة. ولست أدري ما هو الأخطر على البلاد في هذا الظرف الراهن بالذات الحجاب والفضيلة أم الفاحشة المستشرية في كافة أرجاء البلاد والتي ضج منها الخاص والعام والمطبق للإسلام وغير المطبق له؟

 

إن هذا الذي يسمي نفسه رئيسا للبلاد، عوض أن يكون قدوة للشعب في الأخلاق الحميدة والاستقامة، فقد أعطى عن نفسه أقتم الصور في الانحلال الأخلاقي والفساد، و قد سعى جاهدا منذ بداية تسلطه على السلطة أن يجعل كل الشعب التونسي من جنس فسيلته الفاسدة، غارقا في أوحال الفاحشة والانحلال والفساد إلى الأذقان. إن مقاومة ارتداء الحجاب وكذلك مقاومة صلاة الشباب في المساجد وتشجيع إشاعة مختلف الفواحش في البلاد، هو عمل مقصود ومخطط. كذلك، فإن مقاومة ارتداء الحجاب تعتبر استهزاء صارخا بقيمة الحرية على مستوى الأفراد وكذلك على مستوى المجموعة، وفرض على الناس حتى كيفية لبسهم، بله عن كيفية تفكيرهم ونوعية معتقداتهم وتصوراتهم وسائر أعمالهم.

 

ويمكننا، من جهة أخرى، أن نعتبر مقاومة ارتداء الحجاب طمعا وتوظيفا وابتزازا. فهذه السلطة المنافقة تقدر أن مقاومة الإسلام ومظاهر تطبيقه لا تزال تمثل ورقة رابحة في إطار الوضع الدولي الراهن، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار خطابه الذي تعود تقديمه لإقناع المجتمع الدولي حول هذه المسألة. وهذا الخطاب يعتبر باطلا أن ارتداء الحجاب يمثل علامة على الانتماء السياسي، وكذلك بالنسبة لصلاة الشباب في المساجد، خاصة عند صلاة الصبح. وهذه التطبيقات من الإسلام تعتبر في نظره دليلا على تبني الإسلام السياسي. وهذا الأخير بدوره يؤدي بصاحبه إلى تبني العنف كأسلوب في التعامل، دائما حسب نظر هذه السلطة المنافقة. والعنف يجب أن يقاوم، و مقاومته في نظرها يجب أن تبدأ بمقاومة جذوره، أي بمقاومة ارتداء الحجاب والصلاة في المساجد وقراءة الكتاب الإسلامي حتى و لو كان تراثيا. و هكذا نجد أنفسنا في أعماق نظرية محمد الشرفي القائلة بأن الإسلام التقليدي يؤدي حتما إلى الإسلام السياسي، وهذا الأخير يؤدي حتما بدوره إلى العنف. و كل من يريد مقاومة العنف فما عليه إلا أن يقاوم الإسلام من الأصل، أو على الأقل مقاومة كل ما يأتي زيادة على العبادات المعلومة التي يمكن للمسلم أن يقوم بها بشكل فردي وخاص، بينه وبين ربه !!!

 

إن الطاغية في تونس، الذي يتهم كل المعارضين له من الإسلاميين بتوظيف الإسلام في السياسة، نجده يستغل الإسلام أبشع استغلال للدعاية لنفسه ولمحاربة معارضيه. ففي الوقت الذي نجده فيه لا يؤمن بهذا الإسلام إلا قليلا نراه يبذل قصارى جهده في تعيين الأئمة المنافقين الذين يسبحون بحمده ويدعون له من فوق المنابر. وماذا يمكننا أن نسمي هذا التصرف إن كان شيئا آخر، غير توظيف الدين في السياسة؟ من جهة أخرى نجده كما ذكرنا يقاوم الإسلام والثقافة الإسلامية بأشد ما تكون المقاومة من أجل أن يعطف عليه أعداء الإسلام من القوى الدولية ويدعمونه ماديا ويحمونه أمنيا ويؤيدونه سياسيا !!! أليس هذا هو النفاق المفضوح بعينه؟

 

طيب، بقدر ما ندين بكل شدة هذا التصرف الوحشي من قبل الطاغية ضد الإسلام والمسلمين، بقدر ما نفهمه لأن الشيء من مأتاه لا يُـستغرب، خاصة وأن هذا الطاغية هو مخير بين صفتي النفاق و الكفر. أما الشيء الذي لا نستطيع فهمه حقا هو الموقف المخزي من قبل أعوان الأمن. فنحن لا نستطيع أن أفهم كيف يمكن أن ينقلب عدد كبير من أعوان الأمن ضد معتقدهم الإسلامي و ضد القيم الإسلامية والثقافة الإسلامية. كيف يقبلون بكل سهولة تطبيق أوامر جائرة، يأباها للضمير السوي، و تأباها القيم المعمول بها في مجتمعنا؟ فكيف يذهب هؤلاء الأعوان إلى حد الانقضاض على النساء كالكلاب الشريرة، وخلع خُـمُـرهن بالعنف الشديد وتمزيقها بكل تشفي بالإضافة إلى الضرب والسب والشتم بكل العبارات البذيئة والسوقية.

 

وقد يجيب بعضهم على هذه التساؤلات بالقول، إن الخطأ ليس منا، فنحن مأمورون ولا نقوم إلا بتطبيق الأوامر. و نحن بدورنا نجيب على أجوبة هؤلاء، هل أن كل الأوامر، الحسنة مثل السيئة سواء بسواء، مجعولة لتطبق؟ أما علمتم أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا طاعة لحاكم سفيه أخرق فيما يهين الشعب ويضر به في عمومه وفي ما يضر بالوطن وبمصالحه العليا، من الأوامر. وإن كان إتيان السفهاء الأموال محرم شرعا، فإن إتيان هؤلاء الحكم والتحكم في رقاب الخلق نحسبه أشد تحريما لأنه أشد ضررا.

 

كل أعوان الأمن طبقوا الأوامر الجائرة بأشد مما طلب منهم من التشدد. فهل قاموا بذلك قناعة أم قاموا به خوفا وطمعا؟ والمهم في الأمر أننا لم نسمع بأحد منهم رفض تطبيق هذه الأوامر، ولا بأحد استقال من عمله بسببها، ولا بأحد عطل تطبيقها ولا بأحد اكتفى في تطبيقها بالتنبيه بالقول اللين. كلهم تصرف وكأنه دخيل على أمة الإسلام. ألم يعلم أعوان الأمن أنهم تابعون لقطاع هو في خدمة الشعب وليس في خدمة الفرد، مهما كان نوع هذا الفرد ومهما كان موقعه وقيمته، وأن الأفراد الذين يعطونهم الأوامر يذهبون والشعب يبقى. ألم يعلم أعوان الأمن أن أجورهم التي تدفع لهم إنما تدفع لهم مما يدفعه الشعب للدولة من ضرائب وليس من الأموال الخاصة للذين يعطونهم الأوامر. فكيف يعقل يا ترى أن يدفع الشعب الأجور ثم بعد ذلك يُـهان من طرف من دفع إليهم أجورهم !!!

 

وكيف يقبل أعوان الأمن أن يأكل الطاغية البصل بأفواههم، ويقاوم الإسلام وقيمه وثقافته ويُـذل النساء المرتديات للحجاب ويهين الشعب بأسره ويرهبه بأيديهم. أليس جهاز الأمن هو نفسه جزءا من الشعب وفي خدمة الشعب؟ أم هو جيش من الغزاة الدخلاء على البلاد، وأعداء للشعب؟ هل يقبل هؤلاء الأعوان أن تضرب وتهان وتروع نساءهم أو أمهاتهم أو بناتهم أو أخواتهم أو قريباتهم؟ فمال هؤلاء الناس قد فسدت طباعهم وتحجرت عقولهم وقست قلوبهم، يقاومون المعروف ويدافعون على الباطل؟

 

لقد فاض الكأس وتجاوز طغيان هذا الحاكم المتسلط كل الحدود. ولا يمكن أن يستمر الوضع في البلاد وهو على هذه الحالة. ولذلك، فأنا أدعو الشعب التونسي إلى الدفاع عن شرفه ومقدساته وعن كل حقوقه بما يستطيع، بالإصرار ورفض الإذعان والانصياع إلى احترام تطبيق المناشير والقوانين الظالمة. كما التصدي للمهاجمين والدفاع على النفس والعرض والمال بما أمكن مع التشهير الإعلامي الواسع و المتواصل. كما يجب الإكثار إضرابات الاحتجاجية وتغطيتها إعلاميا تغطية جيدة، كما يجب القيام بالإعتصامات والمسيرات الاحتجاجية، كما يجب التفكير في اعتماد العصيان المدني مع هذه السلطة الخبيثة.

 

ولا ننسى أبدا أن استمرار هذه السلطة في الحكم ليس هو بقوة منها بقدر ما هو بضعف وخوف من الشعب. و يتخلص هذا الأخير يتخلص من عقدة الخوف و يقرر اعتماد أسلوب العصيان المدني ورفض الامتثال إلى السلطة والوقوف بشكل صريح في وجهها فسوف لن تستطيع أن تفعل شيئا ضد الشعب وسوف تنهار. والمهم لا بد من الوقوف في وجه السلطة ورد الفعل ضد اعتداءاتها على الشعب. هذا هو الحل الوحيد لردعها و إيقاف طغيانها، و إلا فإنها سوف لن تتوقف على إرهابها واعتداءاتها على كل فصائل الشعب.

