الجمعة، 12 سبتمبر 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N°3034 du 12.09.2008
 archives : www.tunisnews.net 


حــرية و إنـصاف : أخبار الحريات في تونس

الحزب الدّيمقراطي التقدّمي مجموعة الشّــابة : عــاجل: اعتقالات

رويترز : تونس تسجن 11 شابا بتهمة الشغب بعد احتجاجات

حــرية و إنـصاف : السلطات المصرية تمنع قافلة فك الحصار الجائر عن غزة

طلبة قوميــــــــــــــون : بـــيـــــــــــــــــــان

لطفي حجي : السياسة في تونس : من ترويج الأخبار الزائفة إلى الاعتداء على الأخلاق الحميدة

pdpinfo:حوارمع السيد محمد العيادي ، منسق المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية

عارف  بالقاضي : الى كل قاض لا حكم عليه في قضائه غير ضميره والقانون .

بكوش يمينه في صدره :

إلى السيد صلاح الدين المستاوي « عضوالمجلس الإسلامي الأعلى بتونس » والسيد محمد عزيز بن زاكور

كلمة: عنـــــــــــــــدي مانقول

كلمة : دولة القانون في السرية

كلمة:الانتصاب الفوضوي :متى تنزاح الستائر السوداء؟

قنا : تعيين عضو جديد في الحكومة التونسية

كمال بن يونس  : سفير فرنسا بتونس في لقاء صحفي

كمال بن يونس : التعليم العالي

فرنس 24: قلق النقابات الفرنسية حيال نقل مصنع لإيرباص إلى تونس

طارق عمارة : سما دبي تطلق مشروعا بقيمة 25 مليار دولار في تونس

الصباح : اخبار متفرقة

الشاعر جمال الدين أحمد الفرحاوي : إلى اللذين غادروا الوطن

محمد العروسي الهاني : شعارنا تونس لكل التونسيين ومعا من أجل تونس

مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات:تنظم: المؤتمر الثالث عشر للدراسات العثمانية حول

فتحي العابد : دور المثقف التونسي في قراءة التاريخ

الرأي : جامع الزيتونة.. منارة إسلامية تونسية


 

(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم  وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 

 

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6-منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8-عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1-الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلو

 


أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني : liberte.equite@gmail.com   تونس في  12 رمضان 1429 الموافق ل 12/09/2008

أخبار الحريات في تونس

1)      تأجيل النظر في قضية زكية الضيفاوي و من معها إلى 15/09/2008:
مثل يوم الأربعاء 10/09/2008 على أنظار محكمة الاستئناف بقفصة كل من  السيدة زكية الضيفاوي والسادة عبد العزيز احمدي و عبد السلام الذوادي و كمال بن عثمان ( أساتذة تعليم ثانوي) ومعمر عميدي ( معلم تطبيق ) وفوزي للماس ( مساعد تقني ) ونزار شبيل ( عامل ) الذين تم إيقافهم على إثر مسيرة سلمية وقعت يوم 27 جويلية 2008 بمدينة الرديف.و كانت المحكمة الابتدائية بقفصة قد أصدرت ضدهم أحكاما قاسية بالسجن تراوحت بين ستة أشهر و ثمانية أشهر ، و قد كان لسان الدفاع ممثلا في الأساتذة عبد الستار بن موسى -الازهر العكرمي – زهير اليحياوي – شكري بلعيد – علي كلثوم – شوقي الزهواني – بشير  الطرودي – جلال الهمامي – نزيهة جمعة – محمد عبو – عبد الحميد بن بوبكر – اسيا الحاج سالم – مختار الطريفي – سعيد بوشيبة – العياشي الهمامي الذين سجلوا عديد الخروقات و الطعون , و أكدوا على الطبيعة السياسية للمحاكمة ، كما حضرت  شخصيات أجنبية ونقابية، فقد حضر الأستاذ أحمد الحريري كموفد من التنسيقية المغاربية لحقوق الإنسان ، و الأستاذ مارتان الفرنسي الجنسية عن الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان و السيدان حسين العباسي والمولدي الجندوبي عن المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل والسيد الطيب بوعائشة من النقابة العامة للتعليم الثانوي وسليم الغريسي عن النقابة العامة للتعليم الأساسي و قرر القاضي حجز القضية ليوم الاثنين 15/09/2008 للمفاوضة و التصريح بالحكم.
2)    إيقافات بعد صلاة التراويح:
يشن البوليس السياسي أيام رمضان حملة ضد الشباب المتدين أمام بعض المساجد حيث يلقي عليهم القبض إثر صلاة التراويح و يقوم بتسجيل أسمائهم و التعرف على هويتهم و هو ما أدى لترويع المواطنين. و حرية و إنصاف تعتبر أن هذه التصرفات من طرف أعوان البوليس السياسي من شأنها التضييق على حرية العبادة و المس من حرمة المساجد و تطالب بالكف عن هذه الممارسات و تمكين المواطنين من الدخول و الخروج من المساجد في حرية و أمان و طمأنينة.
3)    شادي بوزويتة يتعرض للاعتقال من جديد: تعرض السيد شادي بوزويتة أصيل منطقة نابل إلى مضايقات من طرف أعوان البوليس السياسي التابعين لمنطقة الأمن بنابل عندما كان يسبح مع أفراد عائلته و أصدقائه بشاطىء نابل ، فقد وقف القرب منهم المدعو تميم التريكي العون بفرقة الارشاد بنابل لإشعاره بحضوره و بأنه محل مراقبة من طرف أعوان البوليس السياسي ، و طال انتظار ذهاب تميم التريكي لكن دون جدوى و هو ما أدى للاحتجاج من طرف السيد شادي بوزويتة نظرا لحالة الارتباك التي أصابته هو و أفراد عائلته و أصدقائه جراء هذه المراقبة اللصيقة . و تجدر الاشارة إلى أنه سبق لأعوان البوليس السياسي أن اعتقلوا السيد بوزويتة و وقع إطلاق سراحه بقرار من حاكم التحقيق إلا أن البوليس السياسي لم يمتثل لقرار المحكمة و أمعن في التنكيل به و ألقى عليه القبض من جديد بلباس السباحة عندما كان في البحر و ألقي به في زنزانة أحد مراكز الشرطة بنابل. و حرية و إنصاف تطالب بإطلاق سراح السيد شادي بوزويتة و جميع المحتجزين من طرف البوليس السياسي من أجل أفكارهم و انتماءاتهم السياسية. تدين الاستفزازات المتكررة و الصادرة عن البوليس السياسي ضد من يظن أنهم ينتمون إلى التيار السلفي و تطالب بالكف عن هذه الانتهاكات التي تحد من حرية المواطنين و تمس من كرامتهم.   
عن المكتب التنفيذي للمنظمة          الرئيس   الأستاذ محمد النوري

الحزب الدّيمقراطي التقدّمي مجموعة الشّــابة الشّـــابة في 12/سبتمبر/2008 عــاجل
  أقبل أعوان أمن بالزّي المدني بمعيّة عون الإرشاد رفيق الجّربي في اللّيلة الفاصلة بين 11 و 12 سبتمبر 2008 على اختطاف الشّــاب أسامة زر ود من منزله العائلي بمدينة الشّـابة و هو طالب بتونس و بالغ من العمر 23 سنة… و لمــّا توجّه أفراد عائلته لمعرفة مصيره و سبب عمليّة التّرهيب الّتي تعرّضوا لها اعلموا أنّ الشّــاب أسامة في قبضة الأمن للتّحقيق معه دون الإدلاء بسبب الإيقاف… كما تمّ في نفس اللّيلة و في ساعة متأخّرة خطف الشّـاب طه الجّريبي, أستاذ تعليم ثانوي, من أمام منزله من طرف أعوان أمن بالزّي المدني.. و لم تتحصّل عائلة الشــّاب على أيّ خبر يفيد مكان الإيقاف أو أسبابه… و لم نجد غير سبب وحيد يبرّر هذه الإيقــافات و هو الالتزام الدّيني… و إلى حدّ لحظة خطّ هذه السّطور لم نعلم بأيّ جديد بخصوص الموقوفين… و في هذا الإطار فإنّ مناضلي الحزب الدّيمقراطي التقدّمي بمدينة الشّـــابة و من ورائهم كلّ فصائل المجتمع المدني يطلبون الكف الفوري عن هذه الممارسات اللاّقانونيّة و الإفراج عن الشّابين الموقوفين أو إعلام عائلتيهما مكان و سبب الاحتفاظ.. مناضلي الحزب الدّيمقراطي التقدّمي بالشّــابة


تونس تسجن 11 شابا بتهمة الشغب بعد احتجاجات

  تونس 12 سبتمبر ايلول /رويترز/  قالت منظمة تعنى بالدفاع عن حقوق الانسان اليوم الجمعة ان محكمة تونسية قضت بسجن 11 شابا بتهمة الشغب وحيازة الات حارقة بعد مظاهرات نادرة جرت منذ ثلاثة اشهر بمحافظة قفصة بالجنوب التونسي احتجاجا على غلاء المعيشة. وقتل في يونيو حزيران شخص وأصيب عشرات اخرين اثر مصادمات بين قوات الشرطة ومتظاهرين في مدينة الرديف الغنية بالفوسفات والتابعة لمحافظة قفصة جنوب شرقي العاصمة تونس احتجاجا على غلاء المعيشة وتفشي البطالة. وقالت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان في بيان ان //المحكمة الابتدائية بقفصة اصدرت حكما قاسيا في حق 11 شابا بسجن كل واحد منهم مدة ثلاث سنوات وخمسة اشهر بتهمة الاضرار عمدا بملك الغير وتعطيل حرية السير بالطريق العمومية وصنع وحيازة الات حارقة بدون رخصة واحداث الهرج والاعتداء بالعنف الشديد//. وأصدر القاضي قرارا بالافراج المؤقت عن سبعة شبان اخرين. وبدأت بمدينة الرديف الواقعة على بعد 340 كيلومترا جنوبي العاصمة منذ شهر ابريل نيسان الماضي احتجاجات واسعة في صفوف شبان عاطلين يحتجون على غلاء المعيشة ويطالبون بمنحهم فرص شغل في المنطقة الغنية بالفوسفات لتمتد بعد ذلك الى مناطق اخرى بالجنوب التونسي. وطالبت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان السلطات //بالافراج عن كل المعتقلين ومعالجة القضايا الاجتماعية العالقة بالتشاور مع مختلف الاطراف// منبهة الى //خطورة المعالجة الامنية وعدم جدواها//.   (المصدر: وكالة (رويترز) للأنباء بتاريخ 12 سبتمبر  2008)

أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :  liberte.equite@gmail.com   تونس في  12 رمضان 1429 الموافق ل 12/09/2008

السلطات المصرية تمنع قافلة فك الحصار الجائر عن غزة

في إطار النضال الشعبي من أجل رفع الحصار الجائر و اللاإنساني المضروب على الشعب الفلسطيني في غزة بادر المجتمع المدني المصري بتنظيم قوافل من المدن المصرية باتجاه معبر رفح للاعتصام أمام المعبر إلى حين فتحه بشكل نهائي إلا أن السلطات المصرية أقدمت على منع وصول أول قافلة إلى المعبر و بذلك منع الشعب المصري من التعبير بشكل سلمي عن مساندته للشعب الفلسطيني المناضل و المحاصر و الاعتداء على حرية تنقل المصريين داخل بلادهم. و حرية و إنصاف 1)تكبر المبادرة الشعبية المصرية لفك الحصار الجائر عن الشعب الفلسطيني و تحيي مختلف مكونات المجتمع المدني المصري و تشد على أياديهم 2)تدعو مكونات المجتمع المدني في كل الأقطار العربية إلى النسج على منوال المجتمع المدني المصري بتنظيم تحركات سلمية من أجل رفع الحصار على الشعب الفلسطيني عامة و في غزة خاصة. 3)تستنكر منع السلطات المصرية للقافلة الشعبية من الوصول إلى معبر رفح رغم أن مصر هي المتنفس الوحيد للشعب الفلسطيني في غزة و هي كذلك مقر الجامعة العربية التي اتخذت قرارا برفع الحصار الجائر. 
    عن المكتب التنفيذي للمنظمة المسؤول عن ملف قضايا التحرر في الوطن العربي و في العالم الأستاذ حاتم الفقيه

بـــيـــان
تونس في:12/09/2008

 
 
على إثر تصاعد وتيرة الاحتجاجات بالعديد من مناطق البلاد و خاصة بمنطقة الحوض المنجمي و التي انطلقت منذ جانفي 2008 و قدم فيها أهلنا في قفصة أبلغ دروس النضال و الصمود من أجل حقهم و حق  أبناء تونس في الشغل و الكرامة و في وقت انتظرنا فيه تعاطيا مختلفا من طرف السلطة يبتعد عن الأساليب الأمنية الفاشلة و الدعاية الكاذبة و الشعارات الزائفة إلا أنها فاجأت الجميع بإتباع أسلوب قمعي ممعن في الرعونة و الوحشية ذهب ضحيته الشاب حفناوي المغزاوي الذي قتل برصاص قوات الأمن كما سقط العديد من المصابين و الجرحى  برصاصهم ثم تلت  ذلك  حملة من الاعتقالات العشوائية بهدف تكميم الأفواه و في هذا الإطار تم إختطاف الطالب الحفناوي بن عثمان المناضل بالإتحاد العام لطلبة تونس وعضو اللجنة الوطنية لإعداد المؤتمر الموحد الذّي سبق و أن تم سجنه في أكتوبر 2006 بعد إحتجاجه على إسقاطه عمدا في مناظرة الكباس و هو لا يزال منذ 19 جوان 2008 يقبع داخل سجون النظام التونسي و يتعرض لأشد أنواع التعذيب . إن الطلبة القوميين إذ يعبرون عن إحتجاجهم الشديد على هذا الأسلوب المتخلف في التعاطي مع أمهات القضايا الإجتماعية كالتشغيل و غلاء الأسعار و البطالة و يدينون الاسلوب الأمني الهمجي الذي تتبعه السلطة و يطالبونها بـــ: ·محاسبة المسئولين عن الأضرار البشرية و المادية و المعنوية التي تعرض لها أهالي قفصة و المناطق  التي شهدت إحتجاجات جوبهت بالقمع. ·الإفراج الفوري عن كل المعتقلين في قضايا تحركات الحوض المنجمي و وقف التتبعات ضدهم و عرض الطالب حفناوي بن عثمان على الفحص الطبي لتحديد حجم الأضرار البدنية التي لحقت به جراء التعذيب . ·فتح حوار جدي حول قضية التشغيل تكون فيه كل مكونات المجتمع المدني و فئات الشعب المعنية بهذه القضية و في مقدمتهم خريجي الجامعات شريكا فاعلا و الكف عن أسلوب الدعاية الزائفة حول الحوار المزعوم مع الشباب. كما يؤكدون انخراطهم التام في كل المعارك التي يخوضها شعبنا العربي في تونس من اجل حريته و كرامته و يعبرون عن استعدادهم لخوض جميع الاشكال النضالية من اجل الدفاع عن أبناء تونس و يدعون كل الأطراف و المكونات السياسية و النقابية الناشطة في الحقل الطلابي إلى توحيد صفوفهم للدفاع عن الطلبة الموقوفين و المعتقلين جراء أحداث قفصة وتنسيق جهودهم للذود عن الإتحاد ومناضليه وعن تونس وقضايا شعبها. عاشت نضالات أبناء تونس الأحرار عاشت نضالات الحركة الطلابية طلبة قوميون

 

