الجمعة، 19 سبتمبر 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N°3041 du 19.09.2008
 archives : www.tunisnews.net 


البديـل عاجل : معتقلو الحوض المنجمي يشنون إضرابا عن الطعام

حــرية و إنـصاف : الاعتداء اللفظي على الناشطين الحقوقيين عبر الهاتف

الجمعيـة الدوليـة لمسانـدة المساجيـن السياسييـن : صدور الأحكام في قضية  » روث الأغنام  » .. !

لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس : يحدث في المعهد العالي للدراسات التكنولوجية بسيدي بوزيد..رسالة الطالبات المحجبات

pdpinfo : حوار مع السيد محمد المومني « متحدث بإسم الأساتذة المطرودين »

عبدالسلام الككلي : حول دخول شندول إلى مجلس المستشارين :  توسع دائرة المناهضة النقابية

الصحبي صمارة : محمّد الغرياني : قيادة شابّة لحزب هرم

عدنان المنصر : سبتمبر 2001- سبتمبر 2008 : حصاد السبع العجاف

الصباح: دكتوراه الدولة: هل أغلق الملف نهائيا إيداعا ومناقشة؟

رويترز : فرنسا تقرض تونس 40 مليون يورو

الصحافة : معرض رمضان في دورته الثالثة والعشرين : إقبال محدود رغم تنوّع المعروض

رويترز : تونس تنقذ سبعة مهاجرين قبالة سواحلها

يو بي أي : قتل حماته بهراوة أمام مخفر الشرطة

مدونة أرابيكا :توفيق الجبالي : شَعْب واحد ما يكْفيش

عماد الدين الحمروني : بسمه تعالى

مرسل الكسيبي : أبطال تونس المعوقون يصلحون ما افسده اصحاء العرب اولمبيا

محمد العروسي الهاني:الرجل المناسب في المكان المناسب وجدناه في أكثر من موقع

احميدة النيفر:شهر القرآن (3).. «قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي..»

عادل القادري : متى نستعيد حنبعل من منفاه التركي؟

زهير الخويلدي : الحاجة إلى الإيمان في عصر ما بعد الدين

فتحي العابد:علاقة الدولة بالفرد

 الشاذلي العيّادي : في تونس زينة رواقع الأوطان، يقع للأخيار ما يجب أن يصيب به الفجّار

توفيق المديني : انتفاضة أميركا اللاتينية ضد واشنطن

بشير موسى نافع  : المسألة الكردية كالمسألة العراقية لا تحل بالترقيع

شعلاء المجعي : السينما الدينية بين الأمس واليوم


 (Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم  وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 
 

 

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 

 

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلو


  

معتقلو الحوض المنجمي يشنون إضرابا عن الطعام

 
رفض اليوم عدد من معتقلي الحوض المنجمي بسجن قفصة تسلم القفة، وقد علمنا أنّ 27 موقوفا دخلوا اليوم في إضراب جوع احتجاجا على التهم الموجّهة إليهم إثر ختم الأبحاث يوم الإثنين الفارط، 15 سبتمبر، وللمطالبة بإخلاء سراحهم. وللتذكير، يبلغ عدد الذين يجري تتبعهم في القضية الرئيسية بالحوض المنجمي 60 شخصا، منهم 28 في حالة إيقاف و25 في حالة سراح و7 في حالة فرار. وقد وصل عدد التهم الموجهة إلى بعضهم الـ15 تهمة. هذا وقد بلغنا تدهور الظروف الصحية للمناضل عدنان الحاجي الموقوف بسجن القصرين، حيث يشتكي من آلام بالحلق، كما عمدت إدارة السجن إلى حرمانه من دواء يتناوله لمعالجة المعدة، علاوة على عدم تمكينه من المراقبة الطبية (contrôle médical) التي يجريها على كليته بمستشفى شارل نيكول.  
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 19سبتمبر 2008)  


أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني : liberte.equite@gmail.com    تونس في 19 رمضان 1429 الموافق ل 19 سبتمبر 2008

الاعتداء اللفظي على الناشطين الحقوقيين عبر الهاتف

في الوقت الّذي تستعمل فيه السّلطة القضاء ضدّ النّشطاء الحقوقيّين بتهمة « الاعتداء على الأخلاق الحميدة » لمحاولة تشويه سمعتهم و تبرير اعتقالهم و سجنهم و إسكات غيرهم من الأصوات الحرّة في البلاد، تعرّض عدد من النّشطاء الحقوقيين و السّياسيّين إلى الاعتداء اللّفظي بالكلام البذيء و السّبّ و الشتم بواسطة الهاتف العمومي من أرقام مختلفة من بينها الرقم 79993005 و الرقم 79994169 من طرف شخص أو أشخاص تعمّدوا التستر على هويتهم و قد حصل الاعتداء أول أمس ما بين منتصف الليل و الساعة الواحدة و النّصف ليلا ضد كل من السادة عبد كريم الهاروني و عبد الرؤوف العيادي و زهير مخلوف و زياد الدولاتلي و محمد عبو و عمر المستيري و راضية النصراوي. و يعزى هذا الاعتداء إلى جهة معروفة تعوّدت استعمال مثل هذه الوسيلة لمحاولة النيل من معنويات المناضلين و صدهم عن مواصلة نشاطهم الوطني و الإنساني في الدّفاع عن الحرّيّات و حقوق الإنسان. و حرية و إنصاف 1)تدين بشدّة هذه الممارسات اللا أخلاقية المبتذلة و اللا قانونيّة الّتي تدلّ على مستوى أصحابها و من يقف وراءهم و تطالب بالقطع معها . 2) تعتبر أن استعمال مثل هذه الممارسات القذرة ليس من شأنه أن يفت من عزم النخبة المناضلة في المجتمع أو التأثير على معنوياتها بل يزيدها ثقة و عزما على مواصلة نضالها. 3)تدعو  إلى محاكمة المعتدين و احترام حقّ النّشطاء الحقوقيّين و السّياسيّين في حرّيّة التّعبير و التّنظّم و التظاهر السلمي و ضمان حمايتهم ضدّ كلّ اعتداء لفظي أو مادّي وفق الالتزامات و التّعهّدات الدّوليّة الّتي أمضت عليها السّلطة فيما يتعلّق بحماية النّشطاء الحقوقيّين. 
عن المكتب التنفيذي للمنظمة          الرئيس   الأستاذ محمد النوري

« الحرية لسجين الرأي طارق السوسي » الجمعيـة الدوليـة لمسانـدة المساجيـن السياسييـن 43 نهج الجزيرة تونس                       e-mail:aispptunisie@yahoo.fr                        تونس في 19 سبتمبر 2008

كشف الحساب..لقضاء .. » يكافح الإرهاب « : صدور الأحكام في قضية  » روث الأغنام  » .. !

                                    

*  نظرت  الدائرة الجنائية 27  بمحكمة الإستئناف بتونس برئاسة القاضي  المنوبي بن حميدان  اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2008 في  القضية عدد 11895 التي يحال فيها كل من : سيف الدين الزغدودي و النوري السويح و رشدي السلطاني و علي الخليفي ، و المحالين من أجل تهم الانضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و توفير مواد و معدات و تجهيزات مماثلة لفائدة تنظيم إرهابي  . و بعد استنطاق المتهمين الذين أنكروا ما نسب إليهم و تمسكوا بالبراءة تولت هيئة الدفاع  المتكونة من  الأساتذة عبد الفتاح مورو و ضياء الدين مورو سمير بن عمر و حسن بدر و أمان الله مورو الترافع في القضية مطالبين بنقض الحكم الابتدائي القاضي بإدانة المتهمين ، و بعد ختم المرافعات في القضية  قرر القاضي  إثر ذلك حجز القضية للمفاوضة و التصريح بالحكم اثر الجلسة  .  و تجدر الإشارة  إلى أن الشبان المحالين في هذه القضية متهمون بمحاولة ارتكاب أعمال تخريبية داخل تراب الجمهورية و ذلك باستعمال روث الأغنام ، وقد قام أعوان الأمن بحجز كمية من روث الأغنام بدعوى أنها يمكن استخدامها في صنع المتفجرات ، و أذنت المحكمة بإجراء اختبار عليها و انتهى الخبير المنتدب إلى  أن المواد الكيميائية الموجودة بفضلات الأغنام لا تدخل في تركيبة المواد المتفجرة !!!!!      .   * كما نظرت الدائرة الجنائية 27  بمحكمة الإستئناف بتونس برئاسة القاضي  المنوبي بن حميدان  اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2008 في  القضية عدد 11947 التي يحال فيها بعض الطلبة وهم  كل من : جاسم الماكنى- حيدر نصرى- خليل البوخارى- رضوان الحامدى- صابر يوسف الحامدى- عبد الرؤوف فريد- مجدى الغربى- يسرى حامدى- احمد بن سعيد بن سليم مكرازى، و المحالين من أجل تهم الانضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية  و إلى الانضمام إلى تنظيم إرهابي  و استعمال تراب الجمهورية لانتداب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخل تراب الجمهورية و توفير معلومات لفائدة أشخاص لهم علاقة بتنظيم إرهابي  .  و قد قررت  المحكمة تأخير القضية لجلسة يوم 03 أكتوبر 2008 استجابة لطلب هيئة الدفاع المتكونة من  الأساتذة أنور أولاد علي و عبد الرحمان كريم  و سمير بن عمر  و عبد الفتاح مورو و شاكر علوان و محمد النقازي   .  و تجدر الإشارة إلى أن الحكم الابتدائي قضى بسجن المتهمين مدة تتراوح  بين ثلاثة و سبعة أعوام    .   * و نظرت الدائرة الجنائية 27  بمحكمة الاستئناف بتونس برئاسة القاضي  المنوبي بن حميدان  اليوم أيضا في  القضية عدد 11939 التي يحال فيها كل من   : رياض تليش ( من مواليد 11/04/1981 ) و محمد الطاجيني ( من مواليد 02/05/1984 ) و حاتم التومي ( من مواليد 13/04/1982 ) و علي التومي ( من مواليد 16/02/1983 ) ، و المحالين من أجل تهم الانضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية  و المساعدة على إيواء شخص له علاقة بالجرائم الإرهابية.  و قد قررت  المحكمة تأخير القضية لجلسة يوم 07 أكتوبر 2008 استجابة لطلب هيئة الدفاع المتكونة من  الأساتذة أنور القوصري و شوقي الطبيب و البشير الطرودي و عبد المجيد قازة و راضية النصراوي   .  و تجدر الإشارة  إلى أن الحكم الابتدائي قضى بسجن المتهمين مدة تتراوح  بين عامين و أربعة أعوام    .   * نظرت اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2008   الدائرة الجنائية 11  بمحكمة الإستئناف بتونس برئاسة القاضي  فاروق الغربي  في القضية عدد 11934 التي يحال فيها كل من : سامي عيسى ( من مواليد 01/02/1975 ) و هذيلي جعيط ( من مواليد 05/01/1976 ) و هشام البراق ( من مواليد 28/06/1973 ) و سهيل القزاح ( من مواليد 15/07/1975 ) و فوزي العليمي ( من مواليد 10/05/1981 ) ، و المحالين من أجل تهم الانضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية  و إلى الانضمام إلى تنظيم إرهابي  و استعمال تراب الجمهورية لانتداب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخل تراب الجمهورية و توفير معلومات لفائدة تنظيم بقصد المساعدة على ارتكاب جرائم إرهابية و الامتناع عن إشعار السلط بما بلغهم من معلومات حول جرائم إرهابية   .  و قد قررت  المحكمة حجز القضية اثر الجلسة للنظر في مطلب السراح المقدم من طرف بعض المحامين و تعيين موعد الجلسة المقبلة  .  و تجدر الإشارة  إلى الحكم الابتدائي قضى بسجن المتهمين مدة تتراوح  بين عامين و ستة أعوام    .    عن الجمعية
لجنة متابعة المحاكمات السياسية   

بسم الله الرحمان الرحيم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تونس في19.09.2008
 

يحدث في المعهد العالي للدراسات التكنولوجية بسيدي بوزيد..رسالة الطالبات المحجبات

تلقت لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس رسالة خطية من الطالبات المحجبات بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية بمنطقة سيدي بوزيد جنوب غرب تونس هذا نصها :  
السلام عليكم بسم الله الرحمان الرحيم
شهد المعهد العالي للدراسات التكنولوجية بسيدي بوزيد (جنوب غرب تونس) خلال امتحانات السداسي الأخير من السنة الجامعية الماضية 2007/2008 ، إثر الزيارة التى قام بها وزير التعليم العالي الأزهر بو عون للمعهد ، أحداث نسجلها في هذه الرسالة المفتوحة ، فقد تم إبلاغ الفتيات المحجبات من قبل الإداريين بإيعاز من المدير بعدم الظهور أمام الوزير، فعرف المعهد حالة حظر تجول معلنة على الطالبات المحجبات ( وقد بقين داخل المبيت الجامعي ولم يسجلن حضورهن في أقسامهن حتى غادر الوزير) ، أثناء قيام الوزير بجولة في أنحاء المعهد ، وقد لاحظ الأخير تقصير المعنيين في تجهيز المعهد وتهيئته رغم أن الوزارة قدمت لهم كل المستلزمات المالية لإتمام ذلك. ورغم التحذير الموجه للفتيات المحجبات ، فقد لمح الوزير بعضهن ، وحسب شهود عيان فقد ثار الوزير في وجه مدير المعهد المدعو محمد الصغير الزعفوري ، وخاطبه بلهجة حادة أمام الحضور من أساتذة و إداريين و طلبة وقال له بالحرف :(هذا كوري موش معهد) ، (يعنى : هذا إستطبل وليس معهد) ، تعليقا على قلة التجهيز و سوء التنظيم ، وأضاف قائلا في توبيخه للمدير:(نظف الوسخ إلي عندك) ، (ويقصد بكلمة « الوسخ » الطالبات المحجبات) ، وقد حز هذا التقريع في نفس المدير الزعفوري ، ولكنه طأطأ رأسه أمام الوزير . و بعد مغادرة الوزير ثارت ثائرة محمد الصغير الزعفوري وأصبح يبحث عن كبش فداء ، ليحفظ به ماء وجهه ، فكان ذلك متوفرا في الفتيات المحجبات القادمات من منطاق تونسية أخرى البعيدات عن أسرهن ، حيث توعدهن بعدم دخول القاعات لاجتياز الامتحانات النهائية ، وكان تاريخها قرابة أسبوع و نصف بعد قدوم الوزير . وعند حلول أول يوم من أيام الامتحانات قام المدير بجولة في قاعات الامتحانات و خاطب المحجبات بنبرة شديدة و قاسية و أمرهن بنزع أي شيء كان يغطي الرأس حيث كنَ يرتدين إما « الفولارة التونسية  » أو قبعات ، لا غير . فامتثل لذلك أغلبهن خوفا من منعهن من اجتياز الامتحان , لكن امتنع عن ذلك بعضهن بقولهن مخاطبات المدير : لم نخالف القانون فبأي وجه حق تخرجنا !؟ فأرغد وأزبد وصاح فيهن قائلا : لن تدخلن غدا مهما فعلتن حتى و إن نزعتن الحجاب ، وأضاف ، وانتن « خوانجية ..وأنا ما نقبلش » (يقصد لا يسمح) . في الغد وقبل وصول أي طالب أمر أحد العملة بإغلاق كل أبواب الأقسام و باب الدرج الذي يوصل للأقسام و عدم فتحها إلا بحضوره شخصيا و بالفعل هذا ما حصل . وعند وصول الطلبة و الطالبات وقف المدير أمام الأقسام ولم يترك أي طالبة تغطى رأسها تدخل للقاعات وحتى أولائك اللاتي نزعن الحجاب منعهن كذلك ، فخيم على المعهد إحساس بالقهر و الخوف و الظلم وانعدام الحق و انعدام القانون ،وشعر الجميع بذلك ولم يستسغه أحد من الطلبة و الإداريين و الأساتذة ، فما فعله المدير في نظر الجميع تجاوزا لكل السلطات و الأخلاقيات والٌقوانين و الأعراف ، وبدى وكأنه يفتعل المشاكل ، وظن أن فعله هذا سيشفع له لدي السلطات ويغطي تقصيره أمام الوزير الذى وبخه . تجمعت الطالبات اللاتي منعهن من دخول القاعات في ساحة المعهد ، وهن في حالات من البكاء و الرعب من المدير الذي أمرهن بالخروج من المعهد نهائيا ، أمام مرأى و مسمع الجميع .وحاول بعض الأساتذة التوسط ، لكن المدير رفض بشدة . وعند سؤال بعض الطلبة للأساتذة :هل ما يحصل معقول ؟ هل هذه ظروف لاجتياز امتحانات؟ فكان جواب الأساتذة : يجب أن تدافعوا أنتم على حقوقكم , أنتم تركتموه يصل إلى هذا الحد و لم تقفوا له منذ البداية . فكان رد فعل الطلبة على الفور أن تركوا أوراق الامتحانات فوق طاولاتهم وخرجوا من قاعات الإمتحانات, فسارع احد الأساتذة إلى مكتب المدير ليخبره أن الطلبة تركوا قاعات الامتحانات (حيث كان المدير قد دخل مكتبه وهو الذي لم تنزع سيجارته من يده مذ وصول الطلبة) . خرج المدير والكاتب العام (الذي كان إلى جانبه طوال الوقت) سويا مسرعين ، وقام الكاتب العام بإعادة الفتيات المحجبات لقاعاتهن و انطلق المدير في صفوف الطلبة يبحث عن المتسبب في تحريض الطلبة على الخروج ، فوقع نظره على أحد القاعات ، أين وجد أوراق الامتحانات قد وزعت ولكن الطلبة تركوها و خرجوا ، فاستشاط غضبا ، وصاح في وجه الأستاذة المراقبة للقاعة و أمسكها بشدة من ذراعها وقال لها :من أمرك بتوزيع أوراق الإمتحان ؟..من..من…؟؟؟.. فأجابته الأستاذة بحدة : لقد رن الجرس منذ 10 دقائق.. لقد رن الجرس..! فرد المدير :لا ..لا..لا…لا لم يرن الجرس بعد… و تركها وخرج كالمجنون مسرعا إلى زر الجرس فضغط عليه بعصبية وعاد لها مسرع قائلا : الآن رن الجرس… ذهلت الأستاذة من التصرف اللا محترم للمدير معها ، وأسرعت إلى قاعة الأساتذة لتشرع في كتابة تقرير في المدير للسلطات المعنية . لم يعرف المدير كيف يتصرف أمام .. الامتحان …المحجبات… الأساتذة والتقرير…الطلبة الذين خرجوا…..استياء الجميع منه و من تصرفاته و تجاوزاته الفردية اللامسؤولة . استاء الكاتب العام ،عز الدين الحسيني ، من تصرفات المدير مع الأستاذة عفاف الحسيني (أستاذة اللغة الفرنسية بالمعهد) ، فأخبر المدير أن تصرفه معها كان خاطئا و عاتبه على ذلك ، و في أثناء كتابة الأستاذة للتقرير أخبرها الكاتب العام أنه مستعد ليشهد معها ضد المدير . أمر المدير الطلاب و الطالبات بالعودة إلى أماكنهم في قاعات الامتحان و طمأنهم أن زميلاتهم عدن أيضا معهم , ثم ذهب للأستاذة عفاف الحسيني ليعتذر لها فبادرته قائلة : (أنا مشني صغيرة نرضع في صبعي) ، تعنى : لست صغيرة ولا قاصرة . حضر الكاتب العام إلى القاعة التي حصلت فيها الحادثة وخاطب الطلبة قائلا : كيف تتركون المدير يمسك ذراع أستاذتكم بقوة و يصرخ في وجهها أمامكم ؟ فأجاب احدهم : وماذا نستطيع أن نفعل له ؟ فأردف الكاتب العام قائلا : لاشئ …لاشيء …أردت أن أشهدكم على الحادثة . استطاع المدير أن يقنع الأستاذة عفاف الحسيني بطريقة ما للتراجع عن كتابة التقرير ، وعاد جميع الطلبة إلى قاعاتهم ، وهناك من لم يستطع كتابة أي حرف في ورقته من الفتيات حيث انعدم التركيز عند الطلبة وتفشى التوتر وعدم الراحة . وبعد ذلك اليوم اختفى المدير لمدة ثلاثة أيام ، فعادت الراحة و الطمأنينة إلى الطلبة ، وبعد ثلاثة أيام عاد ليطوف على قاعات الامتحان و معه قلم و ورقة ليسجل أسماء الطالبات المحجبات على أمل الانتقام منهن فيما بعد . كما قام المدير بتحرير تقرير طرد لأحد الطلبة الذكور ، بدعوى انه حرض الطلبة ، ولكن الأساتذة كانوا إلى جانب الطالب أمام المدير فتراجع الأخيرعن قراره ، لكنه حمّل الطالب رسالة إلى زميلاته قائلا له : (قول إلصحباتك إجيوش في مايو العام الجاي… وإلا إجيوش عراية ….ما ثماش ترسيم…مهمش مرسمين كيندرا أش يعملوا) ، يعنى : بلغ زميلاتك المحجبات ، أنهن لن يقع ترسيمهن العام القادم حتى ولو حضروا في « مايو » سباحة أو بدون ادباش ، لن يقع ترسيمهن مهما حاولن !!!!! و منذ ذلك اليوم حتى أخر أيام الامتحان كان إذا أتى المدير للمعهد و أراد أن يلقي نظرة على القاعات, سبقه الكاتب العام و أخبر الأساتذة المراقبين أن المدير قادم , ليخبروا بدورهم الفتيات لينزعن الحجاب أمامه وبعد ذهابه يعيدون إرتداءه . ومع بداية السنة الدراسية الحالية 2008 / 2009 ، نفذ المدير تهديداته ، فمنع الطالبات اللاتي سجَل أسماءهن العام الماضى في قائمة من الترسيم ، ومنهن من نزعت « الفولارة التونسية » التى كانت ترتديها كي تتمكن من الترسيم في المعهد ، فقد كانت تعليماته للإداريين و للكاتب العام صارمة ، مفادها : لا ترسيم لأي طالبة مسجلة في القائمة أو أي محجبة جديدة ، فحاولن جاهدات إبلاغ الجهات المعنية بالأمر فإستدرك المدير الموقف ، وإعتمد أسلوبا آخر مع الطالبات المحجبات ، فحرر التزاما غير قانوني يمنعن من إرتداء الحجاب و أجبرهن على التوقيع عليه قبل الترسيم ، فلم تجد بعض الطالبات حيلة غير التوقيع للترسيم ، ومنهن من لم توقع على الإلتزام وهن ما زلن ينتظرن الترسيم ، وما تزال الطالبات يتلقين التهديد والوعيد إذا عدنا لأرتداء أي شيء يغطى الرأس . إن هذه التجاوزات التى يرتكبها المدعو الزعفوري تتكرر ، وهو يعتمد أساليب التخويف والتهديد ضد الطالبات كلما بدأ عام جديد منذ توليه إدارة المعهد .  
والسلام عليكم الإمضاء : الطالبات المحجبات بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية بمنطقة سيدي بوزيد ولجنة الدفاع عن المحجبات بتونس ، تطالب المدير محمد الصغير الزعفورى بقوف تعدياته على الطالبات المحجبات في المعهد ، وبعدم التعرض لهن ، وإتاحة المجال أمامهن للترسيم ومزاولة دراستهن في ظروف صحية بعيدا عن الضغوط والإرباك والتهديدات , وتحمله شخصيا كل النتائج المترتبة عن ممارساته الغير دستورية في حقهن ، وتعلن أن الطالبات في المعهد المذكور ينتظرن المساندة من الجميع من أجل وقف تجاوزات المدير كي يتمكن من الترسيم والإلتحاق بالفصل الدراسي في ظروف عادية . توكد أن الإنتقاص من حقوق الفتيات التونسيات المحجبات من قبل الإدرارات الرسمية ، والمضايقات التى إشتدت مع بداية العام الدراسي عليهن في البلاد خلقت أجواء من السخط العارم والإمتعاض الشديد داخل المجتمع وخاصة لدى عائلات المحجبات ، وهو ما يستدعى الوقف الفوري لهذه الممارسات التعسفية من قبل أصحاب القرار في البلاد ، الذين يتحملون مسؤولية شحن الأجواء وخلق مناح من الإرعاب مع بداية السنة الدراسية . تدعو الفتيات المحجبات وأسرهن إلى عدم الصمت على أي إنتهاك يطال المحجبات ، والتمسك بحقهن في الترسيم والدراسة دون التخلى عن الحجاب ورفع الأمر إلى أعلى المستويات الإدارية والسياسية في البلاد . تطالب السلطة الرسمية في تونس بإلغاء حملتها على المحجبات ، وتدعو الهيئات والشخصيات السياسية والفكرية والإعلامية في تونس وخارجها إلى التجند لفضح الحرب المسعورة التى تشن على المرأة التونسية المحجبة ، وتدعو العلماء والدعاء إلى العمل على رفع الحيف الذى لحق بها . عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس البريد :  protecthijeb@yahoo.fr

