الجمعة، 23 يوليو 2010

Home – Accueil

عشرة أعوام من الإخبار اليومي عن وطن يعيش فينا ونعيش به وله… من أجل تونس أرقى وأفضل وأعدل.. يتسع صدرها للجميع…  

TUNISTUNISNEWSNEWS

10ème année, N°3713 du 23. 07 .2010  

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادق شورو

ولضحايا قانون الإرهاب


كلمة:منظّمات حقوقية دولية تدين قانون التخوين في رسالة مفتوحة للاتحاد الأوروبي

 

كلمة:ضبط شحنة أسلحة في ميناء حلق الوادي واحتمال تورّط متنفّذين في السلطة

هند الهاروني:رسالة شكر إلى شبكة الإعلام العربية (محيط)

كلمة:وزير الداخلية يؤكّد على التمديد لبن علي ويهاجم المعارضة

عن المؤتمر من أجل الجمهورية د. منصف المرزوقي:لنعمل جميعا من أجل ولادة الجمهورية

بيان    » تحالف المواطنة والمساواة » في ذكرى الإعلان عن الجمهورية

الصباح:رابطة حقوق الانسان طرفا النزاع يراوحان… ويشترطان على بعضهما الجدية

عبد الرؤوف العيادي:انتخابات المحامين الأخيرة أو حرب المواقع بين المجموعات

رابطة الكتاب التونسيين الأحرار:بيان في الذكرى التاسعة لتأسيسها

حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي :تصريح صحفي للأمين العام للحزب

كلمة:المؤتمر العربي لمكافحة الإرهاب يوصي بمزيد من الرقابة على المواطنين والجمعيات

الاستاذ حاتم الفقية:استاذ يقصي ابني من المناظرة بسبب ارائه الفكرية

المرصد التونسي:تحرّك إحتجاجي بمصنع تكرير النفط بجرزونة- بنزرت

من سوسة حدثكم الساحلي:سوسة تتذمر

عمر.خ:عندما يعجز اللّسان عن تجديد البيعة لملك بلاد الأمن و الأمان

 سمير ساسي:وزارة الاتصالات والداخلية غائبتان عن  « الحكومة الالكترونية »

الصباح:على هامش تنقيح الفصل 319 من المجلة الجزائية أين حدود « التأديب » و »العنف »..بين الاطفال والأولياء؟

الصباح:من الذاكرة الوطنية: بورقيبة.. والقراءات الخاصة للتاريخ

خميس الخياطي:الثقافة مصيبة… لذيذة ـ10ـ…الهويّة ومكوّناتها الخياليّة

صالح مصباح:أبناء السحاب: أبناء الجيل الجديد قراءة في رواية « أبناء السحاب » لمحمد الجابلّي

فوزي القصيبي:ومضة إشهاريّة هل تدرك معنى أن تسعى الى خوصصة شاطئ؟

جيلاني العبدلي:وقائع غريبة ودلالات أكيدة

محمد العروسي الهاني :التقرير الشجاع حول حالة حقوق الإنسان في فلسطين والأراضي المحتلة

ابراهيم بلكيلاني:عن ميثاق الطفل في الاسلام

احميده النيفر:الإصلاح ذلك المغمورالسابق واللاحق ـ 4 ـ

العرب:منبر الحرية :عندما يترسب الاستبداد إلى قاع المجتمعات العربية

العرب:مسيرات احتجاجية بسيناء بعد تعرض زعماء البدو المطلوبين أمنياً للاغتيال

الجزيرة.نت : »إم آي5″ نقلت متهما مغربيا من بلجيكا: سجون سرية في بريطانيا  


Pourafficherlescaractèresarabes suivreladémarchesuivan : Affichage / Codage / ArabeWindows)Toread arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

جوان 2010

https://www.tunisnews.net/18juillet10a.htm


منظّمات حقوقية دولية تدين قانون التخوين في رسالة مفتوحة للاتحاد الأوروبي


حرر من قبل معز الباي في الخميس, 22. جويلية 2010 وجّه عدد من المنظّمات الحقوقية الإقليمية والدولية يوم 22 جويلية الجاري رسالة مفتوحة لكلّ من السيدة كاترين آشتون الممثلة الأوروبية للشؤون الخارجية والأمن ونائبة رئيس المفوّضية الأوروبية والسيد ستيفان فول مفوّض الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسّع وسياسة الجوار الأوروبية وإلى وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، عبّرت فيها عن قلقها الشديد بشأن اعتماد تنقيح الفصل 61 من المجلة الجزائية التونسية وتجريم الاتصالات بين نشطاء حقوق الإنسان التونسيين والاتحاد الأوروبي. وقالت كلّ من منظّمة العفو الدولية ومرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان (برنامج مشترك بين الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والجمعية الدولية لمناهضة التعذيب) والشبكة الأوروبية-المتوسّطية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنظّمة الخطّ الأمامي (فرونت لاين) ومنظّمة المسيحيين العاملين على إلغاء التعذيب (ACAT) ومنظّمة هيومن رايت واتش، أن هذ التعديل يعتبر عائقا إضافيا للعمل الحقوقي للنشطاء التونسيين ويقوّض مقوّمات حماية وتعزيز حقوق الإنسان في البلد.  واعتبرت المنظّمات الممضية أن الفصل المذكور يفسح المجال أمام تجريم وسجن المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يتعاونون مع منظّمات وهيئات أجنبية منها الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، كما يستهدف ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان الذين يتصلون بهيئات أجنبية.   وربطت الرسالة بين هذا التنقيح وبين الحملة التي رافقته في الصحف التونسية مثل « الحدث » و »كل الناس » و »الصريح » والصباح » والتي استهدفت نشطاء حقوق الإنسان التونسيين المتصلين بالاتحاد الأوروبي والذين اعتبرتهم هذه الصحف خونة.  واعتبرت أن المخاوف التي عبّرت عنها المنظّمات الممضية لها ما يؤكّدها من خلال تصريحات وزير العدل وحقوق الإنسان التونسي الازهر بوعوني أثناء النقاش البرلماني حول هذا القانون الذي اعتبر أن المساس بالمصالح الحيوية لتونس يشمل « تحريض الجهات الأجنبية على عدم منح قروض لتونس أو الاستثمار في البلاد أو مقاطعة السياحة أو تخريب جهود تونس للحصول على مرتبة الشريك المتقدّم مع الاتحاد الأوروبي »، معتبرة أن وضع الحريات المتدهور في تونس من شأنه عدم السماح بشراكة متطوّرة مع الاتحاد.  وطالبت المنظّمات الاتحاد الأوروبي بإصدار بيان عام يدين تبنّي هذا القانون، وقياس التقدّم المحرز في العلاقات التونسية الأوروبية بالنظر لوضع الحريات وخاصّة إلغاء المادّة 61 مكرر، وتطوير العلاقة وتشريك المنظّمات الحقوقية التونسية المستقلة المعترف بها رسميا وغير المعترف بها في تطبيق الخطوط التوجيهية للسياسة الأوروبية في مجال حقوق الإنسان. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 22 جويلة 2010)


ضبط شحنة أسلحة في ميناء حلق الوادي واحتمال تورّط متنفّذين في السلطة


حرر من قبل التحرير في الخميس, 22. جويلية 2010 علمت كلمة من مصادر مطلعة أن أعوان الديوانة ضبطوا يوم الاثنين الماضي بميناء حلق الوادي كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة قادمة من ميناء جنوة الإيطالي على متن الباخرة « زيروس بلاس »، وأوقفت عددا من الأشخاص الذين يعتقد أنهم على صلة بأشخاص متنفّذين في السلطة. وقد تعهدت إدارة الأبحاث الديوانية بالتنسيق مع الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية القضية. وتمت إحالة الأسلحة على فنيين أكدوا أنها من صنع روسي وأنها من عيار 12 ملم وهي صالحة للاستعمال. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 22 جويلة 2010)


رسالة شكر إلى شبكة الإعلام العربية (محيط)

حول » تونس: مطالب برفع الحصار البوليسي عن الناشط الهاروني –شبكة الإعلام العربية (محيط) في 21.07.2010″


هند الهاروني-تونس الهاتف : 216.71.971.180 بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين تونس في : 23 جويلية 2010-12 شعبان 1431 أولا أريد أن أتوجه بالشكر إلى »محيط » على تفضله بالقيام بالنشر حول موضوع الحصار البوليسي المضروب على الدوام على أخي عبد الكريم الهاروني بعنوان : » تونس : مطالب برفع الحصار البوليسي عن الناشط الهاروني » في 21.07.2010 (http://www.moheet.com/show_news.aspx?nid=396369&pg=37) هذا الحصار الذي لطالما نددنا به جميعا حتى أن آخر مقال لي كان بتاريخ 19 جويلية 2010 تحت عنوان : « المطلوب رفع الحصار البوليسي نهائيا عن الناشط الحقوقي عبد الكريم الهاروني » و ما نزال .  أعربت في مناسبات عديدة بل و متكررة عن الإلحاح الشديد على ضرورة رفع هذا الحصار البوليسي دون رجعة حتى يتمتع أخي عبد الكريم بحقه الإنساني و القانوني في العيش بكل حرية في بلده و كذلك طالبت منظمات حقوقية و غيرها من الجهات الأخرى . مع الأسف الشديد، و إلى اليوم الجمعة 23 جويلية 2010 فإن سيارتين مدنيتين على متنهما أعوان شرطة بالزي المدني (مع تعزيز بدراجة نارية بعض الأحيان كما هو الحال بالنسبة للبارحة) يواصلون ملاحقتهم اللصيقة لأخي عبد الكريم في كل مكان و على مدى 24 ساعة. مع ذلك فإن رفع الحصار البوليسي كلّيّا عن أخي عبد الكريم يبقى مطلبا ملحّا يستوجب تحقيقه اليوم قبل الغد. و بالمناسبة، فإن لي رجاء أتقدم به إلى كلّ من يتفضل بنشر ما أكتب و إلى من يستشهد بجزء من محتواه بأن  يذكر مصدر الخبر تحديدا : هند الهاروني-تونس. أخيرا، أشكر الجميع على تفهمهم و أجدد تحية التقدير و الاحترام إلى كل من يساندنا في طلبنا المشروع : العيش بدون حصار بوليسي. و السلام عليكم و رحمة الله./.


وزير الداخلية يؤكّد على التمديد لبن علي ويهاجم المعارضة


حرر من قبل التحرير في الخميس, 22. جويلية 2010 اشرف السيد رفيق الحاج قاسم وزير الداخلية وعضو الديوان السياسي على افتتاح الجامعة الإقليمية للتجمع يوم الثلاثاء 20 جويلية الجاري بمدينة القيروان. وأكد على تمسك التجمع بترشيح الرئيس بن على لمواصلة حكم البلاد لأنه الأجدر والأقدر حسب تعبيره. وقال أن فئة من المعارضة هي فئة ضالة. ودعا التجمعيين إلى التصدي لهم بجميع الوسائل المتاحة. وفي ختام الاجتماع، ناشد المجتمعون في برقية بعثوها للرئيس بن على مواصلة قيادة البلاد بعد 2014.   جدير بالذكر أن حملة مناشدات افتتحتها اللجنة المركزية للتجمع خلال اجتماعها الأخير الأسبوع الفارط بما يرجح إمكانية تنقيح جديد للدستور من أجل التمديد للرئيس بن علي لولاية سادسة. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 22 جويلة 2010)


لنعمل جميعا من أجل ولادة الجمهورية الجمعة 23 تموز (يوليو) 2010. في 25/7/2010


منذ 53 سنة والنظام يحتفل كل 25 جويلية بعيد يخلّد ولادة جمهورية ما لم ترى النور أبدا. حيث أنّ الجمهورية الحقيقية تتمثّل في سيادة الشعب عبر ممارسته الدائمة للحريات الفردية والعامة المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يتوجّها الاختيار الدوري الحرّ والنزيه لمن يمثّله على رأس الدولة. لكن ما عاشته تونس على امتداد نصف قرن لم يكن سوى نظام ملكيّة مقنّعة يمارس فيه الملك السوقي سلطات مطلقة إلى نهاية العمر ويحاول توريثها للخلف الذي عيّنه. وكذلك كان الحال بالنسبة للديمقراطية المزيّفة التي نرزح تحت وطأتها والتي أخذت من الديمقراطية طقوسها وأفرغتها من كل محتوى. وهكذا جعل النظام من جمهوريّته الغطاء الشفّاف لملكيّته المقنعة ومن ديمقراطيّته القناع البشع لغياب الحريّات وعلويّة القانون والمؤسّسات والحدّ الأدنى من المحاسبة بخصوص التصرف في المال العمومي، وهو الأمر الذي أفضى إلى ما بات يعرف بظاهرة العزوف والاستقالة من الشأن العام فيما هي كفر بالديمقراطية وبالسياسة معا.. إن مأساة الديمقراطية ومأساة النظام الجمهوري مرتبطتان تماما، حيث يؤدّي غياب الأولى إلى غياب الثانية والعكس بالعكس. والأدهى والأمرّ أنه ما زال لانحطاط هذه وتلك طريق طويل. ففي الوقت الذي يمارس فيه النظام مجددا طقس الاحتفال بجمهوريته الوهمية ساخرا من ذكاء الشعب ومن مصالحه، يتواصل مشروع التأبيد في السلطة وهو ما نلمسه من خلال بداية إطلاق المناشدات ، العفوية طبعا، التي يطالب فيها أعوان الدكتاتور من الدكتاتور وبأمر منه البقاء دورة أخرى في الحكم إلى أن يموت فيه . أما مشروع التوريث فهو الآخر على قدم وساق. ولئن اضطرّت العصابة الحاكمة للتخلّي عن مشروع تغيير الدستور مجدّدا لإحداث منصب نائبة رئيس للسيدة ليلي بن علي لأسباب ظرفية، فإنّ كل آليات التوريث العمليّة وضعت في حالة التأهّب للعمل عبر تسمية أعوان السيدة بن علي في المناصب الأمنيّة والسياسية والاقتصادية الحسّاسة وعبر سياسة اقتلاع ما تبقى من معارضة وإخراس كل الأصوات المزعجة ومنها مؤخّرا صوت الصحفي المناضل فاهم بوكدوس . إنّ الوضع الكارثي الذي أضحت بلادنا على مشارفه، بسبب سياسات رجل مريض تحيط به عصابات متنفّذة يدور أغلبها في فلك زوجته، ينبئ بانهيار القيم والمؤسسات والحقوق والحريات التي تبني عليها الديمقراطية والجمهورية. لذلك يهيب الجمهوريّون الذين وضعوا نصب أعينهم أن يساهموا يوما في إعلان الجمهورية كتتويج للنظام الديمقراطي، بكل التونسيين للخروج من السلبية وتطليق روح اليأس ووضع حدّ لحالة الجمود والإحباط والتشرذم التي ميزت هذه السنة السياسية واستعادة الثقة والعزم من أجل وضع حدّ نهائي لاستباحة الوطن. إنّنا نهيب ببني وطننا أن يأخذوا العبرة من إخوانهم المصريين وهم يستعدون لتغييرات قد تقلب قريبا المنطقة رأسا على عقب. فقوى الطغيان في بلادنا مثلما هو الحال في كامل أرجاء الوطن العربي في حالة إفلاس تام وعنفها الشديد دليل على شعورها باقتراب الآجال . إنّ الانخراط الفعلي في معركة التحرر من الملكيّة المقنعة ومن الاستبداد الذي ضجّت من فساده وقمعه البلاد والعباد هو واجب مقدس على كل تونسي وتونسية ، لكي نبني جميعا دولة شرعية وفعالة في خدمة شعب حرّ مطلق اليدين متفرغ للكفاح من أجل تحسين ظروف عيشه وتأمين ظروف عيش الأجيال القادمة. هذه هي الطريق الأقرب لبناء الجمهورية الحقيقية ولن يزيدنا النكوص عنها سوى المزيد من الانحدار في هاوية التخلف والتبعية التي لا قرار لها. فإلى مسؤوليّتاكم التاريخيّة أيها التونسيّون وأوّلها المسؤوليّة تجاه ضمائركم وشرفكم .

 

عن المؤتمر من أجل الجمهورية د. منصف المرزوقي


تونس في 24 جويلية 2010 بيان    » تحالف المواطنة والمساواة » في ذكرى الإعلان عن الجمهورية


تحتفل تونس يوم 25 جويلية 2010 بالذكرى الثالثة والخمسين لإعلان النظام الجمهوري، هذا الحدث الوطني البارز الذي مثل منعرجا لتحديث البلاد وتطوير قدراتها وتحقيق إنجازات مهمة على طريق التقدم والتنمية. إنّ إحياء هذه الذكرى من شأنه أن يساهم في إذكاء الروح الوطنية التي تتطلب درجة عالية من الوعي والمشاركة والمواطنة، كما هو مناسبة للوقوف على الحاجة إلى الإصلاح والتطوير في نظامنا الجمهوري الذي لم تتحقق فيه التنمية السياسية بقدر ما تحققت التنمية في المجالات الأخرى.

 إن  السياسات المتبعة على مدى عقود لم توفق في تطوير صيغة تحررية للمشاركة السياسية التي بقيت مقيدة ومهمين عليها من طرف الحزب الحاكم. وإن واقع الحريات، وخاصة حرية التعبير والتنظم، مازال بعيدا كل البعد عن المبادئ التحررية للنظام الجمهوري، فضلا عن قضية التداول السلمي على الحكم، وهي من أهم قيم الجمهورية، وما تطرحه حاضرا ومستقبلا من إشكاليات تتعلّق أساسا بضرورة تنظيم انتخابات ديمقراطية وشفّافة تضمن حقّ الانتخاب وحريّة الترشّح للمسؤوليات دون تمييز أو إقصاء. إن الفجوة كبيرة بين الخطاب والممارسة وبين مبادئ الجمهورية والواقع المعيش. وقد بينت ظروف انتخابات 2009-2010 ونتائجها مرّة أخرى الحاجة الماسّة إلى إصلاح سياسي يضع حدا لتلك الفجوة. و إن الرهان على الإصلاح السياسي كمدخل للتعاطي مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإستراتيجية من شأنه أن يحمي مكاسب الجمهورية ومنجزات الدولة الحديثة ممّا يهدّدها من  تراجع و حتى من إمكانية الاندثار. كما  أن انتهاج سياسات تنموية مشبعة بقيم الحرية والعدل والتضامن من شأنه أن يقوي النسيج الاجتماعي ويدعم الوحدة الوطنية.

إن « تحالف المواطنة والمساواة »، بناء على ما يجمع بين مكوناته من قيم وتمش وأهداف مشتركة، يلح مرة أخرى على أن المصلحة الوطنية تقتضي إصلاحا سياسيا عاجلا باتجاه تطوير نظام الحكم ورد الاعتبار إلى مؤسسات الجمهورية وتنقيح القوانين المنظمة للحياة العامة، وتكريس الفصل والتوازن بين السلط واستقلال القضاء، وإرساء آليات المساءلة وضمان الحقوق وتعزيز التعددية المنصوص عليها في الدستور، وتجسيدها في المشهد السياسي والإعلامي.

