الثلاثاء، 31 يناير 2012

 


TUNISNEWS
 11ème année, N°4232 du31.01.2012
archives : www.tunisnews.net


كلمة: نقابة الصحفيين توجه رسالة إدانة إلى المشرفين على جريدة « المغرب »

بيـــــــــان :الرابطــــة التونسيـــة للدفـــاع عن حقـــوق الإنســان

كلمة:المحكمة العسكرية بصفاقس تؤجل النظر في قضية الشهيد الحضري الى 12 مارس

الصحافة:انتخاب تونس نائبا ثانيا لرئاسة المنظمة لمنطقة شمال القارة

منتدى ابن رشد المغاربي جمعية مركز الاسلام والديمقراطية بتونس :البيان الختامي لندوة العلاقات التونسية الامريكية بعد عام عن الثورة

رسالة الصادق شورو إلى مدير تحرير الصباح

الصباح الأسبوعي:وقفة احتجاجية: أحزاب « الورق »

الصحافة: سياسيون وخبراء يتحدّثون لـ «الصحافة الاقتصادية»: كيف تحقق تونس وليبيا النموّ الاقتصادي المطلوب

الصباح الأسبوعي:قائد السبسي والورقة الأخيرة

الشروق: في ندوة النقاب بين الحرية الشخصية ومقتضيات الواقع

الصباح الأسبوعي: أحزاب الشابي وابراهيم وياسين ابراهيم ومرجان وقائد السبسي يغازلونهم: المنسحبون من « التكتل » في « الميركاتو »

الشروق:السيد عبد الحميد الجلاصي عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة: نفرق بين حق التعبير وانتهاك المقدسات وندعو الى التركيز على دقة المرحلة

الصباح الأسبوعي: ملف: سنوات الجمر « تحرق » التونسيين: »النهضة » تتأرجح بين حمائمها وصقورها.. فلمن الغلبة؟

يسري الساحلي: إما نازا و إما نازية

نورالدين المباركي:الصورة المقلوبة !

مراد ماني: بين اتحاد الشغل واتحاد الفاضيين الشغل: أو الاتحاد الأخ الغير شرعي للتجمع الدستوري الديمقراطي

حمادي الغربي :الغيرة السياسية القاتلة في تونس

الجزيرة: انتخابات مصر هزمت المخاوف الأمنية

الجزيرة:هل بدأت ثورات الربيع العربي بالهدوء؟


نقابة الصحفيين توجّه رسالة إدانة إلى المشرفين على جريدة « المغرب »

وجه المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين اليوم رسالة إلى السيد « عمر صحابو » المدير المسؤول ومؤسس جريدة « المغرب » اليومية، والصحفي « زياد كريشان » رئيس تحرير الجريدة، وذلك على خلفية فبركة الجريدة لصورة غلاف عدد يوم أمس الأحد، و المصاحبة لخبر المسيرة السلمية التي تم تنظيمها يوم السبت الماضي في العاصمة. واعتبرت الرسالة أن مثل هذه الممارسات مخلة بأخلاقيات المهنة وشرفها، كما اعتبرتها نقطة سوداء لا تساهم في الدفع بالصحافة أو تقدمها. كما أدان المكتب التنفيذي هذا السلوك بشدة وشدد على ضرورة عدم تكرره. مزيدا من التفاصيل حول هذه الرسالة مع السيد المنجي الخضراوي كاتب عام نقابة الصحفيين التونسيين: ومن جهتهم، حمل مشرفو الجريدة مسؤولية هذه الفبركة إلى عضو من أعضاء قسم الإخراج الصوري، وقالوا أنه قد تم فصله عقابا على ما أقدم عليه دون استشارة المشرفين على القسم، وذلك حسب الاعتذار والتوضيح الذي ورد في عدد اليوم من الجريدة.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية بتاريخ 30  جانفي 2012)

الرابطــــة التونسيـــة للدفـــاع عن حقـــوق الإنســان Ligue Tunisienne pour la défense des Droits de l’Homme  

تونس في 30 جانفي 2012  

بيـــــــــان

تابعت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بكل إنشغال الإعتداءات التي تعرض لها بعض أعوان الأمن الداخلي ببعض جهات البلاد  و ذلك أثناء القيام بواجبهم. و الرابطة إذ تدين بشدة هذه الإعتداءات و تعبر عن تعاطفها مع الضحايا وعائلاتهم فهي تدعو كل مكونات المجتمع المدني إلى الدفع نحو تحييد المؤسسة الأمنية و تأهيلها  في إطار الإنتقال الديمقراطي و إعادة هيكلتها بما يجعلها  في خدمة المواطن و القانون لا في خدمة أي شخص أو أي طرف سياسي مهما كان موقعه في السلطة أو في المعارضة.   عن الهيئة المديرة الرئيــــس عبد الستــار بن موســى

المحكمة العسكرية بصفاقس تؤجل النظر في قضية الشهيد الحضري الى 12 مارس

أجلت المحكمة العسكرية الدائمة بصفاقس في جلستها المنعقدة اليوم النظر في قضية قتل الشهيد سليم الحضري من طرف عون أمن إلى يوم 12 مارس المقبل، و ذلك بطلب من المكلف بنزاعات الدولة بحق وزارة الداخلية . المحكمة قررت أيضا الرجوع إلى الطب الشرعي لتحديد نوعية السلاح الذي استعمل في هذه الجريمة ، كما رفضت طلب الدفاع الإفراج عن المتهم في القضية .

(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية بتاريخ 30  جانفي  2012)

انتخاب تونس نائبا ثانيا لرئاسة المنظمة لمنطقة شمال القارة


أديس أبابا (من مبعوثة وات/ منى مطيبع)
انتخبت تونس بالإجماع في منصب النائب الثاني لرئاسة الاتحاد الإفريقي لمنطقة الشمال حسب ما صرحت به الناطقة الرسمية للاتحاد حبيبة الماجري. وأبدت تونس خلال الدورة الثامنة عشرة لقمة الاتحاد الإفريقي التي انطلقت أشغالها أمس الأحد بأديس ابابا إرادة راسخة للاضطلاع بـ »دور نشيط » على الساحة الإفريقية بعد غياب عن الهياكل الإفريقية دام لسنوات طويلة. وأكد الوزير المستشار لدى رئاسة الجمهورية المكلف بالعلاقات الديبلوماسية عبد الله الكحلاوي انه تم تعيين التونسي منذر الرزقي في منصب مدير مكتب منظمة الوحدة الإفريقية بطرابلس. ويضم الاتحاد الإفريقي حاليا ثلاثة مكاتب بكل من ليبيا وسييرا ليوني وساحل العاج وهي ترجع بالنظر إلى لجنة « السلم والأمن ». وقد أحدثت هذه المكاتب بالمناطق التي شهدت نزاعات من اجل المساهمة في جهود إعادة البناء. وتجدر الإشارة إلى أن أشغال الدورة 18 للمنظمة الإفريقية استأنفت الاثنين في جلسة مغلقة بالمركز الجديد للمؤتمرات التابع للاتحاد الإفريقي بأديس أبابا. ويتضمن برنامج عمل الدورة اجتماع رؤساء الدول والحكومات الإفريقية وانتخاب رئيس ونائب رئيس اللجنة الإفريقية وتعيين مفوضين للاتحاد الإفريقي بالإضافة إلى تعيين عشرة أعضاء جدد لمجلس « السلم والأمن ».
(المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30  جانفي  2012)

منتدى ابن رشد المغاربي جمعية مركز الاسلام والديمقراطية بتونس

نادي الصحافة البيان الختامي لندوة العلاقات التونسية الامريكية بعد عام عن الثورة :

تحديات ومخاطراقتصادية وامنية وسياسية بالجملة تستوجب  » مخطط مارشال  » لفائدة تونس


نظم نادي الصحافة لمنتدى ابن رشد المغاربي للدراسات وجمعية مركز دراسة الإسلام والديمقراطيّة ملتقى حوار مفتوح شارك فيه عشرات من الاعلاميين والشخصيات الوطنية من مختلف الاتجاهات حول : « العلاقات التونسيّة الأمريكيّة بعد عام من الثورة  » وكان ضيفا الحوار الخبيران في الشؤون الامريكية والدولية وملفات الاسلام السياسي ويليام زرتمان William Zartman( الباحث في جامعة جون هبكنز – واشنطن) والدكتور رضوان المصمودي رئيس جمعية مركز دراسة الإسلام و الديمقراطيّة بتونس . وقد ترأس الندوة وأدارالحوار الجامعي والاعلامي الاستاذ كمال بن يونس رئيس منتدى ابن رشد المغاربي للدراسات الذي أثار في افتتاح اشغالها عدة تساؤلات لا تزال تنتظر اجابة بعد عام عن اندلاع الثورة التونسية والثورات العربية من بينها : + لماذا تخلّت أمريكا عن حلفاء استراتيجيين في المنطقة مثل بن علي ومبارك وعن اصدقاء تحالفوا معها في مخططاتها الامنية وحروبها ضد الارهاب مثل علي عبد الله صالح ومعمر القذافي؟ +كيف ينظر الأمريكيّون إلى الثورة التونسيّة والثورات العربية بعد عام من اندلاعها وتراكم الصعوبات الاقتصادية والامنية ؟ + كيف تنظر أمريكا إلى صعود الإسلاميّين الى الحكم والى تنامي تاثير السلفيين في عدد من الدول العربيّة بعد اول انتخابات تعددية تنظم فيها؟ + ما هي آفاق تطوير العلاقات الاقتصادية بين أمريكا وتونس بعد استفحال معضلات البطالة وعجز الميزانية ؟ + هل من الوارد الحديث عن « خطّة مارشال » جديدة لدعم الإنتقال الديمقراطي في تونس ودول الربيع العربي؟ وقد اعتبر الخبير الامريكي زارتمان في اجاباته ان  » انهيار نظام استبدادي ـ مثل نظام بن علي في تونس ـ كان معجزة وجلب احتراما كبيرا للشعب التونسي دوليا وفي الولايات المتحدة الامريكية لعدة اسباب من بينها الصبغة السلمية للاحتجاجات الشعبية التي ادت الى الثورة. » واورد زارتمان ان  » درجة نجاح القيادات التي افرزتها انتخابات 23 اكتوبر الماضي في تلبية المطالب الاجتماعية والاقتصادية وتكريس التعددية السياسية ستحدد مصير الثورة التونسية ومستقبل حكومتها والديمقراطية الجديدة بزعامة اسلاميين من حركة النهضة وحلفائهم ». واستبعد زارتمان ان تسمح الظروف الاقتصادية الحالية للولايات المتحدة بتقديم مساعدات مالية هائلة الى تونس مماثلة لمخطط مارشال الامريكي بعد الحرب العالمية الثانية في دول اوربا الغربية . كما دعا الدول العربية الى المراهنة اكثر في المرحلة القادمة على تطويرالشراكة جنوب جنوب ومبادلاتها البينية . لكن الخبير الامريكي اعتبر ان من ابرز شروط نجاح مسار بناء الاتحاد المغاربي حسم الخلافات الجزائرية المغربية وملف الصحراء الغربية . لكن رئيس جمعية مركز الاسلام والديمقراطية بتونس رضوان المصمودي اعتبر ان واشنطن مطالبة باعلان  » مخطط مارشال  » جديد دعما للديمقراطية التونسية ولثورتها السلمية . واعتبر ان من الممكن ان تقدم واشنطن مساعدة مالية سنوية لا تقل عن 5 مليار دولار سنويا لمدة تستمر 5 اعوام الى جانب تشجيع المستثمرين الامريكيين والغربيين على الاقبال على تونس  » اذا توفرت عدة شرروط من بينها تحرك مجموعات ضغط تونسية شعبية وديبلوماسية في هذا الاتجاه داخل الولايات المتحدة ومؤسسات صنع القرار فيها ». وقد شارك في الحوار الديبلوماسيان والوزيران السابقان احمد ونيس وحاتم بن سالم والعجمي الوريمي عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة واعلاميين وسياسيين مستقلين أومعارضين للحكومة الترويكا الحالية . وقد اثار بعض المتدخلين من بين الاعلاميين وممثلي المجتمع المدني ـ مثل الجامعي والحقوقي حمادي الرديسي والاعلامية هاجر الجريدي ـ تساؤلات حول جدية الحديث اليوم عن « احترام قيادة النهضة وحكومتها للقيم الديمقراطية الكونية  » التي تبرر مطالبة واشنطن والعالم بتقديم دعم مالي وسياسي لتونس الجديدة . واعتبر عدد من المتدخلين ان الاخفاقات والمشاكل تفوق الانجازات ومؤشرات الاصلاح . وحذر بعض المتدخلين من سلبية تعامل الحكومة مع بعض ظواهر العنف والتطرف التي اقترنت بنشطاء من التيارالسلفي . لكن ممثل قيادة حزب النهضة السيد العجمي الوريمي اورد ان حزبه سيظلب وفيا للمبادئ التي اعلن عنها قبل الانتخابات وعلى راسها احترام حقوق الانسان والتعددية وقيم الوسطية والاعتدال . كما اعلن ان حزب يؤمن بالتوازن في علاقات تونس الخارجية حتى تلعب الديبلوماسية دورا فعالا في رفع التحديات الاقتصادية والامنية الخطيرة التي تواجه تونس والدول العربية منذ اندلاع الثورات الشعبية . كا افرز النقاش تساؤلات حول جدية احترام واشنطن لحقوق الانسان والديمقراطية بسبب ما اسموه سياسة المكيالين في سياستها الخارجية عندما يتعلق الامر باسرائيل والشعب الفلسطيني والدول العربية . كما وجهت انتقادات لاسرائيل بسبب سجلها في مجال انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية. لكن الخبيرين زارتمان والمصمودي اعتبرا ان فرص نشر السلام والديمقراطية كبيرة جدا اليوم في كامل العالم العربي والشرق الاوسط بفضل الثورات الشعبية . وانتقد زارتمان رئيس الحكومة الاسرائيلية ناتنياهو والسياسيين الاسرائيليين الذين اعتبروا ان » اسرائيل سوف تصبح في خطر بعد الثورات الشعبية العربية وتنظيم انتخابات ديمقراطية فيها « .
عن الندوة رئيس منتدى ابن رشد المغاربي: كمال بن يونس
رئيس مركز الاسلام والديمقراطية: رضوان المصمودي

بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله

تونس 29/1/2012

من : الصادق شورو إلى : مدير تحرير الصباح


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته أرجو نشر هذه الكلمة بجريدتكم بموجب حق الرّد على ما جاء من كلام فيها حول كلمتي بالمجلس التأسيسي إنّ ما جاء من تعقيب على كلمتي بالمجلس التأسيسي بعضه يدلّ على أن أصحاب التعقيب قد وعـوا جيّدا ما قد قصدته من كلمتي و لكنهم أرادوا أن يوظّفوها لشنّ حملة إعلامية ضدّي أحسب أنها ستنقلب عليهم كما ينقلب السحر على الساحر . إنّ سياق كلمتي كان واضحا و هو التعليق على كلمة رئيس الحكومة في المجلس التأسيسي حول الوضع العام بالبلاد, و في هذا السياق أردت التأكيد على بشاعة جرائم الذين أحرقوا المؤسسات العمومية كالمحاكم و مقرات الولاية و المعتمدية و عطّلـوا الإنتاج في المصانع و المنـاجم و اغتصبوا أموال الناس بالقـوة وانتهكوا الأعراض و الحرمات , فسٌقت آية المائدة » إنّما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعـون في الأرض فسادًا… » للتأكيد على أنّ بشاعة تلك الجرائم تقتضي أن يسلّط على مرتكبيها أشدّ العقـــــاب بمقتضى القانون المعمول به في بلادنا . و إنّي على وعـي تــام بأن كلامي لا يشمـل الذين اعتصموا أو تظاهـروا للمطالبة بحقّهم في العمــل و العيش الكريم, لأنني أعلم أن حقّهم هذا هو حق مشروع المطالبة به بالطرق المدنية السلمية هو حق مشروع أيضا و ليس لي و لا لأحد من الناس أن ينازعهم فيه, و الذي يؤكّد ذلك هو أنّي اضطهدت كأشدّ ما يضطهد به إنسان بسبب ممارسة ذلك الحق فلا يعقل أن أعترض على عمل قمت به بنفسي و اضطهدت من أجله . و إنّي لا أعجب من قوم يدّعون الدفاع عن حرّية التفكير و التعبير كيف يستنكرون على من يستشهد في كلامه بآيات من القرآن الذي هو كلام الله العزيز الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد, بينما يعطون لأنفسهم حق الاستشهاد بكلام بشر خطؤهم أكثر من إصابتهم. فهؤلاء القوم قد قال الله تعالى فيهم : »و إذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة و إذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون » . و معنى هذا الكلام أنّ هؤلاء القوم إذا قيل لهم :قال الله… اشمأزّت قلوبهم و استنكروا كلام الله و استبشعوه, و إذا قل لهمقال ينين أو قال ماركس أو قال جان جاك روسو, استبشروا و أذعنوا و استحسنوا ذلك الكلام . و إنّ هؤلاء القوم يجادلون في آيات الله دون أن يعلموا حقيقتها و لا معناها و لا تأويلها الصحيح و لا سياقها الصحيح, و إنّما هم قرؤوها بخلفيات خاطئة و انطلاقا من أحكام مسبقة لا أساس لها من الصحة, إذ أنّ أكثرهم ينطلقون من مقولة : »الدّين أفيون الشعوب » و من مقولة  » لا وجود لشيء إلا ما كان من المادة المحسوسة » فالله عندهم غير موجود لأنه غير محسوس, و غير ذلكمن الضلالات و المتاهات الفكرية البائسة. إنّ هؤلاء قد قال الله تعالى فيهم و هو أصدق القائلين : » و من الناس من يجادل في الله بغير علم و لا هدى و لا كتاب منير ثاني عطفه ليُضلّ عن سبيل الله له في الدنيا خزي و نذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ذلك بما قدّمت يداك و أن الله ليس بظلاّم للعبيد « . شكــرًا و الســلام

