الخميس، 18 أكتوبر 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2705 du 18.10.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


 

 في الذكرى الثانية للـتأسيس – هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات:بيان مشترك حول حرية الضمير والمعتقد المجلس الوطني للحريات بـتونس: قمع وحشي لحركة إضراب عن الطعام بسجن المرناقية حرّية و إنصاف: بــلاغ 1 -4 الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع صفاقس الشماليةبيان الإتحاد الجهوي للشغل بجندوبة: معايدة ومساندة اللجنة المحلية للدفاع عن خريجي الجامعة العاطلين عن العمل ببوسالم: بيان احتجاجي يوميات الصّمود(28) رويترز: اضراب 30 معتقلا اسلاميا عن الطعام في تونس  قدس برس: تونس: معارضون يضربون عن الطعام والحكومة تعتبره تشويشا على احتفال 7 نوفمبر العربية نت: معارضون إسلاميون اعتبروه حكما « تاريخيا » إشادة بقاضية تونسية قضت بعدم دستورية حظر الحجاب وطن برس: وزير التربية التونسي يتقدّم رسميا للمحكمة بطلب نقض الحُكم القضائي بإبطال منشور يمنع الحجاب   أ ف ب:مثول سجين سابق في غوانتانامو امام القضاء التونسي وكالة رويترز للأنباء:تعايش سلمي بين العرب واليهود في « تونس الصغيرة » بباريس جريدة « الصباح » :في منزل عبد الرحمان:بعد انتشال جثتي حسن وشقيقه محمد…انتشال جثة شقيقتهما مريم بعد أن ظلت مفقودة طيلة 4 أيام صحيفة « القدس العربي » :وفاة أول أمين عام للحزب الشيوعي التونسي محسن المزليني: في ظلّ تدهور القدرة الشرائية: هل تتجه العائلة التونسية إلى الإفلاس؟  معز الجماعي: قابس:أصحاب النزل يطالبون السلطة بالتصدي لظاهرة الشقق المفروشة  المختار اليحياوي: حتى أنت يا مطر…! مدونة Free Race التونسية:هيرودوت…أريانة هبة الفيضان جابر القفصي: خمسة أسئلة بريئة جدا الديمقراطية في تونس رابح الخرايفي: المشي على الأقدام لمسافات طويلة شكل نضالي جديد عبد الوهاب عمري: إنهم يسرقون خبزتنا و يحاولون تكميم أفواهنا سهام السالمي: رسالة إلى الرفيق محمد الكيلاني صـــابر التونسي :سـواك صابر التونسي الحـار (52) الهادي بريك: إلى كلمة سواء بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس – الحلقة الثانية : هذه هويتنا. الحوار.نت:  وثيقة تاريخية – الأستاذ نورالدين البحيري:رؤيـة فـي الميـثاق الوطني مرسل الكسيبي: التجديد الاسلامي : رؤية مستقبلية وانسانية لعلاقات دولية طبيعية ناجحة محمد العروسي الهاني: الجزء الثاني : بقية المقترحات والخواطر تبعا للرسالة المفتوحة لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي رئيس الدولة برهان بسيّس :الفقيـه.. والسياسـي سفيان الشّورابي: إسرائيل في خدمة الدكتاتورية البورمية  

 


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 المأساة الوطنية لضحايا عشريتي القمع تتفاقم يوما بعد يوم …

عشرات الآلاف من التونسيين والتونسيات من الرجال والنساء والأطفال… يستصرخون الضمائر الحية. فهل من مجيب؟؟  

وصلتنا الرسالة التالية من جمعية « تكـافل للإغاثة والتضامن بباريس » www.takaful.fr  بســــم الله الرحمــــن الرحيــــــــم

نداء عاجل إلى كل ضمير حـيّ (*)

  

إخوتنا في الدين والعقيدة في كل بقاع الأرض،

إلى كل ضمير حي فيه قدر من الإنسانية،

 إننا في أرض الزيتونة والقيروان،  ازداد علينا الكرب و البلاء و ضاقت علينا ذات اليد وضاقت علينا الدنيا بما رحبت، معاناة إخوانكم كبرت و عظمت و لم يبق لنا بصيص أمل إلا في الله ثم فيكم لنشكوَ مآسينا.

إخوتنا الكرام، إن إخوتكم بعد خروجهم من السجن وجدوا أنفسهم في سجن كبير. اصطدموا بواقع لم يكن في خلدهم حتى في المنام. وجدوا أنفسهم بعد طول مدة السجن أمام تحديات مادية ومعنوية تجاوزت حسبانهم خاصة على المستوى العائلي. طرقوا كل الأبواب للارتزاق، يبحثون عن عمل بدون أن يسأل أحدهم عن الراتب، فهو راض مسبقا بأي عمل مهما كان الراتب. القليل منهم كفّى حاله، والكثير منهم تحت عتبة الفقر، وهم الذين وعدوا أسَرَهم بالرفاهة واليسر، ورسموا لهم في ذاكرتهم صورا وردية وحالة من العيش الرغيد.  فقد تقدمت سن أبنائهم وتضاعفت حاجياتهم و كثرت مطالبهم.

 تبخرت كل الأحلام و الآمال، شحّ العمل، تنكّر الأهل و العشيرة و تمردت بعض العائلات (الزوجة و الأبناء) على الأخ الغلبان التائه الحيران، فهناك من هجر البيت و هناك من هجرته زوجته. و الله إن هناك إخوة كالذين قال الله فيهم « لا يسألون النّاس إلحافا » نحن نشعر و نحس بهم، و هناك من حبسته عفّته في البيت فيتحاشى أن يتقابل مع إخوته حتى لا يظنوا فيه الظنون. و هناك و الله من يستخير الله قبل أن يتقدم إلى إخوته قائلا لهم :أطعموني إني جائع، والمَشاهد كثيرة و القصص مثيرة لو نحكي عنها.

إخوتنا الكرام، إن من مخلّفات هذه الأزمة الطويلة وضعيات تعيسة كثيرة،  والإخوة المسرّحين بعد أكثر من 14 سنة سجنا وضعياتهم تزداد سوءا: تأخر في الزواج حيث وصل بعضهم إلى الخمسينات من عمره ومازال أعزبا، إضافة إلى تفشي الأمراض لدى أغلبهم، مثل أمراض المعدة، وأمراض المفاصل، وغسل الكلي وحالات فشل تام، وظاهرة العجز الجنسي، وحالات سرطان بعضها ميئوس منه و حالات وفيات. والإشكال أن أغلب الإخوة المسرّحين ليس لهم بطاقات علاج. ومن بينهم عدد كبير من العاطلين عن العمل أو العاجزين عن العمل بسبب المرض.

ولم يختصر الأمر على الكبار، فالصغار من أبناء المساجين حدّث و لا حرج أيضا. فعدد منهم يعاني من الأمراض النفسية نتيجة الضغوطات المستمرة بدون توقف والتي ظهرت أعراضها الآن بشكل مخيف، وهناك حالات كثيرة تتطلب الرعاية والمتابعة الدائمة و كما تعلمون فهي مكلّفة.

 هذا غيض من فيض،  ونكتفي بهذا القدر المر.

إخواني الكرام »ارحموا عزيز قوم ذل » مقولة تتطلب منكم التوقف عندها و التمعن في كل حرف فيها

 ومن كل دلالاتها. و نحن على يقين أنه لا يرضيكم أن تسمعوا المزيد لأنه يدمي القلوب، و اللبيب من الإشارة يفهم.

أملنا في الله كبير و في سخائكم في مثل هذه الحالات التي تظهر فيها الرجال.

إننا ندعو لكم بالستر و العافية و لا نتمنى أن تشاككم شوكة تؤذيكم. إننا لا نريد أن نرهق كاهلكم بمعاناتنا ولكن اشتدت المعاناة وعظمت. التجأنا إليكم بعد الله فأغيثونا. التجأنا إليكم نشكو مآسينا، نطلب العون والدعم و السند حفاظا على كرامة إخوانكم و على علو همتهم و حفاظا على مشاعرهم.. فبجهدكم المبارك والسخي تستطيعوا أن تمنعوا اليأس في نفوس إخوة لكم ذنبهم أنهم قالوا إننا نريد الإسلام حلا لبلدنا.

 

أملنا في الله قريب أن يجمع شمل إخواننا على نهج الله و على محبة الله ولله رب العالمين عليها نحيى وعليها نموت و بها نلقى الله.  » من فرّج عن مؤمن كربة فرّج الله عليه كربة من كرب يوم القيامة » حديث

 

كان الله في عونكم جميعا، و هو خير حافظ و هو أرحم الراحمين.

 و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.                          

  

* رسالة وصلت أخيرا من  تونس إلى جمعية تكـــــافل للإغاثة و التضامن بباريس، و نحن نبلّغها كما هي إلى الرأي العام للتحسيس بما آلت إليه أوضاع الكثيرين من أبناء تونس ماديا و اجتماعيا و نفسيا بسبب سياسات القمع و التجويع و المحاصرة التي شملتهم طوال العقدين الماضيين.

و بحكم اتساع دائرة المتضررين و المحتاجين و المعدمين، فإننا في جمعية تكـــــافل نهيب بأهل الخير في كل مكان أن يهبّوا معنا لنجدة إخوانهم و لإعانتهم على حفظ دينهم و أعراضهم و حمايتهم من الجوع و الخصاصة و الحرمان، فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

قال تعالى ( و ما أنفقتم من شئ فهو يخلفه و هو خير الرازقين ) سورة سبأ 39

و قال تعالى ( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة و الله يقبض و يبسط و إليه ترجعون ) سورة البقرة

وجزاكم الله خيرا

  

* من أجل المساهمة والدعم المادي، الرجاء الاتصال بالجمعية القانونية في باريس تكــــافل بإحدى الطرق التالية:

·       تسليم المساهمات مباشرة لمن تعرفهم من مسؤولي  الجمعية

·       إرسال صك بريدي أو حوالة بريدية لفائدة  TAKAFUL  على العنوان التالي:

TAKAFUL – 16 Cité Verte

 94370 Susy en Brie

    FRANCE

 

·                   تحويل  مباشر على الحساب الخاص للجمعية  التالي:

·                   La banque postale

30041  00001  5173100R020 42  

   France

 

رقم الحساب الدولي

 Iban

FR54  30041 1000  0151  7310  0R02 042

 

·                   أو عبر شبكة الإنترنت  www.takaful.fr

·                   أو عبر البريد الالكتروني

Email : contact@takaful.fr     

 


في الذكرى الثانية للـتأسيس – هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات:

بيان مشترك حول حرية الضمير والمعتقد

 
أصدرت هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات في الذكرى الثانية لتأسيسها بيانا حول حرية الضمير والمعتقد. ويأتي هذا البيان بعد أشهر من إعلان 8 مارس حول حقوق المرأة ومقاومة التمييز الجنسي. وهو يعدّ لبنة هامّة في مسار الهيئة التي أخذت على عاتقها، إلى جانب نشاطها الميداني، إجراء سلسلة من الحوارات التي تشمل قضايا أساسية وتمهّد لبلورة عهد ديمقراطي يلتزم به مختلف الفرقاء من أجل إقامة نظام ديمقراطي في بلادنا كبديل للاستبداد. ويمكن القول إنّ البيان الذي ننشر في مايلي نصّه مثله مثل الإعلان السابق يؤكّد ما للحوار من جدوى، وأنّ الاتفاق حول مبادئ دنيا ليس مستحيلا رغم الاختلافات الفكرية والسياسية.   أجرت « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » حوارا حول حرية الضمير والمعتقد ونظّمت ندوة سياسية حول الموضوع احتضنها « منتدى 18 أكتوبر » ونُشِرَتْ وقائعها في صحف المعارضة وشبكة الإنترنت. وقد شارك في هذه الندوة رموز الأحزاب بورقات تعبّر عن رؤيتها الخاصّة لهذا الموضوع. كما شارك فيها مثقفون وممثلون عن المجتمع المدني وعدد من الشخصيات الوطنية. وقد اتسم الحوار الذي دار بينهم بالثراء والتعدد في وجهات النّظر وتطرّق إلى عدّة مسائل منها واقع حرّية الضمير والمعتقد في البلدان العربية والإسلامية ومسألة الردّة في الإسلام والمواثيق الدولية ذات الصّلة بالموضوع.   وقد أجمع المشاركون على أنه ولئن قطعت المجتمعات العربية والإسلامية خطوات، تتفاوت أهميتها من مجتمع إلى آخر، على طريق ضمان حريّة المعتقد والضمير، فإن رواسب مازالت تؤثر في التشريعات الجارية وفي الممارسات التي تحكم علاقة الدولة بالمواطنين.   وعلى الرّغم من التباين في المرجعيات الفكرية والمنطلقات العقائدية ومن تعدد القراءات داخل المرجعية الواحدة أحيانا، فقد أظهر الحوار الذي دار على مدى ثلاثة أشهر وفي أجواء من المحاصرة الأمنية الشديدة، أن مواقف الأحزاب والشخصيات الوطنية المنضوية تحت لواء « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » تتقاطع وتلتقي حول المبادئ والقيم التالية:   أولا: حرية المعتقد والضمير يجب أن تكون مكفولة لكل مواطنة ومواطن، وهي اختيار شخصي، لا إكراه فيه، وتشمل الحق في اعتناق دين أو معتقد أو عدم اعتناقه والحق في إظهار ذلك الدين أو المعتقد وإقامة شعائره ونشره بالتعليم أو بالدعوة إليه. ولا تخضع حريّة الضمير والمعتقد إلاّ للقيود التي يفرضها القانون وتكون ضرورية لحماية النظام العام أو حقوق الآخرين أو حرياتهم الأساسية أو الآداب العامّة، دون أن يكون ذلك سببا للإخلال بتلك الحريّة. وتلتزم الدّولة بضمان واحترام حريّة الضمير والمعتقد التي يكفلها القانون وتحميها الهيئات القضائية من كل انتهاك.   ثانيا: نبذ كل تمييز بين المواطنين في الحقوق والواجبات على أساس الدين أو المعتقد باعتبار أن المواطنة عقد يقوم على المساواة الكاملة بين أفراد المجتمع.   ثالثا: الالتزام بالبنود الواردة في المواثيق الدولية والمتصلة بحرية الضمير والمعتقد وفي مقدّمتها « الإعلان العالمي لحقوق الانسان » لسنة1948 و »العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية » لسنة 1966 و »إعلان الأمم المتحدة » الصادر في 25 نوفمبر 1981 واعتبار أن حرّية الضمير والمعتقد وطنها العالم بأسره وأن عالمية حقوق الانسان المعبّرة عن رصيد الإنسانية من الخبرة والتجارب الثرية، لا تعني التنميط وإنما هي تستوعب التنوع وتحترمه.   رابعا: إن صيانة حرّية الاعتقاد في بلادنا والذود عنها لا يتعارضان مع ما يحتلّه الإسلام من منزلة خاصّة في تكوين الشخصية الحضارية المميزة للشعب التونسي، لذلك فإن تنزيل المبادئ الكونية لحقوق الانسان وأحكام الاتفاقيات الدولية المتعلّقة بحرية الضمير والمعتقد، يتمّ في تفاعل خلاّق مع الرّصيد الثقافي العربي الإسلامي للشعب التونسي ويعدّ هذا التفاعل عاملا من عوامل إصلاح المجتمع والانتقال به إلى مجتمع حديث يقوم على الحريّة ونبذ كل أنواع الوصاية أو الضّغط أو الإكراه.   وبناء على ما تقدّم فإنّ « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » تتعهّد بصيانة حرّية الضمير والمعتقد والذود عنها في وجه كل انتهاك مهما كان مصدره، وهي تَعْتبِرها جزءا من حرّية الرأي التي تتوقّف عليها سائر الحريات الأخرى وركنا من أركان النظام الديمقراطي الحديث وشرطا من شروط المواطنة.   تونس، في 18 أكتوبر 2007   هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات

 
المجلس الوطني للحريات بـتونس     تونس في 18 أكتوبر 2007

قمع وحشي لحركة إضراب عن الطعام بسجن المرناقية

 

قامت مجموعة من الموقوفين بسجن المرناقية والجاري تتبعهم بموجب قانون مكافحة الإرهاب بتنفيذ إضراب عن الطعام بداية من يوم السبت 13 أكتوبر 2007 وذلمك للاحتجاج على سوء معاملة الإدارة لهم وتعمّد أعوانها إهانتهم واستفزازهم. وقد تم إيقاف هذا الإضراب يوم 16 أكتوبر باستخدام القوة من قبل أعوان السجن لإجبارهم على تناول الطعام. كما تعرض هؤلاء المضربون يوم 15 أكتوبر إلى التعذيب، حيث قامت  مجموعة من الأعوان بإشراف المدعو « علي الجلاصي » ومساعديه « نبيل » و »معاذ » و »رمزي » وانظمّ إليهم أعوان فرقة الطلائع بالاعتداء عليهم بالضرب والركل. وتم تقييد أرجلهم وضربوا مطوّلا. كما عمد الأعوان إلى الاعتداء على كرامة بعضهم بإدخال عصا في الدبر. وقد خلّف ذلك جروحا وخدوشا وزرقة شديدة لدى العديد منهم، عاينها بعض المحامين الذي زاروهم. إذ لوحظت زرقة شديدة بالساعد الأيمن « لمحمد أمين الجزيري » وجروح وخدوش برجليه وكان لا يقوى على المشي ولوحظت آثار إصابة بفكّه الأيسر. أمّا « رمزي العيفة » فقد أصيب في أسفل كعبيه بجروح لم تقع مداواتها. كما استوجبت حالة الموقوف « المهدي بلحاج علي » نقله إلى مصحّة السجن في حين أودع « جوهر القصّار » بالزنزانة الانفرادية. وقد وقع نقل المجموعة من الجناح « د » إلى الجناح « م ». وذكر أحد الموقوفين أنّهم حُملوا إلى الغرف على نقّالات من شدة الأضرار البدنية التي لحقتهم. هذا وقد أعلموا بأنّهم معاقبون 15 يوما دون زيارة أو تلقي القفة وذلك دون أن يحالوا على لجنة التأديب فيما يعدّ مخالفة لنظام السجون. وتعرض الموقوفون لهذا الاعتداء دون أن يصدر منهم أي إخلال بالأمن وبالنظام داخل السجن. ويخضع أفراد ما يعرف »بمجموعة سليمان » إلى نظام إقامة استثنائي بالسجن منذ تاريخ إيداعهم في جانفي 2007، إذ تم توزيعهم على زنازين ضيّقة لا تتسع لأكثر من ثلاثة أفراد كما أنّ حصة الفسحة اليومية لا تتجاوز بعض دقائق ولمرّة واحدة في اليوم بخلاف نظام السجن. وإذ ينبّه المجلس الوطني للحريات بتونس إلى خطورة الأعمال الإجرامية التي أتتها إدارة سجن المرناقية والتي تعتبر امتدادا لأعمال التعذيب التي اقترفت في حق أفراد المجموعة عند إيقافهم بمصالح أمن الدولة ثم بالسجن المذكور والتي ما زالت آثارها بادية على أجسامهم، ومخالفة ذلك لجميع القوانين والمواثيق الدولية الخاصة بمحاملة السجناء فإنّه: –        يطالب بإجراء تحقيق فيما حصل من أعمال اعتداء وتعذيب يعهد إلى هيئة محايدة وتتبع كل من تثبت إدانته فيما حصل. –        يطالب بإنهاء المعاملة الاستثنائية التي يخضع لها أفراد ما يسمّى « مجموعة سليمان » والتي تعد مخالفة لأحكام القانون المنظم للسجون.  عن المجلس الناطقة الرسمية سهام بن سدرين

 حرية و إنصاف 33 نهج المختار عطية تونس الهاتف/الفاكس 71.340.860 البريد الالكتروني liberte_equite@yahoo.fr تونس في 18/10/2007 بـــــــــــيان

 
عمدت إدارة سجن المرناقية يوم الخميس 18/10/2007 إلى تسليط أعمال تعذيب فظيعة في القضية المعروفة بقضية سليمان تولاها عدد من أعوان السجن و من فرقة الطلائع و ذلك بشد وثاق الموقوفين و ضربهم و تعنيفهم بغية إجبارهم على قطع الإضراب عن الطعام الذي شرعوا فيه يوم السبت 13/10/2007 و الاهانات و التعذيب المسلط عليهم من طرف إدارة السجون و ذلك تحت إشراف مدير السجن ابراهيم منصور و مساعده علي الجلاصي .و قد عاين المحامون الذين قاموا بزيارة منوبيهم آثار التعذيب على أنحاء شتى من أبدانهم . و حرية و إنصاف تندد بالتعذيب الذي أصبح سياسة ممنهجة  مسلطة إزاء مساجين عزل لا ذنب لهم إلا أنهم أرادوا التعبير عن احتجاجهم على الممارسات التعسفية التي يتعرضون لها وذلك بشنهم لإضراب الجوع . و تطالب بإيقاف أعمال التعذيب و تتبع كل مرتكبيها. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري


حرّية و إنصاف 33 نهج المختار عطية تونس 1001 الهاتف/الفاكس : 71.340.860 Email :liberté_équité@yahoo.fr *** تونس في 18 أكتوبر 2007

شـــــكــــر
 
نشكر المنظمات و الشخصيات التي راسلتنا لإبداء استعدادها لتبني بعض المساجين السياسيين و التي أمددناها بالمعطيات المطلوبة حول عائلة السجين المطلوب تبنيه. و منظمة حرية و إنصاف تجدد دعوتها لكل من يرغب في تبني واحد ممن تبقى من المساجين السياسيين. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري  

حرّية و إنصاف 33 نهج المختار عطية تونس 1001 الهاتف/الفاكس : 71.340.860 Email :liberté_équité@yahoo.fr *** تونس في 18 أكتوبر 2007 بـــــــــــــلاغ
 
علمت حرية و إنصاف أنه بعد الافراج عن عدد من المساجين السياسيين تم التئام شمل عائلاتهم بإبرام عقود زواج بين بعض المسرحين و الزوجات اللاتي أكرهن على طلب الطلاق ذلك أنه من بين الوسائل التعسفية التي استعملها البوليس السياسي طيلة عشرية التسعينات إكراه بعض زوجات المساجين السياسيين على طلب الطلاق من أزواجهن الذين يقضون عقوبة بالسجن     و ذلك لحرمان الأزواج من زيارة أقرب الناس إليهم و تحطيم عائلاتهم كعقوبة تكميلية لجعلهم يعيشون حالة اضطراب دائم ، و قد تواصل ذلك الضغط عليهن و على أفراد عائلاتهن و منهن من استجابت مكرهة إلى ذلك الطلب ظنا منها أن ذلك يضع حدا للمحاصرة الأمنية التي كانت تتعرض لها في كل وقت ، و كانت تلك النساء على علم بأن طلاقهن كان صوريا و اتقاء لشر محدق بهن و هو طلاق باطل عملا بالقاعدة الفقهية التي لا تجيز طلاق المكره. و بمجرد خروج أزواجهن من السجن عادت البهجة إلى حياتهن و أصبحن في حنين إلى الماضي السعيد الذي كن يعشنه في ظل أزواجهن الكرماء.و نحن نهنىء الزوجات و نكبر فيهن روح الشهامة التي جعلتهن يترقبن خروج أزواجهن و اللاتي اعتبرن أنفسهن في عصمة أزواجهن رغم صدور أحكام باطلة بالطلاق ، كما نهنىء جميع المسرحين الذين سلطت عليهم محنة ما كانوا يتصورونها تتمثل في تطليق زوجاتهم رغما عنهم و بدون رغبة من الزوجات. و قد شارك عدد كبير من المناضلين السياسيين في الأفراح التي وقعت إقامتها احتفالا بتلك الأحداث السعيدة ،     و من بين العائلات التي التأم شملها من جديد نخص بالذكر عائلة المناضل فرج الجامي و عائلة المناضل عبد اللطيف الوسلاتي و المناضل حاتم زروق و المناضل خالد الكواش و المناضل الطاهر الحراثي و المناضل سامي القرقني و قد بلغ تعداد ضحايا الطلاق بالاكراه الثلاثين من المناضلين و مثل ذلك من المناضلات . و حرية و إنصاف تدين مثل هذه الممارسات التعسفية   و تدعو إلى محاكمة كل من ثبت ارتكابه لمثل هذه الجرائم. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري  

حرّية و إنصاف 33 نهج المختار عطية تونس 1001 الهاتف/الفاكس : 71.340.860 Email :liberté_équité@yahoo.fr ***
 
تونس في 18 أكتوبر 2007 احتفل بالأمس المجتمع المدني بتونس بالذكرى السنوية الثانية لانبعاث هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات ، فقد شن في مثل هذا اليوم من سنة 2005 ثمانية من المناضلين من مختلف شرائح المجتمع المدني بتونس إضرابا عن الطعام تواصل أكثر من شهر للفت نظر الرأي العام الداخلي  و الدولي إلى غياب الحريات في تونس و المطالبة بأبسط الحقوق و الحريات التي يتمتع بها أي مواطن في البلدان المتحضرة ، و قد التف عدد كبير من الشخصيات حول الجماعة المضربة و تكونت لجنة وطنية و لجان جهوية و أخرى بالمهجر لمساندة المضربين ، ثم تكونت هيئة للمطالبة بالحقوق و الحريات التي وقع اعتبارها كحد أدنى لما يمكن أن يتمتع به أي مواطن. و رغم المضايقات المسلطة على هيئة 18 أكتوبر فقد واصلت الهيئة نشاطها و هي الآن تفكر في توسيع ذلك النشاط. و منظمة حرية و إنصاف  تعبر عن مساندتها لهيئة 18 أكتوبر و تتبنى الدفاع عن مطالبها  و تدعوها لتفعيل دورها في المجتمع و توسيع آفاق نشاطها و الالتحام بالشعب و الاهتمام أكثر بمشاكله و الدفاع عن حقه في الحقوق و الحريات و ممارسة العمل السياسي في إطار حقه في التنظم و الاجتماع و التعبير. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري  

حرّية و إنصاف 33 نهج المختار عطية تونس 1001 الهاتف/الفاكس : 71.340.860 Email :liberté_équité@yahoo.fr *** تونس في 18 أكتوبر 2007 بـــــــــــــيان  
 
أصدرت منظمة مراسلون بلا حدود في تقريرها السنوي تصنيفا للبلدان التي لا تحترم حرية الصحافة و قد احتلت تونس المرتبة 145 متخلفة بذلك عن عديد الدول العربية.و منظمة حرية و إنصاف تعتبر: –       أن الوضع المتردي للحريات بتونس كان سببا في تخلف البلاد عن الركب الحضاري الدولي علما بأن التضييق على الحريات يسيء إلى سمعة التونسيين في الخارج و يعطل النمو الاقتصادي و الاجتماعي و يمس من شعور الانتماء للوطن . –        كما تعتبر أن عدم احترام حرية الاعلام كان سببا في الانسداد السياسي و في  التجاوزات   و الانتهاكات الحقوقية. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري  

حرّية و إنصاف 33 نهج المختار عطية تونس 1001 الهاتف/الفاكس : 71.340.860 Email :liberté_équité@yahoo.fr *** تونس في 18 أكتوبر 2007 بـــــــــــــــلاغ
 
علمت حرية و إنصاف أن وزارة التربية و التكوين استأنفت الحكم الصادر عن الدائرة الابتدائية الخامسة بالمحكمة الادارية في القضية عدد 10976/1 والذي ألغت المحكمة المذكورة بموجبه القرار الصادر عن وزير التربية و التكوين و المتعلق برفت السيدة سعيدة عدالة من العمل لمدة ثلاثة أشهر مع الحرمان من المرتب لإصرارها على عدم نزع غطاء رأسها و اعتبرت أن المنشور 102 لسنة 1986 الذي يتعلق بمظهر أعوان سلك التعليم و التلاميذ و الذي استند إليه وزير التربية لمنع ارتداء الحجاب  » يقوم مقام التدخل في مجال الحريات الفردية نظرا لما يتميز به اللباس من تعبير عن الانتماء الحضاري و الديني و الفكري و ما يعكسه من ميولات شخصية ». و قد اعتبرت المحكمة أن المنشور 102 يفتح للإدارة سلطة تقديرية غير محدودة في تطبيقه مما ينتج عنه تهديد للحريات الأساسية و منها حرية المعتقد المضمونة دستوريا و استعماله مطية للتضييق من الحقوق و الحريات الفردية و بذلك يكون المنشور 102 مخالفا للدستور الذي يعطي الحق للمواطن في التمتع بحقوقه كاملة بالطرق و الشروط المبينة بالقانون و لا يحد من تلك الحقوق إلا بقانون يتخذ لاحترام حقوق الغير و لصالح الأمن العام و الدفاع الوطني و لازدهار الاقتصاد      و للنهوض الاجتماعي. و أشارت المحكمة إلى أن قانون الوظيفة العمومية و القانون المتعلق بالنظام التربوي لم يتضمنا بنودا تشير صراحة أو ضمنيا إلى قواعد تتعلق بالهندام و تعرف مفهوم التطرف الذي يمكن أن يعكسه اللباس. و قد رسم استئناف الحكم خلال اليومين الأخيرين تحت عدد 26255 . و قد كلفت منظمة حرية و إنصاف أحد المحامين بمتابعة القضية. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري  


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع صفاقس الشمالية

صفاقس في 18 أكتوبر 2007 بيان
 
شن   في المدة الأخيرة أعضاء من الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي  والحكومة ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والصحف الرسمية و التابعة   حملة تشويه ضد شخصيات سياسية معارضة وشخصيات قيادية  بالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان على هامش الإضراب عن الطعام الذي يقوم به السيد نجيب الشابي والسيدة مية الجريبي و المساندة التي واكبته . إن فرع صفاقس الشمالية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان يدعو السلطة إلى التخلي عن مثل هذا الأسلوب في معالجة القضايا السياسية وتمكين الأحزاب والمنظمات من حقها في النشاط في الفضاءات الخاصة والعامة ورفع الحصار عن مقرات الرابطة ويطالبها بالتفاعل الإيجابي مع نسق تطور الوعي السياسي الذي يعيشه المجتمع والذي يستوجب إجراءات سياسية ملموسة تؤسس لحياة سياسية  مدنية وديمقراطية حقيقية وفعلية. رئيس الفرع عبد العزيز عبد الناظر


 
جندوبة في 16 اكتوبر 2007   الأخـــــوين : مي الجريبي الامينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي أحمــــــــد نجيب الشابي : مدير جريدة  » المـــــوقف  »  