حوار مع … الضيف عدد 2 السيد محمد المومني « متحدث بإسم الأساتذة المطرودين »

*بدبي أنفو : مرحبا بك ضيفا في موقع الحزب الديمقراطي التقدمي. – الضيف : اهلا وشكرا على الاستضافة * بدبي أنفو : ماهي الأسباب الحقيقة التي دفعت وزارة التربية على إتخاذ قرار رفتكم من العمل ؟ – الضيف : في الحقيقة ما دفع وزارة التربية و التكوين إلى طردنا من العمل هو ما لا تستطيع الوزارة و لا أبواق دعايتها من صحفيين مأجورين قوله و هو انخراطنا في العمل النقابي لذلك لم تتأخر النقابة العامة و لا المركزية النقابية في تبني قضيتنا و اعتبارها أولوية مطلقة أما الوزارة فلم تجد أي مبرر يقنع الأساتذة الذين رفعوا الشارة الحمراء و اضربوا إلا قولا باهتا و خارجا دائرة  العقل و المنطق و هي حكاية العقود التي انتهت و كان وزارة التربية أنشئت معنا عقدا محددا بمدة زمانية وهذا كذب جاء على لسان احد الصحفيين المتزلفين للوزير السابق في جريدة همها الأوحد توزيع التهم حول الاستقراء بالأجنبي و التسييس  ما شابه. و نسوا ان القطاع فيه أكثر من 5000 أستاذ معاون صنف أ. أريد أن اسأل ذلك النبيه الذي يتحدث عن انتهاء العقود لماذا لم تنتهي عقود جميع هؤلاء الم تتبجح أنت و وزيرك بان التونسيين سواسية أمام القانون. أم أننا لا ننتمي إلى المناطق المحظوظة وذات الأولوية في التشغيل. * بدبي أنفو : بعد مرور سنة كاملة على  عزلكم من العمل كأساتذة تابعين لوزارة التربية . أين وصلت قضيتكم ؟ – الضيف : بعد مرور عام على طردنا من العمل نحن نشعر بالمرارة و كان تاريخ طردنا هو البارحة لا يمكن أن يتخيل المرء حجم المعاناة النفسية أولا و المادية ثانيا جراء الطرد من العمل و هو ما جعلنا نجازف بحياتنا دفاعا عن العودة إلى العمل. كما تعرف النقابة العامة و المركزية النقابية متبنية لملفنا من الناحية المادية و النضالية و على الرغم من بعض التعثر في تسديد جرايتنا فاني أري أن النقابة العامة و المكتب التنفيذي سيبذلها جهدا اكبر من اجل إعادتنا إلى العمل و هو مطلبنا الأساسي. كما نأمل أن يكون الوزير الجديد السيد حاتم بن سالم محاورا جيدا و يفتح تحقيقا في مؤامرة طردنا من العمل لأنه ساعتها سيتبين أننا تعرضنا لمظلمة.  *بدبي أنفو : هل توجد مؤشرات إيجابية في الأفق تدل على قرب وجود حل لقضيتكم ؟ – الضيف :  نرجو ذلك. ما نحن متأكدون منه أن ملفنا يحرج كل الأطراف و أحسن حل يتماشى مع ما ترفعه السلطة من شعارات حول العدالة و المساواة بين الناس هو إغلاق ملفنا نهائيا بإعادتنا إلى مواقع عملنا الأصلية. * بدبي أنفو : هل توافق من إتهم المركزية النقابية بعدم التزامها بوعودها حول تبنيها لقضيتكم ؟ – الضيف : انا لست من الذين يلقون التهم جزافا في الحقيقة من غير المعقول ان نتهم طرفا لم يحقق مكسب قطاعي بأنه متخاذل. أنت تعرف الحالة العامة التي يمر بها العمل النقابي في البلاد، و هناك أطرافا  مصلحتها أن لا يحقق الاتحاد أي مكسب بما في ذلك عودتنا إلى العمل لذلك تبدي تعنتها و تصلبها و هذا حال الوزير السابق الذي يرفض دائما فتح الحوار مع الطرف النقابي مدعيا ان ملفنا هو ملف سياسي و يتجاوزه. بالنسبة للمركزية النقابية كذلك اتصلت به عديد المرات غير انه لا يستجيب لمجر طلب معرفة سبب الطرد إلى حد أن الأخ الأمين العام قد أرسل برقية للوزير الأول يطالب بمحاور بديل عن السيد الصادق القربي -لان الحوار معه كحوار الطرشان لا يؤدي إلى نتيجة-الرسالة أظن  أن جريدة الموقف قد نشرت خبرا حولها. من ناحية أخرى المركزية النقابية ملتزمة بوعودها المادية إلى الآن و رغم كل ذلك نحن ندعوها أن تحاور السلطة خاصة بعد التغيير الوزاري من اجل عودتنا لان هذا هو مطلبنا الأساسي. * بدبي أنفو : هل يوجد تنسيق بينكم و بين النقابة العامة التعليم الثانوي لدراسة خوض تحركات احتجاجية تطالب مرة أخرى بإرجاعكم للعمل؟ الضيف : التنسيق مع النقابة العامة لم يتوقف يوما واحدا حتى في العطلة الصيفية و الإخوة أعضاء النقابة العمة للتعليم الثانوي لم يكفوا عن طرح ملفنا في كل الجلسات مع الوزارة حتى تلك التي تخص ملفات أخرى كالقانون الأساسي و حتى في أول جلسة مع الوزير الجديد طرح الملف. و بخصوص الاستعداد للنضال المباشر أقول لكل شيء أوانه سنعطي الفرصة لكل الأطراف كي يطرح ملفنا مع الوزير الجديد و بودنا أن ينهى الملف دون العودة للطرق النضالية المباشرة و لكن إن استعصى الأمر نحن لن نتأخر يوما واحدا في الدفاع عن حقنا و مستقبلنا و الأكيد سيكون ذلك بالتنسيق مع الإخوة أعضاء النقابة العامة و المركزية النقابية. * بدبي أنفو : اسمح لي أستاذ بأن أقول أن قضيتكم إنتهت إعلاميا بإنهاء إضرابكم عن الطعام الذي دام أكثر من شهر . بماذا تفسر ذلك ؟ – الضيف : إن الإضراب عن الطعام لن يستمر إلى ما لا نهاية له و خلالها قد تحولت قضيتنا إلى قضية رأي عام و لعل أهم مكسب حققه الإضراب هو انهاء العمل بصيغة أستاذ معاون صنف ا تلك الصيغة التي فتحت الباب أمام ضعيفي الأنفس للارتشاء و هذا المكسب هو ما يجعل قضيتنا حية باستمرار و من الجدير التأكيد أن القضية الآن لم تعد خاصة بثلاث أساتذة طردوا من العمل بل هي الآن أعمق بكثير إنها تطرح مصداقية خيارات و شعارات تطلقها الحكومة حول الشفافية و المصداقية و عدم حل قضية يجعل تلك الشعارات خاوية لا حياة فيها ، اسمح لي أن أقول لك إن ملفنا اليوم محرج لوزارة التربية أكثر منه أيام الإضراب عن الطعام فأكثر من 50 ألف أستاذ يسالون عن مصير ملفنا و هو ما يجعلهم يتأهبون للدفاع عنا في أية لحظة نشعر فيها ان الوزارة الجديدة ستستعمل هي الأخرى أسلوب التسويف و المماطلة. * بدبي أنفو : اتهمتكم السلطة بتسييس قضيتكم و خدمة طرف سياسي  لم تكشف عنه . ماهو تعليقك  على هذه الاتهامات ؟ – الضيف : و الله هذا الكلام قرأته في احد الصحف الصفراء لشخص لا علاقة له بالعمل الصحفي بل هو دخيل و أظن انه لم ينجح حتى في الكابس لذلك وضع نفسه موضع الدفاع عن الوزير السابق و راح يبرر طردنا بمبررات تافهة لا تليق بصحافة تحترم نفسها. و تهمة التسييس هي مجرد فزاعة لإخافة البعض كي لا يلتفوا حول قضيتنا و لكن الحمد لله اعتبر ان احتجاجنا قد لاقى زخما إعلاميا لم يشهده أي تحرك آخر. صدقني أخي معز عندما قررنا الإضراب بمعية النقابة العامة و إلى الآن لم يكن هدفنا غير العودة الى العمل و هو ما سندافع عنه كلفنا ذلك ما كلفنا. * بدبي أنفو : كلمة حرة إلى    + وزير التربية و التكوين. نرجو ان توفقوا في مهامكم و تنظروا في إنصافنا في اقرب وقت لان كل تأخير في إقرار العدالة من شانه أن يشعرنا و عموم الشباب بلا جدوى الحوار و الشعارات الرنانة حول العدالة و الشفافية.   + أمين عام الإتحاد العام التونسي للشغل. نشكر تبني الاتحاد العام التونسي للشغل لقضيتنا و دفاعه عنا و نطلب من الأخ الأمين العام شخصيا أن يتدخل لدي وزير التربية او الحكومة من اجل حل عادل لقضيتنا.   + جريدة « الموقف » . شكرا لجريدة الموقف التي ساندتنا إعلاميا أيام الإضراب عن الطعام و ساهمت في التعريف بقضيتنا. ?  بدبي أنفو : شكرا على هذا الحوار الخاص بالموقع الإلكتروني للحزب الديمقراطي التقدمي حاوره : معز الجماعي (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 18 – 09- 2008 ) الرابط 🙁www.pdpinfo.org)

 

حول دخول شندول إلى مجلس المستشارين  توسع دائرة المناهضة النقابية

بعد الموقف الذي اتخذته النقابة العامة للتعليم الثانوي من دخول محمد شندول إلى مجلس المستشارين والذي   رفضت فيه على حد تعيير البيان الصادر عنها التعامل بروح التعالي على المنظمة والصلف تجاه قرارات الهياكل المسيرة وتغليب المصلحة الشخصية خاصة إذا ما صدر ذلك عن عضو في المركزية النقابية انتخب من أجل الدفاع عن مصداقية القرارات المتخذة والذود عنها وفرض الالتزام بها مطالبة بمحاسبته وفقا لما تنص عليه فصول القانون الأساسي والنظام الداخلي حفاظا على وحدة الصف النقابي واستقلالية المنظمة ، أصدر الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة بيانا يوم 5  سبتمبر الجاري طالب فيه بمحاسبة محمد شندول عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل مسؤول الإعلام ومدير صحيفة ‘الشعب’ لسان الاتحاد على ما ‘اقترفه’ على حدّ تعبير البيان بانضمامه إلى مجلس المستشارين. وقال البيان أنّه لا يمكن لأحد مهما ‘ارتفعت هامته’ أن يدوس قوانين الاتحاد وأن يعتدي على المنظّمة مؤكّدا في الآن نفسه على ضرورة محاسبته وفق القانون الأساسي والنظام الداخلي لاختراقه لقرارات الهيئة الإدارية الوطنية لاتحاد الشغل. هذا وقد أكّد الاتحاد الجهوي بجندوبة في بيانه المذكور أنّ شندول مخيّر بين الاستقالة من مجلس المستشارين والاعتذار للنقابيين أو الاستقالة من الاتحاد بعد محاسبته وفق النظام الداخلي للمنظّمة واعتبر البيان الذي تمّ توزيعه على نطاق ضيّق أن ما أقدم عليه شندول هو من أجل خدمة أغراض ومصالح شخصيّة. ان صدور هذا البيان عن هيكل عام جهوي له دلالة خاصة إذ انه لا يلزم نقابة قطاعية بعينها بل يلزم كل النقابات المنضوية تحته هذا من جهة ومن جهة أخرى فصدوره بعد بيان المكتب التنفيذي للاتحاد العام  الذي تعرض فيه إلى مسالة  دخول محمد  شندول إلى الغرفة الثانية معتبرا إياه سلوكا فرديا وشخصيا لا يلزم المنظّمة ، يعني أن كلمات المكتب التنفيذي القليلة الواردة بالبيان لم تقنع  اغلب النقابيين الذين  يرون في قبول شندول الدخول إلى المجلس استهزاء بقرارات  المنظمة وتوصيات مؤتمرها الوطني و لكن وبقطع النظر عن موقف الاتحاد الجهوي بجندوبة  فانه من الضروري ان نلاحظ  أولا أن  صدور  بيان من المكتب التنفيذي للتعبير عن موقف من سلوك  احد أعضائه  مهما كانت الظروف  التي لا شك أنها دفعت إلى صدوره أمر محمود لأنه يعني مبدئيا أن المكتب لا يتستر على الاختلافات أو التناقضات التي تشقه بل انه  يكشفها إلى الرأي العام النقابي وغير النقابي ، غير ان البيان  بالصيغة التي جاء فيها يثير فينا بعض التساؤلات والملاحظات : 1)إن الصيغة التي جاء فيها البيان تكتفي بمجرد اتخاذ مسافة بين المكتب ومبادرة احد أعضائه لا أكثر ولا أقل  كما ان اللغة التي صيغ بها جاءت  رديئة كثيرة الأخطاء مما يدل على أن النص إما انه كتب  بسرعة  من يريد أن يتخلص من مهمة ثقيلة  أو أن النص قد صيغ أكثر من صياغة فجاء التأليف مفتعلا مخيطا بالأبيض عليه علامات الطي و الترقيع ظاهرة لا لبس فيها 2) إن الاكتفاء بمجرد اتخاذ مسافة بدون موقف صريح حتى ولو كان هذا الموقف من باب التعيبر عن الأسف وبدون رفع المسألة إلى الهيئة الإدارية الوطنية التي اتخذت موقف مقاطعة المجلس أو حتى الاشارة إلى أن  المكتب سيتابع المسألة كل ذلك يكشف عن الارادة الظاهرة لفتح الملف من أجل اغلاقه فكأن المكتب التنفيذي  تكلم من أجل إسكات الأفواه أولا ثم من أجل أن يطوي هو نفسه صفحة مزعجة في ظرف لا يتحمل فيه الاتحاد بعد امتحان الحوض المنجمي مزيدا من الهزات الداخلية هذا فيما يخص بيان المكتب التنفيذي أما فيما يخص الصفة التي  دخل بها محمد شندول إلى المجلس  باعتباره شخصية وطنية فان كثيرا من النقابيين يعتبرون أن  هذا الكلام يحتوي على مغالطة  لان شندول لم يكتسب هذه الصفة إلا من خلال انتمائه إلى الاتحاد وهو ما يجعله مدينا بها إليه لا حق له في استغلالها خارج أطره بدون موافقته وفي مخالفة صريحة لتوجهاته  خاصة وان مبادرته تسيء إلى الاتحاد لأنها من بعض الجوانب تؤكد ما يردده منتقدو المنظمة الذين يرون أنها تشكو من داءين ينخرانها أولا أنها مخترقة من قبل السلطة مما يشكك في استقلاليتها وثانيا أنها محكومة بمنطق المنافع الشخصية خاصة في هذا الظرف بالذات حيث سيضطر تسعة أعضاء من  المكتب التنفيذي الحالي إلى مغادرته في نهاية النيابة الحالية بعد تحوير القانون الأساسي للاتحاد الذي يمنع البقاء في المكتب أكثر من نيابتين  متتاليتين  . وإذا تركنا مسألة المنفعة الشخصية جانبا وقصرنا نظرنا على مسالة استقلالية الاتحاد فان دخول شندول إلى الغرفة الثانية يثير كثيرا من المخاوف داخل الأوساط النقابية فهو الأمين العام المساعد المسؤول عن الإعلام والاتصال والنّشر وهو بهذه الصفة مدير جريدة الشعب  وذلك طبقا لما نصّ عليه القانون الأساسي والنّظام الدّاخلي للاتحاد.فهل يفرض دخول الرجل إلى مجلس المستشارين عليه وعلى صوت العمال قيودا أكثر مما يشكو منه الآن ؟.وكيف يمكن أن يترك موقع بهذه الأهمية لمن اعتبر انه يمكن أن يتحدث لغتين الأولى ملتزمة بقرارات الاتحاد والثانية لا تلزمه  إلا هو؟  إننا نتساءل في الأخير  هل كان الاتحاد  في حاجة  إلى هذا  الخروج عن الصف  الذي  رأى فيه كثير من النقابيين  ضربا لوحدة الاتحاد و برنامجا شرع في تطبيقه لإلهاء المنظّمة في صراعات داخلية حتّى لا تقوم بدورها الضروري في الدفاع عن مصالح فئات الشغالين المنخرطين صلبها و مجرّد بداية لأزمة تريد السلطة أن تفجّرها داخلها ؟  
عبدالسلام الككلي (المصدر: صحيفة الموقف لسان حال الحزب اليمقراطي التقدمي( أسبوعية معارضة – تونس) العدد  بتاريخ 19 سبتمبر 2008)  


 

محمّد الغرياني : قيادة شابّة لحزب هرم

غادر حامد القروي نائب رئيس التجمّع الدستوري الديمقراطي الحزب الحاكم في تونس منصبه منذ أسبوعين عن سنّ تتجاوز الثمانين عاما وبعد أكثر من 20 سنة من وجوده في تشكيلة الديوان السياسي, وكان القروي قد أجرى العام الماضي عملية جراحية نصحه إثرها الأطباء بالركون إلى الراحة. وتتفق مغادرة القروي مع قرار الحزب الحاكم في مؤتمره الأخير الذي جرى أواخر شهر جويلية المنقضي والمتمثّل في الاقتصار على نائب واحد لرئيس الحزب وهو محمّد الغنّوشي الوزير الأوّل. وكان الغنّوشي قد شغل منصب النائب الثاني لرئيس التجمّع طيلة سنوات عديدة فيما لم يكن قد وصل إلى هذا المنصب عبر نشاطه الحزبي رغم انتمائه منذ فترة طويلة إلى صفوفه بل كانت إدارة الدولة السبيل إلى الوصول إلى منصب قيادي في الحزب الحاكم, من هنا لا يبدو أنّه سيكون للنائب الوحيد لرئيس الحزب تأثير في الحركيّة السياسة داخل حزبه خصوصا وأنّه من الذين يحاولون تجاوز الصراعات والبقاء خارج حلبة المنافسة السياسية التي تعرفها جميع التنظيمات رغم تموقعه في مرتبة الشخص الثاني للدولة إذ ينوب رئيس الحزب بصفته وينوب رئيس الدولة بصفته الوزير الأوّل، وتغلب على الغنّوشي الشخصيّة الإدارية أكثر من رجل السياسة. مؤسسة الرئاسة تقود الحزب الهادي مهنّي الأمين العام للتجمّع غادر هو الآخر منصبه ليعوّضه محمّد الغرياني الذي يمثّل جيل الشباب وأحد رموز سلطة 7 نوفمبر. وقد تداول على هذا المنصب 7 أمناء عامّون أوّلهم كان الهادي البكّوش ثمّ عبد الرحيم الزواري والشاذلي النفّاتي وعبد العزيز بن ضياء وعلي الشاوش والهادي مهني وأخيرا محمّد الغرياني. وتقلّد الستّة الأوائل منصب الأمانة العامة عبر الوزارات بما يعني أنّه ولأول مرّة يعتلي هذا المنصب أمين عام من خارج الوزارة. ولكن هذه المرّة عبر مؤسسة الرئاسة، فالغرياني انتقل مباشرة من منصب مستشار أوّل لدى رئيس الدولة إلى منصب الأمانة العامّة بما يعكس تغليب الطابع الرئاسوي على هذا القرار على حساب الحكومة التي اعتادت أن تفرز أمناء عامين للحزب. وتجدر الإشارة إلى أنّ الغرياني كان الأمين العام لمنظّمة طلبة التجمّع حيث يتمّ العاويل ولأول مرّة على قيادي سابق لمنظّمة طلابية حزبية بعد أن كانت أغلب قياداته من صفوف الاتحاد العام لطلبة تونس على غرار حامد القروي والطاهر بالخوجة ومحمد الصيّاح. وتقرأ هذه المبادرة على أساس أنّ الحزب الحاكم قد جرّب قياداته الإدارية أو ما يعرف بالتكنوقراط وقد حوّل وجهته صوب منظّماته الشبابية بعد أن أدت سيطرة الإداريين إلى إفراغ الحزب من طابعه السياسي وتحويل الوزارات والإدارات إلى مؤسسات حزبية بشكل جدّ معلن. عدا استقدام أمين عام شابّ وله تجربة سياسية ميدانية في صفوف الطلبة فإنّ الديوان السياسي للحزب الحاكم قد ظلّ على ما هو عليه. والمعروف عن الغرياني هو عدم المبادرة وتعلّقه بالإنضباط للهياكل غير أنّ تعيينه قد يكون نوعا من التشبيب على المستوى العمري وليس على المستوى السياسي فيما يتعلّق بالتصوّرات والخطاب العام وطريقة التفكير والسلوك في حزب تعوّد إغلاق الباب أمام الجميع ثمّ دعوة النّاس إلى الدخول. وقد ينخرط هذا التحوير في سياق الخطاب المتعالي والمكثّف منذ أكثر من عام حول الشباب وضرورة تشريكه في الحياة السياسية خصوصا بعد أحداث سليمان. ولكن السؤال الذي يطرح هو حول مدى قدرة الغرياني على إضفاء حركية سياسية داخل حزب لا تزال أغلب قياداته محافظة ومتصلّبة خصوصا وأنّ هؤلاء يمثّلون الوسط السياسي الذي تربّى فيه وترعرع منذ البداية. فهل أنّ الغرياني أمين عام شاب يحمل عقلية الحرس القديم وشيوخ الحزب؟ أم أنّه يحمل توجّها مغايرا في محيط حزبي هرم؟ الأمين العام الجديد للحزب الحاكم دستوري منذ بدايته عكس ما يروّج حوله من انتمائه إلى صفوف اليسار أو صفوف اليسار الإسلامي أو العروبي بل هو دستوري يحمل حسّا عروبيا ولكنّه مرن ومفاوض كبير كما انّه من العناصر القليلة في التجمّع التي اخترقت فلول اليسار وربطت علاقات مع بعض حساسياته وصداقة مع بعض رموزه بل إنّ الأمر بلغ حدّ التشاور فيما يتعلّق بدور بعض الحساسيات اليسارية في الجامعة وفي المنظّمات والجمعيات والنقابات. وكان للغرياني علاقة جيّدة مع سمير العبيدي الوزير الجديد للشباب والرياضة عندما كان أمينا عاما للاتحاد العام لطلبة تونس سنة 1988 إذ تضافرت جهودهما لتحجيم دور الاتحاد العام التونسي للطلبة المنظمة الطلابية الموازية التي منحها البعض من رموز النظام الجديد للتيار الإسلامي آنذاك لتعديل الكفة ومواجهة اليسار باليمين. وللتذكير فإنّ الحزب الحاكم كان في تلك الفترة موزّعا بين رؤيتين إحداهما تحاول التواصل مع الإسلاميين والأخرى ترفض وقد كان من بين رموز الأولى الوزير الحالي للتعليم العالي والعميد السابق لكلية الحقوق الأزهر بوعوني ومستشار الرئيس آنذاك منصر الرويسي ووزير التعليم العالي آنذاك عبد السلام مسدّي والمدير الحالي للمجلس الأعلى للاتصال عبد الباقي الهرماسي ووزير الصحّة حمودة بن سلامة فيما قاد تيار المتصدّين للتعامل مع الإسلاميين كلّ من عبد العزيز بن ضياء والهادي البكّوش وحامد القروي وعبد الرحيم الزواري وعبد الله القلاّل. تحليلات الشارع السياسي وعقب التحوير الذي حدث في تركيبة الديوان السياسي انخرط الشارع السياسي في تونس كالعادة في استهلاك الحدث وبناء تحاليل تستند في أغلبها إلى إشاعات ونظرات متفائلة لمحمّد الغرياني الذي رأى البعض أنّه سيمدّ قنوات الحوار فيما رأى البعض الآخر أنّه قادم لإيقاف مدّ الإسلاميين المعتدلين في وقت بدا فيه الحزب الحاكم أبرز المنافسين على تقريب خطاب الإسلام المعتدل والتمسّك بالهوية الإسلامية للمجتمع ورفض التطرّف وفي محاولة جدّية لسحب البساط من تحت أقدام الحركة الديمقراطية التي أنجزت في السنوات الأخيرة تقاربا مرحليا مع الإسلاميينتحتعناوين حرية التنظّم والتعبير والمعتقد واللباس … فهل سيتمكّن الغرياني من فتح الملفّات المقفلة؟ وإلى أيّ مدى هو قادر على معالجة قضايا الحريات وحقوق الإنسان والأزمات الاقتصادية والاجتماعية وهو محاط بالحرس القديم الذي لا يزال يحكم قبضته على أجنحة الحزب الحاكم تحت عناوين جهوية ومصالح فردية وولاءات عائلية وبعد سنوات من المحافظة على نفس الخطاب المتعالي والادّعائي. البعض قال إن الغرياني سيستقدم طاقات شابّة لفتح قنوات الحوار مع بقية مكونات الساحة السياسية من أحزاب تدور في فلك السلطة وأخرى تدور في فلك مقرّاتها. واستندت هذه القراءة إلى ما حصل في مؤتمر الحزب من تعزيز لعدد الشباب في اللجنة المركزية لكن هذا التأويل يظلّ سطحيا لأنّه بمجرّد الإطلالة على قائمة الكتاب العامين للجان التنسيق للحزب ولبقية هياكله القاعدية نصطدم بذهنية « العمدة والشيخ ورئيس الشعبة » التي لا تفرّق بعد بين المال العام ومال الحزب ومالها الخاصّ ولا تميّز بين المعارضين والمعمّرين وتقيس الولاء لتونس بالتصفيق وحمل الشارة البنفسجيّة. بعض المثقفين حمّلوا الأمين العام الجديد وزر إخراجهم من التهميش وإعادتهم إلى البلاط للتشاور والتسلية ولما لا لبعض الهدايا والعطايا والبعض الآخر نظر إلى الوراء عشرين عاما وتنهّد متذكّرا أنّه كان صديقا حميما له وقد جالسه مرّات عدّة أمّا البعض من نشطاء الأحزاب المقرّبة من السلطة فقد تساءل عن إمكانية الاتصال به خصوصا وأنّ لهم في السابق لقاءات وحسابات في المواعيد الانتخابية. منافسة داخل الحزب الأمناء العامون المساعدون في الحزب الحاكم وجدوا أنفسهم بعد هذا التحوير تحت قيادة عنصر شاب كانوا منذ سنوات قليلة قياداته فعبد الوهاب الجمل الأمين العام المساعد المكلّف بالمنظّمات والجمعيات ينظر إلى الغرياني على أساس أنّه كان أحد مساعديه عندما كان يرأس منظّمة طلبة التجمّع ومحمود المهيري الذي عوّضه الغرياني في منصب المستشار الأول لرئيس الدولة وجد نفسه اليوم مساعدا له وكذلك بالنسبة لفوزي العوّام ومحمد سعيد وكمال الحاج ساسي. من المحتمل إذا أن يكون لتصعيد الغرياني إلى الأمانة العامّة أثره في تنشيط صراعات ومنافسات على المناصب بشكل معلن وتحت مبرّرات الأقدمية والسنّ ولكنّ المهمّة الأصعب من التوازن الداخلي لهذا الأمين العام الجديد هي ملفّات البلاد التي أصرّ الحزب الحاكم على دفنها تحت قدميه منذ عشرات السنين ونظر إلى السماء متعاليا عليها ومنكرا لها، ملفّات أصبحت بمثابة القنابل الموقوتة مثل ملفّ التشغيل وملفّ الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والفساد المالي والإداري والمفاوضات الاجتماعية ووضع التعليم ووضع اتحاد الطلبة ووضع المنظّمات والجمعيات ووضع الأحزاب المعارضة القانونية والأخرى التي تحرم من حقّها في النشاط…ركام من الملفّات تنتظر الأمين العام الجديد وتتطلّب موائد للحوار عوض موائد الإفطار وعقلية قابلة للتفاوض وسلوكا منفتحا على المبادرة وطرق الأبواب على جميع الوجهات والأصعدة للخروج من الانحدار نحو موت سياسي جرّاء الحصار. وقد تكون الحلول في الانفتاح على هذه الملفّات الطريق الوحيد للغرياني حتّى يفرض نفسه داخل محيطه المتهرّم وحتّى لا يكون مجرّد معطى تقني لانتخابات تذهب وتعود ولم تصطحب معها يوما إرادة حقيقية في التغيير الديمقراطي. الصحبي صمارة (المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة ? تونس)، العدد 73   بتاريخ 19 سبتمبر 2008 )