وقفة احتجاجية أحزاب « الورق »


بقلم محمد صالح الربعاوي
منذ 23 أكتوبر موعد أول انتخابات ديمقراطية تشهدها تونس غابت أخبار أحزاب الورق و »الكرتون » التي قد يصل عددها إلى 100 حزب بعد ان أشبعتنا وعودا وهمية في حملاتها الانتخابية تراوحت بين: من سيخفض سعر الخبز الى 100 مليم، ومن سيفجر آبار البترول، ومن يتعهد بتوفير 800 ألف موطن شغل، بل منهم من وعد بإنجاز نهر اصطناعي عظيم بالصحراء التونسية ليحول المثلث الجنوبي الى جنة على وجه الأرض. لكن اندثرت هذه الأحزاب «الديكورية» وضاعت في الزحام بعد ان تلقت صفعة قوية لم تمكنها من بلوغ دائرة أحزاب «الصفر فاصل» -رغم رفضي لهذا التصنيف الذي يستخدمه «النهضاويون» شتيمة للأحزاب اليسارية- بل ان هذه الاحزاب «الكرتونية» قد «لهفت» مليارين و690 الف دينار وهي مطالبة اليوم بإعادتها الى الخزينة العامة لانها ملك للمجموعة الوطنية ويمكن الاستفادة بها في هذا الوقت بالذات في بعث بعض المشاريع التي توفر مواطن شغل. لا نريد أحزابا تتحرك «ماكينتها» ويرتفع هديرها ويكثر ضجيجها إلا مع أحداث تهتز على وقعها البلاد بل انها لا تنفض الغبار عن رفوف مكاتبها لتحبير بعض بيانات التنديد او المساندة «السمجة» لتسجيل حضورها الا بعد «الهمز» و»اللمز» دون ان نتحدث عن الأحزاب التي «ماتت سريريا» مباشرة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات التي جاءت بمثابة «الصدمة» التي أعادتها الى وعيها لتتأكد انها من وزن «الريشة» ان لم نقل أقل. لسنا في حاجة الى احزاب «عرجاء» يطرح وجودها أصلا ألف سؤال وسؤالا فأين كانت هذه الأحزاب لما كانت أجساد الفقراء والمهمشين «ترتعد» من جراء الفيضانات او موجة البرد التي شهدها الشمال الغربي إذ لم نلمس منها مبادرة فعلية لمساعدة المحتاجين والوقوف الى جانب المنكوبين؟ لماذا تخلت هذه الأحزاب عن مسؤوليتها في تهدئة الاوضاع في وقت كانت فيه عديد الجهات تعاني من الاحتقان وتغلي كالمرجل وهي تعلم ان اقتصادنا على مشارف الهاوية خاصة بعد ان أثبتت التقارير ان نسبة النمو بلغت 2 تحت الصفر وهي معطيات تدعو في الواقع الى الفزع وتحرك كل اصحاب الاطراف لاعادة الروح الى اقتصاد كان يحتضر قبل ان يستعيد حيويته ولو نسبيا؟ أين اختفت الاحزاب التي تركزت مكاتبها الرئيسية في بعض الجهات لما كانت عديد المدن تعيش انفلاتا أمنيا ولماذا تناست دورها في تهدئة الخواطر وتوعية الجماهير خدمة للوطن قبل كل شيء خاصة انه كان بامكانها ممارسة دورها التأطيري والتوعوي في سبيل المساهمة في اعادة هيبة الدولة امام ما نشهده من حوادث شملت حتى الاعتداء على اعوان الامن داخل مراكزهم في بعض الجهات. وأعتقد جازما ان مسؤولي هذه الاحزاب احترفوا فقط الانتقاد و »التنبير » في الزوايا وتخلوا عن مسؤولياتهم الحقيقية لذلك نقول لهم «حلوا» أحزابكم.. وارحلوا بلا رجعة.. واحترموا أنفسكم .. لأن المواطن لن يغفر لكم تخاذلكم اليوم لأنكم ساهمتم في ضبابية المشهد السياسي بما أثر على اختياراته.. ارحلوا.. ارحلوا.. ارحلوا…
(المصدر: « الصباح الأسبوعي »(أسبوعية – تونس) بتاريخ 30 جانفي 2012)

سياسيون وخبراء يتحدّثون لـ «الصحافة الاقتصادية» : كيف تحقق تونس وليبيا النموّ الاقتصادي المطلوب؟


الصحافة الاقتصادية:
مثّل مستقبل العلاقات الاقتصادية التونسية الليبية وسبل تطويرها موضوع العديد من الملتقيات الثنائية التي نظمت بتونس ببادرة من جمعيات اقتصادية وأخرى من طرف بعض المؤسسات الحكومية قصد تشخيص صيغ جديدة تكفّل انشاء نموذج شراكة جديد يكون أكثر تكاملا وقادرا على تحقيق تنمية سريعة في كلا البلدين. وفي هذا السياق، تعددت المطالب وتكاثرت الآراء لكن الهدف واحد جعل من تونس وليبيا قطبا اقتصاديا يحفظ خصوصيات كلّ بلد. ولمزيد تحديد هذه السبل، «الصحافة الاقتصادية»، رصدت مطالب بعض الأساتذة والسياسيين التونسيين والليبيين التي يرونها من مقوّمات تطوير العلاقات التونسية الليبية. تفعيل الاتفاقيات السيد محمد الأمين الشخاري، وزير الصناعة والتجارة، أوضح أنّ التوجّه السياسي المشترك بين البلدين من أهمّ المؤشرات الدالة على تمتين العلاقات الاقتصادية بين تونس وليبيا. وفسّر ذلك برغبة كلّ من البلدين في إرساء نظام سياسي ديمقراطي يقوم بالاساس على الشفافية ومحاربة الفساد والرشوة. وهذا ما يسهّل التعامل بينهما على أسس صحيحة. وأضاف «عندما نتفاهم سياسيا فيما بيننا، سنخدم اقتصادنا المشترك لأنّ المعاملات وقتها ستكون مؤطرة وشفافة». وبخصوص برنامج العمل المشترك بين البلدين، تحدّث السيد محمد الأمين الشخاري عن ضرورة تفعيل الاتفاقيات المشتركة بين تونس وليبيا في مجال المبادلات التجارية وتطويرها. وعن مجالات الشراكة الممكن تدعيمها مستقبلا، أوضح أنّ التجارة هي أهمّ المجالات لأنّ ممارستها سهلة حيث تتمّ في ساعات من الوقت وبربح لا بأس به. ثم ذكر البنية التحتية التي تتطلب حسب رأيه إصلاحا شاملا في وقت لاحق لأنها ستسهّل حركة التنقّل بين رجال الأعمال التونسيين والليبيين على حدّ سواء. وأشار في مجال الشراكة بين البلدين الى ضرورة تبادل قطاعات الاستثمار. وفسّر ذلك بتطوّر مجال الطاقة في ليبيا لذلك يجب على المستثمرين التونسيين دخول هذا المجال وفي المقابل يجب على المستثمرين الليبيين العمل في قطاع الفلاحة أو السياحة لأنّّها قطاعات واعدة في تونس. لا ضرورة لجواز السفر ومن جهته أوضح السيد عبد الله محمد فلاح، ممثل مجلس رجال الأعمال الليبيين ضرورة تسهيل المعاملات في السفر لمواطني البلدين، حيث يرى أنّ من السبل الأساسية لتطوير العلاقات الاقتصادية للبلدين أهمية إلغاء جواز السفر في الدخول والخروج من البلدين والاكتفاء ببطاقة الهوية لأنّ البلدين تجمعهما عديد النقاط على غرار توحّد الدّين واللّغة والحضارة والحدود وهي حسب رأيه «أكبر من طابع على جواز سفر أو أية تعطيلات جمركية». نفس الحلول يقترحها السيد نعمان الفهري، رجل أعمال اذ لا يراى دواعي لاستعمال جواز السفر بين البلدين تسهيلا لحركة تنقّل المستثمرين. كما أوضح من جهته أهمية سن مجلة استثمار موحدة بين البلدين تشمل نظم قانونية وقواعد عادلة لخدمة رجال الأعمال التونسيين والليبيين على حدّ سواء. هذه المجلة من مهامها «تحديد توجيهات واضحة للسياسات الاقتصادية للبلدين وتضمن حقوق الطرفين». وستعمل هذه المجلة الموحدة على تشخيص جميع الأطراف المشاركة التي ستعمل من أجل إنجاح هذه الشراكة من مؤسسات حكومية وخاصة ومجتمع مدني. بالاضافة الى تحديد مجالات الشراكة والأهداف لرجال الأعمال ودورهم في تفعيل بنود هذه المجلة. التركيز على اقتصاد المعرفة السيد أحمد الجهاني، مستشار لدى البنك الدولي ولدى المجلس الانتقالي الليبي، أشار الى ضرورة رسم خارطة طريق جديدة لدعم العلاقات بين تونس وليبيا. وأضاف «ليس المهمّ دعم هذه العلاقات بل الأهم جعل من تونس وليبيا قطبا اقتصاديا يجمع بين ثروات ليبيا والقدرات البشرية لتونس». ولانجاح هذا المسار الاقتصادي الجديد، حدّد السيد أحمد أولويات هذه المرحلة في تفعيل اتفاقيات الشراكة الممضاة بين البلدين والتي يبلغ عددها قرابة 80 اتفاقية بقيت أغلبها على الرفوف. وتوحيدها في اتفاقية واحدة تشمل كلّ القوانين والقواعد والأسس التي من شأنها أن تضمن دفع العلاقات بين البلدين. كما يرى ضرورة تباحث بعض المشاريع التي بقي تنفيذها معلقا رغم فعاليتها من ذلك برنامج السكك الحديدية والطريق السيّارة الرابطة بين البلدين بالاضافة الى ضرورة انشاء مناطق حرّة. بخصوص مجالات الشراكة يرى السيد أحمد الهجاني أهمية الاستثمار في اقتصاد المعرفة الذي يعتبره من الأسس الناجحة مستقبلا باعتبار أن العالم بحاجة إلى المعرفة والتجديد أكثر من مجالات تقليدية أخرى. وراهن في هذا السياق على أهمية العامل البشري في كل من تونس وليبيا خاصة الشابة منها التي تكثر في البلدين وبمستوى عال وكلهم من اصحاب الشهائد العليا. هذا العنصر راهن عليه السيد أحمد الجهاني واعتبره العنصر الفاعل لانجاح النموذج الاقتصادي المشترك لأن أغلبية الدول المصنعة تبحث عن طاقات شابة لتفعيل اقتصادها. ومن جهته، أوضح السيد علية بالطيب ـ كاتب دولة مكلف بالتعاون الدولي أن الظروف حتى وان بدت متقلبة في ليبيا فهي ملائمة للاستثمار لأنها فترة انتقالية وستنتهي. واضاف من المهم «التموقع جيدا في الاقتصاد الليبي لأن عديد المؤسسات الاجنبية تبحث عن الفرص للتمركز هناك». وطالب في هذا السياق بتفعيل القانون الخاص بالحريات الاربع المتفق عليها والخاصة بحرية التنقل بين البلدين وحرية السكن والتملك والاستثمار في كل من تونس وليبيا لان ذلك يسهل الاجراءات أمام المستثمرين ويكثر فرص العمل المشترك بينهم. كما أكّدوا جميعا في سياق حديثهم على ضرورة عودة الأمن والاستقرار لتوفير مناخ ملائم للاستثمار وبعث المشاريع سواء في تونس أو في ليبيا.
التقتهم : خالصة الحمروني
(المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية –تونس) الصادرة يوم 30 جانفي 2012)

قائد السبسي والورقة الأخيرة


بقلم نور الدين عاشور – يتحمله فيما مضى وبعضها إلى التقليل من شأنه، وبين هذا وذاك هناك من وجد في البيان ضالته بحكم المناخ العام السياسي والاجتماعي مرتئيا أن يكون قاطرة لتوحيد الصفوف أمام جملة من المخاوف على المدى القريب والبعيد لم يفت رئيس الحكومة السابق التركيز عليها. ولعل بعد كل ما أثارته المبادرة لا بد من طرح سؤال لوضع بيان قائد السبسي في سياق أشمل نجرّده من النوازع الفردية الضيقة وننزع عنه النظرة السياسوية، والسؤال هو: ماذا ينقصنا في تونس حاليا؟ بالتأكيد ينقصنا الكثير ولا يجب أن نخجل عندما نكتشف جملة من الحقائق ونتجرّأ على الحديث عنها إذ لا بد من الاعتراف أنه حينما يطرح سؤال من هذا القبيل تكمن أهميته في الآفاق التي يمكن أن يفتحها وليس لمحاسبة أيّ كان. في تونس اليوم هناك أزمة ثقة ومثلما تتفاعل كل أزمة وتؤدي إلى انعكاسات وتأثيرات، تحمل هذه الأزمة في طياتها بوادر مخاطر وانشقاقات وفتن، أما إذا أضفنا بقية الأزمات من اعتصامات وعنف على جبهات مختلفة ومحاولة احتواء الإعلام ومشاحنات سياسية في المجلس التأسيسي وخارجه وبداية انشقاقات فعلية في بعض الأحزاب، عندها يتعيّن دقّ ناقوس الخطر، ولا بد من أن ننظر إلى أنفسنا أي إلى أحوالنا في المرآة بتمعّن. وهناك نقطة يتعين التوقف عندها وهي أن البعض رأى في بيان قائد السبسي بديلا سياسيا في حين أن الكلمة لا تتماشى مع السياق الحالي للبلاد سياسيا واجتماعيا، فها نحن بدأنا نتحدث بعد ثلاثة أشهر من الانتخابات وشهر من تشكيل الحكومة الائتلافية عن بدائل أو نطرح بعضها. إن طرح مثل هذه البدائل من شأنه أن يخدم عدم الاستقرار لأنه يماهي منطق الثورة الذي يفترض أن يتوقف تلقائيا بمجرد تنظيم الانتخابات وهو منطق مازال ساريا بل يحكمنا في أكثر من مجال ويتحكم فينا بينما نعجز عن التحكم فيه وترويضه وتطويعه لأهداف أنبل وبالتالي فمنطق البديل يعني ضمنيا عدم ترك الحكومة تواصل مهامها مما يشكل دعوة صريحة إلى انقلاب على العملية الديمقراطية ككل. ومن بديهيات الديمقراطية وآلياتها -التي نحاول حاليا بناءها في تونس- هي ترك أية أغلبية نيابية أو رئاسية تحكم بلا عراقيل لكن مع المراقبة، بلا إثارة قلاقل أو افتعال المشاكل لكن أيضا مع إعداد حلول وصياغة اقتراحات. لا بدّ من ترك الأغلبية تحكم حتى وإن أخطأت، وإن كان لا بدّ من الخطإ فلنتحسب له، والاستفادة تكون جماعية أي ليس للحكومة وحدها، كلنا في هذه المرحلة معرضون للخطإ لأننا بصدد البناء، كلنا نجرب الديمقراطية دون أن يعني ذلك أننا نعمل بقواعدها ووفق أسسها، وبالتالي فإن أيّة حكومة في هذا الظرف عرضة للخطإ خصوصا أننا نعلم جيدا مدى تجارب وخبرة طبقتنا السياسية بمختلف أطيافها وألوانها. انظروا في ما حولكم في تونس بعد عام من الثورة، تمعّنوا في أداء الحكومة والنقاشات في المجلس التأسيسي وكيفية تعاطي الإعلام مع القضايا الكبرى الآنية و»تفاعلات» الرأي العام مع تلك القضايا لتتأكدوا أنه يلزمنا الكثير من الوقت لنتعلم تطبيقات الديمقراطية.. وهذا ليس استنقاصا لقدراتنا، بل هو حافز لنا. في ظل هذا السياق ارتأى قائد السبسي تقديم خياره ولا نقل البديل، وهي خيار واضح كشف عن أن الرجل حتى بعد مغادرته الحكم يتمتع بتحليل دقيق للوضع العام، بل وضع الإصبع على موطن الداء حينما دعا المجلس التأسيسي إلى التنصيص الصريح على فترة عمله وفترة الحكومة بسنة واحدة والاستعداد لانتخابات عامة في أكتوبر 2012. وقد أحسن رئيس الحكومة السابق التعرض إلى هذه الإشكالية التي يتخوف منها الكثيرون ولطالما حذروا من دكتاتورية جديدة وهو ما يحمل على الاعتقاد أن قائد السبسي أراد تنظيم صف الأغلبية الصامتة خصوصا أن بعض المظاهر من التشدد والتطرف وبعض التصريحات توحي بأننا سائرون نحو «كبسة» من شأنها خنق الحريات وكبت الأصوات وحمل الجميع على الاصطفاف قالبا واحدا وراء تيار سياسي تمثله النهضة سياسيا وينفذ تفاصيله السلفيون اجتماعيا. وإذا كان رئيس الحكومة السابق يرغب في إقامة تيار وسط يجمع مختلف القوى السياسية استعدادا للموعد الانتخابي المقبل فإنه ربما لم يدرس واقع الأحزاب جيدا، فهي في معظمها مازالت حديثة العهد، أما في ما يتعلق بالأحزاب الكبرى فهي تتصرف على شاكلة «الأخ الأكبر» الذي يعرف مصلحة غيره ويرعاها (!؟) مثلما كان الاتحاد السوفياتي السابق يتعامل مع بلدان أوروبا الشرقية. نحن إذن أمام مشروع جبهة سياسية أو حزب وسط كبير تحت التأسيس، ويكون الهدف واضحا خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار الكلمات المفاتيح الواردة في بيان قائد السبسي مثل: المسيرة الإصلاحية ـ التوازن السياسي – التداول السلمي ـ التوافق الوطني – آليات الحوار الوطني، وهي عبارات أرادها أن تكون محور البديل الذي يرتئيه. والبديل الذي يسعى إليه قائد السبسي يخصّ الاستعداد للانتخابات المقبلة، لكن خبرته وحنكته ستكون على المحك لأن جانبا من الأحزاب الكبرى أو العريقة تمثل هي الأخرى في حدّ ذاتها بدائل، ولا شك أن الذاكرة مازالت تحتفظ بسلوكيات تلك الأحزاب قبل انتخابات المجلس التأسيسي حيث تصرفت من منطق ضيّق مع ما رافقه ذلك من انتهازية وزبونية سياسية (clientélisme). والسؤال هو: هل ينجح قائد السبسي في مسعاه وهل لديه المقدرة على وضع الجميع الذين أبدوا تأييدا لبيانه تحت عباءته؟
(المصدر: « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) بتاريخ 30  جانفي  2012)