 

صــالح كــركــر

11 أكـــتوبر 2003

 

بسم الله الرحمان الرحيم

و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين

تونس في 23/11/2006 

 

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

كاتب عام جمعية الوفاء للمحافظة  على تراث الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة

الرسالة عدد 172 موقع تونس نيوز موقع الحرية

الحلقة الثانية و الأخيرة

رسالة مفتوحة للتاريخ للسيد رئيس مجلس النواب حول دعم الحوار داخل قبة المجلس و الوقوف دقيقة صمت ترحما على صانع الاستقلال

 

أوصل على بركة الله تعالى و عونه الحوار المكتوب بواسطة موقع الأنترنات تونس نيوز موقع الحرية و الديمقراطية بدون رقابة ذاتية و بدون خطوط حمراء و لا مقص حاد و تعليمات … و اشرع اليوم في الحلقة الثانية في تقديم المقترحات العملية و الآراء التي سبق لي أن طرحتها في عديد المنابر و خاصة منبر الحوار في صلب اللجنة السياسية بدار التجمع عام 1996 بإشراف الأخ المناضل محمد جغام عضو الديوان السياسي للتجمع ووزير الداخلية في تلك الفترة و قد ساهمت في عديد النقاط الهامة و طرحت عدّة قضايا جوهرية هادفة في موضوع الديمقراطية و تطوير هياكل التجمع و مزيد الديمقراطية داخله و الحوار الحر و ضرورة الإنتخابات و خاصة إنتخاب لجنة التنسيق الحلقة الجهوية الهامة التي لها دورها الفاعل على الساحة الجهوية و لكنّ هذه الحلقة مضى عليها 19 سنة دون الرجوع إلى قاعدة الإنتخاب … أردت التذكير بذلك النشاط و الحوار التي ساد اللجنة السياسية و لكن حوار و تفريغ المزود فقط و يدرك الأخ محمد جغام أهمية المواضيع التي طرحت و المقترحات التي قدمت في اللجنة طيلة 4 اشهر … و رفع تقرير على مداولات اللجنة و لحدّ الآن ننتظر النتائج…؟

كما تم في لجنة أعداد مؤتمر الإمتياز عام 1998 الحديث على إصلاح الإعلام و دوره الفاعل و كان السيد فؤاد المبزع رئيس مجلس النواب هو رئيس اللجنة آنذاك واصغى إلى مدخلاتي بإهتمام و منذ إنعقاد مؤتمر الإمتياز إلى اليوم لم يتطور الإعلام و لم يتحقق شىء مما اشرت إليه و عدة مواضيع أخرى طرحتها يعلمها الأخ فؤاد المبزع الذي إخترت أن أتحاور معه اليوم بواسطة هذا الوقع

سيادة رئيس مجلس النواب الموقر

يسعدني كمناضل دستوري ساهمت بقسط متواضع في دعم نشاط الحزب الحر الدستوري التونسي من عام 1954 و قمت بواجبي الوطني و أديته بأمانة في كل المجالات و شاركت في بناء الدولة التي اسسها الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة و لا زلت أعترف له بالجميل ميتا أكثر لأن الوفاء يفرض علينا البقاء على العهد دون تنكر لماضينا و هذا ما جعلني متحمسا أكثر لتراث زعيمنا و قد أسسنا جمعية بمعية أخوان أوفياء صادقين جمعية الوفاء للمحافظة على تراث زعيمنا و الزعماء و الرموز معه على غرار الجمعية التي أسست بفرنسا عام 2005 و لحدّ الآن مسكوت عنها

سيادة رئيس مجلس النواب

أواصل الحوار حول المحاور التي بدأت في نشرها في الحلقة الأولى يوم 23/11/2006 و اليوم أتمم المحاور إن شاء الله

المحور الثاني عشر: ضرورة تحديد فترة و مدة المسؤوليات للنائب في مجلس النواب و اقترح أن لا تتجاوز 3 دورات مهما كان إشعاع النائب و مهما كان نشاطه حتى نترك و نفسح المجال لغيره من ابناء الوطن ذات الكفاءة و الإشعاع و النضال و الوطنية و الروح النضالية فالمسؤولية ليست حكرا على مجموعة و ليست هدية تهدى لأشخاص معينين بل المسؤولية في مجلس النواب هي حقا لكل المواطنين الذين لهم الاستعداد و الرغبة و البذل و العطاء و الإضافة و الكفاءة و الإشعاع و يتمتعون بثقة الناس و لهم مصداقية عند المواطنين و ينفعون غيرهم.

المحور الثالث عشر: الشعب أصبح لا يرضى بأن يبقى المسؤول أكثر من 3 دورات في مجلس النواب و البلاد تعج بالطاقات الحية و الشاب المثقف و الشهائد العليا و التجربة و الخبرة و النضال كل المواصفات متوفرة و الحمد لله و تونس للجميع و المسؤولية متداولة و المشعل يجب أن يسلم لمن هو قادر على آداء الرسالة و المسؤولية تكليف لا تشريف و خدمة الغير بكل تجرد و أمانة و صدق …؟

المحور الرابع عشر: متى نفكر يا سيادة رئيس مجلس النواب.

في سنّ عفو تشريعي عام بتظافر جهود رئيس الدولة و المجلس الموقر مجلس النواب و يكون في فترة رئاستكم و خاصة قد بلغتم سنّ 76 سنة و ذلك لتنقية الأجواء و دعم المناخ الإجتماعي و السياسي و طي صفحة الماضي و جعل المصالحة الوطنية مكسبا للجميع و العفو التشريعي العام هو المخرج و الضامن لمفهوم المصالحة المنشودة بروح وطنية عالية و بأخلاق رفيعة وارادة سياسة سامية و همة عالية و بتصميم قوي لا تاثير فيه لأي طرف يسعى لتعطيل المصالحة الوطنية و العفو التشريعي العام لمكاسب شخصية و اهداف ضيقة و مصالح حينية و نظرة ضيقة للمادة و يجب القطع مع هؤلاء التجار الجدد و اصحاب الفكر اليساري و التشدد لغاية في نفس يعقوب

المحور الخامس عشر : إعطاء حق الزعيم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رمز البلاد و عملاقها الخالد

يجب رفع صورته في مجلس النواب عالية بإعتباره مؤسس النظام الجمهوري و باني الدولة العصرية و مؤسس المجلس التشريعي و رئيسه الأول و في تركيا صورة صانع تركيا مصطفى كمال أتاتورك مرفوعة في مجلس النواب التركي و في كل مقرات السيادة و في المطارات و كل الساحات و في الجزائر الشقيقة صورة الرئيس بومدين رحمه الله مرفوعة في كل مكان قبل صورة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الحالي و اقترح بمناسبة مداولات الميزانية الجديدة لعام 2007 إن شاء الله

الوقوف دقيقة صمت ترحما على روح الزعيم الحبيب بورقيبة في الذكرى الخمسين لانتخاب المجلس التأسيسي الأول عام 1956 و الذي ترأسه المجاهد الأكبر و هو أول رئيس للمجلس

قال الله تعالى : هل جزاء الإحسان إلا الإحسان . صدق الله العظيم

 

ملاحظة هامة : إنتبه يا مسلم بهذه الجملة أنا أقول دوما إذا كان في العمر عشية سأواصل الكتابة و غيري ينادي لإنتخابات عام 2009 و الآخر في مصر يقول و يحسم و يقرر خوض المعركة عام 2011 و اعتقد ان الشخص المباشر ليس له نية في هذا أو دخل في هذا النداء ولكن هناك أشخاص يريدون التقرب بكل الطرق قال الله تعالى و لا تقولنّ لشيء أني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله و أذكر ربك إذا نسيت صدق الله العظيم.

 

 

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

كاتب عام جمعية الوفاء

الجوال 22.022.354


ورقـــــــات نقديــــــة «رشيد الـــذوادي» لحسنــي سيـد لبيـــب رجل ساهم بجد في توثيق الصلات الأدبية بين تونس ومصر