سبتمبر 2001- سبتمبر 2008 : حصاد السبع العجاف

(عدنان المنصر ) أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة سوسة
قبيل الحادي عشر من سبتمبر من سنة 2001، لم يكن أحد يتوقع أن يرى أمريكا تقصف في عقر دارها وأحد أهم رموزها ينهار تحت وطأة عملية لم تعوزها الجرأة ولا حسن التنظيم. من منا لم تهزه تلك المشاهد ولم تنطلق داخله بعض أحاسيس الشماتة لرؤية أمريكا الجريحة ذليلة منكسرة ولو لبعض الوقت؟ منذ ذلك الوقت يبدو أن أشياء كثيرة تغيرت، فتلك العملية، بغض النظر عن توصيفاتها المختلفة، لم تزد واقعنا إلا سوءا وأمريكا إلا صلفا والإستبداد إلا عنفوانا. سبع سنوات مرت منذ تلك الهجمات التي بإمكاننا القول اليوم بانها، مثل التي جاءت من بعدها، كانت « إرهابية ». ليس المقصود هنا إطلاق حكم أخلاقي قيمي عليها بل توصيفها سياسيا بالإستناد إلى المفهوم الأكثر حيادية للإرهاب، وهو العمل الذي يهدف، عن طريق عمل فجئي وعنيف ومعد بسرية، إلى إحداث تغيير في سياسات الدول أو المجموعات. هل بإمكاننا اليوم أن نرى ما إذا حققت تلك الهجمات أهدافها المضمنة في تعريف « الإرهاب » ذاك؟ على الرغم من أن الكثير من المحرجين يحاولون تأجيل الأمر بداعي « الغموض » و »الطابع الوقتي » للتوازنات الراهنة، إلا أن الأمر أكثر بساطة ووضوحا وشؤما مما يحاولون الفرار منه. إذا كان المقصود من « إحداث تغيير في سياسات الدول والمجموعات » يعني، من ضمن ما يعنيه، اشتداد الهجوم علينا من قبل الدول التي استهدفتها تلك الهجمات، فإن النجاح كامل وباهر. إن جردا بسيطا للحساب يعطينا تقييما بديهيا للوصفة السحرية التي ابتدعها منظموا ومساندوا ومنظروا تلك الهجمات: منذ ذلك الحين أعيد احتلال بلاد كان يظن أنها تحررت، واحتلت بلاد كان يعتقد أنها البوابة الشرقية لعالمنا العربي، وتركز تأثير الأجهزة السرية والعلنية الأمريكية في كل بلادنا بلا استثناء. من سوء الحظ أننا، في خضم الواقع الناشئ عن « الحرب ضد الإرهاب » قد أضحينا أكثر ضعفا ودونية مما كان عليه الأمر قبل تلك الهجمات، ولا يبدو أن اتجاه البخار سينقلب في المدى القريب، مهما اجتهد الظواهري لإقناعنا بذلك. قبل عشر سنوات من تلك الأحداث كان الغرب قد أفاق على تبخر العدو الإستراتيجي الذي قامت على مواجهته كل السياسة العسكرية والجهد الديبلوماسي لدول الغرب الرأسمالي مجتمعة منذ الحرب العالمية الثانية. لم نكن نتوقع أن يجد الغرب عدوا استراتيجيا جديدا بمثل تلك السرعة وأن ينجح في تجيير كل السياسة الدولية ضده. وفي المقابل فقد بدت القاعدة كمن يفقد ميدانا ويكسب آخر، في حرب مواقع غير تقليدية لم تشهد البشرية مثيلا لها طيلة وجودها. منحت العولمة للطرفين المتصارعين أدوات تقاتل جديدة زالت معها الحدود وتبخرت السيادات. أصبح عاديا أن نتقبل نبأ قصف طائرات أمريكية لأهداف إرهابية في اليمن أو باكستان، وأن نتقبل في الآن نفسه أن تضرب القاعدة في أماكن لم نحسب أن لها وزنا في خريطة الصراع الجديد. حيث ما قلبت الأمر وجدته محبطا. كم عدد « الإرهابيين » الحقيقيين الذين طالتهم العمليات العسكرية والأمنية الغربية؟ وفي المقابل كم عدد « أعداء الأمة » الحقيقيون الذين طالتهم عمليات القاعدة؟ لا يبدو أن لذلك قيمة تذكر في نظر الطرفين، فالهدف لم يكن مطلقا، فيما يبدو، التفريق بين العدو الحقيقي وضحايا الصدفة. الأمريكيون وجدوا بعض الحل لمشكل التصنيف ذاك، فقد أصبحت بياناتهم منذ مدة تتحدث عن « الإرهابيين المفترضين »، أما الطرف المقابل فيقوم بتوزيع أوسمة الشهادة التي لا يبدو أنها تغير في واقع الضحايا شيئا. من اللافت أن كلا الطرفين وجدا الحل نفسه ، ففي حين يضع الأول الأمر على عاتق حسن النية، فإن الثاني يعول على تفهم الله لأخطاء المنفذين. كم كنا نود أن يأخذ الصراع شكله العتيق الذي تعودنا عليه، دول تتصارع، دول تساند هذا الطرف أو ذاك، وأخرى تتفرج. لنعترف أن لا تقليدية الصراع الراهن أمر يرهقنا أشد الإرهاق. فعلاوة على طابعه غير المحسوس غالبا، يضعنا هذا الصراع في الموقعين المتقابلين في الآن نفسه: نرفض أساليب « الإرهاب » وتبريراته لأننا ندفع من حياتنا ثمنها القاسي، ولكننا نتحمل بعض وزره لأننا ننتمي، شئنا أم أبينا، إلى نفس الثقافة التي يقال لنا أنها أنتجت من جملة ما أنتجت، « الإرهاب ». بالنسبة « للإرهاب » نحن مشبوهون. بالنسبة لمحاربيه، لسنا في محل أقل شبهة إطلاقا. كم تبدو مضنية وضعيتنا فنحن فيما يبدو لا قدرة لنا على اختيار موقعنا، وإذا ما قدر لنا أن نختاره فإننا نجني به عداء الجميع في الوقت نفسه. إننا ببساطة القدر نتلقى الضربات من الجانبين، هل سلط علينا حكم بات بأن نكون إما إرهابيين وإما عملاء للغرب؟ الأمر يتخطى الواقعية ولكنه، في بعده القاسي، واقعي كأبشع ما يكون الواقع.  هل نريد من التصريح بعدم رضانا عن موقعنا أن يحيدنا الجميع وأن نواصل حياتنا كما كانت، دون رجات ولا أزمات؟ المسالة، برغم التوصيف بالإنتهازية الذي قد لا ننجو منه، أعقد من ذلك. مأتى القلق أننا نجد نفسنا في أتون صراع لم نرده ولكنه يصهرنا، لم نرده  رغبة في السلامة ولكن لأننا نعتقد أنه عبثي إلى أقصى الحدود، لأن منطقه لا ينبع ببساطة من داخله. هل بإمكان الغرب المصطف اليوم كالبنيان المرصوص في « الحرب على الإرهاب » أن يأمل أن حربه تلك ستنتج عالما أكثر استقرارا؟ هل بإمكان « الإرهاب » في المقابل أن يجعل من أعمال التفجير خريطة طريق لصراعه ضد الغرب؟ الأمر لا ينبع من هذه الطريقة في النظر للأشياء بقدر ما ينبع من اعتبارات نراها ولكننا لا نستطيع لمسها لأنها متحولة، ينتج بعضها بعضا، وفي خضم ذلك التحول يضيع الأصل وينتج « الإرهاب » مضاداته في حين تبلى المضادات بالمناعة المكتسبة المتزايدة « للإرهاب ». سيكون بإمكان الصراع الراهن أن يتبجح بأنه كان من أهم عناصر تحقيق العولمة. لم يعد سرا أنه في الآن نفسه، سعت الولايات المتحدة إلى تكثيف مراقبتها المخابراتية في كل دول العالم دون استثناء، وإلى فرض تغييرات محسوسة في برامج التعليم في الدول الإسلامية، وإلى تكثيف مراقبة الأفراد في تنقلاتهم ومعاملاتهم وحياتهم الأسرية، وتطوير أساليب عسكرية جديدة أكثر تلاؤما مع تحديات المرحلة، والإحاطة بوسائل الإعلام من أجل تغطية دعائية لسياستها، وربط جميع المساعدات والتعاملات المالية مع الدول بمدى انخراطها في منظومة « الحرب على الإرهاب ». من بإمكانه اليوم إنكار أنه أصبح، رغما عنه وعن سيادة الدولة التي تحيطه بعنايتها، مواطنا أمريكيا بدرجة ما. تتدخل الأجهزة الأمريكية في تحديد أنظمة السفر ومعايير المعاملات المصرفية وطرق مراقبة المشبوهين (أي نحن جميعا) وتتولى في أحيان كثيرة أمر اعتقالهم خارج التراب الأمريكي وتوكل أمر استنطاقهم وتعذيبهم إلى من فرض كفاءته في هذا الميدان أكثر من غيره. ينبغي أن نعترف بأن ذلك الجهد كان خارقا وخارج دائرة التوقع منذ سبع سنوات وأن أهدافه الأساسية قد تحققت، ونحن نحسب أن أهدافه الأساسية ليست مطلقا منع القاعدة من تنظيم هجمات أو تحقيق عالم أكثر أمنا، بل إنتاج عالم جديد تمسك فيه الولايات المتحدة بمقاليد كل شيء، بكل المعلومات وكل المقدرات، مما يسهل تجيير جميع الطاقات لصالحها وفرض تأثيرها غير القابل للمقاومة على الكيانات الأخرى، حليفة كانت أو متحفظة. نكاد نجزم، لولا اعتراف القاعدة، بأن تلك الأجهزة هي من خطط للأمر برمته، ولكن هذه قضية أخرى. ما نريد تأكيده هنا هو ازدهار صناعة « الإرهاب » إلى حد لم نتصور أنها ستبلغه. تقوم صناعة « الإرهاب » على مكون أساسي توفره صناعة رديفة أخرى هي صناعة الخوف. وبين الخوف من « الإرهاب » و »الإرهاب » بدعوى القضاء على الخوف نقطع الخطوات المتبقية لنا نحو الزمن الأمريكي الكامل. يضعنا الغرب في موضع المتهم باستمرار، إما لتخلفنا أو لثقافتنا « الراعية للإرهاب » أو لنفسيتنا المهووسة بالعداء له. وفي المقابل نحسن نحن لعب هذا الدور كما لم نحسن غيره. نلتفت داخلنا ونتساءل: من حق القوم أن يلومونا، فثقافتنا « تحرض على الإرهاب ». ينتابنا الشك في فهمنا الذي كان إلى حد قريب بديهيا لأنفسنا، لواقعنا ولثقافتنا. ليس المقصود من وضعنا موضع الإتهام أن نلفظ تلك الثقافة فهم يحتاجون باستمرار إلينا حيث نحن، ليفهمونا كما يريدون. تنهال علينا الضربات وعندما نرفع أيدينا لنتقي بعضها تتأكد التهمة ويشرعون في تصفيتنا. في كلتا الحالتين يتهددنا الزوال. لا يضعنا الآخرون في موقع أكثر سكينة باتهامنا واستهدافنا، لأننا « مسلمون سيؤون »، « منافقون ومنبطحون لهيمنة الغرب ». لا يراد منا أن نكون مسلمين جيدين لأنهم سيفقدون بذلك « تميزهم » ومشيخات الرماد التي شيدوها على جثثنا. نلتفت مرة أخرى داخلنا ونتساءل: هل نحن سيؤون إلى هذه الدرجة؟ يتسمعون إلى تساؤل البعض منا فينهالون عليه بفيض تقواهم وجهادهم، قد ينجحون فيبلغنا بعد حين أنه انتقل إلى الضفة الأخرى، و »يحتسبونه عند الله شهيدا ». يتمعش الإستبداد من الوضع فيستلمنا ونحن على خوفنا ذاك، فيمتص ما بقي من الحياة داخلنا، ويلقي بنا بعد ذلك مكرهين في زمرة الرعية الراضية المرضية. لن يكون بالإمكان بعد ذلك أن نطلب لأنفسنا أو لغيرنا شيئا، يكفي أننا نتفس بين الحين والآخر. من بمقدوره اليوم أن يناقش استفادة الإستبداد من « الإرهاب »؟ فقط الإستبداد يشكك في ذلك (ومعه « الإرهاب » أحيانا). تكتمل حلقة الفناء من حولنا وقد اندثرت معالم حلم قديم بأن نكون مواطنين في دولة مواطنة. تلتقط دولة الرعية أنفاسها بعد محنة المساءلة الديمقراطية وتجد نفسها، مجددا، في وضعها المريح. تلعب دورها في الحرب على « الإرهاب » كأفضل ما يؤمل منها، تلتقط في الأثناء المناوئين لها وترمي بحقوق الناس إلى الجحيم. بعد ذلك يصبح بإمكانها القول أن القطيع بخير، « بلدة طيبة ورب غفور ». لا تستهدف « الحرب على الإرهاب » « الإرهاب » وإنما السيطرة على الأفراد بعد أن تكون قد قضت على كل روابط التضامن بينهم. تحاصر المميزات الثقافية في زوايا الصراع المظلمة فيبدأ مسار تذويب الهويات وتقترح العولمة الأمريكية بديلا لذلك كله. يضيق الإسلام في أثناء ذلك بمعتنقيه ويتحول عوضا عن كونه هوية منفتحة على الإنسانية ومتسعة باستمرار إلى بوتقة يحتكرها « المسلمون الجيدون » بعد أن قرروا أنهم من تنطبق عليهم الصفة. تنحسر حركة الحقوق في خلال ذلك تحت وطأة استبداد الدول التي اغتنمت فرصة وجودها ويصبح أقصى أمل الفرد أن يعود إلى بيته في المساء دون أن يكون ضحية قصف أو تفجير أو إيقاف عن طريق الخطأ. في خضم هذه السريالية القاسية يفقد الإنسان بوصلته ويعلم أنه لن يكون بإمكانه أن يعيش إنسانيته كما تعود في الماضي. الآن أصبح يفهم أن « الإرهاب » و »الحرب على الإرهاب » والإستبداد وما خفي من ملمات إنما تستهدفه كإنسان يراد له أن يكون قطعة بلا روح ولا إرادة في متاهة لا يعلم حدودها ولا مخارجها.  
(المصدر: صحيفة الموقف لسان حال الحزب اليمقراطي التقدمي( أسبوعية معارضة – تونس) العدد  بتاريخ 19 سبتمبر 2008)


الصباح: دكتوراه الدولة: هل أغلق الملف نهائيا إيداعا ومناقشة؟

   

تونس الصباح: اتصلنا برسالة موقعة من قبل عدد من الاساتذة الجامعيين المرسمين في نظام دكتوراه الدولة (نظام قديم) يستغربون فيها موقف وزارة التعليم العالي الذي نشرناه يوم 6 سبتمبرالجاري والذي بررالموقف الرافض لاي تمديد جديد لاجال ايداع مشاريع رسائل دكتوراه الدولة رغم رسالة الالتماس التي وقعها عشرات منهم قبل حلول الاجل وناشدوا فيها كبار المسؤولين في الدولة الموافقة على قرارتمديد جديد حتى يكملوا أبحاثهم. وناشدت الرسالة مجددا النظرفي قرار تمديد جديد خاصة أن « بعض الابحاث معمقة فعلا وتستحق عشرات السنين من العمل المضني والبحث العلمي ». كما اتصلنا برسالة ثانية يستغرب أصحابها امتناع بعض ادارات الكليات مناقشة الرسائل التي اودعت قبل يوم 5 سبتمبر الجاري (« أي في الاجال القانونية ») لكن الهيئة العلمية المكلفة بقراءة الرسالة ومناقشتها لم تتمكن من تحديد موعد للمناقشة قبل أجل 6 سبتمبر. وقد أكدت لنا مصادر مطلعة صحة المنشورالصادر والذي أمربوقف مناقشة الرسائل التي قدمت قبل موعد 6 سبتمبر2008 وبررته بكون  » نظام دكتوراه الدولة القديم أصبح لاغيا ولا وجود له قانونيا  » ولا يمكن الموافقة قانونيا على الايداع والمناقشة بعده ..وذلك اعتمادا على النص القانوني الصادرفي سبتمبر2003 والذي مدد أجل العشرة اعوام التي منحها قرار 1993. نفس المصدرأورد ان الذين لم يناقشوا رسائلهم بعد يمكنهم أن يناقشوا وفق نظام الدكتوراه الموحدة الجاري به العمل حاليا. فهل أغلق ملف دكتوراه الدولة نهائيا ايداعا ومناقشة بعد هذه التطورات؟   كمـــال   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 18 سبتمبر  2008)

فرنسا تقرض تونس 40 مليون يورو

تونس 18 سبتمبر أيلول /رويترز/  قالت مصادر حكومية اليوم الخميس ان الوكالة الفرنسية للتنمية وهي الذراع التمويلي للحكومة أقرضت عددا من البنوك التونسية 40 مليون يورو /72 مليون دينار/ لدعم مشاريع التحكم في الطاقة ومقاومة التلوث. ونقلت صحيفة الصباح عن مسؤولين بوزارة البئية في تونس أن القرض يهدف لتشجيع الاستثمار في مجالي التحكم في الطاقة ومجابهة مشاكل التلوث. وأضافت أن المشاريع القابلة للاستفادة بالقرض هي مشاريع ازالة التلوث الصادر عن القطاع السياحي ومشاريع التصرف في النفايات. (المصدر: وكالة (رويترز)للأنباء بتاريخ 18 سبتمبر  2008)

معرض رمضان في دورته الثالثة والعشرين إقبال محدود رغم تنوّع المعروض

بمشاركة أكثر من 40 عارضا في اختصاصات متعددة تتماشى مع متطلبات شهر رمضان الكريم انطلقت منذ يوم 15 سبتمبر الجاري فعاليات معرض رمضان 2008 في دورته الثالثة والعشرين لتتواصل الى غاية يوم 27 رمضان بالمركز الدولي للمعارض والمؤتمرات بالشرقية. ويفتح المعرض أبوابه من الساعة الحادية عشر الى الثالثة بعد الزوال وليلا من التاسعة الى الواحدة بعد منتصف الليل وتتميز هذه الدورة الجديدة من معرض رمضان 2008 بتزامنها مع العودة المدرسية حيث ستمنح العائلات فرصة لاختيار أوسع لاقتناء بعض الكتب والأقراص الليزرية التثقيفية والترفيهية فضلا عن اقتناء ملابس العيد لا سيما ونحن على أبوابه. وأثناء مواكبتها لفعاليات الدورة الجديدة لمعرض رمضان 2008 رصدت ?الصحافة? آراء بعض العارضين والزوار الذين تعودوا على زيارته. كانت الساعة تشير الى الحادية عشر والنصف صباحا من يوم الثلاثاء الماضي اليوم الثاني لمعرض رمضان 2008 وقد خيم الهدوء على المكان… لا يوجد زوّار الا أنّ اغلب العارضين كانوا حاضرين وقد انهمكوا في تزويق أروقتهم وترتيب بضاعتهم في انتظار الحرفاء. وكغيرها من العارضين أخذت السيدة سلوى بلحاج في تفقد بضاعتها وتنظيمها بطريقة تجلب الحرفاء الذين تعودت عليهم فهي تشارك للمرة السادسة على التوالي في معرض رمضان من خلال عرض معدات رياضية وأخرى منزلية بأسعار مناسبة. وقد تدخلت قائلة: ?يعد المعرض فرصة هامة لاقتناء بعض الأدوات واللوازم المنزلية ذات الماركات العالمية بأسعار لا يوفرها الا المعرض وفي ما يخص الآلات واللوازم الرياضية فهي تشهد اقبالا كبيرا من طرف النساء والرجال على حد السواء لا سيما وان اغلبهم ينشدون الرشاقة والتخلص من بعض الكيلوغرامات التي تسببها موائد رمضان?. الصناعات اليدوية الأقمشة والستائر والأدوات المنزلية فضلا عن حلويات العيد التقليدية سجلت حضورها في معرض رمضان 2008 كما سجلت الصناعات اليدوية الفرعونية حضورها في رواق العارض خالد السيد من جمهورية مصر العربية الذي يشارك للمرة السادسة على التوالي في هذا المعرض وفي كل مشاركة يسعى خالد السيد الى تنويع الصناعات التقليدية المصرية التي يقبل عليها الحريف التونسي لا سيما اليدوية منها رغم ارتفاع أسعارها. وفي سؤال حول العادات التي تميز تونس عن مصر في اجواء رمضان اكد محدثنا أنّ الاجواء الاحتفالية متشابهة في البلدين الا أن الاختلاف كبير في الأطباق والمأكولات لا سيما في الحلويات التي تتميز بها تونس وخاصة التقليدية منها على حد قوله. واذا كانت الصناعات التقليدية اليدوية المصرية تجلب الحريف التونسي فإنّ أدوات التزويق المستوردة أو محلية الصنع بدورها تستقطب العديد من الحرفاء المولعين بتزويق اركان منازلهم بكل ما هو يدوي متقن الصنع. هذه الأدوات اجتمعت على اختلاف ألوانها وأشكالها في رواق العارضة هيفاء الحيدري التي تسجل حضورها لأول مرة في معرض رمضان 2008. وعلى حد قولها فإنّ هذه الأدوات تلقى رواجا من قبل الحرفاء المهتمين بالتزويق وهي بدورها تسعى الى تلبية كل الأذواق التقليدي منها والعصري وان كان أغلب حرفائها ينشدون لوازم التزويق العصرية ويدوية الصنع لما لها من جمالية كبيرة تضاهي تلك المصنوعة بغير اليد. إقبال محدود قد يكون تزامن تنظيم معرض رمضان 2008 مع العودة المدرسية السبب وراء قلة عدد الزوار في الأيام الأولى وهو ما أكده العارض أيمن العباسي الذي يشارك للمرة الأولى حيث أشار الى أنّ عدد الزوار كان قليلا جدّا في اليوم الأول الا أنّ الآمال معلقة على الأيام الموالية لا سيما مع اقتراب موعد عيد الفطر لاقتناء الملابس والاحذية التي يوفرها البعض من العارضين بأسعار مناسبة. فرغم ارتباط أغلب العائلات بالعودة المدرسية الا أنّ عددا منها تعوّد على زيارة المعرض والتزود ببعض الأثاث والآلات الكهرومنزلية والأقمشة. فالسيدة كاميليا الغربي هي احدى الحريفات الوفيين لمعرض رمضان 2008 حيث تحرص سنويا على مواكبته واقتناء بعض لوازم التزويق غير المتوفرة خارج أروقة المعرض فضلا عن الأسعار المنخفضة التي يوفرها اغلب العارضين لتشجيع الزوار على شراء بضاعتهم.a وبدورها تزور السيدة عائشة قايدي المعرض سنويا لشراء أدوات التزويق والهدايا المختلفة لا سيما وأنّ الأسعار مناسبة فضلا عن ما يوفره المعرض من فرص للترفيه من خلال الانشطة الترفيهية والتثقيفية. ومن جهته أكد السيد العربي الحضيري أن لمعرض رمضان خصوصية تميزه عن باقي المعارض فهو يوفر فرصة للعائلات لاقتناء ملابس العيد وحلوياته بأسعار مناسبة وهو يشكل فرصة كذلك للعائلة للترويح عن النفس لا سيما من خلال الانشطة الترفيهية التي يتم تنظيمها ليلا. جيهان بن عزيزة (المصدر: جريدة الصحافة (يومية – تونس) بتاريخ 19 سبتمبر  2008)