الموضوع : معايدة ومساندة

تحية نقابية مناضلة وبعد ؛   يسعدني ان اتقدم لكما أصالة عن نفسي ونيابة عن زملائي أعضاء المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي للشغل بجندوبة وكافة النقابيين بالجهة بأزكى عبارات التهاني واطيب التمنيات بمناسبة عيد الفطر المبارك . الأخوين : مي ونجيب إنطلاقا من الفصل الثاني من النظام الداخلي للإتحاد العام التونسي للشغل الذي ينص على انه من بين أهدافه  » الدفاع عن الحريات العامة والفردية وترسيخ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان  » أعبر لكما عن مساندتي لكما في اضرابكما المفتوح عن الطعام منذ 20 سبتمبر 2007 من اجل حق الحزب في النشاط السياسي المستقل والتصدي لمحاولة إخراج الحزب من مقره المركزي ووضع حد لكل الإجراءات الجائرة التي يتعرض لها  .   مع تحياتي الاخوية وكل عام وانتم بخير   اخوكم عيـــــــاد الطرخاني الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل بجندوبة


اللجنة المحلية للدفاع عن خريجي الجامعة العاطلين عن العمل ببوسالم بيان احتجاجي
 
بوسالم في 17 اكتوبر 2007 مُنع أعضاء اللجنة  المحلية للدفاع عن خريجي الجامعة العاطلين عن العمل ببوسالم هذا اليوم 17 أكتوبر 2007من الوصول والدخول إلى مدينة جندوبة، حيث سدت المنافذ الموصلة إلى المدينة عن طريق حواجز أمنية مكثفة وملفتة لانتباه آلاف المواطنين .وعلى مرأى ومسمع من المواطنين الذين حضروا والمارة الذين شاهدوا أخضعت سيارات الأجرة ووسائل النقل المتجهة نحو الولاية إلى تفتيش مدقق، وأرغم أعضاء اللجنة على النزول من سيارات الأجرة التي كانوا يمتطونها وتم حجزهم لمدة تجاوزت الثلاث ساعات ،حوصروا خلالها ومنعوا من التحرك بأي اتجاه.  وقد برر المسؤولون الامنيون هذا الإجراء والاعتداء السافر على حق التنقل بأنهم تلقوا « تعليمات فوقية  » تلزمهم بهذا المنع وهذا الحجز بعد أن تم تفريقهم إلى ثلاث مجموعات الأولى حجزت على بعد 3 كلم من مدينة جندوبة (مدخل الشرفة) والثانية   احتجزت على بعد نحو 7 كلم من المدينة جسر وادي ملاق فيما اعتصم الأخ نسيم الكافي  الذي وصل بعد عناء إلى مكتب العلاقات مع المواطن بمقر الولاية. وبعد اخذ ورد سمح للأعضاء بالعودة من حيث اتوا بعد ان قرروا وأصروا على أن لا تكون العودة إلا مشيا على الأقدام حتى لو كلف ذلك البقاء يوم آخر في شكل قافلة احتجاجية على سياسة المنع والحجز التي مورست عليهم بدون أدنى مبرر رافعين في ذلك لافتة تحمل شعارات تندد بممارسات السلطة تجاه ملف التشغيل، توقفوا خلالها مع كل من سألهم واعترضهم شارحين لهم طبيعة الاعتداء الذي تعرضوا له وتحت مراقبة أمنية مشددة جدا  وعلى الساعة 17 و25 دق وبعد أن قضوا ما يناهز الأربع ساعات مشيا على الأقدام  وصل أعضاء اللجنة أمام مقر معتمدية بوسالم لتقديم احتجاج على الالتزام الذي تعهد به معتمد بوسالم  ورئيس مركز الشرطة صباح هذا اليوم أمام المسؤولين وأمام العموم بالسماح لأعضاء اللجنة بالدخول إلى مدينة جندوبة ،والتنديد بالجرائم التي ارتكبت في حق الأعضاء غير أنهم فوجئوا بغلق أبواب المعتمدية ورفض معتمد الجهة مقابلة أي كان من الأعضاء وسط حضور امني مكثف وعلى مرأى ومسمع الجميع حيث أعلن الأعضاء اعتصام بنصف ساعة واحتجاجهم على تلك الممارسات واستيائهم من السلط المحلية والجهوية التي أصبحت لا تتقن سوى سياسة الصد والمنع والحجز والهروب إلى الأمام. وعليه فان  أعضاء اللجنة: أولا: يعلنون ان قرارهم وإصرارهم العودة  الى مدينة بوسالم مشيا على الأقدام هو تعبير عن موقف احتجاجي على ممارسات السلطة اللاقانونية واللاحضارية ورسالة الى السلط المعنية والراي العام على ما يتعرض له أعضاء اللجنة من انتهاك لحقوقهم المشروعة وحرمانهم من حقهم في الشغل الذي بلغ لبعضهم الإحدى عشرة سنة. ثانيا :يدينون هذا المنع الذي يتنافى مع ابسط ما اقره الدستور التونسي والدساتير العالمية من حرية التنقل وحرية التعبير بالأشكال السلمية والمشروعة. ثالثا:يعلنون تنديدهم الصارخ بسياسة غلق أبواب المسؤولين وعلى رأسهم والي الجهة الذي لا يزال يمانع أعضاء اللجنة من حقهم في الانتفاع بخدمة قانونية. رابعا:يجدد أعضاء اللجنة تمسكهم بحقهم المشروع في الشغل كمطلب أساسي وجوهري ويعلنون اعتزازهم وتمسكهم بوحدة صفهم وتماسكهم ووحدة هدفهم واستعدادهم للنضال من اجل تحقيق هدفهم في الشغل . خامسا: يحي أعضاء اللجنة السادة المولدي الجندوبي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل والهادي بن رمضان رئيس فرع رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان  بجندوبة والأستاذ سعيد المشيشي عضو هيئة فرع رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان  بجندوبة والأستاذ رابح الخرايفي محامي اللجنة على مساندتهم ووقوفهم إلى جانب اللجنة ونخص بالذكر منها الحضور الميداني للبعض منهم. سادسا: تدعو كافة القوى الديمقراطية وكافة مكونات المجتمع المدني دون استثناء وعلى رأسهم الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة بتحمل مسؤوليتها المناطة بعهدتها في الدفاع عن الشغالين والوقوف إلى جانبهم لاسيما في هكذا اعتداءات سافرة. عن اللجنة المنسق العام المولدي الزوابي الأسعد الجبالــــــــي : عضو مكلف بالتعبئة    طارق السعيدانـــــي :عضو مكلف بالنشر والإعلام  نور الدين القادري:عضو مكلف بالعمادات  زيـــاد بلطـــــــــي :عضو مكلف بالتوثيق
 


 

يوميات الصّمود(28) ورقة إخبارية يومية عن إضراب الجوع  17/10/2007  
 
ترينا ساها تزور المضربين مجددا زارت السيدة ترينا ساها مسؤولة الشؤون السياسية بسفارة الولايات المتحدة  الأمريكية بتونس مجددا مقر الحزب الديمقراطي التقدمي حيث التقت بالأمينة العامة مية الجريبي وأحمد نجيب الشابي مطلعة على آخر تطورات الإضراب المفتوح عن الطعام.
 لقاء إعلامي مع جريدة لوموند أجرت السيدة فلورانس بوجي الصحفية بجريدة « لوموند » لقاءا صحفيا مع المضربين مية الجريبي وأحمد نجيب الشابي بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي مساء يوم الأربعاء 17/10/2007  حول دوافع الإضراب عن الطعام وآفاقه السياسية وتأثيراته على الحياة السياسية  في تونس عشية إحياء الذكرى 20 لتغيير 7 نوفمبر.
 الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل يهنئ بالعيد وجه السيد عياد الطرخاني الكاتب العام للاتحاد العام التونسي للشغل بجندوبة رسالتين للمضربين الجريبي والشابي لتهنئتهما بعيد الفطر المبارك مجددا تضامنه ورفاقه النقابيين مع المضربين عن الطعام ومساندتهم لمطالبهما المشروعة انطلاقا من مبادئ وقوانين المنظمة الشغيلة.
فروع الرابطة تتضامن أصدر 17 فرعا للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بيانا عبروا فيه عن دعمهم لرئيس الرابطة الأستاذ مختار الطريفي  وكاتبها العام السيد خميس قسيلة ردا على الحملة الرسمية الموجهة ضدهما.وجدد رؤساء الفرع مساندتهم لمطالب الحزب الديمقراطي التقدمي المشروعة ووقوفهم إلى جانب المضربين عن الطعام منددين بالحملة التضليلية التي قادها أعضاء الديوان السياسي للحزب الحاكم.
 20 ألف منشور في باريس استعدت لجنة مساندة المضربين عن الطعام بفرنسا بطبع حوالي 20 ألف منشور للتعريف بالحركة الإضرابية  وتسليط الضوء على واقع الحريات بتونس، ومن المتوقع  توزيع  هذه المناشير بمناسبة التظاهرات الكبرى التي ستشهدها العاصمة باريس يوم 18/10/2007.
  هيومن رايتس ووتش تتابع في اتصال هاتفي بالأستاذ أحمد نجيب الشابي ، أعرب السيد ايريك قلدستين القيادي في منظمة هيومن رايتس ووتش عن اهتمامه ومتابعته للإضراب عن الطعام الذي يشنه بمعية الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي مية الجريبي ، وأكد دعمه لمطالبهما المشروعة.
  زيارة مرتقبة من المنتظر أن تؤدي يوم الجمعة 19/10/2007 السيدة هيلان فلوتر رئيسة اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي زيارة تضامن ومؤازرة للمضربين عن الطعام.
 مساندة في سوسة يشهد مقر الحزب الديمقراطي التقدمي بسوسة السبت القادم اجتماعا تضامنيا مع المضربين، ودعيت للمشاركة فيه كل الحساسيات والشخصيات الحقوقية بالجهة.
 مقاومة الفقر والجوع عقدت جامعة الحزب الديمقراطي بقابس اجتماعا إحياء لليوم العالمي لمقاومة الفقر والجوع الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة. وأهدى المجتمعون نشاطهم هذا في مقاومة الفقر والجوع إلى المضربين عن الطعام.
اعتصام بكل المقرات دعت الهيئة التنفيذية كل جامعات الحزب الديمقراطي ومناضليه وأنصار الحرية للمداومة كامل يوم الأحد ( ليلا نهارا) بمقرات الحزب تعبيرا عن رفضهم لسياسات الحكم الرامية إلى القضاء  على آخر مربعات الحرية في البلاد.
 دعوة للتعبئة بالمقر المركزي كما دعت الهيئة التنفيذية للحزب إلى التعبئة انطلاقا من يوم 23/10/2007  تاريخ قابلية الحكم للتنفيذ، ودعت كل مناضلي الحرية إلى التواجد المكثف بالمقر المركزي بالعاصمة حتى تبقى شعلة الحرية وهاجة في بلادنا.

اضراب 30 معتقلا اسلاميا عن الطعام في تونس

 
تونس (رويترز) قال محامي سجناء اسلاميين اعتقلوا في تونس في مطلع هذا العام بعد مواجهات مسلحة مع قوات الامن ان 30 سجينا اسلاميا بدأوا اضرابا مفتوحا عن الطعام للاحتجاج على ظروفهم داخل السجن. وقال المحامي سمير بن عمر لرويترز يوم الاربعاء « 30 سجينا اسلاميا مما يعرف بجماعة مدينة سليمان دخلوا يوم السبت الماضي في اضراب مفتوح عن الطعام للمطالبة بتحسين ظروفهم داخل سجن المرناقية المحاذية للعاصمة. » واضاف ان الاضراب جاء ايضا احتجاجا على منع عائلاتهم من زيارتهم في عيد الفطر وعدم توفر الرعاية الصحية اللازمة. وتقول السلطات ان كل السجناء يتمتعون بكافة الحقوق التي يضمنها القانون المتعلق بتنظيم السجون والمطابق تماما للمعايير الدولية وانهم يعاملون باحترام وانسانية داخل جميع السجون في البلاد. ووجه قاضي التحقيقات بتونس في سبتمبر ايلول الماضي تهما بالارهاب ومحاولة تدبير انقلاب الى 30 اسلاميا اعتقلوا في بداية العام بعد مواجهات مسلحة مع قوات الامن في ضواحي العاصمة. ودارت في مطلع العام مواجهات مسلحة نادرة بتونس بين مجموعة سلفية وقوات الامن اسفرت عن سقوط 14 قتيلا من بينهم 12 اسلاميا واثنان من قوات الامن. واعلنت تونس عقب ذلك انها تمكنت من القضاء على المجموعة السلفية التي قالت انها كانت تنوي تنفيذ هجمات ارهابية على منشآت حيوية في البلاد. وقال حقوقيون ان السلطات التونسية افرجت في الاسبوعين الماضيين عن نحو مئة معتقل اسلامي دون توجيه اي تهم اليهم.  


تونس: معارضون يضربون عن الطعام والحكومة تعتبره تشويشا على احتفال 7 نوفمبر

 
تونس ـ لندن ـ خدمة قدس برس   لا يزال إضراب الجوع الذي دخلت فيه الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي التونسي مية الجريبي ومدير صحيفة « الموقف » الناطقة باسم الحزب أحمد نجيب الشابي يثير ردود فعل سياسية بين مؤيدة ومعارضة.   ومع أن السلطات الرسمية اكتفت حتى الآن بانتقاد الإضراب واعتباره عملا سياسيا مقصودا للتشويش على احتفالاتها بالذكرى العشرين لتولي الرئيس زين العابدين بن علي الحكم في السابع من تشرين ثاني (نوفمبر) 1987، فإن التعاطف السياسي الذي لقيه الإضراب في صفوف المعارضة ولدى المنظمات الحقوقية العالمية وعدد من سفراء الدول الغربية خلق مناخا سياسيا مغايرا في تونس، انقسمت فيه مجددا المواقف بين مؤيد ومشيد بخيار الجوع دفاعا عن الحق، وبين داع إلى اعتماد أساليب مختلفة.   فقد اعتبر القاضي مختار اليحياوي في تصريحات خاصة لـ « قدس برس » أن اللجوء إلى إضراب الجوع مع ما فيه من مخاطرة بحياة المضربين عن الطعام لم يكن الخيار الأنسب للمعارضة التي مثلها الحزب الديمقراطي التقدمي، حيث أنه كان قبلة المعارضة التونسية وأكثر الأحزاب السياسية نضجا وأقربها للتعبير عن تطلعات النخب السياسية، وكان عليه أن يلجأ إلى اعتماد أساليب سياسية أكثر تقدما، لا سيما وأن الوضع في تونس لم يعد كما كان، حيث أننا نعيش مرحلة انتقالية من الدكتاتورية إلى الديمقراطية، ولم يعد بامكان النظام أن يمسك بكل خيوط اللعبة، وهو ما كان يحتاج إلى بدائل سياسية ناضجة تقدمها المعارضة وعلى رأسها الحزب الديمقراطي التقدمي لكن دخول الجريبي والشابي حال دون ذلك للأسف، على حد تعبيره.   وأكد اليحياوي أن الحزب الديمقراطي التقدمي هو مؤسسة وطنية، وقال: « هذه الصفة تفرض على قادة الحزب التحرك داخل هذه المؤسسة لتجسد التعددية، صحيح أنه محاصر لكن كان عليه أن يصبر، وأن لا يدخل بقياداته إلى هذا الإضراب الذي أدخل الحزب الديمقراطي التقدمي في أزمة خانقة، سيدفع ثمنها غاليا على المستويين الداخلي والوطني، حيث سوف يؤدي دخول القيادة إلى زيادة التململ داخل الحزب وتكريس الانقسام، ووطنيا فإن الدولة لن تنسى له ذلك، لهذا كنت أحبذ عدم اللجوء إلى هذا الخيار ».   وأشار اليحياوي إلى أن مشكلة النخب السياسية في تونس في المرحلة الراهنة تكمن في تحديد الأولويات، وقال: « لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن النظام الحاكم قد عمد في السنوات الماضية إلى تغيير البنية الاقتصادية للبلاد بالكامل، وأصبحت هناك عائلات اقتصادية معروفة هي التي تتحكم في السياسة، وأي تغيير لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار هذه المعطيات، أضف إلى أن مطلب استقلال القضاء يظل أولوية مطلقة في أي عمل وطني ».   ولفت اليحياوي الانتباه إلى أن أصل المشكلة التي خاض بموجبها الشابي والجريبي إضراب الجوع هي قضائية بامتياز، وأن الأصل أن لا تتم مجابهة القضاء بهذه الطريقة بل بطرق نضالية أخرى، لأن السياسة لا تحتمل المغامرات، على حد تعبيره.    موقف دفاعي شجاع   وفي لندن أشاد الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة المحظورة في تصريحات خاصة لـ « قدس برس » بخيار أحمد نجيب الشابي ومية الجريبي وحمل السلطة مسؤولية ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع الصحية للمضربين، وقال: « الموقف الذي اتخذه كل من الأمينة العام للحزب الديمقراطي التقدمي مية الجريبي ومدير صحيفة « الموقف » أحمد نجيب الشابي هو موقف شجاع ودفاعي مشروع وفيه مصلحة للبلاد أكثر منها مصلحة للحزب الديمقراطي التقدمي، وهو موقف يستحق منا كل التقدير والاحترام والتضامن ».   واعتبر الغنوشي أن إضراب الجوع الذي دخل فيه الشابي والجريبي يعكس تمردا على السلطة، ويلقي الضوء على جزء من واقع الحريات العامة في تونس، وقال: « هذا الإضراب الذي أعلنه كل من الشابي والجريبي يلقي الضوء على جزء من واقع الحريات المتدهور في تونس، حيث أن حزبا معترفا به يفعل به هكذا فما بالك بباقي الأحزاب وهيئات ومنظمات المجتمع المدني العاملة في الساحة السياسية؟ ».   وأشار إلى أن إضراب الجوع الذي دخل فيه الشابي والجريبي مثل نقطة التقاء في المواقف بين عائلات فكرية وسياسية متعددة المشارب، وأكد أن ما أعطاه هذه الأهمية الإعلامية والسياسية هو رمزية دخول القيادة نفسها فيه وليس فقط عناصر من داخل الحزب، وقال: « لو لم يدخل الشابي والجريبي في هذا العمل الشجاع لما كان للإضراب هذه القيمة التي نراها داخليا ودوليا، وهذا التضامن الكبير الذي لا يقل عن التضامن الذي لقيه إضراب 18 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي ».   وعن المخرج من الحالة الراهنة التي آلت إليها العلاقة بين الحزب الديمقراطي التقدمي والحكومة، قال الغنوشي: « المخرج من الأزمة الحالية بيد السلطة التي دفعت بهذا الحزب للجوء إلى هذا الخيار وتجعل منه مثالا لباقي الأحزاب، لأنه فتح صدره للمعارضة، وأن تفسح له المجال بالعمل من موقعه كحزب معارض يحق له أن يعمل وفق القوانين المرعية ».   ولم يستبعد الغنوشي أن يكون الشابي يدفع ثمن موقفه من الإسلاميين ودفاعه عنهم يوم قررت السلطة الدخول في مواجهة معهم، لكنه قال: « القول بأن جزءا من سبب عداء السلطة للحزب الديمقراطي التقدمي يعود لموقفه من الحرب المعلنة ضد الإسلاميين ليس عاريا عن الصحة تماما، لكن الأكيد أن الشابي ليست مهمته الدفاع عن الإسلاميين وإنما الدفاع عن حزبه وخياراته، ولما رأى أن مصلحته في اللقاء مع النهضة دافع عن خياراته، وهذا موقف سياسي ذكي برأيي لأنه رهان على المستقبل لأنني واحد من الذين يعتقدون أن التيار الإسلامي هو المستقبل، والذكي والشاطر هو الذي يتحالف مع القوى الصاعدة وليس مع القوى الغاربة »، على حد تعبيره.   (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 18 أكتوبر 2007)

معارضون إسلاميون اعتبروه حكما « تاريخيا »

إشادة بقاضية تونسية قضت بعدم دستورية حظر الحجاب

 
أشادت حركة النهضة التونسية في بيان لها بحكم قضائي صادر عن المحكمة الإدارية التونسية، ووصفته بالشجاع والتاريخي، واعتبرته « خطوة إيجابية، ومن شأنه أن يضع حدا لـ »مأساة » الآلاف من نساء تونس.   وجاء موقف النهضة على إثر حكم أصدرته قاضية بإحدى دوائر المحكمة الإدارية في تونس، لصالح مدرسة تدعى سعيدة العدالي كانت قد تظلّمت من قرار أصدره وزيرالتربية بفصلها مؤقتا من عملها لمدة ثلاثة أشهر وحرمانها من مرتبها، معللا ذلك بإصرارها على ارتداء لباس »يوحي بالتطرف »، في إشارة إلى الخمار.   وكانت الوزارة الأولى قد أصدرت خلال أول محاكمة للإسلاميين في العام 1981 مرسوما يعرف بـ »منشور 108″، يحظر ارتداء الخمار، ووصمه بالزى الطائفي، ثم تأكد هذا الحظر بقرار إداري آخر يحمل إسم « المنشور 102 » وصدر عن وزارة التربية التونسية في العام 1996، ويمنع التونسيات من حقهن في ارتداء الزي الشرعي، خصوصا في المؤسسات الإدارية والتعليمية وفي كل مؤسسات الدولة، ليتوسع تطبيقه لاحقا في جميع المؤسسات العامة منها والخاصة.   وجاء حكم هذه القاضية واضحا أن المنشورين 108 و 102 يخالفان الدستور التونسي، واعتبرته منشورا »يقوم مقام التدخّل في مجال الحريات الفردية نظرا لما يتميز به اللباس من تعبير عن الانتماء الحضاري والديني والفكري وما يعكسه من ميولات شخصية ».   واعتبرت القاضية في حكمها أن « هذا المنشور يتيح للإدارة سلطة تقديرية غير محدودة في تطبيقه، مما ينتج عنه تهديدا للحريات الأساسية ومنها حرية المعتقد المضمونة دستوريا واستعماله مطية للتضييق في الحقوق والحريات الفردية، وبذلك يكون هذا المنشور مخالفا للدستور الذي يعطي الحق للمواطن في التمتع بحقوقه كاملة بالطرق والشروط المبينة بالقانون »، وفق ما ورد في حيثيات حكم المحكمة الإدارية.   (المصدر: موقع »العربية نت » بتاريخ 18 أكتوبر 2007) الرابط: http/www.alarabiya.net/articles/2007/10/17/40436.html

 

وزير التربية التونسي يتقدّم رسميا للمحكمة بطلب نقض الحُكم القضائي بإبطال منشور يمنع الحجاب

     

 
 تونس – وطن برس – سليم بوخذير أعلنت الحكومة التونسية إستئنافها للحُكم القضائي الشهيرالصادر مؤخّرا القاضي بإبطال العمل بمنشور يحظر الحجاب .  وقال مصدرمستقلّ بالمحكمة الإداريّة بتونس الخميس 18 أكتوبر – تشرين الأوّل رفض الكشف عن إسمه ل »وطن برس » إنّ وزير التربية تقدّم بطلب إستئناف أمس الأوّل إلىالمحكمة الإداريّة لنقض الحُكم القضائي القاضي بإبطال المنشور 102 المانع للحجاب الذي بمقتضاه كان أصدر قراره برفت مُدرّسة مُحجّبة .  و تابع المصدرأنّ المحكمة الإداريّة قامت بترسيم طلب إستئناف الوزير للحُكم تحت عدد 26255 للنظرفيه .  و يُتيح القانون التونسي للحكومة إستئناف الحُكم االقضائي المذكور في الآجال التي حدّدتها التشريعات، الأمر الذي لا يجعله يكتسي صفة « الحُكم النهائي » .  وكان وزيرالتربية أصدرفي عام 2002 قرارا بالإستناد إلى المنشور 102المانع للحجاب ، قضى برفت مدرّسة تونسيّة تُدعى سعيدة عدالة من عملها بمدرسة المهن بحمام الأنف بسبب إرتدائها للحجاب ، مع حرمانها من راتبها ل3 اشهر .   لكنّ المُدرّسة رفعت دعواها القضائيّة على الفور في عام 2002 ضدّ الوزارة لدى المحكمة الإداريّة.  و أعلنت المحكمة مؤخّرا و بعد طول إنتظار، حُكمها القاضي بإبطال العمل بالمنشور 102 ل »عدم دستوريّته » وبالتالي إبطال قرار رفت المُدرّسة المُنجرّ عنه .  و أوردت المحكمة في نصّ حُكمها أنّ تطبيق المنشور « قد ينتج عنه تهديد للحريات الأساسيّة وإستعماله مطيّة للتضييق من الحقوق الفرديّة » ، مُعتبرة إيّاه « مخالفا للدستور » .  و صدر الحُكم عن الدائرة الخامسة للمحكمة الإداريّة برئاسة القاضية سامية البكري ، في القضيّة عدد 1/10976.  و كانت هذه هي المرّة الأولى في تاريخ تونس التي يُبطِل فيها القضاء التونسي العمل بالمنشور102 الذي إستندت إليه الحكومة عديد السنوات لمنع المحجبات في الإطار الوظيفي والطلابي والتلمذي من أحجبتهنّ.  و تونس هي البلد الثاني الذي يمنع النساء من إرتداء الحجاب سواء في مواقع العمل أوفي غيرها ، وذلك بناء على المنشوريْن 108 الصادر في 1981 و102 الصادر في1996اللّذيْن يعتبر أنّ الحجاب « لباسا طائفيّا » و « يوحي بالتطرّف والخروج عن المألوف » .  المصدر : وكالة « وطن برس » بتاريخ الخميس 18 أكتوبر 2007 .


مثول سجين سابق في غوانتانامو امام القضاء التونسي

 
تونس (ا ف ب) – مثل سجين تونسي سابق في معتقل غونتانامو الاميركي الاربعاء امام محكمة ابتدائية تونسية قررت استئناف نظر قضيته في 24 تشرين الاول/اكتوبر على ما افاد مصدر قضائي. ونظرت المحكمة لوقت قصير قضية لطفي لاغا وهو في الاربعين من العمر وموقوف منذ حزيران/يونيو في سجن في منوبة غرب العاصمة وقرر القاضي تأجيل نظر القضية بطلب من الدفاع. وقال سمير بن عمر محامي المتهم « لقد علمنا بتاريخ بدء المحاكمة امس (الثلاثاء) في آخر لحظة ولم نكن نملك ملف المتهم حين مثل اليوم » امام المحكمة. واضاف ان موكله يحاكم بتهمة « الانتماء الى عصابة مفسدين خططت لاعتداءات ضد اشخاص وممتلكات » ما يعرضه للسجن 6 سنوات وفق القانون الجنائي التونسي مشيرا الى ان قانون مكافحة الارهاب الصادر في 2003 لا ينطبق على احداث سبقته. وكان لاغا اوقف في 2002 على الحدود بين باكستان وافغانستان بعد ان غادر تونس سرا في 1998 الى ايطاليا. وبعد اعتقاله خمس سنوات في غوانتانامو نقل في 18 حزيران/يونيو بطائرة حربية اميركية مع معتقل تونسي آخر هو عبد الله الحاجي بن عمر الذي يخضع حاليا لمحاكمة عسكرية. واشتكى لاغا لدى محاميه من تجاوزات تعرض اليها متهما جنودا اميركيين في قندهار (افغانستان) ببتر اربعة من اصابعه من كل يد. وترعى جمعية هيومن رايتس ووتش الاميركية وريبريف البريطانية هذين المعتقلين وتتابعان محاكمتيهما في تونس. وانتقدت تونس مؤخرا قرار قاضي فدرالي اميركي منع تسليم محمد رحمن المعتقل التونسي الثالث في غوانتانامو خشية تعرضه لسوء المعاملة في تونس. ورفض القضاء الاميركي حتى ذلك التاريخ التدخل لمنع نقل معتقلين في غوانتانامو الى دولهم بينهم خمسون يتحدرون من الصين والجزائر وليبيا وتونس واوزباكستان لا يرغبون في العودة الى بلدانهم بحسب هيومن رايتس ووتش.   (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب بتاريخ 18 أكتوبر 2007)

تعايش سلمي بين العرب واليهود في « تونس الصغيرة » بباريس

 
باريس (رويترز) – على الخريطة هي قطاع صغير بشرق باريس يقع بمحاذاة بوليفار دي بيفيه لكن بالنسبة للمهاجرين التونسيين الذين يعتبرونها موطنا لهم والتي تمتليء واجهات متاجرها بالحروف العربية والعبرية تعرف هذه المنطقة باسم « تونس الصغيرة ». وفي بلد عادة ما تتسم فيه العلاقات بين العرب واليهود بالفتور تعد هذه المنطقة بمثابة جزيرة للتعايش السلمي حيث تتواجد المخابز ومحلات الشواء ومحلات الجزارة جنبا الى جنب وهي تعد الأطعمة وفقا للشريعتين الاسلامية واليهودية. وخلال هذا الشهر تزامن صيام شهر رمضان بالنسبة للمسلمين مع صيام يوم الغفران بالنسبة لليهود للمرة الأولى منذ أعوام. وقال موريس كوهين (80 عاما) الذي يعيش في تلك المنطقة منذ 25 عاما ان ذلك الوقت كان فترة تأمل وسلام للمسلمين واليهود في تونس الصغيرة. وأضاف « رغم ما يحدث في الشرق الأوسط فهذا الحي التونسي ممتاز. انه نموذج جيد على علاقات الجوار الطيبة. » وفي هذا المكان تتشابه الكثير من العادات التي جلبها المهاجرون معهم الى فرنسا من شمال أفريقيا. وفي محل لاماما للحلويات الذي يملكه عربي يصطف الناس في طابور طويل في الوقت الذي يهرع فيه الخبازون لتلبية الطلبات على البقلاوة والكعك المحشو باللوز والفطائر الساخنة المحلاة بالسكر. ويقول عمارة عماني الذي تدير عائلته أيضا مطعما اخر في الحي « نبيع تقريبا الاشياء ذاتها التي يبيعها جيراننا اليهود. بل ان هذه الحلويات الشرقية لها الاسماء ذاتها لكنها بلمسة مختلفة. » وعلى نفس الطريق يبيع متجر يهودي حلويات مشابهة. ويقول صاحب المخبز الان زيتون « فتحنا في عام 1962 في نفس الوقت الذي بدأ فيه المسلمون يتوافدون والامور دائما كانت ودية. » ويستعيد كثير من المهاجرين ذكرى الفترة التي عاشوها في تونس التي كان بها جالية يهودية كبيرة ويوجد بها أكبر معبد يهودي في المنطقة وكانت نموذجا باهرا على التعايش السلمي. وفي تونس الصغيرة يتجلى هذا الحنين في الشوارع حيث يسير الرجال المسلمون واليهود جنبا الى جنب أثناء فترة التنزه والتسوق قبل الغروب. قال جان ميشيل روزنفلد وهو مسؤول بمجلس بلدية المدينة ان المسلمين واليهود « جاءوا الى هنا بشكل جماعي بعد الحروب المتعاقبة بين العرب واسرائيل لكن بمجرد وصولهم الى هنا أدركوا أن العادات التونسية وفرت لهم أرضية مشتركة واسعة. » وأضاف « لا يوجد مكان في فرنسا حيث العلاقات بين اليهود والمسلمين أفضل من هنا. بل انني أعرف مطعما يملكه يهودي يفتح أبوابه في عطلة يوم السبت اليهودية لان مالكه يعطي مفاتيحه لصديق مسلم. » ويبلغ عدد أفراد الجالية المسلمة في فرنسا نحو خمسة ملايين شخص وهي الاكبر في أوروبا في حين أن الجالية اليهودية التي يصل عدد أفرادها الى 600 ألف هي ثالث أكبر تجمع لليهود بعد الولايات المتحدة واسرائيل. وشاب التوتر العلاقات بين الجاليتين في بعض الاوقات ولاسيما مع احتدام الصراع العربي الاسرائيلي. ويقول الحاخام ميشيل سرفاتي الذي يدير منظمة للصداقة بين المسلمين واليهود ان مدنا فرنسية مثل بوردو ومارسيليا تعد أيضا نماذج جيدة على العلاقات بين المسلمين واليهود. وأضاف « في النهاية الحضارتان متقاربتان وتشتركان في كثير من التقاليد. فهما حضارتان توحيديتان وتعترفان بالكثير من الانبياء وتشجعان على الصيام ولهما طرق خاصة في تحضير الطعام. » من برايان روهان   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 18 أكتوبر 2007)