في ندوة النقاب بين الحرية الشخصية ومقتضيات الواقع :

جدال حول الحق في المعتقد…وسوسيولوجيا المجتمع التونسي


النقاب بين الحرية الشخصية ومقتضيات الواقع هو عنوان الندوة التي نظمتها جمعية وحريات… الندوة شملت جدلا حول «الحق» في النقاب…والجامعة…وسوسيولوجيا المجتمع التونسي. كما تساءلت حول أسباب بروز هذه الفئة بعد 14 جانفي…وكأنهن لسن بتونسيات بل قادمات من كوكب آخر!!. «الشروق» حضرت الندوة ونقلت أبرز ما جاء في الجدال الفكري… كما نقلت آراء حقوقيين وممثل وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية استهل السيد نور الدين الجبالي رئيس جمعية حوار وحريات حديثه بالإجابة على سؤال حول مدى أهمية طرح موضوع النقاب في فترة تتمكن بوجود أوليات أخرى يتحدث عنها الشارع التونسي مثل الحق في العمل وحل الوضعيات الاجتماعية والمسائل التنموية والمعيشية. وقال :«صحيح أن الانتظارات في هذه الفترة تتعلق بالتنمية وأزمة البطالة والكرامة والعدالة : البعض يقول إن هذه المسألة هامشية… لكن الموضوع يصبح رئيسيا عندما نهمشه… فكلية منوبة ظلت تحت ظلال الأزمة لشهر ونصف دون فضّ للمشكل وكان الأمر يتحول إلى كارثة… من المهم أن نبتر الموضوع…وأن يقع وأده من مهده…المسألة مستجدة بعد 14 جانفي لكن من المهم إيجاد الحلول» وأضاف أن هذه الفئة من المنقبات هي تونسيات ولسن من كوكب آخر. حقوق الانسان اعتذر ممثل وزارة المرأة ووزارة الشؤون الدينية عن الحضور للندوة في آخر لحظة… البعض أرجع الاعتذار إلى أسباب خاصة فيما فسره منظمو الندوة بحساسية الموضوع. وفي بداية حديثه أكد السيد طارق الرزقي ممثل وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية أن النقاب ظاهرة لم يألفها المجتمع التونسي لكنه في المقابل حاول إرجاع المسألة إلى مبادئ عامة مثل حرية ممارسة الشعائر الدينية…وقال : «يمكن إدراج هذا الصنف من اللباس ضمن حرية التعبير» وأضاف أنه من المهم إدراج الموضوع وتنزيله ضمن دراسة للفضاء العام والفضاء الخاص وحرية المرأة في ارتداء ما تراه مناسبا من لباس… وأشار إلى أن المدافعين عن النقاب يعتبرونه حكما شرعيا. وأشار إلى تقاطع هذه القناعات مع الفضاءات ومع المجتمع وهو ما خلق تعارضا مسلما به لكن الحياة الاجتماعية تتطلب قدرا من التواصل. وأرجع ممثل وزارة حقوق الانسان الحديث عن مسألة النقاب إلى خطابين : خطاب يقر بأحقية المرأة في التحكم في وجهها وخطاب ثان يرى أن الوجه ضروري للتخاطب والتواصل… وتساءل حول الأساليب التوفيقية والحلول الممكنة ويرى طارق الرزقي أن مؤسسات حقوق الإنسان تنحاز لحقوق الفرد تجاه المؤسسة وللأقلية تجاه الأكثرية…وهذا مبدأ راسخ في حقوق الإنسان وأشار إلى ضرورة التأقلم والتوافق مع مقتضيات العيش المشترك. أما فيما يتعلق بالناحية العملية فرأى طارق الرزقي أنه يمكن التعامل عمليا مع المنقبات بعيدا عن الموقف الشخصي من خلال تعيين موظفة تقوم بالتثبت من هوية المنقبة… واعتبر أن هذا الخيار أهون من خيار« حرمان المنقبات من ممارسة قناعاتهن» وهوأهون من الخيار الثاني بمنع حرياتهن!! وأضاف أن اعتبار النقاب تعبير إيديولوجي وسياسي ليس مبررا للقطع مع هذه الظاهرة…ويجب قبول الإختلاف واعتبارها قناعة. قناعة …ومساومة الواضح من مداخلة ممثل وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية هو الدفاع الشرس عن حق المنقبات حيث مضى إلى اعتبار منع المرأة من ارتداء النقاب في الأسوار الجامعية «مساومة» بين حقها في التنقب وحقها في الدراسة والتدريس… وقال : «لا يمكن المساومة على أي حق بمقتضى قرارات العفو الدولية». وأكد أنه لا وجود إلى اليوم لأية قضية في المحكمة الإدارية تتعلق بالنقاب…في المقابل هناك قضايا تتعلق بالحجاب»!!. وأضاف أن المنع الكلي للنقاب حسب منظمة العفو الدولية هو إجراء يعزل بعض فئات المجتمع… تواصل وبيداغوجيا قال ممثل وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية إن رفض وجود المنقبات إلى قاعات الدرس بتعلة أن دخولهن يتناقض مع العملية البيداغوجية الحديثة والقدرة على التواصل والتفاعل داخل الدرس هي حجة مقبولة لكن يمكن مناقشتها!!. واعتبر أن هذه الحجة مقبولة في إطار الدرس الضيق لكن في حصص الدروس الكبرى فلا يمكن من التركيز مع طالب ضمن مدة طالب في المسرح الجامعي !! وأضاف أن العالم أوحد ما يعرف بالتدريس وأن هذا التدريس يؤدي أغراضه دون رؤية «وجه» الطالب… كما أعطى مثالا عن طه حسين الذي درس دون أن يشاهد طلبته! في المقابل وجدت هذه الفكرة انتقادا من الحضور باعتبار أن هناك جدلا حول التدريس عن بعد… وأن للجامعة أنظمتها وطرقها التي على الطالب احترامها لا العكس.بين المنقبة.. والشواذ الأستاذ فتحي العبوني (حقوقي) كان حاضرا في الملتقى ودافع عن حق المنقبات في الوجود واعتبر أن القضية ليست بالسياسية البحتة فالعقلية الديمقراطية تعني ضرورة الانفتاح على كل الظواهر دون انفعال وضرورة مقارعة الحجة بالحجة.. وأن رفض المنقبات هو من رواسب عقلية النظام السابق، وأنه من عدم المسموح التعامل بسياسة المكيالين. وتسادل حول أسباب مهاجمة كل من الظواهر المرتبطة بمسائل دينية مثل السلفية والحجاب والنقاب. وأشار في المقابل إلى وجود ظواهر اجتماعية أخرى مثل عبدة الشياطين وبعض السلوكيات الشاذة و«البرستيج» أي ثقب الأذن واللسان والأنف… وهي ظواهر لها جذور إيديولجية وخلفيات. وقال لا بد من العدل في تناول الظواهر فالتعاطي معها على أساس المساواة هو جزء من الحل. وأرجع بروز بعض الظواهر الدخيلة على المجتمع التونسي إلى الفراغ الذي كان يعيشه الشاب التونسي غير المتشبع بالدين ولا الفلسفة ولا مناهج الحياة و… فالتعليم مفرغ من محتواه وأشار إلى أهمية إرجاع قنوات الحوار والتفاهم ومعرفة الخلفيات والأسباب. المسألة القانونية اعتبر عدد من الحقوقيين المتواجدين في الندوة أنه لا يمكن منع المرأة من ارتداء النقاب قانونا.. فالمسألة هي ضمن الحريات وحرية التعبير وممارسة الشعائر الدينية وهي مسألة نصّ عليها الدستور. وأشارت منية بوعلي حقوقية الى علويّة الدستور… وإلى أنّ القرار الاداري في جامعة منوبة ليست له العلوية ولا أهمية له مقارنة بالقانون الدستوري وهو ما مضى إليه الأستاذ فتحي العيوني وعدد من الحقوقيين الحاضرين. وقدمت منية بوعلي مجموعة من التساؤلات حول لباس الجدّات وخصائص المجتمع التونسي وجذور هذا اللباس وحقّ المنقبات في التعبير للباسهن. كما تساءلت حول الأبعاد الايديولوجية للظاهرة. ويبقى عدم حضور أطراف تمثل وزارة المرأة ووزارة الشؤون الدينية وبعض المنقبات اضافة الى رافضي النقاب وممثليهم من المجتمع المدني موضوع يدعو للتساؤل… فسره البعض بحساسية الموضوع… لكن المسألة تبقى مبتورة خاصة مع ملاحظة تخوّف فئة كبيرة من المجتمع التونسي من المنقبات وحتى رفض البعض التعامل معهن وحتى الخوف من المنقبة. هي ظاهرة برزت بعد 14 جانفي 2011، لكن جذورها وأسبابها بقيت في حاجة لكثير من الدرس والنقاش… لتبقى مسألة النقاب موضوعا مستجدا على المجتمع التونسي الذي كان عبر العصور مجتمعا متفتحا ووسطيا.
ابتسام جمّال
(المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 جانفي 2012)  

أحزاب الشابي وابراهيم وياسين ابراهيم ومرجان وقائد السبسي يغازلونهم المنسحبون من « التكتل » في « الميركاتو »


« زكية الضيفاوي المناضلة الوحيدة في « التكتل » التي دخلت السجن » – توسعت دائرة الانشقاق داخل حزب « التكتل » بعد إعلان استقالات جديدة لعدد من الجامعات وخاصة منها جامعة تونس وجامعة بن عروس في انتظار إعلان استقالات أخرى مفتتح هذا الأسبوع الجاري في عدد من المناطق وذلك قبل عقد ندوة صحافية بعد غد الاربعاء لتوضيح أسباب وملابسات هذه الاستقالات والانسحابات من « التكتل »… وعن أسباب الاستقالات المسجلة في جامعة تونس قال حسام الحامي (عضو مسؤول عن الاتصال بجامعة تونس وعضو فرع المرسى ومدير الحملة الانتخابية «للتكتل» في تونس 2) لـ «الأسبوعي» «نعرف جيدا أن الدكتور مصطفى بن جعفر من الأشخاص الذين ناضلوا من أجل تأسيس خط ديمقراطي وقد التحقنا كشباب بـ»التكتل» بعد 14 جانفي اقتناعا منا بمبادئ معينة وبتموقع الحزب وتوجهاته وقد رأينا فيه الحزب الذي يمكن أن ننشط فيه وشخصيا كنت من المساهمين في إقامة الجامعة الصيفية التي التحق بها المناضلون والمنخرطون من مختلف المناطق وقدمنا عدة مقترحات تخص الهيكلة خاصة أن الحزب التحق به عشرات الآلاف من الطاقات والكفاءات..». أخطاء ويضيف محدثنا قائلا «وكان من بين مقترحاتنا عند انطلاق الحملة الانتخابية تكوين لجنة قانونية نظرا لما يزخر به الحزب من منخرطين متخصصين في القانون تكون مرجعا للنواب في المجلس التأسيسي لأن الثقافة القانونية تنقصهم ولا بد أن تكون مقترحاتهم تتأسس على منطق قانوني بفضل هذه اللجنة لكن لا أحد استمع إلينا وجميعنا رأى في ما بعد الأخطاء التي وقع فيها عدد من النواب في لجنة صياغة تنظيم السلطات المؤقت فنفذنا وقفة احتجاجية في نهج أنقلترا تم على إثرها تعديل بعض المسائل ومنها ما يتعلق بسحب الثقة من رئيس الحكومة.. ثم طرحت مشكلة النصيب في الوزارات حيث لم تمكن النهضة الحزب إلا من 3 وزارات بالنظر إلى موقعه في الانتخابات فضغطنا ليحصل التكتل على 5 وزارات ورغم عدم رفضنا دخول التكتل في «الترويكا» فإننا فوجئنا بحزبنا يماهي النهضة..». 8 أعضاء في المكتب السياسي مهمشون وحول ما إذا كان خميس قسيلة الذي تحوّل إلى نجم في المجلس التأسيسي غرّد لوحده خارج سرب الترويكا وراء ما يحدث للحزب حاليا قال محدثنا «.. ليس خميس قسيلة لوحده يعارض داخل المجلس رغم انتماء الحزب «للترويكا» بل نجد أيضا النائب صالح شعيب والنائبة لبنى الجريبي وآخرين لكن المشكل الأساسي لدينا أن التكتل يحكمه 5 أشخاص والحال أن المكتب السياسي يتكون من 13 عضوا أي أن الأغلبية لا تملك المعلومة ولا تعرف شيئا عن القرارات المتخذة وظل 8 أعضاء مهمشين..». من جهة أخرى وفي إطار حديثه عن الأسباب الرئيسية للاستقالات المسجلة بعد جامعة أريانة في جامعتي تونس وبنعروس قال محدثنا «.. استقلنا لأننا لم نعد نقرأ النجاح «للتكتل» فشلا على مستوى المجلس الوطني الاستثنائي المنعقد أمس، لقد اجتمع من أجل تسمية أعضاء بالمكتسب السياسي.. بعد 14 جانفي وفي حزب ديمقراطي له قانونه الأساسي وفي وقت أصبح فيه الجميع يتوجه لصندوق الاقتراع نجد «التكتل» يسمي أشخاصا في أعلى سلطة تنفيذية للحزب». هيكل جديد من جهته بيّن الطيب العقيلي رئيس جامعة بن عروس أن الكتاب العامين لفروع رادس والزهراء والمدينة الجديدة ومرناق وفوشانة قد استقالوا بالإضافة إلى أعضاء القائمة المترشحة للانتخابات مبرزا أن العديد من الجهات الأخرى ستعلن فيها استقالات بداية من اليوم الاثنين على غرار نابل والمهدية والكاف وتالة.. أما حول مستقبل المنسحبين قال محدثنا «.. سنعقد ندوة صحافية للإعلان عن مشروع جديد كما أن هناك مبادرات من «التقدمي» والقطب الحداثي والباجي قائد السبسي.. لدينا عدّة أفكار ونريد أن نتنظم في هيكل سياسي جديد مع عديد المناضلين والشباب الذي انضم معنا «للتكتل» وأيضا غادره معنا..». تهم المناشدة والشرعية وبالإضافة إلى استقالة جامعة بن عروس تحدث أيضا صدري بن أحمد عضو جامعة «التكتل» بسوسة عن الاستقالة المعنوية للمنخرطين في الجهة منذ فترة بعد أن تجاهل الدكتور مصطفى بن جعفر تشكياتهم.. كما أشار صدري بن أحمد (عضو جامعة سوسة) بالقول «.. استقالتنا قديمة بما أنه لم يقع تشريك المنتمين للحزب في القرار وكل من يناقش أمرا ما يتهم بالمناشدة أو بغياب شرعية النضال وبما أن المكتب السياسي تحوّز بالرأي ولم يشرك القواعد، كما أن التحالفات التي أقدم عليها «التكتل» تشوبها الأخطاء فقد خيّرنا الابتعاد وعدم النشاط لأن الحزب الذي يشركنا في الرأي لا يحتاجنا..». زكية الضيفاوي وتحريك السواكن.. وبالنسبة إلى خلدون الصويحلي (أمين مال جامعة تونس ورئيس الحملة الانتخابية لمصطفى بن جعفر) فقد انتقد تعاطي القيادة مع الجامعات والفروع والشريحة الشبابية التي انضمت إليه حيث يقول «.. استقلنا من «التكتل» وليس من الحياة السياسية.. أما الاستقالة فأسبابها عديدة فقد عارضت قائمة تونس 1 في الانتخابات لأنه لا يوجد فيها مترشح واحد ينتمي إلى معتمدية تونس 1.. وفي ما بعد قال الدكتور خليل زاوية «لم ولن نتحالف مع النهضة» ثم ها أنكم ترون العلاقة بين الحزبين… إضافة إلى كل ذلك ظل القاسم المشترك بين جل الجامعات والفروع هو انقطاع الاتصال بالقيادات بعد 23 أكتوبر معاليم كراء جل المقرات لم تسدّد ومنها مقر جامعة تونس الذي لم يسدد معلومه لمدة ثلاثة أشهر وكذلك مقر باب سويقة إضافة إلى أن مالكي مكتب المحمدية والوردية قد استعادا عقاريهما نتيجة عدم الخلاص.. جامعة أريانة استقالت ولا أحد حرّك ساكنا ولم ننل غير اللغة الخشبية والتكذيب في الإذاعات والصحف والتلفزة… فكيف يمكن أن نواصل مع «التكتل».. أما خميس قسيلة الذي يتحدثون عنه فقد دخل الانعاش بسبب حادث ولا أحد سأل عنه وعندما تحدّث عنه إبراهيم القصاص قال مصطفى بن جعفر أنه أرسل إليه باقة ورد.. كيف نواصل إذن..». المستقيلون تغازلهم عدة أحزاب فبالإضافة إلى الأطراف المذكورة سابقا علمنا أن «النهضة» وجهت إليهم الدعوة وكذلك حزب آفاق تونس (ياسين ابراهيم) وحزب المبادرة لكمال مرجان.. عبد الوهاب الحاج علي مصطفى بن جعفر: نحو مراجعة تركيبة الهياكل ألقاعدية للتكتل أكد الامين العام للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات مصطفى بن جعفر خلال ندوة صحفية انعقدت أمس الأحد أن اجتماع المجلس الوطني الدوري للحزب يرمي الى «اقتراح تنظيم انتقالي لمراجعة تركيبة الهياكل القاعدية للحزب من فروع وجامعات وايجاد نوع من المواءمة بين القيادة السياسية والقاعدة». واعتبر أن القول بانعدام التواصل بين قيادة الحزب ومنخرطيه ومناضليه منذ الانتخابات يعد «أمرا مبالغا فيه» خاصة إذ قدم تنظيم مجلس وطني بتاريخ 11 ديسمبر 2011 وانعقاد مجلس ثان اليوم. وردا على سؤال حول الاستقالات الجماعية والمكثفة التي عرفها حزب التكتل في الفترة الاخيرة بين مصطفى بن جعفر ان هذه الاستقالات تعتبر «محاولة فاشلة لارباك الحزب واثارة البلبلة داخله» مذكرا بأن التكتل كان «من الاحزاب الاولى التي دعت الى تشكيل حكومة مصلحة وطنية والعمل من أجل اعلاء مصلحة تونس». وأشار في الختام الى أن طريقة تقديم هذه الاستقالات «يشوبها بعض اللبس باعتبار أن المستقيلين قدموا لوسائل الاعلام بطاقات تعريف لدى الادلاء باستقالاتهم عوض بطاقات الانخراط في الحزب».
(المصدر: « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) بتاريخ 30 جانفي 2012)