السياسة في تونس من ترويج الأخبار الزائفة إلى الاعتداء على الأخلاق الحميدة

  لطفي حجي   أرسى النظام التونسي منذ الاستقلال إلى اليوم قواعد حديدية تجرم العمل السياسي، ووضع ترسانة من الآليات لملاحقة كل من يتجرأ عن كسر تلك القواعد، وجميع تلك الآليات عقابية هدفها معاقبة المنافسين السياسيين وبعث رسائل قوية إلى غيرهم من عامة المواطنين حتى لا يتبعوا طريقهم. وقوام تلك الرؤية التي بنا عليها  النظام خطته أنه كلما كان العقاب أشد كان خوف المواطنين أعمق، وبالتالي ابتعدوا عن العمل السياسي وعن المعارضة وتركوا له الساحة خالية من أي محتج أو مناوئ على حد التعبير الرسمي.   ويتذكر المواطنون التونسيون من مختلف أجيالهم هجمات من ذلك القبيل جعلت الكثير من التونسيين يهجرون  السياسة، وقد بدأ النظام السياسي في تونس مثل تلك الحملات التصفوية الردعية مبكرا قبيل الاستقلال منذ أن قرر تصفية الخصوم اليوسفيين بطريقة وحشية بشعة. وحدث ذلك في الوقت الذي كان التونسيون ينتظرون أن ينعموا بثمار الاستقلال فيعيشوا الحرية التي حرمهما منهم المستعمر ويجسدوا الشعارات التي نادوا بها أثناء مقاومة الاستعمار وفي مقدمتها مطلب البرلمان التونسي الذي استشهد من أجله العديد من التونسيين في يوم مشهود. غير أن عكس ذلك هو الذي تحقق فبدأ تعذيب التونسيين واعتقالهم وقتلهم خارج إطار القانون منذ الأيام الأولى للاستقلال خلال مطاردة اليوسفيين لتتواصل المحاكمات السياسية وتطول جميع الفصائل السياسية و الإيديولوجية دون استثناء كما يتواصل الاعتقال التعسفي و التعذيب الذي ينال من كرامة التونسي ويتواصل تلفيق المحاضر والقضايا ضد السياسيين والنشطاء الحقوقيين.   في تجريم العمل السياسي وتحقيره   ومرد هذا الحديث ما شهدته مدينة بنزرت هذه الصائفة من اعتقالات طالت نشطاء حقوقيين تحت غطاءات مختلفة تفننت في ابتكارها السلطة من الأخلاق الحميدة مرورا بنشر الأخبار الزائفة وصولا إلى عدم الامتثال لإشارة الأعوان المباشرين. والسبب المباشر لتلك الاعتقالات والمحاكمات هو أن مكوّنات المجتمع المدني في المدينة نظمت في الخامس والعشرين من جويلية أي يوم عيد الجمهورية تجمع احتجاجي نادت خلاله بمطالب تبدو محرمة إلى اليوم ، متمثلة في الجمهورية الديمقراطية، ورفض الرئاسة مدى الحياة، والمطالبة بالإفراج عن المساجين السياسيين وإطلاق الحريات بصفة عامة. وإذا كان النشطاء في مدينة بنزرت لم يبتكروا شيئا من مخيلتهم وإنما تجرأوا على ترديد مطالب تتكرر على ألسنة القوى السياسية منذ عقود طويلة، فإن ردة فعل النظام القمعية أثبتت أن تلك المطالب لا تزال محرمة خاصة إذا وصلت إلى الشارع واستمع إليها عموم المواطنين. وقد أبرزت ردود الفعل الزجرية للنظام ضد خصومه السياسيين انه غير قادر على مواجهة مطالب السياسيين والحقوقيين بأسلوب سياسي مباشر فكان في كل مرة يقلب الحقائق لتشويه خصومه السياسيين في محاولات لم يعد يصدقها أحد كما لم تعد تجدي نفعا. من ذلك أن المناضلين الأربعة الذين اعتقلوا إثر تنظيم التجمع الاحتجاجي في يوم عيد الجمهورية في مدينة بنزرت، وهم خالد بوجمعة وعلي النفاتي وعثمان الجميلي وفوزي الصدقاوي، وُجهت لهم تهمة التجمهر بالطريق العام والاعتداء على الأخلاق الحميدة و استعملت في أبحاثهم كلمات بذيئة تدفع إلى الاستغراب والتعجب من تحويل المطالب السياسية إلى كلمات سوقية تنم عن النظرة الرسمية للسياسة ولدور المنافسين السياسيين.و قد تكرر الأمر نفسه مع مجموعة قفصة الذين اعتقلوا اثر مظاهر احتجاجية في السابع و العشرين من شهر جويلة و كانت من بينهم زكية الضيفاوي القيادية بالتكتل الديمقراطي من اجل العمل و الحريات التي نالت أقسى عقاب من بين الموقوفين.   لقد كان من المطالب الأساسية للمعارضة التي تنشد حياة سياسية أرقى تحييد جهازي الأمن والقضاء عن الصراعات السياسية. غير أن السلطة الراهنة ترفض الاستجابة إلى ذلك المطلب وتصر على استعمال هذين الجهازين لمواجهة منافسيها السياسيين وبهما تستقوي على الجميع. وفي المقابل ترفض فتح الباب أمام أي حوار جدي من شأنه أن يطور الأداء السياسي في البلاد ويسمح لمختلف القوى السياسية أن تنمو حسب ما يمكن أن توفرها لها برامجها السياسية وأداؤها الميداني وقدرتها على التأثير والاستقطاب.   بين الشراكة الاقتصادية والاحتكار السياسي   يبين أداء السلطة الحاكمة التي قبلت منطق الشراكة في المجال الاقتصادي وسمحت انطلاقا من ذلك المنطلق للقطاع الخاص باقتحام مجالات كانت حكرا على الدولة وفوتت في شركات عمومية للمستثمرين الخواص في إطار منظومة اقتصادية فرضت نفسه عالميا، هذه السلطة نفسها ترفض تعميم مثل ذلك المنطق في السياسة أي إنها ترفض الشراكة مع أي كان وتواصل في النهج الاحتكاري الفردي على عكس ما تقتضيه مبادئ الليبيرالية نفسها التي تتطلب انفتاحا في السياسة موازيا للانفتاح في الاقتصاد. فإذا كان الشريك الاقتصادي في تونس- بمن فيه الأجنبي- يجد جميع الأبواب مفتوحة أمامه ويتم إغراؤه بمختلف الوسائل حتى يكثف من استثماره فان ما يمكن أن المنافس السياسي هو دوما في تصورها إما ضمن عصابة مفسدين، أو في وفاق إرهابي، أو مروج للأخبار الزائفة، أو ثالب للنظام العام الذي يختزل عادة في الحزب الحاكم ورموزه، وفي « موضة جديدة »  هو معتد على الأخلاق الحميدة، ومخالف للقانون بما في ذلك قانون المرور.مثلما كان الأمر لناشط الحقوقي محمد الهادي بن سعيد الذي اعتقل بعد ثلاثة أيام من التجمع المذكور. وإذا استنطقنا لاوعي السلطة من خلال تلك التهم التي تتكرر باستمرار فان المعارض السياسي في عرفها لا يمكن أن يخرج عن دائرة الانحراف والتخوين، وهو ما تؤكده إضافة إلى التهم الأمنية المشار إليها الحملات التشويهية المستمرة التي تقودها السلطة عبر أجهزة متخصصة ومتفرغة ضد خصومها السياسيين الذين يتجرؤون على نقدها.   إن تلك الممارسات التي تتمسك بها السلطة الحاكمة و ترفض التخلي عنها رغم تعدد المناشدات من الداخل و الخارج يبرز أن الأداء السياسي التونسي يسير خارج إطار التحولات العالمية على الرغم من حرص النظام على أن يكون الاقتصاد مواكبا لتلك التحولات و مستجيبا للشروط التي تفرضها الهيئات الدولية المالية و المستثمرين. كما يجعل ذلك الأداء متناقضا جذريا مع التطور في نمط العيش المجتمعي للتونسي ، إذ لا يمكن أن ننكر انه منذ الاستقلال إلى الآن حصل تطور ملحوظ في نمط عيش التونسي ،في مستواه التعليمي، في أسلوب عيشه، في تعامله مع  التكنولوجيا و غيرها من المظاهر التي تبرز تغييرا من حقبة إلى أخرى، غير أننا يمكن أن نجزم أن جوهر الممارسة السياسية السلطوية لم يتغير حتى و إن حصل تغيير على مستوى الشكل في ظهور أحزاب رفعت سقف المطالب السياسية، و سن بعض القوانين الشكلية التي لم يحترم جلها، و كذلك الأمر بالسبة للمصادقة على المعاهدات و المواثيق الدولية.   من التجريم والتخوين إلى تجذير الكرامة   إن العبرة ليست بالواجهة الديكورية التي تحاول السلطة فرضها والترويج لها عبر شبكة دعائية مدفوعة الأجر، وإنما بتغيير جوهري في العقلية والأداء ينعم بثمارها التونسي مهما كان موقعه في السلم الاجتماعي. وأول باب لهذا الأداء الجديد هو تجذير مفهوم الكرامة بمعنى أن يشعر التونسي بكرامته مهما كان الموقع الذي يختاره سياسيا ومهما كان الجهاز الذي يواجهه سواء كان أمنيا  أو قضائيا، وإذا كان هناك العديد من المنظرين السياسيين في تونس منذ عهد الاستعمار حاولوا تطوير مفهوم الكرامة كأساس لمواجهة المستعمر إلا أن التونسي لا يشعر اليوم أنه ينعم بكرامته كاملة خاصة كلما تعلق الأمر بمواقف سياسية يعلنها البعض، أو برغبة دفينة لدى البعض الآخر وتتمثل في أن ينخرط في العمل السياسي دون أن بتعرض إلى المضايقات والاعتداءات والتشويه الذي يمس بالضرورة من كرامته. وإذا رسخنا مبدأ الكرامة سيترسخ مبدأ الحق في الممارسة السياسية الذي ترفض السلطة الاعتراف به على أرض الواقع حتى وإن اعترفت به على مستوى الشعار والدعاية أو على مستوى القوانين التي سنتها دون أن تحترمها. لأنه من حق التونسي اليوم وبعد خمسين سنة من الاستقلال أن يعبر عن قناعاته السياسية، وأن يحتج بالطرق السلمية التي يكفلها القانون ،وأن ينادي بالتغيير دون أن يتعرض إلى الاعتداء من أي كان أو إلى الاعتقال لأن تلك  ممارسات قد عفا عنها الزمن  ويتشبث بها النظام التونسي مما جعل طموح السياسيين والنشطاء الحقوقيين التونسيين أن يرتقي أداء السلطة التونسية إلى أداء بعض الأنظمة العربية التي أصبحت تسمح لمواطنيها بالتعبير في الصحف والفضائيات دون أن يطرق بابهم أحد لاعتقالهم كما كان الحال بالنسبة إلى الناشط طارق السوسي الذي اعتقل إثر تعبيره عن رأيه بقناة الجزيرة . إن تلك الرغبة المشروعة تعد الخطوة الأولى والأساسية لتطوير الأداء السياسي عبر تنافس الآراء والمواقف ، فهل أن تحقيقها صعب بعد خمسين سنة من الاستقلال؟  


خاص:ب( pdpinfo)

حوار مع… الضيف عدد 1: السيد محمد العيادي ، منسق المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية

:بدبي أنفو: مرحبا بك ضيف على موقع الحزب الديمقراطي التقدمي *الضيف: شكرا للحزب الديمقراطي التقدمي و لموقعه الإلكتروني على هذه الإستضافة ، مع كل التحية و التقدير للساهرين على هذا الموقع خاصة على مجهودهم من أجل تكريس إعلام حر تعددي و شفاف. بدبي أنفو: ماهي الدوافع التي جعلتكم تأسسون « المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية « ؟ الضيف:هناك دوافع عديدة تقع وراء هذا التأسيس أهمها:  حاجة المشهد النقابي التونسي إلى جمعيات مستقلة و غير حكومية مهتمة بالشأن النقابي على غرار ماهو موجود في بقية دول العالم.  الإنتهاكات و الإعتداءات السافرة و الكثيرة على الحقوق و الحريات النقابية في القطاع الخاص و عدم قدرة الإتحاد العام التونسي للشغل على مواجهة هذه الإنتهاكات منفردا و هو ما يفرض وجود جمعيات حقوقية نقابية مساندة للإتحاد في هذا المجال.  وجود عدد كبير من النقابيين أقصاهم الإتحاد من النشاط النقابي و أغلقت أمامهم كل سبل النشاط النقابي . و لهذا سعينا في هذه الجمعية لنكون فضاءا نقابيا مفتوحا للجميع دون إقصاء كل هذه الدوافع جعلت عددا من النقابيين يطمحون إلى تأسيس هذا المرصد لإثراء المشهد النقابي التونسي. بدبي أنفو: ماهو بالضبط دور « المرصد » في الحياة النقابية ؟ الضيف:يتلخص دور المرصد أساسا في الحياة النقابية في رصد الإنتهاكات بحق العمال و النقابيين و الدفاع عن الحقوق العمالية و الحريات النقابية سواء في المؤسسات المهيكلة نقابيا أي تحتوي على نقابات ، و المؤسسات غير مهيكلة نقابيا أي تفتقر إلى تمثيل نقابي . إضافة إلى ذلك من دورنا محاولة نشر ثقافة الحقوق و الحريات النقابية على نطاق واسع بين العمال. و مستقبلا سنسعى إلى توفير مساعدة قانونية (توفير محامين) لكل العمال الذين تعرضوا إلى إنتهاكات . إننا لسنا نقابة لكننا نساند كل النقابات في مجال الحقوق و الحريات النقابية. بدبي أنفو: أين يكمن الفرق بين « المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية » و المرصد الذي وقع تأسيسه منذ أشهر صلب الإتحاد العام التونسي للشغل ؟ الضيف:يكمن الفرق بين مرصدنا « المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية » و المرصد الذي وقع تأسيسه صلب الإتحاد العام التونسي للشغل منذ أشهر في أن مرصدنا جمعية مستقلة منفتحة على كل الطاقات النضالية و النقابية و لا تستثني أحدا سواء كان مغضوبا عليه من طرف الإتحاد أو منخرطا فاعلا فيه . أما مرصد الإتحاد فهو عبارة عن لجنة داخلية صلب الإتحاد و هي مفتوحة فقط لنقابيين الإتحاد العام التونسي للشغل. بدبي أنفو: ألا تلاحظ أن طبيعة عمل  » المرصد » تعتبر إدانة غير مباشرة للإتحاد العام التونسي للشغل حول تقصيره في حماية النقابيين؟ الضيف: نحن لا نعتبر عملنا إدانة غير مباشرة للإتحاد لتقصيره في حماية العمال و النقابيين . نحن جمعية مساندة لمجهود الإتحاد في هذا المجال و الإتحاد كمنظمة نقابية وحيدة في المشهد النقابي التونسي لا يمكن أن يغطي كل الإنتهاكات بحق العمال و النقابيين و هو ما يفرض ضرورة وجود جمعيات أخرى مساندة له. بدبي أنفو: التسمية التي إختارها مؤسسي المرصد تدل على ضرورة إحترام العمل النقابي من ذلك نفهم تأيدهم للتعددية النقابية ، لكن لم نرصد منهم أي موقف واضح من تعمد السلطة عرقلة المنظمة النقابية الوليدة « الجامعة العامة التونسية الشغل ». الضيف: نحن مع التعددية النقابية و هذا الموقف مبدئي و ثابت خاصة و أننا نعتبر أن هيمنة منظمة نقابية واحدة على المشهد النقابي هو من مخلفات ثقافة الرأي الواحد و الحزب الواحد و الزعيم الواعد . أما بالنسبة للمنظمة النقابية الجديدة « الجامعة العامة التونسية للشغل » فنحن على إتصال مع بعض مؤسسيها و سنعبر عن موقفنا في القريب العاجل. بدبي أنفو: من الأشياء الغير مفهومة منذ تأسيس « المرصد » عدم تقدم مؤسسي هذا المشروع بطلب إلى السلطة للحصول على التأشيرة القانونية لنشاط المرصد . بماذا تفسر ذلك؟ الضيف: لقد أعلنا عن تأسيس المرصد في أول يوم من شهر ماى 2008 و سعينا منذ ذلك التاريخ إلى توسيع قاعدة مناضلينا و المتعاطفين مع مشروع المرصد. أما بالنسبة إلى موضوع التأشيرة فنحن نعمل على تثبيت أقدامنا على أرض الواقع و ذلك لزيادة عدد مناضلينا و المتعاطفين معنا بعد ذلك يأتي موضوع التأشيرة التي نعلم أننا قد لا نتحصل عليها. بدبي أنفو: سيد « محمد »، المتتبع للبيانات و التقارير الصادرة عن المرصد ، يلاحظ أنها ممضاة من طرفك بصفة »منسق المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية » مع إضافة « نقابي مستقل » رغم أنك منخرط في الإتحاد العام التونسي للشغل و تحمل صفة « مندوب نقابي » . هل نفهم من هذا التناقض أنك تخليت على مسؤوليتك النقابية بعد تأسيس المرصد؟ الضيف: أنا مازلت منخرطا في الإتحاد العام التونسي للشغل و سأحافظ على هذا الإنخراط كما أن نسبة كبيرة من مناضلينا منخرطون في هذه المنظمة الجديدة مع ذلك إن ظهرت منظمة نقابية جديدة فنحن نرحب بمنخرطيها صلب « المرصد » و سنسعى في أن نكون على الحياد. بدبي أنفو: كلمة حرة. الضيف:المرصد فضاء نقابي حر أهدافه تحسين أحوال العمال و التصدي للإنتهاكات ضدهم. نأمل في علاقات جيدة و منفتحة مع كافة منظمات المجتمع المدني في تونس. نأمل أيضا أن نكون شركاء في صناعة مستقبل أرقى لبلدنا تونس مع كل المناضلين الشرفاء. بدبي أنفو: شكرا على رحابة صدرك ، و إلى اللقاء في موعد آخر. *الضيف: شكرا على إستضافتكم و دام نضالكم من أخل إعلام حر و نزيه. حاوره : معز الجماعي (المصدر : موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 11-09-2008) الرابط :  www.pdpinfo.org  


 

للقضاة

الجـــــــــــــــــزاء والعقــــــــــــــــــــــــــــــــــاب                    الى كل قاض لا حكم عليه في قضائه غير ضميره والقانون .

