الخميس، 19 يناير 2012

11 ème année,N°4221 du 19.01.2012
archives : www.tunisnews.net


وزير العدل لـ«الصباح»:قريبا عفو آخر على دفعة جديدة من المساجين..

كلمة:إصدار بطاقة جلب في حق المنصف العجيمي ومنصف كريفة وخالد بن سعيد

الصباح:أول أمس.. ليلة رعب بمستشفى شارل نيكول:غاز مشل للحركة واعتداءات على إطارات طبية.. وأهل المهنة يحتجون…

المشهد:الجبالي يعيّن واليًا جديدًا على ڤابس

كلمة:تواصل موجة الاحتجاجات والإضرابات

الصباح:أكثر من 309 آلاف يوم عمل ضائع خلال سنة 2011تصاعد وتيرة الاضرابات.. والفاتورة باهظة

الشروق:الأحزاب تتّجه إلى التحالف والاندماج : أيّ مستقبل للخارطة السياسيّة في تونس؟

النقابي عدنان الحاجي لـ »الصباح »:أمام عدم الاستجابة لمطالبها « الرديف » تعلن الاضراب العام.. وتلوح بالعصيان المدني…

الشروق:سالم لبيض (أستاذ علم الاجتماع السياسي) : ضعُفت الدولة وغابت الأحزاب أو تواطأت… فتغوّل المجتمع

الصباح:بعد تعدد مظاهر الاحتجاج وطنيا:هل عزلت حركة النهضة نفسها سياسيا.. أم هي ضحية مؤامرة؟

الشروق:الاعتصامات بين شرعية المطالب والتوظيف السياسي : «النهضة» تحذّر… والمعارضة تتّهم الحكومة !

كلمة:إتحاد الشغل يتبنى مطالب المعطلين مشددا على خطورة تحويل الاحتجاجات لأعمال تخريب

الصحافة:على إثر موجة الاعتصامات التي شملت عدة جهات:ممثلو الأحزاب يطالبون بــوضع حلول عاجلة قبل جرّ البلاد إلى أوضاع أخطر

في حوار مع الجزيرة نت:الهمامي: ثورة تونس لم تستكمل أهدافها

الشروق:التداين المفرط في تونس : 950 ألف عائلة مهددة بالعقلة

المشهد:رأي:الاعتصامات والثورة ، والانتحار الغبيّ

يسري الساحلي:متى نرى قناة إخبارية تونسية؟

عبد الرحيم الحمزاوي:صراع السلطات

خلدون العلوي:الشباب والعمل الثقافي والفكري : حتى لا ننزلق في متاهات الصراعات الهامشية —


وزير العدل لـ«الصباح» قريبا عفو آخر على دفعة جديدة من المساجين..


هذه «حكاية» شقيقي المتمتع بالعفو ـ بعض الأطراف السياسية تجاوزت الخطوط الحمراء لبث البلبلة في المجتمع ـ توافد، على مدى يومين، أول أمس، ويوم أمس عدد كبير من المواطنين والمواطنات إلى بهو وزارة العدل بالعاصمة، مطالبين بضرورة الإفراج عن المساجين من أفراد عائلاتهم في إطار العفو الذي تمتع به يوم 14 جانفي 2012، آلاف من المحكوم عليهم في قضايا مختلفة، مقدمين في هذا الشأن مطالب… ولكل عائلة مبرّراتها.. وهمومها.. وقد استقبل أمس وزير العدل نور الدين البحيري بنفسه كل المواطنين الوافدين على الوزارة، والراغبين في سحب العفو على «مساجينهم»، وذلك في مكتب بالطابق السفلي بالوزارة خُصّص لهذه المقابلات.. ووعد الوزير كل ذوي المساجين الذين لم يتمتعوا بالعفو، مؤخرا، بدراسة ملفاتهم والنظر فيها في أقرب الآجال… ترحيب.. ثم تهجّم.. وتجدر الإشارة إلى أن العفو الأخير، والذي شمل قرابة 9 آلاف سجين، حظي بترحيب كبير، في البداية، سواء من طرف منظمات المجتمع المدني وهياكله، أو من طرف كل المواطنين.. ولكن، وبمجرّد بلوغ معلومة مفادها أن شقيق وزير العدل كان من المتمتعين بهذا العفو، حتى تكاثرت عديد التعاليق والمآخذ، بل بلغ الأمر حد التهجّم على الوزير.. فماهي حقيقة شقيق وزير العدل؟ وهل تمتع فعلا بالعفو؟.. وهل يجب ألا يكون ضمن المتمتعين بهذا العفو لأن «جريمته» الجديدة أنه شقيق وزير العدل؟! «فعلا، فقد تمتّع شقيقي بالعفو، مثل غيره من المساجين، انطلاقا من الشروط الموضوعة لهذا العفو، وهي متوفرة فيه… علما وأنه محكوم عليه في العهد البائد بـ4 سنوات سجنا، وقد قضى 3 سنوات وشهرين، وليست له سوابق».. ذلك ما أكده وزير العدل نور الدين البحيري لـ«الصباح» موضحا «أن ما يروّج حول تمتّع شقيقه بالعفو، لا أساس له من الصحة، وكله افتراء ومغالطة». كما أشار إلى «أن هناك العديد من ممتهني السياسة يريدون زرع الحقد والكراهية بين أفراد المجتمع، وبعض الأطراف السياسية تجاوزت كل الخطوط الحمراء هدفها الأساسي بث البلبلة وعدم الاستقرار في صف الشعب التونسي، والمس من أعراض الناس.. وعلى هؤلاء أن يعوا أن السياسة أخلاق أو لا تكون».. لأول مرة.. وقال نور الدين البحيري: «لم آت إلى وزارة العدل لأميّز بين هذا وذاك، فالعدل أساس العمران، وذلك شعاري في تحمّل مسؤوليتي.. والثورة جاءت لتدخل البهجة والسرور على كل الناس، وتوفر لهم العيش الكريم، وتقطع مع الفساد واللاّعدل والمحسوبية وكل ما من شأنه أن يحول دون تحقيق أهداف الثورة وطموحات الشعب التونسي العظيم… ولأول مرة في تاريخ تونس يكون لنا شرف المساهمة في اسعاد وبث البهجة في نفوس التونسيين، انطلاقا من العفو الأخير، حيث تمّت دراسة كل ملفات المتمتعين به بكل استقلالية من طرف كل الهياكل المعنية، وتمتع بهذا العفو 9 آلاف سجين تقريبا… مع ضرورة الإشارة إلى أنه لم يبق في السجن طفل عمره دون 20 سنة، ولم يبق شيخ تجاوزت سنّه 60 سنة».. وأكد وزير العدل أن عفوا آخر سيتم قريبا، وسيشمل العديد من المساجين المتوفرة فيهم الشروط المنصوص عليها… ويجدر التذكير أن رئيس الجمهورية هو الذي يخوّل له الدستور العفو على مجموعة من المساجين، الذين تتوفر فيهم شروط معيّنة منها أن لا يمثل السجين المتمتع بالعفو خطرا على المجتمع، وأن يكون سلوكه في السجن حسنا، إضافة إلى وجوب قضاء أكثر من نصف العقوبة لمن ليست لهم سوابق، إلى جانب عدة شروط أخرى… عمار النميري (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 جانفي 2012)


إصدار بطاقة جلب في حق المنصف العجيمي ومنصف كريفة وخالد بن سعيد


أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة بالكاف مساء أمس الثلاثاء بطاقة جلب في حق كل من العقيد المنصف العجيمي المدير السابق لوحدات التدخل وكل من منصف كريفة وخالد سعيد. ويشار إلى أن محامي المدير العام السابق لوحدات التدخل المنصف العجيمي ومدير الأمن الرئاسي السابق منصف كريفة قد قدموا خلال انعقاد المحكمة العسكرية الابتدائية الدائمة بالكاف يوم الاثنين شهادات طبية تفيد عدم قدرة موكليهم على الحضور للجلسة. وأثارت هذه الشهادتان الطبيتان اللتان تقدم بها كل من المتهمين منصف كريفة مدير إدارة مركز العمليات والقائد الميداني الذي باشر أحداث مدينة القصرين أيام الثورة والمنصف العجيمي المدير العام السابق لوحدات الأمن العمومي الذي تمت نقلته من مهامه خلال الأسبوع الماضي ، علامات شكوك واستغراب لدى القائمين بالحق الشخصي. فقد تقدم كريفة بشهادة مسلمة من طبيب شيخوخة في حين تقدم العجيمي بشهادة مسلمة من طرف طبيب نفسي ومدتها أربعة أيام. وقررت هيئة المحكمة تأجيل النظر في هذه القضية إلى يوم 8 فيفري القادم ، وإصدار بطاقات جلب في حق كل من المنصف العجيمي، وخالد بن سعيد احد المسؤولين السابقين على مكافحة الإرهاب ومنصف كريفة. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونيةبتاريخ 18 جانفي2012)


أول أمس.. ليلة رعب بمستشفى شارل نيكول غاز مشل للحركة واعتداءات على إطارات طبية.. وأهل المهنة يحتجون…