 
هذا كتاب اهدانيه الصديق حسني سيد لبيب وصدر عن دار الاتحاف للنشر خصصه للحديث عن الاديب التونسي رشيد الذوادي. وحسني سيد لبيب كاتب من مصر، له اعمال ادبية عديدة من قصة ورواية وترجمة ودراسات. نشرت له دور مرموقة في مصر كالمجلس الاعلى للثقافة وقصور الثقافة واتحاد الكتاب العرب بدمشق ومركز الحضارة العربية بالقاهرة. ومكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض، ورابطة الادب الحديث وغيرها. حسني سيد لبيب من الكتاب المشارقة القليلين الذين اهتموا بالادب التونسي وكتبوا عنه وواكبوه عن كثب واحبوه. ويرجع اهتمامه بالادب التونسي الى صداقة متينة ربطته بالاديب رشيد الذوادي عندما كان مستشارا ثقافيا بالقاهرة في الثمانينات. واشهد ان الذوادي من خيرة من خدم الثقافة التونسية في مصر عندما اوفدته وزارة الثقافة الى القاهرة كملحق ثقافي بالسفارة التونسية. وهي المرة الاولى التي تتولى فيها وزارة الثقافة تعيين ملحق لها على غرار الملحق العسكري والملحق الامني. فقام الذوادي بدور كبير في التعريف بالادباء التونسيين، وربط علاقات متينة مع اقطاب الكتاب المصريين مثل توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وغالي شكري وجمال الغيطاني ووديع فلسطين وغيرهم.. ولفت انظارهم الى واقع الثقافة في تونس فاعتنوا بها وعرفوا عنها الكثير مما لم يكونوا عارفين به من قبل. واصبح رشيد الذوادي بنشاطه الدائب في مصر معروفا في اغلب الاوساط الثقافية، خير ممثل لبلاده. وطنية ودماثة  اخلاق وطيب معشر وتواضعا، وبعدا عن المهاترات وتجنبا للخلفيات مهما كانت. ولذلك فتحت له ابواب الهيئات الادبية والثقافية الرسمية وغير الرسمية كالهيئة المصرية للكتاب واتحاد الناشرين العرب واتحاد الكتاب المصريين  واهم الجرائد والمجلات الصادرة بمصر، حتى انه لما غادر القاهرة سنة 1986 لم ينسه اصدقاؤه في مصر وبقي يتلقى سنويا الدعوات لحضور الندوات والمؤتمرات ومعرض الكتاب الدوري. ولعل هذا النجاح الباهر في ربط العلاقات مع ادباء ومثقفي مصر سبب له بعض المشاكل في بلده مع من يعتبرون انفسهم احق بان يكونوا المرجع الوحيد بالنسبة الى كل ما يتعلق بالادب في المشرق العربي، بل اساؤوا اليه وقالوا فيه الاقاويل، وناله الاذى من مكائدهم، وعيبه انه نجح، من دون خلفيات، حيث قصرا هم في التعريف بالثقافة التونسية والادباء التونسيين، وفي ربط الصلة بالادباء المصريين، ديدنهم للأسف القول واي قول من دون الكتابة، وان كتبوا فلتمجيد الاموات اما الاحياء فالصمت واي صمت ديدنهم في الغالب، هذا اذا لم يطلقوا ألسنتهم من عقالها بالتنديد والثلب. واذا كان لرشيد الذوادي هذه الخصلة فقط فانه يكون قد قام بواجبه احسن قيام. ولكن مسيرته الثقافية والادبية حافلة بالنشاط المتنوع، كتابة وخدمات اجتماعية وثقافية. نشط في مدينته بنزرت فترأس عدة جمعيات مثل نادي التعليم سنة 1964 وجمعية النهضة التمثيلية عامي 1966-1967، كما ترأس تحرير مجلة صدى الشمال، وادار جريدة القنال لمدة سنة، وانتخب مستشارا بلديا وتحمل العديد من المسؤوليات في المنظمات الوطنية والجمعية الثقافية ببنزرت. ولم يقدم حسني سيد لبيب على تخصيص كتاب يتحدث فيه عن رشيد الذوادي الا لان صديقه دأب منذ اوائل الستينات على التأليف. وانتج اكثر من عشرين كتابا عدا المقالات والدراسات، عرّ ف فيها باعلام  تونسيين وغير تونسيين، فكتب عن رواد الاصلاح في العالم العربي الاسلامي وعن الشابي وجماعة تحت السور ومقاهي الادباء ومحمد مزالي ومحمد العروسي المطوي وزكي مبارك ونجيب محفوظ ومحمد عبد المنعم خفاجي ووديع فلسطين، وغيرهم كثير من تونسيين وغير تونسيين. كتب حسني سيد لبيب عن ملامح شخصية رشيد الذوادي فقال: «يحتار المرء في تحديد شخصية رشيد الذوادي حين يتعلق  الموضوع برسم الملامح والسمات، من اي زاوية نلقي الضوء الكاشف على الصورة.. هو باحث بالدرجة الاولى، ينقب في بطون الكتب القديمة والجديدة على السواء ليتحف قارئه ببحث ادبي يجمع بين الفائدة والطرافة ويخفف من صرامة المنهج البحثي. جوالا في كتب الادب ودواوين الشعراء، مغرما غراما شديدا بتقديم شخصيات ادبية وفكرية من بنزرت مسقط رأسه ومن تونس ومصر. كما يطوف بك في ربوع الوطن العربي، متحدثا عن ابرز اعلامه، وهو في كل ما يكتب يفصح عن حب واعحاب لكل شخصية يكتب عنها يغشى منتديات الادب في تونس ولايتردد في الاقلاع على متن طائرة متجها الى القاهرة. يشده الحنين الى النزوح الى مصر في جولة ادبية يتردد خلالها على المؤسسات الصحفية، يتصل باصدقائه الاثيرين كمحمد عبد المنعم خفاجي وعبد العزيز شرف، ورابح لطفي جمعة، وجمعة محمد جمعة، ومدحت جمعة، ومدحت الجيار وكاتب هذه السطور، ويزور نجيط محفوظ وأنيس منصور وتوفيق الحكيم، ومحمد جبريل، وجمال الغيطاني ونعمات احمد فؤاد وسمير سرحان وغيرهم». ويمضي صاحب الكتاب في الحديث عن نشاط رشيد الذوادي في القاهرة في كل مرج يزورها. ثم يخصص لكل كتاب صدر للذوادي في تونس او مصر فصلا، حتى قال: «رشيد الذوادي اديب ابحر في تاريخ بلاده وتاريخ الامة العربية، استقرأ سطور الكفاح من اجل التحرر  والاستقلال من خلال سير زعماء بلاده وزعماء الامة العربية والاسلامية. اثرى المكتبة العربية بمؤلفات قيمة، تنوعت بين الادب والتاريخ، عن وطنه تونس وعن وطنه العربي. ساهم مساهمة فعالة في مد جسور الصلات الادبية والفكرية بين مصر وتونس. وكان بحق مندوبا ثقافيا للأدباء ورجال الاعلام والفكر في عصر عز فيه تداول الكتاب العربي اوتبادله.. فكان العرب اكتشفوا ان المصلحة العربية في الفرقة والتباعد، وليس في الوحدة والتقارب». ولم يكتب حسني سيد لبيب عن رشيد الذوادي بل كتب ايضا معرفا بالادب التونسي والادباء التونسيين في عدة مناسبات وفي العديد من مؤلفاته، منبها القارئ المصري والعربي عامة الى ان الادب التونسي رافد كبير يصب في نهر الادب العربي، معتبرا الحديث عن رشيد الذوادي بمثابة الاعتراف له بما قدم للأدب التونسي والادباء التونسيين ولوطنه، ولا يسعني بدوري الا ان انوه بهذه البادرة واحيي الكاتب حسني سيد لبيب على عنايته بالادب التونسي والادباء التونسيين.   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 نوفمبر 2006)  


حسين فهمي يتراجع أمام غضب المحجبات

 

محمد عبدالرحمن Keshk2001@hotmail.com    محمد عبد الرحمن من القاهرة : شارك الفنان حسين فهمي في حلقة أمس الثلاثاء من برنامج  » تسعين دقيقة  » على قناة المحور، ليقدم اعتذاراً صريحاً على وصفه للسيدات المحجبات بأنهن « معاقات ». وقال فهمي أنه أساء اختيار التعبير في مداخلته الهاتفية التي حدثت في نفس البرنامج قبل ثلاثة أيام عندما استضاف المذيعان معتز الدمرداش ومي الشربيني الفنان فاروق حسني وزير الثقافة المصري لمناقشة تصريحاته الحادة ضد حجاب السيدات في مصر، والتي أثارت ولا تزال جدلاً واسعاً بين مختلف شرائح المجتمع والإعلام المصري. أما حسين فهمي فقد تعرض لهجوم عنيف بعد وصفه للسيدة المحجبة بأنها « معاقة  » لا تستطيع الإندماج في المجتمع، ورفض جمهور الفنان تلك التصريحات وقالوا أنه يؤثر برأيه هذا على جماهيريته العريضة، والتي زادت بعد استقالته من الأمم المتحدة أثناء الحرب على لبنان، ونجاح برنامجه الأخير على شاشة التليفزيون المصري . ويبدو أن فهمي تأثر بهذا الهجوم فحاول أن يخفف منه بالإعتذار الذي ساهم في تصحيح موقفه كثيراً امام الرأي العام خصوصاً عندما أكد أن ابنته المحجبة بالتأكيد ليست معاقة وأضاف أنها لم تعاتبه على كلامه لكنه يشعر أنها غاضبة منه . وأضاف فهمي أنه ليس مع أو ضد الحجاب،لكن والدته قالت له قبل وفاتها « لقد صليت وصمت وأديت فريضة الحج،  وانا غير محجبة،  هل يعني هذا بأنني لست مسلمة؟ » . وكرر فهمي مساندته لفاروق حسني خصوصا فيما يتعلق بحرية كل شخص في إبداء رأيه . وكان الرأي العام المصري قد انشغل الفترة الماضية ولايزال بتصريحات فاروق حسني ضد الحجاب والشيوخ وصوت الأذان، ووصل الأمر إلى حد اعتكافه في منزله وعدم ذهابه إلى البرلمان خوفاً من صدام محتمل مع نواب الإخوان المسلمين. لكن اللافت أن نواب الحزب الوطني الذي ينتمى اليه الوزير لم يدافعوا عنه بل طالبوا أيضاً بإقالته، وليس معروفاًَ حتى الآن إلى أي مدى ستصل أزمة الوزير والحجاب، وفيما إذا كانت ستؤثر على مشاركته في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي يوم الثلاثاء المقبل أم لا ؟ .   (المصدر: موقع ايلاف بتاريخ 22 نوفمبر 2006) الرابط: http://www.elaph.com/ElaphWeb/Entertainment/2006/11/192421.htm  