                                         عارف  بالقاضي(*) يتميز واقع القضاة عموما مقارنة بقطاعات أخرى بظاهرة « الحركية  » وعدم الاستقرار في مراكزهم. وهو ما يلاحظ عند إعلان الحركة العامة لقضاة محاكم الحق العام أو الحركة الخاصة بقضاة المحكمة العقارية بمختلف فروعها ولجان المسح العقاري التابعة لها ، الشيء الذي يجعل حضور هاجس النقلة بارزا في الحياة الشخصية والمهنية للقاضي في بداية العطلة القضائية بسبب تشجيع الوضع الحالي لحركة النقل على توقع النقلة أو انتظارها وتأثير ذلك على الأوضاع العائلية والمهنية للقاضي . ورغم معرفة وزارة العدل بهذا الواقع الخاص إلا أنه يستمر العمل على اعتماد مبدأ نقلة  القاضي أثناء العطلة القضائية وليس قبلها كما ينصّ على ذلك الفصل 14من القانون الأساسي للقضاة وذلك سواء بالنسبة إلى حركة النقل التي يتولاها المجلس الأعلى للقضاء أو تلك التي يعدها رئيس المحكمة العقارية بمقتضى مذكرة عمل بعد إقرار الحركة العامة استنادا إلى الأمر المؤرخ في 19فيفري 1957المتعلق بإعادة تنظيم المجلس المختلط العقاري .هكذا تتحول راحة القضاة أثناء العطلة الصيفية إلى تعب  سببه انتظار مؤلم وعسير و مهين   قد يمتد أحيانا مثل ما وقع هذه السنة إلى أواخر شهر أوت (21أوت ) بدون أي مراعاة لما تفترضه النقلة في حالات كثيرة من تغيير لمقر  الإقامة و ما سيتتبعه ذلك من متاعب كالبحث عن مسكن لائق و إعادة ترسيم للأبناء في مؤسسات تربوية أخرى …الخ ولكن ماذا أبرزت حركة هذه السنة وماذا اخفت أيضا ؟  1) صدى قضية السيد رابح شيبوب في الحركة  لعل أول ما يلفت الانتباه فيما  يخص قضاة الرتبة الثالثة هو ما صار يعرف بقضية محكمة الاستئناف بنابل إذ أن الصراع الدائر في هذه المحكمة ومنذ إحداثها سنة 1997بين رئاسة المحكمة والوكالة العامة بها من أجل الاستفراد بإدارة المحكمة وإحكام السيطرة على دوائرها القضائية والذي حسم دائما لفائدة رئاسة المحكمة بنقلة عدد من القضاة ورؤساء الدوائر وحتى الوكيل العام السابق ، قد بلغ حدا خطيرا من الاحتقان .فقد تناقلت الأوساط القضائية في أواخر السنة القضائية الماضية في شيء من الاستغراب ما حدث في محكمة الاستئناف  بنابل  فبمناسبة التئام ندوة حول القضاء المستعجل  حضرها  رئيس المحكمة الابتدائية بزغوان ورئيس المحكمة الابتدائية بقرنبالية ورئيسة المعهد الأعلى للقضاء وبعض القضاة والمحامين فوجئ الجميع بمداخلة السيد رابح شيبوب رئيس الدائرة المدنية بمحكمة الاستئناف بنابل وهو قاض من الرتبة الثالثة وهي أعلى رتبة من رتب القضاء الذي تعرض إلى أحوال القضاء وما يخضع له من تدخلات وضغوط واستعمال للهاتف من قبل الإدارة طالبا احترام استقلاليته باعتباره أولوية قبل الخوض في مسائل ثانوية وهو ما أثار رد فعل رئيسة الجلسة الرئيسة الأولى لمحكمة الاستئناف بنابل السيدة رفيعة بن عزالدين التي  حاولت سحب الكلمة منه إلا انه أصر على مواصلتها متوجها لها بالقول  « إذا كنتو تحبّو تخرجوني جيبو بوليس » . ـ وبالإضافة إلى هذا الحادث فقد تناقلت الأوساط القضائية  خبرا مفاده  تصدى السيد شيبوب في آخر الجلسات التي ترأّسها في السنة القضائية  الأخيرة إلى محاولة من عدّة أطراف متنفّذة حتّى لا يبتّ في إحدى القضايا المدنية التي قام بها أحد وجهاء الجهة والذي عمد إلى تزوير كمبيالة مضمّن بها في الأصل 25000,000 فعمد تدليسا لها إلى إضافة رقم 6 إلى المبلغ الأصلي فأصبح 625.000,000 ! لم تأت الشكوى الجزائية للمدين المسكين بنتيجة إذ انصرف التحقيق حول صحّة الإمضاء من عدمها بينما يتعلّق الأمر بإضافة الرقم 6 . لم يمنع حفظ القضية جزائيا السيد رابح شيبوب من إجراء اختبار جديد تعلّق بالرقم 6 الذي ثبت زوره. المحامي نائب الدّائن المدلّس طلب التمديد في جلسة المرافعة ليقع البّت في القضيّة بعد العطلة القضائية إذ أن نقلة السيد شيبوب كانت مقررة منذ ذلك الوقت في إحدى مكاتب الوزارة.   كما سعت أطراف داخل المحكمة مع المحامي المذكور إلى إحداث نقص في تركيبة المحكمة حتّى لا تكون الجلسة جلسة مرافعة… .  وقد أسفرت الحركة عما هو متوقع إذ نقل السيد شيبوب إلى محكمة الاستئناف بتونس مع تجريده من مسؤولية رئاسة الدائرة . غير أن المفاجأة التي أعلنت عنها الحركة ولفتت أنظار جميع المراقبين هو أن  وزارة العدل عمدت مع نقلة القاضي المذكور إلى نقلة الرئيسة الأولى لمحكمة الاستئناف بنابل السيدة رفيعة بن عزالدين  ووكيلها العام بعد تجريدهما  من مسؤوليتهما . ولئن كان من شبه  المؤكد أن نقلة هذين القاضيين الرفيعين ذات صلة بتصريحات ومواقف السيد شيبوب إلا انه من غير المستبعد أيضا أن يكون لذلك علاقة بتغير مراكز القوى داخل الوزارة.  وما يستنتج من هذا كله : أ) تعيد تصريحات القاضي رابح شيبوب  إلى واجهة الأحداث مشكل استقلالية القضاء الذي يشكل مبدأ دستوريا لا يرقى إليه الشك  .وان ترديد السلطة لهذا  المبدأ على المستوى النظري لم يعد يقنع أحدا وأولهم القضاة الذين ما تنفك أصواتهم ترتفع لتشير في غير ما لبس إلى وضعية مريرة يعيشها القطاع  ويقع ضحيتها المتقاضي العادي الذي يضيع حقه أحيانا  جراء استعمال الهاتف الذي يشير إليه هذا القاضي   وتحتاج إلى إصلاحات عاجلة وأهمها ضرورة استقلال السلطة القضائية واستبعاد أي رقابة للسلطة التنفيذية على الوظائف القضائية وعدم جواز القيام بأي عمل يؤدي إلى استبعاد الحل القضائي في أي نزاع  مهما كانت الأطراف المتواجهة فيه . إن منطق إسكات الأصوات وسيف العقوبات والنقل التعسفية وإغراق السلك القضائي في جو من الخوف المعمم لا يحل أية مشكلة بل انه سيؤدي لا محالة إلى حالة من التململ والغضب التي تعبر عن نفسها بمثل تصريحات القاضي المذكور ولكنها تشير بقدر كبير من الوضوح أن عصر التستر على القضايا والأزمات قد ولى وانتهى وان المشرفين على القطاع لم يعد بوسعهم رغم ما فعلوه ويفعلونه إسكات الأصوات وتكميم الأفواه وهو ما يعد فشلا ذريعا يؤذن بتغيرات هي قادمة لا محالة .  ب) إن السلطة التنفيذية لا تزال تمارس نفوذا مطلقا على الحركة وتفاصيلها غير إن هذا الواقع قد بدأ يتغير، وان تغيرا طفيفا ، ولكنه ملاحظ من خلال حركة هذه السنة.فمع ما أصبحت تشهده البلاد من تشكل رأي عام ضاغط حول قضية استقلال القضاء وضماناته ومنها بالأساس مبدأ عدم نقلة القاضي بغير رضاه فان نقلة القضاة أصبحت محل متابعة ومراقبة من قبل الرأي العام والطبقة السياسية ومحل تقييمات واستنتاجات حول توجهات السلطة ومدى ضيق أو اتساع هيمنتها على القطاع ولو لا تشكل هذا الرأي العام لكانت نقلة القاضي رابح شيبوب- كما درجت على ذلك وزارة العدل ـ إلى أقصى  مكان في جنوب البلاد مع تجريده من الخطة أو إجباره على الاستقالة  ولما اضطرت وزارة العدل أيضا  تخفيفا من الفضيحة التي أثارها هذا القاضي إلى نقلة المسؤولين الأولين عن المحكمة وخاصة الرئيسة السيدة رفيعة بن عزالدين  التي هي المرأة الأولى التي عينت في منصب بهذا المستوى والتي حازت أخيرا على جائزة أفضل حقوقي لسنة 2007  وهي جائزة تمحنها مجلة حقوقية قربيه من وزارة العدل  ، عدا ما كانت تتمتع به هذه السيدة دائما من حظوة لدى دوائر القرار.   2) الهياكل الشرعية لجمعية القضاة ولعل احد العناوين البارزة التي كشفت عنها النقلة هذه السنة هي النقل التي شملت بعض قضاة الهياكل الشرعية لجمعية القضاة التونسيين الذين ورد ذكرهم في بلاغ الجمعية الصادر في 2-8- 2005والذين ترددت أسماؤهم في النصوص المنشورة بالصحافة المكتوبة أو الالكترونية باعتبارهم من نشطائها الذين نقلوا تعسفيا عل خلفية مساندتهم للهياكل الشرعية المنبثقة عن المؤتمر العاشر( ديسمبر 2004 ) ويخص الأمر السيدات والسادة آسيا العبيدي ونورة حمدي  وفيصل منصر وعبدا لباقي كريد وانس لحمادي ومحمد بن منصور وعبد الستار الخليفي  و يوسف بوزاخر … وحسب ما يتداول بين القضاة فإن في هذه النقل شيئا من التخفيف و » التسوية  »  لوضعية  الذين نقلوا جبرا في 2005  .واذا صح أمر هذه  » التسوية  » فإنها تمثل على الأرجح محاولة لإعادة احتوائهم من قبل السلطة لتجنب تصلب مواقفهم في حال يأسهم من أية تسوية منظورة والانضمام الفاعل إلى المجموعة التي استمرت تنطق باسم الهياكل الشرعية و هي أيضا مناورة لعزل هذه المجموعة التي ظلت ناشطة   وقطع الطريق أمامها لمنعها من استقطاب عدد اكبر من القضاة الذين شملتهم العقوبات سنة  2005وان ما يمكن ملاحظته أيضا هو أن هذه  » التسوية « وبقطع النظر عن ملابساتها لم تتأخر كثيرا إذ جاءت بعد ثلاثة سنوات من تسليط  العقوبات  على غير تقاليد وزارة العدل في إنزال العقوبات بواسطة النقل « الإجبارية  » وتجميد الترقيات والتي يعلم كل المطلعين على الشأن القضائي أو المتابعين له انهاعقوبات طويلة الأمد قد تتواصل إذا ما سلطت على احد القضاة حتى نهاية حياته المهنية والأمثلة على ذلك كثيرة ومعلومة إذ أن هؤلاء يعرفون عند القضاة جميعا تندرا ورثاء لحالهم  « بالمدوبلين »(الراسبون ) وبالمنفيين على الدوام. وانه من شبه المؤكد أن الجهد الذي ظلت تبذله المجموعة المتمسّكة بالتمثيلية والشرعية ( اغلب أعضائها من النساء ) وفي مقدمتها الرئيس القاضي احمد الرحموني والكاتب العام القاضية كلثوم كنو للتعريف بأزمة الجمعية في الداخل والخارج قد شكل عامل ضغط هام على السلطة التي أصبحت تساءل حول  وضع القضاء . فقد ورد في الملاحظات الختامية  لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة  في دورته 92 الملتئمة من17مارس إلى 4افريل 2008  حول التقرير الذي تقدمت به تونس ( بعد عشر سنوات من التأخير ) باعتبارها عضوا في العهد الولي لحقوق الإنسان   أن المجلس يعبر عن انشغاله لوضعية استقلال القضاء في تونس إذ يلاحظ  تواصل هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية  بواسطة المجلس الأعلى للقضاء . ولا يسع الملاحظ إلا أن يعجب  بالأدبيات القليلة  لهذه المجموعة ولكن المتواترة نسبيا منذ التغيير العنيف الحاصل في رأس الجمعية في 2005 بما أعطى لقضية  تبدو قطاعية أحيانا  بعدا عاما واسع النطاق إذ استدعي أعضاء الهيئة الشرعية حسب ما ذكرته مصادرها إلى أمريكا وأكثر من بلد أوروبي ولكنهم منعوا من السفر هذا بالإضافة إلى تعهد الاتحاد العالمي للقضاة بالقضية كل ذلك جعل أسماء القضاة المعاقبين على خلفية دفاعهم عن استقلال قرار الجمعية وضمانات استقلال القضاء تتردد في التقارير التي أبلغت إلى المنظمات الدولية ‘( حسب ما ورد في بيان الهيئة الشرعية الصادر في أكتوبر 2007 ) لشرح وضعياتهم في الإبان وبصورة متواصلة وكشف المظالم التي يتعرضون لها من استجوابات مهينة وقطع للأجور ومنع من السفر وإفراد بنظام خاص للحضور بالمحاكم ومنع تنقلهم بينها والاتصال بزملائهم  .على أن هذه  « التسويات  « النسبية كانت مدروسة بدقة حسب ما يبدو من ظاهر الحركة . فلئن  كنا لا يمكن أن نعلم بمراكز العمل التي طلبها هؤلاء القضاة إلا انه من السهل جدا أن يتفطن القارئ للحركة أن وزارة العدل حرصت أن لا يدخل أي منهم إلى المناطق التي تخول الترشح إلى المكتب التنفيذي للجمعية ( دوائر استئناف تونس الكبرى وبنزرت ونابل ) فوزارة العدل  إن حملت قسرا على بعض » العفو »  لا تنسى الماضي أبدا وليست مستعدة بالمرة أن تسمح لغير الموالين لها ولاء بدون نظر أن يكون لهم مكان في جمعية صارت ، بعد ما سمي بالمؤتمر الاستثنائي  ، محكومة بالكلية  من قبل  الإدارة خاصة وان مؤتمرها  القادم ( ديسمبر 2008 )  سيعرف حسب ما ذكرته الصحافة المحلية حضور مسؤولين رفيعي المستوى لتمثيل الاتحاد العالمي للقضاة الذين سيحضرون كضيوف ولكن ذلك  لن  يمنعهم من مراقبة أعمال المؤتمر بعد الشكاوى الصادرة من المكتب الشرعي ضد المكتب الرسمي الحالي برئاسة القاضي طارق ابراهم . ولعل هذه « التسويات » ستوضع في الملف الذي سيعرض على مسؤولي الاتحاد كدليل لدرء شبهة تدخل وزارة العدل في شؤون الجمعية بواسطة المجلس الأعلى للقضاء.وهي شبهة برزت بقوة منذ اندلاع الأزمة في 2005 ومن جهة أخرى فقد تواصل نهج العقوبات ضد أعضاء الهيئة الشرعية من القضاة الذين دأبوا على إمضاء البيانات الصادرة عنها وذلك باستثنائهم من النقل والترقيات ما عدا السيدة نورة حمدي التي نقلت من مستشارة بالدائرة الجنائية بابتدائية مدنين إلى مستشارة بمحكمة الاستئناف بمدنين أي نقلت من مدنين إلى مدنين بنفس رتبتها ، ومن غير المحتمل أن يكون الغرض من هذه النقلة التخفيف من معاناة هذه السيدة  التي عزلت تماما عن عائلتها  على مدى ثلاث سنوات بل الأرجح أن ذلك كان من اجل تخليص رئيس المحكمة الابتدائية ووكيل الجمهورية بها من عبء المهمة اللا إنسانية التي أوكلت إليهما لممارسة شتى أنواع التضييفات عليها من اجل إبقائها طول الأسبوع في مدنين وحرمانها من زيارة أهلها . وفي مقابل ذلك فقد كشفت الحركة هذه السنة مرة أخرى عن كرم وزارة العدل في إسناد الخطط المرموقة و في المحاكم الممتازة إلى القضاة الذين ساهموا في الانقلاب على الهياكل المنتخبة ديمقراطيا  وخاصة إلى مسؤولي الجمعية الحاليين الرسميين ومنهم السيد طارق أبراهم الذي منح خطة رئيس محكمة أريانة الابتدائية بعد أن أسندت له خطة رئيس الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس ثم رئيس دائرة بمحكمة الاستئناف بتونس لينقل ثلاث سنوات على التوالي بعد  الانقلاب  من مسؤولية إلى أفضل منها في دائرة لا يتجاوز قطرها الستة كلم. كذلك الشأن بالنسبة إلى السيدعدنان الهاني والسيد الطاهر بن تركية والسيد الهادي العياري الذين سارت ترقياتهم بوتيرة صاروخية فالسيد الهاني سمي رئيس دائرة جنائية بابتدائية تونس والسيد بن تركية عين  رئيس دائرة باستئناف نابل أما السيد العياري فقد  منح منصب وكيل للجمهورية بابتدائية الكاف . وقد شملت النقلة أيضا القاضي خالد عباس الرئيس السابق للجمعية ورئيس اللجنة المؤقتة التي دبرت ونفذت الانقلاب على هياكل الجمعية بالتحالف مع وزارة العدل إذ نقل من رئيس محكمة الناحية بالكاف إلى مستشار بمحكمة الاستئناف بالكاف. وللتذكير فان السيد خالد عباس ، بعد أن نظم وقاد الانقلاب في ديسمبر2005 الذي تولى على إثره رئاسة الجمعية من جديد ، حاول أولا البقاء على رأس الجمعية وثانيا الحصول إداريا على خطة أرفع من الخطة التي أسندت له حينها كوكيل رئيس بابتدائية منوبة إلا أن مخطط وزارة كان يهدف منذ البداية إلى استعمال الرجل ثم التخلص منه وهو أمر لم يقبله ورفض الخضوع إلى مطلبها بعدم الترشح مرة أخرى لرئاسة الجمعية  وهو الشيء الذي اغضب السلطة التي نجحت في إسقاطه في مؤتمر 2006  إسقاطا مدويا ثم أنزلت به عقوبة النقلة مع إسناده الخطة المذكورة التي تفرض عليه البقاء الدائم بالكاف وحسب الإخبار المتداولة فان السيد عباس رفض الالتحاق بمنصبه في السنة الفارطة  مما اجبر الوزارة  على نقلته هذه السنة مرة أخرى إلى مركز يمكّنه من التنقل بين الكاف  و  تونس وهو تخفيف تبرره على الأرجح خطورة الأدوار التي لعبها السيد عباس في المدة الأخيرة مما يجعل عقاب الوزارة له مدروسا وهيّنا حتى لا يدفع إلى مواقف أكثر تصلبا قد تقوده إلى الكشف عن كثير من الحقائق التي لا يعلمها إلا هو وبعض المقربين منه وهكذا يتضح للرأي العام أن الترقية سلاح ذوحدين بيد الوزارة فهي تكافئ بها المرضي عليهم فتسند لهم الخطط طبق رغباتهم وبشكل لا يمس استقرارهم العائلي  ولكن قد ينحرف ببعض الخطط التي تمثل في ذاتها ترقيات عن مسارها لتتحول إلى وسيلة عقوبة عندما يكون إسنادها بقصد التنكيل بالقاضي وعزله عن عائلته وهكذا يختفي التعسف وراء غطاء فتح الآفاق أمام القاضي  من جهة والحرص على المصلحة العامة من خلال توفير الإطار الكفء في كامل محاكم الجمهورية .  3)   بين الخارطة القضائية الجديدة وحركة النقلة لقد  صدر إذن من رئيس الجمهورية رئيس المجلس الأعلى للقضاء وبمناسبة التآم المجلس بفتح محاكم تونس وسوسة وصفاقس الجديدة في إطار مراجعة الخارطة القضائية . وان إحداث هذه المحاكم يمثل بلا شك أمرا ايجابيا للتخفيف من معضلة حجم العمل بالمحاكم الابتدائية بالولايات ألكبري الثلاث والذي وصل حدا أقصى في السنوات الأخيرة مما اثر سلبا على حقوق المتقاضين نتيجة  الضغط  الذي يمثله رقم القضايا المطلوب الفصل فيها  وحجم الأعمال القضائية بشكل عام أضف إلى ذلك النقص الفادح في الإطار القضائي من قضاة وكتبة ورقنة وما آل إليه الأمر  من تدهور لمستوى الأحكام دون التغلب على مشكل التأخير في إسداء الخدمات التي يؤمنها مرفق العدالة  .غير أن الملاحظ على مستوى تعيين القضاة بالمحاكم الجديدة أنهم قد نقلوا من المحكمة الأصلية إلى المحكمة الثانية بنفس المدينة …. مما يعني أن التوسع كان على مستوى الفضاء أكثر مما كان على مستوى الإطار البشري  إذ يخشى أن يكون العدد القليل من القضاة ممن وفدوا من داخل البلاد إلى المدن الكبرى الساحلية لا يمكّن من سد الشغورات التي حصلت بمحاكم تونس و سوسة وصفاقس الأصلية وانه يخشى في هذه الحالة أيضا  ألا يتناقص حجم العمل في هذه المحاكم بالقدر الذي يمكن من بقي بها من الإطار القضائي ومن التحق بها من مواجهة حجم العمل والفصل في القضايا في ظروف وآجال معقولة . ويذكر في هذه الصدد أيضا أن المتأمل في خريطة تحرك قضاة دائرة  محكمة  الاستئناف بتونس لابد أن ينتبه إلى أن بعض القضاة دون غيرهم ، إما أنهم يتحركون داخل تونس الكبرى أي يتحركون بين تونس المدينة واريانة وبن عروس ومنوبة مع الترقية   أو في أقصى الحالات يتحركون في دائرة لا يتجاوز محيطها ال80 كلم وتشمل محاكم دوائر استئناف نابل وبنزرت مما يعني انه عمليا يوجد نوعان من القضاة أولئك الذين  يليق بهم العمل داخل البلاد وآخرون خلقوا للقرب والراحة ولا شك أن ذلك يؤدي إلى قيام وضع من المفاضلة غير الموضوعية بين القضاة من نفس الرتبة الذين تتوفر فيهم شروط الاقدمية والكفاءة مما ولد لدى المنتظرين طويلا للترقية  أوالنقلة التي تقرّبهم من مقرات سكناهم الأصلية  شعورا بانسداد الآفاق وإحساسا بالغبن لحرمانهم من العمل في ظروف اقل إرهاقا أو لحرمانهم من الأثر المادي للترقيةإن الحركة القضائية  هذه السنة  لم تخرج عموما عن سابقاتها فقد تحكمت فيها رغبة الإدارة وسارت بها في الاتجاه الذي يمكنها من السيطرة الكلية على الجهاز القضائي من جهة وعلى الهيكل الممثل للقضاة  من جهة أخرى . ولا شك أن الأمر سيستمر على حاله طالما انه لم تنتخب لجنة دائمة من بين أعضاء المجلس الأعلى للقضاء ممثلة لجميع الرتب تتركب وجوبا من نواب القضاة المنتخبين تتولى أعداد مشروع الحركة في جلسات تحضيرية بعد الاستشارة المسبقة للرؤساء المباشرين مع تشريك جمعية القضاة التي لا بد أن تكون بعيدة عن هيمنة الوزارة إضافة إلى ضرورة مناقشة الحركة بين جميع أعضاء المجلس في جلسات متعددة قبل عرضها على المصادقة وفي غياب ذلك فستظل الحركة  تستعمل لمجازاة من لا يستحقون الجزاء ومعاقبة بعض من القضاة  الذين  لن ينساهم  القطاع  أبدا لأنهم وضعوا حجرا آخر في بناء ربما احتاج  ليعلو صرحه إلى جهد أجيال وأجيال       (*)صحفي

إلى السيد صلاح الدين المستاوي عضو  » المجلس الإسلامي الأعلى بتونس » والسيد محمد عزيز بن زاكور لا أدري ما يصنع لنا في كل رمضان

 بكوش يمينه في صدره في مساء يوم 11/09/2008، شاهدت تباعا حصة في التعريف بالطرق الصوفية للسيد بن زاكور في قناة  » التاء 7  » ثم شاهدت برنامج مهمة خاصة في قناة العربية قدم تحقيقا حول الزوايا الصوفية في تونس، كان الوجه البارز فيه السيد المستاوي عضو اللجنة المركزية للحزب الحاكم وعضو المجلس المذكور بالطالع ، قدم فيه بإسهاب فضائل الزوايا في  » التطهير » الروحي والارتقاء إلى  » مرتبة الإحسان  » كما قال هذا  » الفقيه « . ولقد وترني في الحصتين الصورة المتخلفة جدا للإسلام في تونس التي قدمها البرنامجان، حيث لم تكفي الصورة الرديئة للنظام الوحيد في العالم الذي يحاصر مظاهر التدين ويغلق المساجد، ويحاكم المئات من أجل تبني مذهب يعتنقه أغلب المسلمين، لم تكفهم  » الدروس الدينية  » المتلفزة التي تقدمها متبرجات ينكرن المعلوم من الدين بالضرورة، ولم يكفهم أئمة المساجد الذين يدعون كل أسبوع للظالم بطول البقاء، وكأنهم كما قيل يحبون أن يُعصى اللهُ في الأرض، لم يكفهم كل ذلك فقدموا لنا أبشع صورة عن تفشي الشركيات والبدع في ربوع الوطن برعاية سامية تدل عليها رخاميات تتصدر كل الزوايا، التي تجعل منك تتصور أنك لو عشت زمانهم لكان لك زاوية مثلهم لمجرد أنك تقرا القرآن. شطحات وشعوذة ودراويش يجعل منهم مس الشيطان يأتون بعض الخوارق الشيطانية التي ياتيها إبليس للتلبيس على العامة بأن هناك أمواتا لهم خوارق إلاهية ويستجيبون للدعاء ويشفون المرضى وهم بالتالي  » جديرون  » أن يذكر اسمهم وأن يذبح لهم وأن ينذر لهم وإلى غير ذلك مما يوقع المؤمن في الشرك الأكبر الذي هو أقصى ما يريده الملعون. كل هذه المصائب يتبجح عضو  » المجلس الأعلى للساكتين على الظلم  » بأنه من مظاهر التدين التي ترعاها العناية السامية،والتي ترتقي بصاحبها إلى مرتبة الإحسان – كما قال حرفيا – فتصير ممن يعبد الله كأنك تراه، أي يصبح الجاهل المشعوذ في مرتبة أنبياء الله والصالحين – استغفر الله– يعني أن ممن وصفهم الله بالإحسان سيدنا يوسف وسيدنا موسى يمكن أن يبلغ مرتبتهم ذاك الذي يتخمر على تطبيل العيساوية، وتلك المتبرجة التي تخرج عن وعيها في زاوية السيد الحطاب، سؤالي لك يا سيد مستاوي، إن كنت تفقه دينا، هل أن هؤلاء  » الأولياء  » مسلمون أكثر من الصحابة حتى تكون قبورهم ومغاراتهم مزارات وأماكن دينية كما تصفون، وهل هذا من الدين أصلا، وهل أن لما يحدث من شركيات وجهالة فيها له أصل أو حتى شطر أصل في دين المحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ؟ وهل أن الأذكار التي ترتقي بالنفس هي الأذكار من النوع  الذي يجعل من سيدي محرز يحكم الإنس والجان، والجيلاني يشفي من كل داء، والمرحوم بن عيسى يحضر في كل الاوقات، والتيجاني يفرج الكربات، أم الزين تحضر وتنغر، والصحبي ياتونه حبوا…. وكثير من جهل القرون الوسطى مما يراها السيد مستاوي إحسانا و تطهير نفس، حقا لن اتحدث عن ابن زاكور لأنه ليس رجل دين رغم جبته الوردية، ورغم أنه ظهر عديد المرات برفقة فرق الدراويش تلك، لكن لن أسامحه في نسبة درويش منهم إلى اسم الصحابي الجليل المبشر بالجنة عكاشة بن محصن بن حُرْثان الأسدي رضي الله عنه، لكن إذا كان عضو المجلس الإسلامي الأعلى على الطبل ضاربا ضاربا فلا تلمومن الرويبضة على الرقص.