وإيمانا منه بأهمية الرهان على المشاركة الحرة للتونسيات والتونسيين وانخراطهم الطوعي في الشأن العام، فإن « تحالف المواطنة والمساواة »يؤكد مجددا على أهمية الحوار الوطني الجدي بين السلطة والأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والمهنية وسائر مكونات المجتمع المدني وتطوير هذا الحوار إلى آلية تسمح بمعالجة القضايا الوطنية الكبرى، مما يؤدي إلى إطلاق عملية الإصلاح السياسي ويفضي إلى نتائج ملموسة ومعالجات مؤسساتية، دستورية وسياسية تكون حصيلة توافقات وطنية تضمن استقرار بلادنا وتطمئن المواطنين على مستقبلهم، خاصة في أفق الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية والتشريعية لسنة 2014 التي سنعمل من أجل أن تكون محطّة بارزة للانتقال الديمقراطي المنشود. إن « تحالف المواطنة والمساواة » يؤكد في هذه الذكرى بأن التنوع ثراء للمجتمع، وأن الحق في الاختلاف سمة المجتمعات المتطورة، وإن تونس، بفضل ما يتصف به شعبها من تجانس وبما بلغه من تطور ووعي، وبما يحدوه من رغبة في مزيد الرقي، لجديرة بنظام حكم ديمقراطي يليق بشعبها وينسجم مع روح العصر ويعزز فرصها في التنمية الشاملة والمستدامة. عاشت الجمهورية عاشت تونس حرة مستقلة

« تحالف المواطنة والمساواة » (الطريق الجديد عدد  190 بتاريخ 24 جويلية 2010)


رابطة حقوق الانسان طرفا النزاع يراوحان… ويشترطان على بعضهما الجدية


أكدت اللجنة المنبثقة عن الهيئة المديرة لرابطة حقوق الإنسان في بيان اصدرته مؤخرا «أنها على استعداد لمواصلة الحوار على قاعدة الاتفاق الحاصل يوم 20 ماي الماضي وما قدمته الهيئة المنبثقة عن الرابطة من اقتراحات أساسها الثوابث الرابطية التي لا محيد عنها وفي مقدمتها استقلالية الرابطة وقيامها بدورها كاملا في الدفاع عن حقوق الإنسان ونشر ثقافتها». ودعت الرابطة في بيانها الممضى من قبل السيد مختار الطريفي رئيس الهيئة المديرة إلى «التخلي عن كل الأحكام التي صدرت ضد المنظمة منذ المؤتمر الخامس(…) حتى يتمكن كل الرابطيين من التحاور فيما بينهم لبناء الوفاق الذي يقتنع به الجميع». كما عبرت الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان -من خلال بيانها- انها سعت من خلال اتصالها بالوسيط العميد الاسبق للمحامين الاستاذ عبد الوهاب الباهي «لمعرفة مدى استعداد الطرف المقابل لمواصلة الحوار الذي كان بدأ في افريل الماضي للوصول إلى حل وفاقي يمكن من عقـــد المؤتمر الوطني  للرابطـة في اقرب الآجال وأيسر السبل .» واضاف البيان «انه تم  الاتصال بممثل الشاكين الاستاذ الشاذلي بن يونس و وقع ابلاغه بالمقترح هاتفيا ثم عن طريق الفاكس ولكنه رفض لقاء رئيس الرابطة ومناقشة المقترح.» بحسب البيان. من جانبه اعتبر الاستاذ الشاذلي بن يونس بصفته ممثلا لمجموعة الشاكين في تصريح لـ «الصباح»أنه كان ينتظر تجاوبا جديا من قبل اللجنة المنبثقة عن الهيئة المديرة للرابطة على جملة المقترحات المقدمة.خصوصا بعد التدخل الاخير للوسيط عبد الوهاب الباهي الذي اشترط أن يتم التقدم في المفاوضات كتابيا في المستقبل ومن الجهتين. وكان السيد عبد الوهاب الباهي قد ادلى بداية الشهر الجاري بتصريح صحفي لوكالة تونس افريقيا للانباء  أكد خلاله انه  التقى برئيس الرابطة وعضوين من الهيئة المديرة و اقترح « تقديم وثيقة كتابية تشكل أساسا لمواصلة الحوار وتعكس تصوراتهم لكامل بقية المراحل، على أن يقع عرض هذه الوثيقة على من يهمهم الأمر، وقد تتلوها وثيقة كتابية أخرى تحدد وجهة نظر الشاكين.»  ووصف الاستاذ الشاذلي بن يونس  العرض الاخير الذي جاء في بيان الطريفي» بغير الجدي لا شكلا و لا مضمونا.» وعن امكانية استئناف الحوار الرابطي-الرابطي اضاف الاستاذ بن يونس «لن نتقدم اي خطوة الا على اساس عرض كتابي يقع عرضه على الوسيطين الاستاذين عبد الوهاب الباهي و منصر الرويسي.». خليل الحناشي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 23 جويلة 2010)


انتخابات المحامين الأخيرة أو حرب المواقع بين المجموعات


بقلم عبد الرؤوف العيادي   ما شهدته الانتخابات الأخيرة بقطاع المحاماة من لجوء المجموعات المتنافسة إلى أساليب الدس والتشويه وحتى التهديد بما حوّلها إلى ما يشبه الحرب على المواقع استعملت فيها شتى الأسلحة المحرم منها والمباح، يدفع إلى تصحيح ما يروج عن حقيقة الممارسة الديمقراطية داخل القطاع وتعديل الصورة التي حاول البعض تسويقها عن المركز الطلائعي للمحامين داخل النخبة الوطنية. وقبل محاولة استيعاب ما جرى والوقوف على أسبابه، لا بدّ من الملاحظة بأنّ كل من العميد الفائز الأستاذ عبد الرزاق الكيلاني والعميد المتخلي البشير الصيد لم يفوّتا الفرصة خلال حفل التنصيب بدار المحامي للتعرض وشعور بالمرارة يتملكهما لبعض تلك الممارسات، إذ أخرج العميد الكيلاني من جيبه رسالتين قال- والعَبْرة تخنقه- إنّهما تضمنا تهديدات بالنيل من حياته. من جهته أثار العميد الصيد ما استهدفه من اتهامات وحملات تشويه قال إنّ مصيرها كان مصير « الفقاع ».

وللتذكير فإنّ المجموعات المتنافسة شملت أوّلا تلك المنتسبة لحزب السلطة (الخلية) ثانيا مجموعة البحيري ذات توجه إسلامي تدعو إلى المصالحة مع السلطة، ثالثا مجموعة العميد المتخلي وهي ذات توجه قومي عربي، رابعا فِرَقا ولا نقول مجموعة يسارية متعددة- لا تخضع لرمز واحد- مثلما هو الشأن بالنسبة إلى المجموعات الثلاث المتقدم ذكرها.

وما بدا واضحا خلال الانتخابات الأخيرة هو أنّ ديناميكيتها خضعت لعاملين أساسيين:

الأول يتعلق بما خلفته نتائج الانتخابات السابقة 2007 من تركة الصراع بين المرشحين والمجموعات، بما دفع البعض للتخطيط لأخذ الثأر من المنافس. أمّا العنصر الثاني فيتصل بالوضع العام للبلاد وما تميز به من فراغ سياسي وهيمنة الأجهزة الأمنيّة على الحياة العامة.

لذلك ما إن بدأت الحملة ضد « الفساد » التي استهدفت العميد الصيد في بداية السنة الثانية من ولايته- وهو ما عُدّ مؤشرا على عن سقوط التحالف بين مجموعته ومجموعة البحيري- حتى بادر أحد المهزومين في انتخابات فرع تونس السابقة إلى تشكيل كوكبة أصبحت تنادي بترشيح العميد السابق بوراوي الذي يبدو أنّه حصل على ضمانات لدعمه من طرف مجموعة البحيري الذي أتقن لعبة توزيع الأدوار، إذ انتهى الصراع إلى مواجهة في الصف الأول بيم مجموعة الصيد ومجموعة بوراوي الذي يسنده شق من المنتمين لحزب السلطة، في حين بقي هو وبعض المقربين منه في الصف الثاني، حتى إذا استنزفت المجموعتان المتواجهتان قواها وما يولده ذلك من شعور بالنفور لدى القاعدة التي عادة ما ترفض الانخراط في صراعات مباشرة، أمكن له الظهور بمظهر المصلح المعتدل. وهو ما غنمت منه مرشحته لعضوية مجلس الهيئة.

والواضح أنّ مجموعة البحيري لم تراجع خط التفريط في استقلالية المهنة والتخلي عن الدفاع عن المصالح المعنوية للمحامين- والذي تُرجم بإرسال الهيئة المتخلية رسالة إلى الاتحاد الأوروبي ترفع تحفظاتا فيما يتعلق بتنظيم المعهد الأعلى للمحاماة. وهو تحفظ الهيئة السابقة الذي كان يشكل عقبة في وجه صرف قرض من الاتحاد الأوربي « لدعم استقلال القضاء ». وكما تم التعامل مع الفريق المنقلب على جمعية القضاة وتم التهاون في الدفاع على المحامين والمحاميات المعتدى عليهم، وهو خيار مشترك بين مجموعة العميد الصيد والبحيري.

حرب المواقع لم تحدد نتاج اختلاف في الخطوط أو التوجه العام لكلا المجموعتين، فالتحالف بينها وبين مجموعة السلطة أصبح يتم دون مواربة أو غطاء مثلما حصل خلال انتخابات فرع تونس بين مجموعة الصيد والتجمعيين ومثلما حصل في انتخابات فرع صفاقس بين مجموعة البحيري والتجمعيين.

وما اعتبره البعض مفاجأة هو الأداء الهزيل للتجمعيين، ربما مقارنة بما حصل قبل أشهر خلال انتخابات جمعية المحامين الشبان التي حققوا فيها فوزا ساحقا- إذ ولأوّل مرة في تاريخها أصبحت الهيئة المديرة للجمعية تجمعية مائة بالمائة- لكنّ النظر في حقيقة ما حصل يكشف عن اختلاف في تركيبة المقترعين (نسبة هامة تنتمي إلى المحامين لدى التعقيب ولدى الاستئناف) هذا إضافة إلى كون المجموعة التجمعية تنقسم إلى صنفين تبدو مصالحهما متضادة: صنف أصحاب الغنائم ممن غنموا سواء بإدراج أسمائهم ضمن قائمة المحامين النائبين للدولة وللمؤسسات والشركات العمومية أو باحتلال مواقع مسؤولة بالحزب أو بالإدارة. وصنف قان يشكل الأغلبية من حديثي العهد بالمهنة الذين اقتصرت حصتهم على حضور الولائم والذين عيل صبرهم وهم ينتظرون الغنائم. ويمكن اختزال القول إنّ التجمع تنظيم يجمع المنتمين إلى المصلحة لا غير، في حين أنّ المجموعات الأخرى لها رابط أيديولوجي يحقق شروط الالتزام والانضباط لدى المنتسبين إليها. وما نشهده لدى بعض منتسبي التجمع من بحث عن رابط أيديولوجي في إسلام « الزيتونة » يؤشر إلى حالة التحلل والضعف التي انتهى إليها بعد عقدين من حكم الجنرال بن علي.

وعلى عكس ما ذهب إليه بعضهم من أنّ فوز العميد عبد الرزاق الكيلاني شكل مفاجأة فإنّ فوزه كان منتظرا ذلك أنّ أداءه في رئاسة الفرع تميّز بالدفاع عن كرامة زملائه وفي الوقوف إلى جانب ضحايا القمع من منطلق الدفاع عن الحريات. وما لم يكن خافيا على أحد هو أنه كان الوحيد من بين المرشحين الذين حذرت السلطة من التصويت لفائدته، هذا إضافة إلى التزامه الواضح بالدفاع عن القضايا العادلة، وهو ما جعله يكسب تأييد تيار واسع من المحامين المهتمين بالشأن العام زيادة على ما أظهره من حكمة في عدم استنزاف قواه في مهاترات انتخابية بالرغم من إصرار البعض على جره إليها.

ما يتعين التنبيه إليه هو أنّ حرب المواقع مستمرة، وكما أشرنا إليه في المقدمة، لكلّ حملة انتخابية تركتها التي أصبحت تشكل حافزا ليس فقط للتجديد والمنافسة وإنّما- وهو ما يؤسف له- لا علاقة له بالعمل الجدّي داخل هياكل المهنة التي أصبحت الصراعات « الانتخابية » المستمرة تشلّ حركتها وتحول دون الالتقاء من أجل مصلحة مشتركة للمحامين الذين تشهد أوضاعهم مزيدا من التدهور والتعقيد بعد انضمام الآلاف من المحامين حديثا إلى المهنة دون أن يكون للهيئة أو لأيّ طرف أو جهة مسؤولة تصور لكيفية إدماجهم في دائرة الإنتاج، فإضافة إلى المشاكل المالية المتصلة بإعادة تنظيم صندوق الحيطة الاجتماعية، والمشاكل المعنوية المتصلة بكرامة المحامي وحقوق الدفاع، يبدو أنّ المشكل الاجتماعي في تفاقم خطير بعد أن تم إغراق القطاع بالوافدين الجدد وأصبحنا نتعامل مع ظاهرة جديدة، ظاهرة المحامي الطالب إذ هو في وضع اجتماعي يجعله في مركز لا هو بالطالب ولا هو بالمحامي المتمرن الذي تتوفر له أدنى شروط اكتساب الخبرة الصناعية والعمل ولو بصرة محدودة.

تلك هي معالم الصورة بقطاع المحاماة وهي لا شك على درجة من القتامة إذ أنّ معركة المواقع تعكس أزمة السلطة وأزمة المعارضة أيضا، فالتجربة أثبتت أنّه يصعب المحافظة على لحمة التجمع حرب السلطة بواسطة الرابط التنظيمي فقط والوعود الفضفاضة، كما أنّ واقع التشبث بالرابط الأيديولوجي على حساب الرابط السياسي وهو ما ينطوي على منزلقات عدة منها تفاقم الفئوية والقصور عن طرح الرؤى القادرة على تغيير الواقع عبر تجسيمها إلى خطط عملية، يقتضي إرادة في معالجة الواقع وليس في التطبيع معه مثلما يجري اليوم.

 


تونس بتاريخ 12/07/2010 رابطة الكتاب التونسيين الأحرار بيان في الذكرى التاسعة لتأسيسها


منذ تأسيسها 13/07/2001 سعت رابطة الكتاب الأحرار إلى خلق خلق حراك إيجابي في الساحة الثقافية، وأنجزت بالتفاف الكتاب والمثقفين عشرات الندوات الناجحة، كما سعت الى ربط صلة بمكونات المجتمع المدني- أحزابا وجمعيات- ليكون الكاتب فاعلا إيجابيا في فضائه الحركي. كما سعت ومنذ تأسيسها إلى الدفاع عن حرية المبدع، من ذلك تركيزها في ندوات عديدة على رفض ظاهرة المنع التي كانت مسلطة على عشرات الإصدارات فيما كان يعرف بالإيداع القانوني واستعماله استعمالا رقابيا قبل إلغائه بقرار رئاسي. وفي نهاية عشرية من مسيرتها لازالت رابطة الكتاب الأحرار تعاني الحصار والمنع، من ذلك منع ندوة نقدية كانت مقررة يوم 19/02/ 2010. للإحتفاء بالإصدارات القصصية الجديدة، حيث حاصر عشرات الأعوان فضاء ألتالير ومنعوا المدعووين من دخوله. ورابطة الكتاب الاحرار تدين الإجراءات المسلطة عليها وتذكر بقضيتها المرفوعة لدى المحكمة الإدارية  منذ زمن- دون البت فيها- وتتمسك بحقها الشرعي في العمل القانوني كسائر الجمعيات… وتشكر كل الكتاب والمثقفين الذين دعموا مسيرتها وتعدهم بمواصلة العمل من أجل ثقافة تقدمية وطنية حرة… كما تحيي كل الكتاب الذين بادروا وأنجزوا نقابة للكتاب التونسيين، وتهنيء هيئتها المنتخبة، وتدعو كل الكتاب إلى دعمها والإلتفاف حول مبادئها الواعدة من أجل الإرتقاء بوضعية الكاتب والكتاب …   عن رابطة الكتاب الأحرار الكاتب العام: محمد الجابلّي


حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي تصريح صحفي للأمين العام للحزب في اختتام أشغال ندوة « المشروع القومي العربي وإعادة بناء الذات »


في اختتام ندوة « المشروع القومي العربي وإعادة بناء الذات » التي نظمها الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أيام 20 و21 و22 جويلية 2010 أدلى الأمين العام للحزب الأستاذ أحمد الاينوبلي بالتصريح التالي:   إن تنظيم هذه الندوة يندرج  في إطار رؤية تحديثية للمشروع القومي العربي وحرصا على تحديث آلياته ووسائله التي يعتبر الاتحاد الديمقراطي الوحدوي احدها وهو الحزب الذي صار لزاما عليه أن يواصل تطوير أرضية رؤيته الفكرية والسياسية بما يتلاءم مع المهمات المطروحة عليه.   وفي سياق تطرقه للمواضيع التي أثارت جدلا مطولا خلال أشغال الندوة وخصوصا منها علاقة المشروع القومي العربي بالإسلام السياسي أكد السيد الأمين العام على أن المشروع القومي العربي يرتكز على الإسلام حضارة ودينا باعتباره مكونا أساسيا من مكونات الأمة العربية.   وشدّد على أن المشروع القومي العربي يختلف في طرحه اختلافا جذريا عن الإسلام السياسي منطلقات وأهدافا مضيفا  أن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يعتبر أن الإسلام دين الشعب وهو في حماية الدولة ولا يمكن لأي فصيل أو تنظيم أو حزب سياسي في الحكم أو في المعارضة أن يوظف الإسلام في السياسة .   وقال إن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يعارض أي توظيف للدّين ويعمل على التصدي له مؤكدا على أن الحزب يعمل على أن تكون الدولة ذات دين وأن حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي مناهض للدولة الدينية ورافض لها انسجاما مع المشروع القومي العربي الديمقراطي.   وفيما يتعلق بعلاقة الدولة الوطنية بالمشروع القومي العربي أكد الأمين العام للحزب أن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يتمسك ببناء الدولة الوطنية بناء ديمقراطيا من خلال ترسيخ وتجذير قيم الديمقراطية في المجتمع عبر المراكمة من خلال نسق التحول الديمقراطي التعددي في تونس مذكرا بمواقف وثوابت الحزب المبدئية المؤكدة على مواجهة وصفات الديمقراطية المملاة من خارج المنظومة الوطنية ورفض الاملاءات الخارجية وطوابير الاستقواء بالأجنبي ممثلا في منظماته وسفاراته .   و قال الأستاذ أحمد إينوبلي إن المناضلين الوحدويين في الوطن العربي يفضلون خوض مصاعب الاستحقاق النضالي الديمقراطي والقبول بمطبّاته وارتهاناته على التمتع بوهم الجنّة الديمقراطية المملاة من الخارج والماسة بالاستقلال والسيادة الوطنية والقوميّة حاثا مناضلات الحزب ومناضليه على التمسك بثوابت البناء الوطني لأنه حاضنتهم الأولى وبوابتهم الوحيدة نحو بناء الوحدة العربية على أساس الديمقراطية باعتبارها السبيل والمنهج الوحيد لانجاز الأهداف المرسومة.     عبد الكريم عمر عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام  


المؤتمر العربي لمكافحة الإرهاب يوصي بمزيد من الرقابة على المواطنين والجمعيات


حرر من قبل التحرير في الخميس, 22. جويلية 2010 اختتم يوم الخميس 22 جويلية الجاري المؤتمر الثالث عشر للمسؤولين عن  » مكافحة الإرهاب » والذي انتظم خلال اليومين الماضيين بالعاصمة التونسية. ودعا المؤتمرون في اختتام اجتماعهم إلى زيادة الاهتمام بالظاهرة الارهابية إضافة إلى تعزيز دور المواطن في التبليغ عن ما أسمتهم بالارهابيين.  ودعا المؤتمرون إلى تشديد الرقابة على حركة تحويل الأموال وعمل المصارف ومزيد تفعيل آليات المراقبة الفعالة للجمعيات الخيرية.   وأوصى المؤتمر باتخاذ الإجراءات التشريعية والإدارية بما يضمن ضبط بيع واستعمال شرائح الهاتف الجوال لمنع استخدامه لأغراض إرهابية.   كما دعا المجتمعون إلى تشديد الرقابة على الوسائل الاتصالية الحديثة لمنع التواصل بين الإرهابيين.  جدير بالذّكر أن العديد من المنظّمات الحقوقية العربية والدولية المستقلّة نبّهت إلى أن العديد من الدّول العربية وعلى رأسها تونس تكرّس ميزانيات ضخمة لمراقبة مواطنيها دون مراعاة للدستور ولا للحريات والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، معتمدة مكافحة الإرهاب حجّة للتضييق على المجتمع. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 22 جويلة 2010)