اقتحم ليلة أول أمس الاثنين مجموعة من الشبان مستشفى شارل نيكول واعتدوا على بعض الإطارات شبه الطبية وأحدثوا بلبلة وفوضى داخل المستشفى غير مبالين بالقانون وغير مراعين لحالة المرضى. ولمعرفة تفاصيل أكثر عن هذه الحادثة تحولنا الى مستشفى شارل نيكول فأفادنا القيم العام المسؤول عن القسم الاستعجالي أن الإطارات الطبية وشبه الطبية والعاملين بمختلف أصنافهم بالمستشفى يعانون قبل الثورة وبعدها من الفوضى المتسلطة عليهم من قبل المواطنين ويعانون من حالة العنف… مضيفا أنه يوم الواقعة وحوالي العاشرة ليلا أقبل على المستشفى مريض مرفوق بأحد أقاربه فتم توجيهه الى قسم الجراحة لمعرفة إن كانت حالته تتطلب عملية جراحية أم لا ثم وقع توجيهه الى قسم الطب الباطني وقبل ذلك أحدث قريبه حالة من الفوضى وأسمع طبيبة كلاما بذيئا بدون أية مبررات ورغم أن قريبه لم يكن يعاني من مشكلة صحية خطيرة فإنها هاج وماج ثم شرع في الاعتداء على كافة الموجودين بالمستشفى سواء أكانوا إطارات طبية أو شبه طبية وحتى المرضى الموجودين بقاعة الانتظار لم يسلموا من أذاه حيث عمد الى رش الجميع بالغاز المشل للحركة وألحق أضرارا بليغة بعيني أحد الممرضين. وتتمثل طلبات كافة العاملين بالمستشفى في توفير الأمن لهم ولا أي شيء غير الأمن الذي بات مفقودا في المستشفى خاصة وأنها ليست المرة الأولى التي تحصل فيها مثل هذه الحالات فحياة الطبيب أو الممرض أو حارس المستشفى باتت في خطر أمام تفاقم هذه الظواهر وعدم التصدي لها. المطالبة بالحماية ثم الحماية وأضاف الدكتور جلال بن منصور قائلا: «الإشكالية التي يعاني منها كافة الموظفين بالمستشفى قبل الثورة أو بعدها هي تصاعد الفوضى والعنف اللفظي والمادي مضيفا أن المواطن فهم الثورة فهما خاطئا وظن أن الحرية هي تجاوز الحدود ومخالفة القانون فرغم أن الإطارات شبه الطبية والطبية قامت بواجبها تجاه ذلك المريض إلا أن قريبه تعنتر وظن أننا في غابة وأن البقاء للأقوى وشرع في الإعتداء على الجميع بالغاز المشل للحركة مضيفا أن الإعتداء بالغاز المشل للحركة شمل كذلك أعوان أمن كانوا مرتدين الزي المدني. وأكد الطبيب أن المطلب الأساسي حاليا هو توفير الحماية للعاملين بالمستشفى وذلك بتركيز مركز أمن حتى يتم التصدي لمثل هاته الحوادث التي أصبحت الخبز اليومي لكل موظفي المستشفى. وأفادنا بعض المتضررين ( ممرضين) وهم ياسين غفاري وتوفيق النسيبي وأحمد الرزقي وهذا الأخير أكثرهم تضررا حيث أصابه المعتدون وعددهم أربعة- بعد أن التحق بالمريض وقريبه ثلاثة من أفراد عائلته – باللكم والركل وتسببوا له في كسر في إحدى ساقيه ولم يكتفوا بذلك بل استولوا على هاتفيه الجوالين وغادروا المستشفى بكل برودة دم. كما أكد لنا بعض شهود العيان أن أولئك الشبان حولوا قسم الاستعجالي الى حلبة معركة وأدخلوا الرعب في صفوف المرضى وأضافت شاهدة عيان أخرى هي أمنة الزيدي أنها توجهت الى قسم الاستعجالي لزيارة والدتها المقيمة هناك والتي تعاني من مرض في القلب أن الجناة أحدثوا حالة من الفوضى والهلع في صفوف المرضى هذا بالإضافة الى حالات الاختناق التي أصابت المرضى جراء الغاز المشل للحركة وطالبت بتوفير الأمن بجميع المستشفيات والحماية اللازمة للعاملين هناك بمختلف أصنافهم. وقفة احتجاجية واحتجاجا على هذه الأحداث قام أعوان وإطارات طبية وشبه طبية بمستشفى شارل نيكول بوقفة احتجاجية بالمستشفى رافعين لافتات كتب عليها « لا للعنف في قسم الاستعجالي»، « نطالب بالحماية الأمنية» ولا للعمل مع العنف في القسم الاستعجالي» وعبروا عن استيائهم الكبير من تعرض زملائهم الى العنف المادي والمعنوي. ومن ناحية أخرى قال المدير العام للمستشفى الذي كان منضما الى المحتجين أن هذه الوقفة الاحتجاجية جاءت على خلفية تلك الأحداث المتمثلة في تعرض ثمانية موظفين حسب ذكره الى الاعتداء بالعنف حيث تم رشهم بالغاز المشل للحركة مضيفا أن الوضع بات ينبئ بالخطر أمام حالة الفوضى التي عمت المستشفى وخاصة قسم الاستعجالي بمستشفى شارل نيكول مؤكدا أن هذه ليست المرة الأولى التي تحصل فيها مثل هاته الأفعال وأكد أن مطالبهم الأساسية هي توفير الحماية للأعوان واعتبر ذلك من أوكد الأولويات. ولأعوان الحراسة «نصيب».. وفي نفس اليوم قام أعوان الحراسة العاملون بالمستشفى بوقفة احتجاجية مطالبين بتوفير الحماية لعون الحراسة وأضافوا قائلين « عون الحراسة مثل لحمة الكرومة متاكلة ومذمومة « فرغم المجهودات التي يقدمها وتعرضه للخطر في كل لحظة من قبل بعض الوافدين على المستشفى ورغم أنه يتقاضى أجرة شهرية ضعيفة جدا 300 دينارا شهريا ولا يتمتع بالضمان الاجتماعي فإن المسؤولين عنهم يسمعونهم شتى الإهانات. وأضاف أحدهم أنه تعرض ذات مرة الى العنف من قبل قريب أحد المرضى ولما أخبر أحد المسؤولين قال له حرفيا « كول طريحة واسكت آش عندي مش نعملك» وأكدوا أنهم يعيشون وضعيات سيئة فلا يتمتعون لا بترسيم ولا بأية حقوق رغم أن في رصيدهم سنوات طويلة من العمل فمنهم من يعمل منذ 12 سنة ولكن لا يتمتع بالحقوق التي يتمتع بها العامل العادي وأضاف أحدهم قائلا « في المقابل لو يتأخر الواحد منا ولو خمس دقائق عن العمل فإنه يتعرض الى الخصم من أجرته الشهرية وأكدوا أنهم يعيشون وضعيات تعيسة للغاية ولا حظ أحدهم أن الثورة لم تصل الى مستشفى شارل نيكول فدار لقمان بقيت على حالها فالظلم والإهانة مازالا يمارسان الى حد الآن على عون الحراسة فهو معرض دائما الى الإهانات والشتم حتى من الوافدين على المستشفى. وطالبوا تمتيعهم بالحقوق التي حرموا منها مع توفير الحماية لهم مثلهم مثل بقية العاملين بالمستشفى. صباح الشابي وأبو معز (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 جانفي 2012)
 


الجبالي يعيّن واليًا جديدًا على ڤابس


المشهد التونسي ـ هيئة التحرير أعلنت وزارة الداخلية في بيان صادر لها مساء اليوم أن رئيس الحكومة حمادي الجبالي قرر تعيين السيد عمر بن إبراهيم بن عبد الله الشهباني واليا على ڤابس. و يأتي هذا القرار كأول تعيين لولاة تقوم به الحكومة الجديدة منذ توليها مقاليد الحكم. يذكر أن حركات إحتجاجية قام بها مواطنو معتمدية قابس الجنوبية يوم أمس للمطالبة بتحقيق عدد من المطالب الاجتماعية إنجر عنها مغادرة معتمد الجهة لمقرّ المعتمدية وتسليمها للجيش الوطني.

(المصدر:موقع المشهد التونسي الإلكتروني (تونس)بتاريخ 18 جانفي 2012)

 


تواصل موجة الاحتجاجات والإضرابات


يتواصل لليوم السادس على التوالي اعتصام آلاف العاطلين عن العمل والمعوزين في أغلب معتمديات ولايات الشمال الغربي . رفع علم الجزائر على إحدى المؤسسات العمومية ففي مدينة غار الدماء تصاعدت الاحتجاجات بتواصل الإضراب العام الذي توسع ليشمل كافة المؤسسات العمومية والخاصة وتعطل الدروس بشكل نهائي إلى وقت غير معلوم وفي سابقة يرى البعض بأنها خطيرة أكد شهود عيان أن علم تونس انزل من أعلى إحدى المؤسسات العمومية وسط المدينة ورفع مكانه علم الجزائر كما أغلق الطريق المؤدي إلى الحدود الجزائرية والطريق الموصلة لمحمية « الفايجة  » باستعمال العجلات المطاطية المشتعلة. غلق طريق وفي مدينة طبرقة يواصل أهالي « أولاد يحي « اعتصامهم بغلق الطريق الوطنية رقم 7 المؤدي إلى طبرقة والجزائر ، وكان المعتصمون قد أطلقوا سبيل أكثر من 70 شاحنة جزائرية عجزت عن المرور إلى الحدود بسبب غلق الطريق كما يتواصل لليوم السادس اعتصام أهالي قرية التباينية من معتمدية عين دراهم لذات المطالب. إغلاق المؤسسات التربوية أما في ولاية الكاف و لئن رفع اعتصام مدينة « دشرة نبر » ، فان المؤسسات التربوية حافظت على غلق أبوابها في إشارة إلى عدم الاطمئنان وعدم توفر الأمن اللازم فيما لازالت اعتصامات متواصلة في كل من الدهماني والسرس. عصيان مدني وفي ولاية سليانة يتواصل العصيان المدني في أكثر مدن الولاية: على غرار مكثر والعروسة وقعفور وكسرى بوعرادة والروحية ، وعلمنا أن وفدا من أعضاء المجلس التأسيسي أدى زيارة يوم يوم أمس مدينة وان والي الجهة استقبل صباح اليوم وفدا من أهالي مكثر قصد الوصل إلى حل يرفع الإضراب العام الذي يتواصل لليوم السابع على الوالي. اعتصام ضد التهميش أما في باجــة فيتواصل لليوم الثالث على التوالي اعتصام أهالي معتمدية نفزة بعد أن شهدت المدية يوم أمس مسيرات تلمذية شارك فيها الأهالي احتجاجا على ما قالوا انه « تهميش ». .وفي مدينة سجنان يواصل أكثر من أربعون عاطل عن العمل ولليوم الثاني والستون اعتصامهم بمكتب معتمد الجهة. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونيةبتاريخ 18 جانفي 2012)


أكثر من 309 آلاف يوم عمل ضائع خلال سنة 2011

تصاعد وتيرة الاضرابات.. والفاتورة باهظة


على إيقاع حراك اجتماعي متواتر وممتد في رقعته الجغرافية وثقيل في مستوى حصيلة تداعياته الاقتصادية طوت سنة 2011آخر أيامها ليتواصل مد الاحتجاجات والاضطرابات الاجتماعية أولى أيام السنة الجديدة بل لعلها ازدادت كثافة وانتشارا لتكتسح في وقت وجيز عديد المناطق والولايات متخذة من الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية والإضرابات والتهديد بالإضراب وقطع الطرق أشكالا مختلفة للتعبير عن مظالم فجرها كبت السنين ومطالب في التشغيل والحق في التنمية اندلعت من أجلها ثورة شباب تونس وقد ضاق بها اليوم صدر أصحابها وعلت بها أصواتهم وارتفعت هتافاتهم علها تبلغ أولى الأمر وتجد طريقها إلى التجسيم. وعلى مشروعية الحراك الاجتماعي فإن عشوائية تنفيذ بعض التحركات وإضرارها بمصالح الأهالي وعرقلتها لعجلة الإنتاج حد بلوغها تهجير عديد المستثمرين وتحويل وجهتهم نحو أسواق منافسة وتعطيل حركة التنقل وسد منافذ العبور وحرمان المواطن من الخدمات العامة والخاصة اليومية يعد مخالفا لكل الأعراف ليبقى الحوار وحسن الإصغاء وسياسة الإقناع الوسيلة الأفضل للتعاطي والتعامل معها والحد من نزيف الانفلات الاجتماعي. وفي انتظار أن تنقشع سحابة الاحتجاجات أملا في أن تخف وطأتها ويخفت لهيب اشتعالها على عتبة سنة جديدة يستوقفنا ثقل مؤشرات فاتورة التحركات الاجتماعية في مستوى الإضرابات التي تم تنفيذها طوال سنة2011 والتي تشكل ناقوس خطر يخشى من عواقبه الكارثية إن لم يقع تداركه ووقف نزيفه حيث تسببت الإضرابات في الترفيع في عدد أيام العمل المهدورة إلى 309343 يوما وهو رقم قياسي سجل نسبة تطور بأكثر من 313بالمائة مقارنة بعدد الأيام الضائعة المسجلة سنة 2010. هذه الحصيلة كانت بطبيعة الحال نتاجا لارتفاع عدد الإضرابات عن العمل المنفذة والتي تضاعف عددها السنة الماضية لتبلغ 567 إضرابا مقابل 255 قبل سنة. علما أن عدد المؤسسات المضربة ناهز 314 فيما لم يتجاوز عددها 170 في 2010. أرقام قاتمة يكمن خطرها في ما أفرزه الوضع الاقتصادي العام من تدفق دفعات جديدة من العاطلين عن العمل زادت في تفاقم حالة البطالة المتضخمة التي يرزخ تحت عبئها الشباب فهل من مخرج لها؟ منية اليوسفي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 جانفي 2012)  