تونس تنقذ سبعة مهاجرين قبالة سواحلها

تونس 18 سبتمبر أيلول /رويترز/  قالت صحيفة محلية اليوم الخميس ان وحدات خفر السواحل التونسية انقذت سبعة شبان كانوا بصدد الابحار خلسة باتجاه اوروبا من الغرق بعد تعطل مركبهم الصغير قبالة سواحل المهدية شرقي العاصمة تونس. ويأتي انقاذ المهجرين السبعة بينما تتزايد محاولات الهجرة السرية باتجاه السواحل الاوروبية انطلاقا من شواطئ شمال افريقيا مع استقرار الاحوال الجوية. وقالت صحيفة الصريح اليومية ان افراد حرس السواحل رصدوا شبانا يصارعون الامواج سباحة فانقذوهم من الموت بعد تعطل مركبهم. واضافت ان الشبان احيلوا للمحاكمة بتهمة اجتياز الحدود خلسة. وكثفت تونس من جهودها للحد من تدفق المهاجرين على اوروبا وفرضت عقوبات صارمة وغرامات مالية طائلة على كل من يضبط من مشاركين ومنظمين لهذه الرحلات. وتطالب اوروبا بلدان شمال افريقيا بتكثيف المراقبة على سواحلها. (المصدر: وكالة (رويترز) للأنباء بتاريخ 18 سبتمبر  2008)


قتل حماته بهراوة أمام مخفر الشرطة

تونس / 19 سبتمبر-ايلول / يو بي أي: قتل رجل خمسيني حماته بهراوة أمام مخفر للشرطة في تونس بعد أن استفزته بكلمات جارحة. وذكرت صحيفة « الشروق  » التونسية المستقلة اليوم الجمعة أن رجلاً في الخمسين من العمر لم يتردّد في ضرب حماته بهراوة حتى الموت أمام مركز للشرطة في بلدة المكنين بمحافظة المنستير (150 كم) شرق تونس العاصمة. وأشارت الصحيفة الى أن الجريمة وقعت أمام مخفر للشرطة قبل يومين، حيث لم يتمالك الجاني نفسه بعد ان استفزته حماته بكلمات جارحة. وأوضحت أن الرجل توجه إلى مخفر للشرطة لرفع شكوى ضد زوجته، فوجدها وأمها هناك، واقتربت الأخيرة منه وهمست في أذنه كلمات جارحة. وأضافت الصحيفة نقلا عن الجاني أن حماته عاودت الكرة وأسمعته كلاما اعتبره مساساً بكرامته، ولم يتمالك نفسه فحمل هرواة وهوى بها على رأسها أمام ابنتها. وذكرت أن الرجل ضرب حماته ثلاث ضربات قاتلة قبل أن يلقي أفراد الشرطة في المخفر القبض عليه وينقلون حماته إلى مستشفى قريب حيث لفظت أنفاسها الأخيرة. (المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 19 سبتمبر 2008)


مدونة أرابيكا :توفيق الجبالي : شَعْب واحد ما يكْفيش كتبتها: أرابيـكا

لمشاهدة الفيديو:http://blip.tv/file/1261776 أو:  http://www.nawaat.org/portail/2008/09/15/taoufik-jebali-un-seul-peuple-ne-suffit-pasأنا

 
فهمت ياسر حاجات ، الحروبات اللي صايرة في المدّة الاخرة،فسّرتلي ياسر حاجات ماكنتش نعرفهم من قبل.. من خلال تجربتي المتواضعة مع “شريط الأنباء” فهمت اللي ….شعب واحد ما يكفيش هوما البلدان اللي مازالوا كيف استقلوا ، توة توة البارح في الايام ، عندهم بالقليلة شعب والاّ اثنين خلّي احنا اللي يقلّك أمّة عريقة وضاربة …في القدم… حتى من البيوت المكيفة عندنا والله العظيم شيء يحيّـــــر هاذي حكاية شعب واحد … تصوّر روحك راسك راس شعب …راس ورويّس…هذا اذا موش راس وذنبة… وين تعرف على البلاوات انت ؟ أىّ سيدي مرض بالصفراء…غرق في مسكوكة…صبّط الشتاء ، تسدّت تعدّى من غاديكه ، تبلع … كلا حكّة سردينة فاسدة …هانا تبيلكنا في شعبنا ويا شماتة البلدان الشقيقة والصديقة فينا … واحنا لواش نطلّعوا في الماء للصعدة …مات في حرب مثلا … لا في علمك لا في درايتك طامعين لك في شعبك ، فبركولك حرب بالعاني …أشبيك ياخي وين عايش ؟؟ تبدى مروّح في الكار سارح …مولى الشعب موش هوني …قاعد تخمم مثلا في الأجر الأدنى الفلاحي ويجيك هكّة يلصقك و “أوب” يسقطلك على شعبك …تجي هابط…تعمل هكّة…تضرب عليه ما تلقاه …. واذا بيه من غدوة تسمع بيه يتهنكر في باليرمو والا هونج كونج … بعد ما برقشوه وبدلولوا البلايك ، ونحاولوا هاك اللون الخرنتيتي اللى كنت انت عاملهولو… بره عاد شوف لشكون تشكي …يزيك قالوا الأمم المتحدة …يرزيك فيها عمّـــــــــا قريب وهوما يأمنونا …مازال حد يأمنا ، يقلّك الساعة بادىء ذي بدء …اشنوما الدّلائل والقرائن والبراهين الليّ هو شعبك ؟؟ آش باش تقلهم تراه ؟؟ تقلهم هوكه …شعرو معكرش وعندو الشهامة خارجة من وذنيه …اوه على الشهامة متاع وذني محسوب هاو توة في لحظة نهبط نجيبلك خمسين شعب شعرو معكرش وعندو الشهامة خارجة من خناخشو كان تحب … “يا اولادي علاش هكّة الشماتة اسألوه هوكة قدّامكم ” … ـ يا أخ من فضلك ما تحشمنيش قدّام الأجانب موش انت شعبي بأمارة اللّي ….. يهزّك ويحطّك بكل محقرانية قال شنوة اشكونو ها الدرويش اللي مطيّح معايا حرف الياجور وانا مازلت ما قعدتش راسي بوحدة ديراكت ؟؟ نستاهلو قد ما تلهينا ودللنا وعملنالو ملاعب معشّبة ومنحة العلوّش وجبنالو المسلسلات حتى من المكسيك …ريت اللى ما يقراش حساب غدوة … بره عاد الواحد يقوم يدبّـــــك على روحو على الأقل يشوف حلّ استعجالي ، متاع شدّان يد…امّا خير والاّ يشبعوا فينا التجّار يبيعونا ويشريونا …واحنا مولى الدار موش هوني ؟؟ يلقاشي روحو زاده بنادم بشعب على أكتافو موش مطابق المواصفات المطلوبة ؟؟ هذا اذا ما لكدولكش سلعة (deuxieme main) معنتها خادم قبل ، يجيك مشلل من عقاب نظام شيوعي والاّ مائع ، ولد ناناتي ، مستانس بالرخاء متاع المؤسسات الديمقراطية وانت حاجتك بيه …فحل …لمعركة الخروج من التخلّف واللّحاق بالأمم المتقدّمة ، هذى مسألة رهانات موش متاع لعب … ولذا يلزم الواحد يرد بالو ، يطلب فيه “قارانتي” على الاقل بعام مع التعريف بالامضاء ، ونزيدك زيادة ، ردّ بالك في حالة عطب تحلو انت بيدك …أحسن ترجع للدار …راو اذا كان شعب ما يتحلش في الدار يموت على مولاه القارانتي … هو كيف تجي تشوف الحق ما خيرش من التطليع …ينعن بو الدنيا …يضربلها الواحد شعب فرشك ، جديد من قرطاسو…لا محالة التطليع يتكلّـــــف موش ما يتكلفش …امّا بربي بنادم قداش يعيش فيها من مرّة ؟ آش بيه خسارة فينا شعب يعمل الكيف ؟؟ يزينا ما تعذّبنا وتمرمدنا … تبقى هوكه الواحد موش لازم يدهك عليه برشة …طباعي هكة وتزرزيق…خليه متاع رسميات…خرجة مناسبة وطنيّة…يجيش حدّ براني….نصففوه على الماده ونعطيوه هاك الدرابوات الصغار في يدو … وندبروا من بعد شعبين …ثلاثة…متاع كل يوم…، نمشيوا بيهم مصالحنا وهوكة الواحد عينو ميزانو… اللي نهبطوه للكورة ما نخليوهش يمشي للمهرجانات ، واللي متاع نهار الجمعة ما نكلفوهش بالبيرووات …أمّــــــالة ، التخليط …لا…. موش باهي لا ليهم لا لينا ، ماذابينا لا يقابلوا بعضهم لا يوليوا فرد عوايد وفرد تركيزة كلام وهيا وينك هواني ولا هم يحزنون … حاجة ماسطة ياسر اذا بكلهم يجيهم النوم مع بعضهم ، ويفيقوا موخّر مع بعضهم ، ويؤيّدوا نفس القضيّة مع بعضهم . هيا سيدى غلطولنا ذات شهر جانفي في القضية يسخايلوها هي وتطلع موش هي …آش نعملوا ؟ تضربنا الفشلة ونمشيوا نتسلفوا جمرة شعب من عند الجيران ؟؟ لا …لا…نخرجوا الشعب الحاضر اللّي بحذاه واقف يستنّى في طريقو…اللّي قضيتو جاهزة في يدّو …أمّـــــالة … وأكبر غلطة نعملوها …نخليوهم يتفاهموا علينا ويتقاراوا علينا ، يلزم نفرقوهم على بعضهم بجميع الوسائل ، ماكنش راهم يدوروا علينا واذا داروا علينا وقتها اشنوة الفرق بينا وبين واحد عندو شعب واحد ؟؟ ما تجيش … على خاطر” شعب واحد ما يكفيش “…. (المصدر: مدونة أرابيكا الألكترونية بتاريخ 14 سبتمبر 2008 على الساعة 22 و 16 دقيقة ) الرابط: http://fatma-arabicca.blogspot.com


بسمه تعالى
اطلعنا على مقابلة  الشيخ راشد الغنوشي مع قدس برس حول مسالة انتشار التشيع في بلاد مصر و المغرب العربي التي اثارها اخيرا الشيخ المصري يوسف القرضاوي، للاسف وردت الكثير من المغالطات حول هذه المسالة خصوصا فيما يخص بلدنا تونس. ان التشيع في تونس لم يبدا مع الفاطميين و لم ينتهي بزوالهم ان الظهور الشيعي المعاصر لم يكن على حساب فرق الاشاعرة او في فترة محنتهم نحن جزء من النسيج الوطني لبلادنا و مكون اساسي لشخصيته الوطنية المتوسطية العربية المسلمة نحن لسنا نتاجا للمال الايراني و لا نظن ان حزب النهضة نتاج للمال الخليجي! نفخر بجمهورية ايران الاسلامية و علاقاتها الوطيدة مع بلادنا حكومة و شعبا و ندعوا لتعزيزها و تمتينها و ليعلم الجميع ان حملات التشويه و التخوين لم تعد تنطلي حتى على العامة, و العالم باسره يشهد انثصار واقتدار اهل الحق رغم الحروب و الحصار , فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر! ندعوا المشايخ المحترمين الى كلمة سواء بيننا ان لا نعبد الا الله و ان يكون شعارنا كلمة التوحيد ووحدة الكلمة .  
 السيد عماد الدين الحمروني جمعية اهل البيت الثقافية تونس  ١٨ رمضان ١٤٢٩


أبطال تونس المعوقون يصلحون ما افسده اصحاء العرب اولمبيا

ميدل ايست اونلاين بقلم: مرسل الكسيبي واحد وعشرون ميدالية تونسية لذوي الاحتياجات الخاصة بأولمبياد بكين، رقم جعل تونس تحتل طلائع الترتيب العالمي في رياضات ألعاب القوى للمعوقين بعد أن تخطت بذلك رقم الميداليات الثماني عشر الذي حققته في دورة أثينا للألعاب الأولمبية الموازية. الحدث شكل انجازا عربيا وتونسيا بكل المقاييس اذ لم تخل الأولمبياد الموازية الا في يومها الأخير من رفع العلم التونسي وعزف النشيد الوطني في ملعب عش الطيور بالعاصمة الصينية. سقطت أسطورة تفوق العقل الغربي على الذهن العربي من خلال أداء أكثر من رائع قدمه أبطال العرب من التونسيين. خيبة أمل أولمبياد الأصحاء العرب ببكين قبل أيام أو أسابيع قليلة كادت أن تضاف الى قائمة هزائمنا العسكرية والسياسية والتنموية، حين كان المردود الرياضي العربي الجماعي أقل من أن يحبر في صحائف الرياضيين لولا ذهبيتي السباح الملولي والعداء البحريني. التألق التونسي لذوي الاحتياجات الخاصة كان بالتأكيد مفخرة عربية شعبية ورسمية أمام جمهور وحضور لم يقل يوميا عن التسعين الف متفرج هذا بالاضافة الى مئات الملايين من المشاهدين والمتابعين عن كثب للفضائيات الرياضية. تأملت في فرحة المتوجين من التونسيين ذكورا وإناثا فتيقنت من أصالتنا العربية وقدرة مواطنينا على الابداع عندما تكفل لهم الدولة كل فرص الرعاية والعناية. التحدي كان لدى هؤلاء كبيرا من أجل اثبات جدارتهم في الحياة والوجود بعدما تعودنا معشر الأصحاء العرب على جلد ذواتنا واسقاط اخر حصون مناعتنا الثقافية والسياسية في محيط عربي واسلامي هزيمته نفسية بالدرجة الأولى. أثبت معوقونا الأصحاء على مستوى الارادة والالتزام بأن العنصر العربي أو الاسلامي ليس متخلفا على مستوى ما يملكه من امكانات وأن أطرنا الرياضية قادرة على صناعة المعجزات وأن التأطير الاداري والسياسي الناجح يمكن أن يحمل لنا التتويج العالمي واعتلاء المنصات. التتويج التونسي الأولمبي في رياضات ذوي الاحتياجات الخاصة لاشك أنه يحسب للمسؤولين السياسيين وعلى رأسهم الرئيس بن علي حيث أولت تونس على مدار العقد الأخير الرياضة والرياضيين اهتماما لافتا وعناية خاصة جعلها تتصدر منصات التتويج على صعيد عربي وافريقي وقاري ودولي. النجاح التونسي الباهر في الأولمبياد العالمية الموازية لابد أن ننظر له كمراقبين ورجال اعلام عرب من زوايا تنصف المشهد التونسي العام وترصد ما يحدث فيه من تطورات ملحوظة على أصعدة شتى، وهو ما يعني أن تونس وان كانت لا تخلو من نقائص وثغرات في مجالات عدة الا أنها تعتبر على طريق البناء والتشييد والانجاز نمرا عربيا برغم ضعف الموارد والثروات مقارنة بدول عربية أخرى تتدفق فيها أكبر الاحتياطات العالمية للنفط والغاز. الانجاز الرياضي التونسي سيضاف حتما الى تطورات اقتصادية وتنموية وعلمية وتقنية تشهدها تونس اليوم، وقاطرة الاصلاح يبدو أنها في طريقها الى أن تكتسح كل المجالات برغم صعوبة التحدي التنموي الشامل في وسط عربي واقليمي كثير الاضطراب والقلق في موضوعات الاصلاح من زواياه المحرجة أيضا. كاتب واعلامي تونسي reporteur2005@yahoo.de (المصدر: موقع ميدل إيست أون لاين بتاريخ 19 سبتمبر  2008)


 بسم الله الرحمان الرحيم                                                                

     تونس في18/09/2008                    والصلاة والسلام على أفضل المرسلين                                                              الرسالة رقم 470                                                                     
 بقلم محمد العروسي الهاني                                                                   على موقع الحرية                                                                    
                                 مناضل كاتب في الشأن                                                
   الوطني والعربي والإسلامي                 

         الحلقة (2)                                   الرجل المناسب في المكان المناسب                     

وجدناه في أكثر من موقع

             

منذ أكثر من عامين خصصت حلقات متوالية للحديث عن صفات الرجل المناسب في المكان المناسب وحتى الظروف المناسب. ومنذ أسبوعين خصصت مقالا كاملا في هذا المضمار وأشرت في مقالي خلال شهر أوت 2008 إلى وجود عناصر مسؤولة ذات مصداقية والشعاع وتواضع وتربية وتمتاز بحسن المعاملة والمصداقية وسعت الصدر والإنصات لخلجات ومشاغل الناس. وذكرت ثلاث أشخاص هم على التوالي الدكتور زهير المظفر وزير الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري بالوزارة الأولى والسيد خليفة الجبنياني وإلى المنستير، والسيد رشيد دحمان المستشار الأول لدى رئيس الجمهورية هؤلاء بحق ينطبق عنهم وصف الرجل المناسب في المكان المناسب وأيضا الطرف المناسب وبكل صدق هم في مستوى وحجم المسؤولية الموكولة إليهم يعملون بصمت وأخلاق عالية ويعاملون الناس بلطف ولين ورحابة صدر ويعالجون مشاغل الناس بصدق ومسؤولية ويحالون إدخال الفرحة على كل من يرغب في مقابلتهم وينصتون إلى المواطن باهتمام وعناية ، ويفرحون بكل مواطن يقصد باب الإدارة حسب الظروف وما تسمح به مساحة الوقت وغزارة الأنشطة وكثافة القضايا الاقتصادية والسياسية والإدارية والاجتماعية وفوق كل هذه الأنشطة والجلسات المتعددة والمتابعة والزيارات المكثفة نجد في جداول الأوقات مساحة زمنية مخصصة لاستقبال المواطنين والانصات إليهم وقضاء حاجتهم ولو كان الوقت على حساب راحتهم وهؤلاء الأشخاص العاملين جلبوا لأنفسهم التقدير والاحترام والإجلال نظرا لما يتحلون به من صفات الصدق والتواضع وهذا مربض الفرس نحتاج إلى مثل هذه العناصر المؤمنة برسالة العمل وصدق الأمانة وتقديرها وقد ازداد إعجابنا بمثل هذا السلوك الحضاري وهذا رهان رابح من رهانات العهد الجديد. ونتمنى مزيد اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب من طرف صاحب القرار والأمر سيادة الرئيس شخصيا. حيث اختيار الرجل المناسب في الموقع المناسب يشرف النظام ويقضي على الروتين الإداري ويقضي أيضا على الحواجز الحديدية بين المسؤول والمواطن ويدعم المصداقية ويعمق حب المواطن للوطن من خلال هذا السلوك الحضاري وهذا أيضا يساعد الحكومة على تدليل كل الصعوبات والمشاكل وقضيتنا في تونس وضع الرجل المناسب في الموقع المناسب والوقت المناسب لإدخال الفرحة والطمئنينة على قلوب الناس وهذه الصفاة التي ذكرتها في الأخوان المظفر والجبياني ودحمان هي نفسها التي اكتشفتها في السيد منذر الزنايدي وزير الصحة العمومية هذا الوزير الناجح والمتواضع لا يعرف الراحة وقد تربى على النضال والتواضع والأخلاق العالية كيف لا والمثل يقول وذاك الشبل من داك الأسد فهو من عائلة وطنية وتربة ومعدن ذهب وهو نجل المرحوم المناضل الوطني المحنك وصاحب الكفاءة والإشعاع والخبرة المهندس الأول في عهد الاستقلال المرحوم عبد العزيز الزنائدي رجل العمل والخبرة العالية والأخلاق الفاضلة والأيادي البيضاء وصاحب العشرة وطيبة القلب رئيس البلدية الفاعل والمسؤول الناجح. والأب الحنون لا فقط لأبناء ولاية قصرين بل لكل من طلب منه مساعدة ودعم وهذا الشبل هو ابن الأسد الذي ذكرته من باب الوفاء للرجال البررة وقد سهوت والمعذرة لم أذكره في كتابي ضمن الرجال البررة والسيد المنذر الزنائدي صاحب المبادرة والتواضع تجده الساعة السابعة صباحا في مكتبه قبل أعوان الإدارة بساعة ونصف يقبل المواطنين ويتحاور معهم وينصت إليهم ويتعرف على أوضاعهم ويحاول بقدر الإمكان تحقيق مشاغلهم والميزة البارزة فيه لا يفرق بين هذا من القصرين والآخر من الحنشة أو السواسي أو بئر المشارقة أو الكاف أو قبلي أو جمال أو مارث أو جرجيس أو قعفور أو جندوبة كلهم أبناء الوطن يسمعهم ويحاول قدر الإمكان الأخذ بأيديهم ومساعدتهم وقد عشت يوم الثلاثاء 16/09/2008 عينة حية حيث خاطبه مسؤول جهوي ممتاز وطلب منه مساعدة مناضل وضع ملف بوزارة الصحة قصد انتداب نجله فاختصر السيد وزير الصحة المسافة وقال للسيد الوالي أعطني رقم هاتف المواطن وبعد ربع ساعة اتصل مسؤول سامي في الوزارة بالمعني بالأمر هاتفيا وتحدث معه حول ملف نجله وفي صبيحة يوم 17/09/2008 اتصل المواطن بالوزارة لتسليم رسالة شكر على عناية الوزير وسرعة الاتصال لكن السيد الوزير أبى أن يقبل المواطن ويشد على يديه ويبتسم في وجهه ويؤكد له عناية الوزارة واهتمامها بشؤون كل المواطنين وقد خرج هذا المواطن الذي أعطى من جهده وصحته ووقته أكثر من 35 سنة في خدمة الإعلام والوطن خرج من مكتب الوزير وهو يقول الحمد لله في تونس رجال بررة. وأني بهذه المناسبة أقترح بمناسبة التعينات الجديدة على صعيد الكتاب العاملين للجان التنسيق مزيد التعمق في اختيار الرجل المناسب في الموقع المناسب ونريد أن نشاهد مسؤولين فاعلين مثل الأخوة التي ذكرتهم ونتمنى لو يخلف منصب كاتب عام لجنة التنسيق بصفاقس الشبل هيثم الجبنياني عضو اللجنة المركزية للتجمع ليعيد الاعتبار لهذا المنصب كما في عهد والده خليفة الجبنياني وبصماته تدل عليه وكذلك تعيين الأخ رياض الحمزاوي عضو اللجنة المركزية الذي هو جدير بخطة كتاب عام لجنة التنسيق بولاية بن عروس.   قال تعالى : لمثل هذا فليعمل العاملون                                   
صدق الله العظيم                                                                       
  محمد العروسي الهاني                                                                  
 مناضل له رأس مال كبير في حزب التحرير                                                                       
   الهاتف : 354 022 22  


شهر القرآن (3).. «قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي..»