عنـــــــــــــــدي مانقول  
خولة الفرشيشي منحة إنتاج بعد قرار رئيس الدولة صرف منح الإنتاج بالنسبة للوظيفة العمومية في بداية شهر سبتمبر الحالي   لمساعدة الموظف على مجابهة مصاريف شهر رمضان الذي يقترن عادة بالإستهلاك على غير العادة في بقية الأيام العادية والذي يتزامن أيضا مع العودة المدرسية .فهل تساعد منحة الإنتاج  في قضاء شؤون الموظف في ظل إرتفاع الأسعار بشكل جنوني أم أنّ الأمر سيان بوجودها وعدم وجودها. ‘بمكتوب’ ملأ سامي جيوبه وترك المتفرج في التسلل أتحفتنا تلفزتنا التي تسمى ‘ بالوطنية’ بمسلسل تافه وسخيف لانكهة له ولا معنى سوى الضحك على ذقوننا وإستبلاه المتفرجين وهذا ليس بغريب على الفهري الذي يستبلهنا في كل عمل يقدمه فمرة ب ‘دليلك ملك’ ومرة ‘بأحنا هكة’. وجهدا حاولنا حل طلاسم المسلسل الجديد الذي يدعى بمكتوب  إلا أن محاولاتنا باءت بالفشل  وكتب علينا بمكتوب سامي الفهري ومكتوب التونسيين’ تفرج ولا طيّر قرنك’  أن نقاطع الوطنية أقصد التلفزة طبعا.

بين اللائكية والفردوس

 فهمنا ما السبب في رفض السلطة منح تأشيرة جمعية اللائكيين ،فبعد منحها تأشيرة البث ‘لحنبعل الفردوس’ حرصا منها على إشاعة الدين الإسلامي وقيم التسامح والتضامن ،لاتستطيع السلطة أن تمنح مجموعة من اللائكيين حقهم  في النشاط العلني والقانوني وسبحان الله مغير الأحوال، ومن جهة أخرى لا نظن أن مجموعة اللائكيين قادرة على غزو عقول الناسّ لتثبيت شرعية النظام والدعاء له في صلوات الجمعة والأعياد…. الزغاريد أكثر من الكسكسي تداولت الصحف التونسية في أول أيام سبتمبر بشرى للعاطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا عن إعتزام وزارة الثقافة إنتداب عشرات من المجازين في خطة كاتب ثقافي والعشرات في حساب صحافتنا 12 خطة ولا نعرف إن كانت هذه الخطط ستكفي أقارب أعضاء الحكومة ومعارفهم؟  وإن كانوا سيعتمدون التعتيم عن نتائج هذه المناظرة كما هو الحال في مناظرة ديسمبر 2007 التي لم نطلع بعد عن نتائجها ليومنا هذا؟ (المصدر: مجلة ‘كلمة’ (أليكترونية محجوبة في تونس) بتاريخ 11 سبتمبر 2008) الرابط: http://www.kalimatunisie.com/ar/4/112/255/  


دولة القانون في السرية

 

لطفي حيدوري ** الرديف أفادت مصادر قانونية أنّ تقارير الشرطة العسكرية عن الأحداث التي عرفتها مدينة الرديف في ماي وأوت الماضيين أفضت إلى عقوبات صارمة في صفوف الشرطة ووحدات التدخل منها ثلاث عقوبات بالحبس وأخرى بالرفت والنقل. كان من صالح الدولة أن تستشهد بمثل هذه الحالات للإشادة بدولة القانون وبالعدالة التونسية، ولكن من الواضح أنّه يراد أن تبقى العدالة في السرية أمّا اليد المطلقة والإفلات من العقاب فتظلّ الأصل الذي لا يتزعزع. ** منصف الوهايبي خارج عاصمة الثقافة الإسلامية صدرت تركيبة اللجان المختصة بإعداد تظاهرة القيروان عاصمة إسلامية سنة 2009 وضمّت معظم الشخصيات الفكرية والأدبية بالجهة واستثني واحد من أبرز الأسماء بمدينة القيروان وهو الجامعي والشاعر منصف الوهايبي. منصف الوهايبي كان قد ترأس قائمة المبادرة الديمقراطية في انتخابات 2004 كما تعرض إلى اعتداء بالعنف الشديد في نوفمبر 2005، وله عمود أسبوعي بأسبوعية الطريق الجديد. ** محمد مزالي يستثنى من المترجمين التونسيين على هامش ندوة الترجمة والمترجمون التونسيون بالمكتبة الوطنية يوم 10 سبتمبر تم تعليق قائمة مرتبة هجائيا للمترجمين التونسيين تضم 147 مترجما. وأقصي من هذه القائمة الوزيران السابقان محمد مزالي وبشير بن سلامة اللذين عرّبا كتابي ‘تاريخ إفريقيا الشمالية’ و’المعمرون التونسيون وحركة الشباب التونسي’  لشارل أندري جوليان. أسماء أخرى استثنيت وعبّرت عن استيائها الكبير مثل أستاذ اللغة السابق عبد القادر المهيري.  (المصدر: مجلة ‘كلمة’ (أليكترونية محجوبة في تونس) بتاريخ 11 سبتمبر 2008) الرابط: http://www.kalimatunisie.com/ar/4/113/254/  

الانتصاب الفوضوي :متى تنزاح الستائر السوداء؟

 

الصحبي صمارة أحدهم قال لي: ‘لماذا يطاردوننا نحن؟ لماذا لا يطاردون الكبار الذين يستوردون البضائع؟’.. أما الآخر فقال: ‘ الحلّ أن يوقفوا 10 ملايين مواطن عن الشراء منّا وأن يطالبوهم بدفع خطايا لشرائهم بضائع مهرّبة’. وجه آخر لحقائق تختبئ وراء مطاردات ساذجة بين شرطي بسيط ومنتصب يبحث عن قوته وقوت عياله. ووجوه وأسماء كبيرة تتخفّى وراء علبة سجائر رخيصة الثمن أو ولاّعة بمائتي ملّيم أو شال بدينار أو قميص بدينارين أو تبّان بثلاثة دنانير ‘كلّ شيء بـ100 مليم’ كما كان يصرخ أحد باعة أقلام الرصاص. أسماء ربّما تغضب لو أزيح عنها الستار وتلتجئ إلى شتّى أنواع الجرائم لتحمي مصلحتها وتحمي جرائمها أيضا. أسماء تكره أن تخرج إلى دائرة الحقيقة وتكره أن توجّه إليها أصابع الإدانة وتكره أن يحاسبها أحد. هؤلاء تتحدّث عنهم ألسنة الباعة المتجوّلين والباعة المنتصبين في كلّ شوارع البلاد وأسواقها. ولكنّهم يشيرون إليهم بعبارة ‘الكبارات’ وهم اللّغز الذي لا تريد أية جهة كشفه لأنّه مرتبط عضويا بدوائر الفساد ومرتبط أكثر بدوائر النفوذ والسيطرة حيث لا رقيب ولا حسيب أمّا ما تراه عدسة الكاميرا فليس سوى قشرة بسيطة وثانوية جدّا وفرعية أكثر وأكثر، قشرة لأناس بعشرات الآلاف يقتاتون وهم في وضع المطاردة الدائمة ولا يعودون إلاّ بإصرار على التقاط لقمة العيش مهما كانت النتائج. وجوه أحرقتها شمس الصيف وأجسام هدّها برد الشتاء ولكنّهم مستمرّون في البحث عن خبزهم اليومي لأنّ المسألة بالنسبة إليهم هي معركة بقاء. بين الكرّ والفرّ في شوارع العاصمة، وفي جميع ولاياتها ومعتمدياتها ومنذ سنوات، انتشر الباعة الفوضويون في كلّ الأماكن يعرضون كل المنتوجات من المواد الغذائية المصبّرة إلى الملابس والأحذية ومواد التجميل والولاّعات والسجائر. وبمجرّد الوقوف أمام أحدهم، لاقتناء شيء ممّا يعرضونه للبيع، تجده يلتفت يمنة ويسرة مخافة أن يأتي شرطي البلدية أو المراقبة، وبين الفينة والأخرى يفرّون جماعات جماعات ليختبئوا بعض الدقائق إلى أن تغادر حملة المراقبة ثمّ يعودون. البعض منهم سألته لماذا يشدّدون الحملة عليكم في بعض الأحيان؟ فكان ردّه بأسلوب خبير في التسويق حيث فسّر المسألة بأنّه أحيانا ‘تكون بعض البضائع لم تنزل بعد إلى السوق الرسمية ولم تعرض في المحلاّت المرخّصة ولكننا نحصل عليها قبلهم’. يتوجّه هؤلاء كلّ صباح إلى مراكز التوزيع في أطراف الأسواق الكبيرة حيث يتولّى التجار المتوسّطون توزيع البضاعة عليهم وقبض ثمنها مسبقا ولا تعنيهم إن افتكّت من باعة التفصيل المنتصبين أو تمّ بيعها فكلّ واحد مسؤول على نفسه. وينتصب ‘الفوضويون’ منذ ساعات الصباح حتّى آخر اليوم تعمل أيديهم لتحرّك البضاعة وتقدّمها للحرفاء وتعمل أعينهم لتراقب حركة الشرطي وتعمل ألسنتهم للمناداة على البضاعة والترويج لها. حركتهم سريعة وردّة فعلهم أسرع، يقتلعون قوتهم من بين فكّي الشرطة البلدية وأصحاب البضاعة والحرفاء. ولا أحد من الأغلبية الغالبة من التونسيين ينكر أنّهم حلّ جذري لمعضلة تدهور المقدرة الشرائية. هم فقراء ويحبّهم الفقراء لأنّهم يبيعون لهم ما يحتاجونه بأثمان يقدرون عليها وقد أصبح الطرفان فوضويان بالضرورة فالأول فوضوي لأنّه يبيع خارج القانون والآخر فوضوي لأنّه يشتري ما لم يرخّص ببيعه القانون. والاثنان يعيشان على الهامش، على هامش الصورة الرسمية لروايات التنمية المتوازنة والمساواة الاجتماعية. حرب ضدّ القانون بعض المصادر صرّحت أنّ نصيب السوق الموازية من الاقتصاد بلغت 40 % ولكنّ تأثير هذا النوع من التجارة على اقتصاد البلاد لم يتحدّث عنه أحد. فالعشرات من المصانع أقفلت والآلاف من العمّال تحوّلوا من مصانعهم إلى الشارع وحوّلوا هذه الشوارع إلى مصدر للعمل. ويتكوّن عالم التجارة الموازية من عدّة عناصر أوّلها صاحب رأس المال الذي يستورد البضاعة بمئات الآلاف من الدينارات بل وأحيانا بملايين الدينارات ثمّ يليه التجار الكبار المصطلح عليهم بـ ‘اليد الثانية’ وهم الذين يستقبلون هذه البضاعة ويوزّعونها على باعة التفصيل الذين يمثّلون المكوّن الأسفل في الترتيب. ولكن عناصر أخرى تدخل على الخطّ وهم بعض المتنفّذين الذين يعملون فوق القانون حيث يقدّمون أنفسهم كمسهّلين للعملية فيقبضون نصيبهم من ثمن البضاعة قبل استيرادها ويحرّكون جماعاتهم في الديوانة وفي مصالح المراقبة ويطلبون منهم توفير الظروف المناسبة لمرور بضاعة فلان. وتمرّ البضاعة لتحمّل في موانئ البلاد من قبل صاحبها الذي يقوم بتوزيعها وفي جميع الحالات يحصل كبار الديوانة على نسبة صغيرة ممّا يحصل عليه المتنفّذون. البعض ممّن دفعوا أموالا طائلة لاستيراد البضاعة وقعوا في إشكال ولم يتمكّنوا من إدخال ما استوردوه ولمّا طالبوا وسطاءهم الكبار بأن يتدخّلوا لقاء ما حصلوا عليه من نسبة واجهوهم بالازدراء وأحيانا بالتهديد وأحيانا بالسجن ومن لم يسترجع بضاعته خسر رأسماله وانسحب من السوق معلنا إفلاسه.  أما عندما تصل البضاعة إلى باعة التفصيل فإنّ العملية تأخذ بعدا آخر حيث تزول صبغة القداسة على البضاعة وتصبح شيئا ممنوعا يجب حجزه ولا يطبّق القانون إلاّ على الحلقة الأضعف أي المنتصبون برأسمال يعدّ بالدنانير القليلة ويصبحون مطلوبين لأجهزة المراقبة باعتبارهم مخالفين. وبدورهم، أعوان المراقبة، وبعامل الحاجة إلى أخذ النزر القليل من طاحونة السوق السوداء والموازية، ولاقتناعهم بأنّ الجميع في نفس الخندق، أصبحوا غير مبالين بالانتصاب لقاء دينار في اليوم يجمعه شرطي من مئات المنتصبين ويحصل بذلك على مئات الدنانير يقتسمها مع زملائه غنيمة حرب رابحة مع الكبار ضدّ القانون. هؤلاء المنتصبون الفوضويّون هم ضحايا البطالة والفقر وهم في حاجة ماسّة إلى العمل وقد انضافت إليهم فئة جديدة، فئة خرّيجي الجامعة وحاملي الشهادات العليا، التي اضطرّت هي الأخرى للعمل ولم تجد سوى الشارع حتّى تحصّل فيه قوتها، لتتجانس تشكيلات اجتماعية مختلفة المستوى الثقافي في وضع واحد هو وضع الباعة الفوضويين الذين يبيعون سلعا بدنانير معدودة ليزداد كبار اللصوص ثراء على حساب اقتصاد البلاد، قانونها وأهلها. تقسيم جديد للعمل وللربح ولنمط الحياة فرضه الوضع الجديد للبلاد حيث أصبحت مخالفة القانون هي القاعدة وتطبيقه على البعض أمرا مستحيلا. وأنماط عمل جديدة أفرزتها سياسات اقتصادية لا تملك رؤية واضحة لمستقبل البلاد ولا همّ لها سوى تحصيل أطول فترة ممكنة من السيطرة على النّاس دون اعتبار لحقوقهم.  ففي حمّى الشارع التونسي تتشابك خيوط العلاقة بين بعض أجهزة الدولة وقطّاع الطرق لتتوحّد المصالح في أحيان كثيرة.       1 ) فيديو قصير بدقيقة واحدة يعرض السوق والباعة الفوضويين 2 ) حوار بـ 12 دقيقة مع أحد الباعة خرّيجي الجامعة (مسموع) http://www.kalimatunisie.com/ar/4/30/253/# 3) قصيدة تتحدّث عن البطالة بدقيقة واحدة (مسموع) http://www.kalimatunisie.com/ar/4/30/253/# (المصدر: مجلة ‘كلمة’ (اليكترونية محجوبة في تونس) بتاريخ 11 سبتمبر 2008) الرابط: http://www.kalimatunisie.com/ar/4/30/253/  


تعيين عضو جديد في الحكومة التونسية

  تونس في 11 سبتمبر /قنا/ قرر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي تعيين السيد عبد الحفيظ الهرقام كاتب دولة لدى وزير الخارجية مكلف بالشؤون المغاربية والعربية والافريقية. اعلن ذلك السيد محمد الغنوشي رئيس الوزراء عقب اجتماع الرئيس بن علي معه  اليوم. ويخلف السيد الهرقام في هذا المنصب السيد روءوف الباسطي الذي عين وزيرا للثقافة والمحافظة على التراث في التعديل الوزراي الذي اجري يوم 29 اغسطس الماضي. وكان الهرقام يشغل قبل تعيينه في منصبه الجديد منصب سفير تونس في القاهرة ومندوبها الدائم لدي جامعة الدول العربية وقبل  ذلك مديرا عاما للاتحاد اذاعات الدول العربية الذي يتخذ من تونس مقرا دائما له وذلك لفترة ولايتين متتاليتين امتدت كل منهما لمدة ثلاثة اعوام.   (المصدر: وكالة الأنباء القطرية (قنا) بتاريخ 11 سبتمبر  2008)

سفير فرنسا بتونس في لقاء صحفي:

فرنسا أهم شريك لتونس.. رغم عدم عقد اللجنة العليا المشتركة منذ 2002 أكثر من 60 مليون دينار لتشجيع التنمية في الجهات التي «تصدر» المهاجرين الحسم في مقر سكريتيرية الاتحاد المتوسطي في نوفمبر