الأحزاب تتّجه إلى التحالف والاندماج : أيّ مستقبل للخارطة السياسيّة في تونس؟


تونس ـ «الشروق» تشهد الساحة السياسية منذ فترة حراكا كبيرا وتفاهمات بين عدة أحزاب أدت إلى موجة من الاندماج والانصهار والاتحاد في حين تتواصل المساعي بين أطراف حزبية أخرى للوصول إلى أرضية تفاهم بينها استعدادا للاستحقاقات الانتخابيّة والسياسيّة القادمة. أفضت نتائج انتخابات المجلس التأسيسي إلى توزيع الأوراق من جديد في عدة أحزاب وجدت نفسها مطالبة بمراجعة اختياراتها استعدادا للمراحل السياسية المقبلة. الترويكا أولا النتائج الآنية لانتخابات التأسيسي تمثلت في تقارب كبير بين حزب حركة النهضة و المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وهو تحالف أكدت جميع مكوناته انه ظرفي على الأقل إلى حد الآن ويهدف إلى تقاسم السلطة ضمانا للانتقال الديمقراطي وحفاظا على المصلحة الوطنية كما اتفق رؤساء الأحزاب كتابيا على جملة من المبادئ للقيام بالإصلاحات العاجلة في البلاد وهي إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية من اجل تحقيق أهداف الثورة. الترويكا والعاصفة منذ إبرام الاتفاق المشترك بين السادة راشد الغنوشي ومصطفى بن جعفر والمنصف المرزوقي واجهت الترويكا بعض المحطات الصعبة سواء أثناء المفاوضات حول الأسماء الحكومية او خلال مداولات المجلس التأسيسي او لتباين المواقف من بعض الأحداث الطارئة لكن سرعان ما تعود المياه إلى مجاريها بين هذا الثالوث الراغب في الإبقاء على حد اكبر من التوافق ضمانا لاستمرارية الدولة وتحديا على ما يبدو لبعض الأصوات والأسماء التي تراهن على فشل التحالف ان آجلا او عاجلا. من داخل المجلس التأسيسي اضطرت أحزاب الأقلية في المجلس التأسيسي ان تنخرط في موجة من التفاهمات والائتلافات لمواجهة الأغلبية الساعية كما تتهمها المعارضة إلى الهيمنة على المجلس وتمرير كل برامجها دون اعتبار للمصلحة العامة التي تفترض الوصول إلى الحد الأقصى من الاتفاق على كل المواضيع المطروحة وخاصة منها ما يتعلق بالدستور وكان من نتائج هذا التقارب الاتفاق بين كل من الحزب الديمقراطي التقدمي وحزب آفاق تونس والحزب الجمهوري على الانصهار في حزب واحد سيعلن عن تسميته خلال شهر مارس إبان انعقاد المؤتمر التوحيدي للحزب الديمقراطي التقدمي كما تعمل اللجان حاليا على إعداد البرامج والتوجهات الخاصة بالحزب الجديد. أهداف التوحد يهدف الحزب الجديد الى إحداث توازن سياسي من خلال تجميع قوى الوسط التي تلتقي كما قال السيد نجيب الشابي لجريدة الشروق في الحوار الذي صدر بالأمس حول الديمقراطية التحررية في المجال السياسي والتوزيع العادل للثروة الوطنية بين الفئات والجهات وتطوير ثقافة وطنية عصرية وهي ثوابت كما يقول مستقلة عن الظرفية السياسية وهي القاعدة التي التقت على أساسها القوى الوسطية كما أضاف السيد نجيب الشابي « هذا التقارب يجري في ظروف سياسية معينة تجعل منه تشكيلة معارضة يمكن ان يتحول الى موقع آخر». الحزب الوطني التونسي في طرف آخر انتهت المشاورات بين أحزاب محسوبة على الحزب الاشتراكي الدستوري او التجمع المنحل إلى إعلان ميلاد حزب جديد هو الحزب الوطني التونسي الذي انخرطت فيه إلى حد الآن ثمانية أحزاب تقول أنها أحزاب وسطية حداثية كما جاء على لسان السيد علي الشعلالي عضو الديوان السياسي لحزب الإصلاح الدستوري الذي أضاف ان المبادرة كانت من طرف حزب الإصلاح الدستوري وحزب المستقبل من خلال الاندماج بينهما ثم تعمقت المحادثات مع عدة أحزاب أخرى وسطية لبناء حزب كبير يمثل كتلة وسطية مضيفا ان اللجان تعمل حاليا على إعداد بيان مشترك يتضمن اهم المبادئ المشتركة بين جميع الأحزاب المندمجة بعد ان تمت إجراءات الإدماج بصفة قانونية على ان يتم خلال الأسبوع المقبل عقد ندوة صحفية لتقديم الحزب الجديد واطاره التسييري في انتظار عقد المؤتمر التوحيدي. من القطب الديمقراطي الى الحزب الموحد تكون القطب الديمقراطي الحداثي خلال الاستعداد لانتخابات المجلس التأسيسي ولو بصفة متأخرة كما أكد على ذلك اغلب المنضمين لهذا التحالف الانتخابي الذي ضم في البداية عدة أحزاب وشخصيات مستقلة ثم كان التوجه للمحافظة على هذا القطب لبناء جبهة تقديمية حداثية انتهت مؤخرا الى إعلان مشترك بين حركة التجديد وحزب العمل التونسي ينص على تأسيس الحزب الديمقراطي الموحد الذي يهدف الى تجميع القوى الديمقراطية الوسطية وهو حزب مفتوح لباقي الأحزاب والقوى من اجل الانضمام إليه فهل يكون هذا المولود الجديد امتدادا للحزب المنتظر بين الديمقراطي التقدمي وآفاق تونس والحزب الجمهوري أم منافسا له ليتواصل مسلسل الانقسامات بين الأحزاب التي تقول انها وسطية خاصة مع ما يروج عن تعثر المفاوضات بين حركة التجديد وباقي الأطراف المذكورة ؟. حمة الهمامي يتزعم اليسار زعيم حزب العمال الشيوعي التونسي حمة الهمامي كان حادا في تدخله بمناسبة الاحتفال بعيد الثورة يوم 14 جانفي الماضي وهاجم حلفاء الأمس واتهمهم بالارتهان للخارج والسعي لتطبيق مشروع شمولي ودعا حمة الهمامي إلى الإسراع بتوحد قوى اليسار وإنشاء جبهة سياسية تستكمل أهداف الثورة وتبني اقتصادا جديدا وطنيا شعبيا يقطع تماما كما جاء على لسان حمة الهمامي «مع الارتهان للخارج والانتفاع الفئوي من خيرات البلاد وقدراتها» فهل تفرز الأيام المقبلة ميلاد حزب يساري موحد جديد ؟. مبادرات فردية في سياق آخر تسعى أحزاب أخرى الى تحديد موقفها من موجة التحالفات والائتلافات الأخيرة على غرار حزب المبادرة الذي يسعى إلى التحالف مع الأحزاب الوسطية التي تتقارب معه من اجل ان يترجم الدستور عن تطلعات الشعب التونسي وأهداف الثورة المبنية على مبادئ كبرى كالمساواة والحريات العامة وحقوق المرأة.أي مصير للترويكا ؟ في ظل التحالفات متعددة الأطراف بين اغلب مكونات المشهد السياسي يتساءل البعض عن مصير الترويكا التي بعثت أساسا من اجل ممارسة السلطة الوقتية دون ان يكون لها مساس بتوجهات كل طرف في ما يخص الدستور الجديد غير ان السؤال المطروح سابقا يتعلق بكيفية تفاعلها مع المشهد الحزبي بعد الانتهاء من صياغة الدستور عندها ستجد نفسها مضطرة بين العمل المنفرد وما يرافقه من مخاطر مستجدة او مواصلة عمل الترويكا خاصة إذا نجح عمل الحكومة الحالية. محمد بن عبد الله (المصدر:جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 جانفي 2012)


النقابي عدنان الحاجي لـ »الصباح » أمام عدم الاستجابة لمطالبها « الرديف » تعلن الاضراب العام.. وتلوح بالعصيان المدني…


أعلن سكان معتمدية الرديف أمس الدخول في اضراب عام، وذكر النقابي عدنان الحاجي في تصريحه لـ »الصباح » أن : »حفاظ الحكومة الحالية على لا مبالاتها بقائمة المطالب التي توجهت بها الجهة عن طريق وزير الشؤون الاجتماعية منذ زيارته الأخيرة يوم 5 جانفي الجاري، واعتمادها سياسية النعامة دون أن تحرك ساكنا ودون أن تقدم أية إشارات جدية للتفاوض سيؤدي الى مزيد التصعيد… مع العلم أنه بمساندة بقية مناطق الحوض المنجمي سيتدرج الإضراب الى عصيان مدني في غضون الأسبوع القادم ». ولخص الحاجي مطالب الجهة في: ـ النظر جديا في الوضعية المهنية للـ21 عامل حظيرة الذين دخلوا منذ 10 أيام في اضراب جوع منهم من أصبحت حالته الصحية محرجة بسبب عامل السن، وهم يعملون لفائدة وزارة الفلاحة. ـ الاعتراف بجرحى وشهداء أحداث الحوض المنجمي لسنة 2008 وتمكينهم من نفس التعويضات ورد الاعتبار الذي تمتع به جرحى وشهداء ثورة 14 جانفي ورفض معاملتهم على أنهم مظلومي النظام السابق.. وعددهم 4 شهداء و34 جريحا. ـ تفعيل المطالب المرتبطة بشركة فسفاط قفصة والتي تخص التنمية بالجهة والعلاقة الشغلية لعمال شركة البيئة وفصل انتدابات أبناء العمال الذين تعرضوا الى حوادث شغل بالشركة عن بقية الانتدابات الخاصة بالجهة واعادة النظر في أجور المتقاعدين الوجوبيين والمتقاعدين ذوي الأجور الزهيدة.. وأشار النقابي عدنان بالحاج في نفس السياق الى أن السلطة لم تكن في مستوى انتظارات الاهالي فقد تم تجاهل مطالبهم وقال: « اتصلت بخليل الزاوية لمعرفة المستجدات فاكتفى بالقول » لقد بلغت.. » ولم يعاود عبد الرزاق الكيلاني الوزير المعتمد لدى الوزير الأول المكلف بالعلاقة مع المجلس الوطني التأسيسي بعد سماعه لتفاصيل إشكالية عمال الحظائر المضربين على الطعام… ونفس الأمر كان مع أمين عام الاتحاد التونسي للشغل حسين العباسي.. ألا يكفي هذا لإدراك أن الحكومة تتملص من الحوار وتتعامل بلا مبالاة مع مطالب عاجلة لا تحتمل التأجيل؟ ». أمام المستجدات التي اتسمت بالتصعيد في معتمدية الرديف وأمام خطر تحولها الى عصيان مدني قد يشمل كامل منطقة الحوض المنجمي اتصلت الصباح بالمسؤول عن الاعلام بالوزارة الأولى رضا الكردغلي لبيان كيف ستتعامل الحكومة مع الأحداث ورغم وعده بتقديم توضيحات حول هذا الموضوع لاحقا لم يتجاوب مع محاولاتنا العديدة للاتصال به عبر الهاتف. ريم سوودي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 جانفي 2012)


سالم لبيض (أستاذ علم الاجتماع السياسي) : ضعُفت الدولة وغابت الأحزاب أو تواطأت… فتغوّل المجتمع


اعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة التونسية سالم لبيض أنّ «الاعتصامات هي إخراج لأشكال احتجاجية تزامنت مع الثورة وكان لها وقع في التأثير على السياسات العامة للحكومة وربّما كانت وسائل تحققت من خلالها مطالب لبعض الجهات وبعض الشرائح الاجتماعية وهذا ما جعلها تتداعى على قاعدة المحاكاة إلى جهات أخرى وإلى شرائح أخرى. وأضاف لبيض أنّ هذا «يعكس في الواقع نوعا من التغوّل للمجتمع على حساب الدولة التي يبدو أنّ فترة ترهّلها وعجزها قد طالت» معتبرا أنّ «الخطير في الأمر أن يستمرّ ذلك الوهن الذي قد يهدّد مؤسسات الدولة بالتفكّك ويُعيدنا إلى أرضية انتماء سياسي وإداري أقل من مستوى التنظيم الإداري للدولة. وحذّر لبيض من أن «المفارقة في كلّ ذلك أنّ الأحزاب والتنظيمات السياسية والاجتماعية التي قد تكون لها يد خفية في تلك الاحتجاجات والاعتصامات تُغلب مصلحتها الحزبية على المصلحة الوطنية، في حين أن الأحزاب التي لا تشارك في مثل هذه الاحتجاجات والاعتصامات وهي الأغلبية الساحقة ليس لها القدرة على الحدّ من تلك التحركات سواء منها من هو في السلطة أم خارجها.وأضاف أنّ التحسيس بأنّ عملية إصلاح سياسية واجتماعية عميقة تتطلب زمنا كافيا قد يطول أمده للحدّ قدر الإمكان من الأزمات التي أدّت إلى الثورة والمتمثلة في عدم التوازن الجهوي على مستوى الخيارات التنموية وفي التشغيل بالقدر الكافي لجمهور العاطلين الذي يزداد عدده يوما بعد يوم». محمّد علي خليفة (المصدر:جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 جانفي 2012)


بعد تعدد مظاهر الاحتجاج وطنيا هل عزلت حركة النهضة نفسها سياسيا.. أم هي ضحية مؤامرة؟