السيد عبد الحميد الجلاصي عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة :

نفرق بين حق التعبير وانتهاك المقدسات وندعو الى التركيز على دقة المرحلة


تونس ـ (الشروق) الوضع المتأزم بالبلاد بسبب الاحتجاجات الاجتماعية وتعطيل وسائل العمل وغيرها من التحديات الراهنة شكلت محور حوارنا مع السيد عبد الحميد الجلاصي عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة. تشهد البلاد موجة من الاعتصامات وقطع الطرق وتعطيل المنشآت الحساسة ، كيف تعاملت الحركة مع هذا الوضع؟ حركتنا حركة وطنية مسؤولة ، تعاملت مع اوضاع ما بعد الثورة بكل رصانة …فتبنت خيار التوافق الواسع، ونبهت الى مخاطر الخيارات التي قد تدفع الى الفراغ أو المجهول ، وأكدت على التمييز بين الثورة والفوضى، كما اكدت ان تعطيل آلة الانتاج لا يخدم سوى قوى الردة والالتفاف على الثورة . وقد قامت هياكل الحركة بمجهودات جبارة للتوعية السياسية وتأطير الناس لايجاد توازن بين منطق الثورة والحرص عليها، ومنطق الدولة وما يستوجب من استقراء وبناء.وكانت خلال الشهرين الاخيرين ابرز قوة سياسية واجتماعية لدعم مؤسسات الدولة وأجهزتها في ضبط الامن ، وتحقيق الاستقرار حتى تكون بلادنا جالبة للاستثمار ، بما يؤدي الى مواجهة القضية الرئيسية في البلاد : البطالة … ان الدولة تحتكر القوة، أما بسط الأمن فهو من مسؤولية الدولة، وهو ايضا من مسؤولية المجتمع وجميع قواه الحية. لا يقبل من أي قوة سياسية أو اجتماعية أن تتحول الى جهاز مواز لأجهزة الدولة ، كما لايقبل أن يستقيل المجتمع ولا أن تستقيل القوى السياسية والمدنية وتترك البلاد عرضة لعبث الثورة المضادة ، والقوى التي تحن الى عودة النظام القديم أطلق السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة «صيحة فزع» خلال توصيفه للوضع الاقتصادي، هل تعتقد أنه بالامكان تجاوز هذه الأزمة خلال هذه المدة الصغيرة أي سنة ونصف ؟ خطاب السيد رئيس الحكومة لم يكن صيحة فزع ، بل هو خطاب زاوج بين الصراحة في توصيف دقة المرحلة ، والمسؤولية في دعوة الشعب الى استمرار اليقظة للدفاع عن الثورة حتى تبلغ مأمنها ، والتفاؤلية التي تسم المناضلين على الثورة ومصيرها … أعتقد أنه بإمكان الشعب الذي أنجز ثورتين في سنة واحدة : ثورة الاطاحة بالدكتاتور وثورة الانتقال الديمقراطي بانتخابات 23 أكتوبر بإمكانه ان ينجز ثورة ثالثة ، أي نجاح المرحلة التأسيسية التي نعيش . هناك أوضاع دولية سانحة ، واوضاع اقليمية مواتية ، وكذلك رغبة داخلية في مواصلة النجاح … بالتأكيد لن نحقق خلال هذه السنة والنصف كل أهداف الثورة في العدالة والتنمية ولكن يمكن أن نعطي اشارات قوية تشمل حزمة من الاجراءات العاجلة وكذلك وضع اسس صلبة لاصلاح بنيوي جدي طويل المدى … شعبنا ينتظر هذه الاشارات القوية والصادقة بل هو متعطش لها، وسيتجاوب معها ان شاء الله وخاصة في المناطق والفئات التي عانت طويلا من الحرمان بسبب الاستبداد والفساد. وقد أعطى السيد رئيس الحكومة من خلال تدخلاته الاخيرة في وسائل الاعلام وأمام المجلس التأسيسي اشارات مطمئنة وكذلك أعطى السادة الوزراء مثل هذه الاشارات وخاصة وزيرا الداخلية والتنمية. ألا تعتقدون أن أداء الحركة قد يرتبك بعد تحمل عدد من قياداتها مسؤوليات في الحكومة ؟ في حركة النهضة آلاف من الطاقات التي أحسنت ادارة المعركة ضد الاستبداد في المنافي والسجون ومناخات المتابعة والمحاصرة رجالا ونساء في كل المدن والاحياء والقرى . هذه الطاقات قادرة بإذن الله على ملأ الفراغ الذي حدث بعد انتقال عدد من قيادات الحركة وزعامتها الى المسؤولية الحكومية. هناك كلام عن وجود موجة من الانتقادات على أداء الحركة من طرف عدد كبير من أبنائها ؟ الوضع في البلاد عموما وضع انتقالي. فما حدث بعد 23 اكتوبر نقلة استراتيجية صالحت بين الدولة والمجتمع فاصبحت الدولة خادمة للمجتمع لا متعالية عليه كابتة لحرياته ، مستنزفة لثرواته مستهينة بمقومات هويته. وهذه النقلة الاستراتيجية تؤثر في الأحزاب فتبحث على التكيف معها، فتعيد صياغة ثقافتها السياسية وكذلك طرق ادارتها، وصياغة القرار فيها. ومن سمات حركتنا عدم الرضا عن النفس وتغليب روح النقد الذاتي على نفسية التمجيد . ومن هذا المنطلق فليس بدعا أن نجد في حركتنا قلقا على المشروع وانشغالا عن مستقبله في كل مستوياتها القيادية والقاعدية وهو ما من شأنه أن يؤدي الى حلول مبدعة تؤكد قدرة حركتنا على التجدد والتجديد. هل تم البت في الموعد النهائي لمؤتمر الحركة؟ مؤتمر الحركة سيكون محطة مهمة لا بالنسبة لابنائها فقط، بل بالنسبة للساحة السياسية والفكرية في البلاد. وقد تقدمت الاستعدادات له أشواطا بفضل الجهود المقدرة للجنة المؤتمر، ونحتاج لبعض الوقت لمزيد الحبك وحسن الاعداد وتعميق المضامين واستيعاب المستجدات الاستراتيجية في البلاد والمنطقة والعالم. وفي كل الحالات سيكون المؤتمر في الاشهر القليلة المقبلة، وسنعلن قريبا عن موعده الرسمي. اثارت التعيينات في قطاع الاعلام خوفا كبيرا من عودة نفس ممارسات العهد السابق ، ما هي رؤيتكم لحرية الاعلام ؟ لا خوف على حرية الاعلام في تونس ولا على أي من الحريات الاخرى فبلادنا قد قطعت نهائيا مع منظومة الاستبداد وليس بمقدور أي طرف أن يستبد أو أن يتفرد بإدارة شؤون البلاد وان أراد ذلك. الفاعل الاساسي في ثورتنا هو الشعب. وقد عبر أكثر من مرة عن يقظته وعدم استعداده لعودة عجلة التاريخ الى الوراء. وفي كل الحالات فقد عبرت حركتنا منذ سنوات طويلة عن قناعتها بالحريات العامة والفردية ونظّرت لذلك ، وأصلّت اجتهاداتها في منظومتنا الثقافية الأصيلة والتزمت مع عدد من الشركاء بحماية حرية التعبير. وآخر هذه الالتزامات ما تعهدت به مع شركاء تحالف 18 أكتوبر للحريات وحركتنا تجدد اليوم قناعاتها والتزاماتها السابقة. ما هو موقفكم من عرض مسؤولي قناة نسمة على القضاء بسبب الفيلم المسيئ للذات الالهية؟ لقد عبرت حركتنا عن موقفها من أصل القضية منذ اشهر في بيان أمضاه أمينها العام بتاريخ 9 أكتوبر 2011 ، وفيه أكدت عن صدمتها وادانتها الاعتداء على عقائد الناس ومقدساتهم وميزت بين حق التعبير والتفكير والابداع والتطاول على العقائد والمقدسات. كما نبهت الى أن استفزاز الناس من شأنه أن يهدد السلم الاهلي ووحدة الشعب وتجانسه التاريخي. وأود أن ألفت الانتباه أن المشتركات بين النخبة السياسية والفكرية كثيرة (الدولة المدنية والنظام الجمهوري واحترام الحريات العامة والفردية والعدالة الاجتماعية واستقلال البلاد والقرار الوطني ) ومن المهم تثمين هذه المشتركات والاعتزاز بها، والبناء عليها وتوجيه التنافس السياسي الى المختلف فيه بعد ذلك، حتى يتعزز بناؤنا المجتمعي والسياسي والحضاري لبنة لبنة، وتتسع التوافقات . هذه العقلية البناءة والمثمرة هي التي أنجحت مسار الوحدة الاوروبية ولكن للاسف نرى بعض شركاء الوطن يختلق الصراعات الوهمية ويؤجج النزاعات الفكرية، فيدفع الى تغذية الشطط والغلو في اطار حسابات حزبية وايديولوجية ضيقة قد تؤدي لا الى احراج من يعتبرهم أعداؤه الايديولوجيون بل الى تهديد البناء الوطني والسلم الاهلي. انها دعوة الى الرشد نوجهها مجددا للتركيز على مهام المرحلة من بناء الدولة الديمقراطية المدنية ، دولة العدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية والتعالي على الحسابات الضيقة . < مبادرة السبسي مبنية على التلبيس والتهويل >
ان الحوار هو الوسيلة الاساسية للتنافس السياسي، ولم تدع حركتنا الى محاكمة هذا الطرف أو ذاك، ولكن من ناحية مبدئية لا أرى شخصيا في ظل نظام ديمقراطي وقضاء عادل ما يمنع لجوء مواطن أو مجموعة الى القضاء ان رأت أن ضررا قد لحقها ، وللقضاء المستقل العادل أن يتعهد بتلك القضية أو أن يرفضها ، وأن يصدر في شأنها ان قبلها ما يراه مناسبا من حكم وفقا لقوانين البلاد، لا للأهواء أو النزوات أو الاملاءات . كما أن مثول أي شخص أو جهة أمام القضاء ليس معرة أو ادانة ، اذ الادانة لا تأتي الا بعد صدور الحكم من قضاء عادل ومستقل ونزيه. ان الثورة التونسية قد طالبت بالعدالة الاجتماعية وبالاعلام الحر، وبالامن الجمهوري، وطالبت أيضا بالقضاء المستقل الذي يتساوى أمامه كل التونسيين. وهي نفس مطالب المسار السياسي المناضل في البلاد منذ 60 سنة. يلقي عدد من السياسيين اللوم على الحركة لأنها لا تسعى الى توسيع دائرة التشاور مع الاطراف السياسية الاخرى خارج الائتلاف الحاكم اضافة الى بقية مكونات المجتمع المدني . فهل هناك توجه لتوسيع دائرة المشاركة في تحمل المسؤولية . من مميزات منهجنا السياسي منذ بداية ثمانينات القرن الماضي اعتماد اسلوب الحوار والتشاور والتوافق، وقد ترسخ هذا المنهج بمرور الزمن. وقد اعتمدناه عن قناعة بعد الثورة ونعتمده الان ونحن نشارك في ائتلاف حاكم. وقد أكدنا مرارا أننا منفتحون على مزيد من الحوار مع مختلف الاطراف المدنية والحقوقية والاجتماعية والسياسية. قد يتوج بتوسيع التحالف بعد التشاور مع حليفينا وقد يتوقف عند الاتفاق على التنسيق في القضايا السياسية الكبرى وتنقية المناخ السياسي مما قد يشوبه من عوارض المناكفات الحزبية التي لا تخلو منها مراحل الانتقال الديمقراطي كالتي تشهدها بلادنا. كنا دوما مع الحوار وسنبقى كذلك فبلادنا في حاجة الى كل عقولها وسواعدها لتحقيق أهداف ثورتها. ما رأيكم في البيان المبادرة للسيد الباجي قائد السبسي؟ بيان السيد السبسي هو نص و توقيت وسياق… فمن حيث النص، يستغرب فيه التلبيس والتهويل وخلع الأبواب المفتوحة، فصلاحيات المجلس الوطني التأسيسي واضحة تماما، اذ أن المجلس ليس لجنة خبراء أو هيئة لإعداد مسودة دستور فقط، كما أن مدة المجلس محددة بالتوافق السياسي الواسع في البلاد قبل الانتخابات وبعدها. وقد أكد السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة هذه المسألة بشكل لا يحتمل التأويل أمام المجلس الموقر هذا الأسبوع. أما التهويل: فلا شك في وجود صعوبات في البلاد بعضها نتيجة تراكم مظالم عقود من الفساد والاستبداد وبعضها الآخر نتيجة أداء الحكومة السابقة التي كان يترأسها السيد الباجي والتي لم تسلم مهامها الا منذ أسابيع قليلة فقط… أن يكون للسيد الباجي طموحات سياسية، أو أن تحاول أطراف سياسية تجميع صفوفها واتخاذ السيد السبسي واجهة لها، وأن يستعدّ الجميع للانتخابات القادمة منذ الآن فذلك مشروع ومقبول. غير أننا نأمل أن تعاد صياغة الحياة السياسية في البلاد بالاستفادة من عبر الانتخابات الأخيرة، وأهمها أن التخويف والتهويل والتلبيس لا يمكن أن تشكل برنامجا لقيادة البلاد في المستقبل. وفي كل الحالات فإن المتأمل في البيان والتفاعلات والتعاليق حوله قد يجيب على بعض الأسئلة التي رافقت التونسيين طيلة السنة الماضية « من كان يحكم البلاد حقيقة؟» الجميع يتحدث عن تشبيه بالحياة السياسية ولا أدري ان كانت هذه المبادرة تستجيب لهذا المطلب؟
خالد البارودي
 
(المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 جانفي 2012)  

ملف :سنوات الجمر « تحرق » التونسيين « النهضة » تتأرجح بين حمائمها وصقورها.. فلمن الغلبة؟


د. عبد اللطيف الحناشي أستاذ التاريخ السياسي المعاصر:
أزمة صامتة أحيانا وصاخبة أحيانا أخرى بين النهضة والمعارضة الحركة غازلت المنظمة الشغيلة والتجاذبات لا تخدم الحكومة أوضح الدكتور عبد اللطيف الحناشي (أستاذ التاريخ المعاصر) حول موضوع « النهضة وممارسة الحكم في العلاقة بالمعارضة » أنه: « من البديهي القول أن حزب « النهضة » حديث العهد بالحكم؛ وقد وصل الى ذلك عن طريق انتخابات نزيهة وشفافة وباشر ممارسة السلطة مع حزبين آخرين هما حزب « المؤتمر من اجل الجمهورية » و »التكتل من اجل العمل والحريات »، ورغم ما يشق هذا التحالف من تباينات فكرية وأحيانا سياسية غير ان ذلك لم يمنع تلك الأطراف من الاتفاق حول اقتسام السلطة على أساس خطة معينة أو ما يمكن أن نسميه « برنامجا » حكوميا لا تبدو أسسه واضحة..وأوجد هذا « التحالف الآني » معارضة تشكلت من أحزاب (ومستقلين)ممثلين في المجلس التأسيسي ومن أطراف غير ممثلة في المجلس. ومنطقيا يمكن القول إن المعارضة برزت في مواجهة حزب « النهضة » بداية ثم التحالف الثلاثي في ما بعد..كما يمكن القول ان مواقف المعارضة تجاه هذا الحلف تبدو متباينة ومتفاوتة في العام…ولكن إذا تحدثنا عن المعارضة الممثلة في المجلس التأسيسي تحديدا وعن موقف حزب النهضة او سلوك هذا الحزب تجاه تلك المعارضة فإننا نلاحظ أن هناك أزمة صامتة أحيانا وصاخبة في أحيانا أخرى تحكم العلاقة بين النهضة والمعارضة الأمر الذي انعكس سلبا على الأوضاع العامة بالبلاد.» رفيق الأمس ويقول أيضا:» فمن ناحية تنظر المعارضة لحزب النهضة وكأنه قد استأثر بكل شيء من خلال ممارسة نوع من الهيمنة دون اعتبار للمعارضة»رفيقة الأمس» ؛ هذه المعارضة التي رفض البعض منها ان يكون طرفا في الحكومة لأسباب سياسية او فكرية أو الاثنين معا وتجلى ذلك في عدة مواقف داخل المجلس وخاصة عند نقاش تفاصيل «الدستور الصغير» بالإضافة لعدم تشاور حزب النهضة مع المعارضة أو التنسيق معها في قضايا عامة ذات صبغة آنية وأخرى استراتيجية تهم البلاد ككل…لذلك تُتهم النهضة بالتخلي عن روح الوفاق، التي دعت إليه استجابة لما تفرضه المرحلة الانتقالية، بعد أن تمكنت من السلطة وهو ما ساهم في خلق التوتر بين الطرفين؛ وبالنهاية يمكن القول ان العلاقة بين الطرفين تحكمها أزمة ثقة على خلفية أفكار مسبقة وجاهزة أحيانا وعلى وقع تردد الحكومة وارتباكها أحيانا أخرى في اتخاذ قرارات وإجراءات حاسمة تجاه الكثير من القضايا الملحة أو بعض المواقف والسلوكات الخارجة عن القانون.» إعلام حر ومستقل وبخصوص العلاقة مع الإعلام يرى الأستاذ الحناشي أن : « النظام الديمقراطي يفترض سيادة إعلام حرّ ومستقل وحرية واسعة للتعبير بأشكال مختلفة بضمانة و حماية القانون والدولة؛ الأمر الذي يدعو كل الأطراف السياسية(في السلطة او من خارجها) قبول ذلك وتكريسه على ارض الواقع بل والدفاع عنه. ويظهر أن حكومة ما بعد الثورة، وفي خضمّ ما تواجهه من مشاكل مختلفة ومتنوعة، قد أغفلت، أحيانا، عن تلك المبادئ الأساسية أو تناستها وحاولت تشكيل رؤية او موقف مغاير لتلك الأسس الأمر الذي أدى إلى تصادمها مع هذا القطاع وتجسد سلوكها وممارستها تلك في مسألتين أساسيتين: تتمثل الأولى في عدم ارتياح الحكومة للأداء الإعلامي عامة والإعلام المرئي خاصة واعتبار جزء كبير منه منحاز بل وأحيانا معاد للحكومة وتوجهاتها بل وتحميل الإعلام مسؤولية تفاقم المشاكل التي تعيشها البلاد لهذا القطاع الأمر الذي قد يفسّر القرارات الإدارية المستعجلة او «الارتجالية» التي اتخذتها الحكومة بالنسبة لهذا القطاع والعمومي منه تحديدا فضاعف ذلك من منسوب عدم الارتياح والشك بين الحكومة وهذا القطاع بل وبين المجتمع السياسي عامة.» انقلاب ضد قطاع الإعلام أما المسالة الثانية فهي حسب الدكتور الحناشي :» عدم مبالاتها من الاعتداءات الجسدية واللفظية التي تعرض لها بعض الصحفيين وتهديد بعضهم ثم تلكّؤها في الكشف عن مرتكبي هذه الجرائم وإحالتهم على القضاء، والأهم هو عدم اتخاذ الحكومة الإجراءات الضرورية لحماية الصحفيين أثناء أداء مهامهم وتطبيق أحكام المرسوم الجديد لمجلة الصحافة التي تجرم الاعتداء على الصحفيين أثناء ممارسة عملهم. وفي مقابل ذلك يجب الإقرار أيضا بحقيقتين: – ان التجاوزات والانفلات ضد قطاع الإعلام قد حصل ايضا في عهد حكومة السيد الباجي قائد السبسي سواء ضد الصحفيين او ضد بعض المؤسسات الإعلامية وذلك من خلال تعيين مسؤولين إعلاميين في القطاع العمومي دون إجراء الاستشارات أو المشاورات الضرورية مع ممثلي القطاع وذلك أمام صمت «مريب» من قبل بعض القوى الوطنية والديمقراطية. – ان قطاع الإعلام اليوم يعيش عدة تجاذبات وتدخل عدة أطراف بمالها ولسانها بغية توظيف القطاع لأجندات معينة اقصاها إفشال عملية الانتقال الديمقراطي في تونس ..» موقف متناقض أحداث كلية منوبة ومن قبلها جامعات أخرى أثارت جدلا كبيرا واستدعت المطالبة بموقف النهضة كحزب وحكومة منها وهنا يقول الدكتور الحناشي: «يمكن الحديث هنا حول نقطة أساسية وهي موقف الحكومة من قضية السلفيين في الجامعة وتحديدا سلوكهم في الفضاء الجامعي سواء بالنسبة للمنقبات او الافراد الغرباء الذي عبثوا ويعبثون بتواجدهم بالحرم الجامعي؛ اذ يبدو موقف الحكومة متناقضا وغائما وملتبسا في نفس الوقت ويعبر عن ترددها وعدم قدرتها على معالجة المشكل وخضوعها، كما يظهر، لعدة ضغوطات بالرغم من أن القانون الداخلي للجامعات والكليات بل القانون العام واضح في هذا المجال ويمكن الاستناد عليه لمنع تلك الظاهرة(مثلا الحكم القضائي الذي أصدرته المحكمة الإدارية بتاريخ 7 جويلية 2011 بمنع طالبة متنقبة من إجراء الامتحانات)، وقد انجرّ عن ذلك توتر عام في الجامعة التونسية انسحب آليا على الوزارة والأساتذة خاصة بعد السلوك المشين(ممارسة العنف ضد الأساتذة) عند الوقفة الاحتجاجية التي قام بها الأساتذة والجامعة العامة للتعليم ثم سلوك بعض الاداريين في الوزارة تجاه الأساتذة أثناء وقفتهم الاحتجاجية من خلال تبينهم لموقف الطالبات المتنقّبات.. ولا شك أن سلوك وزارة التعليم العالي الحالية تجاه مسالة النقاب وتجاه الأساتذة سيضاعف الاحتقان الموجود أصلا بين الطرفين على خلفية المطالب المهنية والإدارية والمادية للأساتذة..» معالجة الظاهرة السلفية بالجامعة ويضيف :»وفي نفس الإطار لا بد للحكومة بل المجتمع السياسي والمدني ان يلتفت إلى معالجة الظاهرة السلفية بالبلاد ليس من الزاوية الأمنية فقط لتطبيق القانون عند حدوث التجاوزات بل من زوايا أخرى فكرية واجتماعية وسياسية وإعلامية وعدم السقوط في التضخيم المبالغ فيه لهذه الظاهرة؛ فهؤلاء لم يسقطوا من السماء و لم تستوردهم البلاد بل هم إفراز طبيعي للتحولات الداخلية والعالمية؛ والمطلوب العمل على تفهمهم والاستماع إليهم حتى لا يتحولوا إلى ظاهرة قد تشكل خطرا على المجتمع وعلى البلاد ككل.» علاقة عادية مع الاتحاد وظل الغائب الأبرز في بداية ممارسة النهضة للحكم «اتحاد الشغ» رغم أن الحكومة غيرت موقفها في ما بعد وغازلت المنظمة الشغّيلة ، وعن هذه العلاقة يقول محدثنا: «لا تبدو علاقة الحكومة بالاتحاد العام التونسي للشغل، إلى هذه الساعة، متوترة حسب رأيي. صحيح انه ساد توتر بين الاتحاد وبين احد أطراف التحالف في البداية ويظهرأن الموضوع قد وقع تجاوزه بين الطرفين. ويظهر ان حكومة السيد حمادي الجبالي وقيادة الاتحاد الجديد على اتفاق ضمني، على الأقل ، للحوار والتفاعل والتشاور في القضايا التي تهم الطرفين كما يبدو موقف الحكومة متفهما، في هذه اللحظة على الأقل، لدور الاتحاد وتاريخه وحجمه وفعله ومكانته..» ويضيف قائلا :»لاشك أن التوترات والتجاذبات بين الحكومة والأطراف التي تحدثنا عنها في ما يخص قضايا نعتبرها جوهرية لا تخدم الحكومة وحزب النهضة تحديدا وبشكل عام لا تخدم الشعب التونسي إن استمرت. فحزب النهضة مطالب اليوم داخليا وخارجيا بإنجاح هذه التجربة الفريدة في العالم العربي التي تراهن عليها القوى الدولية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية الوازنة دوليا وإقليميا التي تعتبرها نموذجا يمكن تسويقه؛ لذلك فإن حزب النهضة الذي يقود الحكومة اليوم مطالب بالتفاعل الإيجابي مع جميع مكونات المشهد السياسي والمدني بالبلاد بأكثر ما يمكن من المرونة وتجسيد شعارات الثورة ومواجهة التجاوزات والخروقات التي تستهدف تلك المكتسبات بالكثير من الحكمة والتبصّر وعدم الغرور والاستئساد..» هل بقيت النهضة وفية لمرجعيتها الإسلامية؟ عن سؤالنا هل بقيت النهضة وفية لمرجعيتها الإسلامية بعد إن تحولت لحزب مدني ؟ يجيب الدكتور الحناشي بالقول: «الحديث عن التماسك الفكري والسياسي داخل حزب النهضة مبالغ فيه حسب تصورنا، ووفاء الحزب لخلفيته الدينية نسبي أيضا. ففي داخل هذا الحزب رؤى وتوجهات مختلفة و متباينة وهي نتيجة طبيعية للظروف التي مرّ بها الحزب ومناضلوه…فالذين اضطروا للعيش في المنافي هم غير الذين ظلوا في السجون طيلة فترات طويلة وجميع هؤلاء هم غير الذين عملوا في البلاد تحت الأرض. فالفئة الأولى من حزب النهضة اكتسبت معرفة وتجربة سياسية مختلفة طيلة وجودها سواء في الغرب أو في الشرق؛ في حين ظلّ قطاع هام من الفئة الثانية متمسكا بقناعات وأفكارالحزب أو الحركة الأصلية في الوقت الذي اندمجت فيه شخصيات هامة من هذه الفئة ضمن السياقات ورؤى الحزب الجديدة ؛ بل نجدها اليوم تقود العملية برمتها في الوقت الذي تنكفىء فيه بعض الشخصيات والأطراف دون ان تتفاعل بحماس مع المشروع الجديد للحزب ولا شك أن المؤتمر القادم للحزب سيوضح الكثير من المسائل والقضايا الفكرية والسياسية والتنظيمية….وتعبر التصريحات والمواقف المتناقضة، أحيانا، لقيادات النهضة عن هذا الواقع.» «الإخوان « في مصر متمسكون بـ»المظلة» الإسلامية بدأت جماعة «الإخوان المسلمين» كحركة مناهضة للحكم تسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، وهي تعد، حسب مراقبين، أكثر الحركات استمرارية وتمسكا بخلفيتها الإسلامية، وقد يفسر ذلك في جانب منه بأنّ الجماعة لم تنشأ كحزب سياسي وإنّما كجمعية دعوية. وعلى الرغم من أنّ الجماعة انخرطت في الحياة السياسية بهدف تغيير النظام، فإنّ النظام نجح في دفعها إلى تعديل توجهاتها وفكرها، وعلى خلاف الحركات الإسلامية الأخرى نجح الإخوان في تسجيل حضور أقوى في الحياة السياسية في ظل الأنظمة القمعية، فقد شاركت خلال السنوات الأخيرة في انتخابات المجالس المحلية والانتخابات البرلمانية. وقد عارض أعضاء من الإخوان ذلك خوفا على أن يؤدي الأمر إلى المس من مبادئ الجماعة. ويرى محللون أنّ «الإخوان» أصبحوا اليوم أكثر انفتاحا على اللبرالية والعلمانية إلا أنّهم لن يتخلوا عن خلفيتهم الإسلامية بل سيعمدون إلى مزيد التصرف ببراغماتية، إذ يقود الإخوان اليوم «جناح المحافظين البراغماتيين» الذي يجمع بين المحافظة الدينية والانفتاح على التيارات والتوجهات الأخرى من خارج الحركة. أروى الكعلي المستقبل السياسي لحركة النهضة صراعات «خفية».. تحذير من الانتحار السياسي.. ودعوة إلى إعادة «الرسكلة» بعد شهر وأيام معدودة فقط من تسلمها مقاليد السلطة ضمن «الترويكا» وجدت حركة النهضة نفسها أمام الكثير من التحديات التي ازدادت مع حالات الاحتقان الاجتماعي وتواتر الأحداث وتطورها بشكل سريع قد يكون فاجأها وراوغ صناع قرارها. ويبدو أن المرحلة الدقيقة التي تمر بها على جميع الواجهات أزالت الستار عن صراعات «خفية» بين طرف متشدد وآخر معتدل أو بين الحمائم والصقور على رأي بعض المحللين وهو ما كشفته تصريحات بعض أعضائها داخل المجلس التأسيسي وخارجه بل قد تكون خلطت أوراقها بما يحتم عليها إعادة ترتيب البيت من جديد . وفي ضوء المستجدات والتزاماتها الداخلية وارتباطاتها الخارجية ومختلف أجنداتها يطرح أكثر من تساؤل بشأن مستقبلها السياسي خصوصا بعد الحديث عن تأجيل مؤتمرها بل إن البعض حذرها من الانتحار السياسي بما يدفعها إلى ضرورة تعديل بوصلتها ومراجعة مواقفها حيال عديد المسائل الجوهرية و رسكلة جمهورها الواسع إلى جانب ضرورة سعيها إلى تجاوز جيوب الشد إلى الوراء استعدادا إلى الاستحقاقات الانتخابية القادمة . وحول الرهانات التي تواجهها حركة النهضة اليوم لم يخف الدكتور إعليّة العلاّني أنها تعيش أدق وأصعب فترات حياتها السياسية. فتأشيرة العبور إلى الانتخابات القادمة تمرّ حتما عبر حلّ المعضلة الاجتماعية، وتسجيل نسبة نمو محترمة والتصالح مع النخب الإعلامية والسياسية والفكرية، فما نشهده من «محاكمات رأي» مثلما هو الشأن في قضية قناة «نسمة»، أو من سيطرة السلفيين على بعض الجامعات مثل الذي حدث في منوبة وسوسة لا يبشر بخير لنمط المجتمع الذي ينتظره غالب التونسيين. ومن الظواهر السلبية الأخرى ما نشهده من غياب للدولة وللأمن في بعض المناطق وبعدة فضاءات جامعية والتي أصبحت مهددة في دورها وفي إشعاعها. وتابع بالقول «أخشى ما أخشاه، في صورة تواصل مظاهر الانفلات الأمني بالجامعة، أن يؤثر ذلك على مستوى التحصيل العلمي وتتدحرج بالتالي مصداقية شهائدنا العلمية في الخارج. ولا أخال أن المستقبل السياسي لحركة النهضة سيكون واعدا في غياب جامعات محترمة أو في تهميش نخب البلاد سواء كانوا في مجال السياسة أو الاقتصاد أو الإعلام أو الفكر.» تجاوز جيوب الشد إلى الوراء وشدد إعليّة العلاّني على إن المطروح بإلحاح على حكومة الجبالي أن تعلن عن مبادرة سياسية يكون لها اثر عميق، حتى وإن اقتضى الأمر أن تتنازل عن بعض مكاسبها، لان التحديات المطروحة الآن لن تستطيع النهضة ولا «الترويكا» أن تحلها بمفردها. ومن المستعجل والضروري أن يدخل السيد حمادي الجبالي وشريكاه في الحكم في مشاورات مع النخب التي ذكرناها للوصول إلى ميثاق اجتماعي وسياسي يخرج بلادنا من عنق الزجاجة. وأضاف محدثنا أن عديد الاستنتاجات تستشف من مختلف المجريات أبرزها إن حركة النهضة مدعوة إلى تحيين ثوابتها النظرية حتى يتأكد الرأي العام في الانتخابات القادمة من النمط المجتمعي الذي سيصوت له. وهذا يفرض على الحركة الإسراع بعقد مؤتمرها قبل الانتخابات القادمة لا بعدها مثلما يروج حاليا داخل الكواليس. إن الناخبين في المستقبل سيأخذون العبرة مما حصل وسيكون تقييمهم صارما لمسألة الحريات سواء كانت سياسية أو أكاديمية، وسيكونون كذلك حازمين في مسألة معالجة التفاوت التنموي بين الجهات ومسألة العدالة الجبائية، وسيكونون يقظين تجاه كل المحاولات التي تهدف إلى خنق حرية الفكر والإبداع. وخلص الى القول «اعتقد أن الأمل مازال قائما في أن تدرك حركة النهضة حدّة الرهانات الحالية والقادمة، وتتخلص من جيوب الشدّ إلى الوراء داخلها قبل أن تتخلص من جيوب الردة داخل المجتمع، ولا شك أن الامتحان صعب لكن النجاح أو السقوط تحددهما طريقة الاستجابة لهذه التحديات.» مسك الأمور من الوسط وفي قراءته للمستقبل السياسي للنهضة أكد الدكتور سالم لبيض المختص في علم الاجتماع السياسي انه يبدو أن الحركة متفطنة إلى أن المحطة الانتخابية القادمة لا تقل أهمية عن المحطة الانتخابية الفائتة فالاستقرار في الحكم لن يبدأ إلا بعد الانتهاء من صياغة الدستور. ولهذه الأسباب تبدو سياسات النهضة في هذه المرحلة أنها تحاول أن تمسك الأمور من وسطها ذلك أن المشهد الانتخابي القادم سيكون مختلفا حيث ستتكتل القوى التي كانت متشظّية وحيث سيختبر الناس بعض سياسات الحكومة التي تصنف على أنها نهضويّة بالرغم من أنها مشاركة فيها . وتابع محدثنا قائلا:»وحيث سيتشكل رأي عام انتخابي جديد بعد المدة الطويلة نسبيا التي فصلته عن حكم بن علي والتي من المفترض أن تسود فيها تقاليد جديدة من ابرز مميزاتها التخلص من الخوف وربما كذلك ضعف الحشد الانتخابي الذي استفادت منه النهضة المنصرمة ومن حيث هي تشعر أو لا تشعر فان أعداء يتشكلون حول النهضة ويستفيدون من أخطائها وهذه الأخطاء متأتية من سلوكيات قيادية إذ يوجد من قواعد النهضة من لم يتمثل بعد شروط العمل السياسي في مجتمع تعددي وديمقراطي ويوجد كذلك في داخلها من يحتكم إلى مرجعيات غير المرجعية السياسية للنهضة وهؤلاء اقرب في تفكيرهم إلى السلفية وان كانوا منتظمون نهضويا «. إعادة «رسكلة» وحول التحديات المستقبلية للحركة شدد سالم لبيض على أن النهضة في حاجة إلى إعادة «رسكلة» جمهورها الواسع وهذه «الرسكلة» احتاج إليها كذلك بعض القادة الذين يصرحون من حين لآخر بمواقف تجد قيادة النهضة نفسها تتبرأ منها أو تلملمها في أحسن الأحوال .وربما كذلك النهضة في حاجة إلى اليوم أن تضيف إلى برنامجها السياسي المعلن والواضح في نقاطه بقطع النظر عما يتضمنه أن تضيف مرجعية فكرية محددة حتى لا تعود عليها بالوزر فتاوى يصدرها مفتون ودعاة ربما هي في حل منهم ولكن القواعد تتأثر بها فتنتهي إلى أن تحسب عليها من وجهة نظره. وفي تفسيره لتلك الفتاوى قال لبيض:» ومن تلك الفتاوى ما هو متعلق بتنظيمات جهادية وأصولية يبدو أن النهضة في ما هو معلن في قياداتها قد قطعت معه قطعا نهائيا. وأجد أن النهضة تحتاج لأعدادها للمرحلة القادمة أن تعيد صياغة خارطة تحالفاتها وارتباطاتها الدولية ولكن ذلك لا يمكن أن يحكم بالسياسي فقط وإنما يجب أن يكون مرتبطا بالمرجعية الفكرية التي ذكرتها .فالرأي العام في تونس تأثر خلال السنوات المنقضية بنوع من الحسم الإيديولوجي في القضايا الكبرى لاسيما القضية الفلسطينية والقضايا مع الغرب وما يرتبط به من استعمار جديد ؛ كل ذلك من الأمثلة التي تستوجب من النهضة مراجعتها وإعادة النظر فيها حتى تكون قادرة على ما كسبته من قاعدة جماهيرية هي في واقع الأمر متحركة ومن يخطبون ودها كثر» دواعي تأجيل المؤتمر وفي قراءته لدواعي تأجيل مؤتمر حركة النهضة الذي تم تأجيله إلى جويلية المقبل مبدئيا بعد أن كان من المقرر تنظيمه في مارس المقبل ذهب سالم لبيض إلى القول:» ربما يفسر التأجيل أن تجربة الحكم قد تكون أهم من إنجاز المؤتمر لأن المؤتمر ينتظر والمشاركة في الحكومات لا تنتظر إذ هي مرتبطة بشعب كامل ناهيك أن مؤتمر حركة كبرى مثل النهضة يستوجب منها إعدادا جيدا حتى تستطيع أن تحتوي جميع الاختلافات والتناقضات وحتى الصراعات الموجودة بداخلها وإدارتها بطريقة جيدة؛ وقيادات النهضة تدرك حجم مثل تلك المسائل على حد تعبيره. م.ص.ر رئيس لجنة الدفاع عن المحجّبات يدعو الحركة الى تعديل مواقفها قال وسام عثمان رئيس لجنة الدفاع عن المحجّبات بتونس ورئيس جمعية الشبان المسلمين بتونس إن النهضة تخطب ود التيار العلماني واليساري على حد وصفه وفي المقابل تخسر شريحة كبيرة من الشباب المتدين والشباب السلفي . وتابع قائلا: «موقف حركة النهضة دائما قمعي وهو ما عكسته أحداث كليتي سوسة ومنّوبة إلى جانب تنديدها بالتحركات ضد قناة «نسمة» وحث شبابها على عدم التحرك. كنت في اعتصام منوبة وتدخّلت بعض عناصر من النهضة ودعتنا إلى فك الاعتصام دون مكاسب وهو ما جعلنا نشكك في مرجعيتها الإسلامية أصلا . وفي اعتقادي إن النهضة ليس لها قاعدة شبابية والدليل ان الشباب النهضوي لم يقدر على تنظيم بعض الأنشطة .ولابد أن أدعو الحركة إلى تعديل مواقفها لأن خساراتها الحالية ونهجها السياسي سيكلفانها الكثير».
(المصدر: « الصباح الأسبوعي »(أسبوعية – تونس) بتاريخ 30 جانفي 2012)