استاذ يقصي ابني من المناظرة بسبب ارائه الفكرية


اي زمن هذا نعيشه و اي قرف ياتي من استاذ التعليم العالي في مادة الفلسفة فلقد اجتاز ابني مناظرة الدخول للمدرسة العليا للمعلمين بنجاح في مرحلة الكتابي و لم يبق الا الامتحان الشفوي وهو امتحان شكلي في العادة اذ لم يسبق ان تم اسقاط ناجح في الامتحان الكتابي و الدليل ان المواد الاخرى مثل العربية و التاريخ و الجغرافيا لم يسقط منها اي طالب في الامتحان الشفوي و دخل ابني للامتحان الشفوي و كان السؤال عن الدولة و السيادة عند الفلاسفة و اجاب ابني عن السؤال و لكن الاستاذ قاطعه و فاجاه بقوله دعك من هذا كله و حدثنا عن الدولة كما تتحدث عنها في الاجتماعات العامةثم ساله عن التعذيب و السجون لم يستظع ابني الكلام لانه لم يتصور ان الاستاذ سيتجاوز دوره العلمي و يصير محاكما له فما غلاقة الامتحان الشفوي في امتحان الفلسفة بالنشاط الطلابي و ما الصلة بين الدولة فلسفيا و التعذيب ان الاستناذ قد تجاوز كل اخلاقيات المهنة و اهان الرتبة العلمية التي يحملها و حتى بقية الطلبة تعاطفوا مع ابني و عبروا عن استغرابهم من سؤال الاستاذ فلم تتم تصفية ابني و يتم حرمانه من النجاح اليس مواطنا و لم يتم الخلط بين الكفاءة العلمية و الاراء الفكرية و المواقف السياسة و اين العدل و الانصاف فيما اتاه الاستاذ و الغريب ان المعايير اليوم للنجاح لم تعد المعايير العلمية فهل يجب ان يكون ابني تجمعيا لينجح اليس من حقه ان يكون حرا في افكاره و في اختياراته فلن اسكت عن هذه المظلمة لانها تدمر ابني ذهنيا و نفسيا و تدفعه للياس فمن السبب اذن في تجذير التطرف في سلوكات الشباب الاستاذ حاتم الفقية عضو المكتب التنفيذي لمنظمة حرية و انصاف مناضل نقابي


تحرّك إحتجاجي بمصنع تكرير النفط بجرزونة- بنزرت


أنجز اليوم 23 جويلية 2010 عمّال وإطارات مصنع تكرير النفط بجرزونة وقفة إحتجاجية تحت إشراف نقابتهم الأساسية والإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت و جامعة النفط . وقد جاء هذا التحرّك في إطار الضغط على إدارة الشركة لتوضيح حقيقة ما راج من أخبار متعلّقة بتغيير وضعية المصنع الذى سوف يتوقّف عن التكرير و يتحوّل إلى محطة تخزين وما سينجرّ عن ذلك من فقدان للوظائف وقطعا للأرزاق سيما وهو يشغل ما يقارب 350 عامل ويوفر الشغل للمئات من خلال مختلف شركات المناولة المتعاقدة معه . وقد عبّر العمال و الإطارات النقابية عن خشيتهم من أن يقع التفويت في المصنع للخواص بعد تسريح العمّال كما حصل في السابق مع العديد من المؤسسات الأخرى خاصة وأن عملية صيانة مكلفة جدّا للمصنع قد أجريت قبل الإعلان عن هذا التغيير . — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoiretunisien des droits et des libertés syndicaux


سوسة تتذمر


تستعد مدينة سوسة لتحمل ضيف ثقيل عليها يحل كل عام يوم 24جويلية إذ يردد أهالها عبارة -نهارت أوسو سوسة ما تتقربش- إذ يقع غلق كل المنافذ المؤدية إلى وسط المدينة على السيارات و يرابط قرابة الألف رجل شرطة طول النهار تحت شمس الصيف الحارقة لحماية الضيف من الشعب التونسي. كما يسجل نقص كبير في عدد الحافلات لنقل الركاب داخل و خارج الولاية و ذلك لتسخيرها لنقل الشباب من مختلف معتمديات سوسةإلى وسط المدينة.هؤلاء الشباب يستغلون هذه الرحلة المجانية للتمتع بالسباحة ولا يهتمون بهذا الضيف فجحافل البوليس المتمركزة في كل مكان ترهبهم و ترعبهم. تظل الأمهات الذين أصر أبنائهم على ركبوب الحافلات المجانية المتجهة إلى مدينة سوسة يترقبن رجوعهم سالمين بفارغ الصبر إذ تسجل العديد من حالات الغرق نظرا لحداثة سنهم.  جبالك الرواسي……. سي محمد الغنوشي: الرجل الثاني في الدولة يزور سوسة في أغلب الأحيان على متن سيارته الخاصة ويرفض أن يحرس البوليس منزله المتواضع في المنزه السادس من سوسة حدثكم الساحلي


عندما يعجز اللّسان عن تجديد البيعة لملك بلاد الأمن و الأمان


بن علي ألفين و تسعة » كانت أغنية الجماهير العاشقة لصانع التّغيير. اليوم نحن أمام تحدّ جديد لمناشدة قائد مسيرة العهد السّعيد الذي جلب الأمن و الاسقرار لتونس بالنّار و الحديد بعدم التّخلّي عن مقاليد حُكْمه الفذّ الفريد . بن علي ألفين و أربعطاش » شعار ثقيل على اللّسان خدّاش للآذان . فما العمل عندما يحين الأوان للهتاف ببقاء مولانا السّلطان؟ شاعر مغمور ينتمي إلى حزب الدّستور اقترح هذا الشّعار لإزالة البلبلة و حيرة الأفكار:  » بن علي إلى الأبد ، بن علي ما كيفو حد » لكنّ حاشية الملك لم تشعر بالارتياح و رفضت الاقتراح . إذ لا يخفى على أحد أنّ ملك قرطاج رافض لعبارة  » إلى الأبد ».  فقد تعهّد بأن يبقي وفيّا إلى الممات لمبدأ  » لا رئاسة مدى الحياة ». لذلك فإنّني أتوجّه إلى كلّ شاعر موهوب بإبداع الشّعار المطلوب للنّداء بتجديد البيعة لقائدنا المُفدّى المحبوب. عمر.خ


وزارة الاتصالات والداخلية غائبتان عن  « الحكومة الالكترونية »


 سمير ساسي

 

بوّأ تقرير « مؤشر  الأمم المتحدة للحكومة الالكترونية »  تونس المرتبة السابعة عربيا (البحرين الإمارات  الكويت الأردن السعودية قطر ) والسادسة والستين عالميا و والأولى إفريقيا . و يصدر تقرير « الحكومة الالكترونية  » كل عامين عن منظمة الأمم المتحدة،وينظر في تقديم خدمات أفضل للمواطنين ، وتحسين التعامل والتفاعل مع رجال الأعمال ومختلف المؤسسات الحكومية من خلال خدمات وزارات الحكومة للإفراد والمؤسسات والإدارات الحكومية والقطاع الخاص عبر الانترنت. و  يعتمد التقرير على ثلاث محاور رئيسية لقياس مدى تطور وتقدم الدول: مؤشر الويب (الموقع الخاص بالحكومة الإلكترونية، موقع وزارة المالية ، موقع وزارة الصحة، موقع وزارة التربية والتعليم، موقعي وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة العمل بالشبكة العالمية للإنترنت)، ومؤشر البنية التحتية للاتصالات حسب بيانات وإحصاءات الإتحاد العالمي للاتصالات (هيئة تنظيم الاتصالات)، ومؤشر رأس المال البشري حسب تقرير اليونيسكو (الجهاز المركزي للمعلومات) بجانب مؤشر المشاركة الإلكترونية.

وسارع الخطاب الرسمي   اثر صدور هذا التقرير إلى اللعب على الأرقام وإخفاء « الوجه غير المضئ « منها فبين تقدم تونس في الترتيب مقارنة بسنة 2009  وركز على تصدرها القائمة الإفريقية، إلا انه أهمل نصف الكأس الأخرى التي تبرز عيوب  » الحكومة الالكترونية التونسية  » مقارنة بنظيرتها العربية مثلا  ، وحتى افريقيا ذلك أن الصومال لا تبعد عن تونس الا بفارق خمس مراتب. غير ان اللافت في هذا المجال  النقائص التي كشف عنها التقرير وتغافل عن ذكره الخطاب الرسمي كعادته ، فمتصفح المواقع الوزارية وهي المؤشر الأول الذي يعتمده تقرير الأمم المتحدة  لا يجد عناء كبيرا لملاحظة النقص الفادح في تحيين المواقع حسب  التقرير نفسه فوزارة الاتصالات  ليس لها موقع على الويب رغم أنها واحدة من الوزارات المعتمدة في التقييم ، كما ان صفتها تجعل من وجود موقع لها على الشبكة العنكبوتية أمر بديهي لكن البداهة في بلدنا  خرق ما هو بديهي . الوزارة الثانية المعتمدة في التقييم هي وزارة الشؤون الاجتماعية  ، ورغم ان وزارتنا تضم إلى جانب الخدمات الاجتماعية الاهتمام بشؤون التونسيين بالخارج  مما يجعل من استعمال تكنولوجيا الاتصالات أمرا أكثر من الضرورة إلا ان موقعها على الويب لم تمسسه يد صانع منذ ما يزيد عن السنة  إذ يعود آخر تحيين لموقع الوزارة المذكورة الى شهر جوان 2009 .

حال  موقع وزارة الفلاحة يبرز الصعوبات التي تعاني منها فلاحتنا  ويكشف الخلل  في التفاعل مع رجال الأعمال والمستثمرين الفلاحيين وتقديم خدمات أفضل للمواطنين ، ذلك أن  اخر تحيين لموقع وكالة الاستثمار الفلاحي التابعة للوزارة إلى شهر فيفري من السنة الجارية في لم يحين  موقع المرصد الوطني الفلاحي  منذ 18 افريل  2006 ، والأدهى من ذلك أن الإحصاءات المنشورة من قبل المرصد المذكور تعود إلى سنة2004 ،  أما موقع الوزارة نفسه فمضى على تحيينه أكثر من شهر ( آخر تحيين يوم 5 جوان 2010 ).

وتعمد بعض المواقع الأخرى  الى عدم وضع تاريخ للتحيين متناسين ان المتابع لا يفوته الانتباه إلى ان المعلومات المتوفرة هي معلومات قديمة  فما الذي يعنيه عدم تحيين مواقع أربع وزارات من أهم الوزارات  تأثيرا في السياسة الوطنية الاقتصاد وهي  موقع وزارة العدل وحقوق الإنسان وموقع وزارة الخارجية وموقع وزارة التنمية والتعاون الدولي وموقع وزارة السياحة؟

بالإضافة إلى غياب التحيين يصطدم  متصفح المواقع الحكومية بعلامة  » انتبه أشغال » تنتصب في  وجهه تبشره بان الموقع بصدد الانجاز مثلما هو شان موقع وزارة الثقافة. غير ان حال الأشغال التي لم تنته (  ربما لنقص مادة الاسمنت بسبب الحصار)   هو أفضل من عدم وجود موقع   يمثل الوزارة  ، و إذا كان من الغريب ان لا يكون لوزارة الاتصالات موقع على الشبكة مثلما ذكرنا ، وهي المعنية أصلا  بهذا المجال فان  من المثير ان لا يكون لوزارة الداخلية موقع الكتروني ، فهل نسي القائمون على الوزارة انها تعنى بالشؤون اليومية للمواطن باعتبارها ساهرة على الأمن ومكلفة بالجماعات العمومية التي تشرف على العمل الخدماتي الموجه لعموم المواطنين ؟  فإذا نظرنا إلى التجربة البحرينية في هذا المجال رأينا الفارق واضحا فقد دشنت وزارة الداخلية في مملكة البحرين بعض من خدماتها إلكترونيا على موقعها الرسمي  وعلى موقع بوابة البحرين الوطنية   من أجل خلق بيئة تعاون أفضل بينها وبين المواطن. كما أقامت  مشروع النظام الجنائي الموحد المعروف باسم (نجم) الذي يوفر الوقت والتكاليف ويخدم شرائح كبيرة من المجتمع، وهو عبارة عن برنامج تقني يوحد نظم وتطبيقات عمل الإدارات الامنيه بوزارة الداخلية ويغطي الأعمال والمهام الأساسية للشرطة.

 ليس  تحيين المواقع هو المشكلة الوحيدة التي تعاني منها « الحكومة الالكترونية  » في بلادنا  بل ان هذه المواقع تفتقد إلى جمالية التصميم  وتغيب عن متصفحها سرعة  الولوج  إليها والحصول على المعلومات المطلوبة. فهل ان غياب الكفاءات البشرية لتطوير حكومتنا الالكترونية يقف وراء مظاهر الخلل هذه ام ان الرقابة الصارمة لكل شئ فعلت فعله؟

أسئلة لا تخلو  الإجابة عنها من أهمية  نظرا لما   « للحكومة الالكترونية « من اثر ايجابي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي  ومنها تقليص فرص الفساد والقضاء نهائيا على الرشوة وغيرها من الظواهر الاجتماعية السلبية، وتخفف من مركزية الخدمات  وتطور قناعة المواطنين بدور المؤسسة الحكومية في المجتمع خاصة ان « الحكومة الالكترونية » ستضمن شفافية المعلومات بحيث يمكن التعرف باستمرار على الاتجاهات الحكومية سواء في مجال تقديم الخدمات الحكومية أو في الأقسام الحكومية المتعلقة بخدمات المواطنين.


على هامش تنقيح الفصل 319 من المجلة الجزائية أين حدود « التأديب » و »العنف »..بين الاطفال والأولياء؟


أثار تنقيح الفصل 319 من المجلة الجزائية موجة من الجدل سواء داخل مجلس النواب الذي صادق عليه بتحفظ نائبين واعتراض خمسة أو داخل الاطار التربوي، العائلات التي رأت في التنقيح الأخير مسا من سلطاتها التأديبية وفي كيفية تربية الأبناء التي تقتضي أحيانا الردع بطريقة عقلانية ورصينة سواء في البيت او في المدرسة. وكان الفصل 319 ينص على  » يستوجب العقوبات المذكورة الأشخاص الذين يرتكبون المعارك أو الضرب أو العنف ولا ينجر منه لصحة الغير أدنى تأثير معتبر أو دائم، وتأديب الصبي ممن له سلطة عليه لا يستوجب العقاب ». وافضى التنقيح الاخير للفصل 319 من المجلة الجزائية الى حذف العذر القانوني لفائدة الاشخاص الذين لهم سلطة في استعمال « العنف » البدني كوسيلة تأديبية وذلك بالغاء عبارة « وتأديب الصبي ممن له سلطة عليه لا يستوجب العقاب »من الفصل المذكور وبالتالي إلغاء الحصانة التي كانت تمنح للبعض وتبيح لهم ممارسة « العنف » ضد الطفل على غرار الولي والمعلم والأستاذ ومنشطي رياض الأطفال. ويقصد بالعقوبات المذكورة تلك الواردة صلب الفصل 315 جزائي والذي ينصّ على « يعاقب بالسجن مدّة خمسة عشر يوما وبخطية مالية… ».. ومن تبريرات المشرع أن التأديب الذي يتخذ شكل العنف البدني المسلط على الطفل اثبت عدم نجاعته بل بالعكس أثبت تداعياته السلبية على نمو الطفل وتكوينه النفسي. كما اعتبر المشرع أن تنقيح الفصل 319 يندرج في إطار تكريس حق الطفل في الحرمة الجسدية والرعاية وهو حق يضمنه الدستور في فصله الخامس اضافة الى  تلاؤم التنقيح مع المادة 19 من اتفاقية حقوق الطفل التي تقر حقه في الحماية من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية.ومع أحكام الفصل 24 من نفس المجلة التي تهدف الى حماية الطفل من جميع أشكال التعذيب والاعتداءات على سلامته البدنية. كما اعتبر التنقيح تنفيذا لتوصيات عدد من المختصين في مجال التربية والتعليم وعلم النفس باعتبار ما يمكن أن يفرزه الإفراط في هذا النوع من التأديب من أضرار على الحرمة الجسدية والسلامة البدنية والنفسية للطفل مؤكدين أن طبيعة الأسرة التونسية المعاصرة تشهد اليوم تطورا في نوعية العلاقات بين الآباء والأبناء خارج دائرة العنف خاصة أن طرق التأديب القائمة على العنف المادي أثبتت قصورها في تنشئة الطفل التنشئة السليمة وتامين سلامته البدنية والنفسية وضرورة تغيير العنف بالحوار والتواصل والاقناع. كما أن حذف العذر القانوني لاستعمال العنف في التأديب يندرج في إطار النظرة العلمية للتعاطي مع مسالة الطفولة والتي تؤكد على ضرورة توفير الرعاية والحماية للطفل في إطار احترام خصوصياته البدنية والنفسية. وفيما يتعلق بتعارض هذا التنقيح مع مسؤولية الوالدين في التربية وتأثيرات معاقبة الوالين وفق التنقيح الجديد خاصة أن البعض طالب بإبقاء سلطة الأبوين خارج هذا التنقيح،فان التبريرات ذهبت الى اعتبار ان تاديب الوالدين لابنائهما لا يفيد بالضرورة ممارسة العنف ضدهم .ومنع ممارسة العنف لتربية الابناء لا يمس من مشمولات التربية التي تعتبر واجبا ازاء الطفل.فالتاديب يبقى وثيق الارتباط باصول التربية وبطرق التوجيه والارشاد في حين ان العنف يبقى غريبا عن طبيعة العائلة والمجتمع التونسي. وان كان البعض يرى أن هذا القانون سيكون له تأثير ايجابي على الروابط الأسرية والوسط التربوي بدعم لغة الحوار والتواصل السليم عوضا عن العنف والتسلط،فانه  من الضروري التمييز بين « التأديب » و »ممارسة العنف » وتحديد الفارق الذي يفصل التأديب عن العنف بهدف ضبط المسؤولية الجزائية.فالتأديب لا يجب أن يصل إلى ما يستدعيه الركن المادي في جرائم الاعتداء بالعنف من صدور فعل اعتداء يؤدي إلى الإضرار بالسلامة الجسدية أو الإيذاء البدني للمعتدى عليه.والتأديب يبقى مرتبطا اشد الارتباط بطرق التربية والتاطير لتعليم الطفل وتهذيبه بما في ذلك معاقبة الطفل عند ارتكاب الاخطاء والعقاب لا يعني بالضرورة العنف طالما كان وسيلة تقويمية تربوية والتاديب دون الوصول الى الحاق الضرر بالطفل يبقى من واجب الابوين وحقهما في التربية والرعاية وتوجيه الطفل ونهيه لتنشئته التنشئة السليمة والتربية القويمة من قبل الوالدين او ممن له سلطة عليه كالمعلم والاستاذ… وان كانت مقاصد التنقيح ايجابية وذات معان،فان الاشكاليات ربما تطرح عند التطبيق..فكيف سيكون مصير العائلة وخاصة الطفل عندما يتسبب هذا الاخير في دخول والده او والدته او معلمه السجن بسببه؟ واي تاثيرات نفسية على هذا الطفل وعلى الولي وعلى العائلة ككل عند حدوث العقاب؟ سـفـيـان رجـب (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 23 جويلة 2010)