  تونس – الصباح: نظم سفير فرنسا بتونس السيد سارج دوغالي مساء أول أمس حفل افطار رمضاني شفع بحوار مفتوح مع مجموعة من ممثلي الصحافة الوطنية والعالمية شمل بالخصوص ملفات العلاقات التونسية الفرنسية والمستجدات في سياسة فرنسا الخارجية والرئاسة الفرنسية الحالية للاتحاد الاوروبي ومسار الاتحاد المتوسطي وقد نفى السفير الفرنسي أن تكون العلاقات التونسية الفرنسية تمر بـ » خلل هيكلي ومؤسساتي » نسبي منذ عام 2002 بسبب عدم انعقاد اللجة العليا المشتركة طوال 6 أعوام تقريبا.. واستدل بكثافة تبادل الزيارات بين كبار المسؤولين في البلدين من ذلك زيارتا الرئيس ساركوزي الى تونس في اقل من عام بدعوة من الرئيس زين العابدين بن علي.. الذي زار باريس للمشاركة في القمة التاسيسية للاتحاد المتوسطي (او الاتحاد من اجل المتوسط) ..كما زار عدد من الوزراء وكبار المسؤولين في الحكومتين العاصمتين خلال الاشهر الماضية ..كان من بينهم الوزيرالاول محمد الغنوشي الذي ادى زيارة وصفها السفير الفرنسي بالمهمة الى باريس الشهر الماضي حيث التقى كبار المسؤولين في الدولة الفرنسية وممثلين عن كبرى المؤسسات الاقتصادية الفاعلة في فرنسا وفي مجال الاستثمار الدولي .   لقاء وزراء الخارجية في نوفمبر وبالنسبة الى ملف الاتحاد المتوسطي والمساعي لتفعيله ومتابعة توصيات قمة باريس أورد السفير الفرنسي أن المشاروات متواصلة بين الرئاسة الحالية المشتركة الاوروبية (فرنسا) وجنوبي المتوسط (مصر) وقد عقد لقاء بين مبارك وساركوزي الشهر الماضي.. ومن المنتظر أن يلتقي قريبا خبراء من دول جنوب المتوسط وشماله في بروكسيل لبحث مختلف القضايا المطروحة.. تمهيدا للمؤتمر الاول لوزراء خارجية الاتحاد من اجل المتوسط المقررعقده مطلع شهر نوفمبر القادم.. والذي ينتظرأن يبت في عدة قضايا من بينها موضوع مقر الامانة العامة في دولة جنوبية ( السكريتيرية )..   9 الاف طالب.. وتشجيعات لمنع الهجرة ومن بين العناصر التي توقف عندها السفير الفرنسي خلال هذا الحوار الرمضاني أن فرنسا لا تزال الشريك الاول لتونس في مختلف المجالات.. وقد تجاوز عدد السياح الفرنسيين الذين زاروا تونس في الموسم الماضي المليون و300 ألف.. فيما تجاوز عدد الطلبة التونسين في فرنسا 9 الاف (مقابل 795 في اوكرانيا و460 في رومانيا و927 في كندا و133 في الولايات المتحدة و112 في بلجيكيا..).. وضمن التمشي الخاص بتشجيع التنمية في الجهات المصدرة لليد العاملة المهاجرة (القانونية وغير القانونية) أورد السفير الفرنسي أن تونس وباريس تبحثان مقترحات عديدة .كما رصدت مبدئيا مبالغ لا تقل عن 60 مليون دينار لفائدة مراكز التكوين المهني للمساهمة في تحسين القدرات المهنية للشباب وقدراتهم على الاندماج في مجتمعهم وتجنيبهم معاناة الهجرة القانونية وغير القانونية .   البعد المتوسطي والعربي لفرنسا وشمل اللقاء الابعاد المتوسطية والعربية لفرنسا والسياسة الخارجية لباريس والاتحاد الاوروبي بعد المستجدات في أفغانستان والخلاف الروسي الجورجي والملف الايراني ومشاريع انضمام اوكرانيا الى الحلف الاطلسي والاتحاد الاوروبي.. وقمة دمشق الرباعية.. والمصالحة بين القيادتين السورية والفرنسية. واعتبر السفير الفرنسي أن الديناميكية التي شهدتها الديبلوماسية الفرنسية والاوروبية خلال الرئاسة الفرنسية أكدت حرص الرئيس ساركوزي وحكومته على تفعيل العلاقات الدولية لفرنسا والاتحاد الاوروبي خدمة لثوابت فرنسا ومصالحها.. مع المساهمة الفاعلة في معالجة النزاعات الاقليمية والدولية بالطرق الديبلوماسية.. مع تجنب القطيعة مع روسيا ..والتفاعل مع الشريك الامريكي من منطلق جديد يعتمد المستجدات الدولية من بينها تعدد الاقطاب وعناصر القوة والضعف لكل طرف. ونوه السفير الفرنسي بالدور السوري في المنطقة ـ بعد المصالحة السورية اللبنانية ـ وبامكانية مساهمة سوريا بشكل ناجع في تسوية الصراع العربي الفلسطيني والصراع الفلسطيني الاسرائيلي وفي معالجة ديبلوماسية للملف النووي الايراني.. انطلاقا من الاقرار بحق ايران في برنامج نووي سلمي مع استبعاد كامل لسيناريو امتلاكها للسلاح النووي.   كمال بن يونس   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 12 سبتمبر  2008)

التعليم العالي
  بقلم: كمال بن يونس    تنطلق اليوم في غالبية الكليات والمدارس العليا السنة الجامعية الجديدة التي سبق أن افتتحت في بعض المدارس والكليات الاخرى منذ مطلع الشهر الجاري. وحسب الاحصائيات الاولية التي  أعلن عنها وزير التعليم العالي والبحث العلمي بالمناسبة فان العدد الجملي للطلبة سيفوق هذا العام في القطاع العام وحده الـ370  ألفا ..بينهم 91 ألفا من الطلبة الجدد أي بفارق بين عدد الوافدين والمتخرجين يحوم حول 35 ألف طالبا ..وهو ما سيضاعف أعباء القائمين على هذا القطاع الاستراتيجي ..لاسباب عديدة من بينها نمو عدد الطلبة بنسق أكبر بكثير من تطور البنية الاساسية والخدماتية الجامعية. وبالرغم من كل الجهود التي تقوم بها الوزارة بمختلف  مصالحها ـ  وخاصة ادارات الخدمات الجامعية ـ  فان الطاقة الجملية للمبيتات الجامعية لا تتعدى الـ 61 الفا ..أي أقل من خمس العدد الجملي للطلبة ..كما يحوم عدد الطلبة الذين يحصلون على المنحة «الرمزية» حول 107 الاف فقط.. أي أقل من الثلث.. وبالرغم من ارتفاع عدد المؤسسات الجامعية الخاصة الى 32 فان طاقة استيعابها لا تزال محدودة مقارنة بالجامعات العمومية لان النظام التربوي التونسي يتميز بعدد من المكاسب من بينها حق كل المحرزين على الباكالويا في الترسيم في الجامعات العمومية . ولا شك أن من أوكد مسؤوليات جميع الاطراف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية الوطنية المساهمة في معالجة النقائص القائمة رغم ضغط العدد ..ذلك أن المرسمين في المرحلة الثالثة فقط أصبح يفوق الـ30  ألفا أي عشرة أضعاف عدد الطلبة في السنوات الاولى بعد تاسيس الجامعة التونسية..ونفس العدد الاجمالي للطلبة التونسيين أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي . لكن بعض الثغرات القائمة تستوجب في نفس الوقت حزما أكبر ـ ينبغي أن تدعمه بقية الوزارات والمؤسسات ـ خاصة فيما يتعلق بالانتدابات والاجراءات التي تهم تحسين مستوى الاجيال الجديدة من الخريجين ..عبر التخلي تدريجيا عن نظام التعاقد والمتعاقدين .. واعطاء الاولوية للمرسمين وان كان لا بد من التعاقد فلا بد من اشتراط كفاءة علمية أكبر في المترشحين ..حفاظا على مصداقية الشهادات التونسية وحرصا على مضاعفة حظوظ المتخرجين الجدد من الجامعات في الحصول على شغل دائم ولائق  .. وعلى الاندماج في المحيط الاقتصادي والاجتماعي والمساهمة في إثرائه.   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 12 سبتمبر  2008)  

قلق النقابات الفرنسية حيال نقل مصنع لإيرباص إلى تونس

     

أعربت النقابات الفرنسية عن قلقها بشأن نقل مصنع لمجموعة إيرباص إلى تونس في إطار خطة جديدة لتوفير مليار يورو بحلول 2012، في حين اعتبر وزير الدولة الفرنسي للصناعة ذلك « فرصة أكثر منه تهديدا ».   اعتبر وزير الدولة الفرنسي للصناعة لوك شاتيل الخميس تعليقا على مخاوف النقابات، ان اقامة مجموعة الصناعات الاوروبية ايرباص، مصنعا لها في تونس يشكل « فرصة اكثر منه تهديدا ».    وكانت المجموعة الاوروبية للصناعات الجوية والدفاعية « اي ايه دي اس » اعلنت الثلاثاء ان فرعها ايرباص سيقيم مصنعا في تونس في اطار خطة جديدة لتوفير مليار يورو بحلول 2012 عبر الانتاج في منطقة الدولار او بتكلفة اقل للعمالة، الامر الذي اثار قلق النقابات.    واوضح شاتيل انه حين تعلن المجموعة « عن اقامة وحدة انتاج في تونس فان ذلك يمثل فرصة وليس تهديدا لانه بقدر ما تحصل فيه المجموعة على حصص في اسواق العالم بقدر ما يصبح لدينا فرص افضل للابقاء على المصانع في بلادنا ».    وسيكون مصنع تونس مرتبطا مباشرة بالفرع الفرنسي لايرباص.   (المصدر: موقع فرنس 24 بتاريخ 12سبتمبر 2008-09-13)

سما دبي تطلق مشروعا بقيمة 25 مليار دولار في تونس

  من طارق عمارة تونس 12 سبتمبر ايلول /رويترز/  أعلنت شركة سما دبي التابعة لدبي القابضة المملوكة لحكومة الامارة اطلاق أكبر مشروع استثماري في تاريخ تونس لتشييد مدينة ضخمة في ضواحي العاصمة تونس بقيمة 25 مليار دولار. وقال فرحان فريدوني رئيس مجلس ادارة سما دبي في مؤتمر صحفي عقده في وقت متأخر يوم الخميس //نعلن اليوم البدء رسميا في اعمال المرحلة الاولى من مشروع /باب المتوسط/ والتي تتضمن تشييد 16 مبنى ضخما بكلفة مليار دولار//. واضاف //يتطلب انهاء كل المشروع بين 15 و20 عام المرحلة الاولى من المشروع تشتمل على 16 مبنى ضخما وستكون جاهزة خلال ثلاثة أعوام//. وخصصت شركة سما دبي 25 مليار دولار لانشاء مدينة ضخمة في ضاحية البحيرة الجنوبية تتضمن مسارح وملاعب وعمارات سكنية ضخمة ومحلات تجارية ومواقع ترفيهية على مساحة 2092 فدانا. كما يشتمل المشروع على فنادق سياحية راقية ومسالك مطلة على البحر بطول 14 كيلومترا. وأعلنت سما دبي في وقت سابق أن كلفة المشروع ستقدر بنحو 14 مليار دولار لكن فريدوني قال انها كانت كلفة تقديرية وانه من المقرر أن تصل تكلفة المشروع الى نحو 25 مليار دولار. وأوضح فريدوني أن المشروع الذي أطلق عليه اسم /باب المتوسط/ سيراعي جملة من المقتضيات المحلية على غرار الطابع المعماري التونسي والجوانب الثقافية والاجتماعية لجعله منصهرا في بيئته كما سيعتمد تكنولوجيا متطورة تجعل من مبانيه الاكثر حداثة في العالم. ومضى يقول //سنشيد أعلى برج في افريقيا ضمن هذه المدينة العملاقة//. وتتعطش تونس التي يبلغ فيها عدد الشبان خريجي الجامعات 88 الف سنويا لجذب مزيد من الاستثمارات الاجنبية لتعزيز النمو وخفض معدل البطالة الذي بلغ 3ر14 بالمئة وفقا للارقام الرسمية. وقال رئيس مجلس ادارة سما دبي ان المشروع الضخم سيوفر 350 ألف فرصة عمل     وقال محمد النوري الجويني وزير التنمية والتعاون الدولي في تونس ان //تونس تخطط لخلق مليون موطن شغل خلال السنوات العشر المقبلة والمشروع يدعم اهدافنا في هذا المجال اضافة الى انه سيساهم في رفع الدخل الفردي//. واعتبر فريدوني ان مشروع/باب المتوسط/ سيكون مفيدا للاقتصاد التونسي بحيث سيدعم القدرة التنافسية لكنه اعتبر انه مفيد ايضا لسما دبي لان //السوق التونسية واعدة وقريبة من سوق استهلاكية كبرى هي اوروبا وقادرة على اجتذاب مزيد من الاستثمارات منها//. وقال وزير التنمية التونسي ان //مثل هذه المشاريع الضخمة تساهم في تعويض جانب من التداين الخارجي لتونس//. وأضاف أن إنشاء مشروع بهذا الكبر سيدفع الاستثمار في عدة قطاعات هنا مثل الاسمنت والحديد والبلور والخزف.   (المصدر: وكالة (رويترز) بتاريخ 12 سبتمبر  2008)

 
أخبار متفرقة
 
 
 

ارتفاع نسبة الطالبات إلى 60%

  يتوقع أن ترتفع نسبة الطالبات من مجموع الطلبة العام المسجلين بالجامعات التونسية والبالغ عددهم أكثر من 370 ألف طالب خلال السنة الجامعية الحالية إلى قرابة 60%. وقد لوحظ في السنوات الأخيرة الارتفاع الملحوظ في نسبة الطالبات مقابل انحدار نسبة الطلبة الذكور مما انعكس تدرجيا على ارتفاع نسبة الاناث من خريجي التعليم العالي. فضلا عن تقدم نسبة النساء العاملات في عديد الميادين وخاصة منها الوظائف القيادية والمسؤوليات الإدارية والفنية وفي سلك التعليم بمختلف درجاته الابتدائي والثانوي وحتى الجامعي
 

العناية بمراكز العبور الحدودية
ينتظر أن يشهد المركز الحدودي «ببوش» على الحدود الجزائرية انطلاق الأشغال لإجراء جملة من التحسينات على المركز وذلك في سياق مزيد توفير الظروف الملائمة لتيسير عمليات العبور في الاتجاهين، يذكر أن المركز الحدودي بملولة على الحدود الجزائرية التونسية شهد بدوره أشغال صيانة وتحسين هذا الى جانب تركيز مكتب استقبال جديد برأس الجدير على الحدود الليبية الذي تم تدشينه في الفترة القليلة الماضية.  
مشروع إدارة وإحياء التراث الثقافي
أشارت مصادر وزارة الثقافة والمحافظة على التراث أن السنة الجارية ستشهد مواصلة تنفيذ مشروع إدارة وإحياء التراث الثقافي الذي يتم انجازه بالتعاون مع البنك العالمي باعتماد يتجاوز 31 مليون دينار هذا الى جانب المعالم التاريخية والمواقع الأثرية نذكر من بينها إعادة ترميم آثار «الحنايا» على امتداد طريق الماء بين زغوان وقرطاج.  
مناظرة للمخترعين
تقام خلال الشهر القادم وتحديدا أيام 22 و23 و24 نوفمبر بقطب الغزالة برواد مناظرة لفائدة المخترعين الفرادى والمؤسسات الاقتصادية ومؤسسات التعليم العالي والتكوين والجمعيات وتختم هذه المناظرة السنوية التي دأبت الجمعية التونسية للمخترعين على تنظيمها بحفل توزيع الجوائز على المتفوقين فيها وستقيّم المشاركات لجنة تتكون من جامعيين ومهنيين وبراء من ذوي الاختصاصات المتعددة.   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 12 سبتمبر  2008)


إلى اللذين غادروا الوطن

إلى اللذين غادروا الوطن رفضا وعزة وإباء  وعادوا إليه تسللا وذلة وانحناء إليهم أقول ما هكذا تطفأ جمرة الشوق ولا بالذل تعوض عزة النفس
 
ورحم الله عنترة إذ يقول
لا تسقني  ماء الحياة بذلة    ^^^   بل فاسقني بالعز ماء الحنضل ماء الحياة بذلة كجهنم       ^^^    وجهــنم بالعـزّأطــيب مـــنزل وأليهم أقول
لهم ذلّة الإنحناء لكم أن تعودوا لأرض الوطن وأن تتغنوا بطيب اللقاء لكم أن تغضوا الطرف حدّ العماء لكم أن تجعلوا آذانكم صمـــّاء ولكم أن تؤدوا طقوس الخضوع حدّ الإنحناء ولكم أن تجعلوا من جلودكم للحاكمين حذاء ثمن لبقايا لقاء لكم أن تدّعوا أن ّ كل المظالم بادت وأن البلاد تنعم بالرّخاء لكم كلّ تآويلكم الخاطئه ولي أن أعري فيكم الأخطاء لكم أن تسبّحوا لفرعونكم وأن تسكبوا ماء وجوهكم في رجاء وأن تعلنوا له الطّاعة وأن تعلنوا التوبة والبراء ولي وجعي القابع افي الحنايا ولي عزتي والإباء لكم أمهات ونحن يتامى لكم إخوة أخوات ونحن بقايا هباء ولكم ياهؤلاء جذور ويعاودكم شوقكم للقاء ونحن خلقنا بلا أقرباء فارغة قلوبنا نائمة عقولنا ولكناّ ندرك بأن الهوان هو الإنتهاء عفوا  …..لنا ما لكم وأكثر فنحن التحدّي ورمز الوفاء  ونحن الذين  وقوفا نموت بدون إنحناء ونحن اللذين نصير إذا مارجعنا زهرا وعطراوماء ونحن اللذين نعلن العشق حدّ الفناء ونحن الشموخ وكل ّ الشهامة كلّ الإباء لي العشق صمتا وللعائدين وللمتسللين بصمت خفي لهم ذلّة الإنحناء                        
 جمال الدين أحمد الفرحاوي   لندن في  24 أوت2008

  بسم الله الرحمان الرحيم         والصلاة والسلام على أفضل المرسلين 
   تونس في12/09/2008       الرسالة رقم 466 
بقلم محمد العروسي الهاني    على موقع الانترنات مناضل كاتب في الشأن الوطني والعربي والإسلامي

كتابي طبع ونشر عالميا قبل طبعه وطنيا لماذا هذا الخوف وشعارنا تونس لكل التونسيين ومعا من أجل تونس
  ما أجمل هذا الشعار وما أروع هذا المعنى وما أبلغ من أن تونس لكل التونسيين عندما نسمع هذا الشعار يطمئن القلب ويرتاح الضمير ويتذوق العقل هذا المعنى العزيز….. وعندما نردد معا من أجل تونس يزداد الاعتزاز بالوطن والانتماء الصادق لوطن الجميع. وعندما نسمع أن المساواة قولا وعملا هي سلوكنا وثوابتنا وقيمنا الخالدة. يترسخ الشعور بالمواطنة ويتعمق الوفاء ويبلغ ذروته عند اصطحاب الثوابت والقيم ويزداد الحب والإعجاب وتنفجر العقول والمواهب وتتحرر الأقلام وتبدع وتأتي بالشيء العجاب طبعا من أجل تونس بالمفهوم الشامل، مفهوم الوطنية، مفهوم الوفاء، مفهوم العدل والمساواة وتونس لكل التونسيين هذا هو الاعتقاد الصحيح لدى أحرار هذا الوطن. خاصة عندما نسمع هذه الشعارات المؤثرة والكلمات المعبرة والأقوال المتنوعة. يزداد عندنا الخيال وشاهية التعبير وحرية الرأي طبعا من أجل تونس الهوية- تونس الكرامة – تونس الوفاء- تونس المساواة- تونس الحرية- تونس النظافة- تونس العدل- تونس للجميع. تونس الأخلاق – تونس العربية-  تونس الوفاء للزعماء- تونس العرفان بالجميل تونس القطع مع التنكر- تونس الإعجاب بماضيها- تونس الأصداع بالرأي لمزيد التقدم- تونس الدفاع عن القيم الخالدة- تونس التمسك بالدين الإسلامي- تونس التمسك بالأخلاق الفاضلة و تونس الكرامة قبل الخبز هذا هو الخيال الواسع عند الأحرار عندما يكتبون وعندما يفكرون وعندما ينشرون مقالتهم الجريئة الشجاعة الخالية طبعا من التنكر للماضي. والقوية بالحجج والوقائع والعميقة بالتحاليل والخبرة والصريحة بدون خوف ولا ريب لأن مفهوم المواطنة وتونس للجميع تفرض علينا الكتابة بهذا الأسلوب النزيه الخالي من الطمع والتزلف والانتفاع والمادة. هذا هو الصنف القادر على البقاء والأجدر والأنفع لأنه يتماشى مع روح ونص الشعارات التي ذكرتها في المقدمة. نرجو فهم هذه الرسالة فهما صحيحا وعميقا حتى يدرك أصحاب الشعارات أن في تونس شريحة غايتها الإصلاح وغايتها الإضافة وهدفها الوفاء وصدق الانتماء وهم ضد الانتهازية وأصحاب المطامع والغايات والمنافع المادية والمناصب وهذا الصنف هو الأجدر بالبقاء والجدير بالاحترام والتقدير وهذا الصنف أولى من أصناف أخرى لها مصالح ومنافع وبدون تعليق؟؟؟ ولا يفوتني بهذه المناسبة وأنا أفكر في مصير كتابي بعنوان الوفاء أين وصلت المتابعة عفوا الرقابة وقرار رئيس الدولة واضحا لا لبس فيه إلغاء الإيداع القانوني للكتب والقرار يعرفه الجميع وقد نوهنا به لأنه يدعم حرية التعبير. لكن الخطاب والقرار حكيم وهام وصريح ومفيد وواقعي لكن الممارسة في الإدارة لازالت بعقلية قديمة جافة وعندما تكتب هذا المعاني السامية وترددها أمام مسؤولا كبيرا يقول لك بالحرف الواحد نحن مع قرارات الرئيس فعلا يقولها المسؤول تجنبا لمزيد تصعيد الكلام الصريح والحجج الراسخة خاصة عندما تقول له يا أخي كتاب فلان صدر وفيه تحامل على الزعيم الراحل بورقيبة وكم من كتاب من هذا النوع أخذ الرخصة بسرعة وتم توزيعه؟؟؟ وكم من كتاب كله نقدا للماضي وجد التشجيع والدعم والإعلام والمساندة وأتذكر أن امرأة كاتبة قامت بطبع الكتاب الثالث طبعا هي متفننة في شتم الماضي وخاصة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وقلبها مليان غيظا وحقدا وغضبا على الزعيم سامحه الله. كما أتذكر بأن فتاة في مقتبل العمر دخلت مجال الصحافة وهي هاوية للشعر وأصدرت كتابا حول الرسم والشعر وهي موهوبة فوجد كتابها الدعم والشكر والمساندة والجائزة المالية الهامة. إن هذه الفتاة التي ذكرتها هي هاوية في مجال الثقافة والشعر وموظفة في بنك، حظها كان قويا ففكرت في توجيه نسخة من كتابها إلى رئيس الدولة فأحرزت على شهادة شكر وجائزة مالية هامة غطت لها تكاليف الكتاب؟؟؟ وأعتقد إن لا دخل في هذا الحظ للنضال والتضحية ولو كان النضال أكثر 54 عام وبالأشهر 648 شهرا ولو أن الطرف المقابل لا رصيد له ولو بيوم واحد؟؟؟ وقصة اليهودي التي ذكرها المحامي فاضل الحميدي تبقى راسخة في الأذهان لمن يعرف كلام الألغاز والرموز. ونقول في الختام لبعض المسؤولين كونوا في حجم ومستوى قرارات رئيس الدولة قولا وعملا وممارسة حتى لا يتجاوز مراقبة الكتاب 50 يوما بلياليها وأيامها هذا مع العلم أن الرقابة حذفت والإيداع القانوني ألغي في تونس؟؟؟ وصدق المحامي الفاضل الحميدي الذي ذكر قصة اليهودي الذي أسلم قبل وفاته بيوم وفعلا ما دام نطق بالشهادتين فقد فاز يوم القيامة بالسعادة والجنة وقال هناك مسلم عبد الله 50 عاما وصلى في ليالي الشتاء القارص وصام في حر أوسو وحج على ظهر ناقة والعلم لله هل هو من أهل الجنة في الختام والله هذه القصة لها أكثر من معنى ومدلول وبدون تعليق.   قال الله تعالى: واصبر و ما صبرك إلا بالله                               صدق الله العظيم
            محمد العروسي الهاني  مناضل له رأس ماله كبير في حزب التحرير  

مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات:تنظم: المؤتمر الثالث عشر للدراسات العثمانية حول

 

تنظم المؤتمر الثالث عشر للدراسات العثمانية حول :  
                   1- : الدور السياسي والثقافي للنخب العربية وحركية القوميات والإصلاحات في العصر الحميدي 2- : الدراسات التاريخية المقارنة عن الإدارة والاقتصاد وضرب العملة في الإيالات العربية. *** تونس 09-10-11 أكتوبر/تشرين الأول 2008 * * * مؤسسة التميمي عمارة الامتياز –المنطقة العمرانية الشمالية / تونس 1003 الهاتف  : 71231444 (00216) / 71751164 (00216)  الفاكس : 71236677 (00216) البريد الإلكتروني :  fondationtemimi@yahoo.fr أوfondationtemimi@gnet.tn الموقع على الإنترنت : (باللغة العربية والفرنسية) عربي/فرنسي www.temimi.refer.org  ضعف الحوار العلمي العربي التركي حول الدراسات العثمانية : نتيجة غياب التنسيق وهيمنة النزعة القطرية أ. د. عبد الجليل التميمي عندما شرعنا سنة 1981 في تنظيم هذه السلسلة من المؤتمرات المتخصصة عن الإيالات العربية أثناء الحكم العثماني, لم يكن في الساحة العربية يومئذ أو التركية أو الدولية, من اهتم بهذه الفضاءات, ومنحها الاستحقاق البحثي لتناول أهم الإشكاليات السياسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية والمعرفية. وقد نتج عن تلك السلسلة نشر أكثر من ألفي دراسة أكاديمية بالعربية والفرنسية والإنجليزية, وهي تغطي كامل الفضاء الجغراسياسي العربي وشكلت أهم قاعدة بيانات حول الموضوع في البلاد العربية وفي تركيا أيضا. ثم أن مبادرتنا هذه قد تعززت بإنشاء المجلة التاريخية العربية للدراسات العثمانية والتي بلغت سنتها التاسعة عشرة, وسيصدر عددها 38 قريبا, وهو المخصص لتكريم الأستاذة ثريا فاروقي. وقد برهنت مؤسستنا خلال مسيرتها على النفس الطويل والتنظيم المحكم ورفض النزعة القطرية التي عملت على تغييب المؤرخين الفاعلين في هذا الحقل , إذ تبنينا سياسة اليد الممدودة للجيل الجديد من المؤرخين العرب والدوليين منذ المؤتمر الأول, دون الأخذ بالاعتبار للانتماءات السياسية أوالوطنية أو العرقية, وهو أجمل وأنبل الرهانات البحثية. لقد نظمنا 12 مؤتمرا عربيا ودوليا والثالث عشر اليوم, وتم ذلك خلال 27 سنة في ظروف دقيقة وقد رفضنا تماما قبول التدخل في شؤوننا العلمية وانتهجنا منذ البداية خطا مستقلا لتعزيز وتعميق العلاقات البحثية المستقبلية العربية-عربية والتركية. مع العلم وأن مؤسستنا واللجنة العربية للدراسات العثمانية, اجتهدتا لتفعيل الدراسات العثمانية وتوفقتا في خلق مناخ جديد تجاه الدولة العثمانية وتركيا الكمالية ونجحتا في توظيف الآليات للبحث العلمي بالتركيز على الاستفادة من الوثائق العثمانية والعربية والأوربية منذ البداية, وحيث نشرنا بعض الآلاف منها, وهو ما أبرز دور الريادة في هذا الباب. وعليه فإن تجاهل المؤرخين الأتراك والأوربيين عموما وحتى المؤرخين العرب وعدم تلبيتهم دعوتنا لحضور مؤتمرنا الثالث عشر هذا, هو علامة بائسة ولا أخالها إيجابية, وهو مؤشر على تمكن النزعة القطرية في سلوكيات العديد من المسؤولين الجامعيين العرب والأتراك. ومع هذا فإن العديد من المؤرخين الرواد الذين واكبوا معنا انطلاقة هذه المؤتمرات, قد لبوا شاكرين الدعوة. ألا يعد تسجيل 24 جامعة عربية (وثلاث جامعات تركية وجامعة مالطا) للمشاركة في هذا المؤتمر علامة مضيئة ومشرفة من خلال حضور العشرات من المؤرخين العاملين والمؤمنين بحركية التفاعل البحثي, الأمر الذي سيمنح مؤتمرنا بعدا علميا ثابتا ويتم هذا التفاعل على الرغم من أن بعض المنظمات الإسلامية والعربية والدولية على اختلاف مواقعها وكذا بعض الدول العربية, ترفض تماما مبدأ استقلالنا العلمي وكلمتنا المسؤولة التي تشبثنا بها منذ اليوم الأول والتي كانت وراء نجاحاتنا العلمية المتواصلة منذ ثلاثة عقود اليوم, وهو الأمر الذي لا يرضى عنه مثل هؤلاء الإداريين ضيقي الأفق عربا وأتراكا… إن الحوار العلمي العربي-عربي وعربي-تركي, هو الرهان الحقيقي الذي آمنا به لتقدم المعرفة التاريخية العربية, وقد اجتهدنا في ذلك من خلال انعقاد 22 مؤتمرا حول العلاقات العربية العثمانية والتركية, ماضيا وحاضرا ومستقبلا ووضعنا الأسس المتينة لمثل هذه الحوارات الطلائعية. سيتمحور مؤتمرنا الثالث عشر هذا حول الذكرى المائوية للانقلاب العثماني ويتناول محورين أساسيين هما : الأدوار السياسية والثقافية للنخب العربية والدراسات المقارنة حول الإدارة والاقتصاد وضرب العملة, وهذه لعمري أبرز الإشكاليات البحثية التي تواجه المؤرخين العرب في مؤتمرنا هذا, ولعل جردا أوليا لعناوين البحوث المقدمة يؤشر على حسن اختيار تلك المواضيع ودراستها على ضوء الاكتشافات الوثائقية الجديدة. سيجمع مؤتمرنا إذن أكثر من 30 مؤرخا, وكلهم حريصون على تفعيل الدراسات العثمانية من خلال تقديم ورقات بحوث جديدة, ستسمح بتعميق قاعدة البيانات الجديدة للدراسات العثمانية والتي نعمل دوما على تعزيزها وهي على ذمة الباحثين. شكرا لكل الزملاء والزميلات الذين استثاقونا وتفاعلوا إيجابيا مع دعوتنا, لإنجاح مؤتمرنا, والشكر لمن منحنا ثقته ودعمه العلمي والأدبي وآمن معنا بأن المعرفة والبحث العلمي لا تنتظر الإذن والموافقة من أحد, عظم أو قل شأنه, كما أنها لا تعرف الحدود والموانع أو التحفظات من بعض أولي الأمر هنا وهناك. وتلك هي ضريبة الإيمان بالمسؤولية التاريخية. تونس في 01 سبتمبر 2008                                                   أ. د. عبد الجليل التميمي * * * برنامج المؤتمر الخميس 09  أكتوبر/ تشرين الأول 2008 الجلسة الافتتاحية للمؤتمر كلمة الأستاذ عبد الجليل التميمي (بالعربية والفرنسية)9.30-10.00 كلمة أ. د. عبد الرحيم أبو حسين حول مستقبل الدراسات العثمانية في الوطن العربي (بالعربية والإنجليزية).10.00-10.10 كلمة أ. د.  محمد عبد الله آل زلفة, أستاذ بجامعة الملك سعود والعضو بمجلس الشورى, باسم المشاركين (بالعربية والإنجليزية)10.10-10.20 استراحة10.20-10.45 الجلسة العلمية الأولى  (السلطان عبد الحميد) الرئيس أ. د. عبد الجليل التميمي10.45-13.00 – أ. د. آل زلفة, محمد بن عبد الله (جامعة الملك سعود, قسم التاريخ, الرياض): ‘الإصلاحات العمرانية في الإيالات العربية في عهد السلطان عبد الحميد على ضوء الوثائق والصور الفوتوغرافية’10.45-11.05 – د. عبيد، منير (رئاسة جامعة تونس): ‘ المغتربون التّونسيون باستانبول وطرابلس خلال الثلث الأخير للقرن التّاسع عشر في ضوء رسائل وكلاء الإيالة التّونسيّة11.05-11.25 – د. كفافي, منذر ذيب (جامعة الإسراء, الأردن) : ‘السلطان عبد الحميد الثاني ودوره في بناء الدولة الوطنية: الدور السياسي والاقتصادي نموذجا’11.25-11.45 مناقشة المحاضرات11.45-13.00 الغداء13.00 الجلسة العلمية الثانية (القوميات والانقلاب) الرئيس أ. د. محمد عبد الله آل زلفة16.00-18.00 – د. تركماني, عبد الله (باحث سوري بمركز التخطيط الفلسطيني، تونس): ‘نشوء ومقومات القومية العربية’16.00-16.20 – أبو حسين, عبد الرحيم (قسم التاريخ, الجامعة الأمريكية – بيروت) : ‘عثمانيون ضد الدستور : موقف المسيحيين في جبل لبنان في إعادة العمل بالدستور والبرلمان’ 16.20-16.40 – أ. د. عبد العزيز إبراهيم, محمد عادل (جامعة القاهرة): ‘حركية القوميات وأثرها في انهيار الخلافة العثمانية’16.40-17.00 – د. النصيري, عبد الرزاق (كلية الآداب, زوارة, جامعة السابع من أبريل-ليبيا) : انقلاب الاتحاديين وتأثيره الفكري والسياسي على طرابلس الغرب’17.00-17.20 مناقشة المحاضرات17.20-18.00 استراحة18.00-18.30 الجلسة العلمية الثالثة (الاستعمار) الرئيس أ. د. عبد الرحيم أبو حسين18.30-20.30 – أ. د. البشروش, توفيق (كلية العلوم الإنسانية, جامعة تونس) : ‘سياسة الإصلاح والتنظيمات في خدمة الهيمنة في القرن التاسع عشر’18.30-18.50 – د. الطحاوي, عبد الحكيم عامر (جامعة تبوك, كلية التربية للبنات المملكة، العربية السعودية) : ‘موقف الدولة العثمانية من النفوذ البريطاني في منطقة الخليج في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي (العصر الحميدي)’ 18.50-19.10 – د. مياسي, إبراهيم (جامعة الجزائر, كلية العلوم الإنسانية) :                                 ‘الزحف الاستعماري على الإيالات العربية وموقف الدولة العثمانية منه 1876-1908.19.10-19.30 مناقشة المحاضرات19.30-20.30 العودة إلى النزل20.30 الجمعة 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2008 الجلسة العلمية الرابعة (الأرياف) الرئيس . د. جمال بن طاهر09.00-11.00 -أ. د. جدي, أحمد (جامعة سوسة) : ‘العثمانيون والعالم الريفي: عناصر للتحليل والتأمل’9.00-9.20 – د. حسانين, سليمان محمد حسين (قسم التاريخ, كلية الآداب, جامعة أسيوط مصر) :                                   ‘النشاط الاقتصادي للأمراء المماليك في الريف المصري خلال القرن الثامن عشر’9.20-9.40 – أ. د. الكندري, فيصل (كلية الآداب, جامعة الكويت) : ‘إسكان العشائر في الفضاء الترابي العثماني’9.40-10.00  – د. الباهي, مبروك (عميد كلية الآداب, جامعة صفاقس) : ‘نماذج من القوانين العدلية في العهد الحميدي : السياقات والتوجهات’10.00-10.20 مناقشة المحاضرات10.20-11.20 استراحة11.20-11.40 الجلسة العلمية الخامسة (المدن) الرئيس د. مبروك الباهي11.40-13.30 – د. حماش، خليفة (جامعة الأمير عبد القادر قسنطينة): ‘البيع بالصرة المجهولة القيمة، في عقود المحكمة الشرعية بمدينتي الجزائر وغزة: مظاهره ومغزاه ‘11.40-12.00 – د. السعداوي, إبراهيم (المعهد العالي للعلوم الإنسانية، جندوبة-تونس) : ‘أوضاع مدن ومدائر الشمال الغربي التونسي في بداية العهد الحميدي’12.00-12.20 – د. عزيزي, محمد الحبيب (المعهد العالي للعلوم الإنسانية, تونس) :                                                ‘حدود واشكالية العثمنة : دراسة للمحلة كسلطة متحركة للبلاد المنبسطة في المغارب العثماني’12.20-12.40 مناقشة المحاضرات12.40-13.40 الغداء13.40 الجلسة العلمية السادسة (الاقتصادية والشؤون العقارية) الرئيس أ. د. فيصل الكندري16.00-18.30 – أ. د. بن طاهر, جمال (كلية العلوم الإنسانية, جامعة تونس) : ‘مقاربة الأوضاع العقارية باستانبول وتونس’16.00-16.20 – د. سرور, موسى (جامعة بيرزيت, دائرة التاريخ والآثار, فلسطين) : ‘التنافس الأجنبي على الملكية العقارية في القدس وموقف الدولة العثمانية منه ( 1856-1914 )’ 16.20-16.40 – أ د. هريدي, صلاح أحمد (قسم التاريخ والآثار المصرية والإسلامية, جامعة الإسكندرية) : ‘دور العملة في الأزمات الاقتصادية في مصر العثمانية (1517-1798)’ 16.40-17.00 – د. عزو, ماجدة حامد  (جامعة الفاتح, طرابلس) : ‘النظام المالي في ليبيا : دراسة للعملات أثناء العهد العثماني الأول والثاني’17.00-17.20 مناقشة المحاضرات17.20-18.15 استراحة18.15-18.30 الجلسة العلمية السابعة (طرابلس الغرب) الرئيس : أ. د. يوجال ايبات قولقون18.30-20.30 – د. الطويل, امحمد سعيد (جامعة السابع من أبريل, كلية الآداب زوارة, ليبيا) :  »الحراك الاجتماعي والسياسي في ولاية طرابلس الغرب نهاية القرن 19 م’18.30-18.50 – د. ماسيكا, سيمون (جامعة مالطا) : ‘تاريخ لطرابلس تحت الحكم العثماني ينشر لأول مرة: انطباعات حول هذا المصدر’18.50-17.10 – د. مروان, محمد عمر امحمد (كلية الآداب, جامعة الفاتح, ليبيا) : ‘حركة ابراهيم سراج الدين وأثرها الاجتماعي والثقافي والسياسي على مجتمع ولاية طرابلس الغرب خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر’17.10-17.30 مناقشة المحاضرات17.30-17.50 العودة إلى النزل السبت  11 أكتوبر/ تشرين الأول 2008 الجلسة العلمية الثامنة (مواضيع مختلفة) رئيس الجلسة د. منير عبيد09.00-11.00 – د جريج, الياس (قسم التاريخ, الجامعة اللبنانية, بيروت) : ‘ الإدارة العثمانية بين مفهومي الايالة والولاية’9.00-9.20 – د. الخياري, فريد (جامعة سوسة) : ‘هل نواصل كتابة تاريخ الدولة العثمانية كما هو الشأن في الماضي ؟’9.20-9.40 – د. مفرح, سعيد محمد (جامعة الملك خالد, أبها, السعودية):                                                   ‘إدارة الشؤون الصحية في متصرفية عسير ( 1872-1918 )’ 9.40-10.00 – أ. د. يوجال أيبات, قولقون (استانبول) : ‘الإدارة العثمانية في العراق خلال سنة 1913 من خلال عدد من الرسائل الرسمية المحررة من قبل الوالي العثماني’10.00-10.20 مناقشة المحاضرات10.20-11.40 استراحة11.00-11.30 الجلسة العلمية التاسعة حوار مفتوح حول : مستقبل الدراسات العثمانية وإقرار التقرير النهائي11.30-13.30 الغداء13.30        * * * قائمة إضافية بأسماء المشاركين –  د. آل شهاب, علي منصور (نائب رئيس جامعة البحرين) – د. أرتايلي, ايلبار (مدير متحف توبكابي – استانبول) – د. السعداوي, أحمد (قسم التاريخ, جامعة منوبة) : – د. الشريف, حمادي (كلية العلوم الإنسانية, جامعة تونس) : – د. لرقش, دلندة (قسم التاريخ, جامعة منوبة) : * * * منشورات المؤسسة لكل أعمال المؤتمرات العالمية ألاثني عشر للدراسات العثمانية : 1 – الولايات العربية ومصادر وثائقها في العهد العثماني، مع إقامة فهارس لها، ج 1 و2، 610 ص، ج3 412 ص (بالعربية والفرنسية والإنقليزية)، 1984. 2 – الحياة الاقتصادية للولايات العربية ومصادر وثائقها في العهد العثماني، 3 أجزاء، 970 ص، جمع وتقديم د. عبد الجليل التميمي، (بالعربية والفرنسية والانقليزية)، زغوان 1986. 3 –  أعمال مؤتمر اللجنة العالمية للدراسات العثمانية المنعقد بكامبريدج سنة 1984، عن الولايات العربية في العهد العثماني، جمع وتقديم د. عبد الجليل التميمي، 183 ص، (بالانقليزية والفرنسية)، مؤسسة التميمي – زغوان. 4 – الحياة الاجتماعية في الولايات العربية أثناء العهد العثماني 3 أجزاء، 1068ص، جمع وتقديم د. عبد الجليل التميمي، (بالعربية والفرنسية والانقليزية)، تونس، 1988. 5 – الحياة الفكرية في الولايات العربية أثناء العهد العثماني 3 أجزاء، 920ص، جمع وتقديم د. عبد الجليل التميمي، (بالعربية والفرنسية والانقليزية)، مؤسسة التميمي – زغوان، 1990. 6 – أعمال المؤتمر العالمي الرابع للدراسات العثمانية عن : الحياة الإدارية في الولايات العربية أثناء العهد العثماني، 680ص، (بالعربية والفرنسية والانقليزية) 1992. 7 – أعمال المؤتمر العالمي الخامس للدراسات العثمانية عن : المدن العربية والديمغرافية والبحر الأحمر خلال العهد العثماني، (زغوان، أوت 1994), ر.د.م.ك6-33-719-9973. 8 – أعمال المؤتمر العالمي السادس للدراسات العثمانية حول : وضعية الدراسات العثمانية في العالم خلال الثلاثين سنة الماضية، 524ص، مؤسسة التميمي – زغوان، أكتوبر/تشرين الأول، 1996, ر.د.م.ك 7-55-719-9973. 9 – أعمال المؤتمر العالمي السابع للدراسات العثمانية حول : المجتمع والدولة في العالم العثماني، 640 ص، منشورات المؤسسة، زغوان، أكتوبر، 1998, ر.د.م.ك 4-79-719-9973. 10 – أعمال المؤتمر الثامن للدراسات العثمانية حول : البحرية والطرق التجارية العثمانية، 400 ص، زغوان – سبتمبر 2000, ر.د.م.ك 6-00-32-9973. 11- أعمال المؤتمر العالمي التاسع للدراسات العثمانية حول : العائلة والمهمشون في العالم العثماني : النساء والأطفال والفقراء والمعوقون, 382 ص, منشورات المؤسسة, زغوان, أوت, 2002, ر.د.م.ك 7-69-719-9973. 12- أعمال المؤتمر العاشر للدراسات العثمانية حول: الدور الاقتصادي والاجتماعي للأقليات في الولايات العربية أثناء العهد العثماني، 307 ص، تونس أوت 2004، ر.د.م.ك 6-047-32-9973. 13- أعمال المؤتمر الحادي عشر للدراسات العثمانية حول : المرأة والتحركات الاجتماعية والديمغرافية عن الايالات العربية أثناء العهد العثماني،380ص.،تونس، سبتمبر 2006. 14- أعمال المؤتمر الثاني عشر للدراسات العثمانية حول : – العلاقات السياسية والتجارية والاجتماعية والثقافية بين الإيالات العربية أثناء العهد العثماني.و مؤسسة الانكشارية في الدولة العثمانية, وهو كتاب مخصص لتكريم الأستاذ عبد الرحيم, عبد الرحمان عبد الرحيم ، 466 ص.،تونس، نوفمبر 2007.  