 

احميدة النيفر (*) صاغ الفكر الإصلاحي الذي ظهرت مقولاته في أقطار السلطنة العثمانية والولايات التابعة لها معضلة العالم الإسلامي في سؤال «لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدّم غيرهم؟». للإجابة، حدد هذا التيار ثلاثة أهداف كبرى هي: محاولة استيعاب المتغيرات الحضارية العالمية أولا، ومواجهة فقهاء التقليد ومؤسساتهم التعليمية والقضائية ثانيا، هذا إضافة إلى مقاومة معلنة للتصوف وما ارتبط به من معتقدات تقديسية للأولياء. إذا أمعنا النظر في هذا السؤال تبيّن لنا أن المسكوت عنه في هذه الصياغة شديد الخطورة، إذ إنه يكشف عن طبيعة العالَم التصوّري الذي ركن إليه دعاة الإصلاح. سؤال الإصلاحيين، كأكثر الأسئلة، حامل لبذرة جوابه لا يكاد يخفيها. حين يسأل الإصلاحيون عن سبب تأخر المسلمين اليوم وعجزهم عن التقدّم، فكأنهم يقولون إن تقدّمهم في الماضي كان لأنهم مسلمون حقيقةً، أي لخصوصيتهم الدينية التعبدية أساسا. ما يخفيه ملفوظ السؤال وتوحي به الصياغة هو ذلك الإنكار المثنى: إنكار للحراك التّاريخي، وإنكار للمعرفة الإنسانّية. التركيز على الخصوصية الدينية دون سواها لفهم ازدهار الماضي يعني إعراضا عن العوامل الحضارية التي سبقت ظهور الإسلام، ثم واكبته في الجزيرة العربية وما حولها في القرن السابع الميلادي. هو في الآن ذاته إهمال لسيرورة المعرفة والفعل الإنسانيين فيما وقع تحقيقه في عصور الازدهار والإبداع إذ شُيِدتْ مدنيّة المجتمعات المسلمة. على هذا فالمسكوت عنه في سؤال الإصلاح يعني أن تأخّر مسلمو اليوم وتقدّم غيرهم هو نتيجة انتفاء ما يُظَنّ أنها أسباب تقدمهم في الماضي. يؤكد هذا الإنكار المثنّى ما عبّر عنه الشيخ محمد عبده في تعريفه للإصلاح بقوله: «هو تحرير الفكر من قيد التقليد، وفهم الدين على طريقة سلف هذه الأمة قبل ظهور الخلاف والرجوع في كسب معارفه إلى ينابيعها الأولى واعتباره ضمن موازين العقل البشري التي وضعها الله لترد من شططه وتقلل من خلطه». ما أربك الفكر الإصلاحي قديما وما ينهك الحركة الإحيائية اليوم هو قولهما بنقاوة الأصول التي ينبغي الرجوع إليها تحقيقا للإصلاح وتصحيحا للانحراف. لا نعني بهذه النزعة الأسسَ العقدية المؤسسة، بل ما نقصده هو تحويل حقبة من الحقب التاريخية بمستواها الذهني إلى سقف معرفي ومنظومة فكرية واجتماعية مرجعية لا يمكن تجاوزهما. مثل هذا القول يؤدي إلى توسيع دلالة القدسية لتشمل إضافة إلى النص الأول (القرآن الكريم) والعقائد المؤسسة الثقافةَ المتداولة بين منتجي النصوص الثانية (المفسرين والفقهاء والمتكلمين) في العصور السابقة. ثم إن القول بفهم «الدين على طريقة سلف هذه الأمة قبل ظهور الخلاف» ينطلق من إمكان إعادة إنتاج نفس مواصفات الوعي لحقب سابقة عن طريق إحداث اختزالات زمنية. مثل هذا المطلب مستحيل التحقيق، وهو حتّى إن تحقق جزئيا لا يمكن أن يؤدي إلى فاعلية تاريخية. ذلك أن مرور الزمن لا يمثل تراكما شكليا لمستجدات معاصرة تضاف إلى مجتمع قديم يبقى محافظا على مواصفاته الاجتماعية والفكرية والقيمية. مرور الزمن يعني تحوّلا نوعيا في بنية المجتمع ونمط تفكيره بما تتعذر معه مماهاة نمط الوعي السابق. لذلك، فقد عمل الخطاب الإصلاحي، وبدرجة أعلى الخطاب الإحيائي، على إضعاف كل حس تاريخي لكون الخطابين يتصوران المجتمع والإنسان قائمين على علائق دينية أساسا. من ثم، فهما لا يعترفان بالمجال الاجتماعي-السياسي وبضوابطه الخاصة، لأن تصورهما للمجتمع ثبوتي مما يجعلهما يختزلان مجالاته وحركيته في البعد الأخلاقي السلوكي فحسب. ذلك هو الإعراض عن الاعتبارات الاجتماعية-الاقتصادية والفكرية-الثقافية وما يتولد عنها من حراك وما يفضي إليه هذا الأخير من تحوّلات نوعية لا تقبل التراجع. على هذا فإن معضلة العالم الإسلامي في الفترة الحديثة ثم المعاصرة وثيقة الارتباط بعالَمه التصوّري، وما تتحكم فيه من قيم ورموز وآليات. قراءة ما يقع إنتاجه اليوم من أدبيات إسلامية من زاوية دلالتها التصوّرية يمكن أن يوصلنا إلى أبرز أسباب ضعف فاعلية غالبها وعجزها عن إحداث تغييرات حاسمة في الواقع والفكر. ما نعنيه بالدلالة التصورية هو الوجهة التي يرسمها كل نص والحدود التي يفتحها في ذهن القارئ أو المستمع. ما أثبته «علم النص» حديثا هو أن النصوص، وخاصة الكبرى منها (الدينية والأدبية والفلسفية)، ليست مجرّد إنتاج لواقع، إنما تعود أهميتها إلى الذات التي تريد أن تنسجها، والواقع الذي تعمل على بنائه. خلودها راجع لما تحققه من جدلية متواصلة مع الواقع: الواقع يرسم حدود فضاء النص لكن النص بدوره يعيد تركيب عالم تصوري جديد في معالمه وبنيته متجاوزا بذلك الواقع. جوهر عمل النصوص الكبرى في تاريخ الإنسانية متمثِّلٌ في ديناميتها الدائمة، أي في قدرتها على الهدم والبناء الذهنيين المستمرين، وفي مدى ما تُحدثه من توسيع للرؤية وفتح للآفاق وخلخلة للبنى. أما خطورة ما يقع إنتاجه من نصوص ثانية، تلك التي تأتي تاليةً مفسرةً للنصوص المؤسسة أو الكبرى، فهي راجعة إلى درجة وعيها بخصوصية الدلالة التصوريّة للنصوص الأولى. قد تكشف ديناميتها الكامنة فتقتبس من طاقتها الإبداعية التجاوزية، وقد تكتفي بكتابة تسجيلية فتعيد إنتاج ما هو معروف مُثبتة لبنية التصوّر والواقع القديمين. لعل سورة الكهف بما احتوت عليه من قصص، تعدّ أفضل تطبيق عمليّ للعلاقة الجدلية بين النص والواقع. جماع قصص تلك السورة يلتقي في إظهار تهافت مقولة الشرك العربيّ وإبراز لدعوة التوحيد مصاغة بطريقة تخلخل البنية التصوريّة القارة، وتعمل على نسج قوالب عالم تصوّري جديد. لو اقتصرنا على أواخر السورة، وعلى الآية 109، بخاصة لوجدنا فيها عيّنة لعالَم نصيّ يتفتّق من خلالها مُزيحا معالم عالَم قديم مهترئ: يقول تعالى: «قل لو كان البحر مِدادا لكلمات ربي لنَفَد البحرُ قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثلِه مدَدًا». لا يتجاوز عموم المفسرين شرح ملفوظ الآية، وقد يزيدون عليه سبب النزول. ما يفيده «علم النص» في خصوص هذه الآية-العيّنة هو طبيعة الذات الإنسانية التي يعمل على بنائها ونوعُ النظام المفهوميّ الذي يريد إرساءه. هي إنسانية مستخلَفَة مدركة أن علم الله غير محدود بما يدفع بها إلى سياق سعي لا يتوقف لمزيد من معرفة كلمات الله وحكمته غير المتناهية. هي من جهة ثانية حين تستعير البحر ومن ورائه بحورا أخرى لتحوّل مياهها حبرا تُكتب به كلمات الله التي لا تنفد إنما تزحزح البنية التصورية القارة والتي تعتبر البحر مصدر خوف وحزن لا صلة له بالعلم والحكمة والرقي. في هذا لو قارنّا بين السياق الدلالي القرآني الذي تُستعمل فيه عبارة البحر بالسياق الدلالي لذات العبارة في الأدب العربي القديم كلّه لأدركنا نوع النظام المفهومي الذي يميّز السياقين. هو رديف الرعب والثبات في أدب التداول العربي القديم، وهو قرين الخير والعلم والتقدم في السياق القرآني. ليس فيما تقدّم سعي إلى معالجة نظرية مجردة لا صلة لها بالواقع وتساؤلاته الحضارية وتعثراته الفكرية، ما نرمي إليه هو المساهمة في بناء فكر ديني يكون متمثلا للخطاب القرآني من جهة، ويكون مقبولا من أجيال من المتعلمين الذين تمثلوا بدرجة من الدرجات التطورات الفكرية والحضارية الحديثة. بتعبير آخر، هو تجاوز السؤال الإشكالي القديم بطرح سؤال بديل عنه هو: كيف يمكن للمؤمن أن يعيد اكتشاف معاني القرآن وفق شروط الوعي المعاصر؟ (*) كاتب تونسي (المصدر: صحيفة ‘العرب’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 17 سبتمبر 2008


 

متى نستعيد حنبعل من منفاه التركي؟

 

لكل أرض رباطها التاريخي المتين الذي ينصهر معه التراب بالإنسان ويمتزج فيه الماضي بالحاضر والمستقبل. وقد شكلت الطقوس والبناءات التي تقام لدفن الأموات عنصرا أساسيا في حياة الشعوب والأمم و الحضارات. فتميزت  مصر مثلا بأهرامها ومومياءاتها التي بقيت إلى اليوم أهم رموزها التاريخية والثقافية والسياحية بل بها تعرف مصر. في حين ليس لتونس من القبور الشهيرة سوى مقامات الأولياء الصالحين وزواياهم، وهنا ينبغي الاعتراف أنه ليس لنا في تونس بما في ذلك متحف قرطاج وبعض الآثار الرومانية معلم سياحي واحد كبير من ذلك الحجم المصري الذي يمكن أن يشد انتباه الزائرين من مختلف أماكن العالم ويكون رمزا مميزا لتونس وتاريخها العريق، ومع ذلك كانت بلادنا بأسمائها وحدودها التاريخية المختلفة موطن ومسقط رأس عدد من العظماء باعتبار صيتهم العالمي، مثل حنبعل وابن خلدون والقديس اغسطين  إلى جانب المصلح خير الدين باشا القادم من أبخازيا التي استقلت مؤخرا ولم نعلن موقفنا من استقلالها. ولكن أين قبور هؤلاء؟ أين قبور عظمائنا؟ لن نتحدث عن قبر ابن خلدون المتهدم والمهمل في القاهرة، ولا عن القبر الكنسي للقديس أغسطين القابع في بافي الإيطالية والذي تمت إعادة جزء من رفاته إلى عنابة خلال القرن التاسع عشر، ولا عن قبر خير الدين باشا الذي استعدنا رفاته من تركيا سنة 1968 غير أنه لا أحد تقريبا يعرف اليوم مكان قبره في تونس بما في ذلك بعض المؤرخين وبعض العاملين في قصر خيرالدين بنهج التروبينال. بل سنكتفي بالحديث عن قبر حنبعل لأنه من النادر أن يقع السؤال أو البحث عنه، والمفارقة أن ذكر حنبعل قد لقي في بلادنا والحقيقة تقال كل التكريم والتقدير سواء بإطلاق اسمه على بعض الأماكن والشوارع والمؤسسات وحتى القنوات التلفزية  أو في الخطاب السياسي الرسمي أو بوضع صورته على إحدى أوراقنا النقدية أو في دروس التاريخ القديم. ولكن يبقى الإكرام الأول للميت دفنه. ونحن لم ندفن ابن قرطاج البار حيث يجب أن يدفن.. فحين يقع الحديث عن قبر حنبعل ، يذكر اسمان الأول سبتيموس سفيروس الامبراطور الروماني ذي الأصول الليبية الذي تقول الرواية الرومانية إنه وضع في بداية القرن الثالث ميلادي رخامة بيضاء على التابوت الحجري لحنبعل مبرزا بذلك تعاطفا جنوبيا غريزيا مع القائد العظيم مازال حاضرا في ليبيا الشقيقة إلى الآن. أما الاسم الثاني فهو مصطفى كمال أتاتورك الذي أمر سنة 1934 بإقامة معلم تاريخي لملهمه القرطاجني في المكان الذي يعتقد أنه تم دفنه به حذو مدينة جبزي في منطقة ازميت (كوسايلي) التركية على الضفاف الشرقية لبحر مرمره. إلا أن مشروع المزار لم ينفذ إلا في الذكرى الخمسين لوفاة مؤسس تركيا الحديثة خلال ثمانيات القرن الفارط. إذن حنبعل ذهب إلى تركيا ولم يعد ، وهذه حقيقة تاريخية تصدمنا وتحز في نفس كل تونسي بل كل زائر أجنبي يبحث للرجل عن قبر في قرطاج التي وقف حياته من أجلها فلا يجده.  أما هناك في الأناضول فقد قام الأتراك بالواجب كما ارتأوه إزاء أكبر القادة العسكريين في تاريخ العالم. وأقاموا لمرعب روما مزارا  في شكل حديقة تتوسطها صخرة كبيرة محاطة بالأشجار والأزهار نقش عليها رسم لرأس حنبعل إلى جانب شاهدة قبر لخصت مسيرة الرجل الاستثنائي و أبرزت بعدة لغات قيمة الرجل الذي أخلص لوطنه. ولئن يبدو المكان جميلا ومحترما فإنه  يبقى  منعزلا في تلة غابية وعرة يصعب النفاذ إليها لوجودها في منطقة شبه عسكرية شديدة الحراسة تنفر الزوار والسياح إلا ما ندر. وكأن الأشقاء الأتراك اختاروا لهذا القائد الاستراتيجي موقعا استراتيجيا يصعب الوصول إليه. والحقيقة أن حنبعل هو الذي اختار ذلك الموقع ببيتينيا القديمة في ضيافة ملكها بروسياس الأول ، حيث حاول القائد الكبير في مشروعه الأخير بعد مروره بسوريا إعادة ما يذكره بقرطاجه التي غادرها صغيرا وخذلته كبيرا . أما نحن فليس علينا في قرطاج اليوم أن نكتفي بذلك المقام التركي، بل ينبغي لنا أن نقيم لحنبعل نصبا عظيما لا مثيل له في بلادنا وكما لم نقمه لأحد من قبل، نبرز من خلاله كل القدرات التونسية الأصيلة الفنية والهندسية والمعمارية في إنجاز حضاري فريد يمكن أن يضيف إلى تونس الثقافة والسياحة والسمعة الدولية الشيء الكثير. ولنجعل من قبر حنبعل أو نصبه التذكاري أحد أبرز معالمنا السياحية والثقافية التونسية التي سيتعزز إشعاعها العالمي دون شك بإضافة هذا المنتزه التاريخي الذي نتمنى أن تجتمع في صورة إنجازه لمسات الماضي وتطلعات الحاضر والمستقبل كما كان يحلم بها القائد العظيم المخلص لوطنه. ويجدر بالإعلام التونسي أن يلعب دوره حتى يأخذ هذا  الحدث في حال التحضير والإشهار والإنجاز الهالة الإعلامية التي يستحقها وندعو بالمناسبة قناة حنبعل التي ترسل فريقا تلفزيا لتصوير سعد الصغير وزملائه من الفنانين « الكبار » في مصر أن تقوم بتحقيق مصور حول قبر حنبعل في تركيا، لعلها بذلك ترجع للرجل الذي تحمل اسمه بعض حقه وتسهم في تسليط الضوء على قضيته التي لم تنته. ولا ينبغي أن يثنينا عن ذلك تشكيك البعض في وجود قبر حنبعل أصلا بالمنطقة التركية المذكورة. بدعوى أن بعض علماء الآثار الأوروبيين ومنهم  العالم الألماني تيودور فياجند قد قاموا ببعض التنقيبات سنة 1906 دون أن يجزموا بشيء… ويبدو حسب بعض الروايات أن باحثين أنكليز قد عادوا حينها إلى بلادهم ببعض المعثورات التي لم يكشف عنها. ويمكن أن يتم إرسال فريق مختص من علماء الآثار التونسيين الأكفاء إلى تركيا للغرض على أن يتم ذلك بالتوازي مع إنجاز المشروع دون تعطيله بأي حال. والأكيد أن العلاقات التونسية التركية العميقة ستيسر مهمتهم النبيلة. ولن تقنعنا هنا رواية السيد الطاهر بلخوجة (مثل كل مذكراته الهشة) حول محاولة الزعيم بورقيبة استعادة رفات حنبعل دون جدوى وعرضه المتحامل للمسألة في شكل شخصي مرضي ضيق. ومهما يكن من أمر فإننا نعتقد أن المهم هو الجانب الرمزي لعودة حنبعل حتى وإن كان رمادا تناثر في البحار.  ودون مبالغة يمكن أن نتوقع مردودية معتبرة لهذا المشروع « الاستثماري » المندرج ضمن السياحة الثقافية … ونتوجه هنا بدعوة ملحة  إلى السيدين  وزير الثقافة والمحافظة على التراث ووزير السياحة لإيلاء هذا الموضوع ما يستحقه من عناية، ولتتضافر جهود الجميع من أجل إنجاز مشروع خطط له في السابق وبقيت منذ سنوات تصاميمه (التي تتطلب التحيين)  حبرا على ورق، بلا سبب واضح رغم أن قطعة الأرض التي ستحتضن المشروع تم اختيارها حينها ولكن توقف كل شيء دون سبب واضح بما خلف حسرة وحرقة في نفوس الكثيرين من محبي حنبعل الذي طالت غربته عن وطنه أكثر من اللازم. حنبعل الذي لم يكن مجرد  قائد عسكري بل رجلا سياسيا من الطراز الأول كان يحلم بأن يكون البحر المتوسط متعدد الأطراف وليس حكرا على  روما التي أقسم على مواجهتها. ونختم بإعادة التأكيد أن المشروع المقترح لمقام حنبعل سيمثل إضافة هامة ليس فقط لمنطقة قرطاج بل للسياحة الثقافية في تونس بأسرها.                     
عادل القادري(جريدة الوحدة)

الحاجة إلى الإيمان في عصر ما بعد الدين

زهير الخويلدي « الدين هو الشعور بالتبعية المطلقة » (شلايرماخر) ربما يعيش الإنسان اليوم في عصر قد يطلق عليه تسمية ما بعد الدين وربما قد لا يحتاج في هذا الزمان إلى الاعتقاد بقدر احتياجه إلى الإيمان الذي يأتيه ثمرة الشك وبعد عناء التفكير. إذا حاولنا تعريف لفظ الدين فإننا لا نجد حدا جامعا مانعا وكل ما نعثر عليه هو بعض الممارسات الجماعية الرمزية في علاقتها بمفهوم المقدس وبعض التجارب الفردية الناتجة عن معايشة وضعيات قصوى وانفرادها باستراق السمع لنفحات من الغيب. لكن الدين في حد ذاته كمنظومة متكاملة تشرع للناس نمط علاقتهم بوجودهم وببعضهم البعض كرؤية للحياة والموت والبعث فانه يظل موضع خلاف ولذلك ما انفكت المذاهب الدينية تظهر وتتزايد يوما بعد يوما بل ان التاريخ يحمل لنا بين الفينة والأخرى ميلاد فرقة تنضاف إلى الفرق الأخرى المنتمية إلى نفس الدين، إذ كيف نفسر تكاثر أتباع ديانة عبادة الشيطان في ظل وجود الأديان التوحيدية الكبرى؟ وكيف نفهم انتشار البهائية والقديانية والأحمدية والقرآنيين داخل الفضاء الإسلامي في ظل تقاسم النفوذ والسيطرة فيما يتعلق الاعتناء بالمقدس الإسلامي بين السنة والشيعة؟ يرى شلايرماخر وهو رجل دين بروتستانتي ليبرالي ألماني أن الدين هو شكل من أشكال الظهور والتجلي بالنسبة للروح البشرية ينبغي للناظر أن يحترم خصوصيته ويبقي على استقلاليته خارج عن كل من المعرفة والقانون والأخلاق والسياسة على الرغم من أنه يحتوي على عناصر معرفية وقانونية سياسية وأخلاقية. فالدين ليس معرفة ولا فعل ولا مركب من الاثنين رغم أنه في تمظهراته العينية لا يبدو في صفائه ونقاوته، كما أن له نفس موضوع الأخلاق والميتافيزيقا أي الكون ومنزلة الإنسان فيه.  ان الدين عند المؤسس الأول للهرمينوتيقا كنظرية فلسفية هو خضوع الروح للامتناهي وذلك لحظة جمعها بين الحدس والإحساس، حدس من طرف المتناهي للامتناهي وإحساس اللامتناهي بالمتناهي. يوجد الدين فوق تناول المعرفة الموضوعية وبعيد عن تشويهات الممارسة وليس في متناول إدراك الفكر التأملي.  يتكون الدين كتجربة أصلية من عنصرين متنافرين هما الحدس والإحساس، الظاهر والباطن، المصرح والمضمر، البيان والعرفان، البرهنة والحجاج، انه انغماس بالروح في العمق قصد الاتحاد بالمطلق. يرجع الدين إلى طبيعتين: –    طبيعة خارجية هي العبادات والطقوس والشعائر. –    طبيعة داخلية هي التأمل الباطني ومعايشة لحظات الانبثاق الأولى وتحلى المطلق للخلق. يكون الإنسان أثناء التجربة الدينية في نفس الوقت مرآة وانعكاس للكون ولكنه مغمور بالإحساس بعظمة المطلق ويشعر باحترام كبير لكل ماهو أبدي وجليل. ان المفاهيم الدينية والمعتقدات الموروثة هي ثانوية بالمقارنة مع التجربة الدينية الحية العفوية والمباشرة والتي يشعر من خلالها المرء بصلة مباشرة بمبدئه. من هذا المنطلق يرى شلايرماخر أن مسائل وجود الله وخلود الروح والرحمة والمعجزة والوحي والنبوة والإلهام كلها ظواهر ليس لها معنى إلا من خلال انخراط الإنسان في التجربة الباطنية للدين عبر الإحساس والحدس والمشاركة مع المطلق. ذهب شلايرماخر في كتابه « أحاديث عن الدين »  إلى القول بوجود  « دين عالمي » وبذلك أصبح من المستطاع انطواء جميع « كفار » العصور الغابرة وزنادقتها ورافضي وجود آلهتها تحت لواء هذا المثل الديني الأعلى. وذكر شلايرماخر أن سائر الاختلافات الدغمائية تبدو غير ذات موضوع في ظل وجود مشاعر دينية حية وحقيقية. ان الدين الحق يقوم على المحبة، ولكن هذه المحبة لا تتجه إلى هذا أو ذاك أو إلى موضوع متناه أو خاص، أنها تتجه إلى العالم، إلى اللاتناهى ». في هذا السياق: » دين دون اله يمكن أن يكون أفضل من دين له اله » ويقصد بذلك أن إدخال الله إلى العالم هو أفضل من وضعه في مكان ما خارجه. مهمة الدين هو مساعدة الإنسان أثناء سيره في الكون ولذلك ينصح بتعلم الإنسان للدين ولا يكون تعلمه عبر حفظ جملة من القواعد والتطبيقات المتماثلة بل من خلال إيقاظ مجموعة من الاستعدادات في وجدان الإنسان تؤهله للاطلاع على العناصر ما فوق طبيعية. قام شلايرماخر بتوسيع مهمة الهرمينوتيقا من دائرة المكتوب لتشمل الخطاب بشكل عام بما في ذلك المحادثة والإصغاء ودعا إلى فهم النصوص الدينية خارج إطار المذهب والتزم بفن في الفهم يجمع بين التأويل النحوي القواعدي والتأويل النفسي الجمالي في إطار حركة دائرية بين الكل والأجزاء وينطلق من مبدأ شهير يقوم على التماهي بين الكاتب والقارئ أي أن المؤول يفهم النص تماما مثلما قصد مبدعه. اللافت للنظر أن تعريف شلايرماخر للدين في نهايات القرن الثامن عشر على أنه « الشعور العجز المطلق » وقع التخلي عنه وإهماله بعد الثورة العلمية وسيادة الحداثة ومبادئ التنوير خاصة وأن الإنسان بعد كل القدرة على السيطرة والتحكم التي حصل عليها في العصر الحديث نتيجة التطور العلمي والتقني لم يعد بحاجة إلى الدين وما يتضمنه من مقدس و إيمان.  بيد أن انتكاسة مشروع الحداثة وعودة العقل الغربي على نفسه مفككا بديهياته ومتسائلا عن صلاحية مبادئه وبالتالي حلول زمن ما بعد الحداثة وما أفرزه من حيرة معرفية وارتباك منهجي وغياب للقيم وتدنيس للمقدسات وفراغ أكسيولوجي، كل ذلك أدى إلى التفكير في استعادة التجربة الروحانية وإعادة الاعتبار إلى تعريف شلايرماخر للدين على أنه شعور بالتبعية المطلقة والعجز الإنساني أمام القوى الخارجية. عندئذ ألا ينبغي على الإنسان أن يبحث عن الإبداع الحر بوصفها الينبوع المتفق للإيمان من أجل استعادة زمام المبادرة ومحاكاة اللامتناهي والتغلب على تناهيه؟ ثم لماذا قرر شلايرماخر أن الهدف من مشروعه الهرمينوتيقي « هو فهم كاتب على نحو أفضل مما فهم هو نفسه »؟ ماذا لو كان النص هو كتاب منزل والكاتب هو الله؟ هل يعني ذلك أن الإنسان غير قادر على معرفة مقاصد الشارع في كتابه وأن التأويل المقاصدي لم يعد له مكانة ضمن المشروع الهرمينوتيقي قد يشجع على الاعتقاد والتدين ولكنه لا يمثل أقوم المسالك الموصلة إلى الإيمان الحي؟ كاتب فلسفي (المصدر: موقع إيلاف (بريطانيا ) بتاريخ 19 سبتمبر  2008)