العسكر يكررون تجربة السوداني سوار الذهب في تسليم الحكم الى المدنيين …

«المستقلون» لا «الاسلاميون» تصدروا نتائج الانتخابات في موريتانيا

توفيق المديني شاركت الاحزاب الموريتانية على اختلاف انتماءاتها السياسية والايديولوجية في الانتخابات التشريعية والمحلية التي أُجريت الاحد 19 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، اذ دعي نحو 1.07 مليون مواطن للتوجه الى 2336 مركز اقتراع لانتخاب 219 مجلساً محلياً، و95 نائباً للجمعية الوطنية. ويعتبر هذا الاستحقاق الانتخابي غير مسبوق في التجربة الديموقراطية الموريتانية الوليدة، والتي لا يزال عودها طرياً، للأسباب التالية: اولاً: انها اول انتخابات ديموقراطية في البلاد، في ظل حكم المجلس العسكري للعدالة والديموقراطية، منذ انقلابه على الرئيس الموريتاني السابق معاوية ولد طايع، في الثالث من آب (اغسطس) 2005. والحال فهي تمثل اختباراً حقيقياً وفعلياً للوعد الذي قطعه العسكريون الانقلابيون بقيادة الرئيس اعلي ولد محمد فال للشعب الموريتاني، بتأكيدهم اكثر من مرة على التزامهم الحياد، وسن قوانين تمنع اعضاءهم من الترشح، وهو ما يعني ان حكام موريتانيا الجدد ستحددهم هذه المرة صناديق الاقتراع، لا الدبابات والمدافع كما العادة. واذا كتب لموريتانيا ان تتجاوز هذا الامتحان بنجاح فإنها ستحقق سابقة ثانية بعد تجربة السودان في عهد عبدالرحمن سوار الذهب لجهة تسليم العسكر السلطة الى المدنيين، والانتقال الهادئ للديموقراطية. فهل الوعد الذي قطعه الرئيس سيحترم فعلاً ويتخلى عن السلطة نهائياً؟ هذا هو الرهان الاول. ثانياً: ان الانتخابات التشريعية والبلدية أُجريت للمرة الأولى في ظل غياب الحزب – الدولة المهيمن الذي كان يحكم ايام الرئيس السابق معاوية ولد طايع، والذي فقد سيطرته على الادارة، ولم تعد له أموال كافية لشراء الناخبين. وأصبح الحزب الجمهوري يعامل مثل سائر الاحزاب. ولا جدال في ان الانتخابات التي أُجريت، تؤسس لمرحلة انتقالية تمر بها موريتانيا، وتشكل منعطفاً سيحدد مستقبلها السياسي خلال السنوات اللاحقة. فللمرة الأولى في تاريخ هذا البلد تتاح فرصة التناوب السلمي على السلطة ويعط الناخب حق اختيار من سيحكمه. ثالثاً: انه الاستحقاق الانتخابي الاول الذي أُجري في ظل مشاركة 35 حزباً سياسياً، وبلوغ عدد القوائم الانتخابية كماً هائلاً، اذ ناهز عددها 1700 قائمة (أكثر من 1200 لائحة للمجالس البلدية وقرابة 450 لائحة لمجلس النواب). وما يميز هذه الانتخابات هو استمرار سيطرة الانتماءات القبلية والعشائرية والجهوية والعرقية، فضلاً عن التأثير القوي للوبيات المال والعمال وشيوخ القبائل، الذين يدعمون قوائم المستقلين التي اصبحت منضوية في تنظيم جديد يدعى «تجمع المستقلين». وترى القوى السياسية الموريتانية ان المستقلين ليسوا اكثر من مرشحي السلطة الحاكمة، او ممثلين لرؤوس المجلس العسكري على الاقل. والحال هذه، فإن اعضاء المجلس العسكري قرروا تشكيل تيار جديد يمكنهم من الاحتفاظ بالحكم بريموت كونترول «المستقلين»، والعودة في مرحلة قريبة الى الحكم عبر انتخابات رئاسية مبكرة. رابعاً: اللافت في هذه الانتخابات التشريعية والبلدية مشاركة المرأة الموريتانية المعروفة اصلاً بقوة شخصيتها وقيمتها الاجتماعية الفريدة وقدرتها على التجارة والسفر حتى اليابان، إذ تم تخصيص 20 في المئة من المقاعد البرلمانية والبلدية للسيدات، وهذا في حد ذاته انجاز اجتماعي. أُجريت الانتخابات الموريتانية باشراف لجنة مستقلة، وبحضور مراقبين دوليين تابعين للجامعة العربية والاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي والامم المتحدة والمنظمة الفرنكوفونية العالمية، ومراقبين من الولايات المتحدة وبلدان اخرى، كما شارك 300 مراقب محلي تابعين للمرصد الموريتاني لمراقبة الانتخابات وممثلو الاحزاب واللوائح المترشحة في الانتخابات في مراقبة سير عمليات الاقتراع. وأبدت كل هذه الهيئات الرقابية رضاها عن سير العمليات الانتخابية، وأعلنت في تصريحات صحافية انها لم تلاحظ أي خروقات تذكر، باستثناء ملاحظات بسيطة ابلغت بها السلطات وتم تلافيها في الوقت المناسب. والحال فإن الجميع أشاد بنزاهة الانتخابات، وشفافيتها، ومطابقتها للمعايير الديموقراطية الدولية. وفي تحليل نتائج الانتخابات التشريعية والمحلية التي أُجريت، يمكن ان نحدد المشهد السياسي الموريتاني على النحو التالي: أظهرت نتائج الفرز الأولية ان نسبة التصويت وصلت الى ما بين 70 و80 في المئة او (75 في المئة في المتوسط) في غالبية الوائر، وسط اقبال كبير على صناديق الاقتراع بسبب كثرة اللوائح، واحترام التنافس بين التشكيلات السياسية المشاركة. وأظهرت نتائج ثلثي مكاتب التصويت تقدماً ملحوظاً لكتل المستقلين، فيما جاء تكتل القوى الديموقراطية في المرتبة الثانية، والحزب الجمهوري للديموقراطية والتجديد في المرتبة الثالثة. وبحسب النتائج التي اعلنها سيدي يسلم ولد أعمر شين في مؤتمر صحافي، فإن كتلة المستقلين حصلت على نسبة 34 في المئة من الاصوات وفازت بنحو 1126 مقعداً في مقاعد المجالس البلدية، متبوعة بحزب تكتل القوى الديموقراطية الذي حصل على نسبة 16 في المئة ، وفاز بنحو 443 مقعداً بلدياً. وفاز الحزب الجمهوري للديموقراطية والتجديد بنحو 12.58 في المئة محرزاً 383 مقعداً بلدياً، وتبع ذلك ائتلاف المعارضة الاخرى الذي حصل على نسب تراوح بين 6 في المئة و2 في المئة. وهكذا، أظهرت النتائج الأولية تقدم المستقلين بحصولهم على المرتبة الاولى، وأحزاب ائتلاف التغيير، المشكل من 11 حزباً من احزاب المعارضة السابقة، لا سيما حزب تكتل القوى الديموقراطية الذي يقوده أحمد ولد داده على المرتبة الثانية. وتبعهم حزب التجديد الديموقراطي، الذي يقوده الوزير السابق المصطفى ولد اعبيد الرحمن في المرتبة الثالثة، والتحالف الشعبي التقدمي (الناصريون) في المرتبة الرابعة، والتيار الاسلامي (الاصلاحيون والوسطيون) في المرتبة الخامسة، وتراجع الحزب الجمهوري (الحاكم سابقاً) الذي لم يفز الا بمقعد واحد في نواكشوط. بعد هذا العرض لنتائج الانتخابات التشريعية والبلدية يمكن ان نسجل الملاحظات التالية: أولاً: ان احزاب المعارضة السابقة التي شاركت في هذه الانتخابات، ودخلت حلبة المنافسة مع الحزب الجمهوري الذي كان حاكماً في السابق، على رغم عدم التكافؤ بينهما، استطاعت ان تتمثل في البرلمان بنسبة كبيرة، اذ اصبح «تكتل القوى الديموقراطية» الذي يراسه احمد ولد داداه القوة السياسية الثانية بعد المستقلين في البلاد نظراً للاصوات التي حصل عليها، فيما تراجع اداء الحزب الجمهوري كثيراً في هذه الانتخابات، بعد سقوط عدد كبير من رموزه بينهم الوزير السابق بيجل ولد حميد، والوزير السابق محمد دين صو. وليس مستبعداً ان يتربع أحمد ولد داده زعيم حزب «تكتل القوى الديموقراطية» والمعارض السابق الأبرز لحكم ولد طايع، على غالبية برلمانية تسمح له بالتحكم بالانتخابات الرئاسية التي ستجرى في شهر آذار (مارس) 2007. ثانياً: احزاب المعارضة ما زالت ضعيفة التكوين والخبرة السياسية، وتعاني من نقص الموارد المالية، ومن عدم التنسيق في ما بينها، اضافة الى عدم بلورتها مشروعاً سياسياً ومجتمعياً يقدم اجوبة على التحديات التي تعاني منها موريتانيا. فهناك اكثر من تحد، منها العلاقة مع الكيان الصهيوني، وحل مشكلة الاقلية الزنجية، وبناء مؤسسات دولة القانون. ثالثاً: خاض الاسلاميون المعتدلون الانتخابات للمرة الاولى كمستقلين بسبب الحظر الرسمي المفروض عليهم، لأن موقف الرئيس الموريتاني العقيد ولد محمد فال كان شديد الوضوح في رفضه رفضاً مطلقاً مسألة «تسييس الاسلام». فقد جاء في إحدى خطبه: «لن يُقبل تحزب اسلامي في الجمهورية الاسلامية الموريتانية ابداً». وأشاد القيادي في التيار الاسلامي محمد جميل ولد منصور بشفافية سير هذه الانتخابات واجوائها الايجابية. وها هي الديموقراطية تعبد الطريق مرة اخرى لدخول الاسلاميين الموريتانيين الى البرلمان كقوة حقيقية، اسوة باخوانهم من الاسلاميين المعتدلين في كل من الغرب والجزائر. اخيراً، ستجرى الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية في الثالث من كانون الاول (ديسمبر) المقبل. ومع ان العملية السياسية الاصلاحية لا تزال في بدايتها، فإن هذه الانتخابات التشريعية والبلدية تستجيب تطلعات الشعب الموريتاني نحو الانتقال الهادئ الى الديموقراطية، وتجسيد القطيعة مع العهد السابق. انه الاصلاح الحقيقي الذي يفسح في المجال لظهور طبقة سياسية جديدة في موريتانيا قادرة على دفع عجلة التغيير وشن حرب لا هوادة فيها على الفساد والمفسدين الذين طبعوا الحياة السياسية الموريتانية لعقود من الزمن. كاتب تونسي.
 
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 23 نوفمبر 2006)


فرنســا تعتــذر.. بالمـــال!

بقلم: آمـــــال موســـــى   ان مشكلة فرنسا مع تاريخها الاستعماري في الجزائر معقدة الى أبعد حدود التشابك والالتباس. والى اليوم لا يزال الشد والجذب قائما خصوصا ان فرنسا لم تستطع تنقية علاقاتها التاريخية بالجزائر من تلك الشوائب الرئيسية والكبرى. ومما يجعل الفتيل في حالة تأهب دائمة، هو رفض الجانب الفرنسي تصفية بعض الملفات ولو بشكل رمزي ودلالي. بل ان البرلمان الفرنسي قد اصدر العام الفارط في 23 فيفري قانونا تم وصفه بانه يضفي القداسة على الحقبة الاستعمارية في الجزائر ويمجدها وهو ما اثار غضب الجزائريين. والذي يزيد الطين بلة هو انه في الوقت الذي ترفض فيه فرنسا الاعتذار عن جرائمها في الجزائر وعلى رأسها مجزرة سطيف في 8 ماي 1945 التي راح ضحيتها  45 الف جزائري، نجد مجلس النواب الفرنسي يصادق على قرار يُجرم كل من ينكر المذبحة التركية في حق الارمن! ولكن يبدو أن فرنسا قد اختارت الاعتذار على طريقتها الخاصة وبالشكل الذي لا يكلفها ثقل التجريم، بقدرما يظهرها متجاوزة للماضي، سائرة نحو مستقبل فرنسي- جزائري يسوده الحوار والتعاون. ومن مظاهر الالتفاف حول واجب الاعتذار المباشر والصريح قامت فرنسا بخطوة بدت للكثيرين ملفتة تتمثل في تمويل 60% من فيلم حول الامير الراحل عبد القادر الجزائري، اذ تمكن مخرج الفيلم عبد العزيز طوالبي من جعل «الشركة الفرنسية للانتاج» تتبنى العمل مع العلم ان الامير عبد القادر هو على رأس قائمة اعداء فرنسا في مرحلة الاستعمار بل ان فرنسا قد انسحبت عام 1966 من مهرجان البندقية احتجاجا على عرض فيلم «معركة الجزائر» للمخرج الايطالي الراحل مؤخرا جيلي مونتيكورفو، اضافة الى انها منعت عرض فيلم في فرنسا لاكثر من عشر سنوات. ولكن ها ان الزمن قد بدأ يفعل فعله فاصبح الامير عبد القادر الجزائري المحظور فرنسيا، يحظى بتمويل فرنسي وسيعرض في اكثر من 200 صالة عرض فرنسية في عام 2008 تزامنا مع احتفال الجزائر بمائويته الثانية. ومن المعروف طبعا ان الامير عبد القادر هو بطل من ابطال الجزائر الاحرار، قاد الثورة الشعبية الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي وبايعه الشعب الجزائري تحت شجرة «الدردارة» في نوفمبر 1832، اميرا على الجزائر فدخلت بذلك الجزائر مرحلة من الكفاح المنظم المتشبع بروح القومية.  وهنا يكمن  سر العداء الفرنسي للأمير الجزائري ولدوره في اخراجها من ارض اعتقدت انها استعمرتها استيطانيا وهو يختلف جذريا عن استعمار الحماية. واذا ما وضعنا في الاعتبار مثل هذه الخلفية فانه ربما يصح التعاطي مع التمويل الفرنسي لاكبر جزء من تكلفة فيلم «الامير عبد القادر» في اطار الاعتذار النسبي وغير المباشر وانها قد بدأت ترى فيه بطل الحرية بدل العدو اللدود. طبعا هذه القراءة الاختزالية لخبر تبني فرنسا لفيلم بامضاء جزائري عن الامير عبد القادر لا يمكن ان يكون سوى اوليا ووحدها مشاهدة الفيلم والتعرف الى خطه وتوجهه، سينتج القراءة الحقيقية، خصوصا ان الاخبار المتداولة الى حد الساعة تقول ان كاتب السيناريو الصديق الروائي واسيني الاعرج قد ركز في كتابته وتوثيقه لحياة الرجل على مسألة انفتاح الرجل وسعيه الى الحوار بين الحضارات ويظهر ان التركيز على هذا البعد، من بين اسباب الموافقة الفرنسية على التمويل. ولكن مع ذلك يمكن القول ان الفيلم سيكسر الحاجز النفسي والتاريخي وسيفتح الباب لافلام واعمال اخرى قد تنتصر اكثر فأكثر لكفاح الامير عبد القادر الجزائري وتضعه في الاطار الصحيح اي محاربة الاستعمار كفكرة وكمشروع وكواقع وكقيم ثقافية ايضا.   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 نوفمبر 2006)