من الذاكرة الوطنية بورقيبة.. والقراءات الخاصة للتاريخ


من المعروف عن الزعيم الحبيب بورقيبة شغفه بالتاريخ، ولكن كانت له قراءاته الخاصة وكان يعمد الى توظيف وقائع التاريخ البعيد والقريب، للحط من شأن من احتفظ التاريخ بأسمائهم وكان كثيرا ما يردد انه «يوغرطة الذي نجح». اما حسين بن علي مؤسس الدولة الحسينية فهو «قطعة حبل جابها واد». وحتى المصلح خيرالدين باشا الذي تقر له جميع المصادر بمآثره وفكره الاصلاحي المستنير في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فانه يعتبره من المتسببين في نكبة الاستعمار عندما فرط في هنشير النفيضة الى احدى الشركات الفرنسية، ليفتح الباب امام الاستيطان الزراعي. «جاء الصادق باي فوهب وزيره خيرالدين هنشير النفيضة من غير ان يعرف مسماه ولا وطأت ترابه قدماه، وكانت هذه الهبة مكافأة له من اجل نجاحه في القيام بمهمة لدى حكومة اسطنبول وتحصيله على «فرمان» عثماني يجعل من الباي واليا لتركيا على البلاد التونسية، وكان القوم يعتقدون ان ذلك يدفع عنهم خطر الاستعمار الفرنسي والايطالي المتوقع والحال ان الدولة العثمانية نفسها كانت هزيلة وفي حاجة الى من يشد أزرها. والجدير بالذكر ان الباي كان يعتزم منح وزيره جراية عمرية فحال بينه وبين ذلك فراغ الخزينة وآل الامر بالباي الى التنازل عن هنشير النفيضة تعويضا للجراية» (النفيضة 23 ديسمبر 1959). ٭ هنشير النفيضة عن اصل هنشير النفيضة وكيف انتقل الى ملكية الباي ثم الى خيرالدين يروي الزعيم الحبيب بورقيبة على طريقته ما هو مدون في الواقع في وثائق الارشيف الوطني، سواء ارشيف الدولة الحسينية أم ارشيف الادارة الاستعمارية الفرنسية: «يحق لنا بعد ان تخلصنا من الكابوس الذي كان مخيما علينا ان نلقي نظرة على الماضي لاستخلاص العبرة منه لان التاريخ ينفع ولو للاحتياط من الوقوع في الاخطاء والاغلاط التي وقع فيها اجدادنا من قبل. فمنطقة اولاد سعيد وما دخل عليها من الموجات البشرية من بربر ونرمان وعرب واتراك كانت في حالة بؤس وخصاصة وانحطاط. واذا اردنا ان نكون موضوعيين وان نرجع الاسباب لمسبباتها ادركنا ان المسؤولين عن تلك الحالة هم المواطنون أنفسهم من ناحية، والدول التي حكمت هذه البلاد من ناحية اخرى. واستطيع القول ان مسؤولية الدولة اثقل بكثير من مسؤولية الافراد اذ لو كانت الدولة تحترم في تصرفاتها مبادئ الانصاف والنزاهة والعدالة لاستطاعت تقويم المعوج كما استطعنا نحن ان نكوّن من عشائر بائسة متفرقة مشتتة تتقاتل وتتناحر امة واحدة وشعبا واحدا وعائلة واحدة. ٭ أولاد سعيد وأولاد سعيد هم فرع من فروع بني رياح المنسوبة اليهم عائلات الرياحي وهم من قبيلة بني هلال التي نزحت الى البلاد التونسية من الصعيد المصري وربما كان اصلها من قبيلة مضر بالجزيرة العربية. ويمتاز اولئك القوم بما في نفوسهم من روح التمرد والعصيان منذ القرنين التاسع والعاشر بعد الميلاد، وقد تمرّدوا فعلا على الخليفة الفاطمي في مصر، وعوض ان يصلح قلوبهم ويروّض غرائزهم ويشعرهم بأن لهم دولة هي منهم كالام الحنون تعمل لفائدتهم، عمد الى اجلائهم الى صعيد مصر لان الشعب والافراد لم يكونوا آنئذ في نظر حكامهم الا قطيعا من الغنم يملكه السلطان ويتصرف في مصيره. ٭ الزحف الهلالي: ثم اثر خلاف بين خليفة القاهرة والدولة التونسية اراد الخليفة الانتقام فرمى البلاد التونسية بقبائل بني هلال وبني سليم واباح لهم ربوعها، ولم يكن همهم ان يحلّوا دولة مكان الدولة القائمة اذاك، بل انصرفوا الى النهب وعاثوا في البلاد فسادا وعاشوا في الفوضى والاضطراب وقضوا بذلك على النظام القائم. وبعد فترة من الزمن توالت فيها الثورات وتحركت النعرات القبلية، ولم تكن هناك لحمة جامعة او وشائج مؤلفة، عمد الخليفة الحفصي كذلك الى اقصائهم عن ديارهم الى جهات اخرى. ٭ عهد الاتراك وجاء عهد الاتراك، ثم جاء عهد البايات ولم يكونوا منذ اول عهدهم بهذه البلاد الا نكبة عليها وعلى اهلها لانهم كانوا يعتقدون ان الارض ومن عليها ملك من املاكهم، ولا يسعون اطلاقا في تعمير الارض او الرفع من مستوى اهلها فتوالت الثورات والفتن فيما بين الدولة والشعب، غير انه لم يكن نصيب تلك الثورات التي سادت ذلك العهد الا الهزيمة والفشل. واخر ما سجله التاريخ من تلكم الثورات، الثورة التي اندلعت ايام احمد باي الاول عام 1840 ـ 1841 والتي عقبتها عام 1850 فنتج عن ذلك ان انتزع الباي اراضي النفيضة بمجرد امر اصدره من قصره بباردو وألحقها بأملاكه الخاصة، عقابا لأهلها، رغم انهم مقيمون بها ازمانا وقرونا وتوارثوها أبا عن جد». ٭ الدولة دولتكم هذا التقهقر انما نشأ عن انهيار الدولة، فهذه الرقعة الجغرافية التي تسمى تونس او بصفة اعم الشمال الافريقي، كانت مسرحا لعدة دول قوية دوّخت الدنيا واستولت على البحار وبنت القاهرة ونشرت سلطانها في الشرق والغرب وفتحت مراكش وصقلية واسبانيا، ولكن هذه الفترات الذهبية ما لبثت ان مضت واصاب الانهيار الدولة. ان هذا الانحطاط الذي عم البلاد لم تغيره الدول القوية التي تواردت على هذه البلاد لانها لم تكن دولا وطنية شعبية وانما كانت دولا اجنبية اتت لاستغلال هذا الشعب وابتزاز امواله وخيراته وضربه بسوط الذل والهوان وكانت فرنسا اخر هذه الدول. اما الان فان هذه الدولة دولتكم ودولة هذا الشعب» (جمّال ـ 18 جوان 1959). محمد علي الحباشي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 23 جويلة 2010)


الثقافة مصيبة… لذيذة ـ10ـ …الهويّة ومكوّناتها الخياليّة


خميس الخياطي منذ فترة غير قصيرة وتحديدا منذ ما يقارب ثلاثة عقود مضت، لا حديث إلا عن فرضية فقداننا لهويتنا لنصبح أفرادا ومجتمعات «هايمة في الدنيا على وجه ربي»… مع العلم أنه لم ينحسر الحديث عن الهوية وما تابعها في محيطنا العربي فقط، بل تعدى الأمر الحدود الذهنية ليمس مجتمعات خلنا، جراء القطيعة التي أفرزتها الثورة القيميّة والصناعية للقرنين السابع والثامن عشر كما هي الحال مع المجتمع الفرنسي أو البريطاني وغيرهما، أنها قطعت حبل الصرة مع الموروث، ذاك الذي لم نكف نحن عن العيش تحت ظله وهو الميت الكامن بداخلنا والمتربص بمصائرنا ما دمنا لم نواره لنتخلص منه ونتملكه عوض أن يتملكنا كما قالت عن حق الباحثة والمحللة النفسانية التونسية المقيمة بالقاهرة، رجاء بن سلامة في حوار لها ببرنامج «روافد» لقناة العربية… ومن العوامل التي تساهم في نحت الهوية، بعضها غير مادي ويرتبط ارتباطا وثيقا بوعي جماعي غير ملموس تلعب فيه الخرافة، كنتاج خيالي جماعي أو كما يقول «لاكان» «كل ما يعطي تعابير خطابية بكسرة على الخاء – لشيء لا يمكن تضمينه تعريف الحقيقة»، الأرضية الصلبة التي عليها وبالتوازي معها تتكون بوادر الهوية الفردية… وهذا التراكم الواعي/اللاّواعي وإن هو مؤثر على تكوينة الفرد في صغره كما كان يقول بذلك عالم الاجتماع «دوركايم»، فإن «ماكس فيبر» بالمقابل يؤمن أن مظاهر التعبير عن الهوية أهم بكثير من النظر في مكوناتها… وقد تتضمن هذه المظاهر ما يخالف ما تفصح عنه المجموعة دون أن تنسلخ عنها. الأمر الذي لم تعد تستسيغه الرؤية الانغلاقية المنتشرة حاليا في مدار الهوية العربية- الإسلامية، انغلاق يعبر عنه أحسن تعبير هذان البيتان المجهولان المصدر: «ليس العجيب الذي بانت عداوته/لنا ومنه أتانا الضيـم والضـرر/بل العجيب الذي من صلب أمتنا/ يكون عونا لمن خانوا ومن كفروا»… ذكرت مرارا في هذا الركن تلك «القرية من قرى الشمال الغربي التونسي» الموجودة على ملتقى مجموعة من الهضاب المخزّنة للمياه المعدنية والواقعة على علوّ 800 متر من سطح البحر، تلك القرية التي ترعرعت بها وعرفت، دون أن أخرج عن نسق المجموعة، أني «أنا» المختلف عن الآخر، جاري وقريبي المسلم ومعلمي وابنه الفرنسي-المسيحي، ناهيك عن كل الذين يأتون القرية يوم سوقها ولا تعرف من أين أتوا وإلى أين هم متجهون… ولكن، قبل أن أتبين الفوارق التي تجمعني بالآخر حتى أكون، كان علي أن أكون في الكون، أن أعرف موقعي في خارطته وأعرف موقع المكان الذي أنا منه في هذا العمق الخيالي… مهمة ذلك أوكلت إلى نساء العائلة وبالخصوص إلى جدتي التي بعد تأدية صلاة العشاء، في الصيف حينما لا نسمة تهب ولا نسمع لليل أنفاسه إلا نباح الكلاب المختلف النبرات والإيقاع وأصوات الضفادع الخشنة الآتية من الوادي البعيد وأزيز صرار الليل الحاد المختفية بين أحجار الجدران العارية، كل ذلك في جوقة طبيعية قد يغار من تناسقها أصحاب الموسيقى المجسدة مثل «بيار هنري» أو «يانيس كزيناكيس»… كانت جدتي «شيخة» تصنع لنا خيمة مستعينة بشريط نشر الغسيل وبـ»حوليها» الخمري… وقبل أن نستسلم للنوم وقد لعبنا ما فيه أكثر من الكفاية، كنا نناجي سماء صافية حقا ومرصعة بباقة من النجوم المتلألئة تغيب وتحضر كما لو كانت تحاورنا دون سوانا… ونحن مستلقين على ظهورنا يخدرنا خرير القطة الممتدة بيننا، نتبين المجرة كخط استوائي تخترقه مرارا نيازك تترك وراءها ذيولا طويلة نتتبعها إلى أن تضمحل بالكامل ويعم السواد مضيفا للبدر بريقه الذي يحرك فينا بهجة ممزوجة بالوجل… ونحن على هذا النحو، نطلب من جدتنا أن تقص علينا للمرة الألف ما في السماء، فتتحدث بعد البسملة قائلة أن المجرة ما هي إلا «طريق» يسلكه التبانة وهم جماعة لم تحددهم يوما ولم نسألها في ذلك – يسوقون حميرا تحمل أكياس التبن للثور الذي يحمل على أحد قرنيه الأرض وهو ثابت على سمكة والسمكة في البحر… وحينما يتعب الثور من ثقل الأرض على أحد قرنيه، يبدل قرنا بقرن… وهكذا يقع الزلزال… ما ترونه هو طريق التبانة ولو نظرتم مليا إليها لوجدتم الحمير تتحرك حيث يوجد الثور… الحمير والتبن والثور نعرفهم لجهة موسم الحصاد… أما الأرض، فهي كروية كما نعرفها بالمدرسة وبها اليابسة والبحار… وتبدأ الأسئلة اعتمادا على ما كان مزخرفا به فصلنا من خرائط للقارات وكرة أرضية. كيف يمكن للثور أن يحمل الأرض وهو على سمكة في البحر الذي هو من الأرض؟ أسئلة سرعان ما يوقفها مهرجان الألعاب النارية التي تمثله باقة النيازك وهي، كما حكت جدتي، سلم من الأبالسة والشياطين الذين يتسلقون أكتاف بعضهم البعض للاقتراب من عرش الملكوت ليسترقوا السمع إلى كلام الله. يتفطن إليهم جل جلاله، فيمسك بيمينه جمرة من جهنم ويرميهم بها، فيتهاوى السلم ويتبعثر ويتلاشى… ويعاد السلم مرة وأخرى وثالثة وكان الشياطين مصرة على اختلاس كلام الله… ويبقى البدر، نلك المرأة التي في طريقها إلى الحج، لم تجد من سائل إلا الحليب لتنظف ابنها من برازه، فمسخها العزيز القدير وشنقها من شفري عينيها… وهو الأمر نفسه الذي وقع مع امرأة أخرى مسخها الله لقلقا، وما حدث للحمام فأصبح غرابا… وتكتشف أن العالم القروي المحيط بك يعيش به أناس آخرون لا تعرفهم… والدتك، ورنة خلخالها تستبقها، تبعث إليهم في أركان الغرفة الأربعة بفتاة الأكل حتى يقتاتوا، فتجري القطة لالتهامها وتتخاصم في ذلك مع الكلب الذي أجبرت يوما ما على ربطه بموثق في الخلاء الخالي لا لسبب إلا لأنه بدا «يعوي للموت»… ولو كانت الماعز والبقرة والبطة والأرانب قريبة من الأركان السبعة، لساهمت كلها في المأدبة الملائكية… وليست الحيوانات الأهلة محل شخصية، بل لأخرى مكانة مؤثرة في حياتك القروية… كنت لا تبرح الفراش إلا بعد أن تفتح جدتك الباب للسّنونو (الخطّيفة) حتى تصبّح على الملائكة وتأتي بما يسّر لها الله من ذباب وحشرات، فتأتي بها لصغارها الذين يترقبونها بصراخ وهزيع ومن منهم من الأشقياء من يبعث بذرقه عليك، فقد يسقط على صفحة وجهك ولن تتأفف، فتلك منة من السماء ليكون يومك سعيدا… وأن أمسكت بأحدهم، فأمسح عليه بزيت الزيتون تبركا بما كان يفعل الرسول الكريم كما يقول عامة سكان القرية… كذلك، الثعابين السود التي كانت مخبأة بين التبن واللوح والقرميد، فقد تتدلى أو تنتقل من جهة لأخرى، فليس لك أن تخاف، فذلك ملك من ملوك الدنيا الأخرى الذي لن يمسك بسوء… وينسحب كل ذلك على كل مكونات الحياة اليومية في تلك القرية قبل أن تضيء الشوارع الفوانيس الكهربائية، فتحل أول سيارة فتتبعها الأخريات، يأتي المذياع فينشغل الناس به إلى أن تأتي التلفزة… حينها، قد تتراجع الخرافة تراجعا مميتا، فلم يعد للصبايا السبع مكانا ولا للغولة مرفأ ولا لعظام الكلب قبرا ولا للجازية الهلالية قولا ولا لعبد الصمد حكمة ولا لعنترة كرا… حتى جحا، فقد مسحة السخرية… الخرافة قول وخطاب عن رؤية للعالم، الإنسان فاعل فيها فأصبحت مكونا من هويته… من يحمل التبن للثور، من شنقت من رموش عينيها أو مسخت لقلقا، من يفتح الباب للخطيفة قبل فتحه لبني آدم؟ أليس الإنسان الذي يعيش على طبيعته حيث الخرافة هي الصيغة الأمثل لوضع الإنسان مكانه المركزي… فالخرافة هنا بتصورها للعالم ولمتساكنيه من إنس وجن، من حيوانات عاقلة وأخرى «هايشة بكمة»، من خير وشر، من اختزال للتاريخ دون ميز بين هذه الفترة أو تلك، بين هذا المعتقد أو ذاك، هي أحدى مفردات الهوية التي ما زالت ولم تمح ما دام لم يوجد من يبعدها عنوة عن دائرة الانتماء الفطري تحت تهمة الخروج عن الخط… وللحديث بقية.

 

خميس الخياطي إعلامي تونسي (المصدر: صحيفة « الصباح »(يومية – تونس) بتاريخ 23 جويلية 2010)