حققت الثورة التونسية منذ انطلاقها جملة من الاستحقاقات السياسية التي مثلت منطلقا وغاية الأحزاب فكانت أولى شذراتها مطالب التنظم وتكوين الاحزاب والجمعيات والعفو التشريعي العام… ومن خلال المتابعات اليومية للاحداث حتى بعد انتخابات المجلس الوطني التاسيسي يمكن القول أن جل التحركات الميدانية كانت ذات  » الوان متحزبة » حيث كان الهدف سياسيا بامتياز رغم أن ثورة التونسيين كانت بعنوان  » الكرامة والتشغيل » الذين بقيا من بين المؤشرات المقلقة للبلاد إلى حد اليوم بالرغم من الوعود. غير أنه وبعد تثبيت الحكومة المؤقتة حافظت المطالب السياسية على ذات المنحى بل وتجاوزته إلى مطالب اخرى لم تكن من اولويات المرحلة  » كالخلافة والنقاب والمطالبة في زيادة الاجور وتقسيم السلطة وتركيز الشركاء السياسيين.. » وهو ما يؤكد تقديم السياسي على الاجتماعي لتعرف مطالب « اصل الثورة  » تحولا في الشعارات ولتسجل البلاد جملة من الوقائع الجديدة هنا وهناك من اضرابات وقطع للطرقات كما هو الحال بكل من (جندوبة، سليانة، سوسة، منوبة). وبالرغم من سعي الحكومة ذات الاغلبية النهضاوية إلى طمأنة الشارع بامكانية التجاوز الا أنها وجدت نفسها محشورة في زاوية الاحداث مما جعل الحديث قائما على اساس مفاده  » أن هناك من يسعى إلى عزل حركة النهضة سياسيا  » في حين أن رأيا اخر يقول » أن النهضة هي من عزلت نفسها سياسيا من خلال تكرار اخطائها ». لا دوافع لإحراج النهضة ولدى تحليله للموقفين السابقين استبعد الباحث في الدراسات الاسلامية صلاح الدين الجورشي » أن تكون هناك دوافع سياسية لاحراج النهضة ومكونات الائتلاف  » مضيفا  » أن هذا لا يعني أن بعض الاطراف السياسية الاخرى تسعى للاستفادة سياسيا من هذه الاوضاع. » وقال الجورشي  » انه لا يجب القفز على الاحداث واستثمار التصعيد الاجتماعي على اعتبار أن الخاسر الاكبر ستكون البلاد وليست حركة النهضة اوالترويكا ». شرط التجاوز وخلص المتحدث بالدعوة إلى  » التعاون وتجاوز منطق تصفية الحسابات وادراج خطة ترتكز على توزيع الادوار بين مختلف المكونات من حكومة ومعارضة ومجتمع مدني وهو ما يقتضي من الائتلاف الحاكم أن ينسج خطة تشاركية تستجيب لحاجيات المرحلة وتحدياتها سيما وان ما يحصل على الصعيد الاجتماعي كان متوقعا حتى من قبل الانتخابات ». « جنت على نفسها.. » من جانبه اعتبر السياسي والحقوقي محسن مرزوق أن حركة النهضة « هي من عملت على عزل نفسها من خلال عدة مؤشرات حيث حاولت الحركة العزف بشكل منفرد حتى مع حلفائها وشركائها السياسيين والاعتماد على سلطة الاكثرية في تشكيل الحكومة واتباع سياسية قد تؤدي بها إلى عزلة سياسة. » وبين مرزوق  » أن بعض الاطراف الموجودة في الحكم الان لعبت دورا سابقا في التحريض على الاحتجاجات وهي الآن تجني ثمار ما زرعت. » ودعا مرزوق النهضة وشركاءها إلى ضرورة الوعي باهمية المرحلة ومراجعة العديد من الخيارات خاصة على مستوى طريقة تسيير اشغال المجلس وطريقة الحكم. عجز المعارضة وفي قراءة له لمجريات الاحداث من جانبها السوسيولوجي والسياسي بين الباحث الاجتماعي واستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية طارق بالحاج محمد بأنه لا يمكن الحديث والتحليل انطلاقا من نظرية المؤامرة حتى ولو كانت موجودة اصلا لان هذا المنطق كثيرا ما استعمله النظام السابق لتصفية خصومه وهو أمر لا يستقيم مع حالة الشعب التونسي الذي قام بثورته وانتخب حكومة شرعية. » ونفى المتحدث أي دور للمعارضة في هذه المؤامرة حيث بين  » أن هذه الأحزاب لوكانت قوية وشعبية لترجمت ذلك في الانتخابات فهي اعجز من تحريك الشارع بهذه الطريقة والحدة وبشكل متزامن في عدة جهات. » رسائل خاطئة ورأي بالحاج محمد أن ما تمر به البلاد اليوم هو نتيجة الرسائل السياسية الخاطئة التي صَدّرتها السلطة التنفيذية كطول فترة المشاورات لتشكيل الحكومة مما اعطى الانطباع بانهم ( الترويكا ) ازاء غنيمة سياسية بالإضافة إلى نوعية الخطاب المنتهج الذي حوّل الوعود السخية قبل الانتخابات إلى خطاب امر واقع بعده ». واضاف المتحدث أن التعاطي مع الشأن العام تميز بالتذبذب والارتجال والنزعة التسلطية وفتح النار في جميع الجبهات من اعلام وتعليم عال مما اعطى الانطباع ايضا على انها حكومة صدامية زد على ذلك عجز الاطراف الحاكمة على البدء في تنفيذ برنامجها ومشروعها التي وعدت بها وهو ما ادى إلى حالة تسمى بالانفجار في الامل والتطلعات وهي حالة لا ينفع معها انصاف الحلول ولا خطابات الوعود. » خليل الحناشي  
 
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 جانفي 2012)


الاعتصامات بين شرعية المطالب والتوظيف السياسي : «النهضة» تحذّر… والمعارضة تتّهم الحكومة !


تونس ـ (الشروق) من مكثر إلى جندوبة، إلى جبنيانة وقفصة ومدنين وتطاوين وغيرها من المدن والمناطق في الشمال والجنوب تثير الاعتصامات والحركات الاحتجاجية وقطع الطرق مخاوف من مزيد تعطيل عجلة الاقتصاد رغم شرعية المطالب…أية علاقة لهذه التطورات بما يجري على الساحة السياسية من نزاع وتجاذب ، وأي دور للأحزاب للحدّ من التداعيات الخطيرة لهذه التحركات؟ بعد انتخابه رئيسا للجمهورية سارع المنصف المرزوقي إلى المطالبة بـ «هدنة سياسية واجتماعية» لمدّة ستة أشهر حتى يتمكّن الاقتصاد الوطني من استعادة أنفاسه، لكن دعوة الرئيس لم تجد صداها على ما يبدو حتى الآن. ويتسم المشهد حسب المرزوقي بمعادلة صعبة، فمن جهة تبدو عجلة الاقتصاد مهددة بالوقوف والمستثمرون قلقون من الوضع، ومن جهة أخرى تبدو المطالب مشروعة ولا يمكن تصنيفها كلّها في خانة التخريب أو وضع العصا في العجلة دون موجب، ومن هذا المنطلق يجب حسب رئيس الجمهورية إيجاد الحلول الكفيلة بالتوفيق بين المصلحتين. المرزوقي رفض أيضا الإلقاء بكامل اللوم على المعتصمين والمحتجين، إذ أن مطالبهم حسب رأيه غالبا ما تكون مشروعة ومبررة جراء ما يعانونه من فقر وبطالة وخصاصة وتردّ في الأوضاع المهنية بعد 50 سنة من التهميش والظلم والقهر… لكن معالجة هذه المشكلة هي بالتأكيد مسؤولية الجميع من سلطة وأحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني ونقابات، فماذا يقول السياسيون عن هذه الاعتصامات وكيف يقيّمون تأثيراتها على الاقتصاد وعلى مسار الانتقال الديمقراطي؟ محمّد علي خليفة (المصدر:جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 جانفي 2012)

 


إتحاد الشغل يتبنى مطالب المعطلين مشددا على خطورة تحويل الاحتجاجات لأعمال تخريب


عبر الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان أصدره أمس، عن انشغاله من الاحتقان المتزايد الذي تعيشه جهات عديدة في البلاد، كما أعلن تبنّيه المطالب المشروعة للشباب المعطل وحقّه في الشغل وحقّ الجهات المحرومة في التنمية العادلة. ونبه في نفس الإطار إلى خطورة تحويل الاحتجاجات إلى تحركات تخريبية تعطّل المرافق العامة وتنعكس سلبا على الدورة الاقتصادية وتدفع إلى نتائج غير محمودة وطالب الاتحاد الحكومة المؤقّتة بـتقديم حلول عاجلة لبعض الجهات المهمّشة، وفتح حوار وطني شامل مع الأطراف الاجتماعية ومكوّنات المجتمع المدني حول مسألتي التشغيل والتنمية. كما طالبها بحماية المؤسّسات الجامعية من الغرباء عنها ووضع حدّ لتعطّل الدروس. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية بتاريخ 18 جانفي 2012)


على إثر موجة الاعتصامات التي شملت عدة جهات ممثلو الأحزاب يطالبون بــوضع حلول عاجلة قبل جرّ البلاد إلى أوضاع أخطر


تعيش بلادنا هذه الأيّام أجواء من التوتر مردّه اندلاع موجة من أحداث العنف والاحتجاجات والاعتصامات التي طالت عدة ولايات من البلاد. فماهي أسباب هذا الارتداد الى عدم الاستقرار؟ من المسؤول عن ذلك؟ وهل هناك أطراف وراء ما يحصل من اضطرابات وكيف السبيل الى معالجة الوضع الذي صار يتسم بالمشاحنات والتوترات التي لا أحد يمكنه التكهن بتاريخ توقفها؟. متابعة للأحداث الأخيرة اتصلت «الصحافة» بعدد من ممثلي الأحزاب وألقت عليهم هذه الأسئلة وكانت لهم التصريحات الآتية: مطالب مشروعة السيد شكري بلعيد عن حركة الوطنيين الديمقراطيين يقول: «أولا لا بدّ من التفريق بين نوعين من التحركات، وهما ما يحصل في الجامعات وما يحصل خارجها. ففيما يحدث داخلها فمردّه هجمة منظمة من طرف قوى سلفية تساندها عناصر تابعة لحركة النهضة تستهدف الجامعة والأساتذة والموظفين والطلبة باعتماد العنف والترويع كما حصل في كليتي منوبة وسوسة. وكما حصل قبلها في قابس وعديد المؤسسات التعليمية الأخرى. أمّا فيما يتعلق بالأحداث الأخرى فيمكن أن نتوقف عند مسألتين. أولهما أنّ هذه الاحتجاجات شملت الشريط الداخلي المهمّش والمقصى وهو الذي اندلعت منه الثورة. ونلاحظ أنّ المطالب المرفوعة هي مطالب مشروعة لكن بالنسبة لنا كحركة نختلف فيما يتعلق بالأسلوب الذي اعتمد وسائل وأساليب ليست دائما سليمة لأنّه بقدر مساندتنا لشرعية المطالب ولحرية التعبير وإبداء الرأي والاحتجاج بقدر ما نرى ضرورة اعتماد أسلوب مدني ديمقراطي سلمي تحفظ فيه الممتلكات العامة والخاصة ولا تعطل فيه مصالح المواطنين. وفيما يتعلق بوجود أطراف وراء ما يحصل فإنّ ذلك ما تروّج له دوائر حزب الحكومة وهو ينطلق من نظرية المؤامرة التي تعلق العجز والفشل على الآخرين عوض معالجة المشاكل وتقديم الحلول والمقترحات، لأنّها المتسبب الحقيقي فيما وصلنا اليه وهي الأطراف التي سعت لترويج خطاب شعبوني في حملتها الانتخابية وملأته وعودا غير قابلة للتحقيق للفوز بأصوات الناخبين، ثمّ بعد ذلك تخلّت عن كل تلك الوعود. إذن المسؤول الحقيقي على ما نحن فيه الآن هي الحكومة التي لم تف بتعهداتها وحرصت أطرافها على تقاسم الغنائم والمناصب وشكلت حكومة عملاقة تتكون من وزراء تغيب عنهم الكفاءة والمعرفة والدراية وشكلت على أساس الولاء الحزبي وليست المصلحة الوطنية. فكانت النتيجة انعدام الثقة وحصول توترات كنّا نبّهنا لها سابقا وقلنا أنّ الحل يكمن في حكومة كفاءات وطنية لها برنامج انتقالي مؤقت حول أولوية التشغيل والاستقرار والتنمية الجهوية دون غيره مدة سنة، في حين تتكفل الأحزاب والمجتمع المدني من خلال التفاعل مع المجلس الوطني التأسيسي بصياغة الدستور في مدة لا تتجاوز السنة. فالحكومة الحالية لم تقدم اجراءات عاجلة تفتح الأفق أمام الشباب ولم تدخل في حوار وطني مع مختلف مكونات المجتمع، ومارست بمنطق الهيمنة والسيطرة عوض التوافق والحوار، لذلك فإننا ندعو الى حوار وطني شامل دون اقصاء حول الوضع الراهن وإدارة المرحلة الانتقالية تتحمل فيه كل المجموعة الوطنية مسؤوليتها بعيدا عن نظرية المؤامرة وإلقاء التهم جزافا على الآخر. السيد سمير الطيب عن القطب الديمقراطي الحداثي يقول: «بطبيعة الحال نحن ضد العنف وممارسته لأنه أكبر عدو للثورة، لكن بطبيعة الحال له أسبابه، ومسؤولية الحكومة كبيرة في انتشاره. وأعتبر أن وضع الفئات المهمشة لم يتحسن وازداد سوءا عن السابق. فقد طعن على المشهد تقاسم الكراسي والغنيمة ولم يتم اتخاذ أي اجراء ذي صبغة اجتماعية في حين كان من الأساس في هذه الفترة حل المشاكل الاجتماعية، لكن الحكومة ليس لها برامج أو اجراءات عاجلة لذلك. وما زاد في غضب المواطنين هو ما يلقونه من مجابهتهم بمجموعات مساندة للحكومة لكبت تحركاتهم وإيقافها. فالوضع ملتهب والنهضة لا تعبر عن استعدادها لاطفاء اللهيب. وعوض أن تكون هذه المرحلة مرحلة توافق تحولت الى مرحلة نزاعات وانعدام الثقةوبانعدام الثقة هنا تكون الحكومة قد هرمت قبل أن تبدأ عملها، لذلك عليها أن تعيد هذه الثقة. وما يحصل داخل الترويكا وفي البلاد ككل لا يؤشر بأشياء إيجابية في قادم الأيام. وتغير الأحوال رهين تغيير الترويكا لتوجهاتها وتفعيل دور المعارضة، والا فإن الوضع سيكون أكثر خطورة مما عليه الآن وهو ما لا يخدم مصلحة البلاد. السيد محمد بالنور عن التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات يقول: أكيد أن هناك في تونس مناطق منكوبة اجتماعيا واقتصاديا وتعيش حالة من الفقر المدقع والبطالة والحرمان. وهناك أيضا وجود قوى خفية تستعل هذا الوضع المتأزم لأن أي استقرار أو حوار رصين لا يخدم مصلحتها. وفي كل الحالات يجب أن يحس المنتفضون أن الحكومة تعمل لحل المشاكل وإيجاد حلول على مستوى قريب ومتوسط وبعيد. كما أنه يجب أن تضع كل الأحزاب اليد باليد وكذلك الحكومة والمعارضة للاصغاء الى مشاغل الناس ووضع حلول لها باعتماد خطاب واضح وتطبيق برامج تمكن من استقرار الوضع. فاليوم الواقع يتسم بالفوضى وهذه الفوضى لن تخدم أحدا. وما نسير نحوه اليوم هو أن وضع البلاد في خطر، والجميع يتحمل المسؤولية للوقوف ضد حدوث ذلك سواء حكومة أو أحزابا أو الشعب نفسه وذلك من خلال مساعدة الحكومة على إيجاد مخرج. وهذا لا يتم إلا في مناخ يتسم بالأمن والاستقرار. كما أنه على هذه الأخيرة تكوين وفود تمثلها تتوزع على كل المناطق لسماع المواطنين ومعرفة مطالبهم وابلاغ أصواتهم ليتم تشخيص الأوضاع ومعالجتها ووضع حلول عاجلة لها. سناء بن سلامة (المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 جانفي 2012)