بسم الله الرحمان الرحيم

علاقة الدولة بالفرد

 

فتحي العابد
يقول عبد الرحمان الكواكبي في كتابه طبائع الإستبداد: « قيل لأحد النبلاء: لماذا لا تبني لك داراً؟ فقال ما أصنع فيها وأنا المقيم على ظهر الجواد أو في السجن أو في القبر ». و تأسيساً على هذه الرؤية يُمكن أن يُفهَم الواقع المزري لنبلاء بني البشر وشرفائهم، وعبر التاريخ الإنساني، في علاقاتهم مع سلطات بلدانهم التي تعمل فيهم تنكيلاً وتشريداً قسرياً، و قد عُرِف عن السلطة من خلال تاريخها الطويل، احتقارها لمواطنيها، وتسخيرهم لخدمة مصالحها الشخصيّة. إذ رفع الحكام العرب سيف البغي على رقاب شعوبهم، وعاثوا فيهم فساداً وتخريباً وتسلّطاً وإرهاباً، وحكموا بلدانهم حكماً دكتاتوريّاً فرديّاً، واعتبروا أنفسهم أوصياء وأسياداً، وأصحاب سلطة مطلقة على شعوبهم. و حتّى تستطيع السلطة الإستبداديّة في الدول العربية أن تسمو فوق الجميع، عليها أن تعمل ـ وبكلّ جهودها المدروسة و المنظّمة ـ  على إبقاء شعوبها جاهلة، لأنّها ترى في الجهل واحداً من الشروط الأساسيّة التي تمثّل قوتها، وتعزز في هذه الشعوب فكرة قبول التقاليد بحذافيرها ودون نقاش. وليس غريباً أن تتقيّد هذه الشعوب بالتقاليد، لأنّها شعوب مسحوقة بعملها اليوميّ، ومحرومة من الترفيه، ومن النشاط الفكري. إذ يجد المواطن نفسه ومنذ الصغر، وفي مختلف ظروف حياته، محاطاً بهذه التقاليد التي يزرعها في أعماقه جمع من المسمّين الرسميّين من كلّ الأصناف الكهنوتيّة، بحيث تصبح هذه التقاليد ضرباً من العادات الذهنيّة والأخلاقيّة الأقوى في معظم الأحيان من عقله السليم الطبيعي. حسب ماأورده  « باكونين ميخائيل » في كتابه: الإله والدولة. السلطة وواجباتها: إذا كان من المعروف أنّه يكمن وراء انتشار السلطات الاستبداديّة في جميع  أنحاء العالم، أمراض محليّة متشابهة، تظهر في أمكنة متعددّة متباعدة، وتختلف نسبة تأثيرها، فإنّ هذا التباعد في المكان الذي تظهر فيه الأنظمة الاستبداديّة، وهذا الاختلاف في النموذج والشكل، تبعاً لاختلاف الزمان والمكان، لا يمنع من كون هذه الأنظمة جميعها متّصلة مترابطة. ففي عالم أصبح من المستحيل فيه على بلد أن يحيا منعزلاً، ومكتفياً بذاته، لا مجال للنكران بأنّ ظهور نظام استبداديّ في مكان ما يؤدّي إلى ظهوره في مكان آخر عن طريق العدوى، وتبادل التأثير، والعلاقات التجاريّة والاقتصاديّة والسياسيّة والثقافيّة بين المكانيين. وإذا كان للسلطة جميع هذه القدرات الوبائيّة التدميريّة المتأصّلة ، فما هو تعريفها؟. تشير الموسوعة الفلسفيّة الروسية إلى أنّ السلطة مفهوم يشير إلى النفوذ المعترف به كليّاً، لفرد أو نسق من وجهات النظر أو لتنظيم مستمدّ من خصائص معيّنة أو خدمات معيّنة مؤدّاة. وقد تكون السلطة سياسيّة أو أخلاقيّة أو علميّة. و ينضوي تحت هذا المفهوم عدة أنواع من السلطات: 1 ـ السلطة النفسيّة: وهي ما يطلق عليها إسم السلطان الشخصي، والتي تتمثّل في قدرة الإنسان على فرض إرادته على الآخرين، نظراً لقوّة شخصيته وشجاعته، وقدراته العقليّة المتفوّقة. 2 ـ السلطة الشرعيّة: وهي السلطة المُعترف بها في القانون، كسلطة الحاكم والوالد والقائد. 3 ـ السلطة الدينيّة: وهي مستمَدّة من الوحي الذي أنزله الله على أنبيائه، ومن سنن الرسل، وقرارات المجامع الدينيّة المقدّسة، واجتهادات الأئمة. 4 ـ سلطة الأجهزة الاجتماعيّة التي تمارس السلطة، كالسلطة السياسيّة، والتربويّة، والسلطة القضائيّة، وغيرها حسب الدكتور جميل صليبا في كتابه المعجم الفلسفي. فإذا كانت السلطة هي الوظيفة الاجتماعيّة التي تقوم على سنّ القوانين، وحفظها، وتطبيقها، ومعاقبة من يخالفها، وهي التي تعمل على تغييرها وتطويرها كلّما دعت الحاجة، حسب ماعرّفها « وليام لابيار » في كتابه: السلطة السياسية. نقول إنّها الوظيفة التي لا غنى عنها لوجود الجماعة ذاته، لاستمرارها، ولمتابعة نشاطها. من هنا بالذات، إنّها تلك الوظيفة القائمة على اتّخاذ المقررات التي يتوقّف عليها تحقيق الأهداف التي تتابعها الجماعة. فـالتنظيم، والتقرير، والحكم، والعقاب، هي المهامّ التي تنتظر السلطة، في أيّة جماعة كانت. على أنّ هذه الوظيفة الاجتماعيّة عندما تنحرف عن مسارها الأخلاقيّ، وتكرّس نفسها لخدمة فئة من أصحاب النفوذ، فإنّها تصبح المنتهِكة الأولى للقوانين، والمتجاوزة والمحرِّفة لها، بحيث تصبح هذه القوانين أداة طيّعة تخدم مصالح أصحاب النفوذ، وتضرّ بمصالح الآخرين من الطبقات الأخرى، وتستعبدهم. وهنا تنفصل السلطة عن الشعب، وتدافع عن مصالح المستغلّين، وهم الأقليّة في المجتمع. ويمارسها الأشخاص الذين يصبح الحكم بالنسبة إليهم مهنة.. أمّا المؤسسات الرئيسيّة الهامّة الملحقة بالسلطة العامّة، فهي المحاكم والسجون و غيرها من المؤسسات العقابيّة. و في ظلّ سيادة أقليّة من الناس يسود الإستغلال والإستعباد، وتتحوّل الشرائح الإجتماعيّة العريضة إلى مجموعة من العبيد المنتجين، الذين يقدّمون طاقاتهم الإنتاجيّة إلى فئة الأقليّة، ومن هنا فإنّ الدولة التي تكون على رأسها سلطة مستبدّة طاغية، ستكون دائماً تحت تصرف تلك الطبقة من المجتمع، التي لها سند قانوني في ملكية أدوات الإنتاج. وما تصدره الدولة من قوانين، إنّما تصدره لصالح هذه الطبقة، كما أنّ حقّ الملكيّة الذي تحافظ عليه، ليس إلاّ حقّ تلك الطبقة في ملكيتها. ومن ثمّ فإذا كان عدد الذين يملكون، في دولة من الدول، ضئيلاً فإنّ القانون سوف يتحيّز لصالح هذه القلّة. وإذا كانت الجماعة بأكملها هي التي تملك، فسوف يتحيّز القانون لصالح الجماعة كلّها، ضدّ المصلحة الخاصّة لبعض الأفراد. على أنّ السلطة الإستبداديّة، ومن خلال ممارساتها وأدوارها التاريخيّة، لا تفكر مطلقاً في أن يكون المجموع الإنسانيّ الذي تحكمه مالكاً، لأنّ امتلاك هذا المجموع سيدفعه إلى أن يتحرر اقتصاديّاً وبالتالي يدفعه إلى التمرّد و كسر عصا الطاعة المفروضة عليه، وهذا لا تريده السلطة الإستبداديّة، لأنّ التحرر الإقتصادي للمجموع الإنسانيّ مقدّمة للتحرر السياسي والإنساني. و قديماً قال فقهاء السلطة الإستبداديّة: « جوّع كلبك يتبعك »، فالدولة المستبدّة والمستغِلّة، تطمح دائماً إلى التعالي على أفراد شعبها، وإلى الإنفصال عن المجتمع، وإلى وضع نفسها فوقه. وهي تنجح في ذلك بقدر ما يكون تعبيرها عن مصالح الطبقة المستغِلّة السائدة اقتصادياً. فسق الحاكم أهون من ظلمه: إنّ الحكّام الطغاة، ومنذ أقدم العصور، اعتقدوا أنّ سعادتهم يمكن أن تتحقق بوسائل تستلزم فرض البؤس على الآخرين. ومن أهمّ مقوّمات هذه السعادة عند هؤلاء الطغاة، جعل الآخرين عبيداً لهم، واستغلالهم، وإذلالهم، والسطو على ممتلكاتهم، كما فعل أخيرا مع أحد أزواج المعتقلين السياسيين التونسيين العائدة من الخارج، واغتصاب نسائهم، وحبك المؤامرة ضدّهم تمهيداً لقتلهم. ونظراً لفعل السلطة الإستبداديّة، التخريبيّ، وتشويهها لمجمل العلاقات الإجتماعيّة والإنسانيّة، فقد اشترط الفلاسفة والفقهاء ـ و درءاً لجور الحكّام والخلفاء وفسادهم ـ مجموعة من الشروط التي يجب أن تتوافر في الحاكم أو الخليفة، حتّى يستطيع أن يكون كفؤاً للمنصب السلطويّ الخطير الذي يتقلّده. فالفلاسفة السياسيّون رأوا ضرورة أن يكون الحاكم ذكيّاً وحكيماً، وفاضلاً خلوقاً، واتّفقوا عل أنّ المرء لا يمكن أن يمتلك فضيلة الذكاء الحقيقيّة دون أن يكون في الواقع حكيماً، ولا يمكن أن يكون حكيماً دون أن يكون فاضلاً خلوقاً، وعلى معرفة بالفنون التطبيقيّة، ولا يمكنه أن يكون حكيماً إلاّ إذا اتصف بجميع صفات الحاكم الفاضل ونزعاته. ومن هنا فإنّ مثل هذا الشخص يجب أن يحكم إخوته البشر من أجل مساعدتهم، وذلك بالحثّ والإقناع إن أمكن، أو بالإكراه والإلزام إن لم يكن ذلك ممكناً. ومن مهمّته أيضاً أن ينمي الفضائل الإنسانيّة لديهم في حدود إمكانهم. أمّا فقهاء المعتزلة فقد اعتبروا أنّه يجب أن تتوافر في الإمام مجموعة من الشروط، باعتباره حاكماً أعلى في الدولة، وهذه الشروط هي: 1 ـ العدالة على شروطها الجامعة. فهل توفرت العدالة في حكامنا اليوم؟ 2 ـ العلم المؤدّي إلى الاجتهاد في الأمور المتجددة والأحكام. أحد الرئساء العرب أخذ السلطة وهو لم يدخل جامعة قط. 3 ـ سلامة الحواسّ، من السمع والبصر واللسان. حكامنا لايسمعون ولايبصرون إلا مصالحهم الضيقة. 4 ـ سلامة الأعضاء من نقصٍ يمنع عن استيفاء الحركة وسرعة النهوض. وياليتهم كانوا مقعدين. 5 ـ الرأي المفضي إلى سياسة الرعيّة وتدبير المصالح. رأيهم خسران وراء خسران! 6 ـ الشجاعة والنجدة، وحماية الأمّة، وجهاد العدو. يخافون من ظلهم. 7 ـ النسب.. حكامنا نسبهم غير معروف، أو لانسب لهم كما يقول نزار قباني أو أحمد مطر. و يحدد ابن طباطبا المعروف بابن الطقطقي أهمّ خصال الحاكم الفاضل القادر على قيادة الأمّة، ورعاية حقوق أفرادها. وهذه الخصال هي: 1 ـ العقل: وهو أصل هذه الخصال وأفضلها، وبه تُساس الدول والمِلل. 2 ـ العدل: وهو الذي تزداد به الأموال، وتعمر به الأعمال، وتُستصلح به الرجال. 3 ـ العلم: وهو ثمرة العقل، وبه يستبصر الملك، ويأمن الزلل في قضاياه وأحكامه، وبه يتزيّن الملك في عيون العامّة والخاصّة، ويصير به معدوداً في خواصّ الملوك. 4 ـ الخوف من الله: وهذه الخصلة هي أصل كلّ بركة، فالملك متى خاف من الله أمِنَه عباد الله. 5 ـ العفو عن الذنوب وحسن الصفح عن الهفوات: وهذه أكبر خصال الخير، وبها تُستمال القلوب، وتصلح النيّات. 6 ـ الكرم: وهو الأصل في استمالة القلوب، وتحصيل النصائح من العالم، واستخدام الأشراف. 7 ـ الهيبة: وبها يُحفظ نظام المملكة، ويُحرس من أطماع الرعيّة. 8 ـ السياسة و الوفاء بالعهد: والسياسة هي رأس مال الملك، وعليها التعويل في حقن الدماء وحفظ الأموال، ومنع الشرور، وقمع الدُعّار والمفسدين. والوفاء بالعهد يسهم في طمأنينة النفوس، ووثوق الرعيّة بالملك إذا طلب الأمان منه خائف، أو أراد المعاهدة منه مُعاهِد. 9 ـ الاطلاع على غوامض أحوال المملكة، ودقائق أمور الرعيّة، ومجازاة المحسن على إحسانه والمسيء على إساءته. تشير الأدبيّات التاريخيّة و الفقهيّة الإسلاميّة إلى أنّ المسلمين ـ باختلاف فرقهم الإسلاميّة ـ لم يتفقوا على شروط واحدة تتوافر في الشخص حتّى تؤهله لأن يكون خليفةً، أو حاكماً للمسلمين يرعى مصالحهم، ويدافع عن أوطانهم، ويقيم العدل، إلاّ أنّهم اتّفقوا جميعاً على أن يكون متصفاً بالعدل و الورع و العلم. حتّى لا يُصاب المسلمون منه بالأذى، وحتى يكون قادراً على أن يعفّ عن أموالهم وممتلكاتهم، وأعراضهم. وما دون ذلك  فهو احتقار لعقول المسلمين، وطموحهم إلى إقامة العدل، والعمل بما جاء به كتاب الله و سنّة نبيّه، وهو دعوة إلى إلغاء طاقة العقل الإسلاميّ، لأن يكون بنّاءً، ومسهماً في بناء الحضارة الإنسانيّة، ومجدداً في روح النصوص الفقهيّة. وبهذا الصدد تشير الأحاديث النبويّة إلى أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يدعو إلى معارضة الحاكم الجائر، وعدم طاعته. ويُروى عنه أنّه قال صلى الله عليه وسلم: « أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر »، و »من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنّه ظالم فقد خرج من الإسلام »، و »إنّ الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيّروه أوشك أن يعمّهم الله بعقابه ». و كان بعض أئمة المسلمين من يرى ضرورة الثورة على السلطان الظالم استناداً إلى الحديث النبويّ القائل: « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ». على أن بعضهم الآخر رأى أنّ السلطان الكافر العادل، خير لرعيّته من السلطان المسلم الجائر، ويروي ابن طباطبا أنه لمّا فتح السلطان هولاكو بغداد في سنة ستّ وخمسين وستمائة، أمر أن يُستفتى العلماء أيّما أفضل: السلطان الكافر العادل أم السلطان المسلم الجائر؟ ثمّ جمع العلماء بالمستنصريّة لذلك، فلمّا وقفوا على الفتيا أحجموا عن الجواب، وكان رضيّ الدين علي بن طاووس حاضراً هذا المجلس، وكان مقدّماً محترماً، فلمّا رأى إحجامهم تناول الفتيا، ووضع خطّه فيها بتفضيل العادل الكافر على المسلم الجائر، فوضع الناس خطوطهم بعده. وهنا لايهمّنا أن نناقش رأي الإمام أحمد بن حنبل، القائل بضرورة إطاعة الحاكم برا كان أو فاجرا، ومدى صحته، لكن ما يهمّنا هو: إلى أيّ مدى أسهم الفقهاء في الدولة الإسلاميّة قديما في مناصرة الخلفاء، والمثقفون اليوم في مناصرة حكّامنا على جورهم و فجورهم؟ وإلى أيّ مدى اعتبر بعض الخلفاء في الدولة الإسلاميّة قديما، وحكّامنا اليوم هذا الرأي مبرراً ينطلقون منه لتأسيس سلطة خلافتهم، أو حكمهم على الإستبداد والقهر، واعتبار كلّ من يخالفهم الرأي متمرّداً عليهم، وخارجاً على طاعتهم، وبالتالي خارجاً على رأي الأمّة، أو غير وطني. إذا كان معظم الفقهاء والمؤرخين اتفقوا جميعاً على أنّه يجب أن تتوافر في الحاكم، سواء أكان خليفة أم ملكاً، أم غير ذلك، صفات العدل والورع والعلم، هذه الصفات التي تجعل من يتحلّى بها قادراً على قيادة الأمّة وسياستها، وجعل مواطنيها ينعمون بالسلام والأمان، وفي منأى عن الدكتاتوريّة والاستبداد، فإنّ معظم الحكّام العرب وعبر تاريخهم الطويل كانوا مستبدّين، فقد أحدثوا في مجتمعاتنا شروخاً طبقيّة واسعة، وسلّموا مقاليد دولهم لمجموعة من الوزراء الطغاة والولاة الظلمة، وامتلكوا الثروات الكثيرة، والقصور الفاخرة المترعة باللذائذ، وما أقاموا عدلاً في توزيع ثروات البلاد. بل غدت مدننا مليئة بالفقراء والجياع. وخير ما يُستدلّ به على درجة استبداد الحكومات هو تغاليها في بناء وفخامة القصور، وعظمة الحفلات ومراسيم التشريفات، وعلائم الأبّهة، ونحو ذلك من التمويهات التي يسترهب بها الملوك والرئساء رعاياهم عوضاً عن العقل. يُضاف إلى ذلك أنّ الكثير من هؤلاء الحكّام هم فسقة وجهلة، وغابت عن حياتهم مظاهر الورع والعفّة، والإهتمامات العلميّة والمعرفيّة، وطغى عليها التهالك على امتلاك النساء والجواري، والإنهماك بالملذّات من طعام وشراب، حتى أن أحد أفراد السلك الدبلوماسي الإيطالي السابقين في إحدى الدول الخليجية، أنه دعي إلى مؤدبة عشاء طولها حوالي عشرة أمتار وهم كانوا عشرة أشخاص، ورمي باقي الطعام في الزبالة، وقد صور تلك المائدة واحتفظ بالصورة ليريها للعرب أنفسهم، وطرب وموسيقى. ولو تمادينا في القص ستتراءى أمامنا مزيد من ملامح هؤلاء الحكام، وممارساتهم في قصورهم وبين أفراد شعوبهم المستلبة قهرا وخنوعا واستعبادا. حكّامنا ثعالب محتالة: آثرتُ أن أنبّه المساكين أمثالي ما تنبّه له (الديكُ) من (الثعلب) اللعين في رائعة الشاعر أحمد شوقي، حين أرسل (الثعلبُ) مبعوثَه يطلب الدّيك للأذان، لأنّه قرّر التوبة والصلاح والصلاة! فأجابه الدّيكُ الفَطِن: « بلِّغ الثعلبَ عنّي عن جدودي الصالحينا.. عن ذوي التيجانِ ممّن دخلَ البطنَ اللّعينا.. أنهم قالوا وخيرُ القولِ قولُ العارفينا.. مخطئٌ مَنْ ظنّ يومًا أنّ للثعلب دينا ». وكما في كل العالم ثعالب، فهاهنا عندنا العرب ثعالب، وحيثما تُوجَد دجاج وخراف فثمّة ثعالب، ومثلما هناك حيَلٌ تجارية وتقنيّة، هناك حيَلٌ سلطويّة، وسياسية، وبرلمانية. يقول الرئيس بن علي في الذكرى الخامسة للتحول في نوفمبر 1992: « نجدد عهدنا مع التغيير والإصلاح، حتى تكون تونس غدا خيرا مما هي اليوم »، فهل حقيقة وفى جزءا مما تعهد به؟ أم أنه… إن الذين يُسيّلون لُعاب الناس، بوعود سياسية، وبرلمانية، وبمساكن وزيادات ورفاه، ثمّ ثعالب بل « هباء »، والذين يعِدون الناس بمفاتيح الجنّة بأفعالٍ هزيلة قوامُها الولاء الشخصي لجنابِهم، ثمّ مستقبلاً يُدركون الخديعة، أو يُدركونها متى انتقلوا لجرد حسابهم بالعالَم الآخر، فيُصدَمون بأنّ الحاكم الفلاني! قد احتالَ عليهم. ولقد نبّه الشاعر شوقي لهذا ببداية قصيدته الآنفة، قائلاً: « برزَ الثعلبُ يومًا في شعارِ الواعظينا.. فمشى في الأرض يهذي ويسبُّ الماكرينا.. ويقولُ الحمدُ للهِ إله العالمينا.. يا عبادَ الله توبوا فهو كهفُ التائبينا »! البعضُ لا يعظ إلاّ دفاعاً عن سلطانه، يُنشئ موعظةً عن الوطنية، لأنّه احتمش ممَّن انتقدوه! ومحاضرةً في الحرية دون تقيد بها، بل ليُطابق أوصاف الحرية بأحواله فيتمدّحونه به، وخطبةً عرمرميّة مكتوبة له من قبل في الطاعة العمياء، والقيادةِ وشرعيّتها، ونصوصِها، لأنّه أحسّ بتململ اعترضَ على قيادته (الثعلبيّة!). واجبُنا وواجب المثقف الشفّاف فضحُ (الثعالب) والتحذير منهم، كما فعلتْ (ليلى) بِطرفة تُروى أنها رأتْ (الذئب) مختبئاً وراء شجرة، ففاجأته: ألستَ الذئب؟! ففرّ واختبأ خلف صخرة، فأطلّت وفاجأته: ألستَ الذئب؟! فهرعَ إلى مغارة، فلحقته واقتحمت عليه: ألستَ الذئب؟! فأجاب غاضبا: « نعم، أنا الذئبُ ابنُ الكلب، فقط دعيني أختلي لأقضي حاجتي! »، لهذا علينا ألاّ نجعل سلطانهم المنتفخ يقضي حاجاتهم! فماهي العلاقة بين الفرد والسلطة؟ يبقى السؤال مطروحاً من غير الوصول إلى إجابة محددة ومقنعة حول هالتها ومكانتها في راهن وضعنا المتذبذب، يدفعنا الشك لمراجعة تراكمات التاريخ السياسي للحكومات التي تناوبت على ديمومة السلطة، رغم أوجه الإختلاف بين توجهاتها ومسالك إداراتها لدفة الأمور، لبيان التصادمات الفكرية والإتهامات غير المنتهية بين الطرفين المتضادين، كون التاريخ حاضنة الوعي الكامل للوجود، فيه تخمد أوان الصراعات بشكل محايد ومستسلم إلى حدٍ ما، ما لم تتلصص أقلام ولغاية ما تحفر في الصخور للبحث عن شذرات ضوء تفيد أو تسند فكرة موضوعة، فالتاريخ كما يقول الدكتور قاسم عبده قاسم « أنه أشبه بنهر يتدفق من المنابع إلى المصب، حاملاً كل التفاصيل والدقائق والمواقف والأحداث والشخصيات والظواهر »، لابد من قراءة غير تقليدية وعدم التباهي خطابياً من طرف السلطة، بما تم الإعداد من وعود تعرقلت تحت تبريرات جاهزة ومقنعة بطريقة أو بأخرى، أعدت سلفاً طالما الوعي الثقافي غائب أو مهمّش ويكون العقل عائماً في فراغ يبحث عن طوق نجاة.