 


في منزل عبد الرحمان: بعد انتشال جثتي حسن وشقيقه محمد…

انتشال جثة شقيقتهما مريم بعد أن ظلت مفقودة طيلة 4 أيام

 
خلال اليوم الثاني من عيد الفطر المبارك فجعت عائلة السيد نور الدين الطرابلسي في وفاة 3 من أبنائها دفعة واحدة وذلك على اثر الفيضانات الأخيرة التي جدت بجهة سبالة بن عمار. وكانت  العائلة المنكوبة المتكونة من الزوجة والزوج والأبناء الأربعة قد توجهوا الى تونس العاصمة صبيحة السبت وذلك لزيارة الأقارب وبعد الظهر سلكوا طريق العودة الى مدينة منزل عبد الرحمان وبالقرب من منطقة سبالة بن عمار فاجأتهم الأمطار الغزيرة وبمجرد نزولهم من السيارة غمرتهم المياه وبعد تدخل فرق الانقاذ تم انتشال جثة حسن (16 سنة) يوم الأحد وتم انتشال جثة شقيقه محمد صبيحة الاثنين في حين ظلت شقيقتهما مريم في عداد المفقودين وبفضل تظافر جميع الجهود من حماية مدنية وحرس وطني وبعض المواطنين تم العثور على جثة مريم أمس الاربعاء ودفنت في نفس اليوم بمقبرة الجهة وسط حشد هائل من المواطنين.   نبيل النفزي   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 أكتوبر 2007)
 


الله أكبر   تنعى زوجته: اوجاني فواته النافع. ابناؤه: رضا ومراد وحرمه هاجر بن جميع وابناؤهما ابراهيم ودرة وانور وابنه هادي. زوجة ابنه باقلا بيزلوقا ارملة ماليك وابناهما سنيا وسامي.
والعائلات: النافع، سعيدي، فواته، بن جميع، بيزلوقا والعائلات القريبة والمتصاهرة العزيز عليهم: محمد النافع ويعلنون انه سيقع دفنه بمقبرة قرطاج بيرصة اليوم الخميس 18 اكتوبر 2007 على الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر. يتم خروج الجنازة من محل سكناه 16 شارع 2 مارس 1934 بقرطاج بيرصة على الساعة الرابعة بعد الزوال.   إنّا لله وإنّا إليه راجعون  (المصدر: صفحة الوفيات بجريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 أكتوبر 2007)


وفاة أول أمين عام للحزب الشيوعي التونسي

 
تونس ـ يو بي أي: توفي امس الأربعاء محمد النافع اول امين عام للحزب الشيوعي التونسي عن سن تناهز 90 عاما. ونعت حركة التجديد التونسية، الحزب الشيوعي سابقا، في بيان حمل توقيع امينها العام احمد ابراهيم لها محمد النافع ووصفته بالمناضل الوطني والتقدمي الفذ. واوضحت ان محمد النافع انضم منذ شبابه الي الحزب الشيوعي التونسي، وتولي مسؤولية الأمانة الأولي فيه خلال النصف الثاني من اربعينات القــرن الماضي، كما واصل قيادة الحزب الشيوعي التونسي بعد الاستقلال في العام 1956، وطيلة فترة حظر نشاط الحزب التي تواصلت لغاية العام 1981. واضاف البيان ان محمد نافع كان من ابرز مؤسسي حركة التجديد التونسية عندما حل مكان الحزب الشيوعي التونسي في العام 1993، وبقي عضوا في مجلسها التأسيسي لغاية مؤتمرها العام الأول الذي عقد عام 2001. يشار الي ان حركة التجديد التونسية هي حزب معارض معترف به، وهي ممثلة بالبرلمان التونسي بثلاثة نواب.   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 أكتوبر 2007)


المناضل المخضرم محمد النافع في ذمة الله

 
توفي أمس المناضل النقابي والسياسي الكبير محمد النافع الامين العام للحزب الشيوعي التونسي ما بين موفى الاربعينات وحتى 1981 عندما اسندت الامانة العامة للسيد محمد حرمل القيادي في الحزب منذ الخمسينات.   محمد النافع من مواليد أوت 1917 بجندوبة وقد بدأ مسيرته النقابية والسياسية على غرار مجموعة من النشطاء النقابيين والسياسيين اليساريين في النقابات والاحزاب التي تعطي الاولوية للاصلاح الاجتماعي والسياسي.. قبل أن يتبنى مع رفاقه في قيادة الحزب الشيوعي (الذي كان بزعامة المناضل الراحل علي جراد) المطالب الوطنية ..التي أجمعت عليها الاطراف السياسية بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة بعد مؤتمر ليلة القدر عام 1946 بمبادرة من زعماء الحزب الدستوري ومشاركة رموز كل التيارات السياسية والنقابية والحركة الزيتونية بزعامة الشيخ محمد الفاضل بن عاشور والحركة النقابية الوطنية الناشئة بزعامة الشهيد فرحات حشاد.   مناضل مخضرم    محمد النافع مناضل مخضرم على أكثر من مستوى لانه شارك نضالات اجيال من النقابيين قبل تاسيس الاتحاد العام التونسي للشغل وبعده.. وفي نضالات اليسار التونسي قبل تبنيه رسميا مطلب الاستقلال وبعد ذلك ..ثم قاد الحزب بعد اقالة رفاقه للامين العام علي جراد في موفى الاربعينات بعد خلاف داخلهم حول الموقف من القرار الاممي الخاص بتقسيم فلسطين حيث كان الفقيد من بين مناصري التمسك بالقرار الاممي الذي اعترفت به موسكو والاحزاب الشيوعية العالمية مبكرا.    وتابع محمد نافع مسيرته كمناضل مخضرم على راس الحزب اثناء الكفاح ضد الاحتلال الفرنسي في الخمسينات ثم بعد الاستقلال في مرحلتي الاعتراف بالحزب ثم بعد حضره رسميا مطلع الستينات بتعلة اكتشاف « مؤامرة « مجموعة الازهر الشرايطي الانقلابية.. وتبني الحزب الدستوري آنذاك لسياسة دمجت رسميا بين اجهزة الدولة والحزب وطنيا وجهويا ومحليا.   في مرحلة السرية    محمد النافع الذي درس في الجزائر الشقيقة اللغات الاجنبية وخاصة اللاتينية واليونانية أشرف على الحزب الشيوعي في مرحلة السرية حتى مطلع الثمانينات ..قبيل رفع الحظر رسميا عن الحزب يوم 18 جويلية 1981.. ثم واصل باريحية النشاط في قيادة نفس الحزب بعد تكليف السيد محمد حرمل بالامانة العامة.. وشارك في التغييرات التي شملت توجهات الحزب مطلع التسعينات عندما أعاد مؤتمر 1993 النظر في بعض مرجعيات الحزب وتوجهاته وأسس حركة التجديد.. مواكبة للتحولات الدولية فكريا وسياسيا بعد سقوط جدار برلين وتفكك المعسكرالشرقي وبروز البروسترويكا بزعامة غورباتشيف.    ولئن تدهورت صحة الفقيد في الاعوام الماضية فقد ظل على اتصال بالمناضلين الديمقراطيين وبرفاق الامس من كل الأجيال: من جورج عدة وعبد الحمديد بن مصطفى الى الجيل الجديد من قيادة حزب التجديد.     الامين الاول للحزب أحمد ابراهيم الذي عرف طويلا محمد نافع صرح امس للصباح قائلا: « لئن ننعى المناضل الكبيرمحمد نافع فاننا ننعى بالخصوص فقيدا عزيزا عرف بتواضعه الكبير وكرم أخلاقه وحبه لوطنه وإخلاصه لقضايا شعبه ولقضايا العمال ».   كمال بن يونس   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 أكتوبر 2007)


 
أخبار الصباح  

تعيين منسق عام لحقوق الانسان علمنا من مصدر رسمي انه تم تعيين السيد رضا خماخم منسقا عاما لحقوق الانسان بوزارة العدل وحقوق الانسان.
 
مليون متر مكعب من مياه الوديان قدرت جهات مختصة في مجال مياه الامطار ان قرابة مليون متر مكعب من مياه الامطار حملتها بعض الوديان في ظرف وجيز الى السباخ والبحر … واعتبرت هذه الكمية وسرعة تدفقها كبيرة جدا مما تسبب في مخاطر في بعض الجهات التي لم تتحمل وديانها ومجاري مياه الامطار فيها هذه الكميات الكبيرة من المياه.   الصفائح الالكترونية للسيارات تمثل الصفائح الالكترونية داخل محركات السيارات الحديثة من جيل هذه العشرية نسبة هامة من مكونات السيارات ويذهب البعض من المكانيكيين واصحاب ورشات اصلاح السيارات للقول بأن السيارة الحديثة باتت قطعة الكترونية لا تختلف كثيرا عن التلفاز.. ويشار الى أن الصفائح الالكترونية اصبحت تمثل جزءا هاما من قطع الغيار في السوق .. لكن بين بعضها المقلد والاصلي يكمن الخطر في اقتنائها .. فهل من ضبط لهذه المسألة ، خاصة وان ابسط هذه الصفائح لايقل سعرها عن 50 دينارا.   التلاميذ.. وملفات البحوث عبر الانترنات أبدى العديد من المربين امتعاضهم من ظاهرة اعداد ملفات البحوث التي يتولون تكليف التلاميذ بها على اعتبار ظاهرة اعتماد التلاميذ على الانترنات في ذلك.. واشاروا الى ان تجميع الملف عبر الانترنات لا يمثل مجهودا يذكر، خاصة وان العديد منهم يقدم معلومات لا يفهمها علاوة على تولي الاولياء القيام بهذا المجهود بدلا عنهم..   أليست هناك طرق أخرى أجدى في تدريب التلاميذ على البحث؟   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 أكتوبر 2007)

في ظلّ تدهور القدرة الشرائية: هل تتجه العائلة التونسية إلى الإفلاس؟

محسن المزليني هل تعلن الأسرة التونسية إفلاسها في ظلّ التقارير التي صدرت عن وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة؟ أكّدت المعطيات أنّ 44 بالمائة من الخلافات العائلية التي تؤدّي بعضها إلى الطلاق تعود أسبابها إلى عدم قدرة الأسرة على أعباء القروض، فيما     ترجع 14 بالمائة منها إلى عدم اقتناع أحد الزوجين بالمصروف اليومي، أمّا مصاريف السكن فتسبب في الخلاف بنسبة 13 بالمائة. وبذلك تمثل هذه العوامل المتشابهة السبب الأول في النزاعات العائلية بنسبة 71 بالمائة.  فهل نحن على أبواب أزمة اجتماعية بسبب هذا الإفراط في التداين من أجل حياة الإستهلاك الكامل التي تتجاوز القدرات الذاتية لمن استحكمت فيهم السلوكات التفاخرية؟ وإذا كنا أبعد عن الأزمة التي عاشها الاقتصاد الأميركي بسبب مشكلة الرهن العقاري وما انجرّ عن ذلك من ارتباك المنظومة الإقتصادية العالمية، إلاّ أنّ ذلك لا يقلّل من وطأة هذا الوضع على العائلة التونسية وتصاعد الضغوط عليها، كما يطرح أسئلة ضرورية حول « الرخاء » المزعوم الذي تعيشه « الطبقة الوسطى »، مفخرة المعجزة الإقتصادية التونسية ! عائلة تحت الضغط بات من البيّن التدهور الذي تشهده المقدرة الشرائية ليس فقط لذوي الدّخل المحدود وإنّما للشريحة الغالبة من المواطنين، تدهور عكسته الصناديق المكوّمة بالخضر والغلال أثناء شهر رمضان حيث كثر العارضون وانكفأ المشترون على ما أبقاه لهم الدخول المدرسي ونعمة الكراس 2×1 ذي الثمن العجائبي: 6د وزيادة (لا يلاحظ الكثيرون أن هذا الثمن يفوق في بعض الأحيان أجر يوم عمل في القطاع لفلاحي). سجّلت الأرقام الرسمية لسنة 2006 ارتفاعا في مؤشر الإستهلاك بما يساوي 5.4 بالمائة، فيما ارتفع مؤشر النقل بـ 6.4 بالمائة. وفي ظلّ ارتفاع نسبة التضخّم إلى 4.5 بالمائة فإنّ الحديث عن رغد العيش هو أقرب للأحلام والدعاية منه إلى الوقائع. منير رجل تربية بدأ حياته العملية في أواسط السبعينات علّق على ما آلت إليه حالة عائلته المادية وفي العين قذى وفي القلب شجى قائلا: بدأت حياتي العملية بأجر لا يتجاوز 54 دينارا و240 مليما حتى إننا كنا نعلّق على ذلك مازحين بالقول 54 دينارا وعلبة سيجارة « خضراء ». كان هذا الأجر يكفي لأن يبني الإنسان حياته. لقد اشتريت الأرض التي أحببت وبنيت عليها منزلا فصّلته على عيني واخترت زوجة خيّرت أن تبقى بالبيت فتهتمّ به وبتهيئة حياة مستقرّة… كان ما أتقاضاه يكفي كلّ هذا ويزيد، بل يكفي لوازم الملابس الأنيقة التي تستلزمها مكانة المعلّم المرموقة في ذلك « الزمن الغارب »… تنهد طويلا ثمّ أضاف: رزقني الله بالأولاد، لم اكن أتخيّل يوما أن أعجز عن تحمّل أعباء دراستهم، كنت في تلك الفترة أتفهّم ان لا يحصل ابن المعلّم على منحة دراسية بالنّظر إلى قدرتنا على توفير كلّ المستلزمات، لكن سبحان مغيّر الأحوال. ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لاخترت زوجة تعمل لهذا الزمن « الأسود ». وتدخّل صديقه علي وهو أستاذ أصغر منه سنا دخل ميدان العمل مع كشف المعجزة الإقتصادية عن بركاتها… علي تزوج منذ سنين ثلاث زميلة له وهو يعمل ويكدّ، لم يترك مصدرا للتكسّب إلاّ وجرّبه كما قال: تعليم رسمي و ساعات إضافية وتدريس بمدرسة حرّة والوقوف على ابواب الميسورين لبيع المعرفة لأبناء أزهد ما يكونوا في بضاعة العلم الكاسدة. لقد غدى المنزل أشبه بمبيت ألتقي فيه أنا وزوجتي بعد أن يمضي بعض أجزاء الليل، كلّ هذا من أجل أن أوفّر ما أستطيع به تعويض ما يقتطعه استخلاص قرض سكن رهنت من أجله قرابة نصف شهريتي طول عشرين عاما أعطانا الله طول العمر وإذا زدنا إلى ذلك قرض زوجتي من أجل أن نشتري سيارة تصير الحياة أشبه بمن يلهث ليقبض على ظله. استهلاك بلا حدود إذا كان الوجه الأوّل للأزمة هو شطر تتحمّله الدّولة وهي المسؤولة عن تدهور القدرة الشرائية فإنّ الوجه الثاني يتمثّل في السلوك الإستهلاكي غير الطبيعي للأسرة التونسية، إذ يلاحظ الباحث لطفي ت تكاثر المراكز التجارية الكبرى بالعاصمة وشدّة الإقبال عليها لشراء أشياء وسلع عادية بكميات ضخمة بشكل غير متحكّم فيه بالنّظر إلى أسلوب التسويق التجاري المعمول به داخل هذه الفضاءات والمحكوم بما سماه « ديمقراطية الإستهلاك » فالكل يحجّ إليها من كلّ فجّ عبر الحافلات أو السيارات ليُكتب من علية القوم فيحترم ذاتا تبحث عن مكانة ولو كلفها ذلك كلّ ما تملك. ألم تسمع بما جرى، أضاف محدّثي، بما جرى ليلة الصولد ما بعد منتصف الليل في هذه الفضاءات الكبرى.. إنّ المدقق في الوجوه يرى جدية و تركيز و رهبة كبيرتين والغريب أنّ الهدف هو اقتناء المقرونة و قوارير المياه والمشروبات الغازية بأعداد مهولة وكأنّ السلوك الإستهلاكي يتحوّل إلى هستيريا تُغشي الأبصار وتُعمي البصيرة. فهل يحتاج اقتصاد أعرج يتعثّر في طريق السوق إلى مثل هذه القضاءات لبيع… الماء. آخر الطبّ قرض لا شكّ أنّ هذا السلوك الإستهلاكي الواسع وفي ظلّ ضمور المقدرة الشرائية دفع بالمواطن إلى مأزق الإقتراض، وهو ما يعكسه تضاعف حجم القروض ليبلغ 4.7 مليار دينار سنة 2005 بعدما كان لا يتجاوز 2.7 مليار سنة 2002. ومقارنة بالقروض الممنوحة للأنشطة الاقتصادية والتي كثيرا ما تتشدّد البنوك في شروط إسنادها، فإنّ القروض الشخصية والإستهلاكية تتميّز بتسهيلات كثيرة. يعلّق الباحث في الإقتصاد سامي ب بقوله : يواجه قطاع الصناعة مشاكل عديدة عند سعيه للحصول على قروض للمشاريع من البنوك التي كثيرا ما تبدي شروطا تعجيزية في حين لا تخفي  لهفتها على تقديم القروض الشخصية، محذرا من التوسّع في إسناد القروض دون اعتبار قدرة المقترض على التسديد، إذ من غير الطبيعي أن يُقتطع من مرتب الموظف أكثر من 60 بالمائة من مرتبه دون أن يكون لذلك كلفته الإجتماعية.ولا شكّ أنّ التنافس بين البنوك زاد في حمى الإستدانة جعلت بعضها يُخصّص قرضا لقضاء موسم التصييف أو لاستخلاص قرض من بنك آخر ولسان الحال يقول « وداوها بالتي كانت هي الداء ».  لا شكّ أنّ تدهور الأوضاع الإجتماعية لعموم التونسيين والتي بات يلقي بظلاله على المعيش اليومي وأن كان لم يتمظهر بعد في سلوك احتجاجي إلاّ أنّ الأمر يستلزم كما يرى الكثير من الملاحظين التوقف بكلّ الجدية والموضوعية على دراسة الحالة كما هي في الواقع والكفّ عن ترحيل الأزمات والتعمية عليها بمعسول الكلام و شهود الزور قبل أن يتّسع الفتق على الرّاتق وتتعمّق الأزمة فتبلغ العائلة التونسية الإفلاس وما يعنيه ذلك من خسائر ومخاطر غير محسوبة؟ وهل أنّ من يتحدّثون عن طبقة وسطى تساوي 80 بالمائة من سكان البلاد يعيشون بيننا ويتحدّثون عنا أم عن سكان في كوكب آخر؟   

 

 

قابس:أصحاب النزل يطالبون السلطة بالتصدي لظاهرة الشقق المفروشة

تستقبل مدينة قابس مئات المواطنين اللبيبين في الشهر قصد لتداوي و الترفيه ،و إن كانت زيارتهم تنعش الحركة التجارية في الجهة فإنها  تتسبب في المقابل في الكثير من الفوضى و إقلاق راحة سكان المدينة. تسعون بالمائة من اللبيبين الذين يختاروا مدينة قابس لقضاء شؤونهم يحبذون الإقامة في شقق مفروشة عوضا عن النزل ، و تتواجد أغلب هذه الشقق في الأحياء الشعبية مما يتسبب في راحة المتساكنين خاصة إن كانوا اللبيين من فئة الشباب لعدم احترامهم  عادات و تقاليد الجهة بقلب الشقق المفروشة إلى شقق تمارس فيها الدعارة و شرب الخمر ،دون تحريك ساكن لأصحاب الشقق و يرجع صمتهم على هذه الممارسات  إلى ضخامة المبلغ المدفوع في تأجير الشقة (ثلاثون دينارا في الليلة الواحة). ممارسات أقلقت راحة مساكني الأحياء الشعبية و كذلك أصحاب النزل(السياحية و العادية) الذين يشتكون من تزايد قيمة الأدءات الضريبية و تراجع عدد الحر فاء و يطالبون السلط الجهوية بالتصدي لظاهرة الشقق المفروشة أو تنظيمها و إخضاعها لكراس شروط لإجبار أصحابها على دفع الأدءات و بذلك تضمن السلطة حقها الجبائي و تساهم في تحقيق الراحة لمتساكني المدينة.  معز الجماعي

 

حتى أنت يا مطر…!

 
بقلم: مختار اليحياوي
خلال أقل من ثلاثة أسابيع تشهد العاصمة تونس ثاني فيضان لها في المرة الأولى يوم 24 سبتمبر الماضي و في أوج شهر رمضان فوجئ سكان العاصمة بشوارعها تتحول إلى أودية زاحفة عطلت حركة المرور وحكمت عليهم بالسير تائهين حفاة جياعا مبتلين لا يعرفون كيف يدركون منازلهم و لا يجدون ما ينهون به يوم صيامهم. هذا عدا من داهمتهم المياه في منازلهم أو نكبتهم في بضائعهم و عطلت وسائل نقلهم بعدما اختفت وسائل النقل العمومي و انقطعت مسالك المرور. و كادت تحصل الكارثة لولا تضامن المواطنين و إسراعهم لإغاثة المحاصرين بالمياه في نفق باب سويقة داخل الحافلات و السيارات التي غمرتها المياه و الذي تحول إلى مصيدة عند كل نزول أمطار منذ عديد السنوات. و لكن ما لم يكن في الحسبان تكرر يوم أمس الجمعة ثاني أيام عيد الفطر و المخصص عادة لفرح ونزهة الأطفال و تحول ذلك العيد إلى نكبة لأكثر من ثمانية عشر فردا جرفتهم المياه على حين غفلة و حولت فرحة العيد إلى نكبة و لا يزال التعتيم الإعلامي مستمرا حاجبا الحصيلة النهائية الحقيقية لعدد الضحايا و هو الشيء الوحيد الذي برع فيه هذا النظام في مواجهة الكوارث و الأزمات. الأمطار التي نزلت أمس على العاصمة لم تكن استثنائية و لا غير معهودة و لا مفاجئة. و تبين صور الأقمار الصناعية أن كتلة السحب المتسببة في الكارثة بدأت في التشكل في عرض البحر شرقي الجزائر منذ الفجر و مرت على الشمال الغربي صباحا و لم تبلغ العاصمة إلا في حدود الساعة الثالثة بعد الزوال و غادرت سمائها نهائيا في حدود الساعة السادسة بمعنى أن نزول الأمطار لم يتجاوز الثلاث ساعات بلغ أعلى نسبتها السبعين مليمترا حسب تصريح مسئول الرصد الجوي ليلة أمس و بمعدل 40 مليمترا حسب ما ورد بالصحف صباح هذا اليوم. و هكذا يصبح الحديث على ضوء هذه المعطيات عن أمطار طوفانية و سيول جارفة من قبيل تلك المغالطات الماكرة التي ترمي إلى التخلص من المسئولية على حساب القضاء و القدر و القوة القاهرة. لتخفي حقيقة جريمة ألائك الفاسدين الذين استغلوا وضعهم من السلطة للإستبداد بهذا القطاع دون حسيب أو رقيب على مدى عشرات السنوات بعد أن حولوه إلى وسيلة للجباية و ابتزاز أموال المواطنين بصورة فاحشة بشتى العناوين تحت ستار ديوان التطهير و استهلاك الماء قبل أن يتركوا ورائهم الكارثة و ينصرفوا لتشييد القصور. و لعل ما يضفي على المأساة مسحة الكوميديا ما وقع الرد به على الصحافة بعد أن حاصرتهم الإتهامات بعد أمطار سبتمبر عندما قالوا أن مجاري ديوان التطهير لا دخل لها في مياه الأمطار لعلهم يقصدون أن الدمية « لبيب » التي ضحكوا بها على ذقوننا هي المسئول. و لعل هذه الأمطار تأتي لتذكرنا بالحال الذي تردت له حال بلادنا على نحو ما علق به أحد المدونين ليلة أمس على الفاجعة  » كان صبّت اندبي و كان ما صبّتش اندبي  » حيث أغلق هذا العهد كل شيء و حكم بالعطالة و الصمت على أهلها و خيرة رجالها عدى من شردهم و حبسهم متماديا في غيه لا يرى غير استمرار الحكم في يده هدفا لسياسته مغلقا كل شيء و لم تسلم منه حتى المطر حتى أصبحنا نغرق في باب بحر. و هكذا تتنزل هذه الكارثة و ما رافقها من ضحايا و معاناة ضمن سلسلة من المؤشرات المتضافرة على قرب انقضاء أجل الصبر و المدارات ليهب لتونس أهلها لأنها فعلا في حاجة لمن ينقذها و يعيد البسمة لكل أطفالها بعد أن تحولت في نظر العالم إلى البلد الذي يخشى على رعاياه من بطش نظامها. و المجد لشهدائنا الذين تقترن هذه المأساة مع إقدام هذا النظام على إلغاء الإحتفال بذكرى استشهادهم حتى يذكرنا أن المقصود بالجلاء ليس الاستعمار فحسب و إنما التحرر من كل الطغاة. و حتى ندرك أن الكارثة الحقيقية هي الإستبداد و ما يلازمه من فساد و غياب للحرية.  المختار اليحياوي – تونس – 14 10 2007   (المصدر: مدونة Tunisia Watch لمختار اليحياوي بتاريخ 14 أكتوبر 2007) الرابط: http://tunisiawatch.rsfblog.org

 

هيرودوت…أريانة هبة الفيضان

 
« أريانة هبة الفيضان » هذه العبارة وصف بها المؤرخ هيرودوت أريانة فى الفصل السابع من الجزء العشرين من كتابه … يــُــعتبر المؤرخ اليوناني هيرودوت من أفضل الذين كتبوا عن أريانة وسبخة السيجومي.. ويذكر هيرودوت في أعماله كيف أن تونس أرض موهوبة منعمة….لا يصيبها ضر بسبب حكمة و رشد أصحاب القرار. يقول مؤرخنا:   صحيح أن الفيضان هو الشريان حياة لأريانة …ولكن لم يستكن أبناء العاصمة لهبة الفياضانات بل أنهم بلغوا الآفاق فى علمهم وتقدمهم فصاغوا مسارات الفياضانات وصنعوا بحيرة في قلب ساحة الحبيب ثامر… وأقاموا الجسور الترابية للسيطرة على الفيضان…   عرف التونسيون القدماء أن الفياضانات لا تنبع من السماء… بل تنبع من باطن الأرض من قنوات تـُــُسمى « زيقوووات »… ينبع من باطن طريق معبد… صـُـــرف على دراسته و أنجازه مليارات، حيث قام التونسيون بالعديد من رحلات الدراسة ألى بلاد الفرنجة لتكوين مهندسين. أشرفوا على بناء ما كانوا يدعونه « كياص »…ولكن التونسيين القدماء كانوا يعتقدون في نفس الوقت أن الفيضان يولد ولادة مقدسة… كعقاب من الله .   … كان كل ذلك فى عصر قدماء التونسيين الذين عاشوا أوائل القرن الحادي و العشرين … ففى عصر الجمهورية … تجد آثار قنوات تصريف في شارع باريس اليوم دليلاً على أن التونسيين كانوا يعملون على الأحتفاظ بالبنية التحتية الفرانساوية التي تركها المستعمر وراءه… وحتى منطقة « المنازه », يمكنك أن تجد فيها قنوات صرف محفورة منذ العصر الفرنساوي وبئراً أو أثنين حديثة حفرها التونسيون في حدائقهم للهروب من دفع الجباية لمصالح صرف المياه…   وفي الأسفار القديمة, تحدث آخرون عن المساحة من أرض تونس التي تقع خلف المركب الجامعي… وتمتد لهكتارات كل سنة ، فأعطوها تسمية دقيقة؛ هي « السبخة »:   أثبت الجيولوجيون بأن أرض السبخة , كانت غير صالحة للبناء؛ إلى أن بناها كادحون يبحثون عن الخبز لم يجدوا سقفا يحميهم من شر الفقر… وشكلوها بترسيب طبقات من المكعبات تسمى « كنتول » أو « ياجور » او من صفائح معدنية تسمى « قصدير ». وهذه المنطقة هي نوع من ضفاف البحور؛ الذي عادة ما تكون جافة، باستثناء فترة موسم الأمطار…   بعد عدة كوارث في منطقة السبخة توالت بعد زخات الأمطار..أستنبط التونسيون حلولا لأسكات النقاد…فكان أن أبتكروا قرارا يـُــسمى بـــعزل المجلس البلدي لتقصير في المهام… واختص التونسيون مسؤوليهم بالتوقير والتبجيل والتمجيد. كما كانوا عقب كل فيضان يشيدون بسرعة التدخلات و غزارة المساعدات و كثرة التوصيات و شديد الأنشغال و عمق المتابعة.   (المصدر: مدونة Free Race التونسية بتاريخ 14 أكتوبر 2007) الرابط: http://free-race.blogspot.com/2007/10/blog-post_14.html


 

 

خمسة أسئلة بريئة جدا الديمقراطية في تونس

 

     إنه من الطبيعي جدّا أن تنتقد المعارضة بقسوة الحكم وأن ترصد بطريقة ميكروسكوبية أخطاءه وزلاته وربما تضخمها حتى تنال من  شعبيته في سبيل  إزاحته من  منصبه  ديمقراطيا وسلميا. ,ولكن من الطبيعي أيضا أن تدافع السلطة  عن نفسها  إلى حد شيطنة المعارضة من ناحية والمبالغة في  تلميع نجاحاتها وتزويق واجهتها لتبدو فريدة عصرها ومصرها.