إما نازا و إما نازية


هكذا أنا أقسم الحكومات دائما.إما حكومة مستنيرة و لها أهداف نبيلة و طموحة تعمل بدقة و إحكام مثل وكالة الفضاء الأمريكية النازا و إما حكومة مستبدة و فوضوية تسمع صراخها و شعاراتها أكثر مما ترى أعمالها و إنجازاتها و تلك هي الحكومة النازية التي تستلهم من النظام الهتلري الكثير. وكالة الفضاء الأمريكية هي خلية نحل تضم خيرة المهندسين و العلماء مسئولة عن البرنامج الفضائي للولايات المتحدة الأمريكية و عن الأبحاث المدنية و العسكرية و الفضائية طويلة المدى. تعمل النازا في صمت لكن أبحاثها و دراساتها تعود نفعها للإنسانية قاطبة (رغم سعي الولايات المتحدة للإستحواذ على المعلومات). لا مكان في النازا إلا للأكفاء فلا مجال للمحاباة أو المحسوبية و إنما الرجل المناسب في المكان المناسب أو الشخص الذي يستحق في المكان الذي يستحق. فسحت النازا المجال واسعا لعلمائها للقيام بعديد التجارب التي نجح بعضها و أخفق الآخر و لم تكن هذه الإخفاقات سببا في سقوط هذه الوكالة التي تتوفر على ميزانية خيالية بل مازالت تلقى الدعم و التأييد من الحكومات الأمريكية المتعاقبة و تعتبر مفخرة الشعب الأمريكي الذي « يريد غزو الفضاء ». الحكومة النازية هي التي تولت مقاليد السلطة في ألمانيا عام 1933 و التي إنبنت على التمييز العرقي و على حجة القوة عوض قوة الحجة و على الإضطهاد و التعذيب و القمع و الإغتيالات و أخيرا الحروب التي أدت إلى الحرب العالمية الثانية و إلى هزيمة ألمانيا و حلفائها. ما من شك أن الحكومة النازية(و من جنسها أيضا الفاشية و الشيوعية و التجمعية) كانت أسوأ أنواع الحكومات التي شهدها البشر رغم أنها كانت منتخبة من الشعب الألماني. إن هذا الصنف من الحكومات ليس سوى أحد الصور البشعة للإستبداد و الديكتاتورية التي تقود حتما و مهما طال الزمن إلى فناء البشر و الدول و العمران. لقائل أن يقول ما دخل النازا و النازية بتونس؟ الأمر غاية في البساطة فبعد 23 سنة من الحكم الفردي و بعد عقود من التسلط و الإستبداد قامت الثورة التونسية بتغيير كل المعادلات و الحسابات السياسية. لم يعد الحديث الآن عن توريث الحكم و لا تمديده و لا عن إنقلاب مفاجئ يقوم به فارس على ظهر دبابة و لكن عن حكومة جديدة و قادة جدد وخريطة سياسية جديدة و طبعا أعود هنا إلى تقسيمي البسيط فإما سيكون في تونس حكومة « نازا » أي حكومة علماء و متخصصين و كفاءات و أمناء (و أنا لا أقصد هنا الحكومة التكنوقراطية بمفهومها الكلاسيكي) نهنّأ المناصب بهم عوض أن نهنئهم هم بالمناصب, يعملون في صمت بعيدا عن الأضواء و التهريج لصالح هذا البلد و شعبه و إما ستكون حكومة تستلهم رؤاها و أساليبها من الحركة النازية مثل أن تعلي الناس حسب دينهم و تقواهم أو إنتماءاتهم الجهوية و ليس حسب كفاءاتهم أو أن تجعل من التقدم و الإزدهار و سيادة العالم مجرد شعارات تخدّر بها العواطف عوض أن تعمل و أن تستنهض العقول أو أن تعود إلى إستعمال القوة لإقناع المخالفين أو تزيلهم من الوجود أصلا.إن الإنزلاق إلى هذا النوع من الحكومات ليس أمرا صعبا أو مستحيلا و ليس هناك أحد معصوم فالنفس تهوى من ينقاد إليها و تنفر بطبعها ممن يخالفها و كذا الأمر بالنسبة للحكومات و السؤال الآن هو كيف نجتث « حكومة النازية » و نغرس بدلا منها « حكومة النازا »؟ إن حكومة النازا أو العلماء التي أصبو إليها ليست منزلة من السماء و تفترض توفر هؤلاء العلماء أو المتخصصين أو الكفاءات و تفترض أيضا إيمانهم بهذا الوطن و تفانيهم في العمل لصالحه. إن وجود مثل هؤلاء أمر يتطلب « تربية » خاصة ليست من ذاك النوع الموجود الآن في المدارس و المعاهد. إن ما نحصل عليه بعد سنين من التعب و الجهد و إنفاق الأموال هو « تلميذ ببغاء » همّه الأول الثراء و همّه الثاني الرحيل عن تونس حينما تتوفر الفرصة و لعل الخطوة الأولى لنجاح »الحكومة المستقبلية » هي تغيير المنظومة التعليمية الحالية و تركيز منظومة عصرية.إن الإستثمار في العقول يبدأ الآن و في رياض الأطفال و المدارس قبل المعاهد و الجامعات. كان الدكتور مالك بن نبي دقيقا حينما قال أن التفوّق الحضاري يكون نتاج ثلاث عناصر الإنسان و التراب و الوقت و أنا الآن أتحدث عن الحلقة الأهم وهو الإنسان. إن تركيز منظومة تعليمية عصرية من الآن ستثمر غدا رجالا أكفاءا يتولون مقاليد الحكومة و يعملون بدقة و إحكام وصرامة و صلابة وكالة الفضاء الأمريكية و إلا فنحن لا نقوم الآن سوى بتهيئة الأرضية (بالجهل و الفقر) لتنبت حكومة نازية في نسخة جديدة ستكون حتما أشد فتكا و تدميرا…
يسري الساحلي yosri1909@yahoo.fr

الصورة المقلوبة !


نورالدين المباركي*
لا يبدو المشهد العام في البلاد واضحا أو على الأقل يدفع للاطمئنان فالضبابية والخوف من الانزلاق نحو المجهول عناصر مازالت تلقي بظلالها ويرددها المواطن العادي كما المراقب السياسي.    السؤال الذي يتردد :  » البلاد وين ماشية ؟ » وهو مستمد من الوقائع الميدانية وما يحدث على الأرض ، اقتصاد تكاد تلامس نسبة نموّه صفر بالمائة و مصانع لا تعمل و  ارتفاع في نسبة البطالة و القطاع السياحي يعاني صعوبات  وتجاذبات سياسية عميقة.    هذا هو المشهد العام رغم حصول انتخابات أفرزت مجلسا تأسيسيا أنتخب حكومة لتسيير البلاد و الخروج بها من عنق الزجاجة .    الأكيد أن ثورة 14 جانفي 2011 لم تنجز لإحداث هذا « الانقلاب السلبي » في البلاد . إنما أنجزها الشباب وأبناء الجهات الداخلية المعدمون من أجل الحرية والتشغيل والتنمية العدالة ، من أجل وجه جديد لتونس.   ماذا حدث؟   في السياسة التبرير وتركيب الجمل لرسم صورة معينة مسألة سهلة ويمكن لأي ناشط سياسي أن يجد بدل التبرير الواحد عشرات التبريرات . كالقول إن المرحلة الحالية استثنائية، أو أن تونس مازالت تعيش المرحلة الانتقالية ، أو أن قوى الثورة المضادة مازالت تتحرك لإفشال الثورة…   قد لا يختلف عاقلان حول هذه العوائق وأهمية تأثيرها في الواقع  لكنها وحدها لا تفسر ما يحدث عن الأرض ثمة عناصر أخرى لا تقل أهمية وخطورة أهمها أن العملية السياسية ما زالت تحتل النصيب الأكبر في اهتمامات الفاعلين السياسيين مما جعل مسارها ( مسار العملية السياسية) يسير في طريق عكسي لمسار التنمية والإصلاح الاجتماعي. وهو ما يذكر بإحدى مفارقات نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي كان يفتخر بتقدم نسبة النمو وسلامة الاقتصاد وفي الوقت ذاته كان منغلقا سياسيا ولا يسمح بالحريات ويقمع الرأي الآخر .    أما اليوم فإن الصورة أصبحت مقلوبة فالفاعلون السياسيون يشيدون بفضاءات الحرية والديمقراطية وتقدم العملية السياسية وفي الوقت ذاته هناك صعوبات اقتصادية واجتماعية خطيرة تنذر بأزمة حقيقية .    بعد 14 جانفي اكتشف الجميع أن الرفاه الاجتماعي والتقدم الاقتصادي لنظام بن علي كانت أكذوبة فهل نكتشف بعد مدة أن كل ما يقال حول الحرية والديمقراطية هو أيضا أكذوبة !!! ·
* صحفي /تونس

بين اتحاد الشغل واتحاد الفاضيين الشغل أو الاتحاد الأخ الغير شرعي للتجمع الدستوري الديمقراطي