في حوار مع الجزيرة نت الهمامي: ثورة تونس لم تستكمل أهدافها


حاورته بتونس إيمان مهذب قال الأمين العام لحزب العمال الشيوعي التونسي حمة الهمامي إن الثورة التونسية لم تحقق أهدافها، مشيرا إلى وجود عدد من المظاهر التي تهدد مسار الثورة بالالتفاف عليها، وهو ما يفسر تواصل التعبئة على مستوى شعبي من أجل الذهاب بهذه الثورة لغاية تحقيق أهدافها. واعتبر الهمامي -في حوار أجرته معه الجزيرة نت- أن الأوضاع لم تتغير، وليست هناك مؤشرات جدية على أنها ستتغير حتى بعد انتخاب المجلس الوطني التأسيسي، ناصحا الحكومة بالتفكير جديا في إيجاد حل للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد. وأوضح أن حزبه بصدد النقاش مع قوى يسارية اشتراكية وقومية لبحث سبل تشكيل تحالف حزبي. وفيما يلي نص الحوار: بعد مرور عام على رحيل الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، هل استكملت الثورة التونسية أهدافها؟ حمة الهمامي: الثورة التونسية لم تستكمل بعد أهدافها، فقد تمكنت من إسقاط زين العابدين بن علي، وتمكن الشعب التونسي من نيل حريته، ومن فرض بعض الإصلاحات، ولكن مهمات أساسية من مهمات الثورة لم تنجز بعد. فالحرية ذاتها لم تثبت إلى حد الآن في الدستور والقوانين، كما أن الديمقراطية كذلك لم تتحول إلى واقع من خلال الدستور والمؤسسات، والأهم من كل ذلك هو أن القاعدة الاقتصادية للدكتاتورية لم تمس إلى حد الآن، والشعب التونسي لم يحقق طموحاته الاقتصادية والاجتماعية، بل العكس من ذلك، إذ ساءت الحالة الاجتماعية للشعب من خلال تفاقم البطالة، وتدهور المقدرة الشرائية والتهميش، وكذلك اختلال التوازن بين الجهات، وتردي الخدمات الاجتماعية.  » الثورة التونسية لم تستكمل بعد أهدافها، فقد تمكنت من إسقاط زين العابدين وتمكن الشعب التونسي من نيل حريته، ومن فرض بعض الإصلاحات، ولكن مهمات أساسية من مهمات الثورة لم تنجز « من ناحية أخرى، ما زال وضع البلاد على مستوى السياسة الخارجية ثابتا، فالحكومات المتعاقبة منذ سقوط بن علي لم تغير السياسة الخارجية، بل مضت في السياسة ذاتها القائمة على التبعية للدول الرأسمالية الغربية، وبعبارة أخرى، فإن الثورة لم تكتمل وما زال علينا أن نواصل الثورة من أجل القطع بشكل فعلي مع نظام الاستبداد على كل المستويات حتى نحقق مطالب الشعب التونسي. والمشكل في هذا المستوى أن الأوضاع لم تتغير، وليست هناك مؤشرات جدية على أنها ستتغير حتى بعد انتخاب المجلس الوطني التأسيسي، فالبرامج الاقتصادية والاجتماعية للائتلاف الثلاثي بزعامة حركة النهضة لا يختلف في الجوهر عن السياسة الاقتصادية التي كان يترأسها بن علي، كما أن خطاب الوزير الأول حمادي الجبالي وقانون المالية هما نسختان مما كان يقوله بن علي في المجال الاقتصادي والاجتماعي. وكل هذه المظاهر تهدد مسار الثورة بالتفاف عليها، وهو ما يفسر تواصل التعبئة على مستوى شعبي من أجل الذهاب بهذه الثورة إلى غاية تحقيق أهدافها. البعض يرى أن أحزاب المعارضة لم تعط فرصة للحكومة لكي تعمل، ولتثبت مدى قدرتها على تسيير البلاد، فما رأيك ؟ حمة الهمامي: أعتقد أنه لابد من أن نتخلص من هذه العقلية، فبعض الأطراف -بما فيها الائتلاف- لم يتخلص حتى من الخطاب الذي استخدم في عهد بن علي، والذي يردد دائما « لا تعارضني، انتظر، أعطني فرصة »، لقد قدم الائتلاف الحاكم برنامجا، وهو ما يعطينا فكرة عما تريد هذه الحكومة القيام به، وما تم إلى حد الآن يعطينا مؤشرات حول برنامج هذه الحكومة وتوجهاتها. فهل ننتظر إلى أن تثبت هذه الحكومة خياراتها التي لا تتماشى مع خيارات الثورة والتي يمكن أن تجهضها حتى يحق لنا أن نتكلم؟ لابد أن يتعلم أعضاء هذه الحكومة أساليب العمل الديمقراطي، وأن يتحلوا بعقلية ديمقراطية تقبل أن يجادلهم معارضوهم الذين لا يتفقون معهم، بل يجب أيضا أن يتم التخلي عن عقلية التعالي في التعامل مع الأقلية التي حظيت بمقاعد قليلة في المجلس الوطني التأسيسي، فأقلية اليوم يمكن أن تصبح أغلبية الغد، وعلى الائتلاف أن يتعلم العمل في إطار النقد والمعارضة. إذن كيف يمكن للمعارضة أو للأقلية أن تؤثر على اختيارات الحكومة وتوجهاتها ؟ حمة الهمامي: أعتقد أن الذي سيصحح هذا المسار ليس الأقلية في المجلس التأسيسي، وإنما هو الحراك الشعبي، ونحن الآن ما زلنا نعيش في مرحلة ثورية، وقطاعات واسعة من الشعب التونسي ما زالت تصر على الدفاع عن حرياتها وحقوقها، لذلك فبالنسبة إلينا نحن نعتقد أن المجلس التأسيسي لا يمثل إلا واجهة من واجهات الصراع، أما الواجهة الأساسية فستظل هي الواجهة الشعبية التي ستبقى محددة وحاسمة في تقرير مصير الثورة. وسيبقى للشعب وللمجتمع المدني الدور الكبير في تحديد مسار الثورة في تونس. ذكرتم أن الشعب هو الذي سيتمكن من تحديد مسار الثورة، لكن البعض يعتبر أن القوى غير الفائزة في الانتخابات تعمل على استخدام الشعب للضغط على الحكومة وعلى تأجيج المطالب الاجتماعية، ما رأيكم؟ حمة الهمامي:  » أداء الحكومة سلبي إلى حد الآن على عدة مستويات منها المستوى السياسي ومستوى الحريات، من ذلك التعيينات الأخيرة التي قام بها حمادي الجبالي على رأس عدد من المؤسسات الإعلامية التي تم الاكتفاء فيها بإبعاد جماعة الحكومة السابقة وتعويضها بعدد من الموالين للنظام السابق « هذا أكبر دليل على أن الائتلاف الحاكم بعيد عن الواقع، وهو دليل أيضا على أن الائتلاف الحاكم عوض أن يحل المشاكل يبحث عن ذرائع، وعن عدو وعن خصم ليتهمه بمعارضته أو بتأجيج الأوضاع. الاعتصامات التي تشهدها البلاد ليس وراءها الاتحاد العام التونسي للشغل ولا أي حزب من الأحزاب، وهذا أمر مؤكد، ولو كان حزب العمال المتهم بتأجيج هذه الاعتصامات وراء ذلك لما تم اعتباره من الأقلية الخاسرة. ونرى أن هذه الاعتصامات والاحتجاجات عفوية، وأسبابها تعود إلى تراكم المشاكل على مدى أكثر من عشرين سنة، من ذلك البطالة والتهميش والفقر والمرض والبؤس والفوارق الاجتماعية، والشعب كان يعتقد أن هذه الثورة ستغير الحال لكن التغير لم يحصل والأوضاع لم تتغير، بل زادت سوء. وأنا أنصح الحكومة بأنها عوض البحث عن متهم عليها أن تفكر جديا في إيجاد حل لهذه المشاكل، وأن تلجأ إلى الحوار. أي دور للمعارضة داخل المجلس التأسيسي، خاصة أن تونس تستعد قريبا لكتابة الدستور؟ حمة الهمامي: أعتقد أن الأمر سيتغير عند صياغة الدستور، فتصريحات قادة التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، أو المؤتمر من أجل الجمهورية، تشير إلى إمكانية أن يذهب كل طرف من أطراف الائتلاف الثلاثي مذهبه الخاص عند صياغة الدستور. وهو ما سيؤدي في رأينا إلى تشكيل أغلبيات جديدة عند مناقشة كل فصل من فصول الدستور. وما هي رؤيتكم ليحظى الدستور بالشرعية؟ حمة الهمامي: حتى يحظى الدستور بالشرعية عليه أن يعكس أولا تطلعات الثورة، وعليه أن يكون توافقيا أكثر ما يمكن، وفي رأينا يجب عرضه بعد صياغته على استفتاء شعبي، خصوصا أننا نعلم أن الأغلبية الحالية لا تمثل سوى نسبة تقل عن 30% داخل المجلس الوطني التأسيسي. كيف يمكن لكم أن تقوّموا أداء الحكومة الحالية؟ حمة الهمامي: أرى أن أداء الحكومة سلبي إلى حد الآن، على عدة مستويات منها المستوى السياسي ومستوى الحريات، ومن ذلك التعيينات الأخيرة التي قام بها حمادي الجبالي على رأس عدد من المؤسسات الإعلامية، والتي تم الاكتفاء فيها بإبعاد جماعة الحكومة السابقة، وتعويضها بعدد من الموالين للنظام السابق، فضلا عن كون القانون المنظم للسلطات العمومية أو « الدستور الصغير » لا يبشر بخير، بل عوض سلطة رئيس الدولة بسلطة رئيس الحكومة. وأيضا من خلال الدور غير الرسمي الذي يقوم به رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي يتصرف وكأنه هو صاحب السلطة في تونس، وهذا أمر خطير وينبغي التصدي له، وهو مؤشر على بدايات الخلط بين السلطة والدولة. أما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي فلم تقدم حكومة الجبالي خطوة واحدة من أجل حل مشاكل الشعب، ولم تقدم إشارات تؤكد عزمها على تغيير توجهات العهد البائد التي أوصلت البلاد إلى عدة مشاكل، وما ظهر إلى حد الآن يشير إلى أن هذه الحكومة تحمل بالأساس بصمة النهضة ولم تفكر في مصلحة غالبية الشعب. هل لكم أن تفسروا ذلك؟ حمة الهمامي: كان على الحكومة أن تبادر باتخاذ إجراءات ملموسة للحد من غلاء الأسعار، وإقرار منحة لفائدة العاطلين والطلبة، واتخاذ إجراءات لصالح المناطق الفقيرة والمهمشة. بل على العكس من ذلك قامت الحكومة بطمأنة رأس المال الأجنبي على مصالحه، ودعت الشعب المدمر والمفقر إلى الانتظار. كيف ترون التعيينات الأخيرة التي تمت على رأس عدد من المؤسسات الإعلامية، والتغييرات التي حصلت في بعض أجهزة وزارة الداخلية؟ حمة الهمامي: التغييرات التي طرأت على بعض المؤسسات الإعلامية أو الأجهزة الأمنية لا علاقة لها بما طالب به الشعب في ثورته من إصلاح جوهري للأجهزة والمؤسسات القائمة، بل هو محاولة لبسط سلطة حركة النهضة أساسا على أجهزة الدولة. ففي المجال الإعلامي، وفي الوقت الذي انتظر فيه البعض فتحا للملفات وتطهيرا للقطاع، تم تعيين بعض رموز النظام السابق، أما في الجهاز الأمني وفيما راجت أخبار عن إقالة رئيس وحدات التدخل المتهم بارتكاب أعمال قتل خلال الثورة، اتضح أن الأمر لم يكن سوى حركة إحالة لمهام أخرى. وهو مؤشر لعدم الجدية في إعادة تنظيم الأجهزة الأمنية على أساس عقيدة أمنية جديدة في خدمة الشعب. بعد فوز الحركات الإسلامية في كل من تونس ومصر والمغرب، أي دور لليسار اليوم؟ حمة الهمامي:  » فوز الحركات الإسلامية في عدة بلدان عربية يمثل محاولة مدروسة إلى حد ما لتحديد قيادات التحالفات في هذه الأقطار، وهو تجديد على غرار ما حدث في تركيا مدعوم من الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى لتجاوز فشل القيادات السابقة لكن ما نلاحظه هو أن الحركات الإسلامية الفائزة ستدافع في نهاية الأمر عن التوجهات الاقتصادية والاجتماعية السابقة للرأسمالية والليبرالية التابعة للغرب. لكننا نعتبر أن اليسار بصدد استعادة أنفاسه عالميا بسبب الأزمة الخانقة للرأسمالية، فاليسار لا يمكن أن ينتهي دوره إطلاقا طالما أن الرأسمالية موجودة. هل فكر حزبكم في العمل على استرجاع مكانته؟ حمة الهمامي: حزب العمال الشيوعي كافح لسنوات ضد الدكتاتورية في تونس ومن مواقع أمامية، والنتائج التي حصلنا عليها في الانتخابات لا تعكس قيمة الحزب في الواقع، ونحن اليوم بصدد إعادة تنظيم صفوفنا حتى نكون في المستقبل أكثر استعدادا للمعارك الانتخابية، دون أن نتخلى عن دورنا الميداني. إذن يمكن أن نتوقع أن يتحالف حزبكم مع أحزاب أخرى قريبة لتوجهكم، على غرار قامت به أحزاب أخرى؟ حمة الهمامي: أحد الدروس التي جاءت بها الانتخابات هو سلبية تشتت القوى، لذلك نرى الآن إعادة تشكل للمشهد السياسي عبر الاندماج الحزبي، ونحن بصدد النقاش مع قوى يسارية اشتراكية وقومية في سبل تشكيل تحالف حزبي.  