    وبين خطاب الشد الذي تمارسه المعارضة وخطاب الجذب الذي تمارسه السلطة يستطيع الملاحظ النزيه والمحايد أن يرصد علامات  دالة من صميم الواقع تسمح له  بالحكم  المنصف  لهذا الطرف أو ذاك. وبناء  عليه  فها  نحن نطرح خمسة أسئلة على يشكك في نزاهة المعارضة الديمقراطية ويبرئ ساحة  السلطة.

 

    أولا: هل  من  المعقول  في ظل دولة  ديمقراطية  تنعم  بتعددية الأحزاب  أن يكون  المقر المركزي للحزب  الحاكم بناية شاهقة  وحديثة أفخم من  نزل خمسة  نجوم وتفوق تكلفتها ملايين الدينارات، قي حين أنّ المقرات المركزية لأحزاب المعارضة مجرد شقق شعبية جدا  في عمارات قديمة مهددة بالسقوط  تستغلها جميعا على وجه  الكراء لا الملكية؟

 

    ثانيا » هل هو من الأعراف  الديمقراطية  في شيء أن يستمر الحزب الدستوري  في الحكم نصف قرن وفي الحصول في كل أنواع الانتخابات العمومية على  أكثر من 95 % وتستمر المعارضة الديمقراطية مجتمعة في حصد أقل من 3% في عصر أصبح  فيه  التداول  على  السلطة والحضور الفاعل  لمؤسسات المجتمع المدني للحد من تغوّل الدولة من  بديهيات تسيير الشأن العام؟  هأي هل هناك وضع  ديمقراطي  سليم و لبس فيه اقصاء ومحاصرة واستغلال نفوذ  وشراء ذمم وتبقى  فيه  المعارضة  مهمشة لا تتجاوز تمثيلتها3%

 

  ثالثا: هل يجوز الحديث عن ديمقراطية في تونس في الوقت الذي يبقى فيف المشهد الإعلامي الجماهيري الممول من قبل أموال الشعب أحادي اللون  و الطعم  والرائحة. فلا نسمع عن  أخبار المعارضة والجمعيات المستقلة في إذاعاتنا و تلفزيوناتنا أكثر من معدل دقيقة في اليوم مقابل 1439 لأخبار الحزب الحاكم؟ كيف يمكن لهذا التبادل اللامتكافئ للتواصل مع الجماهير  أ، يثمر تعددية حقيقية و تداول على الحكم؟ إذا  كانت  المغارضة أقلية وضعيفة ومهترئة ولا تقنع الناس… فلماذا يخشاها الحكم ويتحدث عنها بضمير الغائب أو الميت ويمنعها  من  الاتصال المباشر مع  الجماهير  عبر  التلفزة  والاذاعات؟  أليست هذه قلة ثقة في الذات وخشية مفرطة من الآخر؟

 

  رابعا: هل ما زال الحديث عن المعارضة في صيغة فئة قليلة ضالة تصطاد في الماء العكر تعمل لخدمة مصالح أجنبية تهدد استقلال الوطن… حديثا مستساغا وكأننا في بلد يتبنى اديولوجيا ثورية ويعمل ما في وسعه لمحاربة الامبريالية و العولمة ومساندة حركات  التحرر  بالمال و  الثوار؟  ألا  تخفي هذه  الاتهامات عقلية إقصائية عنيفة تهرسل الآخر المختلف ماديا و معنويا حتى تسكته إلى الأبد أو تزيله من الوجود؟  ثم ألا يعتبر هذا الخطاب البائد المتخشب الذي أكل عليه الدهر وشرب والذي لا  يستند إلى  انتخابات ديمقراطية أو  مراكز إحصاء أو سبر أراء  علمية  ومحايدة توضح حقيقة حجم  كل فئة ونسبة تمثيليتها، خطابا  أصوليا وثوقيا يدعي  أنه  يمتلك الحقيقة والوطنية والشرعية  وكل  الصفات الرنانة التي ميّعت وأفرغت من  محتواها، وأصبحت شعارات جوفاء  تثير الشفقة  على من يرددها وهو أول  من  يتنكر لها.  بمعنى  هل أن السلطة دائما على حق في المطلق و المعارضة الديمقراطية دائما  على  بالطل في المطلق؟ أليس هذا هو الخطاب  السبحاني الميتافيزيقي الذي يتناقض مع المنطق العلمي النسبي الواقعي الحذر من التعميمات والأحكام الجاهزة؟

 

خامسا: هل  هو  من سمات حرية الإعلام والتعبير  أن  يقع التكتم على مقابلة وزير خارجيتنا مع وزير خارجيتهم (العدو الصهيوني) في الوقت الذي تتهم فيه المعارضة بالعمالة للأجنبي، والتكتم عن اسم الحزب المضرب عن  الطعام وأسماء قيادييه  وتبليغ صوتهم إلى الناس خشية القيام بدعاية مجانية لهم قد تنزل بالتجمع الدستوري إلى  ما دون  96% في انتخابات 2006 وتجعله ضحكة بين الأمم. ومن  هنا  يستحسن الحديث عنهم  بضمير الغائب وكأنهم  ليسو بين ظهرانينا بل في كوكب آخر قصي  يحدث ذلك في نفس الوقت الذي نتحدث فيه منذ 20 سنة عن  بلوغ  الشعب التونسي  درجة  من النضج تؤهله للتمتع بجميع حقوقه بما  فيها الحق في الإعلام والتداول على السلطة والمشاركة السياسية، وأخيرا وليس  آخرا التكتم على حكم قضائي  من أعلى  سلطة قضائية  في البلاد ألا  وهي المحكمة  الإدارية، والتي  قضت مؤخرا قي القضية  عدد10976/1 بلا دستورية منشور منع  حجاب المرأة في المعاهد  والكليات والإدارات العمومية لأنه يتدخل في الحريات الفردية  والمعتقدات الشخصية في حين  نتحدث  صباحا مساء ويوم الأحد عن  دولة القانون والمؤسسات  وعلوية القانون واستقلال القضاء؟

  

    ختاما  إذا قيل –رغم كل هذا – أننا  ننعم في تونس في  ظلال  ديمقراطية ووضعنا السياسي صحيا ومعافى فإني أقول أن هذه الديمقراطية  لم  تعد صالحة لا لزمانها  ولا لمكانها، وأنها في أمس الحاجة إلى تأهيل شامل يمكنها حقيقة من الانخراط في العولمة ومجتمع المعلومات والتصالح  مع شعبها وعصرها  حتى  تؤتي أكلها وتمكننا من إحداث تنمية شاملة  عادلة مستدامة  تضع  حدا لهروب شبابنا من  بلاده في  قوارب الموت  أو عزوفه عن الاهتمام بالشأن  العام مفضلا الشغف بالكرة « أفيون الشعوب وصرخة المضطهدين » .

 

 جابر القفصي


المشي على الأقدام لمسافات طويلة شكل نضالي جديد

 
قام يوم 17/10/2007 أعضاء اللجنة الجهوية للدفاع عن خريجي الجامعة من حملة الشهائد العليا والعاطلين عن العمل ببوسالم بمبادرة نضالية سلمية راقية جدا أثبتت نجاعتها الميدانية احتجاجا على منع قوات الأمن ممارسة حقهم في التنقل من مدينة بوسالم إلى ولاية جندوبة . لقد قسمت قوات الأمن المجموعة إلى مجموعتين منفصلتين ومتباعدتين يصعب عليهم التواصل مع بعضهم. وأرغم أعضاء اللجنة على المكوث تحت الشمس الحارقة لمدة أكثر من ثلاث ساعات. بعد مرور هذه المدة طلب أعضاء اللجنة السماح لهم بالعودة إلى مدينة بوسالم فجوبه طلبهم بالرفض إلا انه أمام إصرار المجموعة اتصل كل من السيدان المولدي الزوابي ونورالدين القادري أولا بالسادة الهادي بن رمضان رئيس فرع الرابطة للدفاع عن حقوق الإنسان والسيد المولدي الجندوبي الأمين العام المساعد للإتحاد العام التونسي للشغل والأستاذ رابح الخرايفي المحامي وعضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي لإعلامهم بما يسلط عليهم من انتهاكات وهضم لحقوق الدستورية وعلى صدرها حق التنقل. لهذا تنقل الأستاذ رابح الخرايفي المحامي إلى مكان حجز المجموعة الأولى للاستفسار على الوضع وعلى السند القانوني الذي يمنع الناس من التنقل أو العودة إلى مدينة بوسالم بالشكل الذي يقدروه طالما ليس هناك إضرار سواء بالحقوق العامة أو الحقوق الفردية فبعد حوار ذي صبغة قانونية وحقوقية بين المحامي ورئيس الفرقة سمح للمجموعة بالانصراف. احتجاج على ذلك قرر أعضاء اللجنة العودة إلى مدينة بوسالم على الأقدام ،كشكل من أشغال،ويشرح أعضاء اللجنة وضعهم لكل من يعترض سبيلهم . رابح الخرايفي         


رسالة إلى الرفيق محمد الكيلاني

 
تحية تقدير واحترام وبعد، أنا طالبة بكلية العلوم بتونس انتمي للنقابيين الراديكاليين ومنخرطة بالاتحاد العام لطلبة تونس أتوجه لسيادتكم بهذه الرسالة لأسألكم هل اطلعتم على ما ورد باسم حزبكم من بيانات وهل تقبلون أيها الرفيق ما ورد فيها من ذكر لأسماء مناضلين كنت بالأمس القريب تعتبرهم رفاقك وتسعد بتلقائية الزعماء كلما قابلتهم؟ هل تقبلون بمثل هذه البساطة أن تقلب الحقائق وتزور الأحداث وتصور هذه البيانات أحداث حرب دموية كادت تستعمل فيها أسلحة كيمياوية أو بيولوجية؟ لماذا كل هذا التهويل؟ ولماذا كل هذا الحقد؟ وما الغاية من حملة البيانات هذه التي تتهمون فيها رفاقك صراحة بجرائم خطيرة « التهديد بالقتل » وجمعية « ترتكب المحظور » وتنتقل إلى « الجريمة المنظمة » وطور « الإرهاب السياسي »؟  لماذا كل هذا أيها الرفيق؟ هل لأنك خسرت الأغلبية داخل المكتب التنفيذي؟ أم لأنك خسرت أمانة المال؟ ما دخلك أنت أصلا في هذا الصراع؟ وما الذي يقودك في خلافات بين الطلبة مهما كانت أشكالها أو مستويات الصراع فيها؟ على حد علمي هذه الصراعات تهم الطلبة ولا تهم أوليائهم. لماذا لم ترسل بابنك ليدافع على الشرعية في كلية العلوم؟ عيب أيها الرفيق ما يصدر عنك فهي روايات جانبت الحقيقة ولا يصدقها إلا فاقد الصواب. أنت تدين العنف في بياناتك هذا جميل، لكن من كان وراء هذه الأحداث؟ الم ترسل كل عناصرك لكلية العلوم « ليطيروا برأس شاكر » الذي لم تخف حقدك عليه بمجرد توليه أمانة المال؟ وأقحمته في أحداث ووجهت له تهم خطيرة وهو لم يكن موجودا أصلا في كلية العلوم؟ لماذا أقحمت الأمين العام في كل هذه الأحداث وهو خالي العلم بها؟ لماذا كل هذا أيها الزعيم؟ والزعماء لا يكذبون. أي هياكل تتحدث عنها، هل هنالك انتخابات في كلية العلوم وهل لديك عناصر تنتمي إلى حزبك تدرس معنا؟ عيب أيها الرفيق، أتحداك أن تقدم ثلاثة أسماء يقولون أنهم يقاسمونك التصور ويدرسون بكلية العلوم؟ ألا تعتبر التنصيب جريمة ومخالفة للقوانين والأخلاق والتقاليد؟ إني ألتزم لك باسم رفاقي قدّم قائمة في كلية العلوم ولن ينافسك فيها أحد، سنزكيها بالإجماع ونعترف لها بالشرعية. ألا تعلم أيها الرفيق أن عدد المقاعد في فدرالية العلوم يتجاوز عدد المناضلين الذين معك في حزبك بمن فيهم غير الطلبة. ألا تخجل أيها الرفيق بالتمسك بمكتب فدرالي وهمي، غير موجود، أعطنا أسماء أعضائه وسنبايعهم دون انتخاب. لقد جندت شباب حزبك وتنقلوا بمحض إرادتهم إلى كلية العلوم مسلحين بالهراوات والعصي ودفعتهم للعنف دفعا ولم تحصل اشتباكات ولم تستعمل الأسلحة الثقيلة التي بحوزة النقابيين الراديكاليين لأننا لم نجد جماعتك أصلا لأنهم في الهزيمة كالغزلان، فرّوا في أول اشتباك ولم يخلفوا إلا البدين أو من تسمر في مكانه من شدة الخوف ولم يجرؤ على الهروب. والإصابة في ذقن « منتصر العياري » كانت بسبب نيران صديقة حيث اصطدم مع « نجيب الوهيبي » وهما في طور الهروب. هزيمتك شنيعة أيها الرفيق فرحت تحصي الضحايا والأضرار البدنية فلم تجدها وكان من باب أولى إحصاء أضرارك المعنوية حيث خسرتم جهة كانت ترى فيك الزعيم وتكبر فيك التضحيات. نعم نحن لا ننكر تضحياتك وإني أطلب منك بكل لطف أن تقدموا لنا آخر تضحية وسنظل لك شاكرين أن ترفعوا أيديكم على اتحاد الطلبة وتسلموا بمنطق التداول وتحترموا مبادئ الديمقراطية والاستقلالية وأن تحترموا ماضيكم وحاضركم فأنت أيها الرفيق أكبر بكثير من أن تغرق في مشاكل الطلبة وصراعاتهم التي لا تنتهي. أرجوك اعتكف على الكتابة والتنظير ودع الأجيال الجديدة تستفد من خيالك الرحب ومن قلمك الذي ينبغي توجيهه غير وجهة البيانات الوشائية التي تسيء لك وتسيء لحزبك. لقد آن الأوان أيها الرفيق لتسترح من عناء أنت في غنى عن حمله واتركه لأصحابه فهم أولى به وأقدر على تحمله. كما أعلمك أيها الرفيق العزيز أن المؤتمر الموحد أصبح حقيقة ثابتة لن تعطلها بياناتك ولن توقفها شطحات « نوفل الزيادي » ولا وساطاته ولا تشنجات « منصف الشريقي » ولا تنهيداته، تلك هي إرادة التاريخ للظلم والتسلط نهاية وللكذب حدود، دعونا نخوض تجربتنا دون وصاية من جهات دورها في الجامعة سجله التاريخ ومحفور في الذاكرة وأعطوا لطلبتكم الفرصة لينحتوا تجربتهم الخاصة في صفوف الطلبة ومعهم دون تدخل منكم ولا من السلطة ودون قهر الماكينة وتسلط الجهاز، دعوهم يتدربون على الديمقراطية ويستفيدوا من الصراع فهو أفيد لهم وأنفع لكم ولحزبكم. أوقفوا أيها الرفيق بياناتكم التي تدرجت من الوشاية للسلط التونسية إلى الوشاية إلى مستويات دولية فما عدنا مهددين بسجون تونس فقط بعد أن جدولتنا في لائحة المنظمات الإرهابية.  سهام السالمي نقابية راديكالية كلية العلوم تونس


 

إنهم يسرقون خبزتنا و يحاولون تكميم أفواهنا

مواصلة لنشاطها الداعم لإضراب الجوع الذي تنفذه الأخت مي الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي و السيد أحمد نجيب الشابي مدير جريدة الموقف و الذي دخل يومه السابع و العشرين أقامت جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي اليوم 17-10-2007 و الذي يصادف اليوم العالمي لمقاومة الفقر تجمعا تحت عنوان  »إنهم يسرقون خبزتنا و يحاولون تكميم أفواهنا » حضره العديد من أعضاء الحزب و أصدقائهم.
و قد اشرف على هذا التجمع السيد كاتب عام الجامعة الذي ذكّر بمناسبته و أعلم الحضور بدمجه ضمن الحملة العالمية  » قف و عبر » و تحدث فيه السيد عبد الجبار الرقيقي عضو المكتب السياسي الذي ابلغ الحاضرين تحيات المناضلين نجيب الشابي و مي الجريبي و طمأنهم على صحتهما و عزمهما على مواصلة نضالهما كما تطرق إلى مسألة الفقر في العالم و أسبابه المحلية والعالمية مذكرا بالجوع الاضطراري الذي يؤدي بحياة 50000 شخص يوميا و الجوع الاختياري الذي اتخذ سلاحا للدفاع عن الحريات.
بعد ذلك وقف الحاضرون لمدة دقيقة للتعبير عن تضامنهم مع مستضعفي الأرض و التنديد بأنظمة التفقير و التجويع، و قد استغلت الوقفة للتذكير بالأرقام المفزعة للبؤس في العالم و إسقاط بعض المعطيات عن الواقع التونسي.

 و قد وقع تسجيل هذا النشاط ضمن الحملة العالمية لمقاومة الفقر  » قف و عبر » من خلال موقع الحملة على الانترنيت standagainstpoverty.org .
عبد الوهاب عمري


سـواك صابر التونسي الحـار (52)

 
* فسر أفراد قريبون من السلطة الحكم القاضي بلا دستورية المنشور 108 باستقلال القضاء في دولة القانون والمؤسسات. (المحرر) من يسلك طريق القمع يحتاج أحيانا أن يخطو خطوة إلى « الوراء » ليقفز إلى « الأمام » أو يلتف!! … وحجاب هذه على رأس تلك أو ذاك!!   * الوزير الأول الجيبوتي يشيد بتجربة تونس الرائدة لمقاومة الفقر ويعلن بأنه سينقل تجربة صندوق التضامن 26/26 إلى بلده للإستفادة منها في محاربة الفقر. (عن نشرة أخبار قناة 7 ليوم 10 أكتوبر 07) إذا التقى العقل « التونسي » المدبر مع جيوب الجبوتين فر الفقر مذعورا … عن أصحاب المشروع وطلب اللجوء لدى المساكين والمحتاجين … والصناديق تعرف أصحابها!! * تحث (النهضة) كل اللائي تضررن من هذا المنشور (108) غير الدستوري أن ينهجن نهج المدرسة سعيدة العدالي فيتظلمن إلى القضاء الإداري ممن حرمهن من حقهن الدستوري في اختيار الزى الذي يعبر عن معتقداتهن، كحقهن في التعليم و العمل. (الشيخ راشد الغنوشي) ما « دام الدنيا مازال فيها الخير » والقضاء في تونس مستقل ما رأيكم يا جماعة! لو نرفع قضايا عن كل المظالم ومنها الإنقلاب على الدستور وإعلان الرئاسة حتى الممات!!   * لم تعودنا السلطة الحاكمة بتونس على الافراج عن المساجين في المناسبات والأعياد الدينية فالعفو الرئاسي والسراح الشرطي يتم عادة في مناسبتين عيد الجمهورية و ذكرى سبعة نوفمبر تضاف اليهما في بعض الأحيان مناسبة عيد الاستقلال … (محمد النوري) حتى تزدادوا وطنية وتنتظروا ذكرى عيد « العرش المجيد » و »عيد » انقاذ الوطن أولى بالإنتظار من عيد ديني كان يمكن أن يأتي على الناس وهم غارقون في « الرجعية » و »الظلامية »… لو لا « السبعة » التي سبقت الثمانية!!   * حذرت منظمة « مراسلون بلا حدود » من أن المدونين وصحفيي الإنترنت أصبحوا فريسة لنظم الحكم القمعية في كثير من دول العالم بنفس القدر الذي يعاني منه الصحفيون في وسائل الإعلام التقليدية.(أحمد عبد الجواد إسلام أون لاين) لو أنهم « صفقوا للقرد في دولته » و »عرفوا أقدارهم و وقفوا دونها » و »علموا أن الكف لا يعاند المخرز » ما جنوا على أنفسهم كما جنت براقش!!   * وبينت المنظمة (مراسلون بلا حدود) في تقريرها السنوي بخصوص حرية الصحافة حول العالم أن الحكومات القمعية أدركت أن الإنترنت أصبح أداة رئيسية في الترويج للديمقراطية؛ ولذا عملت على قمعها. ومن أبرز الدول العربية قمعا للمدونين -بحسب التقرير الصادر الثلاثاء 16-10-2007-: مصر والعراق وفلسطين وليبيا والمملكة العربية السعودية وتونس (أحمد عبد الجواد إسلام أون لاين) يُحسب « لتونس » أنها في ذيل قائمة الدول القمعية!! و »العمشة في دار العميان تتسمى كاحلة الأنظار »!!   * ولم تنجح إدارة الظلم والاستبداد (البورقيبي) في فرض الاستسلام على الشعب حتى جاء 7نوفمبر الذي أتبع بمبادرة سيادة رئيس الدولة بالدعوة إلى وضع ميثاق وطني يجمع ممثلي مختلف التيارات الفكرية والتنظيمات السياسية والجمعيات المهنية والاجتماعية حول مائدة الحوار للاتفاق حول الحد الأدنى الذي يجمع التونسيين بمختلف انتماءاتهم في هذه المرحلة من تاريخ البلاد . (نور الدين لبحيري: 14 أكتوبر 1988 توطئة لمشروع الميثاق) هذا الكلام يشهد « لرجل » الأمن بالحنكة والتفوق حيث بزّ كل خصومه من ذوي السياسة والثقافة وكشفهم وعراهم ثم حصدهم واحدا تلو الآخر ولم يبق من مشروع الميثاق إلا ما أبقت الأرضة من صحيفة الحصار!! ومع ذلك مازال هناك من يكذب على نفسه ويصدقها ويأمل أن يجني الشهد من « عش » الدبابير!!   * يشارك المغرب منذ الثلاثاء 16 أكتوبر 2007 ما قبل الماضي إلى جانب الكيان الصهيوني في مناورات عسكرية بألبانيا تحت إشراف حلف شمال الأطلسي، ويتوقع أن تنتهي المناورات العسكرية في آخر الشهر الجاري. وهو ما يكرس خطوات التطبيع بين المغرب والكيان الغاصب عبرالبوابة العسكرية تحت غطاء التعاون الإقليمي. (التجديد) لقد أوصى الجدُّ ولده « بأبناء عمومته » خيرا لأن لهم قدرة على إزالة عروش وتثبيت أخرى وقد أحسن الولد العمل بوصية والده وجاء دور الحفيد ليعمل بالوصية ويبر والده وجده !! … ذرية بعضها من بعض!!   صـــابر التونسي / الحوار نت


إلى كلمة سواء بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس.

 

الحلقة الثانية : هذه هويتنا.

 