في حوار مع الجزيرة نت الريسوني: التجربة السياسية للإسلاميين ليست مقنعة

الحسن السرات-الرباط   قال الدكتور أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح المغربية وعضو مكتبها التنفيذي الحالي، إن التجربة السياسية للإسلاميين ليست مقنعة. وقال الريسوني، وهو أحد أبرز علماء المغرب في الوقت الحالي، إن العالم الإسلامي يشهد منذ عقود ما يسمى « الصحوة الإسلامية » ويعيش عودة متزايدة للعلماء. وأكد أن « الصحوة نفسها من أسبابها جهود العلماء، وهي تعيد لهم مكانتهم ». وعن دور العلماء في المغرب، قال الريسوني إنهم « ما زالوا موجودين بعدد، وما زالت المؤسسات التي تنتج العلماء قائمة، لكن تم تهميشهم وتقزيم دورهم منذ الاستقلال ». وأضاف أن « هناك سياسة مقصودة أخمدت هذه المؤسسات وشلتها شيئا فشيئا »، وأن « كل صناع السياسة العامة للبلاد منذ الاستقلال شركاء في صنع هذه الوضعية ».   – الدكتور أحمد الريسوني، نود في البداية أن نسألكم عن مكانة العلماء في العالم العربي والإسلامي بين الأمس واليوم، لماذا نلاحظ تدهور مكانتهم؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الوضع الطبيعي والواضح لمكانة العلماء في أي مجتمع إسلامي هو دور الريادة والقيادة والصدارة، هذا شيء طبيعي جدا، لأن هؤلاء العلماء بسبب تخصصهم في الإسلام علوما وفقها وثقافة وحضارة، يمثلون خزان ومستودع المرجعية الإسلامية التي يعول عليها كل مسلم. فالمسلم العادي حينما يتطلع إلى النهل من دينه وثقافته، ويريد أن يعرف حكم شرعه ومقتضى عقيدته، من الطبيعي أن يلجأ في غالب الأحيان إلى العلماء مباشرة، وحتى إذا ما لجأ إلى الكتب فهو أيضا يلجأ إلى العلماء ما داموا هم الذين كتب الله لهم التخصص في هذا الأمر بأن يكونوا مراجع وهداة ومرشدين ومفسرين لمقتضيات الدين. فهذا يعطي تلقائيا الدور الريادي للعلماء في المجتمعات الإسلامية كلها، وهذا هو الوضع الذي كان عليه العلماء على مر العصور. صحيح أنه كثيرا ما كان يحصل تنافس وتعارض بين العلماء والأمراء على قيادة المجتمع، وخاصة عند حصول افتراق بين القرآن والسلطان حسب العبارة المعروفة في الثقافة الإسلامية، وإلا فالوضع الطبيعي أن يكون العلماء أمراء والأمراء علماء، لكن حينما افترق القرآن والسلطان كان هناك نوع من التنافس على قيادة الجماهير وقيادة الأمة. لكن بصفة عامة سواء مع وجود منافس أو بدون منافس، العلماء دائما يوجدون في الصدارة، إما إلى جانب الأمراء، أو في تنافس وخلاف مع الأمراء، وإما في انسجام وتعاون. وهذا الوضع استمر إلى غاية العصر الحديث. وقد بدأت هذه الوضعية تتزحزح بفعل عوامل كثيرة يجملها ويختصرها وجود الاستعمار وآثاره الثقافية والتعليمية والسياسية، ومع ذلك ما زالت مكانة العلماء محفوظة، إن لم تكن في الواقع ففي نفوس الناس. في الواقع المعاصر وعلى طول خارطة العالم الإسلامي بما فيه الجاليات والأقليات المسلمة في الغرب والشرق، هل هناك دور طلائعي ريادي للعلماء الآن؟ ربما في منتصف القرن العشرين وقبله وبعده بقليل كانت وضعية العلماء تعرف أسوأ فتراتها وأحوالها، لأن الوجود الاستعماري كان قد بلغ ذروة تأثيره وهيمنته وتفريخه لأعوانه ومثقفيه وأنصاره، لكننا اليوم بحمد الله نعيش منذ عقود ما يسمى الصحوة الإسلامية، وهي مصحوبة تماما بعودة مماثلة وموازية للعلماء. فالصحوة نفسها من أسبابها جهود العلماء، وهي تعيد لهم مكانتهم، لأن العقود الأخيرة القريبة شهدت عودة متزايدة للعلماء. ففي إيران على سبيل المثال كان العلماء مضطهدين ومنفيين ومكبوتين في حوزاتهم أو خارج بلدهم، فإذا بهم في نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات يسيطرون على كل شيء في البلاد. فمكانة العلماء تزداد اتساعا وتعود أكثر فأكثر إلى قوتها وحيويتها، سواء في العالم الشيعي كالعراق وإيران إضافة إلى لبنان، أو في العالم السني مثل باكستان وأفغانستان وماليزيا وإندونيسيا إلى الجزائر ونيجيريا والسنغال والصومال، مرورا بكافة الدول العربية والإسلامية كمصر واليمن والسودان والسعودية، فالخط العام في هذه العقود الأخيرة هو العودة المتصاعدة المتنامية للعلماء. الآن على سبيل المثال في العراق، منذ سقوط نظام صدام حسين، ووجود فسحة أكثر للتحرك، العلماء تصدروا الزعامات السياسية والاجتماعية والثقافية في العراق سواء كانوا سنة أو شيعة. في لبنان، رغم الوضع الخاص له، الآن هناك دور فعال متزايد ومسترسل لم يتوقف حتى هذه اللحظة.     – ذكرتم أن العلماء يتصدرون الزعامات الثقافية والسياسية والاجتماعية في عدة بلدان إسلامية، لكن لماذا لا يتصدرون الزعامة في بلدان مثل تونس والمغرب مثلا؟ بطبيعة الحال الأوضاع مختلفة ومتفاوتة. أنا تحدثت عن الوضع والتوجه العام للأوضاع، لكن هذا يختلف. نعم المغرب وتونس من الحالات التي يمكن الحديث عنها بنوع من الخصوصية. ففي تونس يمكن أن نقول إنه تم القضاء نهائيا على دور العلماء ومؤسستهم، فبعضهم تفرقوا في الأمصار ويعيشون في المنافي بالدول العربية والأوروبية، وبعضهم محصورون يموتون واحدا بعد آخر، وتم تجفيف منابع تكوين وتخريج العلماء خاصة جامعة الزيتونة، بل إن هذه الجامعة تحولت إلى مصنع للعلمانيين والأيديولوجيين الذين يشتغلون مع النظام بتفسير لاديني للدين، هو أقرب ما يكون إلى نفيه ومحاربته. هذا وضع تونس. أما في المغرب، فما زال العلماء موجودين بعدد، وما زالت المؤسسات التي تنتج العلماء قائمة، لكن تم تهميشهم وتقزيم دورهم منذ الاستقلال. نحن نعرف أنه قبل الاستقلال في أيام الحركة الوطنية وأيام الجهاد والمقاومة، كان العلماء هم الموجهين والمنظرين والميدانيين أيضا، لكن بمجيء الاستقلال تم تهميشهم شيئا فشيئا. نحن نعرف أن عددا من العلماء تولوا مناصب وزارية، بل مناصب ولاة وعمال، مناصب متعددة في بداية الاستقلال. لكن عجلة العلمنة والفرنسة والتغريب، التي دارت بقوة بعد الاستقلال أكثر مما دارت قبل الاستقلال، أفضت في النهاية إلى إقصاء هؤلاء العلماء وأصبحوا يعقدون مؤتمراتهم في ظل رابطة علماء المغرب، ويصدرون البيانات والمطالب ويسجلون المواقف، لكن الآن في هذه السنين الأخيرة حتى هذه المؤتمرات لم تعد قائمة، لا مؤتمرات الرابطة ولا مؤتمرات جمعية العلماء خريجي دار الحديث الحسنية، ولا جمعية علماء سوس ولا غيرها. بمعنى أنه حتى العلماء كجمعيات أو كمثقفين مثل غيرهم من المثقفين لم يعد لهم وجود جماعي. طبعا هناك سياسة مقصودة أخمدت هذه المؤسسات وشلتها شيئا فشيئا، إلى أن انتهينا الآن إلى أن العلماء هم أفراد أكثر منهم شيئا آخر.