(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 18 جانفي 2012)

 


التداين المفرط في تونس : 950 ألف عائلة مهددة بالعقلة


 

تونس ـ (الشروق) حسب مركزية مراقبة الإقتراض التابعة للبنك المركزي التونسي بلغ حجم تداين التونسيين بعنوان 2011 حوالي 9.8 مليارات دينار توزعت على قروض سكنية بنسبة 65.2 بالمائة في حين بلغت قروض الاستهلاك نسبة 31.10 بالمائة. تشير نفس الأرقام أن 950 ألف عائلة تونسية متداينة لدى البنوك والمؤسسات التجارية التي تعتمد طريقة البيع بالتقسيط في حين تتكدس يوميا مئات الملفات الجديدة أمام مصالح التتبعات القضائية لتلك البنوك والمؤسسات التجارية بسبب عجز التونسيين عن تسديد تلك الديون المتخلدة بذمتهم ليصل عددهم إلى 80000 ألف تم تنفيذ أحكام قضائية ضد 70000 منهم بين سنتي 2010 و 2011 في شكل عقل على الأجور وعلى ممتلكاتهم المنقولة والثابتة. وكانت البنوك التونسية قد اعتمدت منذ سنة 2000 طرقا مبسطة لتشجيع حرفائها على الحصول على قروض مما دفع بمئات الألاف من التونسيين إلى التداين وصل حدّ الإفراط ما بين سنتي 2004 و 2006 حيث بلغ حجم القروض المسندة معدلات قياسية وصلت إلى 4 مليارات دينار في حين بلغ معدل القروض غير المسددة أكثر من 10 ٪ إلى حدود سنة 2009 الأمر الذي جعل العديد من المختصين يدقون ناقوس الخطر محذرين من ظاهرة التداين المفرط وانعكاساتها الاجتماعية والنفسية. إحصائيات مغلوطة وإذا كانت الدولة خلال فترة حكم الرئيس بن علي تتباهى بتلك الأرقام المتعلقة بامتلاك معظم التونسيين للمسكن والسيارة والتلفاز والثلاجة فإنه يتضح جليا اليوم أن تلك الاحصائيات وإن كانت في الشكل صحيحة لكنها مغلوطة في الأصل بما أن أكثر من 70 ٪ من التونسيين لا يملكون فعليّا مساكنهم بما أنها موضوع رهنيات لدى البنوك وكذلك الحال بالنسبة للسيارات حيث لا تتجاوز نسبة التونسيين المالكين فعليا لعرباتهم الـ 15 ٪ وفي كلتا الحالتين لا يمكن لهؤلاء التصرف بالبيع سواء في مساكنهم أو في سياراتهم إلى حين تسديد القروض وبلغ عدد المساكن في تونس إلى موفى 2010 ثلاثة ملايين مسكن موزعة بنسبة 40 ٪ كشقق وفيلات و 50 ٪منازل قديمة (ديار عربي) و10 ٪ مساكن فوضوية وبلغ عدد المساكن المرهونة لدى البنوك مليونا وأربع مائة ألف شقة وفيلات ومنزل وعقارات أخرى مما يعني أن حوالي مليون ونصف مليون تونسي مدينون للبنوك. أما نسبة السيارات فقد بلغ عدد العربات الحاملة لبطاقة رمادية في تونس1.470 مليون عربة موزعة ما بين 902 ألف سيارة عائلية و 500 ألف عربة تجارية تملك البنوك ومؤسسات الإيجار المالي أكثر من 80 ٪ منها في شكل رهنيات. تتبعات عدلية أمام تفاقم ظاهرة التداين المفرط وتردي الأوضاع الاقتصادية بلغ عدد التونسيين العاجزين عن تسديد ديونهم ما بين سنتي 2010 و 2011 أكثر من 8000 مواطن تمت إحالة ملفاتهم على القضاء بعد استيفاء كل أشكال الصلح بينهم وبين المؤسسات المالية المقرضة. وكانت المحاكم التونسية قد أصدرت في نفس تلك الفترة أحكاما ضد 70000 منهم في شكل عقل شملت أجورهم أو ممتلكاتهم المنقولة والثابتة مما ساهم في تردي أوضاعهم المعيشيّة مما أثر سلبا على توازنهم النفسي واستقرارهم العائلي وأدى في العديد من الحالات إلى الطلاق وتشرد الأبناء في حين اضطر العديد من الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية إلى تغيير محل سكناهم أو إخفاء سياراتهم حتى لا يتم تنفيذ العقل ضدهم. الحبيب الميساوي (المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 جانفي 2012)


رأي:الاعتصامات والثورة ، والانتحار الغبيّ


المشهد التونسي – شاكر بوعجيلة
يلحظ الناظر في الشأن الوطني هذه الأيام تواتر الاعتصامات وتزايدها المفاجئ، رغم طلبات الرئيس منصف المرزوقي لهدنة بستة أشهر وإجماع الكلّ على منح الحكومة هذه الهدنة حتى لاتسير الأمور في البلاد إلى هاوية اقتصادية بات العديد من الملاحظين مجمعين على قرب حدوثها إذا استمر الحال على هذا النحو. ولكن العودة المفاجئة لأجواء الإعتصامات وشمولها لعدة مناطق من الجمهورية، يجعل التساؤل عن هذه المشكلية جائزا بل ملّحا، فالكلّ مجمع علي مشروعية الاعتصام والإضراب باعتباره حقا من الحقوق التي ترقي إلى مرتبة الحق الدستوري في الديمقراطيات المتقدمة. ولكن السؤال الذي يطرح علينا الآن هو هل أنّ الاعتصام هو بالفعل قطع الطرق وغلق منافذ المدن؟ وهل الإضراب هو تعطيل الإنتاج والتهديد بحرق المصانع؟ تلك هي للأسف رؤية لأشكال احتجاجية مشروعة ولكنها أخرجت من سياقاتها لتصبح وسيلة وأداة تكاد تكون عبثية. والمحزن في المسألة أنّ هذه الاعتصامات والإضرابات المطلبية باتت تهدد جوهر الثورة برمتّها وهي التي قامت على شعارات الحرية والكرامة ، وكان من أهم شعاراتها التي هزت وجدان التونسيين “خبز وماء وبن علي لا”. كيف لا وقد تحول جزء هام من هذه الإضرابات إلى مطالب قطاعية مقيتة تناست ذاك الشعار حين التفتت تفاوض حول زيادات في الأجور ومساومات لاتراعي مصلحة الثورة والوطن بقدر مراعاتها لفئوية تنتهز الفرص لربح مكاسب قطاعية بحتة. ذاك هو مأزق الثورة التونسية الآن ، ومن ورائه محنة الحكومة التي وجدت نفسها أمام واقع على حافة الانهيار، وبلاد تتخبط في إرث من الدمار والنهب والمحسوبية، هذا إضافة إلى حركات احتجاجية رهنت ماتبقى من أمل في التنمية . وهذا البعد القطاعي والمطلبي المقيت الذي نتفهم أسبابه ولكن لايمكن البتة القبول بطرائقه التي تحولت للأسف –وعن غياب وعي– إلى أداة ممنهجة لتعطيل نهوض البلاد . لايمكن لأحد في تونس أن ينكر حق هؤلاء في قطف ثمرات الثورة التي قامت ضد التهميش والفقر والتفاوت في الفرص والتنمية ، أو مطالبتهم بالتشغيل والتنمية . ولكن أن تتحول هذه الإضرابات والاحتجاجات من وسيلة لإيصال الصوت والمطالب، إلى أداة لضرب الاقتصاد من خلال غلق مناطق الإنتاج والتصدير وإغلاق منافذ التصدير والموانئ، فذاك هو الخلل القاتل. إذ ليس من المنطقي أن يشتغل الجميع الآن ، وان يترسم الجميع ، وان ترتفع أجرة الجميع الآن هناء هذا هو العبث بعينه، وهو عبث غذته حكومة السبسي من خلال السماح له والترويج له في المنابر الإعلامية ، وبمباركة من “هيبة الدولة” التي كانت لاتتسيّد إلا على المظاهرات والاعتصامات ذات البعد السياسي، بالقمع والضرب. هي رؤية ذكية، تمكنت بها حكومة السبسي من تحريف مسار الثورة من مطالب سياسية ترفع شعارات تطهير النظام وإزالة زبانيتّه و القطع مع الماضي، إلى مطالب قطاعية تلتفت إلى مصلحة القطاع وليس البلاد. بدأ الخلل حينذاك ، وتطور مع الزمن والضخ الإعلامي الذي يغطي حتى غلق مسلك ريفي جراء شجار شخصي. هاهنا بدأت المطالب تتسمّ ببعد جهوي مقيت ، فكلّ جهة باتت تقلد الأخرى في مطالبها ، وتجرب الوسائل ذاتها من قطع الطرق و إغلاق المصانع ، وأشكال التصعيد، بدأت الحكاية في قفصة، وانتقلت إلى قابس، وهاهي اليوم في مكثر، وغدا لانعرف أين. كلّ بات ينتهز الفرص وكأنّ الديمقراطية ستتبخر مع شروق الشمس. انتهازية يبدو أنّها بعض ممّا ورثناه عن المخلوع. المطلبية على هذا النحو، سرطان الثورة البغيض ، وخصرها الرخو الذي يجب أن يتوقف ، لانّ استمراره يعني ببساطة نزيفا متواصلا في جوهر ثورتنا وقيمها الأصيلة التي صارت أيقونات في العالم كله. لنتذكر جميعا ذاك الشعار الذي يشعرنا بتعاسة واقعنا اليوم “خبز وماء وبن علي لا” أين ذاك ممّا نراه اليوم من تكالب على مصالح وغايات مطلبية وشخصية، انحرفت بأهداف ثورتنا من بناء مجتمع يؤسس لتنمية عادلة وشاملة ، إلى مجرد فرص لزيادة في الأجور وضغط للترسيم، وتهديد بإيقاف العمل و طريق بات يهدد إن واصلنا السير فيه بالانتحار الجماعي ، وهو ليس بالبعيد في واقعنا اليوم.
(المصدر:موقع المشهد التونسي الإلكتروني (تونس)بتاريخ 18 جانفي 2012)