بسم الله الرحمان الرحيم دور المثقف التونسي في قراءة التاريخ
 
فتحي العابد
نريد من التاريخ قراءة بيولوجية غير هاملة لأية فكرة حتى لو تقاطعت مع التوجهات الآنية لمرحلتنا الحرجة، كي يتم استنباط دروس الفلاح وإقصاء مسالك المهاوي، قبل الشروع بمشروع نهضوي، يوائم ويحادد باحتراس كل ما هو مطروح عبر الغزو الفكري، والمعلوماتية الملغومة بكثير من الفخاخ والمزالق. لابد أن تكون القراءة شاملة لكل المراحل الحياتية، كل الجوانب الحيوية، علمية ودينية وفلسفية، كي يتم إنتاج شجرة وارفة الظلال تلملم جراحاتنا، وتنقذ ما تبقى لنا من مزايا شاعت في عصور نهضتنا. التاريخ يعلمنا أن الأمة التي يعتريها الشعور بالتسلط والهيمنة، وسراب الخلود، هي أقرب ما تكون إلى التصدع والأفول، هذا ما يراه سالم بنحميش الروائي المغربي في قراءته للماضي، كون التاريخ مجموعة مآثر، تشكلت منّا وفينا عبر متواليات حياتنا المنصرمة، ويجب أن نأخذ بعين الإعتبار قوانين الحياة الثابتة، وفق الدستور الجمعي السائد، أن الحياة ديدنها أخذ وعطاء، وكل فرد هو قبل كل شيء كائن حر، له الخيار في صيرورة حياته، شريطة أن يحافظ على ما هو ليس له، مثلما يبغي أخذ ما يحتاجه، فكل شيء في الوجود له منبت وأصل، وما تلاه وتشظى منه مجرد فروع خادمة، أفرزتها الحاجة، أو تطلبتها الظروف المتعاقبة من أجل ديمومة الوجود، وتكملة قيافة المرحلة. ربما الحديث حول هذا المفهوم متشعب ومتعب في آن، لتعذر لملمة المصادر، وأحداث توافق مبدئي يرضي أصحاب الآراء، والمذاهب القائمة على أسس تماشي أمزجتها، بيد أنها محض أحلام تبحث عن أزمنة موعودة، طالما الوقت الراهن غير مؤهل لاختلاط الرؤى، وعدم وضوح الغايات، وربما نتيجة هذا الكم المتراكم والمتناسل من طروحات ونظريات منهجية وفلسفية، ليس من اليسر لملمتها وتلخيصها في أضعف الاحتمالات، ما لم يسبقها العمل على بناء مؤسسة متخصصة بمسايرة البنية الفكرية، وطبيعة الحالة المعيشة للمجتمع، أساسها التراث كونه حاضنة نقية وولود، وفيه أفياء أوان التصدعات ومنقذات حين تتوالد المآسي، لننظر ما يصرح به الكاتب البرازيلي الشهير (باولو كويلو) « الثقافة العربية لعبت دوراً مهماً في التراث الإنساني، فضلاً عن دورها في إثراء مخيلتي ككاتب، إنها أعطتني الكثير جداً وبصورة لا يمكن التعبير عنها بعبارات إنشائية تقال من باب رد الجميل »، إن ما يهمنا الآن وضع حجر الأساس والبدء بما هو مسعف ومنقذ لمحنتنا، أو يبث على أقل تقدير بعض نور لنا، كي نفك الإشتباكات الخانقة لتسليط حزمة ضوء، لشرخ دياجير المسالك العاطلة، عن أداء أو إسداء النصح، لتمكين أصحاب القرارات من وضع قطار المرحلة على سكة الخلاص، فالثقافة على حد تعبير الناقد المصري الدكتور عبد العزيز حمودة: « هي معركة البقاء الوحيدة المعروضة أمامنا كعرب في ظل ضعفنا الاقتصادي والعسكري والسياسي »..!! التراث النافذ: إن ما يهمنا هو إيجاد فرص متكافئة للسعادة على أقل تقدير، كي نجد الفرص الملائمة لخط نهجنا السليم وبناء حضارتنا المتوائمة مع المفاهيم المشاعة لثقافات الآخرين، والتعايش على مبدأ المنفعة المشتركة، كي لا تتعطل أية منظومة من منظومات الأطياف المتساندة، داخل فرن الواقع الغامض لديمومة الحياة، يقول أحد المفكرين الغربيين « أن الشعب الذي يريد الرقي عليه أن لا يقطع الصلة بماضيه »، هذا هو الأصل لكن كيف يمكن التعامل مع الماضي..؟؟ ما لم تتوفر مناخات تيّسر مفردات تفعيل العملية النهضوية وفق متطلبات حاضر الحياة ومستقبلها، الآن في تونس بل ومنذ زمن يحاولون اقططاعنا من ماضينا الغني بالإرث الثقافي، في قضائهم على كل الفضائات التثقيفية. لابد من مؤسسات ثقافية مستقلة تنبذ الفرقة، ولا تتعاطى المحاصصة ولا تتعكز على برامج ومستوردات جاهزة تتقاطع مع مناهج ديننا. من غير مؤسسات فاعلة تبدو عملية النهوض متعثرة، أو قابلة لتجاذبات ملّحة تحت تأثيرات شتى، تلتجئ إليها جهات تترصد الثقوب والفراغات لأشغالها بطرق إغرائية، وليس أمام أية مؤسسة تحمل مشعل التنوير على عاتقها سوى خيار واحد، أن تنطلق من منطلق أن الإنسان كائن حر، لم يخلق للقيود والتجارب البشرية، عبر تنظيرات سياسية خانقة ديدنها تحقيق أحلام محددة الأهداف، وضرورة استلهام ماضينا، واستحضار الزاد المعرفي للإرث المهمل فوق أرفف المكتبات، وبين خازنات المتاحف. هذا الماضي المأمول لن يأتي إلاّ من خلال التمسك بنقي التراث وزلاله، وسائر العلوم المعرفية والتجارب الحياتية، التي أفرزتها المراحل المتعاقبة على كافة الأصعدة. الأمم تدرك أن تراثنا نافذ ومتغلغل في تضاعيف الأمم المتحضرة، وثقافات الشعوب، ربما لسبب غير وجيه كتاب الليالي الألف الساحر، الذي رسم صورة غير مرضية لنا عبر العصور، لدى مغارب الأرض ومشارقها، هذا الكتاب الذي حامت حوله شكوك غير منتهية بخصوص مؤلفيه والغاية من تأليفه، وأنا أشك في الكتاب وفي كتبته، خصوصاً أنه يتناول جوانب العبث والمجون لمرحلة متقدمة من الوعي المتمدن للعباسيين. ما طواه كتاب ألف ليلة وليلة، جوانب منافية لأخلاقياتنا السلوكية، ونظرتنا الحاسمة تجاه أهمية الزمن، وسيادة الرفاهية والسلام، وفق معايير متوازنة ومشتركة بين الشعوب، تقارب في وجهات النظر وتبادل في المنافع التجارية، والفكرية والثقافية والاجتماعية بين الأمم، وإشاعة روح التحضر من خلال العمران، وأهمية العلوم والمعارف في حياة الإنسان، ولا ينكر أحد أننا أصحاب كنوز معرفية، صارت البنيان المتين لكل علم مستحدث من أصول الطب، والرياضيات والكيمياء وأسرار الأفلاك، وسبل التوصل إلى مسارب البحار، وأصحاب أول ساعة أذهلت الملك (شارلمان). لقد مرت أمتنا عبر مسالك ملتوية حافلة بالحروب، والمجاعات وكل إشكاليات الغزو، وتنوع الغزاة، واختلاف مغزى غزوهم، اشتركوا معاً في السلب والنهل من كنوزنا، واشتركوا من غير اتفاق ترك الخراب القائم في كل مناحي الحياة، إضافة إلى ما تركته الحكومات الشمولية من ترسبات، وعوائق قد تدفعنا لسنوات ثقيلة، ننهمك بمعالجة سبل التخلص من تركاتها، قبل البدء بمشروع التنمية النهضوية لرسم خرائط جديدة، تستوعب مكنوناتنا وأحلامنا المؤجلة. لقد أوصلتنا الدكتاتورية في تونس الحبيبة إلى عنق الزجاجة كما أوصلت نفسها، وها هي الآن تقصينا من الإصلاح بعد أن أصبح الإصلاح ضرورة لها قبل غيرها، بعدما جفت دماؤها ونخرها الفساد. أليس هذا دليل قاطع وربما حاسم على أن النظرة السياسية لأية سلطة توليتارية غالباً ما تكون ضئيلة الزاد في سفر التقدم، وأن لغة السياسة بعد تجارب مريرة وخسران مبين، بدأت تستلين أمام لغة الثقافة بعدما وعت أنها لغة الحياة المتعافية..!! الاعتراف بالثقافة: لابد من الرجوع إلى التجارب السابقة لأخذ ما يناسبنا وينقذنا من آفة الانحلال الذي بات يشغلنا، بل ويلجم كل فرصة مؤهلة للنهوض، فالتجربة أستاذ ولكن بنفقات باهضة على حد قول أحد المثقفثن، مهما تكن الخسارات والتضحيات فالنتائج والحلول الشافية لعلاتنا المستعصية ستدفع أثمان الخسائر المهدورة على وتيرة متصاعدة، إذ ليس من المستحسن عزل فئة متنورة قادرة على تحمل المسؤولية والمضي إلى نهاية الشوط عن قيادة القافلة النهضوية، لردم فجوة النكبات. المثقفون فئة نشطة لمّا تزل تتشبث، رغم حراجة المواقف وصلابتها وقلة الحيّل والتهميش المتعمد لهم، بالإرث المعرفي، فئة تنصهر على لهيب العوز والحرمان، بغية المحافظة على الجذور الرافدة لاخضرار شجرة الحياة كي لا تجف، هذه الفئة التي يراها (سارتر) « المثقف إنسان يتدخل ويدس أنفه فيما لا يعنيه » وقد لا نجد عيباً فيما ذهب إليه، طالما الثقافة ضوء ساحر، وخطر محظور اللجوء إليه في دولنا حتى في أحلك المراحل، من لدن المتنفذين وصنّاع القرار، فعملية حشر المثقف أنفه في كل محفل، ليس للتشميت، أو التلصص، بل هو مصل التعافي لكل جسد عليل، يفتقر إلى معين، لا يريد المثقف من ذلك غير مراقبة الوضع لحظات التأزم، ومعاينة أو تشخيص المسببات، وهو متأهب للتدخل إزاء كل انحراف يتعارض مع نهج المجتمع. أليس كلام (نابليون) اعتراف كامل بدور المثقف في قوادم السنين، حين قال « الخيال يحطم العالم » وأن رؤيته تستند على منهجيات دنيوية قائمة، وثوابت كونية آيلة للمثول، كون المثقف هو سائح مجاز وحامل مصباح في أرض الخيال، يبحث عن كل ما هو ملائم لمناخ مرحلته، طالما يجد نفسه الإنسان المثالي، وصاحب رؤية ومنطق عقلاني، ويستند في معالجة الأزمات على قوانين ثابتة، لاتتدحرج خارج فلك الإنسانية، وليس من المعقول أن تنفرد جهة ترى نفسها متعالية الخطاب لرسم المستقبل، ما لم تساندها جهات متنفذة، كون كل مشروع فكري مطروح للتنفيذ لابد له من راسم للفكرة، لابد له من مموّل، لدفع وشحن روح الفكرة، لابد له من حارس يقظ يقي الفكرة من عبث الرافضين، مع ضرورة وجود مروّج وناشر لتلك الفكرة، بغية زراعتها في كل مناحي الحياة، ولا أظن أننا قادرون في الضرف الحالي على توفير هذه التناصرات، طالما هناك سلطات تصنع الحواجز بين الثقافات داخل البيت الواحد، ولديها رقباء أمناء تتربص بكل ما هو يتقاطع مع أفكار بيئتها، حتى المعارض التي تطبّل وتزمّر لها أبواق السلطات غالباً ما تكون لمجموعة دور تتعامل بحساسية مع الحقائق، وكل ما يمس الكيانات، مع وجود عارض صادم أمام الباحثين عن الزاد المعرفي، هو غلاء الكتب ليكون في متناول فئة مقربة، بينما يدعو المثقفون إلى ضرورة إشاعة الثقافة الشعبية عبر توزيع المطبوع بطرق يسيرة غير مكلفة، أو بتغيير المناهج المدرسية العقيمة وتبديلها بثقافة الصدق الحافلة بكل إشكاليات الحرية الفكرية المنتجة..!! دواعي الحديث عن الثقافة: نحن الآن بالذات في تونس ننحشر في بوتقة خانقة، تتهاوى علينا تراكمات أخطاء أنتجتها مؤسسات استخدمت الهمجية لا المنهجية، لتجيير الواقع وربط رقاب الناس بحبل التجهيل، تاركة عذرتها، ابتغت تحقيق غايات جهنمية قبل أن تبتلعها رياح التغيير القادمة، لتنتج أو تقلب أحشاء ماضينا المتفاعل فينا أوان الضياع، وتفعّل ما هو هادم ومدمر ولاغي لكل حلم دثرناه بلهيب صبرنا، نحن الآن نصطلي على لهيب متصاعد في انتظار لحظة صحو، كي نحرر ذواتنا ونتخلص من الخمول المترسب قسراً فينا، هي ذي المرحلة الحاسمة بعدما نفدت الكثير من مراهنات المتشدقون بالتغيير، وتصدعت آراء أصحاب العقول اليسارية المنغلقة، والتي غالت دونما استحياء في تهويل النتائج اللاحقة لوقف الرياح، وإعادة السفينة المخطوفة من فك المتاهات، ودفعها من جديد صوب آتون ثقافتنا وحضارتنا. ربما نجد اليوم ورقة بغيضة أكثر فاعلية لإزاحة الشمس من أفقنا المأمول، تم اللجوء إليها وفق خطط مدروسة ومدعومة من جهات ما في ظل الفراغ الحاصل، جراء التخبط والتناحر خارج بيت الثقافة، أعني ورقة الإرهاب، التيزاب الذي لا يفرق بين معدن نبيل وآخر رخيص، ورقة تجفيف المنابع. لا ينكر أحد أن المثقف هو الكائن الأكثر حساسية في أي مجتمع تجاه المغالطات الحاصلة، لتصادم في الآراء السياسية البحتة، لذلك نجد المثقف أوّل من يلقي الحجر في البركة ليحرك مائها الراكد، ينفعل ويغامر وربما يتجاوز حدود السياسة، وهذا دليل متين على خالص حرصه وسلامة وعيه تجاه مجتمعه، نجده يؤهل نفسه أينما يكون موقعه لحمل مشعل التنوير، لإنقاذ أو إذلال المواقف الصلبة أمام المجتمع. تقول (مارجريت أويانك) مؤسسة صندوق بانيبال للأدب العربي في لندن: « هدفنا هو كسر الحاجز الذي بناه الغرب إزاء العالم العربي وثقافته، وموروثه الحضاري، وبالتالي فتح قنوات للحوار بين الشرق والغرب ». هناك من يعترف بقوة ثقافتنا وحضورنا الذي لابد منه، لإلهام الحياة بجوانب مضيئة ودافعة للسلام، وتنامي المعرفة وتلاقحها بين شتى الأمم. المثقفون عقول متنورة قرأت كتاب الحياة بعين محايدة، وتلصصت ببصيرة معرفية على الكنوز الحقيقية الراسخة في ضمير التاريخ. المثقفون يريدون للثقافة دوراً قيادياً في سلطة الحاضر لتبسيط العيش، وتخليص الواقع من الأزمات، وليس من المستبعد انزلاق شريحة من مثقفينا لها ثقل واضح في راهن حياتنا الثقافية، صوب أتون الإرهاب، هذا الإبتكار الجديد ففي النفس مناجم لا تسر، وربما منابت تدفع أوان الغبرة سموم فاعلة، تزيد من ضراوة المحنة وتسعير الموقف. الإنزلاق مشروع قائم، ما لم يتم تدارك الموقف قبل فلتان آخر خيط من يد المصير، آنئذ نواري ثقافتنا ربما لدهور قاحلة. هذا الإنزياح أو الإنجراف ناجم بطبيعة الحال جراء وقائع ملموسة تعج بها أيامنا، استنادا على ما جرى ويجري في يومنا هذا من انحيازات، وتكتلات وتلاسنات، دفعت ثقافتنا نحو خانق الحياة، هذه الهجمات على تراثنا وثقافتنا ليست اعتباطية النمو، بل هي وليدة جهات خارجية تعمل بخفاء لصالحها الخاص، تضخّ ما لديها من أموال مفتوحة، لكسب ودّ فئة تراها رهن اليد، أو غير محصنة إزاء لقمة العيش، مما تحصل فوارق وإنعزالات وتكتلات تهدم من الجدار الثقافي العام، إذا أخذنا بنظر الإعتبار ثقافة البلد سلة تلتئم فيها مجموعة متناصرة من ثقافات متنوعة، تنتجها أطياف جمعتهم جغرافية محددة من الطبيعة. لكن الذي يصدم ويرعش تلك الهوة التي تنمو لتغدو آفة مرعبة، تلك العلاقة االهشة والمرتبكة بين المثقفين، تتجلى المماحكات والمهاترات الشخصية، فيما بينهم سواء في الندوات والدعوات وحتى في عمليتي النشر والنقد، تضفي تلاوين سمجة تقلل من هيبة الكلمة الصادقة، وأثرها في البناء النفسي لمجتمع يريد أن يتحرر من كوابيس مظلمة وظالمة. وهذا الانجراف أو الخضوع لفلسفة الذات المتعالية، ناجم إمّا عن ضحالة الفكر الثقافي لدى من يخبأ في ذاته بذور الحقد والكراهية، وربما يتعذر عليهم التماس سبل التخلص من تركة سياسية قاسية، وترسبات علمانية راسخة في أعماقهم، جراء عدم تطهير الذات بثقافة نظيفة شاملة المعنى والغايات، وتهيئة العقل لمسايرة الحياة الراكضة قدماً مع الركب الإنساني الناهض. هذه الفئات التي ماتكون غالبا تتحكم في الغير، يمكن أزاحتها لو تم تأسيس مؤسسة تقودها فئة نزيهة غير موالية لأي شق كان، تسهر وتضحي من أجل النهوض، ويمكننا أن نستدل على ما ذهبنا إليه، من خلال تسليط نظرة على ما تبرزه هذا الكم الهائل من الصحف والمجلات الحكومية، وإصرارها الحريص على ضرورة التمسك بثقافة الرقص والميوعة وتهييج الشباب الغير قابل للنقاش، وهنا يقفز إلى الذاكرة ذاك الدرس الذي تعلمته من أحد الشباب التونسيين في أحد الجلسات، التي تجمع أبناء الوطن الواحد هنا في إيطاليا من حين لآخر، في لومي على كثير من مظاهر التفسخ في بلادنا اليوم، فذكرني بموقف الرسام (مايكل أنقلو) ورده على البابا (جوليو الثاني) عند توجيه اللوم له والتقريع له كون لوحاته كانت تعج بالأجساد العارية، دعاه للتفرغ إلى واجبه المقدس بتغيير العالم، كي يتمكن هو من تغيير الأجساد العارية في لوحاته.. لقد قال يومها: أن العالم فاسد وما تنتجه العبقرية الفنية مجرد إفرازات حيّة وأسئلة فاضحة ليس إلاّ للواقع المريض..!! هذا النهج الذي اتخذته الحكومة اليوم والقاضي بإقصاء كل من هو متمسك بعروبته وإسلامه، نهج لا يصالح متطلبات المرحلة الساخنة، ولا يرضي أطراف لديها وجهات نظر مغايرة. يقول الروائي الجزائري واسيني الأعرج « الفن في بلادنا ليس ترفاً إنه الحياة ذاتها، وإلاّ ما الخيارات الموضوعة أمامنا كي لا نجن ». فالمثقف العربي المخلص الغيور اليوم والتونسي خصوصا دفع صوب محرقة المنافي، كي ينشغل بمواجيد الغربة أكثر مما ينهمك بتنمية مشروعه الفكري، وتوظيفه لصالح مجتمعه، فالسلطة في بلدنا تعادي أصحاب النظرات المستنيرة إسلامية كانت أو تحررية، والثقافية الوطنية، كونهم شربوا من رحيق الفكر النابع من منابع فطرة الإنسان… إشكالية الحرية الثقافية: إن المشكل الرئيس للمثقف التونسي هو عدم توفر نسمات حرية، أو فضاءات تستوعب فلسفته الفكرية، كي ينسلخ من الأشواك العالقة بجذوره، لينطلق في أداء دوره المعجزاتي إن جاز التعبير، فهو لا يريد سوى مساحة مناسبة خالية من أعين تتلصص، أو أبواق حاقنة من وراء الكواليس، تبتر ما يريد قوله، أو التصريح به. فضاء الحرية حاضن خصب لبلورة ما لدى كل مثقف من أفكار وإبداع، وإنضاجه قبل حقن مرحلته بمصل الحقائق والنقاهة براحة ضمير، كون المثقف كما يرى الروائي سعد محمد رحيم « يرى أبعد وأعمق من العقائدي المتعصب والسياسي التقليدي ورجل السلطة.. قادراً دوماً على اكتشاف الخلل، وعلى إنضاج تصوراته بشأن الحاضر والمستقبل، ويمتلك الجرأة في أن يعترف بخطئه إذا أخطأ، وأن يقول ـ لا ـ كلما وجب ذلك ». نجد حتى الذين لم تطلهم المنافي أو السجون من مثقفين، رفضوا مجافاة الحقيقة أو التخلي عن مبادئهم، رغم أنهم  تعاملوا بحساسيتهم السابقة مع منجزهم الثقافي، ناهيك أن الغالبية ظلّت متسترة أو لبست لبوس التمويه، وقامت بحجب ما كان يقولونه نتيجة التابوهات الملاحقة، وأساليب السلطة الشيطانية، لخنق المعرفة وعدم ترويجها، أو حتى السماح لها عبور الحواجز بين الدول من خلال تناصرات، استنزفت الكثير من المال تحت يافطة التعاون الثقافي، وما شابه ذلك من مسميات كانت تؤسس لنفسها خنادق خانقة لكل صاحب قلم رشيد، أو فكر مضيء، تلك التناصرات كانت تستهلك الكثير من المقدرات بين الدول الرافضة لدور الثقافة الصادقة في حياتها، هذه الحسّاسية المتشبثة في الذات من قبل أصحاب الرؤى، أسدت لهم ما كان يبتغونه وهم خارج طوق المخالب ومقامع الحديد، لقد أنقذتهم حسّاسيتهم من أعين الوشاة، أو على أقل تقدير مكّنتهم من دفع مخالب الشر عن أهاليهم. وإذا كان منجزهم الثقافي ما يزل نائياً عنّا، فهو يرجع إلى تغوّل الدولة الخانقة والمانعة لكل ما له صلة بالثقافة الأصيلة لتلك البلاد، وعدم وجود مؤسسات ثقافية نزيهة تسوّق وتروج لكل ما هو واقع ومواكب لمرحلتها. ولن يحصل هذا ما لم تتجرد الكيانات السياسية من التشبث بالرقص والمجون كثقافة لإثبات وجودها، كي يتمكن المثقف أن يتنشق عطر العافية، ويبثّ أريج الثقافة إلى كل نفس تائقة لنسمات الحرية، وترجع خصوصاً الخائفين منها إلى التفكير المنطقي، والإبتعاد عن ماضيهم الملوّث، عندها يخلو الضمير ويتهيأ لمرحلة جديدة خالية من ألاعيب السلطة ومسالكها التجهيلية. مازلنا لم نخرج من حالة شمولية السياسة، وأحادية التوجه، وهذه إحدى الأسباب التي أوجدتنا في حالة غائمة ومغبرة يتعذر بيان مواطن الصحو فيها، ربما لوقت غير ممكن التنبأ به، ما لم يأتينا مطراً عاصفاً يزيح ما هو عائق، وينقي ما هو ملوّث وخابط كي نستدرك طريقنا. ثمة معضلة وخيمة تحول دون تيسير القافلة، بل السلطة اليوم تخدش بوضوح كل جدار يرتفع لستر الحياة من هبوب أعاصير غامضة الإتجاهات، تجتهد بشتى الوسائل والممكنات لجعل الساحة مفتوحة على كل الإحتمالات المساعدة لدوران الحياة باتجاه الظلام، هي معضلة سيادة التخلف، وهي بطبيعة الحال ليست عسيرة المعالجة لو أتيحت أو سمحت لعقول مؤهلة متنورة، تستطيع ردم فجوات الحلكة، وزراعة مصابيح النور في تضاعيفها، مازال معطف التخلف يستلقي على أكتاف ليس لديها الحرص على دفن ما هو خامل أو غير مجدٍ لمواكبة الحياة، ثمة من ينوء بتركة إديولوجيات استنفدت مقومات بقاءها جراء التعكز على تماثيلها الحجرية، والتي طمرتها مناخات سياسية متعاقبة بعد موت سدنتها، أنتجتها مؤسسات براغماتية، عملت بأساليب ماكرة على خلق التابوهات ومطبات الإنزياح عن حاضنات الآخر، خشية التلاقح والتجديد في الولادات الفكرية الخلاقة والصادمة لرؤاها. فبدون مؤسسة ثقافية فاعلة ومنتجة لن يتمكن المثقف التونسي من بلورة آراءه، واستخدامها مصابيح إنارة تضيء ظلام المرحلة. المثقف التونسي فرص عمله تستعمرها كيانات سياسية استحواذية، أتت بأشباه مثقفين، وأشباح موهوبين، لقيادة أعلامها، وحراسة ثقافاتها الخاصة، من خلال ماهو مطروح من خلال شاشة القنوات التلفزية أو على صفحات الصحف والمجلات المحلية. إذا ما أردنا أن نتجاوز الأزمات وإنقاذ سفينة البلد من الغرق، لابد من تسليم البيت الثقافي بالكامل لأعلام الثقافة التونسية غير المنحازة أو « المعشعشة » في أفياء الحزب الحاكم، أو التكتلات الإنتهازية، كي تكون العطاءات شاملة غير خاضعة لنفوذ أو تأثيرات الفئات المتنفذة. إننا نجد أهل الفكر والفن في وطننا يتفقون على أن الثقافة مصادرة مقموعة الهوية، يصفون ثقافتنا بسمكة أخرجوها من الماء وأجبروها العيش على اليابسة..!! الفاعلية الثقافية وقوة لغتها: الثقافة روح لا تموت برحيل الجسد أو تبديل الهيكل السياسي الحاكم، الثقافة الصادقة وثّابة أوان الغليانات الحياتية، الثقافة علاج نفسي بارع للمجتمع أوان العطب، مصل عطاء العافية لكل جسد محروم وعقل غائم، الثقافة كانت وما تزال مصدر قلق للساسة عبر العصور، ثمة حكمة تقول: « ذاك الذي يتكلم لا يعرف وذاك الذي يعرف لا يتكلم »، نجد في راهن الحياة أن السياسي أكثر تكلماً في شتى الميادين، لا يبغي سوى إقناع أكبر شريحة ممكنة لكسب الأصوات وحشدها ليوم الانتخابات، رغم أن في بلدنا السياسي وياليته سياسي غير محتاج إلى كثرة الكلام لأنه لابديل للمنتخب غيره، إن قبل انتخبه وإن لم يقبله انتخبه كذلك… بينما بات المثقف يراقب ويتكلم بصمت لوجود خطوط حمر تحجم دوره، إن وزير ثقافتنا اليوم يطبق قولة (روزنبرغ) وزير الثقافة النازية: « أن شخصية الفنان ينبغي أن تتطور بحرية، ومن دون أي تقييدات، والشيء الوحيد الذي نطلبه هو الاعتراف بأيدلوجيتنا ». قيد لابد منه، وهذا ما يشحن الحياة ويدفعها صوب المجهول لخلق أجيال كسولة أو خاملة العقول، كي تصدق وتصفق وفق أهواء أهل القرار. لم يدركوا أن الثقافة هي خبز الناس ووسادتهم في الحياة، لقد تجاهلت السياسة دور الثقافة التعبيرية النابعة من وعاء الضمير، وأقصت بكل وقاحة دور المثقفين من الواجهة، لما تحلّوا به من تواضع وتفان ونكران للذات، فهاهو الرئيس بن علي في عيد الثقافة نوفمبر 1991 يقول: « لقد أثبتت التجارب والتاريخ أن شعبنا عرف كيف يقف موقفا وسطا بين حدين، هما الإفراط والتفريط، فلم يفرط التونسيون في النقل عن نماذج غيرهم، ولم يفرطوا في أصالتهم العربية الإسلامية، وإنما كانوا دائما أمة وسطا وأهل اعتدال وتسامح ووفاق ». وهاهو (لينين) يقول: « لكل فنان الحق في أن يخلق بحرية ولكن علينا نحن الشوعيين أن نوجهه وفقاً لمتطلبات الخطة ». لابد أنهما رسما خطتهما لحجب النور من ليل الناس، كي يعانق رغباتهما. لايعرف السياسي العربي من ثقافة سوى تلك التي تقوده للتسيد على رقاب الشعب، من ماضي الحياة وحتى يومنا الذي سيطول..!! منطق الثقافة: المثقف المتجرد من أنويته لن تزحزحه الأهواء ولن تغريه عسل الحكومات، فهو الرافض للثورات من جهة، واللجوء إلى العصى من الجهة المقابلة لمعالجة المواقف المتأزمة، أو التمردات نتيجة سياسات الدولة الخانقة. مبدأ القوة بكل إشكالياتها يوّلد مضاعفات وحواجز بين الأطراف المتناحرة، لا بديل سوى الثقافة كونها الحوار المنطقي، لتجنب الإنشقاقات داخل الكيان الملتئم من أبناء الوطن الواحد. الحوار هو ديدن كل عقل ترعرع في ظل ثقافة صادقة، وحوار العقل أرحم وأنفع وأفعل دوراً لتجاوز النعرات وأختناقات الحياة. يقول أحد المفكرين الإيطاليين « ليس النضال الذي يدفعنا أن نكون فنانين، بل الفن الذي يفرض علينا أن نكون مناضلين ». هذا المفهوم يرينا من هو المناضل الحقيقي لحراسة الحياة من مخالب الأشرار، وإنقاذ الإنسان من جائحة العوز والحرمان وانتهاك الحقوق، إن المثقف هو مناضل من طراز عال، يريد عودة السلام وتساوي الإستحقاقات البشرية، بعيداً عن المكاسب والنفعيات الذاتية، وهو الرافض الوحيد للحدود والتقسيمات القاتلة لروحية الأمم،  وثقافاتها الإنسانية، هو يدرك أن زبد الحياة يزول وما يبقى سوى الموروث المعرفي، والذي يغدو جذور تخدم وتوجه الأجيال المتعاقبة. لقد ماتوا من أثروا حضاراتنا وبقت ملاحمهم الثقافية تنطق الحكمة، والمعرفة وتستنطق أفكارنا، وستنطق الأجيال اللاحقة. ليس بوسع دولة حديثة التطور والرقي أن تماشي العصر وترتكز على بنية تحتية صامدة، ما لم تفعّل دور الثقافة وتطلق نورها لخرق حواجز النفوس كي تذكي جواهرها المطمورة. فلغة السياسة مهما تعسّلت أو تسلفنت بالمنّ والسلوى، تبقى لغة غنائية تلتجئ إليها المصاغي اليائسة، لا العقول المتنورة، ربما اللجوء إليها هو لتكبيت هاجس مقلق أو قتل لحظة سأم، تحت وسيلتي الترغيب والترهيب، وليس هناك تصالح ضمني ما بين السلطة والثقافة، لأن لغة السلطة سياسة ولغة الثقافة معرفة. فالمثقف نهجه ولغته تستند على مرجعيات معرفية، وأسس متعافية لخلق الممكن من فضاءات الصحو، فإنسان اليوم ـ إنسان عصر الإنترنت ـ لديه من الوعي ما يؤهله لتخمين ما هو قابل للوقوع، من خلال ذاكرة أثخنتها إفرازات المتغيرات الإجتماعية، وذهاب الأحلام المؤجلة، وما كانت الحكومة تطلقها من باب الوعود. حقاً إن إسعاد المواطن لا تكلف كثيراً من التضحيات لو عرفنا، فالثقافة وحدها تنقي أجواء الذات من دمامل الشر، وتمنح فرص متاحة لخرق أي عارض طارئ. الثقافة عبر العصور منحت عيون أخرى للجسد البشري، وأهلّته لتحمل أوزار الحياة ونبذ ما هو مفتعل ومعسول لأغراض غير نبيلة. العلم نور والجهل ديجور، تظل الثقافة رغم أنف المتغيرات والتدخلات بكل إشكالياتها المنبر الحر والفاعل لصيرورة الحياة.. وفي الأخير ليس لدينا ما نوجهه لدولتنا التي أشاحت بوجهها عنا، أكثر من رؤية شاعر من أمريكا اللاتينية، حين عبر بكل جرأة عن دور الثقافة وفاعليتها في بناء أي مجتمع متنور صامد بوجه أعاصير المستقبل: « إن شعباً بلا شعر هو شعب بلا روح، وإن أمة بلا نقد أمة عمياء »…!!