تقولون إن هناك سياسة متبعة هي التي تحارب العلماء، من المسؤول عن هذه السياسة في نظركم؟ طبعا، هذه سياسة غير معلنة وغير مصرح بها. لذلك يصعب أن نحدد جهة معينة أو قرارا محددا. غير أنه من المؤكد أن كل صناع السياسة العامة للبلاد منذ الاستقلال شركاء في هذه صنع هذه الوضعية. شيء طبيعي أن يضيقوا ذرعا بتقريب العلماء وبآرائهم. العلماء مهما يكن من أمرهم وموقفهم السياسي يبقون أصحاب مرجعية إسلامية لها أحكام وتشريعات معروفة وعقيدة وثقافة وأخلاق، مهما لاينوا وسايروا المواقف الرسمية يبقون متميزين بهذه السمات. بينما التوجه العام للدولة بمكوناتها وقياداتها سارت نحو ما يسمى بالتحديث، وهو تحديث ذو صبغة أوروبية علمانية فرنسية، هو نموذج لا يمكن أن يتواءم كثيرا مع ما عليه العلماء، فكان أن تم استبعادهم شيئا فشيئا بأساليب متعددة، بل بعد تهميشهم وإقصائهم وصلنا إلى مستوى تصفية مؤسساتهم التي كان لها شيء من الاستقلالية الشكلية، وهذه هي المرحلة الجديدة التي نعيشها. ولكن كما قلت هذا لا ينفي وجود علماء أفراد، وبقاء المؤسسات التعليمية التي تخرج هؤلاء العلماء. فمن حيث الأفراد، العلماء موجودون في المساجد وفي الجامعات وفي نشاطهم الشخصي وبمؤلفاتهم وبمحاضراتهم وبحاجة المجتمع إليهم، والمجتمع يتجه إليهم بصفة عامة. وهذه الصحوة الإسلامية العامة في العالم أيضا نمت وزادت من حاجة المجتمع إلى العلماء، وبقدر حاجة المجتمع إليهم وبقدر تزايد الطلب يعود العلماء شيئا فشيئا. لكنهم الآن يعودون كأفراد، لا كمؤسسات تتصرف وتجتهد وتنطق باسمهم.
وكيف يمكن للعلماء أن يسترجعوا مكانتهم ودورهم في ظل هذه السياسة التقزيمية المعتمدة رسميا؟ هل إلى خروج من سبيل؟ وكيف تردم الهوة بين العلماء والأمراء؟ من قديم الزمان، ربما حتى منذ عصر الصحابة، هناك خيار يدافع عنه كثير من العلماء ومن السلف ومن الصحابة، خيار يقول إنه إذا أطلت الفتن برأسها واستشرت وتحكمت فابتعد عنها وعن أهلها. ولذلك وجدنا عبر العصور عددا من العلماء ينصحون، بل يحذرون أشد التحذير من الوقوف على أبواب السلاطين والأمراء، ويعتبرون مجرد العلاقة، أيا كانت درجتها وموضوعها، بين العالم والسلطان شيئا يقدح ويجرح في العالم وعلمه وعدالته ونزاهته ويضعه في قفص الاتهام. هؤلاء فئة غير قليلة انتهجت نهج القطيعة التامة والابتعاد. وهناك اتجاه آخر أكبر عددا وهو عامة العلماء وجمهور العلماء، كانوا يرون العلاقة مع السلطان يجب أن تبقى قائمة أيا كانت الإشكالات أو الانحرافات أو الشبهات.. وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء، وهو في نظري الاختيار الأرشد لمن يستقيم فيه. هناك فئة أخرى مقابلة، وهي الفئة التي تلتحق بالسلطان بما هو عليه، لحاجتها إليه وحاجة السلطان إليها. هذه أيضا فئة كانت موجودة وما زالت. طبعا، الفئة الوسطى التي تمثل جمهور العلماء هي المسلك الذي يمكن فعلا أن يعيد العلماء إلى مكانتهم ويعيد مكانتهم إليهم، فرأيي أن العلماء في المغرب وغير المغرب عليهم أن ينخرطوا في الشأن العام. الشأن العام قد يكون أحزابا، قد يكون انتخابات، قد يكون جمعيات أو مؤسسات الدولة أو مؤسسات إعلامية. العلماء عليهم ألا ينأوا بأنفسهم وألا يبخلوا بعلمهم، فهذا واجبهم وهذا شرفهم وهذا قدرهم، وعليهم أن ينخرطوا في جميع المرافق والميادين العامة للأمة بدون استثناء. حتى في البلدان التي فيها مقاومة على العلماء أن ينخرطوا في المقاومة وفي متطلبات المقاومة. على العلماء أن يشاركوا في الحكومات والبرلمانات وفي كل شيء، عليهم أن يكونوا موجودين في جميع المداخل وفي جميع الميادين، وهذا سيحصل شيئا فشيئا لأن الأبواب لن تفتح لهم بسهولة.   – ما رأيكم في الجدل الدائر حول المشاركة السياسية للإسلاميين؟ بكل صراحة، تجربة الإسلاميين في معظم الحالات ليست مرضية تماما. قد يكون في نظري الآن تجربة الشيعة في إيران وفي لبنان هي أحسن التجارب لمشاركة الإسلاميين في الممارسة السياسية. في العالم السني، الأمور أكثر تعثرا وأكثر سلبية سواء إذا ذكرنا السودان على سبيل المثال، أو أفغانستان ونموذج حركة طالبان، أو حتى نموذج الجزائر، فصحيح أن هذه التجارب كلها الشيعية والسنية أكثر، تعرضت لحصار وحملات وتشويه بجميع الأشكال. ولكن مع ذلك أنا أتحدث عن الأداء الإسلامي وأرى أنه كانت فيه جوانب قصور وتعثر واضحة. ربما يكون السبب الرئيسي في تقديري هو عدم الاستعداد لمثل هذا الأمر، الدخول بغير استعداد أو الدخول بنسبة لا تكافئ الاستعداد المحصل. أنا أقول مرارا في عدد من المناسبات إن الحركات الإسلامية أنتجت جمهورا من الأنصار والمناضلين والمجاهدين، ولكنها أنتجت قليلا من العلم والخبرة والكفاءة لممارسة السياسة والحكم. فدخلت بعض الحركات الإسلامية بهذا الجمهور مع قليل من العلم، بما فيه العلم الشرعي، إذ كانت لها إشكالات علمية وفقهية لم تحسمها ولا جواب لديها عنها، بل اعتمدت على الأجوبة القديمة التقليدية التي لا تكاد تسمن أو تغني من جوع. ولكن إذا أخذنا بعين الاعتبار كون الجانب السلبي في المشاركة الإسلامية لا يرجع إلى النزاهة والتضحية والوفاء والإخلاص، ولكن يرجع إلى جانب العلم والخبرة، وهو أمر قابل للتدارك، بينما الأمور الأخرى غير قابلة للتدارك لأن الحركات أو الأحزاب إذا بدأت خط الانحراف لا ترجع بل تتمادى فيه. بينما إذا كان الخلل علميا راجعا إلى المهارة والخبرة، فهذا يتدارك في الجولة الثانية أو بعد سنوات، فلذلك سلبيات الحركة الإسلامية قابلة للتدارك مع مرور الوقت. بالإضافة إلى هذا فإن كثيرا من العثرات والتحديات التي واجهتها الحركات الإسلامية في الحكم ترجع إلى عوامل خارجية، ولذلك فلا ملام في هذا.   – تم مؤخرا الإعلان عن محاضرة لكم بعنوان « العلماء ورثة الأنبياء » لكنها لم تتم بل تم الإعلان عن إلغائها، كيف جاء هذا الإلغاء؟ هذه المحاضرة التي كان مقررا إلقاؤها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، تدخل ضمن البرنامج السنوي لجمعية خريجي الدراسات الإسلامية، وقد تم الاتفاق عليها منذ عدة شهور. الذي حصل هو أن بعض المدافعين عن التخلف والجمود قاموا بتدخلات وضغوط أدت إلى إلغاء المحاضرة، أو بالأحرى منعها. وهذه أول مرة تتعرض محاضرة لي للمنع، مع أنها محاضرة علمية محضة ومكانها هو الجامعة والكلية التي أنتمي إليها.    (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 23 نوفمبر 2006)  