عندما يطلع التونسي عن الأهداف الأساسية لنشأة الاتحاد العام التونسي للشغل زمن فرحاة حشاد والنقابيين الوطنيين الشرفاء سيفهم بالتأكيد الانحدار المخيف الذي سقط فيه هذا الصرح النقابي وهو شبيه بالانحدار الذي حصل أو سقط فيه حزب الدستور فلو تابعنا التطور التاريخي وقمنا بدراسة عميقة للهياكل والمكونات وصولا إلى القرارات والتوجهات ولا ننسى  كذلك طرق التسيير والإدارة والتكوين سنلاحظ تشارك الهيكل النقابي وهنا اتحاد الشغل والهيكل السياسي حزب الدستور بمختلف تسمياته في الهدف من النشأة وهو خدمة قضايا وطنية ذات منحى سياسي بالنسبة للحزب وذات منحى اجتماعي بالنسبة للنقابة وهي تصب عموما في تقديم مشروع وطني يدافع عن الحقوق القطرية  للشعب تطورت مطلبياتهما  ذات الصبغة الوطنية بحسب تلاحق الأحداث بتونس إلى حدود بداية نشأة الدولة التونسية وعملية التأسيس للاستقلال الداخلي ثم التام وسيكون المنعرج الأول أو السقوط الأول مع المجلس التأسيسي حيث عمدت قيادتا الحزب و الاتحاد على عقد تحالف جمعا للصفوف وضمان لعدم تشرذم أصوات المقترعين وبالتالي لتحقيق فوز ساحق يضمن إبعاد وتصفية الخصوم السياسيين  مما يمكن من اقتسام الكعكة السياسية السلطوية على مستوى قيادة الدولة أو الحركة العمالية كما كان الحبيب بورقيبة يصرح بذلك وهذا الاقتسام اعتمد كطريقة عمل تواصلت منذ بداية الاستقلال والاتفاق الأول إلى حدود السنة المنقضية على مبدأ حلف الأعداء ظاهريا  الأصدقاء أو الشركاء بشكل مخفي فيترك حيز ضيق للقواعد للتناحر والتصادم بينما القيادات تتبادل الأدوار والرشاوى السياسية والمكافآت الاجتماعية  حسب التطورات والأحداث القطرية وهو شبيه للأسف بما يحدث في الجمعيات الرياضية ومع مرور الحزب الى السرعة القصوى نحو التفرد بالحكم السياسي المطلق ولكنه ترك بطريقة ممنهجة مجالا ضيقا ومفتوحا  ومراقب للقيادة النقابية للمناورة في ميدان الفعل النقابي وليس الهدف من ذلك تطوير الحياة النقابية الاجتماعية وإنما في نطاق المحافظة على بند التحالف وتبادل الأدوار وخلق متنفس للفعل وللتحرك الاجتماعي المراقب والمتابع من قبل أجهزة الدولة وليس هنا المجال للحديث عمن كان يجهض الفعل النقابي الحقيقي والذي يمكن أن يقلب التوازنات الاجتماعية المليئة بالحيف  أو  يوشي بها للجهاز الحاكم فالجميع يعرف وحتى في زمن انغلاق المجال للفعل السياسي والفكري والاجتماعي والتحاق أفراد وجماعات ذات توجهات عمالية ويسارية وقومية وبعثية الخ بالاتحاد باعتباره مجالا مفتوحا للفعل الحر في صورة أشبه بتحول الاتحاد من لعب دور الهيكل النقابي المدافع عن المطالب العمالية الاجتماعية بالأساس إلى لعب دور الحزب السياسي الخفي والمعارض للحزب الحاكم ولكنه بقي في تحركاته سطحيا فوضويا و بعيدا كل البعد عن قدرة الفعل الحقيقي والشامل  إلى حد العجز والسقوط في المكان والفوضوية  وذلك باعتبار تمسك قياداته ببنود الحلف التاريخي بينها وبين الحكومة وباعتبار الاتحاد مثقل بتيارات فكرية وسياسية تصل إلى حد التناقض والتناحر وإلغاء الإطراف الأخرى وتمسك كل طرف بامتلاكه الحقيقة ومن ثم ضرورة إملاء توجهاته الخاصة  على واقع سياسي واجتماعي مترد ولا علاقة له بالأساس بالأساليب المقترحة والتي يسعى كل طرف لفرضها على الأخر لدرجة عدم القدرة على بلورة وإنتاج بيان واضح المعالم أو طريقة تحرك و تسيير وفعل واضح وهذا يمكن ملاحظته في بيانات الاتحاد المليئة بالعبارات الفضفاضة التي لا معنى لها ويمكن هنا دراسة وتحليل بيانات الاتحاد حسب التطورات التاريخية التي مرت بها المنظمة وهنا السقوط الثاني ولقد أضاعت المنظمة العمالية وقتا ثمينا جدا في المشاحنات الداخلية حيث لم يمكنها من تطوير  هياكلها لا داخليا وذلك بتطوير طرق التسيير و الإدارة والتكوين والرقي أساسا بالعمل النقابي الفاعل ولا خارجيا بتطوير إشعاع كفاءتها خارجيا بتبادل الأنشطة والمساهمة الفعلية في تطوير الحياة الاجتماعية وتنمية شبكة علاقاتها وعموما ففاقد الشيء لا يعطيه ولم تتعدى الحركة النقابية الاحتجاجات المطلبية نحو البناء والإنتاج وهو السقوط الثالث ولكن يمكن إضافة أن عدم قدرة المنظمة على التطور يمكن تفسيره والرجوع إلى أسبابه العميقة والمباشرة مع خلفيات بند الحلف مع المجموعة الحاكمة وهي قيادات الحزب وعلى رأسها الحبيب بورقيبة والتي اعتمدت على أصوات الاتحاد لتصفية الخصوم السياسيين وإبعادهم ومن ثمة تكون القسمة السياسة لنا ومجال القيادة النقابية لكم وهنا يجب التفريق بين القيادة أو كرسي القيادة ومجال الفعل النقابي فان تكون في القيادة ليس بالضرورة أن تكون فاعلا ومناضلا ومنجزا  ومن هنا كما تكونت فئة سياسية تعتمد الاستمرارية في الحكم والتوريث السياسي للمناصب المستندة على الو لاءات حيث تكونت فئة نقابية قيادية تتوارث اتحاد الشغل وتكتسب شرعيتها في كيفية استغلال وترجمة بند التحالف مع الفئة السياسية لأجل التمعش في عملية مماثلة لما يجري مع قيادات الحزب وبالتالي كما كانت المجموعة المتنفذة سياسيا رافضة لكل تطور للحياة السياسية يضر بمصالحها الضيقة تكونت فئة نقابية رفضت وعرقلت ومنهجت طرق نهب الاتحاد دون ترك المجال لأي عملية تطوير وذلك خوفا على مكتسباتها الضيقة وقد اعتمدت المجموعة النقابية مبدأ الانقلاب الداخلي مرضاة للسلطة الحاكمة ولتصفية النقابيين والقيادة التي فقدت صلاحيتها وصلوحيتها طبق الاتفاق مع السلطة الحاكمة ولتجديد التمعش من الحلف  وهنا السقوط الرابع وبالتالي فان الزائر إلى دار التجمع سابقا آو مقر الاتحاد لا يلاحظ اية فروق بينهما على مستوى الاستقبال أوالتجهيزات بالمكاتب آو طرق الاشتراك آو العاملين بهما اوالمسؤولين أو الإداريين وحتى سعاتهم لا فرق بناءات كبيرة خاوية تملئها ظواهر وفقاعات صوتية وجدران مليئة بصور الأصنام أو رموز وطنية يزين بها المكان لكسب الشرعية  كشهادات صلاحية المحل وذر الرماد في العيون ولا تكوين يرقى بالطبقة الشغيلة وحتى الزيادات في الأجر كانت في اغلبها في شكل صدقات حكومية وليست نتيجة فعل نقابي حر ومسئول تقبل فيها أيادي المانح لمحافظته على كرسي الطالح بالاتحاد و لقد قامت القيادات الحزبية والنقابية  بإنتاج طابور خامس عبر فروعها يعتمد نفس الأساليب في السيطرة والتمعش والنهب حيث تقدم فيه المصلحة الشخصية على كل شئ بعرقلة أي فعل يمكن أن يحسن المناخ السياسي والجمعياتي والتنموي المحلي وذلك عبر مسئولي الولاية أو لجنة التنسيق أو رئيس الشعبة المهنية أو الترابية هذا في مستوى الحزب أو التهديد والقيام بتحركات اجتماعية جهوية أو على مستوى المؤسسة بالنسبة لأعضاء النقابات الأساسية او الاتحادات الجهوية المتوارثة لعرقلة أي عملية لفرض مقاييس عمل وإنتاج جديدة وكل مقترح لا يراعي المصالح الضيقة للطرف النقابي المتمعش والكل ينهب ويغني على ليلاه ومن أهم الأساليب المتفق عليها والمضحكة بصفة قانونية والتي سعت قيادة الاتحاد والحزب على فرضها هيكليا وقانونيا هو مبدأ التفرغ ويصبح بمقتضاه الإطار الحزبي أو النقابي متفرغا للفعل النقابي أو السياسي حيث يتقاضى أجره كاملا بالإضافة إلى الامتيازات والترقيات التي تمنح أولا  للإطار السياسي أو النقابي دون أن يعمل بالمؤسسة وبالتالي يتفرغ نهائيا للمحافظة على مكتسباته الضيقة ومصالح مرؤوسيه بالحزب او الاتحاد وهنا السقوط الخامس بوجود شكل إداري وقانوني لإفراد اقرب إلى الميليشيات الإدارية منها إلى النضال وان توقف العمل بهذا الأسلوب مع زوال التجمع فان الاتحاد مازال يحافظ على نفس الأسلوب في التمعش إلى أن  وصل الأمر إلى افتعال الأسباب لطرد مديري مؤسسات وتلفيق التهم العديدة لهم لهدف المحافظة على مصالح النقابي في التمعش الضيق حتى أصبح من المضحك الحديث عم مطالب نقابية تدعو إلى إزالة أجهزة وإدارات كاملة عبر العديد من المؤسسات كإدارة المراقبة والتصرف او إبداء النظر في الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية وقد تطور الأمر في المؤسسات التعليمية إلى حد وقع تعيين أغلبية مديري المعاهد من أعضاء النقابات المتواجدة بالمؤسسة فأصبح حاميها حراميها وحتى على المستوى الأمني أنتج اتحاد الشغل أجهزة حماية وأفراد للحماية وار جاع الناس إلى الجادة عفوا إرجاع الشاة الشاردة إلى القطيع في شكل عناصر أمنية سجلهم التكويني بطاقة عدد ثلاثة بملاحق وقد لوحظ تواجدهم في المؤتمر الأخير وشخصيا شاهدتهم في تظاهرات الاتحاد الجهوي بسوسة وبتزايد تحول الحكم السياسي إلى شكل شمولي مطلق ترجم  الحزب الاشتراكي الدستوري ومن بعده التجمع الدستوري الديمقراطي عملية السيطرة بالتحول إلى هيكل يحتوي الجميع إلى حد احتضان الفئات المتناقضة اجتماعيا وفكريا فهو حامي الدين والمدافع عن فصل الدين عن الدولة والحداثة وهو حامي الشغالين والمدافع عن الأغنياء وهو الرائد في الفعل الديمقراطي مع التمسك بالحكم المطلق وهو وهو ومناقضاتها وباختصار احتوى كل شئ ولا شئ إلى الحد الذي أدى به الى التحجر وعدم القدرة على الفعل ومن هنا الانهيار والاتحاد يعاود اليوم نفس الأسلوب وهو المحمل بأمراضه وتناقضاته السابقة أصبح مند انتفاضة تونس وليست ثورة المدافع عن العمال وعن الفئات المهمشة والعاطلة ويطالب بالزيادة في الأجر ويطالب بالتشغيل  ويتحدث عن الشكل السياسي للدولة وعن التوجهات الاقتصادية وكنا نحسبه نقابيا عماليا ففاجأنا بأنه حزب سياسي بلا ترخيص إلى حد تحوله إلى سوق عكاظ الكل يعلق معلقته إلى حد التناقض يتبني مطالب وإضرابات ومن ثمة النفي النقيض ومن بعده النقيض وفي كل طبل يمسك النقابيون بحبل  وكان السقوط مع نشر نتيجة الانتخابات حيث سقط جميع النقابيين وكنا نحسبه النجاح الباهر فصار الفشل الساحق وكنا نحسبه المشع فاكتشفنا انه نكرة ويظهر أن نذور النهاية قد بدأت تنكشف إن لم يقم النقابيون بالفعل الصحيح لإنقاذ المنظمة التي يمكن أن تعرف نفس مصير رفيق دربها الحزب الدستوري وهناك معطى جديد وهو ظهور التعددية النقابية ولقد حافظت منافستي الاتحاد عن العمل النقابي مع رفض التطرق إلى كل الهوامش الخارجة عن المطالب العمالية في عمل ممنهج يؤكد معرفتها الجيدة بوضعية الاتحاد المترنح
مراد ماني