أبناء السحاب: أبناء الجيل الجديد قراءة في رواية « أبناء السحاب » لمحمد الجابلّي


بقلم: صالح مصباح   1- في خبر الرواية:   يحكي محمد الجابلي في روايته التي أصدرها سنة 2010 بتونس، أن أحدهم من سكان تونس العاصمة الوافدين إليها من بوادي الدواخل، قد بلغ الكهولة على أيامنا هذه من سنة 2010 أو نحوها. هو رجل لا شيء يميزه عن غيره من ناحية، ومن ناحية هو على قدر من التميز الأنموذجي به يجري مجرى العلامة الدالة على جيل كامل. هو مدرس ومهنته هذه ليست من نوادر المهن، هو بن تونس العاصمة، شابا وكهلا ومنحدر من الأرياف التي فيها أمضى الطفولة وصدر الشباب، وهذا ما لا تفرُد فيه، إسمه « الهادي »، وهو إسم رائج يخيم عليه هدوء سيمولوجي. فلا هو من دائرة « وسيم » العلميّة: الشاب المنتمي إلى أسرة أحد الأثرياء الجدد، ولا هو من دائرة الشيخ « عم أحمد » الذي يلائم إسمه سنه وعمله منظفا في مقر حزب سياسي. « الهادي » في مراسم الإفادة العلمية وسط، ووسط هو في سلم المعاش والتحصيل الجامعي، تسود جدول معالمه المبهمات، من الطول أو القصر، السمرة أو البياض، البدانة أو النحافة، لا يحمل أمارات تُعاضدها أخرى، دقيقة تشكل له معها خصالا بها يكون هو ولا يكون أحدا سواه. إنه من أبناء الزحام، ومن أجسام تكوينه المشابهة، لقد قضت مشيئة خالقه الروائي « محمد الجابلي » أن يكون هذا الهادي أي أحد في متن « أبناء السحاب ». لكن المبهمات ترافقها فيه خصال مُفصحات، تجريه هذه وتلك جميعا على أقيسة الأنموذج به يستوي دلالة على نظائر له في زحام الأجيال. هو من جيل شبّ قبل نحو عقود ثلاثة، نهل من مشارب الثقافات المستنيرة، وحمل عقيدة سياسية تقدمية، نحتت فيه صرامة الثبات على الرأي، واستقامة أخلاقية ونقاء فكريا، لا تطوح بهما المغريات وإن حاصرته بها تبدلات الزمن، ساقه القدر الروائي الى « قمر »، أو ساقها إليه، كان شابا مسكونا بالقيم النيرة، وكانت فتاة حضرية مشرقة الأنوثة: خجولة متزنة، كانت على مقاس تقدميته ورواسب البوادي فيه، كانت تحمل بذور ذكاء كامن، وغموض يغشيه الخجل، يستر استعدادا للتأقلم مع دواعي الطموح الذي لا تنغص تناميه كوابح القيم…تزوجا في أوائل تسعينات القرن الماضي أو قبل ذلك بقليل، رُزقا إبنا وبنتا سماهما الهادي:  » فرات ودجلة »، تسمية يطل منها الفصل الأول من الكارثة التي حلت بالعراق. سعى « الهادي » إلى أن يصرف زوجه « قمر » على الإنطواء في الخجل، فتترقى الى مراتب المرأة العصرية الحاملة لذائقة فنية ورصيد فكري تنفتح بهما لحركة المجتمع وكبريات قضاياه. انخرطت في ذلك واستحسنت أولى الخطى فاستسرعت الثواني والثوالث فغالت. وبسرعة حادت عن المقاصد التي ارتضاها لها زوجها، فانقدت سيدة أعمال منشدة الى كسب المال بكل ضروب التكيّف والتملق، ثم عقدت العزم على أن تخوض في السياسة يزكو لها بها طموحها الغالي. كلما قطعت في نهجها المالي فالسياسي هذا شوطا، توسعت الهوة بينها وبين زوجها. وكان الطلاق. أما إبناهما فقد انقسم بينهما مزاجاهما. امتدت في « فرات » بعض خصال أبيه امتدادا به تعثرت صلته بأمه وتأزمت صلته بشقيقته، ولاءمت « دجلة » والدتها فلانت لقيمها فأضحت فتاة ترتدي عصري الثياب، وتحيا على تواقيع الحياة الجديدة التي اشتدّ إليها، بشطط وتسرع، جيلها الناشئ في أحياء الأثرياء الجدد الراقية. صادفت دجلة « وسيم » التاجر ابن عبدالواحد التاجر الثري، استثمر الشاب صلته بالفتاة، فصيّرها موزعة له في معهدها لإحدى بضائعه، الحبوب المخدرة، وانهار صرح « الهادي » الأسري: ابنته محل تتبع في ترويج المخدرات وابنه مسجون بتهمة التعنيف لمن غرر بشقيقته، فضلا على وصلة له غامضة بجماعة « سليمان » المسلحة بالرصاص والإسلام السياسي، واقتحم « الهادي » منزل عبدالواحد فتلقى من أحد خدمه ضربة على مؤخرة الرأس دفعته الى العناية المركزة، فإلى فقدان الذاكرة، ولا عقاب للجاني الذي تحصن بالنفوذ المسنود بذريعة التهجم على محل السكن، وانتهى المطاف بالهادي الى منزل الآباء بالبادية مستلقيا يتطلع الى حركة السحب يلتهم بعضها بعضا، والى أسراب الغرانيق يقودها « زميم لا يتبدل ». وهكذا انقطع عن الأرض ومن عليها وأضحى من أبناء السحاب.   2- في تركيب الخطاب:   « الخطاب »، تدبير فني لصوغ الخبر، ارتضى له صانعه « محمد الجابلي » أضربا من الإجراءات المبتكرة، من ذلك أن « أبناء السحاب » تؤلفها بالتناوب الإستتباعي فصول ستة وأصداء ستة.  أما الفصول فمن صميم النسيج القصصي ومن حلق تشكُله. وأما الأصداء العاقبة لها فتراجيع لمحمولاتها مشدودة الى التجريد. ومن أحوال التجريد ذاك تكثيف مُستخلص من الفكر الإجتماعي هو عبارة عن فصل من مقدمة بن خلدون، ومن أحواله كذلك، تكثيف إنشائي مطبوع بشعرية من صنع الكاتب نفسه، أفليس الفن الروائي إلا مراجع اجتماعية يعيد خلقها روائي بذائقة شاعر ؟؟ لا بل لعل حدس الناقد لدى « الجابلي » قد صرفه الى خالص الشعر، فاستحضر منه في سدى الفصول والأصداء فقرا من شعر صديقنا  » فتحي النصري ». الأصداء في تركيبة المتن أصداء للفصول، فهي تالية لها فيه، لكن التسليم بهذه الوصلة الظاهرة قد لا يستقيم، فقد تكون الفصول أصداء للأصداء إذا جاز أن نطفة الرواية فكرة في الخاطر، قد تكون مُبهمة، يستنبط لها حاملها طريقة فنية، بها تنفذ الى متقبلها فتُعمل فيه تأثيرها. إن مراسم التقبل يخالف التراتُب فيها:التراتب الذي في مراسم الإنشاء، وقد يرجّح لعبة أن الفصول أصداء للأصداء خلو الفصول الستة من العناوين، بخلاف الأصداء الستة التي اصطفى لها الكاتب عناوين فصيحة الصوغ  » دارجته » هي في : « أن السعادة والكسب إنما يحصل غالبا لأهل الخضوع والتملق »، و »سدرة المنتهى » و » كل فولة ليها كيال وكل مهرة ليها خيال » و » النعجة إللي تطرف ياكلها الذيب »و  » إرخي روحك اتعوم » و » أبناء السحاب ». فلعل هذه العناوين مفاتيح مُكثفة الدلالة تختزل الأصداء مداخل الى الفصول أو هي تركيز للأصداء المنبثقة، وفق مرسم التّقبل، من الفصول. هي لعبة الصوت والصدى إذ يتبادلان المواقع. يشق هــذا التركيـب الخطــابي تركيــب لغـــوي فيه بدوره حد من المخادعة والتنـوع. فالأصداء التي صدرت بعضها عناوين من دارج الكلام – وإن دقت كثافته الدلالية-، ترقّّى في متنها فصيح الكلام، وحسن ولطف، وتوشى بأسطر من فصيح الشعر مُنتقاة. والفصول التي لا عناوين لها، اكتفت سياقاتها السردية بلغة لا صنعة فيها ولا تجويد، هي على الجملة لغة إخبارية وإن ظهر فيها بين الحين والآخر بعض خلافها، لا سيما في الحديث الذاتي الذي يعتمل في خاطر « الهادي » . أما الحوار فقد رسبت لغته في دارجة شوارعية سمجة عاضدت ما أراده الكاتب للشوارع من بؤس. وقد تصرف تلك الدارجة المتقبل عن التواطئ مع فن الخطاب إلى توهم واقعية الخبر واضمحلال الأدبية فيه. ويبدو هذا النهج في السبك اللغوي، خيارا إبداعيا إذا استأنسنا بأن الكاتب قد نزّل خبر روايته في أمكنة من تونس العاصمة مُحددة تحديدا وفيا للتصاميم البلدية، يمكن أن يتهدى به سعاة البريد وعدول التنفيذ وغيرهم ممن لهم في تلك الشوارع مآرب.   3- في أمكنة الأوغاد:   لئن اقترنت حركة الشخوص في الرواية ببعض ضواحي تونس، كالمنزه والمنار و »المروج الإسمنتية »، فإن الأصل في الحركة تلك اندراجها في دائرة وسط العاصمة، يتحرك الهادي ومن له بهم صلة بشارع الحبيب والباساج وحديقته ونهج روما وشارع الحرية ونهج الملاحة وباب سويقة ونهج ابن خلدون… ومقاهي باريس ولونيفار والروتوندة ومطعم المزار في نهج مرسيليا… هي أماكن حفظ لها النصّ ما لها من ملامح وتعالــق في أصل الوجـود، يؤمها قلـة -ممن رفق بهم قلم الكاتب-، وكثرة من الأوغاد والحثالة والخلائق:  فمن شابين يتحرشان بفتاة غرة تقود والدها الأعمى المسن، الى أمثالهما من رواد أزقة الليل يستخدمون – من وسطهم – بغيا، تجس أنباض المارة ليلا فتسلب من الهادي ولاعة يستتبعها أمر له منهم بالذهاب قبل أن يسوء مصيره، وباعة الملابس المستعملة في الباساج يكتسحون من الشارع ممرات الراجلين ويدفعونهم بالتي هي أفظ… وباعة على قارعة الطريق يلاحقهم رجال الأمن فيفرون بمغازاتهم المحمولة، وتدوس أقدامهم من يُلقي به حظه العاثر في طريق فرارهم الأرعن، ودُور للكتاب والصحافيين، هجرها الكتاب والصحافيون وقام مقامهم فيها أوغاد و »خلائق » أغرتهم باكتساحها أثمان خمورها التي توحي بأثمان السلع التي يدعمها صندوق التعويض،(وهذا من إسقاطنا على النص) وعمارات هرمة تنبعث منها روائح الرطوبة، وعجوز شمطاء غدرها زوجها فاستحوذ على أملاكها فسكنت مدرج إحدى العمارات التي كانت ذات يوم من أملاكها، وأزقة قذرة تعج بالقطط التي أغرت كثرتها »الهادي » باعتياد إحصائها وتتبع نموها الديمغرافي، وأصحاب محلات يمارسون– بلا رقيب – البيع المشروط، وحافلات مُعطلة تسدّ الطريق، وعمال ينزلون معلقات الحملة الإنتخابية ويبقون في الشوارع على أعمدتها و » أوتادها « … هذه بعض خصائص المكان التي انصاغت في النص مجالا لحركة « الهادي » على وجه الخصوص. وبهذه الخصائص تسوّى مكانا عدائيا مُنفّرا، قذرا، تعمره طائفة من الأوغاد وسقط المتاع كمُلت بهم بلاغة بؤسه، وقد أنشأت الرواية هذا البؤس إنشاء آنيا وأنموذجيا، فلا تدبر لطوارئ عليه صيرته كذلك ولا لأحوال يعلو فيها بؤسه أو يخفّ: هو بؤس مُحكم التكوين، قارّ، يومي، ليليّ. وفوق ذلك يشده فيه محكم توازنه، إذ يُبديه متعذر الإنزياح عما هو عليه. يذهب علماء السّرد إلى أن انبلاج أسباب القصّ عمادها اختلال التوازن الأصلي الحاكم لمراجع الخبر، لأن في استمرار التوازن ذاك – محفوظا – انتفاء لدواعي أن ينبعث القص. أما لحظة اختلال التوازن فلحظة انبعاث لما به يتخلق القص. وكلما استمر التوازن مفقودا مُختلا، استمرت للقص أسباب الحياة. ويُغذي تلك الأسباب مطلب الإستعادة للتوازن الأصلي أو الإرساخ لتوازن جديد يتأصل بدوره بالتقادم. وباستتباب أحد ضربيّْ التوازن ينضب غذاء الكلام القصصي المُباح ويكون الصمت. ولعـلّ الإخلال بالتوازن الحاكم للأمكنة وأهلها من حيث هي مراجع للخبر هو فعل إبداعي يُجريه الروائي فيُعيد خلقها بهزّ توازنها على مُقتضى خطته الجمالية، أو طريقته الفنية بعبارة « غوتة » المتصلة بهذا النّطاق. وإذ يصنع الروائي ذلك، يحوّل المراجع المتوازنة في أصل الوضع عن أحوالها غير الأدبية، أحوالها الجغرافية أو الإجتماعية أو التاريخية… إلى أخرى تُصيّرها إعادةُ الخلق عناصر بها ينتج الأدب، وعلى ذلك ينزاح التاريخ وينخلق الأدب، فتفقد الأمكنة حقائقها الاجتماعية غير الادبية، فتصبح علامات جمالية تدور على نظام خلقها الادبي الجديد، هامسة مع  ذلك بمادة تكوينها الكامنة في أصول مراجعها -غير الادبية- مراجعها الفعلية أو المفترضة بالتواطيء الذي تقتضيه قراءة الادب الروائي أو ربما قراءة سائر ضروب الأدب. لكن الروائي « الجابلي » قد توخى في  » أبناء السحاب  » نهجا مُغايرا توعّرت به خطى انشاء نصه. فقد اجتزأ من المكان زواياه البائسة ومن أهله أرهاط أوغاده، فحفظ لهذا المكان تصميمه وخصاله التي طبعه بها أهله حفظا بدا فيه تَوازُنُه الاصلي غيرُ الأدبيّ توازنا مُحكما في الاجتماع الحضري بتونس العاصمة قارا فيه. فعلى مقتضى التواطيء مع النص تنزّل خبر الرّواية في مرجع مُحكم التوازان – على بؤسه – لم ينفخ فيه الروائي فتغلوَ فيه منازل البؤس غلوّا قد يختل به توازنه في أصل الوجود، ولم يُدخل عليه عنصرا طارئا يهتز به مُحكم توازنه، لتنشأ بهذا الاحتمال أو ذاك أسباب القص الأدبي المتعالي على الإخبار… لقد صاغ الروائي « ابناء السحاب » من وحي التوازن الاصلي الحاكم لأبناء الشوارع. لعل الأصل في هذا النهج، أن يوقع النص في كساد فني و بؤس جمالي لأنه يرده الى التاريخ غيرالادبي بطبعه، من جهة أن التوازن الحاصل في التاريخ يمتد في النص فيمتد معه فيه خلاف الأدب، ذلك أن أبعاد التاريخ لا تلين للادب الاصيل الجميل الا إذا انخلقت فيه على نحو جديد: نحو يُبعثر ما في التاريخ من توازن، فينشأ الأدب انشاء تصير به عناصر التاريخ علامات لغوية أو لونية أو مشهدية، يشد بعضها الى بعض نظام خلقها الجديد، إذ ينأى بتشكلها، كيانا علاميا فنيا عن أصل نظامها في المعاش و التاريخ. لكن « الجابلي » نأى عن هذا المآل بنصه بتوخيه فيه تدبيرين إثنين: أما التدبير الأول فهو آنتقاؤه البائس من خصائص المكان و الأوغاد من أهله تاركا -إلا نادرا- ما حسن من تلكم الخصال والعباد، فهي عديدة في عاصمتنا التي نعلم. وإذ أبقى ذلك البؤس المكاني والبشري على سابق توازنه، فقد آستقام له في روايته أن المكان ببؤسه وبأوغاده الصائغين لتوازنه -الذي هوعليه- إنما هو مشدود بتوازن أصلي غير أصيل و غير سوي. ولما كان كذلك، كان مدعاة للنزوع الى توازن جديد مطلوب، فبحدس المبدع التقط الروائي ملامح توازن أصلي خاطئ غير أصيل- غيرسليم، ومن كونه أصليا غير سوي، أجراه على الاختلال الذي يقتضي توازنا جديدا أصيلا حسنا. فلئن لم ينقدح النص القصصي بجمالية اختلال التوازن، فقد انقدح وصارت له حياة بجمالية البؤس، وذلك بأن أقام الروائي مقام علاقات التوازن القائم – غير الأدبيّة -علاقات أخرى أدبية، علاقات لا تُغَيّّرُ، في مستوى الخبر، العناصرَ الواصلة بينها. وقد آستقام فنيا أن التوازن الجديد المطلوب لا يسير إليه منطق الخبر سيرا يضمن استمرار الخطاب وإنما يسير اليه الخبر والخطاب جميعا، لأن الخطاب  يوهم بأن الخبر ليس كامنا فيه وإنما هو كائن وراءه، وهو مجرد حامل له، إن التوازن المطلوب لا يكون في هذه الحال توازنا مُستعادا أو جديدا باستتبابه ينتهي حبل الكلام. إنما هو توازن جديد يبتدئ طلبه لحظة ينتهي حبل الكلام. ففي إنتهاء النصّ ابتداء لمقاصده وامتداد. وقد كرس الروائي هذا المنحى بآختتام روايته اختتاما منفتحا مقلقا حمّال أوجه وأسئلة. لقد تمرد النصّ على أحد المقرارت النظرية بهذا التدبير، فلم يرتدّ النصّ تأريخا رديئا غير أدبي إلى التاريخ ارتدادا ناسخا لجوهره الجمالي الممكن، و إنما استوى علامة جمالية مركبة تتجه روحا  ودلالة الى فن ارتآى صانعه أن يحمل قضايا وهواجس، قد لا نراها كما يراها وقد لا نرى الفن كما يراه. وأما التدبير الثاني فآيته أن الكاتب قد استعمل نهجا  » لوكاتشيا » مُعبدة مسالكه الابداعية. فلئن أبقى على توازن المكان فقد ضن به على البطل، فنحته مأازوما في المكان إذ يطحنه ببؤسه وتدهور قيمه، فيُخلَّ فيه بالتوازن الذي بينه وبين نفسه، وبينه وبين عالم المكان إخلالا يستحثه على طلب قيم أصيلة عساها توقر التوازن في مركزيْ صلته بذاته وصلته بوسطه المكاني والانساني. فبقدر ما بدا المكان مستقرا في بؤس توازنه المرضي بدا « الهادي » منقطع الرّوح عنه، فقيد التوازن فيه. ومن استمرار الاختلال ذاك تغذى النصّ بما به تنامى إلى منتهاه. لقد انتهت حياة النصّ بانهيار البطل، بعد أن أعياه في المكان وأهله، عائليا ومجتمعيا، مطلبُ التوازن الجديد الأصيل. وقد أحكم الرّوائي هـذه الوصلة إحكاما. فقد توقف حبل الخطاب بانتهاء الهادي الى توازن جديد أمَرَّ، أرسخته فيه « ضربة على أم الوعي » بالاختلال الأول، أفقدته الذاكرة من حيث هي محرك الوعي ذاك. ومثلما انتهى المكان في النص الى حفظ أصليّ توازنه، بائسه، حفظا يومئ الى مطلب التوازن الجديد، البديل، انتهى البطل الى توازن مرضي بائس ليس له الا أن ينفتح لمطلب التوازن البديل. إن آية هذا التوازن البديل، أن « يرخي البطل روحه » فيحقق  » العوم  » المتوازن لا على وجه التنازل للبؤس وإنما على سبيل استبدال الماء العكر بآخر نقي. ومن مراسم هذا التوازن، مُصادقة للمكان وأهله برأس سليم وذاكرة حية، وليس برأس مضروب وذاكرة شريدة، و بجسم ضارب في المكان فاعل نشيط، وليس جسما ملقى في فضاء البادية والطفولة تعمل فيه ذاكرة استثنى منها إمحاؤها سجلات الطفولة والبادية المدونة قبل عقود البؤس بين أوغاد المدينة، وتعتمل فيه عينان تنظران رأاسا الى السحاب وأسراب الغرانيق… لقد استتب له توازن مُفجع يرشح بتوازن جديد مطلوب.   4- في سيميولوجيا الأسماء:    » الإسم العلم أمير العلامات ». هذا بعض ما عرف به هذا اللون من الاسماء « بارط » في المغامرة السيميوجية، وفي هذا التعريف اكتناز وثراء لأن علوية الاسم العلم تكمن في إحالاته على مراجع ثقافية وتاريخية و لغوية الخ… تدرك بها افاداته منزلة الأمارة الدلالية. وقد يكون لتدبر الاسماء الاعلام في « أبناء السحاب »، من هذا المنظور، بعض الوجاهة لأن « الجابلي » اصطفى لشخوصه أسماء تجري مجرى العلامات الحمّالة لأوجه من الدلالات. لكن تمام الاطمئنان إلى هذا الاجراء لا يبدو جائزا، لأن إمارة الاسم العلم لدى « بارط » مفتاح دلالته الاجتماع والتاريخ في آخر الأمر، على مُقتضى الوصلة بين العلامة ومدلولها أو مرجعها، لأن هذا المفكر لا يقيم كبير وزن للفرق بين المفهومين. إنما الأسماء الأعلام في « ابناء السحاب » ضربان: ضرب تحكم وظيفَتَه السيميولوجية العلميّة ُالخالصة، وضرب تتركبُ فيه بالرمز العلمية ُعلى العلمية. فبقدر ما يوضع « الهادي » في خانة الضرب الأول، يوضع »فرات » في خانة الضرب الثاني، وفي الحالين، تنبثق الأسماء الأعلام- سيميولوجيا- من النص الروائي وإليه تعود وفي نسيجه تحيا وتموت. إلا أن هذا النص الذي تضمن أعلاما ورموزا، إنما هو علامة مُوحدة مركبة، قائمة برأسها، فضلا على كونه علامة حاملة لعنوان، أي لإسم ذي اختصاص »علمي » محكوم بأعراف اختصاص »الخلائق النصية » بأسمائها.لا فـكاك، والحال هذه، من تدبر سيميولوجيا الأسماء في هذه الرواية على هذا النحو المزدوج ، تدبر الأسماء الأعلام ضمن نظام النص الإشاري والعلامي وتدبرها باعتبارها عناصر تؤلف علامة نصية موحدة، فيها ما فيها من تراكب رمزي يشدها الى مراجع تختص بها… « الهادي » على ما ذكرنا علامة علمية تفصح عن هدوء سيميولوجي واعتدال، هو كذلك في الجذر اللغوي وفي الميزان الصرفي وفي التعريف بالألف واللام، هو إسم من عموم الأسماء الرائجة المعروفة، لا غرابة فيه تأسره في زاوية دلالية دون سواها. وفي توزّع الأسماء الأعلام على الأجيال هو وسط. وهو بالغ من العمر أوسطه، ووسط هو في منازل الكسب ومراتب التحصيل، لكن وسطيته هذه ينازع فيها التطرف منازعة كليمة مأتاها من قصوره عن اعتدال به يلائم وسطه:  فكلما اعتدل وتوسط تنبه إلى أنه حائز الطرف، يقول الهادي مخاطبا نفسه: – » كم من مرة قادك الحرص الى الوقوف في الوسط لكنك تجد نفسك في الأقاصي، خارج الصورة، وفي غفلة منك يزول الواقفون على يسارك… فتنزاح دون إرادة منك ودون شعور تنزاح من الوسط الى اليسار بل الى أقصاه، كلما احتميت بالوسط تطرفت، ليتوسط الآخرون. » لكأن التوسط الذي إليه تنشدّ أحواله، وضع محال التوقر فيه، لأنه وضع كلما ركن إليه أقصته عنه التحولات وحركة الآخرين في الزّحام الذي لا يقرّ فيه لأولئك الآخرين قرار. ولهذه المحنة التي تطبق آلامها على « الهادي » أصداء في الطفولة، سوابق لم يستخلص منها الدرس، درس « أن الشاة التي تتطرف يسهل على الذئب افتراسها »، كان ذلك، في حفل عرس بدوي حين طاش إليه بعض طلقة بارود، لقد أنبه أبوه وصفعه لأنه تطرف في وقفته ولم يتوسط الآخرين، ليصيب البارود بمنطق الإحتمالات غيره من الناس. إن مدار محنة « الهادي » على انقسامه الموجع بين دواعي « الوسطية  » وأحكام « التطرف »،  تقتضي الوسطية ضرورات أن يلائم وسطه وأن يتوسط فيه الكثرة، لكن تطلعه الى المثل العليا أحكم على الدوام صرفه إلى الأقاصي. ويتخذ هذا التردّد الذي ينتهي أبدا إلى الأطراف طابعا « عموديا ». فكلما تحسست أقدامه المواطيء في الأرض، انجذب الى الأعالي، إلى « السحاب ». أراد امرأة من الأرض لكنه أرادها « قمرا » تلائم فيه تطلعه إلى الأعالي تلك. ولما تمسكت بالأرض ومكثت في نسيج منافعها انفصل عنها ليستمر تردده النازع الى السحاب، المشدود بالذاكرة الى الأرض تلهب أقدامه، ولم يفز « بالخلاص » إلا بضربة يسددها له الوسط الأرضي، فتخلصه من الذاكرة الحاملة لذلك الوسط، ليكون من « أبناء السحاب ». ففي فاتحة التطلع الى جواهر القيم، تزوج الهادي « قمرا » هو ما بين السماء والأرض وهي « القمر » التي جذبتها الأرض الى أبواب منافعها. وبين « الأرض والسحاب » قصة إمطار لا يضمحلّ بالتباعد. وكان الإنجاب من دائرة « الجاعل كلّ شيء حيا »: « فرات ودجلة » ذكرا وأنثى يرمزان الى الخلق بالتكامل، ويحملان الماء الخلاق وصْلة بين الأرض والسماء أرادها الهادي من وحي أصداء الأوجاع في الأوطان. ففي سيميولوجيا الأسماء الأعلام تتراءى في الرواية « بلاد الرافدين » والفصل الأول من محنتها قبل عشريتين. فعلى « فرات ودجلة »، إسمين علمين، لشخصيتين تتراتب « علميّة  » النهرين عنوانا للعراق الذي بهما تتشكل بالإحالة عليه علميّيتُه بين الأمم. افترق « فرات ودجلة » في النصّ شقيقين يؤلفان كيانا أبويا واحدا، إليه ينتسبان، وعلى علميته تحيلهما علميتاهما: انشدّ الفتى الى الغلو الديني المنغلق، على ميله لوالده المستنير، اتصل منه برواسب البداوة والتقليد الكامنة في قاع التقدميّة، وأخذت الفتاة قيم الليبرالية السطحية الهدامة وانطبعت في دائرة والدتها ببريق الإستهلاك… هذه العلمية التي يشترك فيها ابنا الاسرة الواحدة وابنا العراق الواحد، انما تؤمن فيهما حبلَ الوصل بالنهرين علامة ٌ اسمية ٌ للبلد الواحد. لكن البلد الذي تسمى بالنهرين كيانا واحدا انقسم فيه النهران بانقسام وحدة البلد العلامية على مقتضى ما تومئ إليه سيميولوجيا الأسماء في النص، وسيميولوجيا النص في بعض زوايا تكوينه. تورط أحد النهرين – بعض العراق- في العمائم تطوّق الرؤوسَ ببؤس المذهبيّة والدين السياسي الرّاسب قديما في قاع تقدمية كانت قد بنت على أيّام « البعث » سلطة قوية طموحة لكنها لم تصنع قيم دولة، تلملم فيها عند الشدائد روحُ المواطنة كيَانَ الوطن… وتورط النهر الآخر – بعض العراق الآخر- في مدّ الرقاب لربطات العنق المجلولة من وراء البحار المقدودة من ذل الانقياد للقرصان الأكبر، المنسوجة من رداءة المفارقات يكسرها مسخ الليبرالية المستوردة. وتنعقد دلالة الدلالة هذه، على دلالة الإسمية العلمية في النص، فقد انجذب « فرات أبناء السحاب » إلى جماعة « سليمان » واستمرّ له مع بقاياهم – والعهدة على الراوي- خيط وصل يتابعه الأمن، أبقاه غامضا انطواء الفتى على نفسه. ويستحضر إسم  » الجماعة » المركب حادثة محددة، أطل منها بتونس- قبل نحو سنوات ثلاث- الإسلام السياسي المسلح بوجهه المرهب القبيح. وتنشئ علمية المكان المضاف إليه توسعة سيميولوجية قد ينفتح نطاقها  » لنبوّة » من العجائب، قد يمتدّ منها جسر الوصل بين حقل تلك الجماعة الدلالي –هنا- وحقل عمائم « الفرات » هناك . واستأنست « دجلة » بابن « عبدالواحد » التاجر بن العابد « لوحدانية المال » استئناسا يسّرته صلة والدتها بوالده، وفي الصلتين أجيال من الترقّي الإجتماعي تتعاقب وتصّاهر…أما الأم « قمر » فقد لمّح النص الى انغراسها في أوحال الأرض: فازت من « عبدالواحد » بشدّ الأزر والإسناد النافذ، وفاز منها بأقدم ما به تُرضي إمرأة رجلا، فلا فضل بدون فضل، وفق (القاعدة الحديدية) بعبارة « ألان » ولاسيما إذا كانت قيم الطرفين الإستثمار والتجارة. وأما ابنتها »دجلة » فقد حولها « وسيم » الذي صادقت، مسلكا لتوزيع المخدرات في معهدها، فعلى مقتضى قيم الثراء الجديد، ينسخ الربح الحبّ ويعلو على أنقاضه… إن « دجلة التونسية » –حسب دفتر الولادات الروائي- هي الوجه المشوه الآخر المكمل لوجه »جماعة سليمان »و »عمامة فرات »، هي إذا، حمّالة أوْجه، من عصر المال والإستهلاك وقيمه الليبرالية الزائفة، وهي موصولة، وفْق سيميولوجيا العلمية، بأحد رافديْ العراق، بالشق الآخر فيه، الشق الأمريكي الوافد على البلد بليبرالية « الصدمة ». وينهار » الهادي » بصدمة تصيب الرأس، يسدّدها له أحد خدم « عبدالواحد » بإشارة من سيده، لا مشكل للهادي مع هذا الخادم، إذ لا مشكل للطبقة الوسطى مع الدنيا، لا ، بل كثيرا ما حملت تلك هموم هذه، لكن الطبقة العليا يستتبّ لها الأمن والحماية بضربها إحدى الطبقتين بالأخرى: هي اللعبة التي تتكرّر دائما. إن « أبناء السحاب » هم أبناء جيل تونسي  تطلّع يوما الى قيم إنسانية ومجتمعية جديدة، هذا الجيل هو اليوم في سن الكهولة، تراخت عزائمه، وخرّت قواه، وتعددت خيباته وهزائم أمّته الموسّعة، لم يُفلح في أن ينغرس في وسطه فاعلا خلاّقا، ولم ينشئ مشاريع قيمه على نواقض التقادم الراسبة في أعماقه: ذهبت أحلامه سُدى في تغريبة الشباب وخمول فورته. إنه جيل لعين، خائب، حالم، مُغترّ، مُتناقض، لم يُتح له زمانه مكانا في نسيجه، لأنه لم يفز بالإستطاعة إلى ذلك سبيلا. لا بل لعله جيل مذنب في حقّ مجتمعه وفي حقّ لحظة من مساره لم يستثمر ماكان كامنا فيها من جليل الإحتمالات، وفي حقّ القيم الحداثية التي حملها، بطفولية رأسه الصاخب، فقصّر حتى عن تمرير قدر مما عج به رأسه من القيم الفكرية والجمالية للأجيال الشبابية الراهنة التي هي في »أبناء السحاب » إما على مقاس »عمامة فرات » وإما على مقاس « دجين دجلة »، وفوق ذلك أضحت « وسطية » العقل النقدي الخلاق- بروح النسبية والإحتراز الناضج- مُهمة تضطلع بها اليوم السلطة السياسية التي كان هذا الجيل قد أفنى الجهد في معاداة سابق حلقها، قبل أكثر من عقود ثلاثة: معاداة عمياء، ما كان لها إلا أن تنتهي به الى التيه، ككل الخائبين في الأرض من « أبناء السحاب ».   5- في رواية « أبناء السحاب »:   أهم ما أغرانا بالنظر في رواية محمد الجابلي هذه مبحثان، صرف نظرنا عنهما ضيق المجال، هما « حركة النص » و »ألوان التداعي »، على أن ما تقدم يمكن أن نستند إليه لإبداء بعض الملاحظات: هي بلا جدال رواية جلابة لقضايا جمالية وفكرية شتى، من ذلك أن نصها منسوج من ألوان خطابية شتّى، بعضها سردي وبعضها بخلافه. أما السرديّ، – من تلك الألوان – ففيه الكثير ممّا أقرّته سنن السرد الرّوائي- إذا كان لهذا السرد سنن- وفيه من مظاهر السرد الخرافي الجاري على السجايا ما لا يُنكرُ. فقد ختم نصّ الرواية مغلاق جاهز متواتر في خواتيم الخرافات الشعبية التي أسْمعتْناها جداتنا، قبل أن تصبح الجدات من لابسات السراويل التي » تذهب فيها الأذرع » بعبارة الهمذاني ونص المغلاق هذا: – » خرافتنا هابا هابا، وتتعدّى كالسحابة، وكل عام يجينا صابا ». ولئن نزل الروائي شخوصه في الفضاء الحضري، فإن ضروبا من التداعي قد استحضرت في خاطر البطل البادية والفروسية والزراعة وحتى أمثال الرعاة من خلال عنوان  » الصدى الرابع ». أفي ذلك نص روائي يبحث عبثا عن وظيفة ترجمان جمالي لمجتمع بورجوازي قيل قديما أن الرواية ملحمته ؟ هل القعود عن هذا الطور عائد الى النصّ الذي لم ينقطع في نسيجه الرّعي والفروسية والبوادي؟ أم هل هو عائد إلى وسط حضري ذي أحوال بورجوازية لا تعبّر عن طور بلغه تمام المجتمع ؟؟؟ ألم ير « الهادي » نفسه -إذ حذفت فيه « شابة » بعض كهولة-، صدى لجده الفارس الشيخ الذي جازف بترويض مهرة جموح؟؟ في الصنعة الروائية في « أبناء السحاب » أصداء مُوفقة من سُنن هذا الجنس الأدبي المتواترة، فمن توغل في أعماق » الهادي » مثقفا من الطقة الوسطى، يُطل « نجيب محفوظ »، ومن وصف التفاصيل يطل « بلزاك »، ومن قصور البطل يُطل « بيتور » و »غرييه » وغيرهما من أعلام الرواية الجديدة الفرنسية – رواية اللابطولة-، ومن النفاذ الى تفاصيل الريف تُطل يوميات »الحكيم »، ومن فروسية عجيبة – وإن لم تخب-  يُطل « دون كيشوت لسرفانتس »، ومن رحلة البطل مع الفعل يُطل « المسعدي »، ومن رصد التحولات المجتمعية يُطل « عبدالرحمان منيف »، ومن دارجة البوادي يُطل « الشرقاوي »، ومن الهاجس السياسي مبثوثا متفرقا يطل « جبرا والقعيد »، ومن بعض بذاءة يطل « الزفزاف وشكري »، ومن استخدام خطي الزمن السردي، استخداما غالبا، تطل « وليمة حيدر » الرائعة… لكن هذه الأصداء الروائية في نص « الجابلي » يشقها الشعر حديثه وقديمه، ويبدو الشعر موصولا بالنص وصلا كأن يكون فيه صدى أو إظهارا لمفارقة، أو عامل تحريك لنموّ النص: ألا يبدو الشعر على مقتضى وظائفه هذه، جنسا أدبيا يُنازع آخر في التخلّق من ثقافة مجتمع ؟؟ ألا يردنا هذا الى قضيّة الجنس الروائي من حيث هو لون أدبي تعلق ظهوره بالطور البورجوازي؟ إن الشعر من أقدم الأجناس الأدبية ومن أكثرها تعلقا « بالمجتمعات القديمة » وبثقافاتها، لقد نشأ الشعر في أحضان الأديان ودور العبادة وألوان السحر قبل أن ينفصل عن كل ذلك ليلائم الملاحم والفروسية والقبلية… ألا تنبئ أدبية هذه الرّواية عن طور ثقافي أو مجتمعي يهم بالحداثة البورجوازية من دون أن يدركها تمام الإدراك ؟؟؟؟ في كل الأحوال، وفي باب التأويل، أظهر النص أن لكاتبه حسابات في عموم هذا الشأن، لوى في سبيل إبدائها أذرع الفن ليّا، فتقرب من « المقررات الخالصة »: عرض لجماعة « دمرتنا المدينة » -جماعة من خارج النص-، يعلم أهل تونس الثقافية على من تعود، فقرر أنهم « دمروا المدينة ووقفوا على أطلالها » وعلى ما نعلم لا نرى دمارا في هذه الجهة أو تلك، وعرض الرّوائيّ لأوتاد الحملة الإنتخابية الباقية من بقايا « الفرح الدائم ». فأما الأوتاد، وهي من سجل الخيام، فلا نعلم أن خياما حزبية قد ضُربت. وأما الفرح الدائم فلسنا نرى منغصات له سياسية كبرى أو أحوالا من التعاسة متصلة. وردد الكاتب » شارع الحبيب » ضانا عليه باللقب، ولا نخال « بورقيبة » الذي عارضناه وآوتنا – لفترات محدودة – سجونه، إلا زعيما جديرا بالذكر المحترم، ومن هذا الشارع صفى الراوي حسابا مع « ساعته » فكرر التنصيص على عطالتها تكرارا أراد به على الأرجح أن تكون رمزا « لعهد »، قد تتعطل فيه الساعة، وهي مجرد معلم في شارع، لكن « العهد » لا نرى في وعيه بالزمن عطالة. وعرض لشارع الحرية، شارعا « تُطلب فيه الحرية »، ولعل نشر الكاتب روايته هذه، هو عبارة صريحة على أن الحرية أصل في البلاد، لاسيما أن إجراء الإيداع القانوني قد زال في مجال الصحافة وأضحى في مجال الكتب مجرد إجراء إداري توثيقي، وهذا ما لم يبخل الكاتب نفسه- خارج روايته- بالثناء عليه. وأخيرا أسعدنا إصدار « محمد الجابلي » لهذه الرواية المالكة فعلا لأهلية القراءة والدرس، وهي نص ليس له إلا أن يغني أدبنا التونسي الروائي الذي نراه نشيطا ثريا متنوع التجارب الفنية والمشارب الجمالية. صالح مصباح /تونس 15/04/2010  