مؤشرات الخوف والانهيار بالمنطقة الخضراء: قضية الشيخ حارث الضاري

د. بشير موسي نافع (*)   ظهرت قضية الشيخ حارث الضاري للعلن للمرة الأولي بتصريح من رئيس دولة المنطقة الخضراء جلال الطالباني. اتهم الطالباني الشيخ حارث بأن لا هم له الا تأجيج النعرات القومية (والمقصود العربية ـ الكردية) والطائفية (والمقصود بالطبع السنية ـ الشيعية). أن يصدر مثل هذا الاتهام من المنطقة الخضراء للشيخ حارث ليس بالأمر الغريب. ولكن ان يصدر عن السياسي العراقي ـ الكردي الأشهر، حجماً وتاريخاً، فمن الغرابة بمكان. فمنذ برز الطالباني علي رأس مجموعة من الشبان اليساريين المنشقين علي الملا مصطفي البارزاني، وهو طرف في كل الفتن التي تعرض لها العراق والأكراد. من حكومة البعث في بغداد الي ايران، ومن سورية وليبيا الي تركيا، ومن لندن الي واشنطن، لم يترك الطالباني طرفاً ذا مصلحة أو اهتمام بالعراق وشؤونه الا وعمل معه علي هذا المستوي أو ذاك. وحتي ساعة اطلاق تصريحه (ذلك ان حياته السياسية لم تنته بعد) شارك الطالباني، بدرجات متفاوتة، في شق صفوف الحركة الكردية واندلاع الصراع في أوساطها، في توريط الأكراد في سلسلة من المغامرات المسلحة الخاسرة ضد الحكومة المركزية (بعضها لم يخل من خدمة مصالح قوي أجنبية)، في اندلاع حرب كردية أهلية مدمرة في التسعينات، ومن ثم في التورط في مشروع غزو العراق واحتلاله، الذي أوصل البلاد الي ما وصلت اليه من جحيم ودمار وموت. والطالباني هو اضافة الي ذلـــك كله الطرف الرئيسي في الفتنة الدموية المتصاعدة في كركوك منذ بداية الاحتلال. مثل هذا السجل لا يؤهل الطالباني لاتهام حتي العنصريين والطائفيــين بالعنصرية والطائفية، ناهيك عن توجيه الاتهام للشيخ حارث. بيد ان تصريح الطالباني لم يكن مقصوداً لذاته، بل مقدمة لمؤامرة كان حضر لها قبل أيام علي الأقل، بين ما يسمي بالتحالف الكردي ـ الشيعي في المنطقة الخضراء. وقد أصبحت المؤامرة أكثر وضوحاً عندما أعلنت وزارة الداخلية العراقية، ولم يجف حبر تصريح الطالباني، قرار توقيف الأستاذ الشيخ بتهمة دعم الارهاب. لم تشهد الأسابيع الأخيرة متغيرات جوهرية في خطاب الشيخ حارث ومواقفه السياسية حتي توجه له اتهامات ما؛ فالرجل ورفاقه في هيئة علماء المسلمين عارضوا منذ البداية الاحتلال وسياساته، كما عارضوا الكيان الذي ولد من رحمه، بلا مواربة ولا مساومة. والحقيقة انه ان كان ثمة من متغير في لغة الشيخ حارث مؤخراً، فالملاحظ أنه أصبح أقل حدة وأكثر توكيداً علي وحدة البلاد. فلماذا اذن جاء هذا التصعيد المفاجئ في موقف دولة المنطقة الخضراء من رئيس هيئة علماء المسلمين، وأحد أبرز وأهم الرموز الوطنية في العراق اليوم؟ ان كان ثمة من اجابة بسيطة ومباشرة فان الأمر يتعلق بلا شك بتحركات حارث الضاري السياسية الأخيرة في المنطقة وليس في لغته ومواقفه. فبعد زهاء السنوات الأربع علي احتلال العراق ووصوله الي الوضع الذي وصل اليه كان من المفاجئ ان يستقبل الشيخ حارث في المملكة العربية السعودية (ثم في الامارات) علي رأس وفد من هيئة علماء المسلمين، ومن الملك عبدالله علي وجه الخصوص. طوال المرحلة الماضية ارتكبت الرياض، كما القاهرة، خطأ كبيراً في الانسحاب كلياً من الشأن العراقي، وترك مستقبل العراق ليقرر من قبل واشنطن وحلفائها. ولأن الشيخ حارث الضاري وهيئة علماء المسلمين وقفوا دائماً موقف المعارض للاحتلال وسياساته، فربما وجدت الرياض حرجاً في استقبال قيادة الهيئة، بالرغم من اعتراف الجميع بأن الهيئة لا تمثل القوة الرئيسية في أوساط العرب السنة وحسب، بل وتمثل الجهة الوحيدة في الساحة العراقية المتشظية التي تطرح مشروعاً وطنياً وتحافظ علي علاقات وثيقة بعدد لا يستهان به من الشخصيات والعلماء وشيوخ العشائر العراقيين العرب الشيعة. خلال الشهور القليلة الماضية تغيرت الحسابات السياسية الي حد كبير. ثمة قلق متزايد في الرياض (والقاهرة) من النفوذ الايراني في العراق، النفوذ الحقيقي أو المتخيل. وقد تفاقم هذا القلق بعد أن تورطت كل من القاهرة والرياض في الموقف من حزب الله في مطلع الحرب الاسرائيلية الأخيرة علي لبنان، والتي جاءت نهايتها انتصاراً كبيراً لحزب الله، وتحسب بالتالي انتصاراً لحلفائه في دمشق وطهران. ولكن الموقف السعودي ـ المصري من العراق يتغير بفعل عوامل أخري، تتعلق بالاخفاق الامريكي الفادح. فالعراق الذي وعدت به واشنطن، وقبله حلفاؤها في المنطقة بهذه الدرجة أو تلك من الحماس، كان عراقاً ديمقراطياً، مسالماً، صديقاً للغرب والولايات المتحدة. ما انتهي اليه العراق بعد سنوات طويلة من الاحتلال كان شيئاً آخر تماماً. العراق الحالي هو عراق منقسم علي ذاته، يطحنه صراع أهلي ـ سياسي، رفع من وتيرة الراديكالية الاسلامية في المنطقة، ويكاد يلتهم الجوار كله في مزيج من العنف الاسلامي والانشقاق الطائفي. وكما فقدت السياسة الامريكية ـ البريطانية في العراق دعم الشعبين الامريكي والبريطاني، فقد تركت هذه السياسة حلفاء واشنطن في المنطقة في حل من موقفهم السابق بترك الشأن العراقي كلياً للقرار الامريكي. هذا هو الجانب الأول من خلفية التغيير الطارئ علي الموقف السعودي ـ المصري من العراق. أما الجانب الآخر فمن المحتمل ان يكون امريكياً بحتاً. اذ ليس من المستبعد ان الادارة الامريكية، وقد أدركت أنها غرقت فعلاً في وحل العراق وأخذت في البحث عن مخرج وعون، قد لجأت بالفعل الي حلفائها في المشرق العربي. دول مثل مصر، السعودية، تركيا، الامارات العربية المتحدة، اليمن، صمتت علي السياسة الامريكية في العراق، ولكنها لم تكن راضية عنها تماماً. وتستطيع هذه الدول، بثقلها المتفاوت وصلاتها بالعراقيين من كافة الاتجاهات، ان تساعد علي ايجاد مخرج ما وان تقلل من حجم العواقب المترتبة علي الاخفاق الفادح في العراق، ســــواء بالنسبة للوضع الامريكي أو بالنسبة للعراقيين أو تداعيات الوضع العراقي علي المنطقة. وليس من المستبعد، بالتالي، ان تكون واشنطن قد طلبت من العواصم الحليفة في المنطقة ان توسع من شبكة علاقاتها لتصل الي قوي وعناصر كانت هذه العواصـــم قد حاذرت الاتصال بها، خوفاً من اثارة غضب الحليف الامريكي. مهما كان الأمر، فينبغي ان يقرأ لقاء قيادة هيئة العلماء المسلمين بالملك السعودي باعتباره حدثاً كبيراً، بالرغم من ان هذا اللقاء لن يولد سياسات ملموسة علي المدي القصير. وقد قرأت القيادات الكردية العرقية والشيعية الطائفية في المنطقة الخضراء اللقاء كذلك. ولكنها، وكما أغلب الخطوات التي اتخذتها منذ تشكيل مجلس الحكم في صيف 2003، لم تتصرف تجاه المناخ السياسي الجديد بعقل وروية وتأمل، بل برد فعل أهوج وعدمي. بدلاً من ان تعترف قيادات المنطقة الخضراء بشراكتها الكاملة للاحتلال في المسؤولية عن التمزق والدمار والموت الذي صارته البلاد، وان تبدأ بحثاً جدياً عن مخرج وخلاص وطنيين للعراق وشعبه، سارعت الي محاولة اخافة الشيخ حارث وتدمير صورته ونفوذه. علي ان الملاحظ هذه المرة ان القرار الموجه ضد الشيخ حارث يشي بما هو أبعد من السياسة العدمية التقليدية التي اتبعتها مجموعة المنطقة الخضراء منذ احتلال العراق. ثمة خوف واضطراب وارتباك، وشعور متعاظم بالاحباط، يحيط بمناخ المنطقة الخضراء السياسي. بعد كل الدعاية الرخيصة المحملة بالرموز ثقيلة الوطأة، من الارهاب الي الناصبية، يقف سياسيو النظام البائس عاجزين عن فهم ظاهرة المقاومة أو ايقاع الهزيمة بها. وبعد كل محاولات السيطرة علي كركوك، لم تنجح الأحزاب الكردية العرقية الا في توحيد العشائر العربية في المدينة وجوارها. وبعد محاولات مستميتة لتقسيم العراق، المحاولات التي يستخدم فيها التأجيج والعنف الطائفيان بلا خجل ولا مواربة، اذا بالعنف الطائفي يلتهم جميع البلاد ويكاد يخرج حتي عن سيطرة القيادات الظلامية التي أطلقته. المشكلة التي يشكلها الشيخ حارث الضاري لمجموعة المنطقة الخضراء انه لم يعد يمثل ضمير العراق وميراثه التاريخي وحسب، بل انه الوحيد ربما الذي يمتلك ثقابة الرؤية والقادر علي كشف سوءاتهم. عندما يقول الشيخ حارث ان العنف الذي يشهده العراق ليس حرباً طائفية أهلية، بل حرب قوي سياسية تتغطي بخطاب طائفي زائف، يصبح الضاري خطراً علي مخططات العاملين علي تقسيم العراق. وعندما يقول الضاري ان أس البلاء في العراق هو الاحتلال الأجنبي، يصبح الضاري خطراً علي العاملين علي فصل العراق عن هويته العربية والاسلامية، والساعين الي تحويل العراق الي اقطاعات طائفية وعرقية. أما مشكلة من خططوا لحصار الشيخ حارث وتقويض صورته انهم لم يدركوا الفارق الكبير بين علو كعب الرجل والهوة التي هبطوا اليها. وقد فاجأتهم بالتالي مواقف علماء شيعة بارزين، وبيانات القوي العربية والاسلامية داخل العراق وخارجه، والتحركات الشعبية الواسعة، التي عبرت عن الغضب والاحتجاج علي المؤامرة التي استهدفت الشيخ حارث. كما فاجأتهم مواقف الأنظمة العربية (وربما حتي الحليف الامريكي) التي رأت بؤس قرار وزير للداخلية تحولت وزارته الي عصابات للقتل والموت، وحكومة لا تستطيع حماية مقار وزاراتها حتي تلاحق القادة الوطنيين. ما نشهده في العراق اليوم هو الاضطراب والفوضي وانهيار اليقينات الذي يصاحب كل فترة انتقالية تصاحب الأحداث والتحولات الكبري في حياة الأمم والشعوب. باخفاق مشروع الاحتلال، وما يعنيه من اعادة بناء العراق علي صورة المحتلين وأهواء حلفائهم، تلجأ الأطراف الخاسرة الي اقصي درجات العنف لمحاولة ايقاف منحني الانحطاط. ونحن الآن في بداية المرحلة الانتقالية لا نهاياتها. الادارة الامريكية لا تريد ولا هي بصدد قبول الخسارة. وسواء بالدراسات التي تقوم بها مجموعة بيكر، بالمراجعات التي تجريها الادارة باجنحتها المختلفة، أو بالاتصالات مع الحلفاء في المنطقة، فليس من المستبعد ان تحاول واشنطن دفعة أخري في العراق. بل ليس من المستبعد ان تلجأ الادارة الامريكية الي دعم قوي طائفية ما علي حساب أخري، الي العمل علي تقسيم العراق، مهما أوقع مشروع التقسيم من خسائر باهظة بالعراقيين ونسيج البلاد الوطني، أو ان تدفع الأوضاع الي حالة من العنف الشامل الذي يستهدف تلقين العرب درساً لن ينسوه أبداً. وما قد يطرح علي مائدة التشاور الامريكية قد يطرح مثيله، أو ما هو أسوأ منه، علي مائدة مخططات حلفاء الاحتلال في المنطقة الخضراء. القرار البائس في حق الشيخ حارث ليس الا مقدمة لهول قد يتزايد بشاعة. فعلي نحو أو آخر، تدفع المنطقة وشعوبها ثمن سياسة امبراطورية خرقاء لقوي الخارج وأهواء سياسيين صغار وبؤساء من أبنائها.   (*) باحث عربي في التاريخ الحديث   (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 23 نوفمبر 2006)


أزمة الهيمنة وعسر التغيير السياسي العربي: الدكتاتورية بديلاً!