في تونس زينة رواقع الأوطان، يقع للأخيار ما يجب أن يصيب به الفجّار بيروت، في 18 سبتمبر سنة 2008  
الشاذلي العيّادي  بادئ ذي بدء، بمناسبة شهر رمضان المبارك و إنبلاج ليالي من ليلة القدر فيه، أتوجه، إلي كل ما أنجبت الأرض و الأم التونسية و إلى كل ذرّة و خليّة في جسد أفراد الأمّة العربيّة و الإسلاميّة منذ بداية الخليقة إلى أن يرث الله الأرض من عليها. و على رأسها المناضل  الكبير في سبيل الوطن و الأمّة المؤرخ  الدكتور منذر سفر و الشاهر المهاجر أبو جعفر لعويني  وإلى الماجدة الجليلة أرملة فقيد الأمة الشهيد الهوّاري بومدين،رحمه الله و أسكنه فسيح جنانه. بأنبل ما في الإنسانيّة من معاني مجتمعة و أرقى  التمنيات  بطول العمر في كنف الصحّة الجيّدة و كبر المقام الإجتماعي و الهناء الأسروي و النجاح المهني و التنظيمي و الكمال في كل عمل وطني يؤدي بالأمة إلى  التتويج برجوع بيت المقدس إلى أصلها و فلسطين إلى أهلها. ــــــــــــــــــــــــــــــ  
الأجدر تحويل الإعاقة النفسيّة إلى طاقة فكريّة
وصلتني مكالمة هاتفية من جينيف في اليوم السادس من هذا الشهر المبارك و على الساعة العاشرة ليلا بالتوقيت المحلّي لمدينة بيروت، من طرف أحد رفقاء جناح  » E »  للسجن المضيّق في تونس. و هو في الأصل من منتسبي الحركة الإسلاميّة التونسيّة. حيث بُنِيَت بيننا أسس مودة لما له من أخلاق عالية و طريقة طرحه لأي موضوع للنقاش. كنت أساعده في تمرير رسائل إلى خارج السجن تارة عن طريق المرحومة والدتي وتارة أخرى عن طريق بعض الحرّاس ممن أدخلهم الحزب إلى إدارة السجون في سنة 79-80. وكذلك إلى جناح « H » في سجن 9 أفريل، أين كان رفقائه من حركة الإتجاه الإسلامي.  أعلمني بما تمليه فضيلة الإعتراف بالجميل، بنبرة الحسرة و الأسى أن هناك أحد أبناء وطني من المقيمين في فرنسا يتفنن في تلطيخ سمعتي بين مختلف أوساط حركة المعارضة في الشتات من فرنسا إلى غاية السويد. و لم يكتفي بترويجه  بين الأوساط الدينيّة عندما كنت في السويد لعدم الإستثاقة في شخصي و ربما أكون من أحد عملاء النظام حسب وجهة نظره. بل يدّعي أني أعمل الآن لمصلحة الشيعة العالميّة مقابل لقمة العيش و التداوي و سقف يحميني.                                                                                                              هذا الشخص من أحد ضواحي تونس الجنوبيّة ، و هو في الأصل همزة وصل بين بعض التيّارت الإسلاميّة و أحد فصائل منظمة القاعدة في غرب أوربا.و قد أعلمت في شأنه أكثر من إسم في المعارضة التونسيّة في الشتات. ولم يسمح لي إنتمائه لوطني بأن اعلم عليه بعض الجهات المختصة. سامحه الله   كما أتاني، بعد هذا الخبر، يوم السادس عشر من عظمة شهر الله هذا، من أحد أصدقائي من اليسار الوطني في تونس مفاده أن هناك في أحد ربوع الوطن من يدعي النضال من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان. و يتبجح بأنه مربي يصنع أجيال جديده من المدافعين عن الوطن في أحد الجامعات في  الجمهوريّة التونسيّة  و الحال أنه أحد المستشارين السريّين للسيّدة ليلي بن عليّ منذ سنة 2004. و لم يدخر في الماضي من جهده في محاولة الحدّ من إيجابيّة المحامي الأستاذ عبد الرؤوف العيّادي على الساحة التونسيّة . كما حرّض في السابق بعض الناس لعدم مساعدتي معنويا بحجّة أني  » قومجي متخلف » لا يؤتمن جانبي، مثلي مثل عميد المحامين السيّد بشير الصيد ». و أعمل مع النظام و أسعى للضرر برموز المعارضة في تونس و بالتالي  عملقة المجتمع المدني الجزائري على حساب المجتمع المدني التونسي و عمالتي للسلطة الجزائريّة  من خلال إنضمامي  إلى التجمع الوطني الجمهوري الجزائري، الذي أسسه فقيد المغرب العربي الكبير الشهيد قاصدي مرباح.  أقول لهؤلاء الرهط  في هذا الشان، أني خُلقت  لمحاولة العمل و إستهلاك كل طاقتي من أجل سلامة الدولة التونسيّة في الخاصة و الأمة في العامة. و ليس للعمل مع النظام و أطرافه. و لو كنت من العاملين لصالح النظام في تونس، لما كنتما من القادرين على النطق ببنت شفاه في شأني. بل لكنتما أول من يستجدي عطفي من وحيّ تركيبة نفسيتكما المريضة بالسعيّ وراء مصلحتكما الضيّقة أمام مصلحة المجموعة و المساحة في الوطن. و أمثالكما كُثُر في المجتمع التونسي، بل أنتما عيّنة من طابور خامس مكون من قاع المجتمع، الذي جعل من بعض موظفين صغار في وزارات الوصاية  يتربعون على كاهل البلاد و العباد بدون سلطان العلم و تاج معرفة النفسيّة الوطنيّة و مبدأ تقديس النفس البشريّة و منهج إحترام الجسد الآدمي. و ألفت نظركما أني مختص و منظّر في ميدان الأمن القومي، رغم أنف الكلّ و بإعتراف أكثر من دولة غربيّة، و ليس في الأمن الإقليمي أو في الإستقواء على وطني بالصهيونيّة العالميّة و بالتلموديّة الكونيّة(على حدّ قول ديك تشيني).                                  و لو كنت كذلك لقبلت الإغراءات المناصبيّة و الماديّة المتأتيّة من النظام في تونس و من بعض أركان المجتمع الأمني في الوطن من جهة و من بعض صهاينة أوروبا الغربيّة من جهة أخرى. و لساهمت بكل إتقان و منهجيّة في تحييد بأيادي أجنبيّة كل من تستهويهم التفرقة الجهويّة و الطبقيّة و الإستقواء بالأجنبي في وطني.  و كذلك من وَلُّوا وجوههم شطر عواصم كل من فرنسا و ألمانيا و النمسا قصد الحصول على شارات ماسونيّة  و جوائز تلموديّة تعلق على الجدران و تدخل بهم في هالة الوجاهة الكلينيكية المدروس زمانها و مدتها للمساهمة في بيع ما و تبقى من تونس في المستقبل. أيها الأخوة، سأتعامل من خلالكما مع الكل بالمكشوف، و ذلك لأن الروح قد سئمت الجسد من شدة قسوة أمثالكما من بني وطني و ومواصلة البعض منهم في تفننهم في  نسج المكائد على منوال الحسد و الكراهيّة المجّانيّة المتأتية من تطفلهم علي العمل الوطني سواء كان مع النظام أو ضده. _ لست شيعيًا و لا سنيًا كما أني لست أيضا مسيحيا. أرتدي منذ نعومة أظفاري سُترة حبّ الوطن لما له من مسالك تؤدي إلى حبّ الله والإيمان به. وألتحف من الأكفان ما يبرز جليًا الراية التونسيّة و علويتها.  و أرتدي أمام كل التيارات الجهادية و اليسار العالمي ثوب أصالة القوميّة. وأتأنق بالوفاء للصداقة، رغم ما أصابني من خيانات موصوفة من الأصدقاء قبل أهل العداوة و الحسد من بعض بني وطني و كثير من أبناء أمتي. و أتعطّر بعدم نكران الجميل. وأتطيّب بِحٍبْر طالب العلم و التجربة في سبيل خدمة الوطن و الأمة.  و أتيمم قبل الوقوف بين أيدي الله للصلاة أو للتضرع  بعرق أي مناضل صادق في سبيل الوطن والأمة مهما كانت إنتماءاته السياسيّالدينيّة.  وبقدر ما أؤمن بالله والقضاء و القدر. أؤمن بأن سعادة لحظات تنسي آلام سنين،  مهما أثخن أهل العداوة و الحسد  في النفس الجراح  و في الجسد  القِرَاح. هل هذا مفهوم أيها الأعزّاء؟ إني ابتدأت النضال في ميدان الأمن القومي و أعتنقت ديانة الجهاد و العمل المباشر من أجل بيت المقدس مع أهل أكناف بيت المقدس وغيرهم من بعض اليسار العالمي من أنصاف أشقائنا من صقليّة في الخاصة و جنوب إيطاليا في العامة. و هذا قبل مجيء الثورة الإيرانية و قبل الإنطلاقة الميمونة لحزب الله.   و أنتما تعرفان جيّدا مذا فعلت من أجل بعض رموز المجتمع المدني التونسي، المتآكلة بعض أطرافه بالانبطاح و التعامل و الخيانة و نكران الجميل، قبل هروبي من الوطن. بإمكانكما سؤال السيّد عبد الله الزنايدي، أحد أبرز مساعدي السيّد الشاذلي الحاميّ، المسؤول الأول على المخابرات التونسيّة منذ الإستقلال إلى أن تمت محاكمته وهو بمرتبة كاتب دولة للداخليّة من أجل التعامل مع جهة صهيونيّة معيّنة في السنوات الأخيرة من القرن المنصرم. من أعلم الدولة في تونس سنة 1977 بعد رجوعي من جولة في إيطاليا من خلال مصلحة سلامة أمن الدولة و كذلك اليسار في فرنسا عن طريق أحد رجال من إعتنق بعدها مبدأ العمل المباشر عن إختراق أيادي صهيونيّة بتخطيط من السيّد  هنري كيسنجر للألوية الحمراء في إيطاليا. و يهوديّة مقتل  » آلدو مورو » رئيس وزراء إيطاليا في ذلك الوقت؟  كما بإمكانكما أيضا، إذا سنحت لك الفرصة، سؤل السيّد فرج مبروك قدورة أو أحد كوادر وزارة الداخليّة الفارّين إلى فرنسا، من كلّفني في النصف الثاني من سنة 1988 لتكوين جهاز خاص و سريّ لمكافحة عملاء الكيان الصهيوني في تونس و على ضفتيّ البحر الأبيض المتوسط؟ و مذا فعل السيّد محمد عليّ المحجوبي ( الشاذليّ الحامي ) لإسقاط هذا المشروع القومي رغم إنطلاقته بطريقة علميّة و عماليتيّة مدروسة؟ و بماذا تعلل بالقول للإسقاطه؟ ومذا قال له أحد رموز السلطة الفلسطينيّة المتواجدة على أرض تونس في ذلك الوقت في الموضوع؟ و إلى أية درجة تفنّن في إيذائي ؟ لولا كلّ من السادة الأستاذ عبد الرؤوف العيّادي والمحامي سمير بن عمر لماتت والدتي من عدم قدرتي على إقتناء دواء أمراضها المزمنة. و لكنت هباء منثورا بيد رجال النظام التونسي و بتزكية من بعض أسماء بارزة من الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان من المجتمع المدني التونسي! و لولا كذلك المساعدة المادية من صديقي المحامي صحبي بودربالة، نائب في مجلس الأمة عن المعارضة، لتمت إهانتي و والدتي على قارعة الطريق  أمام العموم  بإيعاز من منطقة الأمن الوطني في ضاحيّة أريانة من طرف  مالك العقار الذي كنت لأحد شققه من المتسوغين و لمعلوم الإيجار من الفاقدين. بإمكانكما سؤال القاضي الفاضل السيّد مختار اليحياوي عن ما دار بيننا في هذا الخصوص أمام المحامي سمير بن عمر و في مكتبه، رغم عدم وجود ما يجمعني و إياه في ميدان مقارعة النظام و كيفيّة الحد من تجاوزاته من جهة و نفوره منّي بسبب ما قيل له في شأني من طرف أهل العداوة و الحسد و من بعض المتعاملين مع رجال النظام في كل من وزارة العدل و ضمن من يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان من جهة أساسيّة أخرى؟ كما بإستطاعتكما سؤال المحامي البارز عبد الرؤوف العيّادي، من أعلم  باللِّسَان و القرطاس و القَلَمٍ  الدولة  وبعض القوميين من أبناء جلدتي  عن عمالة السيّد عماد عاشور. حيث كان يدرس الحقوق في المملكة المغربيّة، فتم تبنّيه من طرف الصهاينة و مساعدته للحصول على الإجازة في القانون دون أن يكون حقيقا لها. ثم ّ طُلِبَ منه الرجوع إلى تونس و الشغل في شركة خاصة إلى حين فتح وزارة الداخليّة مناظرة للترشح في تكوين محافظين للشرطة.    بعد فترة من تقلبه في بعض المواقع التنفيذيّة. تم تعيينه على رأس منطقة سيدي البشير في العاصمة وبعدها عُيَِّن رئيسا لمنطقة الشرطة بضاحيّة أريانة أين توطدّت علاقته ضمن مخطط مدروس بالجنرال عليّ السرياطي، المدير العام للأمن الوطني في ذلك التاريخ.  بعد عدّة تجاوزات مهنيّة وأخلاقيّة. وأخذ المبادرة في حياكة كثير من قضايا إجتماعيّة وسياسيّة معيّة وصيفه السيّد الهادي العبيدي،ضابط شرطة. أدّى صنيعه هذا إلى توريط الإدارة العامة للأمن الوطني معنويا. فتمت تسميته على رأس المحطّة الأمنيّة في سفارة تونس في القطر المصري الشقيق. أثناء و جوده في القاهرة، جرت له أكثر دورة علميّة و بسيكو-تقنيّة من طرف أحد كوادر المجتمع الأمني الإسرائيلي في بعض أماكن آمنة في مصر. كما أعلمته أيضا في شأن المحامي السيّد زبيّر السعيدي(أحد أبناء عمومة المحامي محمد عبّو) حيث كان يدرس في دمشق فوقع  تهريبه إلى المغرب الأقصي لإتمام الدراسة في القانون هناك. ثمّ رجع قافلا إلى تونس بعد حصوله على الشهادة النهائية في الحقوق. و بعدها إلتحق بدورة تكوين محافظين للشرطة في مدرسة مختصة في ضواحي تونس الحاضرة.  بعد تخرجه تقلب في عدّة مناصب إستعلاميّة، منها مراقبة كل تونسي إعتنق ديانة الثورة في صفوف الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين- القيادة العامة- في كل من تونس وسوريا و لبنان. و محاولة إضرار بسمعته عند الحاجة عن طريق أحد المحامين في تونس الذي له علاقة وطيدة مع الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين- القيادة العامة في دمشق.  تمّ تعيينه في ما بعد على رأس فرقة الإرشاد بالجنوب التونسي ثّم عاد إلى الإدارة العامة للمصالح المختصّة إلى حين وقع إتفاق مع السيّد محمد على القنزوعي لإفتعال مشكلة نظاميّة مع الإدارة العامة للأمن الوطني بحجة أنه زاول الدراسة سراً دون موافقة الوزارة  و حصوله على شهادة تكميليّة تأهله  لمزاولة مهنة المحاماة. فتم الإستغناء عنه صوريا من الوظيفة العموميّة  دون أن يفقد رقم « الميكانو » المخصص لكل موظف عمومي. ثم إنخرط  سنة 2003 في سلك المحاماة كمحامي متمرن ليكون من أعين السيّد محمد على القنزوعي و ضمن شبكته العنكبوتيّة على أكثر من رقعة إقليمية.     و لعلمكما يا بني الوطني، أني قد نبهت هذا المحامي عندما كان ضمن إطارات المدرسة الخاصة لرسكلة إطارات الإدارة العامة للمصالح المختصّة لوزارة الداخليّة بمنطقة منّوبة، قرب مقرّ جامعة الآداب بالمنطقة. و حذرته من عواقب ما خُطط له من طرف السيّد محمد على القنزوعي حينما طلب منّي تحليل لقاء تلفزي دار بين الشيخ راشد الغنوشي (رئيس حركة النهضة) و الدكتور الهاشمي الحامدي (صاحب قناة المستقلّة) ضمن برنامج الإتجاه المعاكس لقناة الجزيرة.  مع العلم أنيّ قد أعلمت بعض أصدقائي من التيّار القومي في أكثر من قطر عربي بموضوع هذه الشبكة.  أطلب منكما سؤال المناضل الكبير، سليل أهل العفّة والمقاومة المؤرخ الدكتور منذر سفر، من حذره من عمليّة تلموديّة بإيعاز من المجمع اليهودي في فرنسا و كبير الحاخامات في تونس حاول تنفيذها كل من السادة الدكتور ضحية المجتمع المدني قبل المجتمع الأمني الصحبي العمري والسيّد حمّادي الفرجاوي في فرنسا. و من سبق الإدارة الأمريكية سنة 2005 (بالإسم و الرتبة) في تحذير العالم من أن النظام التونسي ينوي تنفيذ بعض التفجيرات في تونس قصد القضاء على المعارضة وخاصة التيّار المتديّن منه.   هل هذا الصنيع في نظركما يخدم النظام في تونس أو عمل وطني و قومي صرف؟ من جانب آخر  أطلب منكما سؤال فطاحل الثورة الفلسطينيّة و كذلك الأمن التونسي و خاصة السيّد أحمد بنور والسيّد عبد الحميد السخيري و السيّد الطيّب الصيد و و كذلك السيّد محمد الحاجي، من أعلم الشهيد صلاح خلف،  في قصر قرطاج يوم 28 أوت من سنة 1981على الساعة التاسعة صباحا،  بتاريخ إجتياح إسرائيل لجنوب لبنان قبل وقوعه بحوالي تسعة أشهر؟. و من قصف سعد حداد ؟ و من ذبح بعض عملاء إسرائيل في جنوب لبنان.  و من أعلم كذلك مركزيّة صنع القرار في تونس بعمليّة مقتل الرئيس أنور السادات قبل وقوعها و ذلك يوم 21 أوت سنة 1981في أقبية إدارة سلامة أمن الدولة ثمّ في قصر قرطاج الرئاسي بحضور الشهيد صلاح خلف و تحت نظر و سمع الرئيس الراحل المرحوم الحبيب بورقيبة؟ من أعلمت قيادة المجتمع الأمني التونسي  بالفاه و القلم في غضون سنة 2002. وكذلك أكثر من قطر عربي في أواخر سنة 2006. و بعض قيادات الثورة الفلسطينيّة في بداية سنة 2007، و منها المناضل البارز الدكتور طلال ناجي بأن هناك مخطط بمعرفة فرسان مالطة و تيّار متشدد في دولة الفاتيكان يرمي لبعث دولة فرعونيّة ثانيّة في مصر قبل سنة2012 بقيادة السيّد جمال مبارك أقول لكما بكل التواضع رغم إتهامي ظاهريا بالإرهاب الدولي من بعض دول الغرب بخطفي طائرة تونسيّة قادمة من ألمانيا وعلى متنها 40 من عناصر البوليس الدولي. بصفتي المهنيّة تلك، أنا الذي كشفت بالإستعانة من بعض عناصر اليسار العالمي في الأسبوع قبل الأخير من شهر مايو 2006  عن عمليّة إرهابيّة كبيرة كانت ستنفّذ في بعض مطارات دول غربيّة من طرف شبكة لا تمتّ بالعروبيّة بأيّة صلة. وذلك محاولة منّي لقطع الطريق عن أعداء الأمة من الإدارة الأمريكيّة الحاليّة ومركزيّة أمنها أمام إتهام بالإرهاب العالمي  دولة الممانعة و حجر الرحا للسلم في منطقة المشرق العربي. و كذلك أحد أعظم فصائل المقاومة العربيّة في الشام الكبرى.  بالتالي عدم محاولة المزيد من تضييق الخناق على العرب المقيمين في الغرب أمثال أحدكما. الأمر الذي أدى بمركزية صنع القرار بمملكة السويد إرسال على وجه السرعة إلى جل بلدان أوروبا الغربيّة تحذيرا من عمليات تفجيريّة في الجوّ تنطلق من بعض مطارات تلك الدول عن طريق آلات إلكترونية محمولة . الأمر الذي جعل من بريطانيا تتخذ عملا وقائيا دقيقا إنتهى إلى كشف شبكة غير عربيّة معدة لهذا الغرض. و بالتالي إخضاع كل أنواع الأجهزة الإلكترونيّة و خاصة منها جهاز الكمبيوتر المحمول منذ ذلك التاريخ للفحص اليدوي والكشف الإشعاعي. رغم انه يسبب ضرر بالذاكرة المركزية و القرص الصلب لهذه الأجهزة.               إذا كنتما تريدان التأكد من هذا، عليكما قراءة رسالتي الموجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة. منشورة على صفحات  » تونس نيوز » الإخباريّة بتاريخ 20/6/2007. كما بإمكانكما قراءة ما صدر في الموضوع عن وكالة « يو بي آي » و صحيفة القدس العربي في لندن. أو الإتطلاع على آخر ما صَدَر في الموضوع (حسب معرفتي) على صفحات موقع « حوار نات » بتاريخ حال الثلاثاء الموافق  لـ 28 جويلية 2008 . أنا الذي جعل السويد تعدل عن إرسال 1500 عسكري من قوتها المسلحة إلى جنوب لبنان بعد وقف العمليات العدوانيّة الإسرائيلية على جنوب لبنان. و قبلها تراجعها عن فتح مخازنها لإرسال قنابل نيترونية تكتيكيّة لقصف جنوب لبنان في اليوم 27 من الإعتداء الإسرائيلي على لبنان بحجّة تراجع تكتيكي للقوات الإسرائيليّة  إلى الخط الأزرق. و قبلها كذلك الإبتعاد عن تأييد طرح الرئيس الفرنسي الأسبق لقصف سوريا بناء على رغبة آل الحريري. هل هذا الصنيع و العمل يدخل تحت طائلة العمل لصالح النظام أو الدولة أم الأمة؟ من أجل عدم إرادتي العمل ضد أمتي مقابل طيب العيش و الكمال المادي. وقعت محاولات لتأديبي ثم قتلي أكثر من مرّة في شهر ديسمبر2006 حيث وقع التعدي عليّ بالضرب المبرح من طرف شابين ناطقين باللغة العربيّة  بجانب المحطة القديمة للحافلات، التي تقع بدورها بجانب مضخة البنزين و محاذية شرقا لجسر المدينة و غربا لمقر الصحيفة الرئيسيّة ( tidningen ) لمدينة هارنوسند (Harnosand). قائلين لي بلهجة شرق أوسطية أثناء تواجدي على الأرض من جراء الآلام،  بلهجة  لبنانيّة  بما معناه- « عليك سماع كلام سيّدك ماكس كنيتسن (Max Knutson) و العمل بتعليماته و إلا سنقطع لك شرايينك رغم أنفك و تموت كالكلب. بعد إلتقاط بعض أنفاسي و الشروع في الوقوف، هبّ الثاني الذي كان يبعدني ببعض الخطوات لضربي مجددا. في الأثناء أخرجت خنجري المفرغ « بأثقاب » من غمده و رشقته في خارج فخذ الأيسر للأول  قبل أن يصلني الثاني، مما جعل دمائه تنزف بغزارة على الجليد أثناء إتنزاع نصل الخنجر بطريقة سريعة و نصف دائريّة. فصرخ المطعون و تعطل الثاني من شدة صريخ الأول مما جعلني أقف بسرعة و أشهر خنجري على الثاني. وعندما همّوا بالهروب ( مستندا الأول على الثاني)  لم أتمكن من الوقوف من جديد من شدة آلام ما أصابني من فتق أسفل بطني نتيجة ضربة ركبة الساق اليسرى للشاب الأول على مستوى أسفل البطن بين أعلى الفخذ الأيمن و الجهاز التناسلي  وكذلك من سرعة حركة الوقوف. الأمر الذي زاد من سرعة سقوطي على الجليد مجددا من جراء أوجاع داء مفاصل ركبتيّ . وبعد هذا الحادث بأسبوع حسب التقريب، وقعت محاولة لدهسي بسيارة قديمة بجانب سكّة القطار و مفترق الطرق الذي يؤدي جيئا و ذهابا إلى كل من المستشفي الجهوي( Kronholmens Vardcentral ) في منطقة Murberg  و مركز المدينة من جهة و إلى فضاء مغازة Coop و ما جاورها من الجهة المعاكسة. طلبت التحقيق في هذا الموضوع من المحكمة الإبتدائية لمدينة هارنوسند، كما طلب الدكتور منذر صفر من نفس المحكمة فتح تحقيق في موضوع الإعتداء عليّ بالضرب و ما أصابني من ضرر جسدي و معنوي. فكانت إجابة المحكمة المذكورة بأنها قد أرسلت إلى وزارة العدل في ستوكهولم بعريضتي و بطلب السيّد منذر صفر في فتح بحث. فوقعت إجابتي من قبل وزارة العدل بأنه يجب أن أتصل بالبرلمان السويدي!. هل كان أجدر بكما مساندتي إعلاميّا أمام الرأي العام الأوروبي و قانونيا أمام القضاء السويدي عوضا عن السعيّ بدون أصالة وأصل وراء الحطّ من سمعتي بما هو ليس عار؟ يزيدني من الشرف أفقهه و من ألوانه أفقعه بان أكون من عملاء أتباع  فقيد الأمة الشهيد الهواري بومدين و من رجال فقيد المغرب العربي الكبير و باني أحد خطوط العمل القومي الشريف الشهيد القاصدي مرباح. هل هذا واضح؟ أُعْلِم وأؤكد من خلالكما من لا يعرف أني إشتراكي قومي صرف. و إن  محبتي المفرطة للعلامة السيّد محمد حين فضل الله  ليس من الجانب الديني أو الطائفي أو المذهبي. بل من أجل فكره الوطني القيّم  و خطّه النضال المرموق و إعتقاده بعلوية القوميّة العربية عن غيرها و سمو أتباع محمد (صل) عن دونهم كسمو الملائكة عن بني البشر. ليتكما نسبتما إليّ الممكن أو ما هو عار في الخاتمة، وبدون أي سعاية أو مصانعة، ليس أنا من يفرط في كرامة وطنه و عُلويّة  الإنتماء إلى جنسيته الساميّة، حتى لو متّ جوعا و مرضا. و كرامة الوطن وكبرياء جنسيّتي أقدس من المذهب و النفس و الجسد و الروح هل هذا مفهوم يا أولو الألباب الصافيّة و الضمائر الناهية ؟ لأعداء تونس و أوطان العُرْب نقم و لمن سالمون أرقى و أنبل ما في السلام الحمد لله على كل مكروه   الشاذلي العيّادي