 
خلص بيان حزب العمال الشيوعي التونسي في نقده لتوجه المؤتمر الثامن لحركة النهضة فيما يتعلق بالهوية إلى كشف تناقض بين موقف أصولي تقليدي سائد عند الحركات الإسلامية الإخوانية في العقيدة والأحوال الشخصية وهو أسماه بالموقف القطبي ( نسبة إلى سيد قطب ) وبين موقف إصلاحي تجديدي فيه الإجتهاد للتوجه صوب الحداثة كما خلص بعد ذلك إلى أن الحركة تشقها نزعتان واحدة جامدة والآخرى تحررية والحديث دوما حول الهوية وبرأ الحركة من إزدواجية الخطاب في هذا الصدد ولكن فسر ذلك بحالة صراع إيديولوجي وسياسي داخلها معتبرا أن المؤتمر فضل التوجه نحو الداخل أي داخل الحركة لحفظ وحدتها مضحيا بالتيار الإصلاحي النابت ومقدما أطروحة التيار المحافظ القديم في رعاية التوجه الشمولي للحركة بدل الإنصهار داخل حزب سياسي مدني ديمقراطي معاصر أي عدم القدرة على تنزيل تجربة أردوغان في تركيا على تونس. ومع تقديري دون أدنى ريب لإهتمام شركاء الوطن بنا وحقهم المطلق في نقدنا دون أدنى حاجز ولا رادع يستثني واحدا منا أو كسبا من كسوبنا سلبيا كان أم إيجابيا إلا رادع الخلق الكريم الذي يميز بين العمل والعامل فيدين العمل بما تيسر له من معطيات ويدعو العامل أبدا إلى المراجعة والمحاسبة .. فإني لا أقر ما ذهب إليه الحزب فيما أسماه تناقضا بالرغم من إقراري له فيما سماه تنازعا. وقبل ذلك فإن إحتواء بيان سياسي لحزب ما على تقويمات وتعليقات ذات طابع ثقافي أصله عميق من مثل موضوع الهوية الإسلامية .. عمل لا يكتب له التوفيق والسداد بسبب أن مثل هذه المواضيع لا يحسن بها الإرتجال الذي يحمل الإخلال بالضرورة. إن إشكالية واحدة من مثل إشكالية تحول حركتنا برصيدها الكبير وحجمها المعلوم وعلاقاتها القيمية والأخلاقية المعروفة .. إلى حزب سياسي ديمقراطي مدني معاصر أو من مثل إشكالية إختزال عناصر الهوية الإسلامية أو إعادة تفكيك مركباتها وإعادة تركيبها دون رعاية لأولوياتها ومنابتها وآثارها العملية .. إن مثل تلك الإشكاليات القيمية الأخلاقية العظمى لا يظن بها عاقل يحترم نفسه أنه يحسمها في بيان سياسي أو حتى وثيقة عميقة مطولة واحدة في عام واحد أو عامين دون إخلال ولا إرتجال. إذا كان جهلا من لدن شركاء الوطن فهو جهل مركب وإن كانت الأخرى فإن المخاطبين تلقحوا ضد ذلك منذ سنوات طويلة تلقيحا كافيا بعد أخطاء نعرفها معرفة جيدة. ولكم أكون مسرورا لو يبسط شركاء الوطن أولئك هويتهم ليطلع عليها الناس الذين سيفاجؤون بأن هويتهم المنطوقة هي هوية الأمة كلها دينا وعقيدة ولغة ووطنية وإنتماء تاريخيا وتراثيا وعربيا وإسلاميا وأن نقطة الأختلاف الواحدة هي مساحات قليلة تملأ بالعبارات الفضفاضة والمصطلحات المطاطة التي تحمل أكثر من معنى ولا يستقر بها مبنى وليس ذلك من شأن الهويات لمن يفقه حقا معنى الهوية لكل كائن وموجود وجودا ماديا ملموسا أو وجودا ميتافيزيقيا تستروحه المشاعر والعواطف والأحاسيس لمن لم تطمس المادة أثر الروح فيه بعد. ذلك أثر من آثار المراجعة عند شركاء الوطن أولئك ولكنها مراجعة داخلية سرية لم يعثر لها على ركز فلم تنشر ولا دار حولها حوار مع شركائهم فلم تعرف مما يجعلها أقرب إلى التكتيك لا إلى الإستراتيجيا ومهما يكن من أمر فإن كل كيان حر حرية تامة في نحت صورة لهويته ولا ضير فيها أن تشترك مع هويات أخرى لتختلف معها في مناطق أخرى. عندما يصور تركيب المنهج في هويتنا تناقضا .. يكون الجهل المطبق سيد الموقف. صور بيان حزب العمال الشيوعي هويتنا على أنها متناقضة بسبب جمعها بين أمرين هما : الموقف الأصولي الإخواني القطبي في العقيدة والأحوال الشخصية والموقف التحرري التجديدي الإصلاحي الحداثي المعاصر. وذلك لورود الحديث عن الهوية في بيان المؤتمر الثامن للحركة في مستويين إثنين هما : مستوى المرجعية الثابتة التي تسمى عندنا قطعية محكمة لا يلجها الإجتهاد فهي مغلقة لأنها غيبية ونحن قوم نؤمن بالغيب بل هو عمدة عقيدتنا وهويتنا ولكنه عندنا غيب مبرهن معلل مفهوم معقول المعنى لا طلسم فيه ومستوى المرجعية المتغيرة التي تسمى عندنا ظنية إجتهادية خلت من النصوص المتعلقة بالهيئات والمكاييل والموازين والمواقيت والأمكنة وغير ذلك مما لا يتغير بتغير الزمان والمكان بسبب إرتباطه بالعنصر الثابت في النفس البشرية التي تحوي عنصرا آخر متحولا وبالعنصر الثابت في الكون والطبيعة وإجتماع الناس وغير ذلك. منشأ ذلك التمايز بين المستويين عندنا هو : أنه ليس الدين كله ثابتا ولا كله متغيرا ولا النفس كلها ثابتة ولا كلها متغيرة ولا الكون والطبيعة والإجتماع كله ثابت ولا كله متغير. فالثبات والتغير متلازمان في كل موجود ومخلوق أبدا مطلقا على أساس أن الثابت يحفظ المتغير من الميوعة والذوبان وأن المتغير يحفظ الثابت من الجمود والتكلس. معنى ذلك هو أن الدين ليس جزء خارجا عن الدنيا ولا عن الحياة ولا عن الإنسان ولا عن الكون والتاريخ والطبيعة والإجتماع بل هو جزء من كل ذلك وكل ذلك يخرج من مشكاة واحدة لإشتراكه في مساحات وإختلافه في أخرى وذلك هو دليل من أدلة كثيرة من وحدانية الخالق سبحانه. ألا تنظرون إلى أنفسكم؟ بعد مراجعاتكم في الشيوعية كما صاغها ماركس أو عدل بعضا منها إنجلز أوهيغل أو طبقها أو حرفها لينين أو ستالين أو ماو أو كاسترو أو أنور خوجة .. ألا ترون بأن الشيوعية لن يزال فيها نواة ثابتة لا تتغير وأن مرونة تلك النواة الثابتة وقدرتها على ملاحقة التطورات هي التي أفضت إلى إجراء تعديلات في النظرية أو في التطبيق لتتجدد الشيوعية وهو تجدد لا يقوم سوى بتلازم الثابت فيها مع المتحول؟ ليس ذلك أمرا خاصا بالشيوعية أو بالإسلام أو بهذه الطائفة من الناس أو أولئك ولكنه قانون كوني إجتماعي مادي وروحي يحكم كل موجود أبدا مطلقا. ذاك أمر لم يخلقه الإنسان ولكنه إكتشفه وإكتشافه له لن يغير من حقيقته شيئا ولكنه يساعده في تطوير حياته وفق ذلك الميزان الجامع بين الثبات والتطور لتستقيم على القيم الأخلاقية الثابتة التي تضمن لها حياة سعيدة كريمة طيبة. منشأ ذلك الجهل من لدن شركاء الوطن هو الجهل بالمنهج الإسلامي في تكوين الدين في النفوس وإنشاء الحق في الواقع وهو منهج يتطلب دراسة وعلما وحوارا لحسن فقهه بداية ثم لحسن نقده نهاية أما دون ذلك فإن الحديث فيه يغدو لهوا إثر لهو. أصل المنهج الإسلامي هي الجمع بين المستوى العقدي الأخلاقي التعبدي الخاص الذي لا يلجه الإجتهاد ليس بسبب حرمان الإنسان من الإجتهاد ولكن بسبب أن تلك المناطق لا تتغير المناطات التي أنشئت التشريعات على مقتضاها وبين المستوى الذي لم تزد فيه الشريعة على التوجيهات العامة في شكل مبادئ أو مقاصد أو كليات. هاك مثلا : من ينادي اليوم بتوريث المرأة مثل الرجل في كل الأحوال يجهل الحقيقة النفسية الصحيحة الماثلة والحقيقة الفيزيولوجية الصحيحة الماثلة والحقيقة الإجتماعية الصحيحة الماثلة وكل تلك الحقائق التي سندها العلم التخصصي الغربي تقول بأن العصر الذي خرجت فيه المرأة للعمل وكسب المال إلى حد كادت تستغني فيه عن الزوج والأبناء والأسرة ليس هو العصر النموذج الذي ينهي التاريخ والعلمانيون العرب هنا يلتقون دون شعور منهم بمقولة نهاية التاريخ الأمريكية المعروفة ونهاية التاريخ مقولة ليس لها حبة خردل واحدة من رصيد ناجح لأن التاريخ لا ينتهي بسبب قانون الحركة والحياة والتطور والتدافع ونهاية التاريخ تعني الموت ولو كان التاريخ ينتهي لما تلاحقت حضارات وتتالت ثقافات وتتابعت تجارب في التاريخ البشري الطويل حتى وصلنا إلى هذا التطور المعروف. خروج المرأة إذن إلى العمل أو أستغناؤها عن الأسرة والزوج والأبناء كليا أو جزئيا أو كسبها للمال بالجهد الشخصي الخاص لا يبرر تعديل قانون الميراث الإسلامي لأن ذلك الخروج نتيجة تطور واقعي له أسباب معلومة وليس هو نتيجة تبدل في الطبيعة البشرية أو الفيزيولوجية أو النفسية أو في طبيعة الأسرة والتربية وقضايا الحمل والولادة والرضاع والحيض والنفاس والوحم وغير ذلك. ماذا لو عاش أحفاد أحفادنا في عصر قادم تبدلت فيه الحياة فإسترجعت الأسرة دورها المعروف أو عم الرخاء فلم تحتج المرأة إلى البحث عن العمل خارج البيت أو غير ذلك من التطورات غير المسبوقة ولا غير المعلومة سلفا .. هل يعدلون قانون الميراث الإسلامي مرة أخرى بسبب تعديلنا لنا إياه؟ لا بل دعنا من المستقبل المجهول وأنظر إلى الوضع الأسري في أكثر مناطق العالم العربي والإسلامي في البوادي والأرياف حيث صدت العلمانية الغربية المتعوربة صدا كاسحا. هل نعدل في حواضرنا قانون الميراث الإسلامي ونعمل به في محيطها على حد  تعبير سمير أمين ( المركز والمحيط )؟ ألا تصبح عندها الثوابت الشرعية التي تشكل أس الهوية محل عبث وموطئ لعب ولهو؟ هل يعتز عندها إنسان بدين؟ ذلك مثال واحد من عشرات من الأمثلة التي يتعجل شركاء الوطن القول فيها دون دراسة وبحث وصبر وحوار وفي المقابل لا يقبلون كلمة واحدة  في تعديل مخ الشيوعية الذي عليه قامت. هو الجهل المطبق إذن بالمنهج الإسلامي في التشريع العقدي والتعبدي والخلقي والعملي وهو جهل بمستويات ذلك المنهج المتركب من ثابت لا يتغير ومن متغير لا يثبت وكلاهما يخدم الآخر ويكمله وهو قانون كوني إجتماعي مطرد ماض لا يتخلف فهل يجرؤ واحد على تعديل السنن والأسباب والأقدار حتى يتوهم أنه قادر على تعديل الثوابت؟ إذا كان الثبات لا وجود له في الكون والإجتماع والدنيا مادة وروحا فهلا عمد أحدكم إلى تعريض عموده الفقري أو مكونات دمه أو جهازه التنفسي أو العصبي إلى التعديل؟ الجهل عندهم ينشأ حين يفصلون الإسلام عن الدنيا وعن الواقع وعن التاريخ وعن الإنسان وعن الكون وعن المادة أي أن مصيبة أولئك جميعا هي واحدة لا ريب فيها وهي : إعتقادهم بأن الدين إنما جاء لتنظيم علاقة بين الخالق والمخلوق فحسب أما العلاقة بين المخلوق والمخلوق من إنس ومادة وكون ومرفق وقيم فإن مردها إلى الإنسان ولو وقف الأمر عند هذا الحد لهان الأمر ولكنهم يعتقدون أن العلاقة الثانية ينظمها الإنسان بمعزل عن العلاقة الأولى أو في خصومة معها وفي هذه المساحة الثانية يكون إرتباط الثابت بالمتحول أشد حساسية فإما أن يجتمعا حتى مع ضمور الثابت وتضخم المتحول وإما أن يتفرقا ويختصما فيتفرق الإنسان ويختصم مع نفسه ثم يختصم مع من حوله وتنشب الحروب والنزاعات وتتهدم الآصرة ويتأله الإنسان فيقتل غيره ثم يقتل نفسه. إن الحوار يجب أن ينصب على الكليات قبل الجزئيات عندنا وعندهم. موطن الحوار الأول هو منشأ العلمانية في البلاد العربية والإسلامية. هل هي كيان وطني أصيل لبى حاجة أم هي وافد لقيط هدم ألف حاجة؟ حوار يجب أن يشارك فيه الإجتماعيون والنفسيون والأطباء والفلكيون والعلماء من كل ملة ودين ومذهب وطائفة ولغة وبلاد وإنتماء ليثمر ثمرا ناضجا بعيدا عن تمحلات الساسة والتوظيفات الحزبية الركيكة والمماحكات الفكرية العقيمة. إذا إنطلق الحوار من الكليات والمبادئ والمقاصد فإن حسم الجزئيات والتفاصيل ميسور لأن الأولى حاكمة والثانية محكومة أما البداية بمعرفة موقف الإسلاميين من الإرث وتفاصيل الشريعة الجزائية وغير ذلك فلئن بدا مقنعا لا غبار عليه فإنه يفتقر إلى المنهج الكفيل بحسن سير الحوار ولئن لبى حاجة سياسية أو حزبية لهذا الطرف أو ذاك فإنه يظل يتكرر عقدا بعد عقد. دليل صحة الهوية هو : موافقة السنن وموافقة الفطرة. خلاصة القول هنا إذن هي أن ما يراه شركاء الوطن تناقضا في الهوية عندنا ليس هو كذلك في الحقيقة ولكنه تكامل بين مستويات العقيدة التي تشكل عندنا كل حركة وسكنة وسلوك وخاطرة موصولة بكل ذلك وعى بذلك العامل أم لم يع بمثل سلطة منطقة اللاشعور على منطقة الشعور في علم النفس. هي مستويات عقدية في هويتنا متكاملة غير متناقضة لأن التناقض يقوم على الهدم ولكن التكامل يقوم على إختلاف الدور ثم على التنسيق بين تلك الأدوار المختلفة. تفسير ذلك الأمثل هو أن السياسة عندنا دين نتعبد به ولكنه دين من نوع آخر أي أنه دين لا نص فيه إلا قليلا جدا ولكن فيه التأثير العقدي المباشر وغير المباشر أي بما يبثه من مبادئ وأخلاق ومقاصد ونشدان للحكمة وقياس وغير ذلك. السياسة هي دين متغير والصلاة هي دين ثابت ولكن الصلاة بما هي دين ثابت لها صلة بالسياسة التي هي دين متحول في مشاهد كثيرة من مثل الجماعة والصفوف المنتظمة المستوية والإمامة والمعارضة والموالاة ومشاركة المرأة والسياسة التي هي دين متحول لها صلة بالصلاة في مشاهد كثيرة من مثل الحرية وحقوق الإنسان والعدل والقوة وغير ذلك. أكبر ما يميزنا عن بعضنا بعض هو ذاك : الدين عندنا موحد غير مفرق بالرغم من إختلاف مستوياته بما لا يحصى تبعا لقانون تلازم الثبات والتغير ولكن الدين حاكم على كل شيء ولكنه حكم يكون أحيانا مباشرا لا مجال للإجتهاد فيه حتى لو لم يفهم المقصد منه ولكن ذلك قليل جدا كما يكون أحيانا أخرى وهي المنطقة الأوسع غير مباشر كله خاضع للإجتهاد ولكنه إجتهاد موصول بذلك الثابت التي لا يتغير وصلا غير مباشر أو قل وصلا شعوريا عاطفيا أخلاقيا يكنهه من يلمس أثره في نفسه وفي مجال عمله ولكن تعجز الكلمات والحروف والأقلام والألسنة أن تعبر عنه تعبيرا حسنا. القاعدة عندنا دوما هي : ليس الدين كله ثابتا لئلا يخيم على الدنيا الجمود وليس كله متحولا لئلا يخيم عليها الإنقراض ولا الدنيا كلها ثابتة لئلا تتوقف الشمس في مشرق أو مغرب ولا كلها متحولة لئلا تزول السماوات والأرض بزوال الإنسان الذي يزول بزوال الأسرة. عدم ثابت الدين كله يعني أن الإجتهاد فيه وفي الدنيا معلوم معروف لا نكير عليه بل هو مطلوب وعدم تحوله كله يعني أن الإنسان هو الإنسان في مشاعره وعواطفه وأحاسيسه وبنائه البدني لا يتغير من آدم إلى آخر آدمي يعمر الأرض لمن يؤمن بالبعث بعد الموت. ذلك هو ما يعني أن خير من يحتضن قانون النسبية هو الإسلام وليس غيره لأنه يجمع بين الثبات والتطور فالنسبية التي لا ترجع إلى أصل ثابت لا وجود لها والنسبية التي لا تحتمل الخطأ إجتهادا لا وجود لها ولكن النسبية الحقيقية الموجودة التي يحتاجها الإنسان هي النسبية التي تجمع بين أصل ثابت وبين فرع متحول. الهوية عندنا مبناها الإزدواجيات والثنائيات ولكنها إزدواجيات وثنائيات متكاملة لا متخاصمة تماما كما هو حال مكونات الذرة ووجود السالب والموجب في كل شيء. كيف يكون ذلك صحيحا في المادة ولا يكون صحيحا في الروح؟ وكيف يكون ذلك كذلك ولكن يعفى الإسلام منه؟ أليس الإسلام موجود من الموجودات تحكمه السنن والأسباب والأقدار والإنسان سبب وقدر وسنة ولكنه سبب ضمن شبكة الأسباب وسنة ضمن شكبة السنن وقدر ضمن شبكة الأقدار فهو فاعل مختار مريد حر فيما هو مسؤول عنه وهو عبد مقيد مسير فيما هو غير مسؤول عنه. الصراع بين الثنائيات لا وجود له عندنا فهو تدافع تحيا به الحركة وتتحرك به الحياة فالتدافع يولد الحياة أما الصراع فهو يولد الموت. إذا كان شركاء الوطن يريدون منا تبديل هوية أخرى لا أثر فيها للثبات أو للتغير فهي ثابتة جامدة أو متغيرة مائعة فإن ذلك مخالف للعقل الذي إكتشف عالم السنن والأسباب والأقدار في نفسه وفي محيطه وإذا كانت هويتنا منسجمة مع عالم السنن والأسباب والأقدار في النفس وفي المحيط ومع الفطرة البشرية التي بدورها تجمع بين عنصر ثابت وآخر متحرك … فإن ذلك دليل على أن هويتنا صحيحة ولكن ينقصها التجديد والتطوير والتحسين والإتقان. هي صحيحة لأن أركانها صحيحة ولها ركنان لا ثالث لهما : موافقة السنن وموافقة الفطرة وهي منقوصة الدقة وحسن البناء وحسن التفعيل ولكن بسبب تأخرنا عن الإجتهاد وليس بسبب نقص فيها هي. فالنقص فينا أصيل ثابت ولكن المنهج صحيح ثابت. وإلى حلقة تالية أستودعكم من لا تضيع ودائعه ودائعه. الهادي بريك ـ ألمانيا.


 
وثيقة تاريخية  

رؤيـة فـي الميـثاق الوطني الأستاذ نورالدين البحيري (*)