ومضة إشهاريّة هل تدرك معنى أن تسعى الى خوصصة شاطئ؟


لو جرّبتَ أن تذهبَ الى الشاطئ ذات يوم من أيام الشتاء القارسة، تتأمّل في هذا الملكوت العظيم تتدافع أمواجه مذكّرةً الانسان بصغاره وضآلته… هل فعلت؟ لو جرّبت أن تسبح في البحر ذات جانفي أو فيفري، تنظر فإذا أنت وحدك في هذا الوَسَعوت الرَّحَبوت الأزرق الى خضرة، الأخضر الى زرقة، الأزرق الى سواد، من العيون ما يجمُل فلا تدرك بالضبط لها لونا…السحر يصبح لونا ، والبحر لونه ساحر،تحس بجاذبٍ يجذبك اليه فلا تستطيع هجره، وكأنما يحس هو بذلك منك فيرفُق بك وتلطُف برودته عليك، ويضمّك ويهدهدك ويناغيك…هل أحسست؟ لو حدث أن قضّيتُ الأويقاتِ الطوالَ سائحا غوصا لا ترى تحت ناظريك ومنظار سباحتك الاّ ذلك الكونَ الخلاّب من الكائنات البحريّة تنساب رقيقا حواليك، خلفك، أمامك، تحتك، فوقك، تلامسك وتدغدغ ناعمة أطرافا من أطرافك، كونٌ آخر له خارطته الأخرى، عناوينه الخاصّة، أنهجه، أزقّته، سكّانه …تعودُ يوما آخر فترى نفس السمكة، هي، نعم هي نفسها، كأنما لها بطاقة هويّتها وعلامة معرّفها ، تتعرّف أنت عليها وتتعرّف هي عليك وتنشأ بينك أنت الرّجل وبينها هي السمكة عِشرة وأُلفة واستئناس… تتسمّك أنت فتستحيل مثلها وتتأنسن هي فتصبح أختا لك، وتتماهيان…هل حدث؟ لو صادف أن ذقت غصرات الشَّرَق في البحر وانقطعت أنفاسك ورأيت موتك هناك، وقبرك هناك ، ونقمت على هذا البحر المارد يحبّ أن يختطفك أُكلا لأغواره ولُجَجِه ثمّ اطمأنّت أنفاسك ونجوت، فإذا بك تعود من الغد ويعود الغول المارد حبيبا لك…هل نملك أن نكره البحر حتى وهو يتهدّدنا؟ هل صادف؟ لو اتّفق أن كان لك قريب، أخ، والد، معرفة ما، خرج الى البحر غائصا أو راكبا ظهر قارب صغير أو سفينة كبيرة ولم يعد، ولم يعثر حتّى على جثّته…تظلّ لأيام وأسابيع تسبح وتتخوّف في كلّ لحظة أن يخرج لك جسم تحلّل، جُثّة حبيب مفقود، كم أحبّةً افتقدناهم هناك ولكننا لا نستطيع الاّ مزيد التعلّق بهذا الـ : » أزرق  » العظيم رَحِما ننشأ فيه وحَشًا ننمو داخله وقبرا نؤول أحيانا اليه، قدرا نسكنه ويسكننا …هل اتفق؟ لو فعلتَ ولو أحسستَ ولو حدثَ ولو صادفَ ولو اتّفقَ لما جرؤتَ على أن تفكّر يوما في خوصصة هذا الذي لا يمكن أن يُخوصَصَ فقط لأنه بحر، فقط لأنّه ملك عامّ للناس أجمعين… أن تسعى الى امتلاكه وحدك معناه أنّك تقطّع أوصاله، هل يستطيع الواحد منّا أن يقطّع أوصال أمّه التي ولدته الاّ أن يكون مريضا، مجنونا، مهووسا، مختلاّ…أن تفكّر في امتلاك البحر معناه أنك كلّ هذا معا: مريض، مجنون، مهووس، مختلّ… أن تفكّر في امتلاك البحر معناه أنك تحبّ أن تمحو ذاكرتنا، أن تسرق مناّ طفولتنا، أن تحبس عناّ أنفاسنا ، أن تنتزع مناّ أبصارنا، أن تقتلنا…أن تقتلنا…أن تقتلنا، وهذا إجرام في كلّ الأعراف والقوانين… سنعرف كيف ندافع عن بحرنا، طفولتنا، أنفاسنا، أبصارنا… و ستعرف الرمال، ستعرف الصّخور، ستعرف الأمواج، ستعرف المياه، سيعرف البحر، بحكمته، كيف يدافع عن امتداده المطلق و عن إطلاقه الممتدّ. فوزي القصيبي يتيم المنصورة