ياسين الحاج صالح
 
كان يمكن للتغير السياسي في البلاد العربية أن يكون أسهل بكثير لو كان الإسلاميون السياسيون أكثر انفتاحا على الحداثة الفكرية والسياسية والجمالية، وأقل أصولية عقيديا وسلوكيا. وكان يمكن أن تتشكل تحالفات اجتماعية وسياسية أوسع وأقوى لو أن النموذج الذي يقترحه الإسلاميون للمجتمع والدولة والثقافة لا يثير حفيظة، أو خوف، قطاعات مهمة في المجتمعات المشرقية المتعددة الأديان والمذاهب أو في المجتمعات المغربية التي تتميز بوزن كبير لنخب محدثة التفكير والأذواق وأنماط الحياة. خوف هذه القطاعات من الإسلاميين يشبه ويذكر بالخوف الكثيف و «التحريمي» لقطاعات أميركية كبيرة من الشيوعيين في حقبة الحرب الباردة: خوف عميق وجوهري وغير قابل للتسوية لأنه يمس نمط الحياة وخياراتها الجوهرية والأبسط. ولعل الاستعصاء العربي الحالي متولد بصورة أساسية عن تثبيت متبادل لسلطات استبدادية سياسيا وفاسدة لكنها منفتحة على تعدد أنماط الحياة المرتبط بالحداثة ولحركات اعتراض إسلامية تدعو إلى التغيير وتعلن قبولها للتعدد السياسي، لكن يخشى أن تكون واحدة على مستوى أساليب الحياة وفنونها. لسنا في معرض لوم الإسلاميين أو تحميلهم مسؤولية الاستعصاء، كلها أو حتى بعضها. نكتفي بوصف الحال: ينتشر الاعتقاد بأن النظم السياسية الحاكمة، على استبدادها وفسادها وفئويتها، تحمي أنماطا حياتية وذوقية وسلوكية تبدو مهددة من الإسلاميين ونزعاتهم الطهرية. هذا ما يخرج التغيير من أن يكون مسألة محض سياسية، خلافا لما كانه في عقدي التغيير، بين خمسينات القرن العشرين وسبعيناته. لقد أضحى مرتبطا برهانات أكثر جذرية، تتصل بحريات أكثر أساسية من الحريات السياسية، حريات تتصل بتصريف الحياة اليومية والزي وأذواق الطعام والشراب… وإنما لذلك بالذات ينفتح التغير المحتمل للنظم السياسية في بلاد عربية متعددة على مخاطر الحرب الأهلية، كما تمثل بصورة خاصة في الجزائر. وبفعله حازت النظم الحاكمة وظيفة أساسية: حماية التعددية الحياتية والحق في نمط حياة شخصي، وإن على حساب الحريات السياسية والحقوق الاجتماعية. قلما ينتبه الإسلاميون لهذه القضية، وقلما يدركون أنهم، بنزوعهم المعلن نحو فرض نمط حياة تطهري متشدد، موافق لما يعتبرونه الشريعة، قد قدموا لسلطات استبدادية خدمة لا تقدر بثمن، لا أقل من مبرر وجود واستمرار. ثمة طرف ثالث بالغ الأهمية، التجمعات العلمانية والليبرالية المعارضة، تتجسد فيه إمكانية كسر التقاطب بين إسلاميين تغييريين سياسيا لكنهم محافظون اجتماعيا وثقافيا، وسلطات مستبدة سياسيا لكنها متعايشة مع وحامية لتعددية اجتماعية وثقافية معقولة. والتجمعات هذه معارضة مثل الإسلاميين (في سورية ومصر والأردن وتونس والجزائر والمغرب ودول الخليج…)، ومنحازة إلى أساليب تذوق وسلوك وعيش حديثة تعلن السلطات الحاكمة حمايتها، لكنها أقرب إلى تمثيل لما يجب أن يكون منها إلى قوة فعلية حاملة لنموذج اجتماعي سياسي أصيل. *** نقترح هنا أن ما تشترك فيه المجتمعات العربية بجميع قواها المذكورة هو معاناتها من أزمة هيمنة، أي افتقارها إلى قوة اجتماعية ديناميكية، تجسد وتمارس وتدعو لنمط حياة وحكم جديد، يمكن أن تتكون حوله أكثرية اجتماعية حقيقية، مؤهلة لابتكار حلول إبداعية للمشكلات الوطنية. اليوم، حيث يحتمل وجود أكثرية في المجتمعات العربية فإنها غير مهيمنة وعاجزة عن الهيمنة، ما يعني بالفعل أن مجتمعاتنا، ومهما يكن تكوينها السكاني الديني أو المذهبي، هي مجتمعات مكونة من أقليات فحسب. فالهيمنة هي ما تجعل من قطاع ريادي من السكان أكثرية، وهي التي تصنع الأكثرية وليس العكس. وفي غياب قوة مهيمنة، تفتقر المجتمعات العربية إلى أكثرية طليعية صانعة للأمة أو للشعب. وهذا ما يجعل الانتقال إلى الديموقراطية صعباً. فلا فرصة للديموقراطية من دون أمة بالمعنى التعاقدي للكلمة. وليست الديموقراطية هي التي تصنع الأكثرية، بل إن الأكثرية تُصنع قبل الديموقراطية ويشرط وجودها التحول نحو الديموقراطية، حتى لو كانت إجراءات الديموقراطية هي التي تختبر تحقق الأكثرية وتقيس تبدلاتها. من هذا المنظور نميل إلى اعتبار الدكتاتورية نتاجاً لأزمة الهيمنة وغياب الأكثرية الديموقراطية. وتنزع هذه إلى توليد الطائفية من اجل أن تضمن دوامها وتعويضا عن الهيمنة المفقودة، ما يفاقم بدوره من أزمة الهيمنة. ومن هذا المنظور كذلك لا يصح اعتبار الإسلاميين مهيمنين، لأنهم لا يقدمون نموذجا للسياسة أو الحياة يمكن أن تقتدي به وتتمثله أكثرية نشطة ومستدامة من مواطنيهم الآخرين، يتعرفون فيه على ما يحقق مصالحهم ويفتح آفاق تطور مادي وسياسي ومعنوي واسعة لهم. المهيمن هو من نبدع إذا قلدناه من دون أن يجبرنا على تقليده، ونتحرر إذا تبعناه من دون أن نكون مكرهين على اتباعه، وتتحقق مصالحنا المشروعة ضمن النظام الذي يقترحه علينا. والحال، لا يبدو أن أحداً يثير رغبة بتقليده والاقتداء به في بلادنا. السلطات لا تطلب تقليدها بل تفرض الالتحاق بها، وهي تعوض قصورها الهيمني بالتوسع في الإجراءات القمعية. ولا يقنع الإسلاميون إلا من هو مقتنع سلفا بتفوق نظرتهم إلى الدولة والمجتمع. وهم يعالجون عجز الهيمنة لديهم بوضع اليد على الإيمان الإسلامي والتأكيد على تمثيل أكثرية «الأمة» (هذا غير صحيح بالمعنى التعاقدي لمفهومي الأكثرية والتمثيل، وحيث يمكن أن يكون صحيحا، أي بالمعنى الماهوي، فإنه لا تمثيل ولا أكثرية، ولا مجال للكلام على هيمنة إلا ضمن المعنى التعاقدي). وخلافاً لما قد يفترض الإسلاميون فإن الأكثرية الديموقراطية تمثل لأنها تقود، وتقود لأنها تهيمن، وهي لا تقود لأنها «تمثل»، وتمثل لمجرد أنها تنتمي. بعبارة أخرى، من يمثل هو الناجح والمبدع، من يمثل لمواطنيه ريادة يسعون إلى محاكاتها ومعيارا يقيسون به إنجازهم، وليس من «يعبّر» أو ينتمي. ولقد أشرنا إلى أن الدكتاتورية وليدة أزمة الهيمنة، أي انعدام شروط التمثيل القيادي أو الإبداعي. باختصار، ليست ثمة قوة اجتماعية أو تيار فكري أو تنظيم سياسي متفوق ويثير إعجاب مواطنيه واندفاعهم الطوعي الحر للانخراط فيه وتكريس طاقاتهم لرفع قضيته. وما تفتقر إليه المجتمعات العربية أكثر من أي شيء آخر هو طليعة حقيقية تقود باقتدار وينقاد لها الناس بحرية. على هذه الخلفية نفهم عسر التغيير العربي أو الشرق أوسطي. وفي شروط أزمة الهيمنة، حتى لو حصل أن تغيرت النظم القائمة، فإن من غير المحتمل لما سيتلوها أن يكون مختلفاً كثيراً عنها. *** توسلنا مفهوم الهيمنة لإضاءة جانب من تعقيدات التغير السياسي والانتقال الديموقراطي في بلادنا. وليس في كل ما قلناه ما يقر لنظم الحكم القائمة ما يتخطى شرعية «حق الشُّفْعة»، أعني الاستمرار في غياب البديل المأمون. فهي وإن كانت نتاج أزمة الهيمنة إلا أنها المستفيد الأول منها والطرف الأحرص على دوامها، بل إن منها من لا يستمر حاكماً إلا بقدر ما يُغْرق المجتمع المحكوم في أزمة ثقة وطنية عميقة، لا تترك بديلا عن شناعة الدكتاتورية غير فظاعة الحرب الأهلية.
 
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 19 نوفمبر 2006)

 


Home– Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.