  الجمعة، 3 ربيع الأوّل 1409 الموافق لـ 14 أكتوبر 1988

توطـــــئة لـــــــمشروع المـــيثاق

 
إذا كان الاجتماع البشري تمليه وتقتضيه ضروريات العيش والحاجة الفطرية على التساكن والتعاشر والتكامل فإنّ هذا الاجتماع معرّض للانخرام والانفراط ما لم تقم على تنظيمه شرائع تتولّى ضبط العلاقات بين أجزائه حقوقا وواجبات قائم عليها سلطان يزع الناس بعضهم عن بعض ويكون في خدمتهم وعونهم إنفاذا لما توافقوا عليه لحفظ وترقية اجتماعهم .   ولقد كشف علم الإنسان( الانتروبولوجيا ) أنّ أقدم مصدر لتقنين العلاقات البشرية هو الدين إذ ليس في محصّلته النهائيّة العمليّة سوى رباط أو ميثاق يضبط علاقة الخالق بالمخلوق من جهة وعلاقة الناس بعضهم ببعض وعلاقتهم بسائر الموجود من جهة أخرى. ولذلك لم يكن بدعا أن كانت الكلمة الجامعة لعقائد الإسلام وهي خلاصة رسالات السماء كلها وشرائعه وأخلاقه لا تعدو كونها ميثاقا أو عهدا بين المخلوق والخالق تنبثق عنه جملة العهود الأخرى « أشهد أن لا إله إلاّ الله ». فعن هذا العهد انبثقت جملة المواثيق التي أخذها الله عن الأنبياء وأخذها هؤلاء على أتباعهم وعن هذا العهد الاختياري بين المؤمن وربّه ينبثق أيضا بشكل اختياري عهد آخر بين المؤمن والجماعة( بمعناها السياسي ) هو البيعة… والمتتبع لتاريخ تكوّن الجماعة المسلمة نواة الأمّة الإسلاميّة يتوقف عند محطة هامة هي انتقال الإسلام بالجماعة من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة، وهي نقلة قد قامت على تواثق بين الرسول عليه الصلاة والسلام كقائد للجماعة ممثلي المهاجرين والأنصار في العقبة. فلمّا انتقل الرسول القائد إلى يثرب وكانت على تركيب اجتماعي معقّد تتجاور فيه ديانات وأعراق مختلفة لم يكن بدّ- لتنظيم شؤون هذه الجماعة السياسية بما يضمن لهذا الجمع المختلف وحدة سياسية تضمن للجميع المواطنة حقوقا وواجبات ولدعم أسس الوحدة الوطنية في الدولة الجديدة- من وضع ميثاق ينظّم التعايش والتعاون بين مختلف أجزاء التركيب لهذه الأمّة السياسيّة الناشئة. فكانت الصحيفة هي عنوان الميثاق الذي وضعه النبي صلى الله عليه وسلم لتنظيم شؤون الدولة/ المدينة وترتيبها في مختلف المجالات الحيوية .   وتعدّ الصحيفة أقدم وثيقة تاريخية لأول دستور سياسي مكتوب في التاريخ البشري يتولى تنظيم شؤون ( دولة – مدينة ) تنظيما لا يقصي ولا يظلم طرفا اجتماعيا على أساس الدين أو أي أساس آخر ( مهاجرين وأنصارا… يهودا على اختلاف مذاهبهم وأعراقهم، ومشركين على اختلاف قبائلهم). لقد وقّع الجميع من خلال زعمائهم على الصحيفة فانبثقت عن ذلك أمّة واحدة ذات كيان مستقل، كما نصّت الصحيفة : أمّة لا يظلم فيها أحد ويتآزر الجميع على حفظ النظام والدفاع عنه ولا يوالي عليها الأجانب عنها ولو من أبناء دينه وجلدته ( وَالذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَالَكُمْ مِنْ ولاَيَتِهِمْ مِنْ شَيْء حَتّى يُهَاجِرُوا ) التوبة.   ولذلك تمثل الصحيفة فضلا عن أهمّيتها التاريخية من حيث كونها أول دستور مكتوب يتولّى تنظيم شؤون مدينة تنظيما يعترف صراحة بالتعدّد في إطار الوحدة الوطنية تمثل خير سند لتأصيل مبادئ النظام والحرية والعدل والتكافل والهوية بما يحفظ الاستقلال الوطني ويتسع لقبول الاختلاف في إطار الوحدة ولا ينغلق هذا الاجتماع بل ينفسخ على المحيط الثقافي والإنساني…   ولذلك كان من خطل الرأي وتزييف وقائع التاريخ وبخس أمّتنا حقها الظنّ بأنّ محاولات المسلمين في العصر الحديث ومطالبتهم نخبة وجماهير بوضع مواثيق ودساتير تنظم علاقات المواطنة حقوقا وواجبات وتقيد سلطان الحاكم هي مجرد أعمال منبتّة عن ديننا وتراثنا وليس لها من مصباح تستضيء به إلا التقليد الغربي… كيف يُظنّ بأمّة قامت ثقافتها وقام إرثها التشريعي العظيم وكذلك الفلسفي على الحرب الشاملة ضد الاستبداد ( من جهاد وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر) انتصار لحرية الفرد وكرامته وأهليته لخلافة الله سبحانه وتعالى وحمله للأمانة أمانة الحرية وتقرير المصير على المستوى العقائدي (لاَ إكْرَاهَ فِي الدين) البقرة – وعلى المستوى الاجتماعي (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) المائدة. وعلى المستوى الإداري عامّة (وَلاَ تَسْأَمُوا أنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ) البقرة.   كيف يُظنّ بأمّة قامت في أوّل ( دولة – مدينة ) في التاريخ على بيعة الرضا وعلى الميثاق (الصحيفة) ميثاق التعايش والتناصر بين مختلف مذاهبها وأعراقها أن يكون حديث أبنائها اليوم على الحرية في إطار الالتزام وحقوق المواطنة على التساوي في إطار التعددية السياسية والفكرية وحق الاختلاف في إطار المجموعة الوطنية ضربا من الانتهاز أو الانبهار أو الموقف العابر؟   الإسلاميون وفكرة الميثاق :   كان من الطبيعي يعد أن تكثفت دلائل فشل المشروع البورقيبي أن يدبّ الشك في جملة المسلّمات التي نهض عليها ذلك المشروع ومن الوحدة القومية في إطار الحزب الواحد والزعيم الأوحد، وكان من الطبيعي أيضا أن تبرز تيارات سياسية وفكرية على أنقاض تلك الأيديولوجية حتى وإن كان التباين معها جزئيا في أحيان كثيرة.   وإزاء فسيفساء البدائل التي برزت على الساحة مع نهاية السبعينات أصبحت الخشية حقيقية على وحدة الجماعة الوطنية أن تذهب بها رياح التشتت والخلاف. إزاء ذلك تداعت أصوات كثيرة من مختلف المواقع السياسية والفكرية إلى الدعوة إلى صحيفة جديدة أي إلى ميثاق وطني يضبط أصول وقواعد ينهض عليها المجتمع التعدّدي ديمقراطيّا. ولقد كان الإسلاميون (ضمن جملة من الحركات السياسية ) قد اشتركوا في هذه الدعوة مؤكدين ضرورة الميثاق وأنّه ليس من مصدر حقيقي لمشروعيّة غير إرادة الجماهير. وكانت أهم الوثائق التي حملت موقفهم ذاك مقالا صحفيا بعنوان » التعددية حق والجماهير هي المحدد لشروط ممارسته » (الصباح 1981) وذلك نبذا لكل طرائق المنّ على الشعب ومحاولات فرض الوصاية عليه من خلال أيديولوجية الحاكم…   ولم تنجح إدارة الظلم والاستبداد في فرض الاستسلام على الشعب حتى جاء 7نوفمبر الذي أتبع بمبادرة سيادة رئيس الدولة بالدعوة إلى وضع ميثاق وطني يجمع ممثلي مختلف التيارات الفكرية والتنظيمات السياسية والجمعيات المهنية والاجتماعية حول مائدة الحوار للاتفاق حول الحد الأدنى الذي يجمع التونسيين بمختلف انتماءاتهم في هذه المرحلة من تاريخ البلاد . ولقد عبّرنا منذ أول وهلة عن تقديرنا لهذه المبادرة باعتبارها جسدت إرادة فعلية في طي صفحة الماضي وإحلال لغة الحوار محل لغة الإقصاء كما عبّرنا عن قناعة مبدئيّة بأن المشاركة في تحديد ملامح حاضر تونس ومستقبلها حق لكل التونسيّين بدون استثناء وأنّنا إذ نؤكد من جديد تجاوبنا التام مع ما جاء في رسالة السيد رئيس الدولة حول الميثاق وفي افتتاح أعمال اللجنة العليا من تأكيد على أن الميثاق المنشود ليس برنامج حكومة ائتلاف ولا هو بديل عن دستور البلاد بل هو اتفاق يسعى إلى جمع إرادة كل التونسيين عن طواعية حول حد أدنى من المبادئ وعقد أدبي لا إقصاء فيه ولا احتواء فإنّه مع هذا لا يفوتنا التنبيه إلى أنّ في نفوسنا بعض خشية من طابع الاستعجال الذي يمكن أن يحدّ من الآمال المعقودة على هذه المبادرة دون أن يمنعنا ذلك من تقديم ورقة متواضعة دفعا للحوار وعملا على تعميقه وهي وجهة نظر تعرضنا للنقاش والدرس والتمحيص .   *الأستاذ نور الدين البحيري : وجه من الوجوه السياسية الشابة من ذوي الميولات الإسلامية ناضل من موقعه في الجامعة التونسية ثم في المحافل القضائية والساحة العامة ضد سياسة القهر والاستبداد والاستلاب فكانت دعوته على هذا الأساس للإسهام في أعمال اللجنة العليا لإعداد الميثاق الوطني كممثل عن العائلة الإسلامية في البلاد.   ولقد تم إنجاز هذه الوثيقة « رؤية في الميثاق الوطني  » التي هي بين يدي القارئ اليوم مساهمة في الجهد الوطني من أجل إرساء أرضية حوار ومشاركة من أجل إعداد الميثاق الوطني الذي تم إنجازه بعد ذلك وكان الأستاذ البحيري من بين الممضيين عليه.   إن الميثاق الوطني الذي سعت كل الأطراف الفاعلة في البلاد بالإمضاء عليه إلى أن يكون عقدا أدبيا يرعى العموم المشترك من المبادئ والمفاهيم والتصورات بين أبناء هذا البلد ليترك المجال رحبا للخلاف والاختلاف المشروع لتصوغ كل التيارات السياسية والفكرية تفاصيل اختياراتها في سائر المسائل فتتوفر بذلك مجالات أخرى للحوار والتفاعل والتنافس النزيه بين برامج بما يخدم مصلحة تونس والتونسيين جميعا.   الأستاذ نور الدين البحيري وجه من الوجوه السياسية الشابة من ذوي الميولات الإسلامية ناضل من موقعه في الجامعة التونسية ثم في المحافل القضائية والساحة العامة ضد سياسة القهر والاستبداد والاستلاب فكانت دعوته على هذا الأساس للإسهام في أعمال اللجنة العليا لإعداد الميثاق الوطني كممثل عن العائلة الإسلامية في البلاد.   ولقد تم إنجاز هذه الوثيقة « رؤية في الميثاق الوطني  » التي هي بين يدي القارئ اليوم مساهمة في الجهد الوطني من أجل إرساء أرضية حوار ومشاركة من أجل إعداد الميثاق الوطني الذي تم إنجازه بعد ذلك وكان الأستاذ البحيري من بين الممضيين عليه.   إن الميثاق الوطني الذي سعت كل الأطراف الفاعلة في البلاد بالإمضاء عليه إلى أن يكون عقدا أدبيا يرعى العموم المشترك من المبادئ والمفاهيم والتصورات بين أبناء هذا البلد ليترك المجال رحبا للخلاف والاختلاف المشروع لتصوغ كل التيارات السياسية والفكرية تفاصيل اختياراتها في سائر المسائل فتتوفر بذلك مجالات أخرى للحوار والتفاعل والتنافس النزيه بين برامج بما يخدم مصلحة تونس والتونسيين جميعا.   الباب الأوّل : الهُويّة   توطئة:   إنّ الحديث عن الهوية الحضارية للمجتمع التونسي يكتسي أهمّية خاصّة في هذه المرحلة بالذات من تطوّر بلادنا التي يقف أبناؤها اليوم لاستشراف سبل النهضة والنماء بعد أن زال كابوس الحكم الفردي. لذا يتعيّن التأكيد أنّ مبدأ « دعم هويتنا » ليس مجرد شعار مرحلي أو ورقة سياسيّة ذات وظيفة مؤقتة تنتهي بتغيّر موازنات سياسية معيّنة. بل هو مبدأ أصيل ودائم يستمد مشروعيته وأهميته من ارتباطه بأبعاد مصيرية تمسّ كيان المجتمع وتتوقف عليها مناعته وتقدمه. ومن هنا تتأكد ضرورة تحديد مضمون الهوية الحضارية المطلوب دعمها وصيانتها حتى تتبلور استتباعات ذلك سواء على صعيد الالتزام الذاتي أو في مستوى النتائج الموضوعية المنجرّة عن ترسيخ هذه الهوية.   مفهوم الهوية :   إذا كانت هوية أي شيء تعني جملة الخصائص التي بها يقوم وجوده في ذاته وعلى أساسها يتميّز عن غيره من الأشياء فيمكن بذلك تعريفه بدقّة وجلاء- كما يقول علماء المنطق- فإنّ هوية تونس الحضارية متشكلة من مجموع الخصائص والمقومات الفكرية والأخلاقية والتنظيمية التي يتوقف عليها كيان مجتمعنا ويختص بها عن سائر المجتمعات أو يشترك فيها مع غيره كليا أو جزئيا. وهي خصائص ومقومات قد اكتسبها شعبنا تاريخيا فتبلورت تدريجيا عبر القرون وغدت عماد « شخصيتنا الأساسية » ومعطى موضوعيّا في واقعنا الحديث.   وعليه فإنّ هذه الهوية ليست مفارقة لواقعنا الاجتماعي أو متعالية عليه وإنّما هي منضبطة داخله متأثرة بصراعاته ومؤثّرة في صيرورته بحيث أنّ كلّ فرد في هذا المجتمع يظلّ خاضعا لها سواء أراد ذلك أو أباه. إنّها تتجلّى في إيمان الناس بالله وبالرسالة وبالغيب وفي تكيّف السلوك الاجتماعي العامّ بقيم ظلّت منضبطة لموازين الحلال والحرام المتأصّلة في الضمائر. وتبرز مظاهر ذلك وآثاره جليّة في لغتنا الوطنية التي نجدها مثقلة بشحن دلالية تعكس تلك المعتقدات والقيم والموازين وترسّخها بحيث لاتكاد تخلو عبارة لغوية من الإحالة إلى دلالة عقائدية أو أخلاقية تفرض نفسها على كلّ مستعمل للغتنا حتى وإن كان غير منسجم مع تلك المضامين الدلالية المتداولة.   وبناء على هذا المعطى فإنّ دعم هويتنا الحضارية ليس تجنيحا في عالم المثل أو محاولة للتعسف على الواقع بإخضاعه قسرا لجملة من الأفكار المجردة وإنّما هو جهد منبثق عن نزعة واقعية تستند إلى استقراء موضوعي لبيئتنا الاجتماعية الثقافية واستخلاص أهمّ عناصر القوة التي تميّزها قصد الاستناد عليها. وعلى العكس من ذلك فإنّ التعسّف على الواقع يكمن في التنكّر للهوية والسعي إلى استبدالها.   مقوّمات هويتنا :   إنّ تحديد مقومات الهويّة الحضارية للبلاد التونسية يقتضي بالضرورة القيام بعملية استقراء تاريخي يتجلى من خلالها أن   تونس قد تتابعت عليها عبر التاريخ حضارات عديدة أثرت بأقساط متفاوتة وفي اتجاهات متنوعة إلى أن حلّ بها الفتح الإسلامي. فأمكن للحضارة الإسلامية أن تشيّد نفسها على هذه الأرض وأن تطبع المجتمع التونسي بخصائص باقية على أصعدة العقائد والقيم والعلاقات والعادات واللغة العربية. ففي حين لم يبق من الحضارات التي سبقت دخول الإسلام سوى بعض الآثار المادية والأطلال المغمورة وما عساه أن يكون قد تسوق مع قيم الإسلام ونظمه فغدا جزءا من ثقافته، ظلّت الحضارة الإسلامية حاضرة فينا رصيدا نفسيّا متفاعلا وقيما سلوكية محترمة ونظم تشريع ومؤسسات فاعلة.   فالاعتبارات التاريخية والواقعية معا تقضي بأنّ الإسلام والعروبة هما عماد هويتنا الحضارية. فقد ظل الإسلام كدين مصدرا لعقائد الناس ولتصوراتهم الفكرية ومعينا ثريا يقيم الحق والخير والعدل والحرية بما يجعله دائما أسلم منهج للحياة قادرا على أن يوفر لمجتمعنا مزيدا من النهضة والتقدم في مجالات المعرفة والسلوك وتنظيم العلاقات وأن يكون أساسا متينا لضمان حقوق الإنسان خليفة الله في الأرض والمتميّز عن سائر الموجودات بتكريم خصوصي « ولقد كرّمنا بني آدم ». وسيأتي تفصيل ذلك في بقيّة أبواب الميثاق.   ويجدر الانتباه إلى الفرق القائم بين الإسلام كعقائد وقيم وتشريعات متضمّنة في القرآن والسنّة وبين التراث الإسلامي الذي كان حصيلة تفاعل العقل المسلم مع الواقع التاريخي المتغيّر. فلئن استلزم دعم الهوية استلهام الإسلام في ذاته فإنّ استثمار التراث الإسلامي الذي لايزال حاضرا فينا يحتاج إلى جهد تحليلي ونقديّ حتى تتمايز القيم الخالدة التي يتضمّنها عن الخصوصيات الظرفية والاجتهادات المحكومة بحدود الزمان والمكان وبقصور الإنسان وخطأه أحيانا.   أمّا فيما يخصّ الدعامة الثانية لهويتنا « العروبة » فإنّه لمن فضل الله تعالى أن لم تعرف بلادنا تاريخيّا مشكلة التعارض بين نزعة عروبيّة وأخرى إسلامية نظرا إلى ما تميّز به مجتمعنا من انسجام في تركيبته الثقافية ونسيجه التنظيميّ نتيجة ما أحدثه الإسلام من صهر كلّ الفئات ضمن منظور عقائدي ونظام سلوكيّ واحد بعيدا عن أيّ لون للطائفيّة. ولقد كان من آثار الفتح الإسلامي أن تعرّبت بلادنا وسائر بلاد المغرب بصورة نهائيّة فباتت العروبة تبعا لذلك تمثّل الوجه الثاني لهويتنا وتتلازم مع الإسلام وجودا وعدما على اعتبار أنّها بمثابة الإطار الذي يحتوي مضامينه الفكرية فينقلها ويضمن دوامها مثلما تنقله وتصونه. وإذن فليس لهذا الإطار العربي من معنى إذا ما تمّ شحنه بمضامين فكرية من شأنها أن تجعل من العروبة إيديولوجية قائمة بذاتها لامجرّد خصوص من عموم وتقدم نفسها بديلا عن الإسلام وتعتبر أنّ « الدين لله والوطن للجميع » فهذا التصوّر وفضلا عن كونه منبثقا عن فهم خاطئ لوضع غير المسلمين في المجتمع الإسلامي نشأ في بيئة مشرقية مغايرة لبيئتنا، هو تصوّر يقلّص من أبعاد الانتماء الحضاري ويحدّ من آفاق العمل الوطني فيقصرها على المنطقة العربية دون بقية بلدان الوطن الإسلامي. وهي لعمري خسارة للعرب قبل غيرهم حيث أنّهم يحرمون أنفسهم وفق هذا التصوّر التجزيئي من أرصدة أمنية واقتصادية وحضارية هائلة متوفرة في المحيط الإسلامي.   الدور التاريخي والحضاري لهويتنا :   لئن اعترت بعض فترات تاريخنا الإسلامي عوارض تخلّف تستحق التحليل والنقد فإنّ جوهر المضمون الحضاري الذي ورثناه عن الماضي قد صاغ ميلادنا بصورة نهائية.   فقد عرفت تونس محاولات عديدة لطمس هويتها والنيل من مناعتها بدءا بالحملات الصليبيّة التي تمّ دحر آخرها على مشارف قرطاج ومرورا بالاستعمار المباشر الذي سعى بواسطة حملات التبشير ونشر الثقافة الفرنكفونية إلى تنصير شعبنا وإلحاقه ثقافيّا بعد أن جزّأ الوطن الكبير وزرع بذور الفرقة والتذرّر وانتهاء بالغزو الفكري والاستعمار الثقافي المعاصر الذي يعمل على نشر عقلية التحلّل من الدين ومن الأخلاق وعلى ترسيخ قيم الاستهلاك واللهو والأنانيّة واللامبالاة.   لكنّ تمسّك شعبنا بهويته الإسلامية العربية كان أهمّ عامل في إفشال تلك المحاولات كلّها وصيانة كياننا عبر التاريخ.   حيث أدّت الثقافة المنبثقة عن الجامعة الزيتونية وظيفة الحفاظ على التجانس الفكري والوحدة الاجتماعية والتصدي لمحاولات المسخ وشق الصفوف. وكانت قيم التحرر والعزّة والجهاد المتضمنة في الإسلام أهمّ حافز لمقاومة شعبنا للمستعمر الفرنسي وضدّ الحكم الفردي. وإذا كانت وظيفة الإسلام كدين وكتراث في مراحل ضعف مجتمعنا وتراجعه متّسمة بالمحافظة على وحدة كيانه وعلى استقلاله، فإنّ هذا الدين قد اضطلع في مراحل قوّة المجتمع ومدّه بوظيفة الحفز على العمل والنهضة والتقدم. وهو بذلك قمين بأن يندرج اليوم في نفس هذا المنحى فيوفّر رصيدا إيجابيّا للانطلاق ببلادنا على طريق النهضة لتحقيق شرطين متلازمين من شروطها وهما :   1- المناعة الداخلية لمجتمعنا بترسيخ أسسه الثقافيّة وإقامة العلاقات داخله على قواعد التضامن والتآخي والعدل والإحسان حيث (إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي) بعيدا عن العصبية أيّا كان نوعها (ليس منّا من دعا إلى عصبيّة، حديث نبوي) وبعيدا عن المظالم الاجتماعية والحيف السياسي لأنّ (الناس سواسية كأسنان المشط، حديث نبوي) وفي كنف ترسيخ قيم العمل الصالح الذي تزكو به إنسانية الإنسان.   2- ضمان عزّة مجتمعنا : معنويّا باعتزاز كلّ أبنائه بخصوصياتهم الحضارية. أي بالإسلام وبتراثه الإيجابي وبالعروبة بما يخدم تحررهم من عقد النقص وشعور الانهزام إزاء الحضارات الأخرى. وسياسيّا بتوفّر المقوّمات الحقيقيّة لقوّة البلاد واستقلالها عن محاور الاستقطاب العالمي والهيمنة الدولية. علما بأنّه لا سبيل إلى ذلك إلاّ بدعم الوعي بالانتماء إلى الإسلام وأمّة المسلمين وتجسيم هذا الوعي في واقع من التعاون والتكامل الاقتصادي والسياسي بين مختلف بلدان المغرب والمنطقة العربية والوطن الإسلامي الكبير تحقيقا للوحدة التي هي أساس الاستقلال الحق وضمانة أمن البلاد وقوّتها وتقدّمها.   مستلزمات دعم الهوية :   إذا تأكد أنّ الإسلام و العروبة هما عماد هويتنا الحضارية التي كان لها دور حاسم في ضمان وحدة نسيج مجتمعنا   و حماية كياننا عبر التاريخ أمكن القول إنّ الالتزام بدعم هذه الهوية هو شرط لازم لكل نهضة. وإنّ إغفال هذا الشرط قد كان في العهد السابق عاملا أساسيّا في فشل خطط تنموية على أكثر من صعيد وفي إحداث مشاكل وأزمات اجتماعية وسياسية كادت تؤدي بالبلاد إلى حالة من الفوضى والدمار.   و إن الوفاق الحاصل اليوم مبدئيا بين مختلف العائلات الفكرية و التيارات السياسية حول حتمية تفادي هذا الخلل   الحضاري و اعتماد الهوية قاعدة للنهضة يستلزم سعي الجميع إلى مراعاة مقومات هذه الهوية كلما تعلق الأمر بتحديد أنماط المعرفة و السلوك و العلاقات التي ننشد إرساءها داخل مجتمعنا أو كلما تم التفكير في نوع الانتماء الوطني و ضوابط العلاقات الخارجية بما يضمن استقلالنا الأمني و الحضاري و يكون دلك عمليا بتحقيق ما يلي :   1- احترام عقائد الإسلام و أحكامه و نظمه وحسن التعريف بها في برامج التربية و التعليم وفي محتوى وسائل الإعلام ومن خلال مختلف المناشط الثقافية و التوجيه الديني التزاما بقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُوا اُدْخُلوا فِي السَّلْمِ كافَّةً و لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشيْطَانِ )_صدق الله العظيم_   2- إشاعة قيم الإسلام السلوكية داخل المجتمع من أجل إيجاد المواطن الصالح الذي يحمل أمانة خلافة الله في الأرض ويجهد نفسه لتعمير الكون بالكدح وإقامة العدل( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزبُورِ مِنْ بَعْدِ الذكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصالِحُون).   3- احترام مشاعر المؤمنين بعدم الاعتداء المادي أو المعنوي على شعائر الإسلام وقيمه ومؤسساته واحترام مبدأ حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية.   4- أن تكون التشريعات والقوانين في مختلف مجالات الحياة ملتزمة بدستور البلاد الذي ينصّ على أنّ الإسلام هو دين الدولة.   5- إيلاء الاجتهاد المكانة التي يستحقها ضمن دائرة الإيمان وبشرط الكفاءة العلمية حتى يمكن استيعاب كل مشاكل الواقع الحديث والاستفادة من الإنجازات البشرية المعاصرة التي تتماشى ومقاصد الإسلام العامّة في تحقيق المصلحة للعباد. وأنّ ذلك في فهمنا هو مناط صلاحية الإسلام لكلّ زمان ومكان.   6- تعريب التعليم والإدارة بأسلوب جادّ وشامل على نحو أن لايقف الأمر عند حدّ استبدال لغة بأخرى في نقل المعلومات والتخاطب. بل يتعدّى ذلك إلى مستوى النضال الناصب من أجل صيانة الكيان ورفع تحديات الاستعمار الثقافي بما يستتبع تلازم التعريب في مجال التعليم مع تحسين المضمون المعرفي في اتجاه اعتماد المناهج العلمية الحديثة والاستفادة من نتائج العقل البشري في كل مجالات المعرفة والتقنية.   فالتعريب بهذا المعنى يستلزم امتلاك الباحثين للغات أخرى تكون وسائل لتعريب المعرفة وإثراء البحث العلمي ودعم التقدّم التقني في بلادنا.   7- دعم كل مبادرة أو توجّه يهدف إلى تجاوز واقع التجزئة الذي يعيشه العرب والعمل على تحقيق وحدة عربية تتوفر لها قواعد الجدية والدوام… وتكون سبيلا إلى وحدة أشمل في إطار الوطن الإسلامي الكبير. إذ لامستقبل في عالم اليوم للكيانات الوطنية الضيّقة حيث يفرض واقع التكتلات العالمية الأخذ بأسباب البقاء والأمن ضمن إطار حيويّ أوسع.   الخاتمة :   إنّ اشتراك كل التيارات الوطنية في الالتزام بدعم هويتنا العربية الإسلامية بقدر ما هو ضرورة نهضوية وسبيل إلى مناعة كياننا الوطني وفتح أفق التقدم لايجب أن يفهم على أنّه إعدام للذاتية السياسية التي يختص بها كل تيار. وإنّما هو في حقيقته وفاق وطني على جملة من الثوابت العامة في شخصيتنا الأساسية يجوز الاختلاف ضمنها حول تحديد الرؤى الفكرية وصياغة البرامج السياسية واستنباط الحلول العملية لمختلف مشاكل البلاد وذلك هو مضمون التعددية التي تجد أصولها في مبادئ الإسلام وفي تاريخ المسلمين الذي شهد تنوّعا فكريا وتعددا سياسيّا أسهم في إثراء التراث وفي امتداد الأمّة ووحدتها.   وإنّ هذا التصوّر للهوية إذ يوفّر أرضية مشتركة لكلّ الأطراف الوطنية من شأنه أن يصوغ نمطا للمجتمع يقوم على الوحدة بين الدين والحياة ويستبعد تلك المفاهيم الغريبة عن ثقافتنا فتتنزّه الممارسة السياسية وفق هذه الرؤية عن الأسلوب الميكيافيلّي وترتبط بالأخلاق وبخدمة المصلحة العامة وهو لعمري من أهمّ الحوافز الذاتية على العمل والنهضة والتقدم.   الباب الثاني : الديمقراطية والحريات   إذا كان من دواعي الشرف والاعتزاز أن ولدنا فوق هذه الرقعة الزكيّة وأن انتسبنا إلى هذا الشعب العربي المسلم المؤمن بمكانة الإنسان وبحقوقه فإنّه من الخطأ الحسبان بأنّ الديمقراطية فكرة مستوردة أو بديل مسقط على واقعنا بخاصّياته الجغرافية والحضارية والمرحلية، ذلك أنّ الديمقراطية بما هي احترام للحريات الفردية والعامة وإيمان بحق الاختلاف بين أبناء الشعب الواحد واقتناع بحق كل فرد في المشاركة في الحياة وتحديد مستقبل البلاد وبحقه في الشغل والحياة الكريمة، تمثل بهذا المعنى قيما أصيلة لها مكانتها الخاصة في شخصية شعبنا الوطنية العربية الإسلامية.   1- الديمقراطية قيمة حضارية أصيلة :   إنّه وفي نفس الوقت الذي نعتقد فيه بأنّ مبادئ حقوق الإنسان بصفة مطلقة لا وطن لها بل وطنها العالم كله فإنه وجب علينا القول بأنّه مما يمّيز شعبنا عن غيره أنّ منشأ الإيمان بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية عنده كان منشأ مبدئيا منطلقا من نصوص الوحي وتعاليم الإسلام ومدعما بالتجربة الثرية التي خاضها الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته والصالحون من أبناء هذه الأمّة من بعده في صراعهم المرير ضد الاستبداد والميز العنصري والاستغلال وكل أشكال الاعتداء على كرامة الإنسان وحقوقه وحرمته الجسدية، ذلك أنّ تأصيل قيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في مجتمعنا العربي الإسلامي ناتج عن سيادة تصّور للإنسان الذي يعتبر أكثر من مجرد مواطن تمنح له بعض الحقوق السياسية تمنح له بعض الضمانات الاجتماعية. بل إنّ إنسانيّته هي عنوان تكريمه من لدن المولى عز وجلّ ومناط تكليفه (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَم/ الإسراء 70). ولذلك لا غرابة أن يكون الإنسان غاية وأساس ووسيلة كل مجتمع مدني متحضر.   وإنّ من نتائج هذا التكريم الإلهي أن أضحى الإنسان خليفة الله في أرضه والمكلف بتعميرها والاستفادة من خيراتها ومخلوقاتها سواء كانت موجودات طبيعية أو مستحدثات بشرية. ولذلك فلا غرابة أن تكون الدولة من هذا المنظور مسخرة لخدمة الإنسان ونفعه وهي مطالبة بأن لاتشذّ عن مبدأ التسخير العام الذي يتضافر على الانخراط فيه كلّ الوجود. كما أنّه أن يغدو العمل على بناء مجتمع قائم على الشورى والعدل والإحسان وعلى إعطاء كل ذي حق حقه والتصدي لكلّ مظاهر الانحراف التي فيها مسّ من الحريات الخاصة والعامة وحق الإنسان في التفكير وحرّية ضميره ومعتقده (لا إِكْرَاهَ فِي الدين قد تَبيَّنَ الرشْدُ مِن الغَيّ) البقرة/ 256. وحقّه في التعبير وتحريم المسّ من حرمته الجسدية وحرمة مسكنه (يا أيّها الذين آمنوا لاتدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها) وحقه في العيش الكريم… لاغرابة أن يكون كل ذلك واجبا شرعيا لذلك فإنّ من قتل نفسا بغير حق فكأنّما قتل الناس جميعا. ولذلك أيضا حظي المظلوم المعتدَى على حقوقه مهما كان لونه وجنسه ومعتقده ومستواه الاجتماعي بامتياز عند الله سبحانه وتعالى عن غيره من البشر إذ ليس بين دعائه وخلقه حجاب.   وإذا استهدفت هذه المبادئ خلال العديد من فترات تاريخ أمّتنا إلى الاعتداء وذلك بداية من تسلّط الأمويّين وافتكاكهم لزمام الأمور. وإذا ران على هذه القيم في مراحل كثيرة غبار كثيف غذّاه الجهل والتقليد الأعمى وانتفاء جذوة روح الاجتهاد والإبداع فإنّ تاريخ هذه الأمّة لم يخل من محاولات قديمة وحديثة لتأكيد هذه المبادئ وتجسيدها. وكما شهد وطننا العربي الإسلامي انبناء دولة على أساس الوفاء لهذه المبادئ (تجربة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه شرقا- دولة الموحدين غربا) شهد على اساس نفس المبادئ قيام حركات إصلاحية قديمة وحديثة (صلاح الدين الأيوبي، ابن تيمية، الإمام سحنون، محمد عبده، الأفغاني، رشيد رضا، عبد العزيز الثعالبي… وغيرهم)   أمّا على المستوى المحلي فلقد كان تاريخ انبناء تونس حافلا بالنضال ضد الاستبداد السياسي والظلم الاجتماعي والتزييف الثقافي وخاصة ضد الآخر حلقاته مماثلة في العهد السابق، إذ كان من الواضح للعيان متانة الارتباط خلال فترة الاستعمار المباشر والوجود الفرنسي بين النضال من أجل التحرر الوطني والاستقلال والنضال من أجل الديمقراطية والدفاع عن الحقوق المادية للتونسيين فإنّ التاريخ يسجل بكل فخر واعتزاز أنّ شعبنا وطلائعه السياسية والاجتماعية فقد دفعوا الكثير من أجل ضمان حق التونسي في التفكير والتعبير وحقه في العيش الكريم والتمتع بخيرات بلاده حتى جاء السابع من نوفمبر الذي كان تتويجا لنضال تاريخي مرير ضد التسلّط وانطلاقة هامة وتاريخية نحو تأسيس المجتمع المدني ودولة القانون.   وحتى تكون خطوات بلادنا من أجل تعزيز المبادئ والتوجيهات المعلنة خطوات ثابتة متبصرة ومن أجل توفير إرادة شعبية تدعم الإرادة السياسية المتوفرة وتحمي خطواتها، وجب التنبيه إلى معطى هام وهو أنّ الخيار الديمقراطي- مدّا وجزرا- ليس رهين إرادة سياسية فقط بل هو رهين ثقافة جماعية.   2- النضال من أجل الديمقراطية نضال ثقافي قبل كلّ شيء   يقول منتسكيو في كتابه « مقدمة لروح القوانين » « في زمن الجهالة لا نشعر بتأنيب الضمير حتى وإن ارتكبنا أكبر الشرور وفي زمن التنوير نضطرب حتى ولو قمنا بأفضل الأعمال »، إنّ هذه القولة لكفيلة بإقناعنا بأنّ تحقيق الديمقراطية قبل أن يكون مجرد عملية نقل السلطات بين الحاكم والمحكوم هي عملية تكوين الإحساسات وردود الأفعال والمقاييس التي تشكل أسس ديمقراطية ما في شعب ما وفي تقاليده، ومن أجل ذلك وجب النظر إلى الديمقراطية من خلال نقاط ثلاث :   أ- من حيث كونها شعورا ذاتيا للإنسان.   ب- من حيث كونها شعورا تجاه الآخرين.   ت- من حيث كونها مجموعة ظروف اجتماعية وسياسية ضرورية لتكوين مثل هذه المشاعر لدى الفرد والمجموعة وتفتّحها.   يقول المفكر مالك بن نبي رحمه الله « إنّه من البديهي أنّ الديمقراطية لايمكن أن تتحقق كواقع سياسي باعتبارها سلطة الشعب ما لم تكن قد ترسخت قبل ذلك داخل الفرد الذي يتكوّن منه الشعب، ما لم تكن قد ترسخت في ذاته، في بنيته الشخصية، ما لم توجد في المجتمع كمجموعة أعراف وعادات وممارسات وتقاليد. إنّ الإحساس الديمقراطي لايتكوّن في أيّ ظرف أخلاقي واجتماعي إنّه نتيجة لثقافة معيّنة تتويج لمذهب إنساني أي نتيجة تقدير معين للإنسان في مستواه الشخصي وعلى مستوى علاقاته بالآخرين ». مالك بن نبي. حول الديمقراطية في الإسلام.   وإذا كان « قيزو » في تأريخه لأوروبا منذ نهاية الامبراطورية الرومانية حتى الثورة الفرنسية قد أتاح لنا فعلا متابعة عملية تحقيق الديمقراطية ونشوء الإحساس الديمقراطي في أوروبا فإنّ الناظر لتاريخ المسلمين يتبين أنّ هذا الإحساس الذي نشأ مثلما سبق أن أوضحنا منشأً مبدئيا منطلقا من نصوص الوحي قد عبّر عن نفسه من خلال تجربة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته والعديد من حركات الإصلاح والنهضة. ولذلك فإنّ العملية الديمقراطية في عمقها تمثل نوعا من الحد النفسي الذي يبدو تحته شعور الرق وفوقه شعور الاستبداد فيكون للإنسان الحر بذلك إثبات بين هذين الأمرين الرق والاستبداد كما تكون عملية التطور نحو الديمقراطية مستوجبة لأن يتخلّص المواطن حكما ومحكوما من التوجيهات المضادة للديمقراطية الكامنة في باطنه وذلك بالحد من الميل نحو الاسترقاق لدى الأوّل ومن الميل نحو الطغيان لدى الثاني. ولقد نبّهت آيات القرآن بوضوح من الوقوع في ذلك « تِلْكَ الدارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُها للذين لا يريدونَ عُلُوًّا في الأرضِ ولا فسادا والعاقِبَةُ للمتقينَ » القصص/82 « إِنَّ الذينَ تَوَفَّاهُم المَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَا كُنْتُم قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرْضِ قَالوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله واسِعَةٌ فَتُهَاجِرُوا فيها فأولئكَ مَأْواهُم جَهنّمُ وسَاءَت مَصِيرا إِلاَّ المُسْتَضعفينَ مِنَ الرجالِ والنساءِ والوِلْدَانِ لاَيَسْتَطِيعونَ حِيلةً ولايَهْتدونَ سَبيلا فأولئك عَسى الله أنْ يَعْفُوَ عنهم وكان الله عَفُوّا غفورا » النساء /97 .98 .99 .   إنّه من الطبيعي أن يتحوّل الإحساس الديمقراطي إلى ثقافة وعقيدة ذلك أنّ كلّ مشروع لتحقيق الديمقراطية هو مشروع تربويّ لكلّ أفراد الشعب على الصعيد النفسي والأخلاقي والسياسي والاجتماعي تكون له نتائج واضحة في نظام الحياة وتشاريعه وعلى صعيد أفعال الإنسان وحقوقه والضمانات التي يتمتع بها وعلى صعيد تصرّفات السلطة وصلوحياتها وحدودها وكذلك على كيفية تكوّنها مما يدعم القول إنّ الديمقراطية في جوهرها ليست مجرد إعلان عن أنّ شعبا ما هو صاحب السيادة بل هي نتاج عمليّة مركّبة يسعى الجميع من خلالها إلى خلق الإحساس والثقافة والتشريعات الديمقراطية وإلى جعلها ممارسة سائدة في واقع المجتمع وخلاياه على نحو ألاّ تغيب الديمقراطية عن ضمائر المواطنين ومطالبهم ونضالاتهم حتى في صورة عدم وجود نصّ يحميها أو تعرّض ذلك النصّ للإلغاء من طرف مستبد أو وضع نصّ معاد لها لأنّ أسس الديمقراطية أعمق من سطر مكتوب… إنّه يجد مكانة في عمق الإنسان وفي إرادته وفي إحساسه وثقافته وعقائده وتقاليده وأعرافه وممارساته.   3-الديمقراطية أساس للعمران :   إنّه لا نهضة ولا تقدّم في ظلّ غياب الديمقراطية السياسية والاجتماعية واحترام الحريات العامة والخاصّة، ذلك أنّ الاستبداد السياسي كان تاريخيّا مرادفا للتخلّف والتطاحن والانهيار الاقتصادي والاجتماعي والحضاري بصفة عامّة. وعلى هذا فإنّنا لا نخطئ القول إذا أكدنا جملة القناعات التالية :   أ?- إنّ الديمقراطية ضرورة من ضرورات تأسيس المجتمع المدني الناهض ودعمه وتجذيره.   ب?- إنّها الوسيلة الأرقى لتطوّر الحياة السياسيّة في البلاد ولقيام علاقات سويّة بين مؤسّسات الحكم وبين الشعب والدولة وبين مختلف التنظيمات.   ت?- إنّها ضمانات أساسية لحماية الحريات وبناء مجتمع قائم على العدل وتكافؤ الفرص الرافضة للعنف مناهضة للتطرّف.   