صراع السلطات


ذاك ما يحدث في تونس، جولة بجولة وساحة بساحة، هي لعبة الأحزاب أو قل لعبة الإسلاميين والعلمانيين. كانت الثورة إنجازا تجمعيا بامتياز، بعد تعميم الفساد وبلوغه حد اللارجعة كان فتيل البوعزيزي كافيا لامتداد الحريق بسرعة هائلة، وخلال 28 يوما سقط عرش الزيف واكتشف الشعب التونسي الخواء والخراب الذي ينخر بلدهم شبرا شبرا. علت أصوات الأحزاب وتنادوا بالحقوق وبالدستور، فكانت اللجان: لجنة تحقيق أهداف الثورة، ولجنة تنطيم الانتخابات، و.. وظلت خطابات الأحزاب متراشقة متعالية على الواقع وعلى هموم الشعب. ثم كانت الانتخابات إيديولوجية رغم كل المساحيق، اختارت نسبة كبيرة من الشعب الصمت وعدم التسجيل للانتخابات، ثم انحاز أغلب المنتخبين إلى الحزب الإسلامي النهضة، وكانت فضيحة العلمانيين مع أنهم يزيدون على المئة حزب ومع أنهم أهل الساحة الإعلامية والثقافية والاقتصادية، ومع أنهم تلقوا الدعم من الداخل التجمعي والخارج الغربي، خسروا الجولة وفازت النهضة وطالت مفاوضاتها لتشكيل حكومة وفاق لم تتحقق.

تداعى اليسار بعد ذلك إلى المعارضة رغم تنازلات النهضة والعروض المقدمة للدخول في الحكومة. ثم شاهدنا اللغط الكثير في المجلس الوطني التأسيسي وكان غيضا من فيض. ثم استلم الجبالي الحكومة أو بالأحرى حركة النهضة وزارات السيادة وظنوا أن الديموقراطية شريعة الأحزاب حقيقة.

لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، استعد اليسار بمعية بقايا النظام التجمعي للدفاع عن مكاسبهم من العهد البائد في بقية الساحات بعد الحكومة والمجلس، وكما هو معلوم لا يزال بيد اليسار التجمعي معاقل معروفة أهمها: الإعلام والقضاء والنقابة والجامعة ورأس المال وطبعا المعارضة، وتبين أنه لا تخطو الحكومة خطوة في سبيل الإصلاح إلا وتتحرك المعارضة من خلال ساحاتها للإحباط والإرباك. فإذا كان في حساب النهضة أن بيدها سلطة القانون والحكم فإن المعارضة لم تسلم لها بذلك أولا فهي تصر على أنها حكومة انتقالية أي لا تملك شرعية التغيير والإصلاح، ثم تنادي باحترام حقوق الإنسان من وراء فرض الفوضى المدنية.

تقف المعارضة وراء الاحتجاجات المنتشرة في كامل الجمهورية يدعمها قُطّاع الطرق المستفيدون من ضياع هيبة السلطة، وتجاه هذا الوضع المأزوم سعى علي العريض وزير الداخلية إلى تكثيف مقابلاته مع الأجهزة الأمنية فلقي معارضة داخل الوزارة يدعمها الإعلام، فاضطر إلى وسائل الإعلام الشعبي بمكبر صوت ومن أمام وزارة الداخلية، وكان ذلك إيذانا بتصعيد المواجهة السياسية بمناسبة الذكرى الأولى للثورة فكانت احتفالاتٍ مشوشة بالاحتجاجات من القمة إلى القاعدة. وحتى لا يفكر التونسي ببادرات التنمية والإنعاش القادمة من الدول الصديقة عمدت المعارضة إلى بث الإضرابات في جميع أنحاء البلاد. الكل ينادي « توه » ويشكو حيف الحكومة المؤقتة وتأخر رد المظالم ولا أحد يهتم بنداء الحكومة ورئيس البلاد إلى التهدئة، والغاية إرباك وإحباط أي قومة للمؤسسة الأمنية التي يديرها علي العريض. تريد المعارضة أن تعبر عن امتلاكها للشارع وقدرتها على تعبئته، وسلب ذلك عن النهضة وشركائها في الترويكا، ولا تفتأ تطعن في نتائج الانتخابات التي أعطت حسب تقديراتها النهضة ما لا تستحق.

ولنا أن نتساءل عن سبب هذه الفوضى المتصاعدة؟ وما فائدة المؤججين لها؟ وما نتيجة مسعاهم؟ وإلى أين قد تصير الأمور إذا استمرت إدارة الصراع على هذا الوجه؟. وقد يرى بعض المطبعين أن ما يجري مفهوم ومحسوب من شعب عانى الكثير، وإنما هي تعبيرات حرة لم نتعود عليها ما عدا بعض الأعمال الإجرامية التي سيأخذ القانون مجراه في شأنها. لكن المراقب يتبين جيدا أن تونس تعيش معركة بين فريقين متباينين إلى حد التناقض بين تيار علماني يطلب الثأر وتيار إسلامي يريد أن يغير تاريخ تونس. وبينما يحرص اليسار على استمرار الفوضى ووقف عمليات الإصلاح كي لا تنجح النهضة في تلبية رغبات التونسيين وتكسب رهان المرحلة، تسعى النهضة إلى إثبات قدرتها كحزب إسلامي في حكم البلاد. تجاه هذا الموقف الخطير التي تنجر إليه البلاد رويدا رويدا، وحتى لا يفوت الأوان أرى أن هناك خطوات لابد من قطعها وأعمال لا سبيل إلى إغفالها.

لقد رشح الشعب نفسه بثورته إلى القيادة الحقيقية للبلاد وقد يفشل تفويضه للنهضة لقيادة الدولة، ولا أتصور أن من صوتوا للترويكا الحاكمة هم من يحتجون ويضربون ويقطعون الطرق، بل أظنهم أقوى جبهة حقيقية في البلاد لكنها إلى حد الآن صامتة متفرجة، وقد آن الأوان لتتحرك لتنفيذ مهام شرعية هي كالتالي:

المهمة الأولى: عدم التجاوب مع المحتجين مهما كانت الضغوط، وبالمقابل عليهم أن يعبروا في مسيرات ووقفات دعمهم للدولة في رئيسها وحكومتها ومجلسها التأسيسي. المهمة الثانية: أن يتجندوا في لجان أحياء ومدن لحماية مصالحهم ومؤسساتهم من المضربين ومن قطاع الطرق لأن الدولة غير قادرة على حمايتها، ولنعد مجددا إلى حراسات الليل وتحقيق الأمن في الشارع التونسي. المهمة الثالثة: تحريك الإعلام البديل الفايسبوك والفضائيات والمواقع الإلكترونية لتصوير الأحداث ولكشف المحركين للفوضى والتشهير بهم بالاسم والعنوان. وتطوير آليات التدخل بالتنسيق مع قوات الجيش والأمن لإحباط عمليات السطو والتخريب. ثم لا ننسى الضغط على وسائل الإعلام التونسية لتغطية الأحداث بشفافية ونزاهة. المهمة الرابعة: استدعاء ممثلي الدولة من وُلاة وعُمد وكُتاب دولة ومُدراء للإشراف على مشاريع التنمية ودعمها ومتابعتها وتشجيعها. ودعوة الشباب العاطل عن العمل إلى الانخراط بتلك المشاريع وحضورها وإنجاحها، ونشر الأخبار عنها، وتحريك وتحسن عملية التنمية. المهمة الرابعة: التحرك على المستوى الاجتماعي والثقافي وإعطاء الحرية مضمونا حضاريا عربيا وإسلاميا، وتشجيع الإبداع عبر النوادي والجمعيات وبث جو من النصر والاستبشار. المهمة الخامسة: ممارسة الشعب حقه في فرض اللون الاجتماعي الذي يريد من خلال رفض التسيب الأخلاقي وقمع الساقطين والمعتدين على الأعراض والمقدسات، ومن خلال النصح والوعظ، ومن خلال الحوار البناء، ومن خلال بث الإحسان إلى المحتاجين ومساعدة الفقراء والمساكين… هذه خطوط عريضة للتحرك الإيجابي ولكل مجموعة أن تبدع في واقعها وليكن تحركا حكيما. المهم أن الوقت قد حان لممارسة الحرية المسئولة الصالحة والمصلحة.

عبد الرحيم الحمزاوي  


متى نرى قناة إخبارية تونسية؟


مازالت العلاقة بين التلفيزيون العمومي (بالإسم) التونسي و المشاهدين التونسيين متوترة و تتميّز بالإتهامات المتواصلة لمؤسسة الإذاعة و التلفزيون التي مازال يحوم حولها شك كبير من قبل المواطن العادي. رغم مضي عام على فرار بن علي و رغم تغيير الشكل فإن المضمون مازال لم يتغير و لم يستجب لتطلعات المشاهد التونسي الذي يقارن دائما بين ما تقدمه قناته الوطنية و ما تقدمه القنوات العربية الأخرى التي و يا للمفارقة يؤثث برامجها كادر صحفي تونسي. السؤال هو لماذا يبدع الإعلامي التونسي في الخارج و يفشل في بلده ؟ حقيقة لا أملك إجابة على هذا السؤال و لكنه فعلا أمر مؤلم لأن لنا كل الإمكانيات لنكون رائدين في المجال الإعلامي و لكننا نأبى أن نتقدم و نصر على تقديم صورة بائسة عن الإعلام سواء المرئي أو المسموع. إنطلقت مؤخرا بعض القنوات التونسية الجديدة في البث و يبدو من الوهلة الأولى أن توجهها سيكون متنوعا أي ستغلب على برامجها المنوعات و الغناء و الرقص و مبدئيا أنا لست ضد هذا و لكن هل المشاهد التونسي متعطش إلى هذا النوع من القنوات التي تقدم الغناء و الموسيقى العالمية أم أنه يميل إلى مشاهدة أخبار بلاده التي مازال يستقيها من القنوات الأجنبية ؟ أنا أميل إلى الإحتمال الثاني فعندما نبحث عن آخر الأفلام و الأغاني فهناك القنوات المتخصصة و ما ينقص المشاهد فعلا هو قناة إخبارية تونسية تهتم أساسا بأخبار تونس من شمالها إلى جنوبها و تقدم ريبورتاجات و برامج حية من المناطق الساخنة في البلاد. إن المعضلة الأساسية اليوم هي كثرة الإشاعات و كثرة الأخبار الزائفة و ما من شك أن قناة إخبارية تونسية مهنية ستكون جدار الصد ضد صناع الفتن و أزلام العهد البائد و ستقدم الإجابة الشافية التي ينتظرها التونسيون على الأسئلة الحارقة المطروحة عليهم في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ تونس. إن تعدد القنوات التونسية و إختلاف مشاربها و توجهاتها أمر يبشّر بالخير لمستقبل الإعلام الذي نصبو أن يكون حرا و نزيها و صريحا ونحن اليوم في حاجة ماسة إلى هذه القناة الإخبارية فلا يعقل أن يصنع التونسي الحدث ثم ينقل هذا الحدث عبر شاشة عربية أو أجنبية و ليس تونسية. ربما قد تحول الإمكانيات المادية دون تنفيذ هذا المشروع و لكن العزيمة تقهر المستحيل و لأضرب مثلا على ذلك قناة الحوار التونسي التي تكابد منذ سنوات و التي ما إن تقع حتى تنهض من جديد و رغم الحصار المالي و البوليسي إستطاعت أن تمضي قدما لتقديم المشهد كما هو بلا رتوش أو تجميل. الواجب أن نتلقف هذه التجربة و أن نستفيد منها لأن الوقت حان لتأسيس قناتنا الإخبارية التي أنا متأكد أنها ستشعّ مغاربيا أولا ثم عربيا و دوليا. مازال أمام القناتين الوطنيتين الكثير من الوقت لكسب ثقة المشاهدين و تغيير الإنطباع السائد عنهما منذ مدة طويلة أنهما في خدمة السلطة الحاكمة و لا أظن المواطن العادي سيصغي إليهما في القريب العاجل خاصة أن المهمة تلوح شاقة و صعبة نظرا لما تشهده البلاد من تجاذبات بين اليمين و اليسار اللذان لا يتفقان إلا في صب سخطهما على القناتين الوطنيتين. لقد حققت فرنسا نجاحا إعلاميا باهرا من خلال تأسيسها لقناة « فرنسا 24 » الدولية أو العربية و إستطاعت خدمة مصالحها و تقديم الأحداث بعيون فرنسية و من زاوية مصالح فرنسا و أظن أنه من الواجب على تونس الثورة أن تكون لها قناتها الإخبارية التي تغطي أخبار تونس أولا و من ثم أخبار العالم برؤية تونسية فمثلا لو وقع زلزال في تركيا نريد أن تسارع كاميراوات هذه القناة لإستجلاء الوقائع و تحديد ما إذا ما كان هناك ضحايا تونسيون و الإتصال بالسفير التونسي فورا و التواجد على عين الحدث و بالمثل إذا ما وقعت حوادث خلال موسم الحج أو تفجيرات في العراق, نريد ملفات عن المعاملة الأمنية للتونسيين في الخارج و ظروف سجنهم و نريد تقارير عن المهاجرين التونسيين الغير شرعيين المنتشرين في أنحاء أوروبا و نريد تقارير عن التونسيين في أدغال إفريقيا و أستراليا وأمريكا و اليابان و قصص رجال الأعمال الناجحين و نريد أن نتابع أعمال سفرائنا لحظة بلحظة و تحركات وزارة الخارجية بدقة و لعلي أطالب هنا وزارة الخارجية و غيرها من وزارات السيادة أن تنظم مؤتمرات صحفية أسبوعية تلقى مباشرة على هذه القناة الإخبارية حتى لا يكون المواطن آخر من يعلم. إن هذه القناة الإخبارية يجب أن تكون اللبنة الأولى لتشييد إمبراطورية إعلامية هادفة إلى الرقي بالوعي الشعبي و تقديم إعلام مغاير يقطع مع المناشدة و التزييف و هي خطوة يجب أن يتلوها حتما إنشاء القناة الثقافية و الإقتصادية و البيئية و الرياضية و الدولية…إن قرطاج تنفض عنها الغبار و تتأهب للنهوض و غزو العالم من جديد ليس بالسفن و المنجنيق هذه المرة و لكن…..بوسائل الإعلام. يسري الساحلي yosri1909@yahoo.fr
 