 
انتفاضة أميركا اللاتينية ضد واشنطن

 

 توفيق المديني

فلتذهبوا إلى الجحيم  أيها اليانكيز.نحن شعب له كرامته..فلتذهبوا إلى الجحيم مئة مرة، بهذه الجمل الحادةوالخارجة عن الخطاب الدبلوماسي المألوف في العلاقات الدولية، لخص الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الموقف من  الولايات المتحدة الأميركية ، حين أعلن عن طرد السفير الأميركي  لدى كاراكاس باتريك دودي، تضامنا مع الرئيس البوليفي إيفو موراليس، الذي اتخذ قرارا مماثلا بطرد السفير الأميركي في لابازعاصمة بوليفيا، وسط اتهامات  لواشنطن بالضلوع في  مؤامرات لإسقاط الحكومات اليسارية  في بلدان أميركا اللاتينية. و يعتبر هوجو شافيز الرئيس الطليعي في أميركا اللاتينية الذي يخوض نضالا قاسيا ضد سياسة الهيمنة الإمبريالية الأميركية ليس على مستوى القارة الجنوبية فحسب، بل إنه يسعى إلى تشكيل جبهة عالمية مناهضة لليبراليةالجديدة، إذ غدت فنزويلا شافيز الناطق الإقليمي الذي يعبر عن المعارضة للهيمنة الأميركية على مستوى كوني. وتشهد  العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة وكل من  فنزويلاو بوليفيا من جهة أخرى أزمة حادة ،و لا سيما بعدما اتهمت واشنطن في الفترة الأخيرة،  ثلاثة مسؤولين  من المقربين جدا للرئيس  الفنزويلي هوغو شافيز بتزويد القوات الثورية  المسلحة الكولومبية  ?فارك? بالسلاح و مساعدة مهربي المخدرات،و اتخاذ وزارة الخزانة الأميركية عقوبات  في حق مسؤولين اثنين في الأجهزة السرية  هما رئيس دائرة الإستخبارات  العسكرية الفنزويلية  هوغو أرماندو كارفاخال باريوس و رئيس إدارة أجهزة الاستخبارات والوقاية هنري  دي خيسوس رانخيل ، ووزيرالتربية و العدل السابق رامون رودريغيس تشاسين.  أما من جانب بوليفيا ، فإن الأزمة نشبت بسبب  مساندة واشنطن المعارضة الليبرالية في بوليفيا التي تخوض معركة شرسة ضد الرئيس  إيفو موراليس  اليساري ، المزارغ السابق  لنبات الكوكا و أول رئيس  لبوليفيا من أصل هندي، بسبب إقدامه على تنفيذ خطط لإصلاح الدستور، و تقسيم المزارع الكبيرة لتوزيعها على الفلاحين الفقراء،الأمر الذي قاد إلى احتدام  موجة العنف الأهلي في عدد من الأقاليم بالبلاد. في مواجهة هذا الوضع ، قامت الولايات المتحدة الأميركية بطرد السفيرين الفنزويلي برنار دو ألفاريز و البوليفي غوستاف غوزمان  من واشنطن، ردّ اً على قرار كراكاس و لاباز  طرد السفيرين  الأميركيين  باتريد دادي، وفيليب  غولدبرغ. ويجمع المحللون في العالم أنه  بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، وانتقال مركز ثقل الاستراتيجية الأميركية لخوض الحرب على الإرهاب  المستمرة فصولا في منطقة الشرق الأوسط و آسيا الصغرى ، انعطفت  القارة الأمريكية الجنوبية  و الوسطى نحو اليسار،  مستفيدة من إخفاقات السياسة الخارجية الأميركية ، ولا سيما في أفغانستان و العراق.فقد عاشت القارة الجنوبية و الوسطى سنة كاملة حافلة بالانتخابات :17 استحقاقا انتخابيا منذ كانون الأول /ديسمبر 2005، و لغاية 2006،إضا فة إلى الاستفتاء حول توسيع قناة بنما.وحدها المكسيك ، هي التي فاز فيها اليمين و وبشق الأنفس. واعتبرت الانتخابات  هذه كرهانات حقيقية  لترسيخ الديمقراطية التمثيلية. . فبعد سقوط الديكتاتوريات العسكرية  الفاسدة و إرهاب الدولة، و الالتزام الصارم  بمبادىء الليبرالية الجديدة ، التي فرضها ? إجماع واشنطن? في عقد الثمانينيات، وموجة الديمقراطية التي اجتاحت أمريكا اللاتينية في عقد التسعينيات  من القرن الماضي ،  ها هي الخريطة السياسية تؤكد التوجه الاجمالي للناخبين نحو اليسارأو وسط اليسار. وبذلك أصبح  الاشتراكي المناهض للسياسة الأمريكية معطا جديدا في القارة الجنوبية و الوسطى. هل هذا يعني أن المواطنين الأميركيين اللاتينيين أصبحوا من اليسار؟ إذا كان الناخبون يصوتون لمصلحة اليسار، فإن هذا لا يعني أن العقليات  التقليدية قد اختفت، كما أنه لا يعني أيضا أن أميركا اللاتينية تحلم بالثورة أو بالعودة إلى مرحلة الحرب الباردة. لقد اعتقد الجميع أن ساعة النيوليبرالية المظفرة قد دقت . ففي ظل الضغوطات التي مارستها المؤسسات الدولية المانحة مثل صندوق النقد الدولي و البنك الدولي،  و النظرة المتحرسة للولايات المتحدة الأمريكية ، بحثت حكومات أمريكا اللاتينية في أمر معالجة أمراضها الهيكلية ? الفقر، الفساد، عدم المساواة، و المديونية الخارجية- من خلال التكيف مع القواعد الجديدة للعولمة الرأسمالية المتوحشة.باستثناء كوبا، حيث أنه بعد سبع عشرة سنة من انهيار الشيوعية السوفياتية،حاولت هذه الثورة الخمسينية أن تحافظ على أسطورة » الاشتراكية في بلد واحد ». و تعيش أمريكا اللاتينية  منذ سنتين تحولا عميقا رصينا. إنها تتحرر من النماذج الاقتصادية المستوردة التي طبعت كل تاريخها منذ عقود، و لاسيما خضوعها لعملية إعادة  تشكل الرأسمالية العالمية  التي بدأت في سبعينيات القرن الماضي ، التي منحت فيها إيديولوجية ?السوق الحرة? المتطرفة مركز الصدارة،إذ قادت عملية التشكيل هذه ، إلى تراكمات جديدة للثروة في أيدي النخب الحاكمة و المالكة، و إلى زيادة الحرمان و الفقر و التشرد لدى الطبقات الفقيرة.  وعلى الرغم من أن بلدان  أميركا اللاتينية اعتنقت نهج الليبرالية الاقتصادية في سياق العولمة الرأسمالية المتوحشة التي تقودها واشنطن، فإن شعوبها زادتها العولمة فقرا على فقر،وفاقمت عندها التفاوتات الاجتماعية الحادة، عوض ان تنتشلها من واقعها المتردي الذي أوقعته فيها الديكتاتوريات العسكرية بعد مرحلة الاستقلال.فمن البنيوية إلى النقدية ، و من الماركسية إلى الليبرالية، رقصت القارة الجنوبية كلها رقصة دائرية من البراديغمات ،متأقلمة  في المدارات الإستوائية، و رفضت الدروس القادمة من الجار الكبير الشمالي . إن التطورات التي أسفرت عنها العملية الانتخابية في أمريكا اللاتينية و الوسطى  ، مسألة جديرة بالاهتمام،إذ حملت إلى السلطة اليسار الذي حقق انتصارات في الانتخابات. و هذا اليسارالفائز في أميركا الوسطى و الجنوبية ،هو يسار تعددي : فهناك اليسار الشعبوي الذي يمثله الرئيس الفنزويلي هوغو شافيزالمأخوذ بالزعيم  الكوبي الشيوعي فيديل كاسترو، الذي ما انفك يناهض السياسة الأمريكية، و الذي التحق بالسوق الأمريكية اللاتينية المشتركة ?الماركوسور? لإضفاء عليها ?مزيدا من الاشتراكية?. و هناك اليسار الاشتراكي الليبرالي الذي يمثله الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا ، و الرئيسة التشيلية ميشال باشليه، و الذي لن تتراجع عن اقتصاد السوق ،لأنه لايريد أن يرعب رجال الأعمال المحليين .وهو يريد طمأنة المستثمرين الأجانب الذين يلعبون دوراً حاسماً في النمو الاقتصادي الذي جعل من البرازيل و تشيلي الأكثر تقدما في أمريكا اللاتينية. من دون شك ، شكل فوز الأنظمة اليسارية ? على الرغم من خلافاتها الإيديولوجية- في بلدان أميركا اللاتينية خلال السنتين الأخيرتين،  تحديا استراتيجيا لهيمنة رأس المال العالمي والليبرالية الجديدة الأميركية على المستوى الاقتصادي، لأن تمرد أميركا اللاتينية هذا بات يقضّ مضجع الرأسمالية العالمية. كما مثل هذا الانتصار للأنظمة اليسارية تحديا أيضا للنظام الأميركي الأحادي القطبية ،إذ بدات أنظمة أميركا اللاتينية تنتهج نهجا سياسيا استقلاليا على صعيد السياسة الخارجية، يقوم على رفض عودة الهيمنة الأميركية ،و التضامن مع كوبا، و رفض مخططات واشنطن التي ما انفكت تعمل لعزل فنزويلابقيادة هوغو شافيز،وكل الأنظمة اليسارية المتحالفة معه .  كاتب من تونس

المسألة الكردية كالمسألة العراقية لا تحل بالترقيع

   

بشير موسى نافع    ثمة شواهد عديدة على أن مرحلة الفقاعة السياسية وتمدد النفوذ التي عاشتها القوى الكردية القومية منذ احتلال العراق تتجه نحو نهايتها. في الساحة العراقية، تتجمع عناصر التأزم شيئاً فشيئاً لتصبغ العلاقة بين الحكومة الكردية المستقلة (فعلياً) وحكومة بغداد، وفي تركيا، يصعد إلى قيادة الأركان جنرال يضع المسألة الكردية ببعديها العراقي والتركي على رأس أولوياته، وبينما تعيش العلاقات التركية-الإيرانية واحدة من أفضل لحظاتها منذ عقود، فإن الأميركيين أكثر اهتماماً بتقديم صورة نجاح في العراق منهم بمصير حلفائهم السابقين في شمال البلاد. في صورتها الحالية، تعود المسألة الكردية إلى الفترة المأساوية التي عاشها الأكراد العراقيون في الشهور التالية لحرب الخليج الأولى، وتأسيس الجيب الكردي في شمال العراق، وخلال سنوات التسعينيات، انفجر الصراع مراراً بين الحزبين الكرديين المسيطرين، وتبادلت القيادات الكردية التحالف مع طهران وبغداد وأنقره ودمشق، لكن ما جمع مركزي السلطة في أربيل والسليمانية كان الارتباط بواشنطن، طالما أن الموقف الأميركي من حصار العراق لم يتغير، وكان انفصال الجيب الشمالي عن سلطة بغداد أمراً واقعاً، صنعه توازن القوى وليس اتفاقاً قانونياً مع الدولة العراقية، ولكن الحرية النسبية من التدخل الخارجي ساعدت في تأسيس اقتصاد محلي وهوية إدارية وسياسية للمنطقة، وعاد الاهتمام الأميركي المباشر إلى الجيب الكردي بمجرد أن بدأت الاستعدادات لغزو العراق، ولأن شبهات أحاطت دائماً بالقوى الشيعية السياسية ومدى ارتباطها بإيران، فقد نجحت القيادة الكردية في تقديم نفسها باعتبارها الحليف الأوثق للأميركيين، وقد ساعد انفراط العقد العراقي بعد الاحتلال في تعزيز هذه العلاقة، وأصبح مثال الاستقرار الكردي ضرورياً لتوفير الحد الأدنى من شروط المشروع العراقي، ولذا، فقد عملت واشنطن بكل الوسائل الممكنة على تحقيق تماسك كردي داخلي، وفي الوقت الذي انقسم فيه سنة العراق على أنفسهم، واشتعلت الحروب الصغيرة بين الشيعة، وبدا وكأن العراق يمضي نحو حرب أهلية طائفية، عمل الأكراد على تعزيز مقدرات الجيب الشمالي وتوسيع نطاق سيطرته. وعلى نحو ما، نجح طالباني وبرزاني في إقناع قيادات شيعية بأن الأكراد حليفهم الوحيد في مشروع السيطرة الشيعية السياسية على العراق، وفي إقناع قيادات سنية بأن المشترك السني مع الأكراد مصدر حماية لهم من مخططات الاقتلاع والتصفية. بالتحالف مع جماعة الحكيم، نجحت القيادات الكردية في كتابة دستور عراقي يلائم طموحاتها: من إلغاء عروبة العراق، ووضع مادة خاصة بمنطقة كركوك، إلى التأسيس لتقسيم فعلي للعراق في إطار فيدرالي، وأصبح للجيب الكردي بالتالي إطار قانوني، ولفترة ليست قصيرة، لم يكن هناك من شريك عراقي عسكري لقوات الاحتلال سوى البيشمركة الكردية، وبالإضافة إلى مصادر التمويل المحلية والجمركية، أصبح للمنطقة الكردية حصة كبيرة من الميزانية العراقية، وبدأت الحكومة الكردية في توقيع عقود مع شركات نفطية أجنبية لاستغلال حقوق نفطية جديدة في المنطقة. واقعياً، لم يحكم الحزبان الكرديان منطقة الحكم الذاتي وحسب، بل كانا الحكم غير المعلن في بغداد، وفي ظل الانهيار العراقي الداخلي، وحاجة الأميركيين الملحة لحليف ما وسط الفوضى الأمنية والسياسية العارمة، اتسعت سيطرة البيشمركة لتطال كركوك، ومناطق عدة من محافظات صلاح الدين وديالى ونينوى، ومن جهة أخرى، كانت الحكومة الكردية في أربيل تتورط بشكل مباشر أو غير مباشر في دعم حزب العمال الكردستاني التركي في منطقة الحدود العراقية-التركية، وبكلمة أخرى، لم تأخذ القيادات الكردية تاريخ المنطقة وتعقيداتها القومية والسياسية في الاعتبار، وتصرفت وكأن الكيان الكردي العراقي بات قوة إقليمية كبرى. جاء رد الفعل الأول على استعراض القوة الكردية من أنقرة، عندما اجتاحت القوات التركية المنطقة الحدودية في نهاية العام الماضي، وقد وجد الأتراك في رئيس الحكومة العراقية، المالكي، شريكاً راغباً في هدف تقليم أظافر الحكومة الكردية، كان الأتراك قد أسهموا في تأجيل تفعيل المادة الدستورية الخاصة بكركوك، ولم يتردد المسؤولون الأتراك في تحميل أربيل مسؤولية الهجمات الإرهابية على أراضيهم، وليس الجنرال إلكر باشبوغ رئيس الأركان التركي الجديد، قومياً علمانياً تقليدياً وحسب، بل ويرى في المسألة الكردية أكبر خطر على وحدة الجمهورية واستقرارها، وليس من المبالغة القول إن إحجام المحكمة الدستورية عن حل حزب العدالة والتنمية كان نتاج صفقة مركبة طالت دور رئيس الأركان ومستقبل الحكومة وقرار التعامل مع المسألة الكردية، معاً. أما في العراق، فقد صاحب تراجع احتمالات الحرب الأهلية، والتحسن المطرد في الوضع الأمني، وتطور علاقات الحكم العراقي بالمجال العربي، سعي طموح لتوكيد سيطرة بغداد على مجال البلاد الجغرافي ومقدراتها. وهنا كان الاصطدام بالنزعة الكردية التوسعية حتمياً، وقد عبر هذا الاصطدام عن نفسه في عدة صور: رفض وزارة النفط الاعتراف بعقود الاستغلال التي وقعتها الحكومة الكردية، واتفاق النواب العرب الشيعة والسنة معاً على إقرار قانون انتخابات محلية لا يتفق وتصور الأكراد لوضع منطقة كركوك، وانتشار الجيش العراقي في مناطق تسيطر عليها البيشمركة خارج المنطقة الكردية، ومحاولة الأكراد التأثير على عقود شراء السلاح للجيش العراقي الجديد. إن هناك مسألة كردية في العراق -كما في إيران وتركيا- وهو أمر لا يمكن تجاهله، لكن الوضع العراقي الحالي ليس مهيئاً للتعامل مع هذه المسألة، ومن ثم التوصل إلى حل لها، كانت معضلة الحركة القومية الكردية دائماً اعتقادها أن الحدود الثقافية والقومية لا بد أن يولد منها حدود سياسية ودولة مستقلة، وهو برنامج أقرب إلى التصور الأوروبي الكلاسيكي للمسألة القومية، ولا ينسجم بالضرورة مع ظروف وتاريخ المشرق العربي-الإسلامي. وفي غيبة تاريخ ما للأمة الكردية، رُسمت خرائط للدولة الكردية المنشودة تكاد تلتهم نصف الشرق الأدنى، لكن حكام العراق الجدد الذين عملوا على، وساهموا في، بناء دولة منقسمة على ذاتها، إثنياً وطائفياً وسياسياً، هم أيضاً متورطون في حالة التشظي العراقي، والدولة العراقية الحالية هي من حيث التكوين دولة منقسمة على ذاتها، تحكمها أقلية طائفية-سياسية، وسوى العودة من جديد إلى الحرب، ليس أمام النظام الحالي إلا التعامل الترقيعي مع المسألة الكردية، مرة في خانقين، وأخرى في كركوك، وثالثة ربما في الموصل، وعندما يقام نظام الحكم على أسس إثنية وطائفية، وعلى تصور تقسيمي تحت غطاء فيدرالي، فأي منطق يمكن لحكومة المنطقة الخضراء أن تواجه به حكومة أربيل؟ ويرى بعض المسؤولين العراقيين في التصعيد مع الأكراد قوة دافعة لتحقيق تماسك عربي وطني، وتوحيد العراقيين شيعة وسنة خلف النظام الجديد، وفي ظل رغبة عراقية جارفة في إعادة بناء الجماعة الوطنية العراقية، يوجد الكثير مما قد يساعد على تبلور مثل هذا الوضع، ولكنه سيكون وضعاً قصير العمر، وأقصى ما يمكن أن تطمح إليه الحكومة العراقية هو دفع الأكراد إلى حدود التسعينيات، وحشد الجيش على الحدود بين العراقَين، وهي ذات السياسة التي تبناها الرئيس السابق صدام حسين، أما ما الذي يمكن أن يقال للعراقيين بعد ذلك ليعزز من شرعية الحكم الجديد، فليس ثمة من يدري.   bmnafi@yahoo.co.uk   (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 18 سبتمبر  2008)  


 

السينما الدينية بين الأمس واليوم
غيّرت السينما كثيرا من المفاهيم لدى المشاهد، كما ساعدت في ارساء وتعديل وحتى حذف بعض القيم وصارت الثقافة البصرية وسيلة أساسية تعبر بها كل جماعة عن نفسها وقيمها، فلم تعد السينما اليوم هي الوسيط الترفيهي للمشاهد فقط بل أصبحت وسيطا ثقافيا يمكن من خلاله التعبير عن الآراء والمعتقدات ووجهات النظر سواء لفرد أو لمجموعة أيا كانت هذه الآراء والمعتقدات، سياسية أو ايديولوجية أو دينية. وانطلاقا من هذه الرؤية سعى عدد هام من السينمائيين لتصوير تاريخها فكانت الأفلام التاريخية والدينية هي التي تعنى في مضمونها بقيم وتاريخ دين معين وقد يطمح صانعوها الى رسالة ما حول هذا الدين اما بشأن قيمه أو الظروف التاريخية التي مر بها حتى ينتشر، ولا شك ان ما صاحب الفيلم الديني من تاريخ لنشأة الدين الاسلامي يحبطنا عندما نتحدث عنه تذهب افكارنا مباشرة الى الأفلام التاريخية والى ارتفاع تكاليفها مما يثقل كاهل المنتجين والقطاع الخاص وهو الأمر الذي ينطبق بشكل واضح على الأفلام التاريخية فإذا نظرنا الى مفهوم الفيلم الديني لدى صناع السينما سنجد أنه عنوان لكل فيلم يتناول شبه الجزيرة العربية قبل ظهور الاسلام وما كانت عليه من ظلم وفساد وما لاقاه المسلمون الأوائل في نشر دعوتهم من اضطهاد وتعذيب وتقتصر رؤية صناع السينما للفيلم الديني على ذلك فيما مفهوم الفيلم الديني أعم وأشمل كثيرا فهناك السير النبوية والقضايا الانسانية التي تناقش من منطق ديني. لماذا الفيلم الديني الآن؟ سؤالا لا بد له من اجابة، ليس لأننا نعيش اجواء أفضل الشهور ولكن الظرف التاريخي الذي يمر به العالم الاسلامي والعربي بحاجة الى وجود ثقافة بصرية لا بد لسينمائيينا من طرحها على الآخرين بدلا من تلك التي يطرحها الآخرون والتي تعتمد تشويه الدين الاسلامي في وسائط الاعلام الغربي وبالتالي لكل العالم، هذه الصورة المشوهة للدين والتي يحاول آخرون نشرها عن الدين الاسلامي لم تعد تعنى بالصورة الخارجية فقط للمسلم بل صارت تعمد لتشويهه من الداخل وباتت تشكل وعي وثقافة شباب مسلم يفتقد مصادر الثقافة الدينية الحق التي يحتاجها وهذه الصورة نتجت عنها ثلاثة أنماط من الشباب المسلم: النمط الأول: هو المتعصب الذي يجد في العنف وسيلة لاسترداد الحقوق المسلوبة بواسطة الغرب. النمط الثاني: وهو محدود الفهم للثقافة الدينية وهم غالبية في مجتمعاتنا العربية. النمط الثالث: هو المتفهم الذي يعرف حقيقة الدين وجوهره الجميل ويمارسه لكنه لا يستطيع ايصال رسالته لاعتبارات متعددة. اذن لا يجب الخلط بين الفيلم الديني والفيلم التاريخي والعمل على انتاج أفلام دينية وتاريخية تعنى بالشخصيات التي كان لها الدور الهام في تاريخ الاسلام كـ?بلال? مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم و?خالد ابن الوليد? وايضا بعض الشخصيات الاخرى كـ?رابعة العدوية? التي أعــد لها فيـلمان. فهل يمكن اليوم في عصر الصورة أن نستمتع بأفلام تضاهي فيلم: ?ظهور الاسلام? و?انتصار الاسلام? و?بلال مؤذن الرسول? و?بيت الله الحرام? و?خالد ابن الوليد? وشهيدة الحب الالهي ?رابعة العدوية? و?هجرة الرسول? و?فجر الاسلام? ولو ان هذه الافلام لم تقم جميعها بالتحليل الحقيقي والعميق للمجتمع الجاهلي بل أبرزته في صورة منفرة ولم يضع مخرجوها وصناعها في الاعتبار ان ذلك المجتمع الجاهلي أنتج شعرا يعد من أجمل الأشعار بالاضافة الى ذلك، ذلك المجتمع أولئك الرجال خصهم الله برسالته واصطفى أحدهم ليكون رسولا اليهم والى العالمين. شعلاء المجعي (المصدر: جريدة الصحافة (يومية – تونس) بتاريخ 19 سبتمبر  2008)

 

Home – Accueil الرئيسي

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.