وإذا كان تأسيس المجتمع المدني والحفاظ على العمران وتطوّره ورقيّه يتطلّب جهدا من قبل كلّ أبناء البلاد مهما اختلفت مشاربهم ومواقعهم وإذا كان التغيير الحاصل قد فتح المجال أمام الأمل في تكريس الخيار الديمقراطي فإنّه يجب التنبيه إلى أنّ المعركة من أجل تحقيق المزيد من المكاسب لم تنته وإنّ ما تحقق منها وهو الكثير ولله الحمد لا يجب أن ينسينا أنّها معركة شاقة وطويلة تستوجب المزيد من التجنّد من أجل تأصيل قيم الديمقراطية والحرية داخل كلّ مؤسسات مجتمعنا ومن أجل القضاء على كلّ موروث ومكتسب يعادي هذه القيم النبيلة.   4- المجتمع المدني أساس للديمقراطية :   عندما تفتقد الروح الديمقراطية أساسها في شخصية الفرد وحينما يفقد الفرد الشعور بقيمته وقيمة الآخر تتوقف تلك الروح عن التعبير عن نفسها في عالم الواقع فالديمقراطية تتطلب تجسدا لمبادئها وحقائقها في إطار مجتمع يعيشها ويحفظها فهي بهذا المعنى جملة متناسقة مترابطة من المقتضيات التي تمس حياة الجماعة والفرد. وهاهنا يبرز – إلى جانب عنصر الثقافة والوعي- دور المؤسسات ضمانا أساسيا لحياة جماعية وفردية ديمقراطية، حيث تتضافر تلك المؤسسات والهياكل عائلة كانت أو جمعيات أو أحزاب أو دولة… في بناء المجتمع وصيانته باعتبار البناء والصيانة معا مسؤولية مشتركة لاتستقل بالنهوض بها جهة دون الأخريات.   وعلى هذا فإنّه لابدّ من تأكيد جملة من المبادئ أهمّها :   1- احترام النظام الجمهوري باعتباره أحد ركائز المجتمع المدني : إنّ تلك المسؤولية المشتركة بين الهياكل الوطنية والمؤسسات المجتمعية لَتُبرِزُ أنّ الدولة من جهتها على أهمية دورها تظلّ بالأساس مصدر تأطير لامصدر إنشاء للمجتمع المدني الذي هو نقيض المجتمع السلطوي الاستبدادي العبودي.   وعلى هذا الأساس فإنّ المجتمع هو منشأ الدولة لا العكس. وأنّ ذلك الدور التأطيري الأساسي للدولة هو في الأخير لصالح الدولة ذاتها أيضا يخفف من حملها ويضمن حفظ المجتمع المدني نفسه بنفسه بحفظ مقوّمات الحياة والتطوّر الذاتي فيه. وهذه الصيغة من العلاقة هي أفضل ضمان ضد القطيعة بين الحاكم والمحكوم وتواكل المواطن باعتماده السلبي على الدولة.   وبهذا المعنى فإنّ النظام الجمهوري هو نقيض لنظام الحكم والمطلق والدولة الإطلاقية سواء كان أساس قيامها ثيوقراطيا أو دكتاتوريا، بروليتاريا أو عرقيا أو فرديا أو سواه…   2- احترام مبدأ سيادة الشعب وحقه في اختيار من يمثّله ويحكمه عن طريق الانتخاب الحر النزيه. ومبدأ السيادة لايتجسم في المجال السياسي فحسب بل إنّه لا يتمّ اكتماله إلاّ حين يشيع عبر سائر مجالات الحياة المدنية : اجتماعية وثقافية وغيرها.   ذلك أنّ الديمقراطية المقصورة قاصرة وهذه بدورها غير خليقة بشعب راشد سيّد لنفسه.   3- احترام مبدأ التداول على السلطة لما في حجب هذا المبدأ من تسفيه فعلي للشعب وفتح لباب القطيعة والانزلاق.   4- الفصل بين السلط التشريعية والتنفيذية والقضائية فصلا يعكس توازن المجتمع المدني وتكامل وظائفه.   4- احترام استقلالية القضاء ودعم مهامّ مجلس القضاء الأعلى واعتماد التمثيل الانتخابي فيه.   5- احترام استقلالية التنظيمات الجماهيرية عن كل الأطراف السياسية والعمل على ضمان وجودها ووحدتها واحترام ديمقراطية القرار داخلها.   6- التمييز الواضح بين الأحزاب الحاكمة وبين الدولة وتحييد الإدارة وضمان استقلال المؤسسات الإعلامية التابعة للدولة عن الأحزاب والتنظيمات واعتماد مبدأ الإشراف الممثل بما يضمن حيادها وإيجابيتها. وتحرير وسائل الإعلام من كلّ ضغوط وقيود سوى ما يقتضيه القانون ومبادئ المهنة من أجل ضمان وقيود سوى ما يقتضيه القانون ومبادئ المهنة من أجل ضمان التزامها بمصلحة البلاد.   7- ضمان استقلالية المساجد والمؤسسات الدينية عن كلّ الأحزاب بحيث لاتستخدم كأطر للتوظيف الحزبي كما لايكون الانتماء الشخصي لحزب سياسي سبيلا للتزكية أو الإقصاء وجعل الإشراف عليها والتوجيه فيها لايعتمدان مقياسا غير الكفاءة.   ومن جهة أخرى فإنّ المجتمع المدني الديمقراطي هو الذي يُلتزم فيه باحترام الحريات العامّة والخاصّة لكلّ أبنائه ذكورا وإناثا مهما كان معتقدهم ولونهم ومستواهم الاجتماعي وموقعهم السياسي. ومن أبرزها :   1- حرية التفكير والمعتقد والتنظيم والتعبير وممارسة الشعائر التعبدية لكلّ التونسيين.   2- حرية تنقّل المواطنين داخل البلاد وخارجها.   3- حرمة المسكن وسرية المراسلة.   4- احترام الحرمة الجسدية للإنسان ورفض التعذيب وتحديد مدة الاحتفاظ والإيقاف التحفظي إلى أدنى حد وعدم المسّ من كرامة الإنسان وإن كان من المحكوم عليهم.   5- مساواة المواطنين في الحقوق والواجبات وأمام القانون والقضاء.   6- احترام التعددية السياسية والفكرية باعتبارها الطريق الأسلم لبناء مجتمع قائم على التنافس الإيجابي بين كلّ أبنائه وإن اختلفت عقائدهم وأفكارهم ذلك أنّ الاختلاف بين أبناء الشعب العاملين على النهوض بواقعه وتطويره المخلصين له رحمة. وإحلال الفهم الإيجابي للآخر محلّ الفهم المبني على روح العداء والإقصاء هو أمر حيويّ باعتبار أنّ وجود المخالف في الرأي ليس شرّا مطلقا بل هو ضرورة لتحقيق التدافع الحضاري وتعبير عن واقع معيش لا فائدة في طمس وجوده. وهذا ما يدفعنا إلى القول إنّه لاديمقراطية بدون احترام التعددية الفكرية والسياسية وبدون رفض الاحتواء والإقصاء.   7- رفض اعتماد العنف وسيلة لحسم الخلافات الفكرية والسياسية.   8- احترام حق المشاركة في تحديد الاختيارات التي تهمّ حاضر البلاد ومستقبلها باعتباره حقا مشروعا لكلّ التونسيّين.   وإذا كان الحديث عن مختلف الأسس والمنطلقات التي ثبت ارتباطها الوثيق بالمسألة الديمقراطية هو مجرد تواصل مه ما هو مسلّم به من قبل الجميع ممّا نصّ عليه دستور البلاد. فإنّ إبراز هذه الأسس والمنطلقات هو في الحقيقة تأكيد على مبادئ الدستور ودعوة من جديد للوعي بمقتضياته والالتزام بها.   وبذلك تنخرط حياتنا السياسية والاجتماعية كلّها ضمن ما حدده الدستور من مقتضيات، بدونها تضيع معالم الطريق ويسقط الإنسان في مهالك الاستبداد والعبودية.   5- الديمقراطية سياسيّة واجتماعية أو لاتكون :   لئن وجب أن تكون الديمقراطية كما سبق أن بينّا عنصرا فاعلا في نطاق الضمير والمشاعر وأن تمارس في الخارج أي في مجال الوقائع والتصرفات الفردية والعامة وفي نشاط المؤسسات فإنّه يجب التنبيه إلى أن الديمقراطية التي نعنيها نظام ذو وجهين سياسي واجتماعي. إذ ليس نظاما ديمقراطيّا في فهمنا ذلك الذي يمنح الفرد حرية التفكير ثم يتركه يهلك جوعا. ذلك أنّه لاديمقراطية بدون ضمان واحترام جملة من المبادئ أهمّها :   1- حق كل المواطنين ذكورا وإناثا مهما اختلفت انتماءاتهم الفكرية والسياسية في الشغل والرزق.   2- حق كل فرد في الحياة الكريمة وفي التمتّع بثمار عمله وبنصيبه من خيرات البلاد التي يجب أن توزّع بعدل. كما أنّه ليس نظاما ديمقراطيا ذلك الذي يمنح الفرد بطاقة انتخابية ثم يتركه يسحق تحت ضغط التكتلات الاقتصادية والتحالفات المصلحية. فيضحي احتياجه بابا ليفقد ذاته ويصبح أداة طيّعة بين أيدي أصحاب الجاه والسلطان مما يفرغ العملية الانتخابية من كل محتوى ديمقراطي. وهل يمكن الحديث عن انتخابات حرة دون أن توفّر الإرادة الحرّة عند كل المشاركين ؟   خـاتـمة :   إنّ تثبيت هذه المبادئ في الذهنية العامة للشعب يقتضي ابتداء إجماع كلّ الطلائع الفكرية والسياسية حولها حتى يتسنّى لها صياغة وعي سياسيّ عام مشترك مؤسس على قاعدة هذه المبادئ.   وإنّ تحقّق ذلك علاوة على أنّه يحتاج إلى جهود تربوية وإعلامية كفيلة بأن تعيد للإنسان اعتباره وكرامته في الضمائر والأذهان وأن توفّر ضمانات لحقوقه في مجال الواقع فإنّه سينشئ وعيا وواقعا سياسيّين متحرّرين من عقليات وأوضاع العبودية والاستبداد التي تبلورت عبر بعض مراحل تاريخنا القديم والحديث والقريب، فيندرج النضال السياسي بالتالي ضمن العمل الإصلاحي العام في أبعاده التاريخية والحضارية.   وإذا حصل هذا فإنّ منهج التغيير السياسي والاجتماعي سيتخلّص من مفاهيم التآمر والمناورات ومن طرق العمل السرّي وأساليب العنف بكلّ أشكالها ويتركّز على معاني علنيّة وجود التيّارات والتنظيمات وقانونيّة أنشطتها ومشروعيّة طموحاتها فتندرج بذلك نضالاتها ضمن السعي إلى تحقيق المصلحة العامّة والإخلاص للوطن.   الباب الثالث : نمط التنمية   توطئة :   إنّ إنماء بلادنا مهمة يشترك فيها كل أبنائها. وهي تستلزم بالتالي الصدور عن أي رؤية عامة مشتركة تكون بمثابة الضوابط الموجهة للمشروع التنموي في خطوطه العريضة دون ملامسة تفاصيل الاختيارات ميدانيا في مختلف المجالات لأن ذلك لايسعه ميثاقنا الوطني الذي يطمح إلى أن يكون عقدا أدبيا يرعى العمومي المشترك بين أبناء هذه البلاد. ويترك المجال سانحا لكل التيارات السياسية حتى تصوغ تفاصيل الاختيارات التنموية التي ترتئيها ضمن برامجها السياسية حتى تصوغ تفاصيل الاختيارات التنموية التي ترتئيها ضمن برامجها السياسية فتتوفر بذلك مجالات أخرى للحوار والتفاعل بين تلك البرامج.   1- أهمية العامل البشري في إنجاز التنمية :   إنّ كل مجهود إنمائي يهدف بالأساس إلى توفير حاجيات الإنسان المادية والمعنوية ضمن مصلحة الجماعة. بيد أن هذا الإنسان الذي يظل هدفا للتنمية هو كذلك وسيلتها الأساسية إذ هو الذي يقوم على عمليات الإنتاج والخدمات بأنواعها.   لذا يتعين تأهيله ليكون دعامة لنجاح الخطط التنموية وإلا غدت هذه الخطط نصوصا جامدة وتقديرات نظرية مسقطة على الواقع غير قادرة على التأثير فيه مهما بلغت من الدقة والصرامة العلمية.   ويستدعي التأهيل البشري المنشود العمل على بناء شخصية المواطن المتكاملة بأبعادها العلمية والروحية والوطنية والأخلاقية بما يضمن اندفاع الأفراد والجماعات بصورة ذاتية واعية نحو تنمية البلاد، كل في مجاله وحسب طاقته. وهو عمل يتطلب :   أ?- العناية بالتعليم وتوسيع إنشاء المدارس والمعاهد العلمية والفنية في جميع اختصاصات المعرفة والتقنية حتى يتوفر المناخ الملائم لنهضة علمية وفكرية شاملة مؤسسة على الثابت في مكونات الهوية العربية الإسلامية ومقتضيات الحياة المتطورة… تنويرا للعقل وتهذيبا للذوق والسلوك   ب?- إيلاء البحث العلمي بكل فروعه المكانة التي يستحقها بالدعم والتشجيع من أجل توفير العلماء والباحثين والمخترعين إيمانا بدور العلم في فهم الواقع واستيعاب النظريات والحلول التي ابتكرها العقل البشري قصد الاستفادة من إيجابياتها والاجتهاد في التخطيط لإنماء البلاد.   ت?- إحياء الضمير الشعبي بالقيم الدينية والوطنية التي تحث على العمل والإنتاج والعدالة والتكافل حتى ينتمي العمل الإنمائي ألى مرتبة العبادة وترتبط بمعنى الثواب الإلهي فتنشط الحوافز الذاتية الفعالة.   ث?- تشجيع المبادرات الشعبية الهادفة إلى النهوض بالمجتمع سواء ما كان منها ذا صلة بالأعمال الخيرية والتعاونية أو تلك التي تنتظم في جمعيات فكرية واجتماعية واقتصادية وغيرها حتى تتوسع مجالات المشاركة في الجهد الإنمائي ويتحرر الناس من عقلية التواكل والاعتماد الدائم على الدولة في كل شيء.   ج?- التشجيع ماديا ومعنويا على التعلم والعمل والإنتاج بإسناد المنح والإعانات والدعم المادي لبعض السلع والمنتجات ووضع نظام سليم للحوافز يشجع على الشغل والعطاء ورفع الإنتاجية.   ح?- تأكيد حقوق المرأة الإجتماعية والثقافية والسياسية والإقتصادية حتى تضطلع بدورها في تنمية المجتمع بعيدا عن السلبيات والتقاليد المستوردة وعوائق المماؤسات الموروثة صونا لكرامتها واستعلاء عن مظاهر الميوعة والتفسخ.   2- التنمية الاجتماعية :   إنّه لامعنى لنماء اجتماعي في بيئة تسودها المظالم الناشئة عن الفقر والبطالة والفوارق المادية الفاحشة بين الفئات وعدم التوازن الجهوي الخ…   فلئن جاز أن تشهد بعض القطاعات أو الفئات أو الجهات انتعاشا نسبيا في هذه الظروف، فإن ذلك يكون على حساب غيرها ويظل السواد الأعظم من الشعب محروما من خيرات بلاده شاعرا بغربته عن ذاته وبانتقاص في وطنيته. وهو ما يهدد كل فرد هذه حاله إمّا بالاستقالة الاجتماعية والسياسية السلبية أو بالتفكير في ردود فعل انتقامية وعنيفة يكون نتيجته التطاحن الطبقي والعصبيات الجهوية التي من شأنها أن تصدع الكيان الاجتماعي وتعطل عملية التنمية وتصوغ وعيا ماديا وصداميا مدمرا مصداقا للحديث النبوي القائل: » كاد الفقر أن يكون كفرا « .   ويلزم عن هذا أن تكون التنمية الاجتماعية مرتكزة بالضرورة على العدل بمعناه الشامل الذي هو في حقيقته تجسيد لقيمنا الإسلامية الخالدة التي نستلهم بعضها من قول الله تعالى في ضبط العلاقات الاجتماعية » إنما المؤمنون إخوة « – الحجرات) 10(   وقوله في عدالة توزيع الثروة » كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم – « الحشر   وقوله : » اعدلوا هو أقرب للتقوى « وقوله تعالى في الحث على الإنفاق : » أنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه « -الحديد   وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحث على التضامن الاجتماعي : » ليس مؤمنا من بات شبعانا وجاره جائع وهو يعلم « الخ…   فبدون تجسيد قيم العدالة في واقعنا الاجتماعي تتردى العلاقات البشرية في مهاوي الكراهية والعداء بدل المحبة والتآخي وتحل لغة التدابر والعنف محل التعاون والتضامن والإيثار… فتتعطل بذلك العلاقات الفردية والعامة وتنأى بها الصراعات الداخلية عن الانطلاق الجماعي نحو العمل التنموي.   ولكي يتم تفادي هذه النتيجة الوخيمة لزم السعي إلى تحقيق ما يلي:   ا- إيجاد علاقات اجتماعية تقوم على أسس القيم الحضارية لبلادنا بترسيخ أصول الأخلاق والقيم الفاضلة حتى تسود المجتمع روح التآزر والتكافل والتآخي ومقاومة كل مظاهر الاستغلال والأنانية والتناحر بين مختلف الفئات الاجتماعية.   ب- تحقيق المساواة بين المواطنين والعمل على تذويب الفوارق بين الفئات من حيث القيمة الاجتماعية والكرامة الإنسانية علاوة على الحقوق والواجبات دون أن يؤدي ذلك بالضرورة إلى المساواة المطلقة في المداخيل لأنها مرتبطة بنوع وحجم الجهد البشري المبذول.   ج- التأكيد على أن العمل هو أصل التكسب وشرط النهضة وهو حق وواجب مما يستلزم توفير الشغل لكل القادرين عليه من أصحاب الكفاءات العلمية والمتمتعين بقوة العمل من أجل القضاء على ظاهرة البطالة المكشوفة والمقنعة وتمكين البلاد من الاستفادة من كل قواها النشيطة في العملية الإنتاجية.   د- تنمية الإنتاج ومضاعفة الإنتاجية بحسن استغلال الثروات الطبيعية وحسن توظيف الإمكانات البشرية والمادية المتاحة.   ه- عدالة توزيع ثروة البلاد وخيراتها بين كافة المواطنين تلبية لحاجيات المجتمع الأساسية من غير إسراف ولا تبذير ودون حيف، فلا تمييز وفق مبدأ » الرجل وبلاؤه، الرجل وحاجته « -عمر بن الخطاب-.   و- إذا كان الجهد هو مقياس الربح والعمل وهو مصدر التملك، فإن الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج المشروعة هي وظيفة اجتماعية يتعين تنظيمها بما يضمن تحقيق المصلحة العامة ويحول دون التفاوت وعدم المساواة.   ز- توفير الخدمات الاجتماعية بما يكفل الحاجات الضرورية للأفراد وحقهم في التعلم والصحة والسكن ومختلف وسائل المعاش ضمانا لاستقرار المجتمع ووحدته وسدا لأبواب الحاجة والعوز وتناسقا بين توفير الحق وأداء الواجب.   ح- على الدولة أن تتدخل في الملكية والحياة الاقتصادية بدعم مؤسسات القطاع، العام وخاصة ملكية مصادر الثروة الطبيعية والقطاعات الإستراتيجية في حياة الشعب وتنظيم الأجور بما يحمي القدرة الشرائية للمواطن، وسن تشريعات الضرائب العادلة ودعم التغطية الاجتماعية وتوسيعها…   3- التنمية الاقتصادية:   إنّ جهود الإنماء الاقتصادي لبلادنا يجب أن تتجه نحو بناء اقتصاد وطني قوي مرتكز على تصور يجاوز بين القيم المادية والقيم الروحية، ومبنى على ضوابط المصلحة العامة والعدالة التي لا تنسحق فيها حرية الفرد ومبادرته.   وإن الغاية البعيدة التي يجب أن نسعى إليها حميعا هي الانتقال من وضع القروض الخارجية والاستيراد إلى وضع الاكتفاء الذاتي بالاعتماد على إمكاناتنا البشرية والطبيعية والمادية الخاصة حتى يكون تعاملنا الاقتصادي مع الخارج قائما على التعاون العادل والتبادل المتكافئ ومتحررا من قيود التبعية لأي جهة نقدية أو سياسية فنكون وقتها قادرين على تجاوز مرحلة الاكتفاء إلى مرحلة توفير فوائض الإنتاج التي تخول لنا التصدير والإسهام بالتالي في تطوير واقعنا الداخلي وواقع النظام الاقتصادي العالمي.   على أنّ الهدف المنشود سيظل متوقفا على توفير وعي شمولي ذي أبعاد وطنية وحضارية هامة.فبقدر احتياج اقتصادنا الوطني إلى الاندماج الداخلي بقدر حاجته أيضا إلى الاندماج مغاربيا وعربيا وإسلاميا حتى يتوسع مجاله الحيوي ويقوى بالتالي على الانتعاش ومواجهة تحديات التكتلات العالمية وسيطرة الاحتكار الدولي .   وفيما يلي أهم الأسس التنموية التي يتعين أن يتركز عليها اقتصاد وطني تلك ملامحه:   أ- التعايش بين القطاعات العام والخاص -=\-987 في علاقة تكامل وتناسق بما يضمن المصلحة العامة.   ب- تحقيق التوازن الجهوي بتوزيع الاستثمارات والمنشآت والخدمات بين الجهات بصورة عادلة تراعي الجدوى الاقتصادية العامة.   ج- دعم وتوسيع البنية الأساسية في قطاع الخدمات )من طرقات ومواني. ومطارات ومرافق إدارية وعامة…( وتوسيع منشآت المياه والطاقة المعدة للصناعة والاستهلاك العام وتأمين وسائل الاتصال السريع داخليا ومع الخارج لتيسير حركة الناس ومنتجاتهم ولإعطاء العملية الإنتاجية دفعا وحيوية.   د-دعم وتنظيم قطاع تقديم الخدمات ممثلا بالخصوص في مكاتب الدراسات الهندسية والاقتصادية…والخبراء المحاسبين والاستشاريين والبنوك…الخ حتى يتم تنشيط الحركة الاقتصادية وتيسير التفاعل بين القطاعات داخليا وحتى تكون بلادنا قادرة على تصدير الخبرة وإسداء الخدمات إلى الخارج فيكون ذلك مصدرا للعملة الصعبة.   هـ- العناية بالقطاع الفلاحي نظرا لما تنطوي عليه بلادنا من ثروات زراعية وسمكية هائلة يمكن أن تكون المصدر الأول للدخل وأن توفر لشعبنا أمنه الغذائي وفوائض إنتاجية توجه إلى التصدير الخارجي كما توفر له مواطن شغل كثيرة ومحترمة. لكن ذلك مشروط بتجسيم العناية واقعيا بالترفيع من الاعتمادات المالية المخصصة من الميزانية لهذا القطاع وإعانة الفلاحين واستصلاح الأراضي وزراعة المهجور منها والنهوض بأراضي الدولة ودعم البنية الأساسية باعتماد أحدث الآلات والوسائل المعاصرة في مجال الحرث وانتقاء البذور والري والجني والحصاد والخزن والصيد البحري ومكافحة الآفات والتصنيع الغذائي الخ…   كما يقضي النهوض بالفلاحة عدم غمط العاملين فبها حقوقهم المادية والمعنوية. لذا يتحتم إقامة علاقة عادلة بين مالكي الأراضي والعملة الفلاحين بما يضمن لهؤلاء العيش الكريم ويشد الجميع إلى إعمار الأرض واستخراج خيراتها. وتتحمل المنظمات الفلاحية في هذا المضمار مسؤولية أساسية تحتم توفير الشروط اللازمة لحسن أدائها.   و- النهوض بالقطاع الصناعي وتحقيق تفاعله وتكامله مع القطاع الفلاحي وتحريره من التبعية لدواليب الاقتصاد الأجنبي وذلك بالتركيز على الصناعات التي تتوفر موادها الأولية في بلادنا وتلك التي توفر المواد والسلع التي يغلب استهلاكها في الأسواق حتى تكون صناعتنا الوطنية معتمدة على ذاتها وخادمة لمشروع التنمية الشاملة ويستدعي تحقيق هذا الهدف الجد فباستغلال ثروات بلادنا المعدنية والكشف عن مزيد من مصادر الطاقة ودعم وتوسيع البنى الأساسية التي تستلزمها صناعة وطنية حديثة وقوية يحظى العامل فيها بحقوقه المادية والمعنوية كاملة عير منقوصة – حتى يحافظ على إنسانيته ويكون في مأمن من الاستلاب – ويكون للشعب فيها كامل السيادة على ثرواته.   ز- تيسير سبل التجارة الداخلية بما يمكن من تسويق وترويج منتوج كل القطاعات دون أن يكون الربح مقياسا مقدما على مبدإ توفير الخدمة العامة وهو أمر يستدعي تدخل الدولة بوضع نسب معقول للربح ودعم مصالح وأجهزة مراقبة جودة السلع وضبط الأسعار حتى تتم محاصرة الغش والغلاء والجشع.   ث?- تشجيع تصدير منتاجتنا الوطنية وضبط الاستيراد بالحاجيات الفعلية لبلادنا في مجالات الخدمات والزراعة والصناعة والاستهلاك العام والحد من استيراد المواد الاستهلاكية التي توفرها زراعتنا وصناعتنا الوطنية.   ط- ترشيد الاستهلاك العام بنشر وعي يحصن مجتمع استهلاك وسوق للصناعة الأجنبية لما في ذلك من ضرر يلحق اقتصادنا الوطني بفعل تفوق الطلبات لاستهلاكية على العمليات الإنتاجية وما قد ينجر من ذلك من مضاعفات خطيرة على صعيد تبعيتنا للخارج فضلا عن الخلل الأخلاقي والسلوكي الذي ينشأ عن تفشي نمط الحياة الاستهلاكي حيث ينحرف الناس عن القاعدة القرآنية الواردة في قوله تعالى :  » ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا « – سورة الإسراء ( 29).   ولا بد من الشارة في الأخير إلى أن النهوض بالقطاعات الخدمية والزراعية والصناعية المذكورة آنفا هو أفضل من تركيز الاقتصاد على السياحة التي يرتبط وضعها دائما بعوامل ظرفية : مناخية وأمنية وغيرها تهدد اقتصادنا بأن يكون هشا ومهددا على الدوام علاوة على الانعكاسات الاجتماعية الأخلاقية المنجرّة عن هذا القطاع الذي يحتاج إلى إعادة تصور وتنظيم وإلى كثير من الترشيد.   4- الثقافة والتربية والإعلام والشباب:   انطلاقا مما سبق بيانه من وثيق ارتباط عملية التنمية بالعامل الإنساني ( في مطلع هذا الباب) وبالسياق الاجتماعي والثقافي (في أواخر مرتكزات الاقتصاد الوطني) يتجلى ما للتنمية الثقافية من أهمية في تحقيق التنمية الشاملة، حيث أن الثقافة بالنسبة إلى أي مجتمع هي تعبير عن عقيدته وقيمته ونمط تفكير أفراده واتجاهات سلوكهم وعاداتهم….   وانعكاس كل ذلك على مظاهر الحياة والمعمار والواقع المادي لذلك المجتمع. فهي بالتالي حافظة شخصية الأساسية وصانعة ملامح الإنسان داخله فكرا وسلوكا. إن ثقافتنا العربية الإسلامية تفجر فينا فعلا، طاقات إبداعية توجه علاقتنا بالكون نحو العمل على تعميره وتسخيره لخدمتنا وللإصلاح في الأرض عموما وتوجه علاقتنا بالإنسان نحو التعارف والحب والإخاء والاجتماع على الخير لأن كلتا العلاقتين محكومتان بعقيدتنا الإسلامية أي بعلاقة الإيمان والعبادة التي تربطنا بالله تعالى وتوجه فكرنا وسلوكنا.   لذا يعدّ اهتمامنا بتنمية ثقافتنا سببا لصيانة كياننا المستقل ودعم شخصيتنا الأساسية التي في ضوئها يتحدد نمط المجتمع وبالتالي نمط التنمية الذي يليق بنا ويدفع ببلادنا نحو النهضة والتقدم.   ويتطلب تحقيق التنمية إنجاز مهام مركزية ذات صلة بمجالات التربية والإعلام والطفولة والشباب وهي التالية:   أ?- العناية بالوظيفة التربوية داخل الأسرة وفي المدارس وفي بقية المؤسسات الثقافات والاجتماعية وإعطاؤها مضمونا عقائديا وأخلاقيا يضمن دوام القيم الثقافية الأصلية فينا ويجعل منها مصدر صياغة راقية لمجتمعنا يحمي الفرد فيه من روح الانهزام حيال المذاهب المعادية لثقافتنا ولمبادئنا الحضارية وتبعث فبه روح العزة.   ب?- تشجيع الآداب والفنون والعلوم حتى تؤدي دورها في نشر الفضيلة والدعوة إلى التدبر وتساهم في تدعيم أسس النهضة.   ج?- حفظ كيان الأسرة قوام المجتمع المعافى، والعمل على أن تقوم العلاقات داخلها على المودة والرحمة والتكامل والاحترام وتقديس الرباط الزوجي حتى تتوفر في ظله الظروف الملائمة لرعاية الطفولة تنشئة وإعدادا.   ت?- العناية بالكتاتيب القرآنية ورياض الأطفال ودور الحضانة حتى تؤدي دورها في التربية السليمة.   ث?- تمكين المسجد من أداء وظيفته التربوية والاجتماعية: العقائدية والخلقية والتثقيفية.   ج?- الترغيب في المطالعة وتوسيع المكتبات ودور الثقافة ودعمها حتى تؤدي وظيفتها التثقيفية البناءة.   د?- تحقيق سياسة إعلامية تقوم على احترام حرية التفكير والتعبير وتنمية روح الإبداع والابتكار وتوفير الشروط اللازمة لإيجاد إعلام مسؤول ونزيه ومستقل يحترم مكونات هوية البلاد ويساهم في تقدمها.   ذ?- إيلاء الشباب المكانة التي يستحقها وفتح آفاق مساهمة بصفة فعلية في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية بالبلاد وتيسير استقراره واندماجه في المجتمع بتوفير العمل والتشجيع على الزواج.   ر- نشر الممارسة الرياضية بتوفير البنى الأساسية والتجهيزات اللازمة لها حتى يتسنى تنشئة أجيال قوية الأبدان سليمة العقول إذ « المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف… »حديث نبوي- وتهذيب الرياضة بتنقية أجوائها من العنف وسوء الأخلاق وإعطاء الأولوية للممارسة على الفرجة ومتابعة أخبار الأبطال والفرق، حتى لا يكون الاهتمام الرياضي ضربا من إهدار الوقت وضياع الوقت.   الباب الرابع: الاستقلال والعلاقات الخارجية   إذ كان لا يجب أن يفوتنا في هذا الميثاق وبمناسبة الحديث عن ضرورة دعم الاستقلال البلاد سياسيا واقتصاديا وثقافيا استحضار التضحيات الجسيمة التي دفعها التونسيون قديما وحديثا لدحر الوجود الاستعماري المباشر وتحرير البلاد من براثنه وبناء أسس الدولة المستقلة فإنه ى يجب أن يفوتنا بأي حال من الأحوال أن نقف بهذه المناسبة خاشعين مترحمين على أرواح شهدائنا الأبرار التي تمثل شموعا نستضيء بها ونحن نقوم بخطوات هامة في طريق تحقيق آمال أبناء هذا الشعب الأبي وطموحاته.   وإذا كان في العمل على استقلال البلاد على كل المستويات وفاء لأرواح الشهداء و لتضحيات المخلصين من أنبائها فإنه كذلك توفير لشرط هام من شروط تأسيس المجتمع المدني المتطور وتحقيق نموه ونهضته وهو ما يتطلب التأكيد على وجوب احترام جملة من المبادئ أهمها:   أ- الولاء الوطني: وذلك باعتباره مبدأ ساميا يتنافى مع التبعية أيا كان شكلها ومضمونها متجاوبا مع ما هو عميق في ضميرنا الجمعي من الاعتقاد بأن حب الوطن من الإيمان والدفاع عنه دفاع عن العقيدة الأمر الذي يجعل من الولاء الوطني فكرة وثقافة وسلوكا وعملا.   وهنا نرى لزاما علينا التأكيد على ضرورة إيلاء هذا المعنى المكانة التي يستحقها في تربية النشء وتكوينه وذلك من خلال برنامج التعليم والإعلام والثقافة العامة منها والحزبية.   ب- العمل على الحفاظ على سيادة البلاد واستقلالها ورفض كل تبعية لأنظمة خارجية والتمسك بمقتضيات دستور البلاد ومبادئه والعمل على دفع عملية بناء المجتمع المدني وحماية النظام الجمهوري والمؤسسات الدستورية وتدعيمها.   ج- الحفاظ على وحدة أبناء شعبنا على كل المستويات وحماية مجتمعنا من كل أسباب التفكك والتنازع وذلك بتوفير الظروف الاجتماعية والسياسة والاقتصادية والثقافية اللازمة لتطوره وتقدمه في إطار من الوحدة والانسجام والوفاق ورفض كل تعصب مذهبي أو جهوي أو طبقي أو حزبي.   د-اعتبار أن الوحدة هي القوة التي نواجه بها كل المخاطر التي تهدد كياننا وبها نحقق استقرار بلادنا وتطورها، والعمل على توفير الضمانات الضرورية لحماية تونس أرضا وشعبا من أي خطر داخلي أو خارجي والوعي بأن ذلك يتطلب التجرد الكامل على مستوى السلطة والشعب والتنظيمات من كل الطموحات الذاتية المنحرفة سواء تلك التي تهدف إلى سلب السلطة أو الاستئثار بها ومن كل رواسب الانتماءات الضيقة والارتباطات التي تفرض ولاءات لغير مصلحة البلاد ومصلحة الشعب مع الالتزام بمعالجة كل خلاف يطرأ بالطرق السلمية ونبذ كل وسائل الإرهاب والعنف من أي جهة كانت، واعتبار أن وحدة بلادنا هي أساس وحدة بلدان المغرب العربي والمنطقة العربية والأمة الإسلامية عملا بقول الله  » إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون » (الأنبياء) ذلك أن الدعوة لدعم الوحدة في إطار اشمل وأوسع إذ أن وحدة العرب والمسلمين هي قدر شعبنا وهي ضرورة حتمية لضمان الوجود والنمو والتقدم والاستقلال.   وان من أوكد مقتضيات إيماننا بالوحدة العربية ووحدة الأمة الإسلامية تفاعلنا الإيجابي والجاد مع كل قضايا أمتنا العادلة والمشروعة وفي مقدمتها قضية تحرير فلسطين وتحرير الأراضي والشعوب عربا وإسلاميا وإنسانيا من سيطرة قوى الهيمنة الشرقية والغربية عن طريق احتلال الأرض ( فلسطين- أفغانستان- أريتريا جنوب إفريقيا…) أو عن طريق الاستعمار الغير مباشر بفرض التبعية الاقتصادية والثقافية وعرقلة عملية النهضة والتحرر في هذه البلدان.   هـ- التأكيد على أن إيماننا بضرورة حماية وحدة بلادنا والعمل على توفير شروط الوحدة العربية الإسلامية لا يعني البتة الانغلاق ورفض الانفتاح على العالم الخارجي ونحن في زمن تطورت فيه وسائل الاتصال حتى غدت الفواصل الجغرافية لا معنى لها تقريبا وأضحى من المستحيل على أي دولة أن تتقوقع على نفسها أو أن تمنع أبنائها من التفاعل والتعامل مع بقية دول العالم الأمر الذي يستوجب الاستفادة من كل نافع ومفيد من تجارب الآخرين ومنجزاتهم واعتبار أن حضارة العصر الحديث ليست ملكا للغرب بل هي ملك لإنسانية جمعاء وهي ثمرة صراع للبشرية كلها مع الطبيعة والمحيط ونتاج كدح الإنسان من أجل الأفضل والأرقى وأن ما تحقق من تطور علمي وحضاري لم يأت صدفة أو انطلاقا من فراغ بل جاء بعد أن استوعب أصحابه إبداعات للإنسان حققها في فترات تاريخية سابقة ووعوا بمنطلقات ازدهار الحضارات الأخرى وبعوامل انهيارها وفنائها وأسبابه.   و- سلوك سياسة خارجية ثابتة تقوم على أساس عز البلاد ومناعتها واستقلالها عن كل نفوذ لقوى الهيمنة وقيام العلاقات بين الدول على أساس الاحترام المتبادل ووفق مبادئ العدل والمساواة وإعطاء الأولوية في ربط العلاقات لبلدان المغرب العربي والبلدان العربية الإسلامية.   ز- دعم قضايا التحرر في المنطقة العربية والوطن الإسلامي والعالم كافة وفي طليعتها قضية تحرير فلسطين وأفغانستان والنضال ضد سياسات الاستعمار والميز العنصري مع دعم التضامن العربي والإسلامي والتوعية بقضايا الأمة والعمل على وضع حد للاستعمار والتجزئة والتخلف وتركيز الجهود على ضمان مزيد من التكامل والتآزر في كل المجالات كخطوة نحو تحقيق الوحدة الشاملة.   ح- الالتزام التام بمبادئ عدم الانحياز الإيجابي والعمل على إيجاد نظام اقتصادي وثقافي عالمي جديد ودون الخوض في العديد من التفاصيل التي لا يتسع المجال لذكرها نرى لزاما علينا التأكيد على أن سياسة بلادنا الخارجية يجب أن تبنى على أساس الحفاظ على كرامة التونسيين واستقلالهم السياسي والاقتصادي ووحدتهم الوطنية مع ما يعنيه ذلك من تأسيس هذه العلاقات على قاعدة الاحترام المتبادل والتعامل المتكافئ والحياد الإيجابي واحترام حقوق الإنسان دون المس من التزاماتنا العربية الإسلامية وتأييدنا المبدئي لقضايا التحرر في العالم ورفض سياسة الاستعمار والميز العنصري.   خاتـمـة عـامّة   إذا كان انحطاط أي مجتمع وتخلفه ظاهرة شاملة تمس كل قطاعاته وتطبع مختلف العلاقات داخله لأن عواملها تكمن في كل المستويات الفكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية،، فإن ضبط أي تصور نهوض أو تصور نهوضي أو تخطيط تنموي يجب أن يتحلى تبعا لذلك بنفس هذه الرؤية الشمولية التي لا تغفل أي مجال من مجالات المجتمع نظرا التفاعل كل هذه المجالات فيما بينها وارتباط بعضها ببعض بل توقف نمو بعضها على نمو البعض الآخر.   لذلك كان النمط التنموي الذي ننشده يهدف إلى ننشده يهدف إلى تحقيق تنمية مند جمة لا تولي أهمية خاصة لقطاع دون آخر أو على حسابه، ولا تنفصم فيها الرؤية التنموية في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية عن الرؤية للإنسان أو عن تصور أسس الحياة السياسية الخ…   فكما أنه لا معنى لديمقراطية سياسية دون عدالة اجتماعية- مثلما تجلى ذلك في الباب الثاني من هذا الميثاق- فإن التفكير في تنمية اجتماعية اقتصادية دون إقرار الحرية السياسية بصيانة حقوق الإنسان وتمكينه من حظوظ المشاركة السياسية في إدارة شؤون البلاد وفق أسس دستورية وديمقراطية واضحة وأصيلة، إن ذلك من شأنه أن يكون من أهم العراقيل في وجه تطبيق أي مخطط من مخططات التنمية بسبب حالة الاستقالة واللامبالاة التي ستنشأ في الأوساط الشعبية وفي مستوى القوى العاملة والإطارات التي يطلب منها أن تسهر على إنفاذ خطط التنمية كل في مجاله. وتكون هذه اللامبالاة بمثابة رد الفعل على وضع الكبت السياسي وعدم تشريك جميع أبناء الشعب في رسم ملامح التنمية عبر تشريك تنظيماته السياسية والاجتماعية الممثلة وأن ديمقراطية الحياة السياسية بمفهومها الأصيل والشامل تستلزم مراعاة الخصوصيات الحضارية للمجتمع التونسي وتأصيل كل خطط التنمية في ثقافتنا حتى يتوفر في المواطن مزيد من الحوافز على العمل والإنتاج وصيانة مكاسب البلاد تعبيرا منه على وطنيته.   بيد أن نهضة تونس وتقدمها لا يجوز تصورهما بمعزل عن التفاعل التكاملي مع محيطنا العربي الإسلامي من أجل توفير أسباب الأمن الشامل وتحصين ذاتنا الوطنية إزاء كل أخطار السيطرة الدولية والاستعمار.   لذا يغدو الطموح إلى الوحدة العربية فالإسلامية والسعي إلى إنجازها أمرا حتميا تمليه الضرورات الحيوية والحضارية.   وأخيرا فإن مشاركتنا في إنجاز هذا الميثاق الوطني تنبع من قناعتنا بأهميته التاريخية والمصيرية حيث يتحتم على كل أبناء هذه البلاد العزيزة علينا الوقوف على أرضية وطنية واحدة تجمعهم رغم ما عساه يوجد من اختلافات بينهم وهو أمر يستلزم حدا كبيرا من الوعي المدني ومن المرونة في التعامل السياسي بين الجميع رغم الاختلاف.   (المصدر: نشر على موقع الحوار.نت (ألمانيا) يوم 18 أكتوبر 2007)