 جامع الزيتونة.. منارة إسلامية تونسية

   

يجمع بين القواعد العلمية والأشكال الفنية العربية ويتميز بصومعته العملاقة وأبوابه وقبته الشهيرة وسط الأسواق التجارية العتيقة، وعلى بعد أمتار من المكتبة الوطنية ينتصب جامع الزيتونة المعمور بهندسته المعمارية الأصيلة التي جمعت بين القواعد العلمية والأشكال الفنية العربية الإسلامية؛ وهو يعد ثاني الجوامع التي شيدت في إفريقيا بعد جامع عقبة بن نافع بمدينة القيروان. ويتميز بصومعته العملاقة وأبوابه التي تفتح على أسواق المدينة مباشرة، وبقبته الشهيرة. تختلف الروايات حول بناء جامع الزيتونة، ولكن حسب أغلب المؤرخين فإن بناءه نسب إلى حسان بن النعمان فاتح تونس وقرطاجنة الذي أمر ببنائه أول مرّة سنة 79هـ لأنه لم يحتمل بقاء مدينة تونس من دون جامع بعد فتحها. وتحكي إحدى الروايات التاريخية أن الجامع بني في موقع كان فيه برج لبعض الرهبان النصارى وإلى جانب البرج كانت تتواجد شجرة زيتون ومن هنا جاءت التسمية، ثم شهد الجامع توسعة أولى سنة 144 هجري، أمر بها الأمير عبد الله بن الحبحاب وفي سنة 250 هـ أمر الخليفة العباسي بهدم البناء القديم وإعادة بنائه من جديد على مساحة أوسع وهو البناء القائم الآن. ومن أهم الملامح الأثرية التي يمتاز بها جامع الزيتونة، قبة المحراب التي تحمل أقدم وأبدع زخارف الفن الإسلامي في تونس؛ ومنبر السياج الخشبي الذي يعد من أقدم المنابر في العالم بعد منبر جامع عقبة بالقيروان؛ وقبة البهو المشرفة على قبلة الصحن فهي غاية في الأناقة؛ وباب المقصورة التي بها المكتبة، وهي تحفة فنية رائعة وشاهد على أهم خصائص فنون صناعة وتخريم الخشب التونسي. وتعد   الختمة   التي كتبت أيام تاج الدين البكري أجمل ختمة في البلاد التونسية وهي عبارة عن تحفة فنية. وفي بداية القرن السادس عشر ميلادي أضيف إلى الواجهة الأمامية للناحية الشرقية رواق من الأعمدة القديمة التي تعد أكثر من 180 عموداً من المرمر، تم جلبها من آثار مدينة قرطاج، كذلك بناء صومعة جديدة عوضت سنة 1834 م ببرج يبلغ طوله 44 متراً بحجة أن الصومعة لم تكن عالية بما فيه الكفاية؛ وقد استوحى تصميم البرج من صومعة جامع القصبة   الحنفي   بطابعها المعماري الأندلسي، علماً أن الأخير يبعد 400 متر عن جامع الزيتونة. جامع الزيتونة والإشعاع الديني كان جامع الزيتونة في ما مضى من الزمن مقصداً سياسياً ودينياً، حيث كانت تبرم فيه العقود والصفقات الاقتصادية، ولكن مع مرور الزمن، فقد هذه الصبغة واقتصر على دوره على تقديم العلم؛ فأشع بنور علمه على مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وكان له الفضل في تخريج نخبة من العلماء والمصلحين والمجتهدين النابغين الذين نالوا شهرة أمثال العلامة عبد الرحمن بن خلدون والشيخ محمد بن مصطفى بيرم المعروف ببيرم الخامس والإمام بن عرفة والإمام سحنون والشيخ إبراهيم الرياحي والشيخ محمد الخضر حسين والشيخ عبد العزيز الثعالبي والعلامة محمد الطاهر بن عاشور وكذلك ابنه محمد الفاضل بن عاشور والمصلح الاجتماعي الطاهر الحداد وشاعر تونس الكبير أبو القاسم الشابي وغيرهم.   (المصدر: جريدة الرأي ( يومية _ الأردن ) بتاريخ 12سبتمبر 2008)

 

Home – Accueil الرئيسي

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.