وقائع غريبة ودلالات أكيدة


بقلم: جيلاني العبدلي                                                            أعوام عديدة تهالكت تباعا دون أن تنجح في محو واقعتين ظلتا ماثلتين أمام ناظريّ في سائر الأيام، الأولى أنّ أحدهم كان قد جاء في زيارة معتادة لشقيق له يقطن حارة من حارات الجهة، وكعادته ما إن وصل حتى ترك دراجته النارية خارج المنزل، ثم دخل فهش له أهل الدار وبشوا، وقدموا له مما لذ لديهم وطاب.  وبعد إنهاء الزيارة ودع أفراد العائلة وغادر المنزل.  وما كاد يتجاوز عتبة الباب الخارجي حتى لمح من بُعد ابن شقيقه يركب دراجته دون إذن منه، ويتفنن في سياقتها، فاستشاط غضبا ورماه من بعيد بحجر، فوقع الحجر من سوء الحظ على رأس الطفل، وهوى على الأرض يتلوى، فأدركه يفحصه.  ولما لم يتفطن له أي من سكان الحارة حمله بين يديه، ووضعه أمامه على الدراجة، وانطلق به إلى إحدى القرى على بعد بضع كيلومترات حيث يقطن شقيق ثان له، لينظر في إمكانية علاجه قبل أن يتفطن أهله للحادثة. ولم يمض وقت قصير على وصوله إلى منزل شقيقه حتى لفظ المسكين أنفاسه.  أحس العم القاتل بورطته، واستبدت به الحيرة في مواراة سوءته، فبحث الأمر مع شقيقه في القرية بعيدا عن الأضواء بكل تكتم وسرية، واهتديا إلى تخطيط شيطاني تقشعر له الأبدان وتهتز له الأكوان.  اتفقا الشقيقان على مواراة الجريمة بتفكيك جمجمة القتيل ابن الشقيق، ونزع عينيه السوداوين من رأسه ودفنهما في التراب، ثم إلقاء الجثة في إحدى الأودية القريبة من الحارة، علّ الشكوك تتجه إلى أحد المواطنين المغاربة المقيم هناك منذ سنوات، والذي عرف بالشعوذة وادعاء استخراج الكنوز من باطن الأرض.  وفعلا استعان العم بخنجر في تفكيك جمجمة ابن الأخ، ولما استعصى عليه نزع العينين بالسرعة التي يريدها، اكتفي بحفرهما ودس فتاتهما في التراب، ثم تخلص سريعا من الجثة التي اكتشفها أعوان الأمن في بضع أيام، وسرى الخبر بين الناس في الجهة سريان النار في الهشيم. وبعد التحريات المضنية والمتشعبة التي طالت المواطن المغربي وغيره من مدعي قراءة الغيب وفك الأسرار، تم اكتشاف الحقيقة المؤلمة ووقع إيقاف المجرم والقصاص منه. والثانية أن مسنا بالجهة لا يرقى الشك إلى سلامة مداركه العقلية وصحته النفسية قد عصف به الشذوذ، وحطم لديه جميع الضوابط القيمية والروابط المقدسة، حيث سقط في معاشرة ابنته معاشرة الأزواج وهي تلميذة بالصف الابتدائي لم تتجاوز سن التاسعة، مما تسبب في حملها وإنجابها لفتاة، وقضى في ذلك عقوبة سجنية بعشر سنوات لم يمض منها سوى نصف المدة بموجب عفو خاص.  ودون التقليل من شناعة هاتين الحادثتين اللتين تقشعر لهما الأبدان وتهتز لهما الأركان، استوقفتني أمور غريبة ليست في نظري أقلّ فظاعة.  الأولى أنّ الشقيقين لما تداولا الرأي في شأن مقتل ابن أخيهما على وجه الخطإ واتفقا على طمس الجريمة ولم يختارا من السبل غير سلخه كالخروف بدم بارد ودون أن يقشعر لهما بدن أو يهتزّ لهما كيان. والثانية أنّ هذا المسن بزنائه بابنته، وبما سببه لها من تعقيدات تمس جوهر رابطته الأسرية وقداسة صلته العائلية، قد واصل مشوار حياته عاديا دون خجل أو وجل، وكأن شيئا لم يكن، واستمر بوشائج متينة  مع أهله وعشيرته بما في ذلك ابنته التي دنسها وحطم كيانها وجنى على مولودتها منه  والثالثة أنّ شقيق الجاني الذي يفوقه سنا، حاول أن يستدرج الدوائر الأمنية لتقديم ابنه الشاب على أنه صاحب الفعلة الشنيعة لإنقاذ أخيه والتغطية على الوجه القبيح للجريمة المرتكبة.  والرابعة أنّ الكثير من جلساء المقهى كانوا غالبا ما يدعون هذا المسن المنحرف باحترام وإجلال للتفضل بالجلوس إليهم ومشاركتهم ألعابهم الورقية. ولكم سمعتهم ينادونه بما يعكس توقيرهم له، ومعاملته بأدب ولياقة، كأنه من علية القوم وأنبلهم.  هاتان الواقعتان الفظيعتان، وهذه الحيثيات الغريبة التي تعلّقت بهما وأثارت لدى سكان الجهة الاستهجان والاستغراب، تنبئ جميعها في نظري بحالة قصوى من تفكك النسيج الاجتماعي، وتدني الضوابط القيمية لدى الأفراد والمجموعات، وتثير موجة من التساؤل حول جدوى منظومة التربية الراهنة التي تهمّش الدين، ولا تعلي من شأن القيم الفاضلة.


تونس في :18/07/2010بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين بقلم محمد العروسي الهاني كاتب تونسيالرحلة الناجحةالرسالة 841 الحلقة17 التقرير الشجاع حول حالة حقوق الإنسان في فلسطين والأراضي المحتلة حصل حوله إجماع رائع عربي و إسلامي الرحلة الناجحة


إن التقرير العام الذي قدمه السيد ريتشارد فولك.. الأمريكي الأصل.. المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 يوم  7 جوان 2010 على هامش  الدورة الحالية للجمعية العامة بجنيف دورة مجلس الحقوق الإنساني الدورة الثالثة عشر البند 7 من جدول الأعمال.. كان تقريرا شاملا و ضافيا.. سلط الأضواء بكل وضوح و صراحة و واقعية و بنزاهة عالية.. و قد حصل حوله إجماع رائع من طرف كل ممثلي الدول العربية و الإسلامية و الإفريقية و دول أجنبية مثل النرويج و البوسنة و الهرسك و غيرها.. و لمست صدى هذا التقرير العام.. الذي أبدع صاحبه في ذكر الوقائع و التجاوزات و المظالم و الخروقات الخطيرة التي قامت بها إسرائيل الجائرة.. التي لم تحترم القوانين و القرارات الدولية و توصيات مجلس حقوق الإنسان و قرارات المجتمع الدولي و ضربت عرض الحائط كل التوصيات و القوانين التي تحدد العلاقات بين الشعوب و الأمم و تضع حد للانتهاكات الخطيرة.. و الرصاص المصبوب على شعب اعزل.. سلاحه الوحيد الإيمان بالله تعالى.. و بوحدة المصير.. و بقضيته الوطنية.. و حقوقه المشروعة التي ساندها المنتظم الاممي منذ عام 1948 حسب قرار التقسيم الاممي.. و الذي رغم الحيف الواضح فقد جاء الزعيم الراحل الحبيب برقيبة و خاطب القوم في اريحا عام 1965 ..و دعاهم لقبول قرار التقسيم.. حتى يعلم العالم بان العرب هم اصطحاب حق و يقبلون الحلول المنقوصة في سبيل احترام الشرعية الدولية.. التي لم تحترمها إسرائيل منذ عام 1948 ..و قامت بعد حرب 1967 و جاء التقرير عادلا و منصفا إلى جانب الحق.                  و الله ولي التوفيق. … ثانيًا – بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن الصراع في غزة 4- وعززت النتائج الرئيسية التي توصل إليها تقرير لجنة تقصي الحقائق الاستنتاجات التي كانت قد توصلت إليها سابقاً لجنة لتقصي الحقائق تابعة لجامعة الدول العربية( 3) برئاسة جون دوغارد، المقرر الخاص السابق المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 ، ومجموعة من منظمات حقوق الإنسان الدولية والإسرائيلية والفلسطينية التي تحظى بالاحترام ( ٤). وكان أهم استنتاج عام توصل إليه هو أن هجمات جيش الدفاع الإسرائيلي خلال عملية الرصاص المصبوب كانت موجهة ضد سكان قطاع غزة برمتهم، وبذلك شكلت عقاباً جماعياً انتهك التزامات إسرائيل الناشئة عن احتلالها الفعلي لقطاع غزة. وأفضى هذا الاستنتاج الهام بشأن العقاب الجماعي، إضافة إلى سلسلة من الاعتداءات المحددة في حوادث ثبت فيها أن جيش الدفاع الإسرائيلي استهدف قصدًا المدنيين والمنشآت المدنية، ببعثة تقصي الحقائق إلى أن تخلص إلى احتمال أن تكون إسرائيل قد ارتكبت جرائم ضد الإنسانية). وخلص تقرير بعثة تقصي الحقائق أيضًا إلى أن الصواريخ التي أطلقت من غزة على الأرض الإسرائيلية كانت عشوائية، وﺑﻬذا شكل استخدامها جرائم حرب ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية. ونظرًا إلى عدم تماثل مجموع عدد المصابين و إلى بدء إسرائيل عملية الرصاص المصبوب، فقد أولي اهتمام أكبر في تقرير بعثة تقصي الحقائق لادعاءات ارتكاب جيش الدفاع الإسرائيلي جرائم أكثر مما أولي لما ارتكبته حماس. وكانت التوصيات المستفيضة إلى حد ما الواردة في تقرير بعثة تقصي الحقائق تتمحور حول التحدي المتمثل في التغلب على ثقافة الإفلات من العقاب  التي أعطت حصانة لمثل هذه الجرائم في الماضي والسعي إلى إيجاد آليات للمساءلة من شأﻧﻬا أن تفضي إلى مقاضاة مرتكبيها. وفي الوقت نفسه، أوصى تقرير بعثة تقصي الحقائق ، اعترافًا منه بالسياسة الدولية العامة المتمثلة في السماح للجهات ا لفاعلة السياسية بوضع إجراءات ا لمساءلة المحلية الخاصة ﺑﻬا، بأن تعطى إسرائيل والسلطات المناسبة في غزة مهلة ستة أشهر لإجراء تحقيقات ذات مصداقية ومستقلة خاصة ﺑﻬما في هذه الادعاءات ولوضع إجراءات لتقييم المساءلة. ويفترض أن ترصد هذه العملية هيئة من الخبراء المستقلين يعيِّنهم مجلس حقوق الإنسان، وإذا ارتأى اﻟﻤﺠلس أن النتائج غير مرضية ، فله عندها أن يرفع التقرير إلى مجلس الأمن ليحيله إلى المحكمة الجنائية الدولية لاتخاذ الإجراءات الملائمة. وعلاوة على ذلك، أوصى تقرير بعثة تقصي ا لحقائق بأن تقوم البلدان التي لها قوانين تسبغ على محاكمها الجنائية الوطنية الولاية القضائية العالمية بالتحقيق مع مرتكبي هذه الجرائم المزعومين واحتجازهم وإدانتهم، حسب الاقتضاء وقد نوقش تقرير بعثة تقصي الحقائق في مجلس حقوق الإنسان واعتُمد القرار ١ في ١٦ تشرين الأول أكتوبر ٢٠٠٩ بأغلبية ٢٥ صوتاً ومعارضة ٦ أعضاء وامتناع ١١ عضوًا عن التصويت . وفي ١٥ تشرين الأول /أكتوبر ٢٠٠٩ ، أعلمت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان مجلس حقوق الإنسان ب تأييدها لتقرير لجنة تقصي الحقائق وتوصياته، وحثت على اتخاذ إجراءات للتصدي للإفلات من العقاب عن طريق التحقيق مع من توجد أدلة موضوعية تدعم اﺗﻬامهم بارتكاب جرائم حرب ومقاضاﺗﻬم . ومما يكتسي دلالة هنا أن المفوضة السامية أكدت أن مساءلة مجرمي الحرب لا ينبغي أن تعتبر عقبة أمام عملية السلام، وهو الموقف الذي تبنته الدول الأعضاء الرائدة في الأمم المتحدة ردًا على مزاعم مماثلة تتعلق بتهم ارتكاب جرائم وجه ت إلى رسميين سودانيين يتولون مسؤوليات ١٠/ عن دارفور  . وفي ٥ تشرين الثاني /نوفمبر ٢٠٠٩ ، اعتمدت الجمعية العامة القرار ٦٤ بأغلبية ١٤٤ صوتًا ومعارضة ١٨ وامتناع ٤٤ عن التصويت، طالبًة إلى إسرائيل والجانب الفلسطيني إجراء تحقيقات ذات مصداقية ومستقلة في غضون ثلاثة أشهر ، مع شرط إحالتها إلى مجلس الأمن في حالة عدم قيام الطرفين بتحقيقات ذاتية مرضية . وعُهد إلى الأمين العام بمسؤولية رصد العملية وتقديم تقرير إلى الجمعية العامة عما إذا كان هناك امتثال. وحتى الوقت الحاضر، لم يجر تعيين فريق لخبراء القانون الدولي لإبداء الرأي في عملية التقويم كما أوصت بذلك بعثة تقصي الحقائق. 1 – الانتقادات الموجهة لتقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن نزاع غزة بما أن بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن نزا ع غزة كانت الإطار المحدد لمناقشة مسؤولية إسرائيل بموجب القانون الإنساني الدولي في أثناء عملية الرصاص المصبوب، يرى المقرر الخاص من المهم مناقشة حالة التقرير والانتقادات الموجهَة إليه . فقد كالت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية للتقرير انتقادًا شديدًا ، زاعمتين أنه كان متحيزًا وأحادي الجانب. ومن ناحية أكثر تقنية،أشير إلى أن قواعد الأمم المتحدة بشأن تقصي الحقائق لم يُتقيد ﺑﻬا، بما أن البروفيسورة تش ينكين، عضو اللجنة ، كان قد نُشر سل فًا أﻧﻬا تؤيد المزاعم قبل تعيينها. وأوضح القاضي غولدستون أنه لو كانت البعثة عملا قضائيًا صرفًا، لكانت الأستاذة تشينكين فاقدة الأهلية، ولكن بالنظر إلى إطار التحقيق ، كانت مؤهلات العضوية. قال الله تعالى سيجعل الله بعد يسر عسرا صدق الله العظيم  محمد العروسي الهاني 22022354             


عن ميثاق الطفل في الاسلام


ابراهيم بلكيلاني ( النرويج )

في إطار الاستجابة للتحديات التي تواجه االأسرة المسلمة تداعى المجلس الاسلامي العالمي للدعوة و الإغاثة لتقديم الرؤية الاسلامية لقضايا الأسرة و المرأة و الطفل . و في إطار العمل على انجاز ميثاق الأسرة في الاسلام  أنشأ المجلس لجنة تخصصية  تسمى اللجنة الاسلامية العالمية للمرأة و الطفل ، و عهد للجنة مهمة انجاز الميثاق . و كمرحلة أولى أنجزت اللجنة مشروع  » ميثاق الطفل في الإسلام  » . و تكونت اللجنة المذكورة من السادة : الشيخ يوسف القرضاوي ، د.علي جمعة ، د.محمد عمارة ، د.جمال الدين عطية ، د.أحمد العسال ، د.أحمد المهدي عبدالحليم ، ، د.سعاد صالح ، د.صلاح عبدالمتعال ، د.فتحي لاشين ، د.محمد سراج ، د.محمد كمال الدين إمام  و  د.مكارم الديري . و تكونت لجنة الصياغة من السادة : د.علي جمعة ، د.جمال الدين عطية و د.فتحي لاشين .  و عرض « ميثاق الطفل في الاسلام  » على مجمع البحوث الاسلامية بالأزهر الشريف و الذي أقر بأن ما جاء فيه لا يتعارض مع العقيدة الاسلامية . و طبع الميثاق . و قد جاء الميثاق لسد ثغرة مهمة في المجال التربوي و الحقوقي ، و كما جاء في مقدمة الميثاق بأنه  » صيغ في ضوء المبادئ الاسلامية التي تحكم أمور الطفل في الإسلام  » أما فيما يتعلق بالتشريعات و الاجراءات التنفيذية فقد تركت لكل بلد و ذلك  » بغية المواءمة بين مواد الميثاق و ظروف كل مجتمع إسلامي  » . و قد اعتمدت اللجنة  » في حصر محتوى مواد الميثاق و صوغها على مرجعية وحيدة مستمدة من القرآن الكريم و السنة النبوية المطهرة  » و قد  » روعي في صياغة الميثاق – في مضامينها و ترتيبها – الاتفاقيات الدولية ، تيسيرا لمقارنة المنظور الإسلامي للطفل مما عداه من منظورات .  و مما يتميز به « ميثاق الطفل في الإسلام  » هو تأكيده على أهمية التوازن بين الحقوق و الواجبات تمشيا مع كل مرحلة عمرية . فهناك حقوق للطفل يقابلها واجبات اجتماعية و أسرية . يتكون الميثاق من سبعة أبواب متوزعة على 32 مادة : 1.   الباب الأول : العناية بالطفل منذ بدء تكوين الأسرة ( 4 مواد ) 2.   الباب الثاني : الحريات و الحقوق الانسانية  العامة ( 9 مواد ) 3.   الباب الثالث : حقوق الأحوال الشخصية ( 4 مواد ) 4.   الباب الرابع : الأهلية و المسؤولية الجنائية  ( 4 مواد ) 5.   الباب الخامس : إحسان تربية الطفل و تعليمه ( 4 مواد ) 6.   الباب السادس : الحماية المتكاملة ( 4 مواد ) 7.   الباب السابع : مراعاة المصالح الفضلى للطفل (3 مواد )   و يدور الحديث في الوسط التونسي حول بعض التعديلات القانونية لحماية الطفل من الاعتداءات الجسدية و مآلاتها على التربية و العلاقة بين الأبناء و الأولياء  و التماسك الأسري و تاليا نمط و شخصية المواطن و المجتمع ككل . لذلك يحسن التذكير بما جاء في المــادة (26) من الباب السادس من « ميثاق الطفل في الإسلام  » تحت عنوان : الحماية من الإيذاء والإساءة : 1- للطفل الحق في حمايته من كافة أشكال الإيذاء، أو الضرر أو أيّ تعسُّف، ومن إساءة معاملته بدنيًا أو عقليًا أو نفسيًا، ومن الإهمال أو أية معاملة ماسة بالكرامة من أي شخص يتعهد الطفل أو يقوم برعايته. 2- ولا يخل هذا الحق بمقتضيات التأديب والتهذيب اللازم للطفل، وما يتطلبه ذلك من جزاءات مقبولة تربويًّا، تجمع بحكمة وتوازن بين وسائل الإفهام والإقناع والترغيب والتشجيع، ووسائل الترهيب والعقاب بضوابطه الشرعية والقانونية والنفسية. 3- وعلى مؤسسات المجتمع كافة ومنها الدولة تقديم المساعدة الملائمة للوالدين ثم لغيرهم من المسئولين القانونيين عن الطفل، في الاضطلاع بمسئوليات تربية الطفل واتخاذ جميع التدابير الاجتماعية والتشريعية، والإعلامية والثقافية اللازمة لغرس مبادئ التربية الإيمانية، وإقامة مجتمع فاضل، ينبذ الموبقات والعادات المنكرة، ويتخلق بأقوم الأخلاق وأحسن السلوكيات. و مما جاء في المذكرة التفسيرية لهذه المادة :  » تعالج هذه المادة موضوع حماية الطفل من الإيذاء وإساءة المعاملة، وغير ذلك مما يمسّ كرامته، سواء وقعت عليه من الوالدين أو ممن يتعهده أو يقوم برعايته، كالمدرس في المدرسة أو المربية في المنزل، أو المشرف في النادي، وغيرهم ممن لهم حق التأديب والتهذيب والتوجيه، وإيقاع الجزاءات المقبولة تربويًّا.. ومن هنا كانت ضرورة إيراد الفقرة (2) لمعالجة هذا الجانب. * والفقرة (1): تعتبر تطبيقًا للنصوص الإسلامية العديدة التي تحرم الظلم والإضرار بالغير أو الاعتداء أو الإيذاء بأي درجة من درجات الإيذاء وخاصة للأطفال والضعاف كما توجب نصوص كثيرة الرفق بهم والحنو عليهم والعدل بينهم، والحفاظ على كرامتهم الإنسانية، وسبق إيراد بعض هذه النصوص تعليقًا على المواد (100)، (106)، (109) وغيرها. * والفقرة (2): تعتبر كذلك تطبيقًا للقواعد الشرعية المتفق عليها والتي تعطي للأب أو المسئول عن تربية الطفل وتعليمه حقّ تأديبه في حدود وضوابط معينة، بحيث لا تصل إلى حدّ الإضرار به جسديًا أو نفسيًا، ولا إلى حد التعسّف في استعمال هذا الحق. ولم تتعرض المادة لحالات وقوع ذلك من الغير؛ لأن هذه الحالة يحميها القانون العام الذي يحمي أي إنسان من أي اعتداء. ويقابل هذه المادة، المادتان (16)، (19) من اتفاقية حقوق الطفل، واللتان تقتصران على الجانب الوارد في الفقرة (1) دون الجانب الوارد في الفقرة (2)، بل إن المادة (19) مخصصة للدعم اللازم للجانب (1) مما نتج عنه -عند التطبيق في الغرب- وجود صور سلوكية غريبة تحميها أجهزة حكومية؛ وهو ما يؤدي إلى دعم انفلات الأطفال من نظام الأسرة، ورفع دعاوى قضائية ضد ذويهم، وفقدان التوازن المطلوب بين سلطة الأسرة وبين عدم إساءة استعمال هذه السلطة  » ( المصدر : ميثاق الطفل في الإسلام ، اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة و الطفل – المجلس الإسلامي العالمي للدعوة و الإغاثة ، 2003 ) v   و لمزيد من الاستفادة يمكن زيارة موقع اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة و الطفل  :http://www.iicwc.org/