الشباب والعمل الثقافي والفكري : حتى لا ننزلق في متاهات الصراعات الهامشية —


خلدون العلوي ارتبط ظهور سؤال النهضة العربية الإسلامية : لماذا تخلفنا وتقدم غيرنا ؟ مع احتلال نابليون لمصر حيث تعرف العرب للمرة الأولى بعد الحملات الصليبية على أوروبا جديدة قوية ومتحضرة مما أسقط وهم التفوق الزائف الذي رافق وعيهم بالآخر طيلة قرون. في هذا السياق نشأ مشروع النهضة العربية الإسلامية كرد فعل على التحدي الأوروبي الحداثي في محاولة لإيجاد أسباب التخلف العربي الإسلامي ومعالجته ومن أبرز مفكري عصر النهضة الأولى : محمد عبده، الأفغاني، عبد العزيز الثعالبي … والذين افتتحوا بدايات التفكير في حملة التساؤلات حول تأخر الأمة العربية الإسلامية مقابل تقدم الأوروبيين محاولين إيجاد حلول توفيقية بين الأصالة والتجديد الحداثي. غير أن طبيعة المحيط الاجتماعي ومميزات الوعي الحضاري في تلك الفترة (جود فكري، استعمار، إطار سلفي…) ساهمت في بناء مفهوم مغلوط حول الحداثة مما برر لظهور أشكال من الوعي الزائف أساسه القول بأن تحقيق النهضة مشروط بالعودة إلى الماضي دون معالجته وأخذ مسافة منه (تحقق القطيعة الابستمولوجية) ولعل هذا من أهم أسباب انتكاسة المشروع الليبرالي الذي مثل تواصلا لحركة الفكر النهضوي أوائل القرن الفارط (طه حسين، علي عبد الرازق) فأحرقت كتب طه حسين واتهم بالزندقة وسحبت شهادة علي عبد الرازق من الأزهر لكتابه « الإسلام وأصول الحكم ». كما أن هناك عقولا تواصل اليوم هذا الجهد التنويري ضمن شروط في غاية العسر لكن هذه الاجتهادات لم تتمكن من التبلور في حركة اجتماعية قوية لأن التيار الاجتماعي والفكري السائد على المستوى الجماهيري والنخبة التقليدية والسلطة السياسية ما كانوا ليقبلوا بها وهذا ما عكس مأزق الحداثة لدينا ودليلا على أن المشروع العربي لم يولد بعد رغم إرهاصات الفكر النهضوي فهي لم تخترق فكر المجتمع الوثوقي اليقيني الذي نحياه والذي عانى لعقود من : – أنظمة شمولية فاسدة وعاجزة عن تحقيق الحد الأدنى من برامج التنمية بل أكثر من ذلك عاجزة عن آداء دورها الطبيعي في الدفاع عن الوطن. – هيمنة واجتياح عسكري أمريكي. – حالات إحباط مسيطرة على الشعوب بشكل يجعلها عاجزة عن الإمساك بزمام أمورها وتعبئة قواها لمواجهة هذا الواقع المزري بكل أثقاله وأزماته. – مشاريع تغيير اجتماعي وسياسي تطرح حلول حدية وما يترتب عنها من عنف وتطرف. أمام هذا المشهد واجهت الحركات السياسية التغييرية في الوطن العربي أوضاعا معقدة لم تتعاط معها بالوعي والمسؤولية الكافيتين وعجزت بذلك عن تغيير هذا المشهد القاتم فهي لم تُسقط أوهامها وطوباويتها وتنخرط في نضال ثقافي يستهدف إخراج العرب من سلبيتهم وتحقيق نهضتهم بل تورطت في خطاب إما تمجيدي افتخاري للموروث وفق مقولة ليس بالإمكان أبدع مما كان أو خطاب منكر لهذا الموروث الذي يعتبره سبب الداء وينادي بتصفيته وخطاب آخر متعصب وشوفيني يمجد العرق والعنصر ويقصي الآخر. وقد حكمت هذه المسارات المنحرفة المشهد السياسي طيلة عقود وبددت بذلك فرص قيام نهضة حقيقية تقوم على رؤية أكثر واقعية وتفتح لتاريخنا وحضارتنا. الآن وقد ابتعدنا شيئا ما عن بدايات الانتفاضة العربية الكبرى أقول أن الشباب العربي الذي خلخل أركان أعتى الديكتاتوريات سيكون لزاما عليه أن يستحضر كل الفخاخ المنهجية والمضمونية التي وقعت فيها حركات التغيير بالوطن العربي، يستحضر أيضا التجارب الناصعة والتي ساهمت في صناعة واقع مختلف نسبيا وأهمها المشروع الليبرالي لطه حسين وحركة الشباب التونسي (على باش حامبة) منذ قرن خلى حيث واجهت هذه التجارب أصولية المؤسسات الدينية (الزيتونة والأزهر) محاولة نشر ثقافة وطنية تجمع بين الأصالة والحداثة. وهذا ما يضع على عاتقنا نحن الشباب مسألة انتهاج مسلك هذه التجارب التنويرية التي خالفت فيه التخلي عن المسؤولية المعرفية والمتمثلة في التحليل النقدي للتراث العربي الإسلامي بكلّيته ليس من أجل الحط من قيمته وإنما من أجل تفكيكه حتى نعالج كل الثقوب السوداء (على حد تعبير جيل دولوز) التي تزجنا فيها الأصولية الدينية. فكيف يُعقل أن تطرح المعتزلة أسئلة على القرآن (على حد تعبير محمد أركون) منذ قرون عدة لا يمكن طرحها الآن وبالتالي فإن موقفنا تجاه التراث يجب أن يكون حرا (كما كان موقف حركة الشباب التونسي وطه حسين وعلي عبد الرازق في مواجهة الخراب الفكري والخواء الثقافي) إلى أقصى حد ممكن يسمح به التقدم المنهجي والمعرفي والتقني السائد (على حد تعبير أركون). نحن العرب قد تعودنا التقليد الأعمى كما للسلف الصالح كما بالنسبة أيضا للغرب وقيم الحداثة متجاهلين مسافة المسار التاريخي التي تفصل بيننا وبينه لكن هذا لا يعني أننا لسنا بحاجة إلى العلمانية كما يدعي البعض فنحن بأمس الحاجة لها وهي لا تعني القضاء على البعد الروحي ولا على الإيمان « الملجأ الوحيد الذي نلوذ به في أوقات الشدة والضيق » على حد تعبير هاشم صالح. بل تعني القطع مع البنية الأسطورية وكل الأشكال المكرورة في تراثنا والكشف عن علمانية عربية إسلامية عرفناها في بغداد أيام المأمون وربما في المدينة أيام تجربة محمد صلى الله عليه وسلم، علمانية تعيدنا إلى عقل ابن رشد، ابن خلدون والمعري والمعتزلة وإلى الإسلام الأول المتحرر من فقهاء السلاطين والملوك. حتى أن أوروبا لا توجد فيها علمانية واحدة مكتملة ونهائية فالغرب يعرف منذ مدة كبيرة محاولات لإعادة النظر في العلمانية المناضلة أو العلمانوية التي لم تواجه الكنيسة فقط بل وقفت ضد العاطفة الدينية وفي الطرف الآخر نجد العلمانية المنفتحة التي تعتبر حرية المعتقد كأحد ركائزها. وهنا تكمن المهمة والمسؤولية. إنه عمل لا ينتهي يجعلنا ننخرط في ضرب من النضال الثقافي والفكري مواكبا للنضال السياسي وللتغيير الاجتماعي وخطاب الشباب إسلاميا كان أو علمانيا يجب أن يكون مشحونا بالإرث الثقافي للجمهور الذي نتوجه إليه بحيث أن هذا الجمهور يكتشف من خلال خطابنا امتدادا لتاريخه والمطروح أمامنا في هذا المجال هو استيعاب الإرث الثقافي لمجتمعنا بشكل يجعلنا نتبوأ مكاننا الطبيعي كامتداد لكل ما في تاريخ هذا المجتمع من فكر نير وحركات تقدمية ولا يتأتى ذلك بالإعلان عن الانتماء الثقافي للحضارة العربية الإسلامية فقط بقدر ما يتأتى بالاستيعاب المعرفي لهذه الثقافة (على حد تعبير محمد عابد الجابري). إذا يجب علينا أن نؤمن بأن مسألة التغيير الاجتماعي يجب أن تكون مهيأة من قبل ومصحوبة بنوع من نهضة ثقافية أو ضرب من الإصلاح الثقافي والأخلاقي في ذهنية العامة من الناس وبأن مفهوم الإصلاح الثقافي له من الأهمية ما يجعله في المرتبة الأولى قبل قضية الحسم السياسي، « فإذا لم تحدث ثورة ثقافية، فإن هذه الثورة ستؤدي حتما إلى الاستبداد »، على حد تعبير الباحث سامي براهم. إن هذه الإشكالات من أهم المسائل التي أروم الخوص فيها وإن وعيي كشاب بما يتطلبه هذا الموضوع من الجدية والعمق من أجل صياغة مواقف متقاربة لتحديد الهوية الثقافية والحضارية للبلاد لذا لا يجب أن نتردد لحظة واحدة على بلورة مشروع معرفي تنويري يقينا من التعامل في اتجاه واحد، اتجاه التباين ومزيد التباين الذي لم يفرز سوى الانقسام ومزيد الانقسام ثم الانزلاق في متاهات الصراعات الهامشية التي تزجنا فيها « الأصولية الدينية » و »الحداثية » (تبادل اتهامات التخوين والتكفير). أخيرا لقد مررت بفترة تبني الايدولوجيا ولكنني اكتشفت الغرامشية منذ مدة القائلة بالكتلة التاريخية التي تؤدي مهمة تغييرية لفائدة الجميع، كتلة تضم اختلافات فكرية ونوازع متعددة لتحتكم لبرنامج موحد وهو تنوير المجتمع وليكن مقالي هذا دعوة إلى تهيئة أرضية الاتفاق حتى نعي أن الحقيقة يمكن أن تكون موزعة بيننا معشر الشباب الإسلامي واليساري.  

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.