التجديد الاسلامي : رؤية مستقبلية وانسانية لعلاقات دولية طبيعية ناجحة

 

 
مرسل الكسيبي*: ضمن مشاركة مفتوحة في حوار اسلامي أوروبي سبق لي وأن عبرت وبشكل واضح وفي مناسبات عدة عن ضرورة مد الجسور مع دول الاتحاد الأوروبي وتوثيق عرى العلاقات الثقافية والسياسية والاقتصادية بين أعضاء هذا الاتحاد العملاق وبين مكونات التيار الاسلامي المعتدل في منطقتنا العربية والاسلامية وعلى وجه الخصوص منطقتنا المغاربية . الحوار الاسلامي الأوروبي منطلقنا في أي رؤية مستقبلية : لم يكن هذا الموقف سرا أفشيته للأستاذ الكريم صلاح الدين الجورشي حين استفتاني في الموضوع قبل سنة بالتمام والكمال , ضمن ورقة بحثية طلب منه اعدادها لفائدة مركز الدراسات السياسية الأوروبية (CEPS) , بل انه كان موقفا معلنا لي من ذي قبل , وقد سبقته جلسات حوارية مع بعض المسؤولين السياسيين والحقوقيين والجامعيين بالوسط النخبوي الألماني , وقد تطور لاحقا الى جلسات استماع وصداقة مع مسؤولين في الأحزاب السياسية الفاعلة في الحياة السياسية الألمانية. ماينبغي التأكيد عليه ضمن هذا الاطار أن الحوار والجدل في الشأن السياسي المغاربي والتونسي لم يخرج عن اطار المطالبة باحترام تعهدات هذه الدول في المجال الحقوقي والسياسي ومن ثمة عدم التشجيع أو عدم السكوت على الخروقات الواضحة في مجال الحريات العامة والخاصة والحقوق الأساسية . ومن باب الشفافية والأمانة فاننا نرفض التدخل الخارجي المبني على تغليب المصالح الاقتصادية والمالية على ماسواها من قيم انسانية وحقوقية عالمية ونطالب بتفعيل اليات عالمية للرقابة والضغط المشروع على الأنظمة التي تبالغ في امتهان الكرامة البشرية وتتوغل دون قيد أو شرط في قمع مجتمعاتها المدنية . وحتى نكون من المنصفين فان هذا التعاون المشروع بين المجتمعات المدنية العربية والعالمية وكل المؤمنين بانسانية الانسان على اختلاف الأصول الدينية والاثنية لاينبغي أن يخرج في نظرنا عن أجندات وطنية تقدم المصالح الاستراتيجية على الاعتبارات السياسية والحزبية الظرفية وتسعى الى ايجاد مناخ سياسي محلي واقليمي ناضج يحترم قيم المأسسة ويعزز من مربعات الحريات . هذه الرؤية السياسية المنبثقة من مفهوم اسلام حضاري وتوجه وطني في العلاقات بين الدول والشعوب , لاتخل بأي حال من الأحوال من استقلالية القرار الوطني وسيادة بلدان المنطقة كما رغبة شعوبها في معايشة تجارب سياسية أكثر نضجا وانفتاحا وتأقلما مع متطلبات الأصالة ومقتضيات الحداثة والعصر. أما على مستوى مراعاة المصالح الاقتصادية الأوروبية والغربية في بلادنا عموما , فاننا نعتقد أن على التيارات الاسلامية المعتدلة واجب حفظ وتعهد كل الاتفاقات الدولية القائمة في هذا المضمار ,مع الحرص على ايجاد علاقات دولية مالية متوازنة تحفظ مصالحنا الوطنية وتتعهد بحماية منشاتنا العامة . نفس هذا التصور لابد أن ينسحب على حفظ حقوق الأقليات الدينية وتعهدها بالحماية ضمن اطار يعمق احترام حرية المعتقد ويجذر حق الاخرين في ممارسة الطقوس والشعائر الدينية وهو ما يقتضي طبعا تحمل الاختلاف مع أصحاب الملل والنحل من رعايا مصالح الدول الأجنبية لينصرف الأمر الى حماية دور العبادة ومؤسساتها الدينية القائمة أو القابلة للانشاء والرعاية من قبل مصالح دولها أو جماعاتها الوافدة ضمن الأطر الاقتصادية أو الديبلوماسية المتعارف عليها في اطار العلاقات الدولية الراسخة.   رؤية اسلامية أكثر انفتاحا على الادارة الأمريكية : اذا كنا نسجل كغيرنا من المثقفين المسلمين احترازنا على السياسة الأمريكية الخارجية في دول العراق وفلسطين وبعض بلدان الشرق الأوسط ذات الاحتكاك المباشر بصراعات تدور رحاها في هذه البلدان , فاننا بالمقابل نرى بأن هذا لا يوجب على شعوب المنطقة الاسلامية وممثليها مماهاة الموقف السياسي الخارجي مع اكراهات الوضع الحساس في بؤر التوتر العربي والاسلامي , بل ان الأمر يقتضي في نظرنا رؤية مستقبلية واستراتيجية أكثر فرزا واقترابا الى مصالح بلداننا مع التحفظ والاحتراز في الموضوعات الأخرى التي لانعتقد بأن الحل فيها سيكون من خلال توتير العلاقات مع أكبر دولة مؤثرة في السياسة العالمية ,بل اننا نراه من خلال نسج علاقات أكثر توازنا وتفهما لمصالح شعوبنا في حياة أكثر أمنا واستقرارا واحتراما للذات البشرية وتطلعاتها الى مناخات سياسية أكثر انفتاحا والى مناخات اقتصادية أكثر رفاها والى عالم أقل نزاعات وحروب مدمرة . ان الحل للقضية الفلسطينية أو المعضلة العراقية سيكون بالدرجة الأولى فلسطينيا وعراقيا , وهو مايعني أن دعم هذه الشعوب ونصرتها لايمر عبر تغذية الصراعات الداخلية واللعب على التناقضات في الساحات الاقليمية أو النفخ في التمايزات المذهبية والطائفية … ان الايمان الراسخ بحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة عاصمتها القدس لابد أن يمر عبر مناخ فلسطيني أكثر نقاء وتماسكا ووحدة وطنية داخلية, وهو مايستوجب تباعا تقليص التلاعب الاقليمي بمصالح الشعب الفلسطيني وترك القوى الفلسطينية أمام مسؤوليتها الوطنية والتاريخية والانسانية من أجل اعادة الأمل للشعب الفلسطيني في مساحة معتبرة من الشرعية الدولية العادلة والضامنة للحقوق الدينية والوطنية الأساسية .   ان التيار الاسلامي الوسطي في منطقة المغرب العربي مطالب اليوم وأكثر من أي وقت مضى بتفكيك التوترات السياسية الخارجية عبر نسج شبكة من العلاقات الدولية الطبيعية التي تدفع باتجاه الاعتراف بمصالح الاخرين والتعاون المثمر معهم مع تعهد المصالح الوطنية والاقليمية بالحماية والرعاية ضمن توافق حضاري أكثر تفهما لواقع العولمة وتحدياتها الثقافية والاقتصادية والسياسية على الساحة القطرية والمغاربية والمتوسطية . من هذه المنطلقات فان الاستثمار في تطوير العلاقات الأوروبية الاسلامية لابد أن يسير بالتوازي مع عمل دؤوب في تطوير العلاقة مع مؤسسات البحث السياسي الأمريكي وخاصة القريب منها الى دوائر صناعة القرار , اذ أننا بهذا الصدد نرى في قضايا الدمقرطة والاصلاح والمأسسة والانفتاح واحترام معتقدات الشعوب وحقوقها الدينية الأساسية موضوعا خاضعا لمدى تطوير العلاقات الايجابية مع الادارة الأمريكية ومن ثمة الابتعاد بهذه العلاقات عن دائرة التشنج والكراهية والتوتر المدفوعة بواقع الفرز السياسي لما يحدث في العراق وأفغانستان . وللتدليل أخيرا على قيمة المحور الأمريكي في أي عملية اصلاحية سياسية اقليمية مغاربية فاننا نرصد بأن التركيز الأوروبي على الاستثمار في البنية الأساسية المادية كان أكثر من الاستثمار في عمليات بناء القدرات الإنسانية أو حقوق الإنسان. إذ لم تتجاوز على سبيل المثال قيمة المساعدات الأوروبية المقدمة للمغرب الأقصى لبناء القدرات الإنسانية 5% من إجمالي المساعدات الأوروبية، مقارنة بنحو 50% في حالة المساعدات الأمريكية. خلاصة القول بأن التجديد والمراجعة الذان طرحتهما في أوقات سابقة على التيار الاسلامي الوسطي التونسي وغيره من التيارات المعتدلة والشقيقة في بلدان المنطقة لايشمل في نظرنا فقط قراءتها الداخلية لجملة من القضايا الفكرية والسياسية المحلية والداخلية , بل انه يتعداه-أي التجديد- الى مسائل أخرى ذات بعد استراتيجي عالمي لها تأثيرها المباشر الحاسم على أوضاعنا الأمنية والسياسية والاقتصادية والثقافية في الدوائر الوطنية والاقليمية . -حرره مرسل الكسيبي*  بتاريخ 16 أكتوبر 2007 *رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية/رئيس منتدى الوسط للاصلاح والحريات : reporteur2005@yahoo.de

 

بسم الله الرحمان الرحيم                                                   تونس في 2007/10/18

والصلاة والسلام على أفضل المرسلين                                    بقلم محمد العروسي الهاني

         الرسالة رقم 315                                                        مناضل وكاتب –       رئيس شعبة الصحافة

     على موقع تونس نيوز                                               الحزبية سابقا

الجزء الثاني : بقية المقترحات والخواطر تبعا للرسالة المفتوحة لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي رئيس الدولة

أواصل على بركة الله تقديم المقترحات العملية لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي رئيس الدولة عسى أن تحظى بالعناية والرعاية والموافقة والتشجيع تبعا لعنايته السابقة بتلبية عدة مقترحات ومشاغل خاصة من سنة 1992 إلى سنة 2000 وقد ذكرت هذه العناية ونوهت بها في عديد الرسائل التي وجهتها لسيادتكم منذ يوم 2005/12/16 إلى يوم 2007/10/17 في الرسالة رقم 20 عبر موقع الأنترنات تونس نيوز وقد توقفت في الرسالة المشار إليها والؤرخة في 17 اكتوبر 2007 والصادرة بموقع تونس نيوز يوم التاريخ توقفت إلى جملة 33 مقترحا حول المجالات الدينية والاخلاقية والمجال السياسي، والمشهد الإعلامي، والوضع الإجتماعي، والوضع الإقتصادي والخدمات الإدارية، ومسالك العمل الإداري والتنمية الشاملة لمناطق الظل وتكوين جمعية الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله وموضوع الكرامة وعزة النفس. واليوم أبعث إلى سيادتكم بالجزء الثاني من المقترحات :

المجال السياسي 34 دعم مناخ المصالحة الوطنية بالإذن بعودة كل أبناء تونس في المهجر وطي صفحة التتبعات وجعل الوئام شعار المرحلة القادمة بعد الذكرى العشرين للتحول.35-ضرورة إعادة الموظفين إلى سلاف عملهم وإعطائهم حقوقهم طبقا للحقوق المشروعة بمناسبة العفو التشريعي المقترح والمطلوب والضروري والمتأكد والذي هو مربض الفرس وبإصدار العفو التشريعي يقع استرجاع الحقوق وعودة أبناء تونس لوطنهم.

36 – مزيد دعم روح التضامن والوئام وطي صفحة الماضي وإخلاء السجون من كل سجين أو معتقل وهذا ليس بالعزيز عليكم وقد كان للوئام والمصالحة في الشقيقة الجزائر صداه واعتباره وسجل التاريخ هذه المباردة- 37 – نرجو أن لا يبقى مسؤولا أو مواطنا خارج الوطن من أجل أفكاره أو اتجاهه السياسي – 38 – التأكيد على دعم التوازن بين الجهات وأن يكون التمثيل وإسناد المسؤوليات الإدارية والسياسية لكل أبناء الوطن ولا يمكن أن تمثل جهة أو معتمدية بعشرة عناصر في سلك  المعتمدين مثلا : وبعض الولاة و جهة أخرى مجاورة لها منذ عام 1984 لم يعين منها معتمد واحد أو مسؤول فالعدل السياسي واجب وطني – 39 – المجال الديني الترفيع في منحة الأيمة والقائمين على شؤون بيوت الله فالمنحة الحالية أصبحت لا تغني ولا تسمن من جوع لحفاظ كتاب الله-40ضرورة القيام بحملات أمنية مكثفة لحماية الأخلاق الفاضلة والقضاء على التهور والتفسخ والانحلال الأخلاقي والعراء الواضح والتهريج وسب الجلالة ومعاقبة كل مخالف وردعه بصرامة لأن الاخلاق هي رأس مال المجتمع وظاهرة التفسخ الستفحلت للغاية مؤخرا- 41– الموضع الإجتماعي : مزيد إعطاء أولوية التشغيل للعائلات المعوزة حسب حرصكم ومتابعتكم الشخصية لتشغيل ابن أو أكثر من الأسرة المعوزة وقد لاحظنا أن هناك تعثر ونسبة اشتغلت ونسبة لحد الاَن تنتظر وقد وقع استدعاء بعضهم في  2006/12/12 ولم يقع تشغيله لحد اليوم في إحدى البنوك 42– ضرورة دعم العائلات الفقيرة ونسبتها 5% لحد الاَن تعيش على الصدقات والإعانات الظرفية والمواسم الدينية والمقترح إدراجها ضمن برامج العائلات المعوزة المنظمة مع مراعاة ظروف عيش العائلات الفقيرة التي تمثل شريحة هامة. المجال الإقتصادي : 43 – العمل على المساوات والعدل الاجتماعي في إسناد القروض هناك من يذهب إلى البنك ويقترض مليار في ساعة ومواطن اَخر يبقى 3 أشهر يترقت 5 اَلاف دينار ويطلب عليه ضمانات كبرى وشروط تعجيزية لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم 44 – مزيد العناية بموضوع الأداء على نقل الملكية في دفتر خانة فالأداء 9% مشط للغاية ونقترح التخفيض فيه إلى نسبة 5% فقط. هذ جملة من المقترحات العملية عسى أن تحظى بدعم سيادتكم. قال الله تعالى : ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولائك هم المفلحون » صدق الله العظيم.

 محمد العروسي الهاني

هـ : 22 022 354


الفقيـه.. والسياسـي
 
بقلم: برهان بسيّس   النقاش المحتد في مصر حول تصريحات شيخ الأزهر عن شرعية جلد المسؤولين عن نشر الاشاعات استنادا الى نصوص الوجوب في الشريعة الإسلامية وضع قضايا حرية الرأي والعلاقة بين الديني والسياسي في صدارة الجدل التقليدي المسيطر على انشغالات النخب في العالم العربي والاسلامي منذ أزمنة ممتدة.   لاشك أن شيخ الأزهر قد اقتنص لحظة التوتر القائمة بين الحكم والصحفيين في مصر بعد الأحكام القضائية الاخيرة في حق عدد من الكتّاب بتهمة نشر أخبار زائفة ليتدخل من موقعه كشخصية دينية مستئنفا دور فقيه السلطان ليسبغ على الاجراء الحكومي صفة التبرير الديني موغلا في اشتقاق الصور الموحشة لقصة التقاطع بين الديني والسياسي باقحام تفاصيل الحكم الشرعي بالرجم والجلد المخصص لناشر الإشاعة عوض الاكتفاء على الاقل بالوعظ الأخلاقي الذي يحث على ضرورة تجنّب الكذب وتبيان موقف العقيدة المستهجن بانسانية وسمو لسلوك الكذب ونشر الإشاعة.   شيخ الأزهر دقق المعلومة ورسم كأي كاهن سادي تفاصيل مشهد العقاب المرعب. جلد لا تقل ضرباته عن ثمانين جلدة يؤديها الجلاد في ساحة عمومية أمام جمهور المؤمنين في حق ناشر الإشاعة والأخبار الزائفة. من تابع ردود شيخ الأزهر على غضب الصحفيين يدرك حجم المخاتلة التي يتقنها سدنة فكر التكفير ومشروع الدولة الدينية المجسدة لفكرة المزج الكامل بين الديني والسياسي. لقد استغرب شيخ الازهر من غضب الصحفيين معتبرا موقفهم رفضا لحرية التعبير والرأي خاصة وأنه لم يفعل شيئا- كما صرّح – سوى أنه عبّر عن رأي!! تماما كما هي عادة قوانين لعبة الصراع مع الأصولية الدينية، يقف منهج التأويل وتركيب  الكلمات المتقاطعة أساسا لمشهد الكرّ والفرّ الذي يعتمده الأصوليون في لحظة القبض على أفكارهم متلبسة بجرم التكفير والكراهية والحقد والالغاء. المسكين قال أنه اكتفى بإبداء مجرد رأي  استعرض فيه موقف الاسلام من ناشر الاشاعة ببراءة من لا تعنيه معارك السياسة ولا سياقاتها في الزمان والمكان. خطورة «المثال الأزهري» انه لا يأتي هذه المرة من رحم الدائرة التقليدية للاسلام الاصولي  الاحتجاجي «المكافح» ضد الانظمة الحاكمة بل يصدر من داخل دائرة التحالف والتنسيق بين مؤسسة دينية رسمية والنظام الحاكم بل من داخل نواة الحكم حيث تنشط دوائر الفقه التبريري للسلطة وهو ما يستوجب التنبيه الى أن مطلب تمدين السياسة واخراجها من سطوة الديني وتوظيفاته لا ينبغي أن يقتصر على متابعته لدى فريق الاسلام السياسي المتموقع خارج دوائر الحكم انما  أيضا داخل منظومة السلطة حيث يقع البعض في قبضة الغواية والانتشاء بثوب القداسة الذي يوضع على أكتافهم  من قبل فقهاء التبرير خاصة في لحظات الصراع مع الخصوم السياسيين. إننا لن ننجو من النار الحارقة القادرة على أكل الأخضر واليابس في حالتين متشابهتي النتائج: توظيف الدين لأغراض السياسة من موقع الحكم أو موقع المعارضة أو معاداة الدين والتصادم مع عقيدة الجمهور باسم الكفاح ضد الأصولية والتطرف.   تجارب عديدة متناثرة في العالم العربي منها مصر وتونس تذكرنا أنه في ذروة انتعاش المعارضات اليسارية لأنظمة الحكم كانت جمل الرفض الرسمي لايديولوجيا اليسار والاشتراكية التي اعتمدتها الحكومات كجزء من حملتها ضد المعارضين  هي التنبيه الى جريمة الكفر ومعاداة  الدين التي يرتكبها اليساريون عبر «الافكار الهدامة» التي يحملونها.   لم تنتظر هذه الحكومات سوى سنوات قليلة قبل أن تطلع عليها تيارات أكثر قوة وبأسا. أخذت عنها مشعل التكفير لتلطم الساحر بسحره وتبدأ بطشها التفكيري بهذه الحكومات تحديدا. لم نفهم بعد أن الله يمكن أن يكون معي وفي نفس اللحظة مع أعدائي، للسلطة أن يكون لها مثقفوها وللمعارضة أيضا كامل الحق في ذلك كجزء من ضرورات الصراع السياسي المدني أما استبدال المثقف بالفقيه في المعسكرين، فذاك جزء من مصائب مدينتنا السعيدة   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 أكتوبر 2007)

إسرائيل في خدمة الدكتاتورية البورمية

سفيان الشّورابي قد يعترض أي رجل إعلام أو أي مواطن مهتم بالشأن العام حدث معتبر يثير عددا من التأويلات المنطقية، ويفرز مجموعة من الاستنتاجات المعقولة. وقد نصطدم أحيانا أيضا، علي العكس من ذلك، بجملة من الاستفهامات المربكة التي تطيح بمجموعة الأفكار المزروعة في الأذهان، وتحدث رجة حول السياق السليم الذي تسير وفقه الأمور والظواهر، في حالاتها الطبيعية. فقد نسلم، مثلا ولو باحتراز، بأن إسرائيل توفر مناخا من الديمقراطية ليهودها وتحرمه عن بقية القوميات والطوائف. وقد نعتقد أنها أيضا، لا تضمر شرا للبلدان العربية المتواجدة بعيدا عن المنطقة، وأن مشكلتها بالأساس مع العرب الفلسطينيين المتاخمين لها فحسب. أما أن نصدق أن إسرائيل يعنيها ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم، فهذا لا يمكن إلا أن يكون تجنيا علي العقل الإنساني. فآخر ما صدر في صحيفة هآرتس نقلا عن وزارة الخارجية الإسرائيلية يوم 29 ايلول (سبتمبر) الماضي، أن بيانا صدر عن هذه الأخيرة، جاء فيه أن إسرائيل منزعجة من الوضعية في ميانمار، وتحث الحكومة علي ضبط النفس وتجنب إحداث أضرار بالمتظاهرين . وطبيعي أن لا تعتري كل قارئ لهذا الخبر سوي الدهشة الشديدة، ليس من حيث التناقض بين تاريخ اسرائيل وخبراتها الحافلة التي لا ينافسها فيها أحد في مواجهة المحتجين والمتظاهرين، بل الآمنين في منازلهم والمسالمين، وإنما لدرجة الوقاحة التي بلغتها بجرأة عالية. فإسرائيل تلك الدولة التي تكثف لدي من يسمع ذلك اللفظ، من معاني العنصرية والقمع تجاه شعب بأكمله، وحالة الحرب الدائمة التي تعيشها تجاه الجيران، والتي تُجيش عن طريقها مجتمعها ليكون في كراهية مستمرة ضدهم، تقدم اليوم دروسا في التعامل المتزن والمتحضر مع المواطنين! و لا يقف مستوي الدهشة هنا فحسب. فان مجاله يمتد أكثر عندما نعلم أن إسرائيل من البلدان القلائل التي تنسج منذ مدة طويلة، علاقات متقدمة مع بورما/ ميانمار وصلت إلي حد تقديم المعونة العسكرية إليها، في تحد سافر للحظر المفروض من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي علي النظام الجائر في ذلك البلد. فلم تبخل إسرائيل، في أول فرصة توفرت لها، بالتقرب إلي الصديق الميانماري الجديد. فلقد كشفت المجلة البريطانية انتجلينس ريفيو في عددها بتاريخ 1 اذار (مارس) 2000، عن قيام شركات تعمل لفائدة الحكومة الإسرائيلية بتوفير أسلحة لفائدة الطغمة العسكرية الحاكمة في ذلك البلد الآسيوي، وتحديثها لمعدات معطبة وقديمة، وتوفير معلومات استخباراتية لفائدتها. ففي شهر اب (اغسطس) 1997، وقعت مؤسسة Systems Elbit التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية علي عقد مع الجيش الميانماري المكني بـ Tatmadaw يقتضي بتطوير 3 طائرات مقاتلة من نوع F7، وطائرات تدريب FT-7 وطائرة مطاردة Mikoyan MIG-21، كانت قد تحصلت عليها القوات الجوية الميانمارية من الصين سنة 1991، ولكنها تعطلت جلها وأصبحت في حاجة لترميم وتحديث وهو ما رفضت القيام به الصين. كما قامت إسرائيل بإصلاح 36 طائرة F-36 ورادار Elta EL/M-2032 ومعدات أخري، وباعت أيضا، في إطار نفس الصفقة، مشحن قنابل يعمل بالليزر. وفي سنة 1998، تفاوضت ميانمار مع إسرائيل، بواسطة سنغافورة التي تعتبر الحليف رقم اثنين للدولة العبرية بعد الهند، لشراء 16 مدفعا من نوع Soltam عيار 155 مم. وحسب نفس تلك المجلة، فان المدافع المقدمة ذات مردودية ضعيفة وجدوي قليلة، ولم يعد يستعملها الجيش الإسرائيلي إلا للتدريبات فقط. كما كان لإسرائيل دور رئيسي في صناعة وتجهيز 3 سفن حربية جديدة استطاعت ميانمار تركيبها بمدينة Rangon الساحلية، وتبلغ طول الواحدة منها 75 مترا وسعتها 1200 طن، وتمّ تجهيزها بمدافع من نوع OTO Melara Compact عيار 76 مم، وهي نفس المدافع التي استعملتها البحرية الإسرائيلية في زوارق الرد السريع من جنس Reshef. والمعروف أن شركة Elbit Systems هي التي توفر التجهيزات الالكترونية المعدة لبناء جدار الفصل العنصري في فلسطين. وبهذا فانه، إضافة إلي تصديرها لأجهزة الحرب والدمار، تقوم الحكومة الإسرائيلية بتقديم كفاءاتها المتميزة في قمع الشعوب ومحاربة تطلعاتهم في تغيير الأوضاع لصالحهم، وتؤكد أن الحكم بذلك البلد ليس له موقع البتة إلي جانب الأصوات التي تنادي بكثرة من أجل دمقرطة بورما/ ميانمار. ہ صحافي من تونس
 

(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 أكتوبر 2007)

 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.