الغيرة السياسية القاتلة في تونس


قد يستغرب القارئ من وجود غيرة في العلاقات السياسية لأنه كثيرا ما كنا نسمع مصطلح الغيرة يتداول فقط بين النسوة أو جيران الحي أو بين الأقارب ، و حتى هذا النوع من الغيرة فهو قصير العمر و محدود الأثر ، و أما الغيرة السياسية فهي قاتلة و مهدمة للأوطان و مفككة للتعايش السلمي داخل المجتمع المتماسك ، و للغيرة قصص و أحداث… ذكرتها الكتب السماوية و دونها علماء التاريخ و الاجتماع و النفس باعتبارها سببا رئيسيا في إحداث الشرخ في العلاقات الانسانية ، أو لعلها من أكبر العناصر التي كانت وراء دمار أنظمة و مجتمعات و دول و حتى زوال ممالك و غياب زعماء ، لا لشيء سوى من حقد و غيرة غمرتا قلب صاحبهما و جاء ذكر الغيرة و الحسد في القرآن كأول دافع لقيام جريمة قتل على البسيطة و هذا ما سيأتي ذكره لاحقا . و لكن قبل الإبحار في صفحات القرآن و كتب التاريخ يؤسفني ان أشير إلى أن ما تشهده تونس اليوم من انفلاتات أمنية و مظاهرات مشتتة هنا و هناك و دعوات للخروج على الحكومة الشرعية و اعتصامات بسبب و بدون سبب و اضرابات محقة و أخرى غير ذلك فإن دوافع جل ذلك وراءه الغيرة و الحسد لأن اليسار المتطرف و بقايا النظام البائد خيل إليهما أنهما من صفوة القوم و أنهما الوريث الشرعي لعائلة الطرابلسية فضلا عن ذلك كانت لهما امتيازات و كانا يرغدان في بحبوحة من العيش في العهد القديم و لم يرق لهما أبدا أن يكونا خارج السلطة و قد ذاقا حلاوتها و استمتعا بامتيازاتها و لم يستسيغا مطلقا انتقال السلطة لحركة النهضة على الخصوص ، لان رجالها من القوى الرجعية و الظلامية و لا يحسنون سوى تشييع الجنائز و قراءة القرآن على الأموات كما يعتقدون . و لكن اليوم … الحال تبدل و الزمن الذي نعيشه غير زمن الماضي و بدل الله برد الشتاء برياح الربيع و زعماء المافيا بأئمة مستضعفين و شعب خانع بشعب ثائر و استجاب القدر لإرادة حياة الشعوب المؤمنة التي هداها الله لسبيل الحق و العدالة و الحرية . و لكن تبقى دائما قوى الشر و النفوس الدنيئة تكابر و تصارع الحق و الفضيلة لأنها اعتادت على العيش في الأوحال من الرذيلة و الفساد طيلة عقود مضت و يصعب عليها الانتقال من حياة دنيئة الى حياة هنيئة و لذلك يجد الحقد و الغيرة موطن قدم في نفوسهم و يدمرون كل معنى للخير و للفضيلة . و اليكم امثلة و قصص لتقريب الصورة و إجلالا للأمر : جاء في القرآن و من بعده في كتب التفسير أن أول معصية لله كانت في الحسد حيث امتنع إبليس أن يسجد لآدم و استكبر و قال كيف أسجد لمن خلقته من طين و أنا خلقتني من نار فدخل الحسد قلبه و عصى الله فطرده جل جلاله و تولد من طرده كل بلاء و فتنة عليه و على العباد كما جاء ذلك في كتاب سبل السلام و أصبح يتحالف مع كل نفس ضعيفة تسعى في الأرض فسادا و تأبى الخير و الإيمان و التوحيد . و في مشهد آخر لا ينفصل عن نزعات الشر و الأنانية و التعالي ، حينما رغب هابيل بالزواج من اخت قابيل التي كانت أجمل من اخت هابيل و عملا بشريعة ذلك الزمان ، الا أن قابيل استأثر بها على أخيه و غلبته نزعات الانانية فاحتكما لله عز و جل فتقبل الله قربان هابيل و لم يتقبل قربان الآخر فغضب قابيل و ملك قلبه الحسد و الغيرة فرفع صخرة و شدخ بها رأس أخيه… و بذلك كانت أول جريمة قتل تحدث على الارض و رجح كثير من المؤرخين أن أحداث الجريمة تمت ببلاد الشام ، و ربما إذا صح التأويل فإن المجازر اليومية التي نشهدها في يومنا هذا بسوريا قد يكون مردها أن سوريا كانت بلد منشأ الجريمة و صاحبة سابقة قتل شنيعة بين أخوين يفترض أن يعمرا الأرض زرعا و حرثا و إيمانا و توحيدا و ليس للتقاتل و التباغض و إن كان هابيل استعصم بالله و رفض ان يجاري أخيه . و موقع الجريمة أصبح مزارا بدمشق لكل من له رغبة في المزيد من المعرفة و التدقيق . و في عرض قرآني آخر يتحدث عن فيروس الغيرة و الحسد لما ينخرا جسم الانسان و يفتكا بالمناعة و سلامة العقل و ذلك حينما عرف نبي الله يعقوب ان رؤية يوسف عليه السلام تتضمن مجدا و سلطانا لابنه فمنعه من ذكر ما رآه في المنام لإخوته خوفا عليه من الحسد إلا أن إخوته ملكتهم نزعة الشر على نزعة الاخوة فحسدوه و غاروا منه من كثرة ولوع أبيهم به و إيثاره عليهم فدبروا له مكيدة و القوه في الجب . و في واقعة مشابهة لقصة قابيل و هابيل و في زمن التصفيات الجسدية التي قام بها ستالين بالتحديد و التي لم يسلم من بطشه منها أحدا ، حيث دفعت نزعة الغيرة و الحسد ستالين من رفيق دربه تروتسكي التي كانت حياته حافلة بالنشاط السياسي الثوري و كان طموحا لتولي زمام السلطة في الحزب و الدولة و كان مؤهلا لذلك فسولت لستالين نفسه باغتيال رفيق دربه تروتسكي بمنفاه بالمكسيك سنة 1940 و شدخ رأسه بسطور على طريقة قابيل و إن اختلفت أداة القتل و الفرق الزمني و لكن تبقى غريزة الشر و الحسد و الغيرة دافعا أساسيا لارتكاب الجريمة . إن الغيرة السياسية تدفع صاحبها لارتكاب جرائم قتل مع سبق الإصرار و هذا ما جرى لرسول الله مع يهود المدينة لما كانوا يعتقدون أن النبوة لا تخرج منهم و أن الزعامة الدينية في جزيرة العرب تبقى تحت عباءتهم و لما أظهر الله محمدا صلى الله عليه و سلم اغتاظوا و أشعلوا حربا ضد رسول الله حتى أطفأها الله . و اليوم في تونس و بعد الاف السنين من تلك الأحداث يبقى القاسم المشترك بين قوى الشر قائما يهدد الأمن و سعادة البشر ، و النزعة البشرية الأنانية التي يغذيها الحقد و الحسد و الغيرة تكرر مشهد إبليس في استكباره و عدم قبوله للاخر كما هو الحال في تونس و يستأثر جمع كبير من بقايا النظام و فلول اليسار المتطرف بمواقع حساسة بالدولة كما استأثر قابيل بأخته رغم مباركة الله لهابيل . فضل نبي الله يعقوب إبنه يوسف على إخوانه لصفات لم يجدها عند غيره فحسده إخوته و أسقطوه في الجب و نفس حلقة التاريخ تتكرر و يفضل الشعب التونسي الحركة الاسلامية على بقية أحزاب العلمانية المتطرفة و اليسار الملحد فيغمر الحسد قلب المنهزمين و يريدون إسقاط الحكومة في جب الارهاب و ردة فعل غير مدروسة . و في محاولات ابتزازية من قبل المنهزمين و سعيا منهم لإسقاط الحكومة تحت أي مسمى يستمر مسلسل الغدر و الحسد و الغيرة و كانت أول حلقاته الاستفتاء ثم إعلان المسار الانتقالي ثم تشكيل المجلس الموازي و أخيرا و ليس آخرا إعلان تصحيح المسار السياسي و لا عجب أن نسمع غدا تشكيل حكومة بديلة مادام الحسد و الغيرة عميت بصيرتهم و بعبثهم هذا الصبياني سيجرون البلاد الى حلقة من الأزمات و التعقيدات و يكون المواطن التونسي البسيط هو الخاسر الأكبر … و أختم مقالي بهذه الاسطورة التي كثيرا ما يتم تداولها ببلاد الشرق و هي تختصر الحالة التونسية الحالية و للقارئ أن يفك العنان لخياله و يستحضر تونس و القوى المتناحرة على السلطة . ذهبت إمرأة إلى جان تسأله أن يعطيها كل ما تطلب ، فوافق الجان شريطة أن جارتها ستنال ضعف ما تحصل عليه و كان الاتفاق . فطلبت في البدء منزلا فاخرا ، فكان لها ما أرادت و إذا بجارتها تملك منزلين فاخرين ، فطلبت المرأة سيارة فخمة فكان لها ما أرادت و إذا بجارتها تحصل على سيارتين فخمتين . فاغتاظت المرأة الاولى و بدلت سؤلها حتى تنتقم من الثانية فذهبت للجان و سألته ان يفقع عينها ،فكان لها ذلك و إذا بالثانية تصبح عمياء ففرحت بفكرتها و سألت الجان في المرة الثانية أن يقطع يدها اليمنى فإذا بالثانية تخسر اليدين الاثنتين و طلبت أيضا من الجان ان يقطع رجلها اليمنى ففعل و إذا بالثانية تفقد رجليها الاثنتين و قالت المرأة الاولى هكذا أنا الآن أحسن حال و افضل منها.
حمادي الغربي

انتخابات مصر هزمت المخاوف الأمنية


عبد الرحمن سعد-القاهرة مع بدء اليوم الثاني للمرحلة الأولى من انتخابات الغرفة الثانية للبرلمان المصري بعد الثورة (مجلس الشورى) تبددت المخاوف التي سبقتها وسبقت انتخابات الغرفة الأولى (مجلس الشعب) من وقوع حوادث عنف أو بلطجة أو إخلال بالعملية الانتخابية أو سلامة الناخبين, بعد أن جرت الانتخابات في سلام من الناحية الأمنية. وفسر الخبراء ذلك بأن انهيار جهاز الأمن خلال ثورة 25 يناير جاء لصالح إجراء انتخابات آمنة، لأنه كان يوجهها لصالح الحزب الوطني المنحل، وقياداته السياسية، كما كان يستخدم البلطجية لترويع الناخبين. وفي المقابل وجه حقوقيون وثوريون انتقادات إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة متسائلين « طالما أن البلطجية معروفون، ويمكن إخضاعهم للسيطرة الأمنية، فلماذا يتم تركهم أحيانا ليعيثوا فسادا؟ ». وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قد ذكر في بيان له عقب انتخابات مجلس الشعب أنه لم تسجّل اعتداءات صارخة تخل بأمن العملية الانتخابية، أو سلامة الناخبين، وأنه لوحظ تعامل قوات الأمن والجيش معها بمسؤولية. ثقافة مجتمع وأرجع الخبير الأمني ومدير مركز الدراسات الإستراتيجية وأخلاقيات الاتصال الدكتور سعد الزنط الخوف من حدوث مشكلات أمنية قبل بداية الانتخابات إلى ثقافة المجتمع المصري التي وصفها بأنها « مرتبطة بصورة ذهنية للانتخابات على أنها لا تتم إلا بتدخلات أمنية سواء بتزويرها لحساب أشخاص محددين، أو حشد رجال الأمن العام للبلطجية ومحترفي الإجرام لحساب آخرين ». وقال الخبير الأمني للجزيرة.نت  » إن الانفلات الأمني بعد الثورة أدى إلى تخوف الناس من أن يطول العملية الانتخابية، إذ كانت الانتخابات تُدار أمنيا قبل ذلك، كما تم تسييس المؤسسة الأمنية، بحيث كانت تقود الانتخابات في اتجاهات ترضي القيادة السياسية، وهو ما لم يعد له وجود هذه المرة ». وذكر أن انهيار المنظومة الأمنية كان في صالح أمن العملية الانتخابية خاصة أن القوات المسلحة وعدت بصنع مشاركة مع المؤسسة الأمنية لتأمينها، برغم أنها ليست ملزمة بتأمين الانتخابات، طبقا للدستور. وأشار إلى أن الشعب خرج بكثافة في انتخابات مجلس الشعب نكاية في النظام السابق الذي تحول من فساد الإدارة إلى إدارة الفساد، وأملا في الإسلاميين الذين منحهم غالبية أصواته، وأن التيارات الإسلامية نفسها شاركت بقسط وافر في تأمين الانتخابات، فكان النجاح لمصر ». وكانت وزارة الداخلية أعلنت قبل أيام اعتقال ياسر الحمبولى أشهر بلطجي في قنا، ومحمد أبو هانم أشهر بلطجي في الدقهلية، ولا يكاد يمر يوم دون الإعلان عن ضبط تشكيلات عصابية أو كميات سلاح، كما انخفض معدل سرقات السيارات، لكن الأمر في حاجة لتنشيط قطاعات نوعية كمباحث النقل والتموين، وفق الزنط. البلطجة السياسية ويلاحظ الخبير والمحلل الأمني الدكتور عبد الحميد عمران أن الخروج المكثف للشعب في انتخابات مجلس الشعب أدى إلى ردع البلطجية، وأن العزوف الجماهيري عن انتخابات مجلس الشورى نزع فتيلهم، في ظل حماية قوات الجيش والشرطة للجان، ومعاملتها الحسنة للمواطنين. لكنه يحذر مما يصفه بـ « تجمعات القوى الثورية التي تمارس البلطجة السياسية في أماكن أخرى كميدان التحرير، وأمام مبنى الإذاعة والتليفزيون (ماسبيرو) ». ويقول للجزيرة نت « مركب الثورة صار محملا بالأحمال الزائدة التي توشك أن تغرقها، ويجب على الثوار التخلص منها، وإلقاؤها في البحر ». ويرى أنه إذا لم يسارع المجلس العسكري للتخلص من البلطجية، والضرب بيد من حديد على من يبثون القلاقل؛ فسيكون هذا موقفا مائعا منه، لأن حرية التعبير لا تعني المساس بمؤسسات الدولة. انفلات مفتعل لكن نائب رئيس مركز مصر للدفاع عن حقوق الإنسان يرى أن الانفلات الأمني مفتعل، وأن المجلس العسكري يسير على خطى النظام السابق برفع شعار « أنا أو الفوضى » مشددا على أن البلطجية صناعة جهاز أمن الدولة المنحل، وأنه كان يستغلهم في تزوير الانتخابات. ويقول الجندي للجزيرة نت « ما زال كهنة معبد فرعون المخلوع يديرون البلاد بطريقتهم، إذ يفزعون المصريين، ويفتعلون الأزمات، ويدعون أن الطرف الثالث هو المسؤول ». ويطالب بأن يعود الأمن المركزي قطاعا من القوات المسلحة، لأن « العسكري فيه مجند بها »، كما قال. المايسترو ويبدي المتحدث الإعلامي للمجلس التنفيذي للدفاع عن شرعية الثورة عمرو عبد الرحمن دهشته من أن الأوضاع الأمنية في تحسن « كأن هناك مايسترو يتحكم فيها، بدليل أن الانتخابات جرت بشكل آمن، بما يثبت أن المجلس العسكري قادر على التحكم بالأمن، لكنه يحرك ذلك وفق مصلحته، فإذا اقتضت الظروف إخماد الثورة فيترك البلطجية يعيثون فسادا ». ويشدد عبد الرحمن -المنتظم ضمن معتصمي ماسبيرو حاليا- على أن الأمن لن يستتب إلا بأن يسلم المجلس العسكري مهامه إلى سلطة مدنية فورا، محذرا من إجراء الانتخابات الرئاسية تحت حكمه، بعد أن تراكمت الخبرات في تعامل الثوار معه، مما يملي عليهم عدم الثقة بوعوده ». وكانت وزارة الداخلية أصدرت (مدونة قواعد سلوك وأخلاقيات للشرطة) باعتبارها دستور عمل يحكم الأداء الأمنى خلال المرحلة المقبلة، وتتضمن بنودا تدعو لاحترام الدستور والقانون، وأن الشرطة فى خدمة الشعب.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 30 جانفي  2012)

هل بدأت ثورات الربيع العربي بالهدوء؟


تساءلت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور بشأن توجه الاحتجاجات والثورات الشعبية العربية إلى التضاؤل والهدوء، وذلك بعد أن أطاحت الثورات العربية بما أسمتها الصحيفة الأنظمة الدكتاتورية في كل من تونس ومصر وليبيا. وأشارت ساينس مونيتور إلى ما وصفتها باختلاط مظاهر الفتن والمآسي والابتهاج بالنصر على الأنظمة الطاغية، وهي تلك المظاهر التي شهدتها البلدان العربية الثائرة منذ 2011 في إطار إعادة تشكيل العالم العربي. وأضافت الصحيفة أن عام 2012 بدأ يشهد هدوءا على مستوى الثورات الشعبية العربية، وأن البعض بدأ يخطط لوضع الإستراتيجيات المناسبة للإصلاحات السياسية والاقتصادية، وخاصة تلك التي تضررت بشكل كبير جراء اضطرابات العام الماضي في البلدان الثائرة في المنطقة العربية. وقالت إن الدعوات الشعبية من أجل التغيير السياسي في بعض البلدان العربية الأخرى ربما تمر بمأزق أو أنها وصلت إلى طريق مسدود. ففي البحرين، أدى القمع الحكومي إلى إخماد الثورة الشعبية في مهدها، وإلى ملء السجون بالسياسيين. « ساينس مونيتور رجحت تدخلا عسكريا في سوريا مثل التدخل العسكري الذي أدى إلى تضييق الخناق على نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي وتحويل دفة الأمور ضده  » تدخل عسكري وأما في سوريا، فأشارت الصحيفة إلى أن الصراع بدأ يأخذ طابع العنف، مشيرة إلى مقتل 5600 شخص على الأقل على مدار العام منذ اندلاع الثورة ضد نظام الرئيس بشار الأسد . ورجحت الصحيفة أن شأن الأزمة في سوريا يشي بتدخل عسكري أجنبي مثل ذلك الذي استخدم في ليبيا، والذي أدى إلى تضييق الخناق على نظام العقيد الراحل معمر القذافي وتحويل دفة الأمور ضده. وأما في بقية البلدان العربية، فأشارت ساينس مونيتور إلى أن مستوى المطالبة بتغيير الأنظمة آخذ بالتضاؤل والفتور، برغم حالة الاستياء التي تسود أنحاء المنطقة، مشيرة إلى إقدام جامعيين مغربييْن اثنين عاطلين عن العمل على إحراق نفسيهما منتصف الشهر الجاري. وأوضحت أن المغربييْن استلهما الفكرة من التونسي محمد البوعزيزي الذي أدى حرقه نفسه إلى إشعال فتيل الربيع العربي، وفرار الرئيس المخلوع زين العابدين بن على من البلاد. وفي حين أشارت الصحيفة إلى الإجراءات الإصلاحية التي اتخذها ملك المغرب محمد السادس ، قالت إن الأردن يشهد مظاهرات احتجاجية من أجل الديمقراطية منذ بداية عام 2011. « الإسلاميون واليساريون وقيادات العشائر الأردنية، كلهم أعربوا عن مطالبهم المختلفة بضرورة إصلاح النظام السياسي والاقتصادي  » عشائر أردنية وأوضحت أن الإسلاميين واليساريين وقيادات العشائر الأردنية، كلهم أعربوا عن مطالبهم المختلفة بضرورة إصلاح النظام السياسي والاقتصادي في البلاد، مشيرة إلى تغيير ملك الأردن عبد الله الثاني حكومتيْن اثنتين عام 2011 في ظل الاحتجاجات التي يشهدها الشارع الأردني. وأما في السعودية، فقالت الصحيفة إنه بعد شهور من سقوط الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ، فإن السعودية عالجت شأن المطالبة بالإصلاح عن طريق الدعم المالي، مشيرة إلى إنفاق الملك عبد الله بن عبد العزيز ما لا يقل عن تسعين مليار دولار بالبلاد. كما تساءلت الصحيفة بشأن مدى أثر مغادرة الرئيس علي عبد الله صالح اليمن في إرضاء خصومه، في البلاد التي لم تزل تشهد صراعات دموية ضد نظامه. وأضافت بالقول إنه في حين بدأت رياح انفصال الجنوب بالهبوب، فإن الولايات المتحدة متورطة في هجمات بالأراضي اليمنية بطائرات بدون طيار، ضمن جهودها لما وصفته الصحيفة بلجم نشاط تنظيم القاعدة بشبه الجزيرة العربية
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 30 جانفي  2012)

أعداد أخرى مُتاحة

27 juin 2005

Accueil TUNISNEWS 6 ème année, N° 1864 du 27.06.2005  archives : www.tunisnews.net قدس برس: منظمات حقوقية تستنكر إعادة محاكمة مراسل

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.