الإصلاح ذلك المغمور السابق واللاحق ـ 4 ـ


احميده النيفر كثيرا ما ننسى ونحن نبحث في تطور الفكر الإسلامي عامة و في علاقة المفسرين المسلمين المعاصرين بالقرآن الكريم خاصة إضافةَ رواد الفكر الإصلاحي وأهمية ما فتحوه من مسارات جديدة في مباحث الفكر الديني الحديث. إن ما نشهده اليوم من جديد في التساؤلات الفكريّة والمنهجية التي ظهرت على أيدي باحثين مجددين منذ النصف الثاني من القرن العشرين إلى يومنا الحاضر خاصة في معالجة النص المؤسس للحضارة الإسلامية يدين لرجال الإصلاح بالسبق و التمهيد فيما ما بادروا إليه من تساؤل و تمحيص وتصويب. نعود إلى جهود الأستاذ الإمام محمد عبده للتثبت من صحة هذا الافتراض، هذا في مستوى أوّل. ثم إن لهذه العودة غرضا ثانيا يتعلّق بالنخب الزيتونية في تونس ومدى انخراطها في الحركة الفكرية الوطنية و أهمية هذا الحضور، من ناحية، ونوع العلاقة التي أرستها مع التوجه الإصلاحي في المشرق العربي منذ القرن التاسع عشر من ناحية أخرى. من جهة ثالثة فإن الاهتمام بالتفاسير المعاصرة وجملة الجهود المبذولة في هذا المجال يطرح إشكالية الثقافة الإسلامية اليوم. من خلال بحث منهج المفسّرين المعاصرين يمكننا أن نقف على جانب من الخصوصيات الثقافية في بلاد المسلمين التي تعكس نقاط القوّة لديهم ونوع العوائق التي تحول دون تقدمهم. ذلك ما انتبه إليه الباحث الباكستاني، فضل الرحمن في كتابه الهام: « الإسلام وضرورة التحديث : نحو إحداث تغيير في التقاليد الثقافية»، حين أكّد أن كل تغيّر اجتماعي في بلاد الإسلام يرتبط بالنزعة العقلية الموصولة بأسلوب تفسير القرآن. بالعودة إلى الشيخ محمد عبده في علاقته بالنص المؤسس نجد له رأيا لافتا في خصوص تفسير القرآن سجّله تلميذه رشيد رضا عندما ألح هذا الأخير في تولّي الشيخ إلقاء دروس في التفسير بالأزهر. امتنع عبده في البداية مبينا أن « القرآن لا يحتاج إلى تفسير كامل فله تفاسير كثيرة أُتقن بعضُها ما لم ُيتقَن بعض آخر لكن الحاجة شديدة إلى تفسير بعض الآيات»، ثم قَبــِل إلقاءَ سلسلة من دروس التفسير. يضيف في مقدمة تفسير المنار قوله: « التفسير عند قومنا اليوم ومن قبلِ اليوم عبارة عن الإطلاع على ما قاله بعض العلماء في كتب التفسير على ما في كلامهم من اختلاف يتنزّه عن القرآن القائل : ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا». تؤكد هذه الرواية أن صاحب المنار يقف على مشارف تحوّل مفصلي مما يجعل من العسير أن نصنفه ضمن المفسرين التراثيين للقرآن: إنه وإن لم يتنكر للعدّة المعرفية التي اعتمدها القدماء ولبعض أساليبهم في شرح النص فإن البناء الفكري الذي يقود تفسيراته يختلف عما ظلت المدرسة التراثية تعتمده باستمرار. لا شك أن عبده كان متبرّما بتلك المدرسة التي يكون المفسّر فيها متحرّكا ضمن الموروث اللغويّ والفقهيّ والعقديّ وخاضعًا لمنهج يجعل اللغة والتراث «يفكّران» من خلال المفسِّر وليس العكس. ما يؤكّد هذه العتبة التدشينية التي لم تبلغ مرحلة القطع مع المناهج الموروثة ما نجده في ثنايا المنار مما يمكن أن نعدّه تعليلا لهذا القلق والتبرّم. يقول عبده : «التكلّم في تفسير القرآن ليس بالأمر السهل وربما كان من أصعب الأمور…وأهم وجوه الصعوبة أن القرآن كلام سماوي تنزل من حضرة الربوبية التي لا يُكتنَه كُــنــهُــها على قلب أكمل الأنبياء». يضيف في فقرة أخرى: « إن الله تعالى لا يسألنا يوم القيامة عن أقوال الناس وما فهموه وإنما يسألنا عن كتابه الذي أنزله لإرشادنا وهدايتنا». تتأكد هذه المسألة عندما ننظر في آثار السيد جمال الدين فنجد المقولة ذاتها : «القرآن وحده سبب الهداية والعمدة في الدعاية أمّا ما تراكم عليه وتجمّع حوله من آراء الرجال واستنباطهم ونظريّاتهم فينبغي أن لا نعوّل عليه». كيف يمكن أن لا نرى في هذا التوجه الإصلاحي ما يشي بحضور لسؤال الحداثة الناقد و المدشّن لسيرورة جهود القراءات التفسيرية التي ستطفو تدريجيا ضمن المشهد الفكري والثقافي العربي الإسلامي في النصف الثاني من القرن المنصرم؟ لقد صيغت دعوة التحرّر من عبء المدونة التفسيرية التي اعتبرها الإصلاحيون أخرجت الكثيرين عن المقصود من الكتاب الإلهي في تثبيت مقولة : « القرآن كتاب هداية». انطلاقا من هذه المقولة أمكن لمحمّد عبده أن يفتح طريقا جديدة للعلاقة بالنصّ القرآني. هذه العلاقة تحدّد للتفسير هدفا مغايرا لما استقر عليه المفسرون القدامى، إنه : «ذهاب المفسّر إلى فهم المراد من القول وحكمة التشريع في العقائد والأحكام على وجه يجذب الأرواح ويسوقها إلى العمل والهداية المودعة في الكلام». الغرض الجديد للتفسير في تيار المنار هو التوصّل إلى الاهتداء بالقرآن، إنه التوجه الذي يرى أن تأويل الوحي هو العمل على تحقيق مآل النص في الواقع المتجدد أي أن يكون التفسير معاناةً للحكمة الإلهية بمشاغل الواقع بما سيسمح في الفترة المعاصرة من اعتبار أن وظيفة المفسر الحديث ليست إعادة إنتاج المعنى القديم بل هي إغناء النصّ جنبا إلى جنب مع اغتناء المجتمع في فكره و في ارتقاء واقعه واتساع أفق وعيه. احميده النيفر كاتب وجامعي تونسي (المصدر: صحيفة « الصباح »(يومية – تونس) بتاريخ ٢٣ جويلية ٢٠١٠)

 


عندما يترسب الاستبداد إلى قاع المجتمعات العربية


منبر الحرية 2010-07-23 حواس محمود  من المؤسف والمؤلم حقاً أن الاستبداد أضحى سمة من سمات المجتمعات العربية، ذلك أن ديمومة الاستبداد عبر التاريخ العربي الإسلامي منذ معاوية بن أبي سفيان وحتى معاويات القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين في العالم العربي هي بمثابة واقع الحال المستعصي على التحول والتبدل. فبعد أن رحل الاستعمار من العالم العربي في خمسينيات وستينيات القرن المنصرم استلمت طغم عسكرية زمام الحكم في البلدان العربية، ونادت بشعارات قوموية وصفق لها الجمهور كثيرا، وازداد الوهم بقدرتها على تحرير فلسطين، ولكن الهزائم تلو الهزائم لاحقتها، لكنها رغم كل ذلك بقيت صامدة وسيدة مستبدة جاثمة على صدور الموطنين من المحيط إلى الخليج، فارضة أحكاما عرفية وقوانين طارئة مكبلة الحريات الأساسية ومعيقة التطور الطبيعي والتحول الاعتيادي لهذه المجتمعات، ما أوقعها في شباك الاستبداد الذي أفسح المجال كثيرا أمام الفساد وذلك كشرط أساس لديمومة الهيمنة والسيطرة. وادعت هذه الأنظمة أن الجماهير ليست واعية، وهي لا تستحق الديمقراطية والإصلاح؛ لذلك فهي البديل الأبدي الذي لا يمكن أن يتزحزح، وعندما لاح أفق التغيير من الخارج في المثال العراقي بإسقاط صدام حسين الذي كان نموذج الاستبداد العربي بامتياز هاجت هذه الأنظمة وماجت ووضعت العصي في عجلة أي تغيير يأتي من الخارج، فوقفت مساندة للإرهاب بعد أن كانت متحالفة مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية الأخرى في الحرب ضد الإرهاب (حرب أفغانستان)، وبالتالي أعطت صورة مشوهة لنموذج التغيير الديمقراطي في العراق (طبعا لا ننسى الأخطاء الأميركية في هذا المجال) وذلك بالوصول إلى نتيجة صادمة ومحرجة، وهي إما أن يكون هناك استبداد في العالم العربي أو القتل والتفخيخ والتفجير وعدم الاستقرار، فغدا الاستقرار ميزة الاستبداد، الاستقرار الذي يؤمن الأرضية المهيئة للفساد، وذلك لأن الفساد ينتعش في جو الحروب والاقتتال والإرهاب. وهكذا أوصلت الأنظمة العربية عبر جهودها الحثيثة لترسيخ سيطرتها واستمرارها في الحكم وعبر وسائل الإعلام التي تحولت إلى ناطق رسمي باسمها وباسم استبدادها، أوصلت الشعوب العربية إلى قناعة بقبول الأمر الواقع وهو الاستبداد والفساد وخراب البلاد والعباد، وسادت وتسود هذه المجتمعات ثقافة اليأس والبؤس والقنوط، وكثرت موجات الهجرة إلى الدول الغربية للبحث عن ملاذ آمن من عصي وسياط هذه الأنظمة وقمعها وإفقارها للناس، ناهيك عن حجم الدمار البنيوي الكاسح الذي يضرب المجتمعات العربية التي أضحت فريسة لهذه الأنظمة الكابوسية القابعة على صدور المواطنين، ولم يعد هناك ثمة تفكير بأي طريق خلاصي لا من الداخل ولا من الخارج، في حالة هي أشبه ما تكون بنومة كهف طويلة طويلة، ولا يُعرف من الذي سيوقظ هذه المجتمعات، بعد أن ترسخ لديها قناعة بديمومة الفساد والاستبداد. • كاتب من سوريا يُنشر بالتعاون مع مشروع « منبر الحرية » www.minbaralhurriyya.org    (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 23 جويلة 2010)


مسيرات احتجاجية بسيناء بعد تعرض زعماء البدو المطلوبين أمنياً للاغتيال


2010-07-23 رفح (مصر) – شادي محمد  جابت مسيرات حاشدة، نظمها البدو بقرى الوسط، وسط سيناء الأربعاء، احتجاجا على ما وصفوه بمحاولة اغتيال فاشلة لزعماء البدو المطلوبين أمنيا بدس السم لهم في الطعام بواسطة شاب بدوي وبإيعاز من أحد مشايخ القبائل الحكوميين. وأعلن بدو ممن تصفهم الشرطة بالمطلوبين أمنيا أن شابا بدويا أرسل إليهم لتنفيذ المحاولة بعد أن وعده أحد المشايخ بمنحه مبلغ 30 ألف جنيه. والإفراج عن والده المعتقل الذي يقضي عقوبة المؤبد. وقال موسى الدلح أحد المطلوبين أمنيا إنهم يتحفظون الآن على الشاب وإنهم سجلوا اعترافات له بتفاصيل المحاولة وإنهم عثروا على نحو 15 جراما من السم مخبأة بين فخذيه والذي كان ينوي دسها في الطعام للزعماء المطلوبين، حيث قاموا بتقييد الشاب بالحبال فوق إحدى الشاحنات ليقول بنفسه للأهالي إنه جاء للمنطقة بهدف الاغتيال، وإن اتفاقا تم بينه وبين أحد مشايخ القبائل البدوية للقيام بالمهمة بدس السم في طعام البدو المطلوبين أمنيا. وأكد الدلح أن الشاب حضر إليهم وطلب منهم مساعدته في إرسال زيارات عبارة عن أطعمة إلى والده ضمن المساعدات التي يتم إرسالها للمعتقلين والصادر ضدهم أحكام وإلى فقراء البدو، وأنهم اكتشفوا المحاولة بعد أن عثروا على صورة لهم بين طيات ملابسه، حيث إنه كان لا يعرف المطلوبين وبعد ذلك اعترف بأن أحد مشايخ البدو هو الذي طلب منه ذلك. جاء ذلك في الوقت الذي تعقد فيه اللجنة الشعبية لحقوق المواطن بشمال سيناء وبدو وسط سيناء يوم الأحد المقبل مؤتمرا جماهيريا تحت شعار « سيناء التي نريدها » للاحتفال بالمعتقلين الذين أطلقت الشرطة المصرية سراحهم خلال الفترة الماضية واقترب عددهم من 100 معتقل وعرض مطالب البدو. ويندرج تحت محاور المؤتمر مطالبة الجميع بطي صفحة الماضي وبدء مرحلة جديدة تستهدف إعادة تقيم النظرة الأمنية لسيناء، وتحسين الأحوال المعيشية للبدو وتوفير المزيد من فرص العمل. وما زالت تسود قرى وسط سيناء حالة من الهدوء الحذر، فيما أطلقت وزارة الداخلية سراح نحو 100 معتقل حتى الآن من بينهم الناشطان مسعد أبوفجر ويحيى أبونصيرة، في إطار جهودها لتهدئة التوتر الأمني بسيناء بعد سلسلة من الاشتباكات المسلحة. ووعد وزير الداخلية بالإفراج عن المعتقلين بشرط ألا تكون لهم سجلات أمنية أو جنائية. وفي الشهور الماضية تأزمت العلاقات بين البدو والشرطة بعد اشتباكات متقطعة بين الجانبين تسببت فيها فيما يبدو حملات أمنية لإلقاء القبض على مطلوبين.    (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 23 جويلة 2010)


« إم آي5 » نقلت متهما مغربيا من بلجيكا سجون سرية في بريطانيا


كشفت صحيفة ذي إندبندنت البريطانية عن وجود سجون سرية في بريطانيا، وقالت إن أجهزة المخابرات في المملكة المتحدة متورطة في الاعتقالات والنقل غير الشرعي للسجناء والمتهمين دون إرادتهم ضمن ما يسمى « الحرب على الإرهاب ». وقالت ذي إندبندنت إن جهاز المخابرات الداخلية البريطاني (إم آي 5) متورط بشكل مباشر في نقل مواطن مغربي دون إرادته وبشكل غير قانوني من سجن بلجيكي إلى سجن سري آخر في المملكة المتحدة. وتم نقل الشاب المغربي (29عاما) والذي لم تكشف الصحيفة عن اسمه لدواع أمنية من أحد السجون في بروكسل بشكل سري في أبريل/ نيسان 2004 إلى حيث تم احتجازه والتحقيق معه من جانب مسؤولين كبار في جهاز المخابرات البريطانية الداخلية بإحدى القواعد الأمنية السرية قرب لندن. وتشير الوثائق التي حصلت عليها ذي إندبندنت إلى أن محكمة بلجيكية أصدرت في سبتمبر/ أيلول 2003 حكما بالسجن أربع سنوات بحق الشاب المغربي بدعوى استخدامه وثائق مزورة وبتهم أخرى تتعلق « بالإرهاب ». تورط بريطانيا

وتظهر وثائق تعود لوزارة الداخلية في المملكة المتحدة أن الحكومة البريطانية منحت الشاب المغربي المولود في الرباط إذنا بالإقامة في البلاد، حيث تشير إحدى الوثائق المؤرخة في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2004 إلى منح الشاب إقامة محدودة لسبب استثنائي غير مدون في قوانين الهجرة. وقالت ذي إندبندنت إن قضية الشاب المغربي تعتبر أول دليل على تورط بريطانيا في اعتقال السجناء ونقلهم والتحقيق معهم في سجون سرية. وفي مقابلة مع الصحيفة، قال المحامي البلجيكي كريستوف مارشاند إن تسليم موكله المغربي إلى الجهات الأمنية البريطانية تم في فترة كان الشاب المغربي ينتظر فيها المثول أمام محكمة جنايات مركزية في بروكسل بما يتعلق باستئنافه للحكم الصادر بحقه. وأضاف محامي الدفاع أن عناصر من جهاز المخابرات الداخلية البريطانية (إم آي 5) استجوبت موكله في « فوريست بريزون » أو سجن الغابة في بروكسل، حيث تم اعتقاله دون محاكمة وبشكل معزول لأكثر من سنتين. هواجس متنوعة

وبينما أشارت الصحيفة إلى أنه تم احتجاز السجين المغربي واستجوابه في معتقلات تابعة لجهاز المخابرات البريطانية الداخلي على بعد أربعين دقيقة من وسط لندن، قال المحامي إنه لا بد أن العملية تمت بموافقة الأجهزة الأمنية البلجيكية واعتماد النائب العام البلجيكي لها. وأضاف المحامي أنه التقى موكله في وسط لندن وأخبره أن جهاز المخابرات الداخلية البريطانية اختطفه ونقله إلى لندن في طائرة خاصة، وأنه كان يخشى من إعادته إلى المغرب حيث يواجه التعذيب، وأنه عرض عليه العمل لدى المخابرات البريطانية تحت التهديد. كما أخبر المتهم محاميه بكونه يعاني من هواجس متنوعة من بينها تعرضه للتهديد بألا يخبر أحدا عن طبيعة عمله وإلا فإن المخابرات البريطانية ستكشف أمره أمام تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى مخاوفه من أن يصار إلى ترحيله إلى بلده المغرب حيث يواجهه مصير مجهول. ويتهم مارشاند، وهو خبير دولي في قانون حقوق الإنسان، بريطانيا بكونها متورطة بشكل مباشر في نقل المعتقلين بصورة غير مشروعة ودون موافقتهم من بلد إلى آخر. من جانبها قالت متحدثة باسم السفارة البلجيكية في لندن إنها على دراية بالقضية وبعملية « اختفاء » السجين، لكنها لم تدل بأي تفاصيل أخرى للصحيفة. وفي حين أشارت ذي إندبندنت إلى أن نقل السجناء والأشخاص دون موافقتهم بين الدول انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقوانين الدولية المرعية، أضافت أن ما يسمى برنامج نقل المعتقلين الذي تعتمده الإدارة الأميركية يتضمن أيضا الاستجواب والتعذيب عن طريق جهة أخرى وفي بلدان مختلفة بالعالم. المصدر:إندبندنت (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 23 جويلة